لقد اهتمت الإيالة الجزائرية بالجوانب العسكرية المختلفة، فمثلما نظمت جيشها البري، وأولته عناية كبيرة، فقد كرست أيضا اهتمامها بالجيش البحري، والأسطول الذي كان يمثل هيبة وسيادة الدولة، ومحور قوة الجزائر العسكرية والسياسية في البحر الأبيض المتوسط، وكان يشرف إداريا على البحرية الجزائرية، فقد كان يرأسها "يالي وكيل حرج" ، وقد كان من أبرز الضباط في الجيش الانكشاري من جهة أخرى(02)، ولكي يكون هناك تمييز بين هذا الموظف السامي الذي كان من العناصر البارزة في ديوان الإيالة عن بقية الموظفين المساعدين الآخرين، ذكر في بعض المصادر باسم يالي وكيل حرج(03)، وقد جاء ذكر هؤلاء الموظفين المساعدين في قوائم هدايا الدول الأوروبية للإيالة الجزائرية(04) ومن أبرز هؤلاء الضباط الذين كانوا يأتون بعد يالي وكيل حرج، كان "القبودان"، وهو القائد الأعلى للأسطول البحري عند خروجه من الميناء إلى عرض البحر، ثم يأتي بعده "ليمان رئيسي"، أي قائد الميناء، وهي نفس الوظيفة التي كانت موجودة في اسطنبول حيث كان يشرف على عمليات تفتيش الميناء ومراقبته(05)، وكانت له في الإيالة سفينة خاصة به يجوب بها المياه الإقليمية لمدينة الجزائر ليراقب شواطئها وحركة السفن التي تدخل وتخرج منها، بالإضافة إلى معرفة هويتها، وطبيعة مهامها، كما كان يهتم بالأخبار الدولية التي كانت تتناقلها السفن الوافدة إلى الإيالة، بالإضافة إلى استلام الرسائل الموجهة للباشا(06)، ونظرا للدور الذي كان يلعبه "ليمان رئيسي" في إدارة الجزائر وبخاصة في مجال البحرية، فإن هذا الموظف كان يدخل عند الباشا عدة مرات. في اليوم ليطلعه على كل التقارير، وكان بعض الباشاوات في الجزائر يكلفون هذا الموظف بإيصال الرسائل إلى الدول، مثلما فعل عمر باشا (1230 –1232 هـ) (1815 –1817 م) عندما كلف أحد القائمين على إدارة الميناء بحمل تقرير إلى السلطان العثماني محمود الثاني لإخباره بالحملة البريطانية على مدينة الجزائر عام 1231 هجرية، 1816 ميلادية(07).
ومن وظائف البحرية الأخرى، وظيفة "وارديان باشي"، والذي يعتبر من أبرز الموظفين في البحرية الجزائرية(08)، حيث كان يشرف على أنشطة الخدم في الميناء، والذين كان معظمهم من الأسرى الأوروبيين، وكان يعين لكل رئيس سفينة، العدد المناسب من الخدم للعمل على متنها(09).
وبالنسبة لقيادة السفن في الجزائر، فكانت من اختصاص عدد من الرؤساء "مفرد رئيس"(10)، وهو نفس الاسم الذي جاء في سجلات الأرشيف الوطني الفرنسي(11) وكان يساعد كل رئيس عدد كبير من التجار(12) ونائب له كان يعرف باسم "باش رئيس" و"رئيس للخدم"، وكاتب باسم "خودة"، وثلاثة ضباط، وإمام يؤم البحارة في الصلاة، وكانت كل سفينة مزودة بفرقة من جنود "الطوبجية" التي كان يقودها "طوبجي باشى"، وأخرى من الانكشارية بقيادة "بلوك باشى" وكان يصطلح عليه اسم "آغا"، وكانت من أهم صلاحياته هي مراقبة السفينة أثناء إبحارها وخلال رحلتها، وتسجيل كل التفاصيل في تقرير يقدمه إلى الباشا بعد رجوع السفينة إلى الجزائر(13)، وكان الباشا يعتمد كثيرا على هذه التقارير التي كانت تحدد مصير ومستقبل الرئيس في البحرية. إما بتجديد الثقة به، أو إقالته(14).
النظام العسكري في البحرية :
وكان النظام الذي طبقه الجزائريون في تكوين طاقم السفينة في الإيالة، هو نفسه النظام الذي اعتمدته الدولة العثمانية، وقد تشابهت الوظائف مع بعضها البعض بين الإيالة والباب العالي(15) وكانت الإيالة تفتح أبواب البحرية أمام الراغبين من العامة في العمل بها، وقد ذكرت لنا بعض المصادر الفرنسية بأنه من بين ألف وخمسمائة بحار كانوا يمارسون عملهم في ميناء الجزائر عام 1820 كان ثلثهم أي خمسمائة من الرعية، والباقي من الأوجاق(16) ومن بين تسع سفن خرجت في البحر المتوسط في أكتوبر 1804، كان رؤساء أكبر ثلاث سفن منها من الرعية، ومن اشهرهم "الرئيس حميدو" الذي كان خادما في ضباط الجيش البحري، ثم ارتقى إلى رتبة بحار وزميل وبعدها إلى ضابط، إلى أن أصبح رايس أي قائد الأسطول الإيالة(17).
وخلال القرنين السابع عشر والثامن عشر كانت البحرية الجزائرية تقليدية في نظامها، إذا ما قارناها مع نظم البحرية الأوروبية التي أصبحت تعتمد بمرور الزمن على الأساليب المتطورة والمناهج العلمية والابتكارات، ورغم ذلك فقد بقيت الإيالة حتى عام 1816 م قادرة بإمكانياتها الدفاع عن سواحلها من الهجمات الأوروبية، كما شاركت وبقوة وفاعلية مع الدولة العثمانية في حروبها، بيد أن الهجوم الإنجليزي الذي كان في هذه السنة (1816) قد أدى إلى شلل جزئي للبحرية، وكان بمثابة ضربة قوية يتلقاها الأسطول الجزائري في البحر المتوسط، وبدأت بذلك أسطورة "الجزائر المحروسة" تتلاشى(18)، ورغم ما تلقته الإيالة من الباب العالي من مساعدات، وحتى من سلطان فاس فإنها لم تستطع أن تمتلك عام 1819 سوى مجموعة محدودة من السفن الكبيرة أغلبها كانت لا تصلح للإبحار، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من السفن الصغيرة والمتوسطة، وقد أفادنا أرشيف وزارة الخارجية الفرنسية بقائمة أنواع السفن الجزائرية لعام 1819، وحتى كيفية الحصول عليها(19).
وأما فيما يتعلق بأنواع السفن التي كانت تعتمد عليها الإيالة في البحرية، فإن كثرة أنواعها كانت توحي بمدى اهتمام الجزائريين بالبحرية، ومن بين تلك الأنواع ما جاء في الأرشيف الوطني الفرنسي، "سفينة بركندة، بلاقرة، سكونة، فرقطون، بلانديرة وقليوطة"(20)، وكان أغلب هذه الأنواع من السفن مستعملا في الإيالات المتوسطة المجاورة كطرابلس وتونس، وحتى في العاصمة العثمانية اسطنبول، مصر.
وقد أطلق الجزائريون على تلك السفن اسم " قورصان ثكنة لري"، أي بمعنى السفن الحربية، لكون أن القرصنة كانت بالنسبة إليهم نوعا من الجهاد، أو الحرب، ورغم استقلالية هذا الجهاز أي البحرية عن الباب العالي، فإن القبودان باشا في اسطنبول كان بإمكانه أن يستدعي باشا الجزائر متى شاء باعتباره القائد الأعلى لأسطول الدولة العثمانية، ويفقد بذلك الأسطول الجزائري أهميته حيث يصبح جزءا من الأسطول العثماني ويصبح بذلك القبودان الجزائري تحت إمرة القبودان باشا، وينصاع لأوامره(21).
ولذلك فإن الإيالة كانت تبدي طاعة كبيرة للباب العالي، حيث كانت ترسل أسطولها حتى إلى البحر الأسود وبحر إيجه، كما أن دول أوروبا كانت تعتبر أساطيل الإيالات الثلاثة تونس، الجزائر وطرابلس جزءا كبيرا من قوة الدولة العثمانية، وهذا ما كان يرد في تقاريرها(22).
وخلال ثورة اليونان التي استمدت أفكارها من مبادئ الثورة الفرنسية(14 جويلية 1789)، هذه الثورة التي جاءت بعدما استاء سكان اليونان من الوجود العثماني، حيث كونوا جمعيات سياسية بطريقة سرية أطلقوا عليها اسم هيتري أي الجمعية الأخوية(23) التي كان لها نشاط سياسي كبير استهدف التخلص من النفوذ العثماني، وابتداء من عام 1821 بدأت هذه الجمعية تعمل في العلن، واتخذت من مدينة أوديسا التي تقع في جنوب أوكرانيا مقرا لها، واستطاعت هذه الجمعية أن تجمع صفوف اليونانيين في إقليم مورا حتى بلغ عددهم مائة وعشرين شاب قوي، وقد كلفت الدولة العثمانية خورشيد باشا بإخضاع بلاد اليونان، بيد أن الثوار هزموه في معركة الرتموبيل (المضيق المشهور باليونان)، وقد تفرق شمل الجند العثمانيين في ذي الحجة 1237 هـ الموافق لأوت 1822 م، وبعد هذا الانهزام آثر خورشيد الباشا الموت مسموما، وهذا ما زاد من ثبات اليونانيين أمام القوات العثمانية واعتصامهم في جبال اليونان الوعرة، ولذلك استنجد السلطان العثماني محمود الثاني 1808 –1839 بمحمد علي الباشا والي مصر، حيث أصدر فرمانا في 05 رجب 1239 هـ الموافق لـ 07 مارس 1824 م، عين بموجبه محمد علي واليا على جزيرة كريت وإقليم المورة وهما بؤرتا هذه الثورة(24).
وقد تولى إبراهيم باشا ابن محمد علي مهمة محاربة اليونانيين ابتداء من 16 جويلية 1824 حيث تمكن من إلحاق الهزائم بهم في جزيرة كريت وسواحل المورة، وفي هذه الظروف تلقى الثوار الدعم من الدول الأوروبية، ورغم ذلك فقد تمكن إبراهيم الباشا من دحرهم بنفارين في بحر إيجه في 23 مارس 1825، وفي 22 أفريل 1826 فتح العثمانيون مدينة أثينا، وقد تدخلت دول أوروبا بعد ذلك بدعوى حماية اليونانيين، فاتحة بذلك أبواب المسألة الشرقية على مصراعيها وقد اعتبر الباب العالي مسألة اليونان قضية خاصة وداخلية وطالب الدول الأوروبية بعدم التدخل في شؤون رعاياها، وفي 05 فبراير 1827 توسطت إنجلترا للدولة العثمانية بخصوص مسالة اليونان، بيد أن الباب العالي اعتبر ذلك تدخلا في شؤونه الداخلية، ولذلك قامت كل من فرنسا وروسيا وإنجلترا بإرسال أساطيلها إلى سواحل اليونان التي وصلت في 20 أكتوبر 1827، وقد انتهت الحرب بانهزام العثمانيين في موقعة نافارين.
وما نستنتجه من خلال هذه الحوادث التي شهدتها الدولة العثمانية، أن انعكاساتها كانت تؤثر على الإيالة الجزائرية التي أدت دورا كبيرا في النزاع الذي شهدته اليونان، فرغم عدم استعداد السفن الجزائرية للمساهمة في الحرب، حيث عبر القبوذان الجزائري مصطفى رايس عن ذلك في رسالة بعثها للسلطة العثمانية، إلا أن البحرية الجزائرية لم تبخل بمساعدتها للباب العالي، ولذلك كانت دول أوروبا تعتبر أساطيل الإيالات الثلاثة: الجزائر، تونس، طرابلس جزءا كبيرا من قوة الدولة العثمانية وهذا ما كان يرد في تقاريرها(25).
أهمية البحرية الجزائرية في البحر المتوسط :
ولم يقتصر العثمانيون في اسطنبول على اعتماد الأسطول الجزائري، واشتراكه في الحروب بل اعتبرت الجزائر مدينة بحرية بقيت طيلة ثلاثة قرون حتى القرن التاسع عشر تزود الدولة العثمانية بأفضل بحارتها وأكبر قادة أساطيلها، "كعلي باشا" الذي كان جنديا في الإيالة، ثم تحول إلى وكيل لها في اسطنبول، ونظرا لما أبداه هذا الموظف من شجاعة وانضباط في العمل، فقد استدعاه السلطان سليم الثالث عام 1807 لدراسة أسباب الأزمة السياسية التي حدثت بين الدولة العثمانية وبريطانيا التي بدأت تهدد العاصمة اسطنبول، وكلفه بقيادة الأسطول العثماني، وفي عام 1808 عزله السلطان مصطفى الرابع من منصبه، لكن السلطان محمود الثاني عندما تولى الحكم في اسطنبول أعاد علي باشا إلى منصبه في نوفمبر 1808، وقد عزله بعد ذلك حتى لا يتعاظم نفوذه، وحتى لا يهدد مصالح الحكام، وهناك جندي آخر في البحرية كانت له سمعة كبيرة في الباب العالي، وهو "طاهر باشا" الذي كان جنديا في الإيالة، ثم تحول إلى جندي في فرقة المدفعية بالبحرية العثمانية، ونظرا لخبرته العسكرية، وإتقانه لعدة لغات أجنبية فإنه اشتهر بين رؤساء البحر، وفتحت أمامه الأبواب لتولي المناصب العليا في الأسطول العثماني(26).
ورغم أن البحرية الجزائرية كانت في نظامها تقليدية مقارنة بالبحرية الأوروبية، فإن البحرية التابعة للإيالة استطاعت أن تدافع عن السواحل الجزائرية(27)، وقد لعبت دورا هاما وفعالا في عدة حروب شاركت فيها مع الدولة العثمانية، ورغم اهتمام الإيالة بالأسطول البحري، فإنها لم تستطع أن تقدم سوى عددا محدودا من السفن الحربية الصغيرة، والتي كان أغلبها يحتاج إلى صيانة وإعادة التجهيز، ونظرا لأهمية هذا الأسطول، فقد كانت اسطنبول تستدعيه دائما للمشاركة في حروبها بالبحر السود وبحر إيجه(28)، ولم تكتف الدولة العثمانية بالاستعانة بالأسطول البحري الجزائري، بل كانت تتلقى طيلة ثلاثة قرون، أحسن البحارة من الجزائر مثل "علي باشا" الذي كان جنديا في الجزائر، ثم "طاهر باشا" الذي التحق بالبحرية ثم المدفعية.
والجدير بالذكر أن الكتابات الفرنسية تتفق على أن البحرية الجزائرية قد بلغت أوجها في منتصف القرن السابع عشر، وقد مكنتها قوتها من نفوذها البحري والسياسي إلى الحوض الغربي للبحر المتوسط من جهة، وأوروبا الغربية من جهة أخرى(29)، وقد كان الأسطول الجزائري يبحر من الجزائر إلى بريطانيا، و أيسلندا، وجزر الكناري(30) وغيرها، وقد وصفت هذه الكتابات البحرية الجزائرية بمصطلح القرصنة، بيد أن الواقع قد أثبت بأن الأسطول الجزائري لم يكن دوره عدوانيا، وإنما كان يهدف إلى حماية البلاد الجزائرية والإسلام من تحرشات الصليبيين خاصة الأسبان، والبرتغال، هذه الحملات التي كانت تهدد أمن وسواحل الإيالة الجزائرية من حين لآخر، وتشكل خطرا على الإسلام، وقد ذهبت بعض الكتابات الفرنسية إلى اعتبار الإيالة وبحريتها خارجة عن العرف، وأنها لم تحترمه ولم تخضع للقوانين الدولية.
ولقد برزت قيمة و أهمية البحرية الجزائرية كشكل من أشكال الحركة التجارية في أوقات الحرب، إذ اعتمدت على التفوق في الميدان العسكري، حيث تجسدت قيمتها في الميدان التجاري وفي الجمع بين بيع الأسرى، وإعادة بيع السفينة المحملة كمصدر أساسي لثروة سكان الإيالة العاملين في البحرية(31)، وفي القرنين السابع عشر والثامن عشر كثفت الدول الأوروبية هجماتها وتدخلاتها على السواحل الجزائرية، وقد اتخذت هذه الهجمات أبعادا مختلفة اقتصادية ودينية وثقافية، ومن بين هذه الهجمات نذكر الهجوم البريطاني بالأسطول الحربي على مدينة الجزائر عام 1652، ومحاولات فرنسا التوسعية كالهجوم على مدينة جيجل عام 1664 وعام 1665، وفي نفس السنة قامت بريطانيا بقصف سواحل الإيالة وميناءها، بالإضافة إلى الهجمات التي شنتها فرنسا على الجزائر بالمدفعية عام 1672 و1682 و1688 وقد باءت الحملات الإسبانية بالفشل والتي كانت في أعوام 1775 و1783 و1784(32).
والجدير بالذكر أن القرصنة بالنسبة للجزائريين كانت صناعة تتقيد بالعرف والقوانين الدولية(33) على نقيض القرصنة البرتغالية، وكانت البحرية الجزائرية كما ورد في دفاتر التاريخ المغربية تهدد مصالح الدول الأوروبية في البحر الأبيض المتوسط، وبالنسبة للجزائريين، فقد ألزموا دول أوروبا عقد معاهدات معهم للسماح لهم بالملاحة في البحر الأبيض المتوسط، مقابل إتاوات، أو قروض، وكانت الجزائر تعامل الأسرى معاملة حسنة مع السماح لهم بممارسة طقوسهم الدينية.
وهناك مصادر فرنسية قدرت لنا حجم القوات البحرية للإيالة الجزائرية عام 1753 على الشكل التالي سبعة سفن كبيرة، ستة وخمسون مدفعا، إحدى عشر شبكا مسلحا، ستة سفن صغيرة لحراسة السواحل وأكثر من عشرين زورقا لحماية الميناء(34).
ولقد أثارت مسألة القرصنة اهتماما كبيرا في الكتابات الفرنسية المتعلقة بتاريخ الجزائر في القرنين السابع عشر، والثامن عشر، وقد اقترنت البحرية بأوصاف عدة كاللصوصية، ووصفت الإيالة بوكر القراصنة واللصوص، رغم أن الإيالة الجزائرية قد مارست مثل أية دولة بحرية في المشرق والمغرب القرصنة بمفهومها الشرعي والقانوني الذي يحدده قانون البحار(35) والعرف الدولي(36)، لدرجة أن الدولة الجزائرية كانت تعاقب البحارة الذين يخالفون هذا القانون ولقد أجمعت الكتابات الفرنسية التي كتبت عن تاريخ الجزائر في العهد العثماني، كالقناصلة، والرحالة، والمؤرخين أنها كانت جمهورية عسكرية إذا كان الجيش يشكل القاعدة الأساسية لهيبة الدولة(37). وهذا راجع لظروف نشأة الإيالة من جهة كامتداد لسياسة الفتوحات التي قام بها سلاطين آل عثمان، والتي بدأت منذ القرن السابع الهجري، الثالث عشر ميلادي(38)، وأنها من جهة قد استمدت الخصائص العسكرية من الدولة العثمانية، حتى تكون مستعدة للمواجهة، والتصدي لهجمات الصليبيين في أوروبا، كحملات إسبانيا عام 1775، وعام 1784، وحملة بريطانيا عام 1816(39).
كما أن مسألة القرصنة هي ظاهرة عادية قامت بها معظم الدول المواجهة للبحار ضد بعضها البعض، بيد أن نظرة الأوربيين للبحرية الجزائرية كانت مختلفة تماما عن نظرة الجزائريين لها، حيث كانت القرصنة تعتبر صنعة، كما اعتبر المستثمرون في نظام القرصنة أنفسهم موظفين، وليسوا سراقا، أو هاربين أو قطاعا للطرق، فعملهم كان معترفا به في الإيالة الجزائرية مثلما كان يعترف بالصنائع الأخرى، كالدباغة، والصياغة، أو الصناعة الخزفية والخبازة، أي أنها حرفة شأنها شأن الحرف الأخرى(40).
لقد ساهم وجود العثمانيين في الجزائر واستقرارهم بها، في تحويل نشاط البحرية بالبحر الأبيض المتوسط إلى مؤسسة قائمة بذاتها تشرف على مجموعة من رياس البحر بشكل منتظم في جميع المجالات، كالتوظيف والتنظيم، والقيام بالعمليات الحربية، خاصة وأن طوبوغرافية شواطئ البحر وجزره كانت تتميز بمحدودية إمكانياتها الزراعية، وهذا ما أدى برجال البحر الأبيض المتوسط إلى الاتجاه نحو البحر لاكتساب العيش، ليس لصيد الأسماك، وإنما الاعتراض المنتظم للسفن التجارية، وقد كان القرصان الجزائري يمتاز بالمهارة في الملاحة، وبارعا في جلب الغنائم، وكانت الطريقة التي اعتمدها رجال البحر الجزائريون مثالا يحتذي به بالنسبة لرجال البحر في تونس، وطرابلس، وحتى جمهورية أبي الرقراق التي أسسها قرصان الرباط وسلا(41) وقد اعتلى بعض رجال البحر المناصب العليا في الإدارة العثمانية بالجزائر كالرايس حميدو الذي أسر بانانتي Pananti قد لعب دورا هاما في فترة الحروب النابوليونية، وكان رجال البحر يختارون من مصادر ثلاثة وهي: المرتزقة، ال والمسلمين و المسيحيين الذين كان يؤتى بهم من أرجاء الدولة العثمانية، بالإضافة إلى بعض الجزائريين من سكان الإيالة الجزائرية(42).
ولقد كان القائمون بشؤون البحرية ينتسبون إلى كل المستويات الاجتماعية في الإيالة الجزائرية، وكان اتساع نشاط البحرية يؤدي حتما إلى استمرار اتساع نفوذ الطبقة المتوسطة من حرفيين، وتجار، وأصحاب الدكاكين كانوا يستثمرون أموالهم في البحرية، بغرض المساعدة في إعادة التجهيز، أو لشراء الخشب وما تحتاجه السفينة.
ولقد اعتمد رجال البحر في تقسيمهم للسفينة المحتجزة على قواعد محددة، حيث كانت تخصص حصة للدولة التي كان يشرف عليها الداي، ثم حصص تدفع لسد حاجيات وتكاليف الميناء والجمارك، وحتى الأوقاف كانت تستفيد من البحرية ونشاطها لترميم المساجد، أو بناء أخرى، ثم الباقي من الحصة يقتسمها أصحاب السفينة بشكل عادل وحسب مساهمة كل ملاح، وكان بالإمكان بيع أية حمولة تأتي بها البحرية إلى التجار الأوروبيين الذين كانوا يقيمون بالجزائر(44).
ومما ساعد على اتساع نشاط البحرية الجزائرية وتطورها تلك العلميات البحرية التي كانت تتم عبر السواحل المتوسطية على بعض البلدان الأوروبية خاصة مع وجود سفن صغيرة تتميز بخفة الحركة والسرعة، وهذا النوع عرف باسم "القاليوطات" و"البريكات" أي "Galiates" و "Bringnatus"، بالإضافة إلى السفن المستديرة التي كانت متخصصة في الإبحار بأعالي البحار، وهذا النوع عرف باسم "Galères"، وبفضل هذه الأنواع من السفن استطاع رجال البحر الجزائريين الوصول إلى مناطق بعيدة حتى سواحل ماديرا Madère عام 1616، وشواطئ اسكتلندا عام 1617، وإنجلترا عام 1631(45).
ولقد بلغ نشاط البحرية الجزائرية ذروته مع حلول النصف الثاني من القرن السابع عشر، إذا أصبح يرتبط ارتباطا وثيقا بالأوضاع الداخلية للإيالة الجزائرية في المجال الاقتصادي والاجتماعي عن طريق ما توفر للسكان من مصادر للعيش خاصة بالنسبة للصناع والحرفيين، وحتى أصحاب الدكاكين، وقد أصبحت الغنائم تشكل موردا اقتصاديا هاما لأغلب سكان الإيالة والمدن الساحلية، وفي هذا القرن اكتسى نشاط البحرية صبغة اقتصادية وسياسية، وابتعد كثيرا عن الصبغة الدينية، ومع نهاية هذا القرن بدأ هذا النشاط يقل ويتراجع وبخاصة بعد ظهور أساطيل أوروبية(46) خاصة وأن الإيالة الجزائرية قد عرفت مع حلول القرن الثامن عشر ونهايته تراجعا ملحوظا للحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وقد أدى اتساع الهجمات التي كانت تشنها الدول الأوروبية من حين لآخر بأساطيلها على السواحل الجزائرية بغية القضاء على البحرية، إلى إضعاف قوتها، ولجوء الإيالة إلى عقد معاهدات سلام، كانت في سنوات 1628، و1666 و1683 مع فرنسا، ومع هولندا عام 1680، ومع إنجلترا عام 1682(47).
وقد ذكرت لنا الكتابات التاريخية الفرنسية بأن المدن الساحلية الجزائرية قد تعرضت في الفترة ما بين 1634 إلى 1789 إلى عشرة هجمات قد أضرت كثيرا بالبحرية الجزائرية، وأسفرت عن خسائر مادية ومعنوية كبيرة، كما تراجع عدد البحارة الجزائريين، حيث لم يتجاوز العدد عام 1769، 5300 بحارا، ولم يتعدد عدد السفن الحربية الجزائرية 06 بواخر عام 1738(48).
ورغم ذلك فقد شهد نشاط البحرية الجزائرية نوعا من الانتعاش في الخمسة سنوات الأخيرة من القرن الثامن عشر بسبب الأوضاع التي كانت تعيشها دول أوروبا وشعوبها التي كانت في حالة غليان نتيجة تردي أوضاعها الاجتماعية، حيث انتشر الفقر والبؤس، وازدادت حدة الإقطاع وفساد الأنظمة السياسية والملكية المطلقة والرجعية، وقد برز في هذه الفترة عدد كبير من رياس البحر مثل الرايس حميدو، وقد انتعشت خاصة البحرية الجزائرية في فترة الثورة الفرنسية 1789، إذ تضاعف عدد القطع البحرية في أسطول الإيالة، فوصل إلى واحد وأربعين قطعة.
