، ما دام العمل منصبّا على خدمة لغة القرآن وبلاغته ،وهو عملّ يجعل الجانب الّنّظريّ للبلاغة العربيّة ماثلا أمام المتصفّحين ؛ وحتّى تكتمل الفائدة و تجنى الثّمرة – إن شاء الله – نافعة ، يرى المقام شيئا من التّوضيح والتّبسيط ضروريا ، ولاسيّما أثناء الاستعمال اللّغوي والوظيفي للخطاب ؛ لذلك فموضوع المجاز في اللّغة العربيّة الشّعريّة منها والتّواصليّة [ أي لغة الشعر ولغة التّخاطب ] أساس تقوم عليه الممارسة البلاغيّة بوعيٍ أو دونه ، وتحديدا أثناء الانفعال ؛ لأنّ الخيال وليد العاطفة –كما أشرت – فالمتكلّم العادي حين تغمر نفسَه مشاعرُ الفرح أو الحزن أو الشّوق أو الحنين …يجد التعبير الحقيقيّ المباشر عاجزا عن إيصال فكرته و إحساسه ؛ ممّا يجعله يتّخذ المجاز [ المجاز لغة هو الجسر والمعبر والممرّ] وسيلة أو طريقا لتبليغ المراد ، أمّا الشّاعر ذو الخيال المحلّق والشّعور المرهف فيخرج دائما عن مألوف الكلام إلى مجازه و موحيه …
فكان المجازبأنواعه ذا دلالات نفسيّة و ذهنيّة يسعى المتكلّم إلى إيصالها ، فالّذي شبّه الرّسول صلّى اللّه عليه وسلّم بالبدر في قوله :[ طلع البدر علينا …] كان أجمل شيء في نفسه هو البدر المنير العالي المكتمل الجميل …، ,انت إذا كرِهت نفسك شخصا اجتمعت فيه كلّ الصّفات السّيّئة؛ فإنّك ستكتفي بمشبّه به ÷و أبغض شيء لديك وهو ، الشّيطان ، أو حتّى ماهو أقيح منه ؛ فقد قال(( الشّيخ متولّي الشّعراويّ)) في كلام لا أحفظه : لو طلب منّا رسم صورة للشّيطان ؛ فإنّنا سنعتبر في الأخير أنّ أقضل صورة هي أقبح صورة من حيث الدّلالة . ولعلّ أسما التّفضيل الواردة في هذا الموضوع (أجمل ، أقرب ، أبغض ، …( خيردليل على أنّ المجاز وليد الانفعال ، يضاف له التّجربة والوعي والممارسة والقاموس اللّغوي ّ الثّريّ وانصهار هذه العناصر فيما بينها ليكون لدينا متكلّم مثاليّ ممارس للّغة ممارسة صحيحة و كذا شاعر يمارس اللّغة في أرقى مستوياتها ؛ لذلك يفترض أن يفي لغته حقَّهامن المعرفة والعناية لتفيَه هدفه …
شكراااااااااا
السلام شكراااا على الموضوع ابدعت ميرسي
(6) المجازُ المرسل
الأَمثلة:
(1) قال المتنبي:
لَهُ أَيَادٍ عَلَىَّ سَابغَةٌ أُعَدُّ مِنْها وَلا أُعَدِّدُها [1]
(2) وقال تعالى: {وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءَ رِزْقاً}.
(3) كَمْ بَعَثنَا الْجَيْشَ جرَّا رًا وَأَرْسَلْنا الْعُيُونَا [2]
(4) وقال تعالى على لسان نوح عليه السلام:
{وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابعَهُمْ فِي آذَانِهمْ}.
(5) وقال تعالى: {وَآتُوا الْيَتَامىَ أمْوالَهُمْ}.
(6) وقال تعالى على لسان نوح عليه السلام:
{إنّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إلاَّ فاجرًا كَفَّارًا}.
(7) وقال تعالى: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبَانِيَة}.
