اصديقاء جلبت لكم اليوم التحضير تاع درس التعبير الشفوي ..
* * المسجد الجامع الكبير * *
الفكرة العامة :
مسجد الجامع الكبير معلم الثقافة و الحضارة العربية الاسلامية .
الافكار الجزئية :
ف1 الطراز الذي بني عليه المسجد الكبير .
ف2 العمال المشاركون في بناء المسجد الجامع الكبير .
ف3 المواد المستخدمة في تشييد المسجد الكبير .
بطاقة فنية :
* العنوان: المسجد الجامع الكبير .
* المرجع : صادق علي " مجلة العربي " .
*نوع النص: مقالة .
*نمط النص: اخباري ,وصفي .
*طبيعة النص: ادبي .
ارجوا ان يعجبكم التحضير
merci وفقط انتبه الى ما تقول
http://www.ouarsenis.com/vb/images/s…fused.gifmerci http://www.ouarsenis.com/vb/images/h…ilies/clap.gif
الفكرة العامة
مسجد الجامع الكبير معلم الثقافة و الحضارة العربية الاسلامية .
الافكار الجزئية :
ف1 الطراز الذي بني عليه المسجد الكبير .
ف2 العمال المشاركون في بناء المسجد الجامع الكبير .
ف3 المواد المستخدمة في تشييد المسجد الكبير .
بطاقة فنية :
* العنوان: المسجد الجامع الكبير .
* المرجع : صادق علي " مجلة العربي " .
*نوع النص: مقالة .
*نمط النص: اخباري ,وصفي .
*طبيعة النص: ادبي .
الفكرة العامة
الجامع الكبير تحفة أصيلة تجمع بين الاصالة و المعاصرة
شكرا على المرور العطرو الرد الكريم . بوركتم .
ملخص النص:
الجامع الكبير تحفة نادرة بقسنطينة ينتمي إلى أهم و أكبر المرافق لجامعة الأمير عبد القادر, فلقد جاءت هندسته إحدى ثمرات التعاون المشترك بين مهندسين مصريين و إخوانهم الجزائريين بالإضافة إلى مجموعة من الفنيين المغاربة… كما ساهم العمال الجزائريين في النصيب الأوفر فقاموا بإنجاز أعمال الخرسانة المسلحة و الخشب و الحديد تبلغ مساحته تسعة هكتارات و يتسع إلى خمسة عشر ألف مصلٍ… بنيتمرافق جامع الأمير عبد القادر على النمط الإسلامي المغربي و يأتي هذا المسجد الكبير الملحق بمباني الجامعة بقسنطينة كتحفة إسلامية نادرة الذين شاركوا في تنفيذ زخارف المصلى الكبير و نقوشه... يعد جامع الأمير عبد القادر المسجد الرئيسي لمدينة قسنطينة حيث انه يتربع على مساحة 9 هكتارات و يتسع نحو 15 ألف مصلي و تبلغ مدة بنائه حوالي 23 عاما… يعد جامع الأمير عبد القادر بقسنطينة تحفة فريدة من نوعها يشهد على براعته المسلمين في الفن المعماري , وهو الأن يلعب دورا كبيرا في نشر الإشعاع الديني والفكري والحضاري ببلادنا لذا يجب الحفاظ عليه وصيانته لأنه يعتبر مفخرة لكل الجزائريين والأمة العربية.
من بني لله مسجدا بني له الله بيت في الجنة
قال الله تعالى :(يا بني ادم خدو زينتكم عند كل مسجد)
مرسي Dalila lila على التحضير القيم . جزاك الله خيرا.
* * المسجد الجامع الكبير * *
الجامع الكبير تحفة نادرة بقسنطينة ينتمي إلى أهم و أكبر المرافق لجامعة الأمير عبد القادر, فلقد جاءت هندسته إحدى ثمرات التعاون المشترك بين مهندسين مصريين و إخوانهم الجزائريين بالإضافة إلى مجموعة من الفنيين المغاربة… كما ساهم العمال الجزائريين في النصيب الأوفر فقاموا بإنجاز أعمال الخرسانة المسلحة و الخشب و الحديد تبلغ مساحته تسعة هكتارات و يتسع إلى خمسة عشر ألف مصلٍ… بنيتمرافق جامع الأمير عبد القادر على النمط الإسلامي المغربي و يأتي هذا المسجد الكبير الملحق بمباني الجامعة بقسنطينة كتحفة إسلامية نادرة الذين شاركوا في تنفيذ زخارف المصلى الكبير و نقوشه... يعد جامع الأمير عبد القادر المسجد الرئيسي لمدينة قسنطينة حيث انه يتربع على مساحة 9 هكتارات و يتسع نحو 15 ألف مصلي و تبلغ مدة بنائه حوالي 23 عاما… يعد جامع الأمير عبد القادر بقسنطينة تحفة فريدة من نوعها يشهد على براعته المسلمين في الفن المعماري , وهو الأن يلعب دورا كبيرا في نشر الإشعاع الديني والفكري والحضاري ببلادنا لذا يجب الحفاظ عليه وصيانته لأنه يعتبر مفخرة لكل الجزائريين والأمة العربية.
الفكرة العامة :
مسجد الجامع الكبير معلم الثقافة و الحضارة العربية الاسلامية .
الافكار الجزئية :
ف1 الطراز الذي بني عليه المسجد الكبير .
ف2 العمال المشاركون في بناء المسجد الجامع الكبير .
ف3 المواد المستخدمة في تشييد المسجد الكبير .
بطاقة فنية :
*العنوان: المسجد الجامع الكبير .
* المرجع : صادق علي " مجلة العربي " .
*نوع النص: مقالة .
*نمط النص: اخباري ,وصفي .
*طبيعة النص: ادبي .
• ولد في مدينة سوربايا بإندونيسيا لأبوين يمنيين من حضرموت ، ويرى البعض أنه ولد في عام 1910م ، ويرجح د/محمد أبو بكر حميد في مقدمته لديوان (أزهار الرُّبا في أشعار الصبا) أن ميلاده 1903م على الأقل ، وذلك من خلال اتصاله ببعض رفاق صباه ، ولأن واقع حياته يؤكد أنه تولى في 1926م إدارة مدرسة النهضة العلمية في سيئون ، ويرى حميد أنه من غير المعقول أن يكون قد تولى إدارة المدرسة وهو دون سن العشرين .
• أرسله والده صغيراً إلى حضرموت لتعلم العربية وعلوم الدين فاتسعت مداركه وظهر نبوغه مبكرا.
• التحق منذ وصوله إلى سيئون بمدرسة النهضة العلمية التي كانت تدرس العلوم الدينية والعربية ، وارتقى في دراسته إلى الصفوف العليا ، ثم قرأ على يد عمه الشيخ محمد بن محمد باكثير -في زاويته- كتب الفقه والنحو والأدب ، وكان له ولع شديد بالشعر القديم والحديث وخاصة شعر أبي تمام ،وقد قرأ مع رفيق صباه وزميل دراسته الشيخ عمر بن محمد باكثير في كتاب (نيل الأوطار) للشوكاني ،و(سبل السلام) للصنعاني .
• كما كانت توجد في مكتبته الخاصة بسيئون مجلدات من مجلة المنار والهلال ، كان يعكف على قراءتها في أوقات فراغه .
• أصدر عام 1930م صحيفة التهذيب .
• فقد زوجه الشابة بعد مرضٍ عضال سنة 1932م فلم يحتمل البقاء في حضرموت فهاجر إلى عدن ، وبقي فيها قرابة عام .
• وصل إلى مصر سنة 1934م ، والتحق بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، وتخرج سنة 1939م .
• وحصل على دبلوم التربية سنة 1940م .
• عمل مدرساً للغة الإنجليزية لمدة أربعة عشر عاماً في المنصورة والقاهرة ، ثم انتقل إلى وزارة الثقافة وتوفي وهو على وظيفة مدير مكتب الرقابة على المصنفات الفنية .
• حصل على الجنسية المصرية سنة 1951م.
• توفي فجأة في شهر رمضان 1389ه – 10 نوفمبر 1969م إثر نوبة قلبية حادة ، وكانت آخر صرخاته الشهيرة (لقد ذبحوني) وقوله أيضاً (لأن أكون راعي غنم في حضرموت خير لي من الصمت المميت في القاهرة) ..
علي أحمد باكثير أول دعاة الإصلاح في اليمن :
قد يستغرب القارئ لهذا الكتيب زعمنا بأن الأديب الإسلامي الكبير / على أحمد باكثير هو أول من دعا إلى الإصلاح في اليمن في القرن العشرين .. ولكن تلكم هي الحقيقة التي توصلنا إليها ، مستنبطينها من حياة هذا الأديب الداعية : من سيرته الشخصية ، ومن مذكراته , ومن أقوال معاصريه وشهادتهم ، ومن أدبه الثري الواسع ، في الشعر وفي القصة وفي المسرح .. إنها حياة جهادية ، قولا وعملا ، تستحق هذه الرحلة عبر هذه الصفحات .
الدعوة بالعلم والعمل :
هل يمكن لأي إنسان أن يصبح داعية للإسلام بين عشية وضحاها ؟ هل يمكن أن يكون مصلحا إسلاميا يغير الواقع من الجاهلية إلى الإسلام ؟ ومن التمزق إلى الوحدة ، ومن الظلم إلى العدل ومن الجهل إلى العلم ، ومن التخلف إلى التقدم ،قبل أن يمتلك سنن الله جل جلاله في التغيير؟ ومن هذه السنن:
1. تغيير النفس
( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) بمعني أن يصبح هذا الإنسان متميزا عن مجتمعه وقومه ، بعمله وتقواه وخلقه . لابد للمصلح من مصباح يحمله في يده يشق به الطريق الحالك حتى يتبعه القوم، والعمل بهذا العلم يغير الإنسان حتما ، وينقله من السلبية إلى الإيجابية ، ومن ثم يغير هذا الداعية مجتمعه .
2. معرفة الواقع
إن وجود الفرد المصلح ، و العلم الشرعي لا يكفي لتغيير الواقع ، إن لم يكن هذا الداعية على دراية كافية بواقعه ، فيستطيع تنزيل العلم الشرعي على الواقع تبعا لأولويات الحاجة البشرية والدعوة ، متبعا بذلك سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم في التدرج في تغيير المجتمع الجاهلي ، ومستندا إلى الحكمة في الدعوة والتي مفتاحها الصبر ، ما لم يكن الحال كذلك فربما جرّ هذا الداعية على نفسه وعلى الدعوة شرورا كثيرة ، ذلك أن حزب الشيطان له مكره في الأرض ، ودعاة الباطل لن يتركوا دعاة الحق يهزون عروشهم ، وسيقاتلون دونها.
3. الدعوة الجماعية
ثم لابد لهذا المصلح من تكوين جماعة أو الانضمام إلى جماعة سابقة – إن وجدت- امتثالا لقوله تعالى ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف ، وينهون عن المنكر …. ) ذلك أن تغيير الواقع فوق طاقة الفرد ، ولا ينهض بهذا التغيير إلا جماعة من المصلحين , والفرد الذي يحلم بتغيير الواقع لوحده ، كالطائر الذي يحلم أن يطير بجناح واحد .
تحققت هذه المرتكزات الأساسية في الدعوة في حياة الداعية باكثير ، والتي كان يدركها أبوه العالم الداعية أحمد باكثير حين أرسل ابنه " علي " بعد أن بلغ الثامنة من العمر إلى حضرموت ليتلقى هناك علوم العربية ، وتحفيظ كتاب الله عز وجل ويتعلم الفقه ، وعلوم الحديث، والتاريخ يأخذ كل ذلك من علماء تخصصوا في هذه العلوم ، ووفق الشاب ( على أحمد باكثير ) في سنوات في حفظ كتاب الله ، والإلمام بعلوم الفقه والحديث والسيرة ، فصار عالما مرتبطا بالله ، وتغيرت نفسه ، فتطلع إلى تغيير الواقع ، فنظر إلى هذا الواقع فإذا هو بعيد كل البعد عن تعاليم الإسلام ، وهدى الرسول صلى الله عليه وسلم وحياة السلف .
هذا الواقع من حوله يغرق في الجهل والبدع والخرافات ، وتمزقه عصبيات أسرية وقبلية ، تقسم الناس إلى طبقات ، قسمة ما أنزل الله بها من سلطان.
ويلخص باكثير هذه الحالة المأساوية لشعبه الحضرمي في مقدمته لمسرحيته " همام في بلاد الأحقاف " قائلا : ( كلنا يعلم أن في حضرموت بدعا من الدين يجب أن تنكر وتزال ما في ذلك شك ، وأن فيها امتيازات أدبية وحقوقية للعلويين ولغيرهم أيضا يجب أن تبطل ، وأن فيها عادات سيئة يجب أن تصلح ، وأن فيها فوضى ، وقطعا للسبيل ، وسفكا للدماء من طبقة القبائل يجب أن يفكر في إصلاحاتها ، والضرب على أيدي المفسدين ، هذه أمور تراها العين ، وتسمعها الأذن ، وتمسكها اليد ، يجب على الشعب الحضرمي أن يتعاون على إصلاحها ، فإذا ما دعا داعٍ إليه ، أو عمل عامل له فليس من العقل أن يتهم بأنه يبغض أهل البيت ، فالمسألة مسألة وطن بائس يلزم إنقاذه ، وشعب مريض يجب علاجه ، وليست مسألة بغض قوم وحب آخرين ).
إن هذه السلبيات التي ذكرها باكثير لم تكن خاصة بالشعب الحضرمي في تلك الفترة الثلث الأول من القرن العشرين بل كانت عامة في الشعب اليمني كله ، ويزيدها بلاءً الاحتلال البريطاني لجنوب البلاد ، والحكم الأسري الظالم في شمالها ، وهل كانت ثورة 1948م إلا استجابة لدعوة باكثير السالفة ؟ ألم يتهم ثوارها باختصارهم للقرآن ، وبغضهم لآل البيت كما اتهم باكثير بذلك من قبل ؟ إذن فالهم اليمني واحد .
وكان باكثير أول من حمل لواء الإصلاح ، وأدرك أن تغيير هذا فوق طاقته فانطلق يؤسس جماعة للمصلحين ، فتولى إدارة مدرسة النهضة بسيئون – ولم يتجاوز العشرين من عمره – مدركا أن التغيير سيأتي من تغيير هذا الجيل الذي يتلقى التعليم إن هي تغيرت مناهج تعليمهم .
وكان باكثير متأثرا بدعوة جمال الدين الأفغاني ، ومحمد عبده , ورشيد رضا ، حيث يقول في مسرحيته الشعرية المشار إليها :
أنا لا أعرف إلا دعوة لجمال الدين شقت غلفا
ولذا أيدها تلميذه ( عبده ) فيما دعا أو ألفا
تندب الناس إلى دين الهدى مثلما كان بعهد المصطفى
لا خرافات وأوهام ولا بدع تحسب فيه زلفا
تفتح العلم على أبوابه في وجوه المسلمين الحنفا
ليكونوا سادة الدنيا – كما وعد الله – عليها خلفا
بث روح الحق في أتباعه فغدوا فينا غيوثا وكفا
فلنبث الروح فينا هذه في إخاء ووفاق ووفاء
لنحوز الفوز في الأخرى وفي هذه الدنيا المقام الأشرفا
ثم أصدر مجلة ( التهذيب ) وبث فيها دعوته الإصلاحية ونشر فيها مقالات لجمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ،وبدأ يراسل وينشر بعض قصائده في مجلات مصر ( الفتح ) التي كان يرأسها ( محب الدين الخطيب) ،ومعنى ذلك أن باكثير أدرك مبكرا أهمية العمل الجماعي والارتباط بالدعاة المصلحين حتى ولو كانوا في أقطار بعيدة .
