إليكم في هذا الموضوع كتاب:
الخطاب النقدي عند المعتزلة
لصاحبه الدكتور كريم الوائلي
التحميل من الملفات المرفقة
منقول للفائدة
اسم الملف | نوع الملف | حجم الملف | التحميل | مرات التحميل |
الخطاب النقدي عند المعتزلة.rar | 1.45 ميجابايت | المشاهدات 153 |
بارك الله فيك ، وجزاك الله خير الجزاء
اسم الملف | نوع الملف | حجم الملف | التحميل | مرات التحميل |
الخطاب النقدي عند المعتزلة.rar | 1.45 ميجابايت | المشاهدات 153 |
جزاكم الله خيرا
اسم الملف | نوع الملف | حجم الملف | التحميل | مرات التحميل |
الخطاب النقدي عند المعتزلة.rar | 1.45 ميجابايت | المشاهدات 153 |
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
إليكم في هذا الموضوع كتاب:
الخطاب النقدي عند المعتزلة
لصاحبه الدكتور كريم الوائلي
التحميل من الملفات المرفقة
منقول للفائدة
|
اسم الملف | نوع الملف | حجم الملف | التحميل | مرات التحميل |
الخطاب النقدي عند المعتزلة.rar | 1.45 ميجابايت | المشاهدات 153 |
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
إليكم و حصرياً على منتديات بوابة الونشريس
تعريف إدوارد سابير للغة من كتاب:
فقه اللغة و علم اللغة
نصوص و دراسات
تأليف الدكتور محمود سليمان ياقوت
التحميل من الملفات المرفقة
عاجل بحث
أريد بحث بعنوان الوثائق التربوية في مقياس اللسانيات التطبيقية
|
رد: عاجل بحث
اقتباس
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
جاري البحث عن طلبك
| إليكم بعض المواضيع لمذكرات التخرج
الله تستفادوا منها
|
رد: إليكم بعض المواضيع لمذكرات التخرج
مشكوووووووووور
|
رد: إليكم بعض المواضيع لمذكرات التخرج
بارك الله فيك اخي والله مشكور
|
رد: إليكم بعض المواضيع لمذكرات التخرج
بارك الله فيك اخي والله مشكور
التصنيفات
التحليل السيميائي للنصوص
| التحليل السيميائي للنصوص
التحليـــــــــــــــــــل السيميائـــــــــــــــــي للنصـــــــــــــــــوص
خوسي روميرا كاستيلوا
|
رد: التحليل السيميائي للنصوص
من فضلكم أريد تحليل نص سيميائيا تطبيقيا. فكل ما نجده دائما التنظير اما الاعمال التطبيقة فهي منعدمة.
| مسيرة اللّغة العربية في الجزائر: من الفتح الإسلامي إلى الاحتلال الفرنسي
رفت الجزائر منذ القدم حركة تطورية في ميادين مختلفة، ابتداء من الحضارة الآمازيغية إلى الحضارة الإسلامية، و نلمس ذلك جليا في مظاهر حياتية و فكرية متنوعة، و مما لا شك فيه أنّ نقوش الخط الأمازيغي و آثار العمران القديمة دليل كاف على ذلك، و ما يجلب نظر الباحثين فعلا إلى هذه الحضارة هو التنوع الثقافي و المعرفي في هذه البلاد، و الذي يرجع في الأساس إلى تمازج الحضارتين الأمازيغية و العربية في منطقة جغرافية واحدة، لتخرج إلى الوجود حضارة جزائرية متميّزة بطابعها الخاص، فكيف تم هذا التمازج؟ و الأهم من ذلك، كيف شقّت اللغة العربية لنفسها طريقا في بلاد المغرب الأوسط؟ و ما هي المحفزات و العقبات التي واجهت الحركة التطورية للغة القرآن الكريم أثناء توالي الاستعمارات و الفتوحات على هذه المنطقة؟ الجزائر – بالتسمية الحالية – هي بلاد المغرب الأوسط – قديما – و قد صنفها القدماء ضمن الإقليم الثالث من الأقاليم السبعة للمعمورة، و هي تأخذ حيزا هاما من جغرافية المغرب الذي كان في السابق بلدا واحدا، لكنها استقلت عنه بعد أن مرت بمراحل تاريخية عديدة، و لم يطلق عليها اسم الجزائر إلا بعد دخول الأتراك إليها، حيث اختاروا لها اسم المدينة التي اتخذوها قاعدة لهم، و هي مدينة الجزائر التي أصبحت و لازالت عاصمة لهذا البلد. هكذا إذا كانت البداية، إلاّ أنّ معالم التعليم حينها لم تكن واضحة، و لم تُذكر تفاصيلها في كتب التاريخ، لأنّ المنطقة كانت في حالة مخاض، إلى أن دخل عبد الرحمن بن رستم البلاد، و أسّس دولته الرستمية سنة 141 هـ/758م، حيث اهتمّ الرّستميون بنقل الثقافة المشرقية إلى شمال إفريقية، فأحضروا الكتب، و اعتنوا بعلوم الدين و الأدب، و كان أئمتهم بارعين في العلوم و الآداب و السياسة. و كانت اللغة العربية هي لسان الدولة الرستمية.
ثم تواصلت الولايات على الجزائر، الواحدة تلوى الأخرى، إلاّ أنّ ذلك لم يؤثر على المجال الفكري فيها، بل زاده تطورا، خاصة في عصر الحماديين، حيث اشتهر علماء و أدباء كانوا في قمة البراعة، إذ جمعوا بين فنون و علوم كثيرة، أذكر من هؤلاء:
ثم زاد المجال الفكري نضجا في عهد المرابطين و الموحدين، حيث راجت في الجزائر ثقافتان خارجيتان أثّرتا على المثقفين بالإيجاب لا بالسلب، و هما الثقافة الأندلسية و الثقافة المشرقية. و في هذا العهد زاد الاهتمام باللغة العربية، و تمّ "استعراب قسم كبير من البربر بفضل تشجيع الحماديين للحركة العقلية و الثقافية مدّة عهدهم." حينها ظهر عدد هائل من العلماء و الأدباء و الشعراء و اللغويين، و من أعلام اللغة في هذا العصر أذكر:
بعد ذلك، دخل الحفصيون الجزائر، و من بعدهم الزيّانيون و المرينيون، و كان كل هؤلاء شغوفين بالعلم و الفنون، فقرّبوا إليهم المفكرين و اعتنوا بهم. و بدخول القرن التاسع الهجري، ظهر علماء في كل مجالات الفكر، و ظهرت علوم جديدة في الدين و الدنيا. و من لغويي هذا العصر، أذكر:
في القرن العاشر للهجرة، دخل الأتراك إلى الجزائر قصد حمايتها من أطماع الإسبان، لكنّ اللغة التركية لم تؤثر على اللغة الرّسمية الجزائرية، بل ضاعف علماء اللغة – في هذه الفترة و بعدها – من جهودهم العلمية، إلاّ أنّهم اهتموا بالتدريس أكثر من الدّراسة و التأليف. و كان معظم العلماء يهتمون بالمجالين، "و من الذين جمعوا بين الاثنين في الجزائر؛ أبو راس و أحمد المقري و الفكون. غير أنّ هؤلاء لم يكونوا في توازن في الجمع بين الخطّتين. فالأول مثلا قد غلب عليه التدريس بالرغم من كثرة تأليفه و الثاني قد غلب عليه التأليف بالرغم من كثرة تدريسه، و هناك مدرسون لم يتركوا إلا قليلا من التآليف، كمحمد التواتي و عمر الوزان و سعيد المقري. و هناك من ترك بعض الشروح و الحواشي و التعاليق كسعيد قدورة."
