يعتبر علماء التغذية و الأطباء أشهر الحمل التسعة شهور طوارئ تستوجب الاستنفار و المراقبة الجدية، كما تتطلب منهم كل عناية و رعاية ممكنة.
و من ضمن هذه الأخطار التي يسلط علماء التغذية و الأطباء عليها الضوء، مشكلة في نظرهم لا تقل أهميتها عن سابقاتها، ألا و هي مشكلة السمنة عند الحامل؛ لأن مرحلة الحمل بحد ذاتها حجة المرأة الوحيدة و المبرر الوحيد لتسمن، و تسمن ما أمكنها إلى ذلك سبيلا. و ذلك ليس لأن الحمل يفرض على المرأة أن تكون بدينة و أنها هي التي تفرض البدانة على نفسها و تستدعيها، أما عن الحاجة إلى الأكل بسبب الوحام، و إما لأن أهلها و معارفها لم يتوقفوا عن نصحها بأن تعرف حين تأكل أنها إنما تفعل ذلك لتغذية جسدين و روحين.
الوحام حالة خارجية إيحائية:
يقول الطبيب النسائي الفرنسي المشهور «فيليب بودون» إن ما يسمى عند عامة الناس وحاما ندعوه نحن انطلاق الشهية عند الحامل، و لسنا هنا لنختلف على التسمية و إنما على الأسلوب في مواجهة تلك الحالة. فالوحام عبارة عن اشتهاء المرأة لأنواع معينة من الطعام، تتزايد الرغبة فيها إذا كانت الحامل تحبها سابقا، أو أنها ترغب بها بعد أن كانت قبل فترة الحمل تمجها و تنفر منها. قد يكون الوحام حالة نفسية عند بعض النساء؛ حيث يقبلن على التهام مواد غذائية غير مغذية و غريبة بعض الشيء عن المألوف مثل الصابون و القشور…
و قد تعود هذه الفترة الإيحائية إلى سن الطفولة و الصبا، حيث تختزن الفتاة في عقلها كل أمر يتعلق بالزواج و توابعه. و منها حالة الوحام، و ضرورة تناول الطعام بكثرة، لأن ذلك الفم الواحد إنما يمضغ لاثنين و تلك المعدة عليها أن تهضم لاثنين، متناسية أن ذلك المجهول الآخر يمضي أشهرا بعد ولادته يتغذى من حليب أمه مقادير متقطعة و قليلة. و في حالة عدم توافر الغذاء في ثديها يكتفي بخمس رضعات صغيرة من الحليب الدافئ المعقم. و تنسى أيضا أنه بتلك الكمية يكبر، و تشتد قامته، و بفضلها يصبح قادرا على تناول الأطعمة الطرية ثم الصلبة. و لهذا نجد أن الدكتور بودون يسانده علماء التغذية في التركيز على الثقافة الغذائية لكل امرأة حامل، و ذلك لتتعرف على أنواع الطعام التي تفيد في تغذيتها و تغذية جنينها، تحت شعار "اعرفي ماذا تأكلين"، و هذا يعني أن توجه الحامل جل اهتمامها إلى الأصناف الغنية بالمواد الأساسية مثل البروتينات و الفيتامينات و المعادن، عن طريق إعداد خطة غذائية أسبوعية مدروسة؛ ذلك لأن الحامل لا تجني من وراء مضاعفة كمية طعامها سوى البدانة، فبعد تسعة أشهر من الأكل المتواصل و المضاعف تجد الحامل نفسها امرأة سمينة مريضة و ثقيلة الحركة، و في غرفة الولادة تجد نفسها تواجه آلاما جسدية حادة لعسر في ولادتها سببته الزيادة المفتعلة في وزنها. و هنا أكثر الأسس الغذائية أهمية لطعام الحامل:
أولا:
حاجة الحامل إلى المواد الزلالية تزداد، و لذا يجب مضاعفتها لأنها تعمل على تقوية عضلات الرحم و تساعد في تكوين الجنين، كما أن النقص في هذه المواد قد يعرض الحامل إلى المرض، و قد يزيل عنها المناعة التي كانت تتحصن بها قبل الحمل ضد الرشوحات و النزلات الصدرية و سواها.
