التصنيفات
أخبار قطاع التربية و التعليم

هكذا ”دمّرت” الإصلاحات مستقبل 8 ملايين تلميذ

هكذا ”دمّرت” الإصلاحات مستقبل 8 ملايين تلميذ


الونشريس

تقرير ”أسود” يزلزل قطاع التربية
هكذا ”دمّرت” الإصلاحات مستقبل 8 ملايين تلميذ

النصوص في الكتب المدرسية تفوق مستوى التلاميذ وقدراتهم التعليمية
غياب معايير مقبولة خاصة لقبول المدرّس في عمليات التوظيف

المناهج التربوية لا تخدم تاريخ وخصائص وحضارة المجتمع الجزائري

يكشف تقرير حديث تم إعداده على خلفية الاستشارات الوطنية لتقييم إصلاحات قطاع التربية، عن حقائق خطيرة تسببت في تدهور النظام التربوي والتعليمي وأدت إلى تدمير مستقبل أكثر من 8 ملايين تلميذ، بحيث أضحى التسرب المدرسي منذ تطبيق تلك الإصلاحات سنة 2022 ، لا ينخفض عن 200 ألف تلميذ سنويا.

يضع التقرير الأسود الذي رفع إلى مصالح وزارة التربية، وزير القطاع عبد اللطيف بابا أحمد على المحك لتنفيذ وعوده لكي يستعيد النظام التربوي عافيته وتسترجع المدرسة الجزائرية مكانتها وهيبتها، اعتبارا لكونه صاحب الاستشارات الوطنية التي انطلقت يوم 3 فيفري الماضي وتمتد على مدار 35 يوما، لتقييم إصلاحات مهندسها علي بن زاغو وراعيها الوزير السابق أبوبكر بن بوزيد.
وجاء في التقرير، الذي بحوزة ”الخبر”، مكوّنا من 14 صفحة، كشف بـ”التفصيل”، كافة الحقائق والعوامل التي كانت سببا في تراجع مستوى الدراسة، وأتبعها باقتراحات على شكل حلول أعدّها خبراء وأساتذة عملوا في الميدان لسنوات طويلة قبل الإصلاحات، واعتبروها وقفات لإعادة النظر في شؤون التربية والتعليم لأنها تتعلق بالتنمية البشرية التي تعتبر اللبنة الأساسية في تطور الشعوب.
كثافة العديد من البرامج وإرهاق كاهل المتعلم
وقسّم معدو التقرير محاوره، حسب ما طلب منهم في الاستشارات الوطنية تحت عنوان ”تنظيم التقويم المرحلي للتعليم الإلزامي”، فكان المحور الأول يخص البرامج التعليمية من المضامين المدرسية، فكشف التقرير إلى جانب كثافة العديد من البرامج وإرهاق كاهل المتعلم، عدم تماشي بعض المناهج بما يخدم تاريخ وخصائص وحضارة وحياة المجتمع الجزائري، ما أثر سلبا على الانتماء الحضاري لجيل المتعلمين الجدد.
كما نبّه التقرير إلى أن بعض النصوص لا تحقق المقاربة النصية لدراسة بعض المفاهيم، أي لا تشتمل على الأمثلة المناسبة للبناء اللغوي، وبعضها الآخر لا يخدم الجانب الفكري والفني ولا تثير الرغبة عند التلميذ في التفاعل معها، وجزء ثالث يجهل مصدر تلك النصوص ولا صاحبها ولا المناسبة التي قيلت فيها، بينما هناك دروس تفتقد إلى التواصل في التوزيع وفي التوقيت مثل ”درس النسبة في السنة الثالثة متوسط”، فضلا عن عدم وجود الملاءمة بين المعلومات المقرّرة والتوقيت المقترح مثل دروس: (الفعل والميزان الصرفي، تصريف الصحيح بأقسامه، تصريف المعتل في السنة الأولى).
دروس العلوم الطبيعية لا تلائم قدرات التلميذ النفسية والعقلية
