ضوابط البدعة وقواعدها الأصولية والفقهية
نزيه محمود عفون محمود
بأشراف
د.جمال زيد الكيلاني –
لجنة المناقشة
الدكتور جمال الكيلاني ( مشرفاً رئيسيا) الدكتور عبد الله أبو وهدان (مناقشاًداخلياً) الدكتور محمد مطلق عساف (مناقشاًخارجياً)
116 صفحة
الملخص:
الملخص هذه الرسالة تشتمل على مقدمة وثلاثة فصول وخاتمة . ففي المقدمة بينت أهمية الدراسة، وأسباب اختيار الموضوع، ومشكلة البحث والفرضيات وحدود الدراسة والمشاكل التي واجهتني في كتابة هذا البحث، وأما الفصول الثلاثة ، الفصل الأول تحدثت فيه عن مفهوم البدعة وحدودها ومجالاتها . وان البدعة تكون في الدين لا في أمور الدنيا ، ومجالها في العبادات دون المعاملات التي الأصل فيها الإباحة لا الحظر . وذكر الأدلة على تحريم البدعة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة . ووضحت الفرق بين البدعة والسنة الحسنة وذكرت فيه بعض أسباب انتشار البدع . وفي الفصل الثاني وضعت بعض الضوابط التي من خلالها يحكم على فعل المكلف بالبدعة أو عدمها وفرقت بين القاعدة والضابط ما استطعت : فكانت الضوابط خمسة مدعمه بالأدلة الشرعية من القرآن والسنة وأنزلت هذه الضوابط على الواقع بالأمثلة و التطبيقات على كل ضابط. وفي الفصل الثالث بينت بعض القواعد الأصولية والفقهية، التي من خلالها نحكم على كون الفعل بدعة ام لا وذكرت فيه عشر قواعد مدعمه بالأدلة، من القرآن الكريم والسنة النبوية ومن ثم تطبيقات على كل قاعدة من واقعنا المعاصر، وفرقت بين البدعة والمعصية حيث ان كل بدعة معصية وليست كل معصية بدعة . وختمت البحث بخاتمة فيها أهم النتائج والتوصيات
شعبان بين السنة والبدعة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شعبان بين السنة والبدعة
سبب تسميته بـ شعبان
– قال بن حجر رحمه الله: سمّي شعبان لتشغيلهم في طلب المياه أو الغارات بعد أن يخرج شهر رجب الحرام وقيل غير ذلك . أهـ ( الفتح 4/251 ).
* ما كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم في شهر شعبان:
– عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله لم أرك تصوم شهر من الشهور ما تصوم من شعبان ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ( ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم ) رواه النسائي.
– وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ( لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهرًا أكثر من شعبان ، وكان يصوم شعبان كله ) رواه البخاري.
* فضل ليلة النصف من شعبان:
– عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن ) رواه ابن ماجة وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة 1144.
* البدع المشتهرة في شعبان:
– صلاة البراءة: وهي تخصيص قيام ليلة النصف من شعبان وهي مائة ركعة.
– صلاة ست ركعات: بنية دفع البلاء وطول العمر والاستغناء عن الناس.
– قراءة سورة { يس } والدعاء في هذه الليلة بدعاء مخصوص بقولهم: ( اللهم يا ذا المن ، ولا يمن عليه ، يا ذا الجلال والإكرام .. ).
– اعتقادهم أن ليلة النصف من شعبان هي ليلة القدر: قال الشقيري: ( وهو باطل باتفاق المحققين من المحدثين. أهـ ( السنن والمبدعات 146) وذلك لقوله تعالى: { شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن } , وقال تعالى: { إنا أنزلناه في ليلة القدر } وليلة القدر في رمضان وليس في شعبان ).
* تاريخ حدوث هذه البدعة:
– قال المقدسي: ( وأول ما حدثت عندنا سنة 448هـ قدم علينا في بيت المقدس رجل من نابلس يُعرف بابن أبي الحميراء وكان حسن التلاوة ، فقام يصلي في المسجد الأقصى ليلة النصف من شعبان ، فأحرم خلفه رجل ثم انضاف ثالث ورابع فما ختمها إلا هو في جماعة كثيرة ) .. الباعث على انكار البدع والحوادث 124-125.
– قال النجم الغيطي: ( إنه قد أنكر ذلك أكثر العلماء من أهل الحجاز منهم عطاء وابن أبي مُليكة وفقهاء المدينة وأصحاب مالك وقالوا : ذلك كله بدعة ). أهـ السنن والمبتدعات للشقيري 145.
* واعلم رحمك الله أن ما أوقع هؤلاء في هذه البدعة القبيحة هي اعتمادهم على الآتي:
– حديث ( إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها ) وهو حديث موضوع.
– وحديث ( إن الله تعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد غنم بني كَلْب ) وهو حديث ضعيف.
