الفضائيات المصرية "عايشة" بالأقوال دون الأفعال، وهي الآن تثرثر وتطلق عبر القمر الصناعي نايل سات مزاعم عن امتلاكها صوّر وفيديوهات (نتمنى أن لا تكون للشطيح والرديح) تكشف الإعتداءات الإفتراضية التي نفذها الجزائريون ضد المصريين في السودان الآمنة والمسالمة
ومع الإشارة إلى أن هذه الثرثرة والضجيج ما هو إلاّ أكاذيب أصبحت تنافس عدد النجوم في السماء، فإن نفس القنوات التي تريد حجب أشعة الشمس بغربال الحسابات الإنتخابية والتخطيطات السياسية، تمارس التعتيم والتنويم بشأن صور الشغب والتخريب التي تعكس "الحضارة" والتحضر والسّلم والسلام في مصر، وهي الصوّر الحقيقية التي عمت تلك الفضائيات أعينها حتى لا تراها، واستبدلتها بصور وأشرطة بصرية مزيفة ومفبركة لكشف ما يسمونه زورا وبهتانا "بربرية" و"وحشية" و"بلطجية" و"همجية" و"إجرام" الجزائريين!
من أجل كشف هؤلاء المفترية أمام الرأي العام، ارتأت "الشروق" نشر عدد من الصور التي حجبتها الفضائيات المصرية وعتمت عليها وكأن الأمر لم يحدث إطلاقا فوق الأراضي المصرية، موازاة مع بحثها عن "القمل في راس الفرطاس" من خلال بثها لصور مفبركة سواء بالجزائر أو السودان تفيد باعتداءات افتراضية لا أساس لها من الصحة .
هذه الصور تتعلق بأحداث الشغب والتخريب التي عرفتها القاهرة الجمعة الماضي، عندما هاجم "بلطجية" مصريون السفارة الجزائرية في القاهرة، فتحوّلت الشوارع إلى ميدان للفوضى و"التحضر" عن طريق الشغب والتخريب، وهو ما حجبته الفضائيات المصرية وعرّضته للمقص، وبررته بالصوت فقط، على أنه تفريغ لشحنة " الزعل " وتفسير " للوطنية " و " حب مصر " !.
هذه الصور حقيقية وليست مفبركة أو مزيفة، عكس الصور الكاذبة التي تستخدمها فضائيات الفتنة لتجييش الشارع وشحن المواطنين وتأليبهم على "الإنتفاضة" ضد كل ما هو جزائري للإنتقام من الطورطة التي ضيعها عليها فوز الخضر على الفراعنة بملعب المريخ، ولذلك هي الآن تعمل المستحيل من أجل إخفاء عار الهزيمة ولملمة الفضائح والمهازل التي عرّتها أمام العالم .
الصور الملفقة للفضائيات المصرية، كذبتها كبرى الفضائيات العالمية، وكذبتها السلطات السودانية أكثر من مرة، فكانت فضيحة صورة "الشباب الجزائري المتظاهر بالخناجر"، أضحوكة أخرى لمراوغة الرأي العام والتحايل عليه والنصب الإعلامي على الرأي العام، لكن نهاية الكذب كانت سريعة، وانفضحت صور مصر بصور أخرى تورّط الجانب المصري وتعرّيه وتعزله عن كلّ مصداقية ومهنية وموضوعية .
آسفون..لأننا فضحناكم وهزمناكم بديبلوماسية برودة الأعصاب والفعل بدل القول، وبالروح الرياضية واللعب النظيف والشريف، وبأقلام رصاص ومقالات قرأتموها حرفا حرفا، وباحتفالات شعبية بأبطال وانتصارات الجزائر، وهذه الصور كان من المفروض عليكم بثها عبر المباشر، لكن عذرا إذا خطفنا منكم السبق وقمنا بنشرها عبر صفحاتنا للرأي العام !
لكنني عندما قرأت تصريحات وزير حمس في الحكومة، عمار غول، الذي اهتزت وزارته "وزارة الأشغال العمومية" على وقع فضائح الاختلاس وسوء التسيير، في إحدى الجرائد الوطنية يقول وبالعبارة التالية: "إنني أقوم بعملي، والكلاب تنبح" وأقرأ في اليوم الموالي تعليقا في صحيفة جزائرية ناطقة بالعربية، تحليلا يرد فيه صاحبه على الوزير عمار غول، قائلا له، "إن الكلاب لا تنبح إلا على السُّراق"، ومن منطق الكلاب والتكالب، أقول لكل الجزائريين، لا تأملوا أن تعيشوا غدا أفضل، في ظل تواصل نباح الكلاب في السلطة، ودوائر صنع القرار، لأن الكل ينبح، ليس للفت الانتباه إلى السُّراق، وإنما لإحداث ضجيج، وتشويش، يُعتّم على وضوح السمّاع، وتحديد مصادر الأصوات
وكسياسي ورئيس حزب حلّته السلطات بغير وجه حق، أقول لمواطنينا، إن ما تسمعونه اليوم، قد تمّ التخطيط له منذ عقد أو عقدين مضيا، وأقول ذلك لأنني أعلم أن هذه الهيلولة التي أُحيطت بما أسموها فضيحة شركة سوناطراك، هدفها الأول والأخير، إيهام عامة الشعب، بأن ساعة الحساب قد حلّت، وأن المختلسين و السّرّاق ، سيدفعون الثمن، لكن الحقيقة هي أن السّرّاق، قد عقدوا جلسة تصفية الحسابات، فيما بينهم، لإعطاء ما لزيد، لزيد، ولما لعمرو لعمرو، وكل ما يتراءى للعامة، لن يكون مصيره إلا التفسير على أنه مجرد تهيّؤات وأوهام، وبالفعل، تبين للجميع، أننا نتوهم لأنه لم تمر إلا أيام معدودة، حتى سرّبت الجهات الواقفة وراء إخراج فضيحة سوناطراك خبرا مفاده فرار الرأس المدبرة للفضيحة الى خارج الجزائر، وقبلها أعلن وزير الطاقة والمناجم شكيب خليل إنه لايشك في براءة المتهمين الحاليين في القضية، ومن جهتي لن أتسرّع في إدانتهم، لأنني أعلم أن حجم الفضيحة من المستحيل أن يتورط فيها كمشة أفراد، وأن مسلسل الاختلاسات في سوناطراك لا يعود إلى عهدة تسيير الرئيس المدير المتهم في القضية، بل يمتد لسنوات طويلة، ولو أن الجهات القضائية، قُدّر لها أن تفتح تحقيقا عميقا في تسيير هذه الشركة التي تمثل دولة داخل الدولة، لوصلت إلى كشف كارثة حقيقية، ستصدم كل المختصين في التسيير، والاقتصاد، وهو الأمر الذي أستبعد حدوثه في القريب العاجل، كما أستبعد إدانة المتهمين في قضية الحال، وحتى في حال إدانتهم، فإن الأمر سوف لن يتعدى كونه، تقديم قربان، وأضاحي، لإبعاد يد العدالة عن المتورطين الحقيقيين، واهداء وهم جديد للرأي العام، مؤداه أن السلطات تحارب الفساد.