وأصبح باكثير مصلحا إسلاميا يقود جماعة إصلاحية ويدير مؤسسة تعليمية إصلاحية، ويربي جيلا جديدا ، كل ذلك في العشرينيات من هذا القرن ، ويتطلع إلى الارتباط بحركة التغيير في العالم الإسلامي كله .
وتحرك دعاة الجمود والتخلف واستشعروا خطر هذه الدعوة على مصالحهم ،ودارت المعركة بين المصلحين والمفسدين ،والتي صورها باكثير في مسرحيته ،وانتصر المفسدون في حضرموت لينتقل باكثير إلى موقع آخر ،وهكذا الدعاة دائما يغيرون المواقع فالإخفاق هنا لا يعني الإخفاق في كل مكان ،وكما يقول سيد قطب رحمه الله : الداعية كالشمعة يضيء للناس الظلام حيث سار ويذوب هو ليستضيء بنوره الناس .
انتقل باكثير إلى عدن وانضم إلى نادي الإصلاح الإسلامي الذي أسسه الشيخ محمد بن سالم البيحاني ،وارتبط بجماعة المصلحين في عدن ومنهم البيحاني ومحمد علي لقمان وعمر محيرز والمحضار والاصنج واستمر في مراسلتهم حتى بعد أن استقر في مصر.
ولم يمض عام في عدن حتى انطلق مع وفد من المصلحين إلى الحبشة والصومال للإصلاح بين المغتربين اليمنيين الذين مزقهم التعصب الطائفي والسلالي والمذهبي فقد انقسم الحضارمة المغتربون إلى ( رابطة ) تدعو للعلويين ، و" إرشادية " تضم غيرهم واتهم باكثير بأنه إرشادي حين دعا للإصلاح في حضرموت فأجاب :
أنا لا أعرف ( إرشادية ) لا ولا ( رابطة ) أو جنفا
إنما أعرف ( إسلامية ) تجمع الناس على عهد الصفا
تجعل الناس سواء لا ترى فيهم ربا ولا مستضعفا
أنا لا أعرف إلا أننا قد غوينا مذ هجرنا المصحفا
أنا لا أعرف إلا أننا نشر الجهل علينا السدفا
فغدا العرف لدينا منكرا وغدا المنكر فينا عرفا
أنا لا اعرف إلى دعوة ( لجمال الدين ) شقت غلفا
يابني الأحقاف توبوا للهدى واتبعوا "الذكر "ولوذوا " بالسنن "
وانشروا العرفان في قطركم واستغلوه وأحيوا كل فن
وتناسوا مامضى وامتزجوا وادحضوا الأحقاد عنكم والإحن
بينكم جنس ودين جامع ولسان وعهود ووطن
هكذا كان باكثير في انطلاقته المباركة داعية مصلحا جمع العلم والعمل عرف الحق والهدى فأراد الناس أن يعرفوه كذلك ،وكره الظلم والجهل فأراد أن ينقذ الناس منهما ،وصبر وتحمل كل أذى مقتديا بالمصطفى ،وانتقل إلى مرحلة جديدة في الدعوة تحمل هم الإسلام والمسلمين في كل مكان وليس في حضرموت فقط فارتحل إلى الحجاز ليلتقي هناك بإخوانه الدعاة المصلحين من أقطار شتى ،وتتوسع هناك مداركه ويطلع على مأساة المسلمين التي تفوق مأساة المسلمين في حضرموت ،وتزود بما شاء الله أن يتزود من دروس العلم بالمسجد الحرام والمسجد النبوي.
وينظم في هذه الأجواء الربانية مطولته الشعرية في (مدح الرسول صلى الله عليه وسلم ) على نظام البردة، استعرض فيها سيرة النبي – صلى الله عليه وسلم – كما استشعرها هو من وحي هذه الأماكن المقدسة.
ثم تطرق إلى واقع المسلمين اليوم قائلاً :
لقد غدت أمة الإسلام واهنةً
منها القلوب فأصبحت (قصعة الأمم)
لم يبق فيها من الإسلام – وا أسفا –
إلا اسمه..وبها معناه لم يسم
حاكتك في صور الأعمال..تتبعها
وما اقتدت بك في عزم.. ولا همم
ولا كمال..ولا صدق..ولا خلق
ولا اجتهاد ..ولا عزم..ولا شمم
ولا تقوم إلى القرآن..تقرؤه
إلا أماني بالألحان .. والرنم
تبدلوا منه كتباً لا حياة بها
كأنما عكفوا منها على صنم
عدوا المشائخ أربابا…وبعدهم
أقوالهم كنصوص الواحد الحكم
وآخرون أصاروا الغرب قبلتهم
فهم بها بين طواف..ومستلم
يا رب رحماك..إن الغرب منتبه
والشرق مشتغل بالنوم والسأم
والعرب في غفلة عما يهددها
لم تعتبر بليالي بؤسها الدهم
والوقت أضيق..والأحداث في عجل
تبني وتهدم..والآفاق كالديم
إني السعيد إذا ما أمتي سعدت
حلا ..وفي ذلها ذلي مهتضمي
إذا أملت..ففي آمالها أملي
وإن ألمت .. فمن آلامها ألمي
أما دعوته الإصلاحية لإصلاح الوضع المأساوي في حضرموت فقد ضمنها مسرحيته الشعرية الأولى " همام في بلاد الأحقاف " والتي حاكى فيها مسرحيات شوقي الشعرية بعد أن اطلع عليها لأول مرة في الحجاز سنة 1932م.
ويتملكنا الإعجاب عندما نعلم أن باكثير كان ينوي التخصص في مجال الزراعة حتى يعود بشيء عملي يخدم به شعبه في حضرموت لعله ينهض من قاع التخلف الزراعي والاقتصادي فهو لا يريد أن يكتفي بالإصلاح الكلامي ، ولكن أيضاً بالإصلاح العملي.
ففي الجانب العلمي يذكر د. نجيب الكيلاني أن باكثير أخبره بأنه كذلك يريد التخصص في علم الحديث وقد قطع فيه شوطاً كبيراً.
لقد أدرك باكثير أهمية العلم الصحيح في محاربة الجهل والبدع والخرافات التي جاءت من الأحاديث الضعيفة والموضوعة، وتصحيح هذا الوضع الفاسد يكون بنشر الأحاديث الصحيحة ، ومحاربة الفقر والتخلف وبأخذ الأساليب العلمية الحديثة .
ولكن باكثير لم يقبل في كلية الزراعة لعدم استيفائه شروطها. أما علم الحديث فقد انعكس على روايته التاريخية ،وكذلك المسرحيات (التاريخية ) حيث نراه مؤرخاً محققاً يجتهد في البحث عن الروايات الصحيحة منصفاً الوقائع والشخصيات،ويبدو أن أصدقاء باكثير نصحوه بالرحيل إلى مصر لينطلق من هناك إلى فضاء أرحب. وكان اسمه وشهرته قد سبقته إلى مصر حيث نشرت له بعض المجلات قصائد شعرية كمجلات " الفتح ، البيان ، الرسالة" ولعل صديقه ( محب الدين الخطيب ) صاحب مجلة " الفتح " كان له دور في مقدم باكثير إلى مصر التي وصل إليها في عام 1934م.
وظل وفياً لثقافته الإسلامية فانضم هناك إلى قافلة الإسلاميين من حملة الفكر والدعوة ولم ينبهر رغم صغر سنه بالعمالقة من أصحاب الفكر الغربي كطه حسين وسلامة موسى والعقاد.
وله مناظرة مشهورة مع العقاد حيث قال له: كنت أظن أنني سأجد عندك شيئاً جديداً أستفيد منه فلم أجد، وأنا واثق من أنك تكتب عن الإسلام ورسوله والصحابة في المستقبل، وفعلاً تحققت فراسة باكثير في العقاد الذي كتب روائع إسلامية عن حياة محمد صلى الله عليه وسلم وعبقريتي الصديق وعمر.
وربما رأى كبار الأدباء والمفكرين يتباهون بما يعرفون عن الثقافة الغربية وفلسفتها وأدبها فقرر أن يعرف بضاعة القوم كما هي في أصولها ومن ثم التحق بقسم اللغة الإنجليزية بجامعة فؤاد الأول – القاهرة حالياً – وتأثر وأعجب بفن المسرح عامة وبشكسبير خاصةً ولكن افتخاره وإعجابه بإسلامه ولغة القرآن أشد. فعندما وقف أستاذه الإنجليزي مفتخراً بأن اللغة الإنجليزية هي الوحيدة في العالم التي تفردت بالشعر المرسل – المنطلق من القافية – وكيف أن الألمان حاولوا تقليد ذلك في لغتهم فأخفقوا وأن اللغة العربية عاجزة عن احتواء مثل هذا اللون الشعري.
لم يردد باكثير ما قاله أستاذه كالببغاء مثل غيره من الأدباء والنقاد الذين يفتخرون بتأثرهم بالنقاد والفلاسفة الغربيين، ولم يستسلم لهذه المقولة الخاطئة فاللغة العربية لا يتحدث عن مقدرتها وروعتها إلا من رضع لبنها وسلك شعابها . فكان جوابه لأستاذه : أما أن اللغة العربية لم تعرف الشعر المرسل فهذا حق ، لأن لكل لغة تقاليدها الشعرية ومن تقاليد الشعر العربي النظم بالقافية ولكنها قادرة على احتواء أي فن من فنون القول كيف لا وقد احتوت كلام الله فما بالك بكلام البشر ،فما كان من أستاذه إلا أن تحداه أن يثبت ذلك ،فقرر باكثير أن يترجم فصلاً من مسرحية شكسبير " روميو وجوليت " – وكانت مقررة عليهم – بالشعر المرسل ،فاكتشف سهولة ذلك فأكمل ترجمة المسرحية كلها ثم تبع ذلك بتأليف مسرحية " إخناتون ونفرتيتي " فكان بذلك رائد الشعر الحر في الأدب العربي الحديث واعترف (بدر شاكر السياب) بهذه الريادة لبا كثير.
إن روح العزة بالإسلام ولغته هي التي ولدّت روح التحدي لدى باكثير وجعلته يتميز – دائماً- في أدبه عن غيره مستهلاً كل عمل أدبي بآيات من القرآن الكريم وكأن لسان حاله يقول : أنا الأديب القرآني أيها المتغربون ولي الفخر. بينما كان غيره يجتهد في أن يثبت للنقاد بعده عن الإسلام.
وكانت معركته الأولى في مصر مع دعاة الفرعونية فألف مسرحية " إخناتون ونفر تيتي " وخلاصة رؤيته للحضارات القديمة السابقة للإسلام كالفرعونية والحميرية والآشورية وغيرها أنها أصبحت ملكاً للعرب جميعاً وأن حضارة الإسلام قد شملت تلك الحضارات فمن حق كل عربي أن يفتخر بها وليس ثمة تعارض بين الافتخار بتلك الحضارات والافتخار والدعوة إلى العروبة. فيقول في مطلع قصيدة قالها في الذكرى الألفية لوفاة المتنبي وصدر بهذا البيت مسرحيته :
أبوكم أبي يوم التفاخر يعرب وجدكمو فرعون أضحى بكم جدي
وكان ينوي – رحمه الله – أن يؤلف مسرحية عن كل حضارة قطر من الأقطار العربية حتى تصبح هذه المسرحيات تراث لكل العرب، وجاءت ثورة مصر 1952م – كما يقول باكثير – حفظت العروبة وأبعدت خطر هذه الدعوات الخبيثة.
ولقد صور في هذه المسرحية الملك الفرعوني " إخناتون " على أنه كان داعية من دعاة التوحيد لله – عز وجل – وعم خيره مصر نتيجة لإيمانه بالله وحبه الخير للناس وعدله في الحكم، وربما كان هذا الملك رسولاً من رسل الله الذين لم يقصص القرآن قصصهم، ولذلك صدّر باكثير مسرحيته بالآية الكريمة :
( ورسلاً قد قصصناهم عليك من قبل ورسلاً لم نقصصهم عليك ) ويسكب باكثير سلسبيل الإيمان سكباً بشعره الجميل على لسان هذا الملك الرسول :
إخناتون :
كيف أثني عليك إلهي؟ بأي لسان؟
يا من خلق الألوان أفانين شتى
وأرسلها تسري في هذا الكون العجيب!
في السماء وزرقتها ، في البحر المحيط
في النجوم ولآلائها ، في انبثاق الفلق
في سواد الليل البهيم وسواد الحدق
في عناقيد العنب السود، في الشعر الحالك الغربيب
في بياض الطلع النضيد وطل الصباح العريض
في إشراق الدر : در البحور ودر الثغور
في اخضرار غصون الروض النضير
وعشب المرج المطير
في المرجان الزاهي ، في اللمى القاني ، في العقيق
في ريش الطيور الجميلة ، في ألوان الفراش البديع
في أصابع الأزهار ، وأطياف قوس قزح.
ربّ ما أندى كفيك وما أسخاك بهذا الجمال ،
ما ألطف صنعك ربّ ، وأبدع فنك !
هذا الزهر مختلف الألوان ويسقى من ماء واحد
أسدى يا رب خلقت الفراش الجميل؟
أسدى يا رب خلقت الزهر البديع؟
أسدى يا رب خلقت الأسماك الذهبية؟
أسدى يا رب خلقت النجوم تلألأ في ظلمات الليل؟
هكذا نجد باكثير الداعية إلى الإيمان، وإلى الوحدة بين العرب على نهج الإسلام دين كل الأنبياء والرسل يرسل دعوته الإسلامية في شكل أدبي مسرحي تتحاور الشخصيات ويدور الصراع لينتصر الخير على يد العاملين له ويصل الإيمان إلى يد القارئ والمشاهد من ثنايا الحوار والنقاش بين الشخصيات، وتصحح بعض المفاهيم الخاطئة.
إنه أسلوب جديد في الدعوة إلى الله، والدعوة إلى الخير، ومقاومة الظلم والباطل من خلال خشبة المسرح : ساعتين فقط يحضرها المشاهدون في المسرح ثم يعودون إلى بيوتهم بحصيلة إيمانية كبيرة تقربهم إلى الله وتحثهم على حب الخير ومناصرة المظلوم ،وكره الشر ومقاومة الظالم.
نحن إذن أمام داعية إسلامي كبير انتهج نهجاً جديداً في أسلوب الدعوة والتأثير على الناس عبر الكلمة المقروءة والمسموعة والفعل المشاهد أمام النظارة على خشبة المسرح.
