هو الإمام حافظ المذهب المالكي ، حبر تلمسان و فاس ، حجة المغاربة على الأقاليم أبو العباس أحمد بن يحيى بن محمد بن عبد الواحد بن علي الونشريسي التلمساني الأصل والمنشأ الفاسي الدار والمدفن ، ولد حوالي سنة 834 هـ / 1443 م بقرية من قرى ونشريس
طلبه العلم و شيوخه :
حفظ القرآن الكريم في كتاب قريته ، و تعلم مبادئ العربية على يد شيوخها ، و لما لاحظ والده حبه للعلم و اجتهاده في طلبه ، انتقل به الى مدينة تلمسان و كانت اذ ذاك حاضرة العلم و الثقافة ، فأخذ عن علمائها و شيوخها و منهم:
شيخ شيوخ وقته في تلمسان ، الفقيه المفسر، النحوي ابن العباس التلمساني ، محمد بن العباس بن محمد بن عيسى العبادي، أبو عبد الله ( ت 871 هـ ).
أبو الفضل ، قاسم بن سعيد بن محمد العقباني التلمساني المغربي المالكي( ت 854 هـ ) قال عنه أحمد بابا : " شيخ الإسلام ومفتي الأنام الفرد العلامة الحافظ القدوة العارف المجتهد المعمر " ابن سعيد بن محمد العقباني التلمساني قاضي بجاية ، و تلمسان وله في ولاية القضاء مدة تزيد على أربعين سنة ، و هو كبير عائلة العقبانيون العلماء .
و ابنه قاضي الجماعة بتلمسان ابو سالم ابراهيم بن قاسم بن سعيد العقباني ( ت 880 هـ ).
و حفيده القاضي محمد بن احمد بن قاسم بن سعيد العقباني ( ت 871 ).
و محمد بن احمد بن عيسى ابن الجلاب ( ت 875 هـ )
و محمد ابن مرزوق الكفيف ( ت 914 )، وقد وصفه الونشريسي في وفياته : " بالفقيه الحافظ المصقع ،و بالمحدث المسند الراوية " .
أبو زكريا يحيى بن موسى ( ابي عمران )ابن عيسى بن يحي المازوني ( ت 833 هـ / 1478 م ) " فقيه مالكي من اهل مازونة من اعمال وهران ، ولي قضاء بلده ، له " الدرر الكامنة في نوازل مازونة " و هي فتاوي ضخمة في ديوانين في فتاوى معاصريه من أهل تونس و بجاية و الجزائر و تلمسان و غيرهم ، ومنه استمد الونشريسي مع نوازل البرزلي و غيرها ، رحل إلى تلمسان حاضرة بني زيان ، فأصبح احد ابرز وجوهها العلمية في الفقه المالكي .
قال عنه الونشريسي : " الصدر الأوحد العلامة العلم الفضال ذي الخلال السنية ، سني الخصال شيخنا و مفيدنا و ملاذنا و سيدنا ، ومولانا و بركة بلادنا أبي زكريا يحي و هو من العلماء الكبار الذين تناولوا الفتوى ، و أصبحوا مرجعية فقهية ، و لم يتوظف بعلمه عند السلطة ".
الشيخ العالم المحدث أبو عبد الله محمد بن الحسن بن مخلوف الراشدي ( ت 868 هـ ).
المعروف بابركان (يعني الأسود بالبربرية), فقيه مالكي محدث من أهل تلمسان مؤلف : " الزند الواري في ضبط رجال البخاري " و " فتح المبهم في ضبط رجال مسلم." و " المشرع المهيأ في ضبط مشكل رجال الموطأ. " و غيرها .
محنته و سفره الى فاس:
في أول محرم سنة 874 هـ و كان قد بلغ الأربعين من عمره و ذاع صيته في تلمسان و المغرب العربي و اشتهر بعلمه و فقهه و شدته في قول الحق و انه قوال للحق لا تأخذه في الله لومة لائم و ذلك في تيئة انتشرت فيها الاضطرابات و المشاكل السياسية ، فانتشرت
اللصوصية و الظلم و الضرار و تهريب السلاح و المصادمات الجماعية و الاوبئة و المجاعات و نحوها ، و هي الدوافع التي ارغمت الناس على مغادرة منازلهم و اوطانهم ، فالحروب و الغارات لم تسمح للفلاحين بالقيام بزراعة الاوض و توفير الانتاج ، و انعدام الامن و تراخي قبضة السلطان جعلت الناس يفتقدون العدل في الحكم و يعتمدون على انفسهم في نيل حقوقهم ، و هكذا اصبح العلماء و القضاة ، هم الذين يقومون بالسهر على تنفيذ القانون و انى لهم ذلك في مجتمع يسوده الفساد و الاضطراب ، و هكذا تعرض العلماء الى مضايقات الحكام و ظلمهم لصدعهم بكلمة الحق ، و منهم مترجمنا الذي غضب عليه السلطان ابو ثابت الزياني فامر بنهب داره فخرج فارا بدينه و اهله الى مدينة فاس بالمغرب الأقصى
سنة 874 هـ ،
إقامته بمدينة فاس المضيافة:
لما وصل فارا الى مدينة فاس استقبلته هذه البلدة الطيبة استقبالا رائعا ، و لقي من أهلها كل ترحيب و تبجيل ، فقد احتفى به علمائها و فقهائها ، و أقبل عليه العلماء و طلبة العلم ينهلون من دروسه و فقهه ما جعله ينسى غربته ، و يستقر فيها هو و أهله ، حتى وفاته رحمه الله، و بمدينة فاس كان يحضر مجلس القاضي
محمد بن محمد بن عبد الله اليفرني الشهير بالقاضي المكناسي ( ت 917 هـ ) ، كما أخذ العلم عن معاصره
– الامام المسند المحدث المقرئ ابن غازي المكناسي ( ت 919 )، و قد اجازه بجميع مروياته و فهرسته المسماة (التعلل برسوم الإسناد)
وقد قام بتحقيقها الاستاذ محمد الزاهي ، و نشرتها دار المغرب الدار البيضاء: 1399هـ/1979هـ.
و قد ذكره تلميذه الونشريسي في فهرسته فقال عنه :
كان متقدما في الحديث حافظا له واقفا على أحوال رجاله وطبقاتهم ضابطا لذلك كله مقنيا به ذاكرا للسير والمغازي والتواريخ والأدب فاق في ذلك حلة أهل زمانه وألف في الحديث حاشية علي البخاري في أربعة كراريس وهي أنزل تواليفه واستنبط من حديث أبا عمير ما فعل التغير مائتي فائدة وله في التاريخ الروض الهتون وفهرسة شيوخه وكان يسمع في كل شهر رمضان صحيح البخاري قال وبالجملة فهو آخر المقرئين وخاتمة المحدثين" [ عبد الحي الكتاني فهرس الفهارس: (2 / 892)].
و هكذا العالم الحقيقي فان كبر سنه و ما بلغه من علم و فقه لم يمنعاه من طلب العلم و الجلوس للأخذ و التلقى عن العلماء.
و أقبل عليه طلاب العلم يستفيدون من دروسه و مجالسه ، فكان يدرس المدونة و مختصر ابن حاجب الفرعي ،
و علوم العربية من نحو و صرف و بلاغة.
قال المنجور في فهرسته ص 50 : " و كان مشاركا في فنون من العلم حسب ما تظمنت فهرسته …..و كان فصيح اللسان و القلم ، حتى كان بعض من يحضر تدريسه يقول : لو حضر سيبويه لأخذ النحو من فيه ، أو عبارة نحو هذا ".
و اشتهر اكثر ما اشتهر بالفتوى و الفقه ، فكان الناس يقصدونه من كل صوب يستفتونه ، كما راسله العلماء يطلبون منه الافتاء و الرأي.
تلاميذه :
استفاد من علمه و فقهه و تخرج على يديه عدد من الفقهاء الذين بلغوا درجات عليا في التدريس و القضاء و الفتيا منهم:
– ولده عبد الواحد الونشريسيي ، شهيد المحراب قاضي فاس و مفتيها ( ت 955 هـ )
– محمد بن محمد ابن الغرديس التغلبي قاضي فاس و ابن قاضيها ( ت 976 هـ ) ،
– محمد بن عبد الجبار الورتدغيري المحدث الفقيه ( ت 956 هـ ) ،
– ابن هارون المطغري،أبو الحسن علي بن موسي بن علي ابن موسى بن هارون وبه عرف من مطغرة تلمسان " الإمام العلامة المؤرخ المتفنن مفتي فاس وخطيب جامع القرويين ، توفي بفاس سنة 951 وقد ناف على الثمانين " و غيرهم خلق كثير .
آثاره :
– المعيار المعرب و الجامع المغرب عن فتاوى إفريقية والمغرب.
– إيضاح المسالك الى قواعد الإمام مالك.
– القواعد في الفقه المالكي.
– تعليق على ابن الحاجب.
– المنهج الفائق، والمنهل الرائق في أحكام الوثائق.
– غنية المعاصر والتالي على وثائق الفشتالي.
– اضاءة الحلك في الرد على من أفتى بتضمين الراعي المشترك.
– الولايات في مناصب الحكومة الاسلامية والخطط الشرعية.
– المختصر من أحكام البرزلي.
– الفروق في مسائل الفقه.
و غيرها.
وفاته :
توفي رحمه الله يوم الثلاثاء موفى عشرين من صفر سنة 914 هـ ، وقد ناف عن 80 عاما بمدينة فاس و دفن بها.
كلمة عن موسوعته الفقهية : " المعيار المعرب عن فتاوى إفريقية والمغرب"
هذه الموسوعة الفقهية تقع في 12 مجلدا ، و قد حوت على اجتهادات فقهاء القيروان و بجاية و تلمسان و فاس و مراكش و سبتة و غرناطة و قرطبة و غيرها من عواصم الغرب الاسلامي طوال ثمانية قرون ، و قد التزم فيها الونشريسي الأمانة العلمية و النقل الصادق فكان " يثبت اسماء المفتيين و نصوص الاسئلة الا في حالات نادرة جدا يعتذر فيها عن عدم وقوفه على نص السؤال او يقول سئل فلان عن مسألة او مسائل تظهر من الجواب ، و ياتي بنصوص الاسئلة كما هي و لو انها في الغالب محررة من طرف العوام او اشباه العوام ، و لا تسمح له امانته العلمية بالتصرف فيها او تقويمها ، فتنحرف احيانا عن الاسلوب الفصيح ، فلذلك تجد الكلمات الدارجة و العبارات الملحونة
استغرق فيه نحو ربع قرن من نحو سنة 890 هـ الى سنة وفاته 914 هـ
ليس الونشريسي جامع فتاوي فقط بل هو ناقد بصير ، يقبل و يرد ، يرجح و يضعف ، فتبدئ تعقيباته ب: " قلت " كما ان له فتاويه الخاصة اضافة الى تعقيباته
تتجلى مكانة المعيار في اهتمام الفقهاء به منذ عصر المؤلف الى يومنا هذا حتى انك لا تجد كتابا فقهيا الف بعده الا و فيه نقول منه اة احالات عليه و يزيد من قيمة المعيار اشتماله على تصوص من كتب فقهية اصيلة ضاعت فيما ضاع من كتب التراث في القرون الاخيرة " .
العلامة عبد المجيد حبة العقبي المغيري
[[الشيخ العلامة عبد المجيد حبة
" شيخ علماء الزيبان،قطب الزيبان ومفتي الصحراء،خزانة علم تمشي في الشوارع،العلامة المغمور،دائرة معارف تمشي في الأسواق ،الرجل العصامي ….هذه بعض الأوصاف والألقاب التي أطلقها مجموعة من الكتاب والباحثين على شخص العلامة عبد المجيد حبه ،الذي لم يكل عن التحصيل والبحث والتنقيب والمطالعة الجادة في شتى فروع العلوم طيلة حياته التي امتدت 81 سنة حتى أضحى مرجعا أساسيا لا يمكن لأي باحث مهما كانت قيمته العلمية أن يتجاوزه خاصة في مجال التاريخ وعلم الأنساب وشجرات العائلات وتراجم الشخصيات…"(1)
هذه مجموعة من الأوصاف وغيرها كثيـــر سنعرف حقيقتها في هذه العجالة وأنها لم تكن من لا شيء "وإن كان الشيخ لا يعتبر نفسه شيئا بل يعتقد جازما أن ليس في ترجمته ما يستحق التسجيل وهذا دليل واضح أن الشيخ كان عالما يحمل أوصاف العلماء ولا أعني صفة التواضع بل صفة لوم الذات والشعور بالحسرة أمام قصر العمر وسعة العلوم ورحابتها "¬¬¬¬¬¬(2)
فلقد ترجم الشيخ لنفسه ترجمة مختصرة بعد إلحاح تلميذه الأستاذ أحمد بن سايح عليه فبدأ الشيخ الترجمة بقوله : "بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فإن كان من يسعى لاستنباط شيء من لا شيء فهو هذا الابن الأديب الشاب النجيب : أحمد بن سايح الذي اقترح علي بإلحاح تسجيل كلمة عن حياتي التي أعتقد جازما دون تواضع أن ليس فيها ما يستحق التسجيل و لا فيها ما يذكر ويشكر أو يشكر فيذكر ،وإنما نزولا لاقتراح الأخ لحسن ظنه أقول :
إني –ولا أقول –أنا عبد المجيد بن محمد بن علي بن محمد الملقب حبة السلمي المغيري ،ولدت بمدينة سيدي عقبة شهر ربيع الأول –مارس عامي 1329ه/1911م من أبوين مسلمين في أسرة تملك من العقار والحيوان ما جعلها تعتني بالفلح وتربية الحيوان ولم يعش لأبوي سواي.
ولما بلغت من العمر على ما قيل ثلاث سنوات حملت إلى الكتاب …فحفظته(أي القرآن )مبكرا لكنني لم أفارق الكتاب إلا في عام 1926 (15 سنة )(3).
نسبه ينتمي إلى قبيلة بني سليم العربية(4) وقد أثبت هذا رحمه الله في الأرجوزة التي أعدها بنفسه في اثنان وأربعين بيتا التي منها:
وإنني إجابة للأمر ورغبة التعريف لا للفخر
ضمنت هذا الرجز انتسابي للعرب الكريمة الأحساب
فمن سليم نسبي ممتد وقيس عيلان لهذا جد
فشيخنا ينتمي إلى أسرة آل حبه من بني سليم التي تمركزت ببادية أم الطيور والمغير، وخلال النصف الثاني من القرن 19 ميلادي نزح بعضهم إلى منطقة سيدي عقبة و اشتروا بها أموالا مع بقائها على علاقتها بأهل المغير التي توجد بها بعض أملاكها.
وبهذا الموطن الجديد (سيدي عقبة)مسقط رأسه تعلم العلوم الشرعية على علماء بلدته حيث توفرت له أسباب طلب العلم في يسر حيث كانت أسرته مكتفية من نعم الله وهذا ما يذكرنا بقول الإمام مالك إمام دار الهجرة رحمه الله :"لو كلفت بصلة ما تعلمت مسألة " وهذا خاصة في زمن كثرت فيه الفتن وكثرت فيه مشاغل الحياة وصعب فيه الجمع بين التجارة والعبادة إلا بتوفيق من الله تعالى.
"فقد كان أبوه وإخوانه من أبناء الأسرة يعتنون بالفلاحة في حقول الزرع وبساتين النخيل وفي هذا الجو الأسري ولد الصبي عبد المجيد ففرحت به الأسرة أيم فرح ووفرت له الأسباب التي جعلته وحده يحظى بكامل عناية أبيه و أدخله الكتاب وهو ابن أربع سنين" (5) مع أبناء عمه وفي اليوم الأول ظهرت علامات نبوغه وسط أقرانه فقد حفظ الفاتحة في يومه الأول ولم يحفظ أبناء عمومته سوى آية أو آيتين فسر به جده كثيرا وقال له سيصبح لك شأن كبير فزادت هذه الكلمات من همة هذا الولد الصغير فحفظ القرآن وعمره لم يتجاوز 11 سنة وقيل 9سنوات. "فاختلف في حلقات العلم بمسجد عقبة بن نافع بلدته وكان ذلك مما أثلج صدر الوالد وهو يرى نجله الوحيد يثب من درجة إلى أخرى عل نهج العلم ليرتقي عبر دروبه إلى مرتبة الجلوس ين يدي كبار علماء القرية ينتفع بأخلاقهم و علمهم ،وإذا كان الوالد م تسعفه ظروفه الخاصة أن يأخذ حظه من نعمة اعلم فإن الولد كان على العكس من ذلك فقد وفرت له معظم الشروط اللازمة لينهل من معين المعرفة ما شاء وطاب …"(6)
"ولم يلبث التلميذ الصبي أن كبر وكبرت معه اهتماماته بهذا المسعى النبيل الذي فتح عينيه على أفق الحياة فوجد نفسه على دروبه وطفق يتذوق بعض ثمارها ويتشوف بعضها الآخر وهو يرتسم في صفحات الأفق من بعيد… فدفعه ذك إلى مضاعفة الجهد في طلب المزيد من مناهل العلم لإشباع نهمه من رياضه الخصبة اليانعة فعكف على ملازمة مجالس شيوخ قريته التي كانت مركز علم يتوافد على مجالس العلم بأروقة مسجدها العامر من جهات عديدة من البلاد…"(7)" و كان ينهض بمطالب هذه النفس الكبيرة :جسم شديد النحافة ذو قامة قصيرة غير أن الله قد عوض صاحبه عن ذلك قوة روحية كبيرة ولعل هذه المفارقة الواضحة بين طرفي هذه المعادلة في مقومات شخصيته "(8)
وكانت له قصة عجيبة عند بداية طلبه للعلم حيث إنه أراد أن يسافر لطلب العلم مع بعض إخوانه لطلب العلم الشرعي خارج البلد فبكت أمه لذلك لأنه كان ابنها الوحيد ولما رأى الشيخ عبد المجيد دموع أمه وضع حقيبته وقال لها سأبقى هنا معك وسأطلب العلم هنا وبقي الشيخ في بلدته رغم محاولات أمه لإقناعه بالذهاب. ولما يئست من ذهابه قالت له برك بي وإحسانك لي سيجعلك إماما إنشاء الله وسيفتح الله عليك وسيأتيك العلم إلى قدميك…وكان له ذلك رحمه الله تعالى
فكان لدعوة والدته وحسن تربيتها له الفضل الكبير بعد الله عز و جل
كما كانت الصفات التي يتمتع بها الشيخ سببا في نبوغه هذا بعد توفيق الله جل وعلا فقد كان يتصف رحمه الله بسرعة الحفظ والفهم والنباهة وقبل هذا حبه للعلم وأهله وبذل الغالي والنفيس من أجل تحصيله
وكان في كل هذا يتعلم بالطريقة التقليدية المعروفة في المغرب العربي وفي الجنوب الجزائري خاصة وهذه الطريقة تعتمد على الكتابة على اللوحة الخشبية بالصمغ بواسطة القلم المصنوع من القصب والصمغ وهذه الطريقة لا تزال إلى الآن في المنطقة فكل الأولاد يحفظون كتاب الله بها وهي أرسخ في الحفظ ومن جرب عرف هذا.
