يقول ريبو " الذاكرة ظاهرة بيولوجية بالذات وظاهرة نفسية بالعرض"
الذات : باطن الشيء .
العرض: التبدلات الظاهرة على سطح الشيء .
ريبو يعتبر الذاكرة ظاهرة جسمية في طبيعتها ، لأن الجسم هو الذي يسجل الذكريات و هو الذي يسترجعها .
برغسون يرى ـن الذاكرة حالة نفسية في طبيعتها .
المشكل المطروح : " هل طبيعة الذاكرة بيولوجية أم نفسية ؟
بالتوفيق
اختلفت الكثير من الفلاسفة والعلماء فيما يتعلق بطيعة الذاكره وحفظ الطكريات حيث ادى البحث فيها الى ظهور تفسيرات واطروحات متعارضه ومتناقضه من بينها نظريات ترى ان اذاكرة مرتبطة بالدماغ والجملة العصيبة واخرى ترى ان الذاكرة من طبيعة نفسية وانها مرتبطة بالشعور هذا العناد يدفعنا الى طرح التساؤل التالي .هل يمكن تفسير الذاكرة بالاعتماد على النشاط العصبي ’؟ام هي قدرة نفسية وروحية؟
يرى جماعة من الفلاسفة والمفكرون ان الذاكرة ظاهرة بيولوجية متعلقة بالنشا العصبي وقد مثل هذا الموقف انصار الاتجاه المادي امثال ريبو وبركا وابن سينا
وقد برر انصار الطرح المادي موقفهم بجموعة من الحجج من بينها ان الذاكرة مرتبطة بالدماغ واي اصابة على مستوى الدماغ تؤدي الى زوال وفقدان الذكريات وهذا ما اثبته ريبو من خلال تجاربه عن حالات معينه مقتررنه بضعف الذاكره وبفقدانها كحالة مريضة جون دولي التي اصيبت برصاصة في المنطقة الجدارية اليمنى من الدماغ فوجد انها فقدت المعرفة الحسية اللمسية في اليد اليسرى اذ انه اذا وضع شيئ في يدها اليسرى لا تتعرف عليه ز الا انها بقية تستطيع الاحساس بالاشياء التي توضع في يدها فتذكر كل خصائصه ولا تتعرف عليه وهذا يعني انها فقدت القدرة على التعرف على الاشياء , وهذا مايؤكد ان اي اتلاف لبعض الخلايا الجمله العصبية يؤدي مباشرة الى فقدان جزئي او كلي للذاكرة فالذاكرة وظيفة عامو للجهاز العصبي اضافة الى انها تكمل في ثنايا الجسم وانها تترك اثرا في المخ كما تترك الذبذبات الصوتيه الاغاني على اسطوانة التسجيل وكأن المخ على حد قول تين وعاء يستقبل ويخزن مختلف انواع الذكريات ويثبتها بطريقة آلية , وقد استطاع ريبو ان يحدد مناطق معينه لكل نوع من الذكريات ويعيد 600 مليون خلية متخصصصة لتسجيل كل االانطباعات التي تـأتينا من الخارج مستفيدا مما اثبته بعد تجارب بروكا من ان نزيفا دمويا في قاعدة التلفيف من ناحية الجهة الشمالية يولد مرض الحبسه وان فسا التلفيف الثاني من يسار الناحية الجدارية يولد العمى اللفظي وغيرها يقول ريبو في كتابه اماض الذاكرة (الذاكره بطيعتها عمل بيولوجي)
النقد.,صحيح ومما لا شك فيه ان الدماغ يلعب دورا اساسيا في حفظ الذكريات واسترجاعها لكن هذه الذكريات ليست مادة جامدة بل كيفيات شعورية تحمل تاريخا بانفعالاته ومشاعره وبالتالي لايمكن انكار البعد النفسي والاطر الاجتماعي في بناء الذكريات يقول برغسون ا(لتذكر في جوهره يحمل تاريخا )
موقف2, وعلى النقيض يرى البعض الاخر ان الذاكرة وظيفة حيوية مرتبطة بالروح تتبع الشعور الذي يربط الحاظر بالماضي وذلك من اجل وشم معالم المستقبل