علاقته بالإخوان المسلمين :
رأينا باكثير مجاهداً يبحث عن المجاهدين العاملين لنصرة الإسلام منذ تفتح وعيه الإصلاحي في حضرموت ،ثم توسع هذا الوعي في الحجاز عندما التقى بالمصلحين والمجاهدين من أقطار إسلامية أخرى، وبدأ يراسل شخصيات إسلامية عديدة لها شهرتها في العالم الإسلامي : كالأمير شكيب أرسلان ، ومحب الدين الخطيب ،وعندما وصل إلى مصر كان من الطبيعي أن يكون باكثير ضمن التيار العروبي الإسلامي في مواجهة التيارات التغريبية والإقليمية ، وكان الصراع في فلسطين يسير نحو الذروة بقيام ثورة القسّام عام 1936م ثم ظهرت في الأفق المؤامرة الكبرى بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية لتقسيم العالم العربي والإسلامي بين الدول المنتصرة وإعطاء اليهود جولة في فلسطين.
وكان باكثير شعلة من الجهاد وجمرة من الأسى لحال الأمة الإسلامية التي تساق إلى مذابحها مستسلمة ذليلة، والتفت حوله فلم يجد إلا جماعة الإخوان المسلمين متمردة على هذه المؤامرة تحتضن المجاهدين من شتى البلدان الإسلامية وتدعمهم بالمال والرجال كما حدث لثوار اليمن الذين قاموا بثورة 1948م ،وبدأ باكثير يجاهد بقلمه يؤلف المسرحيات والروايات وينظم القصائد محذراً تارةًً ومستنهضاً الأمة تارةً أخرى ومحيياً المجاهدين الذين يلاحقهم الاحتلال وتنفيهم الأنظمة العميلة وها هو يحيي المجاهد الكبير علال الفاسي بعد أن نفاه الاحتلال الفرنسي من المغرب.
ويتألم لحال الأمة الإسلامية ويتمنى أن يكون أحد المجاهدين في فلسطين:
ذكرتك يا علال والناس هجّع
وليس سوى جفني وجفنك ساهد
وللهم حزّ في فؤادي قاطع
ولليأس فتك في أمانيّ حاصد
تكاد الدّجى تقضي عليّ لأنها
دجى العرب تاهت في عماها المقاصد
تداعت على قومي الشعوب فما ونت
مصادرها عن حوضهم والموارد
ذكرتك يا علال فانتابني الأس
أكابد من آلامه ما أكابد
كأني أنا المنفي دونك فاصطبر
فهذا شعور في بني العرب سائد
وددت لو أنى في فلسطين ثائر
لأهلي تنعاني الظّبي لا القصائد
وفي برقة أو في الجزائر قاصم
ظهور العدى والباترات رواعد
فتلك بلادي لا أفرق بينها
لها طارف في مجد قومي وتالد
وكذلك حيّا المجاهد الكبير الفضيل الورتلاني بعد مشاركته في ثورة اليمن 1948 م ،ولم تسمح له أي دولة بالدخول إلى أراضيها حتى قامت ثورة مصر 1952م فاستقبله باكثير منشداً:
أفضيل هذي مصر تحتفل
بلقاك فانعم أيها البطل
ويشير إلى محنته بعد فشل الثورة اليمنية:
أمسيت لا أهل ولا وطن
وغدوت لا سفر ولا نزل
لم تقترف جرماً تدان به
كلا ولكن هكذا البطل
إن الفساد إذا اعترى بلداً
فالمجرمون به هم الرسل
ومن المعلوم أن المجاهد الجزائري الورتلاني قد أرسله الشهيد ( البنا ) ممثلاً عن جماعة الإخوان المسلمين لدعم ثورة اليمن ،وعين وزيراً في حكومة الثورة، وكان ضمن الوفد الذي أرسله الشهيد الزبيري للتفاوض مع وفد الجامعة العربية في جده، وعندما فشلت الثورة سافر الزبيري من جدة إلى باكستان أما الورتلاني فظل هائماً على ظهر سفينة في البحر ترفض الموانئ استقباله حتى قامت ثورة مصر.
هكذا إذاً لم يجد با كثير سوى هذه الجماعة تحتضنه كما احتضنت غيره من المجاهدين وخصصت له جريدة ( الإخوان المسلمون ) اليومية الصفحة الأخيرة من كل يوم أحد ينشر فيها باكثير مسرحياته السياسية القصيرة واستمر في ذلك منذ عام 1946م حتى أغلقت الجريدة سنة 1948م ،ونرجح أن يكون انتقال باكثير من المنصورة إلى القاهرة سنة 1947م بتوجيه من صديقيه الشهيدين ( حسن البنا ) و ( سيد قطب) حتى يكون قريباً منهما ومن الساحة الإعلامية والأدبية.
ويذكر الشيخ ( عبدالله بلخير ) قصة ظريفة توضح مدى العلاقة بين باكثير وجماعة الإخوان المسلمين حيث يقول:
( كنت أذهب إلى مصر في أكثر من زيارة رسمية مرافقاً الملك عبد العزيز أو الملك سعود يرحمهما الله وكان أول ما أحرص عليه حال فراغي من المهمة الرسمية هو زيارة صديقي الأستاذ باكثير ومن طريف ما وقع لي معه في إحدى هذه الزيارات أن كنا ذات مرة في حفل عشاء لدى الملك فاروق وبعد العشاء استأذنت لزيارة صديقي الأستاذ باكثير فجاء أحد الضباط المرافقين بالسيارة العسكرية ولما كنا لا نعرف عنوان الأستاذ باكثير بالمنيل اصطحبنا معنا جنديين يسكنان بالمنيل ولما وصلنا أمام المبنى لم أكن متأكداً من العنوان فلما دق جرس الباب فتحت له الخادمة فسألها إن كان هذا منزل الأستاذ باكثير فأجابت: نعم ، ولما صعدت وضربت الجرس فتح لي الأستاذ باكثير الباب وهو في غاية الاندهاش وقال لي معنفاً ضاحكاً: ( لقد أثرت جزعي يا رجل ما هؤلاء العساكر وما هذه السيارة الحكومية التي تقف أمام بيتي ؟) وضحكنا كثيراً ورويت له القصة وقال لي: إنه قد دخل في روعه أنه سيعتقل وبدأ يستعد لذلك حتى أنه قد أعد مجموعة الأوراق والمجلات التي تتصل بالإخوان المسلمين ليلقي بها من النافذة وكان ذلك أثناء نكبة الإخوان في مصر سنة 1948م ومن المعروف أن صداقة الأستاذ باكثير للشهيدين حسن البنا وسيد قطب لم تكن تخفى على الحكومة المصرية كما أنه كان من أبرز كتّاب(مجلة الدعوة) وجريدة (الإخوان المسلمون ).
وتؤكد هذه القصيدة التي قالها في الذكرى العشرين لتأسيس جماعة الإخوان متانة هذه العلاقة:
عشرون عاماً بالجهاد حوافل
مرت كبين عشيةٍ وضحاها
هي دعوة الحق التي انطلقت فلم
تقو المدافع أن تعوق خطاها
ما كان أقصرها وأطول باعها
في الصالحات إذا يقاس مداها
لله ( مرشدها ) فلولا صدقه
لم يغز آلاف النفوس هداها
في قلبه وريت فشبّ ضرامها
بلسانه حتى استطار سناها
بالأمس نجوى في فؤاد واحد
واليوم في الدنيا يرنّ صداها
أضحت عقيدة مؤمنين بربهم
ومبلّي أوطانهم رجواها
متسابقين إلى الجهاد ليحفظوا
عزّ البلاد ويكشفوا بلواها
ولينهضوها من طويل خمولها
وليوقظوها من عميق كراها
ويطهروا ارض العروبة كلها
من كل باغ يستبيح حماها
ويوحدوا الإسلام في أقطاره
ما بين أدناها إلى أقصاها
زعموا السياسة ذنبه يا ويحهم
ما فضل دين محمد لولاها ؟
دين الحياة: تضيع أخراها على
أبنائه إن ضيعوا دنياها
فليمض عنها الهادمون فإنه
( بنّاء ) نهضة قومه وفتاها
ونجد بين تراث باكثير المخطوط رسالة من أحد شباب الإخوان بالإسكندرية وهو طالب بكلية الحقوق تبرز لنا هذه العلاقة بين الطرفين ومدى تأثر شباب الإخوان بمسرحيات باكثير السياسية التي تنشرها جريدتهم وربما كان لهذه المسرحيات التحريضية دور في اندفاع شباب الحركة إلى الجهاد في فلسطين عام 1948م يقول هذا الأخ في رسالته: ( …. وإني سيدي المبجل أعتقد أن هذه الجريدة – يقصد الإخوان المسلمون- هي الوحيدة تلائم مزاجك وإن الشباب الوحيد الذي يمكن أن يفهمك هو شباب الإخوان ( …) ودلالة النصر كذلك أن ينضم إلينا جندي من جنود الله ومجاهد من المجاهدين الأبرار يبرز قلمه دعوتنا صريحة مدوية وهو أستاذنا الفاضل باكثير ..
توقيع ( محمد حسين عيسى ) – بتاريخ26/10/1946م )
ويذكر في هذه الرسالة أيضا تداول شباب الإخوان مسرحيات باكثير فيما بينهم وقيامهم بتمثيل بعضها ورغبتهم في ترجمتها إلى اللغة الأجنبية.
وعندما انقلب جمال عبد الناصر على الإخوان سنة 1954م كان اسم باكثير من ضمن أسماء قادة الإخوان المطلوب اعتقالهم إلا أن الرئيس جمال – كما يقول د. علي شلش- شطب اسم باكثير من القائمة وقال: هذا ضيف عربي عندنا.
واحتفظ باكثير بهذا الجميل لعبد الناصر واعتقل صديقه سيد قطب وظل باكثير يلحّ في كل مقابلة يرى فيها عبد الناصر كما – يقول د. علي شلش – على إطلاق سراح قطب.
أطلق سراح قطب عام 1961م نتيجة لمطالبة باكثير وشخصيات إسلامية كثيرة – ظل سيد قطب يزور باكثير متنكراً في مصيفه في رأس البر ويخرج معه باكثير إلى شاطئ البحر ويجلسان ساعات طوال واستمر الحال – كما يقول زوج ربيبته الأستاذ عمر العمودي – حتى عاد قطب إلى السجن ثانية ولما طلب باكثير ثانية من عبد الناصر إطلاق سيد قطب قال عبد الناصر: اطلب أي شيء إلا هذا فاستيقن باكثير بإعدام صديقه ولما تم الإعدام ولحقته هزيمة 1967م أيقن باكثير أن لا خير في عبد الناصر ومن المعلوم أن با كثير قد تسلم اكثر من جائرة من الرئيس عبد الناصر شخصياً وتوجد له صور بذلك.
والمسرحيات السياسية التي كان ينشرها في جريدة الإخوان مسرحيات هادفة تفضح مؤامرة الدول الكبرى على المسلمين وتدعوا صراحة إلى مقاومة الاحتلال الأجنبي وتحيي الحركات الجهادية في إندونيسيا وتونس وألبانيا وغيرها وأخذت مأساة فلسطين نصيب الأسد من أعماله الأدبية.
شكراااااااااااااااااا
التعرف على صاحب النص:
* *ولد الشاعر باوية في المغير سنة 1930 درس الطب بعد الاستقلال وتحصل على الشهادة في بلغراد وشهادة الاختصاص من الجزائر سنة 1979 ، اهتم بالشعر فقرضه وكان متميزا من أوائل الجزائريين الذين كتبوا القصيدة الحرة.
* *من دواوينه أغنيات نضالية الذي تغنى فيه بالقضايا الوطنية والقومية منها قضية الثورة الجزائرية التي يعالجها في هذا النص
تحليل النص:
الحقل المعجمي الذي ينتمي إلى حقل القيم:
القيم الإنسانية:* السلام الحب ، الحياة الابتسام، الشوق، الإنسان
القيم التاريخية: وحدنا المصير التاريخ ، بطولات شهيد ، أنا حدث ثر، الطواغيت ُ الثورة
الحقل الدلالي
الأبكار: ج بكر العذراء* *
البِكر: أول مولود لأبويه ، أو أول كل شيء
البكور:الاستعجال في الاستيقاظ باكرا
البَكَر: التعجيل والإسراع
اكتشاف معطيات النص:
-* يوجه الشاعر القصيدة إلى كل مسكون بالثورة الجزائرية والقضية العربية بصفة عامة في موقف تاريخي لما أعلنت تجربة الوحدة المصرية السورية في قمة تأجج الثورة الجزائرية وكانت تحقق أكبر الانتصارات الداخلية والخارجية* سنة 1958 مما كان يثير اعتزاز كل الشعوب العربية.
-* فالشاعر يفتخر بما يحققه العرب آنذاك -في زمن الانتصارات- على الأعداء وخاصة الوحدة المصرية السورية التي كانت أمنية الشعوب العربية في تحقيق الوحدة العربية بعد طرد المستعمر الغربي منها فرمز للعربي المنتصر بقيمه الإنسانية بالإنسان الكبير وهي البنية الدلالية التي يحملها العنوان*
-* النص(شعر حر)* من الشعر السياسي التحرري لأنه يتغنى بقضايا سياسية جمع فيه بين الإشادة ببطولات الشعب الجزائري والوحدة العربية اللتين كانتا الشغل الشاغل في زمن نظم القصيدة .
– فضاء النص ينطلق من حقائق واقعية كأحداث الثورة والوحدة : وحدنا المصير من خطى طفل يحمل المدفع في أرض الجزائر، بطولات شهيد.
كما ينطلق من قاموس الشاعر في المخيال مثل الاستعارات والرموز التي يوظفها في التعبير وهي أغلب النص
مناقشة معطيات النص:
-* معجم الشاعر عكس طبيعة الثورة الجزائرية التي استلهمت القيم الإنسانية في مواجهة المستعمر من حب وتسامح وعدالة والتفاؤل بغد مشرق ، لأنها ليست ثورة خبز فحسب وإنما الطموح لاسترجاع كرامة الإنسان* – ولهذا ليس من الصدفة أن يمثل الشاعر ويستلهم هذه المبادئ في النص فيجمع بين قيم السلم والحرب .
– ففي رأيه أن الثورة علمته قيما سامية جميلة أصبح بفضلها كغيره ممن تعلم منها إنسانا كبيرا.
تحديد بناء النص
– اللغة أدت وظيفة جمالية كبيرة بانزياحاتها ورموزها، وهو خروج جميل عن المألوف في التعبير عن الأفكار لإثارة الذهن والمتلقي.
– كما أن لغة النص سايرت مضمونه المتحدث عن الثورة بما لازمها من حدة في الفعل فكانت لغة النص مزدوجة بين اللين والقوة حسب سياق الفكرة.
-* كما اعتمد النص على التكرار للإلحاح على فكرة معينة في مواقف كثيرة مثل (قال شعبي ، يا جراحي ، أوقفي التاريخ، إنسان كبير) وهذه المعطيات المتكررة هي الرسائل التي يحملها الشاعر بإلحاح إلى القارئ المتلقي.