شيوخه الذين أخذ عنهم :
أخذ الشيخ العلم عن علماء بلدته وكان من أبرزهم و أعمقهم أثرا فيه:
الشيخ العلامة الصادق بلهادي (1869-1939): فقد تلقى عنه أغلب علومه في زاوية خنقة سيدي ناجي(9)
:فدرس عنه الآجرومية في المرحلة الابتدائية ثم أخذ عنه باقي العلوم مثل شمائل الترمذي في الحديث
رسالة ابن أبي زيد في الفقه ،الأزهرية في النحو،الرحبية في الفرائض،المقدمة الجزرية في التجويد وأخذ بحظ وافر في الشعر و الأدب كما كان رحمه الله يحفظ موطأ إمام دار الهجرة مالك ابن أنس إلى غير هذا من الكتب التي كان رحمه الله يحفظها
كما كان له نصيب وافر من علم الجبر والهندسة والفلك وغيرها من العلوم الدنيوية
بقي الشيخ عبد المجيد في هذه الزاوية مع شيخه بلهادي إلى حين وفاته رحمه الله سنة 1939 وهذا يدل على وفائه لشيخه رحمه الله (10)
وقد قال عنه شيخنا في ترجمته ما نصه:"وقد توالت مطالعاتي معه خاصة في كتب كثيرة ،واشهد الله أنه كان لصغري يعدني كأحد أبنائه عطفا وشفقة وفي الاحترام والتبجيل كأحد فلذاته….(11)
كما أخذ كذلك عن الشيخ محمد ابن الصالح بن منصور العقبي الملقب ب "ابن دايخة " (1889-1952 ) أخذ عنه تفسير الخازم وكذلك القطر و أوائل مختصر خليل وقد لازمه أيضا إل حين انتقاله إلى مدينة برج أم نائل سنة 1931
والشيخ اللغوي الهاشمي بن مبارك (1882-1967 )وقد سبق ترجمته في العدد الرابع عشرمن المجلة
وأخذ أيضا عن الشيخ العلامة الفاتح الطيب العقبي :درس عنده بمدينة الفاتح عقبة ثم أخذ عنه تفسير الخازم بجامع بكار عندما انتقل معه إلى بسكرة في شتاء1929 رفقة الشيخ الأزهري بحضور علماء كثيرين منهم مختار أرطباز اليعلاوي والأستاذ محمد العيد آل خليفة وكانت هذه الرحلة بداية المرحلة الثانية في طلب العلم
كما درس على يد الشيخ العلامة المصلح البشير الابراهيمي :أخذ عنه ربع المختصر،شرح القطر،رسالة البيان ،الجوهرة للعاني ،الألفية( أو اللامية) وكان شيخنا يقول:"إنه شيخ مشايخ الصحراء الأوراس و الحضنة"
وكذلك أخذ عن الشيخ لخضر بن ساكر
ومن العلماء الذين أخذ عنهم: الشيخ الطاهر العبيدي وهو صديقه المقرب
وكان على صلة وثيقة بأمير شعراء الجزائر محمد العيد آل خليفة وقد نظم هذا الأخير أبياتا في الثناء على سنذكرها تحت عنوان: مكانته بين علماء الوطن شيخنا
ولكن رغم كل هؤلاء العلماء فيمكن اعتبار شيخنا رجلا عصاميا فهو وإن استفاد منهم وخاصة الشيخ الصادق بن هادي والعلامة الفاتح الطيب العقبي والبشير الإبراهيمي لكنه لم يستمر معهم إلى مستويات متقدمة في هذه العلوم لأن العلوم في الزوايا آنذاك كانت تقسم إلى ثلاث مستويات(ومنهم من يقسمها إلى أربع مستويات)
1-المستوى الابتدائي 2-المستوى الثانوي 3-التعليم العالي أو بالأحرى بداية التعليم العالي
ويظهر أن شيخنا لم يكمل المرحلة الأخيرة خاصة أنه تصدر للتدريس مبكرا كما سيظهر لنا
وتظهر عصامية الشيخ جليا في العلم الذي اشتهر به وبرز فيه وهو علم الأنساب هذا العلم الذي نستطيع أن نقول أنه ذهب من المنطقة كلها بذهاب شيخنا رحمه الله
فقد كان الشيخ إلى جانب العلم المشيخي يضيف علما كتبيا حيث وبقي إلى أخريات حياته مدمنا على المطالعة شغوفا بالكتاب والقراءة والتحدث في مسائل العلم والمعرفةتصدره للتدريس بين علماء المنطقة الذين هم مشايخه :
بعد أن تضلع الشيخ في العلوم الشرعية وغيرها تصدر للتدريس والتعليم في حياة شيخه الصادق بلهادي وبحضوره فبل بلوغه سن الخامسة والعشرين والتف حول درس الشيخ طلبة العلم من البلدة وخارجها المقبلون من الأوراس والزاب ومنطقة المغير فدرس لهم ما تعلمه من شيوخه وزيادة وذكر في ترجمته أنه زاد على ما تعلمه عن شيوخه تدريس تفسير القرآن كله وكذا الموطأ بشرح السيوطي وشمائل الترمذي بشرح الياجوري و سبل السلام للصنعاني ورياض الصالحين و موعظة المؤمنين للقاسمي والأنوار المحمدية للنبهاني و الروضة الندية للقاواقجي …(12)
كما درس لخاصة الطلبة لامية الأفعال و معلقة امرئ القيس .
قال الشيخ رحمه الله في ترجمته:"وقد عزم علي(شيخه بلهادي)أن أعلم لأتمرن على الدرس ،فشرعت في التعليم وبحضوره أحيانا قبل بلوغ الخامسة والعشرين من عمري ،وكم يتهلل وجهه إذا أعجبه تعبيري ،بل كان إذا سئل وأنا معه يحيل الجواب علي ،وأغرب من هذا أنني كلما استعرت منه كتابا ثم رددته له ولم ير قلمي فيه يقول :لعلك لم تقرأه أو قرأته ولم تفهمه ،وأنا أحب أن تصلح ما فيه من خطأ مطبعي أو ترد على المؤلف ما أخطأ فيه ،حتى نعرف مدى إدراكك ومنتهى عقلك وكم مرة يلزمني أن أخلفه في خطبته في بعض الجمع فأأبى احتراما له فجزاه الله عني الجزاء الأوفى." (13)
كما درس بمسجد الفاتح عقبة بن نافع وهناك ختم تفسير القرآن الكريم تدريسا للعامة ما بين 1940 و 1952
و كان يدرس في غيره من المساجد كلما أتيحت له الفرصة لذلك
انتقاله إلى مدينة المغير:
في هذه السنة (1952)انتقل الشيخ إلى مدينة المغير (14) هو وعائلته وكان له من الولد محمود ولده الأكبر وقد توفي رحمه الله في مطلع عام 1995 بعد صراع طويل مع المرض وقد كان يشغل منصب مدير مستشفى المغير وولده الآخر الابن البار عقبة وهو يشغل الآن منصب الأمين العام لرئاسة الجمهورية
نزل الشيخ في بيت الحاج احمد طلحة ثم إلى دار الحاج مقدم براشد ثم في الدار هي التي يسكنها الآن الطالب حميدة أمد الله في عمره إلى أن أتم الشيخ أشغال الترميم في بيته المعروف الآن.
وكان من رجال الإصلاح في هذه المدينة قبل مجيء الشيخ :
الشيخ العلامة علي بن خليل :وهو الذي تسمى عليه المدرسة الابتدائية القديمة وهذا الرجل هو الذي نستطيع أن نقول إنه فاتح المغير فقد قضى على أغلب العادات والتقاليد الفاسدة التي كانت في المدينة
لما مات هذا الشيخ الجليل أرسلت جمعية العلماء المسلمين الشيخين : محمد بن عبد الرحمن المسعدي و لعروسي لحويتي وقد كان هاذين الشيخين أساتذة في مدرسة النجاح التابعة لجمعية العلماء المسمين .
وكان من رجال الإصلاح في حياة الشيخ :
الشيخ لخضر ثا بت أبو البنات رحمه الله :وهو أول من دعا وتصدر لتدريس البنات في مدينة المغير فكان يدرس في بيته حوالي مائة بنت يسهر على تعليمهن و تنشئتهن النشأة الإسلامية الصالحة فله الفضل بعد الله جل وعلا في حفظ كثير من نساء المغير كتاب الله جل وعلا والكثير من العلوم الشرعية
ولا تزال بعض تلميذاته اللاتي حفظن عنده القرآن على قيد الحياة إلى الآن أمد الله في عمرهن بخير آمين
وغير هؤلاء من الطلبة الذين درسوا سواء خارج المغير في سيدي عقبة أو قسنطينة أو الذين درسوا في المغير عند الشيخ و هؤلاء وإن لم يكونوا على قدر كبير من العلم إلا أنهم كانوا يحاولون الإصلاح بما يستطيعون .
مساهماته إبان حرب التحرير :
"كان الفقيد منذ شبابه وهو يسهم بمختلف نشاطاته في النهوض بالواقع الوطني :قياما برسالة التدريس وإسهاما في الإصلاح الاجتماعي ومناصرة للقضية الوطنية لكن من دون أن يتعصب لجهة أو تلك …وأنت إن حاولت أن تضع يدك على بعض ميوله السياسية فستنتهي بك المحاولة إلى أن الفقيد لم يكن منضويا تحت لواء حزب من الأحزاب ،كما لم يكن منضما الانضمام الرسمي إلى الحركة الإصلاحية ….
وظل وفيا لهذا المنهج فواصل نشاطه على دربه إلى أن نجح الشعب في جمع أشتات شمله وتوحيد كلمته وتفجير ثورته ليلة الفاتح من نوفمبر 1954 فكان الفقيد من أوائل المستجيبين لنداءات هذه الثورة ،ومن الواقفين إلى جانبها بالدعم المادي والمعنوي ؛يحض المواطنين على احتضانها ، ويجمع الأموال لفائدتها ، ويأوي في داره المجاهدين والمسبلين"(15) وهو أول من ترأس لجنة جبهة التحرير الوطني في المنطقة وكان ذلك لمدة ستة أشهر
ولما زار العقيد سي الحواس المنطقة سنة 1956 نزل في بيت الشيخ فقد كان مكلفا بتنظيم العمل الثوري وجمع السلاح حتى أصبح مشبوها عند الاستعمار كما جاء في ترجمته لنفسه والذي بحث عنه فخرج إلى البادية آخر عام 1957
بعثت السلطات الفرنسية في طلبه سنة 1957 هو وبعض الرجال فهربوا إلى البادية وتحديدا إلى القايد بن فلاح الحاج سي بلقاسم في أولاد جلال وغير لهم أسماءهم وكان الاسم الذي أطلقه على الشيخ هو "رزق الله محمد"وبهذا الاسم دخل العاصمة و المستشفى هناك في آخر جوان 1958 واستقر بالجزائر العاصمة وتحديدا في فندق قصر الشتاء المعروف باسم نزل بن الحفاف) الرابط بين يدي مسجد (كتشاوة) ساحة الشهداء …وكان من نصيبه به غرفة صغيرة جدا بالطابق الثالث ،وبالرغم من صغر مساحتها فقد اتخذ منها إلى جانب وظيفتها الأساسية وهي إيواؤه ـ حجرة للتدريس ومكتبة للمطالعة وقاعة للاجتماعات …و بها واصل بالرغم من قسوة الأوضاع وعسر الأهوال نشاطه الوطني والاجتماعي والتعليمي…وإن كثيرا من نزلاء الفندق كانوا ملاحقين من طرف الاحتلال وكانت قصصهم شبيهة بقصة الشيخ ..فاتخذوا لذلك من هذا النزل في تلك الأيام العصيبة العسيرة ملجأ استطاعوا أن يدفنوا بين جدرانه رؤوسهم بعض الوقت،ولا يعني هذا أن عين العدو كانت نائمة …"فمثلا "فيما يخص الشيخ حامت حوله الشكوك أكثر من مرة ،وحدث أن أوقفه جند الاحتلال وحده في إحدى حملاتهم المتكررة على النزل ذات ليلة من سنة 1960 واقتادوه إلى السجن ،وأمتعوه هذه المرة من دون غيره (بنزهة خاصة)من نزهات الجلادين …ولكن الله ختم على قلوبهم وجعل على أبصارهم غشاوة،وأسدل عليه أستاره و أنجاه من مكرهم فخلوا سبيله دون أن يتمكنوا من الوقوف على حقيقة أمره،فعاد إلى غرفته بالفندق ،وباشر نشاطه كالمعهود.
وظل على هذه السيرة ..ومضت السنون تشق طريقها في أخاديد الدهر من حوله كئيبة ثقيلة بما تضطر ه من أهوال حرب ومعاناة شعب وما تجود ه على النفس المرهفة من تاريخ الغربة والنوى،غربة عن الولد والأهل والأحباب.. .فالفكر منشغل والقلب معتمل بحاضر الوطن ومستقبله.. وبمصير أطفال صغار تركهم هناك في القرية..يأخذ هم الشوق والحنين مأخذهما إلى لقاء أب حنون كريم،أخرجته يد الطش ذات ليلة من داره فذهب ولم يعد.وأم بنين موزعة قواها النفسية والجسدية بين التفكير في توقعات الغيب المجهولة وين الحرص على النهوض بتبعات تربية الأولاد ورعاية شؤون البيت وبين معاناة فراق زوج طال وطال انتظاره…،كل هذه الخواطر تعمل عملها -ولاشك- في النفس الإنسانية ولكن النفس المؤمنة تختلج بأعماقها تلك المشاعر دون أن تقوى على النيل من عزيمتها،فتظل قوية الإيمان شديدة التفاؤل بدنو ساعة الخلاص … "(16)
وفي منتصف أفريل 1962 "حانت ساعة العودة إلى الديار،فرجع الشيخ إلى مسقط رأسه(سيدي عقبة) واستقبله الأهل والخلان وجميع السكان ببالغ التأثر وكامل الحفاوة …وحط الشيخ عصا ترحاله ببلدته وركن إلى زاوية في بيته يلملم أشتات فكره ويستعيد شريط الذكريات ويحاول أن يجمع قواه لاستئناف نشاطه غير أن سكان القرية (المغير) الذين افتقدوه زمنا طويلا ،واشتاقوا إلى السماع منه والإفادة من دروسه والانتفاع بمواعظه لم يمهلوه حتى يسترجع كامل قواه ،وإنما سارعوا إلى دعوته للقيام بالخطابة والإفتاء بالمسجد فلم يجد مندوحة من الاستجابة لهذا المطلب في هذا الظرف الاستثنائي"(17)
فمساهمة الشيخ إبان حرب التحرير كانت كبيرة فلقد قدم نفسه وجاد بها في سبيل الله تعالى لإعلاء كلمة الله سبحانه ليبقى الإسلام دائما في هذا الوطن العزيز وعرض نفسه وأهله وأولاده للأخطار من أجل تحقيق هذا الهدف النبيل فكل شيء يهون في سبيل الله
تصدره للتدريس و التعليم بمدينة المغير:
ذكرنا أن الشيخ تصدر للتدريس والتعليم بمسجد عقبة بن نافع حيث ختم فيه تفسير كتاب الله تعالى تدريسا للعامة بين 1940 و1952
وفي هذه السنة انتقل إلى مدينة المغير وبدأ فلي إلقاء الدروس وخطب الجمعة في مسجد العتيق ومسجد السوق وهو الذي يسمى مسجد بلال بن رباح الآن
وكان أسلوبه من السهل الممتنع فبالرغم من غزارة لغته إلا أنه يفهمه العامة حتى أنه كان يستعين بالعامية لإفهام الناس
وبفضل الله لقد تم لشيخنا ما كان يؤمله من تفسير كتاب الله فختم التفسير كاملا مرتين في هذه البلدة الطيبة
وهذا لحبه لكتاب الله جل وعلا واعتباره المدرسة التي يتكون فيها الرجال العظام من السلف والخلف
وقد حاول الشيخ تدريس بعض المتون للعوام لكن اختلاف ادراكات الناس حالت دون ذلك
وقد أخبرني بعض مقربي الشيخ أن الشيخ كان ينقل الآي بالرقم والأحاديث من مواضعها والغريب في الأمر أنه كان يحفظ كلام أهل العلم حرفيا بل يحفظ موضعه من الكتاب أيضا ،فكان يحفظ مثلا فقه السنة للسيد سابق عن ظهر قلب وغيره من الكتب مثل الموطأ للإمام مالك والرسالة لابن أبي زيد القيرواني …
وقصة عجيبة تدل على حفظ شيخنا رحمه الله أنه جاءه مرة سائل يسأله عن مسألة ما وكان الشيخ مريضا مرضا شديدا لم يستطع القيام فدخل علية السائل في مكتبته العامرة وسأله فقال له الشيخ انظر إلى العمود كذا الكتاب رقم كذا الصفحة كذا ستجد مسألتك إن شاء الله !!!؟
وكان الشيخ يجيب على أسئلة الناس أينما حل فهو المرجع عندهم في الفتوى عند الاختلاف وهو مصدر علومهم والبحر الذي يسقون منه عقولهم وخاصة في المواريث والأنساب فالشيخ عالم الأنساب في وقته في هذه المنطقة بل في كل القطر الجزائري رحمه الله رحمة واسعة فهذا العلم قل من ينشغل به أو يتصدى له وقد كان الشيخ من هؤلاء القلة
ومن أهمّ أعمال الشيخ إشرافه على تدريس وتكوين الأئمة في بيته وكان هذا قبل أن تنشأ الوزارة معاهد التكوين وهذه من السنن الحسنة التي سنها الشيخ ، نسأل الله أن يكتب له أجرها وأجر من عمل بها .
