مصر القديمة كانت مهدًا لواحدة من أولى حضارات العالم. وقامت هذه الحضارة المتقدّمة منذ نحو 5,000 سنة مضت على ضفاف وادي النيل في شمال شرقي إفريقيا. وقد عاشت هذه الحضارة لأكثر من ألفي سنة، وبهذا أصبحت أطول حضارة مُعمِّرة في التاريخ.
كان نهر النيل شريان الحياة لمصر القديمة، يفيض في كل سنة، وتترسّب شريحة من التربة الغنية السوداء على امتداد ضفتيه. وقد ساعدت التربة الغنية المزارعين في تنمية إمداد غذائي ضخم. وأطلق قدماء المصريين على بلدهم كيميت، وتعني الأرض السوداء تيمّنًا بتلك التربة الداكنة. وفّر النيل كذلك المياه للري، كما كان الطريق الرئيسي للنقل في مصر. لهذه الأسباب مجتمعة أطلق المؤرّخ اليوناني هيرودوت على مصر هبة النيل.
قدم المصريّون القدماء مُساهمة بارزة في تطور الحضارة، فقد كوّنوا أوّل سلطة مركزية في العالم، وابتدعوا الأشكال الأساسية للرياضيات، إضافة لتقويم سنوي من 365 يومًا. واخترعوا شكلاً للكتابة بالصور يُسمى الهيروغليفية كما اخترعوا أيضًا ورق البردي وهو مادّة كورق الكتابة، مصنوعة من سيقان نبات البردي. وكانت ديانة المصريّين من أقدم الأديان التي أكدت على الاعتقاد بالحياة بعد الموت. وبنوا مُدنًا عظيمة عمل فيها عدد من المهندسين والمعماريين والأطباء والنحّاتين والرسامين المهرة.
ومن أشهـر مُنجزات المصريين القدماء الأهرامات التي بنوها مقابرً لحـكامهم. وتقع أكثر الأهرامـات شهرة في الجيـزة. مثلت هذه الأبنيـة الحجريـة الضخمة، قمة قدراتهم في الهنـدسة المعـمارية، بقيـت متماسكة بفعل المناخ الجاف لنحو 4,500 سنة، وهـي باقية كمؤشّرات مُدهشة لتطور مصر القديمة. انظر: الهرم.
العالم المصري
خريطة مصر القديمة توُضح هذه الخريطة مصر القديمة خلال ثلاث فترات تُعرف بالمملكة القديمة، والمملكة الوسطى، والمملكة الحديثة.
السطح. مصر القديمة أرض طويلة وضيقة يَخْترقُها نهر النيل. وتحدّها الصحارى من الشرق والجنوب والغرب، ويقع البحر الأبيض المتوسط إلى الشمال. يجري النيل شمالاً من أواسط إفريقيا عبر الصحراء المصرية ليصب في البحر الأبيض المتوسط. أطلق المصريّون على الصحراء اسم دشرت وتعني الأرض الحمراء. يبلغ مجرى النهر في مصر حوالي 1,000كم، ويتفرّع النهر لعدة قنوات شمال القاهرة الحالية ليكوِّن دلتا النيل. وتنبسط الأرض الصحراوية في غرب وادي النيل كما تبرز الجبال في الجهة الشرقية.
يغمر نهر النيل ضفتيه كل عام بالمياه. يبدأ الفيضان في يوليو عندما يبدأ موسم الأمطار في أواسط إفريقيا، وترفع الأمطار مستوى النهر أثناء تدفقه شمالاً. وتنخفض مياه الفيضان عادة في سبتمبر تاركة وراءها شريحة خصبة من الأرض متوسط عرضها نحو 10كم على كلتا ضفتي النهر. وبعد ذلك يزرع الفلاحون هذه الأرض الغنية. واعتمد المصريون كذلك على نهر النيل طريقًا رئيسيًا للنقل. تطوّرت ممفيس وطيبة ـ أهم عاصمتين لمصر القديمة ـ وغيرهما من المدن على طول النهر لأهميته في الزراعة والنقل.
السكان. عاش معظم الناس في مصر القديمة في وادي نهر النيل، وتراوح عددهم مابين مليون وأربعة ملايين تقريبًا في أوقات مختلفة خلال تاريخ مصر القديمة. وعاش بقية السكان في الدلتا والواحات الواقعة غربي النهر.
كان المصريّون ذوي بشرة سمراء وشعر داكن، وتحدّثوا بلغة ذات صلة باللغات السامية في جنوب غربي آسيا وببعض لغات شمال إفريقيا في الوقت نفسه. وكُتبت اللغة المصرية بالهيروغليفية، وهي نظام صور ترمز للأفكار والأصوات. وقد بدأ المصريّون يستخدمون هذا النظام نحو سنة 3000ق.م. وهو يشتمل على أكثر من 700 رمزٍ تصويريٍّ. واستخدم المصريّون الهيروغليفية للكتابة بها على المعابد والمباني، وليسجّلوا المخطوطات الرسمية على الحجارة. أما الاستعمال اليومي فطوروا له شكلين بسيطين من الهيروغليفية يُسميان الهيراطي والديموطي.
عرفت مصر القديمة ثلاث طبقات اجتماعية، العُليا والوُسطى والدُّنيا. تكونت الطبقة العليا من العائلة المالكة والأثرياء وموظفي الحكومة وكبار الكهنة وضُباط الجيش ثمّ الأطباء. والطبقة الوسطى تكونت من التجار والصنّاع والحرفيين. أما الطبقة الدُّنيا، وهي أكبر الطبقات، فقد تكونت من العمال غير المهرة الذين عمل معظمهم في المزارع. أما السجناء الذين كان يتمّ أسرهم خلال الحروب الخارجية فقد كونوا طبقة الرقيق.
لم يكن النظام الاجتماعي في مصر القديمة جامدًا، إذ كان من الممكن أن يصعد من الطبقة الدنيا أو الوسطى إلى مرتبة أعلى، وكان يمكن للفرد أن ينتقل إلى مرتبة أعلى عن طريق الزواج، أو النجاح في عمله. وحتى العبيد كان لهم حقوق معروفة؛ إذ كان يحق لهم أن يقتنوا الأشياء الخاصة بهم، ويتزوجوا ويتوارثوا الأرض، كما كان في إمكانهم أن ينالوا حرياتهم.
حياة السُّكُّان
الحياة الأسرية. ترأس الأب الأسرة في مصر القديمة، وعند وفاته كان الابن الأكبر يحل مكانه. وكان للنساء كل حقوق الرجال تقريبًا؛ فقد كان بإمكانهن امتلاك الثروة وتوريثها وبيع وشراء البضائع وكذلك كتابة الوصية. وكان للزوجة حقّ الحصول على الطلاق. وهناك قليل من الحضارات القديمة التي أعطت النساء كل هذه الحقوق.
كان الملوك يتزوجون عادة، عددًا من النساء في الوقت نفسه، وفي حالات كثيرة كانت الزوجة الرئيسية عضوًا في العائلة المالكة مثل الأخت، أو الأخت غير الشقيقة.
كان الأطفال يلعبون بالدُّمى وأغطية الأواني والكرات الجلدية. وكانت لديهم لعب اللوحات التي تُحدّد حركاتها برمي النرد، كما كانت عندهم الحيوانات الأليفة مثل القطط والكلاب والقرود والرباح والطيور.
التعليم. حظيت نسبة قليلة من الأولاد والبنات بالتعليم في مصر القديمة. وكان مُعظم هؤلاء من أسر الطبقات العليا. وكان التلاميذ يذهبون للمدرسة لتعلّم الكتابة والقراءة والنسخ. وكان الكُتَّاب يكتبون السجلات في مكاتب الحكومة والمعابد والخطابات للأعداد الكبيرة من المصريين الذين لا يعرفون القراءة والكتابة.
وكان يدير كل من القصر الملكي والوحدات الحكومية والمعابد هذه المدارس التي كانت تؤهل التلاميذ ليصبحوا كتبة أو ليعملوا في مهن أخرى. وتمثلت المواد الدراسية الأساسية في القراءة والأدب والجغرافيا والرياضيات والكتابة. وكان التلاميذ يتعلمون الكتابة عن طريق نسخ نصوص الأدب والخطابات والحسابات التجارية. واستخدموا في الكتابة ورق البردي، أوّل مادة شبيهة بالورق في العالم، وكتبوا بالفرش المصنوعة من القصب بعد تشكيل وتليين أطرافها. صنع المصريّون الحبر بخلط الماء والهباب (السَّخام) وهو مسحوق ينتج بعد حرق الأخشاب أو أي مادة أخرى.
امتهن معظم أولاد المصريين مهن آبائهم نفسها بعد أن تعلموها منهم. وهكذا، أصبح بعضهم تجارًا إلاّ أن الغالبيّة كانوا فلاّحين. وكان كثير من الآباء يُلحقون أبناءهم بالمعلمين الحرفيين ليتعلّموا النجارة وصنع الخزف وغيرهما من الحرف. وربما التحق الأولاد الذين يرغبون في دراسة الطب بالعمل مع أحد الأطباء بعد أن يُكملوا تعليمهم المدرسي الأساسي.
أمّا مُعظم البنات فيتمُّ تأهيلهن لدور الزوجة والأم، إذ تقوم الأمهات بتعليمهن الطبخ والخياطة وغيرهما من المهارات.
كان بمصر القديمة عدد من المكتبات أشهرها مكتبة الإسكندرية التي كانت تحتوي على أكثر من 400,000 مخطوطة بردية، عن علم الفلك والجغرافيا وعددٍ آخر من العلوم، وللإسكندرية أيضًا مُتحف مُتميّز.
الغذاء والملبس والمأوى. كان الخبز الغذاء الرئيسي في وجبة معظم قدماء المصريين، الذين صنعوه من القمح. وتناول كثير من المصريين أنواعًا مختلفة من الخضراوات والفواكه والسمك والحليب والجبن والزبدة ولحوم البط والإوز. والأثرياء من المصريين كانوا يأكلون بانتظام لحوم الأبقار والغزلان والظباء بالإضافة إلى الكعك الفاخر وغيره من أنواع الخبز، وكان الناس يأكلون بأيديهم.
كان المصريّون يلبسون أثواب الكتّان البيضاء، أما النساء فيلبسن الأثواب الطويلة أو الفساتين الضيقة مع وضع أشرطة على الكتف. ويلبس الرجال الأُزُر، أو الثياب الطويلة. كما لبس المصريّون أحيانًا أغطية ملونة للرأس مُتدلية حتى الكتف. والأثرياء منهم وضعوا الشعر المستعار على رؤوسهم وكان إحدى وسائل الحماية من الشمس، كما لبسوا الصندل المصنوع من الجلد. لكن عامّة الناس كانوا يمشون عادة حفاة الأقدام. أما الأطفال فنادرًا ما ارتدوا أية ملابس.
استخدم المصريون القدماء مستحضرات التجميل ولبسوا المجوهرات، ووضعت النساء مسحوق الشفاه وصبغن الشعر وطلين الأظافر، كذلك قُمن برسم معالم العيون وتلوين الحواجب بلون رمادي، أو أسود أو أخضر. ورسم الرجال كذلك معالم عيونهم واهتموا بزينتهم اهتمام النساء بها، واستعمل كلا الجنسين العطور، ولبس كلاهما العقود والخواتم والأساور، وكانت الأمشاط والمرايا والشفرات من الأدوات المعروفة في التجميل.
بنى المصريّون منازلهم بطوب اللّبن المجفّف، واستعملوا سيقان النخيل ليدعموا السقوف المسطحة، وكان معظم البيوت في المدن مباني ضيّقة تكونت من ثلاثة طوابق أو أكثر. عاش معظم فقراء المصريين في أكواخ من غُرفةٍ واحدة. وكان المصري من الطبقات الوسطى يعيش في بيت مكوّن من طابق أو طابقين فيه ثلاث غرف على الأقل، وكثير من الأثرياء عاشوا في بيوت تحوي مايصل إلى سبعين غرفة. وكانت بعض هذه البيوت ملكيات أو عقارات ريفية فيها البساتين والبرك والحدائق. وكان للبيوت المصرية نوافذ صغيرة في أعلى الجدران تساعد على منع دخول أشعة الشمس. وقد نشر الناس الحصير المبلل على الأرضيات لترطيب الهواء داخل البيوت. وفي الليالي الحارة كان الناس ينامون فوق الأسطح غالبًا حيث يكون الطقس أقل حرارة.
اشتمل الأثاث المصري على المقاعد الخشبية والكراسي والأسرة والصناديق. واستخدم المصريون القدماء أواني الخزف للطبخ وتقديم الطعام. وطهوا الطعام في أفرانٍ من الطين أو على النار. واستخدموا الفحم النباتي والأخشاب للوقود. واستمدوا الإضاءة من المصابيح والشموع. فقد كانت مكونة من خيوط الكتان ذات الفتلات القطنية، كما كان الزيت يُحرق في قوارير أو آنية حجرية مُجوفة.
الترويح. تمتّع قدماء المصريين بعددٍ من الأنشطة لتمضية الفراغ. فقد قاموا بصيد الأسماك، وسبحوا في نهر النيل. وكان ركوب المراكب الشراعية شائعًا . وقام المغامرون من المصريين بصيد التماسيح والأسود وأفراس النهر والأفيال والأبقار المتوحّشة مُستخدمين القسي والرماح والحراب. وكان كثير من المصريين القدماء يعجبون بمشاهدة مباريات المصارعة. وفي البيت كانوا يلعبون السنيت وهي شبيهة بلعبة الطاولة.
الديانة
مصر القديمة
الآلهة والإلاهات. اعتقد قدماء المصريين أنّ عددًا من المعبودات (آلهة وإلاهات) يؤثر في كلّ أوجه الطبيعة، وفي كلِّ النشاط البشري، لذلك عبدوا عديدًا من الآلهة. وكان المعبود الأساسي هو رع، إله الشمس في زعمهم. اعتمد المصريّون على إلههم رع وعلى إلاهتهم رَنُوتَتْ للحصول على حصاد جيّد. وكان أهم الإلاهات إيزيس، إذ كانت تُمثلً الأم والزوجة المخلصة. أما أوزريس زوجها وأخوها في الوقت نفسه، فعدُّوه المتحكم في الزرع وفي الموتى. وكان حورس، ابن إيزيس، وأوزيريس إله السماء عندهم، وسمُّوه رب السماء وصوروه كثيرًا برأس صقر حر.
وفي كل بلدة ومدينة مصرية عَبَدَ الناس إلها خاصاً بهم، بالإضافة إلى الآلهة الرئيسية. فالناس في طيبة، على سبيل المثال، عبدوا آمون إلهًا للشمس. وأخيرًا وُحِّد آمون برع، وبعد ذلك أصبح آمون ـ رع المعبود الرئيسي. ومن الآلهة المحلية الأخرى التي عبدوها بتاح الإله الذي أوجد ممفيس، وتحوت إلاهة الحكمة والكتابة في هيرموبولس، وخنوم كإله خالق أيضًا في فيَلة (الفنتين). وكان العديد من الآلهة يصور بأجسام بشرية ورؤوس حيوانات. ومثل هذه الرؤوس كان يشير إلى ميزة حقيقية أو متخيلة للحيوان وبها كان يتم التعريف بالمعبود بطريقة سهلة.
ولكن لا يُعرف كيف كان يتعبد عامة قدماء المصريين. فكل معبد كان منزلاً لأحد الآلهة، أو أنه نُذر لأحد الملوك الموتى. كان المعبد الذي بني على شرف آمون ـ رع في الكرنك أكبر المعابد في البلاد، به أكثر من مائة وثلاثين عمودًا، بلغ طول الواحد منها حوالي 25م. وقد زينت أعمدة وجدران القاعة الكبرى ـ التي ما تزال أكبر قاعة ذات أعمدة بُنيت حتى الآن ـ لوحات ملونة رائعة.
كانت مهمة الكاهن الأساسية خدمة المعبود، أو الملك الذي يمثله تمثال في المعبد. يعدُّ الملك الحاكم رئيس كهنة مصر. وفي كل يوم يقوم هو أو غيره من الكهنة المحليين بغسل وإلباس التمثال وإحضار الطعام له. ويقوم الكهنة كذلك بتقديم الأدعية التي يطلبها الأفراد.
الحياة الآخرة. آمن قدماء المصريين بإمكانية التمتّع بالحياة بعد الموت. هذا الاعتقاد في الحياة بعد الموت أدى أحيانًا إلى إعداد تجهيزات كثيرة للموت والدفن. ونتج عن هذا الاعتقاد بناء الأهرامات والمقابر الكبيرة للملوك والملكات. وكان لبقية الشعب من المصريين مقابر أصغر.
اعتقد المصريّون أيضًابضرورة حفظ أجساد الموتى للحياة التالية، ولذلك اهتموا بهذا الأمر فقاموا بتحنيط الجثث ليمنعوا تحللها. وبعد تحنيط الجسد، كان يلف بطبقات من قطع الكتان ويُوضع داخل تابوت. وتوضع المومياء بعد ذلك داخل القبر.
قام بعض المصريين كذلك بتحنيط الحيوانات الأليفة كالقرود والقطط، وقد بقي عدد من الموميات المصرية محفوظة حتى يومنا هذا.
ملأ المصريون مقابرهم بالأشياء التي ظنوا أنهم سوف يستخدمونها في حياتهم بعد الموت، واشتملت هذه الأشياء على الملابس والأمتعة والأكل والمساحيق والمجوهرات. وامتلأت مقابر المصريين الأثرياء بتماثيل الخدم اعتقادًا منهم بأنهم سوف يخدمونهم في العالم الآخر. ورسمت مشاهد الحياة اليومية على الجدران الداخلية للمقابر. واعتقد المصريون أن بعض الطقوس التي يؤديها الكهنة تجعل من أوزيريس باعثًا للحياة في هذه المشاهد وفي الميت كذلك.
اقتنى كثير من المصريين النصوص التي حوت الصلوات والأدعية والترانيم وغيرها من المعلومات التي ظنوا أنها توجّه الأرواح في الحياة بعد الموت وتحفظها من الشر وتوفر لها الاحتياجات. وقام المصريّون بنقش فقرات من هذه النصوص أو كتابتها على جدران المقابر وربما وضعوا نسخًا منها داخل القبر في بعض الأحيان. وسميت مجموعات هذه النصوص كتاب الموتى.
العمل
اهتم معظم العمال في وادي النيل الخصيب بالزراعة وساعدت المحاصيل الكثيرة لمواسم عديدة، في أن تجعل من مصر بلدًا غنيًا.وعمل كثير من الناس، لتأمين عيشهم، في الصناعة والتعدين والنقل أو التجارة.
لم يكن لدى المصريين نظام نقدي وعوضوا عن ذلك بمقايضة البضائع أو الخدمات مباشرة بما يقابلها.وهو ما يطلق عليه نظام المقايضة حيث كان العمال يحصلون على أجورهم من فائض القمح والشعير الذي يقومون بمقايضته فيحصلون على احتياجاتهم الأخرى.
الزراعة. عمل مُعظم العمال الزراعيين في الإقطاعات الكبيرة للعائلات المالكة والمعابد وملاك الأراضي الأغنياء. وحصلوا على قليل من المحاصيل كأجور، وذلك لأن مُلاك الأراضي كان علَيهم تَحويل نسبة كبيرة من الإنتاج الزراعي كضرائب. وكان بعض المزارعين يستأجرون الحقول من ملاك الأراضي الأثرياء.