– في النص صور كثيرة تعكس طابع الحرب: مثل في دمي كنز السنابل ، من ضلوعي من دمي عبر الجزائر ، طفل يحمل المدفع )
-* الرموز الواردة في النص تحيل إلى ثلاثة فضاءات
* * فضاء المستعمر: أساطيل عتيقة، أصنام غبية، …
* * فضاء الثورة: قلب بركان* ثورة بكر* حزمة مصلوبة…
* فضاء المستقبل والاستقلال: صوت المناجل، شوقا إلى قبلة طفلي وزغاريد ..
تفحص الاتساق والانسجام:
– وردت في النص أفعال الأمر وهي ذات دلالة نفسية تتمثل في انفعال الشاعر مع الأحداث(بطولات الثورة) وافتخاره بها .
– ولهذا فالنص ممزوج بين النمط الانفعالي(الجملة الإنشائية المتكررة) والنمط السردي سرد الأحداث لأن النص أشبه بقصة رمزية ( مر بك خصائصهما)
للطبيعة حضور متنوع* قوي وربما هو انعكاس لتأثر الشاعر بطبيعة وطنه المتنوعة بين الشمس السخية، الربى، الزهر، هنا بحر وأمطار..
– لغة الشعر في العادة تتراوح بين اللغة الجاهزة وهي التقليد في التعابير السابقة وبين التجديد في التجربة الشعرية بخلق صور جديدة من التراكيب والتعابير وهو دأب الشاعر في هذا النص الذي أنشأ فيه معجما
* *ولد الشاعر باوية في المغير سنة 1930 درس الطب بعد الاستقلال وتحصل على الشهادة في بلغراد وشهادة الاختصاص من الجزائر سنة 1979 ، اهتم بالشعر فقرضه وكان متميزا من أوائل الجزائريين الذين كتبوا القصيدة الحرة.
* *من دواوينه أغنيات نضالية الذي تغنى فيه بالقضايا الوطنية والقومية منها قضية الثورة الجزائرية التي يعالجها في هذا النص
تحليل النص:
الحقل المعجمي الذي ينتمي إلى حقل القيم:
القيم الإنسانية:* السلام الحب ، الحياة الابتسام، الشوق، الإنسان
القيم التاريخية: وحدنا المصير التاريخ ، بطولات شهيد ، أنا حدث ثر، الطواغيت ُ الثورة
الحقل الدلالي
الأبكار: ج بكر العذراء* *
البِكر: أول مولود لأبويه ، أو أول كل شيء
البكور:الاستعجال في الاستيقاظ باكرا
البَكَر: التعجيل والإسراع
اكتشاف معطيات النص:
-* يوجه الشاعر القصيدة إلى كل مسكون بالثورة الجزائرية والقضية العربية بصفة عامة في موقف تاريخي لما أعلنت تجربة الوحدة المصرية السورية في قمة تأجج الثورة الجزائرية وكانت تحقق أكبر الانتصارات الداخلية والخارجية* سنة 1958 مما كان يثير اعتزاز كل الشعوب العربية.
-* فالشاعر يفتخر بما يحققه العرب آنذاك -في زمن الانتصارات- على الأعداء وخاصة الوحدة المصرية السورية التي كانت أمنية الشعوب العربية في تحقيق الوحدة العربية بعد طرد المستعمر الغربي منها فرمز للعربي المنتصر بقيمه الإنسانية بالإنسان الكبير وهي البنية الدلالية التي يحملها العنوان*
-* النص(شعر حر)* من الشعر السياسي التحرري لأنه يتغنى بقضايا سياسية جمع فيه بين الإشادة ببطولات الشعب الجزائري والوحدة العربية اللتين كانتا الشغل الشاغل في زمن نظم القصيدة .
– فضاء النص ينطلق من حقائق واقعية كأحداث الثورة والوحدة : وحدنا المصير من خطى طفل يحمل المدفع في أرض الجزائر، بطولات شهيد.
كما ينطلق من قاموس الشاعر في المخيال مثل الاستعارات والرموز التي يوظفها في التعبير وهي أغلب النص
مناقشة معطيات النص:
-* معجم الشاعر عكس طبيعة الثورة الجزائرية التي استلهمت القيم الإنسانية في مواجهة المستعمر من حب وتسامح وعدالة والتفاؤل بغد مشرق ، لأنها ليست ثورة خبز فحسب وإنما الطموح لاسترجاع كرامة الإنسان* – ولهذا ليس من الصدفة أن يمثل الشاعر ويستلهم هذه المبادئ في النص فيجمع بين قيم السلم والحرب .
– ففي رأيه أن الثورة علمته قيما سامية جميلة أصبح بفضلها كغيره ممن تعلم منها إنسانا كبيرا.
تحديد بناء النص
– اللغة أدت وظيفة جمالية كبيرة بانزياحاتها ورموزها، وهو خروج جميل عن المألوف في التعبير عن الأفكار لإثارة الذهن والمتلقي.
– كما أن لغة النص سايرت مضمونه المتحدث عن الثورة بما لازمها من حدة في الفعل فكانت لغة النص مزدوجة بين اللين والقوة حسب سياق الفكرة.
-* كما اعتمد النص على التكرار للإلحاح على فكرة معينة في مواقف كثيرة مثل (قال شعبي ، يا جراحي ، أوقفي التاريخ، إنسان كبير) وهذه المعطيات المتكررة هي الرسائل التي يحملها الشاعر بإلحاح إلى القارئ المتلقي.
– في النص صور كثيرة تعكس طابع الحرب: مثل في دمي كنز السنابل ، من ضلوعي من دمي عبر الجزائر ، طفل يحمل المدفع )
-* الرموز الواردة في النص تحيل إلى ثلاثة فضاءات
* * فضاء المستعمر: أساطيل عتيقة، أصنام غبية، …
* * فضاء الثورة: قلب بركان* ثورة بكر* حزمة مصلوبة…
* فضاء المستقبل والاستقلال: صوت المناجل، شوقا إلى قبلة طفلي وزغاريد ..
تفحص الاتساق والانسجام:
– وردت في النص أفعال الأمر وهي ذات دلالة نفسية تتمثل في انفعال الشاعر مع الأحداث(بطولات الثورة) وافتخاره بها .
– ولهذا فالنص ممزوج بين النمط الانفعالي(الجملة الإنشائية المتكررة) والنمط السردي سرد الأحداث لأن النص أشبه بقصة رمزية ( مر بك خصائصهما)
للطبيعة حضور متنوع* قوي وربما هو انعكاس لتأثر الشاعر بطبيعة وطنه المتنوعة بين الشمس السخية، الربى، الزهر، هنا بحر وأمطار..
– لغة الشعر في العادة تتراوح بين اللغة الجاهزة وهي التقليد في التعابير السابقة وبين التجديد في التجربة الشعرية بخلق صور جديدة من التراكيب والتعابير وهو دأب الشاعر في هذا النص الذي أنشأ فيه معجما
يوم 22/06/2011
و تم تشييع جثمانه في نفس اليوم بعد صلاة العصر
و للتعريف به فقد كان يستضاف في اذاعة الشلف
في الشعر البدوي
و اللهم ارحم موتانا و اكرمهم بجنة من عندك يا ارحم الراحمين
أسلوبه المتميز والبسيط فرضه بين أفضل الدعاة رغم صغر سنه
الشيخ مشاري الخراز.. نجاح دعوي وتألق ديني
2022/03/16
38- ألفاً أكبر تجمع لمحاضرة في تاريخ الكويت
– مبرة خيرية من عوائد برامجه التلفزيونية لمساعدة الفقراء والمحتاجين
– حلمه بمبرة السعادة تحقق وطموحه لفعل الخير مستمر
– كيف نتعامل مع الله مشروعه الثاني بعد كيف تتلذذ بالصلاة
– «كيف تتلذذ بالصلاة» تناول العلاقة بين الخشوع ومرتبة الفردوس الأعلى
– عام كامل من الإعداد لمشروع كيف نتعامل مع الله والسبت المقبل يستكمل مادته العلمية في المسجد الكبير
تقرير محمد خالد:
برغم صغر سنه إلا أنه نجح في فترة وجيزة في فرض اسمه كواحد من أهم الدعاة المتواجدين بمنطقة الخليج العربي بفضل اسلوبه المتميز والبسيط الذي تفاعل معه الكبير والصغير وهو ما أهله لتحقيق أكبر نسبة متابعة لمحاضرة دينية في الكويت حيث بلغ عدد من حضر آخر محاضراته بالمسجد الكبير «كيف تتعامل مع الله» 38 ألف متابع.
إنه الشيخ مشاري الخراز الذي يعتبر ظاهرة جديدة في عالم الدعوة إلى الله بما يطرحه في محاضراته من اسلوب غير تقليدي جمع فيه بين بساطة الكلمات وسهولتها والإبهار البصري بما تتضمنه محاضراته من عروض حية وظفت فيها التقنيات التكنولوجية الحديثة لخدمة الفكرة التي يراد إيصالها إلى المتابع الذي يشارك بنفسه في لمس الحقيقة التي تحملها الفكرة إلى القلب بما يضمن التغيير المنشود إلى الافضل في الموضوعات التي تتناولها مشاريعه اذ كان لمشروعه الأول «كيف تتلذذ من صلاتك» قصة نجاح كبيرة تنقلت عبر الارقام وعن ذلك يقول الشيخ مشاري الخراز إن الفكرة نشأت عن طريق المذاكرة بيني واثنين من اصدقائي غير أننا وجدنا ثمرة مميزة في حياتنا بشكل لفت انتباهنا ثم تطور الامر بعد ذلك حتى وصل العدد الى 15 فرداً وجدوا نفس الشعور بعد أن تجاوبوا بنفس الطريقة وتسارعت خطى المشروع حتى وصلنا إلى 80 شاباً، ثم قررنا بعد ذلك التواصل ونشر هذه الثقافة والدعوة لها عن طريق التواصل الشخصي بين المعارف والاصدقاء وفتحنا الباب لانضمام النساء ففوجئنا ان الحضور بلغ قرابة 800 من الرجال والنساء ويتابع الخراز «بعد تنامي الفكرة والإقبال عليها والإعجاب بها من كل من عرف عنها تواصينا فيما بيننا ان يسعى كل واحد منا لكي يذيق أحبابه من نفس هذا الشعور الرائع واخترنا لهذا المشروع اسم «كيف تتلذذ بالصلاة؟» وفوجئنا بما لم نتوقعه وهو وصول عدد الحضور إلى ثلاثة آلاف وكان المكان غير معد لاستقبال هذا العدد فاضطررنا لنقل بعض الحضور إلى أقرب مكان مجاور وهو النادي الرياضي وقمنا بإمكاناتنا المتواضعة بالحصول على تقنية تنقل الصورة الى الصالة الرياضية عن طريق شاشات عرض كبيرة ولما بدأت المحاضرة تضاعف الرقم الى ستة آلاف متابع عندها صدر قرار من وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بنقل المحاضرة الى مسجد الدولة الكبير وتم نشر إعلانات للمحاضرة بالصحف ليتحقق بفضل الله اكبر تجمع لمحاضرة في تاريخ الكويت حيث شارك فيها 38 ألف متابع.
قوة التأثير
النجاح اللافت الذي حققه مشروع الشيخ مشاري الخراز الدعوي الأول لم يتعلق فقط بإجمالي الحضور وإنما في قوة التأثير أيضاً حيث تشير الاستبيانات التي اجريت حول جدوى المحاضرة ومدى تأثيرها الى ان %95 من الحضور تمتعوا بصلاتهم بعد ذلك وكانت من أبرز التعليقات التي صاحبت الاستبيان «صليت بعدها أحلى صلاة عشاء في حياتي» «الان اتمنى ألا تنتهي الصلاة».. «وأصبحت أحب الله أكثر» «تحسرت على صلاتي في السنوات الماضية».
وعن محاضرات كيف تتلذذ من صلاتك يقول الخراز «تناولنا فيها العلاقة بين الخشوع ومرتبة الفردوس الأعلى وكون غياب الخشوع هو أول ما يفقده المرء من دينه والذي ينتهي بفقد الصلاة والعياذ بالله كما تناولنا ان الاخلاص هو البداية لتعلم الخشوع الذي يبدأ بالاستعانة بالله على الخشوع في الصلاة لان الخشوع بمثابة الرزق الذي نحصل عليه بدعاء الله عز وجل ثم حضور القلب والذهن وفهم ما يقال في الصلاة اذ لا فائدة من حضور القلب والذهن دون فهم ما نقوله على أن يقترن ذلك بالرجاء طمعاً فيما عنده وحسن الظن به سبحانه بأنه سيعطي وسيرضى بالاضافة الى الهيبة التي تجمع بين الخوف والحب حيث أكون بين يديه سبحانه خائفاً ان يعذبني بسبب ذنوبي وفي نفس الوقت احبه لانه كرمني وأنعم علي.
انتشار خارجي
ونظرا للإقبال الشديد والخير الكثير الذي حققته المحاضرة الجماهيرية الأولى لمشروع كيف تتلذذ بالصلاة بعد أن نجحت في الوصول الى تحسين صلاة نسبة كبيرة جداً من الحضور تمت اعادة المحاضرة ليستفيد منها اكبر قدر من المتابعين والتي زادت نسبة المشاركة فيها لتصل الى 25 الف متابع وهو ما ادى الى انتشار اصداء المشروع اقليمياً فطلبت حكومة دبي تكراره في إمارة دبي وتم الترتيب معهم وأطلقت حملة إعلامية كبيرة مصاحبة للمحاضرات ليكمل المشروع إنجازاته ومفاجآته إذ بلغ عدد حضور الدورة التي استمرت لمدة ثلاثة أيام ما يزيد على عشرين ألف شخص.
وعن مسيرة نجاح المشروع يقول الشيخ مشاري الخراز بعد ان حقق المشروع نجاحاً لافتاً خارج نطاق الكويت ايضا قررنا استثمار الفكرة ليستفيد منها اكبر قدر من جمهور المسلمين فعزمنا على اقامة برنامج تلفزيوني ووقع الاختيار على قناة «mbc» فقدمنا إليهم المشروع وحصلنا على الموافقة وتم عرض البرنامج على القناة والحمدلله حقق نجاحاً لافتا حيث حصل البرنامج على نسبة مشاهدة %6.1 وهي نسبة تتفوق على نسبة مشاهدة بعض المسلسلات التي تعرض في أوقات افضل من وقت البرنامج كما كان البرنامج الاكثر تحميلاً من قبل المتصفحين لموقع قناة mbc.
واستثمارا لنجاح المشروع في خدمة الاسلام عمل الشيخ الخراز بنصيحة ابيه وجده بأن يتم انشاء مبرة خيرية من عوائد البرامج التلفزيونية حيث كان يرفض الحصول على مقابل مادي لتقديمه هذه البرامج اذ تقوم المبرة بالانفاق على الفقراء والمحتاجين وغيرهما من مصارف الخير وهي الفكرة التي كان يحلم بها الخراز وتحققت على ارض الواقع حيث تم انشاء مبرة خيرية «مبرة السعادة» ويقوم الشيخ بتمويلها من دخل برامجه التلفزيونية وعن ذلك يقول الخراز لقد كان حلمي أن أساهم في عمل الخير بشكل مادي وملموس عن طريق اشياء عينية تساعد فقراء المسلمين والحمد لله تحقق هذا الحلم ونطمح مستقبلاً إلى المزيد من الأعمال الخيرية التي تساهم ولو بدور بسيط في عمل الخير ومساعدة المسلمين.