الادلة,وحجتهم في ذلك ان احوالنا الذهنية و النفسية الشعوية والاشعورية تؤثر بعمق في عملية التذكر والتي تتحكم فيها مجموعة من العوامل النفسية كالرغبات والميول والدوافع فمقدر الشاعر على حفظ الشعر اكبر من قدرة الرياضي , ومقدرة الرياضي في حفظ الارقام والمسائل الرياضية اكبر من مقدرو الفيلسوف ,,,,وهكذا ,والمريض في حالة القلق والتعب يكون اقل قدرة على الحفظ ,وهذا بالاظافة الى سمات شخصية والتي تؤثر ايجابا وسلبا على القدرة على التعلم والتذكر كعامل السن ومستوى الذكاء والخبرات الستبقة ولا ننسى ان التحليل النفسي نظر الى الذاكرة نظرة لا شعورية ,يقول احد الفلاسفة ._اغلب مداركنا تنزل الى عمق الذااكرة حيث تستقر وتبقى تمارس نشاطها اللاشعوري_ ونظرية الكبت خير شاهد على البعد النفسي للذاكره حتى ان فرويد جعل النسيان دليلا على تجليات اللاشعور , ومنه وظيفة الدماغ لا تتجاوز المحافظه على آليات الحركية اما الذكريات فتبقى احوال نفسية محضة
نقد,لم يحل انصار النزعة الروحية مشكلة الذاكرة فهم لم يقدموا اي حل عندما استبدلوا الاثار المادية الفيزيولوجية المخزنة في الدماغ باثار نفسية او صور عقلية مخزونة في اللاشعور كما انهم لم يفسروا كيف ان هذه الذكريات تعود مرة اخرى الى سطح الشعور عن طريق اثارتها كمعطيا ت ماضية كما ان الفصل بيت ماهو حسي وماهو جسمي امر غير ممكن واقعيا
التركيب _ولتجاوز هذا الاختلاف والتعارض القائم بين النزعتين يمكن القول ان الذاكرة تتجاوز الوظيفة الفردية سيكولوجية كانت ام بيولوجية بل تتعداه الى نشاط جماعي حيث ذهب بعض الفلاسفة الى تجاوز التفسير المادي والتفسير الرووحي باعتبار الذاكرة وظيفة جماعية بحيث تتدخل المفاهيم الاجتماعية من تفكير ولغة زعادات ,,,,,الخ,في عملية التذكر مما يجسد التعاون بين الذكريات ,حيث يقول هالفاكس في كتابه الاطر الاجتماعي للذاكرة _ ان الماضي لا يحتفظ به ’انه يعاد بناؤه انظلاقا من الحاظر والذكرى تكون قوية لما تنبعث من نقطة التفاء الاطر والنسيان هو نتيجة اختفاء هذا الاطر _, هكذا تصبح الذاكرة نشاطا اجتماعيا وليس عملا فرديا ’فالذاكرة الحقة عنده هي الذاكرة الاجتماعية الناتجة عن التفاعل بين الفرد
الخاتمة=الذاكرة باعتبارها صفه انسانية هي مرتبطه بنشاط الفرد في حياته اليومية وبذلك تتدخل فيها معطيات متشبعة منها الجانب الجسمي ممثلا في دور الدماغ والجانب الروحي ممثلا في الحياة النفسية بجانبها الشعوري واللاشعوري بالاضافة الى العلاقات الاجتماعية للفرد ومفاهيمها الاجتماعية
مقالة جيدة شكرا
الرياح المادية
بسم الله الرحمن الرحيم
ما نراه في مجتمعنا الآن من تدهور في الأخلاق هو رياح غربية وأمريكية هبت علينا سواء درينا أو لم ندري لتعشقنا بما عند هؤلاء القوم من حضارة مدنية نأخذ منهم الحضارة المدنية لا بأس لكن لا ينبغي أن نأخذ منهم أخلاقهم لأن عندنا كتاب الله وعندنا رسول الله وهما كنز الأخلاق الذي أنزله لنا الله وأمرنا أن نتخلق به فيما بيننا وبين بعضنا في هذه الحياة