كانت مصر القديمة بلدًا حارًا يكاد ينعدم فيه هطول الأمطار، ولكن الزراع كانوا يزرعون المحاصيل مُعظم السنة عن طريق ريّ الأراضي، إذ شيدوا القنوات لأخذ المياه من نهر النيل إلى الحقول، واستخدموا المحاريث الخشبية التي تجرها الثيران لإعداد الأرض للزراعة.
كانت المحاصيل الرئيسية لمصر القديمة هي القمح والشعير. أما المحاصيل الأخرى فتشمل الخس والفاصوليا والبصل والتين والبلح والعنب والبطيخ والخيار والرمّان والفجل. وكان النبيذ يصنع بعصير البلح والعنب. وزرع كثير من المزارعين قصب الكتان ليصنع منه قماش الكتان. وربى المصريّون الأبقار للحومها وألبانها والماعز والبط والإوز والحمير. كماكان بعض الناس يُربون النحل ليحصلوا على العسل.
الصناعة والتعدين. كان الحرفيون الذين يديرون المتاجر الصغيرة يصنعون معظم البضائع في مصر القديمة، وتحتلّ صناعة ملابس وخيوط الكتان الصدارة في الصناعات. واشتملت المنتجات الأخرى المهمة الخزف والطوب والأدوات والزجاج والأسلحة والأثاث والمجوهرات والعطور. وصنع المصريّون العديد من المنتجات من النبات مثل الحبال والسلال والحُصُر وصحف الكتابة.
كان لمصر القديمة مخزون كبير من المعادن. حيث أنتج المشتغلون بالمحاجر والتعدين كمّيات كبيرة من الحجر الجيري والحجر الرملي والجرانيت لبناء الأهرامات والمنشآت الكبيرة. كذلك قاموا بتعدين النحاس والذهب والقصدير والجواهر مثل الفيروز والجمشت. وكان معظم الذهب يأتي لمصر من كوش (السودان قديمًا) والتلال الواقعة شرقي النيل.
التجارة والنقل. أبحر تُجار مصر القدماء إلى عدة بلاد بمحاذاة بحر إيجة والبحرين الأبيض المتوسط والأحمر. وحصلوا على الفضة والحديد والخيل وخشب الأرز من سوريا ولبنان وغيرهما من مناطق جنوب غربي آسيا. وجلبوا العاج وجلود النمر الأرقط والنحاس والأبقار والتوابل من بلاد النوبة الواقعة جنوبي مصر. وقايض المصريّون هذه البضائع بالذهب وغيره من المعادن والقمح والشعير وصحائف البردي.
كان النقل داخل مصر يتم على نهر النيل بوساطة المراكب والبراجي (مراكب نقل البضائع). وصُنعت أقدم المراكب من قصب البردي، وبعد أن كانت تحرك في البداية بالأعمدة، أصبح يُستخدم في دفعها المجاديف. وفي نحو 3200ق.م ابتكر المصريّون الشراع وأصبحوا يعتمدون على الرياح مصدرًا للطاقة التي تحرك المراكب.
خلال الفترة المبكرة من تاريخ مصر القديمة كان أكثر الناس يتنقلون سيرًا على الأقدام، وكان الأثرياء منهم يُحملون فوق مقاعدٍ خاصة. وخلال القرن السابع عشر قبل الميلاد بدأ المصريّون يركبون العربات التي تجرّها الخيول.
الحرف والمهن. وظفت العائلة المالكة والمعابد في مصر القديمة المعماريين والمهندسين المهرة، والنجّارين والفنّانين والنحّاتين كما استأجروا الخبّازين والقصابين والمدرسين والخطاطين والمحاسبين والموسيقيين ورؤساء الخدم وصانعي الأحذية. وقد جعل الاعتقاد المصري بأن الأجساد يجب أن تحفظ للحياة الأخرى التحنيط مهنةً ذات مهارة عالية. وعمل كثير من المصريين في الجيش والبحرية، وعمل آخرون في سفن الشحن أو مراكب صيد الأسماك.
الفنون والعلوم
العمارة. تعدّ أهرامات مصر أقدم وأكبر منشآت بنيت من الحجر في العالم. توجد بقايا أكثر من 35 هرمًا، على طول نهر النيل. وتعدّ أهرامات الجيزة إحدى عجائب العالم القديم السّبع. بنيت أولى الأهرامات المصرية منذ حوالي 4,500سنة مضت، ويبلغ ارتفاع أكبرها، هرم الجيزة الأكبر، حوالي 140م. وتُغطي قاعدته ما مساحته حوالي خمسة هكتارات من الأرض. بني هذا الهرم بأكثر من مليوني كتلة من الحجر الجيري يبلغ متوسط وزن الواحدة منها 2,3 طن متري.
بنى المصريّون القدماء كذلك المعابد من الحجر الجيري. وشكلوا أجزاء المعبد على هيئة النبات. فعلى سبيل المثال نحتت الأعمدة في بعض المعابد على شكل أشجار النخيل، أو قصب البردي. كان المعبد يتكوّن من ثلاثة أجزاء: معبد صغير، وقاعة كبيرة فيها عدد من الأعمدة، ثم فناء مفتوح.
التصوير التشكيلي والنحت. كانت معظم اللوحات الملونة الرفيعة وغيرها من الأعمال الفنية تُخصص للمقابر والمعابد. غطىّ الفنانون جدران المقابر بمناظر خيالية ساطعة، تُمثل الحياة اليومية، وصورًا أخرى لاستخدامها دليلا في الحياة بعد الموت. ولم تكن اللوحات على المقابر لمُجرد الزينة، وإنما عكست اعتقاد المصريين بأن هذه المشاهد قد تُبعث فيها الحياة في العالم الآخر. ولهذا السبب لم يكتف أصحاب المقابر بتصوير أنفسهم وهم يبدون صغار السن وجذابين، بل صوروا أنفسهم في أجواء مريحة تمنوا أن يستمتعوا بها في حياتهم بعد الموت.
زيّن النحّاتون في مصر القديمة المعابد بمنحوتات تصور الاحتفالات والانتصارات العسكرية وغيرها من الأحداث المهمة، كذلك نحتوا تماثيل الكائنات الخرافية من الحجر. ويفترض في هذه التماثيل أنها تُمثل الملوك المصريين أو المعبودات وتستخدم في حراسة المعابد والمقابر. فأبو الهول، مثلاً، يُعتقد أنه يمثل إما الملك خفرع أو معبودهم رع ـ حراختي. هذا التمثال العجيب له رأس إنسان وجسد أسد ويبلغ طوله 73م وارتفاعه 20م. نُحِت أبو الهول، الذي يوجد بالقرب من الهرم الأكبر بالجيزة منذ نحو 4,500 سنة.
صنع النحاتون كذلك التماثيل الصغيرة من الخشب والعاج والمرمر والبرونز والذهب والفيروز. وكانت المواضيع المفضلة في التماثيل الصغيرة تشمل القطط التي اعتبرها المصريّون مقدسة، وتكتسب أهميتها لأنها توفر الحماية لمحاصيلهم من الفئران.
الموسيقى والأدب. استمتع المصريّون القدماء بالموسيقي والغناء. واستخدموا القيثارة والعود وغيرهما من الآلات الوترية أثناء الغناء. كانت أغاني الحب المصرية شاعرية وعاطفية.
أَلفّ الكُتاب عديدًا من القصص التي تُصور الشخصيات والمشاهد أو الأحداث الخيالية. وكان الهدف منها المتعة والتسلية. ومن الكتابات الأخرى مقالات حول العيش الطيب تسمى الإرشادات.
العلوم. استطاع المصريّون القدماء تسجيل ملاحظات في الفلك والجغرافيا ساعدتهم في تطوير تقويم سنوي يتكون من 365 يومًا. اعتمد التقويم على الفيضان السنوي لنهر النيل، الذي كان يبدأ مباشرة بعد ظهور نجم الشعرى اليمانية على الأفق الشرقي مرة أخرى بعد أن كان مُختفيًا لعدد من الشهور. ويتمّ ذلك في نحو 20 من يونيو من كلِّ سنة. لقد ساعد هذا التقويم المصريين على تحديد مُعظم تاريخهم، والمادة المؤرخة من مصر القديمة ساعدت الباحثين ليُؤرّخوا أحداثًا في أماكن أخرى من العالم القديم. استطاع المصريّون القدماء قياس المساحات والأحجام والمسافات والأطوال والأوزان. واستخدموا الهندسة لتقرير حدود المزارع، واعتمدت الرياضيات على نظام ليس به أصفار.
كان الأطباءُ المصريّون القدماء أول الأطباء الذين درسوا الجسم البشري بطريقة عملية، ودرسوا بنية الدماغ، وعرفوا أن النبض مُتصل بطريقة ما بالقلب. وقد تمكنّوا من جبر العظام المكسورة والعناية بالجروح ومعالجة عديد من الأمراض. وتخصص بعض الأطباء في ميادين معينة من الطب كخلل العيون أو آلام المعدة.
نظام الحكم
حكم الملوك مصر القديمة في معظم تاريخها. وفي وقت ما بين 1554 و 1304ق.م أطلق الناس على الملك كلمة فرعون. وكلمة فرعون أتت من كلمتين مصريتين تعنيان البيت الكبير. واعتقد المصريّون أنّ كل واحد من ملوكهم كان هو إلههم حورس في شكل آدمي. وهذا الاعتقاد ساعد في تقوية سلطة الملوك.
كان منصب الملك وراثيًا. وينتقل الملك إلى أكبر أبناء الملك من زوجته الرئيسية. والكثير من الملوك المصريين كان لهم زوجات من مستوى أقل في الوقت نفسه. وقد أنجب بعض النساء البنات فقط. وفي بعض هذه الحالات ادعى عدد من البنات حق العرش. وهناك أربع نساء على الأقل أصبحن ملكات.
كان يُساعد الملك في الحكم موظفون يطلق عليهم وزراء. وبحلول القرن الخامس عشر قبل الميلاد عين الملك اثنين منهم، أحدهما، لإدارة منطقة الدلتا، والثاني لإدارة الإقليم الواقع في الجنوب. وعمل الوزراء محافظين وجامعي ضرائب وقضاة، وبعضهم تمكّن من السيطرة على ثروات المعبد. وكانت الحكومة تجمع الضرائب من الفلاحين في شكل محاصيل، وكان العمال المهرة يدفعون الضرائب من البضائع المُنتجة أو الخدمات التي يؤدّونها. وهكذا كانت خزائن الملوك والمعابد مخازن تحوي أساسًا المحاصيل ومختلف أنواع البضائع المُصنعة. كذلك فرضت الحكومة السخُّرة (وهي ضريبة من الخدمة) لتأمين الأفراد جنودًا في الجيش أو عمالاً للحكومة.
قسّمت مصر القديمة لأغراض الإدارة المحلية إلى اثنين وأربعين إقليما سميت ولايات ويعين الملك موظفًا يُسمىّ النومارش (الوالي) ليحكم الإقليم. كانت هناك محاكم في كلّ إقليم إضافة إلى محكمة عليا بالعاصمة.ويقوم الوزراء بالنظر في القضايا في معظم الحالات بينما الملوك يُصدرون الأحكام في الجرائم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام.
كان لمصر القديمة في أيامها الأولى جيش من المشاة مسلح بالحراب. وفي القرن السادس عشر قبل الميلاد بنى المصريّون جيشًا كبيرًا. واشتمل الجيش على جنود مُدربين لرمي السهام من الأقواس بدقّة متناهية، وهم على عربات مسرعة تجرها الخيول. وقد امتلكت مصر القديمة قوة بحرية كبيرة مكوّنة من سفن طويلة تسمى القادس. وكانت هذه السفن تستمد طاقتها المحركة من المجاديف رغم أنّ لمعظمها أشرعة.
نبذة تاريخية
تواريخ مهمة في مصر القديمة
البدايات. كان أول المجتمعات المعروفة في مصر القديمة قرى تأسست منذ أكثر من 5,000 سنة مضت. وبمرور الوقت أصبحت القرى جزءًا من مملكتين تحكمت إحداهما في القرى الواقعة في دلتا النيل، وتحكّمت الثانية في قرى جنوب الدلتا. وكانت منطقة الدلتا تعرف باسم تا ـ محو تقابل الوجه البحري حاليًا، والإقليم الجنوبي يسمّى شمعو، وتقابل الوجه القبلي حاليًا.
بدأت الحضارة المصرية حوالي 3100ق. م. وحسب الرواية المتداولة استطاع ملك الوجه القبلي، واسمه مينا، هزيمة ملك الوجه البحري في ذلك التاريخ. بعد ذلك وحَّد نعرمر البلاد وكوّن أول سلطة مركزية في العالم. وأسّس مدينة ممفيس عاصمة له بالقرب من موقع القاهرة الحالي. كذلك أسّس أول عائلة (أسرة) حاكمة، وهي تشتمل على عدد من الملوك من أسرة واحدة. وقد حكمت مصر القديمة أكثر من ثلاثين أُسرة أُخرى.
الفترة المبكرة. تغطي الفترة المبكرة ـ من التاريخ المصري القديم ـ حكم الأسرتين الأولى والثانية اللتين حكمتا لحوالي 400 سنة. وخلال هذه الفترة بنى الملوك معبدًا لبتاح كبير معبودات ممفيس، كما أقاموا عددًا من القصور بالقرب من المعبد. كذلك طوّر المصريّون خلال الأسرتين الأوليين أنظمة الري واخترعوا المحراث الذي تجره العجول، كما دونوا بعض النقوش بالكتابة الهيروغليفية.
المملكة القديمة. بدأت الأسرة الثالثة نحو 2686ق.م وبذلك التاريخ أصبح لمصر سلطة مركزية قوية. وعُرفت فترة الخمسمائة سنة التالية ببناء أهرامات مصر الضخمة. وتُسمى هذه الفترة المملكة القديمة أو عصر الأهرامات.
بُني أول هرم مصري معروف للملك زوسر، في سقارة حوالي 2650ق.م. وترتفع المقبرة فيه نحو 60م في ستة مدرجات ضخمة ويسمّى الهرم المدرج. وفي عهد الأسرة الرابعة بنى العمال الهرم الأكبر وغيره من الأهرامات بالجيزة. وقد بني الهرم الأكبر للملك خوفو، كما بني هرمان ضخمان بالقرب منه، أحدهما لابنه الملك خفرع والثاني للملك منقرع. وقد كان عمال المزارع يشتغلون في بناء الأهرامات عندما تغمر مياه فيضان النيل حقولهم.
ونحو أواخر الأسرة السادسة بدأت سلطة الملك تضعف، إذ تنافس موظفو الحكومة والكهنة على السلطة. استمرّت المملكة القديمة حتى 2181ق.م، حيث انتهت سلطة الأسرة السادسة.
كان حكام معظم الأسر الأربع التالية ضعفاء، وقد تم أخيرًا نقل العاصمة إلى طيبة.
المملكة الوسطى. المملكة الوسطى في التاريخ المصري القديم تتمثّل في حكم الأسرتين الحادية عشرة والثانية عشرة، وازدهرت في الفترة الثانية عندما اعتلى العرش أمنمحات وزير جنوب مصر الذي نقل العاصمة إلى إت ـ تاوي قرب ممفيس. استطاع أمنمحات وخلفاؤه الأقوياء أمثال سنوسرت الأول وسنوسرت الثاني وأمنمحات الثالث، أن يعيدوا لمصر ثراءها وقوتها. وخلال حكم الأسرة الثانية عشرة احتلت مصر بلاد النوبة، وأنعشت التجارة مع فلسطين وسوريا في جنوب غربي آسيا، كما ازدهرت العمارة والأدب وغيرهما من الفنون. وانتهت فترة الأسرة الثانية عشرة عام 1786ق.م.
قاد عدد من الأسر التالية ملُوكٌ ضعفاء، حيث انتشر مستوطنون من آسيا يطلق عليهم الهكسوس في كلّ دلتا النيل، ثم استولوا على السلطة في مصر حوالي 1670ق.م. وخلال الحرب استخدم الهكسوس العربات التي تَجُرها الخيول والأقواس المطوّرة، وغيرها من الأدوات غير المعروفة لدى المصريين. وقد حكم ملوك الهكسوس مصر حوالي مائة سنة.
المملكة الحديثة. هي فترة خمسمائة سنة أصبحت مصر خلالها أقوى قوة في العالم. بدأت هذه الفترة نحو 1554ق.م بالأسرة الثامنة عشرة، وخلال حكم هذه الأسرة ـ أسسها أحمس الأول ـ طردت قوات الهكسوس خارج مصر، واستعادت طيبة أهمّيتها، كما أصبح آمون الذي كان يُعبد أساسًا في طيبة، يقرن بالمعبود رع تدريجيًا حيث سُمِّي آمون ـ رع.
في بداية عهد الأسرة الثامنة عشرة طوّرت مصر جيشًا دائمًا استخدم عربات الخيول وغيرها من التقنيات العسكرية المتطورة التي أدخلت خلال فترة الهكسوس . قاد الملوك الأوائل من هذه الأسرة حملات عسكرية داخل جنوب غربي آسيا. وقد وصل تحتمس الأول، فيما يبدو، إلى نهر الفرات.
أنشأت مصر إمبراطورية عظيمة، بلغت ذروة قوتها خلال القرن الخامس عشر قبل الميلاد تحت حكم تحتمس الثالث الذي قاد حملات عسكرية داخل آسيا سنويًا تقريبًا ولمدة عشرين سنة، حيث أخضع فلسطين وسوريا وضمّهما للإمبراطورية المصرية. وأعاد تُحتمس سيطرة مصر على كوش (السودان القديم) حيث المصادر المهمة للرِّجال والنحاس والذهب والعاج والأبنوس. ونتيجة لهذه الانتصارات أصبحت مصر أقوى وأغنى دولة في الشرق الأوسط.
تغيّر مجرى التاريخ المصري بصورة غير متوقعة بعد اعتلاء أمنحوتب الرابع العرش 1367ق.م، فقد نذر نفسه لعبادة إله للشمس يسمى آتون، ممثلاً في قرص الشمس. غيّر أمنحوتب اسمه إلى أخناتون وأعلن أن أتون حلّ محل آمون، وغيره من الآلهة المصرية ماعدا رع. كان يعتقد أنّ رع جزء من أشعة الشمس التي تأتي من آتون. كذلك نقل الملك العاصمة إلى مدينة جديدة تُسمى أختاتون حوالي 280 كم للشمال من طيبة. وتوجد أطلال هذه المدينة بالقرب من تل العمارنة الحالية. أدت إصلاحات أخناتون الدينية، التي يُسميها المؤرخون ثورة العمارنة، إلى سيل من الفنون والعمارة التي تمجد آتون. إلا أن هذه التغيرات أغضبت كهنة المعبودات الأخرى وبخاصة أمون رع.
استطاع خلفاء أخناتون المباشرون إخماد الاضطرابات، فقد حذف الملك توت عنخ آتون، آتون من اسمه وأصبح توت عنخ آمون، وأعاد دين الدولة القديم، وسمح بعبادة الآلهة القديمة. كذلك رفض حورمحب آخر ملوك الأسرة الثامنة عشرة معتقدات أخناتون الدينية بكاملها.
أقام ملوك الأسرة التاسعة عشرة المعابد في كل أنحاء مصر لعدد من الآلهة. واستطاع اثنان من الملوك، سيتي الأول وابنه رمسيس الثاني من استعادة المناطق الآسيوية التي فقدوها بعد حكم تحتمس الثالث.
بدأت مصر القديمة تضمحل خلال فترة الأسرة العشرين، فقد أدت الصراعات المريرة والمستمرة على السلطة بين الكهنة والنبلاء إلى تقسيم البلاد إلى دويلات صغيرة. وفقدت مصر أراضيها في الخارج وسقطت فريـسة للغـزاة.