أمّا عن أماكن التعليم و الدّراسة، فكانت تتمثل في الزّوايا و الكتاتيب و المدارس، بالإضافة إلى المساجد، حيث كثرت "المدارس الابتدائية حتى كان لا يخلو منها حي من الأحياء في المدن، و لا قرية من القرى في الريف، بل إنّها كانت منتشرة حتى بين أهالي البادية و الجبال النائية." ليس ذلك و حسب، بل وجدت بعض المدارس الثانوية و العالية في بعض المدن الجزائرية المهمة. و لم يكن ذلك في العهد العثماني فقط، و إنّما قبله أيضا. ففي تلمسان وُجدت خمس مدارس ثانوية و عالية، و في قسنطينة وُجدت مدرستان ثانويّتان في عهد صالح باي، و وصلت إلى سبع مدارس عند دخول فرنسا. أمّا في الجزائر العاصمة فقد اختلف المؤرّخون في إحصائها، نظرا لإلحاقهم الزوايا و المساجد بالثانويات لتشابه مهامهم، كما عرفت الجزائر كمّا هائلا من الكتاتيب، التي انتشرت عبر أنحاء القُطر، و كانوا يسمونها "المسيد" تصغيرا لكلمة "مسجد" في نواحي العاصمة. و كانت مهمّتها تتمثّل في تعليم القراءة و الكتابة و تحفيظ القرآن. أمّا في البادية فكانت "الزوايا" هي التي تتولّى مهمّة التعليم, ففي ناحية تلمسان وحدها وُجدت ثلاثون زاوية.
و لا أنسى أن أذكر إلى جانب هؤلاء؛ رواد الأدب الجزائري الذين ساهموا حينها في حفظ ملامح العروبة، حيث فضّلوا التدوين بلغة القرآن، و كرّسوا أقلامهم للدفاع عن الهوية الجزائرية، و حاربوا الاستعمار بالشعر الحماسي و الوطني، بالإضافة إلى الصحافة و فنون النثر و المسرح، و من هؤلاء: مفدي زكريا و العربي التبسي و محمد العيد آل خليفة و محمد البشير الإبراهيمي و المسرحي محي الدين باشتارزي، و عبد الحميد بن باديس و رائد القصة القصيرة الجزائرية الشهيد أحمد رضا حوحو…و الكثير ممن شارك في مسيرة إثبات الهوية العربية في الجزائر، و التي ترتبط كل الارتباط بمسيرة اللغة العربية، هذه المسيرة التي شاء لها القدر أن تصل إلى القمة قبل أن يلقاها حاجز الاستعمار الفرنسي الذي أعاقها و أبطأ خطاها، قبل أن تُعيد انطلاقتها من جديد بعد الاستقلال، و بهذا أكون قد توصّلت إلى وصف الخطوط العريضة للحركة التطورية التي عرفتها اللغة العربية في الجزائر من بداية الفتح الإسلامي إلى عهد الاحتلال الفرنسي.
|
رد: مسيرة اللّغة العربية في الجزائر: من الفتح الإسلامي إلى الاحتلال الفرنسي
بارك الله فيك أخي على الموضوع الرائع
التصنيفات
طبيعة العقلية العربية
| طبيعة العقلية العربية
*تمهيد: *حياة العربالعقلية: رأيت المنايا خبط عشواء من تصب تمته ومنتخطئ يعمر فيهرم
*واكبر ما يتميز به العرب الذكاء وحضورالبديهة وفصاحة القول لذلك كان أكبر مظاهر حياتهم الفكرية: لغتهم وشعرهم وخطبهمووصاياهم و أمثالهم. المؤلفات التيتناولت الحياة العقلية في العصر الجاهلي هي:
كتاب للشيخ مصطفىالغلاييني::::::::::::::::::::رجال المعلقاتالعشر. لكل أمة عقلية خاصة بها، تظهر في تعامل أفرادها بعضهم مع بعض وفي تعامل الأمة مع الأمم الأخري، كما أن لكل أمة نفسية تميزها عن نفسيات الأمم الأخري، وشخصية تمثل تلك الأمة، وملامح تكون غالبة علي أكثر أفرادها، تجعلها سمة لتلك الأمة تميزها عن سمات الأمم الأخري (1). العرب بعيون اليونان و الرومان والكتاب المقدس بل ان الحديث عن العقلية العربية، حديث قديم، ففي التوارة شيء عن صفاتهم وأوصافهم، كوّن من علاقات الاسرائيليين بهم، ومن تعاملهم واختلاطهم بالعرب النازلين في فلسطين وطور سيناء أو في البوادي المتصلة بفلسطين. ومن أوصافهم فيها: أنهم متنابذون يغزون بعضهم بعضاً، مقاتلون يقاتلون غيرهم كما يقاتلون بعضهم بعضاً (يده علي الكل، ويد الكل عليه) (2). يغيرون علي القوافل فيسلبونها ويأخذون أصحابها أسري، يبيعونهم في أسواق النخاسة، أو يسترقونهم فيتخذونهم خدماً ورقيقاً يقومون بما يؤمرون به من أعمال، الي غير ذلك من نعوت وصفات. مآخذ كسري وفي كتب الأدب وصف مناظرة، قيل انها وقعت بين (النعمان بن المنذر) ملك الحيرة وبين (كسري) ملك الفرس في شأن العرب: صفاتهم وأخلاقهم وعقولهم، ثم وصف مناظرة أخري جرت بين (كسري) هذا وبين وفد أرسله (النعمان) لمناظرته ومحاجته فيما الحديث عليه سابقاً بين الملكين (5). وفي هذه الكتب أيضاً رأي (الشعوبيين) في العرب، وحججهم في تصغير شأن العرب وازدرائهم لهم، ورد الكتاب عليهم (6). وهي حجج لا تزال تقرن بالعرب في بعض الكتب. المستشرقون وقد رمي بعض المستشرقين العرب بالمادية وبصفات أخري، فقال أوليري : إن العربي الذي يعد مثلاً أو نموذجاً، ماديّ ينظر الي الأشياء نظرة مادية وضيعة، ولا يقوّمها الا بحسب ما تنتج من نفع، يتملك الطمع مشاعره، وليس لديه مجال للخيال ولا للعواطف، لا يميل كثيراً الي دين، ولا يكترث بشيء الا بقدر ما ينتجه من فائدة عملية، يملؤه الشعور بكرامته الشخصية حتي ليثور علي كل شكل من أشكال السلطة، وحتي ليتوقع منه سيد قبيلته وقائده في الحروب الحسد والبغض والخيانة من أول يوم اختير للسيادة عليه ولو كان صديقاً حميماً له من قبل، من أحسن اليه كان موضع نقمته، لأن الاحسان يثير فيه شعوراً بالخضوع وضعف المنزلة وأن عليه واجباً لمن أحسن. يقول لامانس إن العربي نموذج الديمقراطية ، ولكنها ديمقراطية مبالغ فيها الي حد بعيد، وان ثورته علي كل سلطة تحاول أن تحدد من حريته ولو كانت في مصلحته هي السر الذي يفسر لنا سلسلة الجرائم والخيانات التي شغلت أكبر جزء في تاريخ العرب، وجهل هذا السر هو الذي قاد الأوروبيين في أيامنا هذه الي كثير من الأخطاء، وحملهم كثيراً من الضحايا كان يمكنهم الاستغناء عنها، وصعوبة قيادة العرب وعدم خضوعهم للسلطة هي التي تحول بينهم وبين سيرهم في سبيل الحضارة الغربية، ويبلغ حب العربي لحريته مبلغاً كبيراً، حتي إذا حاولت أن تحدها أو تنقص من أطرافها هاج كأنه وحش في قفص، وثار ثورة جنونية لتحطيم أغلاله والعودة الي حريته. ولكن العربي من ناحية أخري مخلص، مطيع لتقاليد قبيلته، كريم يؤدي واجبات الضيافة والمحالفة في الحروب كما يؤدي واجبات الصداقة مخلصاً في أدائها بحسب ما رسمه العرف… وعلي العموم، فالذي يظهر لي أن هذه الصفات والخصائص أقرب أن تعد صفات وخصائص الطور من النشوء الاجتماعي عامة من أن تعد صفات خاصة لشعب معين، حتي اذا قر العرب وعاشوا عيشة زراعية مثلاً، تعدلت هذه العقلية (14). ويوافق المستشرق (براون أوليري) في رمي العرب بالمادية المفرطة (15). ورماهم (أوليري) أيضاً بضعف الخيال وجمود العواطف (16). العربي الجاهلي العربي عصبي المزاج، سريع الغضب، يهيج للشيء التافه، ثم لا يقف في هياجه عند حد، وهو أشد هياجاً اذا جرحت كرامته، أو انتهكت حرمة قبيلته. واذا اهتاج، أسرع الي السيف، واحتكم اليه، حتي أفنتهم الحروب، وحتي صارت الحرب نظامهم المألوف وحياتهم اليومية المعتادة. الطبيعة أما العوامل التي عملت في تكوين العقلية العربية وفي تكييفها بالشكل الذي ذكره، فهي عاملان قويان هما: البيئة الطبيعية، وعني بها ما يحيط بالشعب طبيعياً من جبال وأنهار وصحراء وغير ذلك، والبيئة الاجتماعية، وأراد بها ما يحيط بالأمة من نظم اجتماعية كنظام حكومة ودين وأسرة ونحو ذلك. وليس أحد العاملين وحده هو المؤثر في العقلية.
