التصنيفات
الإعجاز القرآني

الأعجاز في القرآن الكريم

الأعجاز في القرآن الكريم


الونشريس

* وردة كلمة الصلاة في القرآن 5 مرات وعدد الصلوات المفروضة 5 في اليوم
* وردة كلمة الشهور أو الشهر في القرآن 12 مرة وعدد الشهور في السنة 12 شهراً
* وردة كلمة اليوم في القرآن 365 مرة وعدد أيام السنة 365يوماً
* وردة كلمة بحر في القرآن 32 مرة
* وردة كلمة الأرض في القرآن 13 مرة
النسبة المئوية لكلمة بحر بالنسبة لكلمة أرض هي 32/(32+13)*100=71.111 %
النسبة المئوية لكلمة أرض بالنسبة لكلمة بحر هي 13/(32+13)*100=28.888%
سبحان الله جل عظمته
لا تبخلونا من ردودكم ودعواتكم




رد: الأعجاز في القرآن الكريم

سبحان الله العلي العظيم

اسال الله ان يجعلها في ميزان حسناتك اخي

و بالرغم من كل هذا الا انهم لا يؤمنون الا القليل

بوركتـــــ




رد: الأعجاز في القرآن الكريم

بارك الله فيك اخي وجعله في ميزان حسناتك……




التصنيفات
تفسير ما تيسّر من القرآن

معنى سور القرآن . موضوع متجدد

معنى سور القرآن … موضوع متجدد


الونشريس

كل سورة من سور القرآن الكريم لها وحدة موضوع وكل آيات السورة تأتي لتصب في هذا الموضوع. وفيما يلي نحاول دراسة سور القرآن الكريم كل على حدة لنحدد اهداف ومحاور كل سورة ليسهل علينا فهمها وتدبر معانيها وحفظها وهدفها وما هو مطلوب منا عمله لأن هذا القرآن جمع أحكام العبادة والتشريع والوعظ من خلال قصص الأمم السابقة حتى نأخذ منها العبر التي تفيدنا في تطبيق منهج الله تعالى حتى نحقق الهدف الذي من أجله خلقنا (وما خلقت الجن والانس إلا ليعبدون). ولو أننا جمعنا الرسائل القرآنية في كل سورة لحصلنا على منهج متكامل راقي ينقل من يعمل به من الظلمات إلى النور.

1- سورة الفاتحة (هدف السورة: شاملة لأهداف القرآن)

سميت الفاتحة وأم الكتاب والشافية والوافية والكافية والأساس والحمد والسبع المثاني والقرآن العظيم كما ورد في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي سعيد بن المعلّى: (لأعلّمنّك سورة هي أعظم السور في القرآن: الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته) وقد وصفها الله تعالى بالصلاة
فما هو سر هذه السورة؟

سورة الفاتحة مكية وآياتها سبع بالاجماع وسميت الفاتحة لافتتاح الكتاب العزيز بها فهي اول القرآن ترتيبا لا تنزيلا وهي على قصرها حوت معاني القرآن العظيم واشتملت مقاصده الأساسية بالاجمال فهي تتناول أصول الدين وفروعه، العقيدة، العبادة، التشريع، الاعتقاد باليوم الآخر والايمان بصفات الله الحسنى وافراده بالعبادة والاستعانة والدعاء والتوجه اليه جلّ وعلا بطلب الهداية الى الدين الحق والصراط المستقيم والتضرع اليه بالتثبيت على الايمان ونهج سبيل الصالحين وتجنب طريق المغضوب عليهم والضآلين وفيها الاخبار عن قصص الامم السابقين والاطلاع على معارج السعداء ومنازل الأشقياء وفيها التعبد بأمر الله سبحانه ونهيه وغير ذلك من مقاصد وأهداف فهي كالأم بالنسبة لباقي السور الكريمة ولهذا تسمى بأم الكتاب. إذن اشتملت سورة الفاتحة على كل معاني القرآنفهدف السورة الاشتمال على كل معانيواهداف القرآن.
والقرآن نص على : العقيدة والعبادة ومنهج الحياة. والقرآن يدعو للاعتقاد بالله ثم عبادته ثم حدد المنهج في الحياة وهذه نفسها محاور سورة الفاتحة.
· العقيدة:الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين
· العبادة:إياك نعبد وإياك نستعين
· مناهج الحياة: إهدنا الصراط المستقيم، صراط الذين أنعمت عليهم، غير المغضوب عليهم ولا الضآلين.
وكل ما يأتي في كل سور وآيات القرآن هو شرح لهذه المحاور الثلاث.
تذكر سورة الفاتحة بأساسيات الدينومنها:
· شكر نعم الله (الحمد لله)،
· والاخلاص لله (إياك نعبد واياك نستعين)،
· الصحبة الصالحة (صراط الذين أنعمت عليهم)،
· وتذكر أسماء الله الحسنى وصفاته (الرحمن، الرحيم)،
· الاستقامة (إهدنا الصراط المستقيم)،
· الآخرة (مالك يوم الدين) ويوم الدين هو يوم الحساب.
· أهمية الدعاء:
· وحدة الأمة (نعبد، نستعين) ورد الدعاء بصيغة الجمع مما يدل على الوحدة ولم يرد بصيغة الافراد.
وسورة الفاتحة تعلمنا كيف نتعامل مع الله فأولها ثناء على الله تعالى (الحمد لله رب العالمين) وآخرها دعاء لله بالهداية (إهدنا الصراط المستقيم) ولو قسمنا حروف سورة الفاتحة لوجدنا أن نصف عدد حروفها ثناء (63 حرف من الحمد لله الى اياك نستعين) ونصف عدد حروفها دعاء (63 حرف من اهدنا الصراط الى ولا الضآلين) وكأنها اثبات للحديث القدسي: (قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل، فاذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين قال الله عز وجل: حمدني عبدي، واذا قال: الرحمن الرحيم قال الله عز وجل: أثنى علي عبدي، واذا قال : مالك يوم الدين، قال عز وجل: مجدني عبدي، وقال مرة فوض الي عبدي، فاذا قال: اياك نعبد واياك نستعين، قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضآلين، قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل) فسبحان الله العزيز الحكيم الذي قدّر كل شيء. وقد سئل عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه لماذا يقف بعد كل آية من آيات سورة الفاتحة فأجاب لأستمتع برد ربي.
إذن سورة الفاتحة تسلسل مبادئ القرآن (عقيدة، عبادة، منهج حياة) وهي تثني على الله تعالى وتدعوه لذا فهي اشتملت على كل اساسيات الدين.
أنزل الله تعالى 104 كتب وجمع هذه الكتب كلها في 3 كتب (الزبور، التوراة والانجيل) ثم جمع هذه الكتب الثلاثة في القرآن وجمع القرآن في الفاتحة وجمعت الفاتحة في الآية (إياك نعبد واياك نستعين). وقد افتتح القرآن بها فهي مفتاح القرآن وتحوي كل كنوز القرآن وفيها مدخل لكل سورة من باقي سور القرآن وبينها وبين باقي السور تسلسل بحيث انه يمكن وضعها قبل أي سورة من القرآن ويبقى التسلسل بين السور والمعاني قائما.

لطائف سورة الفاتحة:
· آخر سورة الفاتحة قوله تعالى (غير المغضوب عليهم ولا الضآلين) وجاءت سورة البقرة بعدها تتحدث عن المغضوب عليهم (بني إسرائيل) وكيف عصوا ربهم ورسولهم وجاءت سورة آل عمران لتتحدث عن الضآلين (النصارى) . وآخر كلمات سورة الفاتحة الدعاء جاءت مرتبطة ببداية سورة البقرة (هدى للمتقين) فكأن (اهدنا الصراط المستقيم) في الفاتحة هو الهدى الذي ورد في سورة البقرة. بداية السورة (الحمد لله رب العالمين) وهذه أول كلمات المصحف، يقابلها آخر كلمات سورة الناس (من الجنة والناس) ابتدأ تعالى بالعالمين وختم بالجنة والناس بمعنى أن هذا الكتاب فيه الهداية للعالمين وكل مخلوقات الله تعالى من الجنة والناس وليس للبشر وحدهم او للمسلمين فقط دون سواهم.
· أحكام التجويد في سورة الفاتحة جاءت ميسرة وليس فيها أياً من الأحكام الصعبة وهذا والعلم عند الله لتيسير تلاوتها وحفظها من كل الناس عرباً كانوا او عجما.
والله تعالى هو الرحمن الرحيم وهو مالك يوم الدين وعلينا أن نحذر عذابه يوم القيامة ويوم الحساب. والناس هم بحاجة الى معونة الله تعالى لعبادته فلولا معونته سبحانه ما عبدناه (إياك نعبد وإياك نستعين). وندعو الله تعالى للهداية إلى الصراط المستقيم (اهدنا الصراط المستقيم) وهذا الصراط المستقيم ما هو إلا صراط النبي صلى الله عليه وسلم وصراط السلف الصالح من الصحابة والمقربين (صراط الذين أنعمت عليهم) وندعوه أن يبعدنا عن صراط المغضوب عليهم والضآلين من اليهود والنصارى وكل الكفار الذين يحاربون الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والاسلام والمسلمين في كل زمن وعصر (غير المغضوب عليهم ولا الضالين).
الآن وقد عرفنا أهداف سورة الفاتحة التي نكررها 17 مرة في صلاة الفريضة يومياً ما عدا النوافل لا شك اننا سنستشعر هذه المعاني ونتدبر معانيها ونحمد الله تعالى ونثني عليه وندعوه بالهداية لصراطه المستقيم.

2- سورة البقرة (هدف السورة: الاستخلاف في الأرض ومنهجه)

سورة البقرة وآياتها (286 آية) هي أول سورة نزلت في المدينة بعد هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم ومع بداية تأسيس الامة الاسلامية (السور المدنية تعنى بجانب التشريع) وأطول سور القرآن وأول سورة في الترتيب بعد الفاتحة. وفضل سورة البقرة وثواب قراءتها ورد في عدد من الأحاديث الصحيحة منها: (يؤتى بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به في الدنيا تقدمه سورة البقرة وآل عمران تحاجان عن صاحبهما) وفي رواية (كأنهما غمامتان او ظلتان) وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا تجعلوا بيوتكم مقابر، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة" أخرجه مسلم والترمذي. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اقرأوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا يستطيعها البطلة" أي السحرة، رواه مسلم في صحيحه.
هدف السورة: الإستخلاف في الأرض (البشر هم المسؤولون عن الأرض) ولذا جاء ترتيبها الاول في المصحف. فالأرض ملك لله عز وجل وهو خلقها وهو يريد ان تسير وفق إرادته فلا بد أن يكون في الأرض من هو مسؤول عنها وقد استخلف الله تعالى قبل آدم الكثير من الأمم وبعد آدم أيضاً فمنهم من فشل في مهمة الاستخلاف ومنهم من نجح. لذا عندما نقرأ السورة يجب علينا أن نستشعر مسؤولية في خلافة الارض. كما أسلفنا فإن هدف السورة هو الاستخلاف في الأرض، وسورة البقرة هي أول سور المصحف ترتيباً وهي أول ما نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة مع بداية تأسيس وتكوين دولة الإسلام الجديدة فكان يجب أن يعرف المسلمون ماذا يفعلون ومما يحذرون. والمسؤولية معناها أن نعبد الله كما شاء وأن نتبع أوامره وندع نواهيه. والسورة مقسمة إلى أربعةأقسام: مقدمة – القسم الأول – القسم الثاني – خاتمة. وسنشرح هدف كل قسم على حدة.

· المقدمة: وفيها وصف أصناف الناس وهي تقع في الربع الأول من السورة من الآية (1 – 29)

· الربع الأول: أصناف الناس: المتقين (آية 1 – 5) الكافرين (آية 6 – 7) المنافقين (آية 8 – 20) والاطناب في ذكر صفات المنافقين للتنبيه الى عظيم خطرهم وكبير ضررهم لأنهم يظهرون الايمان ويبطنون الكفر وهم أشد من الكافرين. ثم ننتقل الى القسم الأول للسورة وهو باقي الجزء الأول وفيه هذه المحاور:

· الربع الثاني: استخلاف آدم في الأرض (تجربة تمهيدية ) (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً) (الآية 30) واللطيف أنه سبحانه أتبع هذه الآية بـ (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَـؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ) (آية 31)
وهذه الآية محورية تعني أنه إذا أردت أن تكون مسؤولا عن الأرض يجب أن يكون عندك علم لذا علّم الله تعالى الاسماء كلها وعلّمه الحياة وكيف تسير وعلّمه تكنولوجيا الحياة وعلّمه أدوات الاستخلاف في الأرض (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقاً لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ)(آية 22). وهذا إرشاد لأمة الاسلام إن أرادوا ان يكونوا مسؤولين عن الأرض فلا بد لهم من العلم مع العبادة فكأن تجربة سيدنا آدم عليه السلام هي تجربة تعليمية للبشرية بمعنى وكيفية المسؤولية عن الأرض. ثم جاءت الآية (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ آية 36ترشدنا أن النعمة تزول بمعصية الله تعالى. وتختم قصة آدم بآية مهمة جداً (قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) آية 38وهي تؤكد ما ورد في أول سورة البقرة (هدى للمتقين) ومرتبطة بسورة الفاتحة (إهدنا الصراط المستقيم).

· الربع الثالث الى الربع السابع: نموذج فاشل من الاستخلاف في الأرض: قصة بني اسرائيل الذين استخلفوا في الأرض فأفسدوا (لآية 40) (يا بني اسرائيل اذكروا تعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين). وأول كلمة في قصة بني اسرائيل (أني فضلتكم على العالمين) اي أنهم مسؤولون عن الأرض، وأول كلمة في قصة آدم عليه السلام (إني جاعل في الأرض خليفة) أي مسؤول عن الارض، وأول كلمة في قصة بني اسرائيل (واذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم) وأول كلمة في الفاتحة (الحمد لله رب العالمين) والحمد يكون على النعم. فذكر نعم الله تعالى واستشعارها هي التي افتتح بها القرآن الكريم والتي افتتحت بها قصة بني اسرائيل.
· تعداد نعم الله تعالى على بني اسرائيل: الآيات 49 – 50 – 51 – 52

وَإِذْ نَجَّيْنَاكُم مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوَءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءكُمْ وَفِي ذَلِكُم بَلاء مِّن رَّبِّكُمْ عَظِيمٌ (آية 49)
وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ (آية 50)
وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِن بَعْدِهِ وَأَنتُمْ ظَالِمُونَ (آية 51)
ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُمِ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (آية 52)
· عرض أخطاء بني اسرائيل (بهدف اصلاح الامة الاسلامية) الآيات 55 – 61

وفي عرض أخطاء بني اسرائيل التي وقعوا فيها توجيه لأمة محمد صلى الله عليه وسلم واصلاحها ومن هذه الأخطاء: أن بني اسرائيل لم يرضوا تنفيذ شرع الله تعالى – المادية – الجدل الشديد – عدم طاعة رسل الله – التحايل على شرع الله – عدم الإيمان بالغيب.
وقصة البقرة باختصار أن رجلا من بني اسرائيل قتل ولم يعرف قاتله فسألوا سيدنا موسى فأوحى الله تعالى اليه أن يأمرهم بذبح بقرة لها صفات معينة ويضربوا الميت بجزء من البقرة المذبوحة فيحيا باذن الله تعالى ويدل على قاتله (الآيات 69 – 71) وهذا برهان مادي لبني اسرائيل وغيرهم على قدرة الله جلّ وعلا في احياء الخلق بعد الموت. وذلك أن بنو اسرائيل كانوا ماديين جداً ويحتاجون الى دليل مادي ليصدقوا ويؤمنوا. وهذه السورة تقول لأمة محمد صلى الله عليه وسلم أنهم مسؤولون عن الأرض وهذه أخطاء الامم السابقة قلا يقعوا فيها حتى لا ينزل عليهم غضب الله تعالى ويستبدلهم بأمم أخرى. وتسمية السورة بهذا الاسم (البقرة) إحياء لهذه المعجزة الباهرة وحتى تبقى قصة بني اسرائيل ومخالفتهم لأمر الله وجدالهم لرسولهم وعدم إيمانهم بالغيب وماديتهم وما أصابهم جرّاء ذلك تبقى حاضرة في أذهاننا فلا نقع فيما وقعوا فيه من أخطاء أدت الى غضب الله تعالى عليهم. وهذه القصة تأكيد على عدم ايمان بني اسرائيل بالغيب وهو مناسب ومرتبط بأول السورة (الذين يؤمنون بالغيب) وهي من صفات المتقين. وفي قصة البقرة أخطاء كثيرة لأنها نموذج من الذين أخطأوا وهي امتحان من الله تعالى لمدى ايماننا بالغيب.وتتابع أخطاء بني اسرائيل الى الآية (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ انظُرْنَا وَاسْمَعُوا ْوَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ) آية 104 وكان العرب يفهمون هذه الكلمة (راعنا) على أنها عادية ولكنها تعني السباب عند بني اسرائيل فأراد الله تعالى ان يتميز المسلمون عن اليهود حتى بالمصطلحات اللفظية وأمرهم أن يقولوا (انظرنا).

· الربع الثامن: نموذج ناجح للإستخلاف في الأرض (قصة سيدنا ابراهيم عليه الصلاة و السلام وهي آخر تجربة ورد ذكرها في السورة. اولا ابتلى سبحانه آدم في أول الخلق (تجربة تمهيدية) ثم بني اسرائيل فكانت تجربة فاشلة ثم ابتلى ابراهيم عليه الصلاة و السلام فنجح (وإذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين) وفي هذه الآية اثبات أن الاستخلاف في الارض ليس فيه محاباة فالذي يسير على منهج الله وطاعته يبقى مسؤولا عن الأرض والذي يتخلى عن هذا المنهج لا ينال عهد الله (لا ينال عهدي الظالمين). امتحن الله تعالى سيدنا ابراهيم عليه الصلاة و السلام بكلمات فلما أتمهن قال تعالى (اني جاعلك للناس اماما) ثم دعا ابراهيم ربه أن يبعث في هذه الأمة رسولا منهم (ربنا وابعث فيهم رسولا منهم ) آية 136. وفي نهاية قصة سيدنا ابراهيم الآية (قولوا آمنا بما أنزل الينا وما أنزل الى ابراهيم ) جاء ذكر الانبياء كلهم وهذا مرتبط بآية سورة الفاتحة (صراط الذين أنعمت عليهم) فكأنما كل هؤلاء المذكورين في آية سورة البقرة هم من الذين أنعم الله تعالى عليهم والذين يجب أن نتبع هداهم والصراط الذي اتبعوه.
وملخص القول في القسم الاول من السورة أن بداية القصص الثلاث : قصة آدم (إني جاعل في الارض خليفة) وقصة بني اسرائيل (واني فضلتكم على العالمين) وقصة سيدنا ابراهيم عليه الصلاة و السلام (إني جاعلك للناس اماما) هذه القصص الثلاث بدايتها واحدة وهي الاستخلاف في الارض وعلينا نحن امة المسلمين أن نتعلم من تجارب الذين سبقونا وأن نستشعر الأخطاء التي وقعت فيها الامم السابقة ونعرضها على انفسنا دائما لنرى ان كنا نرتكب مثل هذه الاخطاء فتوقف عن ذلك ونحذو حذو الامم السابقة الذين نجحوا في مهمة الاستخلاف في الارض كسيدنا ابراهيم عليه الصلاة و السلام وفي القصص الثلاث ايضاً اختبار نماذج مختلفة من الناس في طاعة الله تعالى فاختبار سيدنا آدم عليه الصلاة و السلام كان في طاعة الله (أكل من الشجرة ام لا) واختبار بني اسرائيل في طاعتهم لأوامر الله من خلال رسوله واختبار سيدنا ابراهيم عليه الصلاة و السلام بذبح ابنه اسماعيل ايضا اختبار طاعة لله تعالى (واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات). وخلاصة أخرى أن الآمة مسؤولة عن الارض والفرد أيضا مسؤول وللقيام بهذه المسؤولية فهو محتاج للعبادة وللأخذ بالعلم والتكنولوجيا.