فترة الاحتلال الأجنبي. تزايدت سرعة تدهور مصر القديمة بعد نحو 1070ق.م. عندما انتهت الأسرة العشرون. وخلال السبعمائة سنة التالية حكمت مصر أكثر من عشر أسر. وقد كوّن معظمها الحكام الليبيون والكوشيون (قدماء السودانيين) وبعض المصريين. دخل الكوشيون في صراع مع الآشوريين في فلسطين غير أنهم انهزموا أخيرًا أمام الآشوريين وتراجعوا جنوبًا إلى موطنهم كوش. بعد تمكن الآشوريين من إجلاء الكوشيين عن مصر، حكمت مصر أسرة محلية تحت الهيمنة الآشورية فترة قصيرة من الزمن لتستقل عن الآشوريين ثم تنهزم هذه الأسرة أمام قمبيز الفارسي (الأخميني) وتصبح مصر جزءًا من الإمبراطورية الفارسية (الأخمينية). وفي سنة 332ق.م. استطاع الإسكندر الأكبر ملك مقدونيا ضم مصر لإمبراطوريته. وفي السنة نفسها أنشأ الإسكندر مدينة الإسكندرية غرب الدلتا.
البطالمة. توفي الإسكندر عام 323ق.م. وتقاسم قواده الإمبراطورية من بعده. وكانت مصر من نصيب بطليموس الأول أحد هؤلاء القادة. وفي حوالي 305ق.م، منح نفسه لقب ملك، وأسس أسرة تسمى البطالمة. عمل الحكام الأوائل من هذه الأسرة على نشر الثقافة اليونانية في مصر. كذلك بنوا المعابد لآلهة المصريين ونموا موارد مصر الطبيعية وانعشوا التجارة الخارجية. فأصبحت الإسكندرية عاصمة مصر وساعدت مكتبتها العظيمة ومتحفها في جعلها أحد أعظم المراكز الثقافية في الأزمان القديمة.
الحكم الروماني. في سنة 37ق.م. تزوجت الملكة كليوباترا السابعة البطلمية مارك أنطوني (أنطونيوس) أحد حكام روما.
أراد أنطوني أن يحكم الأراضي الرومانية الواسعة بنفسه فجمع جيشه مع جيش كليوباترا وحارب قوات أوكتافيوس الحاكم الشريك في روما، لكن بحرية أنطوني وكليوباترا خسرت معركة أكتيوم المهمة أمام قوة أوكتافيوس (أوغسطس) البحرية في 31ق.م.
انتحر الزوجان في السنة التالية، وقام أوكتافيوس بجعل مصر أحد أقاليم روما، فأمدت مصر روما بالذرة الشامية. ضعفت سيطرة روما على مصر تدريجيًا بعد 395م عندما انقسمت الإمبراطورية الرومانية إلى جزءين، شرقي وغربي. في سنة 22هـ، 642م فتح المسلمون بقيادة عمرو بن العاص مصر. ولمتابعة قصة مصر بعد عام 642م، انظر: مصر، تاريخ.
التعرف على مصر القديمة
تُسمى دراسة مصر القديمة علم المصريات، وأيضًا علم الآثار المصرية ويسمى الخبراء في هذا المجال علماء المصريات. وتستمد معظم معلوماتهم من دراسة العمارة وغيرها من فنون مصر القديمة. توجد بقايا المعابد العظيمة في أيبدوس، وكوم أمبو، وإدفو، وإسنا، والأقصر، والكرنك، وجزيرة فيلة. وقد كشفت الأحافير التي وجدت في مقابر الفراعنة، كالتي تسمى وادي الملوك بالقرب من الأقصر، عن لوحات ملونة رائعة.كانت مقبرة توت عنخ آمون مليئة بالأمثلة المدهشة الدالة على قدرة المصريين القدماء في الأعمال الخشبية والمعدنية.
تأتي المعلومات عن مصر القديمة كذلك من السجلات التي كتبها المصريّون أنفسهم والكُتَّاب الإغريق أمثال هيرودوت وسترابو. استخدم المصريّون الهيروغليفية إلى ما بعد الحكم الروماني. ولكن القدرة على قراءة الهيروغليفية ضاعت سريعًا بعد ذلك.
حاول العلماء لفترة من الزمن فك رموز الكتابة المصرية القديمة ولم يفلحوا. لكن في سنة 1799م وجدت لوحة من الحجر عليها كتابة باللغتين اليونانية والمصرية، خارج مدينة رشيد بالقرب من الإسكندرية. بدأ العالم الفرنسي جان فرانسوا شامبليون مقارنة الكلمات اليونانية والمصرية المكتوبة على حجر رشيد. وبحلول عام 1822م تمكن من فك رموز الهيروغليفية. وطورت بعد ذلك معاجم لهذه اللغة ساعدت الباحثين في ترجمة الكتابات الموجودة على المباني والمعابد والمقابر
مصر القديمة كانت مهدًا لواحدة من أولى حضارات العالم. وقامت هذه الحضارة المتقدّمة منذ نحو 5,000 سنة مضت على ضفاف وادي النيل في شمال شرقي إفريقيا. وقد عاشت هذه الحضارة لأكثر من ألفي سنة، وبهذا أصبحت أطول حضارة مُعمِّرة في التاريخ.
كان نهر النيل شريان الحياة لمصر القديمة، يفيض في كل سنة، وتترسّب شريحة من التربة الغنية السوداء على امتداد ضفتيه. وقد ساعدت التربة الغنية المزارعين في تنمية إمداد غذائي ضخم. وأطلق قدماء المصريين على بلدهم كيميت، وتعني الأرض السوداء تيمّنًا بتلك التربة الداكنة. وفّر النيل كذلك المياه للري، كما كان الطريق الرئيسي للنقل في مصر. لهذه الأسباب مجتمعة أطلق المؤرّخ اليوناني هيرودوت على مصر هبة النيل.
قدم المصريّون القدماء مُساهمة بارزة في تطور الحضارة، فقد كوّنوا أوّل سلطة مركزية في العالم، وابتدعوا الأشكال الأساسية للرياضيات، إضافة لتقويم سنوي من 365 يومًا. واخترعوا شكلاً للكتابة بالصور يُسمى الهيروغليفية كما اخترعوا أيضًا ورق البردي وهو مادّة كورق الكتابة، مصنوعة من سيقان نبات البردي. وكانت ديانة المصريّين من أقدم الأديان التي أكدت على الاعتقاد بالحياة بعد الموت. وبنوا مُدنًا عظيمة عمل فيها عدد من المهندسين والمعماريين والأطباء والنحّاتين والرسامين المهرة.
ومن أشهـر مُنجزات المصريين القدماء الأهرامات التي بنوها مقابرً لحـكامهم. وتقع أكثر الأهرامـات شهرة في الجيـزة. مثلت هذه الأبنيـة الحجريـة الضخمة، قمة قدراتهم في الهنـدسة المعـمارية، بقيـت متماسكة بفعل المناخ الجاف لنحو 4,500 سنة، وهـي باقية كمؤشّرات مُدهشة لتطور مصر القديمة. انظر: الهرم.
العالم المصري
.
السطح. مصر القديمة أرض طويلة وضيقة يَخْترقُها نهر النيل. وتحدّها الصحارى من الشرق والجنوب والغرب، ويقع البحر الأبيض المتوسط إلى الشمال. يجري النيل شمالاً من أواسط إفريقيا عبر الصحراء المصرية ليصب في البحر الأبيض المتوسط. أطلق المصريّون على الصحراء اسم دشرت وتعني الأرض الحمراء. يبلغ مجرى النهر في مصر حوالي 1,000كم، ويتفرّع النهر لعدة قنوات شمال القاهرة الحالية ليكوِّن دلتا النيل. وتنبسط الأرض الصحراوية في غرب وادي النيل كما تبرز الجبال في الجهة الشرقية.
يغمر نهر النيل ضفتيه كل عام بالمياه. يبدأ الفيضان في يوليو عندما يبدأ موسم الأمطار في أواسط إفريقيا، وترفع الأمطار مستوى النهر أثناء تدفقه شمالاً. وتنخفض مياه الفيضان عادة في سبتمبر تاركة وراءها شريحة خصبة من الأرض متوسط عرضها نحو 10كم على كلتا ضفتي النهر. وبعد ذلك يزرع الفلاحون هذه الأرض الغنية. واعتمد المصريون كذلك على نهر النيل طريقًا رئيسيًا للنقل. تطوّرت ممفيس وطيبة ـ أهم عاصمتين لمصر القديمة ـ وغيرهما من المدن على طول النهر لأهميته في الزراعة والنقل.
السكان. عاش معظم الناس في مصر القديمة في وادي نهر النيل، وتراوح عددهم مابين مليون وأربعة ملايين تقريبًا في أوقات مختلفة خلال تاريخ مصر القديمة. وعاش بقية السكان في الدلتا والواحات الواقعة غربي النهر.
كان المصريّون ذوي بشرة سمراء وشعر داكن، وتحدّثوا بلغة ذات صلة باللغات السامية في جنوب غربي آسيا وببعض لغات شمال إفريقيا في الوقت نفسه. وكُتبت اللغة المصرية بالهيروغليفية، وهي نظام صور ترمز للأفكار والأصوات. وقد بدأ المصريّون يستخدمون هذا النظام نحو سنة 3000ق.م. وهو يشتمل على أكثر من 700 رمزٍ تصويريٍّ. واستخدم المصريّون الهيروغليفية للكتابة بها على المعابد والمباني، وليسجّلوا المخطوطات الرسمية على الحجارة. أما الاستعمال اليومي فطوروا له شكلين بسيطين من الهيروغليفية يُسميان الهيراطي والديموطي.
عرفت مصر القديمة ثلاث طبقات اجتماعية، العُليا والوُسطى والدُّنيا. تكونت الطبقة العليا من العائلة المالكة والأثرياء وموظفي الحكومة وكبار الكهنة وضُباط الجيش ثمّ الأطباء. والطبقة الوسطى تكونت من التجار والصنّاع والحرفيين. أما الطبقة الدُّنيا، وهي أكبر الطبقات، فقد تكونت من العمال غير المهرة الذين عمل معظمهم في المزارع. أما السجناء الذين كان يتمّ أسرهم خلال الحروب الخارجية فقد كونوا طبقة الرقيق.
لم يكن النظام الاجتماعي في مصر القديمة جامدًا، إذ كان من الممكن أن يصعد من الطبقة الدنيا أو الوسطى إلى مرتبة أعلى، وكان يمكن للفرد أن ينتقل إلى مرتبة أعلى عن طريق الزواج، أو النجاح في عمله. وحتى العبيد كان لهم حقوق معروفة؛ إذ كان يحق لهم أن يقتنوا الأشياء الخاصة بهم، ويتزوجوا ويتوارثوا الأرض، كما كان في إمكانهم أن ينالوا حرياتهم.
حياة السُّكُّان
الحياة الأسرية. ترأس الأب الأسرة في مصر القديمة، وعند وفاته كان الابن الأكبر يحل مكانه. وكان للنساء كل حقوق الرجال تقريبًا؛ فقد كان بإمكانهن امتلاك الثروة وتوريثها وبيع وشراء البضائع وكذلك كتابة الوصية. وكان للزوجة حقّ الحصول على الطلاق. وهناك قليل من الحضارات القديمة التي أعطت النساء كل هذه الحقوق.
كان الملوك يتزوجون عادة، عددًا من النساء في الوقت نفسه، وفي حالات كثيرة كانت الزوجة الرئيسية عضوًا في العائلة المالكة مثل الأخت، أو الأخت غير الشقيقة.
كان الأطفال يلعبون بالدُّمى وأغطية الأواني والكرات الجلدية. وكانت لديهم لعب اللوحات التي تُحدّد حركاتها برمي النرد، كما كانت عندهم الحيوانات الأليفة مثل القطط والكلاب والقرود والرباح والطيور.
التعليم. حظيت نسبة قليلة من الأولاد والبنات بالتعليم في مصر القديمة. وكان مُعظم هؤلاء من أسر الطبقات العليا. وكان التلاميذ يذهبون للمدرسة لتعلّم الكتابة والقراءة والنسخ. وكان الكُتَّاب يكتبون السجلات في مكاتب الحكومة والمعابد والخطابات للأعداد الكبيرة من المصريين الذين لا يعرفون القراءة والكتابة.
وكان يدير كل من القصر الملكي والوحدات الحكومية والمعابد هذه المدارس التي كانت تؤهل التلاميذ ليصبحوا كتبة أو ليعملوا في مهن أخرى. وتمثلت المواد الدراسية الأساسية في القراءة والأدب والجغرافيا والرياضيات والكتابة. وكان التلاميذ يتعلمون الكتابة عن طريق نسخ نصوص الأدب والخطابات والحسابات التجارية. واستخدموا في الكتابة ورق البردي، أوّل مادة شبيهة بالورق في العالم، وكتبوا بالفرش المصنوعة من القصب بعد تشكيل وتليين أطرافها. صنع المصريّون الحبر بخلط الماء والهباب (السَّخام) وهو مسحوق ينتج بعد حرق الأخشاب أو أي مادة أخرى.
امتهن معظم أولاد المصريين مهن آبائهم نفسها بعد أن تعلموها منهم. وهكذا، أصبح بعضهم تجارًا إلاّ أن الغالبيّة كانوا فلاّحين. وكان كثير من الآباء يُلحقون أبناءهم بالمعلمين الحرفيين ليتعلّموا النجارة وصنع الخزف وغيرهما من الحرف. وربما التحق الأولاد الذين يرغبون في دراسة الطب بالعمل مع أحد الأطباء بعد أن يُكملوا تعليمهم المدرسي الأساسي.
أمّا مُعظم البنات فيتمُّ تأهيلهن لدور الزوجة والأم، إذ تقوم الأمهات بتعليمهن الطبخ والخياطة وغيرهما من المهارات.
كان بمصر القديمة عدد من المكتبات أشهرها مكتبة الإسكندرية التي كانت تحتوي على أكثر من 400,000 مخطوطة بردية، عن علم الفلك والجغرافيا وعددٍ آخر من العلوم، وللإسكندرية أيضًا مُتحف مُتميّز.
الغذاء والملبس والمأوى. كان الخبز الغذاء الرئيسي في وجبة معظم قدماء المصريين، الذين صنعوه من القمح. وتناول كثير من المصريين أنواعًا مختلفة من الخضراوات والفواكه والسمك والحليب والجبن والزبدة ولحوم البط والإوز. والأثرياء من المصريين كانوا يأكلون بانتظام لحوم الأبقار والغزلان والظباء بالإضافة إلى الكعك الفاخر وغيره من أنواع الخبز، وكان الناس يأكلون بأيديهم.
كان المصريّون يلبسون أثواب الكتّان البيضاء، أما النساء فيلبسن الأثواب الطويلة أو الفساتين الضيقة مع وضع أشرطة على الكتف. ويلبس الرجال الأُزُر، أو الثياب الطويلة. كما لبس المصريّون أحيانًا أغطية ملونة للرأس مُتدلية حتى الكتف. والأثرياء منهم وضعوا الشعر المستعار على رؤوسهم وكان إحدى وسائل الحماية من الشمس، كما لبسوا الصندل المصنوع من الجلد. لكن عامّة الناس كانوا يمشون عادة حفاة الأقدام. أما الأطفال فنادرًا ما ارتدوا أية ملابس.
استخدم المصريون القدماء مستحضرات التجميل ولبسوا المجوهرات، ووضعت النساء مسحوق الشفاه وصبغن الشعر وطلين الأظافر، كذلك قُمن برسم معالم العيون وتلوين الحواجب بلون رمادي، أو أسود أو أخضر. ورسم الرجال كذلك معالم عيونهم واهتموا بزينتهم اهتمام النساء بها، واستعمل كلا الجنسين العطور، ولبس كلاهما العقود والخواتم والأساور، وكانت الأمشاط والمرايا والشفرات من الأدوات المعروفة في التجميل.
بنى المصريّون منازلهم بطوب اللّبن المجفّف، واستعملوا سيقان النخيل ليدعموا السقوف المسطحة، وكان معظم البيوت في المدن مباني ضيّقة تكونت من ثلاثة طوابق أو أكثر. عاش معظم فقراء المصريين في أكواخ من غُرفةٍ واحدة. وكان المصري من الطبقات الوسطى يعيش في بيت مكوّن من طابق أو طابقين فيه ثلاث غرف على الأقل، وكثير من الأثرياء عاشوا في بيوت تحوي مايصل إلى سبعين غرفة. وكانت بعض هذه البيوت ملكيات أو عقارات ريفية فيها البساتين والبرك والحدائق. وكان للبيوت المصرية نوافذ صغيرة في أعلى الجدران تساعد على منع دخول أشعة الشمس. وقد نشر الناس الحصير المبلل على الأرضيات لترطيب الهواء داخل البيوت. وفي الليالي الحارة كان الناس ينامون فوق الأسطح غالبًا حيث يكون الطقس أقل حرارة.
اشتمل الأثاث المصري على المقاعد الخشبية والكراسي والأسرة والصناديق. واستخدم المصريون القدماء أواني الخزف للطبخ وتقديم الطعام. وطهوا الطعام في أفرانٍ من الطين أو على النار. واستخدموا الفحم النباتي والأخشاب للوقود. واستمدوا الإضاءة من المصابيح والشموع. فقد كانت مكونة من خيوط الكتان ذات الفتلات القطنية، كما كان الزيت يُحرق في قوارير أو آنية حجرية مُجوفة.
الترويح. تمتّع قدماء المصريين بعددٍ من الأنشطة لتمضية الفراغ. فقد قاموا بصيد الأسماك، وسبحوا في نهر النيل. وكان ركوب المراكب الشراعية شائعًا . وقام المغامرون من المصريين بصيد التماسيح والأسود وأفراس النهر والأفيال والأبقار المتوحّشة مُستخدمين القسي والرماح والحراب. وكان كثير من المصريين القدماء يعجبون بمشاهدة مباريات المصارعة. وفي البيت كانوا يلعبون السنيت وهي شبيهة بلعبة الطاولة.
الديانة
مصر القديمة
الآلهة والإلاهات. اعتقد قدماء المصريين أنّ عددًا من المعبودات (آلهة وإلاهات) يؤثر في كلّ أوجه الطبيعة، وفي كلِّ النشاط البشري، لذلك عبدوا عديدًا من الآلهة. وكان المعبود الأساسي هو رع، إله الشمس في زعمهم. اعتمد المصريّون على إلههم رع وعلى إلاهتهم رَنُوتَتْ للحصول على حصاد جيّد. وكان أهم الإلاهات إيزيس، إذ كانت تُمثلً الأم والزوجة المخلصة. أما أوزريس زوجها وأخوها في الوقت نفسه، فعدُّوه المتحكم في الزرع وفي الموتى. وكان حورس، ابن إيزيس، وأوزيريس إله السماء عندهم، وسمُّوه رب السماء وصوروه كثيرًا برأس صقر حر.
وفي كل بلدة ومدينة مصرية عَبَدَ الناس إلها خاصاً بهم، بالإضافة إلى الآلهة الرئيسية. فالناس في طيبة، على سبيل المثال، عبدوا آمون إلهًا للشمس. وأخيرًا وُحِّد آمون برع، وبعد ذلك أصبح آمون ـ رع المعبود الرئيسي. ومن الآلهة المحلية الأخرى التي عبدوها بتاح الإله الذي أوجد ممفيس، وتحوت إلاهة الحكمة والكتابة في هيرموبولس، وخنوم كإله خالق أيضًا في فيَلة (الفنتين). وكان العديد من الآلهة يصور بأجسام بشرية ورؤوس حيوانات. ومثل هذه الرؤوس كان يشير إلى ميزة حقيقية أو متخيلة للحيوان وبها كان يتم التعريف بالمعبود بطريقة سهلة.