|
رد: طبيعة العقلية العربية
اقتباس
|
رد: طبيعة العقلية العربية
| تحميل رواية "ألف وعام من الحنين" لرشيد بوجدرة
السلام عليكم ورحمة الله وبكراته
إليكم في هذا الموضوع تحميل وراية: ألف وعام من الحنين
لـ: رشيد بوجدرة ترجمة مرزاق بقطاش التحميل من الملفات المرفقة منقول للفائدة
| سيميائية الشخصية النسوية في روايـة "راس المحنـة"
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إليكم في هذا الموضوع سيميائية الشخصية النسوية في رواية "راس المحنة" التحميل من الملفات المرفقة منقول للفائدة
|
رد: سيميائية الشخصية النسوية في روايـة "راس المحنـة"
مشكوووووووووووووور
التصنيفات
()
| ((كل ما يخص علم الدلالة هنا))
الفصل الأول:
علم الدلالة: النشأة والماهية تمهيد: يرى فريق من الدارسين أن البحث عن المصطلح العلمي في التراث المعرفي العربي القديم، قد لا يقدم للدرس اللغوي الحديث شيئاً ذا أهمية عدا أنه يضع يد الباحث، على التاريخ الأول لميلاد المصطلح ويطلعه على الإطار العام الذي دارت حوله موضوعات "الدراسة" في طورها البدائي، وقد يحصل تطور جذري في مفهوم المصطلح، فينتقل مفهومه من حقل دلالي معين، إلى حقل دلالي آخر خاضعاً لسنن التطور الدلالي الذي يمس بنية اللغة وعناصرها عبر مسارها التاريخي المتجدد، ويخشى على الباحث أن يضيع جهده سدى في خضم البحث عن الولادة الأولية لصيغة المصطلح ودلالته. 1-نشأة علم الدلالة: المسار التطوري التاريخي: لقد استقطبت اللغة اهتمام المفكرين منذ أمد بعيد، لأن عليها مدار حياة مجتمعاتهم الفكرية والاجتماعية، وبها قوام فهم كتبهم المقدسة، كما كان شأن الهنود قديماً حيث كان كتابهم الديني (الفيدا) منبع الدراسات اللغوية والألسنية على الخصوص التي قامت حوله، ومن ثمة غدت اللسانيات الإطار العام الذي اتخذت فيه اللغة مادة للدراسة والبحث. وكان الجدل الطويل الذي دار حول نشأة اللغة قد أثار عدة قضايا تعد المحاور الرئيسية لعلم الألسنية الحديث فمن جملة الآراء التي أوردها العلماء حول نشأة اللغة قولهم: "بوجود علاقة ضرورية بين اللفظ والمعنى شبيهة بالعلاقة اللزومية بين النار والدخان." إن المباحث الدلالية قد أولت اهتماماً كبيراً علاقة اللفظ بالمعنى، وارتبط هذا بفهم طبيعة المفردات والجمل من جهة وفهم طبيعة المعنى من جهة أخرى، فلقد درس الهنود مختلف الأصناف التي تشكل عالم الموجودات، وقسموا دلالات الكلمات بناء على ذلك إلى أربعة أقسام: إن دراسة المعنى في اللغة بدأ منذ أن حصل للإنسان وعي لغوي، فلقد كان هذا مع علماء اللغة الهنود، كما كان لليونان أثرهم البين في بلورة مفاهيم لها صلة وثيقة بعلم الدلالة، فلقد حاور أفلاطون أستاذه سقراط حول موضوع العلاقة بين اللفظ ومعناه، وكان أفلاطون يميل إلى القول بالعلاقة الطبيعية بين الدال ومدلوله، أما أرسطو فكان يقول باصطلاحية العلاقة، وذهب إلى أن قسم الكلام إلى كلام خارجي وكلام داخلي في النفس، فضلاً على تمييزه بين الصوت والمعنى معتبراً المعنى متطابقاً مع التصور الذي يحمله العقل عنه. وقد تبلورت هذه المباحث اللغوية عند اليونان حتى غدا لكل رأي أنصاره من المفكرين فتأسست بناء على ذلك مدارس أرست قواعد هامة في مجال دراسة اللغة كمدرسة الرواقيين. ومدرسة الاسكندرية ثم كان لعلماء الرومان جهد معتبر في الدراسات اللغوية خاصة ما تعلق منها بالنحو، وإليهم يرجع الفضل في وضع الكتب المدرسية التي بقيت صالحة إلى حدود القرن السابع عشر بما حوته من النحو اللاتيني، وبلغت العلوم اللغوية من النضج والثراء مبلغاً كبيراً في العصر الوسيط مع المدرسة السكولائية (Scolastique) والتي احتدم فيها الصراع حول طبيعة العلاقة بين الكلمات ومدلولاتها، وانقسم المفكرون في هذه المدرسة إلى قائل بعرفية العلاقة بين الألفاظ ودلالاتها وقائل بذاتية العلاقة. وفي حدود القرن التاسع عشر الميلادي، تشعبت الدراسات اللغوية، فلزم ذلك تخصص البحث في جانب معين من اللغة، فظهرت النظريات اللسانية وتعددت المناهج، فبرزت الفونولوجيا التي اهتمت بدراسة وظائف الأصوات إلى جانب علم الفونتيك الذي يهتم بدراسة الأصوات المجردة، كما برزت الأتيمولوجيا التي اعتنت بدراسة الاشتقاقات في اللغة، ثم علم الأبنية والتراكيب الذي يختص بدراسة الجانب النحوي وربطه بالجانب الدلالي في بناء الجملة. وفي الجانب الآخر من العالم، كان المفكرون العرب قد خصصوا للبحوث اللغوية حيزاً واسعاً في إنتاجهم الموسوعي الذي يضم إلى جانب العلوم النظرية كالمنطق والفلسفة علوماً لغوية قد مست كل جوانب الفكر عندهم، سواء تعلق الأمر بالعلوم الشرعية كالفقه والحديث، أو علوم العربية، كالنحو والصرف والبلاغة، بل إنهم كانوا يعدون علوم العربية نفسها وتعلمها من المفاتيح الضرورية للتبحر في فهم العلوم الشرعية، ولذلك "تأثرت [العلوم اللغوية] بعلوم الدين وخضعت لتوجيهاتها. وقد تفاعلت الدراسات اللغوية مع الدراسات الفقهية، وبنى اللغويون أحكامهم على أصول دراسة القرآن والحديث والقراءات، وقالوا في أمور اللغة بالسماع والقياس والإجماع والاستصلاح تماماً كما فعل الفقهاء في معالجة أمور علوم الدين". ولما كانت علوم الدين تهدف إلى استنباط الأحكام الفقهية ووضع القواعد الأصولية للفقه، اهتم العلماء بدلالة الألفاظ والتراكيب وتوسعوا في فهم معاني نصوص القرآن والحديث. واحتاج ذلك منهم إلى وضع أسس نظرية، فيها من مبادئ الفلسفة والمنطق ما يدل على تأثر العرب بالمفاهيم اليونانية ولذلك يؤكد عادل الفاخوري أنه "ليس من مبالغة في القول إن الفكر العربي استطاع أن يتوصل في مرحلته المتأخرة إلى وضع نظرية مستقلة وشاملة يمكن اعتبارها أكمل النظريات التي سبقت الأبحاث المعاصرة." فالأبحاث الدلالية في الفكر العربي التراثي، لا يمكن حصرها في حقل معين من الإنتاج الفكري بل هي تتوزع لتشمل مساحة شاسعة من العلوم لأنها مدينة "للتحاور بين المنطق وعلوم المناظرة وأصول الفقه والتفسير والنقد الأدبي والبيان. هذا التلاقح بين هذه العلوم النظرية واللغوية هو الذي أنتج ذلك الفكر الدلالي العربي، الذي أرسى قواعد تعد الآن المنطلقات الأساسية لعلم الدلالة وعلم السيمياء على السواء، بل إنك لا تجد كبير فرق بين علماء الدلالة في العصر الحديث وبين علماء العرب القدامى الذين ساهموا في تأسيس وعي دلالي هام، يمكن رصده في نتاج الفلاسفة