تحقيقات حول عشرات الأطروحات المزيفة والمسروقة
السرقات العلمية تغزو الجامعات ودكاترة بشهادات كارتونية
تنام الجامعات الجزائرية على فضائح لا حصر لها لسرقات علمية جعلت من الطلبة أساتذة ودكاترة وباحثين بشهادات كارتونية لا تحمل غير الاسم، ومنهم من تبوأ مناصب رفيعة في مختلف أجهزة الدولة، ما جعل الجزائر تغرق في آفة ضعف التسيير وغياب الكفاءة، وحسب المثل القائل "لا يمكن أن تكذب على كل الناس طول الوقت" فإن العديد من المعاهد والكليات استيقظت على فضائح بالجملة لسرقات علمية لشهادات ماجستير ودكتوراه مزيفة تورط فيها أساتذة جامعيون ومسؤولون تبين للناس أن شهاداتهم بُنيت على أسس من الوهم والكذب والسرقة، لتشرع وزارة التعليم العالي مؤخرا في جملة من التحقيقات التي أحيل أغلبُها على المحاكم.
شنت وزارة التعليم العالي والبحث العالمي مطلع الشهر الجاري حملة تطهير واسعة في الجامعات، عقب استقبالها لعدد معتبر من الشكاوى والمراسلات تتعلق بسرقات علمية تورط فيها أساتذة وطلبة ومسؤولون بالمعاهد والكليات، ما دفع عدداً من عمداء الجامعات إلى التحقيق في العديد من رسائل الدكتوراه والماجستير التي قام أصحابها بسرقات علمية غاية في الخطورة من مذكرات تخرّج عربية وجزائرية.
وفي هذا الإطار فتحت جامعة سعد دحلب بالبليدة تحقيقا حول عدد من السرقات التي قام بها أساتذة وطلاب، أهمها اتهام رئيس المجلس العلمي لكلية الاقتصاد وعلوم التسيير بسرقة علمية في إعداد رسالته لنيل شهادة الدكتوراه بالإضافة إلى سرقات أخرى اتهم بها نفس الأستاذ الذي يشتغل منصب أستاذ محاضر ومشرف على مذكرات التخرج. الفضيحة فجرها أستاذٌ في نفس الكلية ويتعلق الأمر بالأستاذ فارس مسدور، خبير صندوق الزكاة في الجزائر، الذي قدم براهين وأدلة دامغة حول تورط هذا الأستاذ رفقة طلبة وأساتذة آخرين في سرقات علمية من الجامعات الجزائرية والجامعات العربية، وراسل مسدور عميد جامعة سعد دحلب التي تحركت للتحقيق في القضية، وراسل أيضا وزارة التعليم العالي التي اهتمت بالأمر وقررت التحقيق في العديد من القضايا المماثلة على غرار ما حصل في كل من جامعات تبسة وبجاية والجزائر من سرقات علمية بالجملة.
الأستاذ فارس مسدور قصد مقر "الشروق اليومي" حاملا معه عدداً من المذكرات الأصلية والمزيفة، ويتعلق الأمر برسائل ماجستير ودكتوراه مستنسخة من بلدان عربية، بالإضافة إلى تورُّط أساتذة في سرقة بعض المذكرات الجزائرية وطبعها في بلدان عربية على أنها "كتب من تأليفهم"، وفي هذا الإطار يقول مسدور إن الجامعات الجزائرية تنام على فضائح لا حصر لها لسرقات علمية في رسائل الدكتوراه وحتى تأليف الكتب، وأرجع تفشي هذه الآفة إلى عدم أخذ الوقت الكافي للأساتذة المشرفين للتحقيق في محتوى رسائل الماجستير والدكتوراه خاصة إذا سُرقت من بلدان عربية، وأضاف أن أرشيف الجامعة لازال أرشيفاً بدائياً يجب تطويره ورقمنته لتسهيل عملية المراجعة السريعة لأرشيف المذكرات، وتابع "فضيحة السرقة العلمية في جامعة البليدة هي القطرة التي أفاضت الكأس لسرقات كثيرة ستعصف بسمعة عدد كبير من الأساتذة والمسؤولين".
