السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نسخة خفيفة
http://www.4seasontrade.com/up/downl…5f3c34eb084f94
نسخة عالية الجودة
http://www.4seasontrade.com/up/downl…e3172a0f70d106
الموضوع الاصلي هنا
http://www.soniksa.com/vb/showthread.php?t=936
تم الإنتهاء من كتاب الإعجاز العلمي في القرآن الكريم .. بمساعدة الأخت الفاضلة انصر نبيك ..
والآن النسخة جاهزة للتحميل .. ولا يفوتكم فيه معلومات مفيدة ,,
وتم رفعه في نسختين ..
ارجوك اختي يجب ان تكتبي المواضيع بنفسك و هذا الرابط يعتبر اشهارا للمنتديات الاخرى لانه ليس من قوانين المنتدى
السيرة النبوية الشريفة
1. إشتغل الرسول صلى الله عليه وسلم بمهنتين قبل البعثة، ما هما؟
2. في سنة للهجرة توفي الرسول صلى الله عليه وسلم؟
3. ماذا كان إسم ناقة الرسول صلى الله عليه وسلم؟
4. كم مرة حج الرسول صلى الله عليه وسلم؟
5. ما أسماء أبناء الرسول صلى الله عليه وسلم؟
6. من هي آخر زوجة تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم؟
7. في أي معركة كان الرسول صلى الله عليه وسلم أول من رمى بالمنجنيق؟
8. ما هو عدد الذين بايعوا الرسول (ص) بيعة العقبة الثانية؟
9. من كان دليل الرسول صلى الله عليه وسلم خلال الهجرة ؟
10. في دار من كان الرسول صلى الله عليه وسلم يجتمع سرا بأصحابه في مكة؟
السيرة النبوية الشريفة
1. إشتغل الرسول صلى الله عليه وسلم بمهنتين قبل البعثة، ما هما؟ اشتغل عليه الصلاة و السلام في رعي الغنم و التجارة 2. في سنة للهجرة توفي الرسول صلى الله عليه وسلم؟ توفي الرسول صلى الله عليه وعلى أله و صحبه وسلم في ضحى يوم الاثنين 12 ربيع الأول عام 11للهجرة الموافق 8 يونيو عام 632 وذلك في المدينة المنورة 3. ماذا كان إسم ناقة الرسول صلى الله عليه وسلم؟ كان اسمها القصواء 4. كم مرة حج الرسول صلى الله عليه وسلم؟ حج عليه الصلاة و السلام حجة واحد و 4 عمرات 5. ما أسماء أبناء الرسول صلى الله عليه وسلم؟ 6. من هي آخر زوجة تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم؟ هي ميمونة بنت الحارث 7. في أي معركة كان الرسول صلى الله عليه وسلم أول من رمى بالمنجنيق؟ في معركة الطائف على ما اظن 8. ما هو عدد الذين بايعوا الرسول (ص) بيعة العقبة الثانية؟ 9. من كان دليل الرسول صلى الله عليه وسلم خلال الهجرة ؟ عبد الله بن أريقط. رضي الله عنه 10. في دار من كان الرسول صلى الله عليه وسلم يجتمع سرا بأصحابه في مكة؟ في دار الارقم بني ابي الارقم
|
مشكورة اختي الغالية على الاسئلة و اتمنى ان تكون الاجوبة صحيحة البعض عرفته و البعض الاخر بحثت عليه لانها كانت معلومات جديدة
مشكورة يا غالية هكدا سنتعلم و نستفيد
اريد ان اريكم هذا الموضوع وارجوا الترسلوه
[CENTER]
كتاب منهاج السنة النبوية لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
مقدم في ثمانية أجزاء
الجزء الأول
http://www.filesin.com/D6560348465/download.html
الجزء الثاني
http://www.filesin.com/97878348466/download.html
الجزء الثالث
http://www.filesin.com/6FC18348467/download.html
الجزء الرابع
http://www.filesin.com/C0C6B348480/download.html
الجزء الخامس
http://www.filesin.com/0D43C348481/download.html
الجزء السادس
http://www.filesin.com/ABD7B348482/download.html
الجزء السابع
http://www.filesin.com/00F9B348497/download.html
الجزء الثامن
[B][FONT=Arial Black][SIZE=5]http://www.filesin.com/585B8348498/download.html
أوردت لكم رساله أو دراسه فى كيفية دراسة السيره النبويه …….ويظهر للجميع من عنوان الرساله أن الكاتب إنما أراد أن يعيد تصحيح مفهوم السيره النبويه لدينا
بمعنى أن يتم تحويل النظر من كون السيره النبويه مجرد قصص يقرأ وفقط إلى دراسة السيره بنظره واعيه .. نظرة التعلم ثم الفهم ثم التطبيق ..
بأن نأخذ السيره كمواقف تدرس لتطبق لا لتقص اى تحكى وتروى … كأن أنظر كيف تعامل مع النساء كزوج ..كيف تعامل مع الابناء كأب … كيف تعامل مع الجيش كقائد … كيف تعامل مع المسلمين كمعلم ومربى … كيف تعامل مع غير المسلمين … كيف تعامل مع ربه كعابد … كيف تعامل مع اصدقائه كصديق ………………….. الخ
كيف ……………
بصراحه الرساله جد مفيده وقيمه ومهمه لكل منا
أترككم مع الرساله
بارك الله بوقتكم
مفاهيم أساسية لدراسة السيرة النبوية
راجعه وصوَّبَه
الشيخ الدكتور / محمد صامل السلمي
أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة أم القرى . مكة المكرمة
أهمية وضع ضوابط لقراءة السيرة النبوية :
** السيرة النبوية ـ على صاحبها الصلاة والسلام ـ هي في الحقيقة عبارة عن الرسالة التي حملها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المجتمع البشرى قولًا وفعلًا، وتوجيها وسلوكًا، ( وعدّل بها الموازين المنحرفة في هذه الحياة )(1) ، فبدَّل مكان السيئة الحسنة، وأخرج بها الناس من الظلمات إلى النور، ومن عبادة العباد إلى عبادة الله (2)
** واليوم يتنادى كثيرون للإصلاح الديني والاجتماعي والاقتصادي والسياسي … الخ . وكثير من هؤلاء يدعي الانتساب للدين وأنه ينطلق من ثوابت الدين الكلية ويستوقد من سيرة الحبيب ـ صلى الله عليه وسلم ـ شعلة يستضيء بها في رحلة ( الإصلاح ) التي يقوم بها .
** والحقيقة أن الكل يذهب للسيرة بخلفية فكرية مسبقة فيَبتُر ويجتزئ وينقل ما يريد مما يحقق له أهدافه ، وقد رأينا أن العلمانيين ومن بذروا بذور العلمانية في عالمنا الإسلامي كـ ( طه حسين ) و ( ورفاعة الطهطاوي ) قد كتبوا في السيرة النبوية .
ولكنها طريقة أهل الأهواء والبدع الذين يعتقدون ثم يستدلون ، أو الذين يذهبون إلى النصوص ليأتوا بها على هواهم .
لذا كان لابد من وضع ضوابط لدراسة السيرة النبوية .
** ولما كانت الخلفية الفكرية للكاتب أو المتحدث تنعكس على أفكاره المكتوبة أو المقروءة ولا بد ، رأينا ـ ممن يتكلمون في السيرة من دعاة الصحوة الإسلامية المباركة ـ مَنْ لا يرى في السيرة النبوية إلا السيف والجهاد ، ومنهم مَنْ لا يرى إلا الأشخاص ، ويحاول أن يُصوِّر الأمر على أنه بطولات شخصية ، وتنحصر رؤيته في عبقرية الشخص ، وتوصيف الحدث دون ربطه بغيره أو النظر إلى فقه الحدث وما فيه من التشريعات .
** فغالب الطرح الموجود للسيرة النبوية يغلب عليه إثبات الوقائع ووصف تطور الأحداث وذكر النتائج .وهو أمر جيد إن كان الخطاب موجه فقط للعوام من الناس .
** وقد حاولت في هذه الرسالة أن أوضح بعض الأصول لدارسي السيرة النبوية . ولم تقع عيني على دراسة مشابه لشيوخنا الكرام ، لذا بذلت ما استطعت من الجهد وأعترف بأن الأمر مازال يحتاج إلى مزيد من الدراسة ،وفي النية أن أتبع هذا البحث بأبحاث أخرى تربوية تتعلق بالخطاب الدعوي ، وقد بدأت بـ ( الخطاب الدعوي في العهد المكي ) وهي دراسة تربوية عقدية
والله أسأل أن يبارك لي في كلماتي وأن ينفع بها .
1/ في الرحيق المختوم بين القوسين(وقَلَبَ بها موازين الحياة ) ، وقد اعترض على هذه الجملة الدكتور / محمد صامل السلمي في تصويبه للرسالة قائلا : الدين لا يقلب موازين الحياة لأنه دين الفطرة لكنه يقلب الموازين المنحرفة . لذا قمت باستبدالها بـ ( وعدّل بها الموازين المنحرفة في هذه الحياة ) .
2/ مقدمة الرحيق المختوم للمباركفوري .
** يعاني النصارى واليهود من الشَّك الكبير في تراثهم الديني . . . كل تراثهم الديني ؛ بل في أقدس ما لديهم وهو ما يسمونه ( الكتاب المقدس ) (1) ، فهم مختلفون أو قل يجهلون الكثير عن الشخصيات التي كتبت ( العهد القديم ) , وكذا من كتبوا الأناجيل , ( القانونية منها وغير القانونية ) ، والكلام في التشكيك فيمن كتبوا الأناجيل مشهور ومعلوم ، والمعلومات عن الأصول التي تمت الترجمة منها تكاد تكون معدومة (2) .
** والحديث عن ما يسمونهم بــ ( الآباء الأولون ) حديث مُحتكر بين طائفة معينة ، ومن يدخل منهم الإسلام يتكلم بأنه كله كذب ولولا ذلك لخرج للعوام ، فهم إذا في شك كبير من كتابهم وتراثهم الفكري والتاريخي ، وهو مصداق قول الله تعالى ( وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ ) الشورى : من الآية 14.
** ويسترُ عيبهم أن الدين حكر على الأحبار والرهبان ، وأن العوام ليس لهم من الدين سوى بعض القضايا الذهنية التي يعتقدونها كقضية الفداء والصلب مثلا عند النصارى ، وبعض الشعائر التعبدية التي يلتزم بها القليل . ولا يلام عليها الباقون .
هذا حال أقرب الديانات لنا ــ النصرانية ــ والأمر أسوء في اليهودية والبوذية وغيرهما من الديانات الأخرى .
** أما نحن المسلمون فنعرف عن نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ــ وصحابته الكرام – رضوان الله عليهم – كل شيء . . .نعرف عنه ـ صلى الله عليه وسلم- مأكله ومشربه وملبسه ومشيته وجلسته ، وكيف كان ينام ،وكيف كان يضحك ، وما كان يحب مِن الأشياء ، ومَن كان يحب ويكره من الأشخاص ، ونعرف صلاته وغزواته ، وحاله في بيته مع نسائه وأطفاله وأحفاده ، ونعرف عن نبينا ما لا يعرفه أحدنا عن أبيه.
** وهذه مِنَّة من الله عظيمة يجب التنبيه عليها لمن يعرض السيرة النبوية على الناس ، فنحن حين نعرض السيرة النبوية نتكلم عن عِلْم مدون ،وليس عن قصص مفترى . ونتكلم عن حقائق وأشخاص معروفة ومعلومة وليس عن أشخاص وهمية .
ويعرف أهمية هذا من يناظر النصارى ويختلط بهم .
** وأمرا آخر يجب التنبيه عليه وهو أن الكتب التي تُؤخذ منها السيرة النبوية ـ ومنها كتب التفسير ـ تثبت الروايات الضعيفة والمكذوبة للرد عليها وتضعيفها .
فلا يعني أبدا وجود هذه الروايات في كتب السير أنها صحيحة فلا بد من الالتفات إلى التعليق الذي يذكره المؤلف على القصة أو الرواية .
مثل قصة الغرانيق العلا
التي أوردها المفسرون في سورة النجم ولم يقل أحد منهم أن القصة صحيحة (3) ، بمعنى أنه نزل في القرآن آيات تقول عن ( اللات ) و( العزى ) " أنهم هم الغرانيق العلا وإن شفاعتهم لترتجى !!! " فلم تكن هذه أبدا يوما من الأيام آيات من كتاب الله وتم نسخها أو حذفها . ولم يذكرها المفسرون من باب التأيد ، وإنما من باب التكذيب والرد على من يقول بها .
ومثال ذلك أيضا ما يقال عن الحمار ( يعفور )
الذي كلَّم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم خيبر بزعمهم ، وما يقال من أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ رأى زينب في ثياب شفافة فأعجبته وسعى في طلاقها من زيد ليتزوجها هو صلى الله عليه وسلم .
## هذه الرويات ومثلها تَرِدُ في كتب السير وكتب التفسير أيضا لتكذبيها والرد عليها .
وليس مجرد وجودها هو إثبات لها كما يَفتري أهل الكتاب .
فالواجب على من يعرض السيرة أن ينبه على هذا الأمر .
** وقد يبدوا للقارئ أن هذا الأمر بسيطٌ لا يستحق الوقوف عنده والتنبيه عليه ، إلا أنك حين تعلم أن دعاة الكفر ينقلون هذه الأشياء لمن يسمعونهم من المسلمين والنصارى ويقولون لهم ها نحن ننقل لكم من كتب أئمتهم الكبار ( ابن كثير ) و ( القرطبي ) و ( الجلالين ) … الخ يتبن لك مدى أهمية التنبيه على هذا الأمر ، وعلى هذا المسلك الفاسد الذي هو في حقيقة أمره كذب ليس إلا .
1 / الكتاب المقدس عبارة عن قسمين ( العهد القديم ) و( العهد الجديد ) ،
– ( العهد القديم ) يتكون من عدة أجزاء : ( الأسفار الخمسة ) المنسوبة لموسى عليه السلام ، وهي ما يقال لها عند المسلمين التوراة مجازا ، و ( الأسفار التاريخية ) منسوبة لعدد من الأنبياء الذين عاصروا هذه المرحلة . ، و ( أسفار الشعر والحكمة ) ، و( الأسفار النبوية ) ، و ( أسفار الأبوكريفا ) ـ وهي محل خلاف عندهم ـ ويطلق النصارى لا اليهود على هذه الأجزاء الأربعة اسم ( العهد القديم ) ، وتسمى أيضا الكتب والناموس ، ويطلق اسم التوراة على الأجزاء الثلاثة الأخيرة تجوزا .
– و(العهد الجديد ) هو مجموعة الأناجيل الأربعة والرسائل الملحقة بها، وينسب إلى ثمانية من المحررين ينتمون إلى الجيل الأول والثاني من النصرانية، وهم متى ومرقس ولوقا ويوحنا أصحاب الأناجيل، ثم بولس صاحب الأربع عشرة رسالة ، ثم بطرس ويعقوب ويهوذا، وتنسب إليهم القليل من الرسائل.
– راجع إن شئت ـ هل العهد الجديد كلمة الله ؟! ، وهل العهد القديم كلمة الله ؟! للشيخ الدكتور منقذ محمود السقار .