· القسم الثاني من السورة (الجزء الثاني): أوامر ونواهي للأمة المسؤولة عن الأرض

وفي هذا القسم توجيه للناس الذين رأوا المناهج السابقة وتجارب الامم الغابرة يجب أن يتعلموا من الأخطاء وسنعطيكم أوامر ونواهي كي تكونوا مسؤولين عن الارض بحق وتكونوا نموذجا ناجحا في الاستخلاف في الارض. وينقسم هذا القسم الى:

· الربع الأول: تغيير القبلة (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ * قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ آية 144-143) لماذا جاءت الآية في تغيير القبلة من بيت المقدس الى بيت الله الحرام؟ المسلمون أمة أرادها الله تعالى ان تكون متميزة وقوله تعالى (وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس) فبما انكم ستكونون شهداء على الناس لا بد من ان تكونوا متميزين فلا استخلاف بدون تميز لذا كان لا بد من أن تتميزالأمة المسلمة:
· بقبلتها (بدون تقليد أعمى لغيرها من الامم السابقة) آية 104
· بمصطلحاتها (انظرنا بدل راعنا) آية 144
· بالمنهج (اهدنا الصراط المستقيم) سورة الفاتحة

· الربع الثاني: التوازن في التميز
(إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ) آية 158. وسبب هذه الآية أن الصحابة لما نزلت آيات تغيير القبلة ليتميزوا عن الكفار اعتبروا ان الصفا والمروة من شعائر الكفار وعليهم ان يدعوه ايضا حتى يكونوا متميزبن لكن جاءت الآية من الله تعالى ان ليس على المسلمين أن يتميزوا عن كل ما كان يفعله الكفار فلا جناح عليهم ان يطوفوا بالصفا والمروة لأنها من شعائر الله وليس فيه تقليد للأمم السابقة. إذن علينا أن نبتعد عن التقليد الاعمى لمن سبقنا لكن مع الابقاء على التوازن اي اننا امة متميزة لكن متوازنة.

· الربع الثالث:عملية اصلاح شامل

الآية (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ آية 177) فيها اشياء كثيرة. فبعد أن اطاعوا وتميزوا مع الحفاظ على التوازن كان لا بد لهم من منهج اصلاحي شامل (الايمان بالله، بالغيب، ايتاء المال، اقامة الصدقة، ايتاء الزكاة، الوفاء بالعهود، الصابرين ، الصادقين، المتقين) وكأنما الربعين الاول والثاني كانوا بمثابة تمهيد للأمة طاعة وتميز بتوازن واصلاح شامل وتبدأ من هنا الآيات بالاوامر والنواهي المطلوبة.

  • أوامر ونواهي شاملة لنواحي الاصلاح:
  • التشريع الجنائي:آية 179(وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)
  • التركات والوصياتآية 180(كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ)
  • التشريع التعبديآية 183 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) التعبد واحكام الصيام
  • الجهاد والانفاق فيها دفاع عن المنهج ولا دفاع بدون مال وانفاق.( وَأَنفِقُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) آية 195

آية 177 (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) مفصلة في هذه الاحكام وكلما تأتي الآيات في تشريع تنتهي بذكر التقوى لأنه لا يمكن تنفيذ قوانين الا بالتقوى وهي مناسبة ومرتبطة بهدى للمتقين في اول السورة ونلاحظ كلمة التقوى والمتقين في الآيات السابقة.
إذن فالاطار العام لتنفيذ المنهج هو : طاعة – تميز – تقوى ونستعرض هذا التدرج الرائع:
· (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) آية183
· (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون) آية َ179
· (قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ )آية 144– (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ)آية 158
وكل من هذه الآيات هي اول آية في الربع التي ذكرت فيه.

· الربع الرابع: باقي أجزاء منهج الاستخلاف
· الجهاد والانفاق(آية 190 – 191) (وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ* وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلاَ تُقَاتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ)

· الحج وأحكامه (196 – 200)

لماذا جاء آيات أحكام الحج بعد الجهاد؟ لأن الحج هو أعلى تدريب على القتال واعلى مجاهدة النفس. وأيات الحج بالتفصيل وردت في سورة البقرة استجابة لدعوة سيدنا ابراهيم في الربع الثامن من القسم الاول (وأرنا مناسكنا) آية 128 ونلاحظ أن سورة البقرة اشتملت على أركان الاسلام الخمسة : الشهادة والصلاة والزكاة والصوم والحج ولم تفصّل هذه الاركان في القرآن كما فصّلت في سورة البقرة.

الاسلام منهج متكامل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) آية 208 والسلم هو الاسلام وهو توجيه للمسلمين ان لا يكونوا كبني اسرائيل الذين آمنوا ببعض الكتاب وكفروا ببعض(أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ) آية 85 وأن يأخذوا الدين كاملا غير مجتزأ فكأنما يوجهنا الله تعالى في سياق السورة الى الطاعة والتميز ثم يعطينا بعض عناصر المنهج ثم يأمرنا أن نأخذ الاسلام كافة و لا نفعل كما فعل بنو اسرائيل ثم يكمل لنا باقي المنهج. وهذ الآية (ادخلوا في السلم كافة كان لا بد من وجودها في مكانها بعد الطاعة والتميز واتباع الاوامر والنواهي والجهاد والانفاق للحفاظ على المنهج ثم الاخذ بالدين كافة ثم التقوى التي تجعل المسلمين ينفذون.

· الربع : اكتمال المنهج (الآيات 219 – 242)
وفيه اكمال المنهج من أحكام الاسرة من زواج وطلاق ورضاعة وخطبة وخلع وعدة وغيرها وسياق كل ذلك التقوى ونلاحظ نهاية الآيات بكلمة تقوى او مشتقاتها. وقد تأخرت آيات احكام الاسرة عن احكام الصيام لأن الله تعالى بعدما أعد المسلمين بالتقوى وبطاعته جاءت أحكام الاسرة التي لا ينفذها إلا من اتقى وأطاع ربه فالمنهج الاخلاقي والعملي متداخلين في الاسلام. لا ينفع أن يبدأ باحكام الاسرة ما لم يكن هنالك تقوى في النفوس البشرية.

· الربع : قصة طالوت وجالوت (آية 246 – 251)
وهي قصة أناس تخاذلوا عن نصرة الدين وجاء ذكرها في موضعها لأن المنهج يجب أن يحافظ عليه ولا يتم ذلك إلا بوجود أناس يحافظون عليه.
· آية الكرسي(اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) (آية 255) موضعها في السورة مهم جدا وتدلنا الى أنه اذا اردنا تطبيق المنهج يجب ان نستشعر قدرة الله وعظمته وجلاله (الله لا إله الا هو الحي القيوم) فالمنهج ثقيل ويتطلب الكثير من الجهد لكنه يستحق التطبيق لأنه منهج الله تعالى (الله لا اله إلا هو) . ثم تأتي بعدها آية غاية في كرم الله وعدله (لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) أمر من الله بان لا نكره أحدا على الدين لماذا؟ لأن الدين واضح معناه بعد قوله (الله لا اله الا هو) فالذي لا يعرف معنى (الله لا اله إلا هو) ولا يستشعر عظمة هذا المعنى لا مجال لإكراهه على الدين. فالرشد بيٌن والغي بيٌن.

· قدرة الله تعالى في الكون (دلائل احياء الموتى):من الآية (258 – 261)

ثلاث قصص:
· قصة ابراهيم مع النمرود آية 258 (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَآجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رِبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِـي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِـي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)

· قصة عزير والقرية الخاوية آية 259 (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىَ يُحْيِـي هَـَذِهِ اللّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللّهُ مِئَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِئَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى العِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)

· قصة ابراهيم والطير آية 261 (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِـي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَـكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ)

وفي القصص الثلاث تأكيد على قدرة الله تعالى وأنه (لآ اله إلا هو) فكيف لا نقبل بتنفيذ المنهج او نكون مسؤولين عن الارض بعدما أرانا الله تعالى قدرته في الكون؟

· الربع الأخير: الإنفاق (الآيات 261 – 283)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ *فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ )آية 278
وهو آخر جزء من المنهج وفيه حملة شديدة على جريمة الربا التي تهدد كيان المحتمع وتقوض بنيانه وحملت على المرابين باعلان الحرب من الله تعالى ورسوله على كل من يتعامل بالربا او يقدم عليه. وعرض للمنهج البديل فالاسلام لا ينهى عن أمر بدون ان يقدم البديل الحلال. وقد جاءت آيات الربا بين آيات الانفاق لتؤكد معنى وجود المنهج البديل للمال والرزق الحلال.

· الخاتمة:وهذه أروع آيات السورة (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) آية 285 فالتكاليف كثيرة والتعاليم والمنهج شاق وثقيل فكان لا بد من ان تأتي آية الدعاء لله تعالى حتى يعيننا على أداء وتنفيذ هذا المنهج (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) آية 286
اي أعنا يا ربنا على تنفيذ المنهج لأنه سيوجد اعداء يمنعوننا من ذلك ولن نقدر على تطبيق المنهج بغير معونة الله. واشتملت الخاتمة بتوجيه المؤمنين الى التوبة والانابة والتضرع الى الله عزّ وجلّ برفع الأغلال والآصار وطلب النصرة على الكفار والدعاء لما فيه سعادة الدارين (رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ) وقد ختمت السورة بدعاء المؤمنين كما بدأت بأوصاف المؤمنين وبهذا يلتئم شمل السورة أفضل التئام فسبحان الله العلي العظيم.

خلاصة: نحن مسؤولون عن الارض والمنهج كامل وعلينا ان ندخل في السلم كافة والمنهج له إطار: طاعة الله وتميز وتقوى. اما عناصر المنهج فهي: تشريع جنائي، مواريث، إنفاق، جهاد، حج، أحكام صيام، تكاليف وتعاليم كثيرة فلا بد أن نستعين بالله تعالى على أدائها لنكون أهلا للاستخلاف في الارض ولا نقع في أخطاء الامم السابقة.

– سورة آل عمران (هدف السورة: الثبات)

كل سورة من سور القرآن الكريم لها وحدة موضوع واسم كل سورة مستوحى من هذا الموضوع. وهدف سورة آل عمران: الثبات، فبعد أن عرض الله تعالى لنا المنهج الذي يجب علينا ان نتبعه في سورة البقرة جاءت سورة آل عمران لتدلنا على الطرق التي تعيننا على الثبات على هذا المنهج سواء كنا من حديثي العهد بالمنهج او قديمي العهد كل المؤمنين يحتاجون الى الثبات على المنهج حتى لا يتخاذلوا ولا يخافوا أن يزيغوا او يضلوا.

وسورة آل عمران تنقسم الى قسمين اثنين:
1. القسم الأول من الآية 1 – 120) هذه الآيات تدلنا على كيفية الثبات فكرياً في مواجهة الأفكار الخارجية
2. القسم الثاني من الآية(121 – الى نهاية السورة) وفيها كيفية الثبات داخلياً
وقد بدأت سورة آل عمران بالثبات فكرياً من الخارج لتجهيز البيئة المحيطة ثم انتقلت للثبات الداخلي للفرد. وسورة آل عمران تتمحور حول حادثتين:
1. حادثة وفد نصارى نجران الذي يمثل أول حوار للأديان في التاريخ وكيف نثبت في مواجهة الأفكار الخارجية من خلال المناقشة مع وفد نصارى نجران وهي تعلمنا فكرة مناقشة أهل الكتاب عامة

2. والحادثة الثانية غزوة أحد لتدلنا على كيفية الثبات العملي ورغم أن غزوة أحد وقعت قبل حادثة وفد نجران إلا أن ورودها بعدها انما هو لتحقيق فكرة الثبات الخارجي اولاً ثم الداخلي.

بداية السورة ونهايتها يدلان على ان الحق معنا وعلينا ان نتمسك به. (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ. آية 3) و(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ . آية 200) ونستعرض سورة آل عمران ومحاورها:

الثبات على الحق: الآيات كثيرة في الثبات لكل الطبقات وكل الناس

· (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) آية 102
· (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ) آية 103
· (وَكَأَيِّن مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَمَا ضَعُفُواْ وَمَا اسْتَكَانُواْ وَاللّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) آية 146
· (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللّهِ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ) آية 173 – 174
· (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) آية 200

وسورة آل عمران تُحذّر من الأشياء التي تضيع الثبات وتشكل عقبة في طريقه:.عقبات الثبات:

· زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (آية 14)

1. إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُواْ وَلَقَدْ عَفَا اللّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (آية 155) وهي تدل على ان الذين تولوا في غزوة احد من المسلمين استزلهم الشيطان نتيجة بعض ذنوبهم السابقة.

2. أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُم مِّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (آية 165). أي كان المسلمون قد انتصروا اول الامر على الكفار ثم نتيجة حب الشهوات عصوا الرسول صلى الله عليه وسلم لذا فان ما اصابهم هو من عند انفسهم ومن معاصيهم.

ثم تتحدث السورة عن: عوامل الثبات:

1. اللجوء الى الله تعالى: (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) آية 8، والآيات في آخر السورة(رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ * رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ) ( 192،193،194) وكذلك دعاء زوجة عمران (إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) آية 35 وكذلك دعوة سيدنا زكريا (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء (آية 38) وسورة آل عمران هي أكثر السور التي ورد فيها دعاء لأننا إذا اردنا الثبات على المنهج علينا أن ندعو الله تعالى ونلجأ إليه حتى يعيننا على الثبات لأننا بأمسّ الحاجة إلى عون الله تعالى للثبات.

2. العبادة: وهذه السورة مليئة بنماذج عُبّاد. السيدة مريم وعبادتها: (فتقبّلها رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ) آية 37 ، وسيدنا زكريا (فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ) آية 39 ، (رَّبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ) آية 193.

3. الدعوة إلى الله: لأنه لما يدعو أحدنا غيره إلى الله تعالى فهذا يعين على الثبات. (وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) آية 104، و(كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) آية 110

4. وضوح الهدف: يجب أن يكون الهدف واضحاً في الحياة. (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) آية 191

5. الأخوّة: تركيز على الأخوّة في الدين بشكل شديد لأنها من أهم ما يُعين على الثبات. (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) آية 103، و(وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) آية 105.

النصف الأول من سورة آل عمران يدعو للثبات فكرياً ويتمثل في مناقشة راقية للرسول صلى الله عليه وسلم مع أهل الكتاب ليعرض معهم أين الحق. وقد أقام وفد نجران في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وناقشهم فيه أيضاً. وعلينا ان نتخذ هذه التعاليم لمحاورة الذين اختلفوا معنا في المعتقد ونقتدي بالرسول صلى اللع عليه وبارك وسلم

كيف تثبّت سورة آل عمران المؤمنين؟:

  • تقوية عقيدة المسلمين قبل النقاش.(شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللّهِ فَإِنَّ اللّهِ سَرِيعُ الْحِسَابِ * فَإنْ حَآجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاَغُ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ) (الآيات 18 – 20) والآيات (83 – 85 – 87) (أَفَغَيْرَ دِينِ اللّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ * وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
  • إيجاد نقاط اتفاق بين المسلمين وأهل الكتاب (الآية 64 و84) (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) (قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ)
  • الحجج والبراهين وسيلة القرآن للتثبيت: من أسس الحوار والمناقشة بعد ما سبق أن نقيم الأدلة العقلية والمنطقية لإقناع من نحاورهم. (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ) آية 59، (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنزِلَتِ التَّورَاةُ وَالإنجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ) آية 65، (هَاأَنتُمْ هَؤُلاء حَاجَجْتُمْ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) آية 66، (مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ)آية 79.
  • تحذير أهل الكتاب من التكذيب (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَأَنتُمْ تَشْهَدُونَ * يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) آية 70 71 ، (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)آية 75.
  • التحدّي الشديد: (فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَةُ اللّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) آية 61
  • العدل في النظرة الى أهل الكتاب(وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُم مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَآئِمًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)آية 75، (لَيْسُواْ سَوَاء مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللّهِ آنَاء اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ) آية 113.
  • الثناء على الأنبياء الذين أُرسلوا الى اليهود والنصارى(إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ) آية 33، (وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ) آية 42.
بعد كل هذه البراهين يثبت المؤمن فكرياً. ونلاحظ أن القسم الأول من السورة اختتمت السور بآية تتكلم عن الثبات (إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ) آية 120. واختتمت آيات القسم الثاني بآية تتكلم عن الثبات أيضاً (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) آية 200
النصف الثاني من السورة: يتحدث هذا القسم عن غزوة أحد لأنها تركت في نفوس المسلمين أثراً شديدا من جرّاء عصيانهم لأوامر الرسول صلى اله عليه وبارك وسلم ونلاحظ تسلسل قصة غزوة أحد وتثبيت المسلمين تأتي على سياق غاية في الحكمة سبحانه، أولاً يذكر الله تعالى فضله على المسلمين (وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّىءُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِذْ هَمَّت طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ وَاللّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ * وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ) (الآيات من 121 – 124) ثم يرفع من روحهم المعنوية فيخفف عنهم ثم يلوم المخالفين لوماً رقيقاً (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) (آية 152) ثم يرفع روحهم المعنوية مرة أخرى (ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَى طَآئِفَةً مِّنكُمْ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) (آية 154) ثم يذكر أسباب الهزيمة والمعصية (الآية 152). مرتبط ببدايات السورة في قوله تعالى (زين للناس حب الشهوات) وهذه الشهوات هي التي تدفع للمعصية وكذلك الربا تؤدي الى الخلافات ولهذا وردت آية الربا في سورة آل عمران أيضاً (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) آية 130

أما تسمية السورة بـ (آل عمران) فهي إكرام لزوجة عمران والسيدة مريم ابنة عمران فالسيدة مريم عليها السلام كانت رمزاً للثبات في العبادة والعفّة وزوجة عمران كانت رمزاً للثبات بنصرة الإسلام (رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا) وحينها كان المسجد الأقصى مأخوذاً من المؤمنين فنذرت ما في بطنها لخدمة المسجد الأقصى ووضعتها أنثى وتقبلها الله تعالى منها. وكذلك سورة آل عمران فيها نظرة عالية للمرأة بذكر زوجة عمران ومريم عليها السلام التي رفعت من الروح المعنوية لدى سيدنا زكريا u فدعا ربه أن يهب له ذرية صالحة. وفي هذا إشارة أن رمز الثبوت هم النساء ولذا جاء ترتيب سورة النساء مباشرة بعد سورة آل عمران. هذا والله أعلم

– سورة النساء( هدف السورة : العدل والرحمة بالضعفاء)

سورة البقرة حددت المنهج الذي يجب أن يتبعه الذين استخلفهم الله تعالى في الأرض، وسورة آل عمران ركزت على الثبات على هذا المنهج وتأتي سورة النساء حتى تدلنا على أن العدل والرحمة بالضعفاء من أهم ما يحتاجه الناس لاتباع المنهج. وآيات سورة النساء تتحدث عن أنواع عديدة من المستضعفين والضعفاء منهم اليتامى والنساء والعبيد والإماء والأقليات غير المسلمة التي تعيش بين المسلمين الذين قد يظلمهم الناس. فالعدل إذن والرحمة بالضعفاء هي أساس المسؤولية في الأرض.
وأول العدل يكون في البيت مع النساء فلو عدل الانسان مع زوجته ولورحمها لاستطاع أن يعدل في مجتمعه مع باقي الناس مهما اختلفت طبقاتهم. والله تعالى يريد أن يرى عدل الناس خاصة بالنساء قبل أن يستأمنّا على الأرض.
سورة آل عمران مهّدت لتكريم المرأة في قصة زوجة عمران ومريم عليها السلام اللتان هما رمز الثبات في الأرض ولأن النساء هن مصانع الرجال والأجيال، فالأم هي التي تربي أطفال الأمة حتى يصبحوا رجالاً. وسميت السورة بـ(النساء) تكريمأً لهن ولدورهن في الأمة الأسلامية.
ونستعرض آيات سورة النساء ومعانيها وكل آيات هذه السورة فيها عدل ورحمة:
· وتبدأ من أول آية التي يذكرنا الله تعالى فيها أنه خلقنا من نفس واحدة وأصل واحد فكيف يظلم بعضنا بعضا.( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
· ذكر انواع الضعفاء من اليتامى والنساء والسفهاء وغيرهم والحث على العدل والرحمة بهم.
1. وَآتُواْ الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَتَبَدَّلُواْ الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا
2. وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ

3. وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا

4. وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوَالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا

5. وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيبًا

6. وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُوْلُواْ الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُواْ لَهُمْ قَوْلاً مَّعْرُوفًا

7. وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا

· تحذير الذين يظلمون بعاقبة الظلم:(إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا) آية 10
· آيات الميراث وما تضمنته من نصيب الأولاد والأبوين والازواج والزوجات في حالة وفاة أحدهم.
1. يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِن كُنَّ نِسَاء فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِن كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِن كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِن كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيما حَكِيمًا (آية 11)
2. وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَآ أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (آية 12)

·بيان خطورة عدم العدل: (تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) آية 13
·أوامر للتوجيه لحسن التعامل مع النساء: والحث على عشرتهن بالمعروف بعدم ظلمهن وتحمل الأذى منها والصبر عليها وترقق قلبها لتنسى الظلم والاساءة. يبدأ بالعشرة بالمعروف ثم الصبر عليها ثم إذا كرهتموهن فلا حرج من استبدالها لكن لا يأخذ أموالها كرهاً وليتذكروا ما كان بينهم من عشرة وعلاقة حميمة ولذا جاءت كلمة أفضى بكل معانيها الجميلة وليتذكر الرجال أنهم استحلوا نساءهم بميثاق غليظ على سنة الله ورسوله.
1. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا
2. وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً

3. وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا

وكذلك توجيه بالعدل مع الإماء، ومن رحمة الله تعالى أن جاء بكلمة أهلهن بدل أسيادهن،ونصحهم بأن لا يتخذن أخذان أي أصحاب حتى لا تتأذى لأن قلوب النساء رقيقة وتتأذى بشدة. (وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) آية 25
·ذكر رحمة الله تعالى التي هي أوسع من كل شيء:
1. يُرِيدُ اللّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
2. وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيمًا
3. يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا
·العدل في الأنفس والأموال(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) آية 29
·ضوابط ليستقيم العدل داخل الأسرة: مع الأمر بالعدل يأتي التشديد على وجود ضوابط حتى تستقيم الأمور ولا تتجاوز الحدود المسموح بها. كما في الآية 34 (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا) فالتسلسل واضح فيها فالأول يبدأ الوعظ ثم الهجر في المضاجع وأخيراً الضرب والضرب جاء في النشوز وجاء متأخراً في الترتيب فجاء بعد الوعظ والهجر فإذا لم ينفع أياً من هذه الأمور يتركها عسى الله أن يبدله خيرا منها.
·العدل في المجتمع كله: (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُورًا) آية 36. ونلاحظ في الآية الكريمة تعداد أنواع من الضعفاء.
·مشاكل تؤثر على القدرة على العدل والرحمة بالضعفاء: منها البخل (الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا) آية 37، والرياء (وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَـاء النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاء قِرِينًا) آية 38
·الله تعالى يعاملنا بالفضل قبل العدل(إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا) آية 40
· الرسول صلى اله عليه وبارك وسلم يشهد على عدلنا (فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَـؤُلاء شَهِيدًا) آية 41
·آية محورية هي قلب الصورة في أهمية أداء الأمانات:(إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا) آية 58
·تنتقل السورة إلى محور جديد هو القتال لضمان حقوق المستضعفين(فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا* وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَـذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا) آية 74 – 75. وقد يتغرب البعض من ورود آيات القتال في سورة النساء والحقيقة أن مكان الآيات في هذه السورة لأن النساء هن مصنع المقاتلين والمرأة مقاتلة في بيتها بصبرها وطاعتها لزوجها.
·الحث على العدل أثناء الجهاد ومعاملة الناس برحمة حتى في القتال وهذا من أخلاق الحرب: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا) آية 94
·خطورة المنافقين: تنتقل الآيات في ربع كامل للتنبيه إلى خطورة المنافقين لأن أكثر ما يعيق اتمام العدل هو انتشار المنافقين
·توصيات للأقليات المستضعفة:(إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا* إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً) آية 97 – 98
·رحمة الله تعالى بعباده: ومنها رحمته بنا حتى في الصلاة فشرّع قصر الصلاة (وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ أَن يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُواْ لَكُمْ عَدُوًّا مُّبِينًا ) آية 101، وصلاة الخوف (وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَآئِفَةٌ مِّنْهُم مَّعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُواْ فَلْيَكُونُواْ مِن وَرَآئِكُمْ وَلْتَأْتِ طَآئِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّواْ فَلْيُصَلُّواْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُواْ حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُم مَّيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن كَانَ بِكُمْ أَذًى مِّن مَّطَرٍ أَوْ كُنتُم مَّرْضَى أَن تَضَعُواْ أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُواْ حِذْرَكُمْ إِنَّ اللّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا) آية 102
·العدل مع الأقليات المسلمة التي تعيش مع المسلمين: فالعدل واجب للمسلمين وغيرهم ايضاً (إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا) آية 105 و(وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا) آية 113
تذكرة بالعدل:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ) آية 135
ومن لطائف هذه السورة الكريمة أن أكثر آياتها ختمت بأسماء الله الحسنى (عليم، حكيم،أو من صفات القدرة والرحمة والمغفرة) وقد ورد 42 اسماً من هذه الأسماء في آيات السورة مما يشدد على أهمية العدل والرحمة في سورة النساء لآن العلم والقدرة والحكمة والمغفرة والرحمة هي من دلائل العدل. فسبحان الله العدل الحكيم الرحيم الغفور.

. سورة المائدة (هدف السورة: الوفاء بالعهود)

سورة المائدة هي أول سورة ابتدأت بـ (يا أيها الذين آمنوا) وتكرر فيها هذا النداء 16 مرة من أصل 88 مرة وردت في القرآن كله. وهي آخر ما نزل على رسول اللهصلى الله عليه وسلم وبارك في المدينة بعد حجة الوداع. وقد اشتملت على العديد من الأحكام : أحكام العقود ، الذبائح، الصيد، الإحرام، نكاح الكتابيات، الردة، أحكام الطهارة، حد السرقة، حد البغي والإفساد في الأرض، أحكام الميسر والخمر، كفارة اليمين، قتل الصيد في الإحرام، الوصية عند الموت، البحيرة والسائبة، الحكم على من ترك العمل بشريعة الله وغيرها. وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وبارك أنه قال:" علّموا رجالكم سورة المائدة" لما فيها من أحكام ووفاء بالعهود والمواثيق.
والخطاب من الله تعالى للمؤمنين بـ (يا أيها الذين آمنوا) بمعنى يا من آمنتم بي ورضيتم أن تدخلوا في ديني عليكم أن تنفذوا أوامري لتفلحوا وتكونوا من المؤمنين حقاً.
وسميت السورة بـ (المائدة) لورود قصة المائدة في نهاية السورة في قصة سيدنا عيسى u والحواريين. لكن التسمية لا تتعلق فقط بذكر المائدة في السورة ولكن العبرة من القصة هي الهدف وتسميتها تتناسب مع هدف السورة، لأن الله تعالى حذر الحواريين أنه سينزل عليهم المائدة ولكن من كفر بعدها ولم يؤمن سيعذبه الله عذاباً شديداً وهذا توجيه وتحذير للمسلمين بأن عليهم الوفاء بالعهود والمواثيق وإلا سيكون العذاب جزاؤهم كما في قصة المائدة.
والسورة شددت في معظم آياتها على العهود والمواثيق باختلافها وكل نداء (يا أيها الذين آمنوا) ينص على عهد مختلف، والآيات تذكر باستمرار بأهمية الوفاء بالعهود والالتزام بها.
النداء الأول: العقد الأول في الطيبات من الأكل وهي أول ضروريات الحياة، وما أحله الله تعالى لنا. ومن رحمة الله أنه ابتدأ الأحكام بما أحلّ وليس بما حرّم. (َيا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ ) (آية 1)
النداء الثاني:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) آية 2 . هذه الآية فيها الحث على مبادئ اسلامية عظيمة وانتقل من طيبات الطعام إلى مبادئ الانسانية والعدل ووحدة المجتمع.
آية تحريم بعض الطعام وآية إكمال الدين: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ.) آية 3 وفيها حرّم ربنا تعالى بعض أنواع الطعام وجاءت فيها (اليوم أكملت لكم دينكم) لأن الدين قد اكتمل وتم وعلينا أن نعاهد الله تعالى على كمال هذا الدين والعمل به.
تشريع نكاح الكتابيات، بعد ذكر الطيبات من الطعام ذكر الله تعالى لنا الطيبات من الزوجات. وأحلّ الله تعالى للمسلمين الزواج من الكتابيات ما دمن محصنات عفيفات. (الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) آية 5
النداء الثالث: أحكام الوضوء. بعد ذكر الطيبات من الطعام والزوجات لا بد من ذكر طيبات الروح وطهارتها لذا جاءت آية الوضوء هنا في السورة. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) آية 6
تذكير بضرورة الوفاء بالعهود: بعد كل بضع آيات عن العهود تأتي آية تذكر بأهمية الوفاء بالعهود كما في الآية (وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُم بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) آية 7
النداء الرابع: العدل. فمن ضمن ما نعاهد الله تعالى عليه، العدل حتى لو ظلم المسلم ويذكرنا تعالى بأنه وفّى بعهده مع عباده فكيف لا يوفّي العباد بعهودهم مع ربهم ومع الناس. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) آية 8
النداء الخامس: التذكير بنعمة الله على عباده (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَن يَبْسُطُواْ إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) آية 11
قصة بني اسرائيل: جاء ذكرها هنا لأن بني اسرائيل قد نقضوا الكثير من العهود وهم نموذج لمن ينقض بالعهود والمواثيق.( وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَآئِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ* فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُواْ حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) آية 12 – 13
قصة سيدنا موسى u ودخول القدس:(وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنبِيَاء وَجَعَلَكُم مُّلُوكًا وَآتَاكُم مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِّن الْعَالَمِينَ * ..* قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الأَرْضِ فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ) الآيات من 20 – 26. وفي ورودها تأكيد آخر على نموذج نقض العهود من بني اسرائيل والفرق بين رد الله تعالى عليهم (فإنها محرمة عليهم) وبين خطابه سبحانه للمؤمنين (أحل لكم الطيبات)
قصة ابني آدم: ورودها في هذه السورة بعد قصة بني اسرائيل لأن بني اسرائيل نقضوا العهود من جبنهم وقابيل قتل أخاه هابيل بتسرعه ونقضه للعهد. (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ) آية 27 – 31.
النداء السادس: تأكيد وسيلة تعين على الوفاء بالعهود وهي تقوى الله والجهاد في سبيله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) آية 35
النداء السابع والثامن:آيات 51 – 66 (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ* ..* يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) وفيها دعوة الى عدم اتخاذ اليهود والنصارى أولياء وهذا لا يعني عدم التسامح. يجب أن تكون للمسلمين هوية خاصة بعيداً عن التقليد الأعمى. وهذه الآيات سبقها ربع كامل من الآية 41 (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا بِأَفْوَاهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِن قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هِادُواْ سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَـذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ وَمَن يُرِدِ اللّهُ فِتْنَتَهُ فَلَن تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) إلى الآية 50 (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ) بتوجيهات
النداء التاسع: عقاب الذين ينقضون العهود أن يستبدلهم الله تعالى بغيرهم. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) آية 54
النداء العاشر: النهي عن اتخاذ الكفار والمستهزئين بالدين أولياء (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) آية 57
النداء الحادي عشر: النهي عن تحريم ما أحلّ الله تعالى. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) آية87
النداء الثاني عشر: النهي عن الخمر والميسر وهي من ضمن الوفاء بالعهود وعلى المسلم أن يعاهد الله تعالى على ترك هذه الموبقات وان يحفظ عهده (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) آية 90
النداء الثالث عشر:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللّهُ مَن يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ) آية 94
النداء الرابع عشر: من رحمة الله تعالى بنا أن جعل لنا بعد التشدد في العهود والوفاء بها ضوابط بأن لا نضيّق على أنفسنا بالسؤال عما لا يعنينا. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِن تَسْأَلُواْ عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللّهُ عَنْهَا وَاللّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ) آية 101
النداء الخامس عشر: وفي هذه الآية يضع الله تعالى لنا ضابطاً آخر بأنه علينا بأنفسنا ولا يضرنا لو ضل كل من حولنا علينا أن نحفظ عهدنا مهما كان من حولنا ضالاً. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) آية 105
النداء السادس عشر: حكم الوصية والشهادة (يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِن بَعْدِ الصَّلاَةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لاَ نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلاَ نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللّهِ إِنَّا إِذًا لَّمِنَ الآثِمِينَ ) آية 106
أهداف الشريعة الإسلامية: ذكر الفقهاء أن مقاصد الشريعة هي خمسة: حفظ الدين والعقل والمال والنفس والعرض، وهذه المقاصد الخمسة هي لمصلحة المؤمن فعليه أن يفي بعهوده وهذه المقاصد موجودة في سورة المائدة:
· حفظ الدين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لآئِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) آية 54
·حفظ النفس(مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاء تْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَلِكَ فِي الأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ) آية 32
·حفظ العرض(الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) آية 5
·حفظ المال (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) آية 38
·حفظ العقل(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) آية 90
ختام السورة: مراجعة العقود يوم القيامة: (يَوْمَ يَجْمَعُ اللّهُ الرُّسُلَ فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ قَالُواْ لاَ عِلْمَ لَنَا إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ) آية 109
وقد اشتملت السورة من أولها إلى خاتمتها بالعقود وأهمية الوفاء بها: بداية السورة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ) آية 1 ووسطها (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) آية 67 ونهايتها (قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) آية 119
وآخر سورة المائدة مرتبط بأول السورة ايضاً (قَالَ اللّهُ هَذَا يَوْمُ يَنفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) آية 119 فالذين يصدقون هم الذين يوفون بالعهود وهم المؤمنون (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ) آية 1




رد: معنى سور القرآن … موضوع متجدد

اسال الله ان يجعلني و اياكم من الخاشعين التائبين.شكرا على الموضوع




رد: معنى سور القرآن … موضوع متجدد

شكرا جزيلا على المرور أخي




التصنيفات
الإعجاز القرآني

خماسيات القرآن الكريم

خماسيات القرآن الكريم


الونشريس

ان من دقة القرآن الكريم تلك الخماسيات في مفتتح سوره والتي يجمع كلا منها قاسم واحد …وتشمل الفئات التالية: الفئة الاولى: خمسة سور مفتتحة بالتحميد وهي الفاتحة ,الانعام,الكهف,سبأ,فاطر,وكلها مكية الفئة الثانية :خمسة سور مفتتحة بالتسبيح وهي الحديد,الحشر,الصف,الجمعة,التغابن,وكلها مدنية الفئة الثالثة:خمسة سور مفتتحة ب ألف لام راء:يونس,هود,يوسف,ابراهيم,الحجر.وكلها مكية الفئة الرابعة :خمسة سور مفتتحة بالنداء وهي النساء,المائدة,الحج,الحجرات,الممتحنة .وكلها مدنية الفئة الخامسة : خمسة سور مفتتحة بنداء الرسول وهي :الاحزاب ,الطلاق,التحريم,المزمل,المدثر .وكلها مكية الفئة السادسة :خمسة سور مفتتحةبالاستفهام وهي الدهر,الغاشية,الشرح,الفيل,الماعون,وكلها مكية الفئة السابعة :خمسة سور مفتتحة بالامر وهي الجن,الكافرون,الاخلاص,الفلق, الناس ,وكلها مكية:




رد: خماسيات القرآن الكريم

شكرا جزيلا لك على الافادة و المعلومات المهمة جدا




التصنيفات
أدعية و أذكار

الثبات يا أهل القرآن

الثبات يا أهل القرآن


الونشريس

الثبات يا أهل القرآن
على مر الأزمان
بسم الله والحمد لله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