ولكن لا يُعرف كيف كان يتعبد عامة قدماء المصريين. فكل معبد كان منزلاً لأحد الآلهة، أو أنه نُذر لأحد الملوك الموتى. كان المعبد الذي بني على شرف آمون ـ رع في الكرنك أكبر المعابد في البلاد، به أكثر من مائة وثلاثين عمودًا، بلغ طول الواحد منها حوالي 25م. وقد زينت أعمدة وجدران القاعة الكبرى ـ التي ما تزال أكبر قاعة ذات أعمدة بُنيت حتى الآن ـ لوحات ملونة رائعة.
كانت مهمة الكاهن الأساسية خدمة المعبود، أو الملك الذي يمثله تمثال في المعبد. يعدُّ الملك الحاكم رئيس كهنة مصر. وفي كل يوم يقوم هو أو غيره من الكهنة المحليين بغسل وإلباس التمثال وإحضار الطعام له. ويقوم الكهنة كذلك بتقديم الأدعية التي يطلبها الأفراد.
الحياة الآخرة. آمن قدماء المصريين بإمكانية التمتّع بالحياة بعد الموت. هذا الاعتقاد في الحياة بعد الموت أدى أحيانًا إلى إعداد تجهيزات كثيرة للموت والدفن. ونتج عن هذا الاعتقاد بناء الأهرامات والمقابر الكبيرة للملوك والملكات. وكان لبقية الشعب من المصريين مقابر أصغر.
اعتقد المصريّون أيضًابضرورة حفظ أجساد الموتى للحياة التالية، ولذلك اهتموا بهذا الأمر فقاموا بتحنيط الجثث ليمنعوا تحللها. وبعد تحنيط الجسد، كان يلف بطبقات من قطع الكتان ويُوضع داخل تابوت. وتوضع المومياء بعد ذلك داخل القبر.
قام بعض المصريين كذلك بتحنيط الحيوانات الأليفة كالقرود والقطط، وقد بقي عدد من الموميات المصرية محفوظة حتى يومنا هذا.
ملأ المصريون مقابرهم بالأشياء التي ظنوا أنهم سوف يستخدمونها في حياتهم بعد الموت، واشتملت هذه الأشياء على الملابس والأمتعة والأكل والمساحيق والمجوهرات. وامتلأت مقابر المصريين الأثرياء بتماثيل الخدم اعتقادًا منهم بأنهم سوف يخدمونهم في العالم الآخر. ورسمت مشاهد الحياة اليومية على الجدران الداخلية للمقابر. واعتقد المصريون أن بعض الطقوس التي يؤديها الكهنة تجعل من أوزيريس باعثًا للحياة في هذه المشاهد وفي الميت كذلك.
اقتنى كثير من المصريين النصوص التي حوت الصلوات والأدعية والترانيم وغيرها من المعلومات التي ظنوا أنها توجّه الأرواح في الحياة بعد الموت وتحفظها من الشر وتوفر لها الاحتياجات. وقام المصريّون بنقش فقرات من هذه النصوص أو كتابتها على جدران المقابر وربما وضعوا نسخًا منها داخل القبر في بعض الأحيان. وسميت مجموعات هذه النصوص كتاب الموتى.
العمل
اهتم معظم العمال في وادي النيل الخصيب بالزراعة وساعدت المحاصيل الكثيرة لمواسم عديدة، في أن تجعل من مصر بلدًا غنيًا.وعمل كثير من الناس، لتأمين عيشهم، في الصناعة والتعدين والنقل أو التجارة.
لم يكن لدى المصريين نظام نقدي وعوضوا عن ذلك بمقايضة البضائع أو الخدمات مباشرة بما يقابلها.وهو ما يطلق عليه نظام المقايضة حيث كان العمال يحصلون على أجورهم من فائض القمح والشعير الذي يقومون بمقايضته فيحصلون على احتياجاتهم الأخرى.
الزراعة. عمل مُعظم العمال الزراعيين في الإقطاعات الكبيرة للعائلات المالكة والمعابد وملاك الأراضي الأغنياء. وحصلوا على قليل من المحاصيل كأجور، وذلك لأن مُلاك الأراضي كان علَيهم تَحويل نسبة كبيرة من الإنتاج الزراعي كضرائب. وكان بعض المزارعين يستأجرون الحقول من ملاك الأراضي الأثرياء.
كانت مصر القديمة بلدًا حارًا يكاد ينعدم فيه هطول الأمطار، ولكن الزراع كانوا يزرعون المحاصيل مُعظم السنة عن طريق ريّ الأراضي، إذ شيدوا القنوات لأخذ المياه من نهر النيل إلى الحقول، واستخدموا المحاريث الخشبية التي تجرها الثيران لإعداد الأرض للزراعة.
كانت المحاصيل الرئيسية لمصر القديمة هي القمح والشعير. أما المحاصيل الأخرى فتشمل الخس والفاصوليا والبصل والتين والبلح والعنب والبطيخ والخيار والرمّان والفجل. وكان النبيذ يصنع بعصير البلح والعنب. وزرع كثير من المزارعين قصب الكتان ليصنع منه قماش الكتان. وربى المصريّون الأبقار للحومها وألبانها والماعز والبط والإوز والحمير. كماكان بعض الناس يُربون النحل ليحصلوا على العسل.
الصناعة والتعدين. كان الحرفيون الذين يديرون المتاجر الصغيرة يصنعون معظم البضائع في مصر القديمة، وتحتلّ صناعة ملابس وخيوط الكتان الصدارة في الصناعات. واشتملت المنتجات الأخرى المهمة الخزف والطوب والأدوات والزجاج والأسلحة والأثاث والمجوهرات والعطور. وصنع المصريّون العديد من المنتجات من النبات مثل الحبال والسلال والحُصُر وصحف الكتابة.
كان لمصر القديمة مخزون كبير من المعادن. حيث أنتج المشتغلون بالمحاجر والتعدين كمّيات كبيرة من الحجر الجيري والحجر الرملي والجرانيت لبناء الأهرامات والمنشآت الكبيرة. كذلك قاموا بتعدين النحاس والذهب والقصدير والجواهر مثل الفيروز والجمشت. وكان معظم الذهب يأتي لمصر من كوش (السودان قديمًا) والتلال الواقعة شرقي النيل.
التجارة والنقل. أبحر تُجار مصر القدماء إلى عدة بلاد بمحاذاة بحر إيجة والبحرين الأبيض المتوسط والأحمر. وحصلوا على الفضة والحديد والخيل وخشب الأرز من سوريا ولبنان وغيرهما من مناطق جنوب غربي آسيا. وجلبوا العاج وجلود النمر الأرقط والنحاس والأبقار والتوابل من بلاد النوبة الواقعة جنوبي مصر. وقايض المصريّون هذه البضائع بالذهب وغيره من المعادن والقمح والشعير وصحائف البردي.
كان النقل داخل مصر يتم على نهر النيل بوساطة المراكب والبراجي (مراكب نقل البضائع). وصُنعت أقدم المراكب من قصب البردي، وبعد أن كانت تحرك في البداية بالأعمدة، أصبح يُستخدم في دفعها المجاديف. وفي نحو 3200ق.م ابتكر المصريّون الشراع وأصبحوا يعتمدون على الرياح مصدرًا للطاقة التي تحرك المراكب.
خلال الفترة المبكرة من تاريخ مصر القديمة كان أكثر الناس يتنقلون سيرًا على الأقدام، وكان الأثرياء منهم يُحملون فوق مقاعدٍ خاصة. وخلال القرن السابع عشر قبل الميلاد بدأ المصريّون يركبون العربات التي تجرّها الخيول.
الحرف والمهن. وظفت العائلة المالكة والمعابد في مصر القديمة المعماريين والمهندسين المهرة، والنجّارين والفنّانين والنحّاتين كما استأجروا الخبّازين والقصابين والمدرسين والخطاطين والمحاسبين والموسيقيين ورؤساء الخدم وصانعي الأحذية. وقد جعل الاعتقاد المصري بأن الأجساد يجب أن تحفظ للحياة الأخرى التحنيط مهنةً ذات مهارة عالية. وعمل كثير من المصريين في الجيش والبحرية، وعمل آخرون في سفن الشحن أو مراكب صيد الأسماك.
الفنون والعلوم
العمارة. تعدّ أهرامات مصر أقدم وأكبر منشآت بنيت من الحجر في العالم. توجد بقايا أكثر من 35 هرمًا، على طول نهر النيل. وتعدّ أهرامات الجيزة إحدى عجائب العالم القديم السّبع. بنيت أولى الأهرامات المصرية منذ حوالي 4,500سنة مضت، ويبلغ ارتفاع أكبرها، هرم الجيزة الأكبر، حوالي 140م. وتُغطي قاعدته ما مساحته حوالي خمسة هكتارات من الأرض. بني هذا الهرم بأكثر من مليوني كتلة من الحجر الجيري يبلغ متوسط وزن الواحدة منها 2,3 طن متري.
بنى المصريّون القدماء كذلك المعابد من الحجر الجيري. وشكلوا أجزاء المعبد على هيئة النبات. فعلى سبيل المثال نحتت الأعمدة في بعض المعابد على شكل أشجار النخيل، أو قصب البردي. كان المعبد يتكوّن من ثلاثة أجزاء: معبد صغير، وقاعة كبيرة فيها عدد من الأعمدة، ثم فناء مفتوح.
التصوير التشكيلي والنحت. كانت معظم اللوحات الملونة الرفيعة وغيرها من الأعمال الفنية تُخصص للمقابر والمعابد. غطىّ الفنانون جدران المقابر بمناظر خيالية ساطعة، تُمثل الحياة اليومية، وصورًا أخرى لاستخدامها دليلا في الحياة بعد الموت. ولم تكن اللوحات على المقابر لمُجرد الزينة، وإنما عكست اعتقاد المصريين بأن هذه المشاهد قد تُبعث فيها الحياة في العالم الآخر. ولهذا السبب لم يكتف أصحاب المقابر بتصوير أنفسهم وهم يبدون صغار السن وجذابين، بل صوروا أنفسهم في أجواء مريحة تمنوا أن يستمتعوا بها في حياتهم بعد الموت.
زيّن النحّاتون في مصر القديمة المعابد بمنحوتات تصور الاحتفالات والانتصارات العسكرية وغيرها من الأحداث المهمة، كذلك نحتوا تماثيل الكائنات الخرافية من الحجر. ويفترض في هذه التماثيل أنها تُمثل الملوك المصريين أو المعبودات وتستخدم في حراسة المعابد والمقابر. فأبو الهول، مثلاً، يُعتقد أنه يمثل إما الملك خفرع أو معبودهم رع ـ حراختي. هذا التمثال العجيب له رأس إنسان وجسد أسد ويبلغ طوله 73م وارتفاعه 20م. نُحِت أبو الهول، الذي يوجد بالقرب من الهرم الأكبر بالجيزة منذ نحو 4,500 سنة.
صنع النحاتون كذلك التماثيل الصغيرة من الخشب والعاج والمرمر والبرونز والذهب والفيروز. وكانت المواضيع المفضلة في التماثيل الصغيرة تشمل القطط التي اعتبرها المصريّون مقدسة، وتكتسب أهميتها لأنها توفر الحماية لمحاصيلهم من الفئران.
الموسيقى والأدب. استمتع المصريّون القدماء بالموسيقي والغناء. واستخدموا القيثارة والعود وغيرهما من الآلات الوترية أثناء الغناء. كانت أغاني الحب المصرية شاعرية وعاطفية.
أَلفّ الكُتاب عديدًا من القصص التي تُصور الشخصيات والمشاهد أو الأحداث الخيالية. وكان الهدف منها المتعة والتسلية. ومن الكتابات الأخرى مقالات حول العيش الطيب تسمى الإرشادات.
العلوم. استطاع المصريّون القدماء تسجيل ملاحظات في الفلك والجغرافيا ساعدتهم في تطوير تقويم سنوي يتكون من 365 يومًا. اعتمد التقويم على الفيضان السنوي لنهر النيل، الذي كان يبدأ مباشرة بعد ظهور نجم الشعرى اليمانية على الأفق الشرقي مرة أخرى بعد أن كان مُختفيًا لعدد من الشهور. ويتمّ ذلك في نحو 20 من يونيو من كلِّ سنة. لقد ساعد هذا التقويم المصريين على تحديد مُعظم تاريخهم، والمادة المؤرخة من مصر القديمة ساعدت الباحثين ليُؤرّخوا أحداثًا في أماكن أخرى من العالم القديم. استطاع المصريّون القدماء قياس المساحات والأحجام والمسافات والأطوال والأوزان. واستخدموا الهندسة لتقرير حدود المزارع، واعتمدت الرياضيات على نظام ليس به أصفار.
كان الأطباءُ المصريّون القدماء أول الأطباء الذين درسوا الجسم البشري بطريقة عملية، ودرسوا بنية الدماغ، وعرفوا أن النبض مُتصل بطريقة ما بالقلب. وقد تمكنّوا من جبر العظام المكسورة والعناية بالجروح ومعالجة عديد من الأمراض. وتخصص بعض الأطباء في ميادين معينة من الطب كخلل العيون أو آلام المعدة.
نظام الحكم
حكم الملوك مصر القديمة في معظم تاريخها. وفي وقت ما بين 1554 و 1304ق.م أطلق الناس على الملك كلمة فرعون. وكلمة فرعون أتت من كلمتين مصريتين تعنيان البيت الكبير. واعتقد المصريّون أنّ كل واحد من ملوكهم كان هو إلههم حورس في شكل آدمي. وهذا الاعتقاد ساعد في تقوية سلطة الملوك.
كان منصب الملك وراثيًا. وينتقل الملك إلى أكبر أبناء الملك من زوجته الرئيسية. والكثير من الملوك المصريين كان لهم زوجات من مستوى أقل في الوقت نفسه. وقد أنجب بعض النساء البنات فقط. وفي بعض هذه الحالات ادعى عدد من البنات حق العرش. وهناك أربع نساء على الأقل أصبحن ملكات.
كان يُساعد الملك في الحكم موظفون يطلق عليهم وزراء. وبحلول القرن الخامس عشر قبل الميلاد عين الملك اثنين منهم، أحدهما، لإدارة منطقة الدلتا، والثاني لإدارة الإقليم الواقع في الجنوب. وعمل الوزراء محافظين وجامعي ضرائب وقضاة، وبعضهم تمكّن من السيطرة على ثروات المعبد. وكانت الحكومة تجمع الضرائب من الفلاحين في شكل محاصيل، وكان العمال المهرة يدفعون الضرائب من البضائع المُنتجة أو الخدمات التي يؤدّونها. وهكذا كانت خزائن الملوك والمعابد مخازن تحوي أساسًا المحاصيل ومختلف أنواع البضائع المُصنعة. كذلك فرضت الحكومة السخُّرة (وهي ضريبة من الخدمة) لتأمين الأفراد جنودًا في الجيش أو عمالاً للحكومة.
قسّمت مصر القديمة لأغراض الإدارة المحلية إلى اثنين وأربعين إقليما سميت ولايات ويعين الملك موظفًا يُسمىّ النومارش (الوالي) ليحكم الإقليم. كانت هناك محاكم في كلّ إقليم إضافة إلى محكمة عليا بالعاصمة.ويقوم الوزراء بالنظر في القضايا في معظم الحالات بينما الملوك يُصدرون الأحكام في الجرائم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام.
كان لمصر القديمة في أيامها الأولى جيش من المشاة مسلح بالحراب. وفي القرن السادس عشر قبل الميلاد بنى المصريّون جيشًا كبيرًا. واشتمل الجيش على جنود مُدربين لرمي السهام من الأقواس بدقّة متناهية، وهم على عربات مسرعة تجرها الخيول. وقد امتلكت مصر القديمة قوة بحرية كبيرة مكوّنة من سفن طويلة تسمى القادس. وكانت هذه السفن تستمد طاقتها المحركة من المجاديف رغم أنّ لمعظمها أشرعة.
نبذة تاريخية
البدايات. كان أول المجتمعات المعروفة في مصر القديمة قرى تأسست منذ أكثر من 5,000 سنة مضت. وبمرور الوقت أصبحت القرى جزءًا من مملكتين تحكمت إحداهما في القرى الواقعة في دلتا النيل، وتحكّمت الثانية في قرى جنوب الدلتا. وكانت منطقة الدلتا تعرف باسم تا ـ محو تقابل الوجه البحري حاليًا، والإقليم الجنوبي يسمّى شمعو، وتقابل الوجه القبلي حاليًا.
بدأت الحضارة المصرية حوالي 3100ق. م. وحسب الرواية المتداولة استطاع ملك الوجه القبلي، واسمه مينا، هزيمة ملك الوجه البحري في ذلك التاريخ. بعد ذلك وحَّد نعرمر البلاد وكوّن أول سلطة مركزية في العالم. وأسّس مدينة ممفيس عاصمة له بالقرب من موقع القاهرة الحالي. كذلك أسّس أول عائلة (أسرة) حاكمة، وهي تشتمل على عدد من الملوك من أسرة واحدة. وقد حكمت مصر القديمة أكثر من ثلاثين أُسرة أُخرى.
الفترة المبكرة. تغطي الفترة المبكرة ـ من التاريخ المصري القديم ـ حكم الأسرتين الأولى والثانية اللتين حكمتا لحوالي 400 سنة. وخلال هذه الفترة بنى الملوك معبدًا لبتاح كبير معبودات ممفيس، كما أقاموا عددًا من القصور بالقرب من المعبد. كذلك طوّر المصريّون خلال الأسرتين الأوليين أنظمة الري واخترعوا المحراث الذي تجره العجول، كما دونوا بعض النقوش بالكتابة الهيروغليفية.
المملكة القديمة. بدأت الأسرة الثالثة نحو 2686ق.م وبذلك التاريخ أصبح لمصر سلطة مركزية قوية. وعُرفت فترة الخمسمائة سنة التالية ببناء أهرامات مصر الضخمة. وتُسمى هذه الفترة المملكة القديمة أو عصر الأهرامات.
بُني أول هرم مصري معروف للملك زوسر، في سقارة حوالي 2650ق.م. وترتفع المقبرة فيه نحو 60م في ستة مدرجات ضخمة ويسمّى الهرم المدرج. وفي عهد الأسرة الرابعة بنى العمال الهرم الأكبر وغيره من الأهرامات بالجيزة. وقد بني الهرم الأكبر للملك خوفو، كما بني هرمان ضخمان بالقرب منه، أحدهما لابنه الملك خفرع والثاني للملك منقرع. وقد كان عمال المزارع يشتغلون في بناء الأهرامات عندما تغمر مياه فيضان النيل حقولهم.
ونحو أواخر الأسرة السادسة بدأت سلطة الملك تضعف، إذ تنافس موظفو الحكومة والكهنة على السلطة. استمرّت المملكة القديمة حتى 2181ق.م، حيث انتهت سلطة الأسرة السادسة.
كان حكام معظم الأسر الأربع التالية ضعفاء، وقد تم أخيرًا نقل العاصمة إلى طيبة.