2 / عندما تسأل عن أصول الترجمات لا تجد من يجيبك ، وإنما يقال لك هذه ترجمة عربية للترجمة الإنجليزية مثلا . والأصل مفقود .
3 / الراجح أن القصة لم تثبت ، ومن قال بثبوتها عملا بتعضيد الرويات المرفوعة بعضها لبعض ، نفى أن يكون النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تكلم بهذا الكلام ( وإنهن الغرانيق العلا . وإن شفاعتهم لترتجى ) ، فمن أثبت القصة نفي أن يكون النبي ـ صلى الله عليه وسلم تكلم بهذا الكلام ، وإنما ألقاه الشيطان في أذن المشركين ـ وقد ذهب بعض المحققين ـ عماد الشربيني في رسالته رد الشبهات عن عصمة النبي صلى الله عليه وسلم ص 325ـ 257 ــ إلى رد القصة وإثبات بطلانها من عدة طرق ، ورد على بن حجر ما قاله في هذا الموضع ، فليرجع إليه من أراد أن يستزيد
— في الجاهلية الأولى كان المال دولة بين الأغنياء … قِلَّة غنية وكَثرة بالكاد تجد قوت يومها .
— وفي الجاهلية الأولى كانت الحروب تأكل الرجال على ناقة أو لأن فرسا سبقت أختها .!
— وفي الجاهلية الأولى كان الزنا وكانت الخمر وكان وأد البنات وبيع الأحرار .
— وفي الجاهلية الأولى كان الشرك الأكبر ( شرك النسك وشرك الطاعة ) … تُدعى الأصنام من دون الله ويُنذر لها ويُذبح عندها ، وكان شرك الطاعة … يُشَرِّع الملأ(1)ويتَّبِع العوام .
** ولم تخل الجاهلية من المصلحين ، الذين يسعون في إصلاح ذات البين وحقن الدماء ورفع الظلم عن الضعفاء .
** وحين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يضع يده في يد أحد من هؤلاء ألبته .
بكلمات أُخَر :
** رُغم أن الدعوة الإسلامية كانت تدعوا لمثل ما كان يدعو إليه كثير من المصلحين من مكارم الأخلاق إلا أنها لم تضع يدها في يد أحد من هؤلاء .
** ذلك لأنه وإن اتحدت الأهداف فإن المنطلقات متغايرة . فهؤلاء دوافعهم شتى .. تدفعهم المروءة ويدفعهم الثناء الحسن ويدفعهم عرف الآباء ، أما المسلمون فيدفعهم طاعة الله ورسوله ـ ولا ينبغي أن يكون لهم دافع غير ذلك ـ .
** وهؤلاء تقف أهدافهم عند إصلاح الدنيا ؛ والمسلمون يصلحون الدنيا للآخرة . وشتان .
** ومن يتدبر أحداث السيرة النبوية وما كان يَتَنَزَلُ في بداية البعثة يجد أن الدعوة الإسلامية بدأت بتعريف الناس بربهم .. بأسمائه وصفاته وآثار ذلك في مخلوقاته ..
** كيف أنه الحي القيوم الرحيم الرحمن ذي الجلال والإكرام مالك الملك القريب المجيب .. الخ ، ثم بترسيخ نظرية الثواب والعقاب وذلك بتعريفهم بالجنة ( دار الثواب ) وبالنار ( دار العقاب ) ، وقُصَّ عليهم خبر من سبقوا ، مَن أطاعوا منهم كيف كانت عاقبتهم ومن عصوا منهم ماذا فعل الله بهم . واقرءوا ما نزل من القرآن في مكة ، وكذا الخطاب الدعوي في مكة المكرمة (2) .
** ثم جاءت التشريعات باسم الله الذي عرفوه بأسمائه وصفاته وبَيْنَ يدي الثواب والعقاب .
فمثلا قيل لهم : الله ـ الذي عرفوه ـ يأمركم بالصلاة ، ومن فعل فله الجنة ـ التي عرفوها ـ ومن عصى فله النار ـ التي عرفوها ـ .والله الذي عرفتموه يأمركم بالزكاة ومن أطاع فثوابه الجنة التي عرفتموها ، ومن عصى فله النار التي عرفتموها .
لذا استقامت النفوس محبه ورهبة لله وخوفا من النار وطمعا في الجنة .
** وبهذا يتضح منطلق الدعوة الإسلامية وهدفها ، وهو تعبيد الناس لله … تعريفهم بربهم ليعظموه ويوقروه ويسبحوه ، وإصلاح الدنيا يجيء تبعا وليس أصلا ، ثم الفوز بالجنة .
ولهذا لم يرتدَّ من أسلم ، ولم يتلكأ في سَيْرِهِ إلى الله . وعلى من يعرض السيرة النبوية على الناس ــ أو يقرؤها ـ عليه أن يلتفت لهذا . وأن يتنبه إلى أن الخطاب الدعوي كان في الأساس أخروي تنطلق منه باقي شؤون الحياة . وفي بيعة العقبة الثانية وغيرها من أحداث العهد المكي دليل على ذلك(3) .
وأزيد الأمر بيانا فأقول :
** نعم . في العهد المكي كانت الدعوة الإسلامية في خطابها الموجه للجاهلية يومها ، كانت مصرة على أن تبدأ من اليوم الآخر ترغيبا وترهيبا .
** تحاول أن تجعل القلوب معلقة بما عند ربها ترجوا رحمته وتخشى عقابه. ويكون كل سعيها دفعا للعقاب وطلبا للثواب فتكون الدنيا بجملتها مطية للآخرة .
** على هذا تربى الصحابة رضوان الله عليهم .بل ورسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو أيضا تربى على هذا المعنى , فقد كان يتنزل عليه ـ بأبي هو وأمي وأهلي صلى الله عليه وسلم ـ " وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ " (4)" وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ " [يونس : 40]
** ولهذا استقامت النفوس تبذل قصارى جهدها في أمر الدنيا ترجوا به ما عند الله فكان حالهم كما وصف ربهم" تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ " (5)
** وهذا وصف للظاهر ( ركعا سجدا) ووصف للباطن ( يبتغون فضلا من الله ورضوانا ) ، والسياق يوحي بأن هذه هي هيئتهم الملازمة لهم التي يراهم الرائي عليها حيثما يراهم . كما يقول صاحب الظلال ـ رحمه الله ــ .
** واقرأ آيات الأحكام في كتاب الله لتطالع هذا الإصرار من النص القرآني على وضع صورة الآخرة عند كل أمر ونهي ضمن السياق بواحدة من دلالات اللفظ ، المباشرة منها أو غير المباشر ( دلالة الإشارة أو التضمن أو الاقتضاء أو مفهوم المخالفة .. الخ ) .
** فمثلا يقول الله تعالى : " ويْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ "(6)
فتدبر كيف يأتي الأمر بعدم تطفيف الكيل حين الشراء وبخسه حين البيع ؟
** ومثله قول الله تعالى (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)(7) فهنا أمر بالسعي إلى الرزق , وتذكير بأن هناك نشور ووقوف بين يدي الله عز وجل ، فيسأل المرء عن كسبه من أين أتى وإلى أين ذهب ؟
** بل واقرأ عن الآيات التي تتحدث عن الطلاق في سورة البقرة تجد أنها تختم باسم أو اسمين من أسماء الله عز وجل " … فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ " " … وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " " … وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ " " … وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ " " …. إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ "
وهذا بلا شك استحضار للثواب والعقاب .
** ومثله الآيات التي تأمر بالحجاب تُختم بـ ( إن ذلكم كان عند الله عظيما )(8)و ( .. وكان الله غفورا رحيما )(9) .
** نعم كان هذا أسلوب القرآن العظيم في عرض قضايا الشريعة كلها وهذه بعض الآيات والأحاديث في هذا الشأن تزيد الأمر وضوحا :
** في الظِّهار انظر كيف يربط الله تعالى أداء الكفارة بالإيمان به وبرسوله : ( فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ذَلِكَ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ )(10)
** وانظر كيف جعل الله تعالى تحكيم شرعه شرط للإيمان به(11) : ( فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً )(12)
** وفي الحديث : "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ "(13)
** وفي الحديث " فَوَ الَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ "(14)
** وفي الحديث " مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ … الحديث "(15) ومثل هذا كثير في كتاب الله وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
** هذا ما تربى عليه الصحابة رضوان الله عليهم ، وإنا نجد في كتاب ربنا أننا ملزمون بالسير على دربهم واقتفاء آثارهم قال الله تعالى : ( وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً )(16)
** وقال الله تعالى : ( فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ العليم ) (17)
أقول : ملزمون إذا بالتعريج على التوحيد وتصحيح المفاهيم فيه لإخواننا وأخواتنا ،وبناتنا ونسائنا وكل عزيز علينا ، ليكون حالهم مع الأمر والنهي . . . كل الأمر والنهي كحال من سبقوا ؟! وحينها . . . حين يتعرفون على ربهم جيدا ، حين يعرفون مصيرهم بعد الموت ، لن تجد كثير مشاغبة في الامتثال للأمر .
ودعني أوسع الأمر أكثر من هذا وأقول :
** لم لا نبدأ مخاطبة ( الآخر )(18) بـالتوحيد نقول لهم : آمنوا بربكم الذي خلقكم ورزقكم وأحياكم ويميتكم ثم يحاسبكم ؟
لم لا ننادي فيهم : أسلموا قبل أن تكونوا من جثي جهنم التي وصْفُها كذا وكذا ؟ أسلموا كي لا تحرموا جنة فيها وفيها …؟
** ويدور الحوار حول دلائل صدق الخبر ومَطْلَبْ المخبر صلى الله عليه وسلم . أسذاجة ؟ لا وربي .فهكذا نشأت خير أمّة أخرجت للناس ، واقرءوا السيرة .
** وعلى من يشرح السيرة النبوية للناس عليه أن يوضح ذلك لهم ، من خلال مواقف الدعوة في العهد المكي والعهد المدني ، ومنهج رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الدعوة ، وبما كان يخاطب الناس ، وكيف كان يعلمهم التوحيد ويربيهم عليه .
** نعم . نحن بحاجة إلى قراءة جديدة للسيرة النبوية نبين فيها للناس أهداف الدعوة الإسلامية ومنطلقاتها … نحتاج هذا الطرح الفكري اليوم أكثر من أي يوم مضى .
** فقد قامت اليوم بعض الفصائل الإسلامية بالتحالف مع الأحزاب ذات التوجهات اليسارية ،و توجهت إلى الجماهير بخطاب دنيوي بحت ونادت بشرع الله من باب الأفضلية … لأنه خير من غيره ، أو لأنه هو الأنسب لإصلاح الدنيا ، فيُقْبِل من يُقبل وليس عنده هدف سوى ما فهمه من هذا الخطاب الدعوي المنقوص .
** واليوم رفعت بعض الفصائل المجاهدة الشعارات الوطنية وراحت تثني على الزعامات العلمانية بدعوى لمِّ شمل أبناء الوطن الواحد ، وهؤلاء وأولئك نحسن الظن بهم ولكن خطاب كهذا تضيع به الأهداف الحقيقية للدعوة الإسلامية أو تتميع في أحسن الأحوال ، ولست اغمز أحدا ـ معاذ الله ـ وإنما أنصح بما أراه صحيحا .
أقول :
** لا بد من المفاصلة الفكرية(19) التي يتميز بها سبيل المؤمنين من سبيل الكافرين والمنافقين . وتعرف العامة أين هي؟ وتمضي بوضوح في طريق الله المستقيم .
** تماما كما بدأت الدعوة في مكة بين ظهراني قريش على يد الحبيب صلى الله عليه وسلم , كانت بينة المعالم ، صريحة جدا في معاني الشرك والكفر ، ومآل الكافرين والمشركين ، وإن كانت في النواحي الحركية تتخذ مراحل عدة ، فتهادن قوما وتحارب آخرين ، وتسكت عن أشياء اتباعا لسنة التدرج في التغيير .
——————
1/ الملأ هم أشراف القوم وسادتهم ، والمطاعون فيهم .
2/ يوجد بحث للكاتب ـ تحت الإعداد ـ بعنوان ( قراءة في الخطاب الدعوي للعهد المكي ) يتناول هذه النقطة بالتفصيل .والله أسأل العون والسداد والقبول.
3/ هذه النقطة وحدها وهي أن الخطاب الدعوي كان أخروي ، وصلاح الدنيا جاء تبعا لصلاح الآخرة ، تصلح لأن تكون موضوع بحث مستقل ، يستقرأ ذلك في خطاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأصحابه ، وللكفار ، وكيف كانت كل التشريعات الإسلامية فيما بعد مرتبطة بالإيمان ، فكان الإيمان كالآخية التي يشدُّ إليها كل أمور الحياة ، ويناقش في ضوء ذلك الدعوات الإسلامية التي تأخذ طابع السياسية ، وتجعل غايتها ـ فيما يبدوا لمن تدعوه من عامة الناس ـ إصلاح الدنيا ، ولذا تتنازل بسهوله ، وتتخبط في كثير من أهدافها . ولولا أني ألزمت نفسي بالاختصار لشرحت هنا وفصَّلت ، ولكن حسبي أن كتبتُ هذا البحث لطلبة العلم وليس لعامة القراء ، ولعلَّ في الأسطر القادمة مزيد بيان ، والله أسأل ان يبارك في هذه الكلمات القلائل .
4/ [ يونس : 46]
5/ الفتح : 29
6/ سورة المطففين : الآيات من 1ـ 6
7/ الملك : 15
8/ الأحزاب :53
9/ الأحزاب : 59
10/ المجادلة : 4
11/ هناك مناطات غائية ومناطات دون ذلك . فليس كل من لم يُحكم شرع الله كافر كفرا أكبر مخرجا من الملة . المسألة فيها تفصيل .
12/ النساء : 65
13/ [ البخاري كتاب الإيمان الحديث رقم 13 ترقيم العالمية ]
14/ البخاري 14 كتاب الإيمان
15/ البخاري 6135 كتاب الأدب
16/ النساء : 115
17/ البقرة : 137
18/ أعني الكافر الذي من أهل الكتاب أو غيرهم ، وكذا من جنح إليهم ووقف في صفهم من غلاة العلمانيين .
19/ لا أقول بعدم الاستفادة من الغير فقد رضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بجوار عمه أبي طالب ، وأبو طالب على الكفر . وهاجر أصحابه إلى الحبشة واستفاد من عدل النجاشي وهو كافر ، واستأجر دليلا مشركا يوم الهجرة . وإنما المفاصلة الفكرية التي تبين الحق من الباطل في ذهن عوام الناس .
ارجو ان اكون قد افدتم……و لا تبخلوا علي بروردكم الغالية…
شكرا جزيلا لك
العفو لك اخي………..و شكرا لمرورك…………….
هلا …….
مشكورييييييييييييييييييين على المواضيع
العفو لك اخي و مشكور على الرد المميز
بارك الله فيك ساندي على المعلومات الثمينة الموضوع فعلا قيم جزاك الله خير
شكرا على الرد الذي زاد صفحتي نورا و اشراقة.
بارك الله فيك اختي
العفو اخي…و شكرا على الرد الذي اضاء صفحتي.
