التصنيفات
فقه السنة النبوية

رضاع الحبيب صلى الله عليه وسلم

رضاع الحبيب صلى الله عليه وسلم ( قصة رائعة جدا جدا )


الونشريس

رضاع الحبيب صلى الله عليه وسلم ( قصة رائعة جدا جدا )

قالت حليمة السعدية : خرجت من بلدي مع زوجي و ابن صغير لنا نرضعه في نسوة من بني
سعد نلتمس الرضعاء وذلك في سنة شهباء لم تبق لنا شيئا خرجنا على أتان لنا ( أي حمارة )
قمراء ومعنا شارف لنا والله ما تبض بقطرة وما ننام ليلنا اجمع من بكاء صبينا الذي معنا من
الجوع إذ ما في ثديي ما يغنيه وما في شارفنا ما يغذيه ولكنا كنا نرجو الغيث والفرج خرجنا
نلتمس الرضعاء في مكة فما منا امرأة إلا وقد عرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم
فتأباه إذا قيل لها انه يتيم وذلك إنا كنا نرجو المعروف من أبي الصبي فما بقيت امرأة معي إلا
وأخذت رضيعا غيري فلما اجمعنا العودة إلى بلدنا قلت لزوجي : والله إني لأكره أن ارجع ولم
آخذ رضيعا والله لأذهبن إلى ذلك اليتيم فآخذه فقال لي : لا عليك أن تفعلي عسى الله أن يجعل
لنا فيه بركة فذهبت إليه فأخذته وما حملني على ذلك إلا أنني لم أجد غيره فلما رجعت به الى
رحلي ووضعته في حجري : أقبل عليه ثدياي بما شاء من لبن فشرب حتى روي وشرب معه
أخوه حتى روي ثم نام وقام زوجي إلى شارفنا تلك فإذا هي حافل ( أي اجتمع فيها اللبن ) فحلب
منها ما شرب وشربت معه حتى انتهينا ريّا وشبعا فبتنا بخير ليلة فلما أصبحنا قال لي زوجي :
تعلمين والله يا حليمة لقد أخذت نسمة مباركة قلت : والله إني لأرجو ذلك ثم خرجنا وركبت
أتاني وحملته عليها معي فو الله لقطعت بالركب ما يقدر عليها شيء من حمرهم حتى أن
صواحبي قلن لي : يا ابنة أبي ذؤيب ويحك أربعي علينا أليست هذه أتانك التي كنت خرجت
عليها فقلت لهن : بلى والله إنها لهي هي فقلن : والله إن لها لشأناً ثم قدمنا منازلنا من بلاد
بني سعد وما اعلم أرضا من أرض الله اجدب منها فكانت غنمي تروح على حين قدمنا به معنا
شباعا لبنا فنحلب ونشرب ولا يحلب إنسان قطرة لبن ولا يجدها في ضرع حتى كان
الحاضرون من قومنا يقولون لرعيانهم : ويلكم اسرحوا حيث يسرح راعي بنت أبي ذؤيب
فتروح اغنامهم جياعا ما تبض بقطرة لبن وتروح غنمي شباعا لبنا فلم نزل نتعرف من الله
الزيادة والخير حتى مضت سنتاه ( أي سنتا رضاعه ) وفصلته وكان يشب شبابا لا يشبه
الغلمان فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلاما خفرا ( غليظ شديد ) فقدمنا به على أمه ونحن احرص
شيء على مكثه فينا لما كنا نرى من بركته فكلمنا أمه وقلت لها : لو تركت بني عندي حتى
يغلظ فإني أخشى عليه وباء مكة فلم نزل بها حتى ردته معنا ورجعنا به وبعد مقدمنا بأشهر
وإنه لفي بهم مع أخيه خلف بيوتنا إذ أتانا أخوه يشتد فقال لي ولأبيه : ذاك أخي القرشي قد
أخذه رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاه فشقا بطنه قالت فخرجت أنا وأبوه نحوه فوجدناه
قائما منتقع اللون ( متغير ) وجهه فالتزمته والتزمه أبوه فقلنا له مالك يا بني ؟ قال جاءني
رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاني وشقا بطني فالتمسا فيه شيئا لا ادري ما هو .
وقال أبوه لي : يا حليمة لقد خشيت أن يكون الغلام قد أصيب فألحقيه بأهله قبل ان يظهر
ذلك له فاحتملناه وقدمنا به على أمه فقالت ما أقدمك به يا ظئر وقد كنت حريصة عليه وعلى
مكثه عندك فقلت لها : لقد بلغ الند بابني وقضيت الذي علي وتخوفت الأحداث عليه فأديته
لك كما تحبين قالت : ما هذا شأنك فاصدقيني خبرك فلم تدعني حتى أخبرتها . قالت افتخوفت
عليه الشيطان قلت نعم قالت : كلا والله ما للشيطان عليه سبيل وإن لأبني لشأن أفلا أخبرك به؟
قلت : بلى قالت : رأيت حين حملت به أنه خرج مني نور أضاء لي قصور بصرى من ارض
الشام ثم حملت به فو الله ما رأيت من حمل قط كان أخف علي ولا أيسر منه ووقع حين ولدته
وإنه لواضع يديه بالأرض رافع رأسه إلى السماء ، دعيه عنك وانطلقي راشدة

منقول لكم من كتاب / هذا الحبيب لأبي بكر الجزائري




رد: رضاع الحبيب صلى الله عليه وسلم ( قصة رائعة جدا جدا )

الونشريس




رد: رضاع الحبيب صلى الله عليه وسلم ( قصة رائعة جدا جدا )

بعد التحية و السلام :
كيف حالك الأخت حكمة القدر أولا .
ثانيا : موضوع مميز ومشرق عن محطة من المحطات في حياة الحبيب المصطفى .
بارك الله فيك , أتمنى لك المزيد من التألق و النجاح.
تقبلي تحياتي و مروري.
إلى اللقاء.
الونشريس




رد: رضاع الحبيب صلى الله عليه وسلم ( قصة رائعة جدا جدا )

السلام عليكم اختى حكمة القدر وشكرا على السرد الذى يبين البركات والخير الذى سبق ولحق وعايش مولد نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام

انه الانسان المبارك الذى عمر الارض بمزاياه التى خصه الله بها

الله احشرنا مع حبيبنا محمد النبى المصطفى

امين




رد: رضاع الحبيب صلى الله عليه وسلم ( قصة رائعة جدا جدا )

أميـــــــــــــــــــــــــــــــــــــن يارب العالمين
أشرقت الصفحة بوجود الأحبة
بوركتم على المرور الرائع الي زاد الموضوع إشراقا بوجودكم وإهتمامكم

أهلا بالمسك وأهله
nana99
الاخضر
zahra73




رد: رضاع الحبيب صلى الله عليه وسلم ( قصة رائعة جدا جدا )

بعد التحية و السلام :
ولو , الأخت الفاضلة حكمة القدر فهذا من واجبنا و تستحقي منا كل الدعم و التشجيع لك و لكل متميز و متألق في المنتدى.
بارك الله فيك على ردك الطيب .
تقبلي تحياتي .
إلى اللقاء.




رد: رضاع الحبيب صلى الله عليه وسلم ( قصة رائعة جدا جدا )

شكرا أختي على الموضوع الرائع الذي بين بركة الرسول صلى الله عليه وسلم
بارك الله فيكم




التصنيفات
فقه السنة النبوية

الرسول صلى الله عليه وسلم

الرسول صلى الله عليه وسلم


الونشريس

هل تعلم أن الرسول ( صلى الله عليه وسلم )عندما بعثبالرسالة كان عمره
40 ) سنة ).

هل تعلم أن الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) عندما توفي كانعمره
63 ) سنة ).

هل تعلم أن ( بني النجار وبني الزهرة ) هم أخوالالرسول ( صلى الله عليه وسلم ) .
هل تعلم أن ( الحارث بن عبد العزى ) هوأبوالرسول ( صلى الله عليه وسلم ) فيالرضاعة
هل تعلم أن ( أسامة بن زيد ) هو حب الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) وابن حبه
هل تعلم أن ( حذيفة بن اليمان ) هو صاحب سر الرسول ( صلى الله عليه وسلم ).
هل تعلم أن ( الزبير بنالعوام ) هو حواري الرسول ( صلى الله عليه وسلم ).
هل تعلم أن الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ينتمي إلى قبيلة ( قريش العدنانية .(
هل تعلم أن زوجات الرسول ( صلى الله عليه وسلم )13 ) زوجه .(
هل تعلم أن سبطا الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) هما ( الحسن والحسين .(
هلتعلم أن عدد غزوات الرسول ( صلى الله عليه وسلم ).

27 )غزوة .(
هل تعلم أن عددالغزوات التي قاتل فيها الرسول ( صلى الله عليه وسلم ).
9 ) غزوات .(
هل تعلم أن الرسول ( صلى الله عليه وسلم )كانت كنيته
) أبو القاسم .(
هل تعلم أن ( السكب ، المرتجز ، لزاز،الطرب ، اللحيف ) هي أسماء خيل الرسول ( صلى الله عليه وسلم ).
هل تعلم أن ( اليهودية زينب بنتالحارث ) هي التي وضعت السم للرسول ( صلى الله عليه وسلم ) .
هل تعلم أن ( ماريا القبطية وريحانةبنت زيد ) هما الجاريتين اللتان تزوجهم الرسول ( صلى الله عليه وسلم ).
هل تعلم أن ( ذو الفقار،بتار ، الحيف ، رسوب ، المخذم ) أسماء سيوف الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) .
هل تعلم أن ( قبيلةبني النضير اليهودية ) هي التي أرادت إلقاء الحجر على الرسول ( صلى الله عليه وسلم ).
هل تعلم أن ) علي بن أبي طالب ، عثمان بن عفان ، العاص بن الربيع ، عتبة وعتيبة أبناء أبي لهب ) همأصهارالرسول ( صلى الله عليه وسلم ).
هل تعلم أن ( الزبير بن العوام ) هو ابن عمة الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) .
هل تعلم أن ( فاطمة بنت عمرو المخزومي ) هي جدة الرسول ( صلى الله عليه وسلم )لأبيه
هل تعلم أن ( حسان بن ثابت ، عبدالله بن رواحه ، كعب بن مالك ) همشعراء الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) .
هل تعلم أن ( المطعم بن عدي ) هو الشخص الذي أجار الرسول ( صلى الله عليه وسلم )عند عودته من الطائف
هل تعلم أن آخر من شاهد الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) بعد وفاته هو
)قثم بن العباس بن عبدالمطلب .(
هل تعلم أن ( حليمة السعدية ، ثوبيه مولاةأبي لهب ) هن مرضعات الرسول ( صلى الله عليه وسلم ).
هل تعلم أن ( سورة النور ) هي السورة التيحث الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) النساء على تعلمها

رمله بنت أبي سفيان هيالمرأة التي خطبها النجاشي للرسول ( صلى الله عليه وسلم ).
هل تعلم أن سرية ( عبدالله بن جحش ( إلى ساحل البحر هي أول سرية وجهها الرسول ( صلى الله عليه وسلم ).
هل تعلم أن ( عقبة بن أبيالعاص ) هو الذي كسر رباعية الرسول ( صلى الله عليه وسلم ).
هل تعلم أن ( غزوة ودان " الأبواء") هيأول غزوة للرسول ( صلى الله عليه وسلم ).
هل تعلم أن ( ابن قمئة ) هو الذي شج وجه الرسول ( صلى الله عليه وسلم )يوم أحد

هل تعلم أن الصحابي ( زيد بن حارثه ) هو الصحابي الذي تبناهالرسول ( صلى الله عليه وسلم ) قبل تحريم التبني في الإسلام
هل تعلم أن الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ترك ( 9 زوجات ( بعد وفاته
هل تعلم أن ( ثابت بن قيس ) هو خطيب الرسول ( صلى الله عليه وسلم ).
هل تعلم أن ( بره بنت عبدالعزي ) هي جدة الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) لأمه
هل تعلم أن آخر من مات لزوجات الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) هي
)أم سلمه .(
هل تعلم أن أول من توفت من بنات الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) هي )رقيه .(
هل تعلم أنآخر زوجة للرسول ( صلى الله عليه وسلم ) هي ( ميمونة بنت الحارث .(
هل تعلم أن الشخصالوحيد الذي قتله الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) هو(أبي بن خلف ) .
هل تعلم أن الرسول ( صلى الله عليه وسلم )أسري به من بيت ( أم هانئ ) .
هل تعلم أن الصحابي الذي ادعى النبوةبعد وفاة الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) هو
(طليحة بن خويلد الأسدي ) ثم اسلم وحسن إسلامه
هل تعلم أن الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) كفن بقميصه ( الصحابية فاطمة بنت أسد ) زوجة عمهأبو طالب
هل تعلم أن الرسول ( صلى الله عليه وسلم




رد: الرسول صلى الله عليه وسلم

يعطيك العافية bey2008




التصنيفات
فقه السنة النبوية

كتاب الأربعين حديثا النووية

كتاب الأربعين حديثا النووية


الونشريس

الأربعين حديثا النووية
للحافظ محيي الدين النووي
ومعها
مع زيادة الحافظ ابن رجب الحنبلي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحديث الأول
عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه).
رواه إماما المحدثين أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه البخاري الجعفي ، وأبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري رضي الله عنهما في صحيحيهما اللذين هما أصح الكتب المصنفة.
الحديث الثاني
عن عمر رضي الله عنه أيضا ، قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا احد ، حتى جلس إلى النبي صلي الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه، وقال: "يا محمد أخبرني عن الإسلام" ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا) ، قال: "صدقت" ، فعجبنا له ، يسأله ويصدقه؟ ، قال: "فأخبرني عن الإيمان" ، قال: (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره) ، قال: "صدقت" ، قال: "فأخبرني عن الإحسان" ، قال: (أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك) ، قال: "فأخبرني عن الساعة" ، قال: (ما المسئول عنها بأعلم من السائل) ، قال: "فأخبرني عن أماراتها" ، قال: (أن تلد الأم ربتها ، وان ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان) ، ثم انطلق ، فلبثت مليا ، ثم قال: (يا عمر أتدري من السائل؟) ، قلت: "الله ورسوله أعلم" ، قال: (فإنه جبريل ، أتاكم يعلمكم دينكم).
رواه مسلم.
الحديث الثالث
عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ، وإقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وحج البيت ، وصوم رمضان).
رواه البخاري ومسلم.
الحديث الرابع
عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: (إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ثم علقه مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك , ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح , ويؤمر بأربع كلمات : بكتب رزقه , وأجله , وعمله , وشقي أم سعيد . فوالله الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار , وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة) رواه البخاري ومسلم
الحديث الخامس
عن أم المؤمنين أم عبد الله عائشة رضي الله عنها ، قالت: قال رسول الله صلي الله صلى الله عليه وسلم (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد). رواه البخاري ، ومسلم.
وفي رواية لمسلم: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد).
الحديث السادس
عن أبي عبد الله النعمان بن بشير رضي الله عنهما ، قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: (إن الحلال بين ، وإن الحرام بين ، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس ، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام ، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه،ألا وإن لكل ملك حمى ، ألا وإن حمى الله محارمه ، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب) رواه البخاري ، ومسلم.
الحديث السابع
عن أبي رقية تميم بن أوس الداري رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الدين النصيحة). قلنا: لمن ؟؟ قال: (لله ، ولكتابه ، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين وعامتهم).
رواه مسلم.
الحديث الثامن
عن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ؛ فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام ، وحسابهم على الله تعالى).
رواه البخاري ، ومسلم.
الحديث التاسع
عن أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر رضي الله عنه ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما نهيتكم عنه فاجتنبوه ، وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم ، فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم واختلافهم على انبيائهم).
رواه البخاري ، ومسلم.
الحديث العاشر
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم إن الله تعالى طيب لا يقبل إلا طيبا ، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين فقال تعالى:{يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا} ، وقال تعالى:{يا أيها الذين امنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم} ، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يده إلى السماء: يا رب! يا رب! ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب له ؟).
رواه مسلم.
الحديث الحادي عشر
عن أبي محمد الحسن بن على بن ابي طالب سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته رضي الله عنهما ، قال: حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك).
رواه الترمذي ، والنسائي ، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
الحديث الثاني عشر
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه) .
حديث حسن ، رواه الترمذي ، وابن ماجه.
الحديث الثالث عشر
عن أبي حمزة أنس بن مالك رضي الله عنه ، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه).
رواه البخاري ، ومسلم.
الحديث الرابع عشر
عن ابن مسعود رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله ، وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني ، والنفس بالنفس ، والتارك لد ينه المفارق للجماعة).
رواه البخاري ، ومسلم.
الحديث الخامس عشر
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: (من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليقل خيرًا أو ليصمت ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليكرم جاره ، ومن كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليكرم ضيفه).
رواه البخاري ، ومسلم.
الحديث السادس عشر
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رجلا قال للنبي صلي الله عليه وسلم: أوصني. قال لا تغضب) فردد مرارًا ، قال: (لا تغضب).
رواه البخاري.
الحديث السابع عشر
عن أبي يعلى شداد بن أوس رضي الله عنه ، عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة ، وليحد أحدكم شفرته ، وليرح ذبيحته).
رواه مسلم.
الحديث الثامن عشر
عن أبي ذر جندب بن جنادة ، وأبي عبد الرحمن معاذ بن جبل رضي الله عنهما ، عن الرسول صلي الله عليه وسلم ، قال: (اتق الله حيثما كنت ، وأتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن).
رواه الترمذي وقال: حديث حسن ، وفي بعض النسخ: حسن صحيح .
الحديث التاسع عشر
عن أبي العباس عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، قال: كنت خلف النبي صلي الله عليه وسلم يوما ، فقال: (يا غلام! إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده تجاهك ، إذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ؛ رفعت الأقلام ، وجفت الصحف).
رواه الترمذي ، وقال: حديث حسن صحيح.
وفي رواية غير الترمذي: (احفظ الله تجده أمامك ، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ، واعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك ، وما أصابك لم يكن ليخطئك ، واعلم أن النصر مع الصبر ، وان الفرج مع الكرب ، وان مع العسر يسرا).
الحديث العشرون
عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله علية وسلم: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت).
رواه البخاري.
الحديث الحادي والعشرون
عن أبي عمرو ، وقيل أبي عمرة ؛ سفيان بن عبد الله الثقفي رضي الله عنه ، قال: قلت: يا رسول الله ! قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدًا غيرك ؛ قال: (قل: آمنت بالله ، ثم استقم).
رواه مسلم.
الحديث الثاني والعشرون
عن أبي عبد الله جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما: أن رجلا سأل رسول الله صلي الله عليه وسلم ، فقال: أرأيت إذا صليت المكتوبات ، وصمت رمضان ، وأحللت الحلال ، وحرمت الحرام ، ولم أزد علي ذلك شيئًا ؛ أأدخل الجنة ؟ قال: (نعم).
رواه مسلم.
الحديث الثالث والعشرون
عن أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (الطهور شطر الإيمان ، والحمد لله تملأ الميزان ، وسبحان الله والحمد لله تملآن – أو: تملأ – ما بين السماء والأرض ، والصلاة نور ، والصدقة برهان ، والصبر ضياء ، والقرآن حجة لك أو عليك ؛ كل الناس يغدو ، فبائع نفسه فمعتقها ، أو موبقها).
رواه مسلم.
الحديث الرابع والعشرون
عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه ، عن النبي صلي الله علية وسلم ، فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى ، أنه قال: (يا عبادي: إني حرمت الظلم على نفسي ، وجعلته بينكم محرما ؛ فلا تظالموا.
يا عبادي ! كلكم ضال إلا من هديته ، فاستهدوني أهدكم .
يا عبادي ! كلكم جائع إلا من أطعمته ، فاستطعموني أطعمكم.
يا عبادي ! كلكم عار إلا من كسوته ، فاستكسوني أكسكم .
يا عبادي ! إنكم تخطئون بالليل والنهار ، وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم .
يا عبادي ! إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني .
يا عبادي ! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقي قلب رجل واحد منكم ، ما زاد ذلك في ملكي شيئًا.
يا عبادي ! لو أن أولكم وأخركم وإنسكم وجنكم كانوا علي أفجر قلب رجل واحد منكم ، ما نقص ذلك من ملكي شيئًا.
يا عبادي ! لو أن أولكم وأخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد ، فسألوني ، فأعطيت كل واحد مسألته ، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر.
يا عبادي ! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ، ثم أوفيكم إياها ؛ فمن وجد خيرًا فليحمد الله ، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه).
رواه مسلم.
الحديث الخامس والعشرون
عن أبي ذر رضي الله عنه أيضا ، أن ناسًا من أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم قالوا للنبي صلي الله عليه وسلم: يا رسول الله ذهب أهل الدثور بالأجور ؛ يصلون كما نصلي ، ويصومون كما نصوم ، ويتصدقون بفضول أموالهم .
قال: (أوليس قد جعل الله لكم ما تصدقون ؟ إن لكم بكل تسبيحة صدقة ، وكل تكبيرة صدقة ، وكل تحميدة صدقة ، وكل تهليلة صدقة ، وأمر بالمعروف صدقة ، ونهي عن المنكر صدقة ، وفي بعض أحد كم صدقة).
قالوا: يا رسول الله ، أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟
قال: (أرأيتم لو وضعها في حرام ، أكان عليه وزر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال ، كان له أجر).
رواه مسلم.
الحديث السادس والعشرون
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (كل سلامي من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين صدقة ، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له عليها متاعة صدقة ، والكلمة الطيبة صدقة ، وبكل خطوة تمشيها إلي الصلاة صدقة ، وتميط الأذى عن الطريق صدقة).
رواه البخاري ، ومسلم.
الحديث السابع والعشرون
عن النواس بن سمعان رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (البر حسن الخلق والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس). رواه مسلم.
وعن وابصه بن معبد رضي الله عنه ، قال: أتيت رسول الله صلي الله عليه وسلم ، فقال: (جئت تسأل عن البر؟) قلت: نعم ؛ فقال: (استفت قلبك ؛ البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب ، والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر ، وإن أفتاك الناس وأفتوك) .
حديث حسن ، رويناه في مسندي الإمامين أحمد بن حنبل ، والدارمي بإسناد حسن .
الحديث الثامن والعشرون
عن أبي نجيج العرباض بن سارية رضي الله عنه ، قال: وعظنا رسول الله صلي الله علية وسلم موعظة وجلت منها القلوب ، وذرفت منها الدموع ، فقلنا: يا رسول الله ! كأنها موعظة مودع فأوصنا ، قال: (أوصيكم بتقوى الله ، والسمع والطاعة وإن تأمر عليكم عبد ، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرًا ، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ ، واياكم ومحدثات الأمور ، فإن كل بدعة ضلاله).
رواه أبو داود ، والترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
الحديث التاسع والعشرون
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه ، قال: قلت: يا رسول الله ! أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار ، قال: (لقد سألت عن عظيم ، وإنه ليسير على من يسره الله عليه: تعبد الله لا تشرك به شيئاَ ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت) ثم قال: (ألا أدلك على أبواب الخير ؟: الصوم جنة ، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار ، وصلاة الرجل في جوف الليل) ثم تلا: {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} حتى بلغ {يعملون} ثم قال: (ألا أخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟) قلت: بلى يا رسول الله ، قال: (رأس الأمر الإسلام ، وعموده الصلاة ، وذروة سنامه الجهاد) ثم قال: (ألا أخبرك بملا ذلك كله ؟) فقلت: بلى يا رسول الله ! فأخذ بلسانه وقال: (كف عليك هذا)، قلت: يا نبي الله وإنما لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ فقال: (ثكلتك أمك وهل يكب الناس في النار على وجوههم –أو قال: (على مناخرهم)- إلا حصائد ألسنتهم ؟!).
رواه الترمذي ، وقال: حديث حسن صحيح .
الحديث الثلا ثون
عن أبي ثعلبة الخشني جرثوم بن ناشر رضي الله عنه ، عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ، قال: (إن الله تعالى فرض فرائض فلا تضيعوها ، وحد حدودًا فلا تعتدوها ، وحرم أشياء فلا تنتهكوها ، وسكت عن أشياء رحمة لكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها).
حديث حسن ، رواه الدارقطني ، وغيره .
الحديث الحادي والثلاثون
عن أبي العباس سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه ، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال: يا رسول الله ! دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس ؛ فقال: (ازهد في الدنيا يحبك الله ، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس).
حديث حسن ، رواه ابن ماجه ، وغيره بأسانيد حسنه.
الحديث الثاني والثلاثون
عن أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا ضرر ولا ضرار).
حديث حسن ، رواه ابن ماجه والدارقطني وغيرهما مسندا.
ورواه مالك في (الموطأ) عن عمرو بن يحي عن أبيه عن النبي صلي الله عليه وسلم مرسلا ، فأسقط أبا سعيد ، وله طرق يقوي بعضها بعضا.
الحديث الثالث والثلاثون
عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: (لو يعطى الناس بدعواهم ،لادعى رجال أموال قوم ودماءهم ، لكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر).
حديث حسن ، رواه البيهقي ، وغيره هكذا ، وبعضه في (الصحيحين).
الحديث الرابع والثلاثون
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: (من رأى منكم منكرًا فلغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعف الإيمان).
رواه مسلم.
الحديث الخامس والثلاثون
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (لا تحاسدوا ، ولا تناجشوا ، ولا تباغضوا ، ولا تدابروا ، ولا يبع بعضكم على بيع بعض ، وكونوا عباد الله إخوانا ، المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ولا يخذله ، ولا يكذبه ، ولا يحقره ، التقوى ها هنا) ويشير صلى الله عليه وسلم إلى صدره ثلاث مرات – (بحسب امرئ أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه).
رواه مسلم.
الحديث السادس والثلاثون
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال: (من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ، ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلي الجنة ، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ، ويتدارسونه بينهم؛ إلا نزلت عليهم السكينة ، وغشيتهم الرحمة ، وحفتهم الملائكة ، وذكرهم الله فيمن عنده ، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه).
رواه مسلم بهذا اللفظ.
الحديث السابع والثلاثون
عن ابن عباس رضي الله عنهما ، عن رسول الله صلى الله علية وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعالى ، قال: (إن الله تعالى كتب الحسنات والسيئات ، ثم بين ذلك ، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة ، وإن هم بها فعملها كتبها الله تعالى عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة ، وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة ، وإن هم بها فعملها كتبها الله عنده سيئة واحدة).
رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما بهذه الحروف.

الحديث الثامن والثلاثون
عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (إن الله تعالى قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر فيه ، ويده التي يبطش بها ، ورجله التي يمشي بها ، ولئن سألني لأعطينه ، ولئن استعاذ ني لأعيذنه).
رواه البخاري.
الحديث التاسع والثلاثون
عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه).
حديث حسن ، رواه ابن ماجه والبيهقي وغيرهما.
الحديث الأربعون
عن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال: أخذ الرسول صلي الله علية وسلم بمنكبي ، فقال: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل).
وكان ابن عمر رضي الله عنهما يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء ، وخذ من صحتك لمرضك ، ومن حياتك لموتك .
رواه البخاري.
الحديث الحادي والأربعون
عن أبي محمد عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتي يكون هواه تبعا لما جئت به).
حديث حسن صحيح . رويناه في كتاب (الحجة) بإسناد صحيح.
الحديث الثاني والأربعون
عن أنس رضي الله عنه ، قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: (قال الله تعالى: يا ابن ادم .. إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي ، يا ابن آدم .. لو بلغت ذنوبك عنان السماء ، ثم استغفرتني غفرت لك ، يا ابن آدم ! إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة).
رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
زيادات الحافظ عبد الرحمن بن رجب الحنبلي
الحديث الثالث والأربعون
عن ابن عباس رضي الله عنهما ، قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (ألحقوا الفرائض بأهلها ، فما أبقت الفرائض ، فلأولى رجل ذكر).
خرّجه البخاري ، ومسلم.
الحديث الرابع والأربعون
عن عائشة رضي الله عنها ، عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة).
خرّجه البخاري ، ومسلم.
الحديث الخامس والأربعون
عن جابر بن عبد الله أنه سمع رسول الله صلي الله عليه وسلم عام الفتح وهو بمكة يقول: (إن الله ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام) فقيل: يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة ، فإنه يطلى بها السفن ، ويدهن بها الجلود ، ويستصبح بها الناس ؟ قال: (لا وهو حرام) ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قاتل الله اليهود ، إن الله حرم عليهم الشحوم ، فأجملوه ، ثم باعوه ، فأكلوا ثمنه).
خرّجه البخاري.
الحديث السادس والأربعون
عن أبي بردة ، عن أبيه عن أبي موسي الأشعري رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه إلى اليمن ، فسأله عن الأشربة تصنع بها ، فقال: (وما هي)؟ قال: البتع والمزر ـ فقيل لأبي بردة: وما البتع؟ قال: نبيذ العسل والمزر نبيذ الشعير ـ فقال: (كل مسكر حرام).
خرّجه البخاري.
الحديث السابع والأربعون
عن المقدام بن معد يكرب قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقولما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنٍ ، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه ، فإن كان لا محالة ، فثلث لطعامه ، وثلث لشرابه ، وثلث لنفسه).
رواه الإمام أحمد ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، وقال الترمذي حديث حسن .
الحديث الثامن والأربعون
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أربع من كن فيه كان منافقا ، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا خاصم فجر ، وإذا عاهد غدر).
خرجه البخاري ، ومسلم.
الحديث التاسع والأربعون
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (لو أنكم توكّلون علي الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير ، تغدو خماصا ، وتروح بطانا).
رواه أحمد ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجه ، وابن حبان ، والحاكم ، وقال الترمذي: حسن صحيح .
الحديث الخمسون
عن عبد الله بن بسر قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل ، فقال: يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علي ، فباب نتمسك به جامع ؟ قال: (لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله عز وجل).
رواه الإمام أحمد بهذا اللفظ.
انتهى الكتاب بحمد الله
ومنى كل التحية لكم
أختكم فى الله هبة الرحمان




رد: كتاب الأربعين حديثا النووية

شكرااااااااااااااااااااااااا هبة




رد: كتاب الأربعين حديثا النووية

لا شكر على واجب حبيبتي
شكرا للمرور




رد: كتاب الأربعين حديثا النووية

ولله مهما وصفتك يا هبة رحمان ما حوفي انت بطل بجد يامحبوبتي في لله ننتظر مواضيعك شيق




رد: كتاب الأربعين حديثا النووية

والله اسعدني مرورك حبيبتي
و اعجبني ردك الاجمل
جزاك الله خيرا اختي و جعله الله في ميزان حسناتك




رد: كتاب الأربعين حديثا النووية

بارك اللّه فيك على التميّز والاجتهاد في المواضيع الرائعة

جعله اللّه في ميزان حسناتك




رد: كتاب الأربعين حديثا النووية

فيك بارك الرحمان اخي
يسعدني دائما مرورك
جزاك الله خير ايها المبدع




رد: كتاب الأربعين حديثا النووية

الونشريس




رد: كتاب الأربعين حديثا النووية

شكككككككرا لك حبيبتي على المرور
لا تحرمينا من طلتك




التصنيفات
فقه السنة النبوية

هل تحب النبي كهؤلاء

هل تحب النبي كهؤلاء


الونشريس

فاما المحب فالشجر والحجر والجبل والسهل والحيوان والطير والحديث عن حب البشر له فشيء اخر و المحبوب هو محمد عليه الصلاة والسلام اما نوع الحب فيكفي انه حب انطق الحجر وحرك الشجر وابكى الجذع واسكب دمع البعير
الجذع يحن اليه وانت لا ومن لا يعرف قصة جذع النخلة لما بكى بعد فراق النبي له
الجمل يبكي ويشتكي وهاهو جمل الانصاري يشتكي للنبي الكريم ظلمصاحبه وهاهو النبي يخلصه من الظلم وياخذ له حقه منه
الجبل يهتز فرحا برسول الله صلى الله عليه وسلم لم صعد النبي على جبل احد اهتز وكان مع اصحابه فقال النبي الكريم اثبت احد فانما عليك نبي وصديق وشهيدان
يامن له الاخلاق ملتهوا العلا منها وما يتعشق الكبراء
زانتك في الخلق العظيم شمائل يغرى بهن ويولع الكرماء
واذا رحمت فانت ام او اب هذان في الدنيا هم الرحماء
واذا سخوت بلغت بالجود المدى وفعلت مالم تفعل الانواء
امازلت اخي تقولها بلسانك احبه ولكن قلبك وجوارحك توحي عكس ذلك حبيبي في الله من لم يعرف حب المصطفى فقد حرم من اعظم حب واحن قلب




رد: هل تحب النبي كهؤلاء

جزاكي الله الف مليوووووووووووووووووووووووووووووووووووووون خير موضوع رااااااااااائع جدا ممميز اعجبني بشدة سلمت يداك
اللهم صلي وسلم على حبيبنا وقرة عيننا محمد صلى الله عليه وسلم
احيببببببببببببببببببببببببببه كثيييييييييييييييييييييييييييييييييييييييرا مالا نهاية




رد: هل تحب النبي كهؤلاء .انا كذلك.

انا احب محمد رسول الله عليه صلوات الله و سلامه.




رد: هل تحب النبي كهؤلاء

تسلمييييييين موضوع عسل




رد: هل تحب النبي كهؤلاء

شكرااااااااااااااااااا لك على الموضوع القيم




رد: هل تحب النبي كهؤلاء

اشكر الجميييييع على ردودهم الرائعة وتحية خاصة لمحبي النبي




رد: هل تحب النبي كهؤلاء

جزاكـ اللـــــه خيرا على الموضوع القيم .




رد: هل تحب النبي كهؤلاء

واشكر مرورك العطر ياتقى سعيدة لانني حظيت بقلمك في احد مواضيعي وياله من موضوع يستحق المرور شكرا لك




رد: هل تحب النبي كهؤلاء

العــــــــــــــــفو أختــــــأه




رد: هل تحب النبي كهؤلاء

يا حبيبنا يا رسول الله صلوات ربي و سلامه عليك
نسأل الله أن يجمعنا به في جنات النعيم
و تقبلو مني هذه أحلى قصيدة في حبه للشاعر الجزائري محمد جربوعة
طبشورةٌ صغيرةٌ
ينفخها غلامْ
يكتب في سبورةٍ:
"الله والرسول والإسلامْ"
يحبه الغلاْم
وتهمس الشفاه في حرارةٍ
تحرقها الدموع في تشهّد السلامْ
تحبه الصفوف في صلاتها
يحبه المؤتم في ماليزيا
وفي جوار البيت في مكّتهِ
يحبه الإمامْ
تحبه صبيةٌ
تنضّد العقيق في أفريقيا
يحبه مزارع يحفر في نخلته (محمدٌ)
في شاطئ الفرات في ابتسامْ
تحبه فلاحة ملامح الصعيد في سحنتها
تَذْكره وهي تذرّ قمحها
لتطعم الحمامْ
يحبه مولّهٌ
على جبال الألب والأنديزفي زقْروسَ
في جليد القطبِ في تجمّد العظامْ
يذكره مستقبِلا
تخرج من شفافه الحروف في بخارها
تختال في تكبيرة الإحرامْ
تحبه صغيرة من القوقازِ
في عيونها الزرقاء مثل بركةٍ
يسرح في ضفافها اليمامْ
يحبه مشرّد مُسترجعٌ
ينظر من خيمتهِ
لبائس الخيامْ
تحبه أرملة تبلل الرغيف من دموعها
في ليلة الصيامْ
تحبه تلميذة (شطّورةٌ) في (عين أزال) عندنا
تكتب في دفترها:
"إلا الرسول أحمدا
وصحبه الكرامْ"
وتسأل الدمية في أحضانها:
تهوينهُ ؟
تهزها من رأسها لكي تقول: إي نعمْ
وبعدها تنامْ
يحبه الحمام في قبابهِ
يطير في ارتفاعة الأذان في أسرابهِ
ليدهش الأنظارْ
تحبه منابر حطّمها الغزاة في آهاتها
في بصرة العراقِ
أو في غروزَني
أو غزةِ الحصارْ
يحبّهُ من عبَدَ الأحجارَ في ضلالهِ
وبعدها كسّرها وعلق الفؤوس في رقابهاَ
وخلفه استدارْ
لعالم الأنوارْ
يحبه لأنّه أخرجه من معبد الأحجارْ
لمسجد القهارْ
يحبّه من يكثر الأسفارْ
يراه في تكسر الأهوار والأمواج في البحار
يراه في أجوائه مهيمنا
فيرسل العيون في اندهاشها
ويرسل الشفاه في همساتها:
"الله يا قهار!"