المملكة الوسطى. المملكة الوسطى في التاريخ المصري القديم تتمثّل في حكم الأسرتين الحادية عشرة والثانية عشرة، وازدهرت في الفترة الثانية عندما اعتلى العرش أمنمحات وزير جنوب مصر الذي نقل العاصمة إلى إت ـ تاوي قرب ممفيس. استطاع أمنمحات وخلفاؤه الأقوياء أمثال سنوسرت الأول وسنوسرت الثاني وأمنمحات الثالث، أن يعيدوا لمصر ثراءها وقوتها. وخلال حكم الأسرة الثانية عشرة احتلت مصر بلاد النوبة، وأنعشت التجارة مع فلسطين وسوريا في جنوب غربي آسيا، كما ازدهرت العمارة والأدب وغيرهما من الفنون. وانتهت فترة الأسرة الثانية عشرة عام 1786ق.م.
قاد عدد من الأسر التالية ملُوكٌ ضعفاء، حيث انتشر مستوطنون من آسيا يطلق عليهم الهكسوس في كلّ دلتا النيل، ثم استولوا على السلطة في مصر حوالي 1670ق.م. وخلال الحرب استخدم الهكسوس العربات التي تَجُرها الخيول والأقواس المطوّرة، وغيرها من الأدوات غير المعروفة لدى المصريين. وقد حكم ملوك الهكسوس مصر حوالي مائة سنة.
المملكة الحديثة. هي فترة خمسمائة سنة أصبحت مصر خلالها أقوى قوة في العالم. بدأت هذه الفترة نحو 1554ق.م بالأسرة الثامنة عشرة، وخلال حكم هذه الأسرة ـ أسسها أحمس الأول ـ طردت قوات الهكسوس خارج مصر، واستعادت طيبة أهمّيتها، كما أصبح آمون الذي كان يُعبد أساسًا في طيبة، يقرن بالمعبود رع تدريجيًا حيث سُمِّي آمون ـ رع.
في بداية عهد الأسرة الثامنة عشرة طوّرت مصر جيشًا دائمًا استخدم عربات الخيول وغيرها من التقنيات العسكرية المتطورة التي أدخلت خلال فترة الهكسوس . قاد الملوك الأوائل من هذه الأسرة حملات عسكرية داخل جنوب غربي آسيا. وقد وصل تحتمس الأول، فيما يبدو، إلى نهر الفرات.
أنشأت مصر إمبراطورية عظيمة، بلغت ذروة قوتها خلال القرن الخامس عشر قبل الميلاد تحت حكم تحتمس الثالث الذي قاد حملات عسكرية داخل آسيا سنويًا تقريبًا ولمدة عشرين سنة، حيث أخضع فلسطين وسوريا وضمّهما للإمبراطورية المصرية. وأعاد تُحتمس سيطرة مصر على كوش (السودان القديم) حيث المصادر المهمة للرِّجال والنحاس والذهب والعاج والأبنوس. ونتيجة لهذه الانتصارات أصبحت مصر أقوى وأغنى دولة في الشرق الأوسط.
تغيّر مجرى التاريخ المصري بصورة غير متوقعة بعد اعتلاء أمنحوتب الرابع العرش 1367ق.م، فقد نذر نفسه لعبادة إله للشمس يسمى آتون، ممثلاً في قرص الشمس. غيّر أمنحوتب اسمه إلى أخناتون وأعلن أن أتون حلّ محل آمون، وغيره من الآلهة المصرية ماعدا رع. كان يعتقد أنّ رع جزء من أشعة الشمس التي تأتي من آتون. كذلك نقل الملك العاصمة إلى مدينة جديدة تُسمى أختاتون حوالي 280 كم للشمال من طيبة. وتوجد أطلال هذه المدينة بالقرب من تل العمارنة الحالية. أدت إصلاحات أخناتون الدينية، التي يُسميها المؤرخون ثورة العمارنة، إلى سيل من الفنون والعمارة التي تمجد آتون. إلا أن هذه التغيرات أغضبت كهنة المعبودات الأخرى وبخاصة أمون رع.
استطاع خلفاء أخناتون المباشرون إخماد الاضطرابات، فقد حذف الملك توت عنخ آتون، آتون من اسمه وأصبح توت عنخ آمون، وأعاد دين الدولة القديم، وسمح بعبادة الآلهة القديمة. كذلك رفض حورمحب آخر ملوك الأسرة الثامنة عشرة معتقدات أخناتون الدينية بكاملها.
أقام ملوك الأسرة التاسعة عشرة المعابد في كل أنحاء مصر لعدد من الآلهة. واستطاع اثنان من الملوك، سيتي الأول وابنه رمسيس الثاني من استعادة المناطق الآسيوية التي فقدوها بعد حكم تحتمس الثالث.
بدأت مصر القديمة تضمحل خلال فترة الأسرة العشرين، فقد أدت الصراعات المريرة والمستمرة على السلطة بين الكهنة والنبلاء إلى تقسيم البلاد إلى دويلات صغيرة. وفقدت مصر أراضيها في الخارج وسقطت فريـسة للغـزاة.
فترة الاحتلال الأجنبي. تزايدت سرعة تدهور مصر القديمة بعد نحو 1070ق.م. عندما انتهت الأسرة العشرون. وخلال السبعمائة سنة التالية حكمت مصر أكثر من عشر أسر. وقد كوّن معظمها الحكام الليبيون والكوشيون (قدماء السودانيين) وبعض المصريين. دخل الكوشيون في صراع مع الآشوريين في فلسطين غير أنهم انهزموا أخيرًا أمام الآشوريين وتراجعوا جنوبًا إلى موطنهم كوش. بعد تمكن الآشوريين من إجلاء الكوشيين عن مصر، حكمت مصر أسرة محلية تحت الهيمنة الآشورية فترة قصيرة من الزمن لتستقل عن الآشوريين ثم تنهزم هذه الأسرة أمام قمبيز الفارسي (الأخميني) وتصبح مصر جزءًا من الإمبراطورية الفارسية (الأخمينية). وفي سنة 332ق.م. استطاع الإسكندر الأكبر ملك مقدونيا ضم مصر لإمبراطوريته. وفي السنة نفسها أنشأ الإسكندر مدينة الإسكندرية غرب الدلتا.
البطالمة. توفي الإسكندر عام 323ق.م. وتقاسم قواده الإمبراطورية من بعده. وكانت مصر من نصيب بطليموس الأول أحد هؤلاء القادة. وفي حوالي 305ق.م، منح نفسه لقب ملك، وأسس أسرة تسمى البطالمة. عمل الحكام الأوائل من هذه الأسرة على نشر الثقافة اليونانية في مصر. كذلك بنوا المعابد لآلهة المصريين ونموا موارد مصر الطبيعية وانعشوا التجارة الخارجية. فأصبحت الإسكندرية عاصمة مصر وساعدت مكتبتها العظيمة ومتحفها في جعلها أحد أعظم المراكز الثقافية في الأزمان القديمة.
الحكم الروماني. في سنة 37ق.م. تزوجت الملكة كليوباترا السابعة البطلمية مارك أنطوني (أنطونيوس) أحد حكام روما.
أراد أنطوني أن يحكم الأراضي الرومانية الواسعة بنفسه فجمع جيشه مع جيش كليوباترا وحارب قوات أوكتافيوس الحاكم الشريك في روما، لكن بحرية أنطوني وكليوباترا خسرت معركة أكتيوم المهمة أمام قوة أوكتافيوس (أوغسطس) البحرية في 31ق.م.
انتحر الزوجان في السنة التالية، وقام أوكتافيوس بجعل مصر أحد أقاليم روما، فأمدت مصر روما بالذرة الشامية. ضعفت سيطرة روما على مصر تدريجيًا بعد 395م عندما انقسمت الإمبراطورية الرومانية إلى جزءين، شرقي وغربي. في سنة 22هـ، 642م فتح المسلمون بقيادة عمرو بن العاص مصر. ولمتابعة قصة مصر بعد عام 642م، انظر: مصر، تاريخ.
التعرف على مصر القديمة
تُسمى دراسة مصر القديمة علم المصريات، وأيضًا علم الآثار المصرية ويسمى الخبراء في هذا المجال علماء المصريات. وتستمد معظم معلوماتهم من دراسة العمارة وغيرها من فنون مصر القديمة. توجد بقايا المعابد العظيمة في أيبدوس، وكوم أمبو، وإدفو، وإسنا، والأقصر، والكرنك، وجزيرة فيلة. وقد كشفت الأحافير التي وجدت في مقابر الفراعنة، كالتي تسمى وادي الملوك بالقرب من الأقصر، عن لوحات ملونة رائعة.كانت مقبرة توت عنخ آمون مليئة بالأمثلة المدهشة الدالة على قدرة المصريين القدماء في الأعمال الخشبية والمعدنية.
تأتي المعلومات عن مصر القديمة كذلك من السجلات التي كتبها المصريّون أنفسهم والكُتَّاب الإغريق أمثال هيرودوت وسترابو. استخدم المصريّون الهيروغليفية إلى ما بعد الحكم الروماني. ولكن القدرة على قراءة الهيروغليفية ضاعت سريعًا بعد ذلك.
حاول العلماء لفترة من الزمن فك رموز الكتابة المصرية القديمة ولم يفلحوا. لكن في سنة 1799م وجدت لوحة من الحجر عليها كتابة باللغتين اليونانية والمصرية، خارج مدينة رشيد بالقرب من الإسكندرية. بدأ العالم الفرنسي جان فرانسوا شامبليون مقارنة الكلمات اليونانية والمصرية المكتوبة على حجر رشيد. وبحلول عام 1822م تمكن من فك رموز الهيروغليفية. وطورت بعد ذلك معاجم لهذه اللغة ساعدت الباحثين في ترجمة الكتابات الموجودة على المباني والمعابد والمقابر
بارك الله فيك على المعلومة القيمة و الموضوع الرائع
جزيل الشكر لك
شكراا جزيلا للموضوع
واصل دوما يا غالي
بوركت
لقد تم وضع اللمسات الأخيرة للتحضير لاندلاع الثورة التحريرية في اجتماعي 10 و 24 أكتوبر 1954 بالجزائر من طرف لجنة الستة.
ناقش المجتمعون قضايا هامة هي :
– إعطاء تسمية للتنظيم الذي كانوا بصدد الإعلان عنه ليحل محل اللجنة الثورية للوحدة والعمل وقد اتفقوا على إنشاء جبهة التحرير الوطني وجناحها العسكري المتمثل في جيش التحرير الوطني.
وتهدف المهمة الأولى للجبهة في الإتصال بجميع التيارات السياسية المكونة للحركة الوطنية قصد حثها على الإلتحاق بمسيرة الثورة، وتجنيد الجماهير للمعركة الحاسمة ضد المستعمر الفرنسي
– تحديد تاريخ اندلاع الثورة التحريرية :
كان اختيار ليلة الأحد إلى الإثنين أول نوفمبر 1954 كتاريخ انطلاق العمل المسلح يخضع لمعطيات تكتيكية – عسكرية، منها وجود عدد كبير من جنود وضباط جيش الإحتلال في عطلة نهاية الأسبوع يليها انشغالهم بالإحتفال بعيد مسيحي، وضرورة إدخال عامل المباغتة.
– تحديد خريطة المناطق وتعيين قادتها بشكل نهائي، و وضع اللمسات الأخيرة لخريطة المخطط الهجومي في ليلة أول نوفمبر ( خريطة أهم عمليات أول نوفمبر 1954 ).
المنطقة الأولى – الأوراس : مصطفى بن بولعيد
المنطقة الثانية – الشمال القسنطيني: ديدوش مراد
المنطقة الثالثة – القبائل: كريم بلقاسم
المنطقة الرابعة – الوسط: رابح بيطاط
المنطقة الخامسة – الغرب الوهراني: العربي بن مهيدي
تحديد كلمة السر لليلة أول نوفمبر 1954 : خالد وعقبة
الله لا يحرمنا من مواضيعك….
السلام عليكم
أما بعد
عرف الثورة الجزائرية باسم"ثورة المليون شهيد"، وهي حرب تحرير وطنية ثورية ضد الاستعمار الاستيطاني الفرنسي قام بها الشعب الجزائري بقيادة جبهة التحرير الوطني الجزائرية وكانت نتيجتها انتـزاع الجزائر لاستقلالها بعد استعمار شرس وطويل استمرّ أكثر من 130 عاماً.
انطلقت الرصاصة الأولى للثورة الجزائرية في الاول من نوفمبر 1954 الذي يصادف عند الأوروبيين يوم "عيد جميع القديسين" معلنةً قيام الثورة بعد حوالي 130 سنة من الاستعمار الفرنسي للبلاد.
وقد بدأت هذه الثورة بقيام مجموعات صغيرة من الثوار المزوّدين بأسلحة قديمة وبنادق صيد وبعض الألغام بعمليات عسكرية استهدفت مراكز الجيش الفرنسي ومواقعه في أنحاء مختلفة من البلاد وفي وقت واحد.
ومع انطلاق الرصاصة الأولى للثورة، تمّ توزيع بيان على الشعب الجزائري يحمل توقيع "الأمانة الوطنية لجبهة التحرير الوطني" وجاء فيه: "أن الهدف من الثورة هو تحقيق الاستقلال الوطني في إطار الشمال الأفريقي وإقامة الدولة الجزائرية الديمقراطية الاجتماعية ذات السيادة ضمن إطار المبادىء الإسلامية".
ودعا البيان جميع المواطنين الجزائريين من جميع الطبقات الاجتماعية وجميع الأحزاب والحركات الجزائرية إلى الانضمام إلى الكفاح التحريري ودون أدنى اعتبار آخر.
وتمّ تشكيل الأمانة الوطنية لجبهة التحرير الوطني من تسعة أعضاء..
وقبل الدخول في تفاصيل هذه الثورة يمكن القول إنها لم تكن وليدة أول نوفمبر 1954.. بل كانت تتويجاً لثورات أخرى سبقتها، ولكن هذه الثورة كانت أقوى تلك الثورات، وأشملها، وتمخضت عن إعلان استقلال الجزائر بعد ثمانية أعوام من القتال الشرس، ويمكن تقسيم عمر الثورة إلى أربع مراحل:
المرحلة الأولى (54-56): وتركز العمل فيها على تثبيت الوضع العسكري وتقويته، ومد الثورة بالمتطوعين والسلاح والعمل على توسيع إطار الثورة لتشمل كافة أنحاء البلاد.
أما ردة فعل المستعمر الفرنسي فكانت القيام بحملات قمع واسعة للمدنيين وملاحقة الثوار..
المرحلة الثانية (56 – 58): شهدت هذه المرحلة ارتفاع حدة الهجوم الفرنسي المضاد للثورة من أجل القضاء عليها.. إلا أن الثورة ازدادت اشتعالاً وعنفاً بسبب تجاوب الشعب معها، وأقام جيش التحرير مراكز جديدة ونشطت حركة الفدائيين في المدن.
كما تمكّن جيش التحرير من إقامة بعض السلطات المدنية في بعض مناطق الجنوب الجزائري وأخذت تمارس صلاحياتها على جميع الأصعدة.
المرحلة الثالثة (58 – 60): كانت هذه المرحلة من أصعب المراحل التي مرّت فيها الثورة الجزائرية، إذ قام المستعمر الفرنسي بعمليات عسكرية ضخمة ضد جيش التحرير الوطني. وفي هذه الفترة، بلغ القمع البوليس حده الأقصى في المدن والأرياف.. وفرضت على الأهالي معسكرات الاعتقال الجماعي في مختلف المناطق.
أما رد جيش التحرير، فقد كان خوض معارض عنيفة ضد الجيش الفرنسي واعتمد خطة توزيع القوات على جميع المناطق من أجل إضعاف قوات العدو المهاجمة، وتخفيف الضغط على بعض الجبهات، بالإضافة إلى فتح معارك مع العدو من أجل إنهاكه واستنـزاف قواته وتحطيمه.
وفي 19 أيلول – سبتمبر عام 1958 تمّ إعلان الحكومة الجزائرية المؤقتة برئاسة السيد فرحات عباس، ومنذ ذلك التاريخ أصبحت هذه الحكومة هي الممثل الشرعي والناطقة باسم الشعب الجزائري والمسؤولة عن قيادة الثورة سياسياً وعسكرياً ومادياً، وأعلنت في أول بيان لها عن موافقتها على إجراء مفاوضات مع الحكومة الفرنسية شرط الاعتراف المسبق بالشخصية الوطنية الجزائرية.
وفي تشرين الثاني – نوفمبر من عام 1958 شنّ جيش التحرير الوطني هجوماً على الخط المكهرب على الحدود التونسية، كما خاض مع الجيش الفرنسي معارك عنيفة وبطولية في مختلف أنحاء الجزائر.. وعلى الصعيد السياسي، طرحت قضية الجزائر في الأمم المتحدة وفي مؤتمر الشعوب الأفريقية بـ"أكرا" ولاقت التضامن والدعم الكاملين والتأييد المطلق لها…
وفي كانون الأول – ديسمبر من 1958، ألقى الجنرال ديغول خطاباً في الجزائر العاصمة أشار فيها إلى الشخصية الجزائرية، وانتخب في 22 من هذا الشهر رئيساً للجمهورية الفرنسية.
وفي 16 أيلول – سبتمبر 1959، أعلن الجنرال ديغول اعتراف فرنسا بحق الجزائر في تقرير مصيرها. وكان جواب الحكومة الجزائرية المؤقتة قبولها لمبدأ تقرير المصير واستعدادها للتفاوض المباشر في الشروط السياسية والعسكرية لوقف القتال وتوفير الضمانات الضرورية لممارسة تقرير المصير.
المرحلة الرابعة (1960 – 1962): المرحلة الحاسمة، خلال هذه الفترة الهامة والحاسمة من حرب التحرير.. حاول الفرنسيون حسم القضية الجزائرية عسكرياً.. ولكنهم لم يفلحوا في ذلك.. لأن جذور الثورة كانت قد تعمقت وأصبحت موجودة في كل مكان. وأضحى من الصعب، بل من المستحيل القضاء عليها، ورغم هذا الواقع.. فقد جرّد الفرنسيون عدة حملات عسكرية ضخمة على مختلف المناطق الجزائرية، ولكنها جميعاً باءت بالفشل وتكبّد الجيش الفرنسي خلالها خسائر فادحة، وقد تمّ في شهر كانون الثاني – يناير 1960 تشكيل أول هيئة أركان للجيش الجزائري الذي كان متمركزاً على الحدود الجزائرية – التونسية والجزائرية – المغربية وتمّ تعيين العقيد هواري بومدين أول رئيس للأركان لهذا الجيش.
وفي هذه الفترة بالذات، تصاعد النضال الجماهيري تحت قيادة الجبهة، وقد تجسّد ذلك في مظاهرات 11 كانون الأول – ديسمبر 1960، وتمّ خلال هذه الفترة عقد المؤتمر الثاني لجبهة التحرير الوطني في مدينة طرابلس بليبيا عام 1961.
أما على الصعيد السياسي، فقد عقدت الدورة 16 للأمم المتحدة (أيلول – سبتمبر 1961 وشباط – فبراير 1962)، وأمام أهمية الاتصالات المباشرة بين جبهة التحرير والحكومة الفرنسية، فإن الأمم المتحدة "دعت الطرفين لاستئناف المفاوضات بغية الشروع بتطبيق حق الشعب الجزائري في حرية تقرير المصير والاستقلال، وفي إطار احترام وحدة التراب الجزائري".