موسوعة الكترونية عن السيرة النبوية من موقع روح الإسلام تشمل أبرز المؤلفات التي عنيت بسرد وتدوين سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وصفاته وأخلاقه، مع فهرستها حسب الأبواب والفصول، ويتيح البرنامج تصفح الكتب إضافة إلى خواص النسخ والبحث والطباعة، والكتب في الموسوعة هي:
– السيرة النبوية، ابن هشام [موافق للمطبوع]
– عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير، ابن سيد الناس [موافق للمطبوع]
– مختصر سيرة الرسول، الشيخ محمد بن عبد الوهاب [موافق للمطبوع]
– الطب النبوي، ابن القيم [موافق للمطبوع]
– زاد المعاد في هدي خير العباد، ابن القيم [موافق للمطبوع]
– مختصر زاد المعاد، الشيخ محمد بن عبد الوهاب [موافق للمطبوع]
– الإسراء والمعراج، الشيخ محمد ناصر الدين الألباني [موافق للمطبوع]
– قاعدة تتضمن ذكر ملابس النبي وسلاحه ودوابه، ابن تيمية [موافق للمطبوع]
– بعض فوائد صلح الحديبية، الشيخ محمد بن عبد الوهاب [موافق للمطبوع]
– الدرر في اختصار المغازي والسير، يوسف بن عبد الله بن عبد البر القرطبي [موافق للمطبوع]
– الروض الأنف في شرح السيرة النبوية لابن هشام، عبد الرحمن السهيلي [موافق للمطبوع]
– السيرة النبوية في دائرة المعارف البريطانية، وليد بن بليهش العمرى [موافق للمطبوع]
– السيرة النبوية، ابن كثير [موافق للمطبوع]
– الشفا بتعريف حقوق المصطفى، عياض بن موسى اليحصبي [موافق للمطبوع]
– القول المبين في سيرة سيد المرسلين، محمد الطيب النجار [موافق للمطبوع]
– جمع الوسائل في شرح الشمائل، أبو الحسن نور الدين الملا الهروي القاري [موافق للمطبوع]
– جوامع السيرة، ابن حزم الأندلسي [موافق للمطبوع]
– كتاب المغازي، محمد بن عمر بن واقد الواقدي [موافق للمطبوع]
– مختصر سيرة الرسول، الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب [موافق للمطبوع]
– مرويات غزوة الحديبية جمع وتخريج ودراسة، حافظ بن محمد عبد الله الحكمي [موافق للمطبوع]
للتحميل
http://www.seedfly.com/qyeokug5namt
طريق التحميل
قال الله تعالى: يَا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} سورة النور الآية 27.
وقال تعالى: { فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} سورة النور الآية 61.
وقال تعالى: { وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} سورة النساء الآية 86.
عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال: تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف متفق عليه.
(أي الإسلام) أي خصاله.
(خير؟) أي أكثر ثوابًا عند الله تعالى.
(تطعم الطعام) وذلك لما فيه من تحمل كلفة الفقر ودفع الحاجة عنه، ودخل فيه جليل الطعام وحقيرة وقليله وكثيرة.
(وتقرأ السلام) أي تسلم.
(على من) أي الذين.
(عرفت ومن لم تعرف) الغرض من هذا إشاعة السلام ونشره بين الناس لأنه سبب من أسباب المودة بينهم.
عن أبي عبادة البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع: بعيادة المريض، وإتباع الجنائز، وتشميت العاطس، ونصر الضعيف، وعون المظلوم، وإفشاء السلام، وإبرار القسم متفق عليه.
(أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع) المراد منه هنا ما يشمل أمر الوجوب والاستحباب.
(بعيادة المريض) أي زيارته فيسن زيارة كل مريض من المسلمين بأي مرض كان، وهي سنة وقيل فرض كفاية.
(وإتباع الجنائز) أي تشييعها.
(وتشميت العاطس) إذا حمد الله تعالى بأن تقول: يرحمكم الله.
(ونصر الضعيف) أي إعانته على من ظلمه بالحيلولة بينهما وإعلاء حجته.
(وعون المظلوم) بالقول والفعل حتى يندفع عنه أذى الظالم.
(وإفشاء السلام) أي إشاعته ونشره.
(وإبرار القسم) أي إمرار الحلف، أي إذا حلف إنسان على عمل شيء كأن يقول والله ليصلين مثلاً فيطلب منك إعانته على إبرار قسمه بفعلك الصلاة لينجو من الحنث.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم رواه مسلم.
(لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا) فالجنة محرمة على الكافر كما قال الله تعالى: { إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ} سورة الأعراف الآية 50.
(ولا تؤمنوا) أي إيمانًا كاملاً.
(حتى تحابوا) أي يحب بعضكم بعضًا، وبالرغم من أن المحبة أمرًا قهريًا لا اختيار فيه على الأصح في ذلك، فإن الأسباب المؤدية إليها أرشد إليها بقوله.
(أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم) أي أظهروه بينكم؛ وذلك أن الله تعالى جعل إشاعة السلام وإذاعته سببًا للتوادد.
عن أبي يوسف عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (يا أيها الناس أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام، وصلّوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام) رواه الترمذي، وقال حديث حسن صحيح.
(أفشوا) أي أشيعوا وانشروا.
(السلام) بينكم، والابتداء به سنة والرد واجب كفاية على الأصح.
(وأطعموا الطعام) ندبًا في نحو الضيافة، وفرض كفاية لسد حاجة المحتاج.
(وصلوا الأرحام) فصلة الرحم واجبة في الجملة وقطيعتها معصية كبيرة، وإن كانت الصلة درجات وبعضها أرفع من بعض.
(وصلّوا بالليل والناس نيام) أي تهجدوا.
(نيام تدخلوا الجنة بسلام) جواب لمقدر: أي إن فعلتم ما ذكر تدخلوها متلبسين بالسلام من الآفات التي تكون في غيرها، وبه سميت دار السلام على أحد الأقوال، والمراد دخولها مع الناجين، وإلا فدخولها لأهل الإيمان واجب بالوعد الذي لا يخلف. ويحتمل أن المراد مطلق دخولها مع الناجين فيكون فيه تبشير فاعل هذه الأمور بالموت على الإسلام ليكون من أهلها
موسوعة الكترونية عن السيرة النبوية
موسوعة الكترونية عن السيرة النبوية تشمل أبرز المؤلفات التي عنيت بسرد وتدوين سيرة النبي صلى الله وسلم وصفاته وأخلاقه، وتبلغ الكتب في الموسوعة أربعة عشر مؤلفاً، هي:
– السيرة النبوية، لابن كثير.
– السيرة النبوية، لابن هشام.
– الروض الأنف في شرح السيرة النبوية.
– كتاب المغازي للواقدي.
– مختصر سيرة الرسول، للشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب.
– زاد المعاد في هدي خير العباد، لابن القيم.
– قاعدة تتضمن ذكر ملابس النبي وسلاحه ودوابه، لابن تيمية.
– الطب النبوي، لابن القيم.
– مختصر سيرة الرسول، للشيخ محمد بن عبد الوهاب.
– مرويات غزوة الحديبية جمع وتخريج ودراسة.
– بعض فوائد صلح الحديبية، للشيخ محمد بن عبد الوهاب.
– مختصر زاد المعاد، للشيخ محمد بن عبد الوهاب.
– عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير، لابن سيد الناس.
– الإسراء والمعراج، للشيخ محمد ناصر الدين الألباني.
وقد تم إعداد البرنامج بثلاث صيغ : صيغة ملف تنفيذي ( exe ) ، وصيغة ملف مساعدة ( chm ) ، وصيغة ( bok ) الخاصة بالموسوعة الشاملة ، كما تم توثيق الكتب بترقيم الصفحات لتوافق المطبوع.
وهذه لقطات للبرنامج:
هذه الصح
موسوعة الكترونية عن السيرة النبوية تشمل أبرز المؤلفات التي عنيت بسرد وتدوين سيرة النبي صلى الله وسلم وصفاته وأخلاقه، وتبلغ الكتب في الموسوعة أربعة عشر مؤلفاً، هي:
– السيرة النبوية، لابن كثير.
– السيرة النبوية، لابن هشام.
– الروض الأنف في شرح السيرة النبوية.
– كتاب المغازي للواقدي.
– مختصر سيرة الرسول، للشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب.
– زاد المعاد في هدي خير العباد، لابن القيم.
– قاعدة تتضمن ذكر ملابس النبي وسلاحه ودوابه، لابن تيمية.
– الطب النبوي، لابن القيم.
– مختصر سيرة الرسول، للشيخ محمد بن عبد الوهاب.
– مرويات غزوة الحديبية جمع وتخريج ودراسة.
– بعض فوائد صلح الحديبية، للشيخ محمد بن عبد الوهاب.
– مختصر زاد المعاد، للشيخ محمد بن عبد الوهاب.
– عيون الأثر في فنون المغازي والشمائل والسير، لابن سيد الناس.
– الإسراء والمعراج، للشيخ محمد ناصر الدين الألباني.
وقد تم إعداد البرنامج بثلاث صيغ : صيغة ملف تنفيذي ( exe ) ، وصيغة ملف مساعدة ( chm ) ، وصيغة ( bok ) الخاصة بالموسوعة الشاملة ، كما تم توثيق الكتب بترقيم الصفحات لتوافق المطبوع.
وهذه لقطات للبرنامج:
رابط التحميل بصيغة ملف تنفيذي Exe
http://www.islamspi rit.com/click/ go.php?id= 124
حجم الملف: 7 ميجا.
رابط التحميل بصيغة ملف مساعدة Chm
http://www.islamspi rit.com/click/ go.php?id= 125
حجم الملف: 13 ميجا.
رابط التحميل بصيغة الموسوعة الشاملة bok
http://www.islamspi rit.com/click/ go.php?id= 126
حجم الملف: 8 ميجا
كل روابط المنتدى لا تعمل ما عدا مديافار
شكرا لك على الجهد المبذول اللهم اجعلها في ميزان حسناته
الأخذ بها كثيرة جدا من الكتاب ومن السنة.
فمن الكتاب:
1- قول الله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران: 31].
2- قوله سبحانه: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} [النساء: 80].
3- قوله عز وجل: {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7].
ومن السنة:
1- قول النبي عليه الصلاة والسلام في الموعظة التي حكاها العرباض بن سارية رضي الله عنه، وفيها: (فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة)[2].
2- حديث المقدام بن معدي كرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، لا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه)[3] وأجمع المسلمون على ذلك.
والسنة تبين ما أجمل في القرآن، وتفصل ما اختصر، وتعين ما أبهم، وقد خاطب الله تعالى نبيه عليه الصلاة والسلام بهذا المعنى في قوله عز وجل {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل:44]. وفي آية أخرى {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [النحل:64].
والسنة النبوية بالنسبة إلى ما ورد في القرآن على ثلاثة أنواع:
1- مؤكدة لما جاء في القرآن، فيكون الكتاب مثبتاً والسنة مؤيدة.
2- مبينة لما جاء في القرآن بتفصيل مجمله، وتقييد مطلقه، وتخصيص عامه.
3- مشرعة لأحكام لم ترد في القرآن، كتحريم نكاح المرأة على عمتها أو خالتها.
وللسنة مكانة عظيمة في نفوس المسلمين لمحبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم، وشغفهم باتباعه لنيل رضوان الله تعالى ومحبته {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران: 31]..
ولا يجمل بالخطيب أو الداعية أو الواعظ أن تكون خطبته أو موعظته خالية من هدايات النبي صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وتقريراته.
والملاحظ أن الانفتاح الإعلامي، وانتشار كثير من الحوارات والمناظرات على الفضائيات قد أثر كثيرا في بعض الخطباء والدعاة فصاروا يتقمصون شخصيات من يسمون بالمثقفين والمفكرين في كثرة الاستدلالات العقلية على حساب النصوص من الكتاب والسنة، وبعضهم صار يستبدل بالنصوص المعصومة أقوال الفلاسفة والمفكرين والكتاب الغربيين لما يلي:
1- إرضاء جمهوره من الحضور أو المستمعين الذين يستمعون له.
2- كسب ود الوسيلة الإعلامية التي أبرزته للناس، وخصته ببرنامج فيها دون غيره.
3- مجاراة ما يُلقى على أسماع الناس عبر وسائل الإعلام المختلفة من ألفاظ ومصطلحات وأفكار لم تكن من قبل في معاجم الدعاة والمصلحين،ولا تجري على ألسنتهم؛ وذلك مثل: مصطلحات: أنا، والآخر، والرأي، والتعايش السلمي، والحوار، وغير ذلك.
4- محاولة إظهار نفسه أمام المستمعين بمظهر الخطيب المثقف الذي يُلم بأدوات العصر ومصطلحاته. ولو كان ممحصا لها، وناقدا لخللها لكان ذلك محمودا ولكن يغلب على هذا الصنف استخدامها والموافقة عليها والقناعة بها وربما ترويجها والدفاع عنها.
وقد تجتمع هذه الأسباب أو بعضها في الواحد من الخطباء.
ولا يجوز للخطيب أن يطوع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لضغوط العصر ومصطلحاته، أو يعرض عنه لأجلها؛ بل الواجب عليه أن يرد الناس إلى الجادة، ويربيهم على تعظيم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجلاله والاستدلال به والتسليم له.
قال سفيان الثوري رحمه الله تعالىإن استطعت ألا تحك رأسك إلا بأثر فافعل)[4].
وذَكَر الشافعي رحمه الله تعالى حديثا فقال له رجل: تأخذُ به يا أبا عبد الله ؟ فقال: أفي الكنيسة أنا ؟! أو ترى على وسطي زُنَّارا ؟! نعم أقول به ، وكلما بلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم قلت به)[5].
وقال إبراهيم الحربي رحمه الله تعالىينبغي للرجل إذا سمع شيئا من آداب النبي صلى الله عليه وسلم أن يتمسك به)[6].
الموازنة بين أحاديث موضوعه وبين خطبته:
أغلب الموضوعات التي يتناولها الخطباء هي موضوعات شرعية تتعلق بالمعتقدات أو العبادات أو المعاملات أو الأخلاق أو غيرها، وتتفاوت هذه الموضوعات من جهة وفرة النصوص النبوية فيها وكثرتها من قلتها، وعليه فلا تخلو الأحاديث التي جمعها الخطيب لموضوع خطبته من حالات ثلاث:
الأولى: أن تكون في عددها ومساحتها مناسبة لخطبته فلا هي كثيرة تطول الخطبة بها ولا هي قليلة تقصر بها عن المطلوب، وهذه لا إشكال فيها.
الثانية: أن تكون كثيرة لا يمكن استيعابها في خطبة واحدة، وهذه يعمل معها ما ذكرته سابقا في الآيات الكثيرة بتقسيمها على موضوعات لعمل خطب عدة منها، ويمكن مراجعة ما ذكرته في تقسيم الآيات لتتضح الصورة أكثر[7].
الثالثة: أن تكون قليلة بحيث تقصر بها الخطبة قصرا مخلا، فيكملها بالآيات والآثار عن الصحابة والتابعين والأئمة وأقوال العلماء المتبوعين، ويمكن مراجعة ما ذكرته في فقرة الآيات القليلة في الموضوع وكيف يتعامل الخطيب معها لتكون الصورة أوضح[8].
ما يراعى في الاستدلال بالسنة:
في الاستدلال بالأحاديث النبوية أرى أنه يحسن بالخطيب مراعاة ما يلي:
أولاً: التأكد من صحة الحديث الذي يستدل به؛ فإن كان متواترا أو في الصحيحين أو أحدهما فلا إشكال، ولا يحتاج إلى مراجعة؛ لتلقي الأمة لهما بالقول، ولإجماع العلماء على الاحتجاج بأحاديثهما في الجملة.
