الموت ..
حق …!
دائما الكلمات ذات الأحرف القليلة
لها وقع كبيرعلى النفس مثل :
صدق .. وفاء .. ثقه .. حب .. موت ..!
الــــــ ( مـــــــوتــــ )ــــــ
تلك الكلمة التي تقشعر لها الأبدان ,
فهي تثير الرعب في النفوس ,
تهتز من أجلها المشاعر وتسيل الدموع ..
تتحطم الأحلام وتنهار المشاعر
ويصبح الألم رفيقاً وملازماً ،
تبغضه النفس وتخشاه رغم أنه
أهم حقيقة تمر بنا في الحياة بل هو
من أصدق الحقائق التي تمر علينا
بين كل لحظة ولحظة !
يقول سبحانه وتعالى :
( إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ )
في لحظة يتوقف القلب عن النبض ,
ويشخص البصر ,
وتزوغ العينان وتتجمد الأطراف ،
ثم تبدأ الدموع تذرف بحاراً وأنهاراً ..
ولا أنكر أن الموت مصيبة
كبرى فقد قال عنه الله تعالى :
( فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ )
هو ، ضيف ثقيل يقتحم الأبواب المغلقة ,
ويخطف الأحباب ويفرق الأهل والأصدقاء والجماعات ..
لكنه رغم كل هذا حق !
لايمكننا الغفلة عنه أو تحجيمه أو إبعاده ،
لانملك له تقديماً أو تأخيراً لأنه لايأتي
إلا بأمر من الله عز وجل .
قال الله تعالى :
( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ )
ويقول جل شأنه :
( وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ )
هذا هو الموت هادم اللذات ..
مفرق الجماعات .. ميتم البنين والبنات ..
ينقلنا في لحظه من فخامة القصور
إلى ظلمة القبور ووحشتها .
لايفرق بين صغير وكبير
غني وفقير
عالم أو جاهل ، مؤمن أو كافر ،
فالكل تحت وطأته متساون ،
ولا مفر من القدر المحتوم .
ورغم أن الموت حقيقة ،
فإن أغلب الناس نسوا الموت ,
أو تناسوا وجوده , يهربون من ذكره ,
بل ويتشاءم بعضهم بمن يحدثهم عنه !
وكأن الموت سينساهم حين يتكتموا وجوده ,
أو ربما كتب على غيرهم ولم يكتب عليهم ،
ونسوا أن الجميع أبناء موت ,
وأننا لن نحيا للأبد .
ألم نتساءل في لحظات حضور القلب :
أين الأجداد والأقارب ؟
أين الأبـــــــاء والأمهات ؟
أين الأحباب والأصدقـــــاء ؟
ألم يرحلوا …؟
وماذا اخذوا معهم …؟
رحم الله أبو العتاهية حين قال :
سألت الدار تخبرنـــــي ….. عن الأحباب ما فعلـــوا
فقالت لي أناخ القـــــوم ….. أياماً وقـد رحلـــــــــوا
فقلت فأين أطلبهـــــــم؟ ….. وأيّ منـــــازلٍ نزلـــوا
فقالت بالقبـــــــور وقد ….. لقوا والله ما فعلـــــــوا
أناسٌ غــــــــرّهم أمـلٌ ….. فبادرهم به الأجــــــــل
فنوا وبقي على الأيــام ….. ما قالوا ومــا عملــــوا
وأثبت في صحائفهـــم ….. قبيــــــــح الفعل والزلل
فلا يسـتعتبــــــون ولا ….. لهم ملجأ ولا حيــــــــل
لم تعمر الدنيا بوجودهم ,
بل هي أيام نقضيها بين أتراح وأفراح ،
بين فرج وضيق ,
ثم نمضي لعالم آخر, لمكان موحش ومظلم ،
مساحته ( مفصلة ) علي مقاس الإنسان ،
نلتفت حولنا ، فلا نجد إلا أعمالنا وماقدمت أيدينا ،
فلا مال ولا أولاد ولا قصور ولا سيارت
ولا أى نوع من تلك الملذات التي
كان ينعم بها الإنسان .
أفيقوا رحمكم وتذكروا أن الموت حق ..
وأنه قريب بل
وأقرب إلينا من أنفاس الصَّباح .
لقد زادت بقلوبنا محبة الدنيا
فنسينا هذا القدر المحتوم ،
تعلقنا بالملذات فانشغلنا
عن السبب الحقيقي من وجودنا على الأرض ..
إتخذنا الدنيا وطناً وسكناً ولم نعلم أنها دار إرتحال ,
وجدت لتنقلنا إلى دار البقاء ،
ونسينا قول الرسول صلى الله عليه وسلم ،
حين نصحنا بالعيش في الدنيا كالغرباء .
فقال عليه أفضل الصلاة والسلام :
( كن في الدنيا كأنك غريب ، أو
عابر سبيل )
ودعوني أتساءل ؟
لماذا نتمسك بك يادنيا وأنتِ كلك في زوال ..
منكِ رحل الأحباب ..
وفيكِ الفتن والمعاصي والمهالك ..!
تسرُّ بما يفني وتشغل بالصبى ~*~ كما غر باللذات في النوم حالم
نهارك يا مغرور لهو و غفــلة ~*~ وليلك نوم والــــــردى لك لازم
وتعمل فيما سوف تكــره غبـه ~*~ كذلك في الدنيا تعيش البهائـم
ليتنا نفيق وننتبه ونعلم أننا في يوم ما ستكتب لنا نهاية ،
أو،
ليت الأيام تمنحنا موتة هنية ،
ترحمنا من عذابات الدنيا وهوانها .
ألا موت يباع فاشتريـــــه ….. فهذا العيش ما لا خير فيه
ألا موت لذيذ الطعم يأتــي ….. يخلصني من الموت الكريه
إذا أبصرت قبرا من بعيـد ….. وددت لو أنني مما يليـــــه
ألا رحم المهيمن نفس حر….. تصدق بالوفاة على أخيـــه
أيها الكـــــــــــــــــرام :
أذكركم ونفسي أن ملك الموت قد تخطانا لغيرنا ،
وسيتخطي غيرنا إلينا .
ولنعلم جميعاً أن رحلة العمر مهما طالت فهى
( قصـيـــــــــــــــــــــرة ).
أسأل العلى القدير أن يرزفنا
حسن الخاتمة وأن يدخلنا الجنة
برحمته وأن يرحمنا ويرحم أمواتنا
وأموات المسلمين جميعاً .