وهكذا انتصرت وجهة نظر جبهة التحرير الوطني.. وأُجبرت فرنسا على التفاوض بعد أن تأكدت فرنسا نفسها أن الوسائل العسكرية لم تنفع، خاصة بعد الفشل الذريع الذي مُنيت به حملاتها الضخمة وعدم فعالية القمع البوليسي في المدن، ورفض الشعب الجزائري المشاركة في الانتخابات المزوّرة واستحالة إيجاد "قوة ثالثة" تكون تابعة للمستعمر بأي حال.
وقام الفرنسيون بمناورات عدة وتهديدات كثيرة لتحاشي التفاوض، وعملوا كل ما بوسعهم لتصفية جيش التحرير الوطني كقوة عسكرية وكقوة سياسية.. فتهربت فرنسا من كل محاولات التفاوض النـزيه عاملة على إفراغ حق تقرير المصير من محتواه الحقيقي، متوهمة بذلك أنها ستنتصر عسكرياً على الثورة.
وكان يقابل سياسة المفاوضات هذه.. حرب متصاعدة في الجزائر بهدف تحقيق النصر؛ فقد كان الفرنسيون يعتقدون أن رغبة جبهة التحرير في السلم وقبولها للاستفتاء يعتبر دليلاً على الانهيار العسكري لجيش التحرير الوطني.. إلا أن الجبهة عادت وأكدت من جديد أن الاستقلال ينتـزع من سالبه ولا يوهب منه، فاتخذت جميع التدابير لتعزيز الكفاح المسلح..
وعادت فرنسا بعد ذلك لتقدم لمندوبي جبهة التحرير صورة كاريكاتورية للاستقلال: جزائر مقطوعة عن أربعة أخماسها (الصحراء) وقانون امتيازي للفرنسيين… فرفضت الجبهة المقترحات جملة وتفصيلاً.. ولما عجزت فرنسا عن حلّ القضية بانتصار عسكري.. أجرت اتصالات ومفاوضات جديدة لبحث القضايا الجوهرية، وقد دخلت هذه المرة مرحلة أكثر إيجابية، وتحددت الخطوط العريضة للاتفاق، أثناء مقابلة تمت بين الوفد الجزائري والوفد الفرنسي في قرية فرنسية بالقرب من الحدود السويسرية.
وبعد ذلك.. عقدت ندوة حول إيقاف القتال في إيفيان من 7 إلى 18 آذار – مارس 1962 تدارست الوفود خلالها تفاصيل الاتفاق.. وكان الانتصار حليف وجهة نظر جبهة التحرير، وتوقف القتال في 19 آذار – مارس بين الطرفين وتحدد يوم الأول من تموز لإجراء استفتاء شعبي.. فصوّت الجزائريون جماعياً لصالح الاستقلال.. وبذلك تحقق الهدف السياسي والأساسي الأول لحرب التحرير، بعد أن دفع الشعب الجزائري ضريبة الدم غالية في سبيل الحرية والاستقلال.. وبعد أن استمرت الحرب قرابة ثماني سنوات سقط خلالها ما يقرب من مليون ونصف مليون شهيد.
وقد صادف بدء انسحاب القوات الفرنسية في 5 تموز – يوليو 1962 في يوم دخولها 5 تموز – يوليو 1830 أي بعد 132 عاماً من الاستعمار، كما انسحبت هذه القوات من نفس المكان الذي دخلت منه إلى الجزائر في منطقة "سيدي فرج" القريبة من الجزائر العاصمة وتمّ في هذا اليوم تعيين السيد أحمد بن بيللا كأول رئيس لجمهورية الجزائر المستقلة بعد خروجه من السجون الفرنسية مع عدد من قادة الثورة وكوادرها.
يرجع الفضل في انتصار الثورة الجزائرية إلى وضوح أهداف القائمين بها والتضحيات الشعبية الهائلة التي قدمها الشعب الجزائري الذي عبأ كل طاقاته لتحقيق الانتصار، يضاف إلى ذلك الأساليب المبتكرة التي لجأ إليها المجاهدون والمجاهدات لتوجيه الضربات الأليمة لجيش متفوق في العدد والعدة. وأخيراً التأييد العربي (قواعد الثوار في تونس والمغرب والدعم الشعبي والمادي الواسع من مصر عبد الناصر وسورية والعراق)، والعالمي (دول العالم الثالث والدول الاشتراكية).
التحضير لإندلاع الثورة الجزائرية :
لقد تم وضع اللمسات الأخيرة للتحضير لاندلاع الثورة التحريرية في اجتماعي 10 و24 أكتوبر 1954 بالجزائر من طرف لجنة الستة . ناقش المجتمعون قضايا هامة هي :
– إعطاء تسمية للتنظيم الذي كانوا بصدد الإعلان عنه ليحل محل اللجنة الثورية للوحدة والعمل وقد اتفقوا على إنشاء جبهة التحرير الوطني وجناحها العسكري المتمثل في جيش التحرير الوطني. وتهدف المهمة الأولى للجبهة في الاتصال بجميع التيارات السياسية المكونة للحركة الوطنية قصد حثها على الالتحاق بمسيرة الثورة، وتجنيد الجماهير للمعركة الحاسمة ضد المستعمر الفرنسي
– تحديد تاريخ اندلاع الثورة التحريرية : كان اختيار ليلة الأحد إلى الاثنين أول نوفمبر 1954كتاريخ انطلاق العمل المسلح يخضع لمعطيات تكتيكية – عسكرية، منها وجود عدد كبير من جنود وضباط جيش الاحتلال في عطلة نهاية الأسبوع يليها انشغالهم بالاحتفال بعيد مسيحي، وضرورة إدخال عامل المباغتة.
– تحديد خريطة المناطق وتعيين قادتها بشكل نهائي، ووضع اللمسات الأخيرة لخريطة المخطط الهجومي في ليلة أول نوفمبر)خريطة أهم عمليات أول نوفمبر 1954).
المنطقة الأولى- الأوراس :مصطفى بن بولعيد
المنطقة الثانية- الشمال القسنطيني: ديدوش مراد
المنطقة الثالثة- القبائل: كريم بلقاسم
المنطقة الرابعة- الوسط: رابح بيطاط
المنطقة الخامسة- الغرب الوهراني: العربي بن مهيدي
تحديد كلمة السر لليلة أول نوفمبر 1954 : خالد وعقبة
الاندلاع :
كانت بداية الثورة بمشاركة 1200مجاهد على المستوى الوطني بحوزتهم 400 قطعة سلاح وبضعة قنابل تقليدية فقط. وكانت الهجومات تستهدف مراكز الدرك والثكنات العسكرية ومخازن الأسلحة ومصالح استراتيجية أخرى، بالإضافة إلى الممتلكات التي استحوذ عليها الكولون..
شملت هجومات المجاهدين عدة مناطق من الوطن ، وقد استهدفت عدة مدن وقرى عبر المناطق الخمس : باتنة، أريس، خنشلة وبسكرة في المنطقة الأولى، قسنطينة وسمندو بالمنطقة الثانية ، العزازقة وتيغزيرت وبرج منايل وذراع الميزان بالمنطقة الثالثة. أما في المنطقة الرابعة فقد مست كلا من الجزائر وبوفاريك والبليدة ، بينما كانت سيدي علي و زهانة ووهران على موعد مع اندلاع الثورة في المنطقة الخامسة ( خريطة التقسيم السياسي والعسكري للثورة 1954 -1956).
وباعتراف السلطات الإستعمارية ، فإن حصيلة العمليات المسلحة ضد المصالح الفرنسية عبر كل مناطق الجزائر ليلة أول نوفمبر 1954 ، قد بلغت ثلاثين عملية خلفت مقتل 10 أوروبيين وعملاء وجرح 23 منهم وخسائر مادية تقدر بالمئات من الملايين من الفرنكات الفرنسية. أما الثورة فقد فقدت في مرحلتها الأولى خيرة أبنائها الذين سقطوا في ميدان الشرف ، من أمثال بن عبد المالك رمضان وقرين بلقاسم وباجي مختارو ديدوش مراد و غيرهم
بيان أول نوفمبر 1954 :
وقد سبق العمل المسلح الإعلان عن ميلاد "جبهة التحرير الوطني "التي أصدرت أول تصريح رسمي لها يعرف بـ "بيان أول نوفمبر ".وقد وجهت هذا النداء إلى الشعب الجزائري مساء 31 أكتوبر 1954 ووزعته صباح أول نوفمبر، حددت فيه الثورة مبادئها ووسائلها ، ورسمت أهدافها المتمثلة في الحرية والاستقلال ووضع أسس إعادة بناء الدولة الجزائرية والقضاء على النظام الاستعماري . وضحت الجبهة في البيان الشروط السياسية التي تكفل تحقيق ذلك دون إراقة الدماء أو اللجوء إلى العنف ؛ كما شرحت الظروف المأساوية للشعب الجزائري والتي دفعت به إلى حمل السلاح لتحقيق أهدافه القومية الوطنية، مبرزة الأبعاد السياسية والتاريخية والحضارية لهذا القرار التاريخي. يعتبر بيان أول نوفمبر 1954 بمثابة دستور الثورة ومرجعها الأوّل الذي اهتدى به قادة ثورة التحرير وسارت على دربه الأجيال.
نص البيان :
بسم الله الرحمن الرحيم نداء إلى الشعب الجزائري هذا هو نص أول نداء وجهته الكتابة العامة لجبهة التحرير الوطني إلى الشعب الجزائري في أول نوفمبر 1954 أيها الشعب الجزائري، أيها المناضلون من أجل القضية الوطنية، أنتم الذين ستصدرون حكمكم بشأننا ـ نعني الشعب بصفة عامة، و المناضلون بصفة خاصة ـ نُعلمُكم أن غرضنا من نشر هذا الإعلان هو أن نوضح لكُم الأسْباَبَ العَميقة التي دفعتنا إلى العمل ، بأن نوضح لكم مشروعنا و الهدف من عملنا، و مقومات وجهة نظرنا الأساسية التي دفعتنا إلى الاستقلال الوطني في إطار الشمال الإفريقي، ورغبتنا أيضا هو أن نجنبكم الالتباس الذي يمكن أن توقعكم فيه الإمبريالية وعملاؤها الإداريون و بعض محترفي السياسة الانتهازية. فنحن نعتبر قبل كل شيء أن الحركة الوطنية ـ بعد مراحل من الكفاح ـ قد أدركت مرحلة التحقيق النهائية. فإذا كان هدف أي حركة ثورية ـ في الواقع ـ هو خلق جميع الظروف الثورية للقيام بعملية تحريرية، فإننا نعتبر الشعب الجزائري في أوضاعه الداخلية متحدا حول قضية الاستقلال و العمل ، أما في الأوضاع الخارجية فإن الانفراج الدولي مناسب لتسوية بعض المشاكل الثانوية التي من بينها قضيتنا التي تجد سندها الديبلوماسي و خاصة من طرف إخواننا العرب و المسلمين. إن أحداث المغرب و تونس لها دلالتها في هذا الصدد، فهي تمثل بعمق مراحل الكفاح التحرري في شمال إفريقيا. ومما يلاحظ في هذا الميدان أننا منذ مدة طويلة أول الداعين إلى الوحدة في العمل. هذه الوحدة التي لم يتح لها مع الأسف التحقيق أبدا بين الأقطار الثلاثة. إن كل واحد منها اندفع اليوم في هذا السبيل، أما نحن الذين بقينا في مؤخرة الركب فإننا نتعرض إلى مصير من تجاوزته الأحداث، و هكذا فإن حركتنا الوطنية قد وجدت نفسها محطمة ، نتيجة لسنوات طويلة من الجمود و الروتين، توجيهها سيئ ، محرومة من سند الرأي العام الضروري، قد تجاوزتها الأحداث، الأمر الذي جعل الاستعمار يطير فرحا ظنا منه أنه قد أحرز أضخم انتصاراته في كفاحه ضد الطليعة الجزائرية. إن المرحلة خطيرة. أمام هذه الوضعية التي يخشى أن يصبح علاجها مستحيلا، رأت مجموعة من الشباب المسؤولين المناضلين الواعين التي جمعت حولها أغلب العناصر التي لا تزال سليمة و مصممة، أن الوقت قد حان لإخراج الحركة الوطنية من المأزق الذي أوقعها فيه صراع الأشخاص و التأثيرات لدفعها إلى المعركة الحقيقية الثورية إلى جانب إخواننا المغاربة و التونسيين. وبهذا الصدد، فإننا نوضح بأننا مستقلون عن الطرفين اللذين يتنازعان السلطة، إن حركتنا قد وضعت المصلحة الوطنية فوق كل الاعتبارات التافهة و المغلوطة لقضية الأشخاص و السمعة، ولذلك فهي موجهة فقط ضد الاستعمار الذي هو العدو الوحيد الأعمى، الذي رفض أمام وسائل الكفاح السلمية أن يمنح أدنى حرية. و نظن أن هذه أسباب كافية لجعل حركتنا التجديدية تظهر تحت اسم : جبهة التحرير الوطني. و هكذا نستخلص من جميع التنازلات المحتملة، ونتيح الفرصة لجميع المواطنين الجزائريين من جميع الطبقات الاجتماعية، وجميع الأحزاب و الحركات الجزائرية أن تنضم إلى الكفاح التحرري دون أدنى اعتبار آخر. ولكي نبين بوضوح هدفنا فإننا نسطر فيما يلي الخطوط العريضة لبرنامجنا السياسي. الهدف:الاستقلال الوطني .
وكان تحديد كلمة السر لليلة 1 نوفمبر 1954 : خالد وعقبة
وفي الاخير و كحوصلة : يرجع الفضل في انتصار الثورة الجزائرية إلى وضوح أهداف القائمين بها والتضحيات الشعبية الهائلة التي قدمها الشعب الجزائري الذي عبأ كل طاقاته لتحقيق الانتصار، يضاف إلى ذلك الأساليب المبتكرة التي لجأ إليها المجاهدون والمجاهدات لتوجيه الضربات الأليمة لجيش متفوق في العدد والعدة. وأخيراً التأييد العربي (قواعد الثوار في تونس والمغرب والدعم الشعبي والمادي الواسع من سورية والعراق)، والعالمي (دول العالم الثالث والدول الاشتراكية).
شكرا جزيل اااااااااااااااااااااااااااا
لسلام عليكم شكررا على المرور
الأمازيغ (جمعها إيمازيغن) وتعني الرجل الحر النبيل,ومعروفون بالبربر والبرابرة. الا ان مرجع هذا اللقب غير معروف .فالبعض يرجعه الى النظرة الأستعلائية للأغريق حيث سموا كل ناطق بغير الأغريقية ***946;***945;***961;***946;***945;***961;***959;***962; "بارباروس" اما البعض الآخر فيرجعها الى الكلمة الرومانية barbarus بنفس المعنى حين احتلوا تامازغا. اما البعض الآخر فيرجعها الى سبب ديني باعتبارهم نسلا لـ: بربر. وكيف ما كان الحال فأن اسم بربر او برابرة غير موجود في الاستعمال الأمازيغي.
من المرجح ان استخدام هذا الأسم مستمر لأسباب سياسية، ما يؤدي الى احتقار الذات اضافة الى مأرب اخرى منها ان الأمازيغ هم رحالة لا يجمعهم كيان سياسي كما لم يحدث من القبل.
إن الحديث عن الأمازيغ يصطدم بكثير من العراقيل لما من صعوبة للتحديد من خلال هذا المصطلح. فالأمازيغ هم السكان الذين سكنوا شمال افريقيا في فترة تتراوح ما بين 1000-6000 قبل الميلاد. ثم بسطو لغتهم على السكان الذين سبقوهم ليشمل الأمازيغ اعراقا متنوعة توحدهم لغة واحدة هي الأمازيغية. اما الآن فالأمازيغ هم الناطقون بالأمازيغية. بحيث يعتبر القسط الآخر عربيا او معربا. الأمازيغ في تاريخهم يسمون باسماء شتى منها : البربر ,المور، اللوبيون ,النوميديون…
عن تاريخ الأمازيغ لا يعرف المرؤ كثيرا حتى المؤرخون انفسهم. حيث ان البحث في هذا المجال قد يؤدي الى ما لا تحمد عقباه حسب بعض الأنظمة العربية، وهو مدمر لسياسة التعريب. حتى ان الحظور الأمازيغية في المقررات الحكومية من النذرة بمكان. وغالبا ما يكون ذاك الحضور عقبة في الحقائق الأمازيغية او مقنعا بأسماء واهية.
تبتدئ السنة الأمازيغية بانتصار الأمازيغ على الفراعنة واعتلاء الأمازيغ لعرش الفراعنة من 945 ق م حتى 715 ق م. والبقايا الفرعونية لا تزال شاهدة.
ساهم المور الأمازيغ ايظا بأعداد مهمة في حملة حنبعل حتى ان هزيمة القرطاجيين تجد عواملها في الأمازيغ النوميديين اللذين ارادو ان يرثوا قرطاج. وقد كان من تفاعل الرومان مع الأمازيغ اعتلاء سبتيموس سفيروس للعرش الروماني متبوعا بابنه كركلا ,كما كان يوبا الثاني كأمازيغي زوجا لابنة كل من اوغستس و كليوباترا.
عرف الأمازيغ تقنية التحنيط في جزر الكناري وكانت لهم براعة مشهودة في استخدام المعادن. واذا كنا لا نتوفر على قدر كاف من القدم الأمازيغي، يمكن ان بعض مشاهيرهم مثل: القديس اوغيستينوس و أبوليوس.
كما عرف الأمازيغ تنظيمات سياسية قبل الفتح الأسلامي امثال: موريطانيا تنجيتينا و نوميديا، وملوك مثل يوغرطة… عرفوا ايضا تنظيمات سياسية بعد الفتح الأسلامي اشهرها :المرابطون و الموحدون التي لا تزال خالدة خلود : خيرالدة و برج الذهب باسبانيا والكتبية بالمغرب.
thunder
ا
تعريف
الامازيغ هم السكان الأصليين لشمال أفريقيا أو ما يصطلح عليه ب"تامازغا"أي بلاد الامازيغ و هو جمع مفرده أمازيغ و يعني الحر النبيل . و بسبب استقلال لغتهم أو اختلافها عن لغة الرومان فقد سموهم ب"البربر" التي تعني العجمة .
عاش الأمازيغ في شمال أفريقيا ….. موطنهم الام …في المنطقة الجغرافية الممتدة من غرب مصر القديمة إلى جزر الكناري، ومن حدود جنوب البحر الأبيض المتوسط إلى أعماق الصحراء الكبرى في النيجر ومالي. ولم يعرف أي شعب سكن شمال أفريقيا قبل الأمازيغ. مع حلول الإسلام في أفريقيا ودخول العرب استعربت اقلية نخبوية من الأمازيغ بتبنيها اللغة العربية أو بالأحرى اللهجة العربية المغاربية . أما أمازيغ جزر الخالدات المقابالة لساحل الاطلسي فقد تبنوا اللغة الأسبانية غير أن الكثير منهم يعتبرون أنفسهم أمازيغا.
ينتشر الأمازيغ في تامزغا على شكل تكتلات لغوية / قبلية / أو عائلية بالبوادي وأيضا بجميع الحواضر الكبرى (الدار البيضاء، الجزائر، طنجة، باتنة، تيزي وزو، بجاية، غرداية، البويرة، الناظور، الحسيمة، الرباط …) ولا تعترف الدول المحتضنة لهم بحقوفهم الثقافية فلا يسمح لهم باستعمال أسمائهم ولا يعترف بلغتهم إلا في الجزائر فالأمازيغية هي لغة وطنية بموجب الدستور، غير أن الأمازيغ أصبحوا أكثر نشاطا من أجل حقوقهم السياسة والثقافية والاقتصادية خاصة أمازيغ القبائل والريف وسوس. أمازيغ الجزائر تتقسم إلى عدة قبائل: (القبائل الكبرى -الشاوية- بن مزاب -الطوارق – والتبو المعروفون بـ تداد او ابناء الصحراء الكبرى .)