وهنا يحسن التنبيه على أن الخطيب قد ينقل الحديث ممن نقل عن الصحيحين أو أحدهما وعزاه مؤلفه إلى الصحيح فالأولى أن يتأكد من ذلك بمراجعة الصحيح لما يلي:
أ- قد يكون مؤلف الكتاب الذي نقل منه واهما في عزوه للصحيح، أو أخطأ في ذلك، أو حصل خلل في الحواشي فنُقلت تخريجات أحاديث لأخرى، وهذا محتمل بل يقع في كثير من الأحيان.
ب- قد يكون أصل الحديث في الصحيح، والمؤلف ساقه بتمامه وألحق به زيادات أو ألفاظا ليست في الصحيح، ثم عزا الحديث للصحيح يريد أصل الحديث الذي ساقه بتمامه دون الزيادات أو الروايات الأخرى، ويكون استدلال الخطيب بجزء من الحديث، ويكون هذا الجزء من الزيادات لا من أصل الحديث، أو يكون من الألفاظ الأخرى التي ليست من ألفاظ الصحيح، فيعزوه للصحيح تبعا للمؤلف، مع أن اللفظ أو الزيادة التي ذكرها ليست في الصحيح.
جـ- قد يكون الحديث في الصحيح موقوفا أو معلقا، والمؤلف رفعه أو وصله باعتبار طرق أخرى رفعته أو وصلته وهي ليست في الصحيح، فينسب للصحيح ما ليس منه لمجرد أنه اطلع على حديث فيه كلام طويل أو تخريج كثير فانتزع منه (أخرجه البخاري أو مسلم) دون أن يقرأ بقية الحاشية ليعلم أن ما في الصحيح موقوف أو معلق.
ومراجعة الصحيح للتأكد لا تضر الخطيب، بل تنفعه بتعظيم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، والعناية به، واكتساب معرفة جديدة مع كل مراجعة يطالع فيها الصحيحين، وقد يقع بصره على حديث ما كان يعرفه من قبل، ويناسب هذا الحديث أن يكون موضوع خطبة أخرى، أو هو محتاج إليه في خطبته تلك وهو بجوار حديثه الذي أراد التأكد من ثبوته ولفظه، وقد وقع ذلك لي كثيرا.
أما إن كان الحديث في غير الصحيحين فلا يخلو الخطيب من حالات ثلاث:
1- أن يكون صاحب حديث عالما بتخريجه ورجاله والبحث فيهم والحكم عليه، فهذا خطيب محدث ، وليس مثلي من يرشد مثله.
2- أن لا يكون عنده أي معرفة بمراجعة كتب الحديث ومصادره، ولا يحسن بالخطيب أن يكون كذلك، ولا بد أن يتعلم ذلك ويمارسه حتى يعرف ما يخدم به خطبته.
وبإمكان المبتدئ أن يعتمد على كتب الشيخ الألباني رحمه الله تعالى، ولاسيما صحيح الجامع وضعيفه؛ لسهولة تناول كتب الشيخ، وحسن فهرستها وترتيبها على الحروف الهجائية.
وبإمكانه أيضا أن يسأل المختصين أو طلاب العلم عن الأحاديث التي أشكلت عليه ولا يدري ثبوتها من عدمه، ويوجد مواقع على الشبكة العالمية تخدم السائلين في ذلك، أو يسأل بالهاتف أو غير ذلك، والحريص لن تعوزه الوسيلة في زمن ليس لمحتاج إلى علم فيه عذر أبدا.
وكم هو جميل أن تتوثق الصلات بين الخطباء والوعاظ والدعاة وبين علماء الحديث؛ للاستفادة منهم في علم الحديث، ولتوثيق ما يلقونه على الناس من خطب ومواعظ، فواجب على الخطباء والدعاة الاتصال بأهل الحديث، وواجب على أهل الحديث التعاون معهم، وتقديمهم بالرعاية والاهتمام على غيرهم من سائر طلاب العلم؛ وذلك لأن خطاب الخطباء والدعاة عام في الجوامع، وربما في وسائل الإعلام الأخرى من إذاعات وفضائيات وإنترنت، ويصل إلى جموع الناس في مشارق الأرض ومغاربها، وتوثيقه بالصحيح من الأدلة والمعلومات أمر واجب، وفيه نفع عام. بخلاف الدروس التي لا يحضرها إلا القليل من الطلاب، وهم ممن لا يخشى عليهم في الغالب.
وقد فعل ذلك أسلافنا من قبل؛ إذ كان رئيس الخطباء في القرن الخامس قد تقدم إلى الخطباء والوعاظ أن لا يرووا حديثا حتى يعرضوه على الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى فما صححه أوردوه وما رده لم يذكروه[9].
3- أن يكون ملما بتخريج الحديث من مصادره الأصلية، ولكنه لا يستطيع الحكم عليه ولا معرفة رجاله، وهذا يتكئ في ذلك على علماء الحديث:
أ- فيبدأ بالمتقدمين المشهورين كعلي بن المديني وأحمد بن حنبل وأبي حاتم وأبي زرعة الرازييين والبخاري ونحوهم. وقد ينقل العلماء تصحيحاتهم لبعض الأحاديث، كما ينقل الترمذي أحكام شيخه البخاري على بعض الأحاديث في سننه[10].
ب- ينظر إلى أحكام من بعدهم من أهل الحديث كالترمذي وابن خزيمة وابن حبان ونحوهم.
ت- ينظر في أحكام المتأخرين من الحفاظ كالمنذري والذهبي وابن حجر والعراقي والهيثمي والسيوطي.
ث- ينظر في أحكام المعاصرين من أمثال أحمد شاكر والألباني والأرناووط وغيرهم.
وكل كتب هؤلاء العلماء موجودة ومتداولة ومتوافرة في المكتبات العامة، وأكثرها -إن لم يكن كلها- موجود على الموسوعات الالكترونية والشبكة العالمية وبإمكان الخطيب مراجعتها والاستفادة منها.
وأحسب أن السنة من جهة الرواية قد خدمت خدمة عظيمة على أيدي علماء الحديث على مر العصور، واللاحق من العلماء يكمل ما بدأه السابق، ويبدأ شيئا جديدا يكمله من بعده حتى وصلت إلى ما وصلت إليه في عصرنا بحمد الله تعالى.
ثانياً: إن رأى أن العلماء قد اختلفوا في الحديث تصحيحا وتضعيفا، وعنده من الصحيح ما يغني عنه فيعرض عن هذا المختلف فيه، وإن اتحد معنى الحديثين فجعل الصحيح شاهدا لهذا المختلف فيه فأورده من هذا القبيل فتلك هي طريقة أهل الحديث في الضعيف المنجبر.
ثالثاً: إن كان الحديث مختلفا فيه وهو محتاج إليه ويمثل أصلا في خطبته، وليس عنده ما يغني عنه؛ فيزيد من البحث والتأمل حتى يصل إلى نتيجة، ويستعين في ذلك بأهل التخصص وطلاب العلم المتمكنين في الحديث فلعل أحدهم بحثه ووصل فيه إلى نتيجة فيفيده بها.
رابعاً: يحسن التنبيه على أنه لا يجوز للخطيب أن يعتمد شهرة الحديث وتداول الناس له على الألسنة، فيظن بذلك صحته فيورده في خطبته دون التأكد من ثبوته؛ فإن ما يتداوله الناس من أحاديث فيه الصحيح والضعيف والموضوع، وفيه ما ليس بحديث مما هو من الأمثال أو أقوال السلف أو أقوال الحكماء أو غيرهم، سرت هذه الأقوال بين العوام على أنها أحاديث وليست كذلك.
وقد كثر ذلك في الأزمان المتأخرة فكتب العلماء فيه كتبا فالحافظ ابن حجر كتب كتابه (اللآلئ المنثورة في الأحاديث المشهورة) ثم ألف السيوطي كتابه (الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة) وألف السخاوي كتابا عنوانه (المقاصد الحسنة في بيان كثير من الأحاديث المشتهرة على الألسنة) ثم جاء تلميذه عبد الرحمن بن الديبع فاختصره في كتابه (تمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث) ثم كتب العجلوني رحمه الله تعالى كتابا سماه (كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس).
وما كانت هذه العناية من العلماء حتى أفردوا كتبا في ذلك إلا حماية لجناب السنة، وحرصا على الناس من الضلال، وتنقية لما يتناقلونه من أقوال، وبيانَ ما هو حديث منها وما ليس بحديث، فلا يجوز للخطيب أن ينقل ما يجري على الألسنة في خطبته لمجرد شهرته وسريانه في الناس.
ويلحق بذلك ما هو من محفوظات الخطيب، مما لم يتيقن أنه حديث؛ فقد يكون الخطيب قد حفظ في صباه حديثا أو مقولة على أنها حديث من أبيه أو جده أو معلمه أو خطيب مسجدهم أو غيرهم، ورسخ في ذهنه أنه حديث، ولم يراجعه في كبره، فلا يجدر به أن ينقله في خطبته حتى يتأكد من ثبوته.
وكثيرا ما سمعنا بعض الخطباء والوعاظ يستدلون بأحاديث مشهورة ولكنها لا تثبت، وقد يكون منها ما هو موضوع، وينسبه إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
ومما ذكره المؤلفون في الموضوعات من دواعي وضع الأحاديث واختلاقها: القص على الناس وتذكيرهم وموعظتهم.
ومرة سمعت واعظا في إحدى المساجد الكبرى يعظ الناس على إثر ريح شديدة أصابتهم فبدأ موعظته يأمر الناس أن يقولوا (اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا) وردد ذلك عليهم، وكرر الدعاء به، مستدلا بالحديث المشهور في ذلك، وهو لا يثبت، ومبينا لهم أن الرياح في كل آيات القرآن رحمة، وأن الريح عذاب، ولم تأت مفردة في سياق الرحمة أبدا. وفي هذا الإطلاق ذهول منه عن قول الله تعالى {وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُوا بِهَا} [يونس:22].
بل إنه يجمل بالخطيب وإن كان حافظا للحديث عارفا بدرجته أن يراجعه حال التحضير لخطبته؛ لاحتمال الوهم، أو اختلاطه عليه بحديث آخر، وليستفيد رسوخه أكثر في ذهنه، وهو بمثابة المراجعة لحفظه.
خامساً: أرى أنه ينبغي للخطيب أن يذكر صحابي الحديث ومن أخرجه في خطبته باختصار؛ فإن ذلك أدعى للثقة فيما ينقل لدى المستمعين، ثم إنه قد يكون من المصلين معه من يستفيد من ذلك بترسيخ محفوظاته من الحديث النبوي.
سادساً: التأكد من مفردات الحديث وجمله؛ فإن التصحيف والتحريف قد يقعان أثناء النسخ أو الطباعة، وقد يرويه الراوي على الخطأ؛ ولذلك اعتنى العلماء قديما وحديثا بضبط ألفاظ الحديث، وإصلاح ما به من التحريف والتصحيف.
وخصوا هذا الموضوع بكتب أفردوها فيه ككتاب تصحيفات المحدثين، وكتاب شرح ما يقع فيه التصحيف والتحريف، كلاهما لأبي أحمد العسكري،وكتاب إصلاح غلط المحدثين للخطابي، وكتاب تصحيح التصحيف وتحرير التحريف لصلاح الدين الصفدي، ونبهوا فيها على ما وقع لبعض الرواة أو النساخ من تصحيف وتحريف.
ومن أمثلة ذلك: ما وقع لشيخ يعرف بمحمش أجلس للتحديث بعد وفاة محمد بن يحيى الذهلي رحمه الله تعالى فحدث بحديث (يا أبا عُمير ما فعل النغير) فصحفه إلى (يا أبا عَمير ما فعل البعير) وحدث بحديث (لا تصحب الملائكة رفقة فيها جرس) فصحفه إلى (خرس)[11] وأخطأ ابن لهيعة في حديثأن النبي صلى الله عليه وسلم احتجر في المسجد) فحرفه إلى (احتجم في المسجد).
قال الإمام مسلم رحمه الله تعالى: وهذه رواية فاسدة من كل جهة، فاحش خطؤها في المتن والإسناد جميعا، وابن لهيعة المصحف في متنه المغفل في إسناده، وإنما الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجر في المسجد بخوصة أو حصير يصلي فيها[12].
ومع كثرة الناشرين للكتب في هذا العصر، وازدهار سوق الطباعة، وتحول هذا العمل الجليل تدريجيا من قصد خدمة تراث المسلمين، وإخراجه للناس إلى تجارة بحتة، حتى صار بعض النصارى الموارنة في لبنان يشتغلون في كتب المسلمين ويطبعونها، وهكذا الأقباط في مصر، وبعض أتباع الفرق الضالة ينشرون كتب أهل السنة، وكثير من ملاك دور النشر والقائمين عليها هم من أجهل الناس بالكتب وقيمتها؛ وأيضا تصدى لتحقيق الكتب وتخريجها في كثير من الأحيان أناس ليسوا من أهل الصنعة، ولا علم لديهم بأصول الفنون التي يحققون الكتب فيها تارة بأسمائهم، وتارة أخرى بأسماء اللجان العلمية للدار فإن الأخطاء الفاحشة، والتحريفات الكثيرة قد أصابت كثيرا من كتب التراث المطبوعة؛ مما يوجب على المستفيد منها من الخطباء وغيرهم أخذ الحيطة والحذر، والتأكد من صحة النصوص المنقولة فيها ولا سيما حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وذلك يكون وفق الخطوات التالية:
1- على الخطيب أن يحرص على اقتناء الطبعات الجيدة لمكتبته، المحققة تحقيقا علميا ممن يوثق بعلمهم وورعهم، وخاصة فيما يتعلق بنص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصحاح والسنن والمسانيد والمعاجم وغيرها، وكذلك الكتب الناقلة عنها من كتب الترغيب والترهيب والآداب والمواعظ والزهد وأدلة الأحكام ونحوها؛ فإنها وإن غلا ثمنها -بسبب حقوق المحققين الذين أمضوا سنوات طويلة في تحقيقها- فإن قيمتها فيها، وهي خير من الطبعات التجارية الرخيصة في قيمتها وفي تحقيقها.
وهذا يريح الخطيب والباحث على مدى الزمن، بطمأنينته إلى أكثر كتبه التي يملكها، ووثوقه فيها، ويوفر عليه وقتا طويلا قد يقضيه بسبب أغلاط في حديث حولت معناه أو أوجدت فيه إشكالات يستنزف وقته وجهده في حلها، ولربما رجع إلى كتب الشروح والغريب واللغة ثم يتبين له بعد جهد جهيد، ووقت طويل أن في متن الحديث خطأ في الطباعة!!
2- إذا كان الكتاب الذي سيأخذ منه الحديث لم يخدم كما ينبغي، ولا يوجد له طبعة جيدة -وهذا مع الأسف كثير في كتب التراث- أو هو لا يملك طبعة جيدة، فأرى أن يأخذ الحديث من طبعته السقيمة، ولكن يراجع كتبا أخرى مساعدة يغلب على ظنه أن الحديث فيها، مثل كتب الزوائد والشروح، والكتب المصنفة في موضوعات معينة، وهذا الحديث من ضمن موضوعاتها.