* والحاصل أن هذه الأمور لم يأت فيها خبرٌ ولا أثرٌ غير الضعاف والموضوعات:
– قال الحافظ ابن دحية: ( قال أهل التعديل والتجريح: ليس في حديث النصف من شعبان حديثٌ يصح ، فتحفّظوا عباد الله من مُفترٍ يروي لكم حديثًا يسوقه في معرض الخير ، فاستعمال الخير ينبغي أن يكون مشروعًا من الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإذا صح ّ أنه كذب خرج من المشروعية ، وكان مستعمله من خدم الشيطان لاستعماله حديثًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يُنزل الله به من سلطان ) أهـ الباعث على انكار البدع والحوادث لأبي شامة المقدسي 127.
* حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان ؟؟
* سئل سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله عن ليلة النصف من شعبان ؟ وهل لها صلاة خاصة ؟
– فأجاب: ليلة النصف من شعبان ليس فيها حديث صحيح .. كل الأحاديث الواردة فيها موضوعة وضعيفة لا أصل لها وهي ليلة ليس لها خصوصية ، لا قراءة ولا صلاة خاصة ولا جماعة .. وما قاله بعض العلماء أن لها خصوصية فهو قول ضعيف فلا يجوز أن تخص بشيء .. هذا هو الصواب وبالله التوفيق.
إذا كنت لا تقرأ إلا ما يُعجبك .. فإنك إذاً لن تتعلم أبداً
مفهوم البدعة
يقول السائل: يقال إن هناك بدعة حسنة وبدعة سيئة، فما حقيقة ذلك مع ذلك الدليل؟ وإن صحت هذه العبارة نرجو تطبيقها على الأسئلة السابقة؟
هكذا يقول بعض الناس أن البدعة تنقسم إلى أقسام خمسة، تدور على الأحكام، بدعة حسنة، بدعة محرمة، بدعة مكروهة، بدعة مندوبة، بدعة مباحة.
هذا التقسيم فيه نظر، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((كل بدعة ضلالة))، ولم يقسمها، فقال: ((كل بدعة ضلالة))، فالحق الذي لا ريب فيه أن البدع المخالفة للشرع كلها ضلالة، ومراد النبي صلى الله عليه وسلم ما أحدثه الناس ولهذا قال: ((إياكم ومحدثات الأمور))، وقال: ((شر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة)). هكذا يقول عليه الصلاة والسلام.
فالمحدثات التي تخالف شرع الله فإنها بدعة ضلالة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الآخر: ((من أحدث من أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)).
فكل بدعة ضلالة، وكل محدثة بدعة، ودليل هذا ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك الاحتفال بالموالد فإنها بدعة ضلالة، وهكذا تعظيم القبور بالبناء عليها، واتخاذ القباب عليها والاجتماع عندها للنوح أو لدعائها أو الاستغاثة بها، كل هذا من البدع الضلالة، وبعضها من البدع الشركية.
لكن بعض الناس قد يلبس عليه بعض الأمور، فيرى أن ما وقع في المسلمين من بعض الأشياء التي لم تقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أنها بدعة حسنة، وربما يتعلق بقول عمر – رضي الله عنه – في التراويح: نعمت البدعة، لما جمع الناس على إمام واحد وهذا ليس مما أراده النبي صلى الله عليه وسلم.
فإن ما يحدثه الناس مما تدل عليه الشريعة وترشد إليه الأدلة لا يسمى بدعة منكرة، وإن سمي بدعة من حيث اللغة، فكون المسلمين نقطوا المصاحف وشكلوا القرآن حتى لا يشتبه على القارئ، وجمعوه في المصاحف، هذا كله يسمى بدعة لكن هذا شيء واجب، شيء يحفظ القرآن ويُسهل قراءته على المسلمين، هذا نحن مأمورون به، مأمورون بما يسهل علينا القرآن وبما يحفظه على المسلمين، وبما يعين المسلمين على حفظه وقراءته قراءة مستقيمة، فليس هذا من باب البدعة المنكرة بل هذا من باب الأوامر الشرعية، ومن باب الحفظ للدين، ومن باب العناية بالقرآن، فليس مما نحن فيه في شيء، وكذلك قول عمر: نعمت البدعة يعني كونه جمعهم على إمام واحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم .
هذا بدعة من حيث اللغة؛ لأن البدعة في اللغة هي الشيء الذي ليس على مثال سابق؛ ما يحدثه الناس على غير مثال سابق يسمى بدعة من حيث اللغة.
فهذا إنما أراد من حيث اللغة لا من حيث الشرع، فإن التراويح فعلها النبي صلى الله عليه وسلم، وصلى بالناس ليالي، وأرشد إليها وحثهم عليها، فليست بدعة التراويح ولكن جمعه جماعة على إمام واحد، قال فيه: نعمت البدعة. من حيث اللغة فقط.
