عندما تزرع أفلام الكرتون ثقافات غريبة في أطفالنا..
مشاهد غرامية وتصرفات طائشة وعدوانية بالأقسام الابتدائية!
باتت الأفلام والرسوم المتحركة تتحول من مجرد عوامل تشتيت ومؤثرات على المحصول الدراسي، إلى أكبر سبب في انهيار أخلاق الجيل الصاعد، وذلك لما يتعرض له الطفل يوميا من لقطات ومشاهد تتنافى ومعتقداتنا، تتسبب بإجماع المختصين في القضاء على قيمه الأخلاقية، ودفعه لتقليد تصرفات تحدث خللا بشخصيته مستقبلا.
من طبيعة أي طفل أن يقلد كل شيء يعرض أمامه أو يسمعه بدون جدال بسبب فطرته الصافية، وبكل سهولة تؤثر فيه المشاهد التي يقع عليها بصره في الرسوم المتحركة، فيميل إلى تقليد الشخصيات في كل شيء، سواء في كلامها وحركاتها أو في سلوكها وتصرفاتها، فقد أضحى الطفل في مجتمعنا عرضة لتلقي قيم البلدان الغربية التي تنتجها وتسوقها أفلام الكرتون التي تعرض على أطفالنا.. بكل ما تحمله من قيم بعيدة عن عاداتنا الأصيلة.
معلمون يحتجون على بعض التصرفات الطائشة
حاورنا بعض المعلمين وسألناهم عن تصرفات تلاميذهم داخل القسم، لنفاجأ أن لدى هؤلاء الكثير مما يقال، حيث باتت بعض التصرفات الطائشة مشهدا يوميا في أقسام الابتدائيات. وفي سياق متصل أخبرنا معظمهم أن التلاميذ أصبحوا يقلدون كل ما يرونه في شاشات التلفزيون بما في ذلك الرسوم المتحركة. قفاف فريدة، معلمة بالابتدائية، أخبرتنا قائلة:”حقيقة أصبحت تصرّفات الأطفال غريبة وتدعو للوقوف عندها”، وتضيف في السياق:”لقد أصبح التلاميذ يتحدثون فيما بينهم عن العلاقات بين الجنسين ويستمدونها مما يشاهدونه على شاشة التلفزيون، فمثلا في الأسبوع الماضي تفاجأت حينما أخبرتني تلميذة عن وجود علاقة حب بين صديقتها وزميل لها يدرس بالقسم الآخر!”.
وداد لعشايبو، هي الأخرى معلمة بنفس الابتدائية، أخبرتنا أنه في كثير من الأحيان يتهامس التلاميذ بين بعضهم البعض ويتحدثون عن غراميات وعلاقات لا تتوافق مع سنّهم، ما يجعلنا نحن المعلمون نحرص على متابعتهم والتحدث إليهم بغية تصحيح أفكارهم، فبدون أدنى شك التعرّض الكبير لهذه النوعية من البرامج من طرف الأطفال من شأنه أن يغير سلوكياتهم ويطبع فيهم تصرفات غير لائقة لا تعبر عن براءتهم”.
من جهتها حدثتنا المعلمة فودي منيرة، أنها أصبحت تخشى على تلاميذها من تأثير هذه البرامج على مبادئهم، وهذا بسبب تنامي الغريزة الجنسية بعقولهم قبل الأوان. وتضيف محدثتنا أنها تحرص بصفة دورية على عرض تلاميذها على الطبيبة النفسانية التابعة للمدرسة من أجل إزالة اللبس وتصحيح بعض مفاهيمهم.
وأولياء متخوفون من تأثيرها..
خلال حديثنا مع بعض الأولياء وسؤالنا عن مدى تعرض أبنائهم لقنوات الرسوم المتحركة، كانت بدايتنا مع السيدة نوال، أخبرتنا أن ابنتيها تتابعان هذه القنوات بكثرة، وبأنهما تمضيان كل وقت فراغهما أمام شاشة التلفزيون، وأضافت قائلة:”لا أنكر أنه يقلقني احتلال هذه المسلسلات المراكز الأولى في أولويات ابنتاي، غير أنني لا أمانع في ذلك ما دامتا تمنحان وقتا كافيا للدراسة، دون التأثير على مردودهما العلمي”، وأضافت في سياق متصل أنهما تتأثران عند مشاهدتهما للقطات مخجلة بها، بل تتفاعلان معها وكأنها حقيقة لا خيال، وذلك بالإسراع في تغيير القناة فور حدوث ذلك”. السيدة حياة، أم لطفل في الثامنة من عمره، أخبرتنا أن هذا الأخير مدمن على مشاهدة الرسوم المتحركة، و الشيء الذي لاحظته هو بعض التصرفات التي بات يقوم بها، وذلك نتيجة ما يشاهده بها، والتي تتضمن بعضا من مشاهد العلاقات الغرامية، وهو ما يبعث في نفسي الخوف من تقليدها أو التأثر، لاسيما الأفلام المتحركة الأوروبية التي لا تراعي سن الطفل ولا تقاليدنا المحافظة.