وكثيرا مما تتوارد نسخ عدة، وكتب متنوعة على الخطأ؛ لأن الخطأ في المصدر المنقول عنه، وقد يكون الخطأ في أصل المخطوط، ويكون اللفظ محتملا وليس فيه ما يستنكر، وقد يعذر الخطيب في هذه الحالة. لكن زيادة الاستيثاق، وحرص الخطيب على إدراك معنى الحديث يوصله إلى الصواب، ويقلل احتمال وقوع الخطأ بإذن الله تعالى، ولأهمية المثال العملي في توضيح الصورة للخطيب أسوق هذا المثال:
لو كان عند الخطيب حديث في مسند أحمد، والطبعة التي عنده للمسند رديئة، فيراجع طبعة جيدة ولو في مكتبة عامة، فإن لم يتوفر له ذلك، وكان الحديث في أحد الكتب الستة راجعه فيه- ويستعين في بحثه بجامع الأصول وفيه الموطأ وباقي الستة إلا ابن ماجه- فإن لم يكن في أحدها فيراجع مجمع الزوائد للهيثمي، وبإمكانه أن يراجع ترتيب المسند وشرحه للساعاتي المسمى (الفتح الرباني).
فإن كان الحديث في موضوع من موضوعات الترغيب أو الترهيب أمكنه مراجعة كتاب المنذري، وإن كان الحديث قولا للنبي صلى الله عليه وسلم أمكنه مراجعة الجامع الصغير للسيوطي، وزياداته للمناوي، وصحيحه وضعيفه للألباني. وهكذا …. ولن يعدم طريقة من الطرق يجد بواسطتها الحديث في مصادر أخرى.
ويستفيد من مراجعته لهذه الكتب المتنوعة فوائد كثيرة منها:
أ- الاطمئنان إلى لفظ الحديث، وتوثيقه قدر المستطاع.
ب- زيادة خبرته في التعامل مع كتب التراث، ومعرفة مناهج مصنفيها فيها، ومع كثرة المراجعة والممارسة يمتلك دربة في ذلك تمكنه من الوصول إلى المعلومة التي يريدها في أسرع وقت وأقل جهد؛ إذ إن هذه المراجعات تشبه دورات تعليمية سريعة في هذه الكتب العظيمة.
ت- قد يجد أحاديث أخرى تخدمه في موضوعه الذي يكتبه، وربما كانت هذه الأحاديث بالنسبة لموضوعه أهم من الحديث الذي قصده؛ مما يثري موضوعه ويقويه بالنصوص ويوسعه.
فمراجعته لمجمع الزوائد تمكنه من معرفة أحاديث أخرى في موضوعه أو قريبة منه في مسند أحمد أو مسند أبي يعلى أو مسند البزار أو في معاجم الطبراني.
ومراجعته للترغيب والترهيب تكسبه أحاديث أخرى في موضوعه أو قريبة منه، وقد يكون منها ما هو أقوى من حديثه أو في الصحيح، وقد غفل عن هذه الأحاديث أو لا يعلمها قبل مراجعته لهذا الكتاب.
ومراجعته للفتح الرباني تكسبه أحاديث أخرى وآثارا عن الصحابة والتابعين؛ لأن الساعاتي رحمه الله تعالى يعقد بابا في نهاية كل باب من ترتيبه لأحاديث المسند يجعله لزوائد الباب وأحكامه، يسوق فيه أحاديث وآثارا وأحكاما يكثر فيها النقل من كتب الشروح، وقراءة الخطيب لذلك تجعله أكثر إلماما بموضوعه، وتمكنا فيه، وتفتح له أبوابا عظيمة من العلم والمعرفة.
وإذا كان لديه كتاب ترتيب أحاديث صحيح الجامع الصغير وزياداته على الأبواب الفقهية لعوني الشريف، أمكنه الاطلاع على أحاديث قولية أخرى في موضوعه الذي يريده أو قريبة منه.
ث- أنه يطلع على تخريج الحديث، فالمنذري والهيثمي والساعاتي يخرجون الأحاديث.
جـ- أنه يطلع على حكم على الحديث أو حكم على رجاله؛ فالمنذري والهيثمي يحكمان أحيانا على الحديث بالصحة أو بالحسن أو بالضعف أو النكارة، ويحكمان أكثر على رجاله بعبارات: ورجاله رجال الصحيح، ورجاله ثقات، أو موثوقون، أو فيه فلان مختلف فيه، أولم يوثقه إلا ابن حبان، أو ضعيف، أو منكر الحديث أو كذاب…
فإن كان الحديث لا يحتج به أسقط ذلك عن الخطيب عناء كبيرا من البحث في درجة الحديث. وكانت مراجعته تلك عونا له في السلامة من الاستدلال بحديث لا يحل الاستدلال به، ولا نسبته للنبي صلى الله عليه وسلم.
وإن كان الحديث مما حكما على رجاله بالتوثيق احتاج إلى التأكد من اتصال السند وعدم العلة المانعة من الاحتجاج بالحديث؛ لأنه لا يلزم من توثيق الرجال، أو كونهم من رجال الصحيح صحة الحديث؛ لاحتمال الانقطاع أو علة أخرى خفية.
وكذلك الساعاتي يحكم أحيانا على الأحاديث أو ينقل حكم من قبله عليها.
والسيوطي والألباني يحكمان أيضا على الأحاديث.
سابعاً: الاستيثاق من قراءته للحديث وإعرابه بشكل صحيح؛ فإن بعض الكلمات والجمل أو أسماء الرواة قد تكون عالقة في ذهنه على الخطأ، إما لأنه حفظه هكذا في صغره، أو سمعه من متحدث على الخطأ فرسخ في ذهنه، أو هو يقرأه ابتداء بشكل خاطئ، ويكون استيثاقه بما يلي:
أ- أن يراجع الحديث في طبعة محققة موثوقة مضبوطة بالشكل ويقرأه منها بتمعن، ويضبط في كتابته ما يحتاج إلى ضبط.
ب- أن لا يملك طبعة مشكولة، وفي هذه الحالة يراجع كتب الشروح، والشارحون غالبا ما يضبطون الكلمات المشكلة، ويذكرون الأوجه أو الخلاف إن كان ثمة خلاف، أو كان للكلمة أكثر من وجه.
ومما يحضرني من الأمثلة حديث (تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير عودا عودا) فكلمة (عودا) اختلفوا في ضبطها على أقوال ثلاثة:
1- عَوْذَا عوذا، بالذال المعجمة، ومعناه: الاستعاذة بالله تعالى منها.
2- عَوْدَا عودا، بفتح الدال، على معنى أن الفتنة كلما زالت عادت مرة أخرى.
3- عُوْدَا عودا، على معنى أن الفتن تتوالى على القلب، كما يتوالى العود بإزاء العود في نسج الحصير.وقد توارد شراح صحيح مسلم القاضي عياض والقرطبي والنووي والأبي على ذكر هذه المعاني والترجيح بينها.
والمعنى الأخير هو الأشهر والأظهر، لكن معرفة الخطيب للمعاني الأخرى يفيده جدا، وقد يكون أحد المصلين حفظه على المعنى الآخر فيحتج عليه به، فيكون ملما بتلك المعاني، وهذا يُكسبه ثقة الناس فيه، وطمأنينتهم إلى ما يلقي عليهم.
وأحيانا يتصرف الرواة في الكلمة فيغيرون لفظها -بناء على جواز الرواية بالمعنى إذا لم يخل به- بزيادة حروف أو إبدالها بمرادف لكن المعنى يكون متقاربا، ومن لا علم له بذلك قد يظنه خطأ في الحديث، مع أن كل الألفاظ صحيحة لتقارب معانيها.
ومن أمثلة ذلك: ما جاء في حديث أبي رزين العقيلي لما سأل عن البعث وكيفيته فقال النبي صلى الله عليه وسلمأما مررت بوادي أهلك محلا….الحديث).
فكلمة (مَحْلا) هكذا جاءت في المسند، ومعناها: مجدبا، من أمحلت الأرض إذا أجدبت، وجاء في الرواية الأخرى للمسند وعند الطيالسي (مُمْحِلا) وهي بمعنى الأولى، ومثلها حديث النواس رضي الله عنه في شأن الدجال وفيه(فيصبحون مُمْحلين)، وجاء في رواية الطبراني (قَحْلا)، وقحل الناس: يبسوا من شدة القحط. فهذا اختلاف في الروايات لكن المعنى واحد.
ت- بإمكانه مراجعة كتب غريب الحديث إن كانت الكلمة غريبة -أي يقل استعمالها- أو كانت مشتركة مع غيرها في المعنى؛ فالمصنفون في الغريب يعتنون ببيان الفروق المعنوية بين المشتركات في الألفاظ، وأحيانا يوردون أحاديث أخرى فيها ذات الكلمة أو قريبة منها في المعنى فيستفيد الخطيب بمراجعتها نصوصا أخرى، واتساعا في علم معاني الحديث.
والكتب في الغريب كثيرة ومتداولة ومن أشهرها: كتب الخطابي والحربي وابن الأثير.
ث- يمكنه أيضا أن يراجع كتب أهل اللغة كالقاموس والصحاح واللسان ونحوها؛ فإن أهل اللغة يأتون بجذر الكلمة ويذكرون ما فيها من استعمالات، ويستدلون لما يوردون من المعاني بالقرآن والسنة وأشعار العرب وأمثالهم.
ثامناً: التأكد من أن استدلاله بالحديث صحيح، فقد يكون معنى الحديث أو الشاهد منه على غير الوجه الذي أراده الخطيب؛ إما لفهمه على الخطأ، أو سمعه من أحد خطأ، أو يكون المعنى الذي قصده شاذا أو مرجوحا، وقد يحكيه على أنه المعنى الوحيد للحديث مع كونه مرجوحا.
وتلافي الخطأ في ذلك يكون بمراجعة كتب الشروح، ويستفيد من مراجعتها بعض النصوص الأخرى غير حديثه المشروح، وقد يجد آثارا وأقوالا للعلماء تنفعه في موضوعه.
فإن كان حديثه في الكتب الستة فقد شرحت شروحا كثيرة، وإن كان الحديث في كتاب لم يطبع له شرح، أو هو لا يملكه، فلن يعدم حيلة يجد فيها الحديث:
فقد يجده في شروحات عمدة الأحكام أو المنتقى أو بلوغ المرام إن كان الحديث في الأحكام.
وإن كان الحديث قولا وجده في شروح الجامع الصغير كفيض القدير للمناوي.
وربما وجده في شروحات مشكاة المصابيح أو رياض الصالحين أو شرح السنة للبغوي أو غيرها من كتب المجاميع والشروح.
تاسعاً: ينبغي للخطيب أن لا يشير إلى الأحاديث إشارة لا يفهمها إلا من كان حافظا للحديث، مستحضرا له، فليس كل المصلين يحفظون الأحاديث، وليس كل من يحفظها يستحضرها في الحال، ولا سيما إذا كان الحديث لا يطرق الأسماع كثيرا.
عاشراً: إذا كان في الحديث إشارة توضيحية من النبي عليه الصلاة والسلام، فأرى أن يطبقها الخطيب وهو يقرأ الحديث؛ تأسيا بالنبي عليه الصلاة والسلام، ولإفهام المصلين كيف فعل النبي صلى الله عليه وسلم، فالوصف وحده قد لا يفهمه كل المصلين، والفعل أبلغ من الوصف.
وكثيرا ما جاء في الأحاديث: وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها، وخنس الإبهام، فبسط يديه أو قبضهما، وأشار بيده هكذا، أو قبل المشرق، يقول هكذا بأصبعه، وقبض أصابعه…
وأحيانا قد لا يجد الخطيب وصفا دقيقا في الرواية كيف فعل النبي عليه الصلاة والسلام، إما لاختصارها أو بدا للراوي أنها معروفة فلم يوضحها، وعلى الخطيب في مثل ذلك أن يجمع الروايات، ويطلع على شرح الحديث؛ ليتبين له الوصف كاملا إما من رواياته الأخرى وإما من كلام الشراح.
وذلك مثل حديث ابن عمر في أن الله تعالى يطوي السموات والأرضين بيديه، قال ابن عمر يحكي فعل النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحدث بهذا: ويقبض أصابعه ويبسطها. هكذا في رواية مسلم، والحديث في الصحيحين. وزاد ذلك إيضاحا رواية للنسائي وفيها: وجعل باطنها إلى السماء[13].
الحادي عشر: إذا أنهى الخطيب صلاته، ثم سئل عن معنى في حديث استشهد به، أو أورد أحد المصلين عليه إشكالا في استدلاله، أو دليلا آخر ينقض ما قرره في خطبته، فلا يخلو الخطيب من حالين:
الأولى: أن يكون عنده جواب لهذا الإشكال، ويعلم ما قد يورد على استدلالاته من أدلة أخرى، ولديه أجوبة لها -ولا يتأتى ذلك للخطيب إلا بالتحضير الجيد- فليزل تلك الإشكالات، ويُجِبْ عنها بما آتاه الله تعالى من علم وفقه وتحضير جيد لموضوعه.
الثانية: أن لا يكون عنده جواب لهذا الإشكال، ولا يعلم بالأدلة التي أوردت عليه، فلا يجوز له حينئذ أن يخلص نفسه من هذا المأزق بالكذب، أو بنفي ما لا يعلم مع احتمال ثبوته، ولا يحل له أن يصر على رأيه وهو غير متأكد مما أورد عليه.
مثال ذلك: لو تحدث الخطيب عن فوائد الأمراض وما يحصل فيها من الأجر والثواب، وساق الآيات والأحاديث في فضل الصبر على المصائب، ثم أورد ما جاء في المسند وغيره من أن أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه قد دعا على نفسه بالحمى، فلازمته حتى إن حرها ليوجد من وراء اللحاف، واستشهد الخطيب بفعل أبي رضي الله عنه على جواز أن يدعو الإنسان على نفسه بالمرض ابتغاء الأجر، ولا سيما أن أبيا رضي الله عنه من فقهاء الصحابة وعلمائهم.
ثم أورد معترض على الخطيب الأحاديث التي فيها الأمر بسؤال الله تعالى العفو والعافية، والأخرى التي فيها النهي عن الدعاء على الأنفس أو الأولاد أو الأموال، وذكر قصة الرجل الذي دعا على نفسه فزاره النبي صلى الله عليه وسلم وقد أكله المرض، فأنكر عليه الصلاة والسلام عليه دعاءه على نفسه، وقصته مخرجة في صحيح مسلم.
ولا شك في أن الخطيب في مثل هذه الحالة مخطئ، ولا يحل له المكابرة والإصرار على الخطأ، وفعل أبي رضي الله عنه اجتهاد منه يؤجر عليه إن شاء الله تعالى، ولكن لا يقضى باجتهاده رضي الله عنه على النصوص الصحيحة الصريحة في هذا الباب، ولا يوافق عليه بحجة أنه من علماء الصحابة رضي الله عنهم؛ لأنه وإن كان كذلك فهو غير معصوم من الخطأ، وقد تخفى عليه بعض النصوص، ولا عصمة إلا للرسل عليهم السلام.