وشاعر يحبّهُ
يعصره في ليله الإلهامُ في رهبتهِ
فتشرق العيون والشفاه بالأنوارْ
فتولد الأشعارْ
ضوئيةَ العيون في مديحهِ
من عسجدٍ حروفها
ونقط الحروف في جمالها
كأنها أقمارْ
يحبه في غربة الأوطان في ضياعها الثوارْ
يستخرجون سيفهُ من غمدهِ
لينصروا الضعيفَ في ارتجافهِ
ويقطعوا الأسلاك في دوائر الحصارْ
تحبه صبية تذهب في صويحباتها
لتملأ الجرارْ
تقول في حيائها
"أنقذنا من وأدنا"
وتمسح الدموع بالخمارْ
تحبه نفسٌ هنا منفوسةٌ
تحفر في زنزانةٍ
بحرقة الأظفارْ:
" محمدٌ لم يأتِ بالسجون للأحرارْ .."
تنكسر الأظفار في نقوشها
ويخجل الجدارْ
تحبه قبائلٌ
كانت هنا ظلالها
تدور حول النارْ
ترقص في طبولها وبينها
كؤوسها برغوة تدارْ
قلائد العظام في رقابها
والمعبد الصخريُّ في بخورهِ
همهمة الأحبارْ
تحبه لأنهُ
أخرجها من ليلها
لروعة النهارْ
تحبه الصحراء في رمالها
ما كانت الصحراءُ في مضارب الأعرابِ في سباسب القفارْ ؟
ما كانت الصحراء في أولها ؟
هل غير لاتٍ وهوى
والغدرِ بالجوارْ ؟
هل غير سيفٍ جائرٍ
وغارةٍ وثارْ ؟
تحبه القلوبُ في نبضاتها
ما كانت القلوب في أهوائها من قبلهِ ؟
ليلى وهندا والتي (…..)
مهتوكة الأستارْ
وقربة الخمور في تمايلِ الخمّارْ ؟!
تحبه الزهور والنجوم والأفعال والأسماء والإعرابُ
والسطور والأقلام والأفكارْ
يحبه الجوريّ والنسرين والنوارْ
يحبه النخيل والصفصاف والعرعارْ
يحبهُ الهواء والخريف والرماد والتراب والغبارْ
تحبه البهائم العجماء في رحمتهِ
يحبه الكفارْ
لكنهم يكابرون حبهُ
ويدفنون الحب في جوانح الأسرارْ
تحبهُ
يحبه
نحبه
لأننا نستنشق الهواء من أنفاسهِ
ودورة الدماء في عروقنا
من قلبه الكبير في عروقنا تُدارْ
نحبهُ
لأنه الهواء والأنفاس والنبضات والعيون والأرواح والأعمارْ
نحبه لأنه بجملة بسيطة:
من أروع الأقدار في حياتنا
من أروع الأقدارْ
ونحن في إسلامنا عقيدة
نسلّم القلوب للأقدارْ




التصنيفات
فقه السنة النبوية

أفضل ما قيل في رسول الله

أفضل ما قيل في رسول الله


الونشريس

في مدح النبي صلى الله عليه وسلم

ظلمتُ سنَّةَ منْ أحيا الظلام إلـــى = إنِ اشتكتْ قدماه الضرَ من ورمِ
وشدَّ من سغبٍ أحشاءه وطـــوى = تحت الحجارة كشْحاً مترف الأدمِ
وراودتْه الجبالُ الشمُ من ذهــبٍ = عن نفسه فأراها أيما شــــممِ
وأكدتْ زهده فيها ضرورتُـــه = إنَّ الضرورة لا تعدو على العِصَمِ
وكيف تدعو إلى الدنيا ضرورةُ منْ = لولاه لم تُخْرجِ الدنيا من العـدمِ
محمد سيد الكونين والثقليــــن = والفريقين من عُرْب ومنْ عجــمِ
نبينا الآمرُ الناهي فلا أحــــدٌ = أبرَّ في قولِ لا منه ولا نعــــمِ
هو الحبيب الذي ترجى شفاعـته = لكل هولٍ من الأهوال مقتحـــمِ
دعا إلى الله فالمستمسكون بــه = مستمسكون بحبلٍ غير منفصـــمِ
فاق النبيين في خَلقٍ وفي خُلـُقٍ = ولم يدانوه في علمٍ ولا كـــرمِ
وكلهم من رسول الله ملتمـــسٌ = غرفاً من البحر أو رشفاً من الديمِ
وواقفون لديه عند حدهــــم = من نقطة العلم أو من شكلة الحكمِ
فهو الذي تم معناه وصورتــه = ثم اصطفاه حبيباً بارئُ النســـمِ
منزهٌ عن شريكٍ في محاســـنه = فجوهر الحسن فيه غير منقســـمِ
دعْ ما ادعتْهُ النصارى في نبيهم = واحكم بما شئت مدحاً فيه واحتكم
وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف = وانسب إلى قدره ما شئت من عظمِ
فإن فضل رسول الله ليس لــــه = حدٌّ فيعرب عنه ناطقٌ بفــــــمِ
لو ناسبت قدرَه آياتُه عظمــــاً = أحيا اسمُه حين يدعى دارسَ الرممِ
لم يمتحنا بما تعيا العقولُ بـــه = حرصاً علينا فلم نرْتبْ ولم نهـــمِ
أعيا الورى فهمُ معناه فليس يُرى = في القرب والبعد فيه غير مُنْفحـمِ
كالشمس تظهر للعينين من بعُـدٍ = صغيرةً وتُكلُّ الطرفَ من أمَـــمِ
وكيف يُدْرِكُ في الدنيا حقيقتـَه = قومٌ نيامٌ تسلوا عنه بالحُلُــــــمِ
فمبلغ العلمِ فيه أنه بشــــــرٌ = وأنه خيرُ خلقِ الله كلهــــــمِ
وكلُ آيٍ أتى الرسل الكرام بها = فإنما اتصلتْ من نوره بهــــمِ
فإنه شمسُ فضلٍ هم كواكبُهــا = يُظْهِرنَ أنوارَها للناس في الظُلـمِ
أكرمْ بخَلْق نبيّ زانه خُلـُـــقٌ = بالحسن مشتملٍ بالبشر متَّســـــمِ
كالزهر في ترفٍ والبدر في شرفٍ = والبحر في كرمٍ والدهر في هِمَمِ
كانه وهو فردٌ من جلالتــــه = في عسكرٍ حين تلقاه وفي حشـمِ
كأنما اللؤلؤ المكنون فى صدفٍ = من معْدِنَي منطقٍ منه ومُبْتَســم
لا طيبَ يعدلُ تُرباً ضم أعظُمَـــهُ = طوبى لمنتشقٍ منه وملتثـــــم

فى مولده صلى الله عليه وسلم

أبان مولدُه عن طيب عنصــره = يا طيبَ مبتدأٍ منه ومختتــــمِ
يومٌ تفرَّس فيه الفرس أنهــــمُ = قد أُنْذِروا بحلول البؤْس والنقـمِ
وبات إيوان كسرى وهو منصدعٌ = كشملِ أصحاب كسرى غير ملتئـمِ
والنار خامدةُ الأنفاسِ من أسـفٍ = عليه والنهرُ ساهي العينِ من سدمِ
وساءَ ساوة أنْ غاضت بحيرتُهــا = ورُدَّ واردُها بالغيظ حين ظمــي
كأنّ بالنار ما بالماء من بــــلل = حزْناً وبالماء ما بالنار من ضَــرمِ
والجنُ تهتفُ والأنوار ساطعــةٌ = والحق يظهرُ من معنىً ومن كَلِـمِ
عَمُوا وصمُّوا فإعلانُ البشائر لــمْ = تُسمعْ وبارقةُ الإنذار لم تُشــــَمِ
من بعد ما أخبر الأقوامَ كاهِنُهُمْ = بأن دينَهم المعوجَّ لم يقـــــمِ
وبعد ما عاينوا في الأفق من شُهُب = منقضّةٍ وفق ما في الأرض من صنمِ
حتى غدا عن طريق الوحي منهزمٌ = من الشياطين يقفو إثر مُنـــهزمِ
كأنهم هرباً أبطالُ أبرهــــــةٍ = أو عسكرٌ بالحَصَى من راحتيه رُمِىِ
نبذاً به بعد تسبيحٍ ببطنهمـــــا = نبذَ المسبِّح من أحشاءِ ملتقــــمِ

فى معجزاته صلى الله عليه وسلم

جاءتْ لدعوته الأشجارُ ســـاجدةً = تمشى إليه على ساقٍ بلا قــــدمِ
كأنَّما سَطَرتْ سطراً لما كتـــبتْ = فروعُها من بديعِ الخطِّ في اللّقَـمِ
مثلَ الغمامة أنَّى سار سائــــرةً = تقيه حرَّ وطيسٍ للهجير حَــــمِى
أقسمْتُ بالقمر المنشق إنّ لـــه = من قلبه نسبةً مبرورة القســــمِ
وما حوى الغار من خير ومن كرمٍ = وكلُ طرفٍ من الكفار عنه عــِى
فالصِّدْقُ في الغار والصِّدِّيقُ لم يَرِما = وهم يقولون ما بالغـار مــن أرمِ
ظنوا الحمام وظنوا العنكبوت على = خير البرية لم تنسُج ولم تحُــــمِ
وقايةُ الله أغنتْ عن مضاعفـــةٍ = من الدروع وعن عالٍ من الأطـُمِ
ما سامنى الدهرُ ضيماً واستجرتُ به = إلا ونلتُ جواراً منه لم يُضَــــمِ
ولا التمستُ غنى الدارين من يده = إلا استلمت الندى من خير مستلمِ
لا تُنكرِ الوحيَ من رؤياهُ إنّ لــه = قلباً إذا نامتِ العينان لم يَنَـــم
وذاك حين بلوغٍ من نبوتــــه = فليس يُنكرُ فيه حالُ مُحتلــــمِ
تبارك الله ما وحيٌ بمكتسـَــبٍ = ولا نبيٌّ على غيبٍ بمتهـــــمِ
كم أبرأت وصِباً باللمس راحتُـه = وأطلقتْ أرباً من ربقة اللمـــمِ
وأحيتِ السنةَ الشهباء دعوتـُــه = حتى حكتْ غرّةً في الأعصر الدُهُمِ
بعارضٍ جاد أو خِلْتُ البطاحَ بهـا = سَيْبٌ من اليمِّ أو سيلٌ من العَـرِمِ

فى شرف القرآن

دعْني ووصفيَ آياتٍ له ظهــرتْ = ظهورَ نارِ القرى ليلاً على علــمِ
فالدُّرُّ يزداد حسناً وهو منتظــمٌ = وليس ينقصُ قدراً غير منتظــمِ
فما تَطاولُ آمالِ المديح إلــــى = ما فيه من كرم الأخلاق والشِّيـمِ
آياتُ حق من الرحمن مُحدثـــةٌ = قديمةٌ صفةُ الموصوف بالقــدمِ
لم تقترنْ بزمانٍ وهي تُخبرنـــا = عن المعادِ وعن عادٍ وعـن إِرَمِ
دامتْ لدينا ففاقت كلَّ معجـزةٍ = من النبيين إذ جاءت ولم تــدمِ
محكّماتٌ فما تُبقين من شبـــهٍ = لِذى شقاقٍ وما تَبغين من حَكَــمِ
ما حُوربتْ قطُّ إلا عاد من حَـرَبٍ = أعدى الأعادي إليها ملْقِيَ السلمِ
ردَّتْ بلاغتُها دعوى معارضَهــا = ردَّ الغيورِ يدَ الجاني عن الحُـرَمِ
لها معانٍ كموج البحر في مـددٍ = وفوق جوهره في الحسن والقيـمِ
فما تعدُّ ولا تحصى عجائبهــــا = ولا تسامُ على الإكثار بالســــأمِ
قرَّتْ بها عين قاريها فقلتُ لــه = لقد ظفِرتَ بحبل الله فاعتصـــمِ
إن تتلُها خيفةً من حر نار لظــى = أطفأْتَ حر لظى منْ وردِها الشّبِـمِ
كأنها الحوض تبيضُّ الوجوه بـه = من العصاة وقد جاؤوه كالحُمَــمِ
وكالصراط وكالميزان معْدلــةً = فالقسطُ من غيرها في الناس لم يقمِ
لا تعجبنْ لحسودٍ راح ينكرهـــا = تجاهلاً وهو عينُ الحاذق الفهـــمِ
قد تنكر العينُ ضوءَ الشمس من رمد = وينكرُ الفمُ طعمَ الماءِ من ســـق

في إسرائه ومعراجه صلى الله عليه وسلم

يا خير من يمّم العافون ســـاحتَه = سعياً وفوق متون الأينُق الرُّسُـــمِ
ومنْ هو الآيةُ الكبرى لمعتبـــرٍ = ومنْ هو النعمةُ العظمى لمغتنـــمِ
سَريْتَ من حرمٍ ليلاً إلى حــــرمِ = كما سرى البدرُ في داجٍ من الظلمِ
وبتَّ ترقى إلى أن نلت منزلــةً = من قاب قوسين لم تُدركْ ولم تُرَمِ
وقدمتْكَ جميعُ الأنبياء بهـــــا = والرسلِ تقديمَ مخدومٍ على خــدمِ
وأنت تخترقُ السبعَ الطباقَ بهــم = في موكب كنت فيه صاحب العلمِ
حتى إذا لم تدعْ شأواً لمســتبقٍ = من الدنوِّ ولا مرقىً لمُسْـــــتَنمِ
خَفضْتَ كلَّ مقامٍ بالإضـــافة إذ = نوديت بالرفْع مثل المفردِ العلــمِ
كيما تفوزَ بوصلٍ أيِّ مســــتترٍ = عن العيون وسرٍ أيِّ مكتتـــــمِ
فحزتَ كل فخارٍ غير مشــــتركٍ = وجُزْتَ كل مقامٍ غير مزدَحَــــمِ
وجلَّ مقدارُ ما وُلّيتَ من رُتـــبٍ = وعزَّ إدراكُ ما أوليتَ من نِعَـــمِ
بشرى لنا معشرَ الإسلام إنّ لنـــا = من العناية ركناً غير منهــــدمِ
لما دعا اللهُ داعينا لطاعتـــــه = بأكرم الرسل كنا أكرم الأمـــمِ

فى جهاده صلى الله عليه وسلم

راعتْ قلوبَ العدا أنباءُ بعثتــه = كنْبأةٍ أجفلتْ غُفْلا من الغَنــــمِ
ما زال يلقاهمُ في كل معتــركٍ = حتى حكوا بالقَنا لحماً على وضـمِ
ودُّوا الفرار فكادوا يَغبِطُون به = أشلاءَ شالتْ مع العِقْبان والرَّخــمِ
تمضي الليالي ولا يدرون عدَّتَهـا = ما لم تكنْ من ليالي الأشهر الحُرُمِ
كأنما الدينُ ضيفٌ حل سـاحتهم = بكل قَرْمٍٍ إلى لحم العدا قَـــرِمِ
يَجُرُّ بحرَ خَميسٍ فوقَ ســـابحةٍ = يرمى بموجٍ من الأبطال ملتَطِــمِ
من كل منتدب لله محتســـبٍ = يسطو بمستأصلٍ للكفر مُصْطلِـــمِ
حتى غدتْ ملةُ الإسلام وهي بهمْ = من بعد غُربتها موصولةَ الرَّحِــمِ
مكفولةً أبداً منهمْ بخـــير أبٍ = وخير بعْلٍ فلم تيتمْ ولم تَئِــــمِ
همُ الجبال فسلْ عنهم مصادمهـم = ماذا رأى منهمُ في كل مصطدمِ
وسلْ حُنيناً وسل بدراً وسل أُحداً = فصولُ حتفٍ لهم أدهى من الوخمِ
المُصْدِرِي البيضِ حُمراً بعد ما وردتْ = منَ العدا كلَّ مسودٍّ من اللِمَــمِ
والكاتِبِينَ بسُمْرِ الخَط ما تركتْ = أقلامُهمْ حَرْفَ جسمٍ غيرَ مُنْعَجِــمِ
شاكي السلاحِ لهم سيما تميزُهـمْ = والوردُ يمتازُ بالسيما عن السَّــلَمِ
تُهْدى إليك رياحُ النصرِ نشْرهـمُ = فتَحسبُ الزهرَ في الأكمام كل كمِى
كأنهمْ في ظهور الخيل نَبْتُ رُباً = منْ شِدّة الحَزْمِ لا من شدّة الحُـزُمِ
طارتْ قلوبُ العدا من بأسهمْ فَرقاً = فما تُفرِّقُ بين الْبَهْمِ وألْبُهــــُمِ
ومن تكنْ برسول الله نُصـــرتُه = إن تلقَهُ الأسدُ فى آجامها تجــمِ
ولن ترى من وليٍ غير منتصــرٍ = به ولا من عدوّ غير منقصــــمِ
أحلَّ أمتَه في حرْز ملَّتـــــه = كالليث حلَّ مع الأشبال في أجَــمِ
كم جدَّلتْ كلماتُ الله من جدلٍ = فيه وكمْ خَصَمَ البرهانُ من خَصِـمِ
كفاك بالعلم في الأُمِّيِّ مُعجــزةً = في الجاهلية والتأديب في اليُتُمِ




التصنيفات
فقه السنة النبوية

معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم

معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم


الونشريس

معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم

  • القرآن الكريم

لأنه كلام الله تعالى أوحاه إليه فدل ذلك على نبوته و صدقة في رسالته لأن القرآن معجز بحروفه وكلماته وتراكيبه و معانيه وأخبار الغيوب التي وردت فيه فكانت كما أخبر كما هو معجز بالأحكام الشرعية و القضايا العقلية التي لا قبل للبشر بمثلها مع التحدي القائم إلى اليوم بأن يأتي الإنس والجن متعاونين مثله قال تعالى: ( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا) من سورة الإسراء و تحدى العرب أرباب الفصاحة والبلاغة والبيان على أن يأتوا بعشر سور مثله فما استطاعوا قال تعالى: ( قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات ) و تحداهم بسورة واحدة من مثله فقال: ( وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله و ادعوا شهدائكم من دون الله إن كنتم صادقين فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا) نفي لقدرتهم على الإتيان بسورة مثل القرآن في مستقبل الأيام و قد مضى حتى الآن 1421 سنة و لم يستطع الكافرون أن يأتوا بسورة من مثله.

  • انشقاق القمر

روى أحمد والبخاري و مسلم في صحيحهما أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يريهم آية فأراهم القمر شقين ، قال مطعم: انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصار فرقتين فرقة على هذا الجبل و فرقة على هذا الجبل، فقالوا: سحرنا محمد، وأنزل الله تعالى مصداق ذلك : ( اقتربت الساعة وانشقت القمر وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمر مستقر)

  • نزول المطر بدعائه

لقد أمحلت البلاد و أصابها قحط شديد فدخل رجل المسجد و رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر يخطب فاستقبل الرجل النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله هلكت الأموال و انقطعت السبل فادع الله لنا يغيثنا، فرفع الرسول صلى الله عليه وسلم يديه فقال: ( اللهم اسقنا اللهم اسقنا اللهم اسقنا ) قال أنس: والله ما في السماء من سحاب ولا قرعة و لا شيء وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس فلما الترس فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت والله ما رأينا الشمس ستا ثم دخل الرجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يخطب فاستقبله الرجل وقال: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم هلكت الأموال وانقطعت السبل ادع الله يمسكها فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه فقال: ( اللهم حوالبنا ولا علينا اللهم على الآكام والجبال ومنابت الشجر ) قال أنس : فانقطعت وخرجنا نمشي في الشمس.
فهذه المعجزة هي نزول المطر بدعائه صلى الله عليه وسلم قد كررت مرات عديدة وهي معجزة سماوية كانشقاق القمر لا دخل لغير الله فيها وهي آية نبوته صلى الله عليه وسلم.

  • نبوع الماء بين أصابعه صلى الله عليه وسلم

ومن معجزات الحبيب صلى الله عليه وسلم الدالة على نبوته وصدق رسالته نبوع الماء من بين أصابعه الشريفة فقد قال أنس بن مالك رضي الله عنه : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحانت صلاة العصر والتمس الناس الوضوء فلم يجدوه فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده في ذلك الإناء وأمر الناس أن يتوضأوا منه فرأيت الماء ينبع من بين أصابعه فتوضأ الناس حتى توضأوا من عند آخرهم قال قتاده قلت لأنس : كم كنتم؟ قال: زهاء ثلاثمائة رجل.
فهذه معجزة ظاهرة إذ ليس في طوق البشر أن يأتوا بمثلها إذ لم تجر سنة الله في الكون أن الماء ينبع من بين أصابع الإنسان مهما كان إلا أن تكون آية تدل على صدق نبوة من ادعاها فقد كانت هذه آية على نبوته صلى الله عليه وسلم.

  • فيضان ماء بئر الحديبية

ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم أنه لما كان بالحديبية هو و أصحابه سنة ست من الهجرة وكان الحديبية بئر ماء فنزحها أصحابه بالسقي منها حتى لم يبق فيها ما يملأ كأس ماء وكانوا ألفاً وأربعمائة رجل ، وخافوا العطش فشكوا ذلك إليه صلى الله عليه وسلم فجاء فجلس على حافة البئر فدعا بماء فجيء به إليه فتمضمض منه ، ومجّ ما تمضمض به في البئر فما هي إلا لحظات ، وإذا البئر فيها الماء فأخذوا يسقون فسقوا وملأوا أوانيهم وأدوات حمل الماء عندهم وهم كما تقدم ألف وأربعمائة رجل وهم أهل بيعة الرضوان الذين رضي الله عنهم وأنزل فيهم قوله تعالى في سورة الفتح: ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثبتهم فتحاً قريباً).
ففيضان الماء من بئر جافة لا ماء بها حتى سقي منها أهل معسكر بكامله لم يكن إلا آية نبوية صادقة تنطق قائلة: أن صدقوا محمداً فيما جاءكم به ودعاكم إليه فإنه رسول الله إليكم حقاًّ وصدقاً.

  • قدح لبن روى فئاماً من الناس ببركته صلى الله عليه وسلم

روى البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه القصة التالية: قال: والله إن كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع ، وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع ، ولقد قعدت يوماً على طريقهم الذين يخرجون منه فمرّ أبو بكر فسألته عن آية من كتاب الله عز وجل ما سألته إلا ليستتبعني فلم يفعل ، فمرّ عمر رضي الله عنه فسألته عن آية من كتاب الله عز وجل ما سألته إلا ليستتبعني فلم يفعل ، فمر أبو القاسم صلى الله عليه وسلم فعرف ما في وجهي ، وما في نفسي فقال: " أبا هريرة" قلت له : لبيك يا رسول الله فقال: " الحق" واستأذنت فأذن لي فوجدت لبنًا في قدح ، قال: " من أين لكم هذا اللبن؟" فقالوا: أهداه لنا فلان أو آل فلان قال: " أبا هرّ" ، قلت: لبيك يا رسول الله ، قال: " انطلق إلى أهل الصفة فادعهم لي" قال- أي أبو هريرة – وأهل الصفة أضياف الإسلام لم يأووا إلى أهل ، ولا مال ؛ إذا جاءت رسول الله هدية أصاب منها وبعث إليهم منها ، وإذا جاءته الصدقة أرسل بها إليهم ، ولم يصب منها ، قال أبو هريرة وأحزنني ذلك وكنت أرجو أن أصيب من اللبن شربة أتقوّى بها بقية يومي وليلتي ، وقلت: أنا الرسول فإذا جاء القوم كنت أنا الذي أعطيهم ، وقلت: ما يبقى لي من هذا اللبن؟ ولم يكن من طاعة الله ورسوله بدّ فانطلقت فدعوتهم فأقبلوا واستأذنوا فأذن لهم فأخذوا مجالسهم من البيت ثم قال: " يا أبا هريرة خذ فأعطهم" فأخذت القدح فجعلت أعطيهم فيأخذ الرجل القدح فيشرب حتى يروى ، ثم يرد القدح حتى أتيت على آخرهم ودفعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخذ القدح فوضعه في يده وبقي فيه فضلة ، ثم رفع رأسه ونظر إلي وابتسم ، وقال:" أبا هريرة" فقلت: لبيك رسول الله ، قال: " بقيت أنا وأنت" فقلت: صدقت يا رسول الله قال:" فاقعد فاشرب" قال: فقعدت فشربت ، ثم قال لي:" اشرب" فشربت فما زال يقول لي: اشرب فأشرب حتى قلت: لا ، والذي بعثك بالحق ما أجد له فيّ مسلكًا ، قال:" ناولني القدح" فرددته إليه فشرب من الفضلة.
وهكذا تتجلى هذه المعجزة وهي آية النبوة المحمدية ؛ إذ قدح لبن لا يروي ولا يشبع جماعة من الناس كلهم جياع بحال من الأحوال ، فكيف أرواهم وأشبعهم؟ إنها المعجزة النبوية! وآية أخرى للكمال المحمدي أن يكون صلى الله عليه وسلم هو آخر من يشرب من ذلك القدح الذي شرب جماعة من الناس.

  • امتلاء عكة سمن بعد فراغها

روى الحافظ أبو يعلى عن أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: كانت لأمي أم سليم شاة فجمعت من سمنها في عكة فملأت العكة ثم بعثت بها ربيبة فقالت: يا ربيبة أبلغي هذه العكة رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتدم بها فانطلقت بها ربيبة حتى أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله هذه عكة سمن بعثت بها إليك أم سليم قال: أفرغوا لها عكتها فأفرغت العكة و دفعت إليها قالت: فانطلقت بها و جئت و أم سليم ليست في البيت فعلقت العكة على وتد فجاءت أم سليم فرأت العكة ممتلئة تقطر فقالت: يا ربيبة أليس أمرتك أن تنطلقي بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت : بلى قد فعلت فإن لم تصدقيني فانطلقي فسلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلقت و معها ربيبة فقالت يا رسول الله إني بعثت معها إليك بعكة فيها سمن قال: قد فعلت قد جاءت قالت: والذي بعثك بالحق و دين الحق إنها لممتلئة تقطر سمناً. قال أنس: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أم سليم أتعجبين إن كان الله أطعمك كما أطعمت نبيه كلي و أطعمي. فجئت إلى البيت فقسمت في قعب لنا و كذا و كذا و تركت فيها ما ائتدمنا به شهرا أو شهرين.
فهذه إحدى المعجزات المحمدية إذ ليس مما جرت به سنة الله في الخلق أن يمتلئ الإناء بعد إفراغه

  • الطعام القليل يشبع العدد الكثير

روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قوله: قال أ[و طلحة لأم سليم: لقد سمعت صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضعيفاً أعرف فيه الجوع فهل عندك من شيء؟ قالت: نعم فأخرجت أقراصاً من شعير ثم أخرجت خماراً لها فلفت الخبز ببعضه، ثم دسته تحت يدي ولاثتني ببعضه ثم أرسلتني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فذهبت به فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد و معه الناس فقمت عليهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أرسلك أبو طلحة.؟ فقلت : نعم قال: بطعام؟ قلت: نعم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن معه: قوموا. فانطلق وانطلقت بين أيديهم حتى جئت أبا طلحة فأخبرته فقال أبو طلحة: يا أم سليم قد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس وليس عندنا ما نطعمهم فقالت: الله ورسوله أعلم. فانطلق أبو طلحة حتى لقي رسول الله عليه وسلم فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو طلحة معه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هلم يا أم سليم ما عندك. فأتت بذلك الخبز فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ففت وعصرت أم سليم عكة فآدمته ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ء أن يقول ثم قال: ائذن لعشرة فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ثم خرجوا ثم قال: ائذن لعشرة فأكل القوم كلهم والقوم سبعون أو ثمانون رجلاً.
أليست هذه من أعظم المعجزات؟ بل و ربي إنها لمن أعظم المعجزات إن أقراصا عدة حملها غلام تحت ابطه يطعم منها ثمانون رجلا ويشبع كل واحد منهم شبعا لا مزيد عليه ان لم تكن هذه معجزة فما هي المعجزات يا ترى؟

  • توفية دين جابر الذي استغرق كل ماله

روى البخاري رحمه الله تعالى في دلائل النبوة المحمدية قصة جابر:
فقال: حدثنا أبو نعيم وساق السند إلى جابر بن عبدالله بن عمرو بن حرام رضي الله عنه فقال: إن أبي توفى و عليه دين فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إن أبي ترك دينا وليس عندي الا ما يخرج نخلة ولا يبلغ ما يخرج سنين ما عليه فانطلق معي لكيلا يفحش علي الغرماء فمشى حول بيدر من بيادر التمر فدعا ثم آخر ثم جلس عليه قال: انزعوه فأوفاهم الذي لهم وبقي مثل ما أعطاهم. وهكذا بعد أن كان الدين قد استغرق كل التمر ولسنين عدة أيضا وفي التمر الموجود كل الديون وبقي التمر في البيادر مثل ما سددت به الديون الكثيرة وذلك ببركة وجود الرسول الله صلى الله عليه وسلم بين البيادر ودعائه بالبركة فيها فباركها الله عزو جل فوفت الديون وزادت فكانت هذه آية النبوة و معجزة ظاهرة .

  • انقياد الشجر له صلى الله عليه وسلم

روى مسلم بسنده عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: سرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى نزلنا واديا أفيح فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضي حاجته فأتبعته بإداوة فيها ماء، فنظر فلم ير شيئا يستتر به و إذ شجرتان بشاطئ الوادي فانطلق إلى أحدهما فأخذ ببعض من أغصانها وقال: انقادي علي بإذن الله. فانقادت معه كالبعير المخشوش الذي يصانع قائده حتى إذا كان بالمنتصف فيما بينهما لاءم بينهما أي جمعهما، وقال: التئما علي بإذن الله . فالتأمتا قال جابر: فخرجت أحضر مخافة أن يحس بقربي منه فيبعد فجلست أحدث نفسي فحانت مني إلتفاتة فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وسلم مقبل وإذا الشجرتان قد افترقتا وقامت كل واحدة منهما على ساق .
فهذه إحدى المعجزات الخارقة للعادة التي لا تكون إلا لنبي من الأنبياء

  • تكثير الطعام

إن معجزة تكثير الطعام والشراب قد تكررت فبلغت عشرات المرات وفي ظروف مختلفة و مناسبات عديدة فقد قال أبو هريرة رضي الله عنه : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها " وهي غزوة تبوك " فأرمل فيها المسلمون و احتاجوا إلى الطعام فاستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في نحر إبلهم تحملهم و تبلغهم علوهم ينحرونها؟ ادع يا رسول الله بغبرات الزاد فادع الله فيها بالبركة، قال: "أجل" ، فدعا بغبرات الزاد فجاء الناس بما بقي معهم فجمعت ثم دعا الله فيها بالبركة و دعاهم بأوعيتهم فملأوها و فضل كثير. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أني عبدالله ورسوله ومن لقي الله عزوجل بها غير شاك دخل الجنة.
فهذه معجزة ظاهرة في تكثير الطعام القليل حتى أصبح كثيرا.

  • حنين الجذع شوقاً إليه صلى الله عليه وسلم

فقد روى أحمد رحمه الله عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إلى جذع نخلة فقالت امرأة من الأنصار وكان لها غلام نجار: يا رسول الله إن لي غلاماً نجارًا أفآمره أن يتخذ لك منبرًا تخطب عليه؟ قال: "بلى"، فاتخذ له منبرًا فلما كان يوم الجمعة خطب صلى الله عليه وسلم على المنبر فأنّ الجذع الذي كان يقوم عليه كما يئنّ الصبي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن هذا بكى لما فقد من الذكر". وفي رواية البخاري فصاحت النخلة " جذع النخلة" صياح الصبي ، ثم نزل صلى الله عليه وسلم فضمه إليه يئن أنين الصبي الذي يسكن ، قال: " كانت تبكي "النخلة" على ما كانت تسمع من الذكر عندها".
فحنين الجذع شوقا على سماع الذكر و تألما لفراق الحبيب الذي كان يخطب إليه واقفا عليه وهو جماد لا روح له ولا عقل في ظاهر الأمر ، وحسب علم الناس بالجمادات آية من أعظم الآيات الدالة على مثلها على نبوة الحبيب صلى الله عليه وسلم وصدق رسالته وهي معجزة كبرى على مثلها امن البشر لعجزهم على الإتيان بمثلها.

  • تسبيح الحصى في يديه وسلام الشجر عليه

روى الحافظ أبو بكر البيهقي رحمه الله تعالى عن سويد بن يزيد السلمي قال: سمعت أبا ذر الغفاري رضي الله عنه يقول: لا اذكر عثمان إلا بخير بعد شيء رايته، وبين ذلك الخبر الذي رآه فقال: كنت رجلاً اتبع خلوات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرايته يوما جالسا وحده فاغتنمت خلوته فجئت حتى جلست إليه ، فجاء ابو بكر فسلم عليه ثم جلس عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاء عمر فسلم و جلس عن يمين أبي بكر ، ثم جاء عثمان فسلم ثم جلس عن يمين عمر، وبين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع حصيات فأخذهن في كفه فسبّحن حتى سمعت لهن حنينًا كحنين النخل ثم وضعهن فخرسن أي يسكتن ، ثم أخذهن فوضعهن في كف أبي بكر فسبحن حتى سمعت لهن حنينًا كحنين النخل ، ثم وضعهن فخرسن ، ثم تناولهن فوضعهن في يد عمر فسبّحن حتى سمعت لهن حنينًا كحنين النخل ، ثم وضعهن فخرسن ثم تناولهن فوضعهن في يد عثمان فسبّحن حتى سمعت لهن حنينًا كحنين النخل ، ثم وضعهن فخرسن. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " هذه خلافة النبوّة".فهذه المعجزة ذات شطرين الأول تسبيح الحصى في أيدي الراشدين والثاني الخلافة فعلاً قد انحصرت في الصديق والفاروق وذي النورين ، ثم اضطربت.

  • سلام الحجر عليه صلى الله عليه وسلم

فقد روى مسلم وأحمد بسنده عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إني لأعرف حجراً بمكة كان يسلّم عليّ قبل أن أبعث ، إني لأعرفه الآن". فسلام الحجر وهو جماد أمر خارق للعادة ، معجز للبشر أن يأتوا بمثله ، فلذا هو آية النبوة المحمدية ومعجزة من معجزات الحبيب صلى الله عليه وسلم.

  • سجود البعير له صلى الله عليه وسلم وشكواه إليه

روى النسائي وأحمد بسندهما عن أنس بن مالك رضي الله عنه : كان أهل بيت من الأنصار لهم جمل يسنون عليه ، وانه استصعب عليهم فمنعهم ظهره ، وأن الأنصار جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا إنه كان لنا حمل نسني عليه ، وإنه استصعب علينا ومنعنا ظهره وقد عطش الزرع والنخل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: " قوموا" فقاموا فدخل الحائط. والجمل في ناحية ، فمشى النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، فقال الأنصار: انه صار مثل الكلب، وإنا نخاف عليك صولته، فقال: " ليس عليّ منه بأس" ، فلما نظر الجمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم اقبل نحوه حتى خرّ ساجداً بين يديه، فاخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بناصيته أذل ما كانت قص حتى أدخله في العمل. فقال له أصحابه: يا رسول الله هذه بهيمة لا تعقل تسجد لك ونحن أحق أن نسجد لك، فقال:" لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر ، ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأموت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها".
كما روى مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل يوماً مع بعض أصحابه حائطا من حيطان الأنصار ، فإذا جمل قد أتاه فجرجر وذرفت عيناه ، فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم سراته وذفراه فسكن ، فقال صلى الله عليه وسلم: " من صاحب الجمل؟" فجاء فتى من الأنصار قال: هو لي يا رسول الله ، فقال له صلى الله عليه وسلم:" أما تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكها الله لك إنه شكا إليّ انك تجيعه وتدئبه" أـي تواصل العمل عليه بدون انقطاع.
أليست هذه آية من آيات النبوة ومعجزة من عظيم معجزاتها؟ بلى. ولذا كان الكفر بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم من أقبح الكفر وأسوأه، ولا يكون إلا من جهل كامل ، أو حسد قاتل ، أو خوف فوات منافع مادية طائلة ، كما كان شان الجهال من الأمم والشعوب وحسد اليهود ، وخوف رجال الكنيسة من زوال سلطانهم الروحي ، وما يترتب عليه من فقدانهم المال والرئاسة الروحية على الشعوب المسيحية.

  • شهادة الذئب برسالته صلى الله عليه وسلم

فقد روى أحمد رحمه الله تعالى في مسنده عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: عدا الذئب على شاة فأخذها ، فطلبها الراعي فانتزعها منه، فأقعى الذئب على ذنبه فقال: ألا تتقي الله، تنزع مني رزقًا ساقه الله إليّ؟! فقال: يا عجبي ذئب يكلمني كلام الإنس! فقال الذئب: ألا أخبرك بأعجب من ذلك؟ محمد بشر يخبر الناس بأنباء ما قد سبق. قال: فاقبل الراعي يسوق غنمه حتى دخل المدينة فزواها إلى زاوية من زواياها ، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخبره. فأمر النبي صلى الله عليه وسلم فنودي: الصلاة جامعة ، ثم خرج فقال للراعي :" اخبرهم" فاخبرهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" صدق والذي نفس محمد بيده لا تقوم الساعة حتى يكلم السباع الإنس، ويكلم الرجل عذبة سوطه، وشراك نعله، ويخبره فخذه بما أحدث أهله بعده".

  • توقير الوحش له صلى الله عليه وسلم واحترامه

فقد روى أحمد بسنده عن مجاهد قال: قالت عائشة رضي الله عنها: كان لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم وحش فإذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لعب واشتدّ وأقبل وأدبر ، فإذا أحس برسول الله صلى الله عليه وسلم قد دخل ربض فلم يترمرم أس لم يتحرك ما دام رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت كراهية أن يؤذيه بحركاته. فكون الحيوان الوحشي يسكن فلا يتحرك مدة ما هو صلى الله عليه وسلم في البيت ، وإذا خرج لعب فأقبل وأدبر كعادة الحيوان في ذلك آية من آيات النبوة المحمدية ومعجزة؛ إذ مثل هذا لا يقع لغير النبي صلى الله عليه وسلم. وإن قال قائل: ان الانسان في إمكانه تربية الحيوان على سلوك معين قلنا هناك فرق بين التربية وبين عدمها، فالرسول صلى الله عليه وسلم ما كان ربّى هذا الحيوان ولا كان له به أدنى صلة، وإنما الحيوان ألهم احترام النبي صلى الله عليه وسلم وتوقيره، فكان إذا أحس بدخول الرسول البيت سكن وربض وترك الترمرم، وإذا خرج صلى الله عليه وسلم من البيت لعب فاقبل وأدبر حسب فطرته التي فطره الله تعالى عليها ، فكان سلوكه الخاص آية من آيات النبوة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التحية والتسليم.

  • احترام الأسد لمولاه صلى الله عليه وسلم

فقد روى عبد الرزاق صاحب "المصنف" أن سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطأ الجيش بأرض الروم ، أو أسر في أرض الروم، فانطلق هاربا يلتمس الجيش فإذا هو بأسد فقال له: يا أبا الحارث "كنية الأسد" إني مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من أمري كيت وكيت فأقبل الأسد يبصبصه حتى قام إلى جنبه لم يزل كذلك حتى أبلغه الجيش ، ثم همهم ساعة ، قال: فرأيت أنه يودع ثم رجع عني وتركني.
فهذه وان كانت كرامة لسفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنها معجزة نبوية؛ إذ الأسد ألان جانبيه ورقّ لسفينة وماشاه حتى وصل به إلى الجيش بعد أن قال له يا أبا الحارث إني فلان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكان ما فعله الأسد من احترام سفينة من أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلذا عدت هذه من المعجزات المحمدية.

  • نطق الغزالة ووفاؤها له صلى الله عليه وسلم

فقد روى أبو نعيم الأصبهاني في كتابه دلائل النبوة قصة الغزالة هذه، فقال: عن ثابت البناني عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مرّ النبي صلى الله عليه وسلم على قوم قد اصطادوا ظبية فشدوها على عمود فسطاط، فقالت: يا رسول الله إني أخذت ولي خشفان فاستأذن لي أرضعهما وأعود إليهم ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم " أين صاحب هذه؟" فقال القوم: نحن يا رسول الله قال : " خلوا عنها حتى تأتي خشفيها ترضعها وترجع إليكم" فقالوا: من لنا بذلك؟ قال: " أنا" فأطلقوها فذهبت فأرضعت خشفيها ثم رجعت إليهم ، فأوثقوها فمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " أين صاحب هذه" فقالوا: هذا يا رسول الله، فقال: " تبيعونها؟" فقالوا: هي لك يا رسول الله فقال:" فخلوا عنها" فأطلقوها فذهبت.
فنطق الغزالة ووفاؤها له صلى الله عليه وسلم آية من آيات النبوة المحمدية ومعجزة من معجزاته الموجبة للإيمان به وطاعته ومحبته صلى الله عليه وسلم.

  • خروج الجن من الصبي بدعائه صلى الله عليه وسلم

فقد قال أحمد رحمه الله تعالى وساق سنده إلى ابن عباس رضي الله عنه قال: إن امرأة جاءت بولدها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إن به لمما، وانه يأخذه عند طعامنا فيفسد علينا طعامنا، قال: فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره ودعا له فثعّ ثعّة فخرج منه مثل الجرو الأسود يسعى.

  • شفاء الضرير بدعائه صلى الله عليه وسلم

فقد روى أحمد بسنده عن عثمان بن حنيف: أن رجلاً ضريراً أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ادع الله أن يعافيني فقال: " إن شيءت أخّرت ذلك فهو أفضل لآخرتك ، وان شيءت دعوت لك" قال: لا ، بل ادع الله لي، قال: فأمره أن يتوضأ ويصلي ركعتين، وأن يدعو بهذا الدعاء: " اللهم إني أسألك وأتـوجه إليك بنبيك محمد نبّي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك في حاجتي هذه فتقضى، اللهم شفعه في" ففعل الرجل فبرأ.

  • شفاء علي رضي الله عنه بتفاله صلى الله عليه وسلم

ففي الصحيح: قال صلى الله عليه وسلم في غزو خيبر:" لأعطين الراية غدا رجلاً يحب الله ورسوله يفتح الله علي يده. فما أصبحوا نادى علياً فقالوا: مريض يا رسول الله يشكو عينه، فقال: ائتوني به. فأتي به فنفث في عينه بقليل من ريقه صلى الله عليه وسلم فبرأ لتوه ولم يمرض بعينه بعد ذلك قط.

  • ردّ عين قتادة بعد تدليها

إذ في أحد أصيب قتادة بن النعمان في عينه حتى سقطت وتدلت على وجنته فردها صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة فبرئت على الفور ، وكانت أحسن من قبل.

  • شفاء الصبي بفضل سؤره صلى الله عليه وسلم

روى ابن أبي شيبة أن امرأة من خثعم أتت النبي صلى الله عليه وسلم بصبي به بلاء لا يتكلم ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فمضمض فاه، وغسل يديه، ثم أعطاها إياه وأمرها بسقيه ومسحه به، ففعلت فبرئ الولد وعقل عقلاً يفضل له عقول الناس.

  • تحول جذل الحطب سيفاً

لقد انكسر سيف عكاشة بن محصن يوم بدر فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم جذل الحطب فقال له: "اضرب به" فانقلب في يده سيفاً صارمًا طويلاً ابيض شديد المتن، فقاتل به، ثم لم يزل عنده يشهد به المواقف إلى أن استشهد عكاشة في قتال أهل الردة.