(8) وقال تعالى: {إن الأبْرَارَ لَفي نَعِيم}.
البحث:
عرفت أن الاستعارة من المجاز اللغوي، وأنها كلمة استعملت في غير معناها لعلاقة المشابهة بين المعنيين الأصلي والمجازى، ونحن نطلب إليك هنا أن تتأَمل الأمثلة السابقة، وأَن تبحث فيما إِذا كانت مشتملة على مجاز.
انظر إلى الكلمة "أياد" في قول المتنبي؛ أَتظن أنه أَراد بها الأيدي الحقيقية؟ لا. إِنه يريد بها النّعم، فكلمة أَياد هنا مجاز، ولكن هل ترى بين الأَيدي والنعم مشابهة؟ لا. فما العلاقة إِذا بعد أَن عرفت فيما سبق من الدروس أَن لكل مجاز علاقة، وأَن العربي لا يُرسل كلمةً في غير معناها إِلا بعد وجود صلة وعلاقة بين المعنيين؟ تأَمل تجد أَنَّ اليد الحقيقية هي التي تمنح النعم فهي سبب فيها، فالعلاقة إِذًا السببية وهذا كثير شائع في لغة العرب.
ثم انظر إلى قوله تعالى: {ويُنَزِّلُ لَكُمْ مِن السماءِ رزْقاً}؛ الرزق لا ينزل من السماءِ ولكن الذي ينزل مطرٌ ينشأُ عنه النبات الذي منه طعامُنا ورزقُنا، فالرزق مسبب عن المطر، فهو مجاز علاقته المسببة، أَما كلمة "العيون" في البيت فالمراد بها الجواسيس، ومن الهيِّن أن تفهم أن استعمالها في ذلك مجازىٌّ، والعلاقة أن العين جزءٌ من الجاسوس ولها شأن كبير فيه فأُطلق الجزء وأريد الكل: ولذلك يقال إِن العلاقة هنا الجزئية.
وإِذا نظرت في قوله تعالى: {وإِنِّي كُلَّما دَعَوتُهُمْ لِتغفِرلهُمْ جَعَلُوا أصَابِعَهُمْ في آذَانهمْ} رأيت أن الإنسان لا يستطيع أن يضع إِصبعهُ كلها في أُذنه، وأن الأصابع في الآية الكريمة أُطلقت وأُريد أطرافها فهي مجاز علاقته الكلية.
ثم تأمل قوله تعالى: {وآتُوا الْيتَامى أمْوَالَهم} تجد أَن اليتيم في اللغة هو الصغير الذي مات أبوه، فهل تظن أن الله سبحانه يأمر بإعطاءِ اليتامى الصغار أموال آبائهم؟ هذا غير معقول، بل الواقع أن الله يأْمر بإعطاء الأموال من وصلوا سِن الرُّشد بعد أن كانوا يتامى، فكلمة اليتامى هنا مجاز لأنها استعملت في الراشدين والعلاقة اعتبار ما كان.
ثم انظر إلى قوله تعالى: {ولا يلِدُوا إِلاَّ فاجرا كفارا} تجد أن فاجرًا وكفارًا مجازان لأن المولود حين يولد لا يكون فاجرًا ولا كفارًا، ولكنه قد يكون كذلك بعد الطفولة فأُطْلِق المولود الفاجر وأريد به الرَّجلُ الفاجرُ والعلاقة اعتبار ما يكون.
أَما قوله تعالى: {فلْيَدْعُ نادِيه} والأَمر هنا للسخرية والاستخفاف، فإِننا نعرف أن معنَى النادي مكان الاجتماع، ولكن المقصود به في الآية الكريمة مَنْ في هذا المكان من عشيرتِهِ ونُصرائه، فهو مجاز أُطلق فيه المحل وأريد الحال، فالعلاقة المحلية
وعلى الضد من ذلك قوله تعالى: {إِنَّ الأَبْرار لَفِي نَعِيم} والنعيم لا يحُلُّ فيه الإنسان لأنه معنى من المعاني، وإنما يحل في مكانه، فاستعمال النعيم في مكانه مجاز أطلق فيه الحالّ وأريد المحل فعلاقته الحالية.