والواجب الشرعي، ثم الشجاعة الأدبية يقضيان على الخطيب بأن يراجع الحق، ويعترف بخطئه، وأن يشكر من تعقبه فيه، وبينه له، وأن يسعى إلى تصحيحه في خطبة تالية سواء صرح بخطئه، وذكر لهم أنه راجع عنه، وهذا أحسن.
فإن عجز عن ذلك قرر الصواب الذي يعارض ما قرره من خطأ سابقا، ويؤكد عليه مستشهدا بما علمه من أدلة كان من قبل يجهلها، فإن نوقش عقب الصلاة بقوله السابق بين أنه اخطأ فيه، وأنه صححه في هذه الجمعة.
وقد يظن بعض الخطباء أن مثل هذا الاعتراف يقلل من ثقة المصلين في الخطيب، وهذا ظن خاطئ، بل الاعتراف بالخطأ يزيد من طمأنينة المصلين وثقتهم في خطيبهم؛ لأنهم سيتيقنون أو يغلب على ظنهم أن ما لم يعتذر خطيبهم عنه فهو صحيح، فهو قد عودهم على الاعتذار مما يخطيء فيه.
وقد بينت في مقال سابق أنواع المناقشين للخطيب، وكيفية التعامل مع كل نوع منهم[14].
ـــــــــــــــــــــــــــ
[1] أود التنبيه على أمرين:
الأول: أن هذه المقالة وما قبلها وما سيتلوها في هذا الباب لا تختص بالخطيب وحده، وإن خوطب بها، بل يشترك معه الداعية والمحاضر والواعظ، وكل من تصدى لدعوة الناس، وأراد تحضير موضوع من الموضوعات لخطبته أو محاضرته أو موعظته أو بحثه أو مقالته.
الثاني: أنني ما جمعت مادة هذه المقالات من كتب متخصصة في الخطابة والدعوة وغيرها؛ لأنني لم أجد فيها ما أريد، وعليه فلا مراجع عندي لهذا الموضوع، ولا الذي قبله ولا ما يليه في هذا الباب، وإنما هي تجارب وممارسات خلال السنوات الماضية أردت أن أكتبها لإخواني، فالنقص والزلل محتمل فيها، والله الموفق.
[2] رواه أبو داود:4607 والترمذي وقال: حسن صحيح:2676 وابن ماجه:42 والدارمي: 95.
[3] رواه أبو داود (4604) وأحمد 4/130.
[4] الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ص142.
[5] الحلية لأبي نعيم9/106.
[6] الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع ص142.
[7] انظر استدلال الخطيب بالقرآن، البيان عدد() ص().
[8] المصدر السابق.
[9] سير أعلام النبلاء 18/280وطبقات الحفاظ للسيوطي 1/435.
[10] انظر على سبيل المثال هذه الأحاديث في الترمذي: فحديث رقم (128)نقل فيه تصحيح أحمد والبخاري لحديث حمنة بنت جحش فيما تفعل المستحاضة وحديث(614) نقل فيه استغراب البخاري لحديث كعب ابن عجرة رضي الله عنه في الأمراء، وحديث(620) نقل فيه تصحيح البخاري لحديث في الصدقة عن علي رضي الله عنه وانظر أيضا644 و683 و758 و1016 و1177 و1178 و1461 و1366 و1776 و1841 و2697).
[11] انظر: معرفة علوم الحديث للحاكم ص146 وفتح المغيث 3/74.
[12] التمييز، ص187.
[13] السنن الكبرى (7695).
[14] انظر: استدلال الخطيب بالقرآن، البيان عدد () ص ().
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث صحيح رواه أحمد والنسائي وابن ماجة:
يقول ابن عباس في حديث صحيح أخرجه أبو داود: بت ليلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما استيقظ من منامه أتى طهوره، فأخذ سواكه فاستاك ثم توضأ، فأتى مصلاه، فركع ركعتين ثم رجع إلى فراشه فنام ما شاء الله ثم استيقظ ففعل مثل ذلك، ثم رجع إلى فراشه فنام ثم استيقظ ففعل مثل ذلك، كل ذلك يستاك ويصلى ركعتين، ثم أوتر ".
" عليكم بالسواك فنعم الشيء السواك، يذهب بالحفر، ينزع البلغم، ويجلو البصر، ويشد اللثة، ويذهب بالبخر، ويصلح المعدة، ويزيد في درجات الجنة، وتحمده الملائكة، ويرضي الرب، ويسخط الشيطان ".
بالنسبة للأسطح الداخلية للأسنان الأمامية قم بوضع المسواك عامودية عى الأسنان واتبع حركة عامودية رقيقة بطرف الفرشاة ( كما هو ظاهر في الصورة ).
بالنسبة لأسطح المضغ أمسك بالمسواك في وضع عامودي قدر المستطاع ونظف الأسنان بحركة ذهاب وإياب .
بالنسبة للأسطح الخارجية للأسنان نظف بالمسواك بزاوية قائمة وبحركات قصيرة بعرض نصف السن ملامسا حافة اللثة .
بالنسبة للأسطح الداخلية للأسنان نظف بالمسواك بزاوية قائمة وبحركات قصيرة بعرض نصف السن ملامسا حافة اللثة .
و هو أحد المظاهر الرئيسية لعدم تنظيف الأسنان، فهو عبارة عن رواسب عضوية وغير عضوية وفضلات الأكل والبكتيريا.. وبمرور الزمن تتصلب، وخاصة إذا أهمل الشخص تنظيف أسنانه.
السيرة النبوية سؤال وجواب
مولده و طفولته صلى الله عليه وسلم
من ولادته صلى الله عليه وسلم وحتى الهجرة
1 ـ متى ولـد النبي صلى الله عليه وسلم وأيـن؟
ولد يوم الاثنين، من ربيع الأول في مكة.
عن أبي قتادة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم الاثنين، فقال: ذاك يوم ولدت فيه) رواه مسلم.
قال ابن القيم: (لا خلاف أنه ولد صلى الله عليه وسلم بجوف مكة، وأن مولده كان عام الفيل).
2 ـ ما هو نسب النبي صلى الله عليه وسلم؟
قال ابن القيم: (هو خير أهل الأرض نسبًا على الإطلاق، فهو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة ….).
ولذلك لم يستطع أبو سفيان أن ينكر علو نسب الرسول صلى الله عليه وسلم على الرغم مما كان عليه من عداء للرسول قبل إسلامه فقال (هو فينا ذو نسب) متفق عليه.
3 ـ ما الحكمة من علو نسبه صلى الله عليه وسلم؟
حتى لا يكون لأعداء الإسلام سلاح في أيديهم للصد عن سبيل الله.
وحتى لا يتوهم متوهم أن رسالته ما هي إلا وسيلة لغاية وهي تغيير وضعه الاجتماعي.
وقال النووي (قيل أنه أبعد من انتحاله الباطل، وأقرب إلى انقياد الناس له).
4 ـ ما اسم والد النبي صلى الله عليه وسلم ومتى مات؟
اسمه عبد الله بن عبد المطلب.
قال ابن القيم: (توفي ورسول الله صلى الله عليه وسلم حمل)، ورجحه ابن حجر في فتح الباري.
قال ابن كثير: (وهـذا أبلغ اليتم وأعلى مراتبه).
وقد ذكر الله يتمه في القرآن فقال سبحانه: {ألم يجدك يتيمًا فآوى}.
مات في المدينة عند أخواله بني عدي بن النجار، وكان في مهمة تجارية فمرض عند العودة ومات فدفن هناك.
5 ـ اذكر بعض أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم وما هو أشهرها؟
عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن لي أسماء: أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب) متفق عليه.
زاد ابن سعد (.. والخاتم).
وأشهرها ( أحمد، ومحمد). قال ابن حجر: (وأشهرهما محمد، وقد تكرر في القرآن).
6 ـ كم مرة ذكر النبي صلى الله عليه وسلم باسمه محمد؟
ذكر في القرآن (4) مرات.
قال تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} [آل عمران: 144].
وقال تعالى: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} [الأحزاب: 40].
وقال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ} [محمد: 2].
وقال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ} [الفتح: 29].
وأما أحمد فورد مرة واحدة حكاية عن عيسى قال: {وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: 6].
7 ـ ما أول أمر الرسول صلى الله عليه وسلم؟
عن أبي أمامة قال: قلت: يا نبي الله، ما كان أول بدء أمرك؟ قال: (دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى ورأت أمي نورًا أضاءت منه قصور الشام) رواه أحمد.
(دعوة أبي إبراهيم):
أي قوله {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [البقرة:129].
(بشرى عيسى):
أشار إليه قوله تعالى حاكيًا عن المسيح: {وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} [الصف: 6].
(ورأت أمي نورًا أضاءت منه قصور الشام):
قال ابن رجب: (وخروج هذا النور عند وضعه إشارة إلى ما يجىء به من النور الذي اهتدى به أهل الأرض وزال به ظلمة الشرك منه كما قال تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ. يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة: 15، 16]).
8 ـ مَنْ مِن أعمام النبي صلى الله عليه وسلم الذين أدركوا الإسلام ومن أسلم منهم؟
قال ابن حجر: (من عجائب الاتفاق أن الذين أدركهم الإسلام من أعمام النبي صلى الله عليه وسلم أربعة: لم يسلم منهم اثنان وأسلم اثنان، وكان اسم من لم يسلم ينافي اسم أسامي المسلمين، وهما أبو طالب واسمه عبد مناف، وأبو لهب واسمه عبد العزى، بخلاف من أسلم وهما حمزة والعباس).
فائدة:
قال ابن حجر في أبي لهب: (وكني أبا لهب إما بابنه لهب، وإما بشدة حمرة وجنته).
9 ـ من هن مرضعات النبي صلى الله عليه وسلم؟
ثويْبة مولاة أبي لهب.
حليمة السعدية: حين أخذته معها إلى بادية قومها، فأقام معها أربع سنين ثم ردته إلى أمه.
10 ـ أين استرضع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
استرضع في بادية بني سعد أرضعته حليمة السعدية.
11 ـ ما الحكمة في أن العرب تسترضع الأطفال في البادية؟
رغبة في تقوية أجسادهم، وتعويدًا وتربية لهم على الاعتماد على النفس منذ الصغر، وتقويمًا لألسنتهم.
12 ـ ماذا حدث له وهو في بادية بني سعد؟
وقعت له حادثة شق الصدر.
عن أنس: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه فصرعه فشق عن قلبه، فاستخرج القلب، فاستخرج منه علقة، فقال: هذا حظ الشيطان منك، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ثم لأمه ثم أعاده في مكانه، وجاء الغلماء يسـعون إلى أمه يعني ظئره ـ مرضعته ـ فقالوا: إن محمدًا قد قتل..) رواه مسلم.
وفي رواية لأبي نعيم (.. كانت حاضنتي من بني سعد بن بكر، فانطلقت أنا وابن لها في بهم لنا ولم نأخذ معنا زاد…).
13 ـ ما فعلت حليمة السعدية بعد هذه الحادثة؟
خشيت عليه حتى ردته إلى أمه، إلى أن بلغ ست سنين.
14 ـ ما الحكمة من حادثة شق الصدر؟
ـ فيها بيان إعداد الله تعالى عبده ورسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم لتلقي الوحي عنه.
ـ تعهد الله عز وجل نبيه عن مزالق الطبع الإنساني ووساوس الشيطان.
15 ـ ما اسم أم النبي صلى الله عليه وسلم ومتى ماتت؟
اسمها آمنة بنت وهب.
قال ابن القيم: (لا خلاف أن أمه ماتت بين مكة والمدينة ـ بالأبواء ـ منصرفها من المدينة من زيارة أخواله).
كان عمر النبي صلى الله عليه وسلم عند وفاة أمه ( 6 ) سنوات.
16 ـ ما الحكمة من يتم الرسول صلى الله عليه وسلم؟
لقد شاء الله أن ينشأ الرسول صلى الله عليه وسلم يتيمًا ولذلك لحكم، لعل من أبرزها:
ـ أن لا يكون للمبطلين سبيل إلى إدخال الريبة في القلوب أو إيهام الناس بأن محمدًا إنما رضع لبان دعوته منذ صباه بإرشاد وتوجيه من أبيه وجده ليصل إلى جاه الدنيا باصطناع النبوة.
ـ ولعل في يتمه أسوة للأيتام في كل زمان ومكان، ليعرفوا أن اليتم ليس نقمة، وأنه لا يجب أن يقعد بصاحبه عن بلوغ أسمى المراتب.
17 ـ من كفل النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاة أمه؟
كفله جده عبد المطلب .
18 ـ كم كان عمر النبي صلى الله عليه وسلم عند وفاة جده عبد المطلب؟
قال ابن القيم: (وكفله جده عبد المطلب، وتوفي ولرسول الله صلى الله عليه وسلم نحو ثمان سنين، ثم كفله عمه أبو طالب).
19 ـ ماذا حدث لما بلغ النبي صلى الله عليه وسلم من العمر: 12 سنة؟
خرج به عمه أبو طالب إلى الشام وفي هذه الخرجة رآه بحيرى الراهب.
عن أبي موسى الأشعري. قال: (خرج أبو طالب إلى الشام ومعه رسول الله صلى الله عليه وسلم في أشياخ من قريش، فلما أشرفوا على الراهب ـ يعني بحيْرا ـ هبطوا فحلوا رحالهم، فخرج إليهم الراهب، وكانوا قبل ذلك يمرون به فلا يخرج ولا يلتفت إليهم … حتى جاء فأخذ بيد النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هذا سيد العالمين، بعثه الله رحمة للعالمين، فقال له أشياخ من قريش: وما علمك؟ فقال: إنكــم حين أشرفتم من العقبة لم يبق شجر ولا حجر إلا خر ساجدًا ولا يسجدون إلا لنبي،.. فقال الراهب: أنشدكم الله ! أيكم وليه؟ قالوا: أبو طالب، فلم يزل يناشده حتى رده) رواه الترمذي.
20 ـ بماذا اشتغل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل نبوته؟
عمل برعي الغنم.
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من نبي إلا وقد رعى الغنم) قالوا: وأنت يا رسـول الله؟ قال: (وأنا، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة) رواه البخاري.
من زواج النبي الى أول السابقون الى الاسلام
21 ـ ما الحكمة من عمل الأنبياء برعي الغنم؟
قال ابن حجر: (قال العلماء: الحكمة في إلهام الأنبياء من رعي الغنم قبل النبـوة أن يحصل لهم التمرن برعيها على ما يكلفونه من القيام بأمر أمتهم؛ ولأن مخالطتها ما يحصل لهم من الحلم والشفقة).
ـ أن الله عز وجل لا يعجزه أن يهيئ لنبيه صلى الله عليه وسلم كل وسائل الرفاهية ويغنيه عن الكدح سعيًا وراء القوت، ولكن اقتضت حكمة الله أن تعلمنا أن خير مال الإنسان ما اكتسبه بجهده .
22 ـ ما هي أول امرأة تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم؟
خديجة بنت خويلد.
قال ابن القيم: (وهي أول امرأة تزوجها).
23 ـ كم كان عمر النبي صلى الله عليه وسلم حين تزوجها؟
كان عمره صلى الله عليه وسلم (25) سنة، وهذا قول الجمهور.
24 ـ كم كان عمرها حين تزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم؟
كان عمرها (40) سنة.
25 ـ اذكر بعض فضائل خديجة؟
عرفت عند قومها (بالطاهرة العفيفة).