  • صدق إخباره بالغيب

فقد روى أبو داود في أم ورقة بنت نوفل، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما غزا بدراً قالت له: يا رسول الله ائذن لي في الغزو معك أمرض مرضاكم لعل الله أن يرزقني الشهادة فقال لها: " قري في بيتك فإن الله يرزقك الشهادة" فكانت تسمى الشهيدة وكانت قد قرأت القرآن فاستأذنت النبي صلى الله عليه وسلم أن تتخذ في بيتها مؤذنا يؤذن لها وكانت قد دبرت غلاما لها وجارية فقاما إليها بالليل فغماها في قطيعة لها حتى ماتت و ذهبا فأصبح عمر فطلبهما فجئ بهما فصلبهما عمر رضي الله عنه فكان أو ل من صلب بالمدينة.

  • ومن آيات نبوته صدق إخباره الغيب

أول خبر: قوله في الحسن رضي الله عنه: إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين. فكان الأمر كما أخبر صلى الله عليه وسلم فقد أصلح به بين من كان مع الحسن وبين من كان مع معاوية

ثاني خبر: قوله صلى الله عليه وسلم : اثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان . فكان كما أخبر صلى الله عليه وسلم فمات أبو بكر بمرض أصابه و قتل عمر في المحراب شهيداً و قتل عثمان في داره شهيداً فرضي الله عنهم أجمعين.

ثالث خبر: قوله صلى الله عليه وسلم لسراقة بن مالك و قد خرج في ملاحقته صلى الله عليه وسلم يوم هجرته حيث أعطت قريش جولئز لمن يأتيها بمحمد صلى الله عليه وسلم قال له و قد ساخت قوائم فرسه في الأرض مرتين : كيف بك إذا ألبست سواري كسرى؟. فلما أتى بهما عمر بن الخطاب رضي الله عنه ألبسهما إياه وقال: الحمدلله الذي سلبهما كسرى وألبسهما سراقة. فهذا غيب محض وقد تم كما أخبر عنه صلى الله عليه وسلم.

رابع خبر: قوله صلى الله عليه وسلم لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان دعواهما واحدة . وقد وقع هذا كما أخبر فقد اقتتل علي و معاوية رضي الله عنهما بجيشيهما في صفين و دعواهما واحدة فكان كما أخبر صلى الله عليه وسلم.

خامس خبر: قوله صلى الله عليه وسلم إن هذا قبر أبي رغال و إن معه غصنا من ذهب. فحفروه فوجدوه كما أخبر صلى الله عليه وسلم و ذلك حين كان ذاهبا الى الطائف فكان كما أخبر صلى الله عليه وسلم.

سادس خبر: قوله صلى الله عليه وسلم لخباب بن الأرت وقد جاء يشكو إليه ما يلقى المؤمنون من كفار قريش يطلب منه أن يستنصر بالله تعالى لهم، قال له وقد احمر وجهه أو تغير لونه صلى الله عليه وسلم: لقد كان من قبلكم تحفر له الحفرة و يجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق نصفين ما يصرفه ذلك عن دينه وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب ما بين صنعاء إلى حضرموت ما يخشى إلا الله والذئب على غنمه. وقد تم هذا الأمر كما أخبر صلى الله عليه وسلم.

سابع خبر: قوله صلى الله عليه وسلم : منعت العراق درهمها و قفيزها و منعت الشام مدها و دينارها و منعت مصر أردبها و دينارها وعدتم من حيث بدأتم. فهذا الخبر قد وقع كما أخبر صلى الله عليه وسلم فقد منعت العراق والشام و مصر ما كانوا يؤدونه إلى أهل الحجاز من خراج وغيره و عاد أهل الحجاز كما بدأوا فمسهم الجوع ونالهم التعب بعد ما أصابهم من رغد العيش وسعة الرزق.

ثامن خبر: قوله صلى الله عليه وسلم: الخلافة بعدي ثلاثون سنة ثم يؤتي الله ملكه من يشاء. فهذا الخبر من أنباء الغيب إذ كانت خلافة أبي بكر سنتين و أربعة أشهر إلا عشر ليال، و كانت خلافة عمر عشر سنين وستة أشهر وأربعة أيام، وخلافة عثمان اثنتي عشرة سنة إلا اثني عشر يوماً وكانت خلافة علي خمس سنوات إلا شهرين و تكميل الثلاثين بخلافة الحسن بن علي إذ كانت نحو من ستة أشهر ثم نزل عليها لمعاوية عام أربعين للهجرة مصداق لقوله صلى الله عليه وسلم " ان ابني هذا سيد و سيصلح الله به بين فئتين.

تاسع خبر: قوله صلى الله عليه وسلم في عثمان رضي الله عنه: افتح له و بشره بالجنة على بلوى تصيبه. و ذلك في حديث نصه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل حائطاً ( بستاناً) فدلى رجليه في القف فقال أبو موسى وكان معه : لأكونن اليوم بواب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلست خلف الباب فجاء رجل فقال : افتح فقلت : من أنت ؟ قال أبو بكر. فأخبرت الرسول صلى الله عليه وسلم: فقال : افتح له وبشره بالجنة. ثم جاء عمر فقال كذلك ثم جاء عثمان فقال: ائذن له و بشره بالجنة على بلوى تصيبه .

عاشر خبر: قوله صلى الله عليه وسلم لنسائه: كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب. وكان ذلك فقد خرجت عائشة رضي الله عنها تريد الصلح بين علي ومعاوية رضي الله عنهما في وقعة الجمل فلما بلغت مياه بني عامر ليلاً نبحت الكلاب فقالت رضي الله عنها: أي ماء هذا؟ فقالوا : ماء الحوأب فقالت : ما أظنني إلا راجعة، قال بعض من كان معها: بل تقدمين فيراك المسلمون فيصلح الله ذات بينهم قالت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا ذات يوم : " كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب." فهذا الخبر الصادق قد وقع كما أخبر به قبل وقوعه بكذا سنة.

ثاني عشر خبر: قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أحمد عن عمار بن ياسر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لغلي حين ولى غزوة العشيرة: يا أبا تراب ألا أحدثك بأشقى الناس؟ قلنا : بلى يا رسول الله قال: أحيمر ثمود الذي عقر الناقة و الذي يضربك يا علي على هذه – يعني قرنه- حتى يبل – اي بالدم –هذه – اي لحيته". فكان كما اخبر صلى الله عليه وسلم فقد ضرب عبدالرحمن بن ملجم أحد الخوارج عليا رضي الله عنه بالكوفة فقتله على نحو ما أخبر به صلى الله عليه وسلم.

ثالث عشر خبر: قوله صلى الله عليه وسلم: سيكون في هذه الأمة بعث إلى السند والهند. فكان كما أخبر فقد حدث أبو هريرة رضي الله عنه فقال: حدثني خليلي الصادق المصدوق رسول الله صلى الله عليه وسلم " يكون في هذه الأمة بعث إلى السند والهند" فإن أدركته فاستشهدت فذاك، وإن أنا رجعت فأنا أبو هريرة المحدث قد أعتقني من النار. فهذا الخبر وقع فقد غزا المسلمون الهند أيام معاوية سنة اربع واربعون .

رابع عشر خبر: قوله صلى الله عليه وسلم في سهيل بن عمرو ففي يوم صلح الحديبية غضب عمر رضي الله عنه من تعنت سهيل وكان ممثلا لقريش يومئذ فقال له صلى الله عليه وسلم: عسى أن يقوم مقاماً يسرك يا عمر. وكان الأمر كما أخبر صلى الله عليه وسلم إذ مات الرسول الكريم فاضطربت البلاد ونجم الكفر ووقف سهيل بن عمرو بباب الكعبة بمكة فخطب فثبت أهل مكة وقوي بصائرهم فحفظهم الله من الردة بسببه وهو موقف سر به عمر والمؤمنون.

خامس عشر خبر: قوله صلى الله عليه وسلم ستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة في الجنة. و سئل عنها: فقال: هم الذين يكونون على ما أنا عليه اليوم وأصحابي. وقال: إنها ستكون أنماط و يغدو أحدهم في حلة و يروح في أخرى و توضع بين يديه صحفة و ترفع أخرى و يسترون بيوتهم كما تستر الكعبة. وقال: أنتم اليوم خير منكم يومئذ و إنهم إذا مشوا المطيطاء و خدمتهم بنات فارس و الروم رد الله بأسهم بينهم وسلط شرارهم على خيارهم.
فهذا القول النبوي الشريف الجزء الاول منه كما أخبر حيث بلغت فرق هذه الامة ثلاث وسبعين فرقة كما اخبر و الجزء الثاني وهو قوله انها ستكون فقد صح واقعا فقد بسط الله الرزق على الامة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم فكان كما أخبر صلى الله عليه وسلم .