وفي مادة العلوم الطبيعية، أفاد التقرير أنها تتميز بكثافة البرامج خاصة برنامج السنة الأولى والرابعة متوسط، حيث قدم اقتراح وضع برنامج السنة الأولى متوسط بدل برنامج مستوى السنة الثالثة متوسط لأنّه يخدم برنامج السنة الرابعة متوسط مستقبلا، وتقديم دروس النبات عن دروس وظائف الجسم لأنها تتلاءم مع قدرات التلميذ النفسية والعقلية نظرا لسنه، فيما لم تفوّت الفرصة لفرض اقتراح تخصيص دروس حول بعض المفاهيم (التشيّع، الماسونية، الدعوة للمسيحية، الانتحار) لتحصين التلاميذ من هذه الظواهر الاجتماعية السلبية التي بدأت تغزو المجتمع الجزائري.
أمّا في اللغة الإنجليزية، فكشف التقرير أن تراجع مستوى التلاميذ في هذه اللغة سببه أنّ العديد من النصوص في الكتب المدرسية تفوق مستوى التلاميذ وقدراتهم التعليمية، وكون مضامين البرامج المدرسية مثل برنامج السنة الثالثة متوسط يفوق قدرات التلميذ وغير منسجم، بالإضافة إلى أنّ الحجم الساعي لا يلائم مضامين البرنامج، حيث اقترح زيادة ساعة رسمية، وكذا إعادة النّظر من أجل تبسيط هذه النصوص والمفاهيم وتوحيد استعمال الوسائط والوسائل التعليمية وتوفيرها حسب هيكلة المناهج والبرامج.
اختلال في دروس اللغة الفرنسية
وفي اللغة الفرنسية، لاحظ التقرير وجود نقص الاستيعاب من طرف التلاميذ، حيث يبقى العائق الذي يؤدي إلى التأخر المحقّق في المادة لعدم تواجد تنسيق بين ما يجري على مستوى الابتدائيات وما هو حاصل على مستوى المتوسطات، ما فرض عدم توفر تواصل واضح وفعال، من شأنه تحقيق نتائج مرضية، أما في ما يتعلق بالسنة الرابعة متوسط، فأشار نفس المصدر إلى اختلال في سير الدروس وعدم انسجامها مع المحاور الكبرى، وأوصى أن يكون الكتاب المدرسي القادم يتماشى مع كل المحاور المقترحة في شهادة التعليم المتوسط.
وفتح معدو التقرير النار على مسيري المنظمة التربوية فيما تعلق بتنظيم الزمن المدرسي، حيث اعتبروا أن المدة الفعلية للسنة الدراسية في النظام التربوي أقل بقليل مما هو معمول به في دول العالم، حيث إنّها تعرف تقلصا من سنة لأخرى تحت تأثير مواعيد نهاية السنة الدراسية، وهو ما يتسبب في إحداث اختلال في المدة المخصصة للتعلّمات.
وفي ظل هذا الاختلالات رفعت توصيات إلى الوزارة الوصية أبرزها، تمديد السنة الدراسية لجميع المراحل التعليمية والاحتفاظ بالأسبوع الدراسي ذي الـ5 أيام وتخفيض مدة اليوم الدراسي وتمديد فترة الغداء، لاسيما في المناطق الحضرية وتوفير أوقات لتنظيم النشاطات الثقافية والرياضية وترقية نشاط المطالعة.
إهمال المبادئ العالمية في المنظومة التربوية
كما ذكر التقرير أن هناك إهمالا شديدا للمبادئ المعتمدة بشكل واسع في الأنظمة الناجعة في العالم، ومنها تدرجية الزمن الدراسي بمراعاة مراحل نمو المتعلم وتوازن فترات الدراسة وانتظامها مع فترات الراحة ذات المدة المتوسطة ومراعاة المعطيات العالمية في مجال الوتائر المدرسية (دراسة الخصائص النمائية البدنية والنفسانية بالنظر إلى البعد الزمني) وذلك عند تنظيم الزمن الدراسي والتوزيع اليومي للتعليمات.