منقول
من هو كاتب المقال؟
الموضوع:
هل يقود تطور العلوم إلى إنكار قيام حقيقة نهائية؟
الجواب المقترح:
يعتبر الفيلسوف إنسانا عاشقا للحقيقة وباحثا عنها بشكل دائم ومستمر. ويبين تاريخ الفلسفة أن هناك عدة نظريات وتصورات حول الحقيقة، تختلف بحسب المنطلقات العقلية والمشارب المذهبية، ولذلك نجد فريقا من الفلاسفة يقول بوجود حقيقة مطلقة وثابتة، وفريقا آخرا يقول بحقائق نسبية ومتغيرة. وإذا تموقعنا في مجال تاريخ المعرفة العلمية، فإننا نلحظ أن التطورات الهائلة والقفزات النوعية التي عرفها العلم ابتداء من العصر الحديث بينت صعوبة التمسك بحقيقة واحدة ونهائية، وكشفت عن التعديلات والمراجعات التي طالت مختلف المفاهيم والتصورات التقليدية حول الحقيقة. هنا يمكننا التساؤل هل الحقيقة مطلقة أم نسبية؟ وهل التطورات التي عرفها العلم تؤدي إلى التخلي نهائيا عن أية حقائق مطلقة؟
إذا تأملنا بدقة في السؤال المطروح سنجد أنه يقيم علاقة وثيقة بين تطور العلوم من جهة، وإنكار قيام حقيقة نهائية من جهة أخرى، وهو يدعونا إلى إثبات هذه القضية أو نفيها. لكن الحديث عن مفهوم الحقيقة هو حديث يتجاوز تاريخ العلوم، ويطال تاريخ المعرفة البشرية عموما والفلسفية منها على وجه الخصوص. لذلك نجد أنفسنا نتواجد في مجال المعرفة، سواء الفلسفية أو العلمية، لنعالج إلى أي حد يمكن القول بحقيقة مطلقة ونهائية أو القول بخلاف ذلك.
إذا نظرنا في البدايات الأولى لتاريخ الفلسفة، وجدنا الفيلسوف اليوناني أفلاطون يقول بوجود حقائق يقينية ومطلقة مكانها هو عالم عقلي مفارق سماه بعالم المثل، وهي حقائق يتوصل إليها عن طريق التأمل العقلي الخالص. هكذا اعتبر أفلاطون أن ما يوجد في العالم المحسوس هو مجرد ظلال وأوهام تمدنا بها الحواس، في حين يمدنا التأمل الفلسفي بالحقيقة الموضوعية، الثابتة والخالدة.
وقد بين باسكال فيما بعد أن للقلب حقائقه التي لا يمكن للعقل أن يستدل عليها، وهي حقائق حدسية تدرك على نحو مباشر، يعتقد صاحبها في ثباتها وصحتها المطلقة. ولعل الكثير من الحقائق الدينية هي من مثل هذا القبيل.
وفي نفس السياق اعتبر أبو الفلسفة الحديثة ديكارت بأن العقل يحتوي على مبادئ وأفكار فطرية، لا يمكن الشك في صحتها نظرا لبداهتها ووضوحها وتميزها في الذهن. ومن ثمة فهي تدرك بشكل حدسي مباشر، ومنها تستنبط باقي الحقائق الأخرى.
وبالرغم من أن كانط قدم فلسفة نقدية حاول منة خلالها تجاوز النزعتين العقلانية والتجريبية معا، إلا أن هو الآخر، وفي مجال المعرفة الأخلاقية على وجه التحديد، يتحدث عن مبادئ وقوانين أخلاقية ذات طابع صوري، مجرد ومطلق.
وفي مقابل هذا التصور المثالي المطلق للحقيقة، نجد تصورات فلسفية أخرى تقول بنسبية الحقيقة وتطورها. ويمكن أن نورد في هذا الإطار موقف جون لوك، كأحد ممثلي النزعة التجريبية، والذي يرفض وجود أفكار أولية وفطرية كتلك التي ادعاها ديكارت، واعتبر على العكس من ذلك بأن العقل صفحة بيضاء والتجربة هي التي تمده بالمعارف والحقائق. وإذا كانت تجارب الناس مختلفة، فمعنى ذلك أن الحقائق التي تحملها عقولهم ليست على نفس الشاكلة والمنوال.
أما إذا انتقلنا إلى الفلسفة المعاصرة، فيمكن أن نقدم التصور البرغماتي كتصور يقول بنسبية الحقيقة وتعددها. ومن بين ممثلي النزعة البرغماتية نجد وليام جيمس الذي يرى أن الحقيقة ليست غاية في ذاتها، وأنها لا تمتلك أية قيمة مطلقة، بل هي مجرد وسيلة لإشباع حاجات حيوية أخرى. هكذا يقدم لنا جيمس تصورا أداتيا ونسبيا للحقيقة؛ بحيث يقول بارتباطها بالمنافع والوقائع وبمدى قدرتنا على استعمالها في وضعيات مختلفة.