واللغويين وعلماء الأصول والفقهاء والأدباء، "فالبحوث الدلالية العربية تمتد من القرون الثالث والرابع والخامس الهجرية إلى سائر القرون التالية لها، وهذا التأريخ المبكر إنما يعني نضجاً أحرزته العربية وأصّله الدارسون في جوانبها. إن هذه الجهود اللغوية في التراث العربي لأسلافنا الباحثين، وتلك الأبحاث التي اضطلع بها اللغويون القدامى من الهنود واليونان واللاتين وعلماء العصر الوسيط وعصر النهضة الأوروبية، فتحت كلها منافذ كبيرة للدرس اللغوي الحديث وأرست قواعد هامة في البحث الألسني والدلالي، استفاد منها علماء اللغة المحدثون بحيث سعوا إلى تشكيل هذا التراكم اللغوي المعرفي في نمط علمي يستند إلى مناهج وأصول ومعايير، وهو ما تجسم في تقدم العالم الفرنسي (ميشال بريال M.Breal[FONT="]) في الربع الأخير من القرن التاسع عشر إلى وضع مصطلح يشرف من خلاله على البحث في الدلالة، واقترح دخوله اللغة العلمية، هذا المصطلح هو "السيمانتيك" يقول بريال: "إن الدراسة التي ندعو إليها القارئ هي نوع حديث للغاية بحيث لم تسم بعد، نعم، لقد اهتم معظم اللسانيين بجسم وشكل الكلمات، وما انتبهوا قط إلى القوانين التي تنتظم تغير المعاني، وانتقاء العبارات الجديدة والوقوف على تاريخ ميلادها ووفاتها، وبما أن هذه الدراسة تستحق اسماً خاصاً بها، فإننا نطلق عليها اسم "سيمانتيك" للدلالة على علم المعاني. إن العالم اللغوي (بريال) انطلق- دون ريب- في تحديد موضوع علم الدلالة ومصطلحه من جهود من سبقه من علماء اللغة الذين وفروا مفاهيم مختلفة تخص المنظومة اللغوية من جميع جوانبها يقول الدكتور كمال محمد بشر: "إن دراسة المعنى بوصفه فرعاً مستقلاً عن علم اللغة، قد ظهرت أول ما ظهرت سنة 1839، لكن هذه الدراسة لم تعرف بهذا الاسم (السيمانتيك) إلا بعد فترة طويلة أي سنة 1883 عندما ابتكر العالم الفرنسي (م.بريال) المصطلح الحديث." إلا أن المؤرخين اللغويين لظهور علم الدلالة يجمعون على أن فضل (بريال) يكمن في تخصيصه كتاباً استقل بدراسة المعنى هو كتاب (محاولة في علم المعاني) بسط فيه القول عن ماهية علم الدلالة، وأبدع منهجاً جديداً في دراسة المعنى هو المنهج الذي ينطلق من الكلمات نفسها لمعاينة الدلالات دون ربط ذلك بالظواهر اللغوية الأخرى. ويمكن أن نرسم معالم هذا المنهج اللغوي الجديد انطلاقاً من النص الذي أورده (بريال) في سياق تعريفه بعلم الدلالة: الهدف الذي ينشده علم الدلالة هو الوقوف على القوانين التي تنتظم تغيّر المعاني وتطورها، والقواعد التي تسير وفقها اللغة، وذلك بالاطلاع على النصوص اللغوية بقصد ضبط المعاني المختلفة بأدوات محددة وفي هذا سعي حثيث إلى التنويع في التراكيب اللغوية لأداء وظائف دلالية معينة، وهذا التنويع هو الذي يثري اللغة إثراء يحفظ أصول هذه اللغة، ولا يكون حاجزاً أمام تطورها وتجددها ويمكن في خضم البحث عن هذه النواميس "خلق" نواميس لغوية جديدة لكي تشرف على النظام الكلامي بين أهل اللغة لأن "عالم اللسان يكون همه الوعي باللغة عبر إدراك نواميس ثالثاً: اتباع المنهج التطوري التأصيلي الذي يقف على ميلاد الكلمات ويتتبعها في مسارها التاريخي، وقد يردها إلى أصولها الأولى "لأن اللغة مؤسسة اجتماعية تحكمها نواميس مفروضة على الأفراد، تتناقلها الأجيال بضرب من الحتمية التاريخية، إذ كل ما في اللغة- راهناً- إنما هو منقول عن أشكال سابقة هي الأخرى منحدرة من أنماط أكثر بدائية، وهكذا إلى الأصل الأوحد أو الأصول الأولية المتعددة" فالنظام اللغوي، نظام متجدد ما دامت الكلمات لا تخضع لقانون ثابت يلزمها بمدلولاتها، فاللغة تنتظمها نواميس خفية تعود إلى اقتضاءات تعبيرية هي جزء من النظام الكلي الذي تسير وفقه اللغة، وتصرف دلالات تراكيبها. إن نشأة علم الدلالة، لم تكن نشأة مستقلة عن علوم اللغة الأخرى. إنما كان يعد هذا العلم جزءاً لصيقاً بعلم اللسانيات الذي كان يهتم بدراسة اللسان البشري، إلا أن عدم اهتمام علماء اللسانيات بدلالة الكلمات- كما أشار إلى ذلك (بريال)- هو الذي كان دافعاً لبعض العلماء اللغويين إلى البحث عن مجال علمي يضم بحثاً في جوهر الكلمات ودلالاتها، لكي يحددوا ضمنه موضوعاته ومعاييره وقواعده ومناهجه وأدواته وما كان ذلك يسيراً خاصة إذا علمنا ذلك التداخل المتشابك الذي كان يجمع بين علوم اللغة مجتمعة وعلم الألسنية الذي ذهب علماؤه إلى تفريعه إلى مباحث جمعت بين حقول مختلفة من العلوم كما هو شأن اللسانيات النفسية (psycolinguistique)، ومبحث اللسانيات العصبية neuro-linguistique وما إلى ذلك. إن العلم اللساني كان يهتم بوصف الجوانب الصورية للغة ويتجنب الخوض في استبطان جوهر الكلمات ومعانيها الذي أصبح من اهتمامات علم الدلالة (الحديث)، ثم إن ضرورة الإحاطة ببعد اللغة الاجتماعي والثقافي والنفسي وتتبع سيرورة المعنى الديناميكي كل هذه حواجز وقفت أمام علماء اللسانيات، فاستبعدوا بذلك الخوض في دراسة المعنى وركزوا بحوثهم على شكل الكلمات، إلى أن برز علم الدلالة ليسد هذا الفراغ في الدراسات اللغوية من جهة ويعمق البحث في الجانب الدلالي للغة من جهة أخرى، ويجتاز تلك الحواجز التي حالت دون أن يخوض اللسانيون في دراسة المعنى، "لأن علم الدلالة هو ميدان يتجاوز حدود اللسانيات التي يتعين عليها وصف الجوانب الصورية للغة قبل كل شيء، فالدلالة ليست ظاهرة لغوية صرفاً وإذا كان بالإمكان بناء الحقول الدلالية فإنه ينبغي آنذاك الاعتماد على المعطيات الخارجية فقط.. (…) ) إلى إبعاد دراسة الدلالة من اللسانيات. والحقيقة التي لا مراء فيها أن دراسة المعنى لم تخل منه أي مباحث لغوية سواء أكانت قديمة أم حديثة، ذلك أنه لا يمكن تصور دراسة الكلمات وهي جوفاء خالية من الدلالات. وهذا ما عبر عنه سوسير في سياق حديثه عن الدال والمدلول وشبه اتحاد الكلمات ودلالتها بوجهي الورقة الواحدة. إن علم الدلالة كمبحث من المباحث اللغوية حسب ماهية اللسانيات، يهتم بحلقة من حلقات علم اللسان البشري، هذه الحلقة تكمن في المظهر الإبلاغي وما يتعلق به، فالرسالة الإبلاغية هي التي تضطلع بنقل دلالة الخطاب إلى المتلقي بحيث يتم- في الحالات العادية- استيعابها استيعاباً كافياً، "فالدراسة اللسانية لا تقف عند تشخيص الحدث اللغوي في مستواه الأدائي، ولكن في سلكه الدائري إذ تهتم اللسانيات بتولد الحدث وبلوغه وظيفته