مقتبسه من كتاب : هذا الحبيب يا محب




رد: معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم

بارك الله فيكم وفي عملكم




رد: معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم

شكرا على المرور zamorano




التصنيفات
فقه السنة النبوية

الشمائل المحمدية

الشمائل المحمدية


الونشريس

أوصاف النبي صلى الله عليه وسلم
قال الإمام المزني -وهو تلميذ الإمام الشافعي-: قرأت كتاب " الرسالة " – وهو من تأليف الإمام الشافعي – على الإمام الشافعي ثمانين مرة، فما من مرة إلا وكان يقف على خطأ ،فقال الشافعي:
"هيه !- أي حَسبُك وأكفف -" أبى الله تعالى أن يكون كتابٌ صحيحاً غير كتابه ".
وكان العلماء يقولون: يأبى الله تعالى الكمال إلا لكتابه!.
قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى:
" ودَدتُ أنَّ الناسَ تعلَّموا هذه الكتبَ ولم يَنْسُبُوها إليَّ "
صفات الرسول عليه الصلاة والسلام كأنك تراه
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة:
الحمد لله رب العالمين، الذي أرسل محمدًا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالَمين وجعله مثلاً كاملاً للعامِلين وأسوة حسنة للمؤمنين، وحجة على خَلقِه أجمعين، حيث جعل رسالته عامة للناس كافة، والصلاة والسلام على نبينا الرؤوف بالمؤمنين، وعلى آله وصحبه ومن اتبع سنته بإحسان إلى يوم الدِّين.
وبعد،
فهذا مختصر اشتمل على أهم صفات الرحمة الربانية -محمد بن عبد الله- الخُلُقية والخَلقية و أبرز معجزاته وبعض خصائصه التي أكرم الله عز وجل ذاته الطاهرة بها، مع إلقاء بعض الضوء على معالم المدينة المنورة وفضلها وذلك لنتعرف أكثر إلى أشرف المخلوقين، وأفضل السابقين واللاحقين، فإنه كلما ازدادت معرفتنا به صلى الله عليه وسلم كلما ازداد حبنا له، فمن لا يعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعرف الإسلام، ولقد أوجب الله سبحانه وتعالى على المؤمنين طاعته والاقتداء بهديه واتِّباع سُنَّته و توقيره ومحبته صلى الله عليه وسلم فوق محبة الآباء والأبناء والأزواج والعشيرة، والتجارة والأموال، وأوعد من تخلف عن تحقيق ذلك بالعقاب، فقال سبحانه وتعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ ءابَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}[التوبة: 24].
ومن ها هنا نعلم اضطرارنا فوق كل ضرورة إلى معرفة نبينا صلى الله عليه وسلم لتقوى محبتنا له، فإذا ما أحببناه اقتدينا بهديه وتأدبنا بآدابه وتعاليمه، فبمتابعته يتميز أهل الهدى من أهل الضلال. لذلك يُنصح كل مسلمبقراءة هذا الموضوع مراراً حيناً بعد حين حتى لا تفارق ذهنه صورة النبي صلى الله عليه وسلم وآدابهوأخلاقه.
نسأل المولى عز وجل أن يرزقنا حسن متابعة الرسول الكريم صلى الله تعالى عليه وسلم، وأن ينفعنا بما فيه من هديه أحسن انتفاع، لنفوز بكرامة شفاعته ومحبته صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة وأن يعيننا على خدمة السُنَّة النبوية المُطَهَّرة وأن يجمعنا وإياكم تحت لواء المصطفى صلى الله عليه وسلم.
اللهم أمِدَّنا بحَولِكَ وقوتك فأنت وحدك المستعان ، وتقبَّل منا عملنا هذا بقَبول حسن، واجعله خالصاً لوجهك الكريم، إنك أنت السميع المجيب.
صفات النبي صلى الله عليه وسلم الخَلقية
صفة لونه:
عن أنس رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، أزهر اللون، ليسبالأدهمولا بالأبيض الأمهق(أي لم يكن شديد البياض والبرص )، يتلألأ نوراً ".
صفة وجهه:
كان عليه الصلاة والسلام أسيَل الوجه مسنون الخدين ولم يكن مستديراً غاية التدوير، بل كان بين الاستدارة والإسالة هو أجمل عند كل ذي ذوق سليم. وكان وجهه مثل الشمس والقمر في الإشراق والصفاء، مليحاً كأنما صيغ من فضة لا أوضأ ولا أضوأ منه وكان صلى الله عليه و سلم إذا سُرَّ استنار وجهه حتى كأنَّ وجهه قطعةُ قمر. قال عنه البراء بن عازب: " كان أحسن الناس وجهًا و أحسنهم خَلقا ".
صفة جبينه:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أسيل الجبين"، (الأسيل: هو المستوي)، أخرجه عبد الرازق والبيهقي ابن عساكر.
وكان صلى الله عليه وسلم واسع الجبين أي ممتد الجبين طولاً وعرضاً، والجبين هو غير الجبهة، هو ما اكتنف الجبهة من يمين وشمال، فهما جبينان، فتكون الجبهة بين جبينين. وسعة الجبين محمودة عند كل ذي ذوق سليم.
وصفه ابن أبي خيثمة فقال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجلى الجبين ، إذا طلع جبينه بين الشعر أو طلع من فلق الشعر أو عند الليل أو طلع بوجهه على الناس، تراءى جبينه كأنه السراج المُتوقَّد يتلألأ".
صفة حاجبيه:
حاجباه قويان مقوَّسان، متّصلان اتصالاً خفيفاً، لا يُرى اتصالهما إلا أن يكون مسافراً وذلك بسبب غبار السفر.
صفة عينيه:
كان عليه الصلاة والسلام مشرب العينين بحمرة، وقوله مشرب العين بحمرة: هي عروق حمر رقاق وهي من علاماته صلى الله عليه وسلم التي في الكتب السالفة. وكانت عيناه واسعتين جميلتين، شديدتي سواد الحدقة، ذات أهداب طويلة (أي رموش العينين)، ناصعتي البياض و كان عليه الصلاة والسلام أشكل العينين، قال القسطلاني في المواهب: الشُكلة بضم الشين هي الحمرة تكون في بياض العين وهو محبوب محمود.
قال الزرقاني: قال الحافظ العراقي: هي إحدى علامات نبوته صلى الله عليه وسلم، ولما سافر مع ميسرة إلى الشام سأل عنه الراهب ميسرة فقال: في عينيه حمرة؟ فقال: ما تفارقه، قال الراهب: هو (شرح المواهب).
وكان صلى الله عليه وسلم" إذا نظرت إليه قُلت أكحل العينين وليس بأكحل"، رواه الترمذي.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كانت عيناه صلى الله عليه وسلم نجلاوان أدعجهما – والعين النجلاء الواسعة الحسنة والدعج: شدة سواد الحدقة، ولا يكون الدعج في شيء إلا في سواد الحدقة – وكان أهدب الأشفار حتى تكاد تلتبس من كثرتها "، أخرجه البيهقي في الدلائل وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق.
صفة أنفه:
يحسبه من لم يتأمله أشماً ولم يكن أشماً وكان مستقيماً، أقنى أي طويلاً في وسطه بعض ارتفاع، مع دقة أرنبته (الأرنبة هي ما لان من الأنف).
صفة خـدّيه:
كان صلى الله عليه وسلم صلب الخدين. وعن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسَلِّمُ عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده "، أخرجه ابن ماجه وقال مقبل الوادي هذا حديث صحيح.
صفة فمه وأسنانه:
قال هند بن أبي هالة رضي الله عنه: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشنب مفلج الأسنان (الأشنب: هو الذي في أسنانه رقة وتحدد)، أخرجه الطبراني في المعجم الكبير والترمذي في الشمائل وابن سعد في الطبقات والبغوي في شرح السنة.
و عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ضليع الفم (أيواسعالفم) جميلهُ، وكان من أحسن عباد الله شفتين وألطفهم ختم فم. وكان عليه الصلاة والسلام وسيماً أشنب (أبيض الأسنان مفلج أي متفرق الأسنان، بعيد ما بين الثنايا والرباعيات)، أفلج الثنيَّتين (الثنايا جمع ثنية بالتشديد وهي الأسنان الأربع التي في مقدم الفم، ثنتان من فوق وثنتان من تحت، والفلج هو تباعد بين الأسنان)، إذا تكلم رُئِيَ كالنور يخرج من بين ثناياه "، (النور المرئي يحتمل أن يكون حسياً كما يحتمل أن يكون معنوياً فيكون المقصود من التشبيه ما يخرج من بين ثناياه من أحاديثه الشريفة وكلامه الجامع لأنواع الفصاحة والهداية).
صفة ريقه:
لقد أعطى الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم خصائص كثيرة لريقه الشريف ومن ذلك أن ريقه صلى الله عليه و سلم فيه شفاء للعليل، ورواء للغليل و غذاء و قوة و بركة ونماء … فكم داوى صلى الله عليه وسلم بريقه الشريف من مريض فبرىء من ساعته !.
جاء في الصحيحين عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر: لأعطِيَنَّ الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله. فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلهم يرجو أن يُعطاها ، فقال صلى الله عليه وسلم: أين علي بن أبي طالب؟ فقالوا: هو يا رسول الله يشتكي عينيه. قال: فأرسلوا إليه.
فأُتِيَ به وفي رواية مسلم: قال سلمة: فأرسلني رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى علي، فجئت به أقوده أرمد فتفل رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه، فبرىء كأنه لم يكن به وجع …
و روى الطبراني و أبو نعيم أنَّ عميرة بنت مسعود الأنصارية وأخَواتها دخلن على النبي صلى الله عليه و سلم يبايعنَه، و هن خمس، فوجدنَه يأكل قديداً (لحم مجفَّف)، فمضغ لهن قديدة، قالت عميرة: ثم ناولني القديدة فقسمتها بينهن، فمضغَت كل واحدة قطعة فلَقَينَ الله تعالى وما وُجِدَ لأفواههن خلوف، (أي تغَيُّر رائحة فم).
صفة لحيته:
– " كان رسول الله صلى الله عليه حسن اللحية"، أخرجه أحمد وصححه أحمد شاكر.
و قالت عائشة رضي الله عنها: " كان صلى الله عليه وسلم كث اللحية، (والكث: الكثير منابت الشعر الملتفها)، وكانت عنفقته بارزة، وحولها كبياض اللؤلؤ، في أسفل عنفقته شعر منقاد حتى يقع انقيادها على شعر اللحية حتى يكون كأنه منها"، أخرجه أبو نعيم والبيهقي في دلائل النبوة وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق وابن أبي خيثمة في تاريخه.
وعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال: "كان في عنفقة رسول الله صلى الله عليه وسلم شعرات بيض"، أخرجه البخاري.
وقال أنس بن مالك رضي الله عنه: "لم يختضب رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما كان البياض في عنفقته " أخرجه مسلم.
كما كان صلى الله عليه وسلم أسود كثُّ اللحية، بمقدار قبضة اليد ، يُحسِّنهُا ويُطيِّبهُا (أي يضع عليها الطيب). وكان صلى الله عليه وسلم يكثر دهن رأسه وتسريح لحيته ويكثر القناع كأنَّ ثوبه ثوب زيات، أخرجه الترمذي في الشمائل والبغوي في شرح السنة. وكان من هديه عليه الصلاة والسلام حف الشارب وإعفاء اللحية.
صفة رأسه:
كان النبي صلى الله عليه وسلم ذا رأس ضخم.
صفة شعره:
كان شديد السواد رَجِلاً (أي ليس مسترسلاً كشعر الروم ولا جعداً كشعر السودان وإنَّما هو على هيئة المُتَمَشِّط). يصل إلى أنصاف أذنيه حيناً ويرسله أحياناً فيصلإلى شَحمَة أُذُنيه أو بين أذنيه و عاتقه، وغاية طوله أن يضرب مَنكِبيه إذا طال زمان إرساله بعد الحلق، وبهذا يُجمَع بين الروايات الواردة في هذا الشأن، حيث أخبر كل واحدٍ من الرواة عمَّا رآه في حين من الأحيان.
قال الإمام النووي: " هذا، ولم يحلق النبي صلى الله عليه وسلم رأسه (أي بالكلية) في سِنيّ الهجرة إلا عام الحُديبية ثم عام عُمرة القضاء ثم عام حجة الوداع ". قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير شعر الرأس راجله"، أخرجه أحمد والترمذي وقال حسن صحيح.
ولم يكن في رأس النبي صلى الله عليه و سلم شيب إلا شُعيرات في مفرِق رأسه، فقد أخبر ابن سعيد أنه ما كان في لحية النبي صلى الله عليه و سلم و رأسه إلا سبع عشرة شعرة بيضاء وفي بعض الأحاديث ما يفيد أن شيبه لا يزيد على عشرة شعرات وكان عليه الصلاة والسلام إذا ادَّهن واراهُنَّ الدهن (أي أخفاهن)، وكان يدَّهِن بالطيب والحِنَّاء.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " كان النبي يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه، وكان أهل الكتاب يُسدِلون أشعارهم وكان المشركون يَفرقون رؤوسهم، فسدل النبي صلى الله عليه وسلم ناصيته ثم فرق بعد "، أخرجه البخاري ومسلم.
وكان رجل الشعر حسناً ليس بالسبط ولا الجعد القطط، كما إذا مشطه بالمشط كأنه حُبُك الرَّمل، أو كأنه المتون التي تكون في الغُدُر إذا سفتها الرياح، فإذا مكث لم يرجل أخذ بعضه بعضاً، وتحلق حتى يكون متحلقاً كالخواتم ، لما كان أول مرة سدل ناصيته بين عينيه كما تسدل نواصي الخيل جاءه جبريل عليه السلام بالفِرق ففرق.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كنتُ إذا أردتُ أن أفرق رأس رسول الله صَدعْت الفرق من نافوخه وأرسلُ ناصيته بين عينيه "، أخرجه أبو داود وابن ماجه.
وكان صلى الله عليه وسلم يُسدِلُ شعره أي يُرسِله ثم ترك ذلك وصار يَفرِقُهُ، فكان الفَرقُ مستحباً، وهو آخِرُ الأمرين منه صلى الله عليه وسلم. و فَرقُ شعر الرأس هو قسمته في المَفرِقِ وهو وسط الرأس . وكان يبدأ في ترجيل شعره من الجهة اليمنى، فكان يفرق رأسه ثم يُمَشِّطُ الشِّق الأيمن ثم الشِّق الأيسر.
وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يترَجَّل غباً (أي يُمشط شعره و يتَعَهَّدُهُ من وقت إلى آخر).
وعن عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب التيمن في طهوره (أي الابتداء باليمين) إذا تطهر وفي ترجله إذا ترجل وفي انتعاله إذا انتعل ، أخرجه البخاري.
صفة عنقه ورقبته:
رقبته فيها طول، أما عنقه فكأنه جيد دمية (الجيد: هو العنق. والدمية: هي الصورة التي بولغ في تحسينها).
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: " كأن عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم إبريق فضة "، أخرجه ابن سعد في الطبقات والبيهقي.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: " كان أحسن عباد الله عنقاً، لا ينسب إلى الطول ولا إلى القصر، ما ظهر من عنقه للشمس والرياح فكأنه إبريق فضة يشوب ذهباً يتلألأ في بياض الفضة وحمرة الذهب، وما غيب في الثياب من عنقه فما تحتها فكأنه القمر ليلة البدر "، أخرجه البيهقي وابن عساكر.
صفة منكِبيه:
كان عليه الصلاة و السلام أشعر المنكبين (أي عليهما شعر كثير)، واسع ما بينهما، والمنكب هو مجمع العضد والكتف. والمراد بكونه بعيد ما بين المنكبين أنه عريض أعلى الظهر ويلزمه أنه عريض الصدر مع الإشارة إلى أن بُعد ما بين منكبيه لم يكن منافياً للاعتدال. وكان كَتِفاه عريضين عظيمين.
صفة خاتم النبوة:
وهو خاتم أسود اللون مثل الهلال وفي رواية أنه أخضر اللون، وفي رواية أنه كان أحمراً، وفي رواية أخرى أنه كلون جسده. والحقيقة أنه لا يوجد تدافع بين هذه الروايات لأن لون الخاتم كان يتفاوت باختلاف الأوقات، فيكون تارة أحمراً وتارة كلون جسده و هكذا بحسب الأوقات. ويبلغ حجم الخاتم قدر بيضة الحمامة، و ورد أنه كان على أعلى كتف النبي صلى الله عليه و سلم الأيسر. وقد عرف سلمان الفارسي رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الخاتم.
وعن عبد الله بن سرجس قال: " رأيتُ النبي صلى الله عليه وسلم وأكلتُ معه خبزاً ولحماً وقال ثريداً.
فقيل له: أستغفر لك النبي؟ قال: نعم ولك ، ثم تلى هذه الآية: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد: 19]. قال: " ثم درت خلفه فنظرت إلى خاتم النبوة بين كتفيه عند ناغض كتفه اليسرى عليه خيلان كأمثال الثآليل "، أخرجه مسلم.
قال أبو زيد رضي الله عنه: " قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اقترب مني، فاقتربت منه، فقال: أدخل يدك فامسح ظهري، قال: فأدخلتُ يدي في قميصه فمسحتُ ظهره فوقع خاتم النبوة بين أصبعي قال: فسئل عن خاتم النبوة فقال: " شعرات بين كتفيه "، أخرجه أحمد والحاكم وقال (صحيح الإسناد) ووافقه الذهبي.
اللهم كما أكرمت أبا زيد رضي الله عنه بهذا فأكرمنا به يا ربنا يا إلهنا يا من تعطي السائلين من جودك وكرمك ولا تبالي.
صفة إبطيه:
كان عليه الصلاة والسلام أبيض الإبطين، وبياض الإبطين من علامة نُبُوَّتِهِ إذ إن الإبط من جميع الناس يكون عادة مُتَغَيِّر اللون.
قال عبد الله بن مالك رضي الله عنه: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد فرَّج بين يديه (أي باعد) حتى نرى بياض إبطيه "، أخرجه البخاري.
وقال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد جافى حتى يُرى بياض إبطيه "، أخرجه أحمد وقال الهيثمي في المجمع رجال أحمد رجال الصحيح.
صفة ذراعيه:
كان عليه الصلاة والسلام أشعر، طويل الزندين (أي الذراعين)، سبط القصب (القصب يريد به ساعديه).
صفة كفيه:
كان صلى الله عليه وسلم رحب الراحة (أي واسع الكف) كفه ممتلئة لحماً، غير أنّها مع غاية ضخامتها كانت لَيِّنَة أي ناعمة. قال أنَس رضي الله عنه: "ما مَسَستُ ديباجة ولا حريرة أليَنَ من كَفِّ رسول اللهصلى الله عليه وسلم". وأمَّا ما ورد في روايات أخرى عن خشونة كفيه وغلاظتها، فهو محمول على ما إذا عَمِل في الجهاد أو مهنة أهله، فإنّ كفه الشريفة تصير خشنة للعارض المذكور (أي العمل) وإذا ترك رجعت إلى النعومة.
وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: " صليتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الأولى، ثم خرج إلى أهله وخرجتُ معهُ فاستقبله ولدان فجعل يمسح خدي أحدهم واحداً واحداً. قال: وأما أنا فمسح خدي. قال: "فوجدتُ ليده برداً أو ريحاً كأنما أخرجها من جونة عطار"، أخرجه مسلم.
صفة أصابعه:
قال هند بن أبي هالة رضي الله عنه: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم سائل الأطراف، قوله ( سائل الأطراف يريد الأصابع أنها طوال ليست بمنعقدة)، أخرجه الطبراني في المعجم الكبير والترمذي في الشمائل وابن سعد في الطبقات والحاكم مختصراً والبغوي في شرح السنة والحافظ في الاصابة.
صفة صَدره:
عريض الصدر، مُمتَلِىءٌ لحماً، ليس بالسمين ولا بالنَّحيل، سواء البطن والظهر. وكان صلى الله عليه و سلم أشعر أعالي الصدر، عاري الثديين والبطن (أي لم يكن عليها شعر كثير) طويل المَسرَبَة و هو الشعر الدقيق.
صفة بطنه:
قالت أم معبد رضي الله عنها: "لم تعبه ثُلجه"، الثلجة: كبر البطن.
صفة سرته:
عن هند بن أبي هالة رضي الله عنه: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم.. دقيق المسربة موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخط، عاري الثديين والبطن مما سوى ذلك: حديث هند تقدم تخريجه. واللَّبَةُ المنحر وهو النقرة التي فوق الصدر.
صفة مفاصله وركبتيه:
كان صلى الله عليه و سلم ضخم الأعضاء كالركبتين والمِرفَقين و المنكبين والأصابع، وكل ذلك من دلائِل قوَّته عليه الصلاة والسلام.
صفة ساقيه :
عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال: "… وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم كأني أنظر إلى بيض ساقيه"، أخرجه البخاري في صحيحه.
صفة قدميه:
قال هند بن أبي هالة رضي الله عنه: "كان النبي صلى الله عليه وسلم خمصان الأخمصين مسيح القدمين، ينبو عنهما الماء ششن الكفين والقدمين". قوله: خمصان الأخمصين: الأخمص من القدم ما بين صدرها وعقبها، وهو الذي لا يلتصق بالأرض من القدمين، يريد أن ذلك منه مرتفع. مسيح القدمين: يريد أنهما ملساوان ليس في ظهورهما تكسر لذا قال ينبو عنهما الماء يعني أنه لا ثبات للماء عليها وسشن الكفين والقدمين أي غليظ الأصابع والراحة رواه الترمذي في الشمائل والطبراني.
وكان صلى الله عليه و سلم أشبَهَ النَّاس بسيدنا إبراهيم عليه السلام، وكانت قدماه الشَّريفتان تُشبهان قدمي سيدنا إبراهيم عليه السلام كما هي آثارها في مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام.
صفة عَقِبيه:
كان الرسول صلى الله عليه و سلم مَنهوس العَقِبَين أي لحمهما قليل.
صفة قامته و طوله:
عن أنس رضي الله عنه قال:" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رَبعَة منالقَوم" (أي مربوع القامة)، ليس بالطويل البائن ولا بالقصير، وكان إلى الطول أقرب. وقد ورد عند البَيهَقي وابن عساكر أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يُماشي أحداً من الناس إلا طاله، و لرُبَّما اكتنفه الرجُلان الطويلان فيطولهما فإذا فارقاه نُسِبَ إلى الرَّبعة، وكان إذا جلس يكون كتفه أعلى من الجالس. وبالجملة كان صلى الله عليه وسلم حسن الجسم، معتدل الخَلق ومتناسب الأعضاء.
صفة عَرَقِه:
عن أنس رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه و سلم أزهر اللون كأنَّ عَرَقهاللؤلؤ " (أي كان صافياً أبيضاً مثل اللؤلؤ ) … وقال أيضاً: "ما شَمَمتُ عنبراً قط و لا مسكاً أطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم"، أخرجه البخاري ومسلم واللفظ له. وعن أنس أيضاً قال: " دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فَقَال (أي نام) عندنا، فعرِقَ وجاءت أمي بقارورة فجعلت تَسلُتُ العَرَق، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا أم سُلَيم ما هذا الذي تصنعين؟قالت: عَرَق نجعله في طيبنا وهو أطيَب الطيب"، رواه مسلم، وفيه دليل أن الصحابة كانوا يتبرَّكون بآثار النبي صلى الله عليه وسلم، وقد أقرَّ الرسول عليه الصلاة والسلام أم سُليم على ذلك.
وكان صلى الله عليه وسلم إذا صافحه الرجل وجد ريحه (أي تبقى رائحة النبي عليه الصلاة والسلام علىيدالرجل الذي صافحه)، وإذا وضع يده على رأس صبي، فيظل يومه يُعرَف من بين الصبيان بريحه على رأسه.
ما جاء في اعتدال خَلقِه صلى الله عليه وسلم:
قال هند بن أبي هالة رضي الله عنه: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتدل الخلق، بادن متماسك، سواء البطن والصدر"، أخرجه الطبراني والترمذي في الشمائل والبغوي في شرح السنة وابن سعد وغيرهم.
قال البراء بن عازب رضي الله عنه: "كان رسول الله أحسن الناس وجهاً وأحسنهم خَلقاً"، أخرجه البخاري ومسلم.
الرسول المبارك صلى الله عليه و سلم بِوَصفٍ شامل:
يُروى أن الرسول صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه ومولاه ودليلهما، خرجوا من مكة ومَرّوا على خيمة امرأة عجوز تُسمَّى(أم مَعْبد)، كانت تجلس قرب الخيمة تسقي وتُطعِم، فسألوها لحماً وتمراً ليشتروا منها، فلم يجدوا عندها شيئاً. نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في جانب الخيمة، وكان قد نَفِدَ زادهم وجاعوا.
سأل النبي عليه الصلاة والسلام أم معبد: ما هذه الشاة يا أم معبد؟
فأجابت أم معبد: شاة خلَّفها الجهد والضعف عن الغنم.
قال الرسول صلى الله عليه و سلم: هل بها من لبن؟.
ردتأم معبد: بأبي أنت وأمي ، إن رأيتَ بها حلباً فاحلبها!.
فدعا النبي عليه الصلاة و السلام الشاة، ومسح بيده ضرعها، وسمَّى الله جلَّ ثناؤه ثم دعا لأم معبد في شاتها حتى فتحت الشاة رِجليها، ودَرَّت. فدعا بإناء كبير، فحلب فيه حتى امتلأ، ثم سقى المرأة حتى رويت، و سقى أصحابه حتى رَوُوا (أي شبعوا)، ثم شرب آخرهم، ثم حلبَ في الإناء مرة ثانية حتى ملأ الإناء، ثم تركه عندها وارتحلوا عنها … وبعد قليل أتى زوج المرأة (أبو معبد) يسوق أعنُزاً يتمايلن من الضعف، فرأى اللبن!!.
قال لزوجته: من أين لكِ هذا اللبن يا أم معبد و الشاة عازب (أي الغنم) ولا حلوب في البيت؟!!.
أجابته: لا والله، إنه مَرَّ بنا رجل مُبارَك من حالِه كذا وكذا.
فقال لها أبو مـعبد: صِفيه لي يا أم مـعبد !!.
أم معبد تَصِفُ رسول الله صلى الله عليه وسلم:
رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة، أبلَجَ الوجهِ (أي مُشرِقَ الوجه)،لم تَعِبه نُحلَة (أي نُحول الجسم) ولم تُزرِ به صُقلَة(أنه ليس بِناحِلٍ ولا سمين)، وسيمٌ قسيم (أي حسن وضيء)، في عينيه دَعَج(أي سواد)، وفي أشفاره وَطَف (طويل شعر العين)، وفي صوته صحَل (بحَّة و حُسن)، و في عنقه سَطع (طول)، وفي لحيته كثاثة(كثرة شعر)، أزَجُّ أقرَن (حاجباه طويلان و مقوَّسان و مُتَّصِلان)، إن صَمَتَ فعليه الوقار، و إن تَكلم سما و علاهُ البهاء، أجمل الناس و أبهاهم من بعيد، وأجلاهم و أحسنهم من قريب، حلوُ المنطق، فصل لا تذْر ولا هذَر (كلامه بَيِّن وسط ليس بالقليل ولا بالكثير)، كأنَّ منطقه خرزات نظم يتحَدَّرن، رَبعة (ليس بالطويل البائن ولا بالقصير)، لا يأس من طول، ولا تقتَحِمُه عين من قِصر، غُصن بين غصين، فهو أنضَرُ الثلاثة منظراً، وأحسنهم قَدراً، له رُفَقاء يَحُفون به، إن قال أنصَتوا لقوله، وإن أمَرَ تبادروا لأمره، محشود محفود (أي عندهجماعة من أصحابه يطيعونه)، لا عابس ولا مُفَنَّد (غير عابس الوجه، وكلامه خالٍ من الخُرافة).
قال أبو معبد: هو والله صاحب قريش الذي ذُكِرَ لنا من أمره ما ذُكِر بمكة، و لقد همَمتُ أن أصحبه، ولأفعَلَنَّ إن وَجدتُ إلى ذلك سبيلا.
و أصبح صوت بمكة عالياً يسمعه الناس، و لا يدرون من صاحبه و هو يقول :
جزى الله رب الناس خيرَ جزائه رفيقين قالا خيمتي أم معبد
هما نزلاها بالهدى و اهتدت به فقد فاز من أمسى رفيق محمد
حديث حسن قوي أخرجه الحاكم و صححه ، ووافقه الذهبي.
– وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة إضحيان، وعليه حُلَّة حمراء،فجعلتُأنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى القمر، فإذا هو عندي أحسنُ من القمر". (إضحِيان هي الليلة المقمرة من أولها إلى آخرها).
– وما أحسن ما قيل في وصف الرسول صلى الله عليه وسلم:
"وأبيض يُستَسقى الغمام بوجهه ثِمال اليتامىعِصمة للأرامل"
(ثِمال: مُطعِم ، عصمة: مانع من ظُلمهم).
ما جاء في حُسن النبي صلى الله عليه وسلم:
لقد وُصِفَ بأنه كان مشرباً حمرة وقد صدق من نعته بذلك، ولكن إنما كان المشرب منه حُمرة ما ضحا للشمس والرياح، فقد كان بياضه من ذلك قد أشرب حمرة، وما تحت الثياب فهو الأبيض الأزهر لا يشك فيه أحد ممن وصفه بأنه أبيض أزهر …
يعرف رضاه وغضبه وسروره في وجهه وكان لا يغضب إلا لله، كان إذا رضى أو سُرّ استنار وجهه فكأن وجهه المرآة، وإذا غضب تلون وجهه واحمرت عيناه.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: " استعرت من حفصة بنت رواحة إبرة كنت أخيط بها ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فطلبتها فلم أقدر عليها، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبينت الإبرة لشعاع وجهه … "، أخرجه ابن عساكر والأصبهاني في الدلائل والديلمي في مسند الفردوس كما في الجامع الكبير للسيوطي.
و في ختام هذا العرض لبعض صفات الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم الخَلقية التي هي أكثر من أن يحيط بها كتاب لا بد من الإشارة إلى أن تمام الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم هو الإيمان بأن الله سبحانه وتعالى خلق بدنه الشريف في غاية الحسن والكمال على وجه لم يظهر لآدمي مثله.
ويرحم الله القائل:
فهو الذي تم معناه وصورته ثم اصطفاه حبيباً باريء النسم
فتنزه عن شريك في محاسنه فجوهر الحسن فيه غير منقسم
وقيل في شأنه صلى الله عليه وسلم أيضاً:
بلغ العلى بكمـــالـه كشف الدجى بجماله
حسنت جميع خصالـــه صـلـوا عليـه وآلـه
ورحم الله ابن الفارض حيث قال:
وعلى تفنن واصف يفنى الزمان وفيه ما لم يُوصَفِ
مسألة: من المعلوم أن النسوة قطعت أيديهم لما رأين يوسف عليه السلام إذ إنه عليه السلام أوتيَ شطر الحسن، فلماذا لم يحصل مثل هذا الأمر مع النبي صلى الله عليه وسلم؟ هل يا ترى سبب ذلك أن يوسف عليه السلام كان يفوق الرسول عليه الصلاة والسلام حُسناً وجمالاً؟
الجواب: صحيح أن يوسف عليه السلام أوتي شطر الحُسن ولكنه مع ذلك ما فاق جماله جمال وحُسن النبي صلى الله عليه وسلم. فلقد نال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم صفات كمال البشر جميعاً خَلقاً وخُلُقاً، فهو أجمل الناس وأكرمهم وأشجعهم على الإطلاق وأذكاهم وأحلمهم وأعلمهم… إلخ هذا من جهة، ومن جهة أخرى وكما مر معنا سابقاً أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلوه الوقار والهيبة من عظمة النور الذي كلَّله الله تعالى به، فكان الصحابة إذا جلسوا مع النبي صلى الله عليه وسلم كأن على رؤوسهم الطير من الهيبة والإجلال فالطير تقف على الشيء الثابت الذي لا يتحرك.
وما كان كبار الصحابة يستطيعون أن ينظروا في وجهه ويصفوه لنا لشدة الهيبة والإجلال الذي كان يملأ قلوبهم وإنما وصفه لنا صغار الصحابة، ولهذا السبب لم يحصل ما حصل مع يوسف عليه السلام.
صفات الرسول صلى الله عليه و سلم الخُلُقِية و شمائله
صفة كلامه:
كان كلامه صلى الله عليه وسلم بَيِّن فَصْل ظاهر يحفظه من جَلَس إليه.
ورد في حديث متفق عليه أنَّه عليه الصلاة والسلام: "كان يُحَدِّث حديثاً لو عَدَّه العادُّ لأحصاه".
" وكان صلى الله عليه وسلم يعيد الكلمة ثلاثاً لِتُعقَل عنه "، رواه البخاري.
ورُوِيَ أنه كان صلى الله عليه وسلم يُعرِض عن كل كلام قبيح و يُكَنِّي عن الأمور المُستَقبَحَة في العُرف إذا اضطره الكلام إلى ذكرها، وكان صلى الله عليه و سلم يذكر الله تعالى بين الخطوتين.
صفة ضحكه و بكائه:
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يضحك إلا تَبَسُّماً، وكنتَ إذا نظرتَ إليه قُلتَ أكحلالعينين وليس بأكحل "، حسن رواه الترمذي .
وعن عبد الله بن الحارث قال: "ما رأيتُ أحداً أكثر تبسماً من الرسول صلى الله عليه وسلم، وكانرسولالله صلى الله عليه وسلم لا يُحَدِّث حديثاً إلا تبَسَّم، وكان ضَحِك أصحابه صلى الله عليه وسلم عندهالتبسُّممن غير صوت اقتِداءً به وتَوقيراً له، وكان صلى الله عليه وسلم إذا جرى به الضحك وضع يده على فمه، وكان صلى الله عليه وسلم مِن أضحك الناس وأطيَبَهم نَفساً ".
وكان صلى الله عليه وسلم إذا ضحك بانت نواجذه أي أضراسه من غير أن يرفع صوته وكان الغالب من أحواله التَّبَسُّم. وبكاؤه صلى الله عليه وسلم كان من جنس ضحكه، لم يكن بشهيق و رفع صوت كما لم يكن ضحكه بقهقهة، ولكن تدمع عيناه حتى تنهملان ويُسمَع لصدره أزيز، ويبكي رحمة لِمَيِّت وخوفاً على أمَّته وشفقة من خشية الله تعالى وعند سماع القرآن وفي صلاة الليل.
وعن عائشة قالت: " ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مُستَجمِعاً قط ضاحكاً، حتى أرى منهلهاته، (أي أقصى حَلقِه) ".
صفة لباسه:
عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: " وكان أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القميص ( وهو اسم لما يلبس من المخيط )، رواه الترمذي في الشمائل وصححه الحاكم. ولقد كانت سيرته صلى الله عليه وسلم في ملبسه أتَم و أنفع للبدن وأخَفَّ عليه، فلم تكن عمامته بالكبيرة التي يُؤذيه حملها أو يضعفه أو يجعله عرضة للآفات ، ولا بالصغيرة التي تقصُر عن وقاية الرأس من الحر والبرد وكذلك الأردِيَة (جمع رداء) والأزُر (جمع إزار) أخَفّ على البدن من غيرها. ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه و سلم نوعاً مُعيَّناً من الثياب، فقد لبس أنواعاً كثيرة ، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان يلبس ما يجده. وكان عليه الصلاة والسلام يلبس يوم الجمعة والعيد ثوباً خاصاً، وإذا قدِمَ عليه الوفد، لبس أحسن ثيابه وأمر أصحابه بذلك.
وعن أبي سعيد الخدري قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوباً سماه باسمه، (عمامة أو قميصاً أو رداء) ثم يقول: اللهم لك الحمد كما كسوتنيه أسألك خير ما صنع له وأعوذ من شره وشر ما صنع له"، رواه الترمذي في الشمائل، والسنن في اللباس، وأبو داود.
كان أحب الثياب إليه البيضاء . وكان صلى الله عليه وسلم لا يبدو منه إلا طيب، كان آية ذلك في بدنه الشريف أنه لا يتَّسِخ له ثوب أي كانت ثيابه لا يصيبها الوسخ من العرق أو ما سوى ذلك وكان الذباب لا يقع على ثيابه.
صفة عمامته:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس قلنسوة بيضاء، والقلنسوة هي غشاء مبطَّن يستر الرأس، وكان صلى الله عليه و سلم يلبس القلانس (جمع قلنسوة) أحياناً تحت العمائم وبغير العمائم، ويلبس العمائم بغير القلانس أحياناً. كان صلى الله عليه وسلم إذا اعتَمَّ ( أي لبس العمامة )، سدل عمامته بين كتفيه، وكان عليه الصلاة والسلام لا يُوَلّي والياً حتى يُعَمِّمه و يرخي له عذبة من الجانب الأيمن نحو الأذن. ولم يكن صلى الله عليه وسلم يُطَوِّل العمامة أو يُوَسِّعها. قال ابن القيم: لم تكن عمامته صلى الله عليه وسلم كبيرة يؤذي الرأس حملها و لا صغيرة تقصر عن وقاية الرأس بل كانت وسطاً بين ذلك وخير الأمور الوسط. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يعتم بعمامة بيضاء وأحياناً خضراء أو غير ذلك. وعن جابر رضي الله عنه قال: " دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وعليه عمامة سوداء ". ولقد اعتم صلى الله عليه وسلم بعد بدر حيث رأى الملائكة تلبسها. وصحة لبس المصطفى للسواد ونزول الملائكة يوم بدر بعمائم صُفر لا يعارض عموم الخبر الصحيح الآمر بالبياض لأنه لمقاصد اقتضاها خصوص المقام كما بيّنه بعض الأعلام.
صفة نعله و خُفِّه:
كان لنعل رسول الله صلى الله عليه و سلم قِبالان مُثَنَّى شراكهما أي لكلٍ منهما قِبالان ، والقِبال هو زِمام يوضع بين الإصبع الوسطى و التي تليها ويُسمَّى شِسعاً، و كان النبي صلى الله عليه و سلم يضع أحد القِبالين بين الإبهام و التي تليها والآخر بين الوسطى و التي تليها و الشِّراك للسير (أي النعل). وكان يلبس النعل ليس فيها شعر، كما رُؤيَ بنعلين مخصوفتين أي مخروزتين مُخاطتين ضُمَّ فيها طاق إلى طاق. وطول نعله شِبر وإصبعان و عرضها مِمَّا يلي الكعبان سبع أصابع وبطن القدم خمس أصابع ورأسها مُحَدَّد. وكان عليه الصلاة والسلام يقول موصياً الناس:" إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين و إذا نزع فليبدأ بالشمال ".
صفة خاتمه:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:" لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتب إلى العجم ، قيل له: إن العجم لا يقبلون إلا كتاباً عليه ختمٍ، فاصطنع خاتماً، فكأني أنظر إلى بياضه في كفه"، رواه الترمذي في الشمائل والبخاري ومسلم. ولهذا الحديث فائدة أنه يندب معاشرة الناس بما يحبون وترك ما يكرهون و استئلاف العدو بما لا ضرر فيه ولا محذور شرعاً والله أعلم.
ولقد كان خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضة و فَصُّه(أي حجره) كذلك ، وكان عليه الصلاة و السلام يجعل فَصَّ خاتمه مِمَّا يلي كفه ، نقش عليه من الأسفل إلى الأعلى (( محمد رسول الله ))، و ذلك لكي لا تكون كلمة "محمد" صلى الله عليه و سلم فوق كلمة {الله} سبحانه و تعالى. و عن ابن عمر رضي الله عنه قال: "اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتماً من ورِق (أي من فضة) فكان في يده، ثم كان في يد أبي بكر ويد عمر، ثم كان في يد عثمان، حتى وقع في بئر أريس نَقشُهُ ((محمد رسول الله )) "، رواه الترمذي في الشمائل ومسلم وأبو داود، وأريس بفتح الهمزة وكسر الراء ، هي بئر بحديقة من مسجد قباء.
و لقد ورد في بعض الروايات أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يلبس الخاتم في يمينه و في روايات أخرى أنه كان يلبسه بيساره و يُجمع بين روايات اليمين و روايات اليسار بأن كُلاّ منهما وقع في بعض الأحوال أو أنه صلى الله عليه و سلم كان له خاتمان كل واحد في يد و قد أحسن الحافظ العراقي حيث نظم ذلك فقال:
يلبسه كما روى البخاري في خنصر يمين أو يسار
كلاهما في مسلم و يجمع بأن ذا في حالتين يقع
أو خاتمين كل واحد بيد كما بفص حبشي قد ورد.
ولكن الذي ورد في الصحيحين هو تعيين الخنصر ، فالسُنَّة جعل الخاتم في الخنصر فقط، والخنصر هو أصغر أصابع اليد و حكمته أنه أبعد عن الامتهان فيما يتعاطاه الإنسان باليد و أنه لا يشغل اليد عمّا تزاوله من الأعمال بخلاف ما لو كان في غير الخنصر.
صفة سيفه:
عن سعيد بن أبي الحسن البصري قال: " كانت قبيعة سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضة ".
والمراد بالسيف هنا، ذو الفقار وكان لا يكاد يفارقه ولقد دخل به مكة يوم الفتح. والقبيعة كالطبيعة ما على طرف مقبض السيف يعتمد الكف عليها لئلا يزلق. وفي رواية ابن سعد عن عامر قال: " أخرج إلينا علي بن الحسين سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا قبيعته من فضة وحلقته من فضة ". وعن جعفر بن محمد عن أبيه أنه كان نعل سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم أي أسفله وحلقته وقبيعته من فضة.
صفة درعه:
عن الزبير بن العوام قال: " كان على النبي صلى الله عليه و سلم يوم أُحُد درعان فنهض إلى الصخرة فلم يستطع ( أي فأسرع إلى الصخرة ليراه المسلمون فيعلمون أنه عليه الصلاة و السلام حيّ فيجتمعون عليه، فلم يقدر على الارتفاع على الصخرة قيل لما حصل من شج رأسه و جبينه الشريفين واستفراغ الدم الكثير منهما) فأقعد طلحة تحته (أي أجلسه فصار طلحة كالسلم) وصعد النبي صلى الله عليه وسلم (أي وضع رجله فوقه و ارتفع) حتى استوى على الصخرة (أي حتى استقر عليها)، قال: سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول: " أوجبَ طلحة ( أي فعل فعلاً أوجب لنفسه بسببه الجنة وهو إعانته له صلى الله عليه وسلم على الارتفاع على الصخرة الذي ترتب عليه جمع شمل المسلمين وإدخال السرور على كل حزين ويحتمل أن ذلك الفعل هو جعله نفسه فداء له صلى الله عليه وسلم ذلك اليوم حتى أصيب ببضعٍ وثمانين طعنة و شلَّت يده في دفع الأعداء عنه ) ". و قوله (كان عليه يوم أُحُد درعان) دليل على اهتمامه عليه الصلاة و السلام بأمر الحرب وإشارة إلى أنه ينبغي أن يكون التوكل مقروناً بالتحصن لا مجرداً عنه. و لقد ورد في روايات أخرى أنه كان للنبي عليه الصلاة و السلام سبعة أدرعٍ.
صفة طيبه (أي عطره):
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ المِسك فيمسح به رأسه و لحيته و كان صلى الله عليه و سلم لا يردُّ الطيب، رواه البخاري. وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " طيب الرجال ما ظهر ريحه وخفي لونه، وطيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه"، ورواه الترمذي في الأدب باب ما جاء في طيب الرجال والنساء، والنسائي في الزينة باب الفصل بين طيب الرجال والنساء، وهو حديث صحيح.
صفة كُحله:
عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه و سلم قال: " اكتحلوا بالإثمد فإنّه يجلو البصر و يُنبِت الشعر"، وزعم أنّ النبي صلى الله عليه وسلم له مكحلة يكتحل منها كلَّ ليلةٍ ثلاثةً في هذه وثلاثة في هذه. قوله (اكتحلوا بالإثمد) المخاطَب بذلك الأصِحّاء أمّا العين المريضة فقد يضُرَّها الإثمِد، والإثمِد هو حجر الكحل المعدني المعروف ومعدنه بالمشرق وهو أسود يضرب إلى حمرة. وقوله (فإنّه يجلو البصر) أي يقوّيه و يدفع المواد الرديئة المنحدرة إليه من الرأس لاسيما إذا أُضيف إليه قليل من المسك. وأمّا قوله (يُنبت الشعر) أي يقوّي طبقات شعر العينين التي هي الأهداب وهذا إذا اكتحل به من اعتاده فإن اكتحل به من لم يعتده رمدت عينه.
صفة عيشه:
عنعائشة رضي الله عنها قالت: " ما شَبِعَ آل محمد صلى الله عليه و سلم منذ قَدِموا المدينة ثلاثة أيامتِباعاًمن خبز بُرّ، حتى مضى لسبيله أي مات صلى الله عليه وسلم".
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اللهم اجعل رزق آل محمد قوتاً " (أي ما يسدُّ الجوع) متفق عليه.
صفة شرابه:
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " دَخَلتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وخالد بن الوليد على ميمونة فجاءتنا بإناء من لبن فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا على يمينه و خالد عن شماله فقال لي: الشَّربة لك فإن شئتَ آثرتَ بها خالداَ، فقُلتُ ما كنتُ لأوثِرَ على سؤرك أحداً، ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: من أطعَمَهُ الله طعاماً فليقُل: "اللهم بارِك لنا فيه وأطعِمنا خيراً منه، ومن سقاه الله عزّ و جلّ لبَناً فليقُل: اللهم بارك لنا فيه وزِدنا منه"، ثم قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ليس شيء يُجزىء مكان الطعام والشراب غير اللبن ".
صفة شُربه:
عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم شرب من زمزم وهو قائم.
و عن أنَس بن مالك رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه و آله سلم كان يتنفَّس في الإناء ثلاثاً إذا شرب ويقول هو أمرَاُ و أروى ، قوله (كان يتنفس في الإناء ثلاثاً) وفي رواية لمسلم (كان يتنفس في الشراب ثلاثاً ) المراد منه أنه يشرب من الإناء ثم يزيله عن فيه (أي فمه) ويتنفس خارجه ثم يشرب وهكذا لا أنه كان يتنفس في جوف الإناء أو الماء المشروب. وكان عليه الصلاة والسلام غالباً ما يشرب وهو قاعد.
صفة تكأته:
عن جابر بن سَمُرَة قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم مُتَّكئاً على وسادة على يساره ".
وعن عبد الرحمن بن أبي بَكرَة عن أبيه قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أحدِّثكم بأكبر الكبائر قالوا بلى يا رسول الله ، قال: الإشراك بالله و عقوق الوالِدَين، قال وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان مُتَّكِئاً، قال وشهادة الزور أو قول الزور، قال فما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولها حتى قلنا لَيته سكت ".
صفة فراشه:
ولرسول الله صلى الله عليه وسلم فراش من أدم. (أي من جلد مدبوغ) محشو بالليف.
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:" دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نائمعلىحصير قد أثَّر بجنبه فبكيت، فقال: ما يُبكيك يا عبد الله؟ قلت: يا رسول الله -صلى الله عليه وسلمكسرى وقيصر قد يطؤون على الخز والديباج والحرير وأنت نائم على هذا الحصير قد اثَّر في جنبك!.