وإذا انتقلنا الآن إلى حقل المعرفة العلمية الخالصة، وإلى مجال تاريخ العلوم الدقيقة، فإننا نرى أن ما عرفه العلم من تطور في الأدوات والمناهج المعتمدة، وما رافق ذلك من ظهور عدة نظريات علمية تتجاوز النظريات السابقة، كان له انعكاس على تصور العلماء و الفلاسفة لمفهوم الحقيقة ومراجعتهم للعديد من المفاهيم والتصورات الكلاسيكية. هكذا نجد الإبيستملوجي الفرنسي غاستون باشلار يؤكد على الطابع النسبي للحقيقة العلمية، ويعتبرها خطأ تم تصحيحه. فتاريخ العلوم في نظره هو تاريخ أخطاء؛ ذلك أن الكثير من الحقائق العلمية تم تجاوزها واستبدلت بحقائق ونظريات أخرى جديدة. من هنا نرى أن الحقائق في مجال العلوم الحقة تختلف من حقل علمي إلى آخر من جهة، وتتطور بتطور الأدوات والمناهج العلمية المستخدمة من جهة أخرى. وقد أكد باشلار على أهمية الحوار بين العقل والتجربة في بناء الحقيقة العلمية؛ ولذلك رفض المبادئ والحقائق البديهية كتلك التي تحدث عنها ديكارت، كما رفض اعتبار العقل صفحة بيضاء تتلقى المعرفة جاهزة من الواقع كما ذهبت إلى ذلك النزعة التجريبية الساذجة، وذهب بخلاف ذلك إلى التأكيد على الطابع البنائي والمتجدد للمعرفة العلمية، خصوصا أن بناءات العقل وبراهينه لا تتم في نظره بمعزل عن الاختبارات والتجارب العلمية. هكذا فحقائق العقل العلمي المعاصر مشروطة بطبيعة الموضوعات التي يريد معرفتها، فهي ليست حقائق منغلقة ثابتة بل منفتحة على الواقع العلمي الجديد.
وإذا كانت النزعة الوضعية التجريبية تؤكد على التجربة كمعيار لصحة النظرية العلمية، وتبين الدور الحاسم الذي تلعبه هذه التجربة في التمييز بين النظريات العلمية وغير العلمية، فإننا نجد بيير تويليي يجسد موقفا يقر من خلاله بعدم وجود تجربة حاسمة، إذ تظل نتائج التحقق التجريبي جزئية وقابلة للمراجعة، كما يدعو إلى ضرورة خروج النظرية من عزلتها التجريبية وانفتاحها على نظريات أخرى تختبر نفسها من خلال مقارنة نفسها بها.
وفي نفس السياق استبدل كارل بوبر معيار التحقق التجريبي بمعيار القابلية للتكذيب؛ بحيث تكون النظرية علمية إذا كانت قابلة للتكذيب في المستقبل، أي قادرة على تقديم الاحتمالات الممكنة التي تفند بها ذاتها وتبرز الثغرات الكامنة فيها. وهذا يدل على الطابع النسبي والمنفتح للحقائق العلمية.
وعلى العموم، فهناك الكثير من الوقائع التي عرفها العلم المعاصر أدت إلى خلخلة المفاهيم والأسس التي كانت ترتكز عليها التصورات الكلاسيكية للحقيقة، سواء في مجال العلم أو الفلسفة الكلاسيكيين؛ فظهر تصور جديد لمفهومي المكان والزمان مع الهندسات اللاأقليدية ونسبية إنشتاين، كما تمت زحزحة مبدأي الهوية وعدم التناقض الأرسطيين باكتشاف الطبيعة المزدوجة للضوء وظهور الفيزياء الذرية، وغيرها من الوقائع التي جعلت، كما أكد باشلار، العقل الكلاسيكي يعيد النظر في مبادئه والحقائق التي يؤمن بها.
هكذا يمكن أن نستنتج في الأخير أنه كان للتطورات التي عرفها العلم المعاصر انعكاسات كبيرة على تصور الفلاسفة لمفهوم الحقيقة والنظرية العلمية؛ فظهرت فلسفات تقول بنسبية الحقيقة وخضوعها للمراجعة والتعديل المستمر، غير أن هذا لا يجب أن يحجب عنا وجود بعض الفلسفات والمذاهب، سواء في الماضي أو الآن، تتشبث ببعض الحقائق وتعتبرها مطلقة ونهائية، خصوصا إذا تعلق الأمر بمجالات الأخلاق والدين والسياسة، فنحن نعلم أن للحقيقة مستويات وأوجه عدة، وما العلم سوى أحد هذه الأوجه.
ماشاء الله ارجو ان تزيدينا علما عزيزتي
شكرا
معيار الحقيقة هو الوضوح ، فكلما كانت الفكرة واضحة كانت صادقة بذاتها ، و فرضت نفسها على جميع العقول ،مثل البديهيات و العمليات الرياضية التي لا يساورنا الشك في صدقها و إذا كانت الفكرة غامضة ابتعدت عن الحقيقـــة
رينيه ديكارت R.Descarte(1596-1650) فيلسوف و عالم رياضي فرنسي مؤسس المذهبالعقلاني الحديث انتقد المعرفة الآتية من الحواس .، و رفض الأفكار القديمة التي لا تتوفر عل يقين ،ثم شك في وجود العالم الخارجي- و وجود الذات و وجود الله ، لكن هناك حقيقة تبقى لامعة أمام الشك الجارف و هي أني لا يمكن أن أشك في أني أشك وما دام الشك ضرب من ضروب التفكير ( أنا افكر اذن أنا موجـــــــــــــــود ) الكوجيتوCojito
و استخدم ديكارت هذه الصيغة في إثبات وجود الله و واقعية العالم الخارجي ، فالمعرفة اذن تحصل بالعقل ، انطلاقا من مبادئ فطرية و أفكار واضحة تتميز بالبداهة " يقول (ان حدس البداهة أوثق من الاستنتاج ذاته ") و قال سبينوزا( ان العقل يجد شكله الأعلى و الأسمى في الحدس )
و اذا كان العقل وسيلة وسيلة برهان فعلى الانسان ان يستعمله استعمالا منهجيا دقيقا و متكاملا ، لذلك وضع ديكارت في كتابه مقال الطريقة المنهج التالي الذي يقوم على اساس رياضي ( الرياضيات هي نموذج كل معرفة )
ا- البداهــــــــــــة- لا أقبل امرا على انه حق ما لم أتيقن أنه كذلك