فالحاصل أن ما أوجده المسلمون مما يدل عليه الشرع ويرشد إليه الشرع بعد النبي صلى الله عليه وسلم لا يسمى بدعة، بل هو مما دعا إليه الشرع، وأمر به الشرع، من جنس جمع عمر للتراويح رضي الله عنه وأرضاه، فليس من البدعة في شيء.
وإنما الذي أنكره العلماء وقصده النبي صلى الله عليه وسلم هو ما يحدث الناس مما يخالف شرع الله، مما يخالف أوامر الله ورسوله، مثل البناء على القبور، ومثل اتخاذ المساجد عليها، ومثل الغلو فيها، بدعائها أو الاستغاثة بها والنذر لها ونحو ذلك، هذه من البدع الشركية، مثل الاحتفال بالموالد هذه من البدع المنكرة التي هي من وسائل الشرك، وما أشبه ذلك، مثل بدعة الإسراء والمعراج، يحتفلون بليلة السابع والعشرين من رجب، باسم المعراج والإسراء، هذه بدعة لا أصل لها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بليلة الإسراء والمعراج ولا أصحابه، ولأنها غير معلومة على الصحيح، ولو علمت لم يجب الاحتفال بها؛ لأن الرسول لم يحتفل بها ولا أصحابه – رضي الله عنهم -، فدل ذلك على أنها بدعة، لقوله صلى الله عليه وسلم: ((من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد))، يعني شيء مردود
البدعة
بسم الله الرحمن الرحيم
البدعة
الحمد لله رب العالمين، أمرنا بالاتباع ونهانا عن الابتداع، وصلى الله وسلم على نبينا الذي بعثه الله ليطاع، أما بعد:
فالبدعة هي: عبادة لم يفعلها الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولا خلفائه الراشدين ولا صحابته -رضوان الله عليهم- ولا التابعون لهم بإحسان في القرون الثلاثة الأولى التي أخبر -صلى الله عليه وسلم- بأفضليتها والناظر هذه الأيام يجد الكثير من البدع المنتشرة بين المسلمين وهناك الكثير من الأعمال العبادية التي استحسنها الناس تقربا بها إلى الله ولكنها ليست من الدين بشيء فإن محمدا -صلى الله عليه وسلم- لم يترك عبادة تقربنا إلى الله إلا أعلمنا بها وقد قال: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد» [رواه مسلم].
وقد انتشرت بدعا كثيرة بين المسلمين نورد منها:
1- إقامة أعياد الميلاد المختلفة ومنها (المولد النبوي، وموالد الأئمة والعلماء والأنبياء وغيرها من الحفلات والموالد التي تقام تقربا وعبادة لله وهي ليست كذلك).
2- اجتماع نفر على قراءة القرآن في المسجد أو مكان خاص وختمته وتثويبه لميت أو حي أو لأحدهم.
3- إقامة الولائم للمآتم والعزاء للعامة والخاصة واستمرار هذا العزاء 40 يوما أو أكثر أو أقل وإطعام الناس وتثويبه لروح فلان.
4- تقبيل أوراق المصحف ووضعها على الرأس بعد الانتهاء من قرائتها والسلام على من يجلس بجانبك بعد أي صلاة.
5- التبرك بالأماكن والآثار والأشخاص أحياءا وأمواتا والبعض يمسح بيده على الحجر والقماش ثم يمسح به جسمه ويقتطع منه قطعة يجعلها حرزا أو تميمة يعلقها تبركا.
6- زيارة قبور الأولياء والصالحين والطواف حولها وطلب الشفاء من صاحب القبر أو التوسط في قضاء الحوائج وهذه بدعة شركية.
7- التشبه بالكفار بلبسهم وشكلهم وشعرهم وفعلهم وفي هذه الأيام هناك الكثير مما يتشبهون باليهود والنصارى حتى بالعبادات المستهجنة والتي يرفضها الدين.
8- الأناشيد والأغاني الدينية وانتشارها على دف ومزمار وآلات اللهو والطرب وهذه ليست من الدين بل دخيلة عليه.
أخي… اعلم بأنك ما أحييت بدعة فإنك أمت سنة، والأمثلة على ذلك كثيرة نورد منها: بدعة السلام على الذي يجلس بجانبك بعد الصلاة تميت سنة التسبيح والتهليل بعد الصلاة، واعلم أن المبتدع أكثر خطر من العاصي، فالعاصي يعلم أنه على خطأ ويرجى منه أن يتوب؛ أما المبتدع فإنه يعتقد أنه على صواب وأنه يعمل هذا تقربا إلى الله وعبادة؛ فكيف تثني من يرى هذا إلا أن تبعده عن البدع.
اللهم فقهنا في الدين .