فقال: لا تبكِ يا عبد الله فإن لهم الدنيا و لنا الآخرة ".
صفة نومه:
كان عليه أفضل الصلاة و أتم التسليم ينام أول الليل ، و يُحيي آخره .و كان إذا أوى إلى فِراشه قال:
(باسمك اللهم أموت و أحيا) ، و إذا استيقظ قال: (الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا و إليه النُّشور).
عن البراء بن عازب رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أخذ مضجعه، وضع كفه اليمنى تحت خده الأيمن، وقال: "ربِّ قِني عذابك يوم تبعث عبادك"، رواه أحمد في المسند والنسائي في عمل اليوم والليلة وابن حبان وصححه الحافظ في الفتح.
وعن عائشة رضي الله عنها: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه كل ليلة، جمع كفيه فنفث فيهما وقرأ فيهما : قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس، ثم مسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما رأسه ووجهه وما أقبل من جسده، يصنع ذلك ثلاث مرات "، رواه البخاري في الطب والترمذي والظاهر أنه كان يصنع ذلك في الصحة والمرض وقال النووي في الأذكار: " النفث نفخ لطيف بلا ريق ". ويستفاد من الحديث أهمية التعوذ والقراءة عند النوم لأن الإنسان يكون عرضة لتسلط الشياطين.
وعن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا عرَّس بليل ، اضطجع على شقه الأيمن، وإذا عرَّس قبيل الصبح ، نصب ذراعه ووضع رأسه على كفه، رواه أحمد في المسند ومسلم في الصحيح ،كتاب المساجد باب قضاء الصلاة، والتعريس هو نزول المسافر آخر الليل للنوم والاستراحة قاله في النهاية لعل ذلك تعليماً للأمة لئلا يثقل بهم النوم فتفوتهم الصبح في أول وقتها. ويستفاد من الحديث أن من قارب وقت الصبح ينبغي أن يتجنب الاستغراق في النوم وأن يستلقي على هيئة تقتضي سرعة انتباهه إقتداءً بالمصطفى صلى الله عليه وسلم.
صفة عطاسه:
عن أبي هريرة رضي عنه: " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا عطس وضع يده أو ثوبه على فيه وخفض بها صوته"، رواه أبو داود والترمذي وصححه الحاكم وأقره الذهبي.
صفة مشيته:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:" ما رأيتُ شيئاً أحسن من رسول الله صلى الله عليه و سلم كأنَّالشمستجري في وجهه، وما رأيت أحداً أسرع من رسول الله صلى الله عليه و سلم كأنَّما الأرض تطوى له، إنَّا لَنُجهد أنفسنا وإنَّه غير مكترث ".
و عن أنس رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا مشى تَكَفَّأ( أي مال يميناً و شمالاً و مال إلىقصد المشية ) ويمشي الهُوَينا ( أي يُقارِب الخُطا ).
وعن ابن عباس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا مشى ، مشى مجتمعاً ليس فيه كسل "، (أي شديد الحركة ، قوي الأعضاء غير مسترخ في المشي) رواه أحمد.
كان صلى الله عليه و سلم إذا التفتالتفت معاً أي بجميع أجزائه فلا يلوي عنقه يمنة أو يسرة إذا نظر إلى الشيء لما في ذلك من الخفة و عدم الصيانة وإنّما كان يقبل جميعاً و يُدبِر جميعاً لأن ذلك أليَق بجلالته ومهابته هذا بالنسبة للاتفاته وراءه، أمّا لو التفت يمنة أو يسرة فالظاهر أنه كان يلتفت بعنقه الشريف.
صفة دُعائه:
" كان النبي صلى الله عليه و سلم يُحب الجوامع من الدعاء و يدع ما بين ذلك " ، حديث صحيح رواه أحمد.
و من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم في الأخلاق: (اللهم اهدني لأحسن الأعمال وأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، و قني سيء الأعمال و سييء الأخلاق، لا يقي سَيِّئها إلا أنت)، أخرجه النسائي.
صفة تسبيحه:
" كان يعقد التسبيح بيمينه"، حديث صحيح رواه البخاري و الترمذي و أبو داود ( أي يسبِّح على عقد أصابع يده اليمنى ).
من أخلاقه صلى الله عليه و سلم :
عن عائشة رضي الله عنها قالت: " ما خُيِّرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين قط إلا اختارأيسرهماما لم يكن إثماً، فإن كان إثماً كان أبعد ما يكون عنه وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسهفي شيءقط إلا أن تُنهَكَ حُرمة الله، فينتقم للّه بها ".
وعن عائشة أيضاً قالت: " ما ضرب رسول الله صلى الله عليه و سلم شيئاً بيده قط، و لا امرأة، و لا خدماً إلاّ أن يجاهد في سبيل الله، و ما نيلَ من شيء قط، فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيئاً من محارِم الله ،فينتقم لله ".
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه(خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال: " كان رسول الله صلىالله عليه وسلم من أحسن الناس خُلُقاً، فأرسلني يومأً لِحاجة، فقلت: والله لا أذهب، وفي نفسي أنأذهب لِماأمرني به نبي الله صلى الله عليه وسلم. فخرجتُ حتى أمُرَّ على صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذابرسول اللهصلى الله عليه وسلم بقفاي (من ورائي)، فنظرتُ إليه وهو يضحك.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أُنَيس ذهبتَ حيث أمرتُك، فقلت: أنا أذهب يا رسول الله!.
قال أنس رضي الله عنه: والله لقد خدمته تسع سنين ما عَلِمته قال لشيء صنعتُه، لم فعلتَ كذا وكذا؟ ولاعاب علَيّ شيئاً قط، والله ما قال لي أُف قط"، رواه مسلم.
قلت فكم من مرة قلنا لوالدينا أفٍّ أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فما قال لخادمه أفٍّ قط!!.
وعن أبي هالة عن الحسن بن علي قال أن النبي عليه الصلاة والسلام كان خافض الطرف (من الخفض ضد الرفع فكان إذا نظر لم ينظر إلى شيء يخفض بصره لأن هذا من شأن من يكون دائم الفكرة لاشتغال قلبه بربه)، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، وكان جل نظره الملاحظة (المراد أنه لم يكن نظره إلى الأشياء كنظر أهل الحرص والشره بل بقدر الحاجة)، يسوق أصحابه أمامه (أي يقدمهم أمامه، ويمشي خلفهم تواضعاً، أو إشارة إلى أنه كالمربي، فينظر في أحوالهم وهيئتهم، أو رعاية للضعفاء وإغاثة للفقراء، أو تشريعاً، وتعليماً، وفي ذلك رد على أرباب الجاه وأصحاب التكبر والخيلاء )، وكان صلى الله عليه وسلم يبدر من لقي بالسلام.
لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم من أكمل الناس شرفاً وألطفهم طبعاً وأعدلهم مزاجاً وأسمحهم صلة وأنداهم يداً لأنه مستغن عن الفانيات بالباقيات الصالحات.
* وقد أكّد الرسول صلى الله عليه وسلم على التواضع في جملة في الأحاديث منها:
– قوله صلى الله عليه وسلم: "أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلُقاً ، و خِياركم خِياركم لِنسائه خُلُقا ".
– وقوله صلى الله عليه وسلم: "إن المؤمن لَيُدرك بِحُسن خُلُقه درجة الصائم القائم "، صحيح رواه أبو داود.
* العفو عند الخصام:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنَّ رجلاً شتم أبا بكر والنبي صلى الله عليه و سلم جالس يتعجب و يبتسم، فلما أكثر ردّ عليه بعض قوله، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم، فلحقه أبو بكر قائلاً له: يا رسول الله كان يشتمني وأنت جالس، فلما رددت عليه بعض قوله غضبتَ وقُمتَ !!.
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كان معك مَلَك يرد عليه ، فلما رددتَ عليه وقع الشيطان (أي حضر) يا أبا بكر ثلاث كلهن حق : ما من عبدظُلِمَ بمظلمة فيُغضي (أي يعفو) عنها لله عز و جل إلا أعزَّ الله بها نصره و ما فتح رجل باب عطِيَّة ( أي باب صدقة يعطيها لغيره) يريد بها صلة إلا زاده الله بها كثرة، و ما فتح رجل باب مسألة (أي يسأل الناس المال ) يريد بها كثرة إلا زاده الله بها قِلَّة ".
* من تواضع الرسول صلى الله عليه و سلم:
عن أنس رضي الله عنه قال: " ما كان شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانواإذارأوه لم يقوموا له لِما يعلمون من كراهيته لذلك "، رواه أحمد والترمذي بسند صحيح.
"كان يزور الأنصار، ويُسَلِّم على صبيانهم ، و يمسح رؤوسهم "، حديث صحيح رواه النسائي.
وكان عليه الصلاة والسلام يأتي ضعفاء المسلمين ويزورهم ويعود مرضاهم ويشهد جنائزهم. وكان يجلس على الأرض و يأكل على الأرض ويجيب دعوة العبد، كما كان يدعى إلى خبز الشعير فيجيب.
عن أنس رضي الله عنه قال: " كانت ناقة رسول الله صلى الله عليه و سلم لا تُسبَق أو لا تكاد تُسبَق، فجاء أعرابي على قعود له (أي جمل) فسبقها، فشق ذلك على المسلمين حتى عرفه، فقال الرسول صلىالله عليه وسلم: "حق على الله أن لا يرتفع شيء من الدنيا إلا وضعه "، رواه البخاري.
* من رِفق الرسول صلى الله عليه و سلم :
قال الله تعالى:{ لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عَنِتُّم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم}.
عن أنس رضي الله عنه قال: " بينما نحن في المجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ جاء أعرابيفقاميبول في المسجد فصاح به أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم: مَه مَه ( أي اترك ) !!.
قال النبي عليه الصلاة و السلام: لا تُزرموه، (لا تقطعوا بوله).
فترك الصحابة الأعرابي يقضي بَوله، ثم دعاه الرسول صلى الله عليه و سلم و قال له:
" إن المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول والقذر، إنَّما هي لِذِكر الله والصلاة و قراءة القرآن"، ثم قال لأصحابه صلى الله عليه و سلم: " إنَّما بُعِثتم مُبَشِرين،ولم تُبعَثوا معسرين، صُبّوا عليه دلواً من الماء ".
عندها قال الأعرابي: "اللهم ارحمني ومحمداً، ولا ترحم معنا أحداً ".
فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم : "لقد تحجَّرتَ واسعاً"، (أي ضَيَّقتَ واسعاً)، متفق عليه.
وعن عائشة رضي الله عنها رَوَت أنَّ اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم، فدار بينهم الحوار الآتي:
– اليهود: السَّام عليك، (أي الموت عليك).
– الرسول صلى الله عليه و سلم : وعليكم.
– عائشة: السَّام عليكم، ولعنكم الله وغَضِبَ عليكم !.
-الرسول صلى الله عليه وسلم: مهلاً يا عائشة! عليكِ بالرِّفق، و إيَّاكِ و العنف و الفُحش .
– عائشة: أوَلم تسمع ما قالوا ؟!!.
– الرسول صلى الله عليه و سلم: أوَلم تسمعي ما قُلت، رددتُ عليهم، فيُستَجاب لي ولا يُستَجاب لهم فيَّ.
وفي رواية لمسلم: (لا تكوني فاحشة، فإنَّ الله لا يحب الفُحش والتَّفَحُّش).
* الرحمة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " قَبَّل رسول الله صلى الله عليه و سلم الحَسَن بن عليّ، وعنده الأقرعبنحابس التيمي، فقال الأقرع: إنَّ لي عشرة من الولد ما قَبَّلتُ منهم أحداً، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال: "من لا يَرحم لا يُرحم "، متفق عليه.
*سِعة قلبه منذ طفولته إلى لحظة وفاته:
روى ابن اسحق و ابن هشام أنَّ حليمة لمَّا جاءت كان على صدرها ولد لا يشبع من ثديها و لا من ناقتها، فناقتها عجفاء وثديها جاف. وراحت تبحث عن طفل تُرضِعه وتأخذ من المال من أهله ما تأكل به طعاماً فيفيض حليباً. بحثت في الأطفال فلم تَرَ إلا اليتيم (محمد صلى الله عليه وسلم)، فأعرضت عنه و سألت عن غيره فما جاءها غيره، فعادت إليه، أخذته ومشت. تقول حليمة فيما رواه ابن اسحق:فلمَّا وضعته على ثديي ما أقبل عليه، وقد شعرتُ أن ثديي قد امتلأ بالحليب، أعطيه الثدي لا يقبله، انتبهت إلى أن أخاه يبكي من الجوعفوضعتهفأخذت أخاه فأرضعته، فشرب، فشبع، ثم حملتُ ابني محمداً فوضعته على ثديي فأخذه ".
ما أخذ ثديها وله أخ جائع و هو طفل صغير. إن الله تعالى جعله محبوباً من اللحظة الأولى، فما كان يقبل أن يأكل حتى يأكل أخاه، وما كان يقبل أن يأكل حتى يفيض الطعام.
وما ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل من إناء وانتهى الطعام الذي فيه أبداً.
قال عنه عمه أبو طالب:كان إذا جاء الأولاد للطعام ، امتنع حتى يأكل الأولاد جميعاً، و لا يقترب حتىيأكلوالأنه لا يريد أن يُقَلِّل على أحد غذاءه، فهو يصبر ليشبع الآخرون، فما كان يوماً يُجاذِب الدنيا أحداً، فهو يعلمأن الحب ينبع من إعراضك عن الدنيا، فإذا أحببتَ الدنيا أعرض الناس عنك وإذا أحببتَ الله أقبَلَالناس إليك.
من منَّا إذا دخلَت عليه ابنته يقوم لها؟ كان إذا دخلت فاطمة قام لها وقال: "مرحباً بمن أشبهَت خُلُقي وخلقي". و تعالوا نرى كيف عبَّر عليه الصلاة والسلام عن حبه للزهراء ، هل كان ذلك بمال أو بأثاث؟ أبداً و لكن بقربان إلى الله تعالى ، فكانت كلما جاء جبريل عليه السلام بكنز فيه قربة من الله، يقول صلى الله عليه وسلم: " يا فاطمة، جاءني جبريل بكنز من تحت العرش، تعالي أعطيكِ إيَّاه، فأنت أحبُّ الناس إلَيّ يا فاطمة. ولمَّا شَكَت له يوماً من أعمال المنزل وطلبت منه خادمة، قال لها عليه الصلاة والسلام: ألا أعطيكِ ما هو خير من ذلك؟ قالت: نعم فقال لها: تقولي بعد كل فريضة، سبحان الله ثلاثاً وثلاثين والحمد لله ثلاثاً وثلاثين و الله أكبر ثلاث و ثلاثين وتمام المئة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شيء قدير ". فهذا خير لها من الخادمة في الدنيا والآخرة، فهو يُعينها في دنياها وينفعها في آخرتها، وقد قبلت فاطمة ما أعطاها والدها وهي مسرورة فرِحَة …
* حبه لأمَّته صلى الله عليه وسلم:
بعد أن عُرِجَ بالنبي صلى الله عليه وسلم و كَرَّمه ربه، سأله رب العزة :"يا محمد، أبَقِيَ لكَ شيء؟ قال : نعمربي. فقال سبحانه وتعالى: سَل تُعط. فقال: أمَّتي ، أمَّتي ". لم يقل أبنائي، لم يقل أصحابي، لم يقل أهلي، قال أمَّتي.
و قد ورد في بعض كتب التفسير عند قوله تعالى :{ وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: 5]، أنه لمَّا نزلت عليه هذه الآية قال: " اللهم لا أرضى يوم القيامة و واحد من أمَّتي في النار ".
لقد أرسل لنا عليه الصلاة والسلام نحن الذين نعيش في هذا الزمن ولكل الذين عاشوا بعده: " بلِّغوا السلام عني من آمن بي إلى يوم القيامة ". سَلَّمَ علينا قبل أن نكون شيئاً مذكوراً، و عرفنا قبل أن نعرفه ، فكيف لا نكافىء هذا الحب بحب؟‍‍‍‍‍!!!.
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه عدد خلقك ورضاء نفسك و زنة عرشك ومداد كلماتك، كلما ذكرك الذاكرون وغفل عن ذكرنا الغافلون.
*من كرم النبي صلى الله عليه و سلم:
عن أنس رضي الله عنه أنَّ رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاه غنماً بين جبلين، فأتى قومه فقال:
" أي قوم،أسلِموا، فإنَّ محمداً يُعطي عطاء ما يخاف الفاقة، فإنه كان الرجل لَيجيء إلى رسول الله ما يريد إلا الدنيا، فما يُمسيحتى يكون دينه أحَبُّ إليه و أعَزُّ عليه من الدنيا و ما فيها ".
ولقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم أجود الناس صدراَ، أي أن جوده كان عن طيب قلب وانشراح صدر لا عن تكلف وتصنع .
وورد في رواية أخرى أنه عليه الصلاة والسلام كان أوسع الناس صدراَ وهو كناية عن عدم الملل من الناس على اختلاف طباعهم وتباين أمزجتهم.
جامع صفاته صلى الله عليه وسلم:
عن إبراهيم بن محمد من ولد علي بن أبي طالب قال:
كان علي رضي الله عنه إذا وصف النبي صلى الله عليه وسلم قال: …." أجود الناس صدراً وأصدق الناس لهجة وألينهم عريكة، وأكرمهم عشيرة ، من رآه بديهةً هابه ، ومن خالطه معرفةً أحبه، يقول ناعِته لم أر قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم "، أخرجه الترمذي وابن سعد والبغوي في شرح السنة والبيهقي في شعب الأيمان.
و ما ألطف قول ابن الوردي رحمه الله تعالى:
يا ألطف مرسل كريم ما ألطـف هذه الشمائل
عراقة أصله:
هو خير أهل الأرض نسباً على الإطلاق، فلِنَسَبِهِ من الشرف أعلى ذروة، وأعداؤه كانوا يشهدون له بذلك، ولهذا شهد له به عدوه إذ ذاك أبو سفيان بين يدي ملك الروم، فأشرف القوم قومه وأشرف القبائل قبيلته. وصدق الله تبارك وتعالى إذ يقول :{فَإنَّهُمْ لاَ يُكَذَّبُونكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِنَ بآيَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ}.
ويؤيد ذلك ما جاء على لسان أبي جهل عدو الله وعدو رسوله إذ قال للنبي – صلى الله عليه وسلم -:
" قد نعلم يا محمد أنك تصل الرحم وتصدق الحديث ولا نكذبك ولكنّ نكذب الذي جئت به " أخرجه الحاكم في مستدركه هذا صحيح على شرط الشيخين. فأنزل الله -عز وجل-: {قَد نَعْلَمُ إنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذَّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِنَ بآيَاتِ الله يَجحَدُونَ}، [الأنعام: 33].
ولهذا ورد أنهم عرضوا عليه الجاه والسيادة والملك وجمع الأموال والمغريات الأخرى مقابل ترك هذه الدعوة أو جزءاً منها كحل وسط ولكنهم لم ينجحوا فيها لأنّ موقف الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان ثابتاً.
وعرض هذه الأمور عليه يدل على سمو مكانة النبي -صلى الله عليه وسلم – من جهة النسب عند قومه قريش الذين كانوا يأنفون أن يخضعوا للوضيع مهما كان الأمر وخاصة إذا جاء بأمر يخالف عاداتهم وتقاليدهم مثل ما جاء به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الدين الحنيف والدعوة إلى التوحيد ونبذ الشرك والأوثان وما كان سائداً في مجتمع مكة من عادات وتقاليد جاهلية.
عادة الصحابة في تعظيمه عليه الصلاة والسلام وتوقيره وإجلاله:
عن ابن شُمَاسَةَ المهَرِيِّ قال حضرنا عمرو ابن العاص فذكر لنا حديثاً طويلاً فيه: "وما كان أحدٌ أحب إليَّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أجلَّ في عيني منه، وما كنت أطيقُ أن أملأ عيني منهُ إجلالاً له، ولو سئلتُ أن أصفه ما أطقت، لأني لم أكن املأ عيني منه ".
وروى الترمذي عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرجعلى أصحابه من المهاجرين والأنصار وهم جلوس فيهم أبو بكر وعمر، فلا يرفع أحدُ منهم إليه بصره إلا أبو بكر وعمرُ، فإنهما كانا ينظران إليه، وينظر إليهما، ويبتسمان إليه ، ويبتسمُ لهما.
ولما أذنت قريش لعثمان في الطواف بالبيت حين وجهه النبي صلى الله عليه وسلم إليهم في القضية أبى وقال: ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه و سلم.
وروى أسامة بن شريك قال: " أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حوله كأنما على رؤوسهم الطير ".
وفي رواية أخرى: " إذا تكلم أطرق جلساؤه وكأنما على رؤوسهم الطير".
وقال عروة بن مسعود حين وَجَّهَتْهُ قريش عام القضية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورأى من تعظيم أصحابه له ما رأى، وأنه لا يتوضأ إلا ابتدروا وضوئه، وكادوا يقتتلون عليه ولا يبصق بصاقاً ولا يتنخم نخامة إلا تلقوها بأكفهم، فدلكوا بها وجوههم وأجسادهم ، ولا تسقط منه شعرة إلا ابتدروها، وإذا أمرهم بأمر ابتدروا أمره، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده، وما يُحِدَّونَ إليه النظر تعظيماً له، فلما رجع إلى قريش قال:
" يا معشر قريش ، إني جئتُ كسرى في ملكه ، وقيصر في ملكه ، والنجاشي في ملكه، وإني والله ما رأيت ملكاً في قوم قط مثل محمد في أصحابه ، وقد رأيت قوماً لا يسلمونه أبداً ".
غض الصوت وقت مخاطبته صلى الله عليه وسلم:
من المعلوم أنَ الرسول صلى الله عليه وسلم هو المصدر الوحيد الذي يتلقى عنه المسلمون تعاليم الله سبحانه وتعالى سواء كان قرآنا أو سنة أو حديثاً قدسياً، لذلك يجب عليهم أن يتأدبوا معه صلى الله عليه وسلم أثناء كلامه معهم أو كلامهم معه، وذلك بخفض الصوت وترك الجهر العالي كما يكون بين الإنسان وصديقه لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذينَ ءامنوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ولاَ تَجْهَرُوا لَهُ بالقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ} [الحجرات: 2].
يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية: "هذا أدب ثان أدّب الله تعالى به المؤمنين أن لا يرفعوا أصواتهم بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فوق صوته".
والأدب هنا يحصل بمجانبة أمرين أثنين:
أولاهما: رفع الصوت فوق صوته صلى الله عليه وسلم أخذا من النهي الوارد في قوله:
{لاَ تَرْفَعُوا أّصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتَ النَّبيِّ ..}.
ثانيهما: الجهر بالقول له صلى الله عليه وسلم كالجهر بعضكم بعضاً أخذا من النهي الوارد في قوله تعالى: {…. ولاَ تَجْهَرُوا لَهُ بِالقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ …..}.
وقد فرق المفسرون بين النهيين الواردين في الآية حيث قالوا: إن الأول يتعلق برفع الصوت فوق صوته – صلى الله عليه وسلم – أثناء كلامه معهم، وأما الثاني فيتعلق بالجهر له صلى الله عليه وسلم وقت صمته.
ومنهم من يقول: إن النهي الأول يتعلق وقت خطابه معهم أو خاطبهم معه أو صمته، وأنّ الثاني يتعلق بندائه صلى الله عليه وسلم باسمه المجرد أو بكنيته ، مثل يا محمد أو يا أبا القاسم.
وقد أجمل النيسابوري رحمه الله تعالى في ما ورد في التفريق بين هذين النهيين قائلاً:
" والجمهور على أن بين النهيين فرقاً ثم اختلفوا فقيل:
الأول: فيما إذا نطق ونطقتم أو أنصت ونطقوا في أثناء كلامه فنهوا أن يكون جهرهم باهر الجهر.
والثاني: فيما إذا سكت ونطقوا ونهوا عن جهر مقيد بما اعتادوه بما بينهم وهو الخالي عن مراعاة أبهة النبوة. وقيل: النهي الأول أعم مما إذا نطق ونطقوا أو أنصت ونطقوا والمراد بالنهي الثاني أن لا ينادى وقت الخطاب باسمه أو كنيته كنداء بعضكم لبعض فلا يقال : يا أحمد يا محمد يا أبا القاسم، ولكن يا نبي الله يا رسول الله.
والأدب الثاني هو أدبهم مع نبيهم في الحديث والخطاب وتوقيرهم له في قلوبهم توقيراً ينعكس على نبراتهم وأصواتهم، ويميز شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم، ويمييز مجلسه فيهم، والله يدعوهم إلى ذلك النداء الحبيب ويحذرهم من مخالفة ذلك التحذير الرهيب.
والتحذير الرهيب هو إحباط العمل الصالح بدون شعور صاحبه أخذاً من قوله تعالى:
{.. أّنْ تَحْبَطَ أَعْمِالُكُمْ وَ أَنْتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ}.
وأحسن ما قيل في تأويل هذه الآية ما ذكره ابن المنير- رحمه الله حيث يقول:
" والقاعدة المختارة أنّ إيذاءه – عليه الصلاة والسلام -يبلغ مبلغ الكفر المحبط للعمل باتفاق، فورد النهي عما هو مظنّة لأذى النبي- صلى الله عليه وسلم – سواء وجد هذا المعنى أو لا، حمايةً للذريعة وحسماً للمادة.
وهذا على غرار قوله تعالى في قضية الإفك:{… وَتَحْسَبُونَهُ هَيَّناً وَهوَ عِندَ اللهِ عَظِيمٌ}.
وقوله صلى الله عليه وسلم" إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوى بها في جهنم"، صحيح البخاري.
وقد التزم الصحابة رضوان الله عليهم بهذا الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عهده كما ورد في الآثار: منها قول أبي بكر رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي أنزل عليك الكتاب يا رسول الله لا أكلمك إلا كأخي السرار حتى ألقى الله عز وجل "، أورده الحاكم في مستدركه وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
هكذا ارتعشت قلوبهم وارتجفت تحت وقع ذلك النداء الحبيب، وذلك التحذير الرهيب، وهكذا تأدبوا في حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم خشية أن تحبط أعمالهم وهم لا يشعرون وتداركوا أمرهم ولكنّ هذا المنزلق الخافي عليهم كان أخوف عليهم فخافوه واتقوه:
{إنَّ الذينَ يَغُضُّونَ أَصوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ أُولَئِكَ الَّذِيْنَ امتَحَنَ اللهُ قُلوبَهُمْ للِتَّقْوَى لَهُم مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} [الحجرات: 3].
هكذا كان الأمر في حياته صلى الله عليه وسلم وأمَا بعد مماته فكذلك يجب على المسلم أن يتأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بحيث لا يرفع صوته عند سماع أحاديثه صلى الله عليه وسلم لأن حرمته ميتاً كحرمته حياً سواءً بسواء وأن أحاديثه تقوم مقامه.
يقول ابن العربي رحمه الله تعالى:
" حرمة النبي صلى الله عليه وسلم ميتاً كحرمته حياً وكلامه المأثور بعد موته في الرفعة مثل كلامه المسموع من لفظه ، فإذا قُرِيء كلامه وجب على كل حاضر ألا يرفع صوته عليه، ولا يعرض عنه كما كان يلزمه ذلك في مجلسه عند تلفظه به، وقد نبّه الله تعالى على دوام الحرمة المذكورة على مرور الأزمنة بقوله تعالى:
{وإذا قُرِىءَ القُرْآنُ فاسْتَمِعُوا لَهُ وأَنصِتُوا …} [الأعراف: 204].
وكلام النبي صلى الله عليه وسلم من الوحي وله الحرمة مثلما القرآن إلا معاني مستثناة بيانها في كتب الفقه، والله أعلم. ويُراعى هذا الأدب – وهو عدم رفع الصوت – أيضا في مسجده صلى الله عليه وسلم، لما أخرجه البخاري بسنده عن السائب بن يزيد قال: " كنتُ قائماً في المسجد فحصبني رجل، فنظرت فإذا هو عمر بن الخطاب فقال: اذهب فأتِني بهذين فجئته بهما، قال: من أنتما؟ أو من أين أنتما؟ قالا: من أهل الطائف قال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم"، صحيح البخاري.
كما أن هذا الأدب المستفاد من الآية يكون مع العلماء لأنهم ورثة الأنبياء وكذلك مع الأبوين وغيرهما لمن له فضل على الإنسان المسلم ، فلا شك أنّ هؤلاء الأشخاص يأخذون هذا الحكم وينبغي التأدب معهم وتوقيرهم بالشكل اللائق بهم مع مراعاة الفرق بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنَ مقامه أرفع من هؤلاء جميعاً وهو صلى الله عليه وسلم المعنيُّ بالآية أصلاً وهؤلاء تبعاً وليس الفرع كالأصل وإن اشتركا في أمور، والله تعالى يقول: {النَّبيُّ أَوْلَى بالمُؤْمِنِيْنَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ …} [الأحزاب: 6] بل ينبغي أن يحترم العبد النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من سيده.
وفي مجال التأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلم جاء التنبيه في القرآن الكريم على ضرورة عدم مناداته بطريقة جافة ومزعجة بل لا بد من مراعاة مقامه وقدره وبالأخص عندما يكون في بيته مع نسائه وأولاده.
يقول تعالى: {إنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الحُجُرَاتِ أَكْثَرُهم لاَ يَعْقِلُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهمْ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ واللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الحجرات: 4] .
عن الأقرع بن حابس رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " يا محمد أخرج إلينا، فلم يجبه ، فقال: يا محمد إن حمدي زين وانّ ذمي شين"، فقال الله تعالى: {إنَّ الَّذِيْنَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ}.
وقد تضمنت الآية أمرين :
أولهما: عدم إزعاج الرسول صلى الله عليه وسلم في وقت خلوته في بيته مع نسائه بالنداء غير اللائق به.
وثانيهما: الإرشاد إلى ما ينبغي أن يفعل في هذه الحالة وهو الانتظار إلى أن يحين وقت خروجه.
و في ذلك قال الله عز وجل: {وّلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيهِمْ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ} أي: لكان في ذلك الخير والمصلحة في الدنيا والآخرة.
وهذا لا يعني أنه لا يجوز مناداته صلى الله عليه وسلم بتاتاً ، وإنما المحظور مناداته في وقت خلوته مع نسائه في بيته كما في هذه الحالة، وكذلك مناداته بصوت مرتفع خالٍ من الاحترام والتقدير بل ينبغي أن ينادى بصوت منخفض وبصيغة معينة تتناسب مع قدره وعظمته ووقاره مثل: يا رسول الله، يا نبي الله ، لا مجرد اسمه مثل: يا محمد، ويا أحمد، ويا أبا القاسم . كما ينادي الناس بعضهم بعضاً.
وهذا ما أشار إليه قوله تعالى:
{ لاَ تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً …} [النور: 63].
ومما تدل عليه هذه الآية أنه نهي لهم عن الإبطاء إذا أمرهم والتأخر إذا دعاهم.
يجب على المسلم أن يدع هذه النداءات السوقية في لفظها وكيفيتها مثل: يا محمد، ويا أحمد، أو كنيته مثل: يا أبا القاسم كما كانوا يفعلونه من قبل، وأن يناديه صلى الله عليه وسلم نداءً يتناسب مع مقامه ومكانته مثل: يا رسول الله ويا نبيالله ، اقتداءً بما في القرآن من نداء الله سبحانه وتعالى له صلى الله عليه وسلم بحيث لم يناد رسوله في القرآن بمجرد اسمه ولو مرة واحدة وإنما ناداه بصفة النبوة والرسالة وغيرها من الصفات الثابتة له في القرآن الكريم.
كقوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبيُّ قُلْ لأزْوَجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الحَيَاةَ الدُّنْيَا…} [الأحزاب: 28] و {يا أَيُّهَا المُزَّمِّلُ قمِ اللَّيْلَ إِلاّ قَلِيلاً.. } و {يَا أّيُّهَا المُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ }.
مع أنه سبحانه قد قال:
{وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الجَنَّةَ..} [البقرة: 35].
{ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ …} [هود: 46].
{يَا إبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا …} [هود: 76].
{ يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيْفَةً فِي الأَرْضِ ..} [ص: 26].
لزوم محبته صلى الله عليه وسلم :
قال الله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}. [ التوبة: 24] .
فكفى بهذا حضاً وتنبيهاً ودلالة وحُجَّة على إلزام محبته، ووجوب فرضها وعظم خطرها، واستحقاقه لها صلى الله عليه وسلم، إذ قرَّع الله تعالى من كان ماله وأهله وولده أحب إليه من الله ورسوله، وتوَعَّدهم بقوله تعالى: {فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ}. [التوبة: 24]. ثم فسَّقهم بتمام الآية، وأعلمهم أنهم ممن ضَلّ ولم يهده الله سبحانه وتعالى.
وعن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" ثَلاثٌ مّنْ كُنَّ فيه وجَدَ حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهمُا، وأن يُحبَّ المرءَ لا يُحبهُ إلا لله، وأن يَكرَهَ أن يعود في الكفر كما يكره أن يُقذف في النار "، رواه مسلم ونسائي.
وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده ووالده والناس أجمعين "، أخرجه البخاري ومسلم.
حب الرسول صلى الله عليه وسلم من تمام الإيمان:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده ووالده والناس أجمعين "، أخرجه الشيخان وأحمد والنسائي.
وفي الحديث جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أقسام المحبة التي تكون بين الناس وهي ثلاثة:
1– محبة إجلال وإعظام كمحبة الولد والده.
2– محبة إشفاق ورحمة كمحبة الوالد ولده.
3– محبة مشاكلة واستحسان كمحبة سائر الناس.
أما محبته صلى الله عليه وسلم فهي فوق هذا كله كما يفيد أفعل التفضيل في قوله:" أحب أليه".
وفي حديث عمر: " أنت أحبُّ إليّ يا رسول الله من كل شيء إلا نفسي التي بين جنبي. فقال له عليه الصلاة والسلام: لا تكون مؤمناً حتى أكون أحب إليك من نفسك، فقال عمر: والذي أنزل عليك الكتاب، لأنت أحبُ إلىَّ من نفسي التي بين جنبي، فقال صلى الله عليه وسلم: " الآن يا عُمُر تم إيمانك "، أخرجه البخاري.
قال القاضي عياض:
" اختلف الناس في تفسير محبة الله ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم وكثرت عباراتهم في ذلك وليست ترجع بالحقيقة إلى اختلاف مقال ولكنها اختلاف أحوال ، فقال سفيان : " المحبة اتِّباع الرسول، كأنه التفت إلى قوله تعالى: {قُل إنْ كُنْتُم تُحِبُّونَ الله فاَتَّبعُونِ يُحْبِبْكُمُ اللهُ ..} [آل عمران: 31] وقال بعضهم: محبة الرسول اعتقاد نصرته والذب عن سنته والانقياد لها وهيبة مخالفته ، وقال بعضهم: المحبة دوام الذكر للمحبوب ، وقال آخر إيثار المحبوب وقال بعضهم: المحبة الشوق إلى المحبوب، وقال بعضهم : المحبة مواطأة القلب لمراد الرب بحُبِّ ما أحبَّ وبِكُرهِ ما كَرِهَ، وقال آخر: المحبة ميل القلب إلى موافق له، ثم قال: وأكثر العبارات المتقدمة إشارة إلى ثمرات المحبة دون حقيقتها، وحقيقة المحبة الميل إلى ما يوافق الإنسان ".
ويقول أبو عبد الله المحاسبي:
" والمحبة في ثلاثة أشياء لا يسمى محباً لله عز وجل إلا بها:
1– محبة المؤمنين في الله عز وجل.
2– محبة الرسول صلى الله عليه وسلم لله عز وجل.
3– محبة الله عز وجل في إيثار الطاعة على المعصية.
" وحقيقة المحبة الميل إلى ما يوافق الإنسان وتكون موافقته إمّا لاستلذاذه بإدراكه كحب الصور الجميلة والأصوات الحسنة والأطعمة والأشربة اللذيذة وأشباهها مما يميل كل طبع سليم إليها لموافقتها له ، أو لاستلذاذه بإدراكه بحاسة عقله وقلبه معاني باطنة شريفة كحب الصالحين والعلماء وأهل المعروف المأثور عنهم السِّيَر الجميلة والأفعال الحسنة ، فإن طبع الإنسان مائل إلى الشغف بأمثال هؤلاء حتى يبلغ التعصب بقوم لقوم والتشيع من أمة في آخرين ما يؤدي إلى الجلاء عن الأوطان وهتك الحرم واحترام النفوس أو يكون حبه إياه لموافقته له من جهة إحسانه له وإنعامه عليه فقد جُبِلَت النفوس على حب من أحسن إليها".
ثم ذكر بعد ذلك أنّ هذه الأنواع المسببة للمحبة كلها مجتمعة في شخصيته صلى الله عليه وسلم على أتم وجه حيث قال: " فإذا تقرر لك هذا نظرت هذه الأسباب كلها في حقه صلى الله عليه وسلم فعلمت أنّه جامع لهذه المعاني الثلاثة الموجبة للمحبة . فقد تميّز بجمال الصورة والظاهرة وكمال الأخلاق والباطن، كما تميز بإحسانه وإنعامه على أمته.
وقد ذكر الله تعالى في أوصافه رأفته بهم ورحمته لهم وهدايته إياهم وشفقته عليهم واستنقاذهم من النار وأنّه بالمؤمنين رؤوف رحيم ورحمة للعالمين ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه، ويتلوا عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة ويهديهم إلى صراط مستقيم ، فأي إحسان أجل قدراً وأعظم خطراً من إحسانه إلى جميع المؤمنين، وأي إفضال أعمّ منفعة وأكثر فائدة من إنعامه على كافة المسلمين، إذ كان ذريعهم إلى الهداية، ومنقذهم من العماية وداعيهم إلى الفلاح والكرامة، ووسيلتهم إلى ربّهم وشفيعهم والمتكلم عنهم والشاهد لهم والموجب لهم البقاء الدائم والنعيم السرمدي فقد استبان لك أنه صلى الله عليه وسلم مستوجب للمحبة الحقيقية شرعاً.. إلى أن قال: فإذا كان الإنسان يحب من منحه في دنياه مرة أو مرتين معروفاً أو استنقذه من هلكة أو مضرة مدة التأذّي بها قليل منقطع فمن منحه ما لا يبيد من النعيم ووقاه ما لا يفنى من عذاب الجحيم أولى بالحب، وإذا كان يحب بالطبع ملكاً لحسن سيرته أو حاكماً لما يؤثر من قوام طريقته أو قاص بعيد الدار لما يشاد من علمه أو كرم شيمته فمن جمع هذه الخصال كلها على غاية مراتب الكمال أحق بالحب وأولى بالميل".
علامة محبته صلى الله عليه وسلم:
إن من أحب شيئاً آثرَ موافقته، وإلا لم يكن صادقاً في حُبه، وكان مُدعياً، فالصادق في حب النبي صلى الله عليه وسلم من تظهر علامة ذلك عليه، وأولها: الإقتداء به، واستعمال سنته، واتباع أقواله وأفعاله، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، والتأدب بآدابه في عُسره ويُسره، ومنشطه ومكرهه، وشاهد هذا قوله تعالى:
{ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [ آل عمران: 31 ]، وإيثار ما شرعه، والحض عليه وتقديمه على هوى نفسه وموافقة شهوته.
قال الله تعالى:
{وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9].
قال أنس بن مالك رضي الله عنه: " قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا بنيَّ إن قدرت أن تصبح وتمسي ليس في قلبك غِشٌ لأحدٍ فافعل "، ثم قال لي: يا بُنَيَّ وذلك من سنتي ، ومن أحيا سنتي فقد أحبني، ومن أحبني كان معي في الجنة ".
فمن اتصف بهذه الصفة فهو كامل المحبة لله ورسوله، ومن خالفها في بعض هذه الأمور فهو ناقص المحبة ولا يخرج عن اسمها.
و من علامات محبته صلى الله عليه وسلم:
الإيثار أي إيثار النبي صلى الله عليه وسلم على النفس كما يدل عليه قوله تعالى:
{وَالَّذِينَ تَبَوَّؤا الدَّارَ وَ الإيمَانَ من قَبلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَان بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَاُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ} [الحشر: 9].
والآية وإن كانت عامة في إيثار المهاجرين إلا أنه صلى الله عليه وسلم هو رئيس المهاجرين وقائدهم، وهو المحبوب الأول من الخلق أساساً، وأمّا غيره فتَبَعٌ له بحسب قربهم إليه صلى الله عليه وسلم ومتابعتهم إيّاه.
ومن علامات محبته صلى الله عليه و سلم أيضاً : بغض من أبغض الله ورسوله مهما كانت صلته ورتبته لقوله تعالى :{لاَ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ باللهِ واليوم الآخر يُوادُّونَ مّنْ حَادَّ الله وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا ءاباءهم أَو أَبناءهُمْ أَو إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيْمَان وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ…} [المجادلة: 22].
يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية:
قيل في قوله تعالى: {وَلَوْ كَانُوا آباءهُمْ}: نزلت في أبي عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح حين قتل أباه يوم بدر، و{أَوْ أَبْنَاءهُمْ} في الصِدِّيق لابنه عبد الرحمن ،{أَوْ عَشِيرَتُهُم}: في عمر قتل قريباً له يومئذ أيضاَ ..".
وهؤلاء قاموا بقتل أقرب أقربائهم في معركة بدر لأن حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم يقتضي قتل من حادَّ الله ورسوله وبغض من أبغض الله ورسوله.
ومن العلامات كذلك: حب من أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أي عكس الصورة السابقة لقوله صلى الله عليه وسلم: " الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضاً بعدي فمن أحبهم فبحبي أحبهم ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومنآذى الله يوشك أن يأخذه "، حديث حسن غريب.
ثمرة محبته صلى الله عليه وسلم:
من ثمرة محبته عليه الصلاة و السلام، مرافقة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين لحديث عائشة رضي الله عنها: " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم،فقال يا رسول الله: إنّك لأحبَ إلى من نفسي وإنك لأحب إليَ من ولدي وإني لأكون في البيت فأذكرك، فما أصبر حتى آتي فأنظر إليك،وإذا ذكرت موتك عرفت إنَك دخلت الجنة رفعت مع النبيين، وإنّي إذا دخلت خشيت أن لا أراك فأنزل الله تعالى:
{وَمَنْ يُطع الله والرَّسُولَ فأُولَئكَ مع الذين أنْعَمَ اللهُ عَلَيهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحيِنَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفيِقاً} [النساء: 69]، مجمع الزوائد وقال الهيثمي: ورواه الطبراني في الصغير والأوسط ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن عمران الغامدي وهو ثقة.
عن أنس رضي الله عنه أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "متى الساعة يا رسول الله؟ قال: ما أعددت لها؟ قال: ما أعددت لها من كثير صلاة، ولا صوم، ولا صدقة، ولكني أحب الله ورسوله، قال:" أنت مع من أحببت"، أخرجه البخاري ومسلم.
فهل من ثواب أرجى من أن يُحشَر المرء مع من أحب خاصة إذا كان المحبوب هو المصطفى صلى الله عليه و سلم!.
قال شهاب الدين الخفاجي رحمه الله تعالى:
وحـق المصطفـى لي فيـه حب إذا مرض الرجاء يكون طباً
ولا أرضى سوى الفردوس مأوى إذا كان الفتى مع من أحبا
صور من حب السلف للرسول صلى الله عليه وسلم:
هناك صور متعددة من حب السلف للرسول صلى الله عليه وسلم نذكر طرفاً منها في هذا المقام وخاصة ما روي في حب الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين للرسول صلى الله عليه وسلم:
من ذلك ما أخرجه الحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: " لمّا فرض عمر لأسامة بن زيد ثلاثة آلاف وفرض لي ألفين وخمسمائة قلت له: يا أبَتِ لم تفرض لأسامة بن زيد ثلاثة آلاف وتفرض لي ألفين وخمسمائة والله ما شهد أسامة مشهداً غبت عنه ولا شهد أبوه مشهداً غاب عنه أبي، فقال: صدقت يا بني، ولكني أشهد لأبوه كان أحبّ الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبيك ولهو أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك "، رواه الحاكم في مستدركه وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
ومنها ما روي أنّه لما أخرج أهل مكة زيد بن الدثنة من الحرم ليقتلوه، قال له أبو سفيان بن حرب: " أنشدك بالله يا زيد أتحب أن محمداً الآن عندنا مكانك لضرب عنقه وإنّك في أهلك؟ فقال زيد: والله ما أحبّ أن محمداً الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة وإنّي جالس في أهلي، فقال أبو سفيان: ما رأيت الناس أحداً يحب أحداً كحب أصحاب محمد محمداً ".
ومنها ما روي أن امرأة من الأنصار قتل أبوها وأخوها وزوجها فأخبروها بذلك فقالت: " ما فعل الله برسول الله؟ قالوا: بحمد الله كما تحبين، قالت: أرونيه حتى أنظره، فلما رأته قالت: كل مصيبة بعدك جلل ".
وقال صلى الله عليه وسلم: " أشدّ أمتي لي حباً قوم يكونون من بعدي ، يود أحدهم أنه فقد أهله وماله وأنه رآني"، أخرجه أحمد بسند حسن.
من معجزات الرسول صلى الله عليه وسلم