ب- التحليـــــــــل – أن احلل الموضوع الى مكوناته و اجزائه حتى تتضح خصائصـــــــه
ج- التركيــــــــب- أن اعيد تركيبه أجزائه و تجميع تفاصيله ليتسنى تكوين دلالة إجمالية له
د- الاحصـــــــــاء- أن أراجع كل المراحل السابقة بما يتيح التأكد من عدم إغفال أي عنصر آخر
أو (الذرائعية )فلسفة أمريكية تجعل الأفكار ذريعة أو أداة لتحقيق عمل نافع و عليه تكون المصلحة أسبق من كل شيئ ، و هي التي يجب اعتمادها في الحكم على صحة الأفكار . إن لفظ (براغما Pragma) تعني باليونانية عمل و ممارسة ، و يعتبر كل من تشارلز بيرس و وليام جيمس و جون ديوي من رواد هذا المذهب . الحجج
– الأفكار تصدق بواسطة العمل الذي تحققه (العبرة بالنتائج ، و ليس بالمبادئ )، و معنى ذلك أن الفكرة التي لا تنتهي بسلوك عملي ، تعتبر فكرة باطلة لأنها عديمة الفائدة( مقياس الحقيقة هو النفع)
– ان الفكرة ، التي تتحول الى عمل يمكن التحقق منها و معرفة صحتها و ذلك النظر الى النتائج المترتبة عنهـــــا . اذا كانت نافعة فهي صادقة ، أما اذا كانت ضارة فهي كاذبة ، أما الافكار المجردة التي لا تتحول الى عمل ، أي عديمة النشاط فهي ليست بأفكار لأننا لا يمكن التحقق منها ، فهي مجرد تخمينات فارغة . هذه هي الحقيقة التي يجب العمل بها يقول وليام جيمس (ان الفكرة تكتسب صدقها بعمل تحققه ….، و تكتسب صحتها بإنجاز العمل الذي هدفه و نتيجته هو اثبات صحتها ) . اذن غاية الفكرة هي العمل
و يرى جون ديوي أن مقياس الحقيقة هوالمرونة و السهولة اللذان يوصلان الى الهدف .والفكرة يجب أن تكون أداة لخدمة الحياة ، و لما كانت للعلم آثار نافعة طالب جون ديوي بضرورة تعميم المنهج العلمي في شتى المجالات ، و الابتعاد عن الأفكار الميتافيزيقية التي لا تفيد و لا تزيد الإنسان الا ضياعا .
النقد/ إن المنفعة ليست مقياس موضوعي ، بل ذاتي يختلف من شخص لآخر ، فما ينفعنا على سبيل المثال قد لا ينفع غيرنا ، فلا تكون الحقيقة واحدة عند جميع الناس، بمعنى أن الفكرة قد تصح عند البعض و لا تصح عند البعض الآخر لذلك يجب أن نأخذ بالمبادئ أيضا :
بارك الله فيك
شكرا لك على المساهة
ارق تحياتي
mercie boucoup
الأستاذ : بوفكرنعبد الوهاب
أولا : مرحلة الفهم ضبط مفاهيموألفاظ السؤال
بين بطلان وفساد :فندأدحض
الحقيقة :لها عدة معاني نجملها فيالقول الفكرة أو القضية الصحيحة
مطلقة : صحيحة ويقينية لا يرقى إليها الشك فكانت ثابتة أزلية.
ثانيا : التصميم المنطقي للسؤال
طرح المشكلة :
التمهيد: إن الطبيعة العاقلة للإنسانجعلت الفضول صفة متأصلة فيه وهو ما يفسر تطلعه الدائم إلى أقصى مراتب المعرفة وهيالحقيقة المطلقة وجدير بالذكر أن الحقيقة مفهوم معقد اختلف الفلاسفة في ضبطهوتحديده فهي في عرف بعضهم ماهية الشيء وصفاته الجوهرية ويراها آخرون دلالة علىالشيء الموجود بالفعل في حين يعتبرها البعض الآخر مطابقة الحكم للمبادئ العقلية .
ينشد الإنسان الحقيقة في حديثه وتفكيره ومن هنا كانتمن كبريات المباحث الفلسفيةوأكثرها خطورةوتغلغلا في مختلفالمحاور الأساسية للفلسفة ( الوجود، المعرفة،القيم).وشكلت بالتالي محورا رئيسياداخل كل الفلسفات إذ عدت حجر الزاوية داخل نظرية المعرفةقــالأفلاطون:
الفلسفة هي السعي نحو الحقيقة بكل أرواحنا…….
لذلكاستأثر هذا الموضوع باهتمام الفلاسفة والمفكرين في مختلف العصور وطرحت بشأنهامشكلات متعددة منها ما تعلق بمفهومها وأصنافها ومقاييسها وعلاقتها بالواقع إلا أنالمشكلة الأكثر إثارة تلك المتعلقة بطبيعتها .وفي هذا الصدد كانت الفكرة الشائعةلدى الكثير منهم مفادهــا أن الحقيقة نسبية في مختلف ميادين المعرفة إلا أن أطروحةأخرى تناقضها وتذهب في الاتجاه المعاكس لتقر أن الحقيقة مطلقة يقينية لا يرقى إليهاالشك في مختلف صورها والإنسان مؤهل لبلوغها.
وإذا كان هذا الطرح الفلسفييستفزنا ويثير حفيظتنا فما هي الحجج والبراهين التي من شأنها أن تكشف فساد هذاالطرح وتعيننا بالتالي على دحضه ؟
محاولة حل المشكلة :
عرض منطق الأطروحة :إن الإقرار بأن الحقيقة مطلقة طرح فلسفي متجذر في الفكر الإنساني بصفة عامةالفلسفي منه والعلمي والديني على حد سواء وفي مختلف محطات الفكر البشري الكلاسيكيمنه والحديث وفي مختلف الثقافات الشرقية القديمة واليونانية والأوروبية الحديثةوتتخذ الحقيقة المطلقة في هذه المحطات على اختلافها معنى يكاد يكون واحدا وهوالفكرة اليقينية التي لا تحتمل الخطأ ولا يرقى إليها أدنى شك المتعرية من كل قيدالقائمة بنفسها المتصفة بالكمال والثبات.
وقدبني هذا الاعتقاد علىمسلمةمفادها أن المنطق يقتضيوجود وحدة وراء الكثرة وثباتا وراء التغير فالمعنى المشترك الموجود في جميع الأشخاصعلى اختلافهم وتعددهم هو الإنسانية وهي ماهية الإنسان وحقيقتة المطلقة،حقيقة يجدهافي داخله فلا عجب أن ينشدها في كل شيء.