وكان في فتاويه يراعي حال المستفتي فيذكر أنه مرة جاءه رجل يسأله عن مسألة في الطلاق فلم يجبه الشيخ وقال له ستقيم الليلة معي وأراد الشيخ بهذا أن يرى وضوءه وصلاته وعبادته فلما رأى أنه جاهل أفتاه بما يراه…
لقد نذر الشيخ حياته خدمة للعلم وطلبة العلم ، فرابط في ميدان التدريس أكثر من نصف قرن ، يتجول بمنطقة بسكرة و وادي ريغ ينشر ما وهبه الله من فضله،داعية إلى الإصلاح ـ رحمة الله عليه خاصة بعد استرجاع الجزائر لسيادتها فاشتغل بالعلم كتابة وتأليفا ومجالسة وتكوينا للطلاب والأئمة وإصلاحا بين الناس وساعده في هذا تبحره في علم الأنساب ومعرفته بعادات وتقاليد جميع قبائل وعروش المنطقة فكان بحكمته ومكانته العلمية والثقة التي يحضى بها بين القبائل يفضي وينهي أعقد المسائل المتنازع عليها لينتهي إلى صلح وسلم وإخاء
كما كان رئيس محكمة المغير آنذاك يرجع إليه في مسائل الإرث والقسمة
وكان في حلقاته الخاصة في مكتبته العامرة ـ وسيأتي الكلام عليها إن شاء الله ـ لديه طريقة مفيدة ماتعة كان يختار كتابا من أمهات الكتب ويطلب من أحد الطلبة أن يقرأ حتى إذا وصلوا إلى إشكال تبدأ المناقشة بين الطلبة كل يدلي بدلوه في المسألة ثم في الأخير يرجح الشيخ ـ رحمه الله
وكان في دروسه يحب الطرائف فكان يقول لطلابه من أراد أن يسرق كتابا فليفعل فإن سرقة الكتب الشرعية جائزة
زهده في الدنيا :
لقد نذر الشيخ حياته للعلم تعلما و تعليما فلقد كان متواضعا زاهدا في حطام الدنيا الفاني رغم ما من الله به عليه من أموال ورثها من أبيه إلا إنه استعملها في طاعة ربه فلم يكن يتكبر على أحد بل كان متواضعا يساعد كل من يأتيه بما يستطيع
لقد آمن الشيخ وأيقن(ككل المصلحين) أن بالعلم وحده يمكن لهذه الأمة أن تفيق من سباتها وتنهض من غفلتها فقصر للعلم وقته فلا شغل له سواه فصرف له من عمره العمر كله وصرف للتعليم أكثر من نصف قرن قضاها في تعليم الناس ما ينفعهم قائما بتبليغهم ما نزل إليهم من ربهم لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل ولسان حاله يقول كما قال العلامة ابن باديس عليه رحمة الله :"إني أعلن أنني لست لنفسي وإنما أنا للأمة،أعلم أبناءها وأجاهد في سبيل دينها ولغتها ،وإن كل ما يقطع علي هذا الطريق أو يعوقني عن أداء واجبي في هذا السبيل فإنني لا أرضى به". وكان لا يسمع بكتاب طبع حديثا إلا اشتراه مهما كان ثمنه وأينما كان مكانه وله قصة عجيبة مع كتاب الكبائر للذهبي والناظر في مكتبته العامرة تيقن من صحة ما ذكرنا فهي مليئة بأمهات الكتب ؛في الحديث بجميع فنونه والفقه واللغة وفي الأنساب والتراجم وفي التاريخ وغيرها من فنون العلم الشرعي وجدير بالذكر أنني لما دخلت مكتبته لفت انتباهي بعض الكتب التي طبعت حديثا أي قبل موته بقليل فسألت الشيخ عثمان بوزقاق فقال لي أن المكتبة كما هي لم يضف إليها شيء فهذه الكتب مما اشتراه الشيخ قبل موته فهذه يدل أن الشيخ كان يتتبع كل جديد في عالم المكتبات ومن أدلة زهده رحمه الله بعده عن السياسة بل وهربه منها إلا مادعت إليه الحاجة مثل ترأسه للجنة جبهة التحرير الوطني أيام الثورة كما ذكرنا وكان الشيخ مع كل هذا يعرف بكثرة عبادته حتى كان يوصف بالعالم العابد الزاهد
رحلاتـــــــــــــــــــــــــــــــه: كانت لشيخنا رحلات كثيرة لا نستطيع ذكرها كلها في هذه العجالة لكن ربما أكثر الرحلات شأنا رحلته إلى أرض الحجاز وكان هذا مرتين وكان يقيم عند الشيخ أبو بكر جابر الجزائري ومن بين القصص الطريفة التي حدثت له في أرض الحرمين أنه دخل مرة إلى إحدى المكتبات وكانا يسألون كل داخل أسئلة في العقيدة ومن يحسن الإجابة يهدونه كتابا فلما سألوا الشيخ عبد المجيد أتى بكل الآيات والأحاديث في المسألة ثم نظم لهم مجموعة من الأبيات ارتجالا فقال له صاحب المكتبة خذ الكتاب وإن أردت فخذ كل المكتبة و مما يدل على أن الشيخ كان شخصية فذة قل أن يوجد مثلها أنه كان يسمى بالرحالة ابن خلدون و بالرحالة و ابن بطوطة لأنه كان كثير الترحال خاصة منذ تنقله إلى مدينة المغير فكان يلقب ب "شاقور الصحراء" فكأنه شق الصحراء بعلمه و ترحاله لنشر العلم فقد كان يتنقل بين منطقة سيدي عقبة وزريبة الوادي وأولاد جلال وطولقة ومنطقة وادي ريغ "أم الطيور و اسطيل والمغير وسيدي خليل والمرارة وجامعة و تمرنة و الشوشة وحتى الطيبات وتقرت" بل تعداها إلى مناطق بعيدة مثل تمنراست والمدية و الأغواط والجلفة و باتنة و خنشلة وغيرها من المناطق ينشر العلم ويفتي الناس في أمور دينهم ودنياهم ويفك بعض النزاعات التي قد تحدث بينهم فقد كان الرجل الذي يرضى به الجميع في المنطقة فلا يرد له قول رحمه الله،"فالشيخ أضاف إلى نشاطه العلمي نشاطا اجتماعيا فقد كان الأهالي يهرعون إليه من كل النواحي وأحيانا كان هو الذي ينتقل إليهم. وكان يساعده في هذا ما أنعم الله به عليه من الحكمة والحلم والرفق ،إضافة إلى قدرته على إيجاد الحلول الملائمة للمشكلات المعضلة وما يمتاز به من معرفة ما يصل بين القبائل و الأعراش من أنساب وأرحام وما يتحكم في علاقاتها من عوائد وأعراف وكذلك ما له من كرم فياض يحمله على البذل من ماله أحيانا إذا احتدم الخلاف بين الأطراف المتنازعة"(18)
مكــانته بين علمـــاء الوطـــــن: إن للشيخ مكانة كبيرة بين علماء هذا البلد الطيب نذكر بعض الذين أثنوا عليه و مدحوه فمثلا: الشيخ عبد الرحمان الجيلالي عليه رحمة الله عندما أتى إلى مدينة المغير لتدشين و افتتاح المسجد العتيق و سأله بعض الحاضرين بعض الأسئلة قال : لا يفتى و عبد المجيد في المغير … وقد أثنى عليه الشيخ عبد القادر الياجوري رحمه الله عضو جمعية العلماء المسلمين عندما زار المغير بدعوة من الشيخ عثمان بوزقاق وعبد الرزاق قسوم لأنهما كانا يدرسان عنده في قسنطينة فأثنى على الشيخ و نزل عنده في بيته و من أعضاء الجمعية الذين زاروا المغير و التقوا بالشيخ و أثنوا عليه :
الشيخ البشير الإبراهيمي و الشيخ النعيمي(1909-1973) و الشيخ الطيب العقبي و الشيخ محمد خير الدين رحمة الله عليهم أجمعين
وقد أثنوا عليه كلهم ووصفوه بالشيخ العلامة
وقد أثنى عليه صاحبه أمير الشعراء في الجزائر محمد العيد آل خليفة رحمه الله و رثاه بعد موته بأبيات قال فيها:
قل للفتى عبد المجيـــد أقرنا عيــنا أداؤك واجبا مهــــجورا
لله درك بـــاحثا متــــــحريا في بحثه ومؤرخا مــــــبرورا
ألفت أطراف البحوث كأنما في السلك تنضم لؤلؤا منثورا
وجمعت من أبناء عقبة باقة نضراء عابقة ترف زهـــورا
قدمتـــها للشعب منك هديــة حسنى فكاد بها يطير سـرورا
فعليك منه تحيـــة مرفـــوقة بالشكر ما تلت الدهورا دهورا
مذهبه الـــفقهي:
إن الأصول التي بنى عليها شيخنا علمه هي أصول مذهب إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله تعالى ولكن كان شيخنا متضلعا في باقي المذاهب فكان ينقل من أي مذهب شاء متى شاء
فكان لا يفتي دائما بمذهب الإمام مالك بل قد يخالفه في كثير من الأحيان إذا رأى أن الراجح خلاف ما ذهب إليه الإمام فحاله في هذا حال كل العلماء المنصفين المتجردين عن التعصب الذميم والعصبية المقيتة التي ذمها الإمام مالك نفسه بل ذمها كل الأئمة المقتدى بهم فهذا الإمام مالك يقول :"كلٌ يؤخذ من قوله و يرد إلا صاحب هذا القبر ويشير إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم
فهو رحمه الله يدور مع الحق حيث دار لا كحال بعض الذين جاؤوا من بعده من أهل الأهواء من الذين اتخذوا شيخنا ذريعة لعصبياتهم ولبدعهم كي يمررونها على العامة بحجة أن الشيخ قال كذا وكذا أو بأن الشيخ لم يتكلم على هذا الشيء فيقولونه ما لم يقل ويخفون ما قال كذبا وزورا وبهتانا
بل بالعكس تماما فقد كان الشيخ يذم المتعصبة ويمقتهم ويحذر منهم وقد أخبرني بهذا بعض تلاميذه حفظهم الله الذين هم أعرف الناس بمنهج شيخنا رحمه الله
عقيـــــــــــــدته:
كان الشيخ على عقيدة جمعية العلماء المسلمين(19) أي على عقيدة العلامة بن باديس والإبراهيمي والطيب العقبي وغيرهم .. فهو وإن لم ينضم إليهم فقد كان معهم بقلبه فكان كثير الدعاء لهم و كان من مؤيديهم و أنصارهم فيما يقومون به من نشر للإسلام و إعلاء كلمة الله جل وعلا
فعقيدة شيخنا عقيدة سلفية صافية ولله الحمد والمنة
وقد زاره الشيخ جمال عزون في بيته في مكتبته العامرة وكان فضيلة الشيخ لزهر سنيقرة كلما زار المنطقة التي هي بلده الأول يزور الشيخ ويجلس معه
كما كان الشيخ في دروسه يقرر التوحيد ويفهمه للعامة ويحذرهم من الشرك والبدع من الطروقية وغيرها من الجماعات البدعية المنحرفة بل كان من أعرف الناس بمساوئها
كان يحذر الناس من تعظيم القبور ودعاء أصحابها والذبح والنذر لها وصرف أي نوع من العبادة لها بل دعا إلى هدم هذه القبور التي تعبد من دون الله التي كانت تنتشر في هذه المنطقة لكن سنة الله في عباده المصلحين بل في من هم أفضل منهم أنبياؤه أنهم يعادون ويضيق عليهم بل و يؤذون أيضا فشيخنا رحمه الله صحيح أنه كان عند جل أهل المغير المرجع في الفتوى إلا أنه لم يؤخذ برأيه في كل ما دعا إليه ولعل هذا هو السبب في أن شيخنا لم تظهر آثار دعوته جليا فلم يترك طلبة ينشرون علمه من بعده ويحملون عنه مشعل الإصلاح في المنطقة
والزائر لمكتبته رحمه الله يجدها تعج بكتب العقيدة السلفية الصافية ككتب شيخ الإسلام بن تيمية وتلميذه بن القيم عليهما رحمة الله إلى غير ذلك من كتب علماء السلف المتقدمين
والذي يجب أن يخص بالذكر احتواء المكتبة على كتب الأئمة النجدية مثل كتب الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأبناؤه ككتاب ثلاثة الأصول وكتاب التوحيد وكشف الشبهات والقواعد الأربع وفتح المجيد شرح كتاب التوحيد وكتاب "عقيدة الموحدين والرد على الضلال والمبتدعين "جمع الشيخ عبد الله الغامدي وتقديم العلامة بن باز وهو كتاب
جمع فيه صاحبه مجموعة من رسائل أئمة الدعوة النجدية . وغيرها من كتبهم رحمهم الله
بل إن المكتبة تحوي على بعض كتب العلماء السلفيين المتأخرين ككتب ابن باز وابن عثيمين والألباني وأحمد شاكر وغيرهم ككتاب: التوسل أنواعه وأحكامه للعلامة للألباني رحمه الله
وكتاب رسائل الجزائري ومنهاج المسلم لأي بكر جابر الجزائري
وكتاب منزلة السنة في التشريع الإسلامي للعلامة محمد أمان الجامي
وكتاب منهج السلف في العقيدة للشيخ صالح بن سعد السحيمي
ووجدته في أحد الكتب يهمش وينقل كلام العلامة الألباني في التوسل والشفاعة ويقرر ما قاله رحمه الله
وكل هذا يدل على سلامة عقيدة شيخنا رحمه الله
مكتبته العامرة ومؤلـــــــــفاته القيمة:
" كان الشيخ قد استغرق معظم بل جميع مراحل عمره في الاعتكاف على الحث والقراءة ،وكان الكتاب أنيسه أينما حل وأينما ارتحل …وما كنت تلقاه حيث تلقاه إلا والكتاب بيمينه فقد كان من أبرز المترددين على دور الكتب والملازمين لها فأنت إن سألت في إقامته وجدته في غرفة مكتبته ، وإن بحثت عنه في خارج منزله فإنك واجده بإحدى مكتبات المدينة وقد كان له في كل بلدة استقر بها أو حام حولها صلة بواحدة أو اثنتين من مكتباتها"(20)
فرغم أن الاستعمار الفرنسي الغاشم قد أحرق مكتبته التي كانت تعج بالكتب والمخطوطات وهذا سنة 1957 م إلا أن الشيخ ترك مكتبة ضخمة جمعها طيلة سنوات طلبه للعلم ضمت مجموعة ضخمة من المخطوطات النادرة والكتب القيمة التي يحتاجها طالب العلم والعامي في مختلف أنواع العلوم
هذه المكتبة الضخمة تركها الشيخ وقفا لله جل وعلا و أوصى أن يسمح لكل من يريد دخولها والاستفادة منها . لكن بعد أن فقدت بعض المخطوطات والكتب اضطر أحفاده أن ينظموا أوقات الزيارة مع بعض المراقبة لكل من يدخلها وقد بوبها ونظمها حفيده البار عبد الوهاب ليسهل الانتفاع بها جزاه الله خيرا
إضافة لكل هذا فإن الشيخ قد ترك العديد من المؤلفات القيمة النادرة في موضوعها نذكر منها(21) :
1-" قيد الأوابد بحياة خالد" يقع في 38 صفحة من القطع المتوسط وهو أول ما كتب الشيخ
2-"تذكرة أولي الألباب بملخص تاريخ بسكرة والزاب" وهو مخطوط يقع في 29 صفة من القطع الكبير
3-"تجريد تخريج الأحياء عن الإحياء"وهو تخريج لأحاديث علوم الدين للحافظ العراقي ،وعدد أحاديثه بإحصاء الشيخ بلغت 4593 حديثا
4-"إسعاف السائل برؤوس المسائل" وهو كتاب في الحديث
5- "الهمة في ما ورد في العمة" ( أي العمامة )
6- أعلام منطقة الزيبان" ضم 26 ترجمة لبعض علماء بسكرة طبع في إطار جمعية أضواء بسكرة وتم توزيع أكثر من 1000 نسخة منها في 24 صفحة 7-"القصاصة في جمع أشتات أصحاب الخلاصة "وهو كتاب خاص بتراجم بعض الصحابة رضي الله عنهم-
8-"الإعلام بما اتفق عليه الستة الأعلام من الأحاديث والأحكام"وهو كتاب في الفقه
9-"تجريد المجلى من المحلى"وهما كتابان للعلامة ابن حزم الظاهري رحمه الله
10- مسند أبي هريرة " جمع فيه مرويات أبي هريرة رضي الله عنه لكنه لم يكمله
11-"كلمات وجيزة عن بعض ما جاء في الأرجوزة"وتحوي 07 صفحات من القطع الكبير وهي شرح لأرجوزته المسماة"حصول الرغبة في رفع النسبة"وتشمل42 بيتا
ومن أهم المحاضرات التي ألقاها رحمه الله وهي كثيرة:
-"هذا عقبة وهذه مدينته"
– عقبة بن نافع القائد المظفر" وهي عبارة عن محاضرة ألقاها في مدينة الفاتح عقبة بن نافع
–"مناظرة بينه وبين مصطفى شريط الزريبي"
-" قصة الاشتراكية" وهي محاضرة انتقد فيها الماركسية وقد أشار إليها ابنه عقبة حبه في مداخلته أثناء فعاليات الندوة الفكرية الثامنة التي نظمت بالوادي وتم خلالها تكريم والده رحمه الله
-محاضرة حول بلدة المغير التي استقر بها إلى حين وفاته
-محاضرة عن صديقه الشاعر محمد العيد آل خليفة في أربع صفحات من القطع الكبير
وغيرها كثير من مقالات علمية ومحاضرات …..ومما يؤاخذ على شيخنا رحمه أنه لم يسعى في طبع هذه لمخطوطات رغم أن فترة السبعينات والثمانينات شهدت نهضة كبيرة في ميدان الطبع فلا تزال هذه الكتب القيمة الفريدة في موضوعها مخطوطات أغلبها لم يطبع و بعضها الآن عند ولده البار عقبة وكثير منها فقد وقد عرضت يوم وفاته فبلغت 400 مخطوط
وتبقى مهمة الباحثين والمؤرخين بل مهمتنا جميعا البحث والتنقيب عن هذه المخطوطات وتحقيقها وإخراجها كي لا تبقى حبيسة الأدراج وعرضة للتلف والضياع ،وعلى كل من لديه بعض هذه المخطوطات أن يرجعها لأبنائه وأحفاده ليستفيد منها الباحثين الجادين
فالله أسال أن يعين على طبعها لترى النور إلى المكتبات ليستفيد منها طلبة العلم، وخاصة منهم أبناء المنطقة المتعطشين لكتب شيخنا رحمه الله فبالرغم من أن بعض الأساتذة و الدكاترة جزاهم الله خيرا يحاول المساهمة في نشر علم الشيخ بإقامة بعض المحاضرات إلا أن هذا وحده لا يكفي بل لابد من خطوات فعلية تتمثل في طباعة مؤلفاته و إقامة ملتقيات عنوانها الرئيسي الشيخ عبد المجيد حبه رحمه الله تعالى
الشيخ عبد المجيد شاعرا:
كما كان الشيخ شاعرا مقتدرا ملهما شديد البيان فصيح اللسان رقيق دقيق الوصف. فله ديوان حوا اثنين وثلاثين قصيدة في شتى أغراض الشعر جلها يغلب عليها طابع المناسبات ولكن للأسف فقد ضاع منه الكثير وقد تمكن فوزي مصمودي والأستاذ عبد الحليم صيد من جمع شتاته وإعداده والإشراف على طبعه في إطار جمعية أضواء بسكرة سنة 1997 وقد قاما بتوزيعها بين الرثاء والوطنيات والإسلاميات الإخوانيات … مثل قصيدة الخريف التي ألقاها عام 1948 م قال فيها22)
سوق حكت ما مضى في سالف الحقب فبينها وعكــــاظ اقــــرب النسـب
كل مباع بها يمسي مبيعا فما ترى كسادا لغير العــــلم و الأدب
وذاك أن عكاظا قد حوى عربا بدون عجم وذى عجما بلا عــرب
فعربها استعجموا وما ببربرها من همه أن يقيم المنطق العربــي
لكنما الأمتان قد تواردتا على خلال بهم أفضت إلى الشهب
أليس قحطان من مازيغ كان أخا نمـــاهمــا حضـن أم برة و أب
وإنما المجد شيء حاز معظمه عرب وبـربـر قـدما دون ما كــذب
حدث عن الأمتين نجدة ووفا وحســـن عهد وإحســانا لمغترب
خلال فضل لهم لأجلها امتزجوا في الدين في العرف في الأوطان في الكتب
سل عن صنائعهم أعلاج أندلس وسائل الـــــروم عن أيامهم تجب
فقل لأقزام هود لا لعا لكم وجــاد أرضــكم جـــود من الكرب
ويل أمكم تطمعون أن تلين لكم أسد الشرى إن هذا منتهى العجب
متى رأى الناس صقرا صاده نغر فترتجوا أن تفيئوا اليوم بالغلــب
تالله إن بلاد القدس قدسها من اليهود وبـاؤوا منه بالغضـب
فجمهم سيرى لا شك منكسرا ما بين مستسلم منهم وذي عطب
أما فلسطين لا كان اليهود فلن تنـفـك محمية بنــــــا مـن الـنوب
وفــــــــــــــــــــــــــاته رحمه الله :
بعد عمر طويل مبارك ناهز 81 عاما توفي رحمه الله يوم السبت 21 ربيع الأول 1413ه الموافق ل 19 سبتمبر 1992 م ودفن مدينة المغير بعد مرض لم يدم طويلا
وكانت جنازته جنازة عظيمة حضرها جم غفير من الناس عامتهم وخاصتهم فقد حضرها والي ولاية الوادي و أعضاء المجلس الولائي وحضرها أيضا طلاب الشيخ من كل مكان من الأوراس حتى ورقلة
ويشهد أهل مدينة المغير أنهم لم يرو جنازة مثلها إلى الآن
وفي الأخير ما عسانا إلا أن نرفع الأيادي متضرعين لله جل وعلا سائلينه أن يرحم شيخنا وأن يجزيه خير ما يجازي به عباده العالمين العاملين المخلصين إنه سميع مجيب وأن يرسل لهذه المدينة الطيبة وكل هذا الوطن المفدى من يقوم بنشر دينه وإعلاء كلمة التوحيد لآ إله إلا الله لأنه كما قال رائد النهضة الجزائرية العلامة ابن باديس :"من المعلوم عند أهل العلم أن مما حفظ الله به دينه و أبقى به حجته ،أنه لا تنقطع الدعوة إلى الله في هذه الأمة والقيام على الحق والإعلان بالسنن والرد على المنحرفين والمتغالين و الزائغين والمبتدعين ،وأن أهل هذه الطائفة معروفة مواقفهم في كل جيل محفوظة آثارهم عند العلماء غير أن غلبة الجهل وكثرة أهل الضلال قد تحول دون بلوغ صوتهم إلى جميع الناس ."(1)كتاب أعلام من بسكرة لفوزي مصمودي الجمعية الخلدونية 2001 صفحة 138
(2) مجلة الثقافة التي تصدرها وزارة الاتصال والثقافة-الجزائر- السنة الواحدة والعشرون العدد 113 ص152
(3)مجلة الثقافة التي تصدرها وزارة الاتصال والثقافة-الجزائر- السنة الواحدة والعشرون العدد 113 ص151
(4)-هي قبيلة عربية وفدت واستوطنت المغرب العربي رفقة قبيلة بني هلال في عصر الفتوحات الإسلامي خلال القرن 11ميلادية )
(5) مجلة اللغة والأدب العدد 9 السنة 1417ه/1996م مقال الأستاذ محمد بن سمينة ص139
(6) مجلة اللغة والأدب العدد 9 السنة 1417ه/1996م مقال الأستاذ محمد بن سمينة ص139
(7) مجلة اللغة والأدب العدد 9 السنة 1417ه/1996م مقال الأستاذ محمد بن سمينة ص141
(8) مجلة اللغة والأدب العدد 9 السنة 1417ه/1996م مقال الأستاذ محمد بن سمينة ص144
(9)- تقع شمال شرق مدينة زريبة الوادي في حدودها مع خنشلة -وهي من أشهر المدارس آنذاك تسميتها نسبة إلى مؤسسها أحمد بن ناصر بن محمد بن الطيب ولذا تسمى بالناصرية وهو الذي بنى المدرسة والجامع من ماله الذي قدر ب سلطاني ذهبا سنة 1171م وقد اشتهرت بعلوم النحو والفقه والحديث وكانت مقصد طلبة العلم من الزيبان ووادي سوف والاوراس وحتى قسنطينة وعنابة /أنظر تاريخ الجزائر الثقافي –الجزء الأول ص285/8112
(10)مجلة الثقافة التي تصدرها وزارة الاتصال والثقافة-الجزائر- السنة الواحدة والعشرون العدد 113 ص156
(11) كتاب أعلام من بسكرة لفوزي مصمودي –الجمعية الخلدونية –بسكرة-2001 ص57
(12)كتاب أعلام من بسكرة لفوزي مصمودي –الجمعية الخلدونية –بسكرة-2001 ص142
(13) كتاب أعلام من بسكرة لفوزي مصمودي –الجمعية الخلدونية –بسكرة-2001 ص59
(14)هي مدينة تقع جنوب بسكرة تبعد عنها حوالي 120 كلم وكانت تابعة لها إداريا وهي تابعة حاليا لولاية الوادي يمر بها الطريق الوطني رقم 3 عدد سكانها حوالي 51ألف نسمة صنعتهم الأساسية الفلاحة وتربية المواشي)
(15) مجلة اللغة والأدب العدد 9 السنة 1417ه/1996م مقال الأستاذ محمد بن سمينة ص149
(16) مجلة اللغة والأدب العدد 9 السنة 1417ه/1996م مقال الأستاذ محمد بن سمينة ص150
(17) مجلة اللغة والأدب العدد 9 السنة 1417ه/1996م مقال الأستاذ محمد بن سمينة ص152
(18) مجلة اللغة والأدب العدد 9 السنة 1417ه/1996م مقال الأستاذ محمد بن سمينة ص148
(19)أخبرني بهذا الحاج عثمان بوزقاق وهو أحد الذين درسوا مجموعة من المتون العلمية التي لم يستطع الشيخ تدريسها للعوام وكان الحاج عثمان قد درس في معهد ابن باديس التابع لجمعية العلماء المسلمين بقسنطينة ثم في جامع الزيتونة لمدة سنتين لكن السلطات الاستعمارية منعته من إكمال الدراسة هو و الدكتور عبد الرزاق قسوم وغيرهما
(20) مجلة اللغة والأدب العدد 9 السنة 1417ه/1996م مقال الأستاذ محمد بن سمينة ص145
(21)أعلام من بسكرة لفوزي مصمودي –الجمعية الخلدونية –بسكرة-2001 ص145
(22)مجلة الثقافة التي تصدرها وزارة الاتصال والثقافة-الجزائر- السنة الواحدة والعشرون العدد113/ص163إعداد الطالب :عبد الله مرزوق*المغير* ليسانس في العلوم الشرعية
مشكوريييييييييييين على الموضوع الجديد
أسعدني كثيرا مروركم وتعطيركم هذه الصفحه
وردكم المفعم بالحب والعطاء
إليكم في هذا الموضوع:
مذكرة مقدمة لنيل شهادة الماجستير معنونة بـ:
العنونة و العلامة النقدية في التراث
التحميل من الملفات المرفقة
منقول للفائدة
اسم الملف | نوع الملف | حجم الملف | التحميل | مرات التحميل |
العنونة و العلامة النقدية في التراث.rar | 1.27 ميجابايت | المشاهدات 123 |
بارك الله فيك ، وجزاك الله خيرا
اسم الملف | نوع الملف | حجم الملف | التحميل | مرات التحميل |
العنونة و العلامة النقدية في التراث.rar | 1.27 ميجابايت | المشاهدات 123 |
رأي العلامة محمد ناصر الدين الألباني في [ كيفية حجاب المرأة المسلمة ]
الرد المفحم، على من خالف العلماء و تشدد و تعصب، و ألزم المرأة بستر وجهها و كفيها وأوجب، و لم يقتنع بقولهم: إنه سنة و مستحب للشيخ محدث الشام ناصر الدين الألباني – رحمه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة المؤلف
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا،ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
** يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حقَّ تقاته ولا تموتنَّ إلا وأنتم مسلمون} (آل عمران:102)، {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبثَّ منهما رجالاً كثيراً ونساءً واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إنَّ الله كان عليكم رقيباً} (النساء: 1)، {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً. يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً} (الأحزاب:70-71).
أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وبعد، فلما عزمت على إعادة طبع كتابي"حجاب المرأة المسلمة"- بعد أن مضى عليه عدة سنين، وطبع عدة طبعات تصويراً بالأوفست- رأيت أنه لا بد لي من إعادة النظر فيه لعلِّي ألهم أن أضيف إليه فوائد جديدة، علاوة على ما كان توفر لديَّ منها مع مضي الزمان، ووضعت كل شيء منها في نسختي موضعها فيه على مرِّ الأيام، وأصحح ما لا بد منه من الأخطاء المطبعية أو الفكرية التي لا يكاد ينجو من مثلها كتاب، وعُنيتُ عناية خاصة بمطالعة ما كان تجمع لدي من الكتب والرسائل المؤلفة في هذا العصر حول المرأة- وهي بالعشرات- فوجدت أكثرها قد تتابعت في الرَّد عليَّ، بعضها مباشرة باسم الكتاب ومؤلفه، وبعضها على المسألة مباشرة دون التعرُّض لشخصي، وهي التي زعم أحد الدكاترة أنني تفردت بالقول بها دون مَن قبلي من علماء السلف والخلف، ألا وهي: أن وجه المرأة ليس بعورة ولا يجب عليها ستره!
ولقد رأيت- والله- العجب العجاب، من اجتماعهم على القول بالوجوب، وتقليد بعضهم لبعض في ذلك، وفي طريقة الاستدلال بما لا يصح من الأدلة رواية أو دراية، وتأويلهم للنصوص المخالفة لهم من الآثار السلفية، والأقوال المشهورة لبعض الأئمة المتبوعين، وتجاهلهم لها، كأنها لم تكن شيئاً مذكوراً! الأمر الذي جعلني أشعر أنهم جميعاً- مع الأسف- قد كتبوا ما كتبوا مستسلمين للعواطف البشرية، والاندفاعات الشخصية، والتقاليد البلدية، وليس استسلاماً للأدلة الشرعية، لأن ما ذكروه من الأدلة- على مذهبهم- هم يعلمون جيداً أنها لم تكن خافية علىَّ، لأنهم رأوها في كتابي مع الجواب عنها، والاستدلال بما يعارضها، وهو أصح عندنا من استدلالاتهم التي تشبَّثوا بها، كما أنهم يعلمون أنني لا أنكر مشروعيَّته.
البحوث:
ولكن لا بد من الإشارة إلى أهم البحوث التي تناولها في المقدمة المشار إليها، مع تلخيص الكلام فيها قدر الاستطاعة، فأقول:
البحث الأول: آية الجلباب: **… يدنين عليهن من جلابيبهن} (الأحزاب: 95).
1- يصرُّ المخالفون المتشددون على المرأة- وفي مقدمتهم الشيخ محمود التويجري حفظه الله- على أن معنى ** يدنين}: يغطِّن وجوههن، وهو خلاف معنى أصل هذه الكلمة: " الإدناء" لغة، وهو التقريب، كما كنت ذكرت ذلك وشرحته في الكتاب- وكما سيأتي في محله منه- وبينت أنه ليس نصّاً في تغطية الوجه، وأن على المخالفين أن يأتوا بما يرجِّح ما ذهبوا إليه، وذلك مما لم يفعلوا، ولن يفعلوا، إلا الطعن على من خالفهم ممن تبع سلف الأمة ومفسريهم وعلماءهم. وهذا هو الإمام الراغب الأصبهاني يقول في " المفردات":
" (دنا)، الدنو: القرب… ويقال: دانيت بين الأمرين وأدنيت أحدهما من الآخر …"، ثم ذكر الآية. وبذلك فسرها ترجمان القرآن عبد الله بن عباس فيما صح عنه، فقال:: "تدني الجلباب إلى وجهها ولا تضرب به"، كما سيأتي تخريجه.
وهذا هو الشيخ التويجري- هدانا الله وإياه- يقول في آخر كتابه المذكور (249):
" ومن أباح السفور للنساء- (يعني: سفور الوجه فقط) – واستدل على ذلك بمثل ما استدل به الألباني، فقد فتح باب التبرُّج على مصراعيه، وجرّأ النساء على ارتكاب الأفعال الذميمة التي تفعلها السافرات الآن" !
كذا قال – أصلحه الله وهداه- فإن هذا التهجم والطعن لا ينالني أنا وحدي، بل يصيب أيضاً الذين هم قدوتي وسلفي من الصحابة والتابعين والمفسرين والفقهاء وغيرهم- ممن ذكرناهم في الكتاب- كما سيأتي، وفي المقدمة المشار إليها أيضاً، وحسبي منها الآن مثالاً واحداً، وهو ما جاء في "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام المبجل أحمد ابن حنبل" للشيخ علاء الدين المرداوي (1/452)، قال:
" الصحيح من المذهب أن الوجه ليس من العورة".
ثم ذكر مثله في الكفين، وهو اختيار ابن قدامة المقدسي في " المغني" 1/637)، واستدل لاختياره بنهيه صلى الله عليه وسلم المحرمة عن لبس القفازين" لو كان الوجه والكفان عورة لما حرم سترهما، ولأن الحاجة تدعو إلى كشف الوجه للبيع والشراء، والكفين للأخذ والإعطاء".
وهو الذي اعتمده وجزم به في كتابه" العمدة" (66).
فما رأي الشيخ التويجري بهذا النص من هذا الإمام الحنبلي الجليل؟! أتظنُّه داعية للسفور أيضاً، وفاتحاً لباب التبرج على مصراعيه،و …؟!
ألا يخشى الشيخ أن يحيط به وعيد قوله صلى الله عليه وسلم: "إن العبد ليتكلم بالكلمة ما تبين فيها، يهوي بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب".
أخرجه الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وهو مخرج في " الصحيحة" (2/540).
ولو أن الشيخ- هداه الله- قدَّم رأيه للناس ودافع بالأدلة الشرعية الصحيحة لقلنا: مرحباً به، أم أخطأ. أما أن يسلِّط " صارمة" على من خالفه في رأيه، ويطعن به حتى على القوارير- التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالرفق بهن- لمجرد أنهنَّ خالفنه، واتَّبعن الصحيح من "مذهبه" ! الذي أعرض عنه لهوسٍ غلب عليه ! فهذه مصيبة أخلاقية، ومخالفة أخرى مذهبية، فقد قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى:
" لا ينبغي للفقيه أن يحمل الناس على مذهبه".
البحث الثاني: يزعم كثير من المخالفين المتشددين: أن (الجلباب) المأمور به في آية الأحزاب هو معنى (الحجاب) المذكور في الآية الأخرى: ** فاسألوهن من وراء حجاب} (الأحزاب: 53)، وهذا خلط عجيب، حملهم عليه علمهم بأن الآية الأولى لا دليل فيها على أن الوجه والكفين عورة، بخلاف الأخرى، فإنها في المرأة وهي في دارها، إذ إنها لا تكون عادة متجلببة ولا مختمرة فيها، فلا تبرز للسائل، خلافاً لما يفعل بعضهن اليوم ممن لا أخلاق لهن، وقد نبَّه على هذا الفرق شيخ الإسلام ابن تميمة فقال في " الفتاوى" (15/448):
" فآية الجلابيب في الأدرية عند البروز من المساكن، وآية الحجاب عند المخاطبة في المساكن".
قلت: فليس في أي من الآيتين ما يدل على وجوب ستر الوجه والكفين.
أما الأولى فلأن الجلباب هو الملاءة التي تلتحف بها المرأة فوق ثيابها- وليس على وجهها- كما هو مذكور فيما يأتي من الكتاب (ص83)، وعلى هذا كتب اللغة قاطبة، ليس في شيء منها ذكر للوجه البتة.
وقد صح عن ابن عباس أنه قال في تفسيرها:
" تدني الجلباب إلى وجهها، ولا تضرب به".
أخرجه أبو داود في " مسائله" (ص 110)، وما خالفه إما شاذ أو ضعيف، والتفصيل في تلك المقدمة.
وأما الآية الأخرى، فلما ذكرت آنفاً.
ولهذا، فقد بدا لي أن اجعل عنوان الكتاب: "جلباب المرأة…"، لأنه ألصق بموضوع الكتاب كما هو ظاهر. والله تعالى ولي التوفيق.
البحث الثالث: ومن تناقضهم، أنهم- في الوقت الذي يوجبون على المرأة أن تستر وجهها- يجيزون لها أن تكشف عن عينها اليسرى وتسامح بعضهم فقال: بالعينين كلتيهما ! بناء على بعض الآثار الواهية التي منها حديث لبن عباس الآتي في الكتاب (ص 88)، وروي عنه ما يناقضه بلفظ:
" وإدناء الجلباب أن تقنّع وتشده على جبينها". وهذا نص قولنا: إنه لا يشمل الوجه. ولذلك كتمه كل المخالفين، ولم يتعرضوا له بذكر! وهو ضعيف السند، لكن له شواهد كما يأتي، ولقد صدق من قال: أهل السنة يذكرون ما عليهم، وأهل الأهواء يذكرون ما لهم ولا يذكرون ما عليهم! ومن ذلك أن الشيخ عبد القادر السندي كتم في رسالته " الحجاب" إحدى علَّتي أثر ابن عباس الأول، وهوَّن من شأن الأخرى (ص19-20) ! واغترَّ به مؤلف " يا فتاة الإسلام" فصرح (ص 252) بصحته! وكذا صححه مؤلف" فقه النظر في الإسلام" (ص65) !
وأسوأ من ذلك ما فعله المسمى ب (درويش) فيما سماه ب "فصل الخطاب" حيث غيَّر إسناده، فجعله في موضعين منه (46-82) من رواية محمد بن سيرين عن ابن عباس. وهو محض افتراء! لا أصل له من هذه الرواية، ولا أدري إذا كان هذا منه عن عمد أو سهو؟! وكنت أود أن لا أميل إلى الأول منهما، لولا أنني رأيت له فرية أخرى (ص82)، لعلّي أنبِّه عليها في مناسبة أخرى إن شاء الله تعالى.
ويبدو لي أنهم- لشعورهم في قرارة نفوسهم بضعف حجتهم- يلجؤون إلى استعمال الرأي ولغة العواطف- أو ما يشبه الفلسفة- فيقولون: إن أجمل ما في المرأة وجهها، فمن غير المعقول أن يجوز لها أن تكشف عنه! فقيل لهم: وأجمل ما في الوجه العينان، فعمّوها إذن، ومروها أن تسترهما بجلبابها! وقيل لهم على طريق المعارضة: وأجمل ما في الرجل- بالنسبة للمرأة- وجهه، فمروا الرجال أيضاً- بفلسفتكم هذه أن يستروا وجوههم أيضاً أمام النساء، وبخاصة من كان منهم بارع الجمال، كما ورد في ترجمة أبي الحسن الواعظ المعروف بـ (المصري): "انه كان له مجلس يتكلم فيه ويعظ، وكان يحضر مجلس وعظه رجال ونساء، فكان يجعل على وجهه برقعاً تخوّفاً أن يفتتن به النساء من حسن وجهه". " تاريخ بغداد" (12/75-76).
فماذا يقول فضيلة الشيخ التويجري- ومن يجري وراءه من المتفلسفين- أمشروع ما فعله هذا المصري أم لا؟! مع علمهم بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان أجمل منه ولم يفعل فعله! فإن قلتم بشرعيته، خالفتم سنة نبيكم وضللتم، وهذا مما لا نرجوه لكم، وإن قلتم بعدمها- كما هو الظن بكم- أصبتم، وبطلت فلسفتكم، ولزمكم الرجوع عنها، والاكتفاء في ردكم عليّ بالأدلة الشرعية إن كانت عندكم فإنَّها تغنيكم عن زخرف القول، وإلا حشرتم أنفسكم في (الآرائيين) ! كما روى أحمد في " العلل" (2/246) عن حماد بن سلمة قال:
" إن أبا حنيفة استقبل الآثار والسنن يردُّها برأيه"!
البحث الرابع: الخمار والاعتجار، قوله تعالى: ** وليضربن بخمرهن على جيوبهم}.
ذكرنا فيما يأتي من الكتاب (ص 72) أن الخمار: غطاء الرأس فقط دون الوجه، واستشهدت على ذلك بكلام بعض العلماء: كابن الأثير وابن كثير، فأبى ذلك الشيخ التويجري- ومن تبعه من المذهبيين والمقلدين- وأصر على أنه يشمل الوجه أيضاً، وكرر ذلك في غير موضع، وتشبّث في ذلك ببعض الأقوال التي لا تعدو أن تكون من باب زلة عالم، أو سبق قلم، أو في أحسن الأحوال تفسير مراد وليس تفسير لفظ، مما لا ينبغي الاعتماد عليه في محل النزاع والخلاف، وفي الوقت نفسه أعرض عن الأدلة القاطعة من الكتاب والسنة، وأقوال العلماء والأئمة من المفسرين والمحدثين والفقهاء واللغويين المخالفة له، وبعضها مما جاء في كتابه هو نفسه، ولكنه مر عليها وكتم دلالتها مع الأسف الشديد.
من ذلك أنه لما ساق آية: ** والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحاً فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن…} (النور:60) الآية، وتكلم عليها في نحو صفحتين (161-163) بكلام مفيد، ولكنه لم يوضح لقرائه ما هو المقصود من النقول التي ذكرها في تفسير: ** ثيابهن} بأنها الجلباب، ومنها قوله:
" وقال أبو صالح: تضع الجلباب، وتقوم بين يدي الرجل في الدرع والخمار. وقال سعيد بن جبير: فلا بأس أن يضعن عند غريب أو غيره بعد أن يكون عليها خمار صفيق ".
وبهذا صرَّح جمع من الحنابلة وغيرهم، فذكر ابن الجوزي في " زاد المسير" (6/36) عن أبي يعلى- يعني: القاضي الحنبلي- أنه قال:
" وفي هذه الآية دلالة على أنه يباح للعجوز كشف وجهها ويديها بين يدي الرجال".
ونحوه في " أحكام القرآن" للحصاص (3/334)، وأشار إلى هذا المعنى شيخ الإسلام ابن تيمية في " تفسير سورة النور" (ص 57) ونقله التويجري (ص 167) محتجاً به، وهذا كله يدل على أن هؤلاء الأفاضل من علماء السلف والخلف يرون أن الخمار لا يستر الوجه، وإنما الرأس فقط كما هو قولنا، ومن يتأمل في بعض أجوبة الشيخ التكلفة يتأكد من أنه يرى ذلك معنا، ولكنه يجادل ويكابر ويتكتم، فانظر مثلاً جوابه عن حديث جابر الآتي في الكتاب (ص 60) وفيه:" أنه رأى امرأة سفعاء الخدين".
فأجاب الشيخ (ص 208) باحتمال أن " تلك المرأة كانت من القواعد… " ! يعني: فكشف وجهها مباح، كما صرَّح به الشيخ ابن عثيمين في" رسالته" (ص 32)، وأما التويجري، فيلغز ويعمي ولا يفصح لقرائه، فهل يصح هذا الجواب من الشيخ، وهو يصر على أن الخمار يستر الوجه أيضاً؟! فاللهم! هداك.
واعلم أن المقصود من ذكر آية (القواعد) هذه، إنما هو إقامة الحجة على الشيخ بما تبناه لـ (القاعد) أن تظهر بخمارها" بحضرة الرجال الأجانب" يرون وجهها، ومعنى ذلك عندهم- الشيخ تبع لهم في ذلك- أن الخمار لغة لا يستر الوجه، وهذا وحده يكفي حجة على الشيخ هداه الله تعالى، فكيف إذا انضم إلى ذلك ما سيأتي من السنة وأقوال العلماء في كل علم، فيكون الشيخ مخالفاً لإجماعهم ومتَّبعاً غير سبيلهم؟!
أقول هذا لكي أذكِّر بأن هناك قولاً آخر في تفسير: ** ثيابهنَّ) – كنت ذكرته في محله من الكتاب- وهو الخمار، وهو الأصح عن ابن عباس كما سيأتي (ص 110- 111)، وقد كتم الشيخ هذا القول كعادته فيما لا يوافق هواه، خلافاً لأهل السنة الذين يذكرون ما لهم وما عليهم كما تقدم، وإذ قد اختار هو القول الأول وهو (الجلباب)، لزمه القول بأن (الخمار) لا يستر الوجه، وهو المراد.
واختار ابن القطان الفاسي في" النظر في أحكام النظر" القول الآخر، فقال (ق 35/2):
"الثياب المذكورة هي الخمار والجلباب، رُخِّص لها أن تخرج دونهما وتبدو للرجال… وهذا قول ربيعة بن عبد الرحمن. وهذا هو الأظهر، فإن الآية إنما رخصت في وضع ثوب إن وضعته ذات زينة أمكن أن تتبرج…" إلى آخر كلامه، وهو نفيس جداً، ولولا أن المجال لا يتحمل التوسع لنقلته برمَّته،فإني لم أره لغيره.
وأما مخالفته للسنة فهي كثيرة، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم:
" لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار".
وهو حديث صحيح مخرج في " الإرواء" (196) برواية جمع، منهم ابن خزيمة، وابن حبَّان في " صحيحيهما".
فهل يقول الشيخ بأنه يجب على المرأة البالغة أن تستر وجهها في الصلاة؟!
ومثله قوله صلى الله عليه وسلم في المرأة التي نذرت أن تحج حاسرة:
" ومرورها فلتركب، ولتختمر، ولتحج".
وفي الرواية:" وتغطي شعرها".
وهو صحيح أيضاً خرجته في "الأحاديث الصحيحة" (2930).
فهل يجيز الشيخ للمحرمة أن تضرب بخمارها على وجهها وهو يعلم قوله صلى الله عليه وسلم: " لا تتنقب المرأة المحرمة …؟!ومثل ذلك أحاديث المسح على الخمار في الوضوء فعلاً منه صلى الله عليه وسلم وأمراً، رجالاً ونساء، فمن ذا الذي يقول بقول الشيخ المخالف للقرآن والسنة وأقوال العلماء أيضاً، كما تقدم في تفسير آية القواعد؟! ولدينا مزيد كما يأتي.
ومن ذلك قول العلامة الزبيدي في" شرح القاموس" (3/ 189) في قول أم سلمة رضي الله عنهما: إنها كانت تمسح على الخمار. أخرجه ابن أبي شبيبة في " المصنف" (1/22):
" وأرادت ب (الخمار): العمامة، لأن الرجل يغطي بها رأسه، كما أن المرأة تغطيه بخمارها". وكذا في " لسان العرب".
وفي "المعجم الوسيط" – تأليف لجنة من العلماء تحت إشراف" مجمع اللغة العربية" – ما نصه:
" الخمار: كل ما ستر ومنه خمار المرأة، وهو ثوب تغطي به رأسها، ومنه العمامة، لان الرجل يغطي بها رأسه، ويديرها تحت الحنك".
فهذه نصوص صريحة من هؤلاء العلماء على أن الخمار بالنسبة للمرأة كالعمامة بالنسبة للرجل، فكما أن العمامة عند إطلاقها لا تعني تغطية وجه الرجل، فكذلك الخمار عند إطلاقه لا يعني تغطية وجه المرأة به.
وعلى هذا جرى العلماء على اختلاف اختصاصاتهم من: المفسرين، والمحدثين، والفقهاء، واللغويين، وغيرهم، سلفاً وخلفاً، وقد تيسر لي الوقوف على كلمات أكثر من أربعين واحداً منهم، ذكرت نصوصها في البحث المشار إليه في المقدمة، وقد أجمعت كلها على ذكر الرأس دون الوجه في تعريفهم للخمار، أفهؤلاء الأساطين- أيها الشيخ!- مخطئون- وهم القوم لا يشقى متبعهم- وأنت المصيب؟!
1- فمن المفسرين: إمامهم ابن جرير الطبري (ت310) والبغوي أبو محمد (169) والزمخشري (538) وابن العربي (553) وابن تيمية (728) وابن حيان الأندلسي (754) وغيرهم كثير كثير ممن ذكرنا هناك.
2- ومن المحدثين: ابن حزم (ت456) والباجي الأندلسي (474) وزاد هذا بياناً وردّاً على مثل الشيخ وتهوّره، فقال:
" ولا يظهر منها غير دور وجهها".
وابن الأثير (ت606) والحافظ ابن حجر العسقلاني (ت852)، ونص كلامه:
" والخمار) للمرأة كالعمامة للرجل".