في خلال هذه السنوات الطوال تباينت كثير من الأحوال, وتبدلت العديد من الأوضاع على مستوى الفرد والمجتمعات في سائر الأماكن والبلدان- والله المستعان- وهذا مادعى نفسي للحديث عن موضوع هام في خضم هذه الأحداث ألا وهو الثبات.
فعلى أهل القرآن الثبات حتى لا تتحول وتتبدل الأنفس بتبدل الأحوال والأزمان بل تبقى أنفساً مستقيمة ثابتة كما ينبغي أن تكون أنفس أهل الله وخاصته من حملة القرآن.
وللثبات وسائل عدة اخترت منها عشرة تناسباً مع الأعوام العشرة للمسابقة:
1- الإيمان بالله: قال الله تعالى: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ…) الآية 27 سورة إبراهيم
قال قتادة: وأما الحياة الدنيا فيثبتهم بالخير والعمل الصالح وفي الآخرة في القبر وكذا روي من غير واحد من السلف "تفسير ابن كثير490"
وفي البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( المسلم إذا سئل في القبر شهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله)) فذلك قوله: (يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ …), ويقول الشيخ السعدي في تفسير هذه الآية: ( يخبر تعالى: أنه يثبت عباده المؤمنين أي الذين قاموا بما عليهم من الإيمان القلبي التام الذي يستلزم أعمال الجوارح و يثمرها فيثبتهم الله في الحياة الدنيا, عند ورود الشبهات بالهداية إلى اليقين, وعند عروض الشهوات بالإرادة الجازمة على تقديم ما يحبه الله على هوى النفس ومرادها, وفي الآخرة عند الموت بالثبات على الدين الإسلامي والخاتمة الحسنة, وفي القبر عند سؤال الملكين للجواب الصحيح إذا قيل للميت من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ هداهم للجواب الصحيح بأن يقول المؤمنالله ربي والإسلام ديني ومحمد نبي).
والإيمان يزيد وينقص, وعلى المؤمن أن يتفقد إيمانه و يتعاهده وينميه حتى يستطيع أن يثبت على الرغم من كل مايشوب الحياة على مر الأزمان من الفتن والمحن والشبهات والشهوات.
قال تعالىوَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً)الآية 66 سورة النساء يقول السعدي (حصول التثبيت والثبات وزيادته, فإن الله يثبت الذين آمنوا بسبب ما قاموا به من الإيمان الذي هو القيام بما وعظوا به, فيثبتهم في الحياة الدنيا عند ورود الفتن في الأوامر والنواهي والمصائب فيحصل لهم ثبات يوفقون به لفعل الأوامر, وترك الزواجر التي تقتضي النفس فعلها وعند حلول المصائب التي يكرهها فيوفق للتثبيت بالتوفيق للصبر أو للرضا أو الشكر.
فينزل عليه معونة من الله للقيام بذلك, ويحصل له الثبات على الدين عند الموت وفي القبر وأيضاً فإن العبد القائم بما أمر به لا يزال يتمرن على الأوامر الشرعية حتى يألفها ويشتاق إليها وإلى أمثالها فيكون ذلك معونة له على الثبات على الطاعات.
2– الاستعانة بالله: لا بد للعبد المؤمن أن يستشعر شدة حاجته وافتقاره إلى عون ربه في أمر دينه ودنياه وذاك ما علمنا الله إياه وأدبنا عليه في قوله سبحانه: (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)
يقول ابن تيمية: (العبد محتاج في كل وقت إلى الاستعانة بالله على طاعته, وتثبيت قلبه, ولاحول ولا قوة إلا بالله)
3- الدعاء: دعاء الله عزوجل وسؤاله الثبات على دينه, فإنه وحده سبحانه المثبت والهادي والمعين. وفي هذا يخبر الله عن عباده المؤمنين أن من دعائهم: (رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ)الآية 8 سورة آل عمران
وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يكثر من سؤال الله التثبيت ويقول: (( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)), وأعجز الناس من عجز عن الدعاء.
4-العلم والبصيرة: فالعلم النافع الذي يسعى إليه عباد الله الصالحون والذي تعوذ نبينا صلى الله عليه وسلم من ضده ((اللهم أني أعوذ بك من علم لا ينفع)) هذا العلم سلاح يتسلح به أهل القرآن أهل أعظم علم – علم مستمد من الكتاب والسنة بفهم صحيح سليم – يستطيعون بهذا العلم مواجهة كل مايكون في أي زمان من شر وفساد وبدع وضلال, لأن الانحراف والزيغ عن الصراط إنما هو طريق من جهل بالدين وشرائعه ومقاصده .
5- الصبر والمصابرة: لكي يتحقق لأهل القرآن الثبات على الصراط يلزمهم الصبر والمصابرة وهو دواء نافع عواقبه حميدة وآثاره جليلة فمن حرص على التزام الصبر في كل أموره سواء أكان صبراً على الطاعة أو عن المعصية أو على أقدار الله رزقه الله صبراً وثباتاً وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (( ومن يتصبر يصبره الله)) "البخاري و مسلمَ", بل يطلب من أهل القرآن أن يتميزوا عن غيرهم في كل أمر وحال, لا مايحدث من بعضهم من تساهل وتجاهل وتحايل. وعلى العبد التقي أن يتصابر ويتعالى وأن يترك التحايل والتجاهل الذي بات مسألة كثير من المتخاذلين الطامعين في لذات الدنيا فحسب المتتبعين لرخص علماء جهالاً كانوا أو غير أتقياء للوصول إلى رغباتهم وشهواتهم وفي معرض هذا يقول الأمام ابن القيم: (فحقيق بمن أتقى الله وخاف نكاله أن يحذر استحلال محارم الله بأنواع المكر والاحتيال, وأن يعلم أنه لا يخلصه من الله ما أظهره مكراً وخديعة من الأقوال والأفعال)
6- صحبة الصالحين: (يَـاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ) الآية 119سورة التوبة, ولاشك أن صحبة الصالحين من أعظم ما يعين على الثبات
قال ابن عقيل الحنبلي: ( وعصمني الله من عنفوان الشبيبة بأنواع من العصمة وقصر محبتي على العلم وأهله فما خالطت لعاباً قط, ولا عاشرت إلى أمثالي من طلبة العلم).
ولهذه الصحبة كذا أثر في راحة وأنس الثابتين فها هو ابن القيم يقول عن أنسه بخير صحبة عن ابن تيمية رحمهما الله: ( وكنا إذا اشتد بنا الخوف وساءت منا الظنون وضاقت بنا الأرض آتيناه فما هو إلا أن نراه ونسمع كلامه, فيذهب ذلك كله وينقلب انشراحاً وقوة ويقيناً وطمأنينة)
ولعل مما يدخل في هذا الشأن كذلك تأمل أخبار الثابتين وقراءة أخبارهم والتأسي بهم والسير على نهجهم. وكثيراً مايدفع الناس إلى العمل وترك التواني والكسل نظرهم وسماعهم لأخبار الصالحين الثابتين
7– الاهتداء بالأنبياء: (أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ…) الآية 90 سورة الأنعام
أن أعلم الناس بالله عزوجل هم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام, وهذا العلم به سبحانه وتعالى أثر فيهم خشية وتعظيماً, وخوفاً وإجلالاً, واستقامة وثباتاً. والمرء كلما كان بربه أعلم كان له أخوف وأشد محبة وإخلاصاً والعكس بالعكس وأهل القرآن يحسن بهم أن يهتدوا بهؤلاء الأنبياء الذين قال في وصفهم سبحانه: (إِنَّهُمْ كَانُواْ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُواْ لَنَا خاشِعِينَ ) الآية 90 سورة الأنبياء, وقال فيهم: (أُولَـئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِم….) الآية 58 سورة مريم, فهؤلاء الأنبياء مثلوا لنا أعظم قدوة وأسوة في قوة الطاعة لله وحسن العبادة وكمال التوكل والاستعانة وحسن الظن بالله والرضا بحكمه, وأجلّ الهدي في السلوك والخلق والهدي الظاهر, وأكمل الهدي في الدعوة والتبليغ, ودوام الثبات ولزومه على مر الأزمان مع عظم الابتلاءات والآلام فهاهو نوح -عليه السلام- يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً, ليلاً ونهاراً, سراً وجهاراً, يؤذى فيصبر ويثبت. وها هو إبراهيم –عليه السلام- يلقى في النار فلا يتراجع بل يثبت, ويؤمر بذبح ابنه فيلبي. وذاك أيوب –عليه السلام- يمرض ويشتد به المرض سنين طوال فيصبر ويثبت ولا يجزع… ها هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يؤذى بشتى أنواع الأذى ويخرج من بلده الحبيب مكة, ويؤذى بعد ذلك حتى في أهل بيته ومع ذلك يثبت ويصبر حتى ينتصر وتبلغ دعوته الآفاق وتبقى شامخة عالية على الأزمان وهي كذلك إلي قيام الساعة بإذن الله. وهكذا سيكون شأن أهل القرآن ما انتهجوا هذا النهج السامي بإذن الله (إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ) الآية 51 سورة غافر, فما أعظمها من بشرى عظيمة من الله مالك الملك لأهل الإيمان والقرآن, مهما ضاقت الأحوال اشتدت الأزمات.
8– علو الهمة: يبلغ المؤمن بهمته أموراً عظيمة وإن لم يبلغها عمله, قال النبي صلى الله عليه وسلم (( من همّ بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة)) "البخاري". وقال عليه الصلاة والسلام: ((ما من امرئ تكون له صلاة بليل فغلبه عليها نوم إلا كتب له أجر صلاته وكان نومه صدقة عليه))"البخاري ومسلمَ"
وهكذا ينبغي أن تكون همم أهل القرآن عالية لعلو مايحفظونه في صدورهم من قرآن.
9- الصدق: قال تعالى: (لِّيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ) الآية24سورة الأحزاب, صدق في النيات, والأقوال, والأفعال, صدق مع الله, صدق مع الخلق, صدق مع النفس.
صدق في الثبات على الإيمان والصدق هو المميز بين المؤمن والمنافق ففي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم: (( آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان)). والصدق هو أصل البر والكذب هو أصل الفجور كما جاء في الصحيحين: (( عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر, وإن البر يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق حتى يكتب عند الله صديقاً وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً)) ولا ينبغي لأهل القرآن أن يكونوا كذابين خائنين
10- قصر الأمل والتأهب للقاء الله: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى*فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) الآية 40-41 سورة النازعات, (إَنَّ الَّذِينَ لاَ يَرْجُونَ لِقَآءَنَا وَرَضُواْ بِالْحَياةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّواْ بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ)الآية 7 سورة يونس,فالمؤمنالذي يضع نصب عينيه خاتمة حياته ويخاف مقام ربه ويستحضر بعثه وحسابه ونشوره ومن ثم جزاؤه سيكون على ثبات واستقامة على الصراط. وأما من كان غافلاً عن هذه النهاية منغمساً في حياته وكأنه مخلد غير ميت فهذا الذي لا يرجو لقاء الله ولا يتأهب له ويرضى بدنياه ويطمئن بها أيما اطمئنان, لكن أهل القرآن الذين يحملون هذا الكتاب في صدورهم يقصرون آمالهم ويوقنون بقرب الرحيل وسرعة انقضاء مدة الحياة لذلك يكونوا أكثر تقوى واستقامة وثباتاً وتخمد في أنفسهم نيران الشهوات فيجدون اللذة في طاعة الله والتأهب للقائه سبحانه. هذا وأسأل الله أن يجعلنا من أهل القرآن وأن يحسن لنا الختام ويرزقنا صدق التأهب للقائه وأن يثبتنا في الحياة الدنيا والآخرة.
وصلي اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.




رد: الثبات يا أهل القرآن

موضوع في القمة قال الله تعالى " يثبت الله الذين آمنو بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة " اللهم ثبتنا على دينك و أحينا مسلمين وأمتنا مسلمين وأبعثنا




رد: الثبات يا أهل القرآن

شكرااااااااااااااا لك سهيلة على الموضوع أتمنى من الجميع قراءته للاستفادة منه
نسأل الله تعالى الثبات و حسن الخاتمة




رد: الثبات يا أهل القرآن

شكرا لمروركما العطر و بارك الله فيكما




رد: الثبات يا أهل القرآن

شكرا على الموضوع سوسو
ان شاء الله نكونو من ختمة القرءان




رد: الثبات يا أهل القرآن

شكرااااااااااااااا لك سهيلة على الموضوع




رد: الثبات يا أهل القرآن

شكرا لمروركم العطر و بارك الله فيكم




التصنيفات
القرآن الكريم و السنّة النبويّة الشريفة

القرآن والأذان والدعاء هل شرعهم الله للعبادة أم لنغمات الجوال ؟؟

القرآن والأذان والدعاء هل شرعهم الله للعبادة أم لنغمات الجوال ؟؟


الونشريس

***1769; ***1758; ***1769; القرآن والأذان والدعاء هل شرعهم الله للعبادة أم لنغمات الجوال ؟؟؟ ***1769; ***1758; ***1769;

كما هو واضح من العنوان..
وبعيدا عمن يبيح مثل هذه الأمور..
دعونا نناقش أنفسنا..
ففي النفس شيء من أمور كثيرة..

والنبي عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم يقول: " استفت قلبك, البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب, والإثم ما حاك في النفس وتردد في الصدر, وإن أفتاك الناس وأفتوك "
والحديث صحيح ورواه أحمد.

فهل الله عز شأنه أنزل القرآن الكريم من فوق سبع سموات من أجل أن نجعله في نغمات الجوال..
هل بعث محمد صلى الله عليه وسلم من أجل إبلاغ كتاب الله والدين أم من أجل أن يجعل القرآن نغمة في الجوال..

وهل شرع الله تعالى لعباده الدعاء ليتضرعوا إليه وينيبوا إليه أم ليجعلوه نغمة للجوال..؟؟

وهل شرع الله الأذان للعبادة أم شرعه نغمة للجوال..؟؟

إن ما يحصل من كثير من الناس غفلة أو بسبب فهم خاطئ لهو أمر خطير..

فيا عباد الله.. إن الله لم ينزل القرآن لنغمة جوال ولا لنغمة إنتظار..
القرآن أعظم وأجل وأشرف وأسمى من أن يجعل في أمور كهذه..

يقول الله تعالى: ( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله )
(خاشعا متصدعا)..
ونحن نجعله بكل بساطة نغمة للجوال..
والله ما قدرنا الله حق قدره..
( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه)

كيف نقدر الله حق قدره ونحن نجعل كلامه في أتفه الأمور..
ترى الواحد فينا جعل آيات من القرآن نغمة لجواله, فإذا رن جواله سارع إلى الرد وربما الآية لم تنتهي..
أو في بعض الأحيان يضغط على زر الصامت..
وكل هذا يفعل بكلام من.؟؟
بكلام الله يا عباد الله..!!

القرآن أنزله الله لتلاوته والتعبد به ونورا لؤلي الأبصار وحجة على الكفار..
بلغه رسول الله في ثلاثة وعشرين سنة..
وعانا وصبر واحتسب وجاهد وأوذي من أجل تبليغه..
ونحن نجعله بكل بساطة نغمة..!!

تكلم الله به جل شأنه وأخبر بأنه لو أنزله على الجبل لرأيناه خاشعا متصدعا من خشيته سبحانه..
ونحن بكل بساطة نجعله نغمة..!!؟؟

فهل قلوبنا أصبحت أشد صلابة من الجبال مع كلام ربنا..؟؟
فلنتق الله في أنفسنا..

ثم الأذان هل شرعه الله لدخول وقت العبادة أم لنجعله نغمة..؟؟
يقول المؤذن الله أكبر الله أكبر..
يكبر الله ليقول حان وقت الصلاة والفلاح..
ونحن نجعله يقول الله وأكبر ليقول هذا متصل يتصل بك..

والدعاء شرعه الله لعبادته ومناجاته والتضرع إليه أم لنجعله بكل بساطة نغمة..!!

فلنتق الله..

فالقرآن لم ينزله الله للهزل والجوال..
والأذان والدعاء لم يشرعهما الله للنغمات والجوالات..

ولا أحد يقول هذا من البديل..
هذا ليس من البديل.؟؟
البديل متوفر وهي الرنات العادية أو الأصوات الطبيعية..

هذا من الإستهانة بكلام الله وعبادته..
وأي إستهانة أعظم من جعل العبادات في غير موضعها..
وأشد من ذلك أن نرى البعض وهو في دورات المياه وجواله يصدر صوت القرآن أو الأذان أو الدعاء..

اللهم اعف عنا.. اللهم أعف عنا.. اللهم أعف عنا..
ولا تؤآخذنا بما فعل السفهاء منا..
اللهم اهدنا إلى الصراط المستقيم نعمة منك وفضلا..
.




التصنيفات
القرآن الكريم و السنّة النبويّة الشريفة

ثواب قارئ القرآن

ثواب قارئ القرآن


الونشريس

بسم الله الرحمان الرحيم </span>

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما</span>
ثواب قارئ القرآن </span>

أما عن الثواب الذي يناله قارئ القرآن فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله </span></span>صلى الله عليه وسلم </span>" من قرأ حرفاً من كتاب الله تعالى فله به حسنة والحسنة بعشر أمثالها ، لا أقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف "</span> رواه الترمذي </span></span>
فهذا الحديث الشريف يبين فضل وعظمة هذا القرآن العظيم ويبين أيضاً الجزاء الأوفى والأجر العظيم الذي يناله قارئ القرآن الكريم فبمجرد القراءة يأخذ الإنسان هذا الأجر فما بالنا بمن قرأ وأحسن وجود القرآن وعمل بما فيه فإن الله تعالى يعظم له الأجر كما قال تعالى " من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ".</span> </span>

أخوكم امين الاسرار</span>
يسألكم الدعاء</span>
</span>




التصنيفات
القرآن الكريم و السنّة النبويّة الشريفة

إعراب القرآن الكريم كتاب قيّم

إعراب القرآن الكريم..كتاب قيّم


الونشريس


تأليف: عبد الله محمد ابْنُ ءَاجُرُّومِ‏ نبذة: كتاب يوظف علم الإعراب في توضيح المعنى الذي تنشده الآيات القرآنية، وبيان ما تقصده من دلالات، وتوضيح معانيه وغريبه، وتركيز العناية على إجلاء معاني كتاب الله. والكتاب يعين في معرفة إعراب القرآن والوقوف على تصرُّف حركاته وسواكنه؛ ليكون بذلك سالما من اللحن فيه، مستعينًا على إحكام اللفظ به، مطلعًا على المعاني التي قد تختلف باختلاف الحركات، متفهمًا لما أراد الله تبارك وتعالى به من عباده؛ إذ بمعرفة حقائق الإعراب تُعرف أكثر المعاني وينجلي الإشكال، وتظهر الفوائد، ويُفْهَم الخطاب، وتصحُّ معرفة حقيقة المراد.

مشكل إعراب القرآن الكريم




رد: إعراب القرآن الكريم..كتاب قيّم

شكرا لك اختي ايمان الله ايخليك لينا




رد: إعراب القرآن الكريم..كتاب قيّم

بارك اللله فيك




رد: إعراب القرآن الكريم..كتاب قيّم

امين…………………. شكرا لكم وعلى مروركم العطرالدي نور صفحتي




رد: إعراب القرآن الكريم..كتاب قيّم

بارك الله فيـــــــــــــــــــــــــــــكي




رد: إعراب القرآن الكريم..كتاب قيّم

الله يبارك فيك




التصنيفات
القرآن الكريم و السنّة النبويّة الشريفة

أسماء الأنبياء و الرسل في القرآن الكريم

أسماء الأنبياء و الرسل في القرآن الكريم


الونشريس

أسماء الأنبياء و الرسل في القرآن الكريم
*آدم ( أبـو البشـر ) ( عليه الصلاة و السلام ) ::عـاش أَلْفَ سـنة ، سُمـيَّ بذلـك لأنـه خُلـق مـن أَديـم الأرض .
***
*نـوح( عليه الصلاة و السلام ):: سُمـيَّ بذلـك لكثـرة بكائه عـلى نفســه و اسمــه عبد الغفــــار .
***
*إدريـس ( عليه الصلاة و السلام ):: أول مـن خـط بالقلـم. و في المســتدرك عـن ابـن عبــاس قال : كان فيــما بين نـوح و إدريـس ألـف سنــة .
***
*إبراهيـــم( عليه الصلاة و السلام ) :: قيـل: عـــاش 175 سـنة .
***
*إسماعيــــل( عليه الصلاة و السلام ) :: أكــبر ولــد إبراهيـــم .
***
*إسحـــاق ( عليه الصلاة و السلام ):: عــاش 180 سنــة و وُلــد بعــد إسماعيـــل بـ 14 سنــة .
***
*يعقـوب( عليه الصلاة و السلام ) ::عـاش مائــة و سبعـا و أربعيـــن سنة .
***
*يوسـف ( عليه الصلاة و السلام ):: الـذي أُعطــي شـطر الحُُسـن و الجمــال، و عــاش 120 سنــة .
***
*لوط بن هاران ( عليه الصلاة و السلام ):: ابـن أخـي إبراهيــم-عليه السلام-.
***
*هــود بن عبـد الله بن ربـاح ( عليه الصلاة و السلام ):: رسـول عـــاد .
***
* صــالح بن عبيـد ( عليه الصلاة و السلام ) :: صـاحب ثمـــود.
***
*شعيـب بن مكاييل ( عليه الصلاة و السلام ) :: خطيــب الأنبيـاء، و قـد أرسـل إلى مديـن ، و إلى أصــحاب الأيكــة .
***
* موسـى بن عمــران( عليه الصلاة و السلام ) :: عــاش 120 سنـــة.
***
*هـــارون ( عليه الصلاة و السلام ) :: شقيــق مــوسى.
***
*نــبي الله داود ( عليه الصلاة و السلام ) :: عـــــاش 100 سنــة.
***
*سليمــان ( عليه الصلاة و السلام ):: ولــد داود، و قد ملـــك الدنيــا كلهـــا .
***
* أيــوب بن موســـى ( عليه الصلاة و السلام ):: عــاش 93 سنـــة .
***
*ذو الكفـــل ( عليه الصلاة و السلام )::قيــل: ابن أيــوب، و قيــل: غيره، و الظــاهر انــه تكفـل بشيء فــوفى بـــــه .
***
*يــونس بـن مــتى ( عليه الصلاة و السلام ) .
***
*اليــــاس بـن ياســـين ( عليه الصلاة و السلام ) .
***
*اليســــع ( عليه الصلاة و السلام ).
***
*زكريــــا ( عليه الصلاة و السلام ):: من ذريــة سليمـــــان بـن داود .
***
*يحــيى بـن زكريـــا ( عليه الصلاة و السلام ).
***
*عـيسـى ابن مريـم ( عليه الصلاة و السلام ) :: خـلق بـلا اب، و رُفـع و لـه ثــلاث و ثــلاثــون سنـــة .
***
*محمــــد (صلى الله عليه و سلم ) :: و لـــه اسـمـاء كثــــيرة .
***
~
~
~
~

لـقـطـة::
* هنــاك خمســة أنبيـــاء سمــوا قبـل أن يولــدوا :
*محمـــد(صلى الله عليه و سلم ):
{ وَ مُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ }[ الصف:6 ] .
*يحـــيى ( عليه الصلاة و السلام ) :
{ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلاَمٍ اسْمُهُ يَحْيَى } [ مريم: 7 ] .
*عـيسـى( عليه الصلاة و السلام ):
{ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ المَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ }
[ آل عمران: 45 ].
*إسحــاق( عليه الصلاة و السلام ) :
*يعقـــوب ( عليه الصلاة و السلام ) :
{ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَ مِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ }
[ هود: 71 ].