ويستند هذا الطرح على مبررات وحجج وبراهينيستمد منها مشروعيته وقوته وحجيته
ففي الفلسفة : كان الاعتقاد السائد بينأساطين الفلسفة، أن الحقيقة مطلقةمجردة من كل قيود غير مرتبطة بأحكام الناس قائمة بذاتها لا تحتاج من اجل وجودها إلىعلل و أسباب لا تخضع للزمان و المكان. أزلية وثابتةيستطيع الإنسان بلوغها باستخدام عقله فقط، وتصوروا أنالعقل النقي المجرديستطيع أن يستنتج الحقائق من تلقاء نفسه "العقل الكاملعلى حد تعبيركانط" ويجسد هذا الطرح الفلسفي :
الفيلسوف اليوناني المثاليأفلاطونالذي يعتبر الحقيقة كائناتأنطولوجية لا تتغير لا تفسد ولا تندثر تدرك بالنظر العقلي متى تجردت النفس من سلطانالجسد.قائمة في عالم المثل عالم الإله وهو عالم عقلي مفارق للعالم الحسي لأن العالمالحسي لا يستوعبها وتتمثل في المثل العقلية والمعاني الرياضية والقيم الأخلاقيةوالروحانية
فلا غرابة أن يقولسقراطفي فيدونإن الفيلسوف الحق هو الذي يطلب الموت ويتعلمه ليبلغالحقيقة المطلقة…….
وغير بعيدعن هذا الطرح نجد نظيرا له عند المقدونيأرسطو طاليسالذييعتبر الحقيقة بدوره مطلقة إلا أنها ليست مفارقة للعالم الحسي بل هي محايثة لهمتضمنة فيه ، قائمة بذاتها حاملة لغيرها وهي جوهر الموجودات من منطلق أنه لكل موجودجوهر ومظهر وتدرك بالنظر العقلي ولكنها تتخذ من الحس مطية ومن هنا كانت الفلسفةعنده هيالبحث في الوجود بما هو موجود…….
ويذهب أبوالفلسفة الحديثة الفرنسيروني ديكارت : إلى اٌلإقرار بأنالحقيقة أيضا مطلقة إلا أنها ليست واقعا وإنما هي أفكار قائمة في العقل مرتبطةبمبادئه القبلية المطلقة فكانت بكذلك فطرية قبلية مطلقة . تدرك بالعقل لا بالحواسالتي طالما خدعتنا ،والحكمة تقتضي عدم الثقة فيمن يخدعنا مرة .ولما كانت الحدود بينما هو صادق وما هو كاذب غير بينة عمد ديكارت إلى الشك المنهجي الذي انتهى إلى توليدفكرة الكوجيتو الشهيرة أنا أفكر لإذن أنا موجودولقد شكلت هذه الحقيقةاللبنة الأولي التي سيبرهن من خلالها علي وجود باقي الحقائق .
ونفس الاعتقادنجده لدى الرياضيين القدامى الذين يعترون اليقين الرياضي لا يجادل فيه إلا من أوتيمن الفطنة حظا قليلا . وهذا اليقين متولد من طبيعة الرياضيات في حد ذاتها فهي علمالمفاهيم الكمية المجردة القائم على الافتراض والاستنتاج فالموضوع تصورات ومفاهيموقضايا مجردة ثابتة ومطلقة أما المنهج فهو عقلي استنباطي يستوجب الانسجام بينالمبادئ والنتائج ومبادئ الرياضيات الكلاسيكية( المسلمات , البديهيات ، التعريفات) يعتقد أنها صادقة صدقا مطلقا عقليا وحسيا فالتعريف الرياضي على سبيل المثال كاملمنذ وجوده بحكم أنه صياغة ذهنية تجريدية فمفهوم الدائرة لا يزال قائما كما عرفهالقدماء منحن مغلق جميع نقاطه على بعد متساو من نقطة ثابتة.
وبذلك كانت الحقيقة الرياضية قطعية في خطتها ونتائجهاوهو ما دفعكانـــطإلى القول :
الرياضيات لا يمكن أن تخطئ أبدا وقيمتها تجلى في الإنشاءوالتركيب والانتقال من قضايا مسلم بصحتها إلى قضايا تنشأ عنها بالضرورة…….
وينسحب هذا الطرح على فلاسفة العلمالكلاسيكي :حيث يجمع علماء الفيزياء الحديثةوفلاسفة القرن التاسع عشر ( نيوتن ، كلود برنار ، لابلاس، غوبلو،بوانكاريه )على القول بأن الطبيعة تخضع لنظام ثابت لا يقبل الشك أو الاحتمال ومن ثمفالحتمية مبدأمتحقق في الكون وبصفةمطلقة بحكم أنه لكل ظاهرة شروط تحدثها ومن ثم فإن تكرر نفس الشروط يؤدي حتما إلىنفس النتائج. وهو مايعني إمكانية التنبؤ بجميع ظواهر الكون بمجرد شروط حدوثها في المرة الأولى وهو ماعبر عنهالمفكر الرياضي الفرنسيبيير سيمون دو لابلاسLaplaceعام (1749-1827) بمقولتـه المشهـورة: يجبعلينا أن نعتبر الحالـة الراهنة للكوننتيجة لحالته السابقة ، وسببا في حالته التيتأتي من بعد ذلك مباشرة لحالته السابقة ، وسببا في حالتهالتي تأتي من بعد ذلكمباشرة…….
ولهذا اعتبر الرياضي الفرنسيهنري بوانكاريهالحتمية مبدأ لا يمكن الاستغناء عنهفيأي تفكير علميأو غيره فهو يشبه إلى حد كبير البديهيات إذ يقولإن العلم حتمي وذلك بالبداهة……. وهو نفس ماذهب إليهكلود برنارحيث قالإن العلم يضع كل شيء موضع الشك إلا الحتمية فلا مجالللشك فيها…….
والصوفية بدورهم لا يرون الحقيقة – اللدنية–]فوجداعبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما[سورةالكهف 65 . أو الحقيقة الذوقية كما يسميها بعضهم – إلا كاملة ثابتة أزلية لا يشوبهانقص ولا يرقى إليها أدنى شك وكيف لا والصوفي يطلبها بالزهد والتقشف والتفرغ للعبادةفيستقيها من ربه مباشرة عن طريق التجربة الذوقية وهي معايشة وجدانية تتجاوز العقلالمنطقي وتتم خارج نطاق الحواس تتيح للصوفي الفنــاء عـن نفســه والاستغـــراقالتام في ذات الله فيتلقى منـه المعرفــة مباشـرة في صـورة إشراقـة ونور يقذفه اللهفي قلب العبد
"يقولذو النون المصريعرفـــت الله بالله…….