غلب على هؤلاء القوم الرياح المادية فلا يعرفون الحياة إلا من جانبها المادي لا يرون أي روحانية في أي علاقات ولا أي أعمال وإنما حياتهم مادية صرفة ومن هنا انتشر بينهم مذهب المنفعة فلا يعرف إنساناً إلا إذا كانت له منفعة عنده فإذا انقطعت المنفعة لا يعبأ به ولا يهتم به وكأنه لا يعرفه
وإذا كبر الابن لا يعرف أباه ولا أمه غاية ما يصنعه نحوهما أن يأخذهما ويضعهما في دار للمسنين ولا يفكر في زيارتهم ولا النظر في أحوالهم حتى إذا مات أحدهم ما عليه إلا أن يرفع سماعة التليفون إلى إحدى وكالات دفن الموتى ويقول لهم مات فلان في موضع كذا اذهبوا فخذوه وادفنوه وأخبروني بالمبلغ الذي تطلبون ليست هناك علاقات اجتماعية ولا روابط إنسانية وإنما حياة مادية صرفة ومذهب المنفعة هو السائد بينهم
وللأسف في هذا الزمان صدَّروا لنا هذا الأمر فأصبح يُسيطر على كثير منا الحياة المادية وينسى أنه منسوب إلى دين الله ومطالب بين يدي الله بالعمل بما شرع الله وبما كان عليه حبيب الله ومصطفاه وأساس ذلك كله {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}الحجرات10
وحال المؤمنين في أي زمان ومكان يقول فيه القرآن {رُحَمَاء بَيْنَهُمْ }الفتح29
وحالهم كما قال فيه النبي صلي الله عليه وسلم {مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى}[1]
[color="o****"]بلغ من فضل الله علينا نحو إخواننا المؤمنين أن الله جعل أعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى مولاه هي الأعمال التي تتعلق بإخوانه المؤمنين أعظم القربات التي يتقرب بها العبد إلى الله هي الفرائض بعد الفرائض فهناك فرائض نُلزم بها أجمعين وهي الصلوات والصيام والزكاة والحج لمن استطاع إليه سبيلا [/color]
وهناك فروض على الجماعة كلها إذا قام البعض بها أجزأ عن الآخرين سماها العلماء فروض الكفاية وإذا لم يقم بها الجماعة أو نفر منهم حوسب الجميع هذه الفروض كالصلاة على الأموات وتشييع الجنازات ودفن المؤمنين عند الموت فريضة لا بد أن يقوم بها جماعة من المؤمنين وليست سُنَّة ولكن الله بواسع رحمته جعلها فريضة كفائية إذا قام بعضنا بها سقط عن الباقين المطالبة بشأنها لكن إذا تكاسلنا جميعاً عن القيام بها حوسبنا على ذلك لأن الله جعل أعظم قرباتنا له ما يتعلق بمصالح العباد وما يتعلق بحقوق إخواننا في كل زمن وفي كل واد
جعل المؤمن لو أقرَضَ مؤمناً محتاجاً فله من الأجر والثواب أعظم من الصدقة عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم [قال دخل رجل الجنة فرأى مكتوبا على بابها الصدقة بعشر أمثالها والقرض بثمانية عَشْرٍ][2]
أين القرض الحسن بين جماعة المؤمنين؟ وهو فرض علينا نُعين به إخواننا حتى لا نُعرضهم للمرابين ذهب وليته يعود ونسأل الله أن يعود بيننا هذا العمل الطيب حتى تُحل مشاكل المسلمين بدون مشاكل اقتصادية ولا تضخم ولا غيره