بيد أن هذا الانتعاش سرعان ما زال مع حلول القرن التاسع عشر(49) لذا اقترحت الدول الأوروبية وفي مقدمتها بريطانيا(50) تكوين قوة موحدة والنزول بها في البحر الأبيض المتوسط، وهذا ما تداولته الدول الأوروبية خلال المؤتمر فينا 1815، وكان الاقتراح الإنجليزي يتمثل في إجبار الجزائريين على التخلي عن البحرية، وذلك بمحاصرة الموانئ الجزائرية ومنع خروج سفنها، وإجبار الدولة العثمانية على وقف تجنيد البحارة وإرسالهم إلى الجزائر(51)، وقد استاءت السلطنة العثمانية، خاصة بعدما حملتها دول مسؤولية ما يقوم به البحارة الجزائريون من نشاط في البحر الأبيض المتوسط كما استاء الباب العالي من تدخل دول أوروبا في شؤون الإيالات المغربية وطرح المسألة الجزائرية. واعتبر ذلك تدخلا مباشرا في مصالح وممتلكات الدولة العثمانية، وقد بعث الباب العالي بعد ذلك فرمانا يحذر فيه الجزائريين من خطر التحالف الأوروبي على بلدهم(52).
وقد أخبر أحمد آغا بالرسالة التي تضمنت محاولة الباب العالي إقناع هذا الباشا بتغيير سياسته اتجاه الدول الأوروبية، وإعادة النظر في العلاقات الخارجية مع الدول المطلة على البحار خاصة البحر الأبيض المتوسط، وحتى بالنسبة للإيالتين المغربيتين التونسية وطرابلس قد أرسل لهما هذا البيان.
وكانت من بين الدول التي تحمست لفكرة تكوين قوة موحدة هي بريطانيا التي بعثت بأسطولها إلى السواحل الجزائرية، وطالبت الباشا الجزائري بتجميد نشاط البحرية، واسترقاق الأوربيين، وإرجاعهم إلى بلدانهم، وهذا ما أشارت إليه بعض وثائق الأرشيف الوطني الفرنسي بباريس(53) وقد تفاوض الجزائريون مع قائد الأسطول البريطاني "إكسون" حول مسألة البحرية تبعا لما ورد في نص الرسالة التي بعث بها الباشا إلى اسطنبول، حيث طالب فيها الباشا من الباب العالي منحه مدة ستة أشهر للرد على مطالبهم، وبخاصة مطالب بريطانيا، وبعد مشاورات ومناقشات حادة حول المسالة الجزائرية في العاصمة العثمانية، انقسم الرأي حول المسألة إلى قسمين أو موقفين، فئة رأت التدخل في شؤون الإيالة هو بمثابة تدخل مباشر في شؤون الدولة العثمانية، وفئة رأت بأن الإيالة تتمتع باستقلالية إدارتها وخزينتها عن الباب العالي، وبالتالي أي مشاكل مع الدول الأوروبية لا بد أن تحلها الإيالة بمفردها، وبدون تدخل الباب العالي، وقد بلغ هذا الأخير برسالة تنبيه إلى الإيالة الجزائرية يحذر فيها الباشا من خطر التحالفات الأوروبية على الجزائر، ويطلب منه اتخاذ جانب الحيطة، والاستعداد لمواجهة أي هجوم أوروبي، وضرورة المراجعة، وإعادة النظر في طبيعة العلاقات الخارجية بين الإيالة وهذه الدول الأوروبية(54).
وقد كلف بذلك حسن باشا (باشا الجزائر) بهذه المهمة ابتداء من شهر ماي 1816، هذا الأخير الذي تعهد بالدفاع عن الإيالة وشعبها وسيادتها، وفي أواخر شهر أوت عام 1816 عقدت بريطانيا مؤتمرا في مدينة لندن جمع ممثلين من روسيا، بروسيا، النمسا، فرنسا، لدراسة مشروع تكوين قوة موحدة، أو حلف عسكري لمدة سبعة سنوات غير أن فرنسا عارضت الفكرة كونها كانت تدرك أبعاد نوايا بريطانيا في البحر الأبيض التوسط ولم يخرج بذلك المؤتمر بأية نتيجة(55) فبريطانيا كانت تسعى من خلال هذا المؤتمر إلى كسب تأييد دولي للتدخل في شؤون الإيالة، واحتلال الجزائر، وهذا في إطار الصراع الاستعماري على مناطق النفوذ في العالم، وفي منطقة البحر الأبيض المتوسط، بيد أن الإيالة الجزائرية لم تستطع توقيف نشاطها البحري سوى مدة ستة أشهر، بعد أن استجمعت قواها، ورتبت صفوفها، وزادت من استعدادها لمواجهة عدوان الدول الأوروبية، وقد نددت الدول الأوروبية بذلك، وطالبت الباب العالي بتبرير هذا الإجراء الذي أقدمت عليه الإيالة الجزائرية، وقد ردت اسطنبول على ذلك بكون الإيالة تتمتع بحرية إدارة شؤونها الداخلية، واستقلالية أجهزتها الحكومية، ولا دخل للباب العالي في ذلك، علما بأن السلطان العثماني قد أرسل ثلاثة سفن حربية مزودة بالذخيرة والأسلحة والجند الاحتياطي وصلت إلى الإيالة بعدما تعرضت هذه الخيرة لقصف بريطاني في 27 أوت 1816(56)، وبعدما أيقنت بريطانيا والدول الأوروبية الأخرى عدم جدوى استخدام الأسلوب العسكري القائم على التهديد والتلويح بالاحتلال والاعتداءات المتكررة، لجأت إلى تفويض فرنسا وبريطانيا بإجراء محادثات سلمية مع الجزائريين لإقناعهم بالتخلي عن القرصنة في مياه البحر الأبيض المتوسط، والكف عن استرقاق الأوروبيين(57). ولقد كانت السفن البريطانية تعترض من حين لآخر السفن العثمانية المتوجهة إلى الجزائر، وعندما فشلت في إخضاع الجزائر، ووقف نشاط بحريتها عادت لطرح المسألة في مؤتمر إكس لاشابيل Aix la chapelle في أواخر عام 1818، ونظرا لعدم اتفاق الدول الأوروبية المشاركة، فرنسا، بريطانيا، روسيا، بروسيا، النمسا، على فكرة تكوين قوة موحدة، تم تفويض فرنسا، وبريطانيا لدراسة المسألة مع الجزائريين بطريقة ودية في محاولة جادة لإقناعهم بضرورة التخلي عن القرصنة، ووقف استرقاق الأوروبيين وإرجاعهم إلى أوطانهم(58)، كما سعت بقية الدول الأوروبية إلى محاولة إقناع السلطان العثماني حتى يتخلى عن دعمه للإيالة الجزائرية، وقد اختلفت هذه الدول في طريقه كتابة رسائلها للسلطان العثماني، وهذا ما أضعف من قيمة هذه الرسائل التي لم يول لها السلطان أية أهمية، هذه الرسائل التي اعتبرت البحرية الجزائرية شبحا يهدد المصالح التجارية الأوروبية في البحر الأبيض المتوسط، وقد رد السلطان العثماني على هذه الرسائل برفضه التام لما جاء في قرارات مؤتمر إكس لاشابيل، واعتبر التحالف الأوروبي على أية إيالة من الإيالات المغربية تدخلا مباشرا في شؤون الدولة العثمانية وسيادتها، وهذا يتعارض تماما مع القانون الدولي الذي يضبط العلاقات الخارجية بين الدول(59) علما بان الدولة العثمانية كانت تعلم بأن الإيالة كانت تربطها بالدول الأوروبية معاهدات سلام، ولذلك قرر السلطان العثماني إرسال سفينة لدعم الإيالة عسكريا تضم اثنان وعشرون مدفعا وعدد كبير من الجنود في نوفمبر 1819، وهكذا فشلت دول أوروبا رغم قوة تحالفها ضد الجزائر التي اكتسبت مكانة دولية في البحر المتوسط، وبقيت تتلقى الدعم المادي والمعنوي من الباب العالي(60).
خـــاتمـة :
ومن خلال دراستنا لنشاط البحرية في الإيالة الجزائرية نستنتج بان انتعاش البحرية بالجزائر، وتطورها، وقوتها جاء نتيجة تشجيع نشاط صناعة السفن، وقوارب الصيد، التي كانت موزعة على عدة مدن جزائرية كشرشال، جيجيل، عنابة، ووهران، والتي تخصصت في صناعة السفن التي تصل حمولتها إلى 400 طن، والمجهزة بعشرين أو حتى ثلاثين مدفعا، كما تخصص ميناء الجزائر منذ القرن السابع عشر في صناعة السفن المستديرة التي كانت تجوب أعالي البحار، وقد ساعد على تطور صناعة هذا النوع من السفن القرصان الفلامندي "سيمون دانسا"، والمهندس "الفرنسي جوفرا".
بيد أن هذه الصناعة بدأت تضعف بعدما تناقص حجم التجهيزات التي كانت تقدمها الدول الأوروبية كإتاوات، أو هدايا كالحبال، والأخشاب والأشرعة، وبدأت أسطورة البحرية الجزائرية في البحر الأبيض المتوسط تتلاشى وتفقد قوتها خاصة مع بداية القرن التاسع عشر(61).
ولقد ساهم آخر القباطنة رجال البحر "كالرايس حميدو" في المحافظة على الإيالة خلال المراحل الصعبة التي كان يشهدها البحر الأبيض المتوسط، ففي عام 1802 تمكن هذا القبطان من أسر سفينة حربية برتغالية كانت تحتوي على أربعة وأربعين بندقية، وكان اسم هذه السفينة "Partikiza"، وقد زحف في عام 1809 إلى مضيق جبل طارق بواسطة سفينتين حربيتين، واستطاع رجال البحر الجزائريون إحياء الثروات الجزائرية التي قويت في فترة معينة، وقد كان لأسطول الجزائر في فترة متأخرة من العهد العثماني في عام 1825، أربع مدمرات، زيادة عن طرادتين وبارجتين، كما أن ازدياد نشاط البحرية الجزائرية قد أدى إلى احتكاك الجزائريين بالشعوب الأخرى خاصة التجار، وقد ارتبطت الجزائر مع الدول الأوروبية بمعاهدات خاصة ، هذه المعاهدات كانت بالنسبة للجزائريين شرعا غير واردة، كون الروح العسكرية والانكشارية بقيت سمة بارزة لأوجاق الجزائر، علما بأن السلطان العثماني محمود الثاني قد ألغى نظام الانكشارية في اسطنبول عام 1826، ورغم ذلك لم يخرق الجزائريون أية هدنة مع تلك الدول، وظلت الدول الأوروبية تدفع الهدايا والجزية كلما حلت بالبحر المتوسط وبخاصة في حوضه الجنوبي، وهذا حتى تتفادى الإيالة الوقوع في فخ الهزيمة العسكرية التي تؤدي حتما إلى تنازلها عن عدة امتيازات، وزيادة التدخل المباشر الأوروبي في شؤونها الداخلية، والذي رأيناه قد انعكس بطريقة مباشرة على الإيالة التي بدأت تطرح مسألة بحريتها بقوة في أواخر العهد العثماني (62).
الهـــوامش
01- Dévaulx. Albert notes historique…. D’Alger in RA, 1859, P 20.
02- Les archives national français, MI 14 –228, P 10 –50 –59 –60.
03- قائمة الهدايا الفرنسية عام 1811 في الجزائر، المجلد 40، الورقة 194 –200.
04- Show, (Dr) Voyage dans la régence d’Alger, P 162.
05- ص 395، ج 3، المصدر السابق، D’ohssan.
06- Correspondance consulaire et commerciale 08/ 09/ 1816, T 34.
07- D’ohssan tableau général de l’empire ottoman, T 1, 1787 –1790, Paris 1920 , P 395. Show
08- ، ص 172، وأيضا ص 153 المصدر السابق، Venture de Paradis.
09- رئيس كلمة عربية فصيحة الرجوع إلى ابن منظور لسان العرب، دار صادر للطباعة والنشر، بيروت، 1968، فصل س ش، ص 91.
10- 15 MI 228 السجل 19 الورقة 55 –138 وفي بعض الأحيان كتبت رئيس بدون ياء (رئس).
1- Venture de paradis, P 47, 179 –190.1
12- Devaulx, A, La marine d’Alger in RA 1869, P 388.
Venture de paradis المصدر السابق-, P 150.13
D’ohssan, T 3, P 432 -14المصدر السابق
15- رسالة من القنصل الفرنسي 24 أفريل 1820 في الجزائر، المجلد 45، الورقة 159.
16- رسالة من القنصل الفرنسي 18 أكتوبر 1804 في الجزائر، المجلد 37 ورقة 20.
17- عبد الجليل التميمي، موجز الدفاتر العربية والتركية بالجزائر، تونس 1983، ص 144.
18- أرشيف وزارة الخارجية الفرنسية الجزائر، المجلد 45، الورقة 93.
19- الأرشيف الوطني الفرنسي 15 MI –228، السجل 19، الورقة 138.
20- الرجوع إلى المكتبة الوطنية بتونس، هناك رسالة بعث بها القبودان دريا محمد خسرو باشا إلى حسين باشا عام 1827 م من خلال إرسال سفن جزائرية إلى البحر الأسود لمساعدة العثمانيين الذين كانوا في حرب مع روسيا، موجودة في مخطوط 37، مراسلات دايات الجزائر، الورقة 58 –60.
21- "الجزائر، مركز الدراسات التاريخية، وثائق تاريخ الجزائر العثماني، خ –هـ 58، 343 –1240.
22- هيتري هي جمعية يونانية معناها الجماعة الأخوية تأسست في فيينا عاصمة النمسا كان عملها سري إلى غاية عام 1821 لمزيد من التفاصيل، الرجوع لمحمد فريد بك المحامي، تاريخ الدولة العالية العثمانية، ص 206.
23- نفس المصدر، ص 208.
24 – Mantran, R : L’évolution des relation entre la Tunisie et l’empire. Ottoman in 1959, P 325
25-Devaulx, Albert, la marine de la régence d’Alger in RA, P 388.
26- الجزائر مركز الدراسات التاريخية وثائق التاريخ الجزائري والعثماني خ/ هـ 34358 (240).
Devaulx, la marine de la régence d’Alger in RA , P 20. – 27
28- وليم سبنسر الجزائر في عهد رياس البحر، ص 60 –61.
29- الجزر المسماة بجزر الكناري بالمحيط الأطلسي.
30- وليم سبنسر المرجع السابق، ص 63.
31- احمد توفيق المدني المرجع السابق، ص 37 –48.
385 B، ANP-Marine.32-
385 B، ANP-Marine 33-
34- قانون البحار، الرجوع لكتاب محمد بوسلطان دراسات في قانون البحار، ص 67.
35- جمال قنان معاهدات الجزائر مع فرنسا، ص 09.
36- شالر وليم، مذكرات تعريب اسماعيل العربي، ص 42.
37- محمد فريد بك المحامي، المصدر السابق، ص 118.
38- أبو القاسم سعد الله، تاريخ الجزائر الثقافي، ج 1، ص 138.
39- وليم سبنسر، المرجع السابق، ص 60.
40- وليم سبنسر نفسه، ص 60 –61.
41- وليم سبنسر نفسه، ص 60 –61.
42- وليم سبنسر نفسه، ص 62 –63.
43- ناصر الدين سعيدوني الجزائر في التاريخ، العهد العثماني، ص 45.
Devaulx. A. La marine d’Alger in RA, 1869, P 388.- 44
45- الجزائر مركز الدراسات التاريخية، وثائق تاريخ الجزائر العثماني، هـ 58 –343 –1240.
46- أرشيف وزارة الخارجية الفرنسية الجزائر، المجلد 45، الورقة 93
47- لقد ظهرت نوايا دول أوروبا في البحر الأبيض المتوسط وقد عقدت عدة مؤتمرات بداية القرن التاسع عشر، وتحالفت للقضاء على البحرية الجزائرية.
48- الدول الأوروبية هي "بريطانيا، روسيا، فرنسا، النمسا".
Reynol-GT, Histoire philosophique, TI, P 155 –N1- 51
49- مركز الدراسات التاريخية وثائق تاريخ الجزائر العثماني، خ هـ 1230.
50- رسالة من القنصل الفرنسي 22 مارس 1816 الجزائر، المجلد 42، ص 283 –286.
51- مركز الدراسات التاريخية وثائق تاريخ الجزائر العثماني، خ، هـ 1230.
52- أرشيف وزارة الخارجية الفرنسية الجزائر MID المجلد 10، ص 303 –304.
53- عبد الجليل التميمي ، مرجع سابق، تونس 1983، ص 239 –256.
54- رسالة من القنصل الفرنسي 22 مارس 1816 الجزائر، المجلد 421، ص 283 –286.
55- عبد الجليل التميمي مرجع سابق، ص 239 –256.
56- رد رئيس الكتاب على السفراء الأوروبيين الجزائر MD المجلد 10، ص 330.
57- مركز الدراسات التاريخية وثائق الجزائر العثماني خ هـ/ 1230.
58- ناصر الدين سعيدوني المرجع السابق ، ص 45 –ج 4.
62- وليم سبنسر ، المرجع السابق، ص 146 –147.
غير أن هذه الأحداث لم تؤثر على مسيرة الثورة و على عزيمة المجاهدين علما أن السلطات الاستعمارية عملت على محاصرة و اعتقال و إعدام المناضلين ظنا منها بأنها الوسيلة المثلى للقضاء على الثورة نهائيا.
تعتبر هجومات 20 أوت 1955 على الشمال القسنطيني منعطفا تاريخيا هاما في مسيرة ثورتنا التحريرية، فكان قائدها و صاحب الفكرة الشهيد زيغود يوسف الذي حاول أن ينظم هذا الهجوم على كامل التراب الوطني، غير أن خطورة القرار و ظروف الثورة في تلك الفترة لم تسمح بهجوم شامل على كامل التراب الوطني فاكتقى بتنظيمه في المنطقة التي كان يقودها و هي منطقة الشمال القسنطيني.
ففي أوائل جويلية 1955 وجه زيغود يوسف دعوة إلى كافة المسؤولين بالمنطقة للحضور إلى “بوساطور” قرب قرية مزغيش (جنوب غرب سكيكدة)، لكن المنطقة لم تكن مؤمنة فوقع الاختيار على “جبل الزمان” بسكيكدة وهو مكان مرتفع و آمن. و خلال الاجتماع الذي عقده زيغود يوسف مع ضباط المنطقة تم التخطيط لهجومات 20 أوت 1955 و تحديد الأهداف السياسية و العسكرية على الصعيد الداخلي و الخارجي و التي يمكن تلخيصها فيما يلي:
1 – الأهداف العسكرية:
– تأكيد استمرارية و شمولية الثورة المسلحة لمختلف أنحاء البلاد عكس ما يدعيه العدو.
– تحطيم أسطورة الجيش الفرنسي الذي لا يقهر، إذ أثبت هجوم 20 أوت 1955 قدرة جبهة التحرير الوطني على التخطيط و التنسيق و التنفيذ و ضعف دفاع العدو أمام هجومات جيش التحرير الوطني المدعم بالجماهير الشعبية.
– الرد على عمليات الإبادة و التقتيل الجماعي من طرف قوات العدو.
– تسهيل تنظيم طريق القوافل نحو تونس لجلب الأسلحة و الذخيرة الحربية.
2- الأهداف السياسية:
– تكذيب أقاويل و ادعاءات الاستعمار بتبعية الثورة الجزائرية لبعض العواصم الخارجية، و إثبات وطنية الثورة و شعبيتها.
– كسب انضمام كل تيارات الحركة الوطنية و الشخصيات السياسية الجزائرية المرتبطة بالأحزاب في صفوف جبهة التحرير الوطني.
تقرر خلال الاجتماع أن يدوم الهجوم ثلاثة أيام متتالية من 20 إلى 22 أوت 1955 على أغلب الشمال القسنطييني، ففي منتصف النهار طُوقت مدينة سكيكدة، و تمركزت الهجومات على مراكز الشرطة والدرك وثكنات الجيش و الحرس الجمهوري و البنك المركزي و محطة الكهرباء و الحانات و المطاعم. و تواصل الهجوم لمدة أربع ساعات كاملة استطاع من خلالها الثوار أن يُلحقوا خسائر معتبرة في صفوف العدو كما شمل الهجوم كل من ناحية قسنطينة، الخروب، ناحية اسمندو، سيدي مزغيش، ناحية الحروش، القل، قرية رمضان جمال، قرية جندل، قرية بوساطور عين عبيد.
نتائج الهجوم:
أسفرت هجومات 20 أوت 1955 على عدة نتائج يمكن تلخيصها فيما يلي:
على الصعيد العسكري:
– تزويد جيش التحرير الوطني بالعناصر المقاتلة، فقد أعطى دفعا قويا للعمل العسكري و التفافا جماهيريا كبيرا، إذ بلغ عدد المجاهدين في المنطقة الثانية بعد الهجوم 2000 مجاهد و حوالي 5000 مسبل، كما غادر الطلبة مقاعد الدراسة للالتحاق بصفوف جيش التحرير الوطني.
– القضاء نهائيا على كل ما كان يروجه العدو بجميع وسائله العسكرية و الدعائية على أن الثورة ليست إلا تمردا سيقضى عليه بعد أسابيع.
على الصعيد السياسي:
– برهنت هجومات 20 أوت 1955 على أن الثورة المسلحة ذات طابع جماهيري.
– بلورة التضامن الشعبي و تعميق القناعة الثورية و تكوين المصير و تجسيد الشمولية.
– الاعتراف بجبهة التحرير الوطني ممثلا شرعيا للدفاع عن الوطن.
و تجدر الإشارة إلى أن من نتائج هذا الهجوم على الصعيد الخارجي: انتقال الثورة الجزائرية إلى المحافل الدولية و أصبحت تتصدر الصفحات الأولى في جرائد العالم، فتلقت دعوة للحضور في ندوة باندونغ، التي أسفرت على مصادقة هذه الدول على لائحة مصيرية تطالب بحق الجزائر في تقرير المصير.
استمرت هجومات 20 أوت 1955 لمدة أسبوع تكبد فيها العدو ضربات موجعة من قبل المجاهدين و من طرف الشعب، فأحدثت نتائج هامة داخل الوطن و خارجه، ففي الداخل وضعت هذه العمليات حدا نهائيا للذين بقوا مترددين في الالتحاق بالثورة، وفي الخارج أيقن الأعداء أن الثورة سائرة على نظام محكم و تعمل وفق برامج محددة لتحقيق هدفها في الاستقلال، و هذا ما تجسد فعلا سنة بعد هذه الهجومات، وذلك بانعقاد مؤتمر الصومام الذي جاء لينظم و يهيكل الثورة.
مؤتمر الصومام:
انعقد المؤتمر بوادي الصومام بالمنطقة الثالثة ترأسه الشهيد العربي بن مهيدي، ناقش المؤتمر واقع الثورة والكفاح المسلح، و وضع خطة للمستقبل بحيث تكون أكثر بعدا و شمولية و تنظيما.
أسفر هذا المؤتمر عن عدة نتائج منها:
-الاعتراف بالسيادة الوطنية كاملة.
-الاعتراف بجبهة التحرير الوطني كممثل شرعي و وحيد للشعب الجزائري.
– تقسيم التراب الوطني إلى ست ولايات.
– إنشاء المجلس الوطني للثورة CNRA.
– إنشاء لجنة التنسيق و التنفيذ CCE.
– تعيين القيادة العامة للثورة التحريرية.
– العمل على إقرار مبدأ القيادة الجماعية و بموجب ذلك تكونت قيادة الأركان.
– أولوية السياسي على العسكري.
– تنظيم النواحي الإدارية.
– تنظيم و هيكلة جيش التحرير الوطني من حيث الوحدات، الأفواج، الفيالق..
– تحديد الرتب من رتبة عريف إلى رتبة الصاغ الثاني.
– تعيين القيادات في جميع المستويات.
– تحديد مهام المسؤولين السياسيين و تنظيم نشاطاتهم و صلاحياتهم في إطار جبهة التحرير الوطني في الداخل و الخارج.
لقد كان مؤتمر الصومام ضروريا لتقييم التطورات السياسية و العسكرية التي بلغتها الثورة في مرحلة الشمولية و تشبع الجماهير بمبادئها و الالتفاف حولها، و في ظل السياسات و الاستراتيجيات الاستعمارية لقمعها وخنقها. كما جاء اختيار الزمان و المكان متصلا بمرحلة النضج التي بلغتها الثورة بعد انقضاء سنتين من عمرها.
وإلى جانب العمل التقييمي للثورة حرص المؤتمر على وضع خطة عمل تنظيمية في المجالات العسكرية و السياسية و الإدارية و الاجتماعية و كذلك ضرورة نقل الثورة إلى المحافل العالمية.
إن مؤتمر الصومام الذي احتضنته قرية إيفري أوزلا***64364;ن بوادي الصومام في 20 أوت 1956 قد أسس لمرحلة جديدة من الثورة و أرسى استراتيجية العمل المستقبلية وشكل تحديا للسلطات الاستعمارية التي وظفت أكثر الوسائل لضرب الثورة و خنقها و عزل الشعب عنها.
بارك الله تعالى فيك على الموضوع القيم و جازاك الله خيرا و جعله في موازين حسناتك
فنحن إذا تحدثنا عن الوسط الطبيعي في الجزائر ، فإنما نتحدث عن أكبر جزء منها وهي الصحراء ، فمن الناحية الجيولوجية ، لا نعلم عن الصحراء إلا القليل ، وذلك راجع إلى عدة أسباب منها:
أولاً: أن علوم الأرض نشأت في أوروبا، وهي القارة الوحيدة التي ليست فيها صحراء ، لذلك لم يهتم العلماء الأوائل بتضاريس الأراضي الجافة، ومعظم من جاء بعدهم أخذ عنهم.