لغة الأمازيغ
بالعودة إلى تاريخ ابن خلدون، البرابر ينقسمون إلى برانس وبتر. وإبان الفتح الإسلامي كانت أوربة من البرانس أقوى قبائل المغرب، فهي التي حاربت مع زعيمها كسيلة المسلمين، وهي التي استقبلت إدريس الأول وبايعته وكان ملكها من ملك الأدارسة. هذه القبيلة متواجدة في نواحي مدينة تازة. اللغة التي يتكلمها أبناؤها هي العربية ولا تعرف لهم لغة أخرى. كما أنها تنتمي إلى القبيلة التي تحتفظ بالإسم البرانس، والبرانس جميعا يتكلمون العربية، وقبائل أخرى كغياتة وهوارة وكتامة وصنهاجة جميعهم يتكلمون العربية. وهذا لا يخفى على مغربي. لذلك، عندما يتكلم أحد على الأمازيغ عليه أن لا ينسى أن يذكر هذه القبائل التي يظن البعض من أنها قبائل عربية والتاريخ ينفي ذلك، ويؤكد أنها قبائل بربرية. يتحدث البتر اللغة الأمازيغية، وهي تتفرع إلى تنوعات تختلف قليلا من منطقة إلى أخرى. وهو ما قد يشكل عائقا لتطوير الأمازيغية، الشيء الذي يستدعي معيرتها وهو ما شرع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في تحقيقه. ولكن مما يجدر ذكره هو ان التنوعات (اللهجات) الامازيغية متحدة فيما بينها بشكل كامل في مايخص قواعد اللغة والصرف والنحو والاشتقاق. وتنحصر الاختلافات في المعجم (حيث تستعمل مترادفات لها نفس المعنى) وبعض الاختلافات الطفيفة في التنغيم والنطق. ومن المعروف ان عدم تعليم اللغة الامازيغية في المدرسة والجامعة هو الذي يعقد المسالة. ويمكن لاي امازيغي من الجزائر مثلا ان يتقن التحدث بأمازيغية شمال المغرب في بضعة اسابيع بسهولة لانه ليس بصدد تعلم لغة جديدة بل بصدد اغناء لغته الامازيغية بمفردات مترادفة جديدة! ولهذا تطالب الحركات الثقافية الامازيغية بتدريس اللغة الامازيغية على جميع المستويات وإدماجها في الادارة والاعلام والقضاء.
تنتشر اللغة الامازيغية (بتنوعاتها المختلفة : ثاريفيت، تاشلحيت، تاقبايليت…) في 10 من البلدان الإفريقية أهمها:
– المغرب : حيث يشكل الناطقون باللغة الأمازيغية كلغة أم 39.9% من السكان البالغ مجموعهم 33.3 مليون نسمة.
– الجزائر: حيث يشكل الناطقون باللغة الأمازيغية كلغة أم 45.35% من السكان البالغ 32.9 مليون نسمة.
– ليبيا: حيث يشكل الناطقون باللغة الأمازيغية كلغة أم 0,5% من السكان البالغ مجموعهم 5.9 مليون نسمة.
وفي ليبيا يشكلون اقلية بالغة الصغر أما في البلدان التالية فتقل نسبة الناطقين بالأمازيغية كلغة أم عن 5% :
تونس، موريتانيا، مالي، النيجر و بوركينافاسو ومصر.
في أوروبا الغربية توجد جالية أمازيغية مغاربية كبيرة لا يقل تعدادها عن المليونين نسمة. وتتميز هذه الجالية بارتباطها القوي بوطنها ثامازغا (شمال أفريقيا) وبتمسكها بهويتها الأمازيغية.
كتابة الأمازيغ
للمقال الكامل اقرأ تيفيناغ
ابتكر الأمازيغ خط التيفيناغ وهو من أقدم الأبجديات التي عرفتها الإنسانية وقد نجح المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في معيرته. وهو الخط الذي تبناه النظام التعليمي في المغرب لتلقين الأمازيغية. تجدر الأشارة ألى أن كتابة التيفيناغ بقيت مستعملة بدون انقطاع من طرف الطوارق في حين كتب الأمازيغ بكتابات أجنبية غير أمازيغية بعد خضوعهم للأجانب وتأثرهم بهم.
تاريخ الامازيغ:
التقويم الأمازيغي
يحتفل العديد من الأمازيغ وبعض القبائل ا لمعربة برأس السنة الأمازيغية التي توافق اليوم الثاني عشر من السنة الميلادية، ويستعمل الأمازيغ الأسماء الغريغورية مع بعض التحريف، غير أن الأمازيغ نسجوا حول تلك الأسماء قصصا ميثولوجية وجعلوا منها جزءا من ثقافتهم.
يعتقد بعض العامة من الأمازيغ أن السنة الأمازيغية تبتدئ بعد تمكن زعيمهم شيشنق من هزم جيوش الفرعون الذي أراد أن يحتل بلدهم، وحسب الأسطورة فأن المعركة قد تمت بالجزائر بمدينة تلمسان. أما من الناحية التاريخية فأن المؤرخين يعتقدون بأن شيشنق الذي أسس الأسرة المصرية الثانية والعشرين لم يصل إلى الحكم عن طريق الحرب، بل من خلال ترقيته في مناصب الدولة المصرية الفرعونية، ذلك لأن المصريين القدماء قد إعتمدوا على الأمازيغ بشكل كبير في جيش دولتهم خاصة منذ عهد الأسرة العشرين.
يعود أصل شيشنق إلى قبيلة المشوش, وهذه القبيلة هي على الأرجح من تونس الحالية ويمكن ملاحظة بعض التشابه الثقافي بين أمازيغ الجزائر والمشوش.
يعتقد المؤرخون أن التفسير الأمازيغي العامي ليس تاريخيا علميا، فبعض الباحثين يعتقدون أن التقويم الأمازيغي قد يعود ألى آلاف السنين حتى أنه قد يكون أقدم من التقويم الفرعوني.
أديان الأمازيغ
تختلف العادات الأمازيغية من منطقة وحقبة زمنية ألى أخرى. عبد الأمازيغ القدماء كغيرهم من الشعوب الأرباب المختلفة، فبرز من معبوداتهم تانيث وآمون وأطلس وعنتي وبوصيدون. ومن خلال دراسة هذه المعبودات وتتبع أنتشارها في الحضارات البحر الأبيض المتوسطية يمكن تلمس مدى التأثير الثقافي الذي مارسته الثقافة الأمازيغية في الحضارات المتوسطية. ويمكن أعتبار آمون وتانيت نموذجين لهذا التأثير الحضاري.
آمون
عبد الأغريق آمون الأمازيغي، وفي ما بعد شخصوه بكبير آلهتهم زيوس كما شخصه الرومان في كبير ألههم جوبيتر وفي ما بعد أحدثوا بينهم وبين آمون تمازجا، كما مزجه البونيقيون بكبير آلهتهم بعل. بالأضافة ألى هذا فقد كان آمون أعظم آلهة مصر وإلى وقت كان يعتقد أن آمون مصري الأصل على الأرجح غير أنه في ما بعد أصبح يرجح الأصل الأمازيغي له حسب الأستاذ غابرييل كامبس.
تانيث
تانيث هي ربة الخصوبة وحامية مدينة قرطاج، وهي ربة أمازيغية الأصل عبدها البونيقيون كأعظم ربات قرطاج وجعلوها رفيقة لكبير ألههم بعل، كما عبدها المصريون القدماء كأحد أعظم رباتهم وقد عرفت عندهم باسم نيث، ويؤكد أصلها الأمازيغي (الليبي) ما أشار أليه الأستاذ مصطفى بازمة من أن معظم مؤرخي مصر الفرعونية أشاروا إلى أنها معبودة أمازيغية استقرت في غرب الدلتا. ثم عبدت من طرف الإغريق حيث عرفت بإسم آثينا بحيث أشار كل من هيرودوت وأفلاطون أنها نفسها نيث الليبية، وقد سميت أعظم مدينة إغريقية إلى هذه الربة الأمازيغية أثينا. أما تأثير هذه الربة في بلاد الأمازيغ يتجلى في ما يعتقده البعض من أن تونس قد سميت نسبة إلى هذه الربة تانيث، بحيث أن الأسم القديم لتونس كان هو تانيس مما جعلهم يعتقدون أن الإسم مجرد تحريف للثاء إلى السين. ويرجح المؤرخون أن هذه الربة قد عبدت في تونس الحالية حول بحيرة تريتونيس حيث ولدت وحيث مارس الأمازيغ طقوسا عسكرية أنثوية تمجيدا لهذه الربة.
إلى جانب هذه الآلهة عبد الأمازيغ أيضا الشمس وهو ما ذكره هيرودوت وابن خلدون كما مارسوا العبادة الروحية التي تقوم على تمجيد الأجداد كنا أشار إلى ذلك هيرودوت.
من خلال نقوشات موجودة في شمال أفريقيا يتبين أن اليهود قد عاشوا في تسامح مع القبائل الأمازيغية. يرجح أن اليهود نزحوا أول الأمر مع الفينيقيين إلى شمال إفريقيا ويذكر ابن خلدون أن قبائل عديدة من الأمازيغ كانت تدين باليهودية قبل الفتح الإسلامي وبعضها بقي على هذا الدين بعد الفتح.
آمن الأمازيغ أيضا بالديانة المسيحية ودافعوا عنها في محنتها من أمثال توتيلينونس وأرنوبيوس، كما برز أوغسطين كأحد أعظم آباء الكنيسة. وآمن الأمازيغ أيضا بالديانة الاسلامية وجاهدوا في نشرها حتى أن أول المسلمين الذين فتحوا الأندلس كانوا في معظمهم أمازيغ بقيادة الشاب الأمازيغي طارق ابن زياد.
tank you hayat
شكرااااااااااااا أكرم
نالت بلادي استقلالها التام يوم الخامس جويلية 1962 ….. فدعونا نتدكر بعض لحظات تلك الايام الرائعة التي شهدتها الجزائر اثناء نيلها الحرية
من
اليكم الصور
الله اكبر…. تحيا الجزائر …. حرة مستقلة ….. تحيا
مادا عسانا أن نقول سوى تحيا الجزائر ويحيا شعبها وليعس حرا مستقلا انشاء الله
شكرا لك الزويتني موضوع مهم جدا وخاصة أنه يتعلق ببلدنا الحبيب
في سؤال لأحد أقاربي الذي يحاول الحصول على شهادة الدكتوراه عن الموضوع أدهشني انه اختار هتلر النازي فقلت له كل الشخصيات الإسلامية خلصت فلم يبق سوى هذا السفاح ؟ فضحك وقال وماذا تعرف عن هتلر؟؟
فأجبته بأنه قتل و احتل واعتبر الألمان فوق البشر وأشاع الدمار …الخ.فقال من أين لك هذه المعلومات ؟ قلت من التلفاز طبعا.. فقال طيب الانكليز فعلوا أكثر من ذلك وكذلك اليابانيين أيام الحكم الإمبراطوري فلماذا العالم ينقم على هتلر لحد اليوم ويسخر من النازية وكأنها موجودة لحد الآن بينما نسي جرائم اليابانيين بعد انتهاء حكم الإمبراطور وجرائم الانكليز ضد الاسكتلنديين و جرائم نظام جنوب إفريقيا فور انتهائها ؟؟؟
فقلت لا ادري نورني أنت .. فقال هناك سببين هما
1-موقفه من اليهود اللذين انتقم منهم بدافع ديني و صمم على تدمير المخططين لإقامة دولة في فلسطين و المحرقة اليهودية معروفة حيث قرر هتلر إبادة اليهود لأنهم خطر سيهدد العالم يوما ما.
2- موقفه من الإسلام فبعد دراسة هتلر للتاريخ القديم و الأمم المسيطرة على العالم ركز على دور العرب حيث كما قال إن هناك ثلاث قوى متحضرة احتلت العالم هم الفرس و الروم و العرب أما الفرس و الروم فقد كونوا حضارة ثم قوة ثم استعملوها لغزو العالم عكس العرب الذين كانوا " عصابات همجية " احتلت العالم ثم بعدها كونوا حضارة ومميزات حضارتهم أنهم لم يفرضوا حضارتهم و يلغوا حضارة الآخرين بل أضافوها إلى غيرها من الحضارات فكانت الحضارة الإسلامية دليل على تحضر أهلها..ثم أعجب بها الدين فطبع المطبوعات التي تعرف الناس بالإسلام و وزعها على جيشه ليطلوا عليها و خصوصا الغير مسلمين رغم ظروف الحرب المادية.
و أعطى المقاتلين الألمان من المسلمين الحق بالصلاة في أي مكان وفي أي وقت مهما كانت الظروف فكانوا يصلون جماعة في ساحة برلين وهتلر ينتظر حتى يكملوا صلاتهم ليلقي بعدها خطاباته للجيش النازي
وكان يجتمع برجال الدين العرب ويسمع منهم عن الدين و سيرة الصحابة وكيف كانوا يتصرفون
وحث المشايخ أن يكونوا مع جيشه أسوة بالقساوسة فيدعون غير المسلمين و يحثوا المسلمين على قتال اليهود.
وهذه المعلومات استنادا إلى دراسة احد أقاربي التاريخية جمعها من عدة مصادر ورفض تزويدي بأي منها إلا بعد أن ينهي أطروحته حتى لا تسبب له مشكلة في المناقشة من باب جمع معلومات من النت دون بحث و جهد أما الصور فهي مشاعة للجميع و يمكن نشرها على حد قوله علما أنني لست مختصا لست مختصا في التاريخ ..
وقد حصلت على معلومات بجهدي في النت
القرآن في احد خطابات هتلر
أراد الزعيم الالماني ادولف هتلر أن يلقي خطاباً للعالم يوم زحفت جيوشه الى موسكو , يملأ به المكان والزمان ، فأمر مستشاريه باختيار أقوى وأجمل وأفخم عبارة يبدأ بها خطابه الهائل للعالم .. سواء كانت من الكتب السماوية ، أو من كلام الفلاسفة ، أو من قصيد الشعراء ، فدلهم أديب عراقي مقيم في ألمانيا على قوله تعالى :
(اقتربت الساعة وانشق القمر) ..
فأعجب (ادولف هتلر) بهذه الآية وبدأ بها كلمته وتوج بها خطابه .ولو تأملنا هذه الآية لوجدنا فخامة في اشراق .. وقوة في اقناع .. وأصالة في وضوح .
هذا ويذكر ان ادولف هتلر يذكر في كتابه ( كفاحي ) والذي كتبه في اثناء احتجازه في السجن عام 1924الكثير من عبارات القرأن الكريم منها ( حتى يلج الجمل في سم الخياط) في وصفه لليهود وعدم امكانية اصلاحهم وهدايتهم .
قـَسّم ادولف هتلر :: اقسم بالله العظيم هذا القسم المقدس
القـَسّم الذي ادخله ادولف هتلر على القوات المسلحة الالمانية بعد ان اصبح القائد الاعلى للقوات المسلحة الالمانية بعد ان دمج منصب رئيس الجمهورية ومنصب المستشارية معا والذي كان يقسم به قادة هتلر عند تخرجهم من الكلية العسكرية او دورات الضباط السريعة .
(( أقـَسّم بالله العظيم هذا القـَسّم المقدس ، ان اكون مطيعا لكل ما يصدره لي زعيم الرايخ الالماني وقائد شعبه ادولف هتلر القائد الاعلى للقوات المسلحة . وان اكون مستعدا كجندي شجاع للتضحية بروحي في اي وقت من اجل زعيمي )).
المصدر :
سلسلة قادة الحرب – كتاب ادولف هتلر- صفحة 38 – ترجمة كمال عبد الله – الصادر عن المكتبة الحديثة للطباعة والنشر في بيروت الطبعة الاولى 1974.
رفض ادولف هتلر شرب "البيرة" الخمر كعلاج وصفه له احدى الاطباء حينما كان هتلر يعاني من توتر شديد في اعصابه نتيجة الظروف القاهرة التي مرت بها المانيا قبيل نهاية الحرب . وسبب امتناعه عن تناول الخمر كدواء .. هو قوله :
( كيف يمكن للمرء ان يحتسي الخمر كدواء وهو لم يحتسيه طيلة عمره ) .
حيث كان شرابه المفضل هو الشاي المعلب باكياس الشاي الجاهزة .. فلم يشرب ادولف هتلر الخمر طيلة حياته .
المصدر :-
((… وهنا يقول البعض بأن الدكتور موريل قد وصف الخمر كدواء لهتلر ولكن في الحقيقة هذا ليس بصحيح أبدا فهتلر لم يقرب الخمر أبدا في حياته والسبب في ذلك أخلاقه النمساوية وهذه الصفة كانت من أكثر الصفات التي جعلت الشعب الألماني يُعجب بـ هتلر،..))
الحملة النازية لمقاطعة التدخين ..
كان الزعيم الالماني ادولف هتلر يحث رجاله ومساعديه على ترك التدخين ووعد كل من يترك التدخين بهداءه ساعة مطلية بالذهب وفعلا كان قد اوفى بعهده للكثير ممن استطاعوا ترك التدخين .. وهذه احدى صور الحملة النازية لمقاطعة التدخين .
الحاج أمين الحسيني مع جندي ألماني مسلم من أصل بوسني
جندي آخر يعلق صوره مفتي القدس
وهذه صورة للشيخ أمين الحسيني يحيي الجنود الألمان المسلمين
في الختام
وما نقلت من صور موثقه ليس من أجل الدفاع عن هتلر وإنما لكشف تزوير الحقائق لمن عادى الصهيونيه ..
منقــــــــــــــــول
نعم الكل يكره هتلر و يحـقد عليه
و لكنني الان عرفت اسرار عن هذه الشخصية لم اعرفها من قبل
شكـــرا على تزويدي بهاته الافادات
والجبان لو رأى خصمه ضعيف لفعل كل مايحلو له ,,,
وهذا ما نراه في فلسطين المحتله
ولكن ان كان الخصم أسداً عليهم
فلن يصدر منهم شيء
كما فعل بهم هتلر وارعشهم من الخوف …
بل التاريخ ومرور الاحداث كافية لإظهار كل ماهو صحيح وحقيقي
وماخفي كان اعظم وادهى وأكبر
بالنسبة لي انا وبالرغم من وحشية هتلر وما فعله
لكني احترم بعض من اقواله وافعاله
كل واحد وراأيه
تحياتي
أحترم شخصية هتلر لكونه بنى دوله في ظرف وجيز .أحترمه لإنجازته التى تجعلنا نتحي له والتي على الكل العرب الإقتداء بها صحيح أنه مخطىء في سياسته إلا أن واجبه خدمة وطنه ولقد كفى ووفى
من افضل الشخصيات الالمانية هو هتلر لانه كان يكره الياهود الجبناء
أمازيغ "القبائل" المسلمة.. أوراق مطوية من تاريخ المقاومة
كتاب يذكرنا بواحدة من العبر الكبرى التي تضمنها كتاب العلامة ابن خلدون الذيألَّـفه قبل نحو 6 قرون أثناء إقامته بقلعة ابن سلامة في غرب الجزائر، واشتهر باسمكتاب "العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذويالسلطان الأكبر"، ذلك هو الكتاب الصادر في منتصف عام 2022 عن دار "ثالة" بالجزائر،ترجمة الأستاذ موسى زمولي لكتاب محمد الصغير فرج من الفرنسية إلى العربية بعنوانتاريخ "تيزي وزو.. منذ نشأتها حتى سنة 1954"، في 246 صفحة من القطع المتوسط. أماأصل العنوان الفرنسي للكتاب فهو: "Histoire de Tizi-Ouzou et de sa region des origins a`1954".