كيف نتعامل مع الله
قصة نجاح الداعية الصغير لم تتوقف عند حد مشروعه الدعوي الاول أو حتى المؤسسة الخيرية التي قام بإنشائها إذ عاد بعد فترة للتحضير والاعداد لمشروع جديد يهدف إلى خدمة الاسلام ويحض على السعي إلى الخير متسلحاً بموهبة حباه الله إياها وهي القبول أو كما نطلق عليها إعلامياً «كاريزما» التواصل مع الجمهور فكان المشروع الثاني «كيف نتعامل مع الله» والذي يعد ابداعياً في طرحه حيث استعان بمجموعة من العروض البصرية عن طريق استخدام التقنيات الحديثة مع اختيار المادة العلمية بعناية واختيار البسيط من الجمل والمفردات وتجهيز بعض الاغراض البسيطة التي تستخدم للدلالة على الافكار التي ينقلها للمتلقي التي عكف الخراز على الاعداد لها لمدة عام كامل حتى كافأه الله على عمله الدؤوب في خدمة الدعوة ليشهد المسجد الكبير السبت الماضي حضوراً قياسياً لم تشهده ندوة دينية اقيمت بالمسجد طوال تاريخه حيث وصل عدد الحضور إلى ما يقارب 38 ألف متابع للمحاضرة وهو ما دفع الشيخ الخراز إلى إقامة ندوة اخرى تقام السبت المقبل لاستكمال بقية المادة العلمية التي يتوقع كما هي عادته ان تعرض بشكل متجدد دائماً بالاعتماد على عناصر التشويق الجاذبة للانتباه التي يحرص من خلالها الشيخ الخراز على التنويع حتى لا يمل المتابع وينصرف عن متابعة الندوة القيمة.
محاور رئيسية
وقد اعتمد الشيخ مشاري في محاضرته الاخيرة «كيف تتعامل مع الله؟» التي حظيت بمتابعة جماهيرية كبيرة على ثلاثة محاور رئيسية وصفتها الخراز بانها الاصول الاساسية للتعامل مع الله حيث اعتمد الاول على اهمية الحذر في التعامل مع الله حيث قال الشيخ مشاري ان التعامل مع الله تعالى خطير وليس بالامر السهل ولا البسيط فهذا إله قال تعالى ***63550;مالكم لا ترجون لله وقارا***63552;، مضيفا ان مجاهد قال في تفسيره: لا تبالون عظمة ربكم وقال سبحانه ***63550;ويحذركم الله نفسه***63552;.
عوتب الحسن في شدة حزنه فقال «ما يؤمنني ان يكون قد اطلع عليَّ في بعض ما يكره فمقتني فقال اذهب فلا غفرت لك».
وعلق الخراز قائلا: نحن احق بهذا من الحسن رحمه الله ولكن ليس الخوف يكون لكثرة الذنوب فلو كان كذلك لكنا اكثر خوفا منه وانما يكون لصفاء القلب وشدة التعظيم لله تعالى.
قال ابن الجوزي في صيد الخاطر «تأملت حالة ازعجتني وهو ان الرجل قد يفعل مع امرأته كل جميل وهي لا تحبه وكذلك يفعل مع صديقه والصديق يبغضه وقد يتقرب الى السلطان بكل ما يقدر عليه والسلطان لا يؤثره فيبقى متحيرا يقول: ما حيلتي؟ فخفت ان تكون هذه حالتي مع الخالق سبحانه اتقرب اليه ولا يريدني وربما يكون قد كتبني شقيا في الازل.
وقال ابن القيم في الفوائد «من اعظم الظلم والجهل ان تطلب التعظيم والتوقير فانك توقر المخلوق وتجله ان يراك في حال لا توقر الله ان يراك عليها».
وفصل الخراز حديثه حول اختلاف التعامل مع الله عن التعامل مع الغير قائلا: ان هذا الاختلاف ينطوي على وجهين وهو ان تعامله معك يختلف عن أي تعامل مع احد في حياتك وتعاملك معه يختلف عن أي تعامل تعاملته مع أي شيء في حياتك فان كل من تعامل معك في السابق انما مقصوده منفعة نفسه في النهاية، الا الله تعالى فانه ينفعك لا لشيء الا لك كرما منه وفضلا، قال تعالى: ***63550;يا أيها الناس انتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد***63552; وقال ابن القيم في الجواب الكافي كل من تحبه من الخلق او يحبك انما يريدك لنفسه وغرضه منك، والرب سبحانه وتعالى يريدك لك كما في الاثر الالهي «عبدي كل يريدك لنفسه وانا اريدك لك»، فكيف لا يستحي العبد ان يكون ربه له بهذه المنزلة وهو مُعرض عنه مشغول بحب غيره وقد استغرق قلبه محبة سواه؟
وتابع الخراز: كل من تعامله من الخلق ان لم يربح منك لم يعاملك ولابد له من نوع من انواع الربح، والرب تعالى انما يعاملك لتربح انت منه اعظم الربح واعلاه فالدرهم بعشرة امثاله الى سبعمائة ضعف الى اضعاف كثيرة والسيئة بواحدة وهي اسرع شيء محوا.
وزاد ان الخلق اهون ما تكون انت عليهم احوج ما تكون اليهم واعظم ما يكون العبد قدرا عند الخلق اذا لم يحتج اليهم بوجه من الوجوه اما اذا زاد على ذلك بان احسن اليهم كان اعظم ما يكون قدرا عندهم، أما الله تعالى فأكرم ما تكون عليه احوج ما تكون اليه وكلما افتقرت اليه اكثر واحتجته اكثر احبك اكثر، الا ترى انه يحب الملحّين في الدعاء مضيفا: تقع في بلاء وضيق فيرسل لك من ينقذك ويفك ضيقك فنشكر المرسل ولا نشكر من ارسله بل يتسخط المرء اذا لم يعجبه شيء من امور دنياه ومع هذا فيستمر المتسخط عليه بإعطاء المتسخط وفيما يتعلق بعبادة الله حق عبادته قال الشيخ نقول لربنا تعالى «سبحانك ما عبدناك حق عبادتك ما قدرناك حق قدرك» قال تعالى: ***63550;وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون***63552; سبحانك ربنا وبحمدك عدد خلقك.
وعلق الخراز موضحا: «بعد هذا كله كيف لا تحب القلوب من هذه صفاته وهذه افعاله وهذا خلقه وهذه عظمته».
آراء
هذا وقد استولت محاضرة «كيف نتعامل مع الله على اعجاب الحضور الكثيف الذي وصل الى 38 الفا زحفوا الى المسجد الكبير السبت الماضي ويقول خالد الشايجي «كانت محاضرة الشيخ مشاري الخراز مميزة وفريدة من نوعها بسبب اشتمالها على رسائل العرض المتطورة واختياره للعنوان المشوق، وبالنسبة لي كانت عوامل الجذب في المحاضرة كثيرة من اهمها شاشات العرض المتطورة، وكذلك اختيار المكان لما فيه من الروحانية وكذلك مقاطع الفيديو المؤثرة والمناسبة للموضوع ونقاط الدرس وهذا هو الفرق بينها وبين غيرها من المحاضرات الاعتيادية في الطريقة والاسلوب وقد اثرت في هذه المحاضرة كثيرا.
ويعلق عيسى سبيته احد الحضور في محاضرة الخراز بالقول «معرفتي بالله زادت كليا فربنا رحيم جدا يرحمنا ونحن نعصيه يتفضل علينا ولا نشكره ولا نذكره الا قليلا.. نشكر الشيخ مشاري ونقول له جزاك الله عنا خير جزاء.
ويقول عمر السعيد «لقد تعمقت في التفكير في الآيات التي كررها الشيخ اثناء المحاضرة لقد قام بعرضها بأسلوب جميل فالمحاضرة رائعة والاتجاه الى التطبيق العملي مع الشرح زاد من تركيزي معها.
وبدوره اعرب عبدالعزيز الصقر احد الحضور بالمسجد الكبير عن سعادته بالمعلومات التي استفادها من المحاضرة التي دفعته الى التعمق في التركيز في كيفية عبادة الله حق عبادته وطالب الشيخ عبر «الوطن» بتنظيم المزيد من المحاضرات القيمة والتي تناقش مواضيع حيوية تتعلق بالفهم الصحيح للدين والعقيدة.
الاقبال الكبير الذي شهدته محاضرات الخراز اثبت حاجة المجال الدعوي الى تجديد لغة الحوار والتواصل مع المتلقين بما يناسب طبيعة العصر بعيدا عن التلقين الذي لم يعد مجديا وخاصة مع الاجيال الجديدة التي تحتاج الى طرائق متنوعة غير تقليدية للتعامل مع ما يتعلق بالدين والعقيدة بشكل خاص.
الخراز في المسجد الكبير السبت
بعد النجاح الكبير الذي حققته محاضرة «كيف تتعامل مع الله» السبت الماضي ونظرا لعدم كفاية الوقت لاستكمال مادتها العلمية سيقوم الشيخ مشاري الخراز السبت المقبل بإلقاء محاضرة أخرى بعد صلاة المغرب وسيستفيد منها من حضر المحاضرة الاولى ومن لم يحضر لاشتمالها على عروض وتقارير بصرية جديدة يقدمها الشيخ خلال المحاضرة.
مشاري سليمان الخراز
– خريج جامعة الكويت كلية الشريعة
– تقدير امتياز مع مرتبة الشرف
– رئيس مجلس إدارة مبرة السعادة الخيرية.
– إمام وخطيب بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة الكويت
تحيا الجزائر
العالم الكبير والامام الكبير
………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. ………………………………………….. …………………………………
عرفت الأسرة الباديسية منذ القدم بإنجابها للعلماء والأمراء والسلاطين، ويكفي أن نشير إلى أنهم ينتمون إلى ما يقول مؤلفا كتاب أعيان المغاربة المستشرقان Marthe et Edmond Gouvion والمنشور بمطبعة فوناتانا في الجزائر 1920م, بأن ابن باديس ينتمي إلى بيت عريق في العلم والسؤدد ينتهي نسبه في سلسلة متّصلة إلى بني باديس الذين جدّهم الأول هو مناد بن مكنس الذي ظهرت علامات شرفه وسيطرته في وسط قبيلته في حدود القرن الرابع الهجري، وأصل هذه القبيلة كما يقول المستشرقان من ملكانة أو تلكانة وهي فرع من أمجاد القبيلة الصنهاجية "البربرية" المشهورة في المغرب العربي. ومن رجالات هذه الأسرة المشهورين في التاريخ الذين كان الشيخ عبد الحميد بن باديس يفتخر بهم:
المعز لدين الله بن باديس (حكم: 406-454هـ/1016-1062م) الذي قاوم البدعة ونصر السنة وأعلن مذهب أهل السنة والجماعة مذهبًا للدولة، ثم مؤسس الدولة الصنهاجية وابن الأمير باديس بن منصور والى إفريقيا والمغرب الأوسط (حكم: 373-386 هـ/984-996م) سليل الأمير "بلكين بن زيري بن مناد المكنى بأبي الفتوح والملقب بسيف العزيز بالله الذي تولى الإمارة (361-373 هـ/971-984م) إبان حكم الفاطمين.
في العهد العثماني برزت عدة شخصيات من بينها:
قاضـي قسنطينة الشهير أبو العباس احميدة بن باديس (توفى سنة 969 هـ/1561م) الذي قال عنه شيخ الإسلام عبد الكريم الفكون : "هو من بيوتات قسنطينة وأشرافها وممن وصلت إليه الريّاسة والقضاء والإمامة بجامع قصبتها، وخَلَفُ سلف صالحين علماء حازوا قصب السبق في الدراية والمعرفة والولاية، وناهيك بهم من دار صلاح وعلم وعمل".
أبو زكرياء يحيى بن باديس ابن الفقيه القاضي أبي العباس "كان حييا ذا خلق حسن، كثير التواضع، سالم الصدر من نفاق أهل عصره، كثير القراءة لدلائل الخيرات وذا تلاوة لكتاب الله".
الشيخ المفتي بركات بن باديس دفين مسجد سيدي قمّوش بقسنطينة في الفترة نفسها.
أبو عبد الله محمد بن باديس الذي قال عنه الشيخ الفكون: "كان يقرأ معنا على الشيخ التواتي (محمد التواتي أصله من المغرب، كانت شهرته بقسنطينة، وبها انتشر علمه. كانت له بالنحو دراية ومعرفة حتى لقب بسيبويه زمانه، وله معرفة تامة بعلم القراءات) آخر أمره، وبعد ارتحاله استقل بالقراءة عليّا وهو من موثّقي البلدة وممن يشار إليه".
الشيخ أحمد بن باديس الذي كان إماما بقسنطينة أيام الشيخ عبد الكريم الفكون خلال القرن الحادي عشر الهجري، السابع عشر الميلادي.
من أسلاف عبد الحميد المتأخرىن، جدّه لأبيه: الشيخ المكي بن باديس الذي كان قاضيا مشهورا بمدينة قسنطينة وعضوا في المجلس العام وفي المجلس البلدي، وقد احتل مقاما محترما لدى السكان بعد المساعدات المالية التي قدمها لهم خاصة أثناء المجاعة التي حلت بالبلاد فيما بين 1862 – 1868م وانتخب إلى الاستشارة في الجزائر العاصمة وباريس، وقد تقلّد وساما من يد نابليون الثالث (كان رئيسا لفرنسا من 1848-1852م ثم إمبراطورا لها من 1852-1870م)، وعمه احميدة بن باديس النائب الشهير عن مدينة قسنطينة أواخر القرن التاسع عشر الميلادي الذي اشترك مع ثلاثة من زملائه النواب في عام 1891م في كتابة عارضة دوّن فيها أنواع المظالم والاضطهادات التي أصبح يعانيها الشعب الجزائري في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي من الإدارة الاستعمارية ومن المستوطنين الأوروبيين الذين استحوذوا على الأراضي الخصبة سلبا من الجزائريين وتركوهم للفقر والجوع، وقاموا بتقديمها إلى أحد أعضاء مجلس الشيوخ الفرنسي الذي حضر إلى الجزائر من أجل البحث وتقصي الأحوال فيها كي يقدمها بدوره إلى الحكومة الفرنسية وأعضاء البرلمان الفرنسي في باريس وذلك بتاريخ 10 أبريل سنة 1891 أي بعد ولادة عبد الحميد بن باديس بحوالي ثلاثة سنوات فقط.