ثانيا:
يعتبر الكالسيوم و الفوسفور من العناصر الأساسية جدا للحامل، لأنهما يمدان رئتيها بقوة تحتاجها، كما أنهما ينقذان أسنانها من التلف و التسوس، إضافة إلى ذلك فهما يساعدان الجنين على تكوين عظامه و صلابتها، و في حال نقصهما يتعرض الطفل لمرض الكساح بعد الولادة، كما تتأخر أسنانه بالظهور. و لعل الحليب و اللبن الرائب و مشتقاتهما من لبنة و أجبان هي ينبوع تلك المادتين المهمتين (الكالسيوم و الفوسفور) اللتين تتوفران أيضا في الخضر و البيض و الكبد و الفاصولياء و كذلك الكلية.
ثالثا:
من المعادن الثرية بالقوة أيضا، الحديد. و هو يتوفر في بعض أنواع الخضار كالسبانخ و السلق كما يتوفر في الكبد. و تحتاج الحامل إلى تناول كمية كبيرة من الحديد في الأشهر الأخيرة من حملها.
رابعا:
إن الفيتامينات على أنواعها يجب أن تكون مدرجة في غذاء الحامل، و لذا فإن عليها معرفة مكامن كل فيتامين و أين تجده كذلك إلى جانب معرفة كمية ما تحتاجه منه و لو معرفة نسبية؛ لأن هذه المعرفة تسهل عليها و ضع نظامها الغذائي بنفسها، مما يترك لها حرية الاختيار، فمثلا عليها أن تعرف أن حاجتها للفيتامينات (a) و (b) و (c) و (d) هي حاجة كبيرة، و لذا فإن غذاءها يجب ألا يخلو من أحدها.
فيتامين (a):
يمكن للحامل أن تأخذ حاجتها منه إذا ما تضمن غذاؤها الجزر نيئا و مبشورا و مسلوقا. أو على شكل عصير، و تكمن أهميته في كونه يبعد حمى النفاس كما يحفظ للحامل نشاطها و قوة بصرها.
فيتامين (b):
يتوفر في الخبز الأسمر و كذلك في القمح المسلوق و يتوفر أيضا في الفاكهة على أنواعها، و يجب أن تأخذه بوفرة و بانتظام؛ فمن أخطار نقصانه عند الحامل أنه يؤدي إلى عسر الولادة بسبب ضعف عضلات الرحم و برودة تقلصاتها و كلنا نعلم أن هذه التقلصات هي التي تؤدي إلى الطلق و من ثم الولادة.
فيتامين(c):
و هو لحسن الحظ من الفيتامينات التي تتواجد بكثرة في خضارنا و فاكهتنا، و لكي تستفيد منه الحامل عليها أن تركز على تناول الطماطم النيئة و تكثر من أكل البرتقال و السلطات، ذلك لأن هذا الفيتامين يحول دون تعرض الحامل للنزيف الدموي أثناء الحمل و بعد الولادة كما يمنع حدوث الالتهابات في الأغشية المخاطية و يجب الانتباه أيضا إلى كمية الملح التي تضيفها الحامل إلى غذائها و التي يجب ألا تتجاوز 6 غرامات يوميا
-
الأطعمة المجففة و الأطعمة السكرية على أنواعها.
-
اللحوم المقددة.
-
الأسماك المجففة و الأسماك المقلية و الأسماك المملحة.
-
البصل ما لم تنزع عنه قشرته الشفافة.
-
البهارات على أنواعها.
-
الحوامض و المشروبات الغازية و المرطبات.
-
المشروبات الكحولية.
-
الحلويات، إلا بحذر شديد و في المناسبات القليلة.
-
الشاي و القهوة فلا يجوز أن تشرب الحامل أكثر من فنجانين في اليوم من القهوة و الشاي. و يمكنها تعويضهما بشرب الحليب الذي تحتاج منه إلى لترين في اليوم على الأقل(لتوفير كمية الكالسيوم اللازمة)بالإضافة إلى شرب الكثير من الماء.