ثانياً: أن الصحراء واسعة ويصعب الترحال فيها ، ولا يقصد دراستها إلا قلة من العلماء.
ثالثاً: يغطي سطح الصحراء خليط من فتات الصخور والرمال، ويصعب على الجيولوجي تحديد أصل الرواسب وتاريخ تطورها، وإن كنا نجهل الأحداث التي أثرت على حياة جماعات ما قبل التاريخ ، فإن مساحة الموقع، ومكان تأسيسه، وطبيعة مختلف أجزائه المكونة ، يمكن أن تعطينا مؤشّرات حول تركيبة الجماعة التي سكنته وبنيتها الاجتماعية وعلاقتها بالطبيعة.
ولهذا فإن طبيعة قيام نمو حضاري في الصحراء الجزائرية وبالخصوص في منطقة الطاسيلي فيما قبل التاريخ مسألة يصعب أن نتتبعها بدرجة ملحوظة ، ذلك أن عملية تأريخ البقايا الأثرية الصحراوية المبكرة تثير إشكاليات متباينة، فالدورات المُناخية الكبرى التي نتجت عنها العصور الجليدية الأوربية والفترات التي بين العصور الجليدية لم تُحدِث في شمال إفريقيا أكثر من مجرد تقلّبات في كميات سقوط الأمطار، كما أن التّغيّرات التي طرأت على الحياة الحيوانية كانت من التدرج بحيث لا تفيد الحفريات إلا فائدة قليلة في معرفة تاريخ ما يُعثر عليه.
ولما كانت دراسة التاريخ الحضاري من أعقد فروع الدراسات القديمة والحديثة، والمراجع لازالت قليلة وتفتقر في معظمها إلى التّعميق والتحليل، كما أن الآثار التي أُمكن العثور عليها كانت غالبيتها في حالة بالية بعد أن دمّرتها وشوهتها عاديات الطبيعة.
كما أن معرفة التغيرات المناخية الصحراوية في الزمن الجيولوجي الرابع، أصبحت ذات فائدة أساسية في دراسة التطورات البيئوية، فنظرا إلى أن الجزائر تكتسحها الصحراء بنسبة كبيرة وتزداد هذه المساحة بمرور الزمن، فإن هذا القفر الواسع سيلعب دورٌ في مستقبل البلاد تكون أهميته على قدر معرفتنا الدقيقة لماضيه، وأن نكران ذلك يحرفها من كل ركيزة معقولة ومن كل قيمة معلومة.
الموقع الجغرافي والفلكي لمنطقة الطاسيلي نآجر(2):
تقع منطقة الطاسيلي ناجر في الجنوب الشرقي من الجزائر، يحدها من الشمال العرق الشرقي الكبير( منطقة اساون نيغرغارن وبوراغت)، ومن الجنوب منطقة عيسو وإين الزوا المتاخمة للحدود النيجيرية، ومن الغرب عرق أمقيد، ومن الشرق إن أزاق ومنطقة فزان الليبية.(3)
أما فلكيا فقد اختلفت الأبحاث في تحديد حدودها الحقيقية بسبب الاختلاف في إدراج بعض المناطق ضمن منطقة الطاسيلي، فبينما نجد الباحث إبراهيم العيد بشي يحددها بين دائرتي عرض 21° و 28° شمالا، وبين خطي طول 5° و 20° شرق خط غرينيتش(4)، نجد الباحث جون دوبياف ( Dubief.J) يحددها بين 23° و 30° شمالا بالنسبة لدوائر العرض، وبين 5° و 14° شرقا بالنسبة لخطوط الطول(5).
وتعتبر منطقة الطاسيلي هي نفسها إقليم الحظيرة الوطنية للطاسيلي التي أنشأت بموجب القرار الوزاري رقم 168 الصادر بتاريخ 26 جويلية 1972م الذي جاء في المادة الثالثة منه:
" تشمل – حظيرة الطاسيلى الوطنية – أراضى الهضبة التي تدعى – طاسيلى آزجر- وحدودها الجغرافية هي:
-***61472;من الشـرق: الشـريط الحدودي مع الجماهيرية العربية لليبية.
-***61472;من الجنوب الشرقي: الحدود مع جمهورية النيجر حتى وادي تافساست غربا.
– من الجنوب الغربي: إلى الشمال الغربي: يسلك حدها جبال ايدمبو حتى***61600;تلتقي بالجرف في علوتين – نوار، ويمتد هذا الجرف إلى أمقيد.
– من الشمال: يكون حد الجبل هو منطقة التماس بين الهضبة والمكثبات يجسده طريق***61600;***61472;إليـزى- أمقيد المعبد غربا، وطريـق اليزى تارات غير المعبد شرقا.
– تـشكل مكثبات ادمير وتيهوداين مناطق متاخمة وتدمج في الحظيرة" ،(6) وهي تشكل بذلك مساحة مقدرة بـ: 8000000 هكتار أي ثمانين ألف كلم مربع، وقد أدرجت في قائمة التراث العالمي عام 1982م.
جيومورفولوجية الطاسيلي:
وتتميز منطقة الطاسيلي تضاريسيا بكتلها الصخرية من الحجر الرمادي، ترسّبت على قاعدة بلورية تسمى السهل ما تحت الطاسيلي (Pleine infratassilienne) ، ويعرف في دراسات أخرى باسم النجد الأرضي المتبلور (les Payes cristallien) ، هذه الجبال التي تتقاطع بها أودية كبيرة تشكل البطون الجافة لمجاري مائية قديمة، وهو تكوين جيولوجي يأخذ شكل نتوء يمتد من الشمال إلى الجنوب، ويتواجد في سهل غرب هضبة المسالك الليبية ويمكن رؤيته من خلال الأقمار الصناعية، ويبدو أن هذه المرتفعات تمثل حدود طبيعية وإثنية وثقافية بين سكان الطاسيلي وإقليم فزان الليبي.(7)
ويذكر بعض الباحثين إلى أن منطقة الطاسيلي قديمة التكوين وأنها تعود إلى حقبة ما قبل الكامبري (قبل الزمن الجيولوجي الأول)، وهي مؤرخة بحوالي 600 مليون سنة وتشمل مساحة واسعة من الجنوب الجزائري بما في ذلك منطقة الهوقار، وهو في منطقة الطاسيلي ممثل في سهول أمادرور ((Amadror وآدمير (Admer) ، كما أن هناك من الباحثين من يدرجها ضمن حقبة الباليوزويك (Paléozoïque) الذي يعود إلى الزمن الجيولوجي الأول بين 550 مليون سنة و370 مليون سنة. والمنطقة في العموم ثلاثة أقسام.(
1- الطاسيلي الداخلي (Tassili interne) : يعود تكوينه إلى حقبة الكامبري الأردوفيني (Cambro-Ordivicien) ، وهو واقع بين النجد المتبلور للهوقار والمنطقة السفلية لسهول الطاسيلي(9).
2- الطاسيلي الخارجي (Tassili externe) : يعود تاريخه ما بين حقبة السيلوري (Silurien ) والدوفيني الأسفل (Dovonien inférieur) ، وهو يمتد بين الأخدود الداخلي للطاسيلي والمنطقة التي يقع فيها وادي إيغرغارن .( Ighargharen )(10)
3- الأخدود أسفل الطاسيلي (Sillon intra Tassilienne) : يعود تاريخه إلى حقبة السيلوري حوالي 420 مليون سنة، وهو عبارة عن منخفض يقع في قاعدة الطاسيلي الداخلي وقاعدة الطاسيلي الخارجي وتصب فيه معظم أودية الطاسيلي الداخلي(11).
أما عن المجاري المائية والترسبات النهرية في منطقة الطاسيلي التي ترى عن طريق الأقمار الصناعية والصور الفضائية فهي كثيرة ومنتشرة، حيث يعد توفر الماء ووجوده بكمية كبيرة العامل الأساسي في تطور الحضارات الإنسانية، ورغم أن منطقة الطاسيلي تبدو جرداء قاحلة إلا أنها تتوفر على مخزون هام من المياه الجوفية تعود إلى مرحلة ما قبل التاريخ(12)، لأن الرمال جاءت أصلاً مع المياه التي تجمعت في بحيرات وتتسرب تحت أماكن تجمع الرمال أثناء الأحقاب الممطرة، وتم هذا التسرب إما من خلال المسامية الأصلية أي الفجوات بين حبيبات الصخور، وإما من خلال المسامية الثانوية التي تؤهلها الشقوق والفوالق في الصخور والتي تسهّل مرور السوائل في مساراتها، وهناك نوعين من الوديان في منطقة الطاسيلي:
1- الوديان المتجهة نحو أرض ما فبل التاسيلي (Les Payes prétassilien) منها وادي جرات ووادي إميهروا.
2- الوديان المتجهة نحو السهل تحت الطاسيلي، منها واد إيغرغارن( Ighargharen ) وواد أمدور ((Amadror وواد أجريو َ(Adjereo) وواد أمستان (Amastane) وواد تارات (Tarat) وواد سامن (Samen) (13).
كما أن بعض هذه الأودية تصب في العروق، وقد ذكر الباحث جون لوكولك (J. le Quellec) في دراساته العلمية أن عرق مرزوق (Marzougue) كان عبارة عن بحيرة في حوالي 8445 ق.م مع فارق 160 سنة أكثر أو أقل، ويستشهد بذلك وجود صور الرسومات الصخرية المنتشرة التي تمثل حيوانات متعلقة بالأنهار والبحيرات منها فرس النهر والفيلة(14).
منطقة الطاسيلي خلال الفترة النيوليتية:
عرفت منطقة شمال إفريقيا تغيرات مناخية في عصور ما قبل التاريخ، وتميزت الفترة النيوليتية منها بالمناخ الرطب بعد مرحلة طويلة من الجفاف استمرت ربما إلى حدود 8 ألاف سنة، وهي تختلف حسب المناطق، وهذه المعطيات والمعلومات حصل عليها العلماء من خلال دراستهم للترسبات النهرية والبحرية في العديد من مناطق شمال إفريقيا، وينظر الباحثون في عصور ما قبل التاريخ إلى هذه الفترة على أنها نقطة هامة وحاسمة في تاريخ الإنسان، وأنها بمثابة ثورة فنية وفكرية في حياته، بحيث بدأ إنسان هذا العصر يستقر في جماعات قريبا من موارد المياه، ثم سرعان ما فرضت عليه الضرورة إلى ضمان غذائه، فاستأنس الحيوان، وعرف الزراعة، واخترع الفخار، وأخيرا بدأ التطور الفكري والديني للإنسان(15).
وتعود فترة العصر الحجري الحديث في الصحراء الجزائرية من حدود الألفية الثامنة قبل الميلاد إلى غاية الألفية الخامسة قبل الميلاد، وقد أصبح المناخ مثاليا في هذه الفترة، باستثناء مرحلة صغيرة تعرضت فيها المنطقة مرة أخرى إلى الجفاف ( ما بين 5500 و4500 ق.م)، ثم تلتها مراحل مناخية متذبذبة، وعموما فإن هناك اختلاف بين الباحثين حول المراحل الرطبة والجافة في الصحراء الكبرى بصفة عامة، ولابد على الباحثين من مواصلة الدراسة والبحث في هذا المجال، لأننا لا نعلم إن كنا في قمة تدهور المناخ، أو أن ذلك قد مـرّ أو لم يأت بعد، وأننا لا ندري بعد الكيفية التي بها طرأ التصحر.(16)
دراسة التربة والغطاء النباتي:
كان لإنسان العصر الحجري الحديث بسبب قلة أعداده وخفة تجهيزاته تأثيرا ضعيفا على بيئته، وقد لفت النظر لضرورة دراسة تلك البيئة منذ وقت مبكر جدا، لذا فقد انكب الكثير من الاختصاصيين على مسألة تحول الصحراء إلى أرض مقفرة وأسباب ذلك ونتائجه، ونخص بالذكر منهم ( أ.ف غوتي 1928م) و( ث. مونود 1945م) و( ل. بالوت 1952م) و( ك. موتزروج 1958م) و(ج. دوبياف 1959م)، غير أن أول دراسة جادة تتعلق بالصحراء قبل التاريخ هي تلك التي نشرها القس ريتشارد (Richard) سنة 1868م والتي أجراها عن الصحراء الجزائرية،(17) كما نشر الباحث هيجس إ.س (Higgs. E.S) سنة 1976م نتائج بحثه عن منطقة الطاسيلي وحول استقرار الإنسان القديم بها في نهاية العصر الحجري الحديث، ورغم هذه الدراسات القديمة والبسيطة نوعا ما، فإن الدراسات الحديثة في وقتنا الحاضر لم تنل قسطا وافرا من الأهمية والبحث المعمق.
وقد ساعدت الكثير من العلوم على فهم تركيبة الوسط الطبيعي للصحاري في عصور ما قبل التاريخ، فعلم الجيولوجيا مثلا يهتم بدراسة البيئة، وعلم الجيومورفولوجيا (Géomorphologie) يدرس تغير أشكال التضاريس تحت تأثير العوامل المناخية، كما أن علم دراسة الترسبات (Sédimentologie) يبين كيفية تراكم الترسبات في المغاور والملاجئ(18).
ومن السّمات العامة في المناطق الصحراوية وجود ارتباط بين الملامح المورفولوجية وبين مكونات التربة وموارد المياه، فالتربة في الطاسيلي هي من النوع الصحراوي الذي يتميز برقته وانخفاض نسبة المواد الطبيعية بصفة عامة، وهي في العموم نوعان، التربة الرملة السطحية وأراضي التكوينات والكثبان الرملية.
فبالرغم من الظروف المناخية القاسية في الصحراء إلا أن هناك نباتات استطاعت أن تقاوم الجفاف وتعيش في الصحراء، وخاصة في بطون الأودية أو على ضفاف الأنهار الداخلية أو المناطق التي يقترب فيها الماء الجوفي من سطح الأرض، وهناك أنواع عدة من النباتات التي تسود بمنطقة الطاسيلي ولكن غالبيتها من النوع الملائم للجفاف (Xerophtes).
فنمو النباتات كما هو معلوم يكون نتاج تفاعل مجموعة من الضوابط الطبيعية التي ترتبط في جملتها بالظروف المناخية السائدة في أي منطقة، فالمناخ يعتبر أكثر العناصر قربا وعلاقة مع النبات والحيوان(19)، وتكمن هذه العلاقة في:
– أثر الحرارة: يظهر أثر درجة الحرارة واضحا في تبادل الطاقة بين النبات والبيئة التي يعيش فيها، وكذلك في تحول المادة وحركتها في جسم الإنسان، كما تحدد الحرارة كثافة عملية التمثيل الكلوروفيلي (Chlorophylle)، وعملية نمو البذور، وكذا لون وشكل النبات ونشاط الجذور.
– تأثير الرطوبة: تنقل الجذور الماء من التربة إلى النبات لأن الماء يساهم في نقل الأملاح والمواد الغذائية الضرورية لحياة النبات.
كما تعتبر التربة أيضا من الضوابط التي تتدخل في حياة النبات من خلال:
– تعتبر التربة المكان الذي تثبت فيه النباتات، حيث يتخذ النبات أشكالا مختلفة للتكيف مع التربة، فبعضها لها جذور مختلفة للتطور تبعا لنسيج وتركيب التربة، ففي الصحراء قد تمتد جذور بعض الشجيرات لعدة أمتار لتصل إلى الرطوبة البعيدة عن سطح الأرض.
– أما أهمية التربة في تغذية النباتات، فتظهر من خلال الأملاح الموجودة في التربة، فبعضه يكون وجوده ضروريا لحياة النبات مثل أملاح الفوسفور والبوتاسيوم والمغنيزيوم، وهناك عناصر أخرى تعتبر ضرورية للنبات ولكن بشكل أقل.
ومن أنواع النباتات التي تنتشر في منطقة الطاسيلي نذكر أشجار وشجيرات الطرفة (Tamarix) والأثل والسنط (Accaia) وتاروت والنخيل وأشجار البطم (Pistachier térébinthes) ، ونبات الحلفاء والشيح وشوك الجمل والرخام وبصل العنصل وأعشاب البرك (Typhacées)، ونبات الدمران والكداد وهما الطعام المفضل للإبل، وتتميز هذه الأخيرة بأن أوراقها سميكة ورطبة.
وإذا كان المناخ والتربة ضابطان أساسيان في التأثير على الحياة النباتية أيا كان موقعها، فهناك عوامل أخرى تبدو في ظاهرها عوامل أقل أهمية ولكنها في الحقيقة مؤثرة، وتختلف اختلافا نسبيا تبعا لظروف النوع النباتي والموقع الجغرافي للإقليم.(20)
وقد عثر الباحثون علي أثار نباتات أخرى احتفظت بها لنا الطبيعة ووصلت مرحلة التحجر، ومنها أن التركيب الصخوري عندما مرت بالمنطقة مرحلة جفاف رهيبة بقيت جذور تلك النباتات علي الأرض وتكوّنت حولها ذرّات الرّمال مكوّنة صخور كبيره جدا، وكانت في داخلها تلك الجذور، وعندما جاءت مرحلة التّعرية حذفت من فوق تلك الجذور ما تَكوّن عليها وبقيت الجذور وآثارها في الصخور.
حيوانات الطاسيلي:
لقد اعتمد اقتصاد إنسان الطاسيلي في العصر الحجري الحديث بصفة عامة على الزراعة وتربية الحيوانات، فمعظم البقايا الحيوانية تنتمي إلى أنواع مستأنسة، ولا يُعرف حتى اليوم ما هي المراحل الأولى التي سبقت استئناس هذه الحيوانات، وعلى أي حال هناك عدد من النظريات التي تنادي بأن الخطوة الأولى لاستئناس الحيوان أخذت مباشرة من ممارسة الصيد، هذه النظرية تعتمد على أن النساء أحدثن تقدما ملحوظا في الزراعة، الأمر الذي ترتب عليه وجود فائض من الطعام سمح بإطعام الحيوانات الجائعة، وبازدياد اقتراب الحيوانات وملائمة حياتها للواحات الموجودة في الصحاري أعطت للرجال فرصة معرفة عاداتها، الأمر الذي جعلهم يحاولون ترويضها بدلا من قتلها ومن ثم بدؤوا يربونها.
وفي مجال دراستنا هذه لابد أن نبحث باختصار النواحي البيولوجية لاستئناس الحيوان، فالحيوانات التي كوّنت القطعان الأولى في مواطن الزراعة وتلك الحيوانات البرية التي دخلت إلى منطقة الطاسيلي كانت في العادة أصغر بكثير من الحيوانات المفترسة المنتشرة بجانب المنطقة، والتفسير المقبول الذي وضعه الباحثون، هو أنه مهما اختار الإنسان أقزام الحيوانات من بين المجموعات المتوحشة، إلا انه استطاع أن يستمر في تهجين حيوانات أصغر وأضعف وأكثر وداعة، ومعظم التغيرات الجسمانية التي طرأت على هذه الحيوانات عند استئناسها كانت راجعة لاختيار الإنسان سلالات معينة.
ولعل من الأهمية بمكان الإشارة أن هناك ما يشير إلى أن الصحراء الجزائرية إنما كانت في العصر الحجري الحديث مسكونة بقوم من الرعاة، لهم قطعان من الخراف والماعز والثيران والبقر، فضلا عن الحصان والجمل والحمار، هذا وقد دلت الرسوم الصخرية مدى انتشار الحيوانات في هذه المنطقة.
ففي الفن الصخري جُسّدت أنواع من البقر وهي ذات قرون مختلفة، فأبقار لها قرون متوازية، وأخرى ذات قرون على الأمام، وعن هذه الأخيرة يشير هيرودوت إلى أن الجرامنت (21)(Gramantes) لهم أبقار ذات قرون متّجهة إلى الأسفل، بحيث تغرس في الأرض كلما حاولت السير إلى الأمام، لذلك فهي ترجع إلى الوراء في رعيها.
ومن بين الحيوانات الممثلة في المشاهد الصخرية نذكر الفيل، وهذا ما نجده في منطقة تيسالاتين (Tissalatine) بوادي جرات(22)، وفي نفس المنطقة عثر على رسومات لوحيد القرن بلغ عددها 86 رسما أما بقاياه الأثرية فهي قليلة(23).
أما فرس النهر فقد جُسّد في رسومات بمنطقة تين تزاريفت، وعثر على بقايا له في عرق أدمير (Admer) وعين قزام (In Guzzam) وإن زوا (In Azoua) وواد جرات.(24)
ومن الطيور لدينا مشاهد عديد للنعامة في العديد من مناطق الطاسيلي، ومن المشاهد الغريبة التي جُسّدت بها نجد صورة جسم نعامة ولكن برأس زرافة وكذلك صورة نعامة بأربعة أرجل، وصورة أخرى لنعامة بقرون كبيرة، ونفس التجسيد رسمت به حيوانات أخرى نذكر منها، الأبقار الثنائية الرؤوس وزرافات برأسين في تين تزاريفت وزرافات بثلاثة رؤوس في تيمنزوزتن (Timanzouzten) ولها قدمين فقط.(25)
إضافة إلى هذه الحيوانات المذكورة فقد جسدت حيوانات أخرى منها: الغزال، الأسد، الفهد، الحمار الوحشي، والقردة التي جسدت في كهوف تين تزاريفت (Tin Tzarift) والتماسيح المجسدة في كهوف إن إتينان (In Itinan) وواد جرات، وبقاياه التي عثر عليها في منطقة وان راشلة (Wan Rachla) جنوب الطاسيلي(26)، أما الأسماك فهي مجسدة في مشهد السباحين في تين تزاريفت ومنطقة صفار (Safar).
علاقة إنسان الطاسيلي ببيئته:
تركت الشعوب التي تعاقبت على منطقة الطاسيلي الكثير من الآثار منها مادة غزيرة من الفخار، غير أن الرسوم الملونة و النقوش الصخرية الكثيرة والمجسدة على جدران الكهوف هي التي صنعت الشهرة العالمية للطاسيلي ابتداء من عام 1933 تاريخ اكتشافها من طرف الملازم الأول الفرنسي "برينانس" ، وهناك أكثر من 15000 رسم و صورة تم إحصاؤها إلى يومنا هذا .
تمتد هذه الرسوم عبر الزمن حسب عدة فترات أو عهود تعكس كل واحدة منها حياة حيوانية معينة تتميز بنمط مختلف وهذه الفترات هي:
1- الفترة الطبيعية (Naturiste): وهي الأقدم وتعود إلى فترة العصر الحجري القديم:
2- الفترة المسماة بالقديمة أو العتيقة: الحيوانات المرسومة في هذه الفترة كثيرة جدا وتتناسب مع مناخ رطب.
3- فترة رعاة البقر: تمتد هذه الفترة من 4000 سنة قبل الميلاد إلى 1500 سنة قبل الميلاد، وهي الأهم من حيث عدد الرسوم المحفوظة التي تتميز برسوم للأشخاص وقطعان الأبقار، ومشاهد من الحياة اليومية.
4- فترة الخيول: تغطي الفترة نهاية العصر الحجري الحديث وهي تصادف اندثار العديد من الأنواع الحيوانية بسبب الجفاف كما تتميز بظهور الحصان(رسوم لخيول متوحشة وخيول مستأنسة موصولة بعربات).
5- فترة الجمال: بدأت في القرون الأولى من العهد الميلادي تتصادف مع ظهور الجمل.
تملك الحيوانات والنباتات هنا خصائص تميزها عن غيرها وهي تعود إلى فترات ما قبل التاريخ عندما كانت منطقة الطاسيلي أكثر رطوبة بكثير مما هي عليه الآن، ففي هذا الوسط عاش أناس وأنواع مرتبطة بالماء مثل الكركدن وأنواع مندثرة من المنطقة منذ بضعة آلاف من السنين مثل الجاموس، الفيل، وحيد القرن و الزرافة، كما تشهد وتدل على ذلك النقوش والرسومات.
كما أن هناك العديد من الرسوم الصخرية التي تدل على ممارسة الزراعة في منطقة الطاسيلي، ففي منطقة صفار (Safar) جسّدت الرسوم مجموعة من الأشخاص يحملون نوعا من القصب الطويل بشكل مذراة، وربما هم يقومون بذر الحبوب لأن أسفل هذا الرسم يوجد أشخاص كذلك جالسون يقومون بدرس الحبوب على أرجلهم(27)، ومشهد ثاني يمثل رجلان منهمكان في خدمة الأرض،(28) علاوة على هذا هناك مشهد آخر في منطقة جبارين يمثل نساء يضعن أقنعة برؤوس الطير ويحملن سنابل، وهو مشهد ربما يوحي إلى تقديس الإنسان لربّات الزراعة(29)، كما أننا نجد في منطقة أونرحات (Oinarhat) مشهدا آخر يبين أشخاصا يعملون في الزراعة، ومشهد آخر كذلك في نفس المنطقة يجسد أربعة أشخاص، ثلاثة منهم يعملون في الأرض والرابع يوضّح لهم طريقة العمل(30).
ونجد في الفن الصخري الممثل في الرسومات العديد من المشاهد التي تعبر عن البيئة الطاسيلية نذكر منها:
– رسومات تمثل راقصين في منطقة جبارين ويضم المشهد ما يقارب من 20 شخصا يضعون أقنعة وهم ينظرون إلى السماء، مما يدل على طقوس استدرار المطر واستعطاف الآلهة من اجل خصوبة الطبيعة واخضرار الأرض(31).
– مشهد في تين تتزاريفت (Tin Tazarift) ويجسّد ستة أشخاص يرقصون ويحملون أدوات يجهل حقيقتها، وفي أسفل المشهد تظهر صور حيوانات غير مكتملة(32).
– مشهد في جبارين (Djebarine) يمثل محاربون يصطحبون قبيلتهم وماشيتهم في رحلة بحث عن الماء والكلأ(33).