المعجزة هي أمر خارق للعادة يظهر على يد مدَّعي النبوة موافقاً لدعواه، على وجه يعجِز المنكِرين الإتيان بمِثلِه. والحكمة في إظهار المعجزة على أيدي الأنبياء الدلالة على صدقهم فيما ادَّعوه، إذ كل دعوى لم تقترن بدليل فهي غير مسموعة، والتمييز بينهم (أي بين الأنبياء) وبين من يدَّعي النبوّة كاذباً ؛ وهي قائمة مقام قول الله تعالى: "صدَق عبدي فيما يدَّعي ".

وفي ما يلي أبرز المعجزات التي أيَّد الله سبحانه وتعالى رسوله المصطفى المختار صلوات الله وسلامه عليه:
ما جاء في تكثير النبي صلى الله عليه و سلم للماء:
عن عبد الله بن مسعود قال:" كنا نَعُد الآيات بَركة، و أنتم تَعُدونها تخويفاً، كنا مع رسول الله صلىاللهعليه وسلم في سفر فقَلَّ الماء، قال عليه الصلاة والسلام: اطلبوا لي فضلة من ماء. فأدخَل يده فيالإناءوقال:حَيّ على الطَّهور المبارك، والبركة من الله. ويقول ابن مسعود: لقد رأيتُ الماء ينبع من بين أصابع الرسولصلى الله عليه وسلم، و لقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يُؤكل "، رواه البخاري.
ما جاء في سلام حَجَر عليه صلى الله عليه و سلم:
وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: " إنّي لأعرف حجراً بمكة كانيُسَلِّم عليّ قبل أن أبعث، إنّي لأعرفه الآن "، قيل الحجر الأسود وقيل غيره، رواه مسلم و الترمذي.
وقال عبد الله بن مسعود: " كنت أمشي في مكة فأرى حجراً أعرفه ما مرَّ عليه رسول الله صلى الله عليهوسلممرة إلا وسمعته بأذني يقول السلام عليك يا رسول الله ".
ما ظهر في كفه الشريف صلى الله عليه و سلم من الآيات :
عن أبي زيد بن أخطب رضي الله عنه قال : "مسح رسول الله صلى الله عليه و سلم على وجهي و دعا لي ".
قال عزرة أنَّه عاش مئة و عشرين سنة وليس في رأسه إلا شعيرات بيض، رواه الترمذي وحسنه الحاكم و وافقه الذهبي.
عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: " كان الصبيان يمرون بالنبي صلى الله عليه وسلم فمنهم من يمسح خده ومنهم من يمسح خديه فمررت به فمسح خدي فكان الخد الذي مسحه النبي صلى الله عليه وسلم أحسن من الخد الآخر"، أخرجه الطبراني وأصله في صحيح مسلم.
عن أبي ذر رضي الله عنه قال :" إني لشاهد عند رسول الله في حلقة وفي يده حصى فسبحن في يده وفينا أبو بكر وعمر وعثمان وعلي فسمع تسبيحهن من في الحلقة ". أخرجه الطبراني في الأوسط مجمع البحرين، والبزار واسناد الطبراني صحيح رجاله ثقات .
ولله در الشيخ جمال الدين أبو زكريا يحى بن يوسف الصرصري حيث قال في قصيدة له
لئن سبحت صـم لجبال مجيبــه لداود أو لان الحديد المصفـح
فإن الصخور الصُـــمَّ لانت بكفه و إن الحصا في كفـه ليسبِّـح
وإن كان موسى أنبع الماء من العصـا فمن كفه قد أصبح الماء يطفـح
· ما جاء في صوته صلى الله عليه وسلم من الآيات :
عن عبد الرحمن بن معاذ رضي الله عنه قال :"خطبنا رسول الله صلى الله عليه و سلم و نحن بمنى، فَفُتِحَتأسماعنا حتى كنا نسمع ما يقول و نحن في منازلنا و كنا جموع قريب من مئة ألف "، أخرجه أبو داود والنسائي وأحمد ..
· تلبية عِرق شجرة لنداء النبي صلى الله عليه و سلم و إقباله عليه:
عن ابن عباس رضي الله عنه قال :"جاء رجل من بني عامر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، كان يداوي و يعالج، فقال له : يا محمد إنك تقول أشياء، فهل لك أن أداويك ؟ قال فدعاه رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم قال له : هل لك أن أداويك ؟ قال : إيه . و عنده نخل و شجر، قال فدعا رسول الله صلى الله عليه و سلم عِرقاً منها، فأقبل إليه و هو يسجد و يرفع و يسجد حتى انتهى (أي وصل إليه)، فأمره النبي عليه الصلاة و السلام قائلاً : ارجع إلى مكانك فرجع إلى مكانه، فقال الرجل : و الله لا أكذِّبك بشيء تقوله بعدها أبدا !" .
· ما جاء في انشقاق القمر له صلى الله عليه و سلم :
عن أنس رضي الله عنه أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يُريهم آية فأراهم انشقاق القمر مرتين . قال الخطابي : انشقاق القمر آية عظيمة لا يكاد يعدلها شيء من آيات الأنبياء و ذلك أنه ظهر في ملكوت السماوات خارجاً عن جل طباع ما في هذا العالم المُرَكَّب من الطبائع .. قال تعالى :{اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر: 1] .
و عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : " انفلق القمر و نحن مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فصار فلقتين : فلقة من وراء الجبل و فلقة دونه . فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : اشهدوا " .
· ما جاء في حماية الملائكة الكرام له و الذَّب عنه :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال أبو جهل : هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم ؟ ( أي هل يصليجهارة أمامكم )، فقيل : نعم . فقال : و اللات و العزى لئِن رأيته يفعل ذلك لأطَأنَّ على رقبته أو لأعَفِرَنَّ وجهه في التراب . فأتى رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو يصلي لِيَطأ على رقبته، فما فاجأهم منه إلا و هو ينكص على عقبيه، و أخذ يقي وجهه بيديه، فقيل له : ما لك ؟ قال : إن بيني و بينه خندقاً من نار و هَولاً و أجنحة ‍‍‍!!!. فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضوا . و أنزل الله تعالى : {كَلا إِنَّ الإِنسَانَ لَيَطْغَى} [العلق: 6] إلى آخر السورة .
· إضاءة المدينة المنورة لقدومه عليه الصلاة و السلام و ظلامها لموته :
عن أنس رضي الله عنه قال : " لمَّا كان اليوم الذي قَدِم فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة،أضاءمنها كل شيء، فلمَّا كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء . و قال : ما نفضنا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم الأيدي حتى أنكرْنا قلوبنا "، (أي فقدنا أنوار قلوبنا التي كنا نشعر بها، ورسول الله صلى الله عليهو سلم فينا) .
· اهتزاز جبل أحد طرباً و وجداً للنبي صلى الله عليه و سلم :
هل سمع أحدنا أنَّ الجماد أحبّ ؟ أن يحب أحد الجدار لجماله أمر معقول و لكن أن ينطق الجدار بحبِّه لفلان فهذا أمر غريب !!. يقول سيدنا علي رضي الله عنه : بعد غزوة أُحُد ابتعد كثير من المسلمين عن جبل أُحُد لأنه استشهد في سفحه و سهله سبعون من خيار الصحابة، و ذهب رسول الله صلى الله عليه و سلم فوقف يوماً على أُحُد و صلى على شهداء أُحُد و معه أبو بكر و عمر و عثمان و في رواية عمر و علي . و بينما نحن على أُحُد إذ بأُحُد يهتز و إذا بالرسول يبتسم و يرفع قدمه الطاهرة و يضربها على الجبل و يقول : اثبت. لِما اهتز الجبل يا ترى و لِما ثبت بعد الضربة ؟ . فالجبل حينما شعر أن قَدَم الحبيب محمد صلى الله عليه و سلم مسَّته راح يرتجف من الطرب ولله درّ القائل .
لا تلوموا اُحداً لاضطراب إذ علاه فالوجد داءُ
أُحد لا يلام فهـو محبٌ ولكم أطرب المحب لقاءُ
· حنين جذع النخلة إليه صلى الله عليه و سلم :
كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يخطب على جذع، فلمَّا صُنِع له منبراً ترك الجذع و صعد المنبر و راح يخطب، فإذا بالجذع يئن أنيناً يسمعه أهل المسجد جميعاً، فنزل من على خطبته و قطعها و ضمّ الجذع إلىصدره و قال : هدأ جذع، هدأ جذع، إن أردتَ أن أغرسك فتعود أخضراً يؤكل منك إلى يوم القيامة أو أدفنك فتكون رفيقي في الآخرة . فقال الجذع : بل ادفني و أكون معك في الآخرة " .
يقول أنس بن مالك رضي الله عنه : "حينما توفي رسول الله صلى الله عليه و سلم كنا نقول : يا رسول الله إنَّ جذعاً كنتً تخطب عليه فترَكتَه فَحَنَّ إليك، كيف حين تركتنا لا تحنّ القلوب إليك ؟ .
· مخاطبته صلى الله عليه و سلم لقتلى بدر :
عن أنس أن النبي صلى الله عليه و سلم قال ليلة بدر : " هذا مصرع فلان إن شاء الله تعالى غداً و وضع يده على الأرض، هذا مصرع فلان إن شاء الله تعالى غداً و وضع يده على الأرض، فوالذي بعثه بالحق ما أخطأوا تلك الحدود، جعلوا يُصرعون عليها، ثم أُلقوا في القليب و جاء النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا فلان بن فلان و يا فلان بن فلان، هل وجدتم ما وعد الله حقاً ؟ قالوا :يا رسول الله تكلم أجساداً لا أرواح فيها ؟! فقال : ما أنتم بأسمع منهم و لكنهم لا يستطيعون أن يردوا عليّ " .
فائدة : سُئل السبكي عن الحكمة في قتال الملائكة مع النبي صلى الله عليه و سلم مع أنّ جبريل قادر على أن يدفع الكفار بريشة من جناحه (لقد أُهلِكت مدائن لوط بريشة من جناح جبريل)، فأجاب بأنّ ذلك لإرادة أن يكون الفعل للنبي صلى الله عليه و سلم و أصحابه و تكون الملائكة مدداً على عادة مدد الجيوش و دعاية لصورة الأسباب و سُنّتها التي أجراها الله في عباده .
· سماعه صلى الله عليه و سلم لأهل القبور يتعذبون :
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :" بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلال يمشيان بالبقيع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا بلال تسمع ما أسمع ؟ قال : لا والله يا رسول الله ما أسمعه قال : ألا تسمع أهل القبور يعذبون "، أخرجه الحاكم وقال ( صحيح على شرط الشيخين ) ووافقه الذهبي .
· رميه صلى الله عليه و سلم الحصى في وجوه المشركين :
عن إياس بن سلمة حدثني أبي قال : " غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حُنَيناً ( إلى أن قال ) ومررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته الشهباء .. فلما غشوا رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل عن بغلته ثم قبض قبضة من تراب من الأرض ثم استقبل به وجوههم فقال : شاهدت الوجوه فما خلق الله منهم إنساناً إلا ملأ عينيه تراباً بتلك القبضة فولوا مدبرين "، أخرجه مسلم .
عن حكيم بن حزام قال : لما كان يوم بدر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ كفاً من الحصباء فاستقبلنا به فرمانا بها وقال : " شاهت الوجوه " فانهزمنا، فأنزل الله عز وجل: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [الأنفال: 17]، أخرجه الطبراني في الكبير وقال الهيثمي في المجمع اسناد حسن .
· طيب ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وما فيه من الآيات :
قال الزيال : لقد رأيت حنظلة يؤتى بالرجل الوارم وجهه أو الشاة الوارم ضرعها فيقول : بسم الله موضع كف رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمسحه فيذهب الورم .
عن أم موسى قالت: سمعت علياً يقول : " ما رمدت ولا صدعت منذ مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهي وتفل في عيني يوم خيبر حين أعطاني الراية "، أخرجه أحمد وأبو يعلى وقال الهيثمي : رجالهما رجال الصحيح غير أم موسى وحديثهما مستقيم .
عن يزيد بن أبي عبيد قال : " رأيت أثر ضربة في ساق سلمة فقلت : يا أبا مسلم ما هذه الضربة ؟ : هذه ضربة أصابتها يوم خيبر فقال الناس أصيب سلمة … فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فنفث فيه ثلاث نفثات فما اشتكيت حتى الساعة "، أخرجه البخاري .
وروى عن عبد الرحمن بن الحارث بن عبيد عن جده قال : " أصيبت عين أبي ذر يوم أحد فبزق فيها النبي صلى الله عليه وسلم فكانت أصح عينيه "، أخرجه البخاري .
· ما ظهر من الآيات في شعره صلى الله عليه وسلم :
عن عبد الحميد بن جعفر عن أبيه قال : قال خالد بن الوليد : " اعتمرنا مع النبي صلى عليه وسلم في عمرة اعتمرها فحلق شعره فاستبق الناس إلى شعره فسبقت إلى الناصية فجعلتها في مقدم هذه القلنسوة فلم أشهد قتالاً وهي معي إلا رزقت النصر"، أخرجه أبو يعلى والحاكم وقال الهيثمي في المجمع رواه الطبراني وأبو يعلى ورجالهما رجال الصحيح .
عن عبد الله بن وهب قال : " أرسلني أهلي إلى أم سلمة بقدح من ماء، وقبض إسرائيل ثلاث أصابع من قُصة فيها شعر من شعر النبي صلى الله عليه وسلم، وكان إذا أصاب الإنسان عن أو شيء بعث إليها مخضبة، فاطلعت في الجلجل فرأيت شعرات حُمر "، أخرجه البخاري في صحيحه قال الحافظ في الفتح : المراد أنه كان من أشتكى أرسل أناء إلى أم سلمة فتجعل فيه تلك الشعرات تغسلها فيه وتعيده فيشربه صاحب الإناء أو يغتسل به استشفاء بها فتحصل له بركتها .
ويوجد بعض شعرات النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد الكبير في طرابلس في لبنان عُهد بها لرجل فاضل من آل الميقاتي يخرجها في آخر يوم جمعة من رمضان في كل سنة بعد صلاة الفجر وبعد صلاة الجمعة .
· عرقه صلى الله عليه وسلم وطيب رائحته وما فيهما من الآيات :
قالت عائشة رضي الله عنها : " كان عرق رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجهه مثل اللؤلؤ أطيب من المسك الأذفر، وكان كفه كف عطار طيباً مسها بطيب أو لم يمسها يصافحه المصافح فيظل يومه يجد ريحها ويضعها على رأس الصبي فيعرف من بين الصبيان من ريحها على رأسه "، أخرجه أبو نعيم في دلائل النبوة والبيهقي في دلائل النبوة وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق وابن أبي خيثمة في تاريخه و أخرجه أبو يعلى والبزار وذكره الحافظ في الفتح وقال اسناده صحيح .
عن ليلى مولاة عائشة رضي الله عنها قالت : " دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم لقضاء حاجته، فدخلت ولم أر شيئاً ووجدت ريح المسك، فقلت يا رسول الله لم أر شيئاً !فقال : إن الأرض أمرت أن تكفيه منا معاشر الأنبياء "، أخرجه الحاكم في المستدرك بلفظه والطبراني في الأوسط وفي مجمع البحرين بنحوه وابن سعد في الطبقات وذكره السيوطي في الخصائص الكبرى ونسبه إلى البيهقي وأبو نعيم والحاكم والدارقنطي في الأفراد وقال هذا الطريق أقوى طرق الحديث قال ابن دحية في الخصائص بعد ايراده : هذا سند ثابت .
عن عائشة رضي الله عنها قالت : " مات النبي صلى الله عليه وسلم فلما خرجت نفسه ما شممت رائحة قط أطيب منها "، أخرجه البزار وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح .
و عن علي رضي الله عنه قال : " غسلت رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت أنظر ما يكون من الميت فلم أر شيئاً وكان طيباً حياً وميتاً صلى الله عليه وسلم "، أخرجه الحاكم وقال ( صحيح على شرط الشيخين ) ووافقه الذهبي .
من خصائص رسول الله صلى الله عليه و سلم
إن للنبي صلى الله عليه و سلم منزلة عند المولى عز وجل و رتبة أكرمه بها و لقد أنعم عليه بما لا تطيق العقول معرفة كنهه و غايته و لا تفي الأعمار بتحصيله .
و إليكم بعض ما خص الله سبحانه و تعالى رسوله الكريم صلى الله عليه و سلم :
* طاعة النبي صلى الله عليه و سلم و مبايعته هي عين طاعة الله تعالى و مبايعته :
قال تعالى: {مَنْ يُطِعْ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا} [النساء: 80].
وقال عز و جل: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ} [الفتح: 10] .
و قال أيضا: {قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} [آل عمران: 32] .
* قسم الله تعالى بعظيم قدره :
قال الله تعالى : {لَعَمْرُكَ إنَّهُم لَفِي سَكْرَتِهِم يَعْمَهونَ} [الحجر: 72] .
اتفق أهل التفسير في هذا أنَّهُ قَسَمٌ من الله جل جلاله بمدة حياة محمد صلى الله عليه وسلم، ومعناه : وبقائكَ يا محمدُ، وقيل وعيشك وقيل وحياتك وهذه نهاية التعظيم وغاية البر والتشريف.
قال ابن عباس رضي الله عنه : " ما خلق الله تعالى، وما ذرأ وما برأ نفساً أكرم عليه من محمد صلى الله عليه وسلم، وما سمعت الله تعالى أقسم بحياة أحد غيره ".
وقال تعالى: {لا أقْسِمُ بِهَذا البَلَدِ * وأنتَ حِلٌّ بِهَذَا البَلَدِ} [البلد : 1-2].
قيل: لا أُقْسِمُ به إذا لم تكن فيه بعد خروجك منه، وقيل لا زائدة أي : أقسم به وأنت به يا محمدُ حَلاَلٌ أو حِلٌّ لك ما فعَلْتَ فيه على التفسيرين، والمراد بالبلد عند هؤلاء : مكة .
* اختصاصه صلى الله عليه وسلم بجواز أن يقسم على الله به :
أخرج البخاري في تاريخه، والبيهقي في الدلائل والدعوات وصححه، وأبو نعيم في المعرفة عن عثمان بن حنيف أن رجلاً ضريراً أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال : ادع الله تعالى لي أن يعافيني . قال : " إن شئت أخرت ذلك وهو خير لك، وإن شئت دعوت الله . قال : فادعه، فأمره أن يتوضأ، فيحسن الوضوء ويصلي ركعتين، ويدعو بهذا الدعاء : اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي هذه، فيقضيها لي . اللهم شفعه فيّ "، ففعل الرجل، فقام، وقد أبصر.
* الرسول صلى الله عليه و سلم أولى بالمسلمين من أنفسهم و أزواجه أمهاتهم يحرم نكاحهن من بعده :
قال الله تعالى : {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: 6].
معنى " أولى بالمؤمنين من أنفسهم " أي لو كنتَ في مكان تُضرَب فيه عنقك و كان معك النبي صلى الله عليه و سلم موجوداً و خُيِّرتَ بين أن تُضرب عنقك أو تُضرب عنقه، فالواجب أن تقدِّم عنقك و تحمي عنقه، فهو أولى بنفسكَ منك . وقال تعالى: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا} [الأحزاب: 53].
وروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " ما من مؤمن إلا و أنا أولى به في الدنيا و الآخرة " .
و من ولايته صلى الله عليه و سلم حِرصه على المؤمنين و تأثُّره عليهم و رأفته و رحمته بهم.
* نبوته ورسالته صلى الله عليه وسلم عامة لجميع الخلق :
قال الإمام تاج الدين السبكي في رسالته التي سماها " التعظيم والمِنَّةِ في لتؤمننَّ به ولتنصرنَّه " : قال الله تعالى : {وإِذ أخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّنَ لَمَآ ءَاتَيتُكُم مِن كِتَابٍ وحِكمةٍ ثُمَّ جَآءكُمْ رَسُولُُ مُصَدِّقُُ لِمَا مَعَكُم لَتُؤمِنُنَّ بِه وَلَتَنصُرُنَّهُ} [أل عمران : 81] .
قال المفسرون: الرسول -في هذه الآية- هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأنه ما من نبي إلا أخذ الله تعالى عليه الميثاق ( أي ما من نبي إلا ورضي وقبِلَ ) أنه إن بُعِثَ محمد صلى الله عليه وسلم في زمانه لتؤمنن به ولتنصرنه، ويوصي ( أي كل نبي ) أمَّته بذلك ( أي بالإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وبنصرته )، وفي ذلك من التنويه بفضل النبي صلى الله عليه وسلم وتعظيم قدره العليّ ما لا يخفى، وفيه مع ذلك أنه على تقدير مجيئه في زمانهم يكون مرسَلاً إليهم، فتكون نبوته ورسالته عامة لجميع الخلق من زمن آدم عليه السلام إلى يوم القيامة، ويكون قوله صلى الله عليه وسلم : " بُعِثتُ إلى الناس كافَّة "، لا يختص به الناس من زمانه إلى يوم القيامة بل يتناول من قبلهم أيضاً، ويتبين بذلك معنى قوله صلى الله عليه وسلم : " كنتُ نبياً وآدم بين الروح والجسد " .
* النَّهي عن مناداته باسمه :
ما ناداه الله تعالى باسمه قط إلا مُكَنّى بالتكريم . و لا يُرفع صوت فوق صوته .
* استمرار الصلاة و السلام عليه صلى الله عليه و سلم في كل نفس من الأنفاس :
فلا يخلو زمان أولحظة عن الصلاة و السلام عليه .
* مَن دخل في جوفه شيء من أثر النبي صلى الله عليه و سلم لا يدخل النار:
شريطة أن يكون قد مات على الإسلام .
* كان عليه الصلاة و السلام يقبل الهدية و لا يقبل الصدقة :
عن أبي هريرة و عائشة و عبد الله بن بسر رضي الله عنهم أن النبي عليه الصلاة قال :"إن الله حرَّم عليّ الصدقة و أهل بيتي " .
* لا يأكل متكئاً:
عن أبي جُحَيفة قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أمَّا أنا فلا آكل مُتَّكئاً " .
* الخط و الشِّعر لا يُحسِنُهما :
قال تعالى : {وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} [العنكبوت : الآية 48]. و قال عز و جل: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ} [يس: 69].
* أُبيح له الوِصال في الصوم دون غيره:
قال صلى الله عليه و سلم : "إنّي لست مثلكم، إنّيأُطعَم و اُسقى "، متفق على صحته .
* الزكاة حرام عليه هو و ذوي القربى :
فإنها أوساخ أموال الناس كما أخرجه مسلم عن أبي هريرة، و أُبدِلَعنهابالغنيمة المأخوذة بطريق العز و الشرف .
* لا يأكل البصل و الثوم و الكراث و ما له رائحة كريهة من البقول :
و هذا لا يعني تحريم أكلها و لكن النبي عليه الصلاة و السلام كان يكره رائحتها .
* ماله لا يُوَرث عنه ( و كذلك سائر الأنبياء ) :
قال صلى الله عليه و سلم : " لا نورِّث، ما تركناه صدقة"، متفق على صحته . و عن عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " لا نُوَرث ما تركناه صدقة " .
* سراج منير لا وهّاج :
إذا كانت الشمس سراجاً وهاجاً فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو السراج المنير فكله منافع . قال ابن الجوزي : " إن النبي صلى الله عليه وسلم سراجٌ، والسراج لا يوقَد إلا ليلاً وهو صلى الله عليه وسلم بدر والبدر لا يظهر نوره إلا بالليل ".
* رؤيته ما لا يرى غيره :
عن أبي هريرة رضي الله عنهأن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " ترون قِبلتي ههنا، فوالله ما يخفىعليّ ركوعكم و لا سجودكم، إني لأراكم من وراء ظهري ". و في رواية : " فوالله ما يخفى عليَّ خشوعكم ولا ركوعكم، إني لأراكم من وراء ظهري"، أخرجه البخاري ومسلم . قال الشراح أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يرى من خلفه كما يرى بعيني بصره و اختلف هل كانت له جارحة يرى بها من ظهره أم لا ؟ و الأسلم أن نؤمن بما قال و نمسك عن البحث فيه .
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً ثم انصرف فقال : يا فلان ! ألا تحسن صلاتك ألا ينظر المصلي إذا صلى كيف يصلي ؟ فإنما يصلي لنفسه، وإني والله لأبصر من ورائي كما أبصر من بين يدي"، أخرجه مسلم. هذه الرؤية معجزة خارقة وهي من خصائصه صلى الله عليه وسلم ولم تنقل إلينا في حق أي من النبيين والمرسلين . وقد اختلف في كيفية هذه الرؤية ونقل الإمام النووي عن الإمام أحمد بن حنبل وجمهور العلماء أن هذه الرؤية بالعين حقيقة انظر شرح صحيح مسلم للنووي و فتح الباري .
* بياض إبطيه :
قال الحافظ محب الدين الطبراني : " من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم أن الابط من جميع الناس متغير اللون غيره صلى الله عليه وسلم " و ذكر القرطبي مثله وزاد أنه لا شعر عليه وجرى على ذلك الإمام الأسنوي رحمهم الله .
* نُصِرَ بالرعب مسيرة شهر كامل :
هناك خوف يأتي من الطاعة إجلالاً و محبة و هناك خوف يأتي من الذنب قهراً و جبرا . فكان مَن أمامه صلى الله عليه و سلم إمّا أنّه يهابه خشية و إجلالاً، ليس من سطوته و إنّما من عظمة النور الذي وضعه الله فيه، فهذا لا يسمى رعب إنما خوف . قال تعالى :{وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175] .
وكان كل من رآه بديهة هابه أي كل من رآه قبل النظر في أخلاقه العليّة و أحواله السَنِيّة، خافه لِما فيه من صفة الجلال الربانية و لِما عليه من الهيبة الإلهية . يقول ابن القيّم أن الفرق بين المهابة و الكبر أنّ المهابة أثر من آثار امتلاء القلب بعظمة الرب و محبته و إجلاله، فإذا امتلأ القلب بذلك حل فيه النور و نزلت عليه السكينة .
و أُلبِسَ رداء الهيبة، فكلامه نور و علمه نور، إن سكت علاه الوقار و إن نطق أخذ بالقلوب و الأبصار .و أمّا الكبر فإنّه أثر من آثار امتلاء القلب بالجهل و الظلم و العُجب، فإذا امتلأ القلب بذلك ترحلت عنه العبودية، و تنزلت عليه الظلمات الغضبية، فمشيته بينهم تبختر و معاملته لهم تَكَبُّر، لا يبدأ من لَقِيَه بالسلام و إن رد عليه يريه أنّه بالغ في الإنعام، لا ينطق لهم وجهه و لا يسعهم خُلُقه . أمّا من خالط النبي عليه الصلاة و السلام معرفةً أحَبَّه أي من عاشره معاشرة معرفة أو لأجل المعرفة أحبَّه حتى يصير أحَب إليه من والديه و ولده و الناس أجمعين لظهور ما يوجب الحب من كمال حسن خُلُقه و مزيد شفقته، هذا كله فيمن خالطه معرفة، أمّا من خالطه تكبّراً كالمنافقين فلا يحبه.
و من المعلوم أنّ الذي يذنب ويسيء حينما يجد أحداً أمامه يعرف ذنبه يخاف منه وهذا كان حال اليهود الذين كانوا يخافون النبي صلى الله عليه وسلم لأنهم يعرفون أنه رسول الله .
* كان قرنه خير قرون بني آدم:
فالقرن الذي كان فيه صلى الله عليه و سلم خير قرن مرَّ على الدنيا كلها . عن عائشة رضي الله عنها أن النبي عليه الصلاة و السلام قال : "خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم)، رواه مسلم .
* حوضه :
قال صلى الله عليه و سلم : " حوضي مسيرة شهر، ماؤه أبيض من اللبن، وريحه أطيَب من المسك، وكيزانه (أي كؤوسه) كنجوم السماء، من شرب منه لا يظمأ أبداً "، رواه مسلم.‍‍‍
وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم
كانت السنة العاشرة من الهجرة و لم يحجّ رسول الله صلى الله عليه و سلم بعد، إذ أنّ الحج فُرِضَ في العام التاسع من الهجرة، فأعلن النبي عليه الصلاة و السلام الحجّ و توافد الناس إليه و أخذ معه عائشة و سار باتجاه مكة فدخلها في شهر ذي القعدة .
و أحرم رسول الله صلى الله عليه و سلم بالحجّ إفراداً و في رواية قِراناً و كان معه الهَديُ .
و طاف عليه الصلاة و السلام و أمر الناس أن يُحرِموا بعمرة لكي لا يشُقَّ عليهم، فأحرم الناس بعمرة ثم أحلّوا و بقي محرِماً إلى يوم التروية فأمر الناس بالسير إلى منى، فبات اليوم الثامن فيها ثم خرج إلى عرفة في اليوم التاسع حيث شُهِدَ أول موقف لدولة الإيمان، حول رسول الله صلى الله عليه و سلم جند الله تعالى مُحرِمين مُلَبّين بعد أن كادت تلك الأرض أن تيأس من أن يُعبَدَ الله تعالى وحده فوقها . و وقف رسول الله صلى الله عليه و سلم فأرى الناس مناسكهم و علَّمهم حَجَّهم و وقف يخطب بهم في عرفات، فحمد الله تعالى و أثنى عليه ثم قال :" أيها الناس اسمعوا قولي، فإنّي لا أدري لعلّي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدا .
أيها الناس، إنّ دماءكم و أموالكم حرامٌ عليكم كحُرمَة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا و إنّ كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع و دماء الجاهلية موضوعة و إنّ أول دم أضع من دمائنا دمُ ابن ربيعة بن الحارث وربا الجاهلية موضوع، و أول ربا أضع ربا العباس بن عبد المطلب فإنّه موضوع كله .
أيها الناس، إنّ الشيطان قد يئس من أن يُعبَدَ بأرضكم هذه أبداً، و لكنه إن يُطَع فيما سوى ذلك فقد رضي به مِمّا تحقرون من أعمالكم فاحذروه على دينكم فإنّ خطر المعاصي على القلوب لعظيم .
أيها الناس، إنّ النَّسيء زيادة في الكفر يضِلُّ به الذين كفروا، يحلّونه عاماً و يُحَرِّمونه عاماً ليواطئوا عدة ما حرَّم الله، فيُحِلّوا ما حرَّم الله و يُحَرِّموا ما أحلَّ الله، و إنّ الزمان قد استدار كهَيأته يوم خَلَقَ الله السماوات و الأرض، السَّنة اثنا عشر شهراً، منها أربعة حُرُم، ثلاثة متواليات : ذو القعدة و ذو الحِجَّة. والمحرَّم و مُضَر الذي بين جمادى وشعبان (أي رجب).
و بهذا يكون رسول الله صلى الله عليه و سلم قد أعلن في كلامه عن تطابق الزمن إذ ذاك مع أسماء الأشهر المقسَّم عليها و ذلك بعد طول تلاعب بها من العرب في الجاهلية و صدر الإسلام، فقد كانوا كما قال مجاهد و غيره يجعلون حَجَّهم كل عامين في شهر مُعَيَّن من السَّنة، فيحجّون في ذي الحجّة عامين، ثم في المحرَّم عامين و هكذا .
فلمّا حجَّ رسول الله صلى الله عليه و سلم هذا العام، وافق حَجُّه شهر ذي الحجة و أعلن رسول الله صلى الله عليه و سلم إذ ذاك أنّ الزمان قد استدار كهيأته يوم خلق الله السماوات و الأرض، أي فلا تتلاعبوا بالأشهر تقديماً و تأخيراً، و أنّه لا حجّ بعد اليوم إلا فيهذا الزمن الذي استقر اسمه "ذا الحجة". و ذكر بعضهم أن المشركين كانوا يحسبون السّنة اثنى عشر شهراً وخمسة عشر يوماً، فكان الحج في رمضان و في شوال و ذي القعدة ..و في كل شهر من السنة، و ذلك بحُكم استدارة الشهر بسبب زيادة الخمسة عشر يوما. و لقد كان حجّ أبي بكر في السنة التاسعة من الهجرة واقعاً في شهر ذي القعدة بسبب ذلك، فلمّا كان العام المقبل، و فيه قام رسول الله صلى الله عليه و سلم بحجّ الوداع وافق حجّه ذا الحجة في العشر منه و طابق الأهِلَّة ن و أعلن حينئذ عليه الصلاة و السلام نسخ الحساب القديم للزمن و أنّ السّنة إنَّما تُعتبر بعد اليوم اثنى عشر شهراً فقط، فلا تداخل بعد اليوم.
قال القرطبي : و هذا القول أشبه بقول النبي صلى الله عليه و سلم : إنّ الزمان استدار .. أي إنّ زمان الحج قد عاد إلى وقته الأصلي الذي عيَّنه الله تعالى يوم خلق السماوات و الأرض، بأصل المشروعية التي سبق بها علمه .
ثم قال صلى الله عليه و سلم : "فإنّ لكم على نسائكم حقاّ و لهنّ عليكم حقا، لكم عليهن أن لا يوطئن فُرشكم أحداً تكرهونه و عليهن أن لا يأتين بفاحشة مبيَّنة، فإن فعلن فإنّ الله قد أذِنَ لكم أن تهجروهنّ في المضاجع و تضربوهنّ ضرباً غير مُبَرِّح، فإن انتهين فلهن رزقهن و كسوتهن بالمعروف .
أيها الناس، استوصوا بالنساء خيراً فإنهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئاً و إنّكم إنَّما أخذتموهن بأمانة الله و استحللتم فروجهن بكلمات الله فاعقِلوا قولي، إنّي قد بَلَّغت و قد تركتُ فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلّوا أبداً بعدي، كتاب الله و سُنَّة نبيّه .
أيها الناس اسمعوا قَولي و اعقلوه، تعلَمُنَّ أنّ كل مسلم أخ للمسلم و أنَّ المسلمين إخوة فلا يَحِلُّ لامرىء من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس منه، فلا تَظلِمُنَّ أنفسكم، اللهمَّ هل بَلَّغت ؟ فقال الناس : نعم .
فقال : "اللهمَّ اشهَد عليهم".ثم أفاض الرسول المصطفى صلى الله عليه و سلم من عرفات و عاد إلى المدينة فأقام بها ثلاثة أشهر : ذي الحجّة و المحرَّم و صَفَر، ثم هيَّأ جيش أسامة الحِبَّ ابن الحِبّ لِيَغزوا فيه أرض فلسطين في المكان الذي قُتِلَ فيه سيدنا زيد بن الحارثة و جعفر بن أبي طالب و عبد الله بن رواحة رِضوان الله عليهم في معركة مؤته.
بعد هذه الأشهر الثلاثة في وسط صَفَر-كما نقل أكثر الرواة – بدأ رسول الله صلى الله عليه و سلم بالشكوى من رأسه و كان ذلك بعد حجّة الوداع بإحدى و ثمانين يوماً، و أنزل الله تعالى قوله :
{إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر: 1-3]. فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " نُعِيَت إليَّ نفسي " . فلمّا قالها رسول الله صلى الله عليه و سلم، قال له جبريل : يا أخي و لَلآخرة خير لك من الأولى . و جاء سيدنا جبريل يستعرض معه القرآن فقرأه معه مرتين و اجتهد رسول الله صلى الله عليه و سلم بالعبادة حتى صار كالثوب البالي من كثرة العبادة و كان كل يوم عندما يذهب و يجيء يقول : سبحان الله و بحمده استغفر الله و أتوب إليه . فقالت له أم سلمة : يا رسول الله إنّك تدعو بدعاء لم تدعه من قَبل . فقال : " إنّ ربي أخبرني أنّني سأرى علماً في أمَّتي و أنني إذا رأيته أسبِّح بحمده و أستغفره، ثم قرأ قوله تعالى : { إذا جاء نصر الله و الفتح …} . و قبل وفاته صلى الله عليه و سلم بأيام خرج إلى قتلى أُحُد بعد ثمان سنين فوقف إليهم و سلم عليهم و حيّاهم و أكثر من الصلاة عليهم ثم عاد فصعد المنبر و جمع الناس فقال : أيها الناس إني بين أيديكم فرط و أنا عليكم شهيد و إنّ موعدكم الحوض و إني لأنظر إليه و أنا في مقامي هذا و إني قد أُعطيتُ مفاتيح خزائن الأرض و إني لست أخشى عليكم أن تُشرِكوا بعدي و لكني أخشى عليكم أن تنافسوا فيها كما تنافسوا فيها فتُهلِكَكم كما أهلَكَتكم،ثم جلس ثم قام فقال : أيها الناس إنَّ عبداً خيَّره الله أن يؤتيه زخرف الدنيا و بين ما عنده فاختار ما عند مولاه . فقام أبو بكر و قال : فديناك بآبائنا و أمهاتنا يا رسول الله ! فتعجّب الناس من الصِدّيق و قالوا لِمَ فعل هذا ؟ إنّما يقول عن عبد خيَّره الله تعالى و لكن الصدّيق فَهِم مَن هذا العبد المخَيَّر، ثم قال الرسول صلى الله عليه و سلم : إنَّ أمَنّ الناس عليّ بصحبته و ماله أبو بكر، كلّ من كان له عندنا يداً كافأناه عليها إلا الصدّيق فإنا نترك مكافأته لله، لو كنت متخذاً خليلاً غير ربي لاتَّخذتُ أبا بكر خليلاً و لكن أخوَّة الإسلام، لا يبقى في المسجد بابٌ إلا ويُغلَق ألا باب أبي بكر.
ثم نزل رسول الله صلى الله عليه و سلم فما رُؤيَ بعدها على المنبر جالساً إلا مرة.
ثم دخل عليه الصلاة و السلام إلى بيته و في الليل خرج فرأى رجلاً من الصحابة فقال : يا فلان إني أُمِرتُ أن أستغفر لأهل أُحُد، فاخرج معي . فخرجفي منتصف الليل إلى أُحُد، فاستغفرلهم و دعا لهم ثم عاد إلى البيت فدخل فإذا بعائشة قد عصبت رأسها من الألم، فقالت : يا رسول الله وا رأساه . قال : بل أنا يا عائشة وا رأساه .
ثم بدأ يدور على أزواجه حتى أتعبه المرض فاستأذن أن يُمَرَّضَ في بيت عائشة فأذِنوا له، فحمله سيدنا العباس و سيدنا عليّ و إنّ رجلاه لتخطّان على الأرض خطاً لا يستطيع الوقوف عليهما من شدة المرض، فدخل بيت عائشة فقالت : بأبي أنت و أمي يا رسول الله . ثم جلس رسول الله صلى الله عليه و سلم في بيتها و اشتدَّت عليه الحمى فدعا عائشة و حفصة و طلب أن يأتوه بقُرَب من آبار متعددة لتكون باردة فجاءوا بسبع قُرَب فجلس في مخضب و وُضِعَ الماء عليه و هو يشير أن صُبوا عليّ منها . يقول العباس : و كنت إذا لمستهضربتني الحمّى، فكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يُنزَعُ كما يُنزَع الرجال من الناس .
و عن عبد الله بن عمر قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو يوعَك وعكاً شديداً فقلت يا رسول الله إنّك توعك وعكاً شديداً، فقال عليه الصلاة و السلام : أجل إنني أوعك كما يوعك رجلان منكم، قلت :ذلك أن لك لأجرين قال : أجل ذلك أن ما من مسلم يصيبه أذى شوكة فما فوقها إلا كفَّر الله بها سيئاته .
وأخرج النسائي عن فاطمة بنت اليمان أنها قالت : أتيتُ النبي صلى الله عليه و سلم في نساء نعوده، فإذا سِقَاء يقطر عليه من شدة الحمى، وضعوا وعاء ماء يقطر عليه ليبرد عنه شدة الحمى، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن أشدَّ الناس بلاء: الأنبياء، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم" .
و رُوِيَ عن عروة أنه صلى الله عليه و سلم قال : "ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلتُه بخَيبر من الشاة المسمومة " .
و قد تُوفي رسول الله صلى الله عليه و سلم شهيداً، فهو قد نال صفات كمال البشر جميعاً، وهو سيد الكرماء و سيد العقلاء و سيد الحكماء .
و كان ابن مسعود و غيره من الصحابة يرون أنه مات شهيداً بالسُّمِّ .
نقل البخاري عن عائشة قولها : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا مرض أو اشتكى نفث على نفسه بالمعَوِّذات، و كان ينفث فيمسح بها يده، فلما مرض مرضته هذه، كنت أنا أقرأ و أمسح على النبي صلى الله عليه و سلم. وقد جلس رسول الله صلى الله عليه و سلم يوماً، و كان المرض قد اشتد به أُسكِتَ فلم يعد قادراً على الكلام، فدخل عليه سيدنا أسامة و كان قد جهز الجيش للمسيرة فتوقَّف، فأجلسه رسول الله صلى الله عليه و سلم بين يديه و هو غير قادر على الكلام، فكان يضع يده على سيدنا أسامة ثم يرفع يديه إلى السماء، قال سيدنا أسامة : فعرفتُ أنه يدعو لي ثم يضمني إلى صدره، ثم يرفع يديه إلى السماء، ثم يمسحني بيديه . ثم فتح عينيه و قال عليه الصلاة و السلام :" يا عائشة إنه ليهون عليّ الموت أني رأيتكِ في الجنة"، ففرحت عائشة .
و كان في بيته حين مرضه سبعة دنانير، فإذا أُغميَ عليه ثم أفاق، صحا يقول : يا عائشة تصدّقي بها، فإذا استيقظ قال ما فعلتم بالمال ؟ يقولون : يا رسول الله شُغِلنا بك، يقول : ما ظنُّ محمد بربّه لو لقيَ الله وعنده هذه الدنانير، تصدّقوا بها كلها .ثم دعا النبي صلى الله عليه و سلم سيدتنا الزهراء فاطمة، فلمّا دخلَت عليه ابتسم و قرَّبها منه وهمس في أذنها فسارَّها بشيء، فبكت ثم دعاها فسارَّها بشيء، فضحكت، فسألتها عائشة فقالت : ما كنتُ لأفشي سرَّ رسول الله صلى الله عليه و سلم. وكان صلى الله عليه و سلم إذا دخلت عليه فاطمة قام إليها و قبَّلَها وأجلسها في مجلسه فلما مرض ودخلت عليه لم يستطع القيام فأكَبَّت على يديه فقبَّلتهما و قبَّلته من وجنتيه، فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : "يا فاطمة إنَّ جبريل كان يعاودني القرآن كل سنة مرة، وإنه عاودني العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي ويا فاطمة أبشري إنكِ أول أهل بيتي لحوقاً بي".
و عن عائشة قالت : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة : "يا فاطمة أخبرني جبريل أنه ليس من نساء المسلمين أعظم مُصاباً منكِ بي بعدي، فلا تكوني أدنى امرأة منهم صبراً، فاصبري يا ابنتي و احتسبي عند الله أجرك تكوني أول الناس لحوقاً بي"، فقامت فاطمة و قالت : احتسبتكَ عند الله " . و كانت رضي الله عنها قد توفيت بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم بستة أشهر.
و في ليلة الوفاة و يُقال ليلة الاثنين، عند صلاة الفجر و المسلمون ينتظرون رسول الله صلى الله عليه و سلم، بعث السيدة عائشة و قال لها : " مُري أبا بكر فَليُصَلِّ بالناس "، فقالت: يا رسول الله إنَّ أبا بكر رجل ضعيف الصوت، فقال عليه الصلاة و السلام : "إنَّكن صُوَيحبات يوسف، مُرنَ أبا بكر فليصلِّ بالناس"، فقالت: يا رسول الله إنَّ أبا بكر رجل رقيق لا يستطيع أن يقف مكانك و أنت مريض و إذا قرأ القرآن لا يسمع الناس قراءته من كثرة بكائه، فقال عليه الصلاة و السلام : "مروا أبا بكر فليصلِّ بالناس". فصلى أبو بكر سبعة عشر صلاة بالناس، فلما ازداد مرض رسول الله صلى الله عليه و سلم وجعاً امتلأ المسجد بالناس لا يغادرونه حتى يطمئنوا على رسول الله صلى الله عليه و سلم، حتى كان فجر ذلك اليوم الذي غادر فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم الدنيا، فوقف أبو بكر يؤمُّ الناس فإذا برسول الله صلى الله عليه و سلم يفتح حجاب البيت و ينظر فيجدُ المسجد مُلِء،َ فيبتسم و يقول الحمد لله ثم ينادي على عليّ و الفضل و العباس فيحملونه فيدخل المسجد و هو يخط بقدميه الأرض خطا . فابتسم الناس و عَلَت أصواتهم بالحمد و أحسَّ أبو بكر أن رسول الله خرج فتراجع و وقف مع المصلّين، فأمره رسول الله بالوقوف و جلس بجانبه و اقتدى رسول الله صلى الله عليه و سلم بأبي بكر و في رواية أخرى اقتدى أبو بكر بالرسول صلى الله عليه وسلم و اقتدى الناس بأبي بكر، أي كان أبو بكر مبلِّغاً (و من هنا قال الشافعية الأدب مُقَدَّمٌ على الأمر ) .
ثم بعد أن انتهى من الصلاة أمرهم أن يُصعِدوه المنبر، فجلس على أسفله، لم يستطع أن يرتفع كثيراً، ثم حَمِدَ الله تعالى و أثنى عليه و صلى على نفسه ثم قال : أيها الناس بلغني أنكم تخافون موت نبيِّكم، هل خلد نبي قبلي فيمن بُعِثَ إليهم فأخلد فيكم ؟ ألا و إني لاحق بربي ألا و إنكم لاحقون بي، فأوصيكم بالمهاجرين الأولين خيراً و أوصيكم في ما بينهم خيراً، فإنَّ الله يقول : {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: 1-3]، إنّ الأمور تجري بإذن الله فلا يحمِلَنَّكم استبطاء أمر على استعجاله، إنّ الله لا يَعجَل بعجلة أحد و من غالب الله غلبه و من خادع الله خدعه، فهل عسيتم أن تولَّيتم أن تفسدوا في الأرض و تُقَطِّعوا أرحامكم .
أيها الناس أوصيكم بالأنصار خيراً فإنهم الذين تبَوَّأوا الدار و الإيمان من قبلكم، و أن تُحسِنوا إليهم . أيها الناس ألم يشاطروكم في ثمارهم، ألم يوسعوا لكم في ديارهم، ألم يؤثروكم على أنفسهم و بهم الفقر و الخصاصة ؟!!!
ألا فمن وُلي أن يحكم بين رجلين فليقبل من مُحسِنِهم و ليتجاوز عن مسيئهم، ألا ولا تستأثروا عليهم، ألا و إني فرط لكم ( أي ذاهب قبلكم ) فأنتم لاحقون بي، ألا إنّ موعدكم الحوض، فمن أحبَّ أن يَرِدَه عليّ غداً فليكف يده و لسانه إلا فيما ينبغي . يا أيها الناس إنّ الذنوب تُغَيِّر النِّعَم و تبدِّل القِسَم فإذا ضر الناس ضرهم أئمَّتهم و إذا فجروا عقَّهم أئمَّتهم، ثم قال : حيَّاكم الله بالسلام، رحمكم الله جبركم الله رزقكم الله نصركم الله رفعكم الله آواكم الله، أوصيكم بتقوى الله، أستخلفه عليكم، أحذِّركم الله، إني لكم منه نذير مبين ألا تعلوا على الله في بلاده و عباده فإنه قال لي و لكم : {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: 83] . فقام رجل و قال : يا رسول الله متى أجَلُك ؟ قال : يا أخي دنا الفراق و المنقَلب إلى الله و إلى الجنة المأوى .قلنا من يغَسِّلك ؟ قال : رجال أهل بيتي، قلنا و بما نُكَفِّنك ؟ قال : بثيابي و إن شئتم في ثياب بياض مصر . قلنا يا رسول الله : من يصلي عليك ؟ قال : إذا أنتم غسَّلتموني و كفَّنتموني فضعوني على سريري هذا على شفير قبري ثم انصرفوا عني ساعة فإنَّ أول من يصلي عليّ، جبريل ثم ميكائيل ثم إسرافيل ثم ملك الموت و أعوانه من جنود الملائكة، ثم ادخلوا عليّ أفواجاً أفواجاً فصلوا عليّ و سلِّموا تسليما . ثم لِيَبدأ بالصلاة عليّ رجال أهل بيتي ثم نساؤهم ثم أنتم و أقرِئوا السلام على من تبعني على ديني من يومي هذا إلى يوم القيامة .
تقول السيدة عائشة : لم يُقبض نبي حتى يريه الله تعالى مقعده في الجنة، تقول : فرأيتُ الرسول صلى الله عليه و سلم قد أغمض عينيه و رفع يده إلى السماء ففهِمتُ أنه يقول ربي، أريد ربي، هنا دخلت فاطمة فرات أباها في النَّزع فقالت : وا كرب أبتاه، فقال صلى الله عليه وسلم : لا كرب على أبيك بعد اليوم يا فاطمة، ثم قبض روحه ملك الموت، فسُمِعَ صوت في البيت يقول: " إن في الله عزاء من كل مصيبة وخلفاً من كل هالك و دَرَكاً من كل فائت فبالله فثِقوا وإيّاه فارجوا وإنَّما المصاب من حُرِمَ الثواب والسلام عليكم ورحمة الله ". تقول عائشة : فوضع الرسول صلى الله عليه وسلم رأسه بين صدري و نحري و طلب شيئاً من الماء وضعه على شفتيه و قال : "اللهم سَهِّل عليّ سكرات الموت" . و بدأ ينزع عليه الصلاة والسلام، وأنا أنظر إليه ما أدري ما الأمر، فإذا به يثقل ويثقل ونظرت فإذا هو قد شَخَصَ ببصره إلى السماء فعرفتُ إنه قد قُبِض، فوضعتُ رأسه الشريف صلى الله عليه وسلم وخرجتُ وأنا أبكي فاستقبلني الناس وكان عمر على الباب، فلمّا سمع خُبِلَ وجاءت النساء فرأوا الرسول صلى الله عليه وسلم شاخصاً، فإذا برجل يصيح من باب المسجد : وا رسول الله!!! فسمع أبو بكر الصوت على بُعْدٍ من المدينة، فإذا به يركض مُتَّجهاً إلى المسجد و هو يهُدُّ الأرض هدَّاً و يصل إلى المسجد فإذا بعمر قد أخذ سيفه ووقف أمام الناس و هو يقول : من يقول إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مات أضرب عنقه، إنّه لم يمت و لن يموت!.
فجاء الصدِّيق، فدخل على الرسول صلى الله عليه و سلم و عيناه تنهمران و زفراته تتردد و كان قد غُطّيَ وجهه الكريم صلى الله عليه و سلم، فجلس على ركبتيه و كشف عن وجه صاحبه و مسحه و جعل يبكي ويقول : " بأبي أنت و أمي يا حبيبي، طِبتَ حيّاً و ميتاً، لقد انقطع لموتك ما لم ينقطع لموت أحدٍ من الأنبياء، جللتَ يا حبيبي عن البكاء و لو أنّ موتك كان اختياراً لَجُدنا لموتك بأرواحنا، يا حبيبي يا رسول الله، لولا أنّك نَهَيتنا عن البكاء لأنفدنا عليك ماء العيون لا يبرحان بنا إلى أن نلقاك بأبي أنت و أمي يا رسول الله، أمّا الميتة التي وعدك الله إيّاها فقد ذقتها، فلا أَلَم عليك بعد اليوم". ثم رفع يديه وقال: "اللهم أبلغه عنّا السلام، أُذكُرنا يا محمد عند ربك و لِنَكن في بالك، فلولا ما خلَّفتَ من السكينة لم نقم أبداً، اللهم أبلِغ نبيك عنّا و احفظه فينا " . ثم خرج فرأى عثمان يأتي المسجد و قد خرس لسانه، أمّا سيدنا عليّ فكأن رجلاه قد شلت فلا يستطيع القيام . ثم دخل أبو بكر إلى المسجد و عمر يجول كالأسد و لا يرضى أن يقول أحد بأنّ رسول الله صلى الله عليه و سلم قد مات .
فصعد على المنبر و قال : إليَّ إليَّ أيها الناس، فاجتمعوا حول الصدِّيق، فقال رضوان الله تعالى عليه : " أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أنّ محمداً عبده و رسوله، و أشهد أنّ الكتاب كما نُزِّل، و أنّ الدين كما شُرِّع، و أنّ الحديث كما حُدِّث، و أنّ الله هو الحق المبين .
أيها الناس من كان يعبد محمداً فإنّ محمداً قد مات، و من كان يعبد الله فإنّ الله، حيّ لن يموت، إلا أنّ الله تعالى قبضه إلى ثوابه و خلَّف فيكم كتابه و سنَّة نبيِّه، فمن أخذ بهما عُرِف، و من فرَّق بينهما أنكر، و لا يشغلنَّكم الشيطان بموت نبيِّكم، و لا يلفتنَّكم عن دينكم " . فلمّا فرغ من خطبته قال : يا عمر أنت تقول أنّ النبي صلى الله عليه و سلم ما مات ! قال : نعم يا أبا بكر . فقال أبو بكر : أنسيت قول الله تعالى : {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: 30] و في رواية أخرى تلا أبو بكر قوله تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ} [آل عمران : 144]. فسقط سيدنا عمر مغشيّاً عليه و تيقّن أنّ رسول الله صلى الله عليه و سلم قد قُبِض.
ثم ذهب الناس و كأنّ المدينة قد غطتها سحابات الحزن و اجتمعوا في ثقيفة بني ساعدة و كانت الخلافة للصدِّيق .
ملاحظة : إنّ تعيين الخلافة كان قبل تغسيل رسول الله، و ذلك لأهمية وجود خليفة للمسلمين و للضرر العظيم الناتج عن عدم وجود خليفة و لو لساعات قليلة ! .
ثم دخل أهل بيت رسول الله صلى الله عليه و سلم: العباس و عليّ بن أبي طالب يغسلون النبي صلى الله عليه و سلم . و حاروا كيف يغسِّلونه، أَيُجَرِّدُونَه ثيابه أم يتركونها عليه ؟ فجاءتهم سِنَةٌ من النوم جميعاً ( فناموا )، فما استيقظوا إلا وصوت يقول لهم : غسِّلوا رسول الله صلى الله عليه و سلم في ثيابه.
فغسلوه عليه الصلاة و السلام في ثيابه ثم بدأوا بالتكفين بأثواب بيض، فكفَّنوه بثلاثة أثواب ثم بدأوا الصلاة فخرجوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فتركوه ساعة من النهار ثم صلوا على النبي عليه الصلاة و السلام ثم بدأ الناس يدخلون على رسول الله صلى الله عليه و سلم أفواجاً أفواجاً وهم يصلُّون عليه بلا إمام فرسول الله صلى الله عليه و سلم إمام الأئمة.
ثم جاؤوا فحفروا القبر الشريف تحت فراش رسول الله صلى الله عليه و سلم، فلمّا فرغوا و أنزلوا النبي عليه الصلاة و السلام فيه و بدأوا بِحَثي التراب، وبعد أن خرجوا إذ بفاطمة الزهراء تُقبِل، فلمّا دخلت البيت ورأت القبر قد سُمِد استدارت إلى الصحابة و قالت: كيف طابت أنفسكم أن تَحثوا التراب على أبي!! ثم مالت على تربة أبيها وقالت:
ماذا على من شمَّ تربة أحمدِ ألاَّ يشم مـدى الزمان غواليَ
وصُبَّت عليّ مصائبُ لو أنّها صُبَّت على الأيام عدنا لياليَ
فأخذها سيدنا عليّ وأقامها وأدخلها بيتها و هي تقول: بأبي أنت وأمي يا رسول الله أتحت التراب تكون؟!!!