جعل لكل مسلم على كل مسلم إذا وجَّه له أي حركة من حركات أعضاءه يكون له عظيم الأجر عند الله لو نظر إليه بشوق كانت نظرته هذه تعادل أجر عظيم قال رسول الله صلي الله عليه وسلم [لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق][3]
أنظر إلى فضل مصافحة المسلم جعلها الله كفضل الحج إلى بيت الله والصلاة لأن أجر الحج كما قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم {مَنْ حَجَّ لِلَّهِ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ}[4] وإذا صافحت أخاك في الله في الإيمان يقول صلي الله عليه وسلم [إن المؤمن إذا لقي المؤمن فسلم عليه وأخذ بيده فصافحه تناثرت خطاياهما كما يتناثر ورق الشجر][5] يغفر الله لكليهما لمجرد المصافحة فكأنه يضارع حج بيت الله الحرام لأن المصافحة أجرها مغفرة جميع الذنوب والآثام إكراماً من الله وتشجيعاً لخلق الله على توطيد العلاقات وعلى تمتين الروابط بين المؤمنين في كل وقت وحين
إذا ألقى عليه السلام كان له حسنات وتنزلت بينهما الرحمات وإذا عاده وهو مريض كان له بساتين في الجنة وإذ شيع جنازته له قيراط من الأجر والثواب والقيراط كجبل أحد كما أخبر النبي صلي الله عليه وسلم {مَنْ صَلَّى عَلَى جَنَازَةٍ فَلَهُ قِيرَاطٌ فَإِنْ شَهِدَ دَفْنَهَا فَلَهُ قِيرَاطَانِ الْقِيرَاطُ مِثْلُ أُحُدٍ}[6] وإذا صلى عليه كان له قيراط آخر فإذا صلى فله قيراط وإذا شيع فله قيراط وإذا عزى أهله كان له مثل أجرهم
[color="o****"]جعل كل الأحوال التي تتعلق بالمؤمنين والحركات معهم بأجور وفيرة عند رب العالمين لو تبسمت له كانت البسمة صدقة لك ولو كلمته كلمة طيبة كانت الكلمة الطيبة صدقة لك أي أجر أعظم عند الله من الأجور التي تتعلق بحقوق المؤمنين في الله جل في علاه؟[/color]
لا يساويه أجر قيام الليل ولا صيام النهار إذا أصلحت بين اثنين متخاصمين اسمع إلى حديث النبي صلي الله عليه وسلم وهو يقول {ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة؟ قالوا بلى، قال: إصلاح ذات البين}[7] الإصلاح بين المؤمنين خير من أعمال البر هذه التي عددها سيد الأولين والآخرين
تمسكنا في العبادات الهامشية ونختلف عليها ونتناقش ونتجادل بسببها وكل مشاكلنا من أجلها هذا يُحبذ هذه الهيئة وهذا لا يُحبذ هذه الهيئة وهذا يُكفر فاعل ذلك وهذا يأمر غيره بفعل ذلك ونسينا ما أمرنا به الله أولاً ورسوله ثانياً وهو توطيد العلاقات بين المؤمنين والإخلاص بين قلوب الموحدين وتدعيم الرابطة بين عباد الله المؤمنين والعمل بقول الله في كتابه المبين {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ} آل عمران103
[1] صحيح مسلم ومسند الإمام أحمد [2] أخرجه الطبراني في المعجم الكبير والبيهقي في الشعب وحسنه الألباني [3] رواه مسلم [4] الصحيحين البخاري ومسلم وسنن الترمذي وأبي داود [5] أخرجه الطبراني في الأوسط بإسناد جيد عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه [6] صحيح مسلم وسنن ابن ماجة ومسند الإمام أحمد [7] رواه الإمام مالك في الموطأ والإمام أحمد وغيرهما وصححه الألباني
منقول من كتاب [أمراض الأمة وبصيرة النبوة]