رد: أسماء الأنبياء و الرسل في القرآن الكريم

معلومة رائعة جزاك الله خيرا في ميزان حسناتك ان شاء الله *




رد: أسماء الأنبياء و الرسل في القرآن الكريم

بارك الله فيك
و جعلها في ميزان حسناتك




رد: أسماء الأنبياء و الرسل في القرآن الكريم

اسعدني مروركم اخوتي
جزاكم الله خيرا




رد: أسماء الأنبياء و الرسل في القرآن الكريم

جزاك الله خير وجعلها ا في ميزان حسناتك ان شاء الله




رد: أسماء الأنبياء و الرسل في القرآن الكريم

شكرا على المرور
بارك الله فيك




رد: أسماء الأنبياء و الرسل في القرآن الكريم

الونشريس




رد: أسماء الأنبياء و الرسل في القرآن الكريم

سررت بمرورك اختي
شكرا لك




رد: أسماء الأنبياء و الرسل في القرآن الكريم

بارك الله فيك عزيزتي و جعله في ميزان حسناتك

مشكورة




رد: أسماء الأنبياء و الرسل في القرآن الكريم

و فيك بارك الرحمان حبيبتي
سررت بمرورك
شكككرا لك




التصنيفات
القرآن الكريم و السنّة النبويّة الشريفة

تحميل القرآن الكريم كاملا

تحميل القرآن الكريم كاملا


الونشريس

حصريا بصوت قارئك المفضل من جميع انحاء العالم http://MP3QURAN.COM




رد: تحميل القرآن الكريم كاملا

جزاك الله خيرا…………




التصنيفات
العقيدة الإسلامية و الإيمان

القرعة في ضوء القرآن الكريم والسنة

القرعة في ضوء القرآن الكريم والسنة


الونشريس

السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته

القرعة في ضوء القرآن الكريم والسنة المطهرة
مقدمة:
الحمد لله حق حمده والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه وبعد
تعتبر القرعة وسيلة من وسائل الإثبات، وطريقة لدرء المنازعات جاءت بها الشرائع السماوية، وعمل بها الأنبياء وهم خير البشرية، وأقرتها الفطر السوية جاءت في مواضع من كتاب الله، الذي تضمن كل خير وصلاح وهدى وفلاح، وطبقها رسول الله فعلاً، وأمر بها، وأرشد إليها، وأقرها عليه الصلاة والسلام . وقضى بها ونفذها صحابته الكرام، وأقرها علماء الإسلام ، والقرعة وسيلة عملية تثبت بهاالحقوق، وتتعين بها الأنصبة . وتنهى بها الخلافات وتتضح بها المبهمات.وهي طريق من طرق القضاء لقطع الخصومات والمنازعات.
وقد عزمت ـ مستعيناً بالله ـ على دراسة موضوع القرعة، وما يتصل بها من أحكام ومعان، ودلالات في كتاب الله وسنة رسول الله مع تبيين لأهميتها، والدراسات السابقة فيها ، وذلك على طريقة بحثية موضوعية في : تمهيد ، وفصلين، وخاتمة .
تمهيد: الدراسات السابقة.
تناول عدد من الباحثين القرعة من الجانب الفقهي في رسائل على النحو التالي:
1/ القرعة ومجالات تطبيقها في الفقه الإسلامي للباحث عبد الله بن موسى العمار رسالة دكتوراه في قسم الفقه بكلية الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية (1407هـ) بإشراف د.صالح بن عبد الرحمن الأطرم.أشار الباحث إلى أنه موضوع لم يكتب فيه كتابة تجمع ما تفرق من مسائله في أبواب الفقه ، وأن مسائله متناثرة في كتب التفسير، والحديث ، والفقه، والقواعد الفقهية ([1]).
2/القرعة وأثرها الشرعي وتطبيقاتها العملية في أحكام الأسرة، إعداد الباحث فهد حمد عبد الله البسام بإشراف أ.د. أحمد فراج حسن رسالة ماجستير في قسم الفقه المقارن بالمعد العالي للقضاء ، جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية (1416هـ). حكى قلة وندرة من كتب في القرعة، وأن أول من صنف فيها أبو بكر الخلال.وحدد مجال بحثه بقوله:" وقد حصرت الكلام عن أثر القرعة وتطبيقاتها العملية في أحكام الأسرة وذلك لأهميتها ولشدة الحاجة إليها من القاضي والمتقاضين لفض المنازعات ورفع الظلم وتحقيق العدل ([2])" وتوصل الباحث إلى نتائج من أهمها :
1- أن جمهور العلماء يرون مشروعية القرعة
2- أن للقرعة حاجة في القديم والحديث
3-أنها وسيلة شرعية .
4- أنها طريق لقطع الخصومات والمنازعات ([3]).
3/القرعة وأحكامها في الفقه الإسلامي إعداد الباحث محمود عبدالله البخيت لقسم الفقه وأصوله لكلية الشريعة ، بالجامعة الأردنية (1968م)
4/ أحكام القرعة في الفقه الإسلامي . للباحث ياسر داود سليمان منصور لمرحلة الماجستير بإشراف محمد علي الصلبي، جامعة النجاح الوطنية (2000م).
5/ طرائق الحكم المتفق عليها والمختلف فيها في الشريعة الإسلامية إعداد / سعيد بن درويش الزهراني . نشر مكتبة الصحابة (1414هـ) الطبعة الأولى.
و تناولت البحوث تعريف القرعة وأحكامها وتطبيقاتها في الفقه الإسلامي من ناحية فقهية وتوصل الباحثون فيها إلى نتائج قيمة منها :
1-أن القرعة وسيلة لتعيين الحق المبهم .
2-أن للقرعة صلة وثيقة بطرق القضاء .
3-أن القرعة الشرعية تخالف قرعة الجاهلية.
4- أن القرعة تستعمل في كثير من المسائل في العصر الحاضر في المسابقات الوظيفية ، والمناقصات والتعهدات، وفي التزاحم على المدارس والكليات، وفي منح الأراضي والإسكان والمسابقات الرياضية والثقافية .
5-أن القرعة طريق من طرق الحكم الشرعي الثابته بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم .
6-أنها من جملة البينات التي تثبت بها الحقوق .
7- وسيلة لقطع الخصومة والنزاع بين المقترعين .
وبعد اختصار أهم النتائج التي تضمنتها الدراسات السابقة أقول : إن هذا البحث يركز على تناول الآيات المتضمنة للقرعة في كتاب الله، وبيان ما اشتملت عليه من هدايات ، مقرونة بـما تضمنته السنة النبوية من أقوال نبوية، وإقرار من خير البرية ، وتطبيقات للقرعة في السيرة النبوية ، حيث لم أقف عليها مجموعة في بحث مفرد .
الفصل الأول: الـقرعة تعريفها، ومشروعيتها، والحكمة منها .
المبحث الأول :تعريف القرعة .
عأصلها من الفعل ( ق ر ع ) قال ابن فارس: "قارعت فلانا فقرعته، أي أصابتني القرعة دونه "([4]) (واقترعوا فيما بينهم وتقارعوا) وأقرعت بينهم: أمرتهم أن يقترعوا على الشيء([5]).وفي لسان العرب "القرعة :السهمة، و المقارعة: المساهمة، وقد اقترع القوم و تقارعوا و قارع بينهم، وأقرع، و أقرعت بين الشركاء في شيء يقتسمونه، ويقال: كانت له القرعة إذا قرع أصحابه، و قارعه فقرعه يقرعه أي أصابته القرعة دونه([6]). ويطلق عليها النحبة كما في غريب الحديث للخطابي "وقال أبو سليمان في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال لو يعلم الناس ما في الصف الأول لاقتتلوا عليه وما تقدموا إلا بنحبة . وعن عامر بن مسعود قوله ما تقدموا إلا بنحبة) يريد: القرعة، كقوله في حديث آخر: لو علم الناس ما في الأذان والصف الأول لاستهموا عليه، وأصله من المناحبة، وهي المحاكمة يقال: ناحبت الرجل إذا قاضيته وحاكمته([7]).
وبهذا يتضح أن للقرعة أسماء هي، السهمة، والنصيب، والقسمة ، والنُحـبَة , وأن المقارعة والمساهمة هي إجراء عملية الاقتراع أو الاستهام .
يقول د. عبد الله العمار :" المعنى اللغوي للقرعة (بضم القاف) الاستهام على أمر مشتبه لتعيين من يستحقه . وهذا قريب من المعنى الشرعي للقرعة كما سيأتي بيانه"([8]).وخلص إلى تعريفها في الشرع بأنها " وسيلة لتعيين الحق المبهم أو المشتبه ، أوتمييز المستحق غير المعين عند التساوي والتنازع بكيفية مخصوصة "([9]).
واختار الباحث /فهد البسام تعريف القرعة في الاصطلاح بأنها : وسيلة يصار إليها عند التساوي أو التنازع لتعيين الحق المبهم أو المشتبه. وقيل : تمييز الحصص والحقوق بالقرعة. ومن خلال البحث يظهر أن المعنى الاصطلاحي لا يبعد عن المعنى اللغوي .ويسمى من يتولى تنفيذ القرعة : المجيل ، أوالمفيض،والضارب، والضريب ، والجمع الضرباء([10]).
المبحث الثالث : مشروعية القرعة :
القرعة مشروعة بالكتاب، والسنة، والإجماع فأما دليل مشروعيتها من القرآن الكريم فقوله تعالى )وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ (([11]) وقوله تعالى: )وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا(([12]) . وقوله تعالى:)وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ*فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ(([13])ويستدل بهذه الآيات على مشروعية القرعة بناء على أن شرع من قبلنا شرع لنا إذا لم يرد في شرعنا ما يخالفه.
وذكر الربيع عن الشافعي رحمه الله أنه قال: قال الله تبارك وتعالى:) وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ(([14]) . وقال تعالى )وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ* إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ* فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ(([15]) قال الشافعي :فأصل القرعة في كتاب الله عز وجل في قصة المقترعين على مريم والمقارعين يونس عليه السلام مجتمعة([16]).
وورد في شرعنا إقرار له، وثناء على من قام به، حيث جاء في سياق الاستحسان والثناء على فاعليه، ولأنها من أهم البينات التي تثبت بها الحقوق وترتفع بها الخصومات كما نص على ذلك ابن حجر حيث قال : "ووجه إدخالها في كتاب الشهادات أنها من جملة البينات التي تثبت بها الحقوق فكما تقطع الخصومة والنزاع بالبينة كذلك تقطع بالقرعة "([17]).
وخصصت شريعتنا القرعة في بعض الصور قال ابن العربي "وكانت في شريعة من قبلنا جائزة في كل شيء على العموم على ما يقتضيه موارد أخبارها في الإسرائيليات وجاءت القرعةُ في شرعنا على الخصوص على ما أشرنا إليه في سورة آل عمران فإنَّ القوم اقترعوا على مريم أيَّهم يكفُلُها وجرت سهامهم عليها والقول في جرية الماء بها وليس ذلك في شرعنا وإنما تجري الكفالة على مراتب القرابة "([18]).
قال أبو عبيد: وقد عمل بالقرعة ثلاثة من الأنبياء يونس وزكريا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم([19]).
دليل مشروعيتها من السنة المطهرة تضمنت دواوين السنة النبوية أدلة على مشروعية القرعة كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه )عرض النبي صلى الله عليه وسلم على قوم اليمين فأسرعوا , فأمر أن يسهم بينهم في اليمين أيهم يحلف) ([20]). فقول الراوي في هذا الحديث (فأمر أن يسهم بينهم ) دليل مشروعية القرعة بالسنة القولية .
ودلت السنة الفعلية على مشروعيتها كما في حديث عائشة رضي الله عنها قالت : (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه , فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه) ([21]).
وفي حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاللو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا([22])). إشارة وإقرار للقرعة فهو دليل على القرعة بالسنة التقريرية.
دليل مشروعيتها من فعل الصحابة دل على مشروعيتها فعل عدد من صحابة رسول الله r فمن ذلك :ما ذكره البخاري في صحيحه: أن سعد بن أبي وقاص أقرع بين الناس لما تشاحوا في الآذان بالقادسية ([23]).
قضى علي بن أبي طالب بإجراء القرعة بين المتنازعين في نسبة الولد .ففي سنن النسائي الكبرى عن زيد بن أرقم قال: أتي علي بثلاثة وهو باليمن وقعوا على امرأة في طهر واحد قال: اثنين أتقران يعني لهذا بالولد قالا:لا ثم سأل اثنين أتقران لهذا بالولد قالا: لا فأقرع بينهم فقضى بالولد للذي صارت عليه القرعة، وجعل عليه ثلثي الدية فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فضحك حتى بدت نواجذه ([24]).
اقراع علي بين المختلفين في البغل:وفي سنن البيهقي عن سماك عن حنش قال:" أُتِي علي رضي الله عنه ببغل يباع في السوق فقال رجل: هذا بغلي لم أبع ولم أهب ونزع على ما قال: خمسة يشهدون، وجاء رجل آخر يدعيه، ويزعم أنه بغله وجاء بشاهدين فقال علي رضي الله عنه: إن فيه قضاء وصلحة أما الصلح فيباع البغل فنقسمه على سبعة أسهم لهذا خمسة ولهذا اثنان فإن أبيتم إلا القضاء بالحق فإنه يحلف أحد الخصمين أنه بغلة ما باعه ولا وهبه فإن تشاححتما أيكما يحلف أقرعت بينكما على الحلف فأيكما قرع حلف فقضى بهذا وأنا شاهد وقد روي فيه عن أبي هريرة رفعه([25]) .
ونقل بعض أهل العلم الإجماع على مشروعية القرعةقال ابن المنذر: "واستعمال القرعة كالإجماع من أهل العلم فيما يقسم بين الشركاء فلا معنى لقول من ردها"([26])وإن خالف في مشروعيتها بعض أهل العلم إلا أنه خلاف غير معتبر للأدلة الصحيحة الصريحة عليها . وتناول جمع من الفقهاء القرعة كباب من أبواب الفقه، وبينوا أنها تجري فيها الأحكام التكليفية الخمسة فهناك الـقرعة الواجبة والمستحبة والمباحة والمكروهة والمحرمة([27])
الحكمة من مشروعيتها:شرعت القرعة لحكم منها:
1) تطييب قلوب المقترعين أو المستهمين .
2) نفي تهمة الميل عن من يقوم بالقسمة عند إجراء القرعة.
3) نفي تهمة الاستئثار وحب النفس لمن يجري القرعة .
4) قطع دابر الخصومات عند إجراء القرعة والرضا بها .
5) فض النزاعات بإجراء القرعة بين المتنازعين.
الغرض من القرعة :
1-جلب منفعة للمقترع .
2-أو دفع ضرر عن المقترع .
3-جلب منفعة للمقترع عليه .
4-دفع ضرر عن المقترع عليه .
مجالات القرعة وهي على قسمين كما بين ذلك ابن حجر :
أولاً : في الحقوق المتساوية : مثل : الأئمة في الصلوات والمؤذنين والأقارب في تغسيل الموتى والصلاة عليهم والحاضنات إذا كن في درجة والأولياء في التزويج والاستباق إلى الصف الأول وفي إحياء الموات وفي نقل المعدن ومقاعد الأسواق والتقديم بالدعوى عند الحاكم والتزاحم على أخذ اللقيط والنزول في الخان المسبل ونحوه وفي السفر ببعض الزوجات وفي ابتداء القسم والدخول في ابتداء النكاح
ثانياً : في تعيين الملك في الإقراع بين العبيد إذا أوصى بعتقهم ولم يسعهم الثلث ومن صوره تعيين الملك الإقراع بين الشركاء عند تعديل السهام في القسمة كقوله عز وجل)إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم(([28]) .
كيفية إجراء القرعة :
للقرعة عند الفقهاء طريقتان :
الأولى : كتابة أسماء الشركاء في رقاع وهي الأولى عند الشافعية .
والثانية : كتابة أجزاء المقسوم في رقاع ، وقد شرط المالكية لإجراء الطريقة الثانية أن تكون الأنصباء متساوية فإن اختلفت فتجوز في العروض خاصة ([29]).
الثالثة : تنفيذ القرعة عن طريق أجهزة الحاسب بعد إدخال البيانات والأسماء .
الفصل الثاني :حديث القرآن عن القرعة
المبحث الأول :قرعة زكريا عليه السلام لكفالة مريم
تضمن كتاب الله كل هدى وفلاح وصلاح وإصلاح للإنسان في هذه الحياة ومما تضمنه القرآن من أحكام ما يتعلق بالقرعة حيث جاء ذكر القرعة والإشارة إليها في شأن مريم بنت عمران وكفالة زكريا لها في آيتين من كتاب الله في قوله تعالى)فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا (([30]) وقوله )وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ ( ([31]) من سورة آل عمران، وهي سورة مدنية أنزلها الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عند قدوم وفد نجران إلى المدينة في السنة الثامنة من الهجرة، وتلاها نبي الله على وفد نصارى نجران وتضمنت بيان فضل الله على آل عمران الذين سميت السورة بهم فهي سورة آل عمران، أو السورة التي يذكر فيها آل عمران . بدأت الآيات بالإخبار عن اصطفاء الله لآل عمران في قوله تعالى)إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ( ([32]) أي إن الله اختار آدم ونوحًا ، آدم أبو البشر ، ونوحاً أبو الأنبياء ، واختار آل إبراهيم وآل عمران جميعاً , وجعلهم أفضل أهل زمانهم. وهم سلسلة طُهْر مختارة مصطفاة،قال ابن كثير " يخبرتعالى أنه اختار هذه البيوت على سائر أهل الأرض ([33])" وقال ابن سعدي " لله تعالى من عباده أصفياء يصطفيهم ويختارهم ويمن عليهم بالفضائل العالية والنعوت السامية والعلوم النافعة والأعمال الصالحة والخصائص المتنوعة فذكر هذه البيوت الكبار وما احتوت عليه من كملة الرجال الذين حازوا أوصاف الكمال وأن الفضل والخير تسلسل في ذراريهم وشمل ذكورهم ونساءهم وهذا من أجل مننه وأفضل مواقع جوده وكرمه"([34]) .
ثم ذكر سبحانه ما كان من أمر مريم وأمها فقال: )إِذْ قَالَتْ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ( ([35]) أي واذكروا قول امرأت عمران لما تحققت الحمل نذرت أن يكون محرراً أي خالصاً مفرغاً للعبادة لخدمة بيت المقدس فقالت ) رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي(وهذا النذر يكشف لنا عن قلب امرأة عمران أم مريم وما يعمره من إيمان ومن توجه إلى ربها بأعز ما تملك وهو الجنين الذي تحمله في بطنها خالصا لربها محررا من كل قيد ومن كل شرك ومن كل حق لأحد غير الله سبحانه ([36]) وسألت الله أن يتقبل منها) فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ( أي إنك أنت وحدك السميع لدعائي, العليم بنيتي([37]). )فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ( ([38]) . أي فلما تمَّ حملها ووضعتها قالت:) رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى ( أي لا تصلح للخدمة في "بيت المقدس" قال ابن عباس " إنما قالت : هذا لأنه لم يكن يقبل في النذر إلا الذكور، فقبل الله مريم([39]).
وقوله ) وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى ( قال ابن كثير:" قرئ برفع التاء على أنها تاء المتكلم) وَضَعَتُ ( وأن ذلك من تمام قولها وقرئ بتسكين التاء)وَضَعَتْ ( على أنه من قول الله عز وجل" ([40])في الخدمة; لأن الذكر أقوى على الخدمة وأقْوَم بها ) وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ( وإني حصَّنتها بك هي وذريَّتها من الشيطان المطرود من رحمتك. فاستجاب الله دعاءهالما قالت ) وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ( ([41]) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من مولود يولد إلا والشيطان يمسه حين يولد فيستهل صارخا من مس الشيطان إياه إلا مريم وابنها ثم يقول أبو هريرة واقرؤوا إن شئتم ) وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ(الحديث ([42]). قوله تعالى :)فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ً(([43]) يخبر ربنا أنه تقبلها من أمها نذيرة أحسن قَبول؛ بأن الله رضي مريم لخدمة المسجد كما نذرت أمها ، والمعنى يقتضي أن الله أوحى إلى زكريا ومن كان هنالك بأنه تقبلها ولذلك جعلوها كما نذرت وقوله ) وَأَنْبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً( عبارة عن حسن النشأة وسرعة الجودة فيها في خِلقة وخُلق قال ابن كثير: يخبر ربنا أنه تقبلها من أمها نذيرة وأنه أنبتها نباتا حسنا أي جعلها شكلاً مليحاً ومنظراً بهيجاً ويسر لها أسباب القبول وقرنها بالصالحين من عباده تتعلم منهم العلم والخير والدين فلهذا قال:)وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا(([44]) ولذا فإن امرأت عمران خرجت بمريم وهي مولودة إلى حجبة بيت المقدس وقالت لهم: دونكم هذه النذيرة فإني حررتها وهي أنثى ولا يدخل الكنيسة حائض وأنا لا أردها إلى بيتي، فقالوا: هذه ابنة إمامنا -وكان عمران يؤمهم في الصلاة- وصاحب قرباننا، فقال زكريا: أدفعوها لي فإن خالتها تحتي، فقالوا: لا تطيب أنفسنا هي ابنة إمامنا فذلك حين اقترعوا عليها بأقلامهم التي يكتبون بها التوراة فقرعهم زكريا فكفلها([45]) قال تعالى: )كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ(([46]) أي فلما يسَّر الله لها زكريا عليه السلام كافلا فأسكنها في مكان عبادته, وكان كلَّما دخل عليها هذا المكان وجد عندها رزقًا هنيئًا معدّاً قال: يا مريم من أين لكِ هذا الرزق الطيب؟ قالت: هو رزق من عند الله. إن الله -بفضله- يرزق مَن يشاء مِن خلقه بغير حساب )هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ( ([47]). عندما رأى زكريا ما أكرم الله به مريم مِن رزقه وفضله توجه إلى ربه قائلا يا ربِّ أعطني من عندك ولدًا صالحًا مباركًا, إنك سميع الدعاء لمن دعاك.)فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِنْ الصَّالِحِينَ( ([48]) فنادته الملائكة وهو واقف بين يدي الله في مكان صلاته يدعوه: إن الله يخبرك بخبر يسرُّك, وأنك سترزق بولد اسمه يحيى, يُصَدِّق بكلمة من الله -وهو عيسى ابن مريم عليه السلام-، ويكون يحيى سيدًا في قومه, )وحصورًا( لا يأتي الذنوب والشهوات الضارة, ويكون نبيّاً من الصالحين الذين بلغوا في الصَّلاح ذروته([49]).
)قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِي الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ( ([50]) . قال زكريا متعجبًا: ربِّ كيف يكون لي غلام مع أن الشيخوخة قد بلغت مني مبلغها, وامرأتي عقيم لا تلد؟ قال: كذلك يفعل الله مايشاء من الأفعال العجيبة المخالفة للعادة قال زكريَّا: رب اجعل لي علامةً أستدلُّ بها قال: علامتك التي طلبتها: ألا تستطيع التحدث إلى الناس ثلاثة أيام إلا بإشارة إليهم ثلاثة أيام , مع أنك سويٌّ صحيح، أكثِرْ من ذكر ربك, وصلِّ له أواخر النهار وأوائله([51]).ثم عاد السياق إلى ذكر شأن مريم فقال سبحانه )وَإِذْ قَالَتْ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ *يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ(([52]). أي واذكر -أيها الرسول- حين قالت الملائكة: يا مريم إن الله اختاركِ لطاعته وطهَّركِ من الأخلاق الرذيلة, واختاركِ على نساء العالمين في زمانك.فكوني على طاعة لربك, وقومي في خشوع وتواضع, واسجدي واركعي مع الراكعين; شكرًا لله على ما أولاكِ من نعمه) ذَلِكَ مِنْ أنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ(([53]).ذلك الذي قصصناه عليك -أيها الرسول- من أخبار الغيب التي لم يكن لك بها علم إلا بوحي الله إليك, إذ لم تكن معهم حين اختلفوا في كفالة مريم أيُّهم أحق بها وأولى, ووقع بينهم الخصام, فأجْرَوْا القرعة بإلقاء أقلامهم, ففاز زكريا عليه السلام بكفالتها([54]).
مسائل من الآيات المصرحة بالقرعة :
المسألة الأولى :الآيات :قوله تعالى :)وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا(([55]) .و قوله تعالى) ذَلِكَ مِنْ أنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ( ([56]).
المسألة الثانية :معنى الكفالة : الضمان والرعاية وكافل اليتيم : القائم بأمر اليتيم المربي له ، والراعي لمصالحة ، ال الراغب الأصفهاني : " كفل الكفالة : الضمان تقول تكفلت بكذا وكفلته فلاناً وقرئ )وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا(أي كَفَّلَهَا الله تعالى ، ومن خفف جعل الفعل لزكريا، المعنى تضمنها([57]). وقال الحلبي :")وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا( قرئ بالتخفيف على معنى أن زكريا كفلها من كل ما يسؤها وتكفل بأمرها ، وبالتشديد مع نصب زكريا على معنى أن الله جعله كافلا لها"([58]). )وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا(بالتشديد أي وكفلها ربُها زكريا أي ألزمه كفالتها وقدر ذلك عليه ويسره له، وقرئت بالتخفيف )وَكَفَلَهَا(. فأخبر تعالى: عن نفسه بما فعل بها فجاء كفلها بالتشديد على ذلك، فأخبر الله تعالى أنه هو الذي تولى كفالتها والقيام بها بدلالة قوله )أيهم يكفل مريم( قال مكي: وهو الاختيار لأن التشديد يرجع إلى التخفيف؛ لأن الله تعالى إذا كفلها زكريا كفلها بأمر الله، ولأن زكريا إذا كفلها فعن مشيئة الله وقدرته فعلى ذلك فالقراءتان متداخلتان([59]).
المسألة الثالثة : كفالة زكريا لمريم أساس في كفالة اليتيم التي رتب عليها الشرع الأجر العظيم ، الكفالة : من الأخلاق الحميدة التي أقرها الإسلام وامتدح أهلها،ففيها حماية للضعيف ورعاية له ، ورفق ورحمة وعطف به. وتعود على الكافل بالخير العميم في الدنيا فضلاً عن الآخرة فقد رزق زكريا الولد بعد أن كفل مريم .
وفي الكفالة عناية بالمكفول الصغير ورعاية مصالحه وتربيته والإحسان إليه . وكفالة اليتيم سبب لدخول الجنة كما روى سهل بن سعد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاً)([60]).
وكفالة اليتيم طريق لكسب الحسنات فعن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من مسح رأس يتيم أو يتيمة لم يمسحة الا لله كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنات ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده كنت أنا وهو في الجنة كهاتين وقرن بين إصبعيه) ([61]).
المسألة الرابعة : في قوله تعالى) ذَلِكَ مِنْ أنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ(([62]).
أنباء الغيب و الأنباء: الأخبار والغيب: ما غاب عنك والوحي كل شيء دللت به من كلام أو كتاب أو إشارة أو رسالة قاله ابن قتيبة([63]) .
وقا ل ابن كثير :" وما كنت لديهم أي ما كنت عندهم يا محمد فتخبرهم عن معاينة عما جرى بل أطلعك الله على ذلك كأنك حاضر وشاهد لما كان من أمرهم حين اقترعوا في شأن مريم أيهم يكفلها وذلك لرغبتهم في الأجر([64])"
وفي موضع آخر :"يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم هذه القصة وأشباهها من أنباء الغيب يعني من أخبار الغيوب السالفة نوحيها إليك على وجهها كأنك شاهدها نوحيها إليك أي نعلمك بها وحيا منا إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا أي لم يكن عندك ولا عند أحد من قومك علم بها حتى يقول من يكذبك إنك تعلمتها منه بل أخبرك الله بها مطابقة لما كان عليه الأمر الصحيح كما تشهد به كتب الأنبياء قبلك"([65]).
المسألة الخامسة : نذر أم مريم وما يحمل في ثناياه ؟ وأن العبرة ليست بالذكورة والأنوثة . والإشادة بمريم والعناية الإلهية بها .عناية الله بمريم منذ ولادتها ورعايته لها.والقصة بكمالها لبيان عناية الله ورعايته لأولياءه بدأ من اصطفاء آل عمران ونذر أم مريم مروراً بكفالة زكريا ، ودعاءه ورزق الله لمريم حتى ولدت بعيسى عليه السلام
المسألة السادسة : سبب الاقتراع :الرغبة في كفالتها ورعايتها كل يقول : أنا أحق بها ، قال زكريا: أنا أحق بها ،خالتها تحتي، وقال الأحبار : نحن أحق بها ، بنت عالمنا وإمامنا ، فلما أجروا القرعة ظفر بها زكريا، وهذا هو الصواب، و ما ورد من أن القرعة كانت لترك الكفالة فمردود.
المسألة السابعة : كيفية الاقتراع : ورد في كيفية الاقتراع في شأن مريم أقوال مجملها :
الأول : أنهم ذهبوا إلى نهر الأردن واقترعوا هنالك على أن يلقوا أقلامهم فأيهم يثبت في جرية الماء فهو كافلها فألقوا أقلامهم فاحتملها الماء إلا قلم زكريا فإنه ثبت ويقال إنه ذهب صاعدا يشق جرية الماء وكان مع ذلك كبيرهم وسيدهم وعالمهم وإمامهم ونبيهم صلوات الله وسلامه عليه ، قال بعض أهل العلم رتب قدح زكريا فقام فلم يجر به الماء وجرى بقداح الآخرين الماء فجعل الله ذلك لزكريا أنه أحق المتنازعين فيها ([66]).
الثاني : أنهم اقترعوا ثلاث مرات بأقلامهم التي كانوا يكتبون بها الوحي أيهم يكفل مريم يعني أيهم يقبضها فقرعهم زكريا وكانت قرعة أقلامهم أنهم جمعوها في موضع ثم غطوها فقالوا لبعض خدم بيت المقدس من الغلمان الذين لم يبلغوا الحلم أدخل يدك فأخرج قلما منها فأدخل يده فأخرج قلم زكريا فقالوا لا نرضى ولكن نلقي الأقلام في الماء فمن خرج قلمه في جرية الماء ثم ارتفع فهو يكفلها فألقوا أقلامهم في نهر الأردن فارتفع قلم زكريا في جرية الماء فقالوا نقترع الثالثة فمن جرى قلمه مع الماء فهو يكفلها فألقوا أقلامهم فجرى قلم زكريا مع الماء وارتفعت أقلامهم في جرية الماء وقبضها عند ذلك زكريا فذلك قوله )وكفلها زكريا( يعني قبضها ثم قال فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا يعني رباها تربية حسنة في عبادة([67]).
الثالث: قال الشافعي : ولا يعدو والله أعلم المقترعون على مريم عليها السلام أن يكونوا كانوا سواء في كفالتها، فتنافسوها لما كان أن تكون عند واحد أرفق بها لأنها لو صيرت عند كل واحد يوما أو أكثر وعند غيره مثل ذلك أشبه أن يكون أضر بها من قبل أن الكافل إذا كان واحدا كان أعطف له عليها وأعلم([68]).
الرابع:وفي الأقلام ثلاثة أقوال أحدها أنها التي يكتب بها قاله ابن عباس وابن جبير والسدي والثاني : أنها العصي قاله الربيع بن أنس والثالث أنها القداح وهو اختيار ابن قتيبة وكذلك قال الزجاج هي قداح جعلوا عليها علامات يعرفونها على جهة وقال آخرون بل صعد قدح زكريا في النهر وانحدرت قداح الآخرين مع جرية الماء وذهبت فكان ذلك له علما من الله في أنه أولى القوم بها . قال )ألقوا أقلامهم( يقول عصيهم قال فألقوها تلقاء جرية الماء فاستقبلت عصا زكريا جرية الماء فقرعهم ([69])
وأياً كان الأمر من ذلك فلا شك أن ذلك كان قضاء من الله بها لزكريا على خصومه بأنه أولاهم بها وإذا كان ذلك كذلك فإنما قام زكريا بكفالتها ورعايتها بتوفيق وتقديرمن الله الموضع الثاني : قصة نبي الله يونس عليه السلام
وهو :يونس بن متى الرسول الذي أرسله الله تعالى إلى أهل قرية نينوى([70]) وهي قرية من أرض العراق فدعاهم إلى الله تعالى فأبوا عليه وتمادوا على كفرهم وعنادهم فخرج من بين أظهرهم مغاضباً لهم، ووعدهم بالعذاب بعد ثلاث ليال، فلما تحققوا منه ذلك، وعلموا أن النبي لا يكذب خرجوا إلى الصحراء بأطفالهم وأنعامهم ومواشيهم وفرقوا بين الأمهات وأولادها، ثم تضرعوا إلى الله عز وجل، وجأروا إليه ورغت الإبل وفصلانها وخارت البقر وأولادها وثغت الغنم وحملانها فرفع الله عنهم العذاب قال الله تعالى )فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ(([71]) وأما يونس عليه السلام فإنه ذهب فركب مع قوم في سفينة فاضطربت بهم السفينة وهاج بهم البحر وماج وخافوا أن يغرقوا فاقترعوا على رجل يلقونه من بينهم يتخففون منه فوقعت القرعة على يونس فأبوا أن يلقوه ثم أعادوها فوقعت عليه أيضا فأبوا ثم أعادوها فوقعت عليه أيضاً قال الله تعالى ) فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ(([72]) من المغلوبين حيث وقعت عليه القرعة ، وتكرر وقوعها عليه دون سواه فقام يونس عليه السلام وتجرد من ثيابه ثم ألقى نفسه في البحر .وهذا هو موطن الاستشهاد من قصته عليه السلام فإنه احتكم إلى القرعة وعمل بما اقتضته القرعة من القاء نفسه اختياراً منه غير إكراه .
وقد أرسل الله سبحانه من البحر الأخضر فيما قاله ابن مسعود حوتا يشق البحار حتى جاء فالتقم يونس حين ألقى نفسه من السفينة فأوحى الله إلى ذلك الحوت أن لا تأكل له لحما ولا تهشم له عظما فإن يونس ليس لك رزقا وإنما بطنك تكون له سجنا([73]).
وأخبر الله عز وجل أن يونس كان من المسبحين وأن تسبيحه كان سبب نجاته ولذلك قيل: إن العمل الصالح يرفع صاحبه إذا عثر قال ابن عباس: من المسبحين من المصلين قال قتادة: كان يصلي قبل ذلك لحفظ الله عز وجل له فنجاه، وقال الربيع بن أنس لولا أنه كان له قبل ذلك عمل صالح للبث في بطنه إلى يوم يبعثون قال: ومكتوب في الحكمة إن العمل الصالح يرفع ربه إذا عثر وقال مقاتل : من المسبحين من المصلين المطيعين قبل المعصية وقال وهب: من العابدين وقال الحسن: ما كان له صلاة في بطن الحوت ولكنه قدم عملا صالحا في حال الرخاء فذكره الله به في حال البلاء وإن العمل الصالح ليرفع صاحبه وإذا عثر وجد متكأ([74])
المواضع التي وردت فيها قصته :تكررت الإشارة إلى قصة يونس عليه السلام في أربع سور من كتاب الله في سورة يونس ، والأنبياء ، والصافات وفي سورة ن، على النحو التالي:
الموضع الأول : في سورة يونس آية واحدة هي قوله تعالى : )فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِين(([75])و في هذه الآية بيان أن الله لم يكشف العذاب عن أهل قرية بعد تكذيبهم نبيهم ، ولم ينفع الإيمان أهل قرية آمنوا عند معاينة العذاب إلا أهل نينوى قرية يونس بن مَتَّى, فإنهم لـمَّا أيقنوا أن العذاب نازل بهم تابوا إلى الله تعالى توبة نصوحا, فلمَّا تبيَّن منهم الصدق في توبتهم كشف الله عنهم عذاب الخزي بعد أن اقترب منهم, وتركهم في الدنيا يستمتعون إلى وقت إنتهاء آجالهم([76]).
الموضع الثاني: من سورة الأنبياء في آية واحدة بينت هذه الآية سبب خروج يونس عليه السلام، وأشارت لما أصابه عليه السلام هي قوله تعالى : )وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ(([77]) و أي واذكر يا محمد قصة صاحب الحوت, وهو يونس بن مَتَّى عليه السلام, أرسله الله إلى قومه فدعاهم فلم يؤمنوا, فتوعَّدهم بالعذاب فلم ينيبوا, ولم يصبر عليهم كما أمره الله, وخرج مِن بينهم غاضبًا عليهم, ضائقًا صدره بعصيانهم, وظن أن الله لن يضيِّق عليه ويؤاخذه بهذه المخالفة, فابتلاه الله بشدة الضيق والحبس, والتقمه الحوت في البحر, فنادى ربه في ظلمات الليل والبحر وبطن الحوت تائبًا معترفًا بظلمه; لتركه الصبر على قومه, قائلا: لا إله إلا أنت سبحانك, إني كنت من الظالمين([78]). وفيها شهادة لله بالوحدانية وتنـزيه لربه عما لا يليق به ، واعتراف بذنبه.
قال تعالى :)فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ( ([79])فاستجبنا له دعاءه, وخلَّصناه مِن غَم هذه الشدة, وكذلك ننجي المصدِّقين العاملين بشرعنا. وهكذا تجمل الآيات قصة نبي الله يونس عليه السلام من غير إشارة للقرعة في هذا الموضع .
الموضع الثالث: آيات في سورة الصافات قال تعالى)وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ( ([80])وفيها تصريح بأنه مرسل من الله نبوته، وإشارة إلى خروجه من بلده هارباً من بلده غاضبًا على قومه, وركوبه سفينة مملوءة ركابًا وأمتعة.
ومعنى قوله تعالى: )فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ( ([81])وأحاطت بها الأمواج العظيمة, فاقترع ركاب السفينة لتخفيف الحمولة خوف الغرق, فكان يونس من المغلوبين حيث وقعت عليه القرعة )فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ( ([82]). فألقى نفسه في البحر, فابتلعه الحوت, ويونس عليه السلام قد أتى بما يُلام عليه.
)فَلَوْلا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ* لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ( ([83])فلولا ما تقدَّم له من كثرة العبادة والعمل الصالح قبل وقوعه في بطن الحوت, وتسبيحه بقوله: لا اله الا أنت سبحانك أني كنت من الظالمين ، لمكث في بطن الحوت, وصار له قبرًا إلى يوم القيامة([84]) . لكن الله من عليه بإخراجه من بطن الحوت.قال سبحانه )فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ( ([85])فطرحناه من بطن الحوت, وألقيناه في أرض خالية عارية من الشجر والبناء, وهو ضعيف البدن، فأكرمه ورحمه كما في قوله سبحانه)وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ( ([86]).وأنبتنا عليه شجرة من القَرْع تظلُّه, وينتفع بها.رحمة من الله بحاله ولأنه اتجه إليه بدعائه.
قال تعالى:)وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ*فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ(([87]) أي وأرسلناه إلى مائة ألف من قومه بل يزيدون, فصدَّقوا وعملوا بما جاء به, فمتعناهم بحياتهم إلى وقت بلوغ آجالهم.
الموضع الرابع :في سورة القلم قوله تعالى في سورة القلم )فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ * لَوْلا أَنْ تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ لَنُبِذَ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ * فَاجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ الصَّالِحِينَ( ([88])والخطاب لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، أي فاصبر -أيها الرسول- لما حكم به ربك وقضاه, ومن ذلك إمهال أهل مكة وتأخير نصرتك عليهم, ولا تكن كصاحب الحوت, وهو يونس -عليه السلام- في غضبه وعدم صبره على قومه, حين نادى ربه, وهو مملوء غمًّا طالبًا تعجيل العذاب لهم, لولا أن تداركه نعمة مِن ربه بتوفيقه للتوبة وقَبولها لَطُرِح مِن بطن الحوت بالأرض الفضاء المهلكة, فاصطفاه ربه لرسالته, فجعله من الصالحين الذين صلحت نياتهم وأعمالهم وأقوالهم([89]).
ويمكن أن نجمل مسائل القرعة في قصة يونس فيما يلي :
مشروعية القرعة في شريعة يونس عليه السلام : لأن يونس عليه السلام رضي بالقرعة مع أهل السفينة ولا يرضى بالقرعة إلا على أمر مشروع .قال الشافعي : فأصل القرعة في كتاب الله عز وجل في قصة المقترعين على مريم والمقارعين يونس عليه السلام مجتمعة([90]).وقال ابن العربي : ما معناه كانت في شريعة من قبلنا جائزة في كل شيء من قوله) فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ(([91]).
قال ابن حجر :" والاحتجاج بهذه الآية في إثبات القرعة يتوقف على القول بأن شرع من قبلنا شرع لنا وهو كذلك ما لم يرد في شرعنا ما يخالفه وهذه المسألة من هذا القبيل لأنه كان في شرعهم جواز إلقاء البعض لسلامة البعض وليس ذلك في شرعنا لأنهم مستوون في عصمة الأنفس فلا يجوز القاؤهم بقرعة ولا بغيرها([92]).
عدد المرات: أجريت القرعة (ثلاث ) مرات. لما خافوا أن يغرقوا اقترعوا على رجل يلقونه من بينهم يتخففون منه فوقعت القرعة على يونس فأبوا أن يلقوه ثم أعادوها فوقعت عليه أيضاً فأبوا ثم أعادوها فوقعت عليه أيضاً قال الله تعالى )فساهم فكان من المدحضين( أي وقعت عليه القرعة.
وذكر ابن كثيرأن أصحاب السفينة لما خافوا أن يغرقوا اقترعوا على رجل يلقونه من بينهم يتخففون منه فوقعت القرعة على يونس فأبوا أن يلقوه ثم أعادوها فوقعت عليه أيضا فأبوا ثم أعادوها فوقعت عليه أيضاً قال الله تعالى فساهم فكان من المدحضين أي وقعت عليه القرعة فقام يونس عليه السلام وتجرد من ثيابه ثم ألقى نفسه في البحر" ([93]).وفيه أنه هو الذي ألقى بنفسه .