ومن ثمكانت الحقيقة في عرفهم هي منتهى الكمال والرقي في سلم التعبد وصولا إلى الكشفالرباني والفيض الرحماني.
وعن هذا يقولمحي الدين بن عربيمن هذب في الطاعة جسمه وملك نفسه ارتقي به إلى مقامالمقربين فإذا لم يبق فيه من البشرية نصيب حل فيه روح الله الذي كان في عيسى ابنمريم…….
نقد منطق المناصرين
لكن أيا كانتمبررات هذه الأطروحة فقد تعرضت لانتقادات شديدة هزت أركان منطقها فهي لا تستطيعتفسير التعدد و الاختلاف التغير الذي جعل الحقيقة الواحدة حقائق متعددة وهو مايتناقض مع وحدتها وثباتها ، فالحقيقة التي يتحدث عنها الفلاسفة موجودة ضمن انساقومذاهب وهو ما يجعلها أسيرة هذه الأطر الذي تنتمي إليها، فإله أفلاطون ليس الهأرسطو ,واله أرسطو أرسطو ليس اله ديكارت. ويفهم منهذا أن تعدد المرجعيات الفلسفية واختلافها أخرج الحقيقة المطلقة من دائرة الوحدةإلى دائرة التعدد ومن دائرة الاتفاق والإجماع إلى دائرة التناقض فهي عند أفلاطونكائنات أنطولوجية خالدة وعند تلميذه أرسطو جوهر يختفي خلف المظهر وأما ديكارت فإنهاتستبعد هذه وتلك معا وهذا يتناقض مع مفهوم وطبيعة الحقيقة المطلقة.
أمابالنسبةللرياضيين القدامى فموقفهم كلاسيكي ينطلق من مسلمة عفا عنها الزمن مفادها أنالرياضيات تقوم على مبادئ صادقة صدقا مطلقا عقليا وحسيا إلا أن هذا الاعتقاد تراجعحيث شهد الفكر الرياضي تطورا كبيرا نجم عنه تراجع هذه المبادئ فالبديهيات لم تعدكذلك في ظل اللانهاية والتعريفات التي ظل يعتقد أنها مطلقة انتهت إلى لا معرفات وقداستشعرديكارتفي حد ذاته معالم هذا التغير فقـــال : مـن يدري ربما سيأتي بعدي من يثبت لكم أن مجموع زواياالمثلث لا يساوي 180 درجة……وانتهى الأمر بظهور أنساق هندسية حديثة ( هندسة ريمانولوباتشفسكي).ثم إن التطبيقات العملية للرياضيات تجعل من الحقيقة الرياضية نسبية .
وأما بالنسبةللعلم الكلاسيكي فإن الهزة التي أصابت الرياضيات سرعان ما انسحبت على النظرياتالفيزيائية فمعاقتراب القرن 19 من نهايته اصطدم التفسيرالميكانيكي ببعض نجم عنهاتراجع مبدأ الحتميةفالأبحاث التي قـام بهاعلمـاء الفيزيـاء على الأجسام الميكروفيزيائية – العالمان البريطانيانجوزيف جونطومسونمكتشف الإلكترون وتلميذهإرنست رذرفوردمكتشف الاشعاع النووي للذرة – أدت إلـى نتـائج غيـرت الاعتقـاد القائم علـى المطلقيةتغييرا جذريا لــذاقـال الفيزيـائيالألمــاني هيزنبرغ: إن الوثوق الحتمي كان وهماّ……، لأن بعض الظواهر الطبيعية لا تخضع لقوانين صارمة ،الأمر الذي دفعهإلى التسليم بمبدأ جديد هواللاحتميــــــــةNon Déterminisme فنفس الأسباب لاتعطينفس النتائج) .ذلك أن الضبط الحتميالذي تؤكد عليه العلية و قوانينها ، لا يصح في مستوىفيزياء الذريةقانون السرعة سر= م/ ز لا يمكن تطبيقه لقياس دورانالإلكترون حول النواةلأن دورانه عشوائي ذوسرعة فائقة حوالي 7 مليار د/ ثا ، و لا يمكن التنبؤبمساره .
فالحتمية إذن مجرد مسلمة عقلية و ليست حقيقة تجريبية ، وما هو مسلم به يحتملالخطأ و الصواب ، و لايمثل الحقيقة دائما ، وهو ما عبر عنهاينشتاينحين قالكلما اقتربتالقوانينمنالواقع أصبحت غير ثابتة، وكلما اقتربت من الثبات أصبحت غيرواقعية…….
ولا يقف هذا الرفض والنقد حتى يطالا المتصوفة ذلك أنالحقيقة التي يدعونها تقوم على التجربة الوجدانية وهي معطى ذاتي يختلف باختلافطبقاتهم فهم بين عارف وعابد ومريد .دخلوا في شطحات فكرية ولدت بينهم صراعا وانتهىالتصوف إلى فرق وطوائف ومقامات متناقضة المؤانسة ، المؤالفة ، الموافقة ، الحب ،الشغف ، العشق ، الهوى ،وهو ما يجعل الحقيقة يطالها التعدد والتغير فخرجت بذلك مندائرة المطلق وغدت بدورها نسبية.
رفع الأطروحة بحجج شخصية :
إن قراءتي لهذه المواقف المختلفة تخلق في داخلي موقفاشخصيا يجعلني أميل لا محالة إلى رفضها مستأنسا بحالالناس من حولي حيث أجدتغيرا في قناعاتهمالفكريةورؤاهمومداركهم وتتغير تبعاً لذلك تصرفاتهموتعاملاتهم .