ثم بتحقيقه مردوده عندما يولد رد الفعل المنشود، وهكذا يكون موضوع علم اللسان اللغة في مظهرها الأدائي ومظهرها الإبلاغي وأخيراً في مظهرها التواصلي. لقد ولجت اللسانيات كل مجالات الاتصالات الإنسانية حتى غدت ملتقى لكل العلوم الإنسانية واعتمدت في الخطاب بأنواعه، ولا يمكن أن نقيم هذا الدور الرائد في مجالات الحياة للألسنية دون أن نقر بحضور الدلالة في ذلك، كفرع أساسي ومهم في فعالية الخطاب "فاللسانيات تستلهم الظاهرة اللغوية ونواميسها من مصادر لسانية وغير لسانية فتعمد إلى إجراء مقطع عمودي على كل منتجات الفكر، بمنظور مخصوص فبعد البحث عن خصائص الخطاب الإخباري والخطاب الشعري الأدبي، تعمد اللسانيات إلى دراسة نواميس الخطاب العلمي والقضائي والإشهاري والديني والمذهبي. . وأن "اللغة تنظيم، وهذا التنظيم وظيفي، يتوسله الإنسان للتعبير عن أغراضه ولعملية التواصل" فلم تعد الألسنية تهتم بشكل الكلمات فحسب، بل أعطت لجوهر هذه الكلمات أهمية كبيرة، وذلك بعد ما تأكد لدى علماء الألسنية، أن البحث الألسني يبقى ناقصاً ما لم يهتم بجوانب اللغة جميعها، ويظل حكمه على الظواهر اللغوية يفتقد إلى طابع المعيارية التي تسم ديناميكية اللغة وفعاليتها بسمة التقعيد. ولم يحصل هذا الوعي اللغوي في البحث الألسني إلا مع العلماء اللغويين المتأخرين كالعالم الأمريكي "بلومفيلد" الذي كان يرى أن الدراسة الألسنية، لا تنحصر بدراسة الأصوات والدلالات اللغوية بذاتها، بل تشمل دراسة الارتباط القائم بين أصوات معينة ودلالات معينة (… وجدير بالذكر أن مفهوم ارتباط الصوت اللغوي وبعد هذا التزاوج الذي لزم علم الألسنية الأخذ به، تبين لعلماء اللغة المحدثين أن الجانب الدلالي في اللغة لا يزال البحث فيه هزيلاً كما كان في القديم، وأنه محتاج إلى نظرة أخرى على مستوى البحث وعلى مستوى المنهج، رغم ما قدمته العلوم المستحدثة من نظريات أنارت جوانب مهمة من علم الدلالة كنظريات الإعلام والتواصل والمعلوماتية. يقول في ذلك الكاتبان: ريمون طحان ودينر بيطار طحان: "يقترن الكلام أو الأصوات، بنظريات الدلالة العامة، وكان علم الدلالة الجزء الهزيل من النظريات الألسنية، وقد أصبح يفضل نظريات الإعلام والتواصل والمعلوماتية، مزوداً بمؤشرات سليمة منها أن المتكلمين بلغة واحدة يتبنون المعنى الواحد في الكلام الواحد أو الجملة الواحدة" وتبعاً لذلك اتسع نطاق البحث الدلالي، وأحرز علماء العرب سبقاً في هذا المجال حيث برز لغويون كثيرون وضعوا نظريات مختلفة وأرسوا بذلك قواعد أضحت مدارس دلالية، تنظر إلى قضية "المعنى" بنظريات مختلفة، وداخل المنهج الأوحد للبحث الدلالي ظهرت مناهج فرعية رأى أصحابها نجاعتها في تقديم الأجوبة الكافية لمختلف المسائل التي طرحت في الدراسات الدلالية، والتي عجز عنها البحث اللغوي قبلها، ولكن ما هي القضايا الأساسية التي طرحها الدرس الدلالي الحديث؟ وما هي المباحث اللغوية التي اختص بها علم الدلالة حتى غدت مجالاً خاصة به، تعبر عن خصوصية هذا العلم واستقلاله عن بقية العلوم اللغوية الأخرى؟ I-مصطلح "الدلالة" في القرآن الكريم ومعجمات اللغة: تمهيد: الحديث عن المصطلح الدلالي- كيف نشأ وكيف تطور- يدعو إلى تحديد المفهوم اللغوي الأول لهذا المصطلح، لأن الوضع اللغوي الذي تصالح عليه أهل اللغة قديماً، يلقي بظلاله الدلالية على المعنى العلمي المجرد في الدرس اللساني الحديث "فالمصطلح يتشكل مع نمو الاهتمام في أبواب العلم وبالاحتكاك الثقافي ومن علماء العرب المحدثين الذي استعمل مصطلح "المعنى" الدكتور تمام حسان إذ يقول، في سياق حديثه عن العلاقة بين الرمز والدلالة: "ولبيان ذلك نشير إلى تقسيم السيميائيين للعلاقة بين الرمز والمعنى إلى علاقة طبيعية وعلاقة عرفية وعلاقة ذهنية." وفي مقام آخر يستعمل الكاتب نفسه مصطلحي الدال والمدلول في حديثه عن العلاقة الطبيعية بين الرمز الأدبي ومعناه إذ يقول: "وهناك طريقة أخرى للكشف عن هذه الرموز الطبيعية في الأدب الطريقة هي عزل الدال عن المدلول أو الشكل عن المضمون، ثم النظر إلى تأثير الدال في النفس بعد ذلك". وقد آثر لغويون آخرون استعمال مصطلح "الدلالة" مقابلاً للمصطلح الأجنبي: "لأنه يعين على اشتقاقات فرعية مرنة نجدها في مادة (الدلالة: – الدال- المدلول- المدلولات- الدلالات- الدلالي)" لقد أورد القرآن الكريم صيغة "دلّ" بمختلف مشتقاتها في مواضع سبعة تشترك في إبراز الإطار اللغوي المفهومي لهذه الصيغة، وهي تعني الإشارة إلى الشيء أو الذات سواء أكان ذلك تجريداً أم حساً ويترتب على ذلك وجود طرفين: طرف دال وطرف مدلول يقول تعالى في سورة "الأعراف" حكاية عن غواية الشيطان لآدم وزوجه: "فدلاّهما بغرور" فهاتان الآيتان تشيران بشكل بارز إلى الفعل الدلالي المرتكز على وجود باث يحمل رسالة ذات دلالة. ومتقبل يتلقى الرسالة ويستوعبها وهذا هو جوهر العملية الإبلاغية التي تنشدها اللسانيات الحديثة، فإذا تم الاتصال الإبلاغي فواضح أن القناة التواصلية سليمة بين الباث والمتقبل. وتبرز العلاقة الرمزية بين الدال والمدلول- قطبي الفعل الدلالي- في قوله تعالى من سورة الفرقان: "ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكناً ثم جعلنا الشمس عليه دليلاً". فتعيين طرفي الفعل الدلالي كما تحدده الآية، ضروري لإيضاح المعنى؛ فالدابة وأكلُها العصا دال، وهيئة سليمان وهو ميت مدلول، فلولا وجود "الأرضة" (الدال) لما كان هناك معرفة موت سليمان- عليه السلام- (دال عليه)، ومن السورة السابقة ورد قوله تعالى: "وقال الذين كفروا هل ندلّكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد. فهذه الآية تؤكد على ضرورة وجود إطار للفعل الدلالي، عناصره الدال والمدلول والرسالة الدلالية التي تخضع لقواعد معينة، تشرف على حفظ خط التواصل الدلالي بين المتخاطبين، وإلى المفهوم اللغوي ذاته يشير قوله تعالى على لسان أخت موسى عليه السلام: "إذ تمشي أختك فتقول هل أدلّكم على من يكفله فرجعناك إلى أمك كي تقرّ عينها ولا تحزن." الصورة المعجمية لأي لفظ في اللغة العربية تمثل المرجعية الأولى لهذا اللفظ في القاموس الخطابي، باعتبار دلالته الأولى "فالحالة المعجمية للألفاظ تمثل الصورة الأساسية لمحيطها . وكتاب القرآن الكريم، يمثل ذروة ما وصل إليه الخطاب اللغوي القديم من فصاحة اللغة وجودة التعبير