وهنا لا بد لي من الوقفة- وإن طال الكلام أكثر مما رغبت- لبيان موقف للشيخ التويجري غير مشرف له في استغلاله لخطأ وقع في شرح الحافظ لحديث عائشة الآتي في الكتاب (78) في نزول آية (الخُمُر) المتقدمة، وبتره من شرح الحافظ نص كلامه المذكور لمخالفته لدعواه! فقال الحافظ في شرح قول عائشة في آخر حديثها:" فاختمرن بها" (8/490):
" أي: غطين وجوههن، وصفة ذلك أن تضع الخمار على رأسها، وترميمه من الجانب الأيسر، وهو التقنع. قال الفراء: كانوا في الجاهلية تسدل المرأة خمارها من ورائها، وتكشف ما قدامها، فأمرن بالاستتار، و (الخمار) …" إلى آخر النص.
فأقول: لقد ردّ الشيخ في كتابه (ص 221) قولي الموافق لأهل العلم –كما علمت- بتفسير الحافظ المذكور: "غطين وجوههن"، وأضرب عن تمام كلامه الصريح في أنه لا يعني ما فهمه الشيخ، لأنه يناقض قوله: " وصفة ذلك …" فإن هذا لو طبَّقه السيخ في خماره لوجد وجهه مكشوفاً غير مغطى! ويؤكد ذلك النص الذي بتره الشيخ عمداً أو تقليداً، وفيه تشبيه الحافظ خمار المرأة بعمامة الرجل، فهل يرى الشيخ أن العمامة أيضاً- كالخمار عنده- تغطي الرأس والوجه جميعاً؟! وكذلك قوله:" وهو التقنع"، ففي كتب اللغة:" تقنّت المرأة أي: لبست القناع وهو ما تغطي به المرأة رأسها"، كما في " المعجم الوسيط" وغيره، مثل الحافظ نفسه فقد قال في " الفتح" (7/235 و 10/274):
" التقنع: تغطية الرأس" وإنما قلت: أو تقليداً. لأني أربأ بالشيخ أن يتعمد مثل هذا البتر الذي يغيّر مقصود الكلام، فقد وجدت من سبقه إليه من الفضلاء المعاصرين، ولكنه انتقل إلى رحمة الله وعفوه، فلا أريد مناقشته. عفا الله عنا وعنه.وبناءً على ما سبق فقوله: " وجوههن"، يحتما أن يكون خطأ من الناسخ، أو سبق قلم من المؤلف، أراد أن يقول: "صدورهن" فسبقه القلم! ويحتمل أن يكون أراد معنىً مجازياً أي: ما يحيط بالوجه من باب المجاورة فقد وجدت فق "الفتح" نحوه في موضع آخر من تحت حديث البراء رضي الله عنه:" أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ بالحديد …" الحديث. رواه البخاري وغيره، وهو مخرج في " الصحيحة" (2932) فقال الحافظ (6/ 25):
" قوله: "مقَنَّع" بفتح القاف والنون المشددة: وهو كناية عن تغطية وجهه بآلة الحرب"
فإنه يعني ما جاور الوجه، وإلا لم يستطع المشي فضلاً عن القتال كما هو ظاهر.
وبعد هذا، فلنعد إلى ما كان في صدده من ذكر أسماء المحدثين المفسرين للخمار بغطاء الرأس:
بدر الدين العيني (ت855) في " عمدة القاري" (19/ 92) وعلي القاري (ت1014) والصنعاني (ت 1182) والشوكاني (ت125) وأحمد محمد شاكر المصري (ت1377) وغيرهم.
3- ومن الفقهاء: أبو حنيفة (ت150) وتلميذه محمد بن الحسن (ت189) في " الموطأ) وستأتي عبارته في (ص34) والشافعي القرشي (ت204) والعيني (855) وتقدم قال في " البناية في شرح الهداية" (2/58):
" وهو ما تغطي به المرأة رأسها"
4- ومن اللغويين: الراغب الأصبهاني (ت502) قال في كتابه الفريد" المفردات في غريب القرآن" (ص159):
" الخمر، أصل الخمر: ستر الشيء ويقال لما يستتر به: (خمار) لكن (الخمار) صار في التعارف اسماً لما تغطي به المرأة رأسها، وجمعه (خُمُر) قال تعالى: ** وليضربن بخمرهن على جيوبهن} وابن منظور (ت711) والفيروز أبادي (816) وجماعة من العلماء المؤلفين ل" المعجم الوسيط"- كما تقدم- مع نص قولهم الصريح في أنه غطاء الرأس.
من أجل هذه النقول عن هؤلاء الأئمة الفحول، لم يسع الشيخ الفاضل محمد بن صالح بن عثيمين إلا أن يخالف الشيخ في تعصبه لرأيه، ويوافق هؤلاء الأئمة فقال في رسالته (ص6):
" (الخمار):ما تخمّر به المرأة رأسها وتغطيه به ك (الغدفة) ".
قلت: فبهذه الأدلة من الكتاب والسنة وأقوال أئمة التفسير والحديث والفقه واللغة، ثبت قولنا: إن الخمار غطاء الرأس وبطل قول الشيخ التويجري ومقلديه، كابن خلف الذي زعم (ص 70) من " نظراته" " أن الخمار عام لمسمى الرأس والوجه لغة وشرعاً. واغترَّ به-مع الأسف- أخونا الفاضل محمد بن إسماعيل الإسكندراني، فطبع في كتابه" عودة الحجاب" (3/285) عنواناً نصه:" الاختمار لغة يتضمن تغطية الوجه". ثم لم يأتيا على ذلك بأي دليل، سوى البيتين من الشعر اللذين كنت سقتهما في كتابي (ص73) مؤيداً قولي هناك: بأنه لا ينافي كون الخمار غطاء الرأس أن يستعمل أحياناً لتغطية الوجه، واستدللت على ذلك ببعض الأحاديث فتجاهلوها مع الأسف ولم يحيروا جواباً!
وأزيد هنا فأقول: قد جاء في قصة جوع النبي صلى الله عليه وسلم أن أنساً رضي الله عنه قال عن أم سُلَيم:
" فأخرجت أقراصاً من شعير، ثم أخرجت خماراً لها فلفت الخبز ببعضه…" الحديث.
أخرجه البخاري (3578) ومسلم (6/ 118) وغيرهما.
والشاهد منه واضح وهو أن الخمار الذي تغطي المرأة به رأسها قد استعملته في لف الخبز وتغطيه، فهل يقول أحد: إن من معاني الخمار إذا أطلق أنه يغطي الخبز وتغطيه؟! لا أستبعد أن يقول ذلك أولئك الذين تجرؤوا على مخالفة تلك النصوص المتقدمة من الكتاب والسنة وأقوال الأئمة الدالة على أن (الخمار) غطاء الرأس دون دور وجهها، فقال أولئك: ووجهها. لا لشيء، إلا لأنه قد استعمل لتغطية الوجه كالجلباب ! ولو أحياناً!
وإذا عرفت هذا فمن أخطاء التويجري- ومن لفَّ لفَّه- قوله بعد تفسيره الخمار بما تبين خطؤه (ص122):
" فالاعتجار مطابق للاختمار في المعنى".
فأقول: نعم هو كذلك بالمعنى الصحيح المتقدم للاختمار وأما بمعنى تغطية الوجه عند الإطلاق فهو باطل لغة ولا أريد أن أطيل في نقل الشواهد على ذلك من كلام العلماء، وإنما أكتفي هنا على ما قاله الإمام الفيروزأبادي في " قاموسه" والزبيدي في " تاجه" عاجلاً كلام الأول بين هلالين قال (3/383):
" (الاعتجار): لي الثوب على الرأس من غير إدارة تحت الحنك وفي بعض العبارات: هو " لف العمامة دون التلحِّي) وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه دخل مكة يوم الفتح معتجراً بعمامة سوداء" المعنى: أنه لفها على رأسه ولم يتلح بها. والمعجر (كمنبر: ثوب تعتجر به) المرأة أصغر من الرداء وأكبر من المقنعة وهو ثوب تلفّه المرأة على استدارة رأسها ثم تجلبب فوقه بجلبابها، كالعجار ومنه أخذ الاعتجار بالمعنى السابق".
قلت: وهذا لا ينافي ما احتجَّ به الشيخ التويجري لدعواه بقوله (ص 161):
" قال ابن كثير: وفي حديث عبدالله بن عدي بن الخيار: جاء وهو معتجر بعمامته ما يَرى وحشي منه إلا عينيه ورجليه. الاعتجار بالعمامة: هو ن يلفّها على رأسه ويَرُدُّ طرفها على وجهه ولا يعمل منها شيئاً تحت ذقنه. انتهى". قلت: لا ينافي هذا ما تقدم عن العلماء باللغة من الشرح لـ (الاعتجار) لأن ما قاله ابن الأثير مصرح به في الحديث: " ما يرى منه إلا عينيه" فهو صفة كاشفة لـ (الاعتجار) وليست لازمة له كما لو قال قائل: (جاء مختمراً أو متعمماً لا يرى منه إلا عيناه) فذلك لا يعني عند من يفهم اللغة أن من لوازم الاختمار والتعمم تغطية الوجه إلا العينين. ولذلك لم يزد الحافظ في " الفتح" (7/ 369) على قوله:
" (معتجر) أي: لافّ عمامته على رأسه من غير تحنيك".
وجملة القول: إن الخمار والاعتجار عند الإطلاق إنما يعني: تغطية الرأس فمن ضمَّ إلى ذلك تغطية الوجه فهو مكابر معاند لما تقدم من الأدلة وعلى ذلك يسقط استدلال الشيخ – ومن قلده- بالأحاديث التي فيها اختمار النساء أو اعتجارهن على دعواه الباطلة شرعاً ولغة ويسلم لنا –في الوقت نفسه- استدلالنا بآية (الخمار) وحديث فاطمة الآتي (ص66) رقم (5) على أن وجه المرأة ليس بعورة كما سيأتي بيانه هناك. والله المستعان. (انظر حديث عائشة في اختمار النساء المهاجرات فيما يأتي من الكتاب صفحة 87).
البحث الخامس: هل أجمع المسلمون على أن وجه المرأة عورة وأنها تمنع أن تخرج سافرة الوجه؟
ذلك ما ادَّعاه الشيخ التويجري-هداه الله وقلده فيه بعضهم- يعيد ذلك ويكرره في مواضيع كثيرة وفي صفحات عديدة متقاربة من كتابه لا يكل ولا يمل! (156و197و 217و244و245و147) يفعل هذا وهو يعلم في قرارة نفسه أن لا إجماع فيه لأنه يمر على الخلاف ولا ينقله وقد ينقله ثم يتجاهله! كما سيأتي بيانه قريباً بما لا يدع أي شك في ذلك وكلامه في ذلك مختلف لفظاً متفق معنىً وحسبي أن أنقل منه نصين فقط طلباً للاختصار:
الأول: قوله (ص197 و 217) بالحرف الواحد:
" وحكى ابن رسلان: اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه. نقله الشوكاني عنه في (نيل الأوطار) "
فأقول: إليك نص ما في " نيل الأوطار" (6/98- البابي الحلبي) تحت حديث عائشة:
" يا أسماء! إن المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح لها أن يرى منها إلا هذا وهذا. وأشار إلى وجهه وكفيه":
" وفيه دليل لمن قال: إنه يجوز نظر الأجنبية. قال ابن رسلان: وهذا عند أمن الفتنة مما تدعو الشهوة إليه من جماع أو دونه أما عند خوف الفتنة فظاهر إطلاق الآية والحديث عدم اشتراط الحاجة ويدل على تقييده بالحاجة اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه، لا سيما عند كثرة الفساق. وحكى القاضي عياض عن العلماء: أنه لا يلزم ستر وجهها في طريقها، وعلى الرجال غض البصر للآية وقد تقدم الخلاف في أصل المسألة".
قلت: يشير إلى بحث له في الباب الذي قبل حديث عائشة المذكور آنفاً شرح فيه آية: ** ولا يُبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} (النور: 31) ونقل تحتها تفسير الومخشري للزينة فيها ومنه قوله:
"فما كان ظاهراً منها كالخاتم والكحل والخضاب فلا بأس بإبدائه للأجانب…".
ثم قال الشوكاني عقبه:
" والحاصل: أن المرأة تبدي من مواضع الزينة ما تدعو الحاجة إليه الحاجة عند مزاولة الأشياء والبيع والشراء والشهادة، فيكون ذلك مستثنى من عموم النهي عن إبداء مواضع الزينة وهذا على ما يدل على أن الوجه والكفين مما يستثنى"
فتأمل أيها القارئ الكريم! هل المسألة مجمع عليها كما قال الشيخ أولاً؟! وهل كان أميناً في نقله لكلام ابن رسلان، ثم لكلام الشوكاني ثانياً؟! والذي تبنى ما دل عليه حديث عائشة الذي قويناه في الكتاب (ص 75- 60) كما تبنَّاه مجد الدين ابن تيمية رحمه الله بترجمته له بـ" باب أن المرأة عورة إلا الوجه والكفين"، أما الشيخ فضعفه بشطبة قلم –كما يقال- ولم يعرّج على الشاهد وعمل السلف وتقوية الحافظ البيهقي وغيره كما سيأتي فأغمض عينيه عن ذلك كله مكابرة وعناداً وبطراً وتورَّط به ما واحد من الكتابين المقلدين في هذه المسألة.
-والآخر من نصيبه: قوله في بعض أجوبته (ص243):
" الصواب مع المشايخ الذين يذهبون إلى أن وجه المرأة عورة لا يجوز لها كشفه عند الرجال الأجانب ودليلهم على ذلك الكتاب والسنة والإجماع"!
بطلان الإجماع الذي ادعاه:
فأقول وبالله وحده أستعين:
لم ينطق بكلمة " الإجماع" في هذه المسألة أحد من أهل العلم فيما بلغني وأحاط به علمي إلا هذا الشيخ وما حمله على ذلك إلا شدَّته وتعصبه لرأيه، وإغماضه لعينيه عن كل ما يخالفه من النصوص فإن الخلاف فيها قديم لا يخلو منه كتاب من الكتب المتخصصة في بحث الخلافيات ولو كان في قوتي متسع لألّفت رسالة خاصة أسرد فيها ما تيسّر لي من أقوالهم في هذه المسألة ولكن لا بدَّلي من أن أنقل هنا بعضها، مما يدل على بطلان الإجماع الذي ادَّعاه فأقول:
الأول: قال ابن حزم في كتابه" مراتب الإجماع" (ص29) ما نصه:
" واتفقوا على أن شعر الحرة وجسمها حاشا وجهها ويدها عورة واختلفوا في الوجه واليدين حتى أظفارهما عورة هي أم لا؟"
وأقرَّه شيخ الإسلام ابن تيمية في تعليقه عليه، ولم يتعقبه كما فعل في بعض المواضع الأخرى.
الثاني: قال ابن هبيرة الحنبلي في " الإفصاح" (1/118-حلب):
" واختلفوا في عورة المرأة الحرة وحدِّها فقال أبو حنيفة: كلها عورة إلا الوجه والكفين والقدمين. وقد روي عنه أن قدميها عورة وقال مالك الشافع: كلها عورة إلا وجهها وكفيها وهو قول أحمد في إحدى روايتيه والرواية الأخرى: كلها عورة إلا وجهها وخاصة. وهي المشهورة واختارها الخرقي".
وفاتته رواية ثالثة وهي: أنها كلها عورة حتى ظفرها كما بأتي مع بيان رد ابن عبد البر لها قريباً.
الثالث: جاء في كتاب" الفقه على المذاهب الأربعة" تأليف لجنة من العلماء منهم الجزيري: في بحث حد عورة المرأة (1/167-الطبعة الثانية):
" أما إذا كانت بحضور رجل أجنبي أو امرأة غير مسلمة فعورتها جميع بدنها ما عدا الوجه والكفين فإنهما ليسا بعورة فيحل النظر لهما عند أمن الفتنة".
ثم استثنى من ذلك مذهب الشافعية وفيه نظر ظاهر لما تقدم في " الإفصاح" وغيره مما تقدم ويأتي.
الرابع: قال ابن عبد البر في "التمهيد" (6/364) – وقد ذكر أن المرأة كلها عورة إلا الوجه والكفين وأنمه قول الائمة الثلاثة وأصحابهم وقول الأوزاعي وأبي ثور-:
" على هذا أكثر أهل العلم وقد أجمعوا على أن المرأة تكشف وجهها في الصلاة والإحرام وقال أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث: كل شيء من المرأة عورة حتى ظفرها!"
ثم قال ابن عبد البر:
" قول أبي بكر هذا خارج عن أقاويل أهل العلم، لإجماع العلماء على أن للمرأة أن تصلي المكتوبة ويداها ووجهها مكشوف ذلك كله منها تباشر الأرض به وأجمعوا أنها لا تصلي منتقبة ولا عليها أن تلبس القفازين في الصلاة وفي هذا أوضح الدلائل على أن ذلك منها غير عورة وجائز أن ينظر إلى ذلك منها كل من نظر إليها بغير ريبة ولا مكروه، وأما النظر للشهوة فحرام تأملها من فوق ثيابها لشهوة فكيف بالنظر إلى وجهها مسفرة؟! وقد روي نحو قول أبي بكر هذا عن أحمد بن حنبل…"
قلت: وقد كنت نقلت فيما يأتي من الكتاب (89) عن ابن رشد: أن مذهب أكثر العلماء على وجه المرأة ليس بعورة وعن النووي مثله، وأنه مذهب الأئمة الثلاثة ورواية عن أحمد فبعض هذه الأقوال من هؤلاء العلماء الكبار كافية لإبطال دعوى الشيخ الإجماع فكيف بها مجتمعة؟! وإذا كان الإمام أحمد يقول فيما صح عنه: " من ادعى الإجماع فهو كاذب، وما يدريه لعل الناس اختلفوا؟!" إذا كان هذا قوله فيمن لا يدري الخلاف، فماذا كان يقول يا ترى فيمن يدري الخلاف ثم يدعي الإجماع؟!
فإن قيل: فمن أين لك أن الشيخ يعلم الخلاف المذكور ومع ذلك فهو يتجاهله ويكابر؟
فأقول: علمت ذلك من كتابه أولا، ثم من كتابي الذي ردَّ عليه ثانياً.
أما الأول فإنه نقل (ص157) عن الحافظ ابن كثير: أن الجمهور فسر آية الزينة بالوجه والكفين وأعاد ذلك (ص234).
وأما الآخر فقد ذكرت في غير موضع من كتابي من قال من العلماء بخلاف إجماعه المزعوم مثل ابن جرير وابن رشد والنووي ومنهم ابن بطال الذي نقلت عنه فيما يأتي في الكتاب (ص63) أنه استدل بحديث الخثعمية أن ستر المرأة وجهها ليس فرضاً.
تأويل الشيخ لكلام العلماء وتعطيله إياه: فتجاهل الشيخ ذلك كلّه ولم يتعرض له بجواب اللهم إلا جوابه الذي يؤكد لكل القراء أنه مكابر عنيد وهو قوله (ص236):
" إن المذهب الذي نسبه الألباني لأكثر العلماء- ومنهم أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد في رواية عنه- إنما هو في الصلاة إذا كانت المرأة ليست بحضرة الرجال الأجانب"!
وقلّده في هذا القول جمع ممن يمشي في ركابه كابن خلف في " نظراته"، وأخينا محمد بن إسماعيل الإسكندراني في" عودة الحجاب" (3/228) وغيرهما كثير والله المستعان.
ونظرة سريعة في قول ابن بطال المذكور يكفي في إبطال جواب الشيخ هداه الله وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الشيخ خرِّيت ماهر- ولا فخر!- في تضليل قرائه وصرفهم عن الاستفادة من أقوال علمائهم بتأويله إياها وإبطال دلالاتها الصريحة تماماً كما يفعل أهل الأهواء بتعطيلهم لنصوص الكتاب والسنة وأقوال الأئمة المتعلقة بالأسماء المتعلقة بالأسماء والصفات الإلهية وهذا شيء يعرفه الشيخ منهم فيبدو أنه قد سرت عدواهم إليه حفظه الله ولو في مجال الأحكام هداه الله.
وتأكيداً لهذا الذي ذكرت لا يسعني هنا إلا أن أذكر مذاهب الأئمة الذين افترى الشيخ عليهم بتأويله لكلامهم على خلاف مرادهم فأقول:
أولا: مذهب أبي حنيفة:
قال الإمام محمد بن الحسن في " الموطأ" (ص 205 بشرح التعليق الممجّد- هندية):
" ولا ينبغي للمرأة المحرمة أن تنتقب فإن أرادت أن تغطي وجهها فلتستدل الثوب سدلاً من فوق خمارها. وهو قول أبي حنيفة والعامة من فقهائنا".
وقال أبو جعفر الطحاوي في " شرح معاني الآثار" (2/392- 393):
" أبيح للناس أن ينظروا إلى ما ليس بمحرَّم عليهم من النساء إلى وجوههن وأكفهن وحرم ذلك عليهم من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى".
ثانياً: مذهب مالك: روى عنه صاحبه عبد الرحمن بن القاسم المصري في "المدونة" (2/221) نحو قول الغمام محمد في المحرمة إذا أرادت أن تسدل على وجهها وزاد في البيان فقال:
" فإن كانت لا تريد ستراً فلا تسدل".
ونقله ابن عبد البر في " التمهيد" (15-111) وارتضاه.
وقال بعد أن ذكر تفسير ابن عباس وابن عمر لآية: {إلا ما ظهر منها} بالوجه والكفين (6/369):
" وعلى قول ابن عباس وابن عمر الفقهاء في هذا الباب. (قال (هذا ما جاء في المرأة وحكمها في الاستتار في صلاتها وغير صلاتها". تأمل قوله:" وغير صلاتها"!