لم ينكح عليها غيرها حتى ماتت.
وأُمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقرأ عليها السلام من ربها.
أول امرأة آمنت به.
جميع أولاده منها ما عدا إبراهيم فإنه من مارية القبطية.
26 ـ اذكر ما تعرفه عن أولاد النبي صلى الله عليه وسلم؟
الذكور: القاسم، وعبد الله، وإبراهيم.
الإناث: زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة.
مات الأبناء الذكور صغارًا بالاتفاق.
وأما البنات فأدركن البعثة ودخلن الإسلام وهاجرن معه.
27 ـ بما شارك رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشًا؟
شاركهم في بناء الكعبة ووضع الحجر الأسود.
روى الإمام أحمد وأهل السير (أن قريشًا عندما اختلفت في وضع الحجر الأسود في مكانه، قالوا: اجعلوا بينكم حكمًا، فقالوا: أول رجل يطلع من الفج، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: أتاكم الأمين، فقالوا: فوضعه في ثوب ثم دعا بطونهم فرفعوا نواحيه فوضعه النبي صلى الله عليه وسلم في مكانه المطلوب).
(كان عمر النبي صلى الله عليه وسلم إذ ذاك (35) سنة).
(لولا حكمة الله وهداية رسوله صلى الله عليه وسلم إلى هذا الحل لسفكت الدماء).
28 ـ اذكر بعض الفوائد والحكم من هذا الأمر؟
ـ إن قبول قريش تحكيم الرسول صلى الله عليه وسلم في أمر وضع الحجر الأسود في مكانه من البيت الحرام ووصفهم له بالأمين، دليل على تربيته سبحانه لنبيه على مكارم الأخلاق التي كان من بينها الصدق والأمانـــة.
ـ إن الاقتراح الذي توصل إليه الرسول صلى الله عليه وسلم لحل هذه الأزمة كان بتوفيق من الله ليلفت أنظار الناس إلى ما سيختاره له الله من القيام بأمر أكبر من هذا لتوحيد الناس.. وهو الإسلام.
29 ـ اذكر بعض الإرهاصات التي كانت قبل النبوة؟
أولاً: تسليم الحجر عليه:
عن جابر بن سمرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إني لأعرف حجرًا بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث، إني لأعرفه الآن) متفق عليه.
ثانيًا: الرؤيا الصالحة:
عن عائشة قالت: (إن أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح) متفق عليه.
ثالثًا: حبب إليه العزلة والتحنث:
لقول عائشة في الحديث السابق: (ثم حبب إليه الخلاء، فكان يخلو بغار حراء يتحنث ـ يتعبد ـ فيه الليالي ذوات العدد).
(الخلاء) الخلوة، قال النووي: وهو شأن الصالحين وعباد الله العارفين.
(حراء) جبل معروف بمكة. (والغار) نقب في الجبل.
فائدة:
ـ في هذا استحباب العزلة لفترات تعين المسلم على التفكير في أحوال المجتمع إذا سادت فيه الجاهلية والفساد.
أما الاعتزال الدائم للمجتمع فهو مخالف لسنة النبي صلى الله عليه وسلم العملية والقولية، فلم يعرف عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه اعتزل المجتمع، وقال في نبذ هذه الاتجاهات: (المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أذاهم) رواه ابن ماجه.
30 ـ متى نزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
يوم الاثنين؛ لحديث أبي قتادة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صيام يوم الاثنين؟ فقال: ذاك يوم ولدت فيه ويوم بعثت فيه) رواه مسلم
قال ابن القيم: (ولا خلاف أن مبعثه صلى الله عليه وسلم كان يوم الاثنين).
31 ـ كيف كانت بداية الوحي؟
عن عائشة قالت: (أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، وكان يخلو بغار حراء.. فجاءه الملك فقال: اقرأ، قال: ما أنا بقارئ. ثلاث مرات.. إلى أن قال: اقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق، اقرأ وربك الأكرم..) متفق عليه.
قوله: (ما أنا بقارئ) أي لا أحسن القراءة.
ـ اقتضت حكمة الله تعالى أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم أميًا لا يعرف القراءة ولا الكتابة، وفي ذلك إبعاد لشبهة الشك في مصدر القرآن، وفي ذلك يقول المولى عز وجل: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ} [العنكبوت:48].
32 ـ ماذا فعل الرسول صلى الله عليه وسلم بعد ذلك؟
ذهب إلى زوجته خديجة وأخبرها الخبر.
33 ـ ماذا قالت له خديجة، وعلى ماذا يدل كلامها؟
قالت له: (كلا، فوالله لا يخزيك الله؛ إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتعين على نوائب الدهر).
وكلامها هذا يدل على رجحان عقلها وحسن تصرفها وفضلها وسلامة فطرتها.
33 } ماذا نستفيد من كلام خديجة للرسول صلى الله عليه وسلم؟
ـ استحباب تأنيس من نزل به أمر بذكر تيسيره عليه وتهوينه لدينه.
ـ أن من نزل به أمر استحب له أن يطلع على من يثق بنصحه وصحة رأيه.
34 ـ ماذا فعلت خديجة بعد ذلك؟
ذهبت به إلى ورقة بن نوفل.
ففي حديث عائشة السابق: (ثم انطلقت به خديجة إلى ابن عمها ورقة بن نوفل، وكان امرءًا تنصر في الجاهلية، وكان شيخًا كبيرًا قد عمي، وأخبره صلى الله عليه وسلم الخبر).
35 ـ ماذا تمنى ورقـة؟
تمنى أن يكون حيًا حين يبعث.
قال: (يا ليتني أكون فيها حيًا جذعًا حين يخرجك قومك؟ قال: أومخرجي هم؟ قال: نعم، لم يأت أحد بمثل ما جئت به إلا عودي، وإن يدركني يومك أنصرك نصرًا مؤزرًا، ثم لم يلبث ورقة أن توفي).
قوله: (يا ليتني) الضمير يعود على أيام الدعوة.
قوله: (جذعًا) الجذع هو الصغير من البهائم.
في قوله: (يا ليتني..) جواز تمني المستحيل إذا كان في فعل الخير؛ لأن ورقــة تمنى أن يعود شابًا وهو مستحيل عادة.
قوله: (أو مخرجي هم) استبعد النبي صلى الله عليه وسلم أن يخرجوه؛ لأنه لم يكن فيه سبب يقتضي الإخراج، لما اشتمل عليه من مكارم الأخلاق.
قوله: (لم يأت أحد بمثل..) ذكر ورقة العلة في إخراجه هو مجيئه لهم بالانتقال عن مألوفهم، ولأنه علم من الكتب أنهم لا يجيبونه إلى ذلك.
36 ـ ما أول ما أنزل من القرآن؟
أول ما أنزل من القرآن قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ} [العلق: 1، 2].
قال النووي: (هذا هو الصواب الذي عليه الجماهير من السلف والخلف).
لحديث عائشة السابق (قال: اقرأ، قال: ما أنا بقارئ.. قال: اقرأ باسم ربك الذي خلق..).
فقوله: (ما أنا بقارئ) أي لا أحسن القراءة .
ـ هذا صريح في أنه لم يقرأ قبل ذلك شيئًا.
ـ ولأن الأمر بالقراءة في الترتيب قبل الأمر بالإنذار.
37 ـ ثم ماذا حدث بعد ذلك؟
انقطع الوحي.
وقد اختلف كم كانت مدة انقطاعه؛ قيل: كانت ستة أشهر، وقيل: كانت أربعين يومًا.
38 ـ ما الحكمة من هذا الانقطاع؟
ـ ليحصل للرسول صلى الله عليه وسلم التشوق إلى العود.
ـ تأكيد أن الوحي ظاهرة منفصلة عن ذات الرسول صلى الله عليه وسلم.
ولقد جزع رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الانقطاع.
39 ـ ماذا حدث بعد هذا الانقطاع؟
بعد هذا الانقطاع نزل عليه الوحي مرة أخرى.
عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بينما أنا أمشي إذ سمعت صوتًا، فرفعت بصري، فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض، فرعبت منه، فرجعت فقلت: زملوني زملوني، فأنزل الله: يا أيها المدثر قم فأنذر، إلى قوله: والرجز فاهجر) متفق عليه.
فحمي الوحي وتواتر.
فكان أول ما نزل بعد فتور الوحي: (يا أيها المدثر..).
فائدة:
صفة الوحي إلى نبينا صلى الله عليه وسلم توافق صفة الوحي إلى من تقدمه من النبيين.
كما قال تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} [النساء: 163].
40 ـ اذكر مراتب الوحي كما ذكرها ابن القيم؟
قال ابن القيم:
1- الرؤيا الصادقة:
كما في حديث عائشة السابق (أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم الرؤيا الصادقة).
2 _ ما يلقيه الملك في روعه وقلبه من غير أن يراه:
عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن روح القدس نفث في رُوعي أن لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب) رواه ابن ماجه.
قوله: (روعي) أي قلبي.
3 _ أنه كان يتمثل له الملَك رجلاً:
كما في حديث عمر (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: أتدري من السائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم) رواه مسلم.
4 _ أنه كان يأتيه في مثل صلصلة الجرس وهو أشده عليه:
عن عائشة (أن الحارث بن هشام سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يأتيك الوحي؟ فقال: أحيانًا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشده عليّ فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال..) رواه البخاري.
(صلصلة الجرس) الصلصلة في الأصل صوت وقوع الحديد بعضه على بعض، ثم أطلق على كل صوت له طنين .
(وهو أشده علي) قال الحافظ: يفهم منه أن الوحي كله شديد، لكن هذه الصفة أشدها.
(فيفصم عني) أي يقلع عني ويتجلى ما يغشاني .
ـ كلام الله له منه إليه بلا واسطة ملك.
كما تم ذلك في الإسراء والمعراج حيث فرض عليه وعلى أمته الصلوات الخمس وتردد عليه في ذلك عدة مرات يسأله التخفيف وكان ذلك بإرشاد موسى عليه السلام.
41 ـ اذكر مراحل الدعوة خلال حياة الرسول صلى الله عليه وسلم؟
المرحلة الأولى: الدعوة سرًا، واستمرت ثلاث سنين.
المرحلة الثانية: الدعوة جهرًا، واستمرت بقية حياته صلى الله عليه وسلم.
42 ـ اذكر أول أول من أسلم؟
من النساء: خديجة بنت خويلد.
من الرجال: أبو بكر الصديق، حيث قال صلى الله عليه وسلم لعمر: (إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت وقال: أبو بكر: صدق..) رواه البخاري.
وقال هو عن نفسه عندما اختير خليفة للمسلمين: (ألست أحق الناس بها؟ ألست أول من أسلم) رواه الترمذي.
ومما يدل على قدم إسلام أبي بكر قول عمار: (لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما معه إلا خمسة أعبد وامرأتان وأبو بكر) رواه البخاري.
وقد اتفق الجمهور على أن أبا بكر أول من أسلم من الرجال.
ومن الصبيان: علي بن أبي طالب، أسلم وعمره عشر سنين كما رجح ذلك الحافظ ابن حجر.
ومن الموالي: زيد بن حارثة، ففي قول عمار السابق (.. إلا خمسة أعبد..).
قال الحافظ ابن حجر: (الأعبد هم: بلال، وزيد بن حارثة، وعامر بن فهيرة..).
43 ـ هل ورقة بن نوفل من السابقين؟
نعم، فقد صدق بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم حيث قال: (.. يا ليتني فيها ـ أي أيام الدعوة ـ جذعًا حين يخرجك قومك… وإن يدركني يومك أنصرك نصرًا مؤزرًا).
قال صلى الله عليه وسلم: (لا تسبوا ورقة فإني رأيت له جنة أو جنتين) رواه البزار.
وقال أيضًا: (قد رأيته فرأيت عليه ثياب بيض) رواه أحمد.
44 ـ اذكر بعض من أسلم على يد أبي بكر؟
عثمان بن عفان، والزبير بن العوام، وعبـد الرحمن بن عوف، وسعـد بن أبي وقـاص، وطلحة بن عبيد الله.
ـ في هذا فضل أبي بكر، وأنه أول داعية بعد الرسول صلى الله عليه وسلم.
ـ بيان فضل الدعوة إلى الله، وفضل من يهدي الله على يديه فردًا أو أفرادًا.
45 ـ اذكر بعض السابقين إلى الإسلام؟
سعد بن أبي وقاص، فقد جاء في رواية صحيحة أنه بقي أسبوعًا: ثالث مسلم.
والزبير بن العوام، وعبد الله بن مسعود، وعمار بن ياسر، وبلال بن رباح.
فقد قال عمار: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وما معه إلا خمسة أعبد وامرأتان وأبو بكر).
وقال ابن مسعود: (أول من أظهر إسلامه سبعة: رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر، وعمار، وأمه سمية، وصهيب، وبلال، والمقداد) رواه أحمد.
عمرو بن عنبسة. فقد قال: (فلقد رأيتني إذ ذاك ربع الإسلام).
ففي فترة وجيزة وصل عدد الذين سبقوا إلى الإسلام من بطون قريش إلى أكثر من أربعين نفرًا.
من بداية الدعوة سراً الى الجهر بالدعوة
46 ـ ما الحكمة في أن الرسول صلى الله عليه وسلم بدأ دعوته سريًا؟
ـ الدعوة السرية فرصة للتربية، والتكوين، ومرحلة لإعداد المؤمنين حتى يشتد عودهم، وتقوى على تحمل البلاء نفوسهم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم جاءهم بدين لم يعرفوه، وبأمر لم يألفوه، فلو أنه واجههم به لأول وهلة لحالوا بينه وبين الاتصال بالناس، ولم يمكنوه من تبليغ دعوته، وحينئذ لم يتوفر لديه فرصة الالتقاء بمن آمنوا به ليعلمهم ويفقههم في الدين، ويربيهم التربية التي تؤهلهم للنهوض بالعبء الضخم الذي ينتظرهم.
ـ تعليم للدعاة وإرشاد لهم في كل زمان ومكان إلى مشروعية الأخذ بالحيطة والأسباب الظاهرة.
47 ـ من أكثر الناس استجابة لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم؟
أكثر الذين استجابوا لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم من الضعفاء والموالي، وهم أقرب الناس إجابة لدعوة الرسل؛ لأنهم لا يصعب عليهم أن يكونوا تبعًا لغيرهم، أما الكبراء وأهل الجاه والسلطان فيمنعهم الكبر وحب الجاه والرفعة عن الانقياد غالبًا.
كما قال تعالى في قوم نوح عليه السلام: {وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ} [هود: 27].
48 ـ كيف بدأت الدعوة الجهرية؟
بدأت بنزول قول الله تعالى: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء:214].
عن علي قال: (لما نزلت هذه الآية ـ {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} ـ قال: جمع النبي صلى الله عليه وسلم أهل بيته، فاجتمع ثلاثون، فأكلوا وشربوا فقال لهم: من يضمن عني ديني ومواعيدي ويكون معي بالجنة..) رواه أحمد.
ثم دعاهم ثانية … فقال أبو طالب: فوالله لا أزال أحوطك وأمنعك غير أن نفسي لا تطاوعني على فراق دين عبد المطلب.