وإِذا ثبت كما رأيت أن كل مجاز مما سبق كانت له علاقة غير المشابهة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلى، فاعلم أن هذأ النوع من المجاز اللغوى يسمى المجاز المرسل [3] .
القواعد:
(22) المجازُ الْمُرسَل كلمة اسْتُعْمِلَتْ في غَيْر مَعناها الأَصْلي لعلاقة غير المشابهةِ مَعَ قرينةٍ مانعةٍ من إِرادةِ المعنَى الأصْليِّ [4] .
(23) مِن عَلاقات المجاز المُرْسَل:
السَّببيَّة – المسَبَّبيَّةُ – الجُزئيةُ – الكليَّةُ – اعْتبَارُ
ما كان – اعتبارُ ما يكون – المَحَليِّـَّة – الحالِّيـَّةُ.
نَمُوذَج
(1) شَرِبْتُ ماءَ النِّيل.
(2) ألقَى الخطيب كلمة كان لها كبيرُ الأَثر.
(3) واسْأَل القَرْيَةَ التي كُنَّا فيها.
(4) يَلْبَسُ المصريون القطنَ الذي تُنتِجُهُ بلادُهـم.
(5) والأَعْوَجِيَّةُ مِلءَ الطرْقِ خَلْفَهُمُ وَالمْشرَفِيةُ مِلءَ الْيَوْم فَوْقَهُمُ [5]
(6) سأُوقد ناراً.
الإِجابة
(1) ماءَ النيل يرادُ بعضُ مائه فالمجاز مرسل علاقته الكلية.
(2) الكلمة يراد بها كلام " " " الجزئية.
(3) القرية يراد بها أهلها " " " المحلية.
(4) القطن يراد به نسيجٌ كان قطناً " " " اعتبار ما كان.
(5) ملءَ اليوم يراد به ملء الفضاء الذي يشرق عليه النهار فالمجاز مرسل " الحالِّية.
(6) نارًا يراد به حطب يئول إلى نار فالمجاز مرسل " اعتبار ما يكون.
تمرينات
(1)
بين علاقة كل مجاز مرسل تحته خط مما يأْتي:
(1) قال ابن الزَّيات [6] في رثاءِ زوْجه:
أَلاَ منْ رأى الطِّفْلَ المُفارقَ أمَّه بَعِيدَ الكَرى عَيْنَاهُ تنسكِبَان
(2) ويُنسب إلى السموءَ ل:
وَلَيْسَ على غَيْر السُّيُوف تَسيلُ تسِيلُ على حدّ السُّيوفِ نُفوسُنَا
سَقتْك الغوادىَ مربعاً ثُمَّ مَرْبعا [7]
(3) أَلِمَّا على مَعْن وَقولاَ لِقبرد
أخافُ منْهُ المَعَاطبْ [8]
(4) لا أرْكبُ البَحرَ إِنِّي
والطِّينُ في الْماءِ ذائبْ طينٌ أنا وَهْوَ مَاء
ولاَ ظَالم إِلاَّ سيُبْلى بأَظْلَمِ (5) وما مِن يدٍ إلا يَدُ اللهِ فَوْقَها
(6) وقال المتنبي في دم كافور:
عَن القِرَى وَعَن الترحَال مَحْدُودُ [9]
إنِّي نزلْتُ بكَذابينَ ضيْفُهُمُ
(7) وقال:
وَلو شِئت كان الحلْمُ منْكَ المُهنَّدا [10]
رأيْتُكَ مَحْضَ الحِلْم في مَحْض قُدْرَةٍ
(2)
بيِّن كل مجاز مرسل وعلاقته فيما يأتي:
(1) سَكَنَ ابن خَلدُون مِصْرَ.
(2) من الناس من يأْكل القمح ومنهم من يأْكل الذرةَ والشعير.