وفي " الموطأ" رواية يحيى (2/935):
" سئل مالك: هل تأكل المرأة مع غير ذي محرم منها أو مع غلامها؟ فقال مالك: ليس بذلك بأس إذا كان ذلك على وجه ما يُعرفُ للمرأة أن تأكل معه من الرجال قال: وقد تأكل المرأة مع زوجها ومع غيره ممن يؤاكله".
قال الباجي في" المنتفى شرح الموطأ" (7/252) عقب هذا النص:
" يقضي أن نظر الرجل إلى وجه المرأة وكفيها مباح لأن ذلك يبدو منها عند مؤاكلتها".
ثالثاً: مذهب الشافعي:
قال في كتابه" الأم " (2/185):
" المحرمة لا تخمِّر وجهها إلا أن تريد أن تستر وجهها فتجافي…"
وقال البغوي في " شرح السنة" (9/ 23):
"فإن كانت أجنبية حرة فجمع بدنها عورة في حق الرجل لا يجوز له أن ينظر إلى شيء منها إلا الوجه واليدين إلى الكوعين وعليه غض البصر عن النظر إلى وجهها ويديها أيضاً عند خوف الفتنة".
فهل هذه النصوص- أيها الشيخ! – في الصلاة؟!
رابعاً: مذهب أحمد:
روى ابنه صالح في " مسائله" (1/310) عنه قال:
" المحرمة لا تخمِّر وجهها ولا تتنقب والسدل ليس به بأس تسدل على وجهها".
قلت: فقوله: " ليس به بأس" يدل على جواز السدل فبطل قول الشيخ بوجوبه كما بطل تقييده للرواية الأخرى عن الإمام الموافقة لقول الأئمة الثلاثة بأن وجهها وكفيها ليسا بعورة كما تقدم في كلام ابن هبيرة وقد أقرّها ابن تيمية في" الفتاوى" (15/371) وهو الصحيح من مذهبه كما تقدم عن" الإنصاف" وهو اختيار ابن قدامة كما تقدم في " البحث الأول" وعلل ذلك بقوله:
" ولو كان الوجه والكفان عورة لما حرم سترهما بالنقاب لأن الحاجة تدعو إلى كشف الوجه للبيع والشراء والكفين للأخذ والإعطاء".
ومثل هذا التعليل ذكر في كثير ممن الكتب الفقهية وغيرهما ك" البحر الرائق" لإبن نجيم المصري (1/284) وتقدم نحوه عن الشوكاني في أول هذا" البحث الخامس" (ص27).
ومما سبق يتبين للقراء الكرام أن أقوال الأئمة الأربعة متفقة على تخيير المرأة المحرمة في السدل على وجهها وعدم إيجاب ذلك عليها خلافاً للمتشددين والمقلدين هذا من جهة.
ومن جهة أخرى فقد دل قول مالك في " الموطأ" وقول ابن عبد البر:"وغير صلاتها" على تأويل التويجري المذكور وكذلك تخيير الأئمة المحرمات بالسدل لأن ذلك خارج الصلاة.
فأريد الآن أن أتبيَّن لقرائنا الأفاضل علماً كتمه المذكورون- أو جهلوه وأحلاهما مر-: أن سلف الأئمة رحمهم الله تعالى- فيما سبق- أمُّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها قولاً وفعلاً.
أما القول فهو:" المحرمة تلبس من الثياب ما شاءت إلا ثوباً مَسَّه ورس أو زعفران ولا تتبرقع ولا تَلَثَّم وتسدل الثوب على وجهها إن شاءت".
أخرجه البيهقي في "سننه" (5/47) بسند صحيح وعزاه إليه الحافظ في " الفتح" (4/52-53) ساكتاً عليه فهو عنده فهو شاهد قوي لحديثها المتقدم في هذا " البحث الخامس" صفحة (27-28): " يا أسماء إذا بلغت المرأة المحيض… ". وكذلك يشهد له حديثها الآتي.
وأما الفعل فهو ما جاء في حديث عمرتها من التنعيم مع أخيها عبد الرحمن قالت:
" فأردفني خلفه على جمل له قالت: فجعلت أرفع خماري أحسره عن عنقي فيضرب رجلي بعلّة الراحلة قلت له:و هل ترى من أحد…".
أخرجه مسلم (4/34) والنسائي في "السنن الكبرى" (2/223- المصورة) والطيالسي أيضاً في " مسنده" (1561) لكن بلفظ:
"فجعلت أحسر عن خماري فتناولني بشيء في يده …".
فسقط منه قولها:" عنقي" ورواية مسلم أصح سنداً وأرجح متناً كما بينته في "المقدمة" ولذلك لم يعزه الشيخ إلى مسلم وتبعه على ذلك بعض المقلدة- كالمدعو درويش في " فصله" (ص43) – لأنها حجة عليهم من جهة أن الخمار لا يغطي الوجه لغة كما تقدم وكونها معتمرة فلا يجوز لها أن تلثم به كما قالت آنفاً فتغطيتها لوجهها بالسدل- كما في بعض الروايات- فعلٌ منها نقول به، ولكن لا يدل على الوجوب خلافاً لزعم المخالفين.
قلت: فبطل بهذا البيان تأويل الشيخ المذكور لمخالفته أقوال أئمة الفقه المصرّحة بجواز الكشف عن الوجه في الصلاة وخارجها بحضرة الرجال ولتعليل بعضهم الجواز بحاجة المرأة إلى البيع والشراء والأخذ والإعطاء وبجواز المؤاكلة أيضاً. فهذه الأقوال يحملها الشيخ على الصلاة وليس بحضرة الرجال
فما أبطله من تأويل بل تعطيل. فأنا لله وإنا إليه راجعون.
ثم إن مما يؤكد جهل الشيخ بالفقه وأقوال الفقهاء- أو على الأقل تجاهله وتحامله عليَّ وبَطره للحق- أن من مراجع كتابه (ص 109) ابن مفلح في " الآداب الشرعية" وابن مفلح هذا من كبار علماء الحنابلة في القرن الثامن،ومن تلامذة ابن تيمية وكان يقول له:" ما أنت ابن مفلح بل أنت مفلح". وقال ابن القيم فيه:
" ما تحت قبة الفلك أعلم بمذهب الإمام أحمد من ابن مفلح".
إذا عرفت هذا فقد قال المفلح هذا في كتابه المذكور " الآداب الشرعية " (1/316) ما نصه:
" هل يسوغ الإنكار على النساء الأجانب إذا كشفن وجوههن في الطريق؟
ينبني (الجواب) على أن المرأة هل يجب عليها ستر وجهها أو يجب غض النظر عنها؟ وفي المسألة قولان قال القاضي عياض في حديث جرير رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة؟ فأمرني أن أصرف بصري. رواه مسلم. قال العلماء رحمهم الله تعالى: وفي هذا حجة على أنه لا يجب على المرأة أن تستر وجهها في طريقها وإنما ذلك سنة مستحبة لها ويجب على الرجل غض البصر عنها في جميع الأحوال إلا لغرض شرعي. ذكره الشيخ محيي الدين النووي ولم يزد عليه".
يعني: غي " شرح مسلم" قبيل (كتاب السلام) وأقرَّه.
ثم ذكر المفلح قول ابن تيمية الذي يعتمد عليه التويجري في كتابه (ص170) وتجاهل أقوال جمهور العلماء وقول القاضي عياض الذي نقله المفلح وارتضاه تبعاً للنووي. ثم قال المفلح:
" فعلى هذا هل يشرع الإنكار؟ ينبني على الإنكار في مسائل الخلاف وقد تقدم الكلام فيه فأما على قولنا وقول جماعة من الشافعية وغيرهم: إن النظر إلى الأجنبية جائز من غير شهوة ولا خلوة.
قلت: هذا ما قاله هذا الإمام الحنبلي قبل ستة قرون (ت763) تبعاً لمن اقتديت بهم من الأئمة السالفين أفلا يعلم الشيخ ومن ضلَّ –هداهم الله- أنهم رحمهم الله ينالهم القدح الذي وجهه إلي في آخر كتابه- كما تقدم- وهو قوله:
"ومن أباح السفور للنساء واستدل على ذلك بمثل ما استدل به الألباني فقد فتح باب التبرج على مصراعيه…" إلى آخر هرائه هداه الله.
البحث السادس: تعطيلهم الأحاديث الصحيحة المخالفة لهم
قد جاءت أحاديث كثيرة في كشف النساء لوجوههن وأيديهن- كما سيأتي في الكتاب- يبلغ مجموعها مبلغ التواتر المعنوي عند أهل العلم فلا جرم عمل بها جمهور العلماء ولن المقلدين المتعصبين قد سلَّطوا عليها أيضاً معاول التخريب والتهديم بتأويلها وتعطيلها وإبطال معانيها ودلالاتها الظاهرة البينة كما فعلوا بأقوال الأئمة كما عرفت آنفاً ولا يتسع المجال هنا لمناقشتهم في كل تأويلاتهم فإنها لكثرتها تتطلب تأليف رسالة خاصة بها لسرد الأحاديث وأقوالهم في تأويلها ثم الرد عليها فلا أقل من ذكر بعض النماذج منها تغني القارئ المنصف عن الباقي.الحديث الأول: وهو الثاني في الكتاب (ص61-62) حديث الخثعمية وفيه أنها كانت حسناء وضيئة وفيه:" فطفق الفضل ينظر إليها وأعجبه حسنها".
فأقول:اضرب الشيخ وقلدوه أو موافقوه في الانفصال من دلالة الحديث الصريحة على وجوه:
فتارة يقول (ص208):
" ليس فيه امرأة كانت سافرة بوجهها فيحتمل أن ابن عباس أراد حسن قوامها وقدّها و وضاءة ما ظهر من أطرافها"!
وهذا كلام ينقض أوله آخره وآخره أوله فإن " أطرافها" هي اليدان والرجلان والرأس- كما هو معلوم في اللغة- وعليه فما نفاه في أوله أثبته في آخره ولكن بطريقة اللف والدوران- مع الأسف- فإن " أطرافها" تشمل الوجه لغة ففي"القاموس":
" الأطراف من البدن: اليدان والرجلان والرأس".
فهل جَهلَ الشيخ هذه الحقيقة اللغوية- كما هو شأنه في تفسيره ل (الجلباب) و (الخمار) و (الاعتجار) –أم تناساها تمويهاً وتضليلاً؟! فإن كان الأول فهل جهل قوله صلى الله عليه وسلم:" إذا سجد العبد سجد معه سبعة أطراف: وجهه وكفاه…" الحديث، أم تناساه أيضاً؟ وسواء كان هذا أو ذاك فإنه قال هناك:" أطراف يديها"!
وتارة يقول (ص219):" وإن كان الفضل قد رأى وجهها فرؤيته لا تدل على أنها كانت مستديمة لكشفه…".
وهذه مكابرة أخرى تشبه سابقتها من حيث التجاهل فإن قول ابن عباس: "فأخذ الفضل ينظر يلتفت إليها"، وفي الرواية الأخرى:" فطفق ينظر إليها وأعجبه حسنها" يبطل قول الشيخ ومن قلده-مثل أخينا الطيب محمد بن إسماعيل (3/368) – وذلك من وجهين:
الأول: قوله:" ينظر يلتفت"، فإنه يفيد استمرار الفعل لغة كما هو معلوم.
والآخر: قوله: " فطفق" فإن معناه: استمر ينظر، كقوله تعالى: ** فطفق مسحاً بالسوق والأعناق} (ص33) وقوله: ** وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة} (الأعراف:22) ومثله في البخاري في قصة اغتسال موسى عليه السلام وحده:" فطفق بالحجر ضرباً" وفيه أيضاً في حديث الهجرة:" فطفق أبو بكر يعبد ربه".
ولذلك قال ابن بطال- كما سيأتي في الكتاب (ص36) -:
" لم يحول النبي صلى الله عليه وسلم وجه الفضل حتى أدمن النظر إليها لإعجابه بها…" إلخ
ثم استدل بذلك على أن ستر المرأة وجهها ليس فرضاً وهذا هو الذي لا يمكن أن يفهم سواه العلماء المنزَّهون عن التعصب المذهبي ولذلك لم يستطع الحافظ ابن حجر –مع علمه الواسع ومعرفته باللغة وآدابها– إلا أن يقول ردّاً على ابن بطال:
" إنها كانت محرمة"، كما سيأتي هناك.
ولا يخفى على أهل العلم أن هذا الجواب إنما يستقيم لو كان لا يجوز للمحرمة أن تغطي وجهها بالسدل عليه، وهذا مما لا يقول به الحافظ أو غيره من العلماء فرده مردود وقد يشعر بعضهم بضعف هذا الرد فينحرف عن دلالة الحديث الظاهرة في جواز كشف وجهها إلى القول بأنه لا دليل فيه على جواز النظر إلى وجهها كما جاء في رسالة الشيخ ابن عثيمين وغيرها. فنقول: نعم لا يجوز ذلك عند خشية الفتنة ولذلك لا يجوز لها أن تنظر إلى وجه الرجل الأجنبي عنها عند الفتنة أفيجب عليه أن يستره عنها؟!
الحديث الثاني: وهو الثالث في الكتاب (ص64- 65) حديث المرأة التي قالت: "يا رسول الله ! جئت لأهب لك نفسي…" الحديث.
أقول: فمن المضحك المبكي أن الشيخ التويجري حشر هذا الحديث في جملة الأحاديث التي استدل بها على أنه يجوز للخاطب أن ينظر إلى وجه خطيبته ورقبتها (كذا) وأطراف يديها. ولما أجاب (ص 219) عن استدلالي بالحديث أوهم أنه في المخطوبة! وهو يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن قد خطبها- كما ذكرت هناك عن الحافظ ابن حجر- وإنما هي عرضت نفسها عليه صلى الله عليه وسلم كما هو صريح الحديث وكان ذلك في المسجد كما في رواية الإسماعيلي وعلى مرأى من سهل بن سعد راويه والقوم الذين كان فيهم كما في رواية للبخاري وأبي يعلى والطبراني وروايتيهما أتم كما ستراها هناك.
فهل استقام في ذهن الشيخ ومقلديه جواز الخِطبة على مرأى من الأجانب؟! وهو الأمر الذي ينكرونه ويبالغون في إنكاره ولو بتحريف الكلام عن مواضعه! كقول بعضهم:
" ليس في الحديث أنها كانت سافرة الوجه…".
ذكره الأخ في " العودة" (3/368) مع أقوال أخرى لا تستحق الذكر لظهور بطلانها منها قول التويجري المذكور ومنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم معصوم. وهذه الكلمة حق أريد بها باطل لأن البحث في رؤية الصحابة كما لا يخفى على ذي عين!
وفي ظني أن الشيخ الفاضل محمد بن صالح بن عثيمين إنما لم يتعرض للجواب عن الحديث بشيء من هذه الأجوبة لظهور ضعفها فرأى السلامة في السكوت وترك المراء جزاه الله خيراً وإن كنت آمل منه إعادة النظر في المسألة على ضوء ما تقدم من البيان وما سيأتي في الكتاب من الفوائد الجديدة والزيادات التي لم تكن في الطبعات السابقة.
الحديث الثالث" وهو الخامس في الكتاب (ص66) وهو حديث فاطمة بنت قيس وأمره صلى الله عليه وسلم إياها بالانتقال إلى ابن أم مكتوم الأعمى وقال لها:" فإنك إذا وضعت خمارك لم يرك" لقد بينت هناك وجه دلالة الحديث على أن الوجه ليس عورة فرد الشيخ ذلك (ص221-223) بعد كلام طويل لا طائل تحته ودس فيه ما لا أقول به ومن ذلك قوله:
" وأين النص في الحديث على وجوب ستر الرأس وحده وتحريم كشفه عند الرجال الأجانب دون الوجه والرقبة"!
فأقول: أما النص فهو في إذن لها في أن تظهر أمام الضيفان بخمارها الذي لا يغطي الوجه لولا خشية سقوطه عنها فيرون رأسها ولذلك أمرها بالانتقال إلى ابن أم مكتوم رضي الله عنه وعلل صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله:"فإنك إذا وضعت خمارك لم يركِ" والخمار غطاء الرأس عند جماهير العلماء كما تقدم تحقيقه بما لا مرد له عند من يعقل وينصف فهذا هو النص على الرأس دون الوجه. وأما قولك:" والرقبة" فهو دس رخيص لا أدري هل يمكن أن يصدر مثله من الشيخ فاضل متّق يدري ما يخرج من فيه؟! فإنه يعلم أن ذكر الرقبة ليس من موضوع البحث! وأنه لا خلاف في كونها عورة منها وأن الخمار يسترها فأعوذ بالله من الحور بعد الكور!
وأما اعتراضك على استدلالي المذكور بقولك (ص 222):
" ولو كان الأمر كذلك لقال صلى الله عليه وسلم: فإنك إذا وضعت خمارك لم ير رأسك أولم ير شعرك".
فأقول: كفاك أيها الشيخ! جدلاً ومكابرةً! فإن النبي صلى الله عليه سلم لا يتكلم حسب هواك فإنه أفصح من نطق بالضاد وأوتي جوامع الكلام فإن (الخمار) معناه في اللغة التي كانت تفهمها فاطمة رضي الله عنها على خلاف فهمك المستعجم فلا داعي ليقول لها ما طرحته وألزمتنا به، ألا ترى أنه يستطيع أقل الناس فهماً أن يقلبه عليك فيقول لك:" ولو كان الأمر على ما ذهبت إليه أن الخمار لم ير رأسك ووجهك". فهل تلتزم هذا أيها الشيخ المسكين! أم تجيب بنحو جوابي المذكور وأن الخمار بزعمك يشمل الوجه أيضاً؟! وحينئذٍ يتبين لك ما ألزمتنا به غير لازم وأنك تجادل بالباطل لتضلَّ الناس بغير علم فأنك في كل كتابك وردِّك لم تأت بنص ممن الكتاب والسنة وأقوال الأئمة المتقدمين – على اختلاف اختصاصاتهم- يشهد لزعمك المذكور ولن تستطيع إلى ذلك سبيلاً البتة.
ومن الدليل على ذلك تصريح ابن بلدك الشيخ الفاضل محمد بن عثيمين: بأن الخمار ما تغطي المرأة رأسها- كما تقدم نقله عنه- ولذلك –فيما أظن- رأى السلامة أيضاً أن لا يدخل نفسه في مثل مجادلتك ومكابرتك فلم يتعرض للجواب عن استدلالنا بهذا الحديث وما ذاك إلا لقوة دلالته والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
البحث السابع: استدلالهم بالأحاديث الضعيفة والآثار الواهية وإصرارهم على ذلك بعد أن وقفوا على عللها التي تمنعهم شرعاً من الاحتجاج بها لو أنصفوا ولم يتبعوا أهواءهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في"الفتاوى" (1/ 246):
" والمنقول عن السلف والعلماء يحتاج إلى معرفة بثبوت لفظه ومعرفة دلالته كما يحتاج إلى ذلك المنقول عن الله ورسوله".
والشيخ كأنه قول ابن تيمية هذا فإنه لم يتثبَّت فيما نقل عن السلف ولا في دلالته بل بعضه حجة عليه وإليك بعض الأمثلة:
الحديث الأول: عن ابن عباس قال:" أمر الله النساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن… ويبدين عيناً واحدة" وسيأتي في الكتاب (ص88).
لقد بينت هناك أن للحديث علتين فأغمضوا أعينهم عنهما وتتابعوا جميعاً على الاحتجاج به وصرح السندي (ص19- 20) بصحة سنده دون أن يبين ذلك على أسلوب علماء الحديث عامله الله بما يستحق وخفي ذلك على الإسكندراني فأقره (3/ 265) ! والله المستعان! وكرره الشيخ التويجري مراراً (ص 163- 226-232) ونسبني بسبب مخالفتي إياه للإلحاد ! فقال (ص233):
" وكلام الألباني في تفسير آية الأحزاب لم يَسبقه إليه أحد من الصحابة والتابعين وقد خالف ما جاء عن حبر الأمة وغيره من أكابر التابعين في تفسيرها فهو إذاً من الإلحاد في آيات الله تعالى وتحريف الكلام…".
كذا قال – هداه الله – ولست أقابله إلا بقوله تعالى تعليماً لنا: ** وإنّا أو إياكم لعلى هدىً أو في ضلال مبين} (سبأ: 24) ولكني سأثبت لكل منصف أن كلام الشيخ سيحور عليه مصداق قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته:" ومن دعا رجلاً بالكفر أو قال: عدو الله ! وليس كذلك إلا حار عليه" وقول المثل السائر:" رمتني بدائها وانسلّت" وذلك أن هناك رواية أخرى عن ابن عباس- في المصدر الذي نقل الشيخ الرواية الأولى منه وهو "الدر المنثور" – كتمها الشيخ ومقلدوه، لأنها تخالف أهواءهم ونصها في تفسير آية الإدناء:"وإدناء الجلباب أن تقنع وتشد على جبينها" رواه ابن جرير وابن مردويه.
وهذا نص قولنا وذكره ابن جرير (22/33) تحت قوله:
" وقال آخرون: بل أمرن أن يشددن جلابيبهن على جباههن". وهذا وإن كان إسناده ضعيفاً فإنه أرجح من الأول لأمور:
1- أنه الأقرب إلى لفظ (الإدناء) كما تقدم في " البحث الأول ".