يقول أنس رضي الله عنه : "ما رأيتُ أوضأ ولا أضوأ من يوم أن دخل علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم مهاجراً فلمّا دفنّاه ما رأيتُ أظلم من ذاك اليوم".
و يقول الصحابة بعد ذلك، إذا أُصيب أحدنا بمُصاب، كنّا نعزِّيه فنقول يا أخي أُذكُر مُصابك برسول الله صلى الله عليه و سلم، فينسى مصابه.
إنّه لأعظم مصاب و لكن نحن رضينا بقضاء الله و قَدَرِه، إنّ العين لتَدمع و إنّ القلب ليحزن و إنّا على فراقك يا رسول الله لَمَحزونون و لا نقول إلا ما يُرضي ربنا :
( إنّا لله وإنّا إليه راجعون ) ثم ذهب بلال إلى خليفة رسول الله صلى الله عليه و سلم أبي بكر، فقال له : إني سمعتُ رسول الله يقول، أفضل عمل المؤمن الجهاد في سبيل الله .
قال له أبو بكر : فما تشاء يا بلال ؟ قال بلال : أردتُ أن أُرابط في سبيل اللهتعالى حتى أموت . فقال أبو بكر: و من يؤذِّن لنا؟ قال بلال و عيناه تفيضان من الدمع: إنّي لا أُؤذن لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم . قال أبو بكر: بل ابقَ و أذِّن لنا يا بلال .
قال بلال : إن كنتَ أعتقتني لأكون لكَ فليكن ما تريد و إن كنتَ أعتقتني لله فدعني و ما أعتقتني له . فقال أبو بكر : بل أعتقتك لله ! .
فَنَذَر بلال بقية حياته و عمره للمرابطة في ثغور الإسلام مصمِّماً على أن يلقى الله تعالى و رسوله و هو على خير عمل يُحِبَّانه . ولم يعد يصدح بالآذان صوته الشَّجي الحنون المهيب، ذلك أنه لم يكن ينطق في أذانه " أشهد أنَّ محمداً رسول الله" حتى تجيش به الذكريات فيختفي صوته تحت وقع أساه و تصيح بالكلمات دموعه و عَبَراته .و كان آخر أذان له أيام أن زار الشام أمير المؤمنين عمر و توسَّل المسلمون إليه أن يحمل بلالاً على أن يؤذِّن لهم . و صعد بلال و أذَّن فبكى الصحابة الذين كانوا أدركوا رسول الله صلى الله عليه و سلم و بلال يؤذن له، بكوا كما لم يبكوا من قبل أبداً و كان عمر أشدهم بكاء .
و مات بلال في الشام مرابطاً في سبيل الله كما أراد فرضي الله تعالى عنه و عن سائر الصحابة الكرام .
وفي الختام أقتبس هذا البيت من قصيدة حسان بن ثابت في وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم مع بعض التصرف فأقول :
كتبت ما يسر الله في وصفه لعلي في جنة الخلد أخلدُ
مع المصطفى أرجو بذاك جواره وفي نيل ذاك اليوم أسعى وأجهدُ
(الصلاة والسلام عليك يا رسول الله)
ميراث رسول الله صلى الله عليه و سلم :
روى الطبراني عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنّه مرَّ بسوق المدينة فوقف عليها فقال : يا أهل السوق ما أعجزكم ؟ قالوا و ما ذاك ؟ قال : ذاك ميراث محمد صلى الله عليه و سلم يُقسَم و أنتم هنا ألا تذهبون فتأخذون نصيبكم منه ! قالوا : و أين هو ؟ قال : في المسجد . فخرجوا سراعاً، و وقف أبو هريرة لهم حتى رجعوا، فقال لهم : ما لكم ؟ فقالوا : يا أبا هريرة لقد أتينا المسجد فدخلنا فلم نرَ فيه شيئاً يُقسَم ! فقال لهم أبو هريرة : و ما رأيتم في المسجد أحداً ؟ قالوا : بلى رأينا قوماً يصلّون و قوماً يقرؤون القرآن و قوماً يتذاكرون الحلال و الحرام .
فقال لهم أبو هريرة : ويحكم ! فذاك ميراث محمد صلى الله عليه و سلم !!! .
* رسول الله صلى الله عليه وسلم حي على الدوام :
يؤخذ من الأحاديث التي وردت في شأنه صلى الله عليه وسلم أنه حي على الدوام، وذلك أنه محال عادة أن يخلوا الوجود كله من واحد يسلم عليه في ليل ونهار ونحن نؤمن ونصدق لأنه صلى الله عليه وسلم حي يرزق في قبره، وأن جسده الشريف لا تأكله الأرض، والإجماع على هذا، وزاد بعض العلماء، الشهداء والمؤذنين، وقد صح أنه كشف عن غير واحد من العلماء والشهداء فوجدوا لم تتغير أجسامهم، والأنبياء أفضل من الشهداء .ومن أدلة ذلك قوله تعالى : {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ}. [آل عمران: 169].
فإن الشهادة حاصلة له صلى الله عليه وسلم على أتم الوجوه، لأنه شهيد الشهداء، وقد صرح ابن عباس وابن مسعود وغيرهما رضي الله عنهم بأنه صلى الله عليه وسلم مات شهيداً .
فضيلة الصلاة على المصطفى المختار صلى الله عليه و سلم
يقول الله عز و جل في كتابه الكريم : {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [الأحزاب: 56].
لقد أمرنا اللهسبحانه و تعالىبالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كتابه الكريم وفي ذلك شرف منيف و فضل عظيم اختصّ به سيد خَلقه وصفوة عباده وخاتم رسله صلى الله عليه وسلم.
لقد أخبرنا الله عز و جل عن نفسه أنه سبحانه و تعالى يصلي على نبيِّه و أنّ ملائكته أيضاً يصلّون عليه ثم بعد ذلك أمر المؤمنين بقوله:{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} .
المقصود بالصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم :
والصلاة من الله تعالى رحمة و رفع درجات ومن الملائكة استغفار ومن المؤمنين دعاء . ولم يُذكَر عن أحد سوى النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أنه سبحانه وتعالى يصلي عليه هكذا ثم كلَّف به المؤمنين .
و للرسول صلى الله عليه و سلم أفضال عظيمة على الأمة كلها، فبه صلى الله عليه و سلم عرفنا خالقنا و مالكنا و تشرَّفنا بالإيمان و عن طريقه وصلت إلينا تلك التعليمات المباركة التي بها نحصل على فلاح الدنيا و الآخرة في صورة القرآن الكريم و الحديث الشريف .
قال ابن عبد السلام : ليست صلاتنا على النبي صلى الله عليه وسلم شفاعة منا له، فإن مثلنا لا يشفع لمثله، ولكن الله أمرنا بالمكافأة لمن أحسن إلينا وأنعم علينا، فإن عجزنا عنها كافأناه بالدعاء، فأرشدنا الله لما علم عجزنا عن مكافأة نبينا إلى الصلاة عليه؛ لتكون صلاتنا عليه مكافأة بإحسانه إلينا، وأفضاله علينا، إذ لا إحسان أفضل من إحسانه صلى الله عليه وسلم، وفائدة الصلاة عليه ترجع إلى الذي يصلي عليه دلالة ذلك على نضوج العقيدة، وخلوص النية، وإظهار المحبة والمداومة على الطاعة والاحترام.
وقال أبو العالية: صلاة الله على نبيه ثناؤه عليه عند ملائكته، وصلاة الملائكة عليه الدعاء .
قال ابن حجر : وهذا أولى الأقوال، فيكون معنى صلاة الله عليه ثناؤه وتعظيمه، وصلاة الملائكة وغيرهم طلب ذلك له من الله تعالى .
قال الطبري عن ابن عباس في تفسير هذه الآية : {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ} . [الأحزاب: 56] .
يقول : يباركون على النبي، ومعنى ذلك أن الله يرحم النبي، وتدعوا له ملائكته ويستغفرون، وذلك أن الصلاة في كلام العرب من غير الله إنما هو الدعاء، ويقول الله تعالى ذكره : يا أيها الذين آمنوا ادعوا لنبي الله محمد صلى الله عليه وسلم وسلموا عليه تسليما، يقول : وحيوه تحية الإسلام .
وصلاة الله على النبي ذكره بالثناء في الملأ الأعلى ؛ وصلاة ملائكته دعاؤهم له عند الله سبحانه وتعالى، ويالها من مرتبة سنية حيث تردد جنبات الوجود ثناء الله على نبيه ؛ ويشرق به الكون كله، وتتجاوب به أرجاؤه، ويثبت في كيان الوجود ذلك الثناء الأزلي القديم الأبدي الباقي . وما من نعمة ولا تكريم بعد هذه النعمة وهذا التكريم، وأين تذهب صلاة البشر وتسليمهم بعد صلاة الله العلي وتسليمه، وصلاة الملائكة في الملأ الأعلى وتسليمهم ؛ إنما يشاء الله تشريف المؤمنين بأن يقرن صلاتهم إلى صلاته وتسليمهم إلى تسليمه، وأن يصلهم عن هذا الطريق بالأفق العلوي الكريم .
معنى صلاة الله والملائكة والرسول على المؤمنين كلمة الصلاة تعني مزيجاً من الثناء والمحبة ورفعة الشأن والدرجة وهذه الكلمة وردت بالنسبة إلى أعمال صالحة قام بها أصحابها، فاستحقوا بها الصلاة، وبالنسبة إلى جمهور المؤمنين عموماً، فالذين يصبرون على مصابهم، ويتحملون بجلدٍ بلواهم هؤلاء لا يحرمون من عناية الله ورحمته، قال الله تعالى : {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة : 156-157].
وهناك صنف آخر من عباد الله، يأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يصلي عليهم، هؤلاء هم الذين يخرجون الحق المعلوم ويكبتون وساوس الشيطان التي تأمر بالبخل والكزازة ويبسطون أيديهم بالعطاء تفريجاً للكرب، ودعماً للجهاد، هؤلاء أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذ صدقاتهم، وأن يصلي عليهم، قال تعالى :
{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [التوبة: 103]، أي يجيب دعاءك لهم، وصلاتك عليهم .
ووردت آية أخرى تقول : {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} [الأحزاب: 43] .
وتبين هذه الآية الكريمة أن رب العالمين يحب أهل الإيمان، ويتولاهم بالسداد والتوفيق، وتحيط بهم في الدنيا ظلمات شتى، فهو يخرجهم من الظلمة، ويبسط في طريقهم أشعة تهديهم إلى الغاية الصحيحة، وترشدهم إلى الطريق المستقيم، وهذا المعنى في عمومه ذكرته الآية :
{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}، [البقرة: 257].
إن الصلاة التي يستحقها الصابرون على مصابهم، والصلاة التي يستحقها المؤتون للزكاة، والصلاة التي يخرج بها أهل الإيمان من الظلمة إلى الضوء، ومن الحيرة إلى الهدى، هذه الصلوات كلها دون الصلاة التي خصَّ الله بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ؛ لأن صلاة الله وملائكته على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم تنويه بالجهد الهائل الذي قام به هذا الإنسان الكبير، كي يخرج الناس من الظلام إلى النور، وهو الذي بدد الجاهليات، وأذهب المظالم والظلمات .
لقد نقل النبي صلى الله عليه وسلم وحده العالم أجمع من الضلال إلى الهدى، وأكد هذا المعنى قوله جل جلاله :
{لَمْ يَكُنْ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ * رَسُولٌ مِنْ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفًا مُطَهَّرَةً * فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} [البينة: 1-3 ].
فما كان أهل الكتاب ولا كان المشركون ينفكون عن ضلالهم، يفارقون غوايتهم وحيرتهم وعوجهم وشروهم، ما كانوا يستطيعون الانفكاك من مواريث الغفلة وتقاليد العمى؛ إلا بعد أن جاء هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وقد جعل الحليمي في شعب الإيمان تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم من شعب الإيمان وقرر أن التعظيم منزلة فوق المحبة، ثم قال : فحق علينا أن نحبه ونبجله ونعظمه أكثر وأوفر من إجلاله كل عبد سيده وكل ولد والده، بمثل هذا نطق الكتاب ووردت أوامر الله تعالى، ثم ذكر الآيات والأحاديث، وما كان من فعل الصحابة رضوان الله عليهم معه، الدال على كمال تعظيمه وتبجيله في كل حال وبكل وجه .
الحكمة في إضافة الصلاة إلى الله تعالى وملائكته دون السلام :
يحتمل أن يقالله معنيان : التحية والانقياد، فأمر به المؤمنون ؛ لصحتها منهم، والله وملائكته لا يجوز منهم الانقياد، فلم يضف إليهم دفعاً للإيهام والله أعلم .
الحكمة في أن الله تعالى أمرنا أن نصلي ونحن نقول : اللهم صَلّ على محمد وعلى آل محمد، فنسأل الله تعالى أن يصلي عليه ولا نصلى نحن بأنفسنا،يعني بأن يقول العبد في الصلاة : أصلي على محمد، قلنا : لأنه صلى الله عليه وسلم طاهر لا عيب فيه، ونحن فينا العيوب والنقائض، فكيف يثنى من فيه عيوب على طاهر؟ فنسأل الله أن يصلي عليه.
ولا يكفي للعبد أن يقول في الصلاة صليت على محمد ؛ لأن مرتبة العبد تقصر عن ذلك بل يسأل ربه أن يصلي عليه؛ لتكون الصلاة على لسان غيره، حينئذ فالمصلي في الحقيقة هو الله، ونسبة الصلاة إلى العبد مجازية بمعنى السؤال.
الحكمة في تأكيد التسليم بالمصدر دون السلام:
إن الصلاة مؤكدة بأن، وكذا بإعلامه تعالى أنه يصلى عليه وملائكته وكذلك السلام، فحسن تأكيده بالمصدر إذ ليس ثَّمَ ما يقوم مقامه، وقد وقع تقديم الصلاة على السلام في اللفظ، وكان للتقديم مزية ومزيد اهتمام، فحسن أن يؤكد السلام ؛ لتأخر مرتبته في الذكر لئلا يتوهم قلة الاهتمام به لتأخره.
كيفية الصلاة عليه صلى الله عليه و سلم :
عندما نزلت الآية الكريمة، سأل الصحابة رضي الله عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كيفية الصلاة عليه فإنَّ كيفية السلام معلومة، فأخبرهم الرسول صلى الله عليه و سلم، فقد روى البخاري في صحيحه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : " لقيني كعب بن عُجرة فقال : ألا أهدي لك هدية سمعتها من النبي صلى الله عليه و سلم ؟ فقلتُ : بلى فاهدها لي، فقال : سألنا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقُلنا : يا رسول الله كيف الصلاة عليكم أهل البيت ؟ فإنَّ الله علَّمنا كيف نسلِّم عليك، قال : قولوا : اللهم صلِّ على محمد و على آل محمد كما صلَّيتَ على ابراهيم و على آل ابراهيم إنَّك حميد مجيد، اللهم بارِك على محمد و على آل محمد كما باركتَ على ابراهيم و على آل ابراهيم إنَّك حميد مجيد " .
و لذلك ذهب كثير من العلماء أنَّ هذه الصيغة هي أفضل الصِّيَغ للصلاة على رسول الله صلى الله عليه و سلم، كما كره البعض منهم إفراد الرسول صلى الله عليه و سلم بالصلاة دون التسليم .
أفضل الكيفيات في الصلاة عليه :
استدل بتعليمه صلى الله عليه وسلم لأصحابه كيفية الصلاة عليه بعد سؤالهم عنها أفضل الكيفيات في الصلاة عليه ؛ لأنه لا يختار لنفسه إلا الأشرف والأفضل، ويترتب على ذلك لو حلف أن يصلي عليه أفضل الصلاة فطريق البر أن يأتي بذلك، هكذا صوبه النووي في الروضة.
إن ذاكر النبي صلى الله عليه وسلم يعد من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات والغافل عن ذكره يعد من الغافلين .
المراد بالبركة في قوله : " وبارك على محمد " :
المراد بالبركة في قوله : " وبارك " : النمو والزيادة من الخير والكرامة، وقيل المراد التطهير من العيوب والتزكية، وقيل : المراد ثبات ذلك ودوامه واستمراره من قولهم : بركت الإبل : أي ثبتت على الأرض، وبه سميت بركةُ الماء ( بكسر أوله وسكون ثانيه ) ؛ لإقامة الماء فيها وبه جزم، وقد يوضع موضع التيمن فيقال : للميمون مبارك بمعنى أنه محبوب مرغوب فيه .
والحاصل أن المطلوب أن يعطوا من الخير أوفاه، وأن يثبت ذلك ويستمر، فإذا قلنا : اللهم بارك على محمد فالمعنى اللهم أدم ذكر محمد ودعوته وشريعته، وكَثّر اتباعه وأشياعه، وعَرّف أمته من يمنه وسعادته أن تشفعه فيهم، وتدخلهم جنانك، وتحلهم دار رضوانك، فيجتمع التبريك عليه الدوام والزيادة والسعادة .
وقال صلى الله عليه وسلم : " إنَّ أولى الناس بي أكثر هم عَلى صلاة ". (أخرجه الترمذي وابن حبان وقال الترمذي : حسن غريب، وقال ابن حبان : صحيح ).
فضيلة الصلاة عليه صلى الله عليه و سلم :
عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال : " خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتوجه نحو صدقته، فدخل فاستقبل القبلة، فخر ساجداً، فأطال السجود، حتى ظننت أن الله قبض نفسه فيها، فدنوت منه، فرفع رأسه قال : من هذا ؟ قلت عبد الرحمن، قال ما شأنك ؟ قلت : يا رسول الله سجدت سجدة حتى ظننت أن يكون الله قد قبض نفسك فيها، فقال : " إن جبريل أتاني فبشرني فقال : إن الله عز وجل يقول : من صلى عليك صليت عليه، ومن سلم عليك سلمت عليه، فسجدت لله شكراً "، قال الحاكم : هذا حديث صحيح ولا أعلم في سجدة الشكر أصح من هذا الحديث وأخرجه أحمد والبيهقي كذلك .
وعن أبي بردة بن دينار رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما صلى عليَّ عبد من أمتي صلاة صادقاً من قلبه إلا صلى الله عليه بها عشر صلوات، ورفعه بها عشر درجات، وكتب له بها عشر حسنات، محا عنه بها عشر سيئات "، رواه ابن أبي عاصم في الصلاة، والنسائي في اليوم والليلة والسنن والبيهقي في الدعوات والطبراني ورجاله ثقات، ورواه اسحاق بن راهويه والبزار بسند رجاله ثقات أيضا .
وعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ربع الليل وفي رواية ثلث الليل قام فقال : " يا أيها الناس اذكروا الله جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه، قال أبي بن كعب فقلت يا رسول الله : إني أكثر الصلاة عليك، فكم أجعل لك من صلاتي، قال : ما شئت قلت الربع . قال : ما شئت وإن زدت فهو خير لك قلت : فالنصف . قال : ما شئت، وإن زدت فهو خير لك، قال : قلت فالثلث . قال : ما شئت، وإن زدت فهو خير لك . قلت أجعل لك صلاتي كلها. قال: إذا يكفي همك، ويغفر ذنبك "، رواه أحمد وابن حميد في مسنديهما والترمذي وقال : حسن صحيح .
وفي لفظ لأحمد وابن أبي شيبة وابن أبي عاصم قال رجل يا رسول الله أرأيت إن جعلت صلاتي كلها عليك ؟ قال : " إذا يكفيك الله تبارك وتعالى ما أهمك من أمر دنياك وآخرتك "، وإسناده جيد .
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أيما رجل كسب مالاً من حلال فأطعم نفسه أو كساها، فمن دونه من خلق الله، فإنه له زكاة، وأيما رجل لم يكن عنده صدقة، فليقل في دعائه : اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وعلى المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات فإنه له زكاة "، أخرجه البخاري في الأدب المفرد بنحوه وأبو يعلى والبيهقي في أدبه .
و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من صلى عليَّ واحدة صلى الله عليه عشرا "، رواه مسلم .
و روى النسائي في سننه عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من صلى عليَّ صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات و حطَّت عنه عشر خطيئات و رفعت له عشر درجات " .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من أحدٍ يُسَلَّمُ عليَّ إلا ردَّ الله عليَّ روحي حتى أرُدَّ عليه السلام " . ( رواه أبو داود بإسناد صحيح ) .
فضل الإكثار من الصلاة عليه صلى الله عليه و سلم :
– أخرج الترمذي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أَولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم عليَّ صلاةً " .
– وأخرج الترمذي أيضاً عن أُبيّ بن كعب رضي الله عنه قال : قُلتُ : يا رسول الله، إني أُكثِرُ الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي؟ فقال : " ما شئت "، الربع ؟ قال : " ما شئت، فإن زدت فهو خير لك "، قلت : النصف ؟ قال : " ما شئت، فإن زدت فهو خيرٌ لك " قلت : أجعل لك صلاتي كلها ؟ قال : " إذاً تُكفى همّك ويُكَفَّر لك ذنبك " .
وفي هذه الأحاديث دلالة على شرف هذه العبادة من تضعيف صلاة الله على المصلي، وتضعيف الحسنات وتكفير السيئات، ورفع الدرجات، وأن عتق الرقاب مضاعفة، فأكثر من الصلاة على سيد السادات، ومعدن أهل السعادات، فإنها وسيلة لنيل المسرات، وذريعة لأنفس الصلات، ومنع المضرات، ولك بكل صلاة صليتها عليه عشر صلوات، صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً .
و هو صلى الله عليه و سلم شفيق على أمَّته لدرجة أنّ الناس عندما تقول نفسي نفسي يوم القيامة يكون هو الوحيد صلى الله عليه و سلم الذي يقول : يا رب أمَّتي أمَّتي، ثم يشفع للناس أجمعين يوم لا يجرؤ أحد أن يتقدَّم للشفاعة و إنَّما هو حبيب رب العالمين و الرحمة للعالمين صلى الله عليه و سلم وحده الذي أعطاه الله سبحانه و تعالى حق الشفاعة فيشفع و يُشَفَّع و تكون شفاعته على قسمين : شفاعة عامّة و تشمل الناس أجمعين من مؤمنين و كافرين و ذلك لتعجيل الحساب بعد طول انتظار، وشفاعة خاصة تكون لأفرادٍ من أمَّته.
* فضل الإكثار من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة وليلته :
لقد ثبتت عنه صلى الله عليه و سلم فضائل كثيرة للصلاة عليه صلى الله عليه و سلم يوم الجمعة و ليلته بصورة خاصة، و رُويَ ذلك عن كثير من الصحابة رضي الله تعالى عنهم، لذا ينبغي أن يضاعف كل واحد منّا ورده في يوم الجمعة و في ليلته خاصة عن بقية الأيام.
أخرج ابن ماجه عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: " أكثِروا من الصلاة عليّ يوم الجمعة فإنه يوم مشهود تشهده الملائكة و إنّ أحداً لن يصلي عليّ إلا عُرِضَت عليّ صلاته حتى يفرغ منها "، قال: قلت: و بعد الموت؟ قال: " إنّ الله حرَّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء عليهم الصلاة و السلام ". قال الدميري: ورجال إسناده كلهم ثقات.
وقال صلى الله عليه وسلم: " من قال حين يسمعُ الأذان والإقامة: اللهم رَبّ هذه الدعوة النافعة، والصلاة القائمة آتِ مُحمَّداً الوسيلة والفضيلة، وابعثهُ مقاما محموداً الذي وعدته، حَلَّت له شفاعتي يوم القيامة "، أخرجه البخاري وأصحاب السنن الأربعة وأحمد وابن حبان.
و أخرج أبو داود عن أوس بن أوس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أفضل أيامكم يوم الجمعة، فيه خُلِقَ آدم وفيه قُبِضَ و فيه النفخة وفيه الصعقة فأكثِروا عليّ من الصلاة فيه، فإنّ صلاتكم تُعرَضُ عليّ فأدعو لكم وأستغفر"
ولقد قال الشافعي رضي الله عنه: " أحب كثرة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في كل حال وأمّا في يوم الجمعة و ليلتها أشدُّ استحباباً ".
واعلم أنه كما ورد أنّ من صلى عليه صلى الله عليه وسلم فإنّ الله يصلي عليه عشراً هكذا ذكر العلماء أنّ من أساء في حق شأنه الرفيع صلى الله عليه وسلم فإنّه تنزل على كل إساءة عشرة لعنات من العزيز القهّار على المُسيء نعوذ بالله من ذلك.
الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم وسيلة لنيل أرفع الدرجات:
أي عمل أرفع وأي وسيلة أشفع وأي عمل أنفع من الصلاة على من صلى الله عليه وجميع ملائكته، وخصه بالقربة العظيمة منه في دنياه وآخرته، فالصلاة عليه أعظم نور وهي التجارة التي لا تبور، وهي كانت هجيري الصالحين في المساء والبكور، فكن مثابراً على الصلاة على نبيك، فبذلك تطهر نفسك، ويزكو منك العمل، وتبلغ غاية الأمل، ويضيء نور قلبك – وتنال مرضاة ربك وتأمن من الأهوال يوم المخاوف والأوجال صلى الله عليه وسلم تسليما كما كرمه الله برسالته تكريما، وعلمه ما لم يكن يعلم، وكان فضل الله عليه عظيما.
عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: قال " إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام "، رواه أحمد والنسائي والدرامي وأبو نعيم والبيهقي وابن حبان والحاكم في صحيحهما وقالا: صحيح الإسناد.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ما من أحد يسلم عليّ إلا رد الله تعالى إليَّ روحي، حتى أرد عليه السلام "، رواه أحمد وأبو داود والطبراني والبيهقي بإسناد حسن بل صححه النووي في الأذكار.
التحذير من ترك الصلاة عليه عند ذكره صلى الله عليه و سلم :
عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " احضروا المنبر "، فحضرنا، فلما ارتقى درجته قال : " آمين "، ثم ارتقى الثانية، فقال " آمين "، ثم ارتقى الثالثة، فقال : " آمين "، فلما نزل قلنا يا رسول الله قد سمعنا منك اليوم شيئاً ما كنا نسمعه، فقال: "إن جبريل عرض لي، فقال بغض من أدرك رمضان فلم يغفر له، قلت: آمين، فلما رقيت الثانية قال: بغض من ذكرت عنده فلم يصل عليك، فقلت " آمين "، فلما رقيت الثالثة قال: بغض من أدرك أبويه الكبر عنده أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة قلت " آمين".
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من نسي الصلاة عليَّ نُسِيَ – وفي رواية خطىء – طريق الجنة "، رواه البيهقي في الشعب والسنن الكبرى والتيمي في الترغيب وإسناده حسن وإنما أراد بالنسيان الترك.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما جلس قوم مجلساً لم يذكروا الله تعالى فيه ولم يصلوا على نبيه صلى الله عليه وسلم إلا كان عليهم من الله ترة ( الترة: الباطل وهو الصَّغار والبعد عن الجادة يوم القيامة)، فإن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم "، رواه أحمد والطيالسي والطبراني في الدعاء وأبو الشيخ وإسماعيل القاضي وأبو داود والترمذي واللفظ له.
وقال صلى الله عليه وسلم : " بحَسْب المَرءِ من البُخل أن أُذكرَ عنده ولا يُصلِّي عَليَّ "، أخرجه النسائي وابن حبان والترمذي وقال حسن صحيح.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "رَغِمَ: أي لصق بالرغام وهو التراب، وهو كناية عن الذل والحقارة) أنف رجُل ذُكرتُ عنده، فلم يُصلِّ علي "، رواه الترمذي وقال حديث حسن.
استحباب ابتداء الدعاء بالصلاة و السلام عليه:
قال صلى الله عليه وسلم : " إذا أراد أحدكم أن يسأل الله شيئاً، فليبدأ بحمده والثناء عليه بما هو أهله، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم ليسأل، فإنه أجدر أن ينجح ". ( أخرجه عبد الرازق والطبراني وابن أبي الدنيا بسند صحيح).
وعن فضاله بن عبيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يدعو في صلاته لم يحمد الله، ولم يُصل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عجل هذا، ثم دعاه فقال له أو لغيره : " إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يدعو بعد بما شاء ". ( أخرجه أبو داود والترمذي وصححه وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وقال: هو على شرط مسلم وفي موضع آخر على شرطهما وأخرجه النسائي بنحوه ).
وقال النووي : أجمع العلماء على استحباب ابتداء الدعاء بالحمد لله تعالى والثناء عليه، ثم بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك يختم الدعاء بهما.
الصلاة على النبي التي تجب بالنذر :
ومما يستفاد هنا شيئان: أحدهما أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تجب بالنذر؛ لأنها من أعظم القربات وأفضل العبادات وأجل الطاعات لقوله صلى الله عليه وسلم: "من نذر أن يطيع الله فليطعه".
الثاني: لو خاطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم في عصره مصلياً لزمه الإجابة في الحال.
الصلاة عليه عند نشر العلم والوعظ وقراءة الحديث :
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند نشر العلم والوعظ وقراءة الحديث ابتداء وانتهاء متأكد لمن وصف بوصف التبليغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيفتح كلامه بحمد الله والثناء عليه وتمجيده والاعتراف له بالوحدانية وتعريف حقوقه على العباد، ثم بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وتمجيده والثناء عليه، وأن يختم ذلك أيضاً بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم تسليماً .
قال ابن الصلاح ينبغي أن يحافظ على الصلاة والتسليم عند ذكره صلى الله عليه وسلم، وأن لا يسأم من تكرير ذلك عند تكريره، وكتبته، ومن أغفل ذلك حرم حظاً عظيماً، وما نكتبه من ذلك فهو دعاء نثبته لا كلام نرويه، فلا تتقيد بالرواية، ولا تقتصر فيه على ما في الأصل، وهكذا في الأمر في الثناء على الله عند ذكر اسمه عز وجل.
وقال النووي في الأذكار : يستحب لقارىء الحديث وغيره ممن في معناه إذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرفع صوته بالصلاة عليه والتسليم ولا يبالغ في الرفع مبالغة فاحشة .
الصلاة عليه عند كتابة الفتيا :
قال النووي رحمه الله في الروضة من زوائده : يستحب عند إرادة الإفتاء أن يستعيذ من الشيطان، ويسمي الله تعالى ويحمده، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول : لا حول ولا قوة إلا بالله، ويقول :
{رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي} [ طه: 25-28].
ثم قال: إذا كان السائل قد أغفل الدعاء أو الحمد والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر الفتوى ألحق المفتي ذلك بخطه، فإن العادة جارية به.
الصلاة عليه عند القيام بصلاة الليل :
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : يضحك الله إلى رجلين : رجل لقي العدو وهو على فرس من أمثل خيل أصحابه، فانهزموا، وثبت، فإن قتل استشهد وإن بقي فذاك الذي يضحك الله إليه، ورجل قام في جوف الليل لا يعلم به أحد، فتوضأ وأسبغ الوضوء ثم حمد الله ومجده وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم واستفتح القرآن فذاك الذي يضحك الله إليه يقول : انظروا إلى عبدي قائماً لا يراه أحد غيري .( أخرجه النسائي في عمل اليوم والليلة وعبد الرزاق بسند صحيح ) .
رؤية رسول الله صلى الله عليه و سلم
ما يراهالإنسان في أثناء نومه إن كان شيئاً يسرَّه فتلك رؤيا صالحة وهي من الله تعالى.
قال صلى الله عليه وسلم : " لم يبق من النبوة إلا المبشرات " رواه البخاري . وقال أيضاً صلى الله عليه وسلم : " إذا رأى أحدكم رؤيا يحبها فإنما هي من الله تعالى فليحمد الله عليها وليحدِّث بها" رواه الشيخان وفي رواية : "فلا يحدث بها إلا من يحب" وإن كانت هذه الرؤيا لا تسره فذلك حلم من الشيطان فلينفث عن يسراه ثلاث مرات وليتعوَّذ من شرها فإنها لا تضره ولا يلقي لها بالاً ولا يخبر بها أحداً فهي وسوسة من الشيطان .
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية : {لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ}[يونس: 64] قال: ما سألني عنها أحد قبلك هي الرؤيا الحسنة يراها المرء أو تُرى له " رواه الترمذي وأحمد وحسَّنه الترمذي ورواه الطبراني بإسناد قوي. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول صلى الله عليه وسلم قال: "من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي " رواه الشيخان. وروى الشيخان عن أبي هريرة أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من رآني فسيراني في اليقظة " .
هكذا يتبين لنا أن من يرى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في منامه فهذه رؤيا صالحة وبشارة من الله تعالى إما بحُسن الخاتمة والوفاة على الإيمان أو أن الرؤيا قد تكون موعظة لصاحبها وتذكِرة له . وقال العلامة المناوي رحمه الله تعالى : يراه رؤية خاصة في الآخرة بصفة القرب والشفاعة.
ينبغي أوَّلاً ملاحظة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأوصافه الشريفة و أخلاقه المنيفة ليسهل تطبيقه بعد الرؤية في المنام عليها. و حقيقة الرؤيا اعتقادات يخلقها الله في قلب النائم كما يخلقها في قلب اليقظان يفعل ما يشاء لا يمنعه نوم و لا يقظة . و قوله من رآني في المنام فقد رآني، أي من رآني في حال النوم فقد رآني حقّاً أو فكأنما رآني في اليقظة فهو على التشبيه و التمثيل و ليس المراد رؤية جسمه الشريف و شخصه المنيف بل مثاله على التحقيق.
وقوله فإنّ الشيطان لا يتمثَّل بي أي لا يستطيع ذلك لأنه سبحانه و تعالى جعله محفوظاً من الشيطان في الخارج فكذلك في المنام سواء رآه على صفته المعروفة أو غيرها قال العلامة القرطبي رحمه الله تعالى رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في كل حال ليست باطلة ولا أضغاثاً، بل هي حق في نفسها، ولو رُؤي على غير صورته صلى الله عليه وسلم، فَتصَوُّر تلك الصورة ليس من الشيطان، بل هي من قِبَل الله تعالى . ولقد اتفق العلماء أنه من رأى الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام على الهيئة التي وُصِفَت لنا في كتب الشمائل بسند صحيح فقد رآه قطعاً وأما من رآه على غير الصورة المذكورة في السُنَّة الصحيحة كأن رآه حليقاً أسود اللون هنا وقع الخلاف بين العلماء .
فريق منهم قال إنه يكون قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم في الجملة وإن كان المرئي ليس هو النبي صلى الله عليه وسلم بعينه (أي ذاته) ولكن تُؤوَّل هذه الرؤية بحسب اختلاف حال الرائي لأنه صلى الله عليه و سلم كالمرآة الصقيلة ينطبع فيها ما يقابلها وفي ذلك يقول النووي رحمه الله تعالى : والصحيح أنه يراه – صلى الله عليه وسلم الرائي في المنام – حقيقة، سواء كانت على صورته المعروفة أو غيرها .
و يُذكر أنّ رؤية الرسول صلى الله عليه و سلم في صورة حسنة تدل على حُسن دين الرائي بخلاف رؤيته في صورة شين أو نقص في بعض البدن فإنها تدل على خلل في دين الرائي فبها يعرف حال الرائي فلذلك لا يختص برؤيته صلى الله عليه و سلم الصالحون بل تكون لهم ولغيرهم .
وقال فريق آخر من المحدثين والعلماء إنه من رآه عليه الصلاة والسلام على غير الصورة أو الأوصاف التي نُقِلَت إلينا فلا يُعتبر أنه رآه، واستدلوا على ذلك بأن بعض التابعين كان إذا رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام أخبر الصحابة فيقولون له صفه لنا فإذا كان رآه على وصفه بشَّروه بأنه رآه وإلا فلا .
سؤال : ما حكم من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فأمره بطاعة ما وماذا لو أمره بمعصية ؟
الجواب : إذا أمره النبي صلى الله عليه وسلم في المنام بما يوافق الشرع كأن أمره بصوم يوم كذا مثلاً ونحو ذلك مما يوافق الشرع، يندب للرائي العمل به هو نفسه بشكل خاص ولا يأمر به الناس ولا يندب لغيره أن يأخذ به.
فلقد سُئلَ شيخ الإسلام زكريا الأنصاري أن رجلاً رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام يأمره أن يأمر المسلمين أن يصوموا يوم كذا، فقال : لا يجب علينا صومه ولا نأمر به المسلمين بل يندب صومه للرائي فقط .
أما لو أُمِرَ بمعصية ففي ذلك شبهة أوضحها الإمام النووي فقال : أما الرؤية فجاء بها النص فلا يمكن للشيطان أن يتمثل به صلى الله عليه وسلم .
أما ما وراء الرؤية كالكلام وغيره فلم يأتِ فيه نص يمنع أن يكون الشيطان ألقى في سمع النائم وتلاعب به . وذلك يكون بأن يرى النائم رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فيأتي الشيطان فيأمر النائم بأمور ويسمعها النائم فيظن أنها من النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا ممكن، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح : " إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم في عروقه " . ومن المعلوم أن الشيطان يحاول أن يلقي في روع الأنبياء فيبطل الله سبحانه وتعالى ما يلقيه فكيف لا يمكن له أن يلقي في روع أحدنا وهو نائم ؟ !!! ومن المعلوم أن الشيطان قد يتلاعب بالإنسان في نومه وقد يستعين بعض الفجار بالجن حتى يتلاعب بإنسان و الاحتلام هو باب من تلاعب الشيطان بالإنسان .
ثم قال النووي : وإخبار النبي صلى الله عليه وسلم في المنام من قبيل الرواية والإخبار، والرواية والإخبار لا يُقبل فيه إلا الضابط، والنائم لا يعتبر ضابطاً، وذلك لأنه قد ينسى ويلقى الشيطان في روعه أشياء أخرى، ومن المعلوم أن أطول منام لا يتجاوز اللحظات القليلة وإنه أحسَّ به الإنسان أن طويل جداً "، بسط هذا الكلام الإمام النووي في تهذيب الأسماء والصفات.
بعض المعلومات المهمة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم
1نسبه الشريف :
هو رسول الله صلى الله عليه و سلم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، و ينتهي نسبه الشريف إلى سيدنا إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام .
2تاريخ و مكان ولادته : ولد عام الفيل صبيحة يوم الاثنين سنة 571 ميلادية في مكة المكرمة و بقي فيها قرابة الثلاث وخمسين سنة ومن ثم هاجر إلى المدينة وتوفي فيها عن ثلاث وستين سنة .
3- أسماؤه :
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا محمد، وأنا أحمد وأنا الماحي الذي يمحو اللهُ به الكفر، وأنا الحاشِرُ الذي يُحشر الناس على قدمي، وأنا العاقِب الذي ليس بعده نبي "، وقد سماه الله رؤوفاً رحيماً متفق عليه.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسمي لنا نفسه أسماء فقال :" أنا محمد، وأنا أحمد،وأنا المقفِّي، ونبي التوبة، ونبي الرحمة )، ( المقفِّي: آخر الآنبياء)"، رواه مسلم .
قال القاضي عياض : قد حمى الله هذين الاسمين ( يعني محمد وأحمد ) أن يتسمى بهما أحد قبل زمانه، أحمد الذي ذكر في الكتب وبشر به عيسى عليه السلام، فمنع الله بحكمته أن يتسمى به أحد غيره، ولا يدعى به مدعو قبله حتى لا يدخل اللبس ولا الشك فيه على ضعيف القلب، وأما محمد فلم يتسم به أحد من العرب ولا غيرهم إلا حين شاع قبيل مولده أن نبياً يبعث اسمه محمد، فسمى قليل من العرب أبناءهم بذلك رجاء أن يكون أحدهم هو، والله أعلم حيث يجعل رسالته .
ومن تكريم الله تعالى له ولاسمه الشريف أنه صرف كفار قريش عن شَتم اسمه، فكانوا يدعونه مذمَّماَ وفي ذلك يقول عليه الصلاة والسلام : " ألا تعجبون كيف يصرف الله عني شتم قريش، ولعنهم ؟ يشتمون مذَمَّماً، ويلعنون مُذَمَّماَ وأنا محمد ".
4أمّهاته:
– آمنة بنت وهب: " أمه ولادة "، كانت خير امرأة في قريش نسباً وموضعاً من أسرةتعتبر من أشرف القبائل العربية وأشرفها سلالة .
حليمة السعدية : " أمه رضاعة "، كانت فاضلة طيبة وحاضنة مرضعة، كسبت شرف أمومة رسول الله صلى الله عليه وسلم برضاعته .
بَرَكة ثعلبة (أم أيمن) : "أمه حضانة"، كانت من موالي عبد الله بن عبد المطلب، احتضنت النبي صلى الله عليه وسلم عندها حتى شب وقد أحسنت حضانته وأخلصت إليه . وقد أعتقها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد زواجه من السيدة خديجة وتزوجت وولدت أيمن رضي الله عنه الذي كان له شأن كبير في الإسلام، فقد هاجر و جاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم واستشهد يوم حنين . وأم أيمن كانت قد أعلنت إسلامها من بداية الدعوة وكانت من أوائل النسوة اللاتي هاجرن إلى الحبشة وإلى المدينة وبايعن الرسول صلى الله عليه وسلم .
ولقد كانت خلال هجرتها إلى المدينة المنورة، صائمة مهاجرة ماشية، ولم يكن معها شيء من الزاد أو الشراب ولما حانت ساعة الإفطار منحها الله تعالى كرامة عظيمة إذ دُّلي عليها من السماء دلو فيه ماء، فأخذته وشربت منه حتى رويت فما عطشت بعدها أبداً . أسلمت روحها الطاهرة في خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه ودُفنت في البقيع .
فاطمة بنت أسد الهاشمية : " أمه تكريماً "، وهي زوجة عم الرسول صلى الله عليه وسلم أبي طالب، وأم علي بن أبي طالب كرم الله وجهه . وطالب وعقيل وجعفر وأم هانىء وجمانه وريطة بن أبي طالب أولاد عم الرسول عليه الصلاة والسلام . أولت النبي صلى الله عليه وسلم رعاية خاصة وبذلت أقصى جهدها حتى لا تجعله يشعر بالغربة أو اليتم، حتى أنها كانت تفضله في بعض الأوقات على أبنائها وبهذا أصبحت فاطمة بنت أسد رضي الله عنها من أقرب المقربات للرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ولقد حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الكثير من الأحاديث
5نبوّته : في الأربعين من عمره الشريف، نزل عليه أمين الوحي جبريل عليه السلام و هو في غار حراء حيث بلّغه رسالة ربه عز و جل و كان ذلك في رمضان سنة 13 قبل الهجرة الموافق تموز سنة 610 م .
6أزواجه أمهات المؤمنين رضي الله عنهن
ست توفاهنَّ الله قبله وهنَّ:
1خديجة بنت خويلد رضي الله عنها: وهي أول نسائه تزوجها قبل النبوة وعمره خمس وعشرون سنة وهي أم أولاده ما عدا إبراهيم فإنه من مارية القبطية.
لم يتزوج عليها حتى ماتت قبل الهجرة بثلاث سنين وهي أول من آمن من النساء بالله وبرسوله وراحت تدعو إلى الإسلام بجانب زوجها عليه الصلاة والسلام بالقول والعمل ضاربة أروع النماذج وأصدقها في الدعوة إلى الجهاد في سبيله، فكانت بحق الزوجة الحكيمة التي تقدر الأمور حق قدرها وتبذل من العطاء ما فيه إرضاء لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وبذلك استحقت أن يبلغها جبريل من ربها السلام ويبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب ( رواه البخاري) .كانت وفاتها رضي الله عنها، قبل الهجرة بثلاث سنين على الصحيح و دفنها النبي صلى الله عليه وسلم بالحجون في مكة.
2زينب بنت خزيمة الهلالية: لم تلبث عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا يسيراً – شهرين أو ثلاثة – حتى توفيت في حياته.
3-سبا بنت الصَّلت أو سناء بنت الصَّلت: ماتت قبل أن يدخل بها.
4أساف أو شِراف أخت دحية الكلبي: ماتت قبل أن تصل إليه.
5خولة بنت الهُذيل: ماتت قبل أن يدخل بها وقد وهبت نفسها له.
6خولة بنت حكيم السلمية: ماتت قبل أن يدخل بها، وقد وهبت نفسها للنبي عليه الصلاة والسلام وكانت تخدمه وكانت صالحة فاضلة.
* نساؤه اللاتي مات عنهن:
1- عائشة بنت الصِدَّيق : تزوجها بعد موت خديجة بسنتين أو ثلاث بمكة وهي بنت ست أو سبع سنين كما ورد في الصحيح. زفَّت إليه وهي بنت تسع سنين ومات عنها وهي بنت ثمان عشرة سنة و كان وفاتها سنة 57 من الهجرة. ولم يتزوج بكراً غيرها وكانت أَحَبُّ نسائه إليه. ولعائشة بنت الصدّيق الأكبر، حبيبة حبيب رب العالمين من الفضائل مالا يخفى على أحد.
2سودة بنت زُمعة: تزوجها بعد عائشة وهي أرملة، توفيت في آخر زمان عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
3حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: تزوجها بالمدينة بعد سودة وكانت من المهاجرات ولدت قبل البعثة بخمسة سنين وماتت يوم بايع الحسن معاوية وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد طلقها فقال له جبريل عليه السلام: "راجع حفصة فإنها صوَّامة قوَّامة وإنها زوجتك في الجنة "، فراجعها.
4أم حبيبة بنت أبي سفيان واسمها رملة: هاجرت مع زوجها الأول إلى أرض الحبشة ولكن زوجها افتتن وتنصَّر ومات نصرانياً ولكن الله ثبَّتها على الإسلام. تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم سنة سبع من الهجرة، ويذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بحضانة ابنه إبراهيم لها . توفيت سنة أربعة وأربعين في خلافة أخيها معاوية بن أبي سفيان.
5أم سَلَمَة: هي هند بنت أبي أمية بن المغيرة المخزوميَّة: تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم في السنة الثانية من الهجرة بعد موقعة بدر. كانت رشيدة الرَّأي فهي التي أشارت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية أن يخرج إلى هَديِهِ لينحره ثم يدعو الحلاّق ليحلُق رأسه فما كان من المسلمين لمَّا رأوه إلاّ أن فعلوا مثلما فعل، بعد أن كان أمَرهم بحلق رؤوسهم ونحر هديِهِم والتَّحلُّلِ من إحرامهم، غير أنهم لم يمتثلوا لأمره في بادىء الأمر لأنهم شعروا بضيق شديد من المعاهدة التي عقدها النبي صلى الله عليه وسلم مع كفار قريش والتي عُرفت (بصلح الحُدَيبية) فهم كانوا يُمَنّون أنفسهم بدخول مكة للعمرة بينما نصَّت المعاهدة فيما نصّت ألا يعتمروا في ذاك العام وأن يرجعوا في العام المقبل ليدخلوا مكة بعد أن تخرج قريش منها ويمكثوا فيها ثلاثة أيام فقط ليس معهم من السلاح إلا السيوف في قرابتها.
توفيت أم سلمة في أول خلافة يزيد بن معاوية.
6ميمونة بنت الحارث: بدأ به صلى الله عليه وسلم المرض في بيتها، وقد قيل إنها من اللائي وهبن أنفسهن للنبي صلى الله عليه وسلم و كانت آخر نسائه موتاً.
7صفية بنت حُيَيّ بن أخطب: من سبي بني النَّضير، اصطفاها عليه الصلاة والسلام وأعتقها ثم تزوجها وكانت عاقلة حليمة فاضلة توفيت في رمضان سنة خمسين هجرية في زمن معاوية رضي الله عنه.
8جويرية بنت الحارث من بني المصطلق: كان اسمها برَّة فسمّاها النبي صلى الله عليه وسلم جويرية، كانت أبرك امرأة على قومها لأنها عندما تزوجت النبي صلى الله عليه وسلم تسامع الناس بذلك فأطلق المسلمون ما في أيديهم من السَّبي وأعتقوهم قائلين : هم أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعتق بسببها مائة من بني المصطلق مما دفع العديد منهم للدخول في الإسلام .
9زينب بنت جحش : كانت ممن أسلم قديماً وهاجرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، خطبها النبي لزيد بن حارثة فلم ترض به فنزلت الآية من سورة الأحزاب :{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمْ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36]، فرضيت عندها وتزوجت منه. ولكن زيد طلقها ثم تزوجها النبي وكان ذلك لحكمة وهي إزالة آثار التبني، توفيت سنة عشرين في خلافة عمر بن الخطاب .
أولاده الكرام :
وكلهم من خديجة رضي الله تعالى عنها إلا إبراهيم من مارية القبطية .
أما بناته عليه الصلاة والسلام فأربع :
زينب ورُقِيَّة وأم كلثوم وفاطمة رضي الله تعالى عنهن .
وأما أبناؤه عليه الصلاة والسلام فثلاثة : القاسم وعبد الله وإبراهيم، رضي الله تعالى عنهم
1القاسم: هو أول ولد له عليه الصلاة والسلام قبل النبوة في مكة المكرمة وبه يُكَنَّى وعاش حتى مشى.
2زينب: هي أكبر بناته وُلِدت سنة ثلاثين من مولده عليه الصلاة والسلام وأدركت الإسلام .
3-رقـيـة: ولدت سنة ثلاث وثلاثين من مولده عليه الصلاة والسلام وتزوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه وتوفيت والنبي صلى الله عليه وسلم ببدر فزوجه أم كلثوم وسمي بذي النورين.
4فاطمة الزهراء: وُلِدت سنة إحدى وأربعين من مولد النبي صلى الله عليه وسلم وسُمِّيت فاطمة لأن الله تعالى قد فطمها وذريتها عن النار. وتزوجت بعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه، في السنة الثانية للهجرة ولها من العمر خمس عشرة سنة وخمسة أشهر. وهي أفضل بناته وأحبهنَّ إليه وكان يقول كما في صحيح البخاري: " فاطمة بِضعة مني فمن أغضبها أغضبني"، وقال لها كما في صحيح مسلم: "أو ما ترضين أن تكوني سيدة نساء المؤمنين". توفيت بعده عليه الصلاة والسلام بستة أشهر أي وهي في الثالثة والعشرين من عمرها ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم عَقِبٌ (أي أحفاد) إلا من ابنته فاطمة.
5عبد الله: قيل إنه مات صغيراً بمكة واختُلِفَ هل مات قبل النبوة أو بعدها.
6إبراهيم: من ماريا القبطية، وُلِدَ في ذي الحِجة سنة ثمانٍ من الهجرة وتُوُفيَ صغيراً.
7أم كلثوم: هي أصغر من فاطمة وليس لها اسم غير هذه الكنية، فاسمها كُنيَتُها. وُلِدَت بعد البعثة وتزوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه سنة ثلاث من الهجرة بعد موت أختها رُقِية و لِذا لُقبَ بذي النورَين، وتُوفِيَت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عليه الصلاة و السلام لعثمان: "لو كان عندنا ثالثة لَزَوجناكها"
* بعثته وهجرته:
بعث إليه في الأربعين من عمره في مكة وبقي فيها ثلاث عشرة سنة بعد البعثة ثم هاجر إلى المدينة المنورة فمكث فيها عشر سنوات تقريباً .
5وفاته: في الثالث والستين من عمره توفاه الله تعالى وانتقل إلى الرفيق الأعلى بعد أن أدّى الأمانة وبلَّغ الرسالة ونصح الأمة وكان ذلك يوم الاثنين سنة 11 هجرية وكان وفاته وقبره الشريف في المدينة المنورة
عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان الرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو صحيح: إنه لم يقبض نبي حتى يرى مقعده من الجنة، ثم يُخيَّر بين الدنيا والآخرة، قالت عائشة: فلما نُزِل به ورأسه على فخذي، غشي عليه، ثم أفاق فأشخص بصره إلى السقف، ثم قال: "اللهم الرفيق الأعلى. قلتُ إذاً لا يختارنا.
قالت: عرفت أنه الحديث الذي كان يحدثنا به وهو صحيح.