– مشهد في أوزيناري (Ozéneare) ، يمثل كذلك مجموعة من الرّماة في عملية بحث عن المراعي والعيون، حيث يشير الشخص الذي في المقدمة بيده إلى الأراضي من بعيد.(34)
– مشهد في تمنزوزين (Timenzouzine) ، يمثل مشهدا لمجموعة من الصيادين يهاجمون الحمار الوحشي.(35)
وكذلك الأمر بالنسبة لرسومات منطقة الفينوسات (Vénus) ، حيث يحلل الباحث مارسيا الياد علاقة إنسان الطاسيلي بالأرض من خلال هذه الرسوم بأنها علاقة مجسدة بالخصوبة، وأن خصوبة الأرض متضمّنة بالخصوبة النّسوية، فالحقل مثل المرأة، والعمل الزراعي أصبح يُمثَّل بالفعل الجنسي.(36)
أما الشواهد الصخرية المتعلّقة بالإنسان والحيوان فهي كثيرة، فرغبة الصياد في تكاثر الحيوانات دفعته إلى عبادة بعضها، وتدل مشاهد القطعان الكبيرة على النماء والزيادة، ومن بين هذه المشاهد رسومات منطقة تيكادودوماتين (Tekadedoumatin) ، حيث جسد النحات مشهدا من الرّعاة يجتهدون في جعل الأبقار تأتي في خط واحد(37) ، كما نجد رسومات لأبقار ذات أثداء كبيرة في تين تزاريفت تدل على الخصوبة، ومشاهد أخرى في إيهرن (Ihran) تمثل قطعان كبيرة من الأبقار والأغنام، ورسومات أخرى تعبّر عن التكاثر الحيواني كما هو مجسّد في منطقة انالودمان وإيهرن.(38)
وقد اصطاد صيادو الطاسيلي بعض الحيوانات البرية كالغزال والثيران وحيوانات أخرى بواسطة السهام والنبال، استطاعوا استئناس بعض منها، فمعظم البقايا الحيوانية التي عثر عليها في المنطقة تنتمي إلى أنواع مستأنسة من الأغنام والثيران والكلاب، غير أننا لا نستطيع أن نجزم أن جميع هذه الحيوانات قد استأنست استئناسا كاملا.
كما طور رعاة البقر الطاسيلي طريقة لتربية الماشية، كانت تدهش دائما من لا يعرفها، إذ يبدو أن الحضارة البقرية قد بلغت في ذلك العهد أوجها فاكتسبت فنا راقيا يتعلق بطرق تربية الماشية التي تتطلب تعلما طويلا(39).
كما تطلع إنسان الطاسيلي إلى تامين حياته الاقتصادية فتّطلع إلى القوى الطبيعية التي تتحكم في إنتاج محصوله الزراعي فاتجه إلى تجسيم هذه القوى في صورة جديدة من الآلهة كآلهة الأمومة التي كانت رمزا لفكرة الخصوبة والإنتاج.
وقد كان تشييد القرى الثابتة هو إحدى المظاهر المميزة في المرحلة الأولى من العصر الحجري الحديث الذي يتميز بالاقتصاد الزراعي، وهناك ما يشير إلى أن الملاجئ والمباني الطينية لم تتغير في الصحراء أثناء هذه الفترة، غير أنها توسعت وانتشرت حول موارد المياه، وهو توسع لم تعرفه الصحراء طيلة عصورها السابقة.
خلاصـــة:
دلت الأبحاث الأثرية ولا تزال على أن الشمال الإفريقي من أقدم المناطق التي استقر فيها الإنسان ومارس مختلف الأنشطة التي تلبي حاجياته وفي احتكاكه الطويل ببيئته، فتشير المعطيات الأثرية انه تجاوز مرحلة القنص والقطف إلى استئناس الحيوان ثم الزراعة في وقت مبكر، وقد استطاع إنسان الطاسيلي في التكيف المدهش مع شروط البيئة المتقلبة والقاسية فنحن لازلنا بعيدين عن إدراك ضغط تلك البيئة الحاسم كقوة مؤثرة في التطور الإنساني، هذا الإنسان الذي استطاع التكيف وعاش وتطور عبر التحولات المناخية الكبيرة، ومن الواضح أن كل ذلك قد حصل بفعل قدرات فكرية استثنائية تماما،حيث تعتبر نقوشه التي خلفها خطوة هامة في تطور قدراته التعبيرية سرعان ما وصلت إلى التعبير بالرموز والكتابة قبل العصر التاريخي، وهي على أية حال مصدر رئيسي للتعرف على الفكر الإنساني وقتذاك.
الجزائر عضو مؤسس في اتحاد المغرب العربي سنة 1988، وعضو في جامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة منذ استقلالها، وعضو في الإتحاد الإفريقي والأوبك والعديد من المؤسسات العالمية والإقليمية.
تلقب بـبلد المليون ونصف المليون شهيد نسبة لعدد شهداء ثورة التحرير الوطني التي دامت 7 سنوات ونصف. وتلقب تاريخيا بأرض الإسلام نظرا لتعلق شعبها بالإسلام وانطلاق الفتوحات منها نحو الأندلس وإفريقيا.
قول المصادر التاريخية أن بلكين بن زيري مؤسس الدولة الزيرية في الجزائر، حين أسس عاصمته عام 960 على أنقاض المدينة الرومانية إكوزيوم (Icosium) أطلق عليها اسم جزائر بني مزغنة نظرا لوجود 4 جزر صغيرة غير بعيد عن ساحل البحر قبالة المدينة. وهو ما أكده الجغرافيون المسلمون مثل ياقوت الحموي والإدريسي.
العثمانيون هم من أطلق اسم الجزائر على كافة البلاد باشتقاقه من اسم العاصمة
ستَعملتِ الجزائرُ سابقاً عدة أعلام كان آخرها ظهر أثناء حرب التحرير، والتي ترمز ألوانه: الأبيض لحب السلام، الأحمر لدم الشهداء، أما الأخضر فرمز التطور والازدهار، الهلال والنّجمة للإسلام
يوجد الشريط الساحلي في الشمال على مسافة 1660 كم[18]، من تونس شرقا إلى المغرب غربا. كما تقدر الحدود البحرية الجزائرية بـ 12 ميلاً بحريا شمال الساحل كمياه إقليمية وما بين 32 إلى 52 ميلاً بحريا كنطاق للصيد البحري.
بلغ طول حدود الجزائر البرية 6,343 كم تتوزع كالتالي
ليبيا 982 كم
تونس 965 كم
المغرب 1,559 كم
الجمهورية العربية الصحراوية الديموقراطية 42 كم
موريتانيا 463 كم
مالي 1,376 كم
النيجر 956 كم
بالرغم من المشاكل والنزاعات الحدودية، كما حدث في حرب الرمال، فإن الجزائر تمكنت من الاتفاق مع جيرانها على رسم الحدود المشتركة. كان ذلك:
مع تونس : اتفاق على رسم الحدود بين البلدين موقع في 6 يناير 1970 ما بين بير رمان والحدود الليبية [19]. ثم اتفاق على تعليم الحدود موقع في 19 مارس 1983.
مع المغرب : اتفاقية متعلقة برسم الحدود بين البلدين موقعة في 15 يونيو 1972.
مع موريتانيا : اتفاقية على تعليم الحدود بين البلدين موقعة في 13 ديسمبر 1983.
مع مالي: اتفاقية على تعليم الحدود بين البلدين موقعة في 8 ماي 1983.
مع النيجر : اتفاقية على تعليم الحدود بين البلدين موقعة في 5 يناير 1983.
مناخ الجزائر مناخ متوسطي شمالاً، بشتاء معتدل وممطر نسبيا، وحرارة بين 21-24 مئوية صيفا و02-12 مئوية شتاء. أما الهضاب فأمطارها أقل نسبة من الشمال، شتاءها مثلج ببرودة أدنى من الصفر مئوية أحيانا. صيفها جاف حار. الجو في الجنوب صحراوي، بليالي منعشة، صيفه بدرجات فوق 50 درجة مئوية، يحمل رياح السيروكو (المعروفة بالشهيلي)، كما تتخلل شتاؤه أمطار موسمية. تقدر نسبة الأمطار شمالا بـ 400-600 ملم سنويا، بزيادة من الغرب إلى الشرق، لتبلغ أقصاها في شمال شرق البلاد بمعدل 1000 ملم أحيانا.
للجزائر مجموعة متنوعة من الحيوانات والنباتات تتوزع في أرجاء البلاد ويمكن مشاهدتها مجموعة في الحظائر الوطنية وأبرزها :الحديقة الوطنية جرجرة، الحديقة الوطنية قورايا، الحديقة الوطنية بلزمة، الحديقة الوطنية الشريعة، الحديقة الوطنية طاسيلي ناجر، الحديقة الوطنية الهقار وأخيرا محمية الطبيعية المتواجدة في بحيرة الطيور في الطارف. وتمتلك الجزائر 107 نوعا من الثدييات بما في ذلك 47 محمية بالقانون الجزائري و30 معرضة للخطر. ولديها أيضا 336 نوع من الطيور 107 منها محمية.
الأنواع النباتية يتألف من عدة فئات الذي يتكون من 314 نوع نباتي نادر، 30 منها نادرة،300 نادرة جدا و600 مستوطنة و 64 توجد في الصحراء.
في جنوب الصحراء هي موطن الأسايس للحيوانات والتي تتكون من :الفنك، الغزلان، الجرابيع، قط الرمال، قط البري، الشيهم، السحالي، فهد الصحراء. في المرتفعات وجروف الهقار نجد الكباش البربرية. وفي شمال البلاد يتواجد بها : الضبع المخطط، الثعلب الأحمر، النمس، القط البري، ابن آوى الذهبي، الأرنب البري، خنزير البري. المكاك البربري يفضل الغابات المرتفعة في كل من جرجرة وقورايا.في الشتاء تصبح الأرض في الجزائر موقعا متميزا لإستقبال الطيور المهاجرة من أوروبا، بما في ذلك اللقالق، وأخيرا توجد الحيوانات الأليفة والتي تسمى بالأنعام وهي تتكون من الخراف، الماعز، الجمال، الخيول.
تمتلك الجزائر احتياطات طاقوية ومنجمية مهمة تتواجد عموما في جنوبها. ووفقا لشركة سوناطراك الجزائرية، فإن 67% من احتياطات البترول والغاز في حاسي مسعود ووادي ميا.الغاز في حاسي الرمل والنفط في حاسي مسعود، إليزي تحتوي على 14% من الاحتياط والبقية تتوزع على مناطق عدة. ويتم البخث عن النفط والغاز في كل من: حاسي مسعود، حاسي الرمل، عين أمناس، رورد نوس، تين فويي تابنكورت، القاسي الطويل، حاسي بركين، رهود أولاد جمعة، توات، القاسي، عين صالح.
نشاط التعدين في الجزائر متنوع جدا، فهناك أكثر من 30 معدن المستخدمة في مختلف الحاجيات البشرية من بينها : الحديد، الملح، الزنك، الرصاص، الباريت، الرخام، التنغستن، الذهب والمعادن الثمينة كالألماس، والأحجار الكريمة والمعادن النادرة. الحديد يتواجد في كل من منجمي الونزة وبوخضرة، خانقات الموحد، تمزيرت، بني صاف.أما أكبر منجم من حيث الاحتياطي فيوجد في غار جبيلات الذي اكتشف سنة 1957 شرق تندوف ومنجم مشري عبد العزيز (35 مليار طن من الحديد).في الهقار يوجد 173.000 طن من الذهب الخام في منجمي تيراك وأمسماسة واللذان ينتجان 18 غ/طن.وأما معدن الباريت فيحتوي على احتياط يساوي 40.000 طن والذي يستخرج من منجمي عين ميمون بخنشلة وبوقايد بتيسمسيلت.وأما الرصاص والزنك فهما يستخرجان من مناجم الشمال أهمها منجم سيدي كمبر في سكيكدة وعين بربار قرب عنابة، ومنجم العابد القريب من الحدود المغربية ووادي زندر بتلمسان وكذلك منجم الونشريس جنوب الشلف وجبل قسطر ب العلمة ومنجم خرزة يوسف بسطيف. البنتونيت يستخرج من منجمي قريبان من مغنية ومستغانم. والجزائر لديها كمية كبيرة من الملح لكثرة البحيرات والشطوط المالحة وقدر بمليار طن. وأما الفوسفات فهو يتركز بمنجمي جبل العنق والكويف وهو يقدر في الأول بمليار طن وسماكة احتياطه ما بين 5 و 30 م. اليورانيوم يتركز في مناجم الهقار
الزراعة في الجزائر قطاع إستراتيجي في الاقتصاد الوطني، ولايزال يلعب دورا هاما لذلك خصصت الجزائر جزءا كبيرا من مجهوداتها لتكثيف الزراعة. وحصة القيمة المضافة الزراعية في الناتج المحلي الإجمالي هو 10.1 ***1642;، وقدرت المناطق المروية ب197.835 هكتار عام 2022. والإنتاج الزراعي في الجزائر متنوع، لكنه يخضع لعامل التقلبات المناخية. مما يحعله يتغير من سنة إلى أخرى.ومنها:
الحبوب: بلغ إنتاج الجزائر للحبوب سنة 2022 بحوالي 45 مليون قنطار أي بانخفاض بحوالي 27% مقارنة بسنة 2022.[22].وهي المحصول الزراعي الرئيسي ،تشغل 3.04 مليون هكتار أي 46% من الأراضي المزروعة في المناطق الشمالية ومردودها مازلال ضعيفا حوالي 13 ق/هكتار.ولكن الدولة عازمة على توقيف استيراد القمح الصلب بعد خمس سنوات، وهي فترة ستعطي للفلاحين فرصة لتنظيم أنفسهم والاعتماد على التقنيات الحديثة والوصول إلى إنتاج ما بين 25 و30 قنطارا في الهكتار، خاصة، أن الجزائر جمدت استيراد هذا النوع من المنتجات ذات الاستهلاك الوطني الواسع منذ أفريل2009.
الخضر الجافة: هي زراعة معاشية في الجزائر ومردودعا ضعيف، تمارس بالتناوب مع الحبوب في المناطق التلية.
الأشجار المثمرة: تغطي 555.020 هكتارا أي 6.7% من المساحة المزروعة، أهم أنواعها:
الزيتون: ويغطي 310.000 هكتار 2/3 هذه المساحة توجد في 5 ولايات هي بجاية التي تضم لوحدها 30.8% منها، تيزي وزو، البويرة، جيجل، سطيف يقدر العدد الكلي للأشجار المزروعة ب24.6 مليون شجرة، 88% من الإنتاج موجه لإنتاج الزيت.والجزائر هي في المرتبة الخامسة في المستوى المتوسط
الكروم: تقلصت مساحة زراعة الكروم إلى 97.696 هكتار، وتنتشر في المنطقة التلية المواجهة للمطر وخاصة الجزء الغربي منها وهران.
الحمضيات: تتركز في الشريط الساحلي تقدر مساحتها ب:59.368 هكتار ،بلغ الإنتاج السنوي سنة 2022 5.7 مليون قنطار أي بمردود 99.2% ق/هكتار. تضم أبرز الولايات (غليزان، البليدة، الشلف، معسكر).
النخيل: تتركز معظم واحات النخيل في الصحراء الشمالية الشرقية، وتقدر ب18.7 مليون نخلة، تتوزع على 17 ولاية بمساحة إجمالية تقدر 170.000 هكتار.أنتج 6.5 مليون قنطار، بأنواعها المختلفة. أهمها دقلة نور التي تمثل 49% من إنتاج التمور، والدقلة البضاء التي تأتي في المرتبة الثانية بنسبة 30.2% من مجموع الإنتاج. كما تحتل ولاية بسكرة المرتبة الأولى في إنتاج دقلة نور.
المحاصيل الزراعية الصناعية: وأهمها الطماطم الصناعية والتبغ والبنجر السكري، وتخصص لها أخصب الأراضي الزراعية، وتنتشر في السهول الساحلية والأحواض الداخلية على مساحة تقدر بنحو 39.164 هكتار.وتوسعت زراعة الطماطم لتندمج في الواحات في بعض مناطق الجنوب مثل أدرار.
الثروة الحيوانية:تقوم تربية المواشي في الجزائر على خمسة أنواع رئيسية هي الأبقار، الأغنام، الماعز، الخيول، الجمال. تتصدر تربية الأغنام الإنتاج الحيواني بطريقة الرعي الواسع، في الهضاب العليا بصفة خاصة ويبلغ عددها 20 مليون رأس أي 80% من مجموع رؤوس الماشية. أما تربية الأبقار فتسود في المنطقة التلية وخاصة في الإقليم الشرقي منه.ويبقى النقص واضحا في المنتوجات الحيوانية سواء في في مادة الحليب أو الحلوم مما يؤدي إلى الاستيراد رغم دعم الدولة للمنتجين.
أحد العوامل الخطيرة على البيئة، زحف رمال الصحراء على الهضاب العليا والشمال الزراعي البلاد، ما يسمى بظاهرة التصحر. الزراعة التقليدية والاستغلال غير المسؤول للأراضي الزراعية ساهما في تعريتها، حيث عانت الثروة الغابية أثناء الاستعمار وقدرت سنة 1967 بـ 2.4 مليون هكتار، حين كانت 4 ملايين قبل 1830.
قامت الحكومة بحملات تشجير ضخمة خلال السبعينات (السد الأخضر) على مستوى خط الأطلس الصحراوي، من المغرب لتونس، 1500 كم طولا، إلى 20 كم عرضا. وقع الخيار على شجرة الصنوبر، المقاومة للجفاف، لإعادة التوازن المفقود للمحيط الغابي، حيث دخلت الصحراء لغاية مدينة بوسعادة، الموجودة في الهضاب العليا. تخلت الدولة عن البرنامج أواخر 1980، لضعف الدعم المالي.
إضافة لهذا، شبكات الصرف الصحي التي تصب في البحر مما يتسبب بنتائج سيئة جدا على الحياة والغطاء النباتي في تلك السواحل، ونهب رمال الوديان، الشيء الذي يغير مجرى سيرها وندرة مياه رغم حملات ترشيد الاستهلاك عبر الإعلانات في التلفاز والإذاعات الوطنية.تحلية مياه البحر صارت ضرورة، في حين بدأت جنرال إلكتريك عام 2022 أضخم مشروع لتحلية المياه في إفريقيا.
حسب تقدير يناير 2022، فإن سكان الجزائر بلغ 34.9 مليون نسمة، 99 في المئة مصنفون إثنيا كالعرب أو البربر. وفي بداية القرن 20، وعدد سكانه وكان ما يقرب من أربعة ملايين نسمة. نحو 90 في المئة من الجزائريين يعيشون في المنطقة الساحلية الشمالية ؛ تتركز أساسا الأقلية التي تعيش في الصحراء في الواحات، وعلى الرغم من أن نحو 1.5 مليون تبقى البدو الرحل أو جزئيا. أكثر من 25 في المئة من الجزائريين تحت سن 15 عاما.
الأمازيغ والطوارق هم السكان الأصليون للجزائر وشمال أفريقيا.
وكباقي الدول العربية عرف تاريخ الجزائر توافد مجموعات بشرية متنوعة منهم الإغريق والفنيقيون والرومان والبيزنطيين والوندال على الرغم من أنه ليس هناك مايثبت أنه حصل إختلاط كبير بين الأمازيغ وبين هذه الشعوب أما بعد الفتح الإسلامي توافد العرب والأندلسيون والعثمانيون.
وإعتنق مجمل السكان الإسلام بعد الفتوحات الإسلامية التي إستغرقت مايفوق قرن ونص لإكتمالها وبعد قرون بدأت هجرة أعداد معتبرة من القبائل العربية البدوية (بنو هلال وبنو سليم) التي قدمت من شبه الجزيرة العربية وإستقرت في صعيد مصر لفترة وهاجرت لشمال أفريقيا في القرن 11 وأدت هذه الهجرات إلى اختلاط العرب بالأمازيغ في مناطق واسعة وكان للإسلام الفضل في الانتشار السريع للغة العربية بين السكانثم انتشر التعريب في الممرات السهلية وسط الكتل الجبلية الشمالية وفي المدن الكبرى واستمر انتشار العربية ليشمل مناطق العنصر العربي فيها ضئيل كالجهة الشرقية لمنطقة القبائل الصغرى (منطقة القل بسكيكدة، ولاية جيجل ،شمالي ولاية ميلة)و أكثر منطقة الشاوية أما المناطق الصحراوية الجنوبية فإضافة إلى القبائل البدوية العربية فقد وفدت إليها مجموعات زنجية كانت تعيش تحت سلطة قبائل الطوارق (التوارق) الأمازيغية المسيطرة وقد انتشرت العربية بدورها بسبب إسلامهم لا سيما بانتشار التعليم ونشوء المدن في المناطق الصحراوية بعد الاستقلال (1962).
تنقسم الأمازيغية إلى لهجات متنوعة يتفاوت التفاهم بين ناطقيها من لهجة إلى أخرى ولأنه لا توجد إحصائيات رسمية حول المجموعات العرقية أو اللغوية أو الدينية بالجزائر، لكن بالاستعانة بإحصائيات السكان في مختلف الولايات ومقارنتها بالمعلومات الميدانية ومن مصادر أجنبية – بتحفظ- يمكن استنتاج أن الأمازيغية تستعمل كلغة تخاطب أولى أساسا بولايات تيزي وزو وبجاية وقسم من ولايتي البويرة وبرج بوعريريج (اللهجة القبائلية) وبعض المناطق المتفرقة بولاية خنشلة وباتنة وأم البواقي (الشاوية) وفي مناطق بولايتي تنمراست وإليزي (اللهجة التارقية)، أما الاستعمال الأكثر شيوعا فهو بالتوازي مع استعمال العربية (مناطق بولايات بجاية والبويرة وبومرداس للهجة القبائلية) وفي معظم المناطق الحضرية بولايات أم البواقي وخنشلة وباتنة وقسم من ولاية تبسة وسوق أهراس وبسكرة وميلة وسطيف (اللهجة الشاوية) ومن جهة أخرى فإنه توجد جيوب منعزلة للغة الأمازيغية بولايات البيض وتيبازة ومناطق صحراوية وهي في طور الاندثار.
تأثرت اللهجة الجزائرية كباقي اللهجات المغاربية باللغة الأمازيغية بدرجات مختلفة من منطقة لأخرى. كما أدى الاستعمار الفرنسي الطويل إلى استعارة أعداد كبيرة من الكلمات الفرنسية خاصة في لهجة العاصمة وضواحيها بشكل يجعل اللهجة الجزائرية المدينية صعبة الفهم أو حتى غير مفهومة أحيانا بالمشرق العربي بالرغم من أن البنية اللغوية الأصلية للعربية في الجزائر بحذف الاستعارات الفرنسية تجعلها أقرب إلى اللهجات العربية البدوية في الشام والخليج العربي وأفصح من لهجات حواضر الشام ومصر فكثير من اللهجات الجزائرية ينطق فيها بكل أو معظم الأحرف العربية التي تغيب عن اللهجات الشامية والمصرية (الجيم، القاف، الثاء ،الظاء).
الجزائر بلد موحد – أساسا- دينيا ومذهبيا، فالإسلام يعتنقه معظم السكان (99.99 بالمائة على الأقل)و قد زال التأثير الجزئي للمسيحية بعد الفتح الإسلامي وانتشر الإسلام ليكون الدين الأوحد باستثناء فئة يهودية تدعمت بنزوح اليهود الأندلسيين مباشرة أو عبر دول أروبية أخرى وفي العهد العثماني كان المسيحيون بالبلاد من الأسرى الأوروبيون وحتى بعد الاحتلال الفرنسي ورغم محاولات مكثفة للتنصير فإن النتائج كانت هزيلة ولم تسفر سوى عن بعض الأشخاص وبعض القرى المنعزلة بمنطقة القبائل بشكل أساسي اعتنقت المذهب الكاثوليكي.
لكن في سنوات التسعينات من القرن 20 عادت وتسارعت عمليات التنصير بدعم خارجي في مناطق متعددة من البلاد مما أسفر عن تنصر بضعة مئات عتنقوا أساسا مذاهب بروتستانتية إنجلية في مناطق بولايات تيزي وزو وبجاية بشكل علني وبشكل سري في مناطق مخلفة ببعض المدن الكبرى أما اليهود فقد هاجر معظمهم في بداية الاستقلال ولم تبق سوى مجموعة صغيرة.
المذهب المنتشر في الجزائر هو المذهب السني في معظم البلاد باستثناء أقسام من ولايتي غرداية وورقلة حيث لا تزال توجد مناطق تتبع المذهب الإباضي وهي تحديدا المناطق التي تقطنها قبيلة بني ميزاب الأمازيغية المتمسكة بهذا المذهب والتي لا تشكل سوى نسبة ضئيلة من السكان ويميل أهل السنة في الجزائر في الغالب إلى ترجيح الفقه المالكي المنتشر تقليديا في معظم شمال وغرب ووسط إفريقيا عن بقية المذاهب الفقهية السنية الأخرى مع بروز لافت لظاهرة مايعرف بالسلفية على غرار عدد من البلدان الإسلامية. كما يسجل في السنوات الأخيرة اهتمام الدولة بالطرق الصوفية مما جعل وجود هذه الأخيرة ملفتا خاصة في المناطق الغربية والجنوبية من البلاد
كانت الجزائر خلال العهد العثماني من أقوى الدول في حوض البحر الأبيض المتوسط، كما كانت تحتل مكانة خاصة في دولة الخلافة هذه إذ كانت تتمتع باستقلال كامل مكنها من ربط علاقات سياسية وتجارية مع أغلب دول العالم، بل وهي أول دولة اعترفت بحكومة الثورة الفرنسية عام 1789م وبالثورة الأمريكية بعد استقلالها عن التاج البريطاني عام 1776م. كان الاسم الحقيقي للدولة الـجـزائـريـة هو أيالة الجزائر وأحيانا اسم مملكة الجزائر، وأبرمت عشرات المعاهدات مع دول العالم.