2- أنه الموافق لما صح عن ابن عباس من طرق سبعة عنده: أن الوجه والكفين من الزينة الظاهرة
التي يجوز كشفها وقد خرجت الطرق السبعة في " المقدمة" وبعضها صحيح-كما سيأتي في الكتاب- وهو نص في المقصود كما قال ابن القطان الفاسي في " النظر في أحكام النظر" (ق 20/2) وقواه بتوثيقه لرجاله وأشار السندي إلى أسانيده وجزم بعدم صحتها (ص18) وإن من خبثه وتدليسه أنه ساق الضعيف منها وأفاض في إعلالها وكتم الصحيح منها ! وأقره الإسكندراني (3/ 265) لجهله بهذا العلم الشريف ولذلك فقد أساء إلى نفسه وإلى قرائه بدخوله فيما لا يحسنه!
3- أنه الموافق لما رواه أبو الشعثاء: أن ابن عباس قال:
" تدني الجلباب إلى وجهها ولا تضرب به".
أخرجه أبو داود في " مسائله" (ص110) بسند صحيح جدّاَ
4- أنه المنقول عن بعض تلامذة ابن عباس رضي الله عنه كسعيد بن جبير فإنه فسر الإدناء: بوضع القناع على الخمار وقال
" لا يحل لمسلمة أن يراها غريب إلا أن يكون عليها القناع فوق الخمار وقد شدت بها رأسها ونحرها". وسيأتي في الكتاب (ص85).
وذكر نحوه أبو بكر الجصاص في" أحكام القرآن" (3/372) عن مجاهد أيضاً مقروناً مع ابن عباس:
" تغطي الحُرَّة إذا خرجت جبينها ورأسها".
ومجاهد ممن تلقى تفسير القرآن عن ابن عباس رضي الله عنه.
ثم تلقاه عن مجاهد قتادة رحمهما الله تعالى فإنه من تلامذته والرواة عنه فقال في تفسير (الإدناء) "
"أخذ الله عليهن إذا خرجن أن يُقَنِّعن على الحواجب".
أخرجه ابن جرير (22/23) بسند صحيح عنه.
فقوله:" يقنعن" أي: يلبسن القناع ويشددنه على الحواجب والرأس فإن القناع هو أوسع من المقنع والمقنعة ما تقنع به المرأة رأسها كما في "القاموس" وغيره وتقدم مثله (ص19- 20) عن الحافظ وغيره.
فمن العجيب الغريب حقاً أن يذكر الشيخ التويجري- ومن قلده من المحوِّشين والمقمِّشين- هذا الأثر عقب حديث ابن عباس الضعيف هذا وعقب أثر عبيدة السلماني- الآتي بيان ما فيه من العلل- ذكر هذا الأثر عقب ذلك مستشهداً به! وهو حجة عليه كما ترى ولست أدري- والله – أهذا من جهل الشيخ بلغته أو تجاهل مقصود منه؟! فإن كان الأول فهل خفي عليه أن الإمام ابن جرير ذكره مترجماً به القول الثاني المخالف لقول من قال بحديث ابن عباس الضعيف فقال عقبه (22/33):
" وقال آخرون: بل أمرن أن يشددن جلابيبهن على جباههن ذكر ممن قال ذلك…"؟!
ثم ساق تحته حديث ابن عباس الذي أنا في صدد ترجيحه بهذه الأمور الأربعة وأتبعه بأثر قتادة هذا.
أفلا يحق لي بعد هذا البيان أن أقول:إن ما اتهمني الشيخ به من المخالفة للصحابة والتابعين، والإلحاد في آيات الله تعالى وتحريف الكلام… أنه وصفه هو؟! وأن ما نسبه إلى ابن عباس جازماً به كذب عليه؟! وأني أنا أسعد الناس بمتابعته رضي الله عنه في الرواية الراجحة عنه في تفسير الآية الكريمة وفي غيرها كما سيأتي في تفسير: {إلا ما ظهر منها} (ص102)
وإذا تبين ضعف حديث ابن عباس في أمر النساء بتغطية وجوههن إلا عيناً واحدة وأن الرواية الأخرى عنه المصرحة بشد الجلباب على جبينها أقوى منها- لشواهدها وموافقتها ل (الإدناء) لغة ولتفسيره- يتبين للقراء الكرام حقيقة مرّة مؤسفة: وهي أن الشيخ التويجري قد سنَّ لمن كتب في هذه المسألة سنّة سيئة وهي الاحتجاج بما لم يصح من الأحاديث مع علمه بضعفها وعلتها المبينة في كتابي- كما سيأتي (ص73) – وإعراضه عن الإجابة عنها وعن ذكر ما يعارضها فعليه يصدق قوله صلى الله عليه وسلم- الذي وضعه في آخر كتابه (ص249) في غير موضعه فظلمني بذلك- ألا وهو قوله صلى الله عليه وسلم:"… ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة…" الحديث. فقد قلده عامة من وافقوه على الاحتجاج بهذا الحديث الواهي والسكوت عليه ومنهم من عزَّ علىَّ احتجاجه به في " رسالة الحجاب" (ص12) لظني به أنه يتحرّى السنة الصحيحة وبخاصة فيما يعلم أن العلماء مختلفون فيه فكيف يكون حال الآخرين الذين لا يحسنون إلا التقليد والجعجعة بل إن بعضهم زاد عليهم وَقَفا ما لا علم له به فصححه وهو المدعو صالح بن إبراهيم البليهي فيما سماه " يا فتاة الإسلام" (ص 201و 252) وهذا مما لم يقله عالم من قبل ولا يمكن أن يتفوَّه به مبتدئ في هذا العلم. فهذا مؤلف كتاب " الحجاب" الأخ مصطفى العدوي من الناشئين في هذا المجال لم يسعه إلا أن يعترف بضعف إسناده (ص28و46) وإن كان كتم العلة الثانية منه وهي ضعف عبد الله بن صالح كما تقدم لكنه قد صرح بها في كتابه الآخر " أحكام النساء" (ص19) !
وإن مما يسترعي الانتباه ويلفت النظر قول الشيخ الفاضل ابن عثيمين بعد أن ساق الحديث جازماً به!:
" وتفسير الصحابي حجة بل قال بعض العلماء: إنه في حكم المرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم".
فأقول: نعم ولكن أثبت العرش ثم انقش! فقد كان الواجب عليك يا فضيلة الشيخ! قبل أن تقول هذا أن تجيب عن علَّتي الحديث وتثبت صحته على أصول علم الحديث كما هو المفروض في أمثال هذه المسألة الخلافية ولا سيما وأنت في صدد الرد على مخالفك وقد ضعف حديثك هذا من قبل فإذا كنت مسَلِّماً بضعفه فلم احتججت به؟! وإن كنت ترى صحته فلماذا لم ترد عليه وتقيم الحجة على صحته؟! أليس هذا مما يتنافى مع الكلمة الطيبة التي ذكرتها في رسالتك وقد جاء فيها (ص32):
"وأنه يجب على كل باحث يتحرى العدل والإنصاف…أن يقف بين أدلة الخلاف موقف الحاكم من الخصمين؟! ** يا أيها الذين آمنوا لِمَ تقولون ما لا تفعلون. كَبِرَ مَقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون} (الصف: 3و2).
الحديث الثاني: من الضعيف الذي استدلوا به ولَهَجَ به الشيخ التويجري ومقلدوه:" سؤال ابن سيرين عبيدة السلماني عن آية (الإدناء)؟ فتقنَّع عبيدة بِملحفة وغطى رأسه كله حتى بلغ الحاجبين وغطّى وجهه وأخرج عينه اليسرى". أخرجه السيوطي في " الدر" ونقله التويجري (ص163- 164).
وبيان ضعفه من وجوه:
2- أنه مقطوع موقوف فلا حجة فيه لأن عبيدة السلماني تابعي اتفاقاً فلو أنه رفع حديثاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم لكان مرسلاً لا حجة فيه فكيف إذا كان موقوفاً عليه كهذا؟! فكيف وقد خالف تفسير ترجمان القرآن: ابن عباس ومن معه من الأصحاب؟!
أنهم اضطربوا في ضبط العين المكشوفة فيه فقيل: "اليسرى" –كما رأيت- وقيل:" اليمنى" وهو رواية الطبري (22/33) وقيل: "إحدى عينيه " وهي رواية أخرى له ومثلها في " أحكام القرآن " للحصاص (3/ 444) وغيرهما.
ذكره ابن تيمية في " الفتاوى" (15/ 371) بسياق آخر يختلف تماماً عن السياق المذكور فقال:
" وقد ذكر عبيدة السلماني وغيره: إن نساء المؤمنين كنَّ يدنين عليهن الجلابيب من فوق رؤوسهن حتى لا يظهر إلا عيونهن لأجل رؤية الطريق".
ونقله عنه التويجري (166) وابن عثيمين (ص13) وغيرهما وارتضوه.
وإذا عرفت هذا فاعلم أن الاضطراب عند علماء الحديث علة في الرواية تسقطها عن مرتبة الاحتجاج بها حتى ولو كان شكلياً كهذا لأنه يدل على أن الراوي لم يضبطها ولم يحفظها على أن سياق ابن تيمية المذكور ليس شكلياً كما هو ظاهر لأنه ليس في تفسير الآية وإنما هو إخبار عن واقع النساء في العصر الأول وهو بهذا المعنى صحيح ثابت في أخبار كثيرة كما سيأتي في الكتاب بعنوان:" مشروعية ستر الوجه" (ص104) ولكن ذلك لا يقتضي وجوب الستر لأنه مجرد فعل منهن ولا ينفي وجود من كانت لا تستر وجهها بل هذا ثابت أيضاً في عهده صلى الله عليه وسلم وبعده كما سيأتي وتقدم بعضها.
4-مخالفته لتفسير ابن عباس للآية كما تقدم بيانه فما خالفه مطرح بلا شك.
الحديث الثالث: عن محمد بن كعب القرظي مثل حديث ابن عباس الأول قي:" يدنين عليهن ممن جلابيبهن " قال:" تخمِّر وجهها إلا إحدى عينيها".
أخرجه ابن سعد في " الطبقات"
الملخص : و قلت مما استدللت به من الكتاب و السنة و قول اغلب المفسرين كالطبري احد اكبر الشيوخ و الائمة و المفسرين الكبار و المحدثين و الراوين الذين سبق و ان ذكرتهم و دون اي تعصب او تهجم او رفض متشدد لبعض الاراء امثال الشيخ محمد التويجري فان حجاب المرأة المسلمة هو كل ما يستر عورتها مع العلم ان الوجه و الكفين و القدمين ليست بعورة على الاطلاق ويجب على الرجال غض البصركما ورد في الاية الكريمة و نسال الله تعالى الهداية لمن ادعى على ديننا الحنيف انه مولى ذلك و القادر عليه .
و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
السلام عليكم …بارك الله فيك
معلومات قيمة لكن ما لا حظته انه في ختام الكلام عن مشروعية كشف المرأة لقدميها وهو ما لا يجوز لثبوت ذلك
كما انك لم تشر اليه فيما تقدم من الكلام
بارك الله فيك .الله اعطيك العافية
موضوع قيم ومفيد
جزاك الله خيرا
ونطمع بالمزيد
http://www.ouarsenis.com/up//view.php?file=02233d841f
اردت ان انقل النص كما هو حتى لا يحدث اي تحريف له فارجوا ان تستفيدوا منه
السلام عليكم ………..تحية طيبة اليك
تمنيت الاطلاع على ما تفضلني به لكن لم استطع فلم يظهر لدي
مشكورة وجزاك الله خيرا
بوركت اخيتي
الموضوع عبارة عن رسائل تربوية عن تفعيل التعليم ودوره في اصلاح المجتمع للشيخ ابن باديس
نعم لقد دخلت الى الرابط واعدت تحميل الموضوع ولم يظهر ، والموضوع طويل جدا فلم انقله عن طريق النسخ واللصق ولكن ساحاول ان اجد حلا لانها نقاط جد رائعة في التعليم
اتمنى الاستفادة من الموضوع فلقد اعدت نقله هنا
http://http://www.ouarsenis.com/up//…ile=6a68503cde
– عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها، وأجر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعليه وزرها، ووزر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء ) . رواه مسلم وصححه الألباني في صحيح الجامع .
– انتشر في الآونة الأخيرة كتب ونشرات تحتوي على أحاديث ضعيفة وموضوعة لفضائل بعض سور القرآن الكريم .. لذا كان من الواجب تنبيه المسلمين على ما في هذه ا لمطبوعات من أباطيل .. وإرشادهم لبعض الأحاديث الصحيحة التي حققها شيخنا العلامة / محمد ناصر الدين الألباني . وذلك نشرا للسنة وقمعا للبدعة .
* تنبيه هام جدا :
– وضعت الأحاديث الضعيفة لكي يعلم أنها ضعيفة ولا يؤخذ بها .
* سورة الفاتحة :
* من الأحاديث الصحيحة التي وردت فضل سورة الفاتحة :
1- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ( بينما جبريل قاعد عند النبي صلى الله عليه وسلم سمع نقيضا من فوقه فرفع رأسه فقال : هذا باب من السماء فتح اليوم ، لم يفتح قط إلا اليوم ، فنزل منه ملك فقال : هذا ملك نزل إلى الأرض ، لم ينزل قط إلا اليوم ، فسلم وقال : أبشر بنورين أوتيتهما ، لم يؤتهما نبي قبلك ؛ فاتحة الكتاب ، وخواتيم سورة {البقرة} ، لن تقرأ بحرف منهما إلا أعطيته ) . رواه مسلم وصححه الألباني في صحيح الترغيب و الترهيب / 1456 .
2- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ما أنزلت في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، ولا في الفرقان مثلها. وإنها سبع من المثاني، والقرآن العظيم الذي أعطيته ). متفق عليه .
3- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( قال الله تعالى : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ، ولعبدي ما سأل ، فإذا قال العبد : { الحمد لله رب العالمين } ، قال الله : حمدني عبدي . فإذا قال : {الرحمن الرحيم} ، قال : اثنى علي عبدي . فإذا قال : { مالك يوم الدين } ، قال مجدني عبدي.وإذا قال:{إياك نعبد وإياك نستعين } ، قال : هذا بيني وبين عبدي ، ولعبدي ما سأل . فإذا قال : { اهدنا الصراط المستقيم . صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين } ، قال : هذا لعبدي . ولعبدي ما سأل ) . رواه مسلم وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب / 1455 .
4- عن أبي سعيد الخدري قال : عن أبي سعيد الخدري قال : ( كنا في مسير لنا فنزلنا فجاءت جارية فقالت إن سيد الحي سليم وإن نفرنا غيب فهل منكم راق فقام معها رجل ما كنا نأبنه برقية فرقاه فبرأ فأمر له بثلاثين شاة وسقانا لبنا فلما رجع قلنا له أكنت تحسن رقية أو كنت ترقي قال لا ما رقيت إلا بأم الكتاب قلنا لا تحدثوا شيئا حتى نأتي أو نسأل النبي صلى الله عليه وسلم فلما قدمنا المدينة ذكرناه للنبي صلى الله عليه وسلم فقال وما كان يدريه أنها رقية اقسموا واضربوا لي بسهم ) . رواه البخاري .
* بعض الأحاديث الضعيفة التي وردت في فضل سورة الفاتحـة :
1- ( فاتحة الكتاب تجزي ما لا يجزي شيء من القرآن، ولو أن فاتحة الكتاب جعلت في كفة الميزان، وجعل القرآن في الكفة الأخرى، لفضلت فاتحة الكتاب على القرآن سبع مرات ) . ضعيف جدا / سلسلة الأحاديث الضعيفة 3996 .
2- ( فاتحة الكتاب شفاء من السم ) . سلسلة الأحاديث الضعيفة 3997 .
3- ( إذا وضعت جنبك على الفراش وقرأت { فاتحة الكتاب } و { قل هو الله أحد } ؛ فقد أمنت من كل شيء إلا الموت ) . ضعيف / ضعيف الترغيب و الترهيب 347 .
4- ( فاتحة الكتاب و آية الكرسي لا يقرؤهما عبد في دار فيصيبهم ذلك اليوم عين إنس و جن ) . ضعيف / ضعيف الجامع الصغير 3952 .
5- ( فاتحة الكتاب شفاء من كل داء ) . ضعيف / ضعيف الجامع الصغير 3951 .
6- ( فاتحة الكتاب تعدل بثلثي القرآن ) . ضعيف / ضعيف الجامع الصغير 3949 .
* ســـورة البقرة :
* من الأحاديث الصحيحة التي وردت فضل سورة البقرة :
1- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تجعلوا بيوتكم مقابر إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة ) . رواه مسلم .
2- عن أبي مسعود رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ بالآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه ) . رواه البخاري .
3- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة مكتوبة ، لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت ) . رواه النسائي وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير / 6464 .
4- عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن الله كتب كتاباً قبل أن يخلق السماوات والأرض بألفي عام أنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة، ولا يقرآن في دار ثلاث ليال فيقربها شيطان ) . رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير / 1799 .
* بعض الأحاديث الضعيفة والموضوعة التي وردت في فضل سورة البقرة :
1- ( آيتان هما قرآن ، و هما يشفعان ، و هما مما يحبهما الله ، الآيتان في آخر سورة البقرة ) سلسلة الأحاديث الضعيفة / 154 .
2- ( من قرأ سورة البقرة؛ توج بتاج في الجنة ) . موضوع / سلسلة الأحاديث الضعيفة / 4633 .
3- ( إن لكل شيء سناما ، وإن سنام القرآن ، سورة البقرة ، من قرأها في بيته ليلا لم يدخله الشيطان ثلاث ليال ، و من قرأها في بيته نهارا لم يدخله الشيطان ثلاثة أيام ). ضعيف / السلسلة الضعيفة .
* آل عمران :
* الأحاديث الصحيحة التي وردت في فضل سورة آل عمران :
- أبو أمامة الباهلي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه اقرءوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة ). رواه مسلم / أحاديث الضعيفة / 1349 .
* الأحاديث الضعيفة التي وردت في سورة آل عمران :
1- ( من قرأ السورة التي يذكر فيها آل عمران يوم الجمعة، صلى الله عليه و ملائكته حتى تجب الشمس ) (( موضوع ) . سلسلة الأحاديث الضعيفة / 415 .
2) ( اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب في هذه الآية من آل عمران : ( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء ) إلى آخره ) . سلسلة الأحاديث الضعيفة /2772 .
3- ( الشرك أخفى في أمتي من دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء، وأدناه أن تحب على شيء من الجور أو تبغض على شيء من العدل، وهل الدين إلا الحب في الله والبغض في الله؟ قال الله تعالى: { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله } آل عمران: 31 ) . سلسلة الأحاديث الضعيفة / 3755 .
4- ( من قرأ آخر آل عمران في ليلة؛ كتب له قيام ليلة ) . ضعيف مشكاة المصابيح / 2112 .
5- ( من قرأ سورة آل عمران يوم الجمعة؛ صلت عليه الملائكة إلى الليل ) . ضعيف مشكاة المصابيح / 2113.
6- ( ما من رجل يكون على دابة صعبة فيقول في أذنها : { أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً وإليه يرجعون } آل عمران:83 ؛ إلا وقفت لإذن الله تعالى ) . ضعيف الكلم الطيب / 177 .
7- ( ما خيب الله تعالى عبدا قام في جوف الليل ، فافتتح سورة ( البقرة ) و ( آل عمران ) ، و نعم كنز المرء ( البقرة ) و ( آل عمران ) ) . ضعيف الجامع الصغير / 5063 .
* هود :
* الأحاديث الصحيحة التي وردت في سورة هود :
1- قال أبو بكر رضي الله عنه : يا رسول الله قد شبت قال : ( شيبتـني " هود " و " الواقعة " و " المرسلات " و " عم يتساءلون " ، و " إذا الشمس كورت " ) . رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع / 3723 .
2- وقال عليه الصلاة والسلام : ( شيبتني هود و أخواتها قبل المشيب ). صحيح الجامع الصغير/ 3721 .
3- وقال صلى الله عليه وسلم : ( شيبتني هود و أخواتها من المفصل ). صحيح الجامع الصغير/3722 .
4- وقال عليه الصلاة والسلام : ( قد شيبتي هود وأخواتها ). صحيح الشمائل المحمدية / 35 .
* الأحــــاديث الضعيفة التي وردت في سورة هــود :
1- ( شيبتني ( هود ) و أخواتها ، و ما فعل بالأمم قبلي ) . ضعيف الجامع الصغير / 3421 .
2- ( اقرؤوا سورة (هود يوم الجمعة ) . ضعيف الجامع الصغير / 1070 .
3- ( شيبتني " هود " و أخواتها ، " الواقعة " و " الحاقة " و " إذا الشمس كورت " ). ضعيف الجامع الصغير/ 3419 .
4- ( شيبتني سورة هود و أخواتها الواقعة و القارعة و الحاقة و إذا الشمس كورت و سأل سائل ). ضعيف الجامع الصغير / 3418 .
5- ( شيبتني ( هود ) و أخواتها : ذكر يوم القيامة ، و قصص الأمم ) . ضعيف الجامع الصغير / 3420 .
* سورة الإسراء :
* الأحاديث الصحيحة التي وردت في سورة الإسراء :
1- قالت عائشة رضي الله عنها : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم لا ينام حتى يقرأ " الزمر " و " بني إسرائيل " ( أي سورة الإسراء ) ). رواه الترمذي وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة / 641 .
2- عن العرباض بن سارية رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم : ( كان لا ينام حتى يقرأ المسبحات ويقول فيها آية خير من ألف آية ). رواه الترمذي وصححه الألباني / 2712 .