هناك قسم من عائلة ابن باديس كانوا قادة كبار مع الأمير عبد القادر الجزائري وأسرتهم المحتلون سنة 1263/1847 وأرسلوهم إلى فرنسا، وأودعتهم بالسجن في باريس وقد تم الإفراج عنهم مع الأمير عبد القادر الجزائري في عام 1852م وتم نفيهم إلى بلاد الشام تحت رعاية الأمير عبد القادر الجزائري في عدة مناطق في لبنان وفلسطين وسوريا والغالبية العظمى متواجدة في الأردن بمنطقة اربد بالأغوار الشمالية
[عدل]
المولد والنشأة
هو عبد الحميد بن محمد المصطفى بن المكي بن محمد كحّول بن الحاج علي النوري بن محمد بن محمد بن عبد الرحمن بن بركات بن عبد الرحمن بن باديس الصنهاجي. ولد بمدينة قسنطينة عاصمة الشرق الجزائري،يوم الجمعة الموافق لـ 4 من ديسمبر 1889 م على الساعة الرابعة بعد الظهر
كان عبد الحميد الابن الأكبر لوالديه، فأمه هي: السيدة زهيرة بنت محمد بن عبد الجليل بن جلّول من أسرة مشهور بقسنطينة لمدة أربعة قرون على الأقل، وعائلة "ابن جلّول من قبيلة "بني معاف" المشهورة في جبال الأوراس، انتقل أحد أفرادها إلى قسنطينة في عهد الأتراك العثمانيين وهناك تزوج أميرة تركية هي جدة الأسرة (ابن جلول). ولنسب هذه الإمرأة العريق، تزوجها محمد بن مصطفى بن باديس (متوفى 1951) والد عبد الحميد. وكان والده مندوبا ماليا وعضوا في المجلس الأعلى وباش آغا لشرفي الجزائر، ومستشارا بلديا بمدينة قسنطينة ووشحت فرنسا صدره بوسام الشرف قالب:فرنسي، وقد احتل مكانة مرموقة بين جماعة الأشراف وكان من ذوي الفضل والخلق الحميد ومن حفظة القرآن، ويعود إليه الفضل في إنقاذ سكان منطقة واد الزناتي من الإبادة الجماعية سنة 1945 على إثر حوادث 8 ماي المشهورة، وقد اشتغل بالإضافة إلى ذلك بالفلاحة والتجارة، وأثرى فيهما.
كان والده بارًا به يحبه ويتوسم فيه النباهة، فقد سهر على تربيته وتوجيهه التوجيه الذي يتلاءم مع فطرته ومع تطلعات عائلته. عبد الحميد بن باديس نفسه يعترف بفضل والده عليه منذ أن بصر النور وفقد قال ذلك في حفل ختم تفسير القرآن سنة 1938 م، أمام حشد كبير من المدعوين ثم نشره في مجلة الشهاب: إن الفضل يرجع أولاً إلى والدي الذي ربّاني تربية صالحة ووجهني وجهة صالحة، ورضي لي العلم طريقة أتبعها ومشرباً أرده، وبراني كالسهم وحماني من المكاره صغيراً وكبيراً، وكفاني كلف الحياة… فالأشكرنه بلساني ولسانكم ما وسعني الشكر.».
أما اخوته الستة فهم: الزبير المدعو المولود والعربي وسليم وعبد الملك ومحمود وعبد الحق، وأما أختاه فهما نفيسة والبتول، كان أخوه الزبير محاميا وناشرا صحفيا في الصحيفة الناطقة بالفرنسية "صدى الأهالي" L’Echo Indigène ما بين 1933م – 1934م. كما تتلمذ الأستاذ عبد الحق على يد أخيه الشيخ عبد الحميد بالجامع الأخضر وحصل على الشهادة الأهلية في شهر جوان سنة 1940م على يد الشيخ مبارك الميلي بعد وفاة الشيخ بن باديس بحوالي شهرين.
[عدل]
طلبه للعلم
ختم عبد الحميد بن باديس حفظ القرآن وهو ابن ثلاث عشرة سنة، ثم تتلمذ على الشيخ حمدان الونيسي، وهو من أوائل الشيوخ الذين كان لهم أثر طيب في اتجاهه الديني، ولا ينسى ابن باديس أبداً وصية هذا الشيخ له: "اقرأ العلم للعلم لا للوظيفة"، بل أخذ عليه عهداً ألا يقرب الوظائف الحكومية عند فرنسا.
[عدل]
في جامع الزيتونة بتونس
وفي سنة (1327ه – 1908م) التحق الشيخ عبد الحميد بمجامع الزيتونة بتونس، فأخذ عن جماعة من كبار علمائها الأجلاّء، وفي طليعتهم زعيم النهضة الفكرية والإصلاحية في الحاضرة التونسية العلاّمة «محمّد النخلي القيرواني» المتوفى سنة: (1342ه – 1923م)، والشيخ محمّد الطاهر بن عاشور المتوفى سنة: (1393ه – 1973م)، فضلاً عن مربين آخرين من المشايخ الذين كان لهم تأثير في نمو استعداده، وتعهّدوه بالتوجيه والتكوين، كالبشير صفر، وسعد العياض السطايفي، ومحمّد بن القاضي وغيرهم، وقد سمحت له هذه الفترة بالاطلاع على العلوم الحديثة وعلى ما يجري في البلدان العربية والإسلامية من إصلاحات دينية وسياسية، في مصر وفي الشام وغيرهم، ممّا كان لهذا المحيط العلمي والبيئة الاجتماعية، والملازمات المستمرّة لرجال العلم والإصلاح الأثر البالغ في تكوين شخصيته ومنهاجه في الحياة[1].
[عدل]
في المدينة المنورة
بعد أداء فريضة الحج مكث الشيخ ابن باديس في المدينة المنورة ثلاثة أشهر، ألقى خلالها دروساً في المسجد النبوي، والتقى بشيخه السابق أبو حمدان الونيسي وتعرف على رفيق دربه ونضاله فيما بعد الشيخ البشير الإبراهيمي. وكان هذا التعارف من أنعم اللقاءات وأبركها، فقد تحادثا طويلاً عن طرق الإصلاح في الجزائر واتفقا على خطة واضحة في ذلك. وفي المدينة اقترح عليه شيخه الونيسي الإقامة والهجرة الدائمة، ولكن الشيخ حسين أحمد الهندي المقيم في المدينة أشار عليه بالرجوع للجزائر لحاجتها إليه. زار ابن باديس بعد مغادرته الحجاز بلاد الشام ومصر واجتمع برجال العلم والأدب وأعلام الدعوة السلفية، وزار الأزهر واتصل بالشيخ بخيت المطيعي حاملاً له رسالة من الشيخ الونيس.
[عدل]
العودة إلى الجزائر
عاد ابن باديس إلى الجزائر عام 1913 م واستقر في مدينة قسنطينة، وشرع في العمل التربوي الذي صمم عليه، فبدأ بدروس للصغار ثم للكبار، وكان المسجد هو المركز الرئيسي لنشاطه، ثم تبلورت لديه فكرة تأسيس جمعية العلماء المسلمين، واهتماماته كثيرة لا يكتفي أو يقنع بوجهة واحدة، فاتجه إلى الصحافة، وأصدر جريدة المنتقد عام 1925 م وأغلقت بعد العدد الثامن عشر؛ فأصدر جريدة الشهاب الأسبوعية، التي بث فيها آراءه في الإصلاح، واستمرت كجريدة حتى عام 1929 م ثم تحولت إلى مجلة شهرية علمية، وكان شعارها: "لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها".
[عدل]
تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
وذلك في سنة 1931 في نادي الترقي بالجزائر العاصمة. أول توقف المجلة في شهر شعبان 1328 هـ (أيلول عام 1939 م) بسبب اندلاع الحرب العالمية الثانية، وحتى لا يكتب فيها أي شيء تريده منه الإدارة الفرنسية تأييداً لها، وفي سنة 1936 م دعا إلى مؤتمر إسلامي يضم التنظيمات السياسية كافة من أجل دراسة قضية الجزائر، وقد وجه دعوته من خلال جريدة لاديفانس التي تصدر بالفرنسية، واستجابت أكثر التنظيمات السياسية لدعوته وكذلك بعض الشخصيات المستقلة، وأسفر المؤتمر عن المطالبة ببعض الحقوق للجزائر، وتشكيل وفد سافر إلى فرنسا لعرض هذه المطالب وكان من ضمن هذا الوفد ابن باديس والإبراهيمي والطيب العقبي ممثلين لجمعية العلماء، ولكن فرنسا لم تستجب لأي مطلب وفشلت مهمة الوفد.
[عدل]
العوامل المؤثرة في شخصية ابن باديس
لا شك أن البيئة الأولى لها أثر كبير في تكوين شخصية الإنسان، وفي بلد كالجزائر عندما يتفتح ذهن المسلم على معاناته من فرنسا، وعن معاناته من الجهل والاستسلام للبدع-فسيكون هذا من أقوى البواعث لأصحاب الهمم وذوي الإحساس المرهف على القلق الذي لا يهدأ حتى يحقق لدينه ولأمته ما يعتبره واجباً عليه، وكان ابن باديس من هذا النوع. وإن بروز شخصية كابن باديس من بيئة ثرية ذات وجاهة لَهو دليل على إحساسه الكبير تجاه الظلم والظالمين، وكان بإمكانه أن يكون موظفاً كبيراً ويعيش هادئاً مرتاح البال ولكنه اختار طريق المصلحين.
تأتي البيئة العلمية التي صقلت شخصيته وهذبت مناحيه والفضل الأكبر يعود إلى الفترة الزيتونية ورحلته الثانية إلى الحجاز والشام حيث تعرف على المفكرين والعلماء الذين تأثروا بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب وما دعا إليه من نقاء العقيدة وصفائها. وكان لمجلة المنار التي يصدرها الشيخ رشيد رضا أثر قوي في النظر لمشكلات المسلمين المعاصرة والحلول المطروحة.
مما شجع ابن باديس وأمضى عزيمته وجود هذه العصبة المؤمنة حوله-وقد وصفهم هو بالأسود الكبار-من العلماء والدعاة أمثال الإبراهيمي والتبسي والعقبي والميلي. وقد عملوا معه في انسجام قلّ أن يوجد مثله في الهيئات الأخرى.
[عدل]
آثار ابن باديس
شخصية ابن باديس شخصية غنية ثرية ومن الصعوبة في حيز ضيق من الكتابة الإلمام بكل أبعادها وآثارها؛ فهو مجدد ومصلح يدعو إلى نهضة المسلمين ويعلم كيف تكون النهضة. يقول«’ إنما ينهض المسلمون بمقتضيات إيمانهم بالله ورسوله إذا كانت لهم قوّة، وإذا كانت لهم جماعة منظّمة تفكّر وتدبّر وتتشاور وتتآثر، وتنهض لجلب المصلحة ولدفع المضرّة، متساندة في العمل عن فكر وعزيمة. ‘».
وهو عالم مفسّر، فسّر القرآن الكريم كلّه خلال خمس وعشرين سنة في دروسه اليومية كما شرح موطأ مالك خلال هذه الفترة، وهو سياسي كتب في المجلات والجرائد التي أصدرها عن واقع المسلمين وخاصة في الجزائر وهاجم فرنسا وأساليبها الاستعمارية وشرح أصول السياسة الإسلامية، وقبل كل هذا فهو المربي الذي أخذ على عاتقه تربية الأجيال في المدارس والمساجد، فأنشأ المدارس واهتم بها، بل كانت من أهم أعماله، وهو الذي يتولى تسيير شؤون جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، ويسهر على إدارة مجلة الشهاب ويتفقد القاعدة الشعبية باتصالاته المستمرة.
إن آثار ابن باديس آثار عملية قبل أن تكون نظرية في كتاب أو مؤلَّف، والأجيال التي رباها كانت وقود معركة تحرير الجزائر، وقليل من المصلحين في العصر الحديث من أتيحت لهم فرص التطبيق العملي لمبادئهم كما أتيحت لابن باديس ؛ فرشيد رضا كان يحلم بمدرسة للدعاة، ولكن حلمه لم يتحقق، ونظرية ابن باديس في التربية أنها لا بد أن تبدأ من الفرد، فإصلاح الفرد هو الأساس.
طريقته في التربية هي توعية هذا النشء بالفكرة الصحيحة كما ذكر الشّيخ الإبراهيمي عن اتفاقهما في المدينة: "كانت الطريقة التي اتفقنا عليها سنة 1913 في تربية النشء هي ألا نتوسع له في العلم وإنما نربيه على فكرة صحيحة"
ينتقد ابن باديس مناهج التعليم التي كانت سائدة حين تلقيه العلم والتي كانت تهتم بالفروع والألفاظ – فيقول: "و اقتصرنا على قراءة الفروع الفقهية، مجردة بلا نظر، جافة بلا حكمة، وراء أسوار من الألفاظ المختصرة، تفني الأعمار قبل الوصول إليها" المصدر السابق ص141. أما إنتاجه العلمي فهو ما جمع بعد من مقالاته في "الشهاب" وغيرها ومن دروسه في التّفسير والحديث لم يصلنا كل ما كتبه أو كل ما ألقاه من دروس في التّفسير والحديث. وقد جُمع ما نشر في (الشهاب) من افتتاحيات تحت عنوان "مجالس التذكير من كلام الحكيم الخبير" بإشراف محمد الصالح رمضان، وتوفيق شاهين. وحاول الدّكتور عمار الطالبي جمع آثاره كلها، ولكن لا يزال هناك أشياء لم تُجمع.الكاتب تاهمي محمد
[عدل]
الوسط الثقافي والفكري والدينية الذي تربى فيه ابن باديس
أولاً: الحالة الثقافية والفكرية في الجزائر قبل الاحتلال:
إن انتشار المدارس والمعاهد والزوايا في مختلف نواحي الجزائر خلال تلك الفترة، دليل على أن الحياة الفكرية والثقافية كانت مزدهرة بها.
وقد اشتهرت مدن قسنطينة والجزائر وتلمسان وبلاد ميزاب في الجنوب بكثرة المراكز التعليمية، وكان يقوم عليها أساتذة وعلماء مشهود لهم بعلو المكانة ورسوخ القدم في العلم والمعرفة، مثل الشيخ (الثميني) في الجنوب، والشيخ (الداوودي) في تلسمان، والشيخ (ابن الحفّاف) بالعاصمة، والشيخ (ابن الطبّال) بقسنطينة، والشيخ (محمد القشطولي) في بلاد القبائل، وغيرهم كثير ممن تفرّغوا للتدريس ونشر العلم.
وكان من نتائج هذا الانتشار الواسع لمراكز التربية والتعليم، أن أصبحت نسبة المتعلمين في الجزائر تفوق نسبة المتعلمين في فرنسا، (فقد كتب الجنرال فالز سنة 1834م بأن كل العرب (الجزائريين) تقريبًا يعرفون القراءة والكتابة، حيث إن هناك مدرستين في كل قرية… أما الأستاذ ديميري، الذي درس طويلاً الحياة الجزائرية في القرن التاسع عشر، فقد أشار إلى أنه قد كان في قسنطينة وحدها قبل الاحتلال خمسة وثلاثون مسجدًا تستعمل كمراكز للتعليم، كما أن هناك سبع مدارس ابتدائية وثانوية يحضرها بين ستمائة وتسعمائة طالب، ويدرّس فيها أساتذة محترمون لهم أجور عالية). أحصيت المدارس في الجزائر سنة 1830م، بأكثر من ألفي مدرسة ما بين ابتدائية وثانوية وعالية.