وحينأتأمل الأمر جيدا أجده نتيجة طبيعية فالتغير ديدن الإنسان تغير يطال مختلف أبعادشخصيته البيولوجية والنفسية والعقلية الاجتماعية وهذه تغيرات محكومة بتغيرات العصرومستجداته الاقتصادية والسياسية والمعرفية والتكنولوجية فالتغير سيد الموقف حتىقيـلكـل شيء في تغير مستمر الثابتالوحيد هو التغير……،ويصبح اليقين المطلق ضرب منالتحجر فتغييرالقناعاتمنسماتالشخصيةالديناميكيه فالقول بأنه تزولالجبال ولا تزول الطبائع وموقفي صحيح صحة مطلقة يغتالالتسامح ويقصي الآخر ويولد التزمت وربما الحرب والاقتتال وهو بالتالي مردود فكل مايمكنك الجزم به على حد تعبيرالعلامة الشافعيأنرأيكصوابٌ يحتمل الخطأ، ورأي غيرك خطأٌ يحتمل الصواب……
وأجمل موقفي الرافض لهذاالطرح في القول إن الحقيقة وإن كانت مطلقة في ذاتها ( أصول الدين وقطعيات الشريعة ) فمتى أدركها الإنسان وهو المعني دون غيره بالحقيقة أضحت متغيرة ونسبية لأنها متوقفةعلى واقعه النفسي و الفكري.
فالإنسان كائن نسبي تتحكم فيه ظروف شتى فكيف يمكن للنسبيالمتغير أن يدرك المطلق وما الذي يبقى للمطلق من مطلقية إذا تمكن منه النسبي؟
الاستئناس بمواقفالفلاسفة :
إن هذا الرفض تبلورليتحول إلى مواقف ومذاهب فلسفية لها حضور في ماضي الفلسفة وحاضرها وأول من رفضالقول بمطلقية الحقيقة وأصر على نسبيتها همالسوفسطائيونبل إن النسبية ولدت في حجر السفسطائية فهميجعلون منالإنسان مقياسا للأشياء…… – بروتاغوراس– .
ولم يعدم الفكر الفلسفي الإسلامي ممن يقول بهذا الطرحفالفارابييرى أن الوقوف على حقائق الأشياء ليس فيمقدور البشر ، ونحن لا نعرف من الأشياء إلا الأعراض …
وللفيلسوفالألماني الشهيركانطموقف يستبعد وصـل الإنسان إلى الحقيقةالمطلقة حيث يقولالحقيقة المطلقة لا يحتضنها عقل ولا يدركها علم……
وفي الفكر الفلسفي المعاصر تصدى البرغماتيون لهذهالمواقف ليؤكدوا أنه لا وجود لحقيقة مطلقة وإنما هي نسبيةتختلف من فرد إلى آخر، ومن جماعة إلى أخرى، ومن وقت إلىآخر لأن الحقيقي ليس سوى النافع وأن المطلــق ليس صحيـحاً على أي نحو وفـي هـذاالسيـاق يقـول : ويليام جيمسالحقيقةوالمنفعة طرفان لخيط واحد والحقائق القديمة كالأسلحة القديمة يعلوها الصدأ وتغدوعديمة القيمة…….
وفــي فلسفــة العلـمترسـخ المقــاربةالابستيمولوجية رؤيــة جديــدة لمفهــــوم الحقيقــــة التي لا وجــــودلهـــا بمعـــزل عن الأخطــــاء ، موقــــف أكــــــده باشلارودافع عنهكارلبوبر . فالنسبة للابستمولوجيالفرنسيغاستونباشلاركل معرفةعلميةتحمل في ذاتها عوائقابستيمولوجية تؤدي وينتج عنها أخطاء يصعب التخلص منها وتجاوزهابسهولة ، لذا يقول :فالحقيقة خطأ مصحح أو خطأ تمتعديله وتاريخ العلم هو تاريخ تصحيح الأخطاء…….
وأما بالنسبةكارلريموندبوبروهوفيلسوف إنكليزي الجنسية نمساوي المولد. متخصصفي فلسفةالعلوم. فالعلم ليس حالة من الأحوالاليقينية الثابتة ولا معرفة تتجه نحو حالة نهائية . والمطلق في رأيه ليس سوى قلعةمن قلاع الظلامية لأنه يقمع جرأة التساؤل والبحث .
إذا ما ظهرت لك نظرية على أنها الوحيدةالممكنةفاعتبر ذلك مؤشرا على أنك لم تفهمالنظرية ولم تفهم المشكلة التي يفترض أنتحلها هذه النظرية.…….
وفي الفلسفة المعاصرة يتكرس نفسالموقف الرافض للحقيقة المطلق لكن من مقاربة جديدة للفيلسوف الفرنسيميشال فوكوالذي يربط الحقيقة بالسلطة وبمختلف المؤسسات والأجهزةالفاعلة في المجتمع الأمر الذي يجعلها تبعا لما ينشده كل طرف .
حل المشكلة :
ما نستنتجه في نهاية هذا التحليل هو أن كل بحث إنسانيينشد به الحقيقة بحث مشروط بقدراته وبمختلف الظروف التي تحيط به كإنسان وهو ما يجعلالحقيقة نسبية وليست مطلقة فهذه لا يملكها أحدبحكم أنالإنسان محدود العمر والقدرات فأنى له بالعقل القاصر أنيدرك الأشياء إدراكاً شاملاً، فالإنسان بما جبل عليه من عجز وقصور مؤهل لإدراك قدرمن المعارف تكفيه لأداء المهام الحضارية الموكلة إليه على الأرض – وما أوتيتم منالعلم إلا قليلا
لذا يقالإنالمفكرينالحقيقيين يعتبرون الحقيقة الحاضرة مجرد خطوة نحو حقيقة أخرى وهكذا تستمرالحلقةولو أننا آمنا بوجود حقيقةمطلقة نكون قد وقّعنا بأنفسنا شهادة وفاة عقولنا…….
فما نلمسه من تغير في المفاهيم والأذواق والمقاييسالعلمية والنظريات العلمية والفلسفية واختلاف الرؤى الدينيةيجعلنا نقول جازمين أنهذه الأطروحة القائلة بمطلقية الحقيقة أطروحة فاسدة ولايعتد بها ولا يؤخذ برأي مناصريها.
المراجـــع :
1- مناهج العلوم تأليف محمد عابد الجابري أحمد السلطانيمصطفى العمري طبع ونشر دار المعرفة المغربية 1969
2- فلسفة العلم فيليب فرانك ترجمة عليناصف
3- بحار الحب عند الصوفية احمد بهجت – كتاب إلكتروني –
4-
الكتاب المدرسي إشكاليات فلسفية شعبة 3 آداب وفلسفة
5- موقع ويكيبيدا
شكرا جزيلا أخي
شكرا جزيلا
الموت ..
حق …!