– المسبحات : هي السور التي تفتتح بقوله تعالى : " سبح " أو " يسبح " .. وهن سور الإسراء ، الحديد ، الحشر ، الصف ، الجمعة ، التغابن ، والأعلى .
* سورة الكهف :
* الأحاديث الصحيحة التي وردت في سورة الكهف :
1- عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عُصم من الدجال وفي رواية ـ من آخر سورة الكهف ـ ) . رواه مسلم .
2- وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عُصم من " فتنة " الدَّجال ) . صححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة / 582 .
3- وقال صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ سورة الكهف كما أنزلت كانت له نورا يوم القيامة ، من مقامه إلى مكة ، و من قرأ عشر آيات من آخرها ثم خرج الدجال لم يضره ، و من توضأ فقال : سبحانك اللهم و بحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك و أتوب إليك ، كتب في رق ، ثم جعل في طابع ، فلم يكسر إلى يوم القيامة ) . صححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة / 2651 .
4- وقال عليه الصلاة والسلام : ( من قرأ سورة ( الكهف ) ليلة الجمعة، أضاء له من النور ما بينه وبين البيت العتيق ) . صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب / 736 .
5- وقال صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ سورة ( الكهف ) في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين ) صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب / 736 .
* الأحاديث الضعيفة التي وردت في سورة الكهف :
1- ( ألا أخبركم بسورة ملأت عظمتها ما بين السماء و الأرض ؟ و لقارئها من الأجر مثل ذلك، و من قرأها غفر له ما بينه و بين الجمعة الأخرى، وزيادة ثلاثة أيام ؟ قالوا : بلى قال : سورة الكهف ) . ضعيف جداَ / ضعيف الجامع الصغير / 2160 .
2- ( سورة الكهف تدعى في التوراة : الحائلة ؛ تحول بين قارئها وبين النار ) . سلسلة الأحاديث الضعيفة / 3259 .
3- ( من قرأ ثلاث آيات من أول الكهف؛ عصم من فتنة الدجال ) . ضعيف مشكاة المصابيح / 2088 .
* الأحاديث الصحيحة التي وردت في فضائل بعض السور :
* ســـورة الفتح :
– ( عَنْ أَنَسٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرْجِعَهُ مِنْ الْحُدَيْبِيَةِ وَأَصْحَابُهُ يُخَالِطُونَ الْحُزْنَ وَالْكَآبَةَ وَقَدْ حِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَسَاكِنِهِمْ وَنَحَرُوا الْهَدْيَ بِالْحُدَيْبِيَةِ ( إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا إِلَى قَوْلِهِ ( صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا )قَالَ : لَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيَّ آيَتَانِ هُمَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ الدُّنْيَا جَمِيعًا ) . رواه أحمد وصححه الألباني في صحيح الجامع / 5121 .
* ســــورة تبارك :
1- عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن سورة من القرآن ثلاثون آية شفعت لرجل حتى غفر له وهي سورة تبارك الذي بيده الملك ) رواه الترمذي وصححه الألباني / 2315 .
2- عن جابر قال : ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينام حتى يقرأ " آلم " تنزيل السجدة ، و " تبارك الذي بيده الملك " ) رواه الترمذي وصححه الألباني / 2316 .
* ســـورة الكافرون :
1- عن فروة بن نوفل رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله علمني شيئا أقوله إذا أويت إلى فراشي فقال : ( اقرأ قل يا أيها الكافرون فإنها براءة من الشرك ). قال شعبة أحيانا يقول مرة وأحياناً لا يقولها . رواه الترمذي وصححه الألباني / 2709 .
2- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( قل يا أيها الكافرون تعدل ربع القرآن ) . حسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة / 586 .
* سورة الإخلاص والمعوذتين :
1- عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن ؟ . قالوا : وكيف يقرأ ثلث القرآن ؟ قال : ( قل هو الله أحد ) تعدل ثلث القرآن ) . رواه مسلم وصحح الألباني في صحيح الترغيب والترهيب / 1480 .
2- عن أنس أن رجلا قال : يا رسول الله إني أحب هذه السورة ( قل هو الله أحد ) فقال : ( إن حبك إياها يدخلك الجنة ) . رواه الترمذي وصححه الألباني / 2323 .
3- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قرأ " قل هو الله أحد " حتى يختمها عشر مرات بنى الله له قصرا في الجنة ) . سلسلة الأحاديث الصحيحة / 589 .
4- عن معاذ بن عبد الله بن خبيب بن أبية قال : خرجنا في ليلة مطيرة وظلمة شديدة نطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي لنا ، قال : فأدركته فقال : قل فلم أقل شيئا ثم قال : قل فلم أقل شيئا قال : قل فقلت ما أقول ، قال : ( قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وتصبح ثلاث مرات تكفيك من كل شيء ) . رواه الترمذي وصححه الألباني / 2829 .
5- أبي هريرة قال أقبلت مع النبي صلى الله عليه وسلم فسمع رجلا يقرأ ( قل هو الله أحد الله الصمد ) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( وجبت ) قلت وما وجبت ؟ قال : ( الجنة ) . رواه الترمذي وصحح الألباني / 2320 .
6- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يا عقبة ألا أعلمك سورا ما أنزلت في التوراة و لا في الزبور و لا في الإنجيل و لا في الفرقان مثلهن ، لا يأتين عليك إلا قرأتهن فيها ، { قل هوالله أحد } و { قل أعوذ برب الفلق } و { قل أعوذ برب الناس } ) . سلسلة الأحاديث الصحيحة / 2861 .
* الأحاديث الضعيفة التي وردت في فضائل بعض السور :
* ســـــــــــورة يس :
1- ( إن الله تبارك وتعالى قرأ ( طه ) و ( يّس ) قبل أن يخلق آدم بألفي عام ، فلما سمعت الملائكة القرآن قالوا : طوبى لأمة ينزل هذا عليهم ، وطوبى لألسن تتكلم بهذا ، وطوبى لأجوف تحمل هذا ) . سلسلة الأحاديث الضعيفة / 1248 .
2- ( من دخل المقابر فقرأ سورة ( يّس ) خفف عنهم يومئذ ، وكان له بعدد من فيها حسنات ) . موضوع / سلسلة الأحاديث الضعيفة / 1246 .
3- ( إن لكل شيء قلبا ، وقلب القرآن (يس ، ومن قرأ (يس ؛ كتب الله له بقراءتها قراءة القرآن عشر مرات ) . موضوع / ضعيف الترغيب و الترهيب / 885 .
4- ( من قرأ ( يس ) ابتغاء وجه الله ، غفر الله له ما تقدم من ذنبه ، فاقرؤوها عند موتاكم ) . ضعيف / ضعيف الجامع الصغير/ 5785 .
5- ( من قرأ { يس } في صدر النهار؛ قضيت حوائجه ) . ضعيف / ضعيف مشكاة المصابيح / 2118 .
* تنبيه :
– جميع الروايات الواردة بفضل سورة ( يس ) ضعيفة أو موضوعة كما حققها شيخنا الألباني ( رحمه الله تعالى ) في كتبه .
* ســـــــــــورة الدخان :
1- ( من قرأ سورة الدخان في ليلة الجمعة؛ غفر له ) . ضعيف جدا / سلسلة الأحاديث الضعيفة / 4632 .
2- ( من قرأ سورة { الدخان } في ليلة أصبح يستغفر له سبعون ألف ملك ) . موضوع / ضعيف الترغيب و الترهيب / 978 .
3- ( من صلى بسورة الدخان في ليلة بات يستغفر له سبعون ألف ملك ) . ضعيف الترغيب و الترهيب / 448 .
4- ( من قرأ { حم الدخان } في ليله الجمعة أو يوم الجمعة ؛ بنى الله له بها بيتا في الجنة ) . ضعيف جدا / ضعيف الترغيب و الترهيب/ 449 .
5- ( من قرأ سورة يس في ليلة أصبح مغفورا له . ومن قرأ الدخان ليلة الجمعة أصبح مغفورا له ) . ضعيف الترغيب و الترهيب / 978 .
* ســــــــــورة غافر :
– ( من قرأ { الدخان } كلها ، وأول { حم غافر } إلى {وإليه المصير } ، و { آية الكرسي } حين يمسي ؛ حفظ بها حتى يصبح ، ومن قرأها حين يصبح ، حفظ بها حتى يمسي ) . ضعيف / ضعيف الترغيب و الترهيب / 390 .
* ســـــــــــورة الحشر :
1- ( من قال حين يصبح ثلاث مرات : أعوذ بالله السميع العليم ، من الشيطان الرجيم ، و قرأ ثلاث آيات من آخر سورة ( الحشر ) ، وكل الله به سبعين ألف ملك ، يصلون عليه حين يمسي ، و إن مات في ذلك اليوم ، مات شهيدا ، و من قالها حين يمسي كان بتلك المنزلة ) . ضعيف / ضعيف الجامع الصغير / 5732 .
2- ( من قرأ خواتيم ( الحشر ) من ليل أو نهار ، فقبض في ذلك اليوم أو الليلة فقد أوجب الجنة ) . ضعيف / ضعيف الجامع الصغير / 5770 .
3- ( اسم الله الأعظم في ست آيات من آخر سورة الحشر ) . ضعيف الجامع الصغير / 853 .
4- ( إذا أخذت مضجعك فاقرأ سورة الحشر ، إن مت مت شهيدا ) . ضعيف الجامع الصغير / 307 .
* ســـــــــــورة الرحمن :
– ( لكل شىء عروس ، و عروس القرآن الرحمن ) . ضعيف / ضعيف الجامع الصغير / 4729 .
* ســــــــــورة الواقعة :
1- ( علموا نساءكم سورة {الواقعة}، فإنها سورة الغنى ) . ضعيف الجامع الصغير / 3730 .
2- ( من قرأ سورة (الواقعة و تعلمها، لم يكتب من الغافلين ، و لم يفتقر هو و أهل بيته ) . سلسلة الأحاديث الضعيفة / 291 .
3- ( من قرأ سورة ( الواقعة ) في كل ليلة ، لم تصبه فاقة أبدا ) . ضعيف / ضعيف الجامع الصغير/ 5773 .
* ســــــــــورة الزلزلة :
– ( (إذا زلزلت تعدل نصف القرآن ) . ضعيف / ضعيف الترغيب و الترهيب / 889 .
* ســـورة الشرح و ســورة الفيل :
– ( من قرأ في الفجر بـ ( ألم نشرح ) و ( ألم تر كيف ) لم يرمد ) . لا أصل له / سلسلة الأحاديث الضعيفة / 67 .
* ســـورة القدر :
1- ( قراءة ( سورة إنا أنزلناه ) عقب الوضوء ) . سلسلة الأحاديث الضعيفة / 68 .
2- ( من قرأ في إثر وضوئه :{ إنا أنزلناه في ليلة القدر } مرة واحدة كان من الصديقين ، و من قرأها مرتين كتب في ديوان الشهداء ، و من قرأها ثلاثا حشره الله محشر الأنبياء ) . سلسلة الأحاديث الضعيفة / 1449 .
* سورة الإخلاص والمعوذتين :
1- ( من قرأ قل هو الله أحد في مرضه الذى يموت فيه ، لم يفتن في قبره ،وأمن من ضغطة القبر ، و حملته الملائكة يوم القيامة بأكفها حتى تجيزه من الصراط إلى الجنة ) . موضوع / سلسلة الأحاديث الضعيفة / 301 .
2- ( من قرأ ( قل هو الله أحد ) عشرين مرة بنى الله له قصرا في الجنه ) . سلسلة الأحاديث الضعيفة / 1351.
3- ( من قرأ { قل هو الله أحد } مائتي مرة ، غفرت له ذنوب مائتي سنة ) . سلسلة الأحاديث الضعيفة / 295 .
4- ( من قرأ ( قل هو الله أحد ) مائتي مرة كتب الله له ألفا و خمسمائة حسنة ، إلا أن يكون عليه دين ) . سلسلة الأحاديث الضعيفة / 300 .
5- ( من مر بالمقابر فقرأ ( قل هو الله أحد ) إحدى عشرة مرة ، ثم وهب أجره للأموات، أعطي من الأجر بعدد الأموات ) . سلسلة الأحاديث الضعيفة / 1290 .
6- ( من صلى الصبح ثم قرأ ( قل هو الله أحد ) مائة مرة قبل أن يتكلم ، فكلما قرأ ( قل هو الله أحد ) غفر له ذنب سنة ) . سلسلة الأحاديث الضعيفة / 405 .
7- ( من مر على المقابر فقرأ فيها إحدى عشرة مرة : { قل هو الله أحد } ثم وهب أجره للأموات ؛ أعطي من الأجر بعدد الأموات ) سلسلة الأحاديث الضعيفة /3277 .
8- ( من قرأ بعد صلاة الجمعة { قل هو الله أحد } و { قل أعوذ برب الفلق } و { قل أعوذ برب الناس } سبع مرات؛أجاره الله بها من السوء إلى الجمعة الأخرى ) . سلسلة الأحاديث الضعيفة /4129 .
انتهى البحث .. وكان عبارة عن تبيان فضائل سور القرآن بدءاً من سورة البقرة وحتى سورة الناس
مشكورة بارك الله فيك
شكرا جزيلا لك على موضوع القيم
طاقة استعابها 360 تلميذ اي انها قاعدة 3 ،ذات نظام خارجي نالت عدة جوائز محلية ووطنية اخرها المرتبة الاولى وطنيا في نتائج التعليم المتوسط السنة الماضية : 2022/2009 والجائز الاولى ولائيا في حصة بين المتوسطات وعدة شهادات شرفية .المؤسسة بها 10 حجرات للدراسة ومخبرين مجهزين بأحدث الوسائل العلمية والبيداغوجية ومكتبية مدرسية بها مايقارب 1890 كتاب مقسمة بين مجلدات وكتب دينية ووطنية ومراجع دراسية لكل المستويات وهي قابلة للزيادة كل سنة .وملعب رياضي .
المؤسسة ينقصها 1. قاعة اعلام آلي لما لهذه المادة من اهمية في عصرنا -2. مطعم مدرسي .
اما بخصوص هذه السنة الدراسية : 2022/2011المؤسسة بها 10 افواج تربوية مقسمة كمايلي 2. فوجان س 4 متوسط
3 افواج س 3 متوسط
3 افواج س 2 متوسط
2 فوجان س 1 متوسط
يؤطرهم 19 استاذ كلهم مثبتون
وطاقم اداري نشيط متكون من : مدير للمؤسسة 3 مساعدين تربويين وعون اداري وعون حفظ للبيانات عون مصالح اقتصادية ومساعد تقني للمخبر .
و6 عمال مهنيين كلهم يعملون بكل جد واخلاص من اجل راحة وتمدرس جيد للتلاميذ
في الاخير وليس اخيرا نتمنى لمدير المؤسسة السابق السيد قواسمية الطاهر التوفيق والنجاح في مهامه الجديدة ( كمفتش تربية وطنية * الادارة * ) والسيد سلطاني عبد الرزاق المدير الجديد لمؤسسة ايضا التوفيق والنجاح في مهامه
مع تمنيات الجميع لكل تلاميذ المؤسسة خاصة وتلاميذ الجزائر الحبيبةو المقبلين على الامتحانات الرسمية * شهادة البكالوريا * شهادة التعليم المتوسط * شهادة نهاية مرحلة التعليم الابتدائي بالتوفيق والنجاح انشاء الله للجميع
للعلم المؤسسة تحصلت علة المرتبة الاولى وطنيا في نتائج شهادة التعليم المتوسط خلال السنة الدراسية : 2008 / 2022 و 2022 / 2022 على التوالي
مممممتاااااااااااز….رائع
الله يوفقكم
ما هي شروط الإلتحاق بهذه المتوسطة و ما هي المواد التي تدرس فيها بالنسبة للسنة أولى متوسط
و كم كلم تبعد عن الولاية و هل تحتوي على نظام نصف داخلي ام لا و إن أمكن هل توجد متوسطة حقا بمدينة تبسة أيضا
وفق الله كل الطاقم التربوي و الأداري و جنود الخفاء العمال الكرام و وفق الله التلاميذ
و الف شكر يا اخ ياسين على المعلومات القيمة أنتظر ردك مع تحيات التقدير
السؤال:
يقول السَّائل:هل عدم الرَّد على أهل البدع وكتمان باطلهم والدِّفاع عنهم يعتبر من الغشّ للمسلمين؟
الجواب:
هذا من أكبر الغش للمسلمين، السكوت على أهل البدع وعدم بيان بدعهم هذا من الغش للمسلمين، فإذا انظاف إلى هذا أنه يمدحهم ويثني عليهم فهذا أشد وأنكر والعياذ بالله، فالواجب على من عنده علم أن يُبَيِّن البدع والمحدثات وأن ينهى عنها ويُحذِّر منها ولا يسكت،السكوت هذا من الكتمان ***64831;إِنَّ الذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ البَيِّنَاتِ وَالهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللاَّعِنُونَ(159)إِلَّا الذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُوْلَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ***64830; (1)لايجوز للمسلم الذي عنده علم أن يسكت على البدع والمخالفات ولا يُبَيِّنُها للناس لأنه إذا سكت احتجَّ الناس به وقالوا لو كان هذا محرمًا أو ممنوعًا ما سكت العالم الفلاني وهو يراه. نعم.اهـ
مرحبا واهلا بكم احبائي جميعا . . . اتمنى ان تكونوا في تمام الصحة والعافية انشاء الله . . .
انتم جميعا تعلمون ان الفقرة جزء مهم في الاختبار ولهذا اذا استشهدنا باقوال الشاعر فلان والشاعر فلان قد تاخذ العلامة الكاملة . . . ومنه اردت ان اضع اقوال الشعراء وعنوان الفقرة . . . اوكي .
مثلا :
العنوان : الوطن
قال الشاعر : " وطني وان جار علي عزيز اهلي وان ظنوا علي كرام ."
وقال اخر : " وطني وان شغلت بالخلد عنه نازعتني اليه بالخلد نفسي ."
العنوان : الحرية
قال شاعر : " السجن مع الاصدقاء خير من الحرية مع الاعداء."
العنوان : الهجرة
قال شاعر : " قطران بلدي ولا عسل البلدان ."
قال شاعر : " بقارب الموت الرهيب قد غادروا وطنا الحبيب ."
– الفردوس المفقود .
– مقبرة المتوسط .
العنوان : التطور التكنولوجي وتردي الاخلاق .
قال شاعر : " لا تحسبن العلم ينفع وحده مالم يتوج ربه بخلاق ."
قال اخر : " انما الامم الاخلاق ما بقيت فان همو ذهبت اخلاقهم ذهبوا ."
العنوان : العلم
قال شاعر: " العلم يبني بيوت لاعماد لها و الجهل يهدم بيوت العز والشرف ."
العنوان : الشباب
قال شاعر: " ان الشباب اذا سما بطموحه جعل النجوم مواطئ الاقدام . "
قالنا الاستاذ من ضمن هذه المواضيع الاغلبية قد تاتي في الفقرات . . . فاتمنى ومن كل قلبي ان ينجح الجميع و توفقون .
انشاء الله
تحياتي
مشكورة يا أختي ساعمل عليها
انشاء الله موفق . . . مرسي حمادة على المرور العطر . . .شكرا
حبيت نسقسيك انت وش من ولاية ؟
شكرا لك يا خولة يا اعز صديقاتي احبك
شكراااااا يا خولة وانا تاني راح نخدم عليهم
شكرا……………………………
مشكورة حبيبتي ديجا أنا النص ناعهم حافظاتو ونزيد نكمل النص لاخر ان شاء الله
شششششششكرا مرة أخرى
مشكووورين جميعا ياعز اصديقاء على الردودالعطرة . . .و المرور اللي نور الصفحة .
مرسي يا أعز صديقة خولة
سلسلة جامع تراث العلامة الألباني في العقيدة جاهزة للتحميل
موسوعة العلامة الإمام مجدد العصر محمد ناصر الدين الألباني
"موسوعة تحتوي على أكثر من (50) عملاً ودراسة حول العلامة الألباني وتراثه الخالد"
العمل الأول
سلسلة جامع تراث العلامة الألباني في العقيدة
"تحتوي على ما يقارب ألفي مسألة وفائدة عقدية مستخرجة من تراث العلامة الألباني بعناية"
تم اضافة (سلسلة جامع تراث العلامة الألباني في العقيدة)
لجامعها: شادي بن محمد بن سالم آل نعمان،
جمع فيها ما يقارب ألفي مسألة
وفائدة عقدية مستخرجة
من تراث العلامة الألباني،
ويمكن تحميل السلسلة بثلاث صيغ
(بي دي اف، ورد، والموسوعة الشاملة)
من الروابط أدناه.
سلسلة جامع تراث العلامة الألباني في العقيدة، لجامعها: شادي بن محمد بن سالم آل نعمان – صيغة ورد
الرابط الاول jamma_albany_aqida_doc.zip – 8.7 MB
اوالرابط التانيjamma_albany_aqida_doc.zip – 8.7 MB
سلسلة جامع تراث العلامة الألباني في العقيدة، لجامعها: شادي بن محمد بن سالم آل نعمان – صيغة بي دي اف
الرابط الاول jamma_albany_aqida_pdf.
اوالرابط التانيjamma_albany_aqida_pdf.zip – 49.7 MB
سلسلة جامع تراث العلامة الألباني في العقيدة، لجامعها: شادي بن محمد بن سالم آل نعمان – صيغة الموسوعة الشاملة
الرابط الاول jamma_albany_aqida_bok.zip –
اوالرابط التانيjamma_albany_aqida_bok.zip –
لا تنسوا التقييم والردود