كتب الرحالة الألماني فيلهلم شيمبرا حين زار الجزائر في شهر ديسمبر 1831م، يقول: (لقد بحثتُ قصدًا عن عربي واحد في الجزائر يجهل القراءة والكتابة، غير أني لم أعثر عليه، في حين أني وجدت ذلك في بلدان جنوب أوروبا، فقلما يصادف المرء هناك من يستطيع القراءة من بين أفراد الشعب). وخير المثال ما شهد به الأعداء. وقد برز في هذه الفترة علماء في كثير من العلوم النقلية والعقلية، زخرت بمؤلفاتهم المكتبات العامة والخاصة في الجزائر، غير أن يد الاستعمار الغاشم عبثت بها سلبًا وحرقًا، في همجية لم يشهد لها التاريخ المعاصر مثيلاً. يقول أحد الغربيين واصفًا ذلك: (إن الفرنسيين عندما فتحوا مدينة قسنطينة في شمالي أفريقيا، أحرقوا كل الكتب والمخطوطات التي وقعت في أيديهم، كأنهم من صميم الهمج).
يظهر مما ذكرنا أنه كان للجزائر مكانها المرموق بين أقطار المغرب في خدمة علوم العربية والإسلام، كما قدّمت للميدان أعلامًا من رجالها، حملوا الأمانة، وكانت تُشدُّ إليهم الرحال في طلب العلم.
ثانيًا: الحالة الثقافية والفكرية والدينية أثناء الاحتلال:
يمكن تقسيم الفترة الممتدة من دخول الاستعمار إلى ظهور دعوة الشيخ عبد الحميد بن باديس إلى مرحلتين:
[عدل]
المرحلة الأولى (1830-1900م)
لم تقتصر اعتداءات الاحتلال الفرنسي للجزائر على الجوانب السياسية والعسكرية والاقتصادية فحسب، بل عمد إلى تدمير معالم الثقافة والفكر فيها، وقد ظهر حقده الصليبي في إصراره على تحطيم مقومات الأمة، وفي مقدمتها الدين الإسلامي واللغة العربية، معتمدًا في ذلك على ما يلي:
[عدل]
مصادرة الأوقاف الإسلامية
كان التعليم في الجزائر يعتمد اعتمادًا كبيرًا على مردود الأوقاف الإسلامية في تأدية رسالته، وكانت هذه الأملاك قد وقفها أصحابها للخدمات الخيرية، وخاصة المشاريع التربوية كالمدارس والمساجد والزوايا. وكان الاستعمار يدرك بأن التعليم ليس أداة تجديد خُلقي فحسب، بل هو أداة سلطة وسلطان ووسيلة نفوذ وسيطرة، وأنه لا بقاء له إلا بالسيطرة علىه، فوضع يده على الأوقاف، قاطعًا بذلك شرايين الحياة الثقافية.
جاء في تقرير اللجنة الاستطلاعية التي بعث بها ملك فرنسا إلى الجزائر يوم 7/7/1833م ما يلي: (ضممنا إلى أملاك الدولة سائر العقارات التي كانت من أملاك الأوقاف، واستولينا على أملاك طبقة من السكان، كنا تعهدنا برعايتها وحمايتها… لقد انتهكنا حرمات المعاهد الدينية ونبشنا القبور، واقتحمنا المنازل التي لها حُرْمَتها عند المسلمين…).
[عدل]
التضييق على التعليم العربي
أدرك المستعمر منذ وطئت أقدامه أرض الجزائر، خطورة الرسالة التي تؤديها المساجد والكتاتيب والزوايا، في المحافظة على شخصية الأمة. فلم تكن هذه المراكز قاصرة على أداء الشعائر التعبدية فحسب، بل كانت أيضًا محاضر للتربية والتعليم وإعداد الرجال الصالحين المصلحين، لذلك صبّت فرنسا غضبها عليها بشدة، فعمدت إلى إخماد جذوة العلوم والمعارف تحت أنقاض المساجد والكتاتيب والزوايا، التي دُمّرت فلم تبق منها سوى جمرات ضئيلة في بعض الكتاتيب، دفعتها العقيدة الدينية، فحافظت على لغة القرآن ومبادئ الدين الحنيف في تعليم بسيط وأساليب بدائية.
حطم الفرنسيون في 18/12/1832م جامع كتشاوه، وحوّلوه بعد تشويه شكله وتغيير وضعيته إلى كاتدرائية، أُطلق عليها اسم القديس فيليب (بالفرنسية: Cathedrale Saint Philipe)، والشيء نفسه وقع لمسجد حسن باي بقسنطينة غداة سقوطها بأيديهم(2) سنة 1837م.. هكذا اختفت كثير من الكتاتيب القرآنية ومدارس التعليم الإسلامي، التي كانت مزدهرة قبل الاحتلال الفرنسي. كما طالت يد الحقد الصليبي المكتبات العامة والخاصة، حيث أحرق جنود الجنرال دوق دومـال Dauk Daumale مكتبة الأمير عبد القادر الجزائري بمدينة تاقدامت في ربيع الثاني 1259 هـ، 10 مايو 1843م، وكان فيها من نوادر المخطوطات ونفائس المؤلفات ما لا يقدر بثمن، ونفس المصير واجهته معظم المكتبات الأخرى. إن هذه الحرب الشعواء التي شنها الاستعمار على الدين الإسلامي واللغة العربية، جعلت التعليم في الجزائر يصل إلى أدنى مستوى له، فحتى سنة 1901 -أي بعد حوالي 70 سنة من الاحتلال- كانت نسبة المتعلمين من الأهالي لا تتعدى 3.8%، فكادت الجزائر أن تتجه نحو الفرنسة والتغريب أكثر من اتجاهها نحو العروبة والإسلام. وقد تأثرت الحياة الفكرية والدينية في هذه الفترة ببعض العوامل الأخرى، نذكر منها ما يلي:
أ- الطرق الصوفية: من الإنصاف أن نذكر هنا الدور الإيجابي الذي قامت به بعض الطرق الصوفية منذ بداية الاحتلال الفرنسي للجزائر، فقد ساهمت بعض زواياها في نشر الثقافة العربية الإسلامية، كما قام كثير من رجالاتها بالتصدي للاستعمار والاستبسال في محاربته. فقد كان الأمير عبد القادر الجزائري راسخ القدم في التصوف، وكان الشيخ الحداد -أحد قادة ثورة القبائل الكبرى عام 1871م- قد انتهت إليه مشيخة الطريقة الرحمانية في وقته، إلا أن كثيرًا من الطرق قد انحرفت في ما بعد عن الخط العام الذي رسمه مؤسسوها الأوائل، فكثرت عندها البدع والضلالات والخرافات، وتقديس القبور والطواف حولها، والنذر لها، والذبح عندها، وغير ذلك من أعمال الجاهلية الأولى. كما أنه كانت لبعض رجالاتها مواقف متخاذلة تجاه الاستعمار، حيث سيطرت هذه الطرق على عقول أتباعها ومريديها، ونشرت بينهم التواكل والكسل، وثبّطت هممهم في الاستعداد للكفاح من أجل طرد المحتل الغاصب، بدعوى أن وجود الاحتلال في الجزائر هو من باب القضاء والقدر، الذي ينبغي التسليم به، والصبر عليه، وأن طاعته هي طاعة لولي الأمر. بهذه الروح المتخاذلة والتفكير المنحرف، كانت بعض الطرق سببًا في إطالة ليل الاستعمار المظلم في البلاد من جهة، وتفرق صفوف الأمة وضلالها في الدين والدنيا من جهة أخرى.
ب- انتشار الجهل والأمية: لقد أدّت الثورات المتتالية التي خاضها الشعب ضد الاحتلال الفرنسي الغاشم، إلى فقدان الأمة لزهرة علمائها في ميدان الجهاد. كما أن كثيرًا من المستنيرين من حملة الثقافة العربية الإسلامية هاجروا إلى المشرق العربي، وإلى البلاد الإسلامية الأخرى، يتحيّنون الفرص للرجوع إلى الوطن وتطهيره من سيطرة الفرنسيين، كل ذلك ساهم في انتشار الجهل وتفشي الأمية بين أفراد الأمة، مما أثّر سلبًا على الحياة الفكرية في تلك الفترة.
ج- المدارس البديلة التي أنشأها الاستعمار: لم تفتح هذه المدارس في حقيقة الأمر من أجل تعليم أبناء الجزائر، ورفع مستواهم الثقافي، بل كان الاستعمار يقصد من وراء ذلك عدة أمور، منها :
تجريد الشعب الجزائري من شخصيته العربية الإسلامية، ومحاولة إدماجه وصهره في البوتقة الفرنسية بإعطائه تعليمًا هزيلاً يجعله أسهل انقيادًا لسياسته.
قتل الروح الوطنية التي أدت إلى اشتعال الثورات المتوالية، وجعل الشعب أكثر خضوعًا للاحتلال.
إيجاد قلة متعلمة للاستفادة منها في بعض الوظائف التي تخدم الاحتلال.
فقد أنشأت فرنسا لهذا الغرض عدة مدارس ابتدائية، منها المدارس (الفرنسوية الإسلامية Franco-Musulmane، في الجزائر العاصمة وبعض المدن الأخرى ابتداءً من سنة 1836م. لم تكن هناك مدارس للتعليم الثانوي والعالي إلا بحلول القرن العشرين، حيث فتحت المدرسة الثعالبية في عهد الحاكم الفرنسي (جونار) سنة 1904م، رغم أن مرسوم إنشائها صدر منذ سنة 1850م.
د- هجر الأهالي للمدارس الفرنسية: كان الأهالي يتخوّفون كثيرًا من التعليم الرسمي المقصور على تعلّم اللغة الفرنسية وحضارتها، إذ رؤوا فيه وسيلة خطيرة لفرنسة أبنائهم، فكان الإقبال على هذه المدارس ضئيلاً جدًا.. ومع عدم وجود المدارس الحرّة الكفيلة باحتضان أبناء المسلمين، فإن نسبة الأمية ارتفعت إلى درجة مذهلة، كما مر بنا آنفًا.
كل هذه العوامل ساهمت بطريقة أو بأخرى في انتشار الجهل والأمية بين أفراد الشعب، مما جعل الحالة الثقافية والفكرية والدينية في تلك الفترة تبعث على الحزن والأسى.
[عدل]
المرحلة الثانية (1900-1914م)
الأمة الجزائرية هي قطعة من المجموعة الإسلامية العظمى من جهة الدين، وهي ثلة من المجموعة العربية، من حيث اللغة التي هي لسان ذلك الدين. فالأمة الإسلامية بهذا الدين وهذا اللسان وحدة متماسكة الأجزاء، يأبى الله لها أن تتفرق وإن كثرت فيها دواعي الفرقة، ويأبى لها دينها، وهو دين التوحيد، إلا أن تكون موحدة. فعلى الرغم من الحصار الذي فرضته فرنسا على الجزائر لعزلها عن بقية الأقطار الإسلامية، خاصة تلك التي لم تُبْتَل بما ابتليت به من محاولة طمس دينها ولغتها، فإنه مع إطلاله القرن العشرين بدأت الجزائر تعيش حركة فكرية شبه متواصلة مع الأقطار الإسلامية الأخرى، سواء عن طريق الطلبة الذين ابتعثوا للدراسة في جامعة الزيتونة والأزهر والجامعات الإسلامية الأخرى، أو عن طريق الدعوات الإصلاحية التي قامت في البلاد الإسلامية، مثل دعوة جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده.
وهناك عوامل أخرى ساعدت على قيام هذه الحركة الفكرية، كتلك البوادر الإصلاحية الفردية التي قام بها في الجزائر بعض العلماء المتفاعلين مع حركة الإصلاح الإسلامي.. ولعل مما ساعد على قيام هذه النهضة أيضًا، تولي المسيو (شارل جونار) الولاية العامة في الجزائر. وهنا نلقي بعض الضوء على جانب من تلك العوامل التي ساهمت في ظهور وانتعاش النهضة الفكرية في الجزائر:
[عدل]
عودة الطلبة الذين درسوا في الخارج
أقصد بهم الطلبة الذين درسوا في جامعة الزيتونة، وجامعة القرويين، والأزهر، وفي الحجاز والشام. ساهم هؤلاء المثقفون بعد عودتهم إلى الوطن بجهود عظيمة في النهوض بالحياة الفكرية والدينية، بما أثاروا من همم وأحيوا من حمية، وبنوا من مدارس في مختلف أنحاء الوطن، وبما أصدروا من صحف، معتمدين في ذلك على القرآن والسنة، فأصلحوا العقائد، وصححوا المفاهيم، ونقّوا الأفكار من رواسب البدع والخرافات التي علقت بها، وأحيوا الشعلة التي أخمدها الاستعمار في نفوس الأمة. ويوم اسوداد المآزم وتلاحم الخطوب، أعادوا ذكرى أسلافهم في الصبر والصمود. ومن هؤلاء الرواد الذين ساهموا في إثراء هذه النهضة الفكرية الإسلامية بالجزائر نذكر:
الشيخ عبد القادر المجاوي [1848-1913م]: تخرج الشيخ المجاوي من جامعة القرويين بمدينة فاس، ويعتبر من العلماء القلائل الذين كانــوا على رأس الحركــة الإصلاحيــة في الجزائــر، فلا تجد واحــدًا من هــؤلاء المصلحين في الربع الأول من القــرن العشرين الميلادي إلا وهو من تلامذته. خرّج أفواجًا كبيرة من المدرسين والأئمة والوعاظ والمترجمين والقضاة، كان من بينهم الشيخ حمدان الونيسي القسنطيني أستاذ الشيخ عبد الحميد بن باديس. وقد ترك الشيخ المجاوي آثارًا علمية كثيرة في اللغة والفلك والعقيدة والتصوف، نذكر منها: كتاب "الدرر النحوية"، و"الفريدة السنيَّة في الأعمال الحبيبية"، و"اللمع في إنكار البدع"، و"نصيحة المريدين"، وغيرها مما يضيق المقام بسردها.
ومن بين رواد النهضة الإسلامية في تلك الفترة أيضًا :
الشيخ عبد الحليم بن سماية (1866-1933): يعتبر الشيخ ابن سماية في مقدمة الأفاضل الذين أمدوا هذه النهضة بآثار فضلهم، ومن أوائل المصلحين الجزائريين الداعين لفكرة الإمام محمد عبده الإصلاحية، ومن رفاق الشيخ المجاوي في التدريس، كما يعدّ من أوسع علماء عصره علمًا وثقافة. فقد تخرّج على يديه جيل من المثقفين مزدوجي الثقافة، وخلّف مؤلفات كثيرة منها كتاب "فلسفة الإسلام".
ومما تجدر الإشارة إليه هنا، أن أغلب أعضاء البعثات العلمية التي ذكرنا سابقًا، قد ظهر تأثيرهم على الحياة الفكرية والحركة الإصلاحية بشكل ملحوظ، في العقدين الثالث والرابع من هذا القرن خاصة، مثل: الشيخ عبد الحميد بن باديس، والشيخ محمد البشير الإبراهيمي، والشيخ مبارك الميلي، وغيرهم.