دائما الكلمات ذات الأحرف القليلة
لها وقع كبيرعلى النفس مثل :
صدق .. وفاء .. ثقه .. حب .. موت ..!
الــــــ ( مـــــــوتــــ )ــــــ
تلك الكلمة التي تقشعر لها الأبدان ,
فهي تثير الرعب في النفوس ,
تهتز من أجلها المشاعر وتسيل الدموع ..
تتحطم الأحلام وتنهار المشاعر
ويصبح الألم رفيقاً وملازماً ،
تبغضه النفس وتخشاه رغم أنه
أهم حقيقة تمر بنا في الحياة بل هو
من أصدق الحقائق التي تمر علينا
بين كل لحظة ولحظة !
يقول سبحانه وتعالى :
( إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )
في لحظة يتوقف القلب عن النبض ,
ويشخص البصر ,
وتزوغ العينان وتتجمد الأطراف ،
ثم تبدأ الدموع تذرف بحاراً وأنهاراً ..
ولا أنكر أن الموت مصيبة
كبرى فقد قال عنه الله تعالى :
( فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ )
هو ، ضيف ثقيل يقتحم الأبواب المغلقة ,
ويخطف الأحباب ويفرق الأهل والأصدقاء والجماعات ..
لكنه رغم كل هذا حق !
لايمكننا الغفلة عنه أو تحجيمه أو إبعاده ،
لانملك له تقديماً أو تأخيراً لأنه لايأتي
إلا بأمر من الله عز وجل .
قال الله تعالى :
( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ )
ويقول جل شأنه :
( وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ )
هذا هو الموت هادم اللذات ..
مفرق الجماعات .. ميتم البنين والبنات ..
ينقلنا في لحظه من فخامة القصور
إلى ظلمة القبور ووحشتها .
لايفرق بين صغير وكبير
غني وفقير
عالم أو جاهل ، مؤمن أو كافر ،
فالكل تحت وطأته متساون ،
ولا مفر من القدر المحتوم .
ورغم أن الموت حقيقة ،
فإن أغلب الناس نسوا الموت ,
أو تناسوا وجوده , يهربون من ذكره ,
بل ويتشاءم بعضهم بمن يحدثهم عنه !
وكأن الموت سينساهم حين يتكتموا وجوده ,
أو ربما كتب على غيرهم ولم يكتب عليهم ،
ونسوا أن الجميع أبناء موت ,
وأننا لن نحيا للأبد .
ألم نتساءل في لحظات حضور القلب :
أين الأجداد والأقارب ؟
أين الأبـــــــاء والأمهات ؟
أين الأحباب والأصدقـــــاء ؟
ألم يرحلوا …؟
وماذا اخذوا معهم …؟
رحم الله أبو العتاهية حين قال :
سألت الدار تخبرنـــــي ….. عن الأحباب ما فعلـــوا
فقالت لي أناخ القـــــوم ….. أياماً وقـد رحلـــــــــوا
فقلت فأين أطلبهـــــــم؟ ….. وأيّ منـــــازلٍ نزلـــوا
فقالت بالقبـــــــور وقد ….. لقوا والله ما فعلـــــــوا
أناسٌ غــــــــرّهم أمـلٌ ….. فبادرهم به الأجــــــــل
فنوا وبقي على الأيــام ….. ما قالوا ومــا عملــــوا
وأثبت في صحائفهـــم ….. قبيــــــــح الفعل والزلل
فلا يسـتعتبــــــون ولا ….. لهم ملجأ ولا حيــــــــل
لم تعمر الدنيا بوجودهم ,
بل هي أيام نقضيها بين أتراح وأفراح ،
بين فرج وضيق ,
ثم نمضي لعالم آخر, لمكان موحش ومظلم ،
مساحته ( مفصلة ) علي مقاس الإنسان ،
نلتفت حولنا ، فلا نجد إلا أعمالنا وماقدمت أيدينا ،
فلا مال ولا أولاد ولا قصور ولا سيارت
ولا أى نوع من تلك الملذات التي
كان ينعم بها الإنسان .
أفيقوا رحمكم وتذكروا أن الموت حق ..
وأنه قريب بل
وأقرب إلينا من أنفاس الصَّباح .
لقد زادت بقلوبنا محبة الدنيا
فنسينا هذا القدر المحتوم ،
تعلقنا بالملذات فانشغلنا
عن السبب الحقيقي من وجودنا على الأرض ..
إتخذنا الدنيا وطناً وسكناً ولم نعلم أنها دار إرتحال ,
وجدت لتنقلنا إلى دار البقاء ،
ونسينا قول الرسول صلى الله عليه وسلم ،
حين نصحنا بالعيش في الدنيا كالغرباء .
فقال عليه أفضل الصلاة والسلام :
( كن في الدنيا كأنك غريب ، أو
عابر سبيل )
ودعوني أتساءل ؟
لماذا نتمسك بك يادنيا وأنتِ كلك في زوال ..
منكِ رحل الأحباب ..
وفيكِ الفتن والمعاصي والمهالك ..!
تسرُّ بما يفني وتشغل بالصبى ~*~ كما غر باللذات في النوم حالم
نهارك يا مغرور لهو و غفــلة ~*~ وليلك نوم والــــــردى لك لازم
وتعمل فيما سوف تكــره غبـه ~*~ كذلك في الدنيا تعيش البهائـم
ليتنا نفيق وننتبه ونعلم أننا في يوم ما ستكتب لنا نهاية ،
أو،
ليت الأيام تمنحنا موتة هنية ،
ترحمنا من عذابات الدنيا وهوانها .
ألا موت يباع فاشتريـــــه ….. فهذا العيش ما لا خير فيه
ألا موت لذيذ الطعم يأتــي ….. يخلصني من الموت الكريه
إذا أبصرت قبرا من بعيـد ….. وددت لو أنني مما يليـــــه
ألا رحم المهيمن نفس حر….. تصدق بالوفاة على أخيـــه
أيها الكـــــــــــــــــرام :
أذكركم ونفسي أن ملك الموت قد تخطانا لغيرنا ،
وسيتخطي غيرنا إلينا .
ولنعلم جميعاً أن رحلة العمر مهما طالت فهى
( قصـيـــــــــــــــــــــرة ).
أسأل العلى القدير أن يرزفنا
حسن الخاتمة وأن يدخلنا الجنة
برحمته وأن يرحمنا ويرحم أمواتنا
وأموات المسلمين جميعاً .