كما بلغ أسطولها البحري قوة عظيمة بحيث استطاع خلال القرن الثامن عشر إحداث نظام للملاحة في المتوسط يضمن أمن الدولة الجزائرية خاصة والدولة العثمانية عامة وبصورة أعم بالنسبة للتجارة الدولية في هذا البحر، وهو ما جعل الدول الأوربية تعمل على إنهاء هذا النظام تحت غطاء إنهاء ما كان يسمى بـ " القرصنة " التي كانت تمارسها جموع المغامرين الأوربيين بموافقة دولهم ومؤازرتها لهم. في حين أن ذلك كان أسلوبا دفاعيا لمواجهة المد الاستعماري الذي انطلق منذ القرن الخامس عشر والذي دخلت الجزائر بمحض اختيارها من أجله ضمـــن "الخلافة العثمانية " وتحت حمايتها.
لقد بادرت فرنسا في "مؤتمر فيينا "1814/ 1815 م بطرح موضوع " أيالة الجزائر " فاتفق المؤتمرون على تحطيم هذه الدولة في مؤتمر " إكس لا شابيل " عام 1819 م حيث وافقت 30 دولة أوربية على فكرة القضاء على " دولة الجزائر" وأسندت المهمة إلى فرنساوانكلترا، وتوفرت الظروف المناسبة للغزو عندما تمكنت بحرية البلدين من تدمير الأسطول الجزائري في معركة " نافارين" Navarin سنة 1827م، حيث
كان في نجدة الأسطول العثماني وبذلك انتهت السيطرة الجزائرية على البحر الأبيض المتوسط. لقد كانت حادثة المروحة الذريعة التي بررت بها فرنسا عملية غزو الجزائر. بعد ضرب الداي حسين قنصل فرنسا بالمروحة نتيجة لاشتداد الخصام بينهما نظرا لعدم التزام فرنسا بدفع ديونها للخزينة الجزائرية التي قدمت لها على شكل قروض مالية ومواد غذائية بصفة خاصة خلال المجاعة التي اجتاحت فرنسا بعد ثورة 1789م، والتي قدرت بـ 20 مليون فرنك ذهبي في ذلك الوقت. فقرر الملك الفرنسي شارل العاشرإرسال أسطولا بحريا مبررا عملية الغزو بالثأر لشرف فرنسا والانتقام من الداي حسين
تعرضت سواحل الشمال الأفريقي في تونس والجزائر والمغرب لغزو مسلح من قبل أسبانيا والبرتغال بعد أن سقطت دولة الإسلام في الأندلس في أواخر القرن الخامس عشر الميلادي، وهو الأمر الذي جعل أهالي الجزائر يستغيثون بالدولة العثمانية الفتية، ويطلبون عونها، بعد مارؤوه من ضعف الدولة الزيانيةالتي لم تعد قادرة على حماية أراضيها من الحملات الإسبانية والبرتغالية. بلإضافة إلى تنازع سلاطينها، فاستجابت لندائهم الدولة العثمانية وضمت الجزائر لحمايتها، وبعثت بقوة من سلاح المدفعية، وألفين من الجنود الإنكشارية، وأذن السلطان سليم الأول لمن يشاء من رعاياه المسلمين بالسفر إلى الجزائر، والانخراط في صفوف المجاهدين تحت قيادة خير الدين بارباروسا الذي نجح في إنشاء هيكل دولة قوية، بفضل المساعدات التي تلقاها من الدولة العثمانية، واستطاع أن يوجه ضربات قوية للسواحل الأسبانية، وأن يجعل من الجزائر دولة قوية تهابها الدول الأوروبية.
ظلت الجزائر لمدة ثلاث قرون القاعدة الأولى لقوات الجهاد البحري الإسلامي في بلاد المغرب (المغرب العربي)، فلقد قامت البحرية الجزائرية بدورها على خير وجه، فهاجمت السواحل الشرقية لأسبانيا دون أن تجد من يقاومها، وكانت تعود في كل مرة بالأسرى والغنائم، كما هاجمت سواحل سردينيا وصقلية ونابولي، وهددت الصلات البحرية بين ممتلكات الإمبراطورية الأسبانية وممتلكاتها في إيطاليا، وكان رجال البحرية الجزائرية يهاجمون سفن الأعداء، ويأسرون بحارتها، ويستولون على السلع والبضائع التي تحملها. وفشل الأوربيون في إيقاف عمل المجاهدين، وعجزت سفنهم الضخمة عن متابعة سفن المجاهدين الخفيفة وشل حركتها. وقد ساعد على نجاح المجاهدين مهارتهم العالية، وشجاعتهم الفائقة، وانضباطهم الدقيق، والتزامهم بتنفيذ المهام الموكلة إليهم. وصار لرجال البحر الجزائريين مكانة مرموقة في مدينة الجزائر التي كان يعمها الفرح عند عودتهم، فكان التجار يشترون الرقيق والسلع التي يعودون بها، وكان نصيب البحارة من الغنائم كثيرا وهو ما أغرى الكثير بدخول البحرية والانتظام ضمن صفوفها، حتى إن عددا كبيرا من الأسرى المسيحيين كانوا يعلنون إسلامهم وينخرطون في سلك البحرية، وكان يطلق على هؤلاء اسم "العلوج".
من الجهاد إلى التجارة وفرض الجزية
ومع مرور الوقت اعتمدت الجزائر على أعمال هؤلاء وما يقومون به من مهاجمة السفن الأوربية والاستيلاء على بضائعها، وبعد أن كانت أعمال البحرية الجزائرية تتسم بطابع جهادي صارت تتسم بطابع تجاري، وبعد أن كانت تهدف إلى الحد من تغلغل الأوربيين في المغرب العربي وتحطيم شوكة أساطيلهم لتبقى عاجزة عن غزو البلاد، صارت تلك الأعمال حرفة لطلب الرزق. وقد عادت هذه الأعمال بالغنى الوافر على البلاد نتيجة للغنائم التي يحصلون عليها، بالإضافة إلى الرسوم التي كانت تفرضها الحكومة الجزائرية على معظم الدول الأوربية نظير عدم تعرضها لهجمات هؤلاء البحارة، فقد كانت بريطانيا تدفع سنويا 600 جنية للخزانة الجزائرية، وتقدم الدانمارك مهمات حربية وآلات قيمتها 4 آلاف ريال شنكو كل عام مصحوبة بالهدايا النفيسة. أما هولندا فكانت تدفع 600 جنيه، ومملكة صقلية 4 آلاف ريال، ومملكة سردينيا 6 آلاف جنيه،والولايات المتحدة الأمريكية تقدم آلات ومهمات حربية قيمتها 4 آلاف ريال و10 آلاف ريال أخرى نقدا مصحوبة بهدايا قيمة، وتبعث فرنسا بهدايا ثمينة عند تغيير قناصلها، وتقدم البرتغال هدايا من أحسن الأصناف، وتورد السويد والنرويج كل سنة آلات وذخائر بحرية بمبالغ كبيرة، وتدفع مدينتاهانوفر وبرن بألمانيا 600 جنيه إنجليزي، وتقدم أسبانيا أنفس الهدايا سنويا. كانت كل هذه الأموال تمد الخزينة الجزائرية بموارد سنوية هائلة طوال ثلاثة قرون، فضلا عن الضرائب التي فرضتها الحكومة على الأسرى والأسلاب والغنائم التي كانت تتقاضاها من رؤساء البحر لدى عودتهم من غاراتهم على السواحل الأوربية. وأدى وجود عدد كبير من أسرى الفرنجة، وخاصة ممن كانوا ينتمون منهم للأسر الغنية إلى قيام تجارة مربحة، فقد كان هؤلاء الأسرى يباعون ويشترون في أسواق محددة، وكان من يملكونهم يفاوضونهم في فدائهم أو يفاوضون من ينوبون عن أسرهم في ذلك، وفي بعض الأحيان كانوا يفاوضون الجمعيات الدينية التي كانت تتولى القيام بتقديم الفدية بالإنابة عن أهليهم مثل جمعية الثالوثيين واللازاريين، والمرتزقة.
وفي أواخر القرن الثامن عشر الميلادي بدأت السفن الأمريكية بعد أن استقلت أمريكا استقلالها عن إنجلترا سنة 1776م ترفع أعلامها لأول مرة سنة 1783م، وتجوب البحار والمحيطات. وقد تعرض البحارة الجزائريون لسفن الولايات المتحدة، فاستولوا على إحدى سفنها في مياه قادش، وذلك في يوليو 1785م، ثم ما لبثوا أن استولوا على إحدى عشرة سفينة أخرى تخص الولايات المتحدة الأمريكية وساقوها إلى السواحل الجزائرية. ولما كانت الولايات المتحدة عاجزة عن استرداد سفنها بالقوة العسكرية، وكانت تحتاج إلى سنوات طويلة لبناء أسطول بحري يستطيع أن يواجه الأسطول الجزائري اضطرت إلى الصلح وتوقيع معاهدة مع الجزائر في سبتمبر 1795م، وقد تضمنت هذه المعاهدة 22 مادة، وهذه الوثيقة هي المعاهدة الوحيدة التي تعهدت فيها الولايات المتحدة بدفع ضريبة سنوية لدولة أجنبية، وبمقتضاها استردت الولايات المتحدة أسراها، وضمنت عدم تعرض البحارة الجزائريين لسفنها. وظلت الولايات المتحدة تدفع هذه الضريبة حماية لسفنها حتى سنة 1812م، حيث سدد القنصل الأمريكي في الجزائر 62 ألف دولار ذهبا، وكانت هذه هي المرة الأخيرة التي تسدد فيها الضريبة السنوية.
مشاهدة الفيلم الجزائري الخاص بالثورة دورية نحو الشرق على اليوتيوب
الدستور الجزائري
تعريف الدستور؟
الدستور : هو القانون الأعلى الذي يحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة (بسيطة أم مركبة) ونظام الحكم (ملكي أم جمهوري) وشكل الحكومة (رئاسية أم برلمانية) وينظم السلطات العامة فيها من حيث التكوين والاختصاص والعلاقات التي بين السلطات وحدود كل سلطة والواجبات والحقوق الأساسية للأفراد والجماعات ويضع الضمانات لها تجاه السلطة.
وبذلك فان الدستور يوضح ما يأتي:
1- شكل الدولة هل هي دولة بسيطة الشكل أم أنها دولة مركبة أي ناتجة من اتحاد فيدرالي ( مكونة من ولايات متحدة مع بعضها ) أم اتحاد كونفدرالى ( تحتفظ فيه الدولة الداخلة في الاتحاد بشخصيتها الدولية مع بعضها البعض بحيث يتم تحقيق بعض الأهداف المشتركة مثل جامعة الدول العربية).
2- يبين نظام الحكم ملكي أم جمهوري وما هي الشروط الواجب توافرها في شخص ما حتى يصبح ملكا أم رئيسا وكيفية توليه لهذا المنصب.
3- يبين كيف يحكم الملك أو الرئيس عن طريق حكومة رئاسية أم برلمانية وما هي اختصاصات كلا منهما أو مسئولياته وحدودها .
4- يبين الدستور العلاقات بين السلطات العامة التشريعية والقضائية والتنفيذية واختصاصات كلا منهما وحدود تلك السلطات .
5- يبين واجبات المواطنين وكيفية أدائهم للواجبات وحقوقهم وحرياتهم وضمانات حصولهم عليها وممارستهم لها تجاه السلطة.
هناك مجموعة من الشروط التي يجب أن يخضع لها أي نظام حتى نقول بأن هذا النظام هو نظام دستوري أم لا وهذه الشروط هى:أولا: أن يخضع النظام الحاكم وحكومته لأحكام القانون وان تلتزم بها في تصرفاتها وبذلك فان الدولة التي لا يلتزم فيها الحاكم بحدود القانون ويخرج عليه يكون نظام حكم أستبدادى فاقدا لشرعية وجوده.
ثانيا: عدم تركيز السلطة في يد الحاكم بحيث تقسم السلطات العامة في الدولة وتوزع بين هيئات مختلفة ومستقلة يحد بعضها سلطان بعض عن طريق الرقابة المتبادلة بينها والتي تمنع استبداد الحاكم وتسلطه.
ثالثا: أن يكون الدستور مطبقا تطبيقا فعليا : بحيث تتشكل الحكومة وفقا لأحكام الدستور وشروطه وتباشر الاختصاصات التي منحها لها الدستور فإذا لم تتشكل الحكومة وفقا لأحكام الدستور أو مارست اختصاصات لم يمنحها لها الدستور يتنافى مع قيام النظام الدستوري وتصبح حكومة غير شرعية.
وقد كان اول دستور جزائري في سنة 1963ثم بدات تطرأ عليه تعديلات مما جعله في كل مرة يظهر بشكل وببنود وقوانين جديدة ومعدلة ،
المقدمة.
الأهداف و المبادئ الأساسية.
الحقوق الأساسية .
جبهة التحرير الوطني .
ممارسة السيادة: المجلس الوطني.
السلطة التنفيذية.
العدالة.
المجلس الدستوري.
المجلس الأعلى.
تعديل الدستور.
أحكام انتقالية.
ما فتئ الشعب الجزائري منذ ما ينيف على المائة سنة، يواصل كفاحا مسلحا و كفاحا آخرا خلقيا و سياسيا ضد الغزو الاستعماري في جميع أشكال، اضطهادها، و ذلك عقب عدوان سنة 1830 على الدولة الجزائرية و احتلال القوات الاستعمارية الفرنسية للبلاد.
و في غرة نوفمبر عام 1954، استنفرت جبهة التحرير الوطني تعبئة جميع طاقات الأمة، ذلك أن النضال من أجل تحقيق الاستقلال قد بلغ مرحلته النهائية.
فاحتدمت حرب الإبادة التي شنها الاستعمار الفرنسي، وسقط ضحيتها في ميدان الشرف أكثر من مليون شهيد، اشتروا بحياتهم حبهم للوطن و الحرية.
و في شهر مارس عام 1962، خرج الشعب الجزائري منتصرا من هذه المعركة، التي اصطلى حرها سبع سنوات و نصف، بقيادة جبهة التحرير الوطني.
ثم شرعت الجزائر تجدد لنفسها أنظمة سياسية قومية، بعد استرجاعها لسيادتها، اثر مائة و اثنتين و ثلاثين سنة (132) من السيطرة الاستعمارية، و النظام الإقطاعي.
فمضت الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية توجه مناحي نشاطها إلى طريق تشييد البلاد، وفاء منها للميثاق الذي أقره المجلس القومي للثورة الجزائرية في طرابلس، و طبقا للمبادئ الاشتراكية و الممارسة الفعلية للسلطة من طرف الشعب الذي يشكل طليعته الفلاحون، و الجماهير الكادحة، و المثقفون الثوريون.
إن الشعب الجزائري لمواصل زحفه في طريق ثورة ديمقراطية شعبية، بعد أن حقق هدف الاستقلال الوطني الذي استهدفته جبهة التحرير الوطني في غرة نوفمبر 1954.
هذه الثورة المتجسمة في :
– الشروع في إنجاز الإصلاح الزراعي، و إنشاء اقتصاد وطني ينهض العمال بتسييره.
– و انتهاج سياسة اجتماعية لفائدة الجماهير كي يرتفع مستوى معيشة العمال، و التعجيل بترقية المرأة قصد اشتراكها في تدبيرالشؤون العامة، و تطوير البلاد، و محو الأمية، و تنمية الثقافة القومية، و تحسين السكن، و الحالة الصحية العامة.
– و توخي سياسة دولية قائمة على قاعدة من الاستقلال، و التعاون الدولي، و مناهضة الاستعمار، و المؤازرة الفعلية للحركات النضالية في العالم من أجل التحرير الوطني و الاستقلال.
– إن الإسلام و اللغة العربية قد كانا و لا يزال كل منهما قوة فعالة في الصمود ضد المحاولة التي قام بها النظام الاستعماري لتجريد الجزائريين من شخصيتهم. فيتعين على الجزائر التأكيد بأن اللغة العربية هي اللغة القومية الرسمية لها، و أنها تستمد طاقتها الروحية الأساسية من دين الإسلام، بيد أن الجمهورية تضمن حرية ممارسة الأديان لكل فرد و احترام آرائه و معتقداته.
إن الجيش الوطني الشعبي الذي كان بالأمس جيش التحرير الوطني هو بمثابة سنان الرمح في نضال التحرير القومي، من ثمة سيظل هذا الجيش مسهما في خدمة الشعب، ساهرا على النشاط السياسي داخل إطار الحزب، عاملا على تشييد الأنظمة الجديدة الاقتصادية منها و الاجتماعية للبلاد.
من الأهـــداف الأســاسية للجـمهورية، الوفاء لتقاليد أمتنا الفلسفية و الأخلاقية و السياسية، و المطابقة للاتجاه السياسي الدولي، الذي اختاره الشعب الجزائري.
كما أن الحقوق السياسية المعترف بها لكل مواطن بالجمهورية تمكنه من المساهمة بطريقة كلية و فعالة في فريضة تشييد البلاد، و تخول له النمو، و تعده لمعرفة نفسه بصورة منسجمة في نطاق المجموعة طبقا لمصالح البلاد، و اختيارات الشعب.
إن ضـــرورة قــيــام حزب الطليعة الواحد، و دوره المرجح في إعداد و مراقبة سياسة الأمة، هما المبدآن الجوهريان اللذان حملا على اختيار شتى الحلول لمعالجة المشاكل الدستورية التي تواجــه الـــدولة الـجزائرية و بذلك يتم ضمان السير المنسجم و الفعال للنظم السياسية المقررة في الدستور عن طريق جبهة التحرير الوطني التي :
– تعبئ و تنظم الجماهير الشعبية، و تهذبها لتحقيق الاشتراكية.
– و تدرك و تشخص مطامح الجماهير الشعبية بالاتصال الدائم بها.
– و تعد و تحدد سياسة الأمة و تراقب تنفيذها.
و يتم إعداد هذه السياسة و تنشيطها و توجيهها من طرف أشد العناصر الثورية وعيا ونشاطا.
– كما تقيم جبهة التحرير الوطني تنظيمها و قواعدها على مبدأ المركزية الديمقراطية.
إن الحزب وحده باعتباره الجهاز المحرك الدافع الذي يستمد قوته من الشعب، هو الذي يستطيع أن يحطم أجهزة الماضي الاقتصادية، و يقيم مقامها نظما اقتصادية يمارسها الفلاحون العاملون، و الجماهير الكادحة بصورة ديمقراطية.
كما أنه على الشعب أن يسهر على استقرار الأنظمة السياسية للبلاد، هذا الاستقرار الذي هو ضرورة حيوية بالنسبة لمهام التشييد الاشتراكي التي تواجهها الجمهورية.
أما النظام الرئاسي و النظام البرلماني التقليديان للحكم، فلا يمكن لهما أن يضمنا هذا الاستقرار المنشود، بينما النظام القائم على قاعدة هيمنة الشعب صاحب السيادة، و على الحزب الطلائعي الواحد، فإنه يمكنه أن يضمن ذلك الاستقرار بصورة فعالة.
إن جبهة التحرير الوطني التي تمثل القوة الثورة للأمة، تسهر على هذا الاستقرار، كما أنها ستكون خير ضمان لتجاوب سياسة البلاد مع المطامح العميقة للشعب.
المادة الأولى : الجزائر جمهورية ديمقراطية شعبية.
المادة 2 : و هي جزء لا يتجزأ من المغرب العربي و العالم العربي و افريقيا.
المادة 3 : شعارها "الثورة من الشعب و للشعب".
المادة 4: الإسلام دين الدولة و تضمن الجمهورية لكل فــرد احترام آرائه و معتقداته و حرية ممارسة الأديان.
المادة 5 : اللغة العربية هي اللغة القومية و الرسمية للدولة.
المادة 6 : علم الدولة أخضر و أبيض يتوسطه هلال و نجم أحمران.
المادة 7 : عاصمة البلاد الجزائرية هي مدينة الجزائر، مقر المجلس الوطنيو الحكومة.
المادة 8 : الجيش الوطني جيش شعبي، و هو في خدمة الشعب و تحت تصرف الحكومة بحكم وفائه لتقاليد الكفاح من أجل التحرير الوطني.
– و هو يتولى الدفاع عن أراضي الجمهورية و يسهم في مناحي النشاطالسياسي و الاقتصادي و الاجتماعي للبلاد في نطاق الحزب.
المادة 9 : تتكون الجمهورية من مجموعات إدارية يتولى القانون تحديد مداها و اختصاصها.
تعتبر البلدية أساسا للمجموعة الترابية و الاقتصادية و الاجتماعية.
المادة 10 : تتمثل الأهداف الأساسية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية في :
– صيانة الاستقلال الوطني و سلامة الأراضي الوطنية و الوحدة الوطنية.
– ممارسة السلطة من طرف الشعب الذي يؤلف طليعته فلاحون و عمال
و مثقفون ثوريون.
– تشييد ديمقراطية اشتراكية، و مقاومة استغلال الإنسان في جميع أشكاله، وضمان حق العمل و مجانية التعليم، و تصفية جميع بقايا الاستعمار.
– الدفاع عن الحرية و احترام كرامة الإنسان.
– مقاومة كل نوع من التمييز و خاصة التمييز العنصري و الديني.
-السلام في العالم.
– استنكار التعذيب و كل مساس حسّي أو معنوي بكيان الإنسان.
المادة 11 : توافق الجمهورية على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان و تنضم إلى كل منظمة دولية تستجيب لمطامح الشعب الجزائري و ذلك اقتناعا منها بضرورة التعاون الدولي.
المادة 12 : لكل المواطنين من الجنسين نفس الحقوق و نفس الواجبات.
المادة 13 : لكل مواطن استكمل 19 عاما من عمره حق التصويت.
المادة 14 : لا يجوز الاعتداء على حرمة السكن، و يضمن حفظ سر المراسلة لجميع المواطنين.
المادة 15 : لا يمكن إيقاف أي شخص و لا متابعته إلا في الأحوال المنصوص عليها في القانون و أمام القضاة المعينين بمقتضاه و طبقا للإجراءات المقررة بموجبه.
المادة 16 : تعترف الجمهورية بحق كل فرد في حياة لائقة و في توزيع عادل للدخل القومي.
المادة 17 : تحمي الدولة الأسرة باعتبارها الخلية الأساسية للمجتمع.
المادة 18 : التعليم إجباري، و الثقافة في متناول الجميع بدون تمييز إلا ما كان ناشئا عن استعدادات كل فرد و حاجيات الجماعة.
المادة 19 : تضمن الجمهورية حرية الصحافة، و حرية وسائل الإعلام الأخرى، و حرية تأسيس الجمعيات، و حرية التعبير، و مخاطبة الجمهور و حرية الاجتماع.
المادة 20 : الحق النقابي، و حق الإضراب، و مشاركة العمال في تدبير المؤسسات معترف بها جميعا، و تمارس هذه الحقوق في نطاق القانون.
المادة 21 : تضمن الجمهورية الجزائرية حق الالتجاء لكل من يكافح في سبيل الحرية.
المادة 22 : لا يجوز لأي كان أن يستعمل الحقوق و الحريات السالفة الذكر في المساس باستقلال الأمة و سلامة الأراضي الوطنية و الوحـــدة الوطنيـــة و مؤسسات الجمهورية و مطامح الشعب الاشتراكية، ومبدأ وحدانية جبهة التحرير الوطني.
المادة 27 : السيادة الوطنية للشعب يمارسها بواسطة ممثلين له قي مجلس وطني، ترشحهم جبهة التحرير الوطني، و ينتخبون باقتراع عام مـباشر و سرى لمدة خمسة سنين.
المادة 28 : يعبر المجلس الوطني عن الإرادة الشعبية، و يتولى التصويت على القوانين، و يراقب النشاط الحكومي.
المادة 29 : يحدد القانــون طريــقة انتــخاب النــواب في المجلس الوطني و عددهم، و شروط صلاحية انتخابهم، و نظام ما يتنافى و النيابة.
و في حالة النزاع حول قانونية انتخاب النائب، تتولى "لجنة مراجعة السلطة و تصحيح النيابة" المنصوص عليها في النظام الداخلي للمجلس، الفصل في الموضوع طبقا للشروط المحددة.
المادة 30 : لا يمكن للمجلس الوطني الإعلان عن إسقاط النائب إلا بأغلبية ثلثي أعضائه و باقتراح من الهيئة العليا لجبهة التحرير الوطني.
المادة 31 : يتمتع النائب بالحصانة البرلمانية خلال مدة نيابته.
المادة 32 : لا يجوز إيقاف أي نائب، أو متابعته فيما يتعلق بالقضايا الجنائية دون إذن المجلس الوطني إلا في حالة التلبس بالجريمة، و يوقف حبس أو متابعة النائب بطلب من المجلس الوطني.
و في حالة التلبس بالجريمة يقدم فورا إخطار المتابعة أو الإجراءات المتخذة ضد النائب إلى مكتب المجلس الذي يمكنه أن يطالب بموجب سلطة القانون اتخاذ التدابير الضرورية لاحترام مبدأ الحصانة البرلمانية. و لا تجوز متابعة أي عضو من أعضاء المجلس الوطني، أو إيقافه أو حبسه، أو محاكمته بسبب ما يدلي به من آراء أو تصويت خلال ممارسة نيابته.
المادة 33 : يجتمع المجلس الوطني وجوبا قبل اليوم الخامس عشر الموالي لانتخاب أعضائه و يعمد إلى تصحيح نيابتهم.
و ينتخب فورا رئيسه و مكتبه و لجانه.
المادة 34 : رئيس المجلس الوطني هو الشخصية الثانية في الدولة.
المادة 35 : يحدد المجلس الوطني في قانونه الداخلي قواعد تنظيمه و تسييره.
المادة 36 : لرئيس الجمهورية و للنواب حق المبادرة بتقديم القوانين.
توضع مشاريع و اقتراحات و تصميمات القوانين على مكتب المجلس الذي يحيلها على اللجان البرلمانية المختصة لدراستها.
المادة 37 : لأعضاء الحكومة حق حضور جلسات المجلس الوطني و المشاركة في مناقشة اللجان.
المادة 38 : يمارس المجلس الوطني مراقبته للنشاط الحكومي بواسطة :
– الاستماع إلى الوزراء داخل اللجان
– السؤال الكتابي.
– السؤال الشفوي مع المناقشة أو بدونها.