والدلالة، فلو تتبعنا لفظ "دل"، وما صيغ منه، في معاجم اللغة المعروفة، لألفينا دلالته لا تبتعد عن ذلك المجال الذي رسمه القرآن الكريم، فيورد ابن منظور قوله حول معاني لفظ دل: "الدليل ما يستدل به، والدليل الدال. وقد دله على الطريق يدله دلالة (بفتح الدال أو كسرها أو ضمها) والفتح أعلى، وأنشد أبو عبيد: إني امرؤ بالطرق ذو دلالات. والدليل والدليلي الذي يدلك". ويسوق ابن منظور قول سيبويه وعلي- كرم الله وجهه- وقد تضمن قولهما لفظ "دل" يقول سيبويه: "والدليلي علمه بالدلالة ورسوخه فيها". وفي حديث علي- رضي الله عنه- في صفة الصحابة: "ويخرجون من عنده أدلة" وهو جمع دليل أي بما قد علموا فيدلون عليه الناس يعني: يخرجون من عنده فقهاء، فجعلهم أنفسهم أدلة، مبالغة." إن ابن منظور- بما جمع من أمثلة- يرسم الإطار المعجمي للفظ "دل" محدداً المعنى الحقيقي الذي ينحصر في دلالة الإرشاد أو العلم بالطريق الذي يدل الناس ويهديهم. وهذا التصور للدلالة، لا يختلف عن التصور الحديث مما يعني أن المصطلح العلمي (الدلالة) يستوحي معناه من تلك الصورة المعجمية التي نجدها في أساليب الخطاب اللغوي القديم. وبهذا الشرح يؤكد الفيروز أبادي ما نص عليه ابن منظور من أن الأصل اللغوي للفظ "دل" يعني هدى وسدد وأرشد. ولكن إذا كان المعجم لا يفي بالغرض في نقل دلالة اللفظ التي تشعب بها الخطاب اللغوي الحديث، فإن إيراد المعنى المركزي هو الذي يعين على مجموعة الحالات الجزئية التي تتباين وتتغاير بعدد السياقات التي تحل فيها ، وعلى ذلك فإن الدراسات المعجمية- كما قام بها علماء المعجم- لا يمكن إغفالها أو إسقاطها من الجهود الدلالية العربية- ويبقى السياق المحدد الرئيسي لدلالة اللفظ المتجددة، إذ ذهب بعض العلماء إلى التأكيد أن معنى الكلمة هو مجموع استعمالاتها المختلفة في السياقات المتعددة، "وعلى العموم فإن معاني (دلالات) الكلمات هي نتائج لا يتوصل إليها إلا من خلال تفاعل الإمكانيات التفسيرية لكامل الكلام كما يرى إمبسون." هذا التحديد اللغوي للفظ "دل" كما جاء به الفيروز آبادي ينطوي على جملة من المعطيات اللغوية، يفسرها الدرس اللساني والدلالي الحديث ويحدد أبعادها المعرفية. ما لك يا أعور لا تندل
وكيف يندل امرؤ وعثول
ومما يستدرك عليه الدليل ما يستدل به، وأيضاً الدال وقيل هو المرشد وما به الإرشاد، الجمع أدلة وأدلاء، قول الشاعر: شدوا المطي على دليل دائب
من أهل كاظمة بسيف البحر
أي على دلالة دليل كأنه قال معتمدين على دليل… قال ابن الأعرابي: دل فلان إذا هدى وتجمع قواميس اللغة على أن الدلالة، تعني الهدي والإرشاد، فدله على الشيء وعليه أرشده وهداه. أولاً: الدلالة في تعريفات علماء العرب القدامى إن الأسس النظرية التي انبنى عليها المصطلح العلمي القديم نشأت في رحاب الدرس الفقهي، الذي يتوخى فهم كتاب الله واستنباط الأحكام منه، ولذلك نجد مختلف علوم التراث المعرفي العربي تشترك- إلى حد بعيد- في أدوات البحث ومصطلحاته العلمية، ولا أدل على ذلك أن ظهر فرع من علوم العربية أطلق عليه مصطلح "فقه اللغة" على غرار فقه الشرع، كما استخدم اللغويون القدامى مصطلحات هي من لوازم الفقه الشرعي نذكر منها: مصطلح القياس والسماع والإجماع واستصحاب الحال والاستحسان وما إلى ذلك، ولم يشذ الدرس الدلالي في التراث العربي عن هذه الأسس النظرية باعتباره كان يدور في فلك العلوم التي كانت تهدف إلى فهم كتاب القرآن، بتذليل معانيه واستنباط دلالاته، واقتباس سننه في الإنشاء والتعبير. ويمكن أن نلمس هذا الاهتمام بالدلالة- لدى المتقدمين من العلماء العرب- في ميادين مختلفة من المعارف والعلوم كالمنطق والفلسفة، وأصول الفقه، والتاريخ، والنقد، وبناء على هذه العلوم سنبين تعريفات للدلالة عند كل من: أبي نصر الفرابي (ت 339هـ)، والإمام أبي حامد الغزالي (ت 505هـ)، وعبد الرحمن بن خلدون (ت 808هـ)، والشريف الجرجاني (ت816هـ)، واختيارنا لهؤلاء الأعلام ارتكز أساساً على عدة اعتبارات كان أهمها وضوح الاهتمام بالتنظير الدلالي الذي يبدو بارزاً في مؤلفات هؤلاء العلماء، وسنقتصر على تقديم ماهية الدلالة عند علماء العرب القدامى تقديماً موجزاً بالقدر الذي يبرز مفاهيمها وتعريفاتها، ذلك أن دراسة الدلالة في التراث العربي القديم بكيفية مفصلة سيشتمل عليه الفصل الأول من المدخل التطبيقي الذي يحمل عنوان: جهود العرب القدامى في الدراسة الدلالية.. لقد اقترن اسم الفرابي في التراث العربي بميدانين من ميادين الثقافة الإسلامية وهما: ميدان علم المنطق وميدان علم الفلسفة، وصلة هذين الميدانين بعلوم اللغة لا تخفى على أي مطلع ودارس للتراث المعرفي العربي، فالفرابي كان يرى ضرورة الأخذ بعلوم العربية وقوانينها وسننها في التعبير والخطاب، لأنها أدوات أساسية في البحث المنطقي والفلسفي، واهتمام الفرابي بعلوم العربية يستشف من خلال مؤلفاته في المنطق والفلسفة، ولا نكاد نعثر عنده على تنظير للدلالة ومتعلقاتها، إلا بقدر ما له ارتباط بهذين العلمين، ومن جملة المسائل الدلالية التي بحثها الفرابي ما يلي: اهتم الفرابي اهتماماً بالغاً بالألفاظ، فصنفها إلى تصنيفات عدة، بل إنه وضع لها علماً خاصاً سماه "علم الألفاظ" الذي عده من فروع علوم اللسان التي قسمها إلى سبعة أقسام وهي: "علم الألفاظ المفردة وعلم الألفاظ المركبة، وعلم قوانين الألفاظ عندما تكون مفردة، وقوانين الألفاظ عندما تركب وقوانين تصحيح الكتابة، وقوانين تصحيح القراءة، وقوانين الشعر." ودراسة الفرابي للألفاظ لا يمكن تصورها بمعزل عن الدلالة، فلا وجود لألفاظ فارغة الدلالة في علمي المنطق والفلسفة، إنما الألفاظ ودلالاتها وجهان لعملة واحدة، مما سيسمح ذلك في القرون المتأخرة إلى إبراز جملة من العلاقات الدلالية الناتجة عن اتحاد الدال بمدلوله، وهو ما ظهر جلياً في العصر الحديث في مباحث دسوسير الذي وضع مصطلح الدليل اللساني (le signe linguistique) على اتحاد اللفظ بالمعنى، قطبي الفعل الدلالي. فأقسام الألفاظ باعتبار دلالتها تنتظم في قسمين، ألفاظ مفردة ذات دلالة مفردة، ومعيار اللفظ المفرد هو ما يدل جزؤه على جزء معناه، فدلالته قابلة للتجزئة، أما قسم الألفاظ المركبة ذات الدلالة المفردة فهي على نقيض الألفاظ المفردة، إذ هي غير قابلة لأن تتجزأ دلالتها، وتعرف بأنها ما لا يدل جزؤه على جزء معناه، يقدم ابن سينا تمثيلاً لذلك بقوله: "اللفظ المفرد: هو الذي لا يراد بالجزء منه دلالة أصلاً حين هو جزؤه مثل تسميتك إنساناً بعبد الله فإنك حين تدل بهذا على ذاته، لا على صفته من كونه "عبد الله" فلست تريد بقولك "عبد" شيئاً أصلاً. فكيف إذا سميته بـ"عيسى"؟ بلى، في موضع آخر تقول "عبد الله" وتعني بـ"عبد" شيئاً، وحينئذ يكون "عبد الله" نعتاً له، لا اسماً وهو مركب لا مفرد". ولم يخرج تقسيم ابن سينا للألفاظ عما وضعه الفرابي قبله في كتابه "في المنطق". لقد قسم الفرابي الألفاظ الدالة إلى ثلاثة أقسام: الاسم والفعل والأداة. وإذا كانت دلالة الاسم والفعل واضحة، فإن دلالة الأداة قد يكتنفها غموض، يشرح الفرابي في كتابه "الحروف" هذه المسألة ويفيض البحث فيها، ففي مقام حصره لاستخدامات الحرف "ما" يقول: "يستعمل [ما] في السؤال عن شيء ما مفرد، وقد يقرن باللفظ المفرد والذي للدلالة عليه أولاً وهو الشيء الذي جعل ذلك اللفظ دالاً عليه". فالحروف ليست لها دلالة في ذاتها إنما قيمتها الدلالية فيما تشير إليه، واللفظ لا يدل على ذاته إنما يدل على المحتوى الفكري الذي في الذهن، وفي هذا الإطار يشرح الفرابي استعمالات لفظ "موجود" فيقول: "الموجود لفظ مشترك يقال على جميع المقولات والأفضل أن يقال إنه اسم لجنس من الأجناس العالية على أنه ليست له دلالة في ذاته." ج-الدلالة محتواه في النفس: إن العلاقة التي تربط الدال بمدلوله في علم المنطق، لا يمكن أن تترك دون قواعد أو قوانين، لأن علم المنطق يهدف إلى عقلنة الأفكار بإخضاعها إلى قوانين تنتظم في إطارها، ولهذا يطلق الفرابي على المعاني أو الدلالات مصطلح منطقي هو "المعقولات" التي يكون محلها النفس التي يتم فيها تصحيح المفاهيم برؤية منطقية، يقول الفرابي في ذلك: "وأما موضوعات المنطق وهي التي تعطي القوانين فهي المعقولات، من حيث تدل عليها الألفاظ، والألفاظ من حيث هي دالة على المعقولات وذلك أن الرأي إنما نصححه عند أنفسنا بأن نفكر ونروّي ونقيم في أنفسنا أموراً ومعقولات شأنها أن تصحح ذلك الرأي." فالنظرية الدلالية عند الفرابي، لا تخرج عن إطار علاقة الألفاظ بالمعاني ضمن القوانين المنطقية، ويمكن أن نجمل تعريف الفرابي لعلم الدلالة بأنه الدراسة التي تنتظم وتتناول الألفاظ ومدلولاتها، وتتبع سنن الخطاب والتعبير لتقنينه وتقعيده. إن مفهوم الدلالة عند الغزالي ينبغي أن ينظر إليه من زاوية الثقافة الأصولية، ذلك أن الأحكام التي استنبطها من القرآن الكريم- خاصة- استند فيها على أسس نظرية نجدها بشكل واضح في كتابه "المستصفى من علم الأصول". وتعود هذه الأسس أصلاً إلى فهم عميق للدلالة، "وإن كانت وضعت لتطبق في فهم النصوص الشرعية، ولكنها تطبق أيضاً في معاني أي نص غير شرعي ما دام مصوغاً في لغة عربية" والتفسير الدلالي الذي توصل إليه الغزالي، يدل على أن هذا العالم الفيلسوف قد تجاوز البحث عن ماهية الدلالة إلى البحث عن جوهر الدلالة وفروعها، فبنظرة مقتضبة إلى بعض نصوصه في كتابه المشار إليه آنفاً، تجده يذكر أصنافاً لمعان قد حددها علماء الدلالة المحدثون كالمعنى الإرشادي أو الإيمائي، والمعنى الاتساعي، والمعنى السياقي، وإن كان الغزالي يسميها بمصطلحات أصولية وهي على الترتيب دلالة الإشارة ودلالة الاقتضاء وفحوى الخطاب، وكل دلالة عند الغزالي قد تنقسم إلى دلالات فرعية يقول معرفاً دلالة الاقتضاء، بأنها هي التي لا يدل عليها اللفظ ولا يكون منطوقاً بها ولكن تكون من ضرورة اللفظ. وكيف تكون دلالة الاقتضاء من ضرورة اللفظ يا ترى؟ يوضح ذلك الغزالي بقوله: "أما من حيث لا يمكن كون المتكلم صادقاً إلا به، أو من حيث يمتنع وجود الملفوظ شرعاً إلا به أو من حيث يمتنع ثبوته عقلاً إلا به". إن إدراك دلالة الاقتضاء تتم إما باعتبار طبيعة حال المتكلم فهي بناء على ذلك طبيعية لا يكون المتكلم عندها إلا صادقاً وإما باعتبار طريق العقل فالدلالة إذن عقلية منطقية. من ذلك النظام الإشاري، والنظام النبري "فوق المقطعي"، والنظام الإيحائي، والنظام السياقي، ونظام المقام أو الحال، يقول الغزالي محدداً بعض هذه الأنظمة الدلالية في سياق تعريفه لدلالة الإشارة: "وهي [أي دلالة الإشارة] ما يؤخذ من إشارة اللفظ لا من اللفظ ونعني به ما يتبع اللفظ من غير تجريد قصد إليه، فكما أن المتكلم قد يفهم بإشارته وحركته في أثناء كلامه ما لا يدل عليه نفس اللفظ فيسمى إشارة فكذلك قد يتبع اللفظ ما لم يقصد به …وهذا ما قد يسمى إيماء وإشارة." أما النظام السياقي الذي يشرف على تحميل الصيغة دلالات إضافية، عدها الدرس الدلالي الحديث دلالات أساسية، يقدمه الغزالي بقوله أنه فهم غير المنطوق به من المنطوق بدلالة سياق الكلام ومقصوده." إن هذه التصنيفات للدلالة التي حددها الغزالي، تمثل وعياً عميقاً صحب فكر هذا العالم، ومكنه من أن يسهم في تأسيس الفكر النظري في مجال الدلالة. وهذه الإسهامات العلمية، لن تقدر حق قدرها ما لم ينظر إليها بمنظار "المعرفة" التي تأسس وفقها تراث القرن الخامس والسادس الهجريين، وقد أبان الغزالي على نحو علمي راق علاقات الألفاظ بالمعاني، ولم يخرج عن تلك المحددة قبلاً عند العلماء، وهي علاقة المطابقة وعلاقة التضامن وعلاقة الالتزام أو الاستتباع. كما بحث الغزالي قسم الألفاظ من حيث إفرادها وتركيبها وأحصى في ذلك ثلاثة أقسام: ألفاظ مفردة وألفاظ مركبة ناقصة، وألفاظ مركبة تامة، فاللفظ المفرد عند الغزالي، لا يخرج عن تصور من سبقه من العلماء خاصة الفرابي وابن سينا يقول الغزالي: "المفرد وهو الذي لا يراد بالجزء منه دلالة على شيء أصلاً حين هو جزؤه كقولك عيسى وإنسان، فإن جزئي عيسى وهما "عي وسا" وجزئي إنسان وهما "إن وسان" ما يراد بشيء منهما الدلالة على شيء أصلاً أما المركب فهو الذي يدل كل جزء فيه على معنى، والمجموع يدل دلالة تامة بحيث يصح السكوت عليه من ذلك قولهم: زيد يمشي والناطق حيوان أما قولهم: في الدار أو الإنسان في، مركب ناقص لأنه مركب من اسم وأداة وما يلاحظ في تقسيمات الفرابي وابن سينا والغزالي للألفاظ باعتبار الإفراد والتركيب، هو إسنادهم في ذلك كله على القصد والإرادة، فإن أريد بمركب اسمي أو فعلي دلالة مفردة، كانت تلك الدلالة، وإن أريد بهما غير تلك الدلالة لم تكن. وإن تتبعنا تقسيمات الغزالي للألفاظ، لألفيناها تتعدد لتعطي ذلك المفهوم العام