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا محمد
وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.




رد: الشمائل المحمدية

الصلاة والسلام عليك يا رسول الله
الصلاة والسلام عليك يا حبيب الله
الصلاة والسلام عليك يا حبيبي يا محمد

شكرا ساندي كثيرا




رد: الشمائل المحمدية

مشكور على المرور اخي……..




التصنيفات
فقه السنة النبوية

أحاديث نبوية في باب الدين

أحاديث نبوية في باب الدين


الونشريس


جواهر نبوية لمن له أوعليه دين,

الحمد لله رب العالمين ، انتشر في زمننا هذا الدَّيْنُ ، فقلَّ أن تجد أحدا ليس عليه دين قليل أو كثير .

وتهافت بعض الناس إلى الاقتراض بحاجة ومن غير حاجة ،
حتى تراكمت عليهم الديون ، فأودع بعضهم السجون ، وتشردت أسرهم ، بعد حبس عائلهم والمنفق عليهم ، فامتهن بعضهم المسألة والإلحاف على الناس ، وتدرب بعضهم على السرقة .

ولا شك أن هذه مشكلة لكن في ديننا حل لها ، وفي سنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم علاجها وترياقها .

فإلى كل مسلم دائن أو مدين .

أعرض بين يديك أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
لعل الله يفتح عليك ، فتعمل بها ، أو تعلم من يعمل بها ،
فتنل خيرا كثيرا .

روى الترمذي في سننه كتاب الدعوات عن علي رضي الله عنه :

أن مكاتبا جاءه ، فقال : إني قد عجزت عن كتابتي ، فأعني .
قال : ألا أعلمك كلمات علمنيهنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لو كان عليك مثل جبل ثبير دينا أداه الله عنك ؟ قال : قل :
" اللهم اكفني بحلالك عن حرامك ، وأغنني بفضلك
عمن سواك " .

قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب .
قال الألباني رحمه الله : حسن .

وروى أبو داود في سننه ، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ، قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد ، فإذا هو برجل من الأنصار ، يقال له أبو أمامة ، فقال : " يا أبا أمامة ! ما لي أراك جالسا في المسجد في غير وقت الصلاة " ؟
قال : هموم لزمتني ، وديون يارسول الله . قال :
" أفلا أعلمك كلاما ، إذا أنت قلته أذهب الله عز و جل همَّك ، وقضى عنك دَينَك " ؟ قال : بلى يارسول الله . قال : " قل إذا أصبحت ، وإذا أمسيت : اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ، وأعوذ بك من العجز والكسل ، وأعوذ بك من الجبن والبخل ، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال " .
قال : ففعلت ذلك ، فأذهب الله عزوجل همي وقضى عني ديني .

وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يأمرنا إذا أخذنا مضجعنا أن نقول : " اللهم رب السموات ورب الأرض ، ورب العرش العظيم ، ربّنا وربّ كلّ شيء ، فالق الحب والنوى ، ومنزل التوراة والإنجيل والفرقان . أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته . اللهم أنت الأول ، فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر ، فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر ، فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن ، فليس دونك شيء . اقضِ عنَّا الدَّين ، وأغننا من الفقر "

رواه مسلم في صحيحه
كتاب الذكر والدعاء باب ما يقول عند النوم .

وفي فضل التجاوز عن المعسر أو التنفيس عنه
اسمع هذه الأحاديث :

عن عبدالله بن أبي قتادة ، أن أبا قتادة رضي الله عنه ، طلب غريما له ، فتوارى عنه ، ثم وجده فقال : إني معسر ، فقال : آلله ؟ قال : ألله . قال : فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :

" من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة ، فلينفس عن معسر ، أو يضع عنه " .

رواه مسلم في صحيحه كتاب المساقاة .
باب فضل إنظار المعسر .

وعن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :

" كان رجل يداين الناس ، فكان يقول لفتاه : إذا أتيت معسرا ، فتجاوز عنه لعل الله يتجاوز عنا ، فلقى الله فتجاوز عنه " .

رواه مسلم في صحيحه كتاب المساقاة .
باب فضل إنظار المعسر .

وعن أبي مسعود البدري رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " حوسب رجل ممن كان قبلكم ، فلم يوجد له من الخير شيء ، إلا أنه كان يخالط الناس ، وكان موسرا ، فكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر . قال : قال الله عز وجل : نحن أحق بذلك منه . تجاوزوا عنه " .

رواه مسلم في صحيحه كتاب المساقاة .
باب فضل إنظار المعسر .

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " كَانَ الرَّجُلُ يُدَايِنُ النَّاسَ ، فَكَانَ يَقُولُ لِفَتَاهُ : إِذَا أَتَيْتَ مُعْسِرًا ، فَتَجَاوَزْ عَنْهُ ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا . قَالَ : فَلَقِيَ اللَّهَ فَتَجَاوَزَ عَنْهُ " .

رواه البخاري في صحيحه برقم : 3480 .
فيه أن من أسباب تكفير الذنوب التجاوز عن المعسرين ،
وفيه أن الجزاء من جنس العمل .

وعن ربعي أبي اليسر رضي الله عنه ، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من أنظر معسرا ، أو وضع عنه ، أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله " .

رواه الدارمي في سننه كتاب البيوع باب فيمن أنظر معسرا .

وهذه أحاديث في خطر الدين :

عن أبي قتادة رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قام فيهم ، فذكر لهم : أن الجهاد في سبيل الله ، والإيمان بالله ، أفضل الأعمال . فقام رجل ، فقال : يا رسول الله ! أرأيت إن قتلت في سبيل الله تكفر عني خطاياي ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : " نعم . إن قتلت في سبيل الله ، وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر " ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" كيف قلت ؟ قال : أرأيت إن قتلت في سبيل الله ، أتكفر عني خطاياي ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " نعم ، وأنت صابر محتسب مقبل غير مدبر إلا الدين فإن جبريل عليه السلام قال لي ذلك
" .

رواه مسلم في صحيحه برقم 1885 .

وفي فضل البراءة من الدين :

عن ثوبان رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من مات وهو بريء من ثلاث : الكبر ، والغلول ، والدَّين ، دخل الجنة " .

رواه الترمذي وغيره .
قال الألباني رحمه الله : صحيح .




التصنيفات
فقه السنة النبوية

اذا كنت تحب النبي صلى الله عليه و سلم ادخل

اذا كنت تحب النبي صلى الله عليه و سلم ادخل


الونشريس

الرجل الذي رسم الكاريكاتير على الرسول صلى الله عليه و سلم مات محروقا و الدنمارك متكتمة على الخبر أرجوك ان تنشر هذا الخبر لأن هناك أخت من فلسطين شافت رؤيا أن الذي سينشرهذا الخبر فأن الله سيفرحه بعد اربع ساعات, و الله ان شاب اسمه "محمد"أقسم بالله أنه رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم في منامه و قال له الرسول صلى الله عليه و سلم بلغ المسلمين عني أن من سينشرها خلال أربع أيام سوف يفرح فرحا شديدا و من يتجاهلها سوف يحزن حزنا شديداهيا يا مسلمين انشروها أرجوكم




رد: اذا كنت تحب النبي صلى الله عليه و سلم ادخل

hel sahih hada el kabar




رد: اذا كنت تحب النبي صلى الله عليه و سلم ادخل

ian chaa allah rah inchrou




رد: اذا كنت تحب النبي صلى الله عليه و سلم ادخل

inchaa allah




رد: اذا كنت تحب النبي صلى الله عليه و سلم ادخل

شكراااااااااا على الخبر لكني انا نشرتها عندي شهر




رد: اذا كنت تحب النبي صلى الله عليه و سلم ادخل

السلام عليكم لقد قمت بنشره ارجومن الله ان يتقبل مني ومنكم المغفرة والثواب والاجر العظيم وان يدخل الفرحة الى جميع قلوب المؤمنين امييييييييييييييييييين يارب العالمين انا عضو جديد بالمنتدى اختكم ايمان من سطيف ارجو ان تقبلوني صديقة لكم شكرا




رد: اذا كنت تحب النبي صلى الله عليه و سلم ادخل

شكرا على الموضوع

اهلا بك نورت المنتدى




رد: اذا كنت تحب النبي صلى الله عليه و سلم ادخل

شكرا على استضافتكم لي




رد: اذا كنت تحب النبي صلى الله عليه و سلم ادخل

merciiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiiii




رد: اذا كنت تحب النبي صلى الله عليه و سلم ادخل

كلنا فداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم……..لكن لا تعلقوا فرحكم أو حزنكم بنشر هذه المعلومات
قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا




التصنيفات
فقه السنة النبوية

شفاعة رسول الله ص في المسلمين يوم القيامة

شفاعة رسول الله ص في المسلمين يوم القيامة


الونشريس

روى البخاري و مسلم من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: (أنا سيد الناس يوم القيامة، ثم قال: هل تدرون مم ذاك؟ يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد وتدنو الشمس من الرءوس؛ فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون، فيقول بعض الناس لبعض: ألا ترون ما نحن فيه؟ ألا ترون ما قد بلغنا؟ ألا تنظرون من يشفع لنا إلى ربنا؟ فيقول بعضهم لبعض: أبوكم آدم, فيأتون آدم عليه السلام فيقولون: يا آدم! أنت أبو البشر، خلقك الله بيده, ونفخ فيك من روحه, وأمر الملائكة بالسجود لك، فاشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول آدم عليه السلام: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله) -اللهم إنا نسألك بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات, وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، ألا تنزل بنا غضبك أو يحل علينا سخطك, لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك يا أرحم الراحمين-. يقول أبو البشرية آدم وهو نبي من أنبياء الله: (إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإنه قد نهاني عن الشجرة فعصيت، نفسي نفسي نفسي ..) -اللهم سلّم سلّم يا أرحم الراحمين-. يا أخي! بالله عليك عش بقلبك مع هذه الكلمات, آدم أبو البشر يقول: (نفسي نفسي نفسي .. اذهبوا إلى غيري, اذهبوا إلى نوح، فيأتون نوحاً عليه السلام فيقولون: يا نوح! أنت أول رسل الله إلى الأرض، وقد سماك الله عبداً شكوراً، فاشفع لنا إلى ربك, ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟) -نوح أول رسل الله في الأرض, ذلكم العملاق الذي ظل يدعو إلى الله ألف سنة إلا خمسين عاماً, ذلكم النبي الكريم الذي دعا القوم في السر والعلانية، في الليل والنهار رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائي إِلَّا فِرَاراً * وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً * ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً * ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً [نوح:5-9] ما ترك هذا النبي الكريم سبيلاً إلا وسلكه، ألف سنة إلا خمسين سنة لم ينم ولم يهدأ، ولم يقر له قرار- فيقول نوح: (إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإنه كانت لي دعوة فدعوت بها على قومي، نفسي نفسي نفسي .. اذهبوا إلى غيري) لقد دعا نبي الله نوح دعوته، فلكل نبي دعوة مستجابة، كل نبي تعجل بها في الدنيا إلا المصطفى صلى الله عليه وسلم, كما في صحيح مسلم : (لكل نبي دعوة مستجابة، وكل نبي قد تعجل دعوته إلا أنا فقد اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فإنها نائلة إن شاء الله تعالى من مات لا يشرك بالله شيئاً) اللهم ارزقنا التوحيد وتوفنا عليه يا أرحم الراحمين. نوح دعا على قومه فقال: وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً [نوح:26-27], لذا يقول: (اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى إبراهيم) إلى الخليل والحليم الأواه وحبيب الله بلا نزاع, إلى هذا النبي الكريم الذي حرم الله على النار أن تمس جسده قال تعالى: قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ [الأنبياء:69]. (فيأتون إبراهيم الخليل عليه السلام ويقولون: يا إبراهيم! أنت نبي الله وأنت خليل الله من أهل الأرض اشفع لنا إلى ربك, ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول خليل الله إبراهيم: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، ويذكر إبراهيم كذباته, ثم يقول: نفسي نفسي نفسي .. اذهبوا إلى غيري).
اذهبوا إلى موسى) إنه الكليم والمصطفى بالرسالة، والمجتبى بالكلام، والمصنوع على عين الله: وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي [طه:39] اصطفاه الله برسالاته وبكلامه على جميع الخلق. فيأتون موسى فيقولون: (يا موسى! أنت كليم الله، اصطفاك الله برسالاته وبكلامه على الناس ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ اشفع لنا إلى ربك, فيقول موسى عليه السلام: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإني قد قتلت نفساً لم أومر بقتلها، نفسي نفسي نفسي .. اذهبوا إلى غيري -حتى الكليم يقول: اذهبوا إلى غيري!- اذهبوا إلى عيسى -يقول الحبيب محمد:- فيأتون عيسى عليه السلام ويقولون: يا عيسى! أنت رسول الله، وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه، وكلمت الناس في المهد، ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ اشفع لنا إلى ربك, فيقول عيسى عليه السلام: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله, اذهبوا إلى غيري، نفسي نفسي نفسي .. اذهبوا إلى محمد بن عبد الله). فهو والله التجارة الرابحة من سار على دربه نجا في دنياه وأخراه، بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم, ولم يذكر عيسى صلى الله عليه وسلم ذنباً من الذنوب، فيقول الحبيب المصطفى: (فيأتوني فيقولون: يا رسول الله! لقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ اشفع لنا إلى ربك, فيقول المصطفى: أنا لها .. أنا لها .. -بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم، لا يقول ولا يجيب إلا الحبيب- يقول: فأقوم فأخر ساجداً لربي تحت العرش، ثم ينادي عليه الملك جل جلاله ويقول: يا محمد! ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعط، واشفع تشفع, فيقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: يا رب! أمتي، يا رب! أمتي، يا رب! أمتي) هو الحليم الأواه صاحب القلب الكبير والرحيم, الذي قال الله في حقه: بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128].

أعظم خلق الله : محمد صلى الله عليه وسلم

الونشريس
روى البخاري و مسلم من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: (أنا سيد الناس يوم القيامة، ثم قال: هل تدرون مم ذاك؟ يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد وتدنو الشمس من الرءوس؛ فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون، فيقول بعض الناس لبعض: ألا ترون ما نحن فيه؟ ألا ترون ما قد بلغنا؟ ألا تنظرون من يشفع لنا إلى ربنا؟ فيقول بعضهم لبعض: أبوكم آدم, فيأتون آدم عليه السلام فيقولون: يا آدم! أنت أبو البشر، خلقك الله بيده, ونفخ فيك من روحه, وأمر الملائكة بالسجود لك، فاشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول آدم عليه السلام: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله) -اللهم إنا نسألك بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات, وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، ألا تنزل بنا غضبك أو يحل علينا سخطك, لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك يا أرحم الراحمين-. يقول أبو البشرية آدم وهو نبي من أنبياء الله: (إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإنه قد نهاني عن الشجرة فعصيت، نفسي نفسي نفسي ..) -اللهم سلّم سلّم يا أرحم الراحمين-. يا أخي! بالله عليك عش بقلبك مع هذه الكلمات, آدم أبو البشر يقول: (نفسي نفسي نفسي .. اذهبوا إلى غيري, اذهبوا إلى نوح، فيأتون نوحاً عليه السلام فيقولون: يا نوح! أنت أول رسل الله إلى الأرض، وقد سماك الله عبداً شكوراً، فاشفع لنا إلى ربك, ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟) -نوح أول رسل الله في الأرض, ذلكم العملاق الذي ظل يدعو إلى الله ألف سنة إلا خمسين عاماً, ذلكم النبي الكريم الذي دعا القوم في السر والعلانية، في الليل والنهار الونشريسرَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائي إِلَّا فِرَاراً * وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً * ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً * ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً الونشريس[نوح:5-9] ما ترك هذا النبي الكريم سبيلاً إلا وسلكه، ألف سنة إلا خمسين سنة لم ينم ولم يهدأ، ولم يقر له قرار- فيقول نوح: (إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإنه كانت لي دعوة فدعوت بها على قومي، نفسي نفسي نفسي .. اذهبوا إلى غيري) لقد دعا نبي الله نوح دعوته، فلكل نبي دعوة مستجابة، كل نبي تعجل بها في الدنيا إلا المصطفى صلى الله عليه وسلم, كما في صحيح مسلم : (لكل نبي دعوة مستجابة، وكل نبي قد تعجل دعوته إلا أنا فقد اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فإنها نائلة إن شاء الله تعالى من مات لا يشرك بالله شيئاً) اللهم ارزقنا التوحيد وتوفنا عليه يا أرحم الراحمين. نوح دعا على قومه فقال: الونشريسوَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً الونشريس[نوح:26-27], لذا يقول: (اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى إبراهيم) إلى الخليل والحليم الأواه وحبيب الله بلا نزاع, إلى هذا النبي الكريم الذي حرم الله على النار أن تمس جسده قال تعالى: الونشريسقُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ الونشريس[الأنبياء:69]. (فيأتون إبراهيم الخليل عليه السلام ويقولون: يا إبراهيم! أنت نبي الله وأنت خليل الله من أهل الأرض اشفع لنا إلى ربك, ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول خليل الله إبراهيم: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، ويذكر إبراهيم كذباته, ثم يقول: نفسي نفسي نفسي .. اذهبوا إلى غيري).

الونشريس
روى البخاري و مسلم من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: (أنا سيد الناس يوم القيامة، ثم قال: هل تدرون مم ذاك؟ يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد وتدنو الشمس من الرءوس؛ فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون، فيقول بعض الناس لبعض: ألا ترون ما نحن فيه؟ ألا ترون ما قد بلغنا؟ ألا تنظرون من يشفع لنا إلى ربنا؟ فيقول بعضهم لبعض: أبوكم آدم, فيأتون آدم عليه السلام فيقولون: يا آدم! أنت أبو البشر، خلقك الله بيده, ونفخ فيك من روحه, وأمر الملائكة بالسجود لك، فاشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول آدم عليه السلام: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله) -اللهم إنا نسألك بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات, وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، ألا تنزل بنا غضبك أو يحل علينا سخطك, لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك يا أرحم الراحمين-. يقول أبو البشرية آدم وهو نبي من أنبياء الله: (إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإنه قد نهاني عن الشجرة فعصيت، نفسي نفسي نفسي ..) -اللهم سلّم سلّم يا أرحم الراحمين-. يا أخي! بالله عليك عش بقلبك مع هذه الكلمات, آدم أبو البشر يقول: (نفسي نفسي نفسي .. اذهبوا إلى غيري, اذهبوا إلى نوح، فيأتون نوحاً عليه السلام فيقولون: يا نوح! أنت أول رسل الله إلى الأرض، وقد سماك الله عبداً شكوراً، فاشفع لنا إلى ربك, ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟) -نوح أول رسل الله في الأرض, ذلكم العملاق الذي ظل يدعو إلى الله ألف سنة إلا خمسين عاماً, ذلكم النبي الكريم الذي دعا القوم في السر والعلانية، في الليل والنهار الونشريسرَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائي إِلَّا فِرَاراً * وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً * ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً * ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً الونشريس[نوح:5-9] ما ترك هذا النبي الكريم سبيلاً إلا وسلكه، ألف سنة إلا خمسين سنة لم ينم ولم يهدأ، ولم يقر له قرار- فيقول نوح: (إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإنه كانت لي دعوة فدعوت بها على قومي، نفسي نفسي نفسي .. اذهبوا إلى غيري) لقد دعا نبي الله نوح دعوته، فلكل نبي دعوة مستجابة، كل نبي تعجل بها في الدنيا إلا المصطفى صلى الله عليه وسلم, كما في صحيح مسلم : (لكل نبي دعوة مستجابة، وكل نبي قد تعجل دعوته إلا أنا فقد اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فإنها نائلة إن شاء الله تعالى من مات لا يشرك بالله شيئاً) اللهم ارزقنا التوحيد وتوفنا عليه يا أرحم الراحمين. نوح دعا على قومه فقال: الونشريسوَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً الونشريس[نوح:26-27], لذا يقول: (اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى إبراهيم) إلى الخليل والحليم الأواه وحبيب الله بلا نزاع, إلى هذا النبي الكريم الذي حرم الله على النار أن تمس جسده قال تعالى: الونشريسقُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ الونشريس[الأنبياء:69]. (فيأتون إبراهيم الخليل عليه السلام ويقولون: يا إبراهيم! أنت نبي الله وأنت خليل الله من أهل الأرض اشفع لنا إلى ربك, ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول خليل الله إبراهيم: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، ويذكر إبراهيم كذباته, ثم يقول: نفسي نفسي نفسي .. اذهبوا إلى غيري).

الونشريس
روى البخاري و مسلم من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: (أنا سيد الناس يوم القيامة، ثم قال: هل تدرون مم ذاك؟ يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد وتدنو الشمس من الرءوس؛ فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون، فيقول بعض الناس لبعض: ألا ترون ما نحن فيه؟ ألا ترون ما قد بلغنا؟ ألا تنظرون من يشفع لنا إلى ربنا؟ فيقول بعضهم لبعض: أبوكم آدم, فيأتون آدم عليه السلام فيقولون: يا آدم! أنت أبو البشر، خلقك الله بيده, ونفخ فيك من روحه, وأمر الملائكة بالسجود لك، فاشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول آدم عليه السلام: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله) -اللهم إنا نسألك بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات, وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، ألا تنزل بنا غضبك أو يحل علينا سخطك, لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك يا أرحم الراحمين-. يقول أبو البشرية آدم وهو نبي من أنبياء الله: (إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإنه قد نهاني عن الشجرة فعصيت، نفسي نفسي نفسي ..) -اللهم سلّم سلّم يا أرحم الراحمين-. يا أخي! بالله عليك عش بقلبك مع هذه الكلمات, آدم أبو البشر يقول: (نفسي نفسي نفسي .. اذهبوا إلى غيري, اذهبوا إلى نوح، فيأتون نوحاً عليه السلام فيقولون: يا نوح! أنت أول رسل الله إلى الأرض، وقد سماك الله عبداً شكوراً، فاشفع لنا إلى ربك, ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟) -نوح أول رسل الله في الأرض, ذلكم العملاق الذي ظل يدعو إلى الله ألف سنة إلا خمسين عاماً, ذلكم النبي الكريم الذي دعا القوم في السر والعلانية، في الليل والنهار الونشريسرَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائي إِلَّا فِرَاراً * وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً * ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً * ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً الونشريس[نوح:5-9] ما ترك هذا النبي الكريم سبيلاً إلا وسلكه، ألف سنة إلا خمسين سنة لم ينم ولم يهدأ، ولم يقر له قرار- فيقول نوح: (إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإنه كانت لي دعوة فدعوت بها على قومي، نفسي نفسي نفسي .. اذهبوا إلى غيري) لقد دعا نبي الله نوح دعوته، فلكل نبي دعوة مستجابة، كل نبي تعجل بها في الدنيا إلا المصطفى صلى الله عليه وسلم, كما في صحيح مسلم : (لكل نبي دعوة مستجابة، وكل نبي قد تعجل دعوته إلا أنا فقد اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فإنها نائلة إن شاء الله تعالى من مات لا يشرك بالله شيئاً) اللهم ارزقنا التوحيد وتوفنا عليه يا أرحم الراحمين. نوح دعا على قومه فقال: الونشريسوَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً الونشريس[نوح:26-27], لذا يقول: (اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى إبراهيم) إلى الخليل والحليم الأواه وحبيب الله بلا نزاع, إلى هذا النبي الكريم الذي حرم الله على النار أن تمس جسده قال تعالى: الونشريسقُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ الونشريس[الأنبياء:69]. (فيأتون إبراهيم الخليل عليه السلام ويقولون: يا إبراهيم! أنت نبي الله وأنت خليل الله من أهل الأرض اشفع لنا إلى ربك, ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول خليل الله إبراهيم: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، ويذكر إبراهيم كذباته, ثم يقول: نفسي نفسي نفسي .. اذهبوا إلى غيري).
الونشريس
روى البخاري و مسلم من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: (أنا سيد الناس يوم القيامة، ثم قال: هل تدرون مم ذاك؟ يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد وتدنو الشمس من الرءوس؛ فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون، فيقول بعض الناس لبعض: ألا ترون ما نحن فيه؟ ألا ترون ما قد بلغنا؟ ألا تنظرون من يشفع لنا إلى ربنا؟ فيقول بعضهم لبعض: أبوكم آدم, فيأتون آدم عليه السلام فيقولون: يا آدم! أنت أبو البشر، خلقك الله بيده, ونفخ فيك من روحه, وأمر الملائكة بالسجود لك، فاشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول آدم عليه السلام: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله) -اللهم إنا نسألك بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات, وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، ألا تنزل بنا غضبك أو يحل علينا سخطك, لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك يا أرحم الراحمين-. يقول أبو البشرية آدم وهو نبي من أنبياء الله: (إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإنه قد نهاني عن الشجرة فعصيت، نفسي نفسي نفسي ..) -اللهم سلّم سلّم يا أرحم الراحمين-. يا أخي! بالله عليك عش بقلبك مع هذه الكلمات, آدم أبو البشر يقول: (نفسي نفسي نفسي .. اذهبوا إلى غيري, اذهبوا إلى نوح، فيأتون نوحاً عليه السلام فيقولون: يا نوح! أنت أول رسل الله إلى الأرض، وقد سماك الله عبداً شكوراً، فاشفع لنا إلى ربك, ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟) -نوح أول رسل الله في الأرض, ذلكم العملاق الذي ظل يدعو إلى الله ألف سنة إلا خمسين عاماً, ذلكم النبي الكريم الذي دعا القوم في السر والعلانية، في الليل والنهار الونشريسرَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائي إِلَّا فِرَاراً * وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً * ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً * ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً الونشريس[نوح:5-9] ما ترك هذا النبي الكريم سبيلاً إلا وسلكه، ألف سنة إلا خمسين سنة لم ينم ولم يهدأ، ولم يقر له قرار- فيقول نوح: (إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإنه كانت لي دعوة فدعوت بها على قومي، نفسي نفسي نفسي .. اذهبوا إلى غيري) لقد دعا نبي الله نوح دعوته، فلكل نبي دعوة مستجابة، كل نبي تعجل بها في الدنيا إلا المصطفى صلى الله عليه وسلم, كما في صحيح مسلم : (لكل نبي دعوة مستجابة، وكل نبي قد تعجل دعوته إلا أنا فقد اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فإنها نائلة إن شاء الله تعالى من مات لا يشرك بالله شيئاً) اللهم ارزقنا التوحيد وتوفنا عليه يا أرحم الراحمين. نوح دعا على قومه فقال: الونشريسوَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً الونشريس[نوح:26-27], لذا يقول: (اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى إبراهيم) إلى الخليل والحليم الأواه وحبيب الله بلا نزاع, إلى هذا النبي الكريم الذي حرم الله على النار أن تمس جسده قال تعالى: الونشريسقُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ الونشريس[الأنبياء:69]. (فيأتون إبراهيم الخليل عليه السلام ويقولون: يا إبراهيم! أنت نبي الله وأنت خليل الله من أهل الأرض اشفع لنا إلى ربك, ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول خليل الله إبراهيم: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، ويذكر إبراهيم كذباته, ثم يقول: نفسي نفسي نفسي .. اذهبوا إلى غيري).




رد: شفاعة رسول الله ص في المسلمين يوم القيامة

صلى الله وسلم على سيدنا محمد وسلم تسليما كثيرا . بارك الله فيك غاليتي عفاف . جزاك الله كل خير وجعله في ميزان حسناتك . بارك الله فيك.




رد: شفاعة رسول الله ص في المسلمين يوم القيامة

الونشريس اقتباس الونشريس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رايكي
روى البخاري و مسلم من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال: (أنا سيد الناس يوم القيامة، ثم قال: هل تدرون مم ذاك؟ يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد وتدنو الشمس من الرءوس؛ فيبلغ الناس من الغم والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون، فيقول بعض الناس لبعض: ألا ترون ما نحن فيه؟ ألا ترون ما قد بلغنا؟ ألا تنظرون من يشفع لنا إلى ربنا؟ فيقول بعضهم لبعض: أبوكم آدم, فيأتون آدم عليه السلام فيقولون: يا آدم! أنت أبو البشر، خلقك الله بيده, ونفخ فيك من روحه, وأمر الملائكة بالسجود لك، فاشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول آدم عليه السلام: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله) -اللهم إنا نسألك بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات, وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، ألا تنزل بنا غضبك أو يحل علينا سخطك, لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك يا أرحم الراحمين-. يقول أبو البشرية آدم وهو نبي من أنبياء الله: (إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإنه قد نهاني عن الشجرة فعصيت، نفسي نفسي نفسي ..) -اللهم سلّم سلّم يا أرحم الراحمين-. يا أخي! بالله عليك عش بقلبك مع هذه الكلمات, آدم أبو البشر يقول: (نفسي نفسي نفسي .. اذهبوا إلى غيري, اذهبوا إلى نوح، فيأتون نوحاً عليه السلام فيقولون: يا نوح! أنت أول رسل الله إلى الأرض، وقد سماك الله عبداً شكوراً، فاشفع لنا إلى ربك, ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟) -نوح أول رسل الله في الأرض, ذلكم العملاق الذي ظل يدعو إلى الله ألف سنة إلا خمسين عاماً, ذلكم النبي الكريم الذي دعا القوم في السر والعلانية، في الليل والنهار رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً * فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائي إِلَّا فِرَاراً * وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً * ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَاراً * ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَاراً [نوح:5-9] ما ترك هذا النبي الكريم سبيلاً إلا وسلكه، ألف سنة إلا خمسين سنة لم ينم ولم يهدأ، ولم يقر له قرار- فيقول نوح: (إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإنه كانت لي دعوة فدعوت بها على قومي، نفسي نفسي نفسي .. اذهبوا إلى غيري) لقد دعا نبي الله نوح دعوته، فلكل نبي دعوة مستجابة، كل نبي تعجل بها في الدنيا إلا المصطفى صلى الله عليه وسلم, كما في صحيح مسلم : (لكل نبي دعوة مستجابة، وكل نبي قد تعجل دعوته إلا أنا فقد اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فإنها نائلة إن شاء الله تعالى من مات لا يشرك بالله شيئاً) اللهم ارزقنا التوحيد وتوفنا عليه يا أرحم الراحمين. نوح دعا على قومه فقال: وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً [نوح:26-27], لذا يقول: (اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى إبراهيم) إلى الخليل والحليم الأواه وحبيب الله بلا نزاع, إلى هذا النبي الكريم الذي حرم الله على النار أن تمس جسده قال تعالى: قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ [الأنبياء:69]. (فيأتون إبراهيم الخليل عليه السلام ويقولون: يا إبراهيم! أنت نبي الله وأنت خليل الله من أهل الأرض اشفع لنا إلى ربك, ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول خليل الله إبراهيم: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، ويذكر إبراهيم كذباته, ثم يقول: نفسي نفسي نفسي .. اذهبوا إلى غيري).

اذهبوا إلى موسى) إنه الكليم والمصطفى بالرسالة، والمجتبى بالكلام، والمصنوع على عين الله: وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي [طه:39] اصطفاه الله برسالاته وبكلامه على جميع الخلق. فيأتون موسى فيقولون: (يا موسى! أنت كليم الله، اصطفاك الله برسالاته وبكلامه على الناس ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ اشفع لنا إلى ربك, فيقول موسى عليه السلام: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وإني قد قتلت نفساً لم أومر بقتلها، نفسي نفسي نفسي .. اذهبوا إلى غيري -حتى الكليم يقول: اذهبوا إلى غيري!- اذهبوا إلى عيسى -يقول الحبيب محمد:- فيأتون عيسى عليه السلام ويقولون: يا عيسى! أنت رسول الله، وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه، وكلمت الناس في المهد، ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ اشفع لنا إلى ربك, فيقول عيسى عليه السلام: إن ربي قد غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله, اذهبوا إلى غيري، نفسي نفسي نفسي .. اذهبوا إلى محمد بن عبد الله). فهو والله التجارة الرابحة من سار على دربه نجا في دنياه وأخراه، بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم, ولم يذكر عيسى صلى الله عليه وسلم ذنباً من الذنوب، فيقول الحبيب المصطفى: (فيأتوني فيقولون: يا رسول الله! لقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ اشفع لنا إلى ربك, فيقول المصطفى: أنا لها .. أنا لها .. -بأبي هو وأمي صلى الله عليه وسلم، لا يقول ولا يجيب إلا الحبيب- يقول: فأقوم فأخر ساجداً لربي تحت العرش، ثم ينادي عليه الملك جل جلاله ويقول: يا محمد! ارفع رأسك، وقل يسمع لك، وسل تعط، واشفع تشفع, فيقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: يا رب! أمتي، يا رب! أمتي، يا رب! أمتي) هو الحليم الأواه صاحب القلب الكبير والرحيم, الذي قال الله في حقه: بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128].

أعظم خلق الله : محمد صلى الله عليه وسلم

الونشريس

الى أخوتي الكرام ان الموضوع ينتهي عند كلمة :
أعظم خلق الله : محمد صلى الله عليه وسلم ولهذا فان أي كلمة كتبت بعد هذا فهو تكرار للموضوع بدون قصد





رد: شفاعة رسول الله ص في المسلمين يوم القيامة

الونشريس اقتباس الونشريس
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طالبة العلى
صلى الله وسلم على سيدنا محمد وسلم تسليما كثيرا . بارك الله فيك غاليتي عفاف . جزاك الله كل خير وجعله في ميزان حسناتك . بارك الله فيك.

و فيك بركة حنونتي نور لقد سرني مرورك العطر وتواجدك بارك الله فيك