الفصل الثاني :القرعة في الشريعة الإسلامية
المبحث الأول :القرعة قبل البعثة النبوية
قبل أن يبعث الله نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم كان للعرب عادات وتقاليد توارثوها عن آبائهم منها ما فيه ظلم وتعد وإجحاف، ومنها ما يحتاج إلى تهذيب وإصلاح، ومنها ما فيه خير وصلاح من بقايا ملة إبراهيم وموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام،فبعث الله نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم بعد عيسى بن مريم عليه السلام على حين فترة من الرسل فجاءت شريعته مجددة لما اندرس موضحة لما التبس مقررة لما فيه صلاح للبشرية مما جاء به الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ومنها ما يقوم على القرعة وهي الاستقسام بالأزلام وضرب القداح وبناء التصرفات على ذلك حيث نزل الوحي مقراً لبعض منها وأبطل بعضاً ومما جاء القرآن بإبطاله وتحريمه صور من القرعة كما في قوله تعالى :)حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(([94]).
ومما تضمنته الآية الاستقسام بالأزلام وهو ضرب من القرعة وله صور وأنواع :
النوع الأول : الاستقسام بالأزلام للأفراد وهو صورة من صور القرعة التي كان عليها أهل مكة قبل البعثة النبوية وذلك أنهم كانوا إذا أراد أحدهم سفرا أو غزوا أو تجارة أو غير ذلك من الحاجات أجال القداح وهي الأزلام وهي على ثلاثة أضرب منها:
1- ضرب كتب عليه أمرني ربي.
2- ضرب كتب عليه نهاني ربي.
3-ومنها غفل لا كتابة عليه يسمى المنيح.
فإذا خرج أمرني ربي مضى في الحاجة، وإذا خرج نهاني ربي قعد عنها، وإذا خرج الغفل الذي لا كتابة عليه أجالها ثانية([95]).
وهذه هي التي ضرب بها سراقة بن مالك بن جعشم حين أتبع النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وقت الهجرة؛ وإنما قيل لهذا الفعل: استقسام لأنهم كانوا يستقسمون به الرزق وما يريدون؛ كما يقال: الاستسقاء في الاستدعاء للسقي. ونظير هذا الذي حرمه الله تعالى قول المنجم: لا تخرج من أجل نجم كذا، وأخرج من أجل نجم كذا([96]).
والنوع الثاني: سبعة قداح كانت عند هبل في جوف الكعبة مكتوب عليها ما يدور بين الناس من النوازل، كل قدح منها فيه كتاب؛ قدح فيه العقل من أم الديات، وفي آخر "منكم" وفي آخر "من غيركم"، وفي آخر "ملصق"، وفي سائرها أحكام المياه وغير ذلك، وهي التي ضرب بها عبدالمطلب على بنيه إذ كان نذر نحر أحدهم إذا كملوا عشرة؛ الخبر المشهور ذكره ابن إسحاق. وهذه السبعة أيضا كانت عند كل كاهن من كهان العرب وحكامهم؛ على نحو ما كانت في الكعبة عند هبل([97]). وقال الحلبي :" الأزلام قداح كانت العرب تتشاءم بها وتتفاءل ([98]).
وفي هذا ربط للتصرفات بهذه الأزلام فنهى الله عنها في قوله تعالى ) حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ ()وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ (([99]) .حيث عده في المحرمات ، وجعله فسقا بقوله )ذلكم فسق( وكانوا يستعملونها في الأنساب أيضاً إذا شكوا فيها فإن خرج لا نفوه وإن خرج نعم أثبتوه
فانكر الله عليهم ذلك كله ، وجاء بما فيه الحق والصواب من التوكل على الله والاستخارة الشرعية ، وأمر بحفظ الأنساب وصانها من اللوثات ، فحرم الزنا والفواحش وشرع النكاح وحرم السفاح ، وجاءت الآثار بأن الولد للفراش .
و هي من عمل الشيطان لدخولها في قوله : )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(([100]) من عمل الشيطان فإن الرجس هو الذي يلزم اجتنابه إما لنجاسته وإما لقبح ما يفعل به عباده أو تعظيم لأنه يقال رجس نجس فيراد
وقد أكد الله في كتابه تحريمها في موضع آخر من السورة بقوله : )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(([101]).
النوع الثالث:والنوع الثالث: هو قداح المسير وهي عشرة؛ سبعة منها فيها حظوظ، وثلاثة أغفال، وكانوا يضربون بها مقام لهوا ولعبا، وكان عقلاؤهم يقصدون بها إطعام المساكين والمعدم في زمن الشتاء و*** البرد وتعذر التحرف.
وقيل: الميسر: وأصله من تيسير أمر الجزور بالاجتماع على القمار فيه، وهو السهام التي يجيلونها فمن خرج سهمه استحق منه ما توجبه علامة السهم فربما أخفق بعضهم حتى لا يخطئ بشيء وينجح البعض فيحظى بالسهم الوافر، وحقيقته تمليك المال على المخاطرة وهو أصل في بطلان عقود التمليكات الواقعة على الأخطار كالهبات والصدقات وعقود البياعات ونحوها إذا علقت على الأخطار بأن يقول قد بعتك إذا قدم زيد ووهبته لك إذا خرج عمرو لأن معنى إيسار الجزور أن يقول من خرج سهمه استحق من الجزور كذا فكان استحقاقه لذلك السهم منه معلقا على القرعة.
الاستقسام بالأزلام وله وجهان: أحدهما: طلب علم ما قسم له بالأزلام، والثاني: إلزام أنفسهم بما تأمرهم به القداح كقسم اليمين.
وقال مجاهد:الأزلام هي كعاب فارس والروم التي يتقامرون بها، وقال سفيان ووكيع: هي الشطرنج .
وقد أجرى القرعة عبدالمطلب بن هاشم جد النبي صلى الله عليه وسلم حين أخذ في حفر زمزم وكانت قد اندفنت فجعلت قريش تهزأ به فقال: اللهم إن سقيت الحجيج ذبحت لك بعض ولدي فأسقي الحجيج منها فلما خرج الماء أقرع بين ولده فخرجت القرعة على ابنه عبدالله فقالت أخواله بنو مخزوم: أرض ربك وافد ابنك فجاء بعشر من الإبل فخرجت القرعة على ابنه فلم يزل يزيد عشرا عشرا وكانت القرعة تخرج على ابنه إلى أن بلغها المائة فخرجت على الإبل فنحرها بمكة في رءوس الجبال فسمي مطعم الطير وجرت السنة في الدية بمائة من الإبل . وأشار النبي لذلك بقوله (أنا ابن الذبيحين )([102]).
والقداح هي التي ضرب بها عبدالمطلب على بنيه إذ كان نذر نحر أحدهم إذا كملوا عشرة الخبر المشور ذكره ابن اسحق، وهذه السبعة أيضا كانت عند كل كاهن من كهان العرب وحكامهم على نحو ما كانت في الكعبة عند هبل.
أن عبد المطلب أتي في المنام فقيل له: احتفر فقال: أين؟ فقيل له مكان كذا وكذا فلم يحتفر فأتي فقيل له احتفر عند الفرث عند النمل عند مجلس خزاعة ونحوه فأحتفر فوجد غزالا وسلاحا وأظفارا فقال قومه لما رأوا الغنيمة كأنهم يريدون أن يغازوه قال فعند ذلك نذر لئن ولد له عشرة لينحرن أحدهم فلما ولد له عشرة وأراد ذبح عبد الله منعته بنو زهرة وقالوا أقرع بينه وبين كذا وكذا من الإبل وانه أقرع فوقعت عليه سبع مرات وعلى الإبل مرة قال لا أدري السبع عن أبي مجلز أم لا ثم صار من أمره أن ترك ابنه([103]).
فالاستقسام بهذا كله هو طلب القسم والنصيب وهو من أكل المال بالباطل وهو حرام وكل مقامرة بحمام أو بنرد أو شطرنج أو بغير ذلك من هذه الألعاب فهو استقسام بما هو في معنى الأزلام حرام كله وهو ضرب من التكهن والتعرض لدعوى علم الغيب.
قال ابن خويزمنداد : ولهذا نهى أصحابنا عن الأمور التي يفعلها المنجمون على الطرقات من السهام التي معهم ورقاع الفأل في أشباه ذلك وقال الكياالطبري: وإنما نهى الله عنها فيما يتعلق بأمور الغيب فإنه لا تدري نفس ماذا يصيبها غدا فليس للأزلام في تعريف المغيبات أثر([104]).
والمراد بالميسر في الآية قمار العرب بالأزلام قال جماعة من السلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم كل شيء فيه قمار من نرد أو شطرنج أو غيرهما فهو الميسر حتى لعب الصبيان بالجوز والكعاب إلا ما أبيح من الرهان في الخيل والقرعة في إفراز الحقوق وقال مالك الميسر ميسران ميسر اللهو وميسر القمار فمن ميسر اللهو النرد والشطرنج والملاهي كلها وميسر القمار ما يتخاطر الناس عليه وكل ما قومر به فهو ميسر،
المبحث الثاني : القرعة في السنة النبوية :
لما بعث الله نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم على حين فترة من الرسل بالهدى ودين الحق ،تضمنت شريعته ما تتحقق به مصالح العباد ومن ذلك القرعة حيث جاءت في السنة النبوية الفعلية والقولية والتقريرية حيث حفلت كتب السنة بذكر صور منها:
الصورة الأولى : :الإقراع بين الزوجات في السفر
حيث تكررت أحاديث إقراعه صلى الله عليه وسلم بين نسائه في مواضع عديدة من كتب السنة وبلغ تكرارها في صحيح البخاري عشرين موضعاً من ذلك : ما بوب عليه البخاري في صحيحه بقوله "باب الإقراع بين نسائه r في السفر :وفيه عن عائشة رضي الله عنها قالت :كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه )([105]).
وجاء في تفسيرآيات الإفك: )إن الذين جاءوا بالإفك (الآيات أن سبب نزولها ما أخرج الشيخان وغيرهما عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج سهمي فخرجت وذلك بعدما أنزل الحجاب ([106]) ثم ساقت حادثة الإفك .
وعلى هذا الحكم سار أهل الإسلام واعتمده الأئمة الأعلام قال أبو عمر ابن عبد البر "وخروج الرجل مع أهله في السفر من العمل المباح فإذا كان له نساء حرائر لم يجز له إن يسافر بواحدة منهن حتى يقرع بينهن فإذا أقرع بينهن ووقعت القرعة على من وقعت منهن خرجت معه واستأثرت به في سفرها"([107]).
الصورة الثانية :الاستهام على الأذان :
حيث بوب البخاري " باب الاستهام في الآذان " وفيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاللو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا([108])).
قال ابن حجر :" قوله: إلا أن يستهموا أي لم يجدوا شيئاً من وجوه الأولوية أما في الأذان فبأن يستووا في معرفة الوقت وحسن الصوت ونحو ذلك من شرائط المؤذن وتكملاته، وأما في الصف الأول فبأن يصلوا دفعة واحدة ويستووا في الفضل فيقرع بينهم إذا لم يتراضوا فيما بينهم في الحالين، واستدل به بعضهم لمن قال بالاقتصار على مؤذن واحد وليس بظاهر لصحة استهام أكثر من واحد في مقابلة أكثر من واحد ولان الاستهام على الأذان يتوجه من جهة التولية من الإمام لما فيه من المزية وزعم بعضهم أن المراد بالاستهام هنا الترامى بالسهام وأنه أخرج مخرج المبالغة، واستأنس بحديث لفظه لتجالدوا عليه بالسيوف لكن الذي فهمه البخاري منه أولى لما ذكره من قصة سعد ويدل عليه رواية لمسلم لكانت قرعة"([109])والحديث في صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لو تعلمون أو يعلمون ما في الصف المقدم لكانت قرعة وقال بن حرب الصف الأول ما كانت إلا قرعة)([110]).
وأخرج ابن أبي شيبة عن عامر بن مسعود القرشي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو يعلم الناس ما في الصف الأول ما صفوا إلا بقرعة([111]).
وفي شرح مسلم قال النووي "قال أصحابنا: وإذا ترتب للأذان اثنان فصاعدا فالمستحب أن يؤذنوا دفعة واحدة بل إن اتسع الوقت ترتبوا فيه فان تنازعوا في الابتداء به اقرع بينهم وان ضاق الوقت فان كان المسجد كبيرا أذنوا متفرقين في أقطاره وان كان ضيقا وقفوا معا وأذنوا وهذا إذا لم يؤد اختلاف الأصوات إلى تهويش فإن أدى إلى ذلك لم يؤذن إلا واحد فان تنازعوا أقرع بينهم . وأما إذا أذنوا معا فإن اتفقوا على إقامة واحد و إلا فيقرع قال أصحابنا رحمهم الله ولا يقيم في المسجد الواحد إلا واحد إلا إذا لم تحصل الكفاية بواحد وقال بعض أصحابنا لا بأس أن يقيموا معاً إذا لم يؤد إلى التهويش ([112]).
الصورة الثالثة :القرعة في موضع الركوب :عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قالمثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا)([113]) وفي لفظ (مثل المدهن في حدود الله والواقع فيها مثل قوم استهموا سفينة فصار بعضهم في أسفلها وصار بعضهم في أعلاها فكان الذي في أسفلها يمرون بالماء على الذين في أعلاها فتأذوا به فأخذ فأسا فجعل ينقر أسفل السفينة فأتوه فقالوا ما لك قال تأذيتم بي ولا بد لي من الماء فإن أخذوا على يديه أنجوه ونجوا أنفسهم وإن تركوه أهلكوه وأهلكوا أنفسهم)([114]).وفي هذا إقرار للقرعة عند الركوب في السفن ونحوها قال ابن حجر " قوله استهموا سفينة أي اقترعوها فأخذ كل واحد منهم سهما أي نصيبا من السفينة بالقرعة بأن تكون مشتركة بينهم إما بالإجازة وإما بالملك وإنما تقع القرعة بعد التعديل ثم يقع التشاح في الأنصبة فتقع القرعة لفصل النزاع كما تقدم قال بن التين وإنما يقع ذلك في السفينة ونحوها فيما إذا نزلوها معا أما لو سبق بعضهم بعضا فالسابق أحق بموضعه قلت وهذا فيما إذا كانت مسبلة مثلا أما لو كانت مملوكة لهم مثلا فالقرعة مشروعة إذا تنازعوا والله أعلم"([115]). قال ابن حجر : قوله (مثل المدهن )بضم أوله وسكون المهملة وكسر الهاء بعدها نون أي المحابي والمراد به من يرائي ويضيع الحقوق ولا يغير المنكر قوله (والواقع فيها) كذا وقع هنا وقد تقدم في الشركة من وجه آخر عن عامر وهو الشعبي (مثل القائم على حدود الله والواقع فيها) وهو أصوب لأن المدهن والواقع أي مرتكبها في الحكم واحد والقائم مقابله ووقع عند الإسماعيلي في الشركة مثل القائم على حدود الله والواقع فيها وهذا يشمل الفرق الثلاث وهو الناهي عن المعصية والواقع فيها والمرائي في ذلك ([116]).وفيه جواز قسمة العقار المتفاوت بالقرعة وإن كان فيه علو وسفل ([117]).
الصورة الرابعة القرعة لاستضافة الضيف:
اقتراع الأنصار لاستضافة المهاجرين : وأن عثمان بن مظعون طار سهمه في السكنىلآل أم العلاء . روى البخاري أن أم العلاء امرأة من الأنصار بايعت النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أنه اقتسم المهاجرون قرعة قالت: فطار لنا عثمان بن مظعون فأنزلناه في أبياتنا فوجع وجعه الذي توفي فيه فلما توفي وغسل وكفن في أثوابه دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت رحمة الله عليك أبا السائب فشهادتي عليك لقد أكرمك الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم : وما يدريك أن الله أكرمه فقلت بأبي أنت يا رسول الله فمن يكرمه الله فقال أما هو فقد جاءه اليقين والله إني لأرجو له الخير والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي قالت فوالله لا أزكي أحدا بعده أبدا ([118])
وتكرر في باب القرعة بلفظ (أن عثمان بن مظعون طار لهم سهمه في السكنى حين أقرعت الأنصار سكنى المهاجرين قالت أم العلاء فسكن عندنا عثمان بن مظعون)([119])
وفي هذا الحديث إجراء للقرعة وإقرار لها من أول الهجرة إلى المدينة المنورة قال ابن حجر :" والغرض منه قولها فيه أن عثمان بن مظعون طار له سهمه في السكنى ومعنى ذلك أن المهاجرين لما دخلوا المدينة لم يكن لهم مساكن فاقترع الأنصار في إنزالهم فصار عثمان بن مظعون لآل أم العلاء فنزل فيهم"([120])
الصورة الخامسة :القرعة بين المختلفين من يقسم ويحلف باليمين : روى البخاري في صحيحه تعليقاً :قال أبو هريرة عرض النبي صلى الله عليه وسلم على قوم اليمين فأسرعوا فأمر أن يسهم بينهم أيهم يحلف([121]). قال ابن حجر " وقال أبو هريرة عرض النبي صلى الله عليه وسلم الخ وصله قبل بأبواب وتقدم الكلام عليه في باب إذا تسارع قوم في اليمين وهو حجة في العمل بالقرعة"([122]).
الصورة السادسة :القرعة والاستهام بين المملوكين المعتق بعضهم: وفي صحيح مسلم بسنده عن عمران بن حصين أن رجلا أعتق ستة مملوكين له عند موته لم يكن له مال غيرهم فدعا بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فجزأهم أثلاثا ثم أقرع بينهم فأعتق اثنين وأرق أربعة وقال له قولا شديدا ([123])
القرعة فيها لتطييب نفوسهم وبراءة للتهمة من إيثار بعضهم بها ولو اصطلحوا على ذلك جاز من غير قرعة وأما الحريةالواقعة على واحد منهم فغير جائز نقلها عنه إلى غيره وفي استعمال القرعة نقل الحرية عمن وقعت عليه وإخراجه منها مع مساواته لغيره فيها
الصورة السادسة : القرعة والاستهام بين المختلفين في الميراث عن أم سلمة قالت أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلان يختصمان في مواريث لهما لم تكن لهما بينة إلا دعواهما فقال النبي صلى الله عليه وسلم (إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع منه فمن قضيت له من حق أخيه بشيء فلا يأخذ منه شيئا فإنما أقطع له قطعة من النار