ملحق 2:قانون رقم 80-01 مؤرخ في 24 صفر عام 1400 الموافق 12 ينايـــر سنة 1980 يتضمن التعديل الدستوري.
المادة 1 : الجزائر جمهورية ديمقراطية شعبية، و هي وحدة لا تتجزأ. الدولة الجزائرية دولة اشتراكية.
المادة 2 : الإسلام دين الدولة.
المادة 3 : اللغة العربية هي اللغة الوطنية و الرسمية.
تعمل الدولة على تعميم استعمال اللغة الوطنية في المجال الرسمي.
المادة 4 : عاصمة الجمهورية مدينة الجزائر.
النشيد الوطني و خاصيات العلم و خاتم الدولة، يحددها القانون.
المادة 5 : السيادة الوطنية ملك للشعب، يمارسها عن طريق الاستفتاء أو بواسطة ممثليه المنتخبين.
المادة 6 : الميثاق الوطني هو المصدر الأساسي لسياسة الأمة و قوانين الدولة.
و هو المصدر الإيديولوجي و السياسي المعتمـــد لـمؤسسات الــحزب و الدولة على جميع المستويات.
الميثاق الوطني مرجع أساسي أيضا لأي تأويل لأحكام الدستور.
المادة 7 : المجلس الشعبي هو المؤسسة القاعدية للدولة، و الإطار الذي يتم فيه التعبير عن الإرادة الشعبية و تتحقق فيه الديمقراطية.
كما أنه القاعدة الأساسية للامركزية و لمساهمة الجماهير الشعبية في تسيير الشؤون العمومية على جميع المستويات.
المادة 8 : تمثل المجالس الشعبية المنتخبة، بحكم محتواها البشري، القوى الاجتماعية للثورة.
تتكون الأغلبية، ضمن المجالـــس الــشعبية المنتــخــبة، من العمال و الفلاحين
يعتبر عاملا كل شخص يعيش من حاصل عمله الـيدوي أو الــفكري و لا يستخدم لمصلحته الخاصة غيره من العمال أثناء ممارسة نشاطه المهني.
المادة 9 : يجب أن تتوفر في ممثلي الشعب مقايــيس الكــفاءة و النــزاهــة و الالتزام يتنافى تمثيل الشعب مع الثراء أو امتلاك مصالح مالية.
رجـوع
المادة 10 : الاشتراكية اختيار الشعب الذي لا رجعة فيه، كما عبر عن ذلك بكامل السيادة في الميثاق الوطني. و هي السبيل الوحيد الكفيل باستكمال الاستقلال الوطني.
مفهوم الاشتراكية، طبقا لما ورد في الميثاق الوطني نصا و روحا، هو تعميق لثورة فاتح نوفمبر 1954 و نتيجة منطقية لها.
الثورة الجزائرية ثورة اشتراكية تستهدف إزالة استغلال الإنسان للإنسان، شعارها : "من الشعب و إلى الشعب".
المادة 11 : تتوخى الاشتراكية تحقيــق تطــور البلاد، و تحويـل العمال و الفلاحين إلى منتخبين واعين و مسئولين، و نــشر الــعدالة الاجتماعية، و توفير أسباب تفتح شخصية المواطن.
تحدد الثورة الاشتراكية خطوط عملها الأساسية للتعجيل بترقية الإنسان إلى مستوى من العيش يتلاءم و ظروف الحياة العصرية، و تمكين الجزائر من إرساء قاعدة اجتماعية اقتصاديــة متحررة مــن الاستغلال و التخلف.
سيحظى النظام الاجتماعي والاقتصادي الذي ترتكز عليه الاشتراكية بالتطوير المستمر، بحيث يستفيد من مزايا الرقى العلمي و التقني.
المادة 12 : ترمي الاشتراكية إلى تحقيق أهداف ثلاثة :
1- دعم الاستقلال الوطني .
2- إقامة مجتمع متحرر من استغلال الإنسان للإنسان.
3- ترقية الإنسان و توفير أسباب تفتح شخصيته و ازدهارها.
و تعود إلى مؤسسات الحزب و الدولة مهمة تحقيق هذه الأهداف المتكاملة المتلازمة.
المادة 13 : يشكل تحقيق اشتراكية وسائل الإنتاج قاعدة أساسية للاشتراكية، و تمثل ملكية الدولة أعلى أشكال الملكية الاجتماعية.
المادة 14 : تحدد ملكية الدولة بأنها الملكية المحوزة من طرف المجموعة الوطنية التي تمثلها الدولة.
و تـشـمل هــذه الملكية، بكيفية لا رجعة فيها : الأراضي الرعوية، و الأراضي المؤممة، زراعية كانت أو قابلة للزراعة، و الغابات، و المياه، وما في باطن الأرض، و المنــاجم، و المـقالع، و المصادر الطبيعية للطاقة، و للثروات المعدنية الطبيعية و الحيّة للجرف القاري و للمنطقة الاقتصادية الخاصة.
تعد أيضا أملاكا للدولة بشكل لا رجعة فيه، كل المؤسسات و البنوك و مؤسسات التأمين و المنشآت المؤممة، و مؤسسات النقل بالسكك الحديدية و النقل البحري و الجوي، و الموانئ، و وسائل المواصلات و البريد و البرق و الهاتف، و التلفزة و الإذاعة، و الوسائل الرئيسية للنقل البري، و مجموع المصانع و المؤسسات و المنشآت الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية التي أقامتها الدولة أو تقيمها أو تطورها، أو التي اكتسبتها أو تكتسبها.
يـشـمل احتكار الدولة، بصفة لا رجعة فيها، التجارة الخارجية و تجارة الجملة.
يـمـارس هـذا الاحتكار في إطـار الـقـانون.
المادة 15 : على المؤسسات الاشتراكية التي تكلفها الدولة باستثمار أو استغلال أو تنمية جزء من ممتلكاتها أن تذكر في موازنتها وفقا لأحكام القانون، قيمة الأصول المعادلة لقيمة الممتلكات الموضوعة تحت تصرفها.
يتم استخلاف قيمة هذه الأصول، و عند الاقتضاء إعادة تقييمها، حسب القواعد و الطرق المحددة في التشريع.
المادة 16 : الملكية الفردية ذات الاستعمال الشخصي أو العائلي مضمونة.
الملكية الخاصة غير الاستغلالية، كما يعرفها القانون، جزء لا يتجزأ من التنظيم الاجتماعي الجديد.
الملكية الخاصة، لا سيما في الميدان الاقتصادي، يجب أن تساهم في تنمية البلاد و أن تكون ذات منفعة اجتماعية. و هي مضمونة في إطار القانون.
حـق الإرث مـضـمـون.
المادة 17 : لا يتم نزع الملكية إلا في إطار القانون.
و يترتب عنه أداء تعويض عادل و منصف.
لا تجوز معارضة إجراء نزع الملكية للصالح العام بحجة أية اتفاقية دولية.
المادة 18 : تشكل الثورة الثقافية و الثورة الزراعـية و الـثورة الــصــناعية، و التوازن الجهوي، و الأساليب الاشتراكية للتسيير، المحاور الأساسية لبناء الاشتراكية.
المادة 19 : تستهدف الثورة الثقافية على الخصوص :
أ) التأكيد على الشخصية الوطنية و تحقيق التطور الثقافي.
ب) رفع مستوى التعليم و مستوى الكفاءة التقنية للأمة.
جـ) اعتماد أسلوب حياتي ينسجم مع الأخلاق الإسلامية و مبادئ الثورة الاشتراكية مثلما يحددها الميثاق الوطني.
د) حفز الجماهير لتعبئها و تنظيمها للكفاح من أجل التطوير الاجتماعي و الاقتصادي للبلاد و الدفاع عن مكاسب الثورة الاشتراكية.
هـ) ضمان اكتساب وعي اجتماعي و القيام بعمل ملائم كفيل بتغيير البنايات البالية و المجحفة في المجتمع.
و) مكافحة الآفات الاجتماعية و مساوئ البيروقراطية.
ز) القضاء على السلوك الإقطاعي، و الجهوية، و مــحاباة الأقارب، و كل الانحرافات المضادة للثورة.
المادة 20 : تخلق الثورة الزراعية نموذجا جديدا لمجتمع ينبئ بجزائر تتطور كل جهاتها من مدن و أرياف، بكيفية منسجمة.
تستهدف الثورة الزراعية :
أ) تقويض الأركان المادية و المفاهيم المعادية للمجتمع، المتمثلة في استغلال الإنسان للإنسان.
ب) تحطيم قيود النظام الاقتصادي البائد القائم على التعبئة و الاستغلال.
جـ) بناء العلاقات الاجتماعية في الوسط الريفي على قواعد جديدة.
د) محو الفوارق بين المدن و الأرياف و خاصة ببناء القرى الاشتراكية.
هـ) جعل العمل المنتج قاعدة أساسية للنظام الاقتصادي و الاجتماعي في الأرياف.
المادة 21 : تستهدف الثورة الصناعية، بالإضافة إلى الإنماء الاقتصادي، تغيير الإنسان و رفع مستواه التقني و العلمي و إعادة تشكيل بنية المجتمع و هي تعمل في نفس الوقت على تحويل وجه البلاد.
تندرج الثورة الصناعية ضمن منظور اشتراكي يعطيها مدلولها العميــق و أبعادها السياسية.
المادة 22 : سياسة التوازن الجهوي اختيار أساسي. و هي ترمي إلى محو الفوارق الجهوية، و بالدرجة الأولى، إلى ترقية البلديات الأكثر حرمانا من أجل تأمين تنمية وطنية منسجمة.
المادة 23 : تشكل الأساليب الاشتراكية لتسيير المؤسسات عاملا لترقية العمال. و هم يتحملون، بمساهمتهم في التسيير، مسئوليات حقيقية بوصفهم منتجين واعين حقوقهم و واجباتهم.
المادة 24 : يرتكز المجتمع على العمل، و ينبذ التطفل نبذا جذريا، و يحكمه المبدأ الاشتراكي القائل : " من كل حسب مقدرته و لكل حسب عمله".
العمل شرط أساسي لتنمية البلاد، و هو المصدر الذي يضمن به المواطن وسائل عيشه.
يتم توظيف العمل حسب متطلبات الاقتصاد و المجتمع، و طبقا لاختيار العامل، و بناء على قدراته و مؤهلاته.
المادة 25 : تمارس سيادة الدولة الجزائرية على مجموع ترابهــا الوطــني، و على مجالها الجوي، و على مياهها الإقليمية.
كما تمارس سيادة الدولة على كل الوارد المختلفة الموجودة على كل سطح جرفها القاري أو في باطنه، و في منطقتها الاقتصادية الخاصة بها.
المادة 26 : تستمد الدولة سلطتها من الإرادة الشعبية.
و هي في خدمة الشعب وحده. و تستمد علة وجودها، و فاعليتها من تقبل الشعب لها.
المادة 27 : الدولة ديمقراطية في أهدافها و في تسييرها.
إن المساهمة النشيطة للشعب في التشييد الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي، و في تسيير الإدارة و مراقبة الدولة، هي ضرورة تفرضها الثورة.
المادة 28 : هدف الدولة الاشتراكية الجزائرية هو التغيير الجذري للمجتمع، على أساس مبادئ التنظيم الاشتراكي.
المادة 29 :تعمل الدولة على تغيير علاقات الإنتاج، و تسيير الاقتصاد الوطني، و تضمن تنمية على أساس تخطيط علمي المفهوم، ديمقراطي التصميم، حتمي التنفيذ.
تنظم الدولة الإنتاج و تحدد توزيع الدخل القومي، و هي العنصر الأساسي في تحويل الاقتصاد و مجموع العلاقات الاجتماعية.
المادة 30 : يجب أن يضمن المخطط الوطني التنمية المتكاملة و المنسجمة لكل جهات البلاد و في كل قطاعات النشاط، و يحقق استخداما فعالا لكل القوى المنتجة، و مزيدا للدخل القومي، و توزيعه توزيعا عادلا، و كذلك رفع مستوى حياة الشعب الجزائري.
المادة 31 : يتم إعداد المخطط الوطني بكيفية ديمقراطية.
يساهم الشعب في ذلك بواسطة مجالسه المنتخبة على المستوى البلدي و الولائي، و الوطني، و بواسطة مجالس العمال و المنظمات الجماهيرية.
يخضع تطبيق المخطط الوطني لمبدأ اللامركزية مع مراعاة التنسيق المركزي على مستوى الهيئات العليا للحزب و الدولة.
المادة 32 : تنشئ الدولة، لتسيير ممتلكات المجموعة الوطنية، مؤسسات يتلاءم تطور نشاطها مع مصالح الشعب و أهداف المخطط الوطني.
تحقق المؤسسات، طبقا لاتجاهات المخطط الوطني، تراكما ماليا لصالح الممتلكات الموضوعة تحت تصرفها، و لصالح المجموعة الوطنية.
المادة 33 : الدولة مسؤولة عن ظروف حياة كل مواطن.
فهي تكفل استيفاء حاجياته المادية و المعنوية، و بخاصة متطلباته المتعلقة بالكرامة و الأمن.
و هـي تستهـدف تـحرير المواطن من الاستغلال و البطـالـة و المرض و الجهل.
تتـكفـل الـدولـة بـحـمايـة مواطنـيها في الخارج.
المادة 34 : يستند تنظيم الدولة إلى مبدأ اللامركزية القائم على ديمقراطية المؤسسات و المشاركة الفعلية للجماهير الشعبية في تسيير الشؤون العمومية.
المادة 35 : تعتمد سياسة اللامركزية على توزيع حكيم للصلاحيات و المهام حسب تقسيم منطقي للمسئولية داخل إطار وحدة الدولة.
تستهدف سياسة اللامركزية منح المجموعات الإقليمية الوسائل البشـرية و المادية، و المسئولية التي تؤهلها للقيام بنفسها بمهام تنمية المنطقة التابعة لها كمجهود مكمل لما تقوم به الأمة.
المادة 36 : المجموعات الإقليمية هي الولاية و البلدية.
البلدية هي المجمــوعة الإقليـمـية السياسية و الإدارية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية في القاعدة.الـتـنظيـم الإقليمي و التقـسيم الإداري للبلاد خاضعان للقانون.
المادة 37 : ليست وظائف الدولة امتيازا بل هي تكليف.
على أعوان الدولة أن يأخذوا بعين الاعتبار مصالح الشعب و المنفعة العامة ليس غير، و لا يمكن بحال من الأحوال، أن تصبح ممارسة الوظائف العمومية مصدرا للثراء، و لا وسيلة لخدمة المصالح الخاصة.
المادة 38 : تتاح المسئوليات في الدولة للمواطنين الذين تتوفر فيهم مقاييس الكفاءة و النزاهة و الالتزام، و يعيشون من أجرتهم ليس غير، و لا يتعاطون، بصفة مباشرة أو عن طريق وسطاء، أي نشاط آخر يدر عليهم مالا.
المادة 39 : تضمن الحريات الأساسية و حقوق الإنسان و المواطنين.
كل المواطنين متساوون في الحقوق و الواجبات.
يلغى كل تمييز قائم على أحكام مسبقة تتعلق بالجنس أو العرق أو الحرفة.
المادة 40 : القانون واحد بالنسبة للجميع، أن يحمي أو يكره أو يعاقب.
المادة 41 : تكفل الدولة المساواة لكل المواطنين، وذلك بإزالة العقبات ذات الطابع الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي التي تحد في الواقع من المساواة بين المواطنين و تعق أزدها الإنسان، و تحول دون المشاركة الفعلية لكل المواطنين في التنظيم السياسي، و الاقتصادي، و الاجتماعي، و الثقافي.
المادة 42 : يضمن الدستور كل الحقوق السياسية و الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية للمرأة الجزائرية.
المادة 43 :الجنسية الجزائرية معرفة بالقانون.
شروط اكتساب هذه الجنسية والاحتفاظ بها أو فقدها أو إسقاطها، محددة بالقانون.
المادة 44 : وظـائـف الــدولة و المؤسسات التابعة لها متاحة لكل المواطنين، و هي في متناولهم بالتساوي و بدون أي شرط ماعدا الشروط المتعلقة بالاستحقاق و الأهلية.
المادة 45 : لا تجريم إلا بقانون صادر قبل ارتكاب العمل الإجرامي.
المادة 46 : كل فرد يعتبر بريئا، في نظر القانون، حتى يثبت القضاء إدانته طبقا للضمانات التي يفرضها القانون.
المادة 47 : يترتب عن الخطأ القضائي تعويض من الدولة.
يحدد القانون ظروف التعويض و كيفيته.
المادة 48 : تضمن الدولة حصانة الفرد.
المادة 49 : لا يجوز انتهاك حرمــة حـياة المواطن الـخاصــة و لا شرفــه، و القانون يصونهما.
سرية المراسلات و المواصلات الخاصة بكل إشكالها مضمونة.
المادة 50 : تضمن الدولة حرمة السكن. لا تفتيش إلا بمقتضى القانون و في حدوده.
لا تفتيش إلا بأمر مكتوب صادر عن السلطة القضائية المختصة.
المادة 51 : لا يتابع أحد و لا يلقى عليه القبض أو يحبس إلا في الحالات المحددة بالقانون و طبقا للإشكال التي نص عليها.
المادة 52 : في مادة التحريات الجزائية، لا يمكن أن تتجاوز مدة التوقيف للنظر 48 ساعة.
لا يمكن تمديد مدة التوقيف للنظر إلا بصفة استثنائية و وفقا للشروط المحددة بالقانون.
عند انتهاء مدة التوقيف للنظر يلزم إجراء فحص طبي على الشخص الموقوف إن طلب ذلك، على أن يعلم بإمكانية هذا الإجراء.
المادة 53 : لا مساس بحرية المعتقد و لا بحرية الرأي.
المادة 54 : حرية الابتكار الفكري و الفني و العلمي للمواطن مضمونة في إطار القانون.
حرية التأليف محمية بالقانون.
المادة 55 : حرية التعبير والاجتماع مضمونة، و لا يمكن التذرع بها لضرب أسس الثورة الاشتراكية.
تمارس هذه الحرية مع مراعاة أحكام المادة 73 من الدستور.
المادة 56 : حرية إنشاء الجمعيات معترف بها، و تمارس في إطار القانون.
المادة 57 : لكل مواطن يتمتع بكامل حقوقه المدنية و السياسية، حق التنقل بكل حرية في أي ناحية من التراب الوطني.
حق الخروج من التراب الوطني مضمون في نطاق القانون.
المادة 58 : يعد كل مواطن تتوفر في الشروط القانونية، ناخبا و قابلا للانتخاب عليه.
المادة 59 : حق العمل مضمون طبقا للمادة 24 من الدستور.
يمارس العامل وظيفته الإنتاجية باعتبارها واجبا و شرفا.
الحق في أخذ حصة من الدخل القومي مرهون بإلزامية العمل.
تخضع الأجور للمبدأ القائل : " التساوي في العمل يستلزم التساويفي الأجر"، و تحدد طبقا لنوعية العمل المنجز فعلا و لحجمه.
السعي وراء تحسين الإنتاجية هدف دائم للمجتمع الاشتراكي.
يمكن أن يتم التشجيع على العمل و الإنتاجية بواسطة حوافز معنوية، و بنظام ملائم قائم على الترغيب المادي، سواء على المستوى الجماعي أو الفردي.
المادة 60 : حق الانخراط في النقابة معترف به لجميع العمال، و يمارس في إطار القانون.
المادة 61 : تخضع علاقات العمل في القطاع الاشتراكي لأحكـام الـقــوانـين و التنظيمات المتعلقة بالأساليب الاشتراكية للتسيير.
في القطاع الخاص، حق الإضراب معترف به، و ينظم القانون ممارسته.
المادة 62 : تضمن الدولة أثناء العمل الحق في الحماية، و الأمن و الوقاية الصحية.
المادة 63 : الحق في الراحة مضمون.
يحدد القانون كيفية ممارسته.
المادة 64 : تكفل الدولة، في نطاق القانون، ظروف معيشة المواطنين الذين لم يبلغوا بعد سن العمل و الذين لا يستطيعون القيام به، و الذين عجزوا عنه نهائيا.
المادة 65 : الأسرة هي الخلية الأساسية للمجتمع، و تحظى بحماية الدولــة و المجتمع.
تحمي الدولة الأمومة، و الطفولة، و الشبيبة، و الشيخوخة، بواسطة سياسة و مؤسسات ملائمة.
المادة 66 : لكل مواطن الحق في التعلم.
* التعليم مجاني و هو إجباري بالنسبة لمدة المدرسة الأساسية في إطار الشروط المحددة بالقانون.
* تضمن الدولة التطبيق المتساوي لحق التعليم.
* تنظم الدولة التعليم.
* تــسـهر الـدولة علـى أن تكـــون أبواب التعليم و التكوين المهني و الثقافة مفتوحة بالتساوي أمام الجميع.
المادة 67 : لكل المواطنين الحق في الرعاية الصحية.
و هذا الحق مضمون عن طريق توفير خدمات صحية عامة و مجانية، و بتوسيع مجال الطب الوقائي، و التحسين الدائم لظروف العيش و العمل، و كذلك عن طريق ترقية التربية البدنية و الرياضية و وسائل الترفيه.
المادة 68 : يحظى كل أجنبي يقيم بصفة قانونية على التراب الوطني، بالحماية المخولة للأفراد و الأموال، طبقا للقانون و مراعاة لتقاليد الشعب الجزائري في الضيافة.
المادة 69 : لا يسلم أحد خارج التراب الوطني إلا بناء على قانون تسليم المجرمين وتطبيقا لأحكامه.
المادة 70 : لا يمكن بحال من الأحوال تسليم أو رد لاجئ سياسي يتمتع قانونا بحق اللجوء.
المادة 71 : يعاقب القانون على المخالفات المرتكبة ضد الحقوق و الحريــات و على كل مساس بالسلامة البدنية أو المعنوية للإنسان.
المادة 72 : يعاقب القانون على التعسف في استعمال السلطة.
تضمن الدولة مساعدة المواطن من أجل الدفاع عن حريته و حصانة ذاته.
المادة 73 : يحدد القانون شروط إسقاط الحقوق و الحريات الأساسية لكل من يستعملها قصد المساس بالدستور أو بالمصالح الرئيسية للمجموعة الوطنية، أو بوحدة الشعب و التراب الوطني، أو بالأمن الداخلي و الخارجي للدولة، أو بالثورة الاشتراكية.
المادة 74 : على كل شخص احترام الدستور، والامتثال لقوانــين الجمهورية و تنظيماتها.
لا يعذر أحد بجهل القانون.
المادة 75 : يجب على كل مواطن أن يحمي، بعمله و سلوكه، الملكية العمومية و مصالح المجموعة الوطنية، و يحترم مكتسبات الثورة الاشتراكية، و يعمل حسب مقدرته لرفع مستوى معيشة الشعب.
المادة 76 : التزام المواطن إزاء الوطن و مساهمته في الدفاع عنه من واجباته الدائمة.
على كل مواطن أن يؤدي بإخلاص واجباته تجاه المجموعة الوطنية.
المادة 77 : على كل مواطن حماية و صــيانة استقلال الوطن و سيــادتــه و سلامة ترابه.
يعاقب القانون بكل صرامة، على الخيانة و التجسس و الالتحاق بالعدو، و على كل الجرائم المرتكبة ضد أمن الدولة.
المادة 78 : كل المواطنين متساوون في أداء الضريبة. و على كل واحد أن يساهم، حسب إمكانياته، و في إطار القانون، في النفقات العمومية، لسد الحاجيات الاجتماعية للشعب و لتنمية البلاد و الحفاظ على أمنها.
لا يجوز إحداث أية ضريبة، أو جباية، أو رسم أو أي حق، بأثر رجعي.
المادة 79 : ينص القانون على واجب الآبــاء في تربيــة أبنائهــم و حمايتهم و على واجب الأبناء في معاونة آبائهم و مساعدتهم.
المادة 80 : على كل مواطن أن يتحلى بالانضباط المدني و يحترم حقوق الآخرين و حرياتهم و كرامتهم.
المادة 81 : على المرأة أن تشارك كامـل المشـاركة في التشييــد الاشتراكي و التنمية الوطنية.
المادة 82 : تتمثل المهمة الدائمة للجيش الوطني الشعبي، سليل جيش التحرير الوطني و درع الثورة، في المحافظة على استقلال الوطن و سيادته، و القيام بتأمين الدفاع عن الوحدة الترابية للبلاد و سلامتها، و حماية مجالها الــجوي و مســاحتها الترابية و مياهها الإقليمية و جرفها القاري و منطقتها الاقتصادية الخاصة بها.
يساهم الجيش الوطني الشعبي، باعتباره أداة الثورة في تنمية البلاد و تشييد الاشتراكية.
المادة 83 : العنصر الشعبي عامل حاسم في الدفاع الوطني.
الجيش الوطني الشعبي هو الجهاز الدائم للدفاع، الذي يتمحور حوله تنظيم الدفاع الوطني و دعمه.
المادة 84 : الخدمة الوطنية واجب و شرف.
لقد تأسست الخدمة الوطنية، تلبية لمتطلبات الدفاع الوطني و تأمين الترقية الاجتماعية و الثقافية لأكبر عدد ممكن، و للمساهمة في تنمية البلاد.
المادة 85 : يحظى المجاهدون و أولو الحق من ذويهم بحماية خاصة من طرف الدولة.
ضمان الحقوق الخاصة بالمجاهدين و أولي الحق من ذويهم، و الحفاظ على كرامتهم، فرض على الدولة و المجتمع.
المادة 86 : تتبنى الجمهورية الجزائرية المبادئ و الأهداف التي تتضمنها مواثيق الأمم المتحدة و منظمة الوحدة الإفريقية و الجامعة العربية.
المادة 87 : تندرج وحدة الشعوب العربية في وحدة مصير هذه الشعوب.
تلتزم الجزائر، كلما تهيأت الظروف الملائمة لقيام وحدة مبنية على تحرير الجماهير الشعبية، باعتماد صيغ للوحدة أو للاتحاد أو للاندماج، كفيلة بالتلبية الكاملة للمطامح المشروعة و العميقة للشعوب العربية.