الذي استقر لدى هذا العالم حول الدلالة وفروعها ومتعلقاتها، ويمكن أن يشير في هذا المجال إلى تقسيمه للألفاظ باعتبار الكلي والجزئي، وعموم المعنى وخصوصه، كما أقام تقسيمات للألفاظ باعتبار نسبتها إلى المعاني وحدد أربعة أصناف يقول: "اعلم أن الألفاظ من المعاني على أربعة منازل: المشتركة والمتواطئة والمترادفة والمتزايلة." ويشرح الغزالي على نحو تفصيلي مرتب، العلاقة بين الصور المحفوظة في الذاكرة للمدلولات المادية والمجردة، والألفاظ والكتابة التي هي أدوات دالة فيقول: "اعلم أن المراتب فيما نقصده أربع واللفظ في الرتبة الثالثة، فإن للشيء وجوداً في الأعيان ثم في الأذهان ثم في الألفاظ ثم في الكتابة، فالكتابة دالة على اللفظ، واللفظ دال على المعنى الذي في النفس، والذي في النفس هو مثال الموجود في الأعيان." وعلى هذا الأساس وبحسب تقسيمات الغزالي -فالكتابة دال فقط باعتبارها واسطة تمثيل للملفوظ فهي إشارة لإشارة كما يقول (جاك دريدا -اللفظ دال باعتبار ومدلول باعتبار آخر. بعلوم المسلمين، وظاهر ذلك من المقدمة المنطقية التي صدّر بها كتابه "المستصفى" وذكر فيها أن من لا يحيط بالمنطق ومعاني اللغة وأسرارها لاثقة بعلومه قطعاً. لا نكاد نعثر لابن خلدون عن تعريف بيّن للدلالة، وإنما باستقراء نصوص "مقدمته" نجد دراسات في الدلالة قد تجاوزت- بلا شك- الماهية إلى البحث العميق عن جوهر الدلالة وطرق تأديتها، واضحة من غير لبس يقول موضحاً ذلك وشارحاً: "واعلم بأن الخط بيان عن القول والكلام، كما أن القول والكلام بيان عما في النفس والضمير من المعاني، فلا بد لكل منهما أن يكون واضح الدلالة." ([2]) المرجع السابق، ص19. ([3]) الرواقيون (stoiciens) ينتسبون إلى ريتون القيسيوني (ت244ق.م) ربطوا المسائل اللغوية بالفلسفة. ([4]) زبير دراقي محاضرات في اللسانيات العامة والتاريخية، ص25. ([5]) فنون التعقيد وعلوم الألسنية: ص26. ([6]) علم الدلالة عند العرب، ص5. ([7]) المرجع السابق، ص5. ([8]) فايز الداية، علم الدلالة العربي، ص6. ([9])Les grands courrants de la linguistique moderne. Le roy Maurice- p.46. ([10]) تأليف ستيفن أولمن، دور الكلمة في اللغة، مقدمة، ص6. ([11]) د. عبد السلام المسدي، اللسانيات وأسسها المعرفية. ص 104 ([12]) المرجع السابق، ص161. ([13]) سالم شاكر، مدخل إلى علم الدلالة، ترجمة محمد يحباتين، ص28. ([14]) التوزيعية: نظرية تزعمها العالم اللغوي الأمريكي بلومفيلد وهي نظرية عامة للألسنية ترى أن اللغة تتألف من إشارات معبرة تتدرج جميعاً ضمن نظام اللغة لمنطق يكون التعبير على مستويات مختلفة والجملة تحمل إلى مؤلفاتها المباشرة بواسطة قواعد التوزيع والتعويض والاستبدال. ([15]) د.عبد السلام المسدي، اللسانيات وأسسها المعرفية، ص81. ([16]) المرجع السابق، ص168. ([17]) ريمون طحان، دينر بيطار، فنون التقعيد وعلوم الألسنية، ص92. ([18]) د.ميشال زكريا، انظر الألسنية (علم اللغة الحديث): ص232-233. ([19]) فنون التقعيد وعلوم الألسنية، ص105. ([20]) عبد السلام المسدي، اللسانيات وأسسها المعرفية، ص41. ([21]) فايز الداية، علم الدلالة العربي: ص77. ([22]) السيد شريف الجرجاني، التعريفات، ص215. ([23]) تمام حسان، الأصول، ص318. ([24]) المرجع السابق، ص321. ([25]) فايز الداية، علم الدلالة العربي، ص9. ([26]) الآية رقم 22، انظر تفسير القرطبي: الجامع لأحكام القرآن، ج13، ص37. ([27]) سورة القصص: الآية 12، انظر تفسير الكشاف للإمام الزمخشري، ج4، ص217. ([28]) الآية: 120، انظر تفسير ابن كثير، ج4، ص542. ([29]) الآية: 45، انظر تفسير الكشاف للإمام الزمخشري، ج4، ص120. ([30]) الآية: 14، انظر تفسير الكشاف للإمام الزمخشري، ج5، ص62. ([31]) الآية: 7، انظر تفسير القرطبي: الجامع لأحكام القرآن. ([32]) سورة طه: الآية 40، انظر تفسير ابن كثير، ج4، ص506. ([33]) عبد القاهر غذامي الفهري، اللسانيات واللغة العربية، ص370. ([34]) فايز الداية، علم الدلالة العربي، ص41. ([35]) ابن منظور، انظر لسان العرب، ص394-395. ([36]) القاموس المحيط، ج3، ص377. ([37]) فايز الداية، علم الدلالة العربي، ص204-205. ([38]) المرجع السابق، ص217. ([39]) المرجع نفسه، ص223. ([40]) الزبيدي، تاج العروس، ج7، ص324-325. ([41]) أول مؤلف حمل عنوان فقه اللغة هو كتاب الصاحبي في فقه اللغة وسنن العرب في كلامها لابن فارس. ([42]) ريمون طحان، دينر بيطار ضحاك، فنون التقعيد وعلوم الألسنية، ص26. ([43]) الفرابي، إحصاء العلوم، ص159. ([44]) الفرابي، العبارة، كتاب في المنطق، ص74. ([45]) الإشارات والتنبيهات، ج1، ص191. ([46]) الحروف، ص166. ([47]) المصدر السابق، ص115. ([48]) إحصاء العلوم، ص167. ([49]) عبد القادر عودة، التشريع الجنائي الإسلامي، ج1، ص156. ([50]) المستصفى من علم الأصول، ص187. ([51]) المصدر السابق، نفس الصفحة. ([52]) عبد السلام المسدي، اللسانيات وأسسها المعرفية. ([53]) المستصفى من علم الأصول، ج2، ص188. ([54]) المصدر السابق، ج2، ص190. ([55]) معيار العلم في المنطق، ص42-43. ([56]) المصدر السابق: ص49. ([57]) المصدر نفسه، ص49-50. ([58]) المصدر نفسه، ص52. المشتركة: (المشترك اللفظي)، المتواطئة: أعيان متعددة بمعنى واحد مشترك بينها كدلالة اسم الحيوان على الفرس والطير والأسد، والمترادفة: (المترادف)، المتزايلة: هي الأسماء المتباينة التي ليست بينها شيء من هذه النسب. ([59]) المصدر نفسه، ص46-47. ([60]) الكتابة جاءت لتملأ فراغاً لتكون امتداداً للملفوظ خاصة إذا وجدت لغات لا يمكن إلا أن تكون مكتوبة ولا نستطيع تجريدها بالمنطق كما هو شأن لغة الجبر في الرياضيات، انظر ذلك في كتاب: De La Grammatologie jaque derrida (p 429) ([61]) محمود سامي النشار، منهج البحث عند مفكري الإسلام، ص90. ([62]) المقدمة، ج2، ص509.
|
رد: ((كل ما يخص علم الدلالة هنا))
على الاقل كلمة شكر
|
رد: ((كل ما يخص علم الدلالة هنا))
شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ااااااااااااا
|
رد: ((كل ما يخص علم الدلالة هنا))
سلمت يداك و جزاك الله كل خير
|
رد: ((كل ما يخص علم الدلالة هنا))
بارك الله فيك و جزاك الجنان
|
رد: ((كل ما يخص علم الدلالة هنا))
شكرا على المجهود لكن اريد انواع الاشتقاق فيعلم الدلالىة لو سمحت الرد
|