(3) إن أَمير المؤمنين نَثَرَ كنانته.
(4) رَعَيْنا الغَيْث.
(5) {في رحْمة الله هُمْ فيها خَالِدُون}.
(6) حَمَى فلان غَمامَةَ وَاديه (أَي عشْبه)
(7) قال تعالى في شأْن موسى عليه السلام:
{فَرجعْناك إِلى أُمِّكَ كَي تَقَرَّ عَيْنُها ولا تَحْزَن}.
(8) وقال تعالى: {فَمنْ شَهدَ مِنْكُم الشَّهْرَ فَلْيَصُمْه}. (أَي هلال الشهر).
(9) سأُجازيكَ بما قَدَّمَتْ يَدَاكَ.
(10) وقال تعالى: {وارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعينَ} (أَي صَلُّوا)
(11) وقال تعالى: {فَبشرناه بغُلام حَليمٍ}.
(12) وقال تعالى: {يقُولُونَ بأَفْواهِهمْ ما ليْس في قُلُوبهمْ}.
(13) أَذَلَّ فلانٌ ناسية فلان [11] .
(14) سقَت الدَّلْوُ الأَرضَ.
(15) سال الوادي.
(16) قال عنترة:
لَيْسَ الكريم على القنا بمُحَرَّم [12] .
فَشكَكْتُ بالرُّمْحِ الأَصَمّ ثيابَهُ
(17) لا تجالسوا السفهاءَ على الحُمْقِ (أَي الخمر).
(18) وقال أَعرابي لآخر: هل لك بيت؟ (أَي زوج).
(3)
بيِّن من المجازات الآتية ما علاقته المشابهة، وما علاقته غيرها:
(1) الإِسلام يحثُّ على تحرير الرِّقاب.
أَحْكَمتْ وضْع أُسِّهِ آباؤُهْ (2) ملِكٌ شاد لِلْكِنانَةِ مجْدًا
(3) تفرَّقَتْ كلمةُ القوم.
(4) غاض الوفاءُ وفاضَ الغَدر.
(5) {واجْعَلْ لي لِسَانَ صِدْقٍ في الآخرين}.
(6) أَحيا المطرُ الأَرض بعد مَوْتها.
(7) {كُتِبَ علَيْكم القِصاصُ في القَتلى}: (أَي فيمن سيقتلون).
(8) قرر مجلس الوزراء كذا.
(9) بَعثتَ إِلىَّ بحديقةٍ جلَّتْ معانيها، وأُحْكِمَتْ قوافيها.
(10) شربتُ البُنَّ.
(11) لا تكن أُذُناً تتقبَّل كل وِشاَية.
(12) سَرَقَ اللصُّ المنزل.
(13) قال تعالى: {إِنِّي أَراني أَعْصِر خَمْرًا}.
(4)
استعمل كل كلمة من الكلمات الآتية مجازاً مرسلاً للعلاقة التي أَمامها:
(1) عَين – الجزئية. (4) المدينة – المحلية.
(2) الشام – الكلية. (5) الكَتان – اعتبار ما كان.
(3) المدرسة – المحلية. (6) رجال- اعتبار ما يكون.
(5)
ضع كل كلمة من الكلمات الآتية في جملتين بحيث تكون مرةً مجازًا مُرسلاً، ومرة مجازاً بالاستعارة:
القلم – السيف – رأس – الصديق
(6)
اشرح البيتين وبيِّن ما فيهما من مجاز:
إِنَّ تَحْتَ الضلوعِ دَاءً دويَّا [13]
لا يَغُرَّنْكَ ما تَرى مِنْ أُناس
لاَ تَرى فَوْقَ ظَهرها أَمويَّا فَضَعِ السَّوْطَ وارْفَع السَّيف حتَّى
أقدم لكل التلاميذ و الأةساتذة
درسين مهمين في اللغة العربية
الدرس في الملحقات
لا تحرمونا من دعائكم