فضيحة أخرى شهدتها جامعة باتنة تورط فيها طلبة لم يحترموا الأمانة العلمية بسرقتهم لمحتوى مذكرات وتقدموا بها للجنة العلمية المتكونة من دكاترة مختصين في القانون الجنائي والإداري، اكتشفوا أثناء مراجعتهم وتمحيصهم لمحتوى مذكرة الماستر أن الكثير من المعلومات لم تكن نتيجة مجهودات الطلبة بل سُرقت من مذكرات أخرى، ما دفع الأساتذة إلى إعداد تقرير أسود بالطلبة وإرساله لإدارة الجامعة بتهمة خيانة الأمانة العلمية وسرقة مجهود الآخرين.
وبدورها عرفت جامعة عبد الرحمان ميرة ببجاية فضيحة مدوية لسرقة علمية تورطت فيها طالبتان في تخصص الميكانيك، بالتواطؤ مع بعض الأساتذة الذين تستروا على القضية بسبب أولياء الطالبتين الذين يشغلان مناصب سامية، وتتمثل السرقة العلمية التي قامت بها الطالبتان في نسخ وترجمة مذكرة فرنسية إلى العربية بحكم أنهما كانتا تدرسان في فرنسا وتحولتا إلى الجزائر في السنة الثانية ماستر بإذن من وزارة التعليم العالي، وبيّنت تقارير عميد الجامعة أن الأساتذة المشرفين على أطروحة الماستر كانوا على علم بالسرقة العلمية للطالبتين، غير أنهما تسترا على الأمر ليقوم أحد الأساتذة بتفجير الفضيحة التي لا زالت قيد المتابعة.
فضائح السرقات العلمية لطخت سمعة الجامعة الجزائرية في الخارج، بعد سرقة العديد من المذكرات من بلدان عربية وأوربية وإعادة طبعها في الجزائر على أنها "بحوث علمية جديدة"، وأهمّ هذه السرقات تلك التي فجّرها البروفسور "جون نوال دارد" أستاذ محاضر بجامعة باريس، تورّط فيها وزير الخارجية السابق محمد بجاوي وأساتذة فرنسيون، وتتمثل الفضيحة في سرقة أستاذ جزائري لرسالة دكتوراه من الجزائر ومناقشتها بجامعة ليون للظفر بدرجة أستاذ محاضر بجامعة وهران، حيث نشر الأستاذ الفرنسي في إطار حملته على السرقات العلمية بالتفصيل مقالا مطولا يكشف فيها السرقة العلمية التي قام بها الأستاذ الجزائري بالتواطؤ مع أساتذة فرنسيين، وكان محمد بجاوي وزير الخارجية الأسبق أحد الأساتذة المشرفين على المذكرة والذين كانوا على علم بالسرقة العالمية ما جعل سمعة الجزائر على الخارج على المحك.
ولمواجهة المد المتزايد للسرقات العلمية التي طالت الكثير من الجامعات الجزائرية، وتحولت إلى جرائم بلا عقاب، أدرجت وزارة التعليم العالي "السرقات العلمية" ضمن بنود أخلاقيات الجامعة الذي صنف السرقات العلمية في خانة الأخطاء الجسيمة التي تؤدي بصاحبها إلى الطرد والمتابعة القضائية، وفي نفس الوقت ألزم الميثاق الأساتذة المشرفين بضرورة المتابعة الجيدة للطالب والتحقق من كل المعلومات الموجودة في مذكرته.
وبالرغم من ذلك فإن السرقات العلمية تحولت إلى آفة متجذرة في الجامعة الجزائرية، وامتدت أيضا إلى تلاميذ المدارس الذين باتوا ينسخون البحوث الجاهزة من مقاهي الانترنت، وهذا ما ساهم في تجميد عقول التلاميذ الذين يألفون ظاهرة سرقة البحوث الجاهزة حتى وهم طلبة في الجامعة أو أساتذة، ما جعل المستوى العلمي في الجامعات في الحضيض بدليل أننا نجد طلبة جامعيين كثيرين لا يفرّقون بين الفاعل والمفعول به ولا يستطيعون ارتجال محاضرة ذات مستوى رفيع أو المشاركة المشرّفة في مؤتمر علمي عربي أو دولي.
المصدر الشروق أون لاين.
سبحان الله وبحمده.
حمل وادع لأخيك محمود
رابطا التحميل.
http://www.4shared.com/office/RVQ_cGdR/_____2_2012.html
أو:
http://www.mediafire.com/?jw7q2i9mttddbfe
التحميل من الملفات المرفقة