فذكر مثله فبكى الرجلان وقال كل واحد منهما حقي لك فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم أما إذ فعلتما ما فعلتما فاقتسما وتوخيا الحق ثم استهما ثم تحالا)([124]).
وهذا الاستهام هو القرعة التي يقرع بها عند القسمة وفيه دلالة على جواز القرعة في القسمة ([125])
بل لعل الحديث دال على المشروعية والله أعلم .
الصورة السابعة :القرعة في إجابة الدعوة ومن مسائل القرعة إجابة دعوة وليمة العرس فمن سبق تعينت الإجابة له دون الثاني وأن جاءا معا قدم الأقرب رحما على الأقرب جوارا على الأصح فإن استويا أقرع ([126])
<3756> باب إذا اجتمع الداعيان أيهما أحق
إذا اجتمع الداعيان أي معا فإن أقربهما بابا أقربهما جوارا هذا دليل لما قبله وإن سبق أحدهما فأجب الذي سبق لسبق تعلق حقه ، قال العلقمي فيه دليل أنه إذا دعا الإنسان رجلان ولم يسبق أحدهما الآخر أجاب أقربهما منه بابا فإذا استويا أجاب أكثرهما علما ودينا وصلاحا فإن استويا أقرع([127]).
والناظر فيما ورد في القرعة من أحاديث يجد أن القرعة إما أن تكون في الحقوق المتساوية ،: مثل : الأئمة في الصلوات والمؤذنين والأقارب في تغسيل الموتى والصلاة عليهم والحاضنات إذا كن في درجة والأولياء في التزويج والاستباق إلى الصف الأول وفي إحياء الموات وفي نقل المعدن ومقاعد الأسواق والتقديم بالدعوى عند الحاكم والتزاحم على أخذ اللقيط والنزول في الخان المسبل ونحوه وفي السفر ببعض الزوجات وفي ابتداء القسم والدخول في ابتداء النكاح.
وإما أن تكون في تعيين الملك مثل : الإقراع بين العبيد إذا أوصى بعتقهم ولم يسعهم الثلث . والإقراع بين الشركاء عند تعديل السهام في القسمة([128]) .
الخاتمـــة: وفيها أهم النتائج.
قال ابن العربي عند قوله تعالى) فساهم فكان من المدحضين (
نص على القرعة وكانت في شريعة من قبلنا جائزة في كل شيء على العموم على ما يقتضيه موارد أخبارها في الإسرائيليات وجاءت القرعةُ في شرعنا على الخصوص على ما أشرنا إليه في سورة آل عمران فإنَّ القوم اقترعوا على مريم أيَّهم يكفُلُها وجرت سهامهم عليها والقول في جرية الماء بها وليس ذلك في شرعنا وإنما تجري الكفالة على مراتب القرابة وقد وردت القرعة في الشرع في ثلاثة مواطن
الأول كان النبي إذا أراد سفراً أقرع بين نسائه فأيتهنَّ خرج سهمُها خرج بها معه
الثاني أنَّ النبي رُفع إليه أنّ رجلا أعتق في مرض موته ستة أعبد لا مالَ له غيرهم فأقرع بينهم فأعتق اثنين وأرقّ أربعة
الثالث أن رجلين اختصما إليه في مواريث درست فقال اذهبا وتوخّيا الحق واستهما وليحلل كلّ واحد منكما صاحبه
فهذه ثلاثة مواطن وهي القسم في النكاح والعتق والقسمة وجريانا لقرعة فيها لرفع الإشكال وحسم داء التشهي واختلف علماؤنا في القرعة بين الزوجات عند الغزو على قولين والصحيح منهما الاقتراع وبه قال أكثر فقهاء الأمصار وذلك لأن السفر بجميعهن لا يمكن واختيار واحدة منهن إيثار فلم يبق إلا القرعة
وكذلك مسألة الأعبد الستة فإن كل اثنين منهم ثلث وهو القدر الذي يجوز له فيه العتق في مرض الموت وتعيينهما بالتشهّي لا يجوز شرعاً فلم يبق إلا القرعة
وكذلك التشاجر إذا وقع في أعيان المواريث لم يميز الحقَّ إلا القرعة فصارت أصلاً في تعيين المستحق إذا أشكل([129]).
المراجع
1- أحكام القرآن للإمام أبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي ،طبع دار الكتب العلمية 1400هـ، بيروت .
2- أحكام القرآن لأبي بكر محمد بن عبد الله بن العربي ، دار الفكر ،بيروت، لبنان.
3- أساس البلاغة ، محمود بن عمر الزمخشري، طبع دار صادر ، بيروت الأولى ، 1412هـ
4- تفسير السيوطي الدر المنثور في التفسير بالمأثور لجلال الدين السيوطي تحقيق د. عبد الله التركي بالتعاون مركز البحوث بدار هجر ، الطبعة الأولى ، القاهرة 1443هـ.
5- تفسير السعدي تيسير كلام الرحمن في تفسير كلام المنان ، الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي تحقيق عبدالرحمن بن معلا اللويحق طبع دار الرسالة ، الأولى 1443هـ.
6- تفسير الطبري ، جامع البيان عن تأويل آي القرآن ، تحقيق د. عبد الله التركي بالتعاون مركز البحوث بدار هجر ، الطبعة الأولى ، القاهرة 1443هـ.
7- تفسير ابن كثير ، تفسير القرآن العظيم لأبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي ، مؤسسة الريان الطبعة الثانية،1420هـ
8- تفسير القرطبي ، الجامع لأحكام القرآن لأبي عبد الله محمد الأنصاري القرطبي مصورة عن الطبعة المصرية المصححة 1372هـ.
9- التفسير الميسر إعداد نخبة من العلماء ، طبع ، مجمع الملك فهد لطباعة المصحف بالمدينة المنورة 1418هـ
10- التمهيد لابن عبد البر يوسف بن عبد الله النمري ، وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية1406هـ
11- زاد المسير في علم التفسير لابن الجوزي،طبع المكتب الإسلامي بيروت ، الطبعة الرابعة 1407هـ
12- السبعة في القراءات لابن مجاهد، تحقيق د. شوقي ضيف، الطبعة الثانية 1980م دار المعارف مصر
13- السنن الكبرى ، أحمد بن حسين البيهقي ، دار الباز مكة المكرمة 1414هـ
14- سنن أبي داود سليمان بن الأشعث، تحقيق محي الدين دار الفكر، بيروت.
15- سنن النسائي الكبرى ، أحمد بن شعيب النسائي،دار الكتب العملية،الأولى، 1411هـ بيروت.
16- شرح مسلم شرح النووي على صحيح مسلم ، يحي بن شرف النووي، دار إحياء التراث العربي بيروت 1392هـ
17- صحيح الإمام مسلم بن الحجاج ،تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي، دار إحياء الكتب العربية ، بيروت،
18- صحيح البخاري لمحمد بن إسماعيل البخاري،ترقيم مصطفى البغا ، دار ابن كثير واليمامه، بيروت 1407هـ الخامسة.
19- الطبقات الكبرى، محمد بن سعد الزهري ، دار صادر بيروت.
20- عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ ، أحمد بن يوسف السمين الحلبي، تحقيق محمود السيد الدغيم ، دار السيد للنشر تركيا 1407هـ
21- عون المعبود شرح سنن أبي داود، تأليف : محمد شمس الحق العظيم آبادي ، دار الكتب العلمية ، بيروت1405، الثانية.
22- غريب الحديث للخطابي حمد بن محمد أبو سليمان ، نشر مركز البحث العلمي وإحياء التراث الإسلامي، جامعة أم القرى 1402هـ
23- الفائق في غريب الحديث ،محمود بن عمر الزمخشري ، دار المعرفة لبنان ،طبعة الثانية
24- فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني طبع دار الفكر صورة من طبعة المكتبة السلفية
25- في ظلال القرآن ، سيد قطب ، طبع در الشروق ، العاشرة ، 1402هـ
26- القرعة وأثرها الشرعي وتطبيقاتها العملية في أحكام الأسرة ، اعداد فهد البسام بإشراف أ.د. أحمد فراج حسن. رسالة ماجستير في المعهد العالى للقضاء ، جامعة الإمام محمد بن سعود .
27- القرعة ومجالات تطبيقها العملية في الفقه الإسلامي ، اعداد. عبدالله بن موسى العمار بإشراف د.صالح بن عبد الرحمن الأطرم الأستاذ المشارك في قسم الفقه بكلية الشريعة بالرياض.1406،1407هـ
28- لسان العرب لابن منظور طبع دار صادر 1413هـ بيروت.
29- مسند الإمام أحمد بن حنبل شارك في تحقيقه نخبة من العلماء بإشراف د. عبد الله التركي طبع مؤسسة الرسالة الأولى 1414هـ.
30- معاني القراءات لأبي منصور الأزهري محمد بن أحمد، تحقيق ، د. عيد مصطفى درويش، ود. عوض بن حمد القوزي، الطبعة الأولى ، طبع دار المعارف بمصر 1412هـ
31- معاني القرآن لأبي جعفر النحاس تحقيق الشيخ محمد علي الصابوني ، الأولى، طبع معهد البحوث الإسلامية بجامعة أم القرى.
32- معجم مقاييس اللغة لأحمد بن فارس1399هـ طبع مؤسسة الرسالة بيروت1414هـ
33- المفردات في غريب القرآن لأبي القاسم الحسين بن محمد الراغب الأصفهاني، تحقيق سيد محمد كيلاني ،طبع دار المعرفة ، بيروت.
34- الموسوعة الفقهية، وزارة الشؤون الإسلامية ، الكويت الطبعة الأولى 1416هـ مطابع دار الصفوة ج.م.ع
الهوامش والتعليقات :
([1]) القرعة ومجالات تطبيقها العملية في الفقِه الإسلامي (1/ب)، إعداد. عبد الله بن موسى العمار بإشراف د.صالح بن عبد الرحمن الأطرم الأستاذ المشارك في قسم الفقه بكلية الشريعة بالرياض.1406،1407هـ.
([2]) القرعة وأثرها الشرعي وتطبيقاتها العملية في أحكام الأسرة ، اعداد فهد البسام بإشراف أ.د. أحمد فراج حسن (ص7).
([3]) المرجع السابق (231-232) .
([4]) معجم مقاييس اللغة لابن فارس( ص881) (ق ر ع ).
([5]) أساس البلاغة للزمخشري (503) ق رع .
([6]) لسان العرب لابن منظور (8 ص266) (ق ر ع ).
([7]) ينظر غريب الحديث للخطابي ج1/ص170-171، لسان العرب (ج: 1 ص: 751) (ن ح ب)
([8]) القرعة ومجالات تطبيقها العملية في الفقه الإسلامي (1/14).
([9]) المرجع السابق (1/18).
([10]) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (3/58).
([11]) سورة آل عمران:44 .
([12]) سورة آل عمران:الآية :37.
([13]) سورة الصافات: الآيات 139 -141.
([14]) سورة: آل عمران:44.
([15]) سورة الصافات:139-141.
([16]) أحكام القرآن 1 ج: 2 ص: 158.
([17]) فتح الباري 5 / 293 باب القرعة في المشكلات .
([18]) أحكام القرآن لابن العربي ج4/ص37
([19]) تفسير القرطبي ج4/ص86.
([20]) صحيح البخاري ج 2 ص 954باب القرعة في المشكلات .
([21]) صحيح البخاري ج: 4 ص: 1774.باب قوله )لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً(برقم (4473).
([22]) صحيح البخاري مع فتح الباري 2/ص96 برقم (615).
([23]) المرجع السابق ( 2/96 ) في ترجمة الباب.
([24]) سنن النسائي الكبرى ج3/ص496.
([25]) السنن الكبرى للبيهقي ج10/ص259برقم 21026 .
([26]) تفسير القرطبي ج4/ص86-87.
([27]) ينظر الموسوعة الفقهية (33/137).
([28]) فتح الباري ج5 ص293
([29]) ينظر الموسوعة الفقهية (33/138).
([30]) سورة آل عمران : (37).
([31]) سورة آل عمران : (44).
([32]) سورة آل عمران : (33) (34) .
([33]) تفسير القرآن العظيم لابن كثير (1/468).
([34]) تفسير السعدي (1/129).
([35]) سورة آل عمران : (35) .
([36]) في ظلال القرآن (1/392).
([37]) التفسير الميسر (54).
([38]) سورة آل عمران : (36).
([39]) معاني القرآن للنحاس (1/386).
([40]) تفسير القرآن العظيم لابن كثير (1/469) وهما قراءتان سبعيتان ، السبعة لابن مجاهد (204) ومعاني القراءات للأزهري (251)..
([41]) سورة آل عمران : (36).
([42]) صحيح البخاري ج4/ص1655 كتاب التفسير باب (وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم )برقم (4274).
([43]) سورة آل عمران : (37).
([44]) تفسير القرآن العظيم (1/470).
([45]) ينظر جامع البيان عن تأويل آي القرآن (5/350-351). وتفسير القرآن العظيم لابن كثير (1/470-471) .
([46]) سورة آل عمران : (37).
([47]) سورة آل عمران : (38).
([48]) سورة آل عمران : (39).
([49]) التفسير الميسر (ص55).
([50]) سورة آل عمران : (40) (41) .
([51]) التفسير الميسر (ص55).
([52]) سورة آل عمران : (42)(43).
([53]) سورة آل عمران : (44).
([54]) التفسير الميسر (ص55).
([55]) تفسير القرآن العظيم (1/470).
([56]) سورة آل عمران : (44).
([57]) المفردات للراغب الأصفهاني (ص436).
([58]) عمدة الحفاظ في تفسير أشرف الألفاظ (ص497). مادة (كفل).
([59]) تفسير القرطبي ج4/ص70 وينظر السبعة لابن مجاهد (204) ومعاني القراءات للأزهري (1/251).
([60]) صحيح البخاري ج5/ص2032، باب الإشارة في الطلاق والأموربرقم (4998).
([61]) مسند أحمد بن حنبل ج5/ص265 برقم (22338).
([62]) سورة آل عمران : (44).
([63]) زاد المسير ج: 1 ص: 388
([64]) تفسير ابن كثير ج2/ص450
([65]) تفسير ابن كثير ج2/ص450
([66]) ينظر تفسير الطبري ج: 3 ص: 242.
([67]) تفسير الدر المنثور ج: 2 ص: 181، تفسير القرطبي ج: 4 ص: 86.
([68]) أحكام القرآن للشافعي (158).
([69]) تفسير الطبري ج: 3 ص: 243. زاد المسير ج: 1 ص: 388
([70]) نينوى بكسر أوله وسكون ثانيه وفتح النون والواو بوزن طيطوى وهي قرية يونس بن متى عليه السلام بالموصل وبسواد الكوفة ناحية يقال لها نينوى منها كربلاء التي قتل بها الحسين رضي الله عنه (معجم البلدان ج5/ص339) وهي من أرض العراق التي تعاني هذه الآيام من الحروب والفتن حرسها الله وفرج عن أهلها.
([71]) سورة يونس:98، ينظر تفسير ابن كثير (2/564).
([72]) سورة الصافات:141.
([73]) تفسير ابن كثير ( ج: 3 ص: 257) تفسير القرطبي ج: 15 ص: 125.
([74]) الدر المنثور ج: 4 ص: 70.
([75]) سورة يونس:98.
([76]) التفسير الميسر (220).
([77]) سورة الأنبياء:87.
([78]) التفسير الميسر (329).
([79]) سورة الأنبياء:88 .
([80]) سورة الصافات: 139-140.
([81]) سورة الصافات:141.
([82]) سورة الصافات:142.
([83]) سورة الصافات: 143-144.
([84]) التفسير الميسر (451).
([85]) سورة الصافات:145 والتفسير الميسر (451).
([86]) سورة الصافات:146.
([87]) سورة الصافات: 147-148 .
([88]) سورة القلم:48-50.
([89]) التفسير الميسر (566).
([90]) أحكام القرآن للشافعي (2/157).
([91]) أحكام القرآن لابن العربي (ج4/ص37)
([92]) فتح الباري ج5 ص294.
([93]) تفسير ابن كثير (3/256). زاد المسير ج: 7 ص: 87.
([94]) سورة المائدة:3 .
([95]) ينظر أحكام القرآن لابن العربي (2/545) والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (6/58)
([96]) ينظر والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (6/58)
([97]) ينظر والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (6/58)
([98]) ينظر عمدة الحفاظ (222) مادة زلم
([99]) سورة المائدة:3.
([100]) سورة المائدة:90. أحكام القرآن 2 ج: 4 ص: 127.
([101]) سورة المائدة:90.
([102]) الفائق ج: 3 ص: 425.
([103]) الطبقات الكبرى ج 1 ص 84.
([104]) تفسير القرطبي ج: 6 ص: 59.
([105]) صحيح البخاري ج: 2 ص: 954.باب : القرعة في المشكلات كتاب الشهادات برقم(2542).
([106]) الدر المنثور ج: 4 ص: 70، لباب النقول ج: 1 ص: 154.
([107]) التمهيد لابن عبد البر ج 19 ص 266.
([108]) صحيح البخاري مع فتح الباري 2/ص96 برقم (615).
([109]) فتح الباري (2/96-97) كتاب الأذان ، باب : الاستهام في الأذان .
([110]) صحيح مسلم (1/326) باب تسوية الصفوف وإقامتها وفضل الأول فالأول منها والازدحام على الصف الأول والمسابقة إليها وتقديم أولي الفضل وتقريبهم من الإمام برقم (439)
([111]) الدر المنثور ج: 5 ص: 74.
([112]) شرح مسلم شرح النووي على صحيح مسلم ج 4 ص 83.
([113]) صحيح البخاري (2/954) باب القرعة في المشكلات برقم (2540).
([114]) فتح الباري ج2/ص96 ،97.
([115]) فتح الباري ج5/ص295.
([116]) فتح الباري ج5 ص295.
([117]) فتح الباري 5 / 296.
([118]) صحيح البخاري ج1/ص419 باب الدخول على الميت إذا أدرج في كفنه برقم (1186)
([119]) صحيح البخاري ج 2 ص 954-955باب القرعة في المشكلات برقم [2541].
([120]) فتح الباري شرح صحيح البخاري ج 5 ص 295 باب القرعة في المشكلات وبين الحافظ وجه إدخالها في كتاب الشهادات لأنها من جملة البينات التي تثبت بها الحقوق فكما تقطع الخصومة والنزاع بالبينة كذلك تقطع بالقرعة.
([121]) صحيح البخاري ج 2 ص 954باب القرعة في المشكلات .
([122]) فتح الباري شرح صحيح البخاري5/ص294باب القرعة في المشكلات .
([123]) صحيح مسلم ج 4 ص 1288، كتاب الأيمان برقم[1668]. التمهيد ج 23 ص 416.
([124]) سنن أبي داود ج3/ص301 3584
([125]) أحكام القرآن 2 ج: 1 ص: 314.
([126]) فتح الباري 9/242 .
([127]) عون المعبود شرح سنن أبي داودج 10 ص 163 .
([128]) فتح الباري ج5 ص293
([129]) أحكام القرآن لابن العربي ج4/ص37.