49 ـ ما الحكمة في البداية أولاً بالأقربين؟
قال ابن حجر: (والسر في الأمر بإنذار الأقربين أولاً أن الحجة إذا قامت عليهم تعدت إلى غيرهم وإلا فكانوا علة للأبعدين في الامتناع، وأن لا يأخذه ما يأخذ القريب للقريب من العطف والرأفة فيحابيهم في الدعوة والتخويف، فذلك نص له على إنذارهم).
50 ـ ماذا فعل الرسول صلى الله عليه وسلم بعد ذلك؟
بعدما تأكد النبي صلى الله عليه وسلم من تعهد أبي طالب بحمايته، قام على الصفا وصدع بالدعوة.
عن ابن عباس قال: (لما نزلت: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صعد الصفا فهتف: يا صباحاه، فقالوا: من هذا؟ فاجتمعوا إليه، فقال: أرأيتكم إن أخبرتكم أن خيلاً تخرج من سفح هذا الجبل أكنتم مصدقي؟ قالوا: ما جربنا عليك كذبًا. قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب عظيم، قال أبو لهب: تبًا لك ما جمعتنا إلا لهذا، ثم قام فنزلت: تبت يدا أبي لهب وتب) متفق عليه.
قوله: (أرأيتكم إن أخبرتكم..) أراد بهذا تقريرهم بأنهم يعلمون صدقه إذا أخبر عن الأمر الغائب.
51 ـ هل عاقب الله عز وجل أبو لهب؟
نعم، فإن الله لم يترك أبو لهب بل سجله له في سورة تتلى إلى يوم القيامة، فكانت لعنة عليه في الدنيا حتى يلقى جزاءه في الآخرة فقال تعالى: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ. مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ. سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ.وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ. فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} [المسد: 1 ـ 5].
(تبت يدا أبي لهب) أي هلكت يدا ذلك الشقي. (وتب) وخاب وخسر. (وامرأته) أم جميل أروى بنت حرب وكانت عونًا لزوجها على كفره وجحوده، ولهذا تكون يوم القيامة عونًا عليه في عذابه في نار جهنم.
(حمالة الحطب) تضع الشوك في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: كانت تمشي بالنميمة.
52 ـ اذكر بعض من أسلم خلال الدعوة الجهرية؟
ضماد من أزد شنوءة.
عن ابن عباس (أن ضمادًا قدم مكة وكان يرقي من الريح، فسمع سفهاء أهل مكة يقولون: إن محمدًا مجنون، فقال: لو أني رأيت هذا الرجل لعل الله أن يشفيه على يديّ، قال: فلقيه، فقال: يا محمد، إني أرقي من هذه الريح وإن الله يشفي على يدي من شاء فهل لك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الحمد لله نحمده ونستعينه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله، فقال: لقد سمعت قول الكهنة وقول السحرة وقول الشعراء فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء، فقال: هاتك أبايعك على الإسلام. قال: فبايعه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وعلى قومك، قال: وعلى قومي) رواه مسلم.
53 ـ اذكر بعض أساليب المشركين في محاربة الدعوة؟
1ـ التهديد بمنازلـة الرسول وعمه أبي طالب.
ففي الحديث (جاءت قريش إلى أبي طالب فقالوا: أرأيت أحمد؟ يؤذينا في نادينا، وفي مسجدنا فانهه عن أذانا، فقال: يا عقيل، ائتني بمحمد فذهبت فأتيته به، فقال: يا ابن أخي إن بني عمك زعموا أنك تؤذيهم في ناديهم وفي مسجدهم فانته عن ذلك، قال: فلحظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ببصره (وفي رواية: فحلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ببصره) إلى السماء فقال: ما أنا بأقدر على أن أدع لكم ذلك، على أن تشعلوا لي منها شعلة، يعني الشمس، فقال أبو طالب: ما كذب ابن أخي، فارجعوا).
2ـ الاتهامات الباطلـة لصد الناس عنه:
اتهموه بالجنون؛ قال تعالى: {ويقولون إنه لمجنون}.
وقال تعالى: {وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمحنون}.
وقد أجابهم الله في آية القلم: {ما أنت بنعمة ربك بمجنون}.
3ـ اتهموه بالسحر:
قال تعالى: {وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلاً مسحورًا}.
وقال عنهم: {.. هذا ساحر كذاب}.
4ـ اتهموه بالكذب:
كما قال تعالى: {وقال الكافرون هذا ساحر كذاب}.
وقال تعالى: {وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون}.
5ـ اتهموه بالإتيان بالأساطير:
قال تعالى: {وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلاً}.
وقالوا إن القرآن ليس من عند الله وإنما من عند البشر:
كما قال تعالى: {ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر، لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين}.
6ـ السخرية والاستهزاء والضحك.
يقول تعالى عن سخريتهم من الذين آمنوا: {وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا، أليس الله بأعلم بالشاكرين}.
جاء في البخاري أن امرأة قالت للرسول صلى الله عليه وسلم ساخرة مستهزئة: إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك، لم أره قربك منذ ليلتين أو ثلاثًا! فأنزل الله: {والضحى والليل إذا سجى. ما ودعك ربك وما قلى}.
(ما ودعك) ما تركك. (وما قلى) ما أبغضك.
وروى البخاري (أن أبا جهل قال مستهزئًا: اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم، فنزلت: {وإذ قالوا اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم. وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون}).
وجاء في مسند الإمام أحمد (أن أشراف قريش اجتمعوا يومًا في الحجر يتذاكرون أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وما جاء به، وبينما هم في ذلك إذا طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليطوف بالبيت، فلما مر بهم غمزوه ببعض القول ثلاث مرات، فقال لهم: يا معشر قريش، أما والذي نفسي بيده لقد جئتكم بالذبح …).
(وكان إذا جلس وحوله المستضعفون من أصحابه استهزأوا بهم وقال هؤلاء جلساؤه {منّ الله عليهم من بيننا} قال تعالى: {أليس الله بأعلم بالشاكريـن}.
وكانوا كما قص الله علينا:
{إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون. وإذا مروا بهم يتغامزون. وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين. وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون. وما أرسلوا عليهم حافظين}.
7ـ تشويه تعاليمـه وإثارة الشبهات، وبث الدعايات الكاذبة:
قالوا عن القرآن: (أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلاً).
وقالوا (إن هذا إلا إفك افتراه وأعانـــه عليه قوم آخرون).
وكانوا يقولون أيضًا (إنما يعلمه بشر).
54 ـ هل الاستهزاء سنة ماضية في أنبياء الله ورسله؟
نعم؛ ولذلك قال الله لنبيه مسليًا: {ولقد استهزىء برسل من قبلك. فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزءون}.
فقد ذكر الله تعالى في هذه الآية أن الكفار استهزءوا برسل قبل نبينا صلى الله عليه وسلم وأنهم حاق بهــم العذاب بسبب ذلك.
55 ـ اذكر بعض أنواع الاستهزاء الذي وقع لأنبياء الله قبل نبينا؟
قول قوم هود له: {إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء}.
وقال قوم صالح له {يا صالح ائتنا بما تعدنا إن كنت من المرسلين}.
وقال قوم لوط فيما حكى الله عنهم: {لئن لم تنتـه يا لوط لتكونن من المخرجين} وقال عنهم: {فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم}.
وقال قوم شعيب: {قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرًا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفًا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز}.
56 ـ ماذا فعلت قريش عندما لم تثمر الأساليب الماضية في صد الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن دينهم؟
لجأت قريش إلى أسلوب الاعتداء الجسدي.
57 ـ اذكر بعض الاعتداءت الجسدية على النبي صلى الله عليه وسلم؟
1ـ عن عروة بن الزبير قال: سألت عبد الله بن عمرو عن أشد ما صنع المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: (رأيت عقبة بن أبي معيط جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فوضع رداءه في عنقه فخنقه خنقًا شديدًا، فجاء أبو بكر حتى دفعه عنه وقال: أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم) رواه البخاري.
2 _ وعن ابن مسعود قال: (بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي عند البيت وأبو جهل وأصحاب له جلوس، وقد نحرت جزور بالأمس، فقال أبو جهل: أيكم يقوم إلى سلا جزور بني فلان فيأخذه فيضعه في كتفي محمد إذا سجد، فانبعث أشقى القوم، فلما سجد النبي صلى الله عليه وسلم وضعه بين كتفيه، قال: فاستضحكوا وجعل بعضهم يميل على بعض، فأقبلت فاطمة فطرحته عنه، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته رفع صوته ثم دعا عليهم… فوالذي بعث محمدًا بالحق لقد رأيت الذي سمى صرعى يوم بدر) رواه البخاري.
(ثبت بالروايات الصحيحة أن الذي رمى الفرث عليه هو عقبة بن أبي معيط).
(السلى) هي الجلدة التي يكون فيها الولد يقال لها ذلك من البهائم.
وعن أنس قال: (لقد ضربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة حتى غشي عليه، فقام أبو بكر فجعل ينادي: ويلكم أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله؟ فتركوه وأقبلوا على أبي بكر) رواه أبو يعلى. قال ابن حجر: بإسناد صحيح
وعن أبي هريرة قال: (قال أبو جهل: يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ فقيل: نعم، فقال: واللات والعزى لئن رأيته لأطأن على رقبته ولأعفرن وجهه، فأتى رسول الله وهو يصلي ـ يزعم ليطأ رقبته ـ فما فجأهم إلا وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه، فقالوا: مالك يا أبا الحكم، قال: إن بيني وبينه لخندقًا من نار وهوْلاً وأجنحة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوًا عضوًا) رواه مسلم.
قال النووي: (ولهذا الحديث أمثلة كثيرة في عصمته صلى الله عليه وسلم من أبي جهل وغيره ممن أراد به ضررًا). (حاولت أم جميل ـ زوجة أبي لهب ـ أن تعتدي عليه بحجر فحماه الله منها) رواه البيهقي.
58 ـ اذكر بعض أنواع العذاب الذي لا قوه المسلمون؟
عن ابن مسعود قال: (أول من أظهر إسلامه سبعة: رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وعمار وأمه سمية، وصهيب، وبلال، والمقداد، فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه الله بعمه أبي طالب، وأما أبو بكر فمنعه الله بقومه، وأما سائرهم فأخذهم المشركون فألبسوهم أدرع الحديد وصهروهم في الشمس، فما منهم إنسان إلا وقد واتاهم على ما أرادوا إلا بلال فإنه هانت عليه نفسه في الله وهان على قومه فأعطوه الولدان وأخذوا يطوفون به شعاب مكة وهو يقول: أحد أحد) رواه أحمد.
ثم اشترى أبو بكر بلالاً فأعتقته.
(ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم بآل ياسر وهم يعذبون فقال: أبشروا آل ياسر فإن موعدكم الجنة) رواه الحاكم.
وكان أول من استشهد في سبيل الله من هذه الأسرة خاصة ـ وفي الإسلام عامة ـ أم عمار، سمية بنت خياط، فقد طعنها أبو جهل بحربة في قبلها فماتت من جراء هذا الاعتداء العظيم، ومات ياسر في العذاب.
وتفننوا في إيذاء عمار، حتى أجبر على أن يتلفظ بكلمة الكفر بلسانه، وقد ذكر جمهور المفسرين، أن من أسباب نزول الآية الكريمة {من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان} هو موقف عمار بن ياسر.
وممن نال الأذى والتعذيب خباب بن الأرت. وممن ورد في ذلك:
(أنهم كانوا يأخذون بشعر رأسه فيجذبونه جذبًا، ويلوون عنقه بعنف وأضجعوه مرات عديدة على صخور ملتهبة ثم وضعوه عليها فما أطفأها إلا ودك ظهره).
(وعن أبي ليلى الكندي قال: جاء خباب إلى عمر فقال: ادن، فما أحد أحق بهذا المجلس منك إلا عمار، فجعل خباب يريه آثارًا بظهره مما عذبه المشركون) رواه ابن ماجه.
ومن شدة الأذى سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعو الله ليخفف من العذاب:
(قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهــو متوسد بردة وهو في ظل الكعبة، وقد لقينا من المشركين شدة، فقلت يا رسول الله: ألا تدعو لنا؟ فقعد ـ وهو محمر وجهه ـ فقال: لقد كان من قبلكم ليمشط بمشاط الحديد ما دون عظمه من لحم أو عصب، ما يصرفه ذلك عن دينه، ويوضع المنشار على مفرق رأسه فيشق باثنين ما يصرفه ذلك عن دينه، وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله) رواه البخاري.
وعن سعيد بن زيد قال: (والله لقد رأيتني وإن عمر لموثقي على الإسلام قبل أن يسلم عمر) رواه البخاري.
(لموثقي) أي أن عمر ربطه بسبب إسلامه إهانة له وإلزامًا بالرجوع عن الإسلام.
(واعتدوا على عمر بن الخطاب عندما أسلم، وحاولوا قتله لولا أن أنقذه الله بالعاص بن وائل).
59 ـ ما الحكمة من هذه الابتلاءات؟
ـ ما حدث من تعذيب للمسـلمين هو تقرير وتأكيد لقوله تعالى: {أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون} ولقوله تعالى: {أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب} ولقوله تعالى: {لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرًا}.
ـ في الابتلاء تمحيص للمؤمنين، ومحق للكافرين {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ} [الأنفال: 42]، فلابد من امتحان النفوس ليظهر بالامتحان الطيب من الخبيث.
ـ أن الأنبياء أشد الناس بلاء ، وهذا من المتقرر شرعًا وعقلاً، أنه كلما تشبث المسلم بدينه وشرع ربه انهالت عليه البلايا والمحن من كل حدب وصوب.
ولهذا جاء في حديث سعد بن أبي وقاص (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل: أي الناس أشد بلاء؟ قال: الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة اشتد بلاؤه، وإن كان في دينه رقة ابتلي على قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتى يتركه يمشي على الأرض وما عليه خطيئة) رواه الترمذي.
ولذلك كان أشد الناس بلاء في هذه الأمة هو الحبيب صلى الله عليه وسلم كما سبق.
ـ سنة الله في التكذيب بالرسل من قبل أقوامهم كما قال تعالى: {وكذلك جعلنا لكل نبي عدوًا شياطين الإنس والجن} وقال تعالى: {كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون} وقال تعالى: {مَا يُقَالُ لَكَ إِلا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ} [فصلت: 43].
قال ابن القيم: فالناس إذا أرسل إليهم الرسل بين أمرين: إما أن يقول أحدهم آمنا، وإما أن لا يقول آمنا، بل يستمر على عمل السيئات، فمن قال آمنا امتحنه الرب عز وجل وابتلاه وألبسه الابتلاء والاختبار ليبين الصادق من الكاذب.
60 ـ أين كان يجتمع النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه في بداية الدعوة؟
في دار الأرقم بن أبي الأرقم.
61 ـ لماذا اختار الرسول صلى الله عليه وسلم دار الأرقم بن أبي الأرقم بالذات؟
قال المباركفوري: (لأن الأرقم لم يكن معروفًا بإسلامه، ولأنه من بني مخزوم التي تحمل لواء التنافس والحرب ضد بني هاشم، إذ يستبعد أن يختفي الرسول صلى الله عليه وسلم في قلب العدو، ولأنه كان فتى صغيرًا عندما أسلم في حدود الست عشرة سنة، إذ أنه في هذه الحالة تنصرف الأذهان إلى منازل كبار الصحابة).