[عدل]
الحركة الإصلاحية في العالم الإسلامي
كان للدعوة التي قادها الأستاذ جمال الدين الأفغاني أثر كبير في نشر الفكر الإصلاحي السلفي في الجزائر، فرغم الحصار الذي ضربه المستعمر لعزلها عن العالم الإسلامي، زار الشيخ محمد عبده -تلميذ الأستاذ جمال الدين- الجزائر عام 1903م، واجتمع بعدد من علمائها، منهم الشيخ محمد بن الخوجة، والشيخ عبد الحليم بن سماية، كما ألقى في الجزائر تفسير سورة العصر. وقد كان لمجلة العروة الوثقى ومجلة المنار، تأثير كبير على المثقفين من أهل الجزائر، الذين اعتبروا دروس العقيدة التي كانت تنشرها (المنار) للإمام محمد عبده، بمثابة حبل الوريد الذي يربطهم بأمتهم.
استمر الاتصال الفكري بين الجزائر وغيرها من البلاد الإسلامية ولم ينقطع، فقد شارك الشيخ عمر بن قدور الجزائري بقلمه في جريدة (الحضارة) بالآستانة، و(اللواء) و(المؤيد) بمصر سنة 1914م، وقد كانت هذه الجرائد والمجلات تدعو إلى نهضة العرب والمسلمين، وكانت رائجة في بلاد المغرب العربي والجزائر خاصة. يعترف الفرنسيون بأن هناك مجرى سريًا، ولكنه غزير ومتواصل، من الصحف والمجلات الشرقية التي أعانت المغاربة في مجهوداتهم الإصلاحية، وجعلتهم مرتبطين أبدًا بالرأي العام العربي.
[عدل]
ظهور الصحافة العربية الوطنية في الجزائر
ظهرت في الجزائر خلال تلك الفترة صحافة وطنية عربية، ساهمت مساهمة فعالة في بعث النهضة الفكرية والإصلاحية الحديثة. فقد عالجت في صفحاتها كثيرًا من الموضوعات الحساسة، منها: الدعوة إلى تعليم الأهالي، وفتح المدارس العربية لأبناء المسلمين، والتنديد بسياسة المستعمرين واليهود، ومقاومة الانحطاط الأخلاقي والبدع والخرافات. فهذا الأستاذ عمر راسم يجلجل بآرائه في غير مواربة ولا خوف، فيقول: "أجل، يجب أن نتعلم لكي نشعر بأننا ضعفاء. يجب أن نتعلم لكي نعرف كيف نرفع أصواتنا في وجه الظلم. يجب أن نتعلم لكي ندافع عن الحق، وتأبى نفوسنا الضيم، ولكي نطلب العدل والمساواة بين الناس في الحقوق الطبيعية، وفي النهاية لكي نموت أعزاء شرفاء ولا نعيش أذلاء جبناء". كما ظهر في هذا الميدان كتّاب شاركوا بمقالاتهم وتحليلاتهم في تشخيص الداء الذي ألمّ بالأمة، واقتراح الدواء الناجع لذلك، من هؤلاء الشيخ المولود بن الموهوب، والشيخ عبد الحليم بن سماية، والأستاذ عمر بن قدور وغيرهم.
[عدل]
تولي شارل جونار الولاية العامة في الجزائر
على الرغم من أن المسيو جونار فرنسي نصراني، إلا أن وصوله إلى منصب الحاكم العام في الجزائر، كان له أثر كبير على الحياة الفكرية في تلك الفترة. يُذكر أن هذا الأخير شجّع إحياء فن العمارة الإسلامية، وبعْث التراث المكتوب، والتقرّب من طبقة المثقفين التقليديين، وتشجيعهم على القيام بمهمتهم القديمة، كإقامة الدروس في المساجد ونحوها، كما اهتم بالتأليف ونشر الكتب العلمية وكتب التراث، مما كان له أثر هام على الحياة الثقافية في الجزائر.
أشرف جونار على فتح المدرسة الثعالبية سنة 1904م، بجوار مقام سيدي عبد الرحمن الثعالبي) في حي القصبة بالعاصمة الجزائرية، وندب اثنين من الشيوخ للتدريس ونشر العلم بها، كما أمر بنشر كتابين هامين، أحدهما كتاب: "تعريف الخلف برجال السلف"، الذي صنّفه الشيخ أبو القاسم الحفناوي وطبعه سنة 1907م، والكتاب الثاني: "البستان في ذكر الأولياء والعلماء بتلمسان"، لابن مريم الشريف التلمساني، الذي تولى إعداده للنشـر الأستاذ محمد ابن أبي شنب، المدرِّس بالمدرسة الثعالبية الدولية، وطبع سنة 1908م برعاية المسيو (جونار). هذه باختصار أهم العوامل التي ساعدت على قيام تلك الحركة الفكرية الإصلاحية بالجزائر، في الفترة التي ظهر فيها الشيـخ عبد الحميد ابن باديس. وبهذا العرض المتواضع، تتضح لنا طبيعة الوسط الثقافي والفكري الذي تربى وترعرع فيه الشيخ ابن باديس، ويبقى أن نتعرف على شخصية الشيخ وأسرته ونشأته، ورحلاته، وشيوخه، ومكانته العلمية.
[عدل]
من أشعاره وخطبه
[عدل]
شَعْـبُ الجـزائرِ مُـسْـلِـمٌشَعْـبُ الجـزائرِ مُـسْـلِـمٌ وَإلىَ الـعُـروبةِ يَـنتَـسِـبْ
مَنْ قَــالَ حَـادَ عَنْ أصْلِـهِ أَوْ قَــالَ مَـاتَ فَقَدْ كَـذبْ
أَوْ رَامَ إدمَــاجًــا لَــهُ رَامَ الـمُحَـال من الطَّـلَـبْ
يَانَشءُ أَنْـتَ رَجَــاؤُنَــا وَبِـكَ الصَّبـاحُ قَـدِ اقْـتَربْ
خُـذْ لِلحَـيـاةِ سِلاَحَـهـا وَخُـضِ الخْـطُـوبَ وَلاَ تَهبْ
وَاْرفعْ مَـنـارَ الْـعَـدْلِ وَالإ حْـسـانِ وَاصْـدُمْ مَـن غَصَبْ
وَاقلَعْ جُـذورَ الخَـــائـنينَ فَـمـنْـهُـم كُلُّ الْـعَـطَـبْ
وَأَذِقْ نفُوسَ الظَّــالـمِـينَ سُـمًّـا يُـمْـزَج بالـرَّهَـبْ
وَاهْـزُزْ نـفـوسَ الجَـامِدينَ فَرُبَّـمَـا حَـيّ الْـخَـشَـبْ
مَنْ كَــان يَبْغـي وَدَّنَــا فَعَلَى الْكَــرَامَــةِ وَالـرّحبْ
أوْ كَـــانَ يَبْغـي ذُلَّـنـَا فَلَهُ الـمـَهَـانَـةُ والـحَـرَبْ
هَـذَا نِـظـامُ حَـيَـاتِـنَـا بالـنُّـورِ خُــطَّ وَبِاللَّـهَـبْ
حتَّى يَعودَ لـقَــومــنَـا من مَجِــدِهم مَــا قَدْ ذَهَبْ
هَــذا لكُمْ عَـهْــدِي بِـهِ حَتَّى أوَسَّــدَ في الـتُّـرَبْ
فَــإذَا هَلَكْتُ فَصَيْـحـتـي تَحيـَا الجَـزائـرُ وَ الْـعـرَبْ
[عدل]
إشهدي يا سمااشِهِدي يَا سَمَا وَاكْتُبَنْ ياوُجودْ
إنَّنَا للِحـمَـا سَنَكُونُ الجُـنُودْ
فنَزيحْ البَـلاَ وَنَـفُـكُّ الْقُيُودْ
ونَنيلُ الرِّضـا مِنْ وَفَّى بِالعْهُودِ
ونُـذيقُ الـرَّدَى كُـلَّ عـاتٍ كَنُودْ
وَيَـرَى جـِيلُنَا خَافقَا تِالبُنودْ
ويَـرَى نجْمُنَـا لِلْعُـلاَ في صُعـودْ
هَكَـذَا هَـكَـذَا هَـكَذاسَنَعُـودْ
فاشْهَدي يَا سَمَا واكتُبْن يا وُجودْ
إنَّـنَا للعُـلاَ إنَّنَاللخُلُودْ
هذا النشيد ارتجله الشيخ عبد الحميد بن باديس في حفل أقامته مدرسة التربية والتعليم بقسنطينة يوم 27 رمضان 1356 هـ بمناسبة إحياء ليلة القدر.
[عدل]
تحية المولد الكريم:حييت يا جـمعَ الأدب ورقيت ساميةَ الرتبْ
وَوُقِيتَ شرَّ الكائدي ن ذوى الدسائس والشغبْ
ومُنِحْـت في العلياء ما تسمو إليه من أربْ
أحييت مولد من به حييَ الأنام على الحِـقَبْ
أحييت مولوده بما يُبرى النفوسَ مـن الوصبْ
بالعلم والآداب والـ أخلاق في نشءٍ عجبْ
نشءٌ على الإسلام أسْـ سُّ بنائه السامي انتصبْ
نشءٌ بحُـبِ محمدٍ غـذَّاه أشياخٌ نجبُ
فيهِ اقتدَى في سيره وإليه بالحق انتسبْ
وعلى القلوب الخافقا تِ إليه رأيته نصبْ
بالروحِ يَفديهَا وما يُغرى النّفوسَ مـن النشبْ
وبخُلقـه يَحمِي حما ها أو ببارقة القُضُـبْ
حتى يعودَ لقومه من عِزّهم ما قد ذهبْ
ويرى الجزائرَ رجعت حقَّ الحياة المستلَبْ
يا نشءُ يا دخرَ الجـزا ئر في الشدائد والكُرَبْ
صدحت بلابِلُك الفصا حُ فعمَّ مَجمعَنا الطربْ
وادقْتَنَا طُعما من الـ فصحى ألذَّ من الضرَبْ
وأريت للأبصار ما قد قرَّرتْه لك الكتُبْ
شَعْـبُ الجزائرِ مُـسْلِمٌ وَإلىَ العُروبةِ يَنتَسِبْ
مَنْ قَالَ حَادَ عَنْ أصْلِهِ أَوْ قَالَ مَـاتَ فَقَدْ كَذبْ
أَوْ رَامَ إدمَاجًا لَهُ رَامَ المُحَال من الطَّلَبْ
يَانَشءُ أَنْـتَ رَجَاؤُنَا وَبِـكَ الصَّباحُ قَدِ اقْتَربْ
خُـذْ لِلحَياةِ سِلاَحَها وَخُـضِ الخْطُوبَ وَلاَ تَهبْ
وَاْرفعْ مَنارَ الْعَدْلِ وَالإ حْسانِ وَاصْـدُمْ مَن غَصَبْ
وَأَذِقْ نفُوسَ الظَّالمِينَ سُـمًّا يُـمْزَج بالرَّهَـبْ
وَاقلَعْ جُذورَ الخَائنينَ فَمنْهُـم كُلُّ الْـعَطَـبْ
وَاهْـزُزْ نفوسَ الجَامِدينَ فَرُبَّمَا حَـيّ الْـخَـشَـبْ
يا قومٌ هذا نشؤكم وإلى المعالي قد رثبْ
كونوا له يكن لكم وإلى الأمام أبناء وأبْ
نحن الأولى عرف الزمانُ قديمنا الجمَّ الحسبْ
وقـد انتبهنا للحيا ة آخـذين لها الأهـبْ
لنحلَّ مركزنا الذي بين الأنام لنا وجبْ
فتزيد في هذا الورى عضـوًا شريفًا منتخَبْ
ندعو إلى الحسنى ونولي أهلها منا الرغبْ
مَنْ كَان يَبْغي وَدَّنَا فَعَلَى الْكَرَامَةِ وَالرّحبْ
أوْ كَانَ يَبْغي ذُلَّنـَا فَلَهُ المـَهَـانَةُ والحَرَبْ
هَـذَا نِـظامُ حَيَاتِنَا بالنُّورِ خُـطَّ وَبِاللَّهَبْ
هَـذا لكُمْ عَـهْـدِي بِـهِ حَتَّى أوَسَّـدَ في التُّرَبْ
فَإذَا هَلَكْتُ فَصَيْـحتي تَحيـَا الجَزائرُ وَالْعرَبْ
ألقيت ليلة حفلة جمعية التربية والتعليم الإسلامية بقسنطينة عن ش: ج4، م 13. قسنطينة يوم الاثنين 13 ربيع الأول 1356 هـ / 11 جوان 1937م.
[عدل]
القومية والإنسانيةالحمد لله ثم المجد للعرب مَن أنجبوا لبَنِي الإنسان خيرَ نبـِي
ونشروا ملةً في الناس عادلةً لا ظلمَ فيها على دين ولا نسَـبِ
وبذلوا العلم مجانا لطالبه فنال رُغْبَاهُ ذو فقر وذو نشَبِ
وحرروا العقلَ من جهل ومن وهَم وحرروا الدينَ من غِشٍّ ومن كذِبِ
وحرروا الناسَ من رِق الملوك ومن رق القَداسة باسم الدين والكتب
قَومي هم وبنُو الإنسان كلُّهم عشيرتي وهدى الإسلام مطَّلَبِي
أدعو إلى الله لا أدعو إلى أحد وفي رضى الله ما نرجو من الرَّغَـبِ
(1)
ألقيت ليلة احتفال جمعية التربية والتعليم الإسلامية بالمولد الشريف – بقسنطينة
1- ش. ج3 : م14، غرة ربيع الأول 1357 هـ / فيفري 1938 م.
[عدل]
السياسة في نظر العلماء هي التفكير والعمل والتضحيةأشعبَ الجزائرِ روحِى الفِدى لمَا من عِزةٍ عربيَّهْ
بَنَيْتَ على الدينِ أركانَها فكانتْ سلامًا على البشريَّهْ
خَلَدتُم بها وبكم خلَـدَتْ بهذى الديارِ على الأبدِيَّـهْ
فدُوموا على العهدِ حتَّى الفَنَا وحتى تَنالُوا الحقوقَ السنيَّهْ
تَنالُونَها بسواعِـدِكُـم وإيمَانِكم والنفوسِ الأبيَّهْ
فضَحُّـو وهَا أنا بَينكُـمُ بِذاتِي ورُوحِي عليكم ضَحيهْ
بهذه الأبيات ختم الشيخ عبد الحميد بن باديس خطابه التاريخي في الجلسة الختامية للمؤتمر الثاني لجمعية العلماء في سنة 1937 م.
[عدل]
التسامحسينحل جثماني إلى الترب أصله وتلتحق الورقا بعالمها الاسما
وذي صورتي تبقى دليلا عليها فإن شئت فهم الكنه فسأنطق الرسما
وعن صدق احساس تأمل فإنَّ في ملامح المرء ما يكسب العلما
وسامح أخاك إن ظفرت بنقصه وسل رحمة ترحم ولا تكتسب إثما
(1)
1) منقول من كتاب مجالس التذكير من حديث البشير النذير، من مطبوعات وزارة الشؤون الدينية – الطبعة الأولى 1403 هـ/1983م.
في حوار مع أخ الشيخ عبد الحميد قال الأستاذ عبد الحق بن باديس أن الإمام الشيخ عبد الحميد قال هذه الأبيات وهو جالس فاتح بين يديه كتاب الله. رحم الله شيخنا وأسكنه فسيح الجنان مع المصطفى المختار.
اشكرك على المجهود
شكرا الرد العطر