وألزم المصدر ذاته بضرورة الاستجابة إلى المعطيات المرتبطة بالخصوصيات وبالسياق التربوي والاجتماعي والمناخي، ولاسيما من خلال تقليص الفوارق الناجمة عن نظام سير المدارس الابتدائية في مجال التعلمات، ومراجعة تواريخ الامتحانات المدرسية التي تشكل حاليا، حسب التقرير، عامل تقليص لمدة السنة الدراسية، وضرورة تكييف الزمن الدراسي مع الخصوصيات والعوائق المناخية الجهوية والخصائص الجغرافية، فضلا على أن عدد الأسابيع المخصص لتنفيذ البرامج أو تطبيق المناهج غير كاف مقارنة بالمقاييس الدولية.
نصوص مفسّرة بكيفيات غير ملائمة ومتناقضة
وتبيّن من خلال الملاحظات اليومية للتصرفات المختلفة التي قام بها المفتشون ومديرو المؤسسات أن سلوكات سلبية تؤثر على القسم عامة وتعيق تنفيذ البرامج التعليمية خاصة. ومن جهة أخرى، فإن تنفيذ البرامج بالنظر إلى الوتائر المدرسية ينبغي أن يكون محل لقاءات وموضوع تحاليل يتضمنها مجال التكوين الأولي وأثناء الخدمة المخصّص للأساتذة ومختلف المؤطرين.
وأوضح التقرير أن تنفيذ البرامج مرهون بالوتيرة المرتبطة ”باستراتيجية التعليم” التي يعتمدها الأستاذ، وورد اعتراف بأن الأجزاء المختلفة من البرنامج التعليمي لا يمكن معالجتها بنفس الوتيرة، وأن هذه الأخيرة ترتبط أيضا بمكتسبات التلاميذ ووتيرة القسم التي تتوقف على تسييره وعلى تأثيرات المحيط الداخلي والخارجي للمؤسسة.
وتم تسجيل أن تنظيم العمل الفردي للتلميذ في المنظومة التربوية قد غيّب نوعا ما عن طريق وجود نصوص فسّرت بكيفيات غير ملائمة ومتناقضة أحيانا، وعلى سبيل المثال، ذكر التقرير، مختلف المناشير التي تضمنت دورية الفروض المنزلية وعددها، ومازال الجدل حول جدوى عمل التلميذ خارج المدرسة قائما، في الوقت الذي تثبت فيه ممارسات بعض المؤسسات المعروفة بنسب نجاحها المعتبرة في البكالوريا أن انتظام دورية الفروض المنزلية يعتبر من بين الوسائل الحاسمة في النجاح والتعلم المدرسي، شريطة إقرار هذه الدورية في إطار التنسيق وباتفاق بين الأساتذة مع مراعاة قدرات التلميذ على العمل.
عملية التوظيف عشوائية وغير مدروسة
وفي المحور الثاني تحت عنوان ” تكوين المكونين وتحسين مستواهم”، كشف التقرير أن عملية التوظيف تتم بطريقة غير مدروسة جيدا ونوعية المسابقات المقامة للتوظيف غير موحدة ومقننة خاصة في المقابلات الخاصة بذلك، وغياب معايير مقبولة من حيث الهيئة والشخصية والمعرفة والاستعداد النفسي خاصة لقبول المدرّس.
وما اتصل بالتكوين الأولي للموظفين المنتمين للأسلاك المختلفة من حيث التنظيم، فما يزال التكوين بعيدا عن المعايير العالمية، نظرا لغياب تكوين المدرسين خارج أوقات العمل، وحتى قبل الولوج إلى المهنة لاعتباره أمرا ضروريا وهاما جدا.
المضامين المدرسية لا تلبي الحاجات الأساسية للمدرسة الجزائرية
أما من ناحية المضامين فذكر التقرير أنها ناقصة ولا تلبي الحاجات الأساسية للمدرسة الجزائرية لغياب الاهتمام بعلم النفس التربوي، وعلم نفس الطفل والمراهق خاصة، وعدم إتقان المقاربة بالكفاءات، وتجاهل توحيد المعارف والمضامين في المنظومة التربوية وتدريب المدرس على تفادي حشو المعلومات.