وحدة الشعوب المغربية المستهدفة صالح الجماهير الشعبية، تتجسد كاختيار أساسي للثورة الجزائرية.
المادة 88 : تحقيق أهداف منظمة الوحدة الإفريقية و تشجيع الوحدة بين شعوب القارة يشكلان مطلبا تاريخيا و يندرجان كخط دائم في سياسة الثورة الجزائرية.
المادة 89 : تمتنع الجمهورية الجزائرية، طبقا لمواثيق الأمم المتحدة و منظمة الوحدة الإفريقية و الجامعة العربية، عن الالتجاء إلى الحرب قصد المساس بالسيادة المشروعة للشعوب الأخرى و حريتها.
و تبذل جهدها لحل النزاعات الدولية بالطرق السلمية.
المادة 90 : وفاء لمبادئ عدم الانحياز و أهدافه، تناضل الجزائر من أجل السلم، و التعايش السلمي، و عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
المادة 91 : لا يجوز البتة، التنازل عن أي جزء من التراب الوطني.
المادة 92 : يشكــل الكفــاح ضــد الاستعمار، و الاستعمار الجديد، و الإمبريالية، و التمييز العنصري، محورا أساسيا للثورة.
يشكل تضامن الجزائر مع كل الشعوب في إفريقيا و آسيا و أمريكا اللاتينية، في كفاحها من أجل تحررها السياسي و الاقتصادي، من أجل حقها في تقرير المصير و الاستقلال، بعدا أساسيا للسياسة الوطنية.
المادة 93 : يشكل دعم التعاون الدولي و تنمية العلاقات الودية بين الدول، على أساس المساواة، و المصلحة المتبادلة، و عدم التدخل في الشؤون الداخلية، مبدأين أساسيين للسياسة الوطنية.
المادة 94 : يقوم النظام التأسيسي الجزائري على مبدأ الحزب الواحد.
المادة 95 : جبهة التحرير الوطني هي الحزب الواحد في البلاد.
جبهة التحرير الوطني هي الطليعة المؤلفة من المواطنين الأكثر وعيا، الذين تحدوهم المثل العليا للوطنية و الاشتراكية، و الذين يتحدون بكل حرية ضمنها، طبقا للشروط المنصوص عليها في القوانين الأساسية للحزب.
مناضلو الحزب المختارون على الخصوص من بين العمال، و الفلاحين و الشباب، يصبون إلى تحقيق هدف واحد و إلى مواصلة عمل واحد غايته القصوى انتصار الاشتراكية.
المادة 96 : مؤسسات الحزب و كيفية تسييرها محددة بالقوانين الأساسية لجبهة التحرير الوطني.
المادة 97 : جبهة التحرير الوطني هي القـــوة الطلائــعيــة لقيــادة الشعب و تنظيمه من أجل تجسيم أهداف الثورة الاشتراكية.
تشكل جبهة التحرير الوطني دليل الثورة الاشتراكية و القوة المسيرة للمجتمع. و هــي أداة الـثــورة الاشتراكية في مــجـالات الــقـيـادة و التخطيط و التنشيط.
تسهر جبهة التحرير الوطني على التعبئة الدائمة للشعب، و ذلك بالتربية العقائدية للجماهير و تنظيمها و تأطيرها من أجل تشييد المجتمع الاشتراكي.
المادة 98 : تتجسد قيادة البلاد في وحدة القيادة السياسية للحزب و الدولة.
و في إطار هذه الوحدة، فإن قيادة الحزب هي التي توجه السياسة العامة للبلاد.
المادة 99 : ترتكز المؤسسات السياسية المنتخبة، في جميع المستويات، على مبدأ الجماعية في المداولة، و الأغلبية في القرار، و الوحدة في التنفيذ.
يتطلب تطبيق هذا المبدأ، على نطاق المؤسسات الحزبية، الوحدة في العقيدة و الإرادة، و الانسجام في العمل.
المادة 100 : المنظمات الجماهيرية، بإشراف الحزب و مراقبته، مكلفة بتعبئة أوسع فئات الشعب لتحقيق كبريات المهام السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية التي تتوقف عليها تنمية البلاد و النجاح في بناء الاشتراكية.
المــنـظمات الجــمــاهيرية مكلفة، دون غيرها، بمهمة تنظيم العمال و الفلاحين و الشباب و النــسـاء، و العمل على تعميق وعيهم لمسئولياتهم و للدور المتعاظم الذي يجب أن يضطلعوا به في بناء الوطن.
المادة 101 : تعمل أجهزة الحزب و أجهزة الـــدولة في إطــارين منــفصلين و بوسائل مختلفة من أجل تحقيق أهداف واحدة.
لا يمكن أن تتداخل اختصاصات كل منهما أو تختلط ببعضها.
يقوم التنظيم السياسي للبلاد على التكامل في المهام بين أجهزة الحزب و أجهزة الدولة.
المادة 102 : الوظائف الحاسمة في الدولة تسند إلى أعضاء من قيادة الحزب.
المادة 103 : العلاقات بيت أجهزة الحزب و أجهزة الدولة خاضعة لأحكام الدستور.
المادة 104 : يضطلع بقيادة الوظيفة التنفيذية رئيس الجمهورية، و هو رئيس الدولة.
المادة 105 : ينتخب رئيس الجمهورية عن طريــق الاقتراع الـــعام المباشر و السري.
يتم انتخاب المرشح بالأغلبية المطلقة من الناخبين المسجلين.
يقترح المرشح من طرف جبهة التحرير الوطني، و يمارس مؤتمرها مباشرة هذه الصلاحية ابتداء من انعقاد أول مؤتمر لها اثر دخول هذا الدستور حيز التنفيذ.
يحدد القانون الإجراءات الأخرى للانتخابات الرئاسية.
المادة 106 : يمارس رئيس الجمهورية السلطة السامية في النطاق المبيّن في الدستور.
المادة 107 : لا يؤهل أن ينتخب لرئاسة الجمهورية إلا من كانت له الجنسية الجزائرية أصلا، و يدين بالإسلام، و قد بلغ من العمر أربعين سنة (40) كاملة يوم الانتخاب، و يتمتع بكامل حقوقه المدنية و السياسية.
المادة 108 : المدة الرئاسية ست سنوات.
يمكن إعادة انتخاب رئيس الجمهورية.
المادة 109 : يــتقــلد رئــيس الجمهورية مهامه في الأسبوع الموالي لانتخابه، و يؤدي اليمين أمام الشــعــب و بمــحــضـر كل الهيئات العليا في الحزب و الدولة.
المادة 110 : يؤدي رئيس الجمهورية اليمين حسب النص الآتي :
"وفاء للتضحيات الكبرى و لأرواح شهداء ثورتنا المقدسة أقسم بالله العلي العظيم أن أحترم الدين الإسلامي و أمجده، و أن أحتــــرم الميثاق الوطني و الدستور، و كل قوانين الجمهورية و أحميها، و أن أحترم الاختيار الاشتراكي الذي لا رجعة فيه، و أن أحافظ على سلامة التــــراب الوطني و حدة الشعب و الأمة، و أن أحمي الحقوق و الحريات الأساسية للشعب و أعمل بدون هوادة على تطوره و سعادته، و أن أسعى بكل قواي من أجل تحقيق المثل العليا للعدالة و الحرية و السلم في العالم".
المادة 111 : يضطلع رئيس الجمهورية، بالإضافة إلى السلطات المخولة له بنص هذا الدستور، بالسلطات و الصلاحيات الآتية :
1- يمثل الدولة داخل البلاد و خارجها.
2- يجسد وحدة القيادة السياسية للحزب و الدولة.
3- يحمي الدستور.
4- يتولى القيادة العليا لجميع القوات المسلحة للجمهورية.
5- يتولى مسئولية الدفاع الوطني.
6- يقرر طبقا للميثاق الوطني و لأحكام الدستور، السياسة العامة للأمة في المجالين الداخلي و الخارجي، و يقوم بقيادتها و تنفيذها.
7- يحدد صلاحيات أعضاء الحكومة طبقا لأحكام الدستور.
8- يترأس مجلس الوزراء.
9- يترأس الاجتماعات المشتركة لأجهزة الحزب و الدولة.
10- يضطلع بالسلطة التنظيمية.
11- يسهر على تنفيذ القوانين و التنظيمات.
12- يعين الموظفين المدنيين و العسكريين، طبقا للقانون.
13- له حق إصدار العفو و حق إلغاء العقوبات أو تخفيضها و كذلك حق إزالة كل النتائج القانونية، أيا كانت طبيعتها، و المترتبة على الأحكام التي تصدرها المحاكم.
14- يمكن له أن يعمد لاستفتاء الشعب في كل القضايا ذات الأهمية الوطنية.
15- يمكن له أن يفوض جزءا من صلاحياته لنائب رئــيس الــجمــهــورية و للوزير الأول مع مراعاة أحكام المادة 116 من الدستور.
16- يعين سفراء الجمهورية و المفوضين فوق العادة للخارج و ينهي مهامهم، و يتسلم أوراق اعتماد الممثلين الدبلوماسيين الأجانب، و أوراق إنهاء مهامهم.
17- يبرم المعاهدات الدولية و يصادق عليها وفقا لأحكام الدستور.
18- يقلد أوسمة الدولة و نياشينها و ألقابها الشرفية.
المادة 112 : يمكن لرئيس الجمهورية أن يعين نائبا لرئيس الجمهورية يساعده و يعينه في مهامه.
المادة 113 : يعين رئيس الجمهورية أعضاء الحكومة.
يمكن لرئيس الجمهورية أن يعين وزيرا أول.
المادة 114 : تمارس الحكومة الوظيفة التنفيذية بقيادة رئيس الجمهورية.
الوطني وجوبا، و يثبت حالة الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية.
المادة 115 : نائب رئيس الجمهورية و الوزير الأول و أعضاء الحكومة مسئولون أثناء ممارسة كل منهم لمهامه، أمام رئيس الجمهورية.
المادة 116 : لا يجوز بأي حال من الأحوال أن يفرض رئيس الجمهورية سلطته في تعيين نائب رئيس الجمهورية و الوزير الأول و أعضاء الحكومة، أو إعفائهم من مهامهم، و لا في إجراء استفتاء، أو في حل المجلس الشعبي الوطني، أو تنظيم انتخابات تشريعية مسبقة، و لا في تطبيق الأحكام المنصوص عليها في المواد 119 إلى 124 من الدستور، و كذلك السلطات الواردة في الفقرات من 4 إلى 9 و الفقرة 13 من المادة 111 من الدستور.
المادة 117 : في حالة وفاة رئيس الجمهورية أو استقالته، يجتمع المجلس الشعبي الوطني، وجوبا، و يثبت حالة الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية.
يتولى رئيس المجلس الشعبي الوطني مهام رئيس الدولة لمدة أقصاها خمسة و أربعون يوما ( 45 ) تنظم خلالها انتخابات رئاسية. ولا يحق لرئيس المجلس الشعبي الوطني أن يكون مرشحا لرئاسة الجمهورية.
يستدعى مؤتمر استثنائي للحزب قصد تعيين المرشح لرئاسة الجمهورية.
يمارس رئيس الجمهورية المنتخب مهامه طبقا لأحكام المادة 108 من الدستور.
المادة 118 : لا يمكن حل أو تعديل الحكومة القائمة إبان وفاة أو استقالة رئيس الجمهورية إلى أن يتسلم رئيس الجمهورية الجديد مهامه.
لا يمكن أثناء فترة الخمسة و الأربعين يوما ( 45 ) المشار إليها في الفقرة الثانية من المادة 117 من الدستور، تطبيق أحكام المادتين 112 و 113 و لا أحكام الفقرات 7 و 13 و 14 من المادة 111 و لا أحكام المادتين 123 و 163 من الدستور.
لا يمكن أثناء نفس الفترة، إنهاء مهام نائب رئيس الجمهورية و الوزير الأول.
كما لا يمكن تطبيق أحكام المواد 120 و 121 و 122 و 124 من الدستور إلا بموافقة المجلس الشعبي الوطني مع الاستشارة المسبقة لقيادة الحزب.
المادة 119 : في حالة الضرورة الملحة، يقرر رئيس الجمهورية، في اجتماع لهيئات الحزب العليا و الحكومة، حالة الطوارئ أو الحصار، و يتخذ كل الإجراءات اللازمة لاستتباب الوضع.
المادة 120 : إذا كانت البلاد مهددة بخطر وشيك الوقوع على مؤسساتها، أو على استقلالها، أو سلامة ترابها، يقرر رئيس الجمهورية الحالة الاستثنائية.
يــتــدخل مــثــل هــذا الإجراء أثناء اجتماع الهيئات العليا للحزب و الحكومة.
تخول الحالة الاستثنائية لرئيس الجمهورية أن يتخذ الإجراءات الخاصة التي تتطلبها المحافظة على استقلال الأمة و مؤسسات الجمهورية.
يجتمع المجلس الشعبي الوطني، وجوبا، باستدعاء من رئيسه.
تنتهي الحالة الاستثنائية حسب نفس الأشكال، و بناء على نفس الإجراءات المذكورة أعلاه التي أدت إلى تقريرها.
المادة 121 : يقرر رئيس الجمهورية التعبئة العامة.
المادة 122 : في حالة وقوع عدوان فعلي أو وشيك الحصول، حسبما نصت عليه الترتيبات الملائمة لميثاق الأمم المتحدة، يعلن رئيس الجمهورية الحرب، بعد استشارة هيأة الحزب القيادية و اجتماع الحكومة و الاستماع إلى المجلس الأعلى للأمن.
يجتمع المجلس الشعبي الوطني، بحكم القانون.
يوجه رئيس الجمهورية خطابا للأمة يعلمها بذلك.
المادة 123 : يوقف العمل بالدستور مدة حالة الحرب و يتولى رئيس الدولة جميع السلطات.
المادة 124 : يوافق رئيس الجمهورية على الهدنة و السلم.
تقدم اتفاقيات الهدنة و معاهدات السلم، فورا، إلى الموافقة الصريحة للهيئة القيادية للحزب طبقا لقانونه الأساسي. كما تعرض على المجلس الشعبي الوطني، طبقا لأحكام المادة 158 من الدستور.
المادة 125 : يؤسس مجلس أعلى للأمن برئاسة رئيس الجمهورية، مهمته تقديم الآراء حول كل القضايا المتعلقة بالأمن الوطني، إلى رئيس الجمهورية.
يحدد رئيس الجمهورية طرق تنظيم المجلس الأعلى للأمن و تسييره.
المادة 126 : يمارس الوظيفة التشريعية مجلس واحد يسمى المجلس الشعبي الوطني.
للمجلس الشعبي الوطني، في نطاق اختصاصاته، سلطة التشريع بكامل السيادة.
يعد المجلس الشعبي الوطني القوانين و يصوت عليها.
المادة 127 : تتمثل المهمة الأساسية للمجلس الشعبي الوطني، ضمن اختصاصاته، في العمل للدفاع عن الثورة الإشتراكية و تعزيزها.
يستلهم المجلس الشعبي الوطني، في نشاطه التشريعي، مبادئ الميثاق الوطني و يطبقها.
المادة 128 : ينتخب أعضاء المجلس الشعبي الوطني، بناء على ترشيح من قيادة الحزب، عن طريق الاقتراع العام المباشر و السري.
المادة 129 : ينتخب المجلس الشعبي الوطني لمدة خمس سنوات.
لا يمكن تمديد فترة هذه النيابة إلا في ظروف خطيرة للغاية لا تسمح بإجراء انتخابات عادية. و تثبت هذه الحالة بمقتضى قرار من المجلس الشعبي الوطني، بناء على اقتراح من رئيس الجمهورية.
المادة 130 : يحدد القانون طرق انتـخــاب النــواب، و بــخاصة عـــددهم، و شروط قابليتهم للانتخاب، و حالات التنافي مع شروط العضوية في المجلس.
يجب أن يكون تأليف المجلس الشعبي الوطني مطابقا لأحكام المادتين 8 و 9 من الدستور.
المادة 131 : إثبات صحة الانتخابات التشريعية من اختصاص المجلس الشعبي الوطني.
الفصل في النزاع الناشئ عن الانتخابات التشريعية من اختصاص المجلس الأعلى.
المادة 132 : النيابة في المجلس الشعبي الوطني ذات طابع وطني.
المادة 133 : النيابة في المجلس الشعبي الوطني قابلة للتجديد.
المادة 134 : كل نائب لا يستوفي شروط النيابة أو أصبح غير مستوف لها، يتعرض لإسقاط صفته النيابية.
يقرر المجلس الشعبي الوطني هذا الإسقاط بأغلبية أعضائه.
المادة 135 : النائب مسئول أمام زملائه الذين يمكنهم عزله إذا خان ثقة الشعب فيه أو اقترف عملا مخلا بوظيفته.
يحدد القانون الحالات التي يتعرض فيها النائب للعزل، و يقر المجلس الشعبي الوطني العزل بأغلبية أعضائه، بقطع النظر عما قد يحدث من متابعات أخرى حسب التشريع العادي.
المادة 136 : يحدد القانون الظروف التي يمكن فيها للمجلس الشعبي الوطني قبول استقالة أحد أعضائه.
المادة 137 : الحصانة النيابية معترف بها للنائب أثناء نيابته.
لا يمكن متابعة أي نائب أو إلقاء القبض عليه، و بصفة عامة، لا يمكن رفع دعوى مدنية أو جزائية ضده بسبب ما أبداه من آراء أو ما تلفظ به من كلام أو بسبب تصويته أثناء ممارسته للنيابة.
المادة 138 : لا تجوز متابعة أي نائب بسبب عمل جنائي إلا بإذن من المجلس الشعبي الوطني الذي يقرر رفع الحصانة بأغلبية أعضائه.
المادة 139 : في حالة تلبس النائب بجنحة أو جريمة، يخطر مكتب المجلس الشعبي الوطني فورا. و يكتسب قوة القانون كل قرار يتخذه مكتب المجلس لضمان الاحترام لمبدأ الحصانة النيابية، إن اقتضى الأمر.
المادة 140 : يحدد القانون شروط استخلاف النائب في حالة شغور مقعده.
المادة 141 : تبتدئ الفترة التشريعية، وجوبا، في اليوم الثامن الموالي لتاريخ انتخاب المجلس الشعبي الوطني، تحت رئاسة أكبر النواب سنا و بمساعده أصغر نائبين منهم.
ينتخب المجلس مكتبه و يشكل لجانه.
المادة 142 : ينتخب رئيس المجلس الشعبي الوطني للفترة التشريعية.
المادة 143 : يحدد القانون المبادئ العامة المتعلقة بتنظيم المجلس الشعبي الوطني وتسييره، و كذا ميزانية المجلس و التعويضات التي تدفع إلى أعضائه.
يعد المجلس الشعبي الوطني لائحة تنظيمه الداخلي.
المادة 144 : جلسات المجلس الشعبي الوطني علانية.
و تدون المداولات في محاضر تنشر طبقا لما يقرره القانون، و يجوز للمجلس الشعبي الوطني أن يعقد جلسات مغلقة بطلب من رئيسه أو من أغلبية أعضائه الحاضرين أو بطلب من الحكومة.
المادة 145 : يشكل المجلس الشعبي الوطني لجانه في نطاق لائحة تنظيمه الداخلي.
المادة 146 : يجتمع المجلس الشعبي الوطني في دورتين عاديتين كل سنة، مدة كل دورة ثلاثة أشهر على الأكثر.
لجان المجلس الشعبي الوطني لجان دائمة.
المادة 147 : يمكن استدعاء المجلس الشعبي الوطني للاجتماع في دورة استثنائية بمبادرة من رئيس الجمهورية أو بطلب من ثلثي أعضاء المجلس.
تختتم الدورة الاستثنائية بمجرد ما يستفيد المجلس الشعبي الوطني جدول الأعمال الذي استدعي من أجله.
المادة 148 : المبادرة بالقوانين حق لرئيس الجمهورية، كما أنها حق لأعضاء المجلس الشعبي الوطني.
تكون اقتراحات القوانين قابلة للنقاش إذا قدمها عشرون نائبا.
تقدم مشاريع القوانين من الحكومة إلى مكتب المجلس الشعبي الوطني.
المادة 149 : لا يقبل اقتراح أي قانون مضمونه أو نتيجته تخفيض الموارد العمومية أو زيادة النفقات العمومية إلا إذا كان مرفوقا بتدابير تستهدف رفع مداخيل الدولة أو توفير مبالغ مالية في فصل آخر من النفقات العمومية، تكون مساوية، على الأقل، للمبالغ المقترح تغييرها.
المادة 150 : يجوز للمجالس الشعبية البلدية و للمجالس الشعبية للولايات، أن ترفع التماسا إلى الحكومة التي يعود إليها النظر لصياغته في مشروع قانون.
المادة 151 : يشرّع المجلس الشعبي الوطني في المجالات التي خولها له الدستور.
تدخل كذلك في مجال القانون :
1.الحقوق و الواجبات الأساسية للأفراد، و بخاصة نظام الحريات العمومية و حماية الحريات الفردية و واجبات المواطنين في إطار متطلبات الدفاع الوطني.
2. القواعد العامة المتعلقة بقانون الأحوال الشخصية و قانون الأسرة، و بخاصة الزواج و الطلاق و البنوة و الأهلية و المواريث.
3. ظروف الاستقرار المتعلقة بالأفراد.
4. التشريع الأساسي الخاص بالجنسية.
5. القواعد العامة المتعلقة بمركز الأجانب.
6. القواعد العامة المتعلقة بالتنظيم القضائي.
7.القواعد العامة للقانون الجزائي و الإجراءات الجزائية و بخاصة تحديد الجنايات و الجنح، و العقوبات المناسبة لها، و العفو الشامل، و تسليم المجرمين.
8. القواعد العامة لقانون الإجراءات المدنية و طرق التنفيذ.
9. النظام العام للالتزامات المدنية و التجارية.
10. القواعد العامة المتعلقة بنظام الانتخابات.
11. التنظيم الإقليمي و التقسيم الإداري للبلاد.
12. المبادئ الأساسية للسياسة الاقتصادية و الاجتماعية.
13. تحديد سياسة التربية، و سياسة الشباب.
14. الخطوط الأساسية للسياسة الثقافية.
15. إقرار المخطط الوطني.
16.التصويت على ميزانية الدولة.
17.إحداث الضرائــب و الـجــبايــات و الرسوم و الحقوق بجميع أنواعها و تحديد وعائها و نسبها.
18. القواعد العامة للنظام الجمركي.
19.القواعد العامة المتعلقة بنظام البنوك و القرض و التأمين.
20. القواعد العامة المتــعــلقة بالصحة العمومية، و السكان، و قانون العمل و الضمان الاجتماعي.
21. القواعد العامة المتعلقة بحماية المجاهدين و أولي الحق من ذويهم.
22. الخطوط العريضة لسياسة الإعمار الإقليمي، و البيئة، و نوعية الحياة، و حماية الحيوانات و النباتات.
23. حماية التراث الثقافي و التاريخي و المحافظة عليه.
24. النظام العام للغابات.
25. النظام العام للمياه.
26.إنشاء أوسمة الدولة و نياشينها و وضع ألقابها الشرفية.
المادة 152 : يندرج تطبيق القانون في المجال التنظيمي.
كل المسائل، ماعدا تلك التي يختص بها القانون، هي من المجال التنظيمي.
المادة 153 : لرئيس الجمهورية أن يشرّع، فيما بين دورة و أخرى للمجلس الشعبي الوطني، عن طريق إصدار أوامر تعرض على موافقة المجلس الشعبي الوطني في أول دورة مقبلة.
المادة 154 : يصدر رئيس الجمهورية القوانين في أجل ثلاثين يوما (30) ابتداء من تاريخ تسليمها له.
المادة 155 : لرئيس الجمهورية سلطة طلب إجراء مداولة ثانية حول قانون تم التصويت عليه، و ذلك في ظرف ثلاثين (30) من تاريخ إقراره.
و في هذه الحالة لا يتم إقرار القانون إلا بأغلبية ثلثي أعضاء المجلس الشعبي الوطني.
المادة 156 : يوجه رئيس الجمهورية، مرة في السنة، خطابا إلى المجلس الشعبي الوطني، حول وضع الأمة.
المادة 157 : يمكن للمجلس الشعبي الوطني، بطلب من رئيس الجمهورية، أو من رئيسه، أن يفتح مناقشة حول السياسة الخارجية.
يمكن، عند اقتضاء، أن تفضي هذه المناقشة إلى إصدار لائحة من المجلس الشعبي الوطني تبلغ بواسطة رئيسه إلى رئيس الجمهورية.
المادة 158 : تتم مصادقـــة رئيس الجمهورية على المعاهـــدات الســـياسية و المعاهدات التي تعدل محتوى القانون، بعد الموافقة الصريحة عليها من المجلس الشعبي الوطني.
المادة 159 : المعاهدات الدولية التي صادق عليها رئيس الجمهورية طبقا للأحكام المنصوص عليها في الدستور، تكتسب قوة القانون.
المادة 160 : إذا حصل تناقض بين أحكام المعاهدة أو جزء منها و الدستور، لا يؤذن بالمصادقة عليها إلا بعد تعديل الدستور.
المادة 161 : يمكن لأعضاء المجلس الشعبي الوطني استجواب الحكومة حول قضايا الساعة.
يمكن للجان المجلس الشعبي الوطني أن تستمع إلى أعضاء الحكومة.
المادة 162 : يمكن لأعضاء المجلس الشعبي الوطني أن يوجهوا كتابة فقط، أي سؤال إلى أي عضو من الحكومة، و ينبغي لهذا العضو أن يجيب كتابة في ظرف خمسة عشر يوما (15).
يتم نشر نص الأسئلة و الأجوبة طبقا لنفس الشروط التي يخضع لها نشر محاضر مناقشات المجلس الشعبي الوطني.
المادة 163 : لرئيس الجمهورية أن يقرر، في اجتماع يضم الهيئة القيادية للحزب و الحكومة، حل المجلس الشعبي الوطني أو إجراء انتخابات مسبقة له.