وهذه العبرة الكبرى التي يذكرنا بها الكتاب تشير إلى أنالإسلام هو العروة الوثقى التي ربطت بين أبناء بلاد المغرب كافة من العرب والبربر (الأمازيغ) وغيرهم من ذوي الأصول العرقية المختلفة، وأنه هو الذي حافظ على خصوصياتهؤلاء وأولئك في الوقت نفسه، وصارت رابطة الأخوة الإسلامية تستوعب داخلها وتحتعباءتها كافة الروابط والولاءات العشائرية والقبلية والجهوية، وهذا ما أكده مؤلفالكتاب، وهو من أصل أمازيغي.
عندما وقعت الجزائر تحت الاحتلال الفرنسي سنة 1830 وجه الداي حسين (الوالي العثماني للبلاد آنذاك) نداءً عامًا من أجل الجهاد،فلبت النداء منطقة القبائل كلها (ص59)، وتوجه المتطوعون إلى الجزائر العاصمةيتقدمهم شيوخ الزوايا وأئمة العشائر والقادة السياسيون. وبالرغم من تغلب جيشالاحتلال وسقوط البلاد تحت سيطرته؛ فإن روح المقاومة لم تخمد في كافة أرجاء البلاد،إلى أن نالت البلاد استقلالها بعد 130 عامًا.
ظهر بين صفحات الكتاب المجهودالذي بذله الكاتب في توثيق الأدوار التي قام بها أبناء القبائل في مقاومة الاحتلال؛معتمدًا في مراجعه على شهادات الأعداء، وهو الجهد الذي يضفي على الكتاب أهمية كبيرةمن الناحيتين العلمية والتأريخية. [/color]
ومما يزيد من أهمية الكتاب أن المؤلفبحكم انتمائه السابق لفصائل المقاومة الجزائرية ضد الاحتلال، ولكونه واحدًا منأبناء القبائل.. وجد أن من واجبه أن يذكر الحقيقة كاملة كما تجلت أمامه من خلالالمصادر التي اطلع عليها، وكما عرفها هو بنفسه بالنسبة للأحداث التي عاصرها وشاركفيها؛ إذ التزم بسرد الرواية كاملة بحلوها ومرها: بطولات المجاهدين، وخياناتالخائنين -أو ما أطلق عليهم مصطلح "القومان"- من بعض ضعاف النفوس الذين تعاونوا معسلطات الاحتلال. وكما يحدث للخونة في كل عصر ومصر لقي "القومان" أسوأ مصير؛ إذ ألقتبهم الذاكرة الوطنية في مزبلة التاريخ من جهة، ولم ينفعهم أسيادهم المحتلون من جهةأخرى، بل ولم يستثنوهم من الإجراءات المتعسفة والسياسات الظالمة التي طبقوها علىأهالي البلاد عامة.
عبد القادر الجزائري مع القبائل
يقول المؤلف: إن الأمير عبد القادر الجزائري عندما كان يجوب الجزائر لحشد الجهود لمقاومةالاحتلال استقبلته القبائل بحفاوة في سنة 1837، وإنه خطب فيهم وحذرهم من الطموحاتالفرنسية وطلب تأييدهم. وعندما سأل مرافقه وكان أحد رجال القبائل عن الإجراءات التياتخذوها لصد الهجوم الفرنسي المحتمل، رد عليه بأنه "طالما هم تحت حماية الأولياء.. فلا داعي للخوف"، فانزعج الأمير ورد عليه قائلاً: استيقظوا واتركوا هذه الخرافاتجانبًا (ص71). وعين سي أحمد الطيب بن سالم خليفة عنه في سباؤو، وأبدى العمراويونتأييدهم للأمير، وقدموا لمساعدته 150 بغلا محملا بالتين والزيتون والصابون؛ مساهمةمنهم في توفير احتياجات المجاهدين. وعمومًا فقد لقي الأمير ترحابًا شعبيًا هائلا،وسرعان ما أعلن الجهاد بمناسبة عيد الأضحى الذي وافق يوم 20-11-1838؛ بعد أن انتهكالفرنسيون معاهدتهم معه، وبرز فرسان عمراوة من أبناء القبائل بقيادة ابن سالم نفسه،وأبلوا في القتال بلاءً حسنًا، وشنوا على قوات الاحتلال هجومًا بدل أمنهم خوفًا.
واستمر سي أحمد الطيب بن سالم خليفة الأمير عبد القادر، يقود المقاومة لمدة 10 سنوات متواصلة، إلى أن تقلصت نشاطاته في بداية سنة 1846؛ بسبب تفوق العدو عددًاوعتادًا، إلى جانب خيانة البعض، واستسلام البعض الآخر، فاستدعى الأمير مرة أخرى إلىمنطقة القبائل ليرفع معنويات المجاهدين، ويحثهم على استمرار المقاومة، وكان له ماأراد.
واستمرت المقاومة بالرغم من الخسائر التي لحقت بها على يد المارشالالسفاح الفرنسي بيجو، وسرعان ما ظهرت شخصيات جديدة على الساحة لتستأنف الجهاد فيمنطقة القبائل، وكان منهم شريف يدعى سي محمد الهاشمي الذي حظي بتأييد سي الجودي،خليفة الأمير عبد القادر على مدينة بجاية آنذاك، كما حظي سي الهاشمي بتأييدالمجاهدة لالة فاطمة نسومر(ص95)، وظل يقاتل إلى أن استشهد في 3-10-1849 في كميننصبه السفاح الفرنسي النقيب بيبتر. [/color]
لالة فاطمة.. مجاهدة البربر
(وهي من نساء البربر)، فيذكر أنها عرفت بالتدين وبحبها الشديد للوطن، وأنها ساندتأخاها الأكبر سي الطاهر عندما تولى قيادة المقاومة وشرع في تجنيد المسلمين (أيالذين وهبوا أنفسهم للجهاد في سبيل الله)، كما ساندت الشريف بوبغلة في توجيه ضرباتموجعة لقوات الاحتلال قبل أن تتمكن تلك القوات من إخضاع منطقة القبائل في سنة 1857. وفي 11 يوليو من تلك السنة اعتقلت فاطمة نسومر هي وعائلتها وتعرضت للاضطهاد والنفي،ولم يراعِ الاحتلال حرمتها.
أما الشريف بوبغلة فقد تصدى لقيادة المقاومة فيجبال جرجرة سنة 1851، واستمر جهاده طيلة 4 سنوات متواصلة، كما يسجل المؤلف بطولاتعدد آخر من الشرفاء (أي المنتسبين إلى النسب النبوي).
ويستوقفنا ظهور هؤلاءالأشراف في تلك المنطقة؛ حيث إن هناك جدلاً دائرًا منذ عشرات السنين حول الأصولالعرقية لأبناء القبائل في الجزائر بصفة خاصة، والأمازيغ في شمال أفريقيا بصفةعامة؛ فالمستشرقون ودوائر الاستعمار الفرنسي القديم ذهبوا إلى ترجيح الأصل الآريلهم، ومن ثم يرون أنهم جزء من الأوربيين.
أما المؤرخون العرب والمسلمونوالقوى الوطنية في بلدان المغرب العربي؛ فيؤكدون على أن أرومة البربر شرقية عربية،وأن أصولهم ترجع إلى قبائل حمير بجنوب الجزيرة العربية، وقد جزم ابن خلدون في ديوانالعبر بعروبة صنهاجة وكتامة، وهما من أشهر قبائل الأمازيغ، كما تؤكد على ذلك دراساتلغوية قام بها عديد من العلماء والمختصين -من المنتمين إلى البربر في أكثر من بلدمغاربي- من أمثال الأستاذ محمد شفيق عضو الأكاديمية المغربية، والباحثان أحمد بودهمان ومحمد الفاسي.
ونضيف أن ظهور الأشراف في منطقة القبائل والتفاف أهلهاحولهم -كما ذكرنا- قد يزيد من قوة الرأي القائل بعروبة البربر، خاصة أنهم تعلقواباللغة العربية، وكانوا دومًا أوفياء للثقافة العربية التي عرفت العربي بأنه كل مننطق العربية. وعلى أي حال فكما يقول المؤرخ الجزائري عثمان سعدي -وهو من أصل بربري- فإن البربر تحولوا إلى حماة للإسلام ودعاة له، وصارت منطقة القبائل معقلاً للحركةالوطنية الجزائرية في جبال الأوراس.
وكعادة سلطات الاحتلال الأوروبي لمختلفبلدان العالم الإسلامي لم يراعِ المحتل الفرنسي حرمات المسلمين، ومارس ضدهم كافةأساليب القمع الوحشية، واتبع ما أسماه المؤلف "سياسة الأرض المحروقة" للقضاء علىمقاومة الجزائريين في منطقة القبائل وفي جميع أنحاء الجزائر؛ فقطع الأشجار وقتلالرجال والنساء والأطفال والشيوخ، ودمر البيوت، وأضرم النيران في القرى والعروش (القبائل بالجبال) فيما سمي آنذاك "جولات جمع العلف"، وأجبر الأهالي على تغييرأسمائهم وألقاب عائلاتهم تبشيعًا لهم، وإمعانًا في انتهاك حقوقهم.
الفرنسةوالتنصير
ا
بالرغم من وقوع منطقة القبائل الكبرى تحت سيطرة الاحتلال سنة
1857، وبالرغم من شدة الإجراءات القمعية التي اتخذتها سلطات الاحتلال.. فإن روحالجهاد لم تهدأ في أي وقت من الأوقات، واستمرت أعمال المقاومة بصورة متقطعة، وسرعانما تفجرت مشاعر الغضب لدى عموم القبائل في الانتفاضة التي قادها سي محند أمزيانمنصور المقراني، وذلك في مطلع سنة 1871، واستطاع هو وجنوده الأشداء من أبناءالقبائل إلحاق خسائر فادحة بجنود الاحتلال؛ لدرجة أن العدو كان يدفن قتلاه سرًا لكيلا تنهار معنوياته من جهة، ولكي لا تتعزز معنويات المجاهدين من جهة أخرى.
وإلى جانب تلك البطولات العسكرية التي لم تنقطع من أبناء القبائل ضدالاحتلال، يروي لنا الأستاذ فرج -مؤلف هذا الكتاب- صفحات رائعة من جهادهم على جبهةأخرى كانت أشد ضراوة من الجبهة العسكرية، ألا وهي جبهة المحافظة على الهويةوالعقيدة الدينية في مواجهة محاولات الفرنسة والتنصير.
لقد كان من تداعياتاحتلال منطقة القبائل الكبرى سنة 1857 أن شرعت سلطات الاحتلال في تطبيق سياسةالفرنسة من ناحية، وتضاعفت جهود رجال الكنيسة الذين رافقوا جيش الاحتلال من أجلتنصير أبناء القبائل من ناحية أخرى.
ومن التفاصيل التي أوردها المؤلف يتضحأنه بينما كانت سلطات الاحتلال تكثف إنشاء المدارس الفرنسية، وتحارب التعليمالعربي، وتغلق مكاتب تحفيظ القرآن، وتسعى لإلغاء التشريع الإسلامي من حياة القبائل،وتفرض القانون الفرنسي بدلاً عنه، فيما عرف بقانون القبائل (أو الظهير البربري).. فإنها سعت لتكريس الانفصال بين ما أسمته قرية "تيزي وزو" الأوربية، وقرية "تيزيوزو" المسلمة؛ فاختصت القرية الأوربية بكل الخدمات والمرافق الحديثة، وطردت من كانفيها من المسلمين أصحاب البلد الأصليين، وفي الوقت نفسه سلبت القرية المسلمةممتلكاتها، وحرمتها من كافة الخدمات والمرافق التعليمية والصحية، حتى المغاسل التيكانت نساء المسلمين يستعملنها في النظافة استولت عليها وخصصتها للأوروبيات (ص171).
وفي ظل تلك الأجواء انتعشت آمال الكنيسة في تنصير القبائل، وأرسلت أشدالقساوسة المتحمسين لديها للقيام بهذه المهمة على فترات متلاحقة، وكان منهم الأب Creusat، والكاردينال Lavigerie الذي استقدم كثيرين ممن سموا "الآباء البيض" و"الأخوات البيض" أو "الراهبات"؛ لتسهيل الوصول إلى الأسر المسلمة. ثم حضر القسيس Emille Rolland البروتستانتي في سنة 1908 إلى تيزي وزو ومعه زوجته، وكان من أكبرالمنصرين المتعصبين وأكثرهم جرأة ووقاحة في عدم احترام مشاعر المسلمين.
ولكن ما حدث على أرض الواقع كان مختلفًا؛ فبالنسبة للتنصير يقول المؤلف: إنالفشل الذريع كان من نصيب كل تلك الجهود التي سعت لتنصير أبناء القبائل، هذا بالرغممن المصائب التي حلت بسكان القبائل على يد سلطات الاحتلال كما ذكرنا، وبالرغم منالحيل التي استخدمها أولئك المنصرون من خدمات اجتماعية وعلاجية وإغراءات ماليةللفقراء، بالرغم من كل ذلك؛ فإنهم لم يفلحوا في تنصير ولو فرد واحد (ص142، وص190،وص193)، وإضافة إلى ذلك فإن فرع الكشافة الذي أنشأته أسرة القسيس Emille في تيزيوزو ودخله بعض شباب القبائل، تمكن شباب القبائل من جعله نواة لتأسيس "الكشافةالإسلامية الجزائرية" بتيزي وزو ومنطقة القبائل كلها.
أما بالنسبة للفرنسة فيؤكد المؤلف أن مشروع الفرنسة والتمييز بين العرب والأمازيغ على أساس أن الأمازيغأسمى منهم.. "فقد لاقى معارضة شديدة من السكان المعنيين بالأمر، وخاصة عندما لاحظواأن فتح مدرسة فرنسية يقابلها في كل مرة غلق زاوية أو مدرسة من مدارس تحفيظ القرآن" (ص188). ومن المفارقات التي يذكرها المؤلف أن دعاة التفرقة بين العرب والأمازيغ علىأساس عنصري كانوا يقدمون فكرتهم على أنها عمل حضاري وتقدمي (ص188)، وأنه كان فريقمن المستوطنين الفرنسيين يعارضون إنشاء المدارس الفرنسية؛ لا لأنهم ضد سياسةالفرنسة، ولكن لأنهم ضد تعليم أبناء البلاد أصلا.
جمعية العلماء وسط القبائل
مع بداية القرن العشرين بدأت مرحلة جديدة من النضال ضد الاحتلالالفرنسي للبلاد، وكانت نخبة من الشباب المسلم قد تخرجت في المدارس الفرنسية، وظهرتفي البداية حركة اندماجية سميت "الشبيبة الجزائرية" سرعان ما انقسمت إلى اتجاهين: أحدهما متمسك بالاندماج الكامل مع فرنسا، أما الثاني فقد كان مؤيداً بالأمير خالدحفيد الأمير عبد القادر الجزائري، وطالب بحرية الشعب وحقه الكامل في الاستقلال،والتخلص من النظام اللاإنساني الذي فرضته فرنسا على المسلمين.
وقد شهدت تلكالمرحلة ظهور الأحزاب الوطنية والجمعيات الإسلامية، وكان المؤلف أحد المناضلينالذين انخرطوا في صفوفها منذ البدايات الأولى. وكان أبناء القبائل من أوائلالمشاركين في تلك الأحزاب والجمعيات، وفي مقدمتها جمعية العلماء المسلمين التيأسسها الشيخ عبد الحميد بن باديس، وذلك بمدينة الجزائر العاصمة في مايو سنة 1930،وكان ممن شاركه في تأسيسها من أبناء القبائل الشيخ علي أوليخار، وكان يتردد علىتيزي وزو لنشر أفكار العلماء فيها وفي المنطقة كلها؛ وذلك عن طريق خطب ودروس خاصة،وأثمرت جهوده في إعداد العناصر التي قامت فيما بعدُ بنشاطات ثقافية على منهج جمعيةالعلماء، لم تشهد تيزي وزو مثلها قط.
ويروي المؤلف قصة تأسيس الكشافةالإسلامية بالجزائر؛ فيقول: إنها بدأت بمبادرات محلية ومستقلة في الثلاثينيات إلىأن أنشأ محمد بو راس فيدرالية الكشافة الإسلامية الجزائرية، وكان من رواد جمعيةالعلماء المسلمين، وحكمت عليه سلطات الاحتلال بالإعدام، ونفذت فيه الحكم رميًابالرصاص يوم 27 مايو 1941. وكانت مجموعة الهلال بتيزي وزو من بين تلك المجموعاتالتي أسهمت في توحيد الكشافة الإسلامية الجزائرية على المستوى الوطني.
ويكشف لنا المؤلف عن حالة الهستيريا التي أصابت سلطات الاحتلال وأذنابها،وجعلتها لا تطيق ظهور أي نشاط منظم يقوم به أبناء القبائل، حتى ولو كان نشاطًارياضيًا أو ترفيهيا. ويمضي المؤلف في وصف أشكال متنوعة من المقاومة التي قام بهاأبناء القبائل جنبًا إلى جنب مع بقية الشعب الجزائري، وينهي كتابه بالحديث عنالاستعداد لاندلاع ثورة التحرير في أول نوفمبر 1954، وما سبقها من ظهور القوىالحزبية السياسية والوطنية، مثل حزب نجم شمال أفريقيا، وحزب اتحاد ديمقراطي بيانالجزائر، وحركة انتصار الحريات والديمقراطية.
والحاصل أن منطقة القبائل -وفي القلب منها تيزي زوز- كانت في مقدمة المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي، وانخرطأبناؤها في الأحزاب الوطنية والجمعيات الإسلامية والأنشطة الرياضية والثقافية،وفشلت كافة محاولات الاحتلال من أجل عزلهم عن عموم الجزائريين، وشاركوا معهم فيكافة مراحل الكفاح، إلى أن نالت الجزائر حريتها واستقلالها بعد حرب التحرير التياستمرت من سنة 1954 إلى سنة 1962، وبعد أن ضحى الشعب بمليون ونصف مليون شهيد من كلفئاته وجماعاته.
وبالرغم من اندحار الاحتلال الفرنسي ورحيله عن الجزائر منذ 40 عامًا فإن اهتمام النفوذ الفرنسي الاستعماري بإثارة البربر لم يتوقف، بل زادوأضحى أكثر كثافة وأشد خطرًا، ليس على الوحدة الوطنية للجزائر فحسب، وإنما على وحدةبلدان المغرب العربي كله.
وأخيرًا فإن هذا الكتاب يعتبر مساهمة قيمة فيكتابة التاريخ الحديث للجزائر، وقد استطاع المؤلف أن يقدم لنا صورة متكاملة عن جانبمن الكفاح البطولي لشعب الجزائر. وبفضل الترجمة الممتازة التي نقله بها الأستاذموسى زمولى إلى العربية أصبح نافذة لأهل المشرق العربي كي يطلوا من خلالها على بعضإخوانهم من أهل المغرب وهم يسطرون صفحات مجيدة.
بارك الله فيك
شكراا جزيلا للموضوع
واصل دوما يا غالي
بوركت
الى كل من يهمه الأمر
تسلسل وقائع الحرب العالمية 1
الموضوع في الملحقات