انطلاقة مضطربة للدراسة بسبب نقص المعلمين أو البنية التحتية في المدارس، تعقبها فترات تلقي الدروس والخضوع للفروض المحروسة، وعطل مدرسية لا تلائم سير الدروس والامتحانات، ثم تأتي مرحلة الاستعدادات للامتحانات

كما نبّه التقرير في إطار تحسين مستوى المدرسين إلى عدم التركيز على التخصص وكيفية الاستفادة من تعليمية المادة على أرض الواقع، ونقص التطبيقات التكوينية الفعلية لتجسيد الفعل التربوي خاصة للمدرسين الجدد وقلة الحجم الساعي للأيام التكوينية وقلة التغطية المالية للمدرس والمؤطر، وعدم تحفيز المتكونين بشهادة تشجيع. كما لاحظ التقرير نقصا كبيرا في التأطير، وذلك بتناول موضوعات لا تفيد في الميدان التربوي التعليمي.
وفي المحور الثالث الذي تناول ظروف التمدرس وتكافؤ فرص النجاح، أشار التقرير إلى نقص كبير في قاعات الرياضة بالمؤسسات التربوية وانعدام مخابر الإعلام الآلي، ورداءة الكثير من التجهيزات والأثاث المدرسي، وانعدام النوادي الخاصة بالأساتذة خاصة في أوقات الراحة.

نقص الاستيعاب من طرف التلاميذ في اللغة الفرنسية لعدم وجود تنسيق بين ما يجري على مستوى الابتدائيات وما هو حاصل على مستوى المتوسطات

عصرنة التسيير البيداغوجي والإداري.. حبر على ورق
أمّا المحور الرابع الذي جاء تحت عنوان ”عصرنة التسيير البيداغوجي والإداري”، دعا التقرير إلى إعادة تنشيط المجالس داخل المؤسسات التربوية وخاصة المجلس التأديبي الذي فقد دوره وتسبّب ذلك في بروز ظاهرة العنف المدرسي بشكل لافت لغياب ”مشروع المؤسسة” القائم على العوامل المتعلقة بالنواحي التربوية والبيداغوجية والإدارية والاقتصادية والعائلية، ومراعاة الوظائف من حيث التسيير المالي والمادي والتوثيق والإعلام والمراقبة والتقويم والعلاقات السائدة في المؤسسة بين مختلف الأطراف، وكذا الهياكل التي تمارس فيها مختلف الوظائف كالأقسام والورشات والنوادي والمكتبة وجداول توزيع الزمن والداخلية، وهي آليات دقيقة غائبة، حسب التقرير، حيث لا يمكن للمؤسسة التربوية تحقيقها وفق الإمكانات البشرية والمالية والمادية المتاحة وصعوبة قابليتها للملاحظة والقياس، وأيضا عدم توحيد المفاهيم العلمية والعملية حول مشروع المؤسسة، لأنّ العملية مازالت غامضة، ما أدى إلى صعوبة تجسيد المشاريع على أرض الواقع، وأصبحت حبرا على ورق.

تراجع مستوى التلاميذ في اللغة الإنجليزية بسبب أنّ العديد من النصوص في الكتب المدرسية تفوق مستوى التلاميذ وقدراتهم التعليمية

تلاميذ يعيشون إكراهات واضطرابات
وفي شق تحسين الحياة المدرسية، ورد في ذات التقرير ملاحظات أبداها التلاميذ لمعلميهم في الكثير من المدارس، من خلال أنهم يعيشون سنويا انطلاقة دراسية مضطربة، بسبب إكراهات النقص في الموارد البشرية أو البنية التحتية لمؤسساتهم، تعقبها فترات تلقي الدروس والخضوع للفروض المحروسة، وعطل مدرسية لا تلائم سير الدروس والامتحانات، ثم تأتي مرحلة الاستعدادات للامتحانات، حسب مستوياتهم الدراسية، وهو ما يحول دون انخراط أغلبيتهم في الأنشطة الموازية التي نادرا ما تجد إدارة المؤسسة من يشرف عليها من جانب المدرسين أو الإداريين.
كما اقترح بعض التلاميذ أن يتم تخصيص ملف لكل واحد منهم إلى جانب دفتره الصحي (المهمل بدوره)، يتم فيه تسجيل كل ما يتعلق بالتلميذ منذ التحاقه بالقسم التحضيري، بخصوص مؤهلاته الثقافية وهواياته، ووضعه الاجتماعي والنفسي، عوض الاكتفاء بضم تقرير عن سلوكاته غير التربوية، والإنذارات والعقوبات، التي لا يتردد الإداري في تهديده بها كلما وقع نظره عليه.

عملية التوظيف تتم بطريقة غير مدروسة جيدا ونوعية مسابقات التوظيف غير موحدة ومقننة مع غياب معايير الهيئة والشخصية والمعرفة والاستعداد النفسي خاصة لقبول المدرس
المصدر صحيفة الخبر.




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.