تنظم الانتخابات التشريعية الجديدة في ظرف ثلاثة أشهر.
المادة 164 : يضمن القضاء للجميع، و لكل واحد، المحافظة المشروعة على حرياتهم و حقوقهم الأساسية.
المادة 165 : الكل سواسية أمام القضاء، و هو في متناول الجميع و تصدر أحكام القضاء وفقا للقانون وسعيا إلى تحقيق العدل و القسط.
المادة 166 : يساهم القــضاء في الدفاع عن مكتســـبات الــثـــورة الاشتراكية و حماية مصالحها.
المادة 167 : يصدر القضاء أحكامه باسم الشعب.
المادة 168 : سلطة إصدار الأحكام من اختصاص القضاة، و يمكن أن يعينهم في ذلك مساعدون شعبيون طبقا لأحكام القانون.
المادة 169 : تخضع العقوبات الجزائية إلى مبدأي الشرعية و الشخصية.
المادة 170 : تعلل الأحكام القضائية و ينطق بها في الجلسات العلانية.
المادة 171 : على كل أجهزة الدولة المختصة أن تقوم، في كل وقت و في كل مكان و في كل الظروف، بتنفيذ أحكام القضاء.
المادة 172 : لا يخضع القاضي إلا للقانون.
المادة 173 : يساهم القاضي في الدفاع عن الثورة الاشتراكية و حمايتها.
القاضي محمي من كل أشكال الضغوط و التدخلات و المناورات التي قد تضر بأداء مهمته أو تمس احترام نزاهته.
المادة 174 : القاضي مسؤول أمام المجلس الأعلى للقضاء عن كيفية قيامه بمهمته، و ذلك حسب الأشكال المنصوص عليها في القانون.
المادة 175 : القانون يحمي المتقاضي من أي تعسف أو أي انحراف قد يصدر عن القاضي.
المادة 176 : حق الدفاع معترف به.
حق الدفاع مضمون في القضايا الجزائية.
المادة 177 : يشكل المجلس الأعلى، في جميع مجالات القانون الهيئة المقومة لأعمال المجالس القضائية و المحاكم.
يضمن المجلس الأعلى توحيد الاجتهاد في العمل القضائي في جميع أنحاء البلاد و يسهر على احترام القانون.
المادة 178 : ينظر المجلس الأعلى في قضايا الطعن في النصوص التنظيمية.
المادة 179 : يحدد القانون كيفــية تنظـــيم المجلــس الأعلى و طرق تسييره و مجالات صلاحياته.
المادة 180 : مهمة المجلس الأعلى للقضاء تقديم الآراء إلى رئيس الجمهورية طبقا للأحكام و الحالات الواردة في المادة 182 من الدستور.
المادة 181 : يرأس رئيس الجمهورية المجلس الأعلى للقضاء.
يتولى وزير العدل نيابة رئاسة المجلس.
يحدد القانون تأليف المجلس الأعلــى للقــضاء و طــرق تسيـــيـــره و صلاحياته الأخرى.
المادة 182 : يبدي المجلس الأعلى للقضاء رأيا استشاريا قبل ممارسة رئيس الجمهورية حق العفو.
يقر المجلس الأعلى للقضاء، طبقا للأحكام التي يحددها القانون، تعيين القضاة و نقلهن و سير سلمهم الوظيفي، و يساهم في مراقبة انضباطهم.
المادة 183 : وظيفة المراقبة عامل رئيسي في مسيرة الثورة. و هي تندرج في التنظيم المنسجم الذي تتميز به الدولة الاشتراكية. و تمارس المراقبة في إطار منظم، و يترتب عنها الجزاء.
المادة 184 : تستهدف المراقبة ضمان تسيير حسن لأجهزة الدولة في نطاق احترام الميثاق الوطني و الدستور و قوانين البلاد.
مهمة المراقبة هي التحري في الظــروف التي يتــم فيــها استخــدام و تسيير الوسائـــل البـــشرية و الماديــة مــن طرف الأجــهــزة الإداريــة و الاقتصادية للدولة، و كذا تـــدارك النقــص و التقصــير و الانحراف، و التمكين من قمع الاختلاس و كل الأعمال الإجرامية ضد الثورة الوطنية، و بالتالي ضمان تسيير البلاد في إطار النظام و الوضوح و المنطق.
تستهدف المراقبة أخيرا، التحقق مــن التــطــابق بين أعمال الإدارة و التشريع و أوامر الدولة.
المادة 185 : تمارس المراقبة بواسطة مؤسسات وطنية ملائمة و بأجهزة دائمة للدولة.
تتحقق المراقبة، في مدلولها الشعبي، و استجابة لمتطلبات الديمقراطية الاشتراكية، من خلال المؤسسات المنتخبة على جميع المستويات : المجلس الشعبي الوطني، المجالس الشعبية للولايات، المجالس الشعبية للبلديات و مجالس العمال.
المادة 186 : تمارس الأجهزة القيادية في الحزب و الدولة، المراقبة السياسية المنوطة بها، و ذلك طبقا للميثاق الوطني و لأحكام الدستور.
تمارس الأشكال الأخرى للمراقبة، على جميع المستويات و القطاعات في إطار الأحكام الخاصة بهذا الشأن و الواردة في الدستور و التشريع.
المادة 187 : تقدم الحكومة في نهاية كل سنة مالية، إلى المجلس الشعبي الوطني عرضا حول استعمال الاعتمادات المالية التي أقرها بالنسبة للسنة المالية المعنية.
تختتم السنة المالية، على مستوى المجلس الشعبي الوطني بالتصويت على قانون يتحدد بمقتضاه ضبط ميزانية السنة المالية المنصرمة.
المادة 188 : يمكن للمجلس الشعبي الوطني، في نطاق اختصاصاته، أن ينشئ، في أي وقت، لجنة تحقيق في أية قضية ذات مصلحة عامة.
يعين المجلس الشعبي الوطني أعضاء لجنة التحقيق من النواب.
يحدد القانون طرق تسيير هذه اللجنة.
المادة 189 : يمكن للمجلس الشعبي الوطني أن يراقب المؤسسات الاشتراكية بجميع أنواعها.
يحدد القانون طرق ممارسة المراقبة و كذا الإجراءات التي قد تترتب عن نتائجها.
المادة 190 : يؤسس مجلس محاسبة مكلف بالمراقبة اللاحقة لجميع النفقات العمومية للدولة و الحزب و المجموعات المحلية و الجهوية و المؤسسات الاشتراكية بجميع أنواعها.
يرفع مجلس المحاسبة تقريرا سنويا إلى رئيس الجمهورية.
يحدد القانون قواعد تنظيم هذا المجلس و طرق تسييره و جزاء تحقيقاته.
المادة 191 : لرئيس الجمهورية حق المبادرة باقتراح تعديل الدستور في نطاق الأحكام الواردة في هذا الفصل.
المادة 192 : يقر المجلس الشعبي الوطني مشروع قانون التعديل الدستوري بأغلبية ثلثي أعضائه.
المادة 193 : إذا تعلق مشروع قانون التعديل بالأحكام الخاصة بتعديل الدستور، فمن الضروري أن يتم الإقرار بأغلبية ثلاثة أرباع المجلس الشعبي الوطني.
لا تسرى هذه الأحكام على المادة 195 من الدستور، التي لا تقبل أي تعديل.
المادة 194 : لا يمكن الشروع في إجراء أي تعديل أو مواصلته، إذا ما كان هناك مساس بسلامة التراب الوطني.
المادة 195 : لا يمكن لأي مشروع لتعديل الدستور أن يمس :
1. بالصفة الجمهورية للحكم.
2. بدين الدولة.
3. بالاختيار الاشتراكي.
4. بالحريات الأساسية للإنسان و المواطن.
5. بمبدأ التصويت عن طريق الاقتراع العام المباشر و السري.
6. بسلامة التراب الوطني.
المادة 196 : يصدر رئيس الجمهورية القانون المتعلق بالتعديل الدستوري.
المادة 197 : تتخذ الإجراءات التشريعية الضرورية تنصيب الهيئات المنصوص عليها في الدستور، بأوامر صادرة عن رئيس مجلس الثورة و رئيس مجلس الوزراء أثناء اجتماع لمجلس الثورة و مجلس الوزراء.
المادة 198 : لا يمس سريان مفعول الدستور بسلطات الهيئات القائمة ما دامت المؤسسات المماثلة لها و المنصوص عليها في الدستور لم تنصب بعد.
إن رئيس الجمهورية،
– بعد الإطلاع على الأمر رقم 76-97 المؤرخ في 30 ذي القعدة عام 1396 الموافق 22 نوفمبر سنة 1976 و المتضمن إصدار دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.
– و بعد الإطلاع على الدستور، و لاسيما المواد 191 و 192 و 196 و 105 و 108 و 110 و 111-15 و 112 و 113 و 115 و 116 و 117 و 118 و 197 و 198 و 199.
– و بناء على ما أقره المجلس الشعبي الوطني.
يصدر القانون المتضمن التعديل الدستوري التالي نصه :
المادة الأولى : تعدل الفقرة الثالثة من المادة 105 من الدستور و تصاغ على النحو التالي.
" و يقترحه مؤتمر حزب جبهة التحرير الوطني وفقا لقانونه الأساسي".
المادة 2 : تعدل المادة 108 من الدستور و تصاغ على النحو التالي :
"المدة الرئاسية خمس (05) سنوات.
يمكن تجديد انتخاب رئيس الجمهورية ".
المادة 3: يضاف في آخر المادة iio :
" والله على ما أقول شهيد "
المادة 4 : تعدل المادة 111( الفقرة15) من الدستور وتصاغ على النحو التالي :
" يمكن له أن يفوض جزءا من صلاحياته إلى نائب أو نواب رئيس الجمهورية…" (والباقي بدون تغيير) .
المادة 5 : تعدل المادة 112 من الدستور وتصاغ على النحو التالي :
" يمكن لرئيس الجمهورية أن يعين نائيا له أو أكثر يعينونه ويساعدونه في مهامه".
المادة 6 : " تعدل المادة 113 من الدستور وتصاغ على النحو التالي :
" يعين رئيس الجمهورية أعضاء الحكومة ومن بينهم وزيرا أول يساعده في تنسيق النشاط الحكومي وفي تطبيق للقرارات المتخذة في مجلس الوزراء.
ويمارس الوزير الأول اختصاصاته في نطاق الصلاحيات التي يفوضها إليه رئيس الجمهورية طبقا للمادة 111 ( الفقرة 15 ) من الدستور".
المادة 7 : تعدل المادة 115 من الدستور وتصاغ على النحو التالي :
" نائب أو نواب رئيس الجمهورية … " ( والباقي بدون تغيير ).
المادة 8 : تعدل المادة 116 من الدستور وتصاغ على النحو التالي:
" لا يجوز بأي حال من الأحوال أن يفوض رئيس الجمهورية سلطته في تعيين نائب أو نواب رئيس الجمهورية …. أو إعفائهم من مهامهم …"(و الباقي بدون تغيير )
المادة 9 : تعدل المادة 117 من الدستور وتصاغ على النحو التالي :
" إذا استحال على رئيس الجمهورية أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير مزمن ، تجتمع اللجنة المركزية للحزب وجوبا ، وبعد التأكد من حقيقة هذا المانع بكل الوسائل الكفيلة بذلك ، تقترح بأغلبية ثلثي أعضائها على المجلس الشعبي الوطني التصريح بحالة المانع.
" يعلن المجلس الشعبي الوطني ثبوت مانع رئيس الجمهورية بأغلبية ثلثي أعضائه، ويكلف رئيسه بأن يتولى رئاسة الدولة بالنيابة لمدة أقصاها خمسة و أربعون ( 45 ) يوما وأن يمارس صلاحياته مع مراعاة أحكام المادة 118 من الدستور.
و في حالة استمرار المانع، بعد انقضاء خمسة و أربعين ( 45 ) يوما، يعلن الشغور بالاستقالة بحكم القانون، حسب الطريقة المنصوص عليها أعلاه و طبقا لأحكام الفقرات التالية من هذه المادة.
" في حالة استقالة رئيس الجمهورية أو وفاته، يجتمع المجلس الشعبي الوطني وجوبا و يثبت حالة الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية.
يتولى رئيس المجلس الشعبي الوطني، مهام رئيس الدولة لمدة أقصاها خمســة و أربعون(45) يوما، تنظم خلالها انتخابات رئاسية.
و لا يحق لرئيس المجلس الشعبي الوطني أن يكون مرشحا لرئاسة الجمهورية.
يقترح مؤتمر حزب جبهة التحرير الوطني، المرشح لرئاسة الجمهورية طبقا لقانونه الأساسي.
يمارس رئيس الجمهورية المنتخب مهامه طبقا لأحكام المادة 108 من الدستور.
المادة 10 : تعدل الفقرتان الثانية و الثالثة من المادة 118 الدستور و تصاغان كما يلي :
" لا يمكن أثناء فترتي الخمسة و الأربعين (45) يوما، المشار إليها في الفقرتين الثانية و الخامسة من المادة 117 من الدستور.."(و الباقي بدون تغيير).
"لا يمكن أثناء نفس الفترتين، إنهاء مهام نائب أو نواب رئيس الجمهورية"..) (و الباقي بدون تغيير).
المادة 11 : تلغي المادتان 197 و 198 الدستور.
المادة 12 : تضاف إلى الدستور ( الباب الــثالث – أحكــام مختلفة) مادة 197 و تصاغ على النحو التالي :
"ينطبق الإجراء المنصوص عليه في المادة 108 (الفقرة الأولى) على المدة الرئاسية التي تعقب انعقاد المؤتمر الرابع لحزب جبهة التحرير الوطني".
المادة 13 : تصبح المادة 199 هي المادة 198 من الدستور.
المادة 14 : ينشر هذا القانون المتضمن التعديل الدستوري في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.
إن رئيس الجمهورية،
– بعد الإطلاع على الأمر رقم76-97 المؤرخ في 30 ذي القعدة عام 1396 الموافق 22 نوفمبر 1976 و المتضمن إصدار دستور الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.
و بعد الإطلاع على الدستور، و لاسيما المواد 190 و 191 و 192 و 196.
و بناء على ما أقره المجلس الشعبي الوطني.
يصدر القانون المتضمن التعديل الدستوري الآتي نصه :
المادة الأولى : تعدل الفقرة الأولى من المادة 190 من الدستور، كما يلي :
المادة 190 : "يؤسس مجلس محاسبة مكلف بمراقبة مـالـية الدولة و الحزب و المجموعات المحلية و المؤسسات الاشتراكية بجميع أنواعها".
(الباقي بدون تغيير)
المادة 2 : ينشر هذا القانون المتضمن التعديل الدستوري في الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.
وأمام هذا الوضع استجابت الدولة العثمانية لهذا الطلب عام1509 م وضمت الجزائر لحمايتها وأذن السلطان سليم الأول لمن يشاء من رعاياه المسلمين بالسفر إلى الجزائر والانخراط في صفوف المجاهدين تحت قيادة خير الدين بارباروسا الذي نجح في إنشاء هيكل دولة قوية بفضل المساعدات التي تلقاها من الدولة العثمانية واستطاع أن يوجه ضربات قوية للسواحل الأسبانية وأن يجعل من الجزائر دولة قوية تهابها الدول الأوروبية.
احتلت الجزائر خلال هذا العهد مكانة خاصة في دولة الخلافة هذه إذ كانت تتمتع باستقلال كامل مكنها من ربط علاقات سياسية وتجارية مع أغلب دول العالم حيث كانت أول دولة اعترفت بحكومة الثورة الفرنسية عام 1789م وبالثورة الأمريكية بعد استقلالها عن التاج البريطاني عام 1776م كما أبرمت عشرات المعاهدات مع دول العالم.
وهكذا استمر الحكم العثماني للجزائر من عام 1509م إلى غاية الاحتلال الفرنسي عام 1830م ويجمع المؤرخون على تقسيم هذه الفترة الطويلة من الحكم إلى أربعة عهود وهي كالتالي:
عهد البايلربايات (1509م-1587م)
كان أول من حمل هذا اللقب هو "خير الدين" استنادا إلى الفرمان الذي أصدره السلطان العثماني "سليم الأول" أن يكون التعيين رسميا من طرف السلطان .كما لمعت في هذه الفترة عدة شخصيات نذكر منها: "صالح رايس" الذي قام باسترجاع وتحرير بجاية ووضعوا حدا لأطماع الإسبان وطردوا منها بصفة نهائية سنة 1555م .
ولقد تولى هذا المنصب (منصب بايلرباي) ثمانية عشر شخصا (18)من الأتراك أولهم كما ذكرنا سابقا خير الدين (1509م-1534م) وآخرهم حسن فنزيانو (1583م-1587م) وتميزت هذه المرحلة من الحكم أن معظم من شغل هذا المنصب هم من طائفة رياس البحر الذين كان ابلغهم من رفاق خير الدين.
عهد الباشاوات (1587م-1659م)
ألغي نظام البايلربايات في سنة 1587 م واستبدل بنظام الباشاوات وهذا التغيير جاء من قبل السلطان العثماني "مراد الثاني" وكان هؤلاء الحكام يديرون شؤون الدولة بمعاونة اللجنة الاستشارية مؤلفة من: وكيل الخرج، الخزناجي، خوج الخيل والأغا وفي هذه المرحلة كان الباشاوات يعينون لثلاث سنوات .
وأول باشا عين طبقا لهذا التنظيم الجديد هو "دالي احمد باشا" (1587-1589م) وتداول على هذا المنصب أربعة وثلاثون حاكم منهم من شغل المنصب لمرتين مثل "حسين الشيخ" (1613م-1616م) وكان آخرهم الباشا "إبراهيم" (1656م-1659م)
عهد الأغاوات: (1659م-1671م)
انتقل النظام من الباشاوات إلى الأغاوات وكان هذا عام 1659م وكان الأغاوات ينتخبون من الفرق الانكشارية لمدة شهرين قمريين لهذا كانوا يعرفون ب "أغا المقريين". ولكي لا يستأثر بالأغا بالسلطة فقد تقرر أن يستعين الحاكم بالديوان العالي وقد تميز هذا العصر بمحاولة انفصال الجزائر عن الدولة العثمانية.
ونظرا لأن الأغا يتولى الحكم لمدة شهرين ثم يعزل ولع تشبث الأغا بهذا المنصب ورفضوا التنازل عنه مما أدى إلى عزلهم بطريقة غير طبيعية كالقتل. أول من تولى هذا المنصب هو "خليل أغا" (1659-1660م) وجاء بعده ثلاثة أغوات كان آخرهم "علي أغا" (1665م-1671م).
عهد الدايات (1671م-1830م)
نتيجة الأوضاع التي شهدها عهد الأغوات من النزاعات الشخصية والمؤامرات والانقلابات ضد بعضهم البعض والاغتيال حتى أن كثيرا من ولاة هذا العهد عزلوا أو قتلوا أو ابعدوا بعد شهرين أو أقل من تعيينهم في مناصبهم أدت هذه الحالة إلى ظهور طبقة الرياس واختفاء نظام الأغوات وظهورعهد الدايات 1671م والذي دام طويلا واندمج فيه الجنود الانكشارية بطائفة الرياس واختفى الصراع بينهما.
وتمكن بعض الدايات من الاستقرار في الحكم مدة طويلة خاصة في القرن الثامن عشر وكانت هناك بعض التنظيمات تحد من سلطة الداي في أوائل هذا العصر ولكن في العصور المتأخرة حكموا حكما مطلقا وأصبح للداي الحرية المطلقة في الحكم والإدارة والتفاوض مع الدول الاجنبية وعقد المعاهدات السلمية والتجارية.
ويعلن الداي الحرب والسلم ويستقبل الممثلين الدبلوماسيين الأجانب وعليه يعد عهد الدايات بداية لعهد الاستقلال الكامل للدولة الجزائرية عن الدولة العثمانية .
أول من تولى هذا المنصب هو الداي الحاج باشا (1671م-1682م) وجاء بعده أربعة وعشرون دايا كان آخرهم الداي حسين باشا (1818م-1830م) والتي كانت فترة حكمه أطول من الفترات في عهد الدايات و الذي شكل آخر محطة للعهد العثماني في الجزائر.
تعتبر فدرالية الجبهة النفس الثاني للثورة التحريرية ،و القوة الضاربة لها داخل التراب الفرنسي وقد ألقي على عاتقها مسؤولية نقل ايديولجية جبهة التحرير الوطني و التعريف بها لدى الأوساط الجزائرية المغتربة التي كانت تدين بالولاء للمصاليين ،و هو ما صعب من مهمتها الوطنية المتمثلة في إقناع هذه الشريحة المغتربة بضرورة المساهمة في إنجاح الثورة ..
متى تأسست فيدرالية جبهة التحرير بفرنسا؟
2- تأسيس فدرالية جبهة التحرير الوطني
يعود تأسيس فيدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا إلى الزعماء الأوائل من مفجري الثورة التحريرية الذين رأوا أنه من الضروري نقل النضال و الكفاح إلى داخل التراب الفرنسي وذلك من خلال إنشاء خلايا لجبهة التحرير الوطني في المهجر مع الارتكاز على فرنسا نظرا لأهمية الجالية الجزائرية المغتربة في دعم الكفاح المسلح داخل التراب الوطني وخارجه ،وقد تم الاتصال الأول بين هذه الجالية وجبهة التحرير الوطني عن طريق السيد محمد بوضياف المدعو سي الطيب الذي دعى إلى عقد إجتماع سرّي مع بعض المناضلين الأوائل المؤسسين لفدرالية جبهة التحرير من حركة انتصار الحريات الديمقراطية حيث تم فيه بالإتفاق على تشكيل النواة الأولى للفدرالية.
3- تقسيم فدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا
نظرا لصعوبة المهام الملقاة على عاتق مناضلي جبهة التحرير أمام قوة المصاليين داخل التراب الفرنسي ، فإنهم رأوا ضرورة تقسيم المهام بين أعضاء الفدرالية حيث تم تقسيم فدرالية جبهة التحرير إلى فرعين أساسيين ،هذا التقسيم الذي جاء نتيجة لاجتماع لوكسامبورغ عام 1954، الذي شّخص أوضاع المهاجرين ،ووقف على مواطن الضعف دون الدخول في مواجهات مع المصاليين من جهة ، والسلطات الفرنسية من جهة ثانية .
4- التطور التاريخي لفدرالية جبهة التحرير بفرنسا
مرت فدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا بمراحل تاريخية ،ميزتها مضايقات الشرطة الاستعمارية لأعضائها وفرض الرقابة على نشاطهم الحزبي وهذا ما أدى في إحدى مراحلها الأولى إلى اكتشاف أمر القيادة الأولىو استطاعت بذلك إلقاء القبض عليها لكن هذه العملية لم تمنع أعضاء الفدرالية من مواصلة نشاطهم والعمل على تنظيم صفوف المغتربين الجزائريين وهذا ما ميز المراحل التاريخية التي مرت بها فدرالية جبهة التحرير و التي وراء تحقيق نجاحات متتالية تمثلت بالدرجة الأولى في كسب ثقة الجالية المهاجرة ثم كسب تأييد المتعاطفين مع الثورة الجزائرية من الفرنسيين ومنهم أعضاء شبكات الدعم الأوروبية ،وكان الهدف ا الأساسي لهذا النشاط هو التعريف بحقيقة الثورة التحريرية بعمقها الشعبي داخل التراب الوطني و التأكد على ضرورة نقل هذا النضال داخل التراب الفرنسي وتحمل الجالية الجزائرية مسؤوليتها في المهجر و الرامية إلى تعريف الرأي العام الفرنسي بعدالة القضية الجزائرية وعدم السقوط في فخ أجهزة السلطات الفرنسية .
القائمة على دعم صراع الإخوة الأعداء ،وقد كانت من أصعب المراحل التي عانت منها الفدرالية وهذا ما دفع بقيادتها إلى تبني طريقة سلمية بعد عام 1956 تتمثل في كسب الساحة الفرنسية دون الدخول في المواجهات مع إخوانهم المصاليين بعد انتقال الحركة الوطنية المصالية إلى فرنسا ،وقد برزت هذه المنهجية في العمل بعد تشكيل القيادة الجديدة لفدرالية الجبهة برئاسة عمر بوداود مابين 1957و1962 مع بعض المناضلين واستطاعت هذه القيادة أن تحقق نجاحات كبيرة في كسب عدد كبير من المهاجرين خاصة بعد تقسيم التراب الفرنسي جغرافيا وإقليميا ،وهو ما أربك السلطات الفرنسية في قدرتها الكبيرة على قلب الموازين من خلال تحريك المهاجرين في القيام بمظاهرات كبيرة هي مظاهرات 17 أكتوبر 1961 في قلب العاصمة الفرنسية باريس و كانت الدليل القاطع على اكتساح الساحة الفرنسية ،وبذلك أثبتت هذه الفدرالية أنها قادرة على توحيد الصفوف وإيصال صوت الشعب وقضيته العادلة من العاصمة الفرنسية نفسها وأنه من واجبها نقل الثورة داخل التراب الفرنسي وهذا ما أحس بها الجنرال ديغول الذي أجبر على قبول مبدأ المفاوضات.
5- العمليات الفدائية داخل التراب الفرنسي
وقد كانت هذه العماليات الدليل القاطع على جدية جبهة التحرير الوطني في ضرب فرنسا ليس في الجزائر فقط إنما داخل ترابها وهو تحد كبير برهنت من خلاله فدرالية الجبهة على قدرتها في التحكم في الأوضاع داخل فرنسا ،ولذلك فإن العمليات المسلحة التي نفذها أعضاء الفدرالية جبهة التحرير داخل التراب الفرنسي أكدت للسلطات الاستعمارية قوة الجبهة في ضرب المؤسسات الاقتصادية ورموز القمع والاضطهاد وبالتالي كان نقل المعركة على التراب الفرنسي يهدف أساسا إلى فتح جبهة أخرى لإضعاف القدرة الفرنسية الاستعمارية ودفعها إلى الاقتناع بأن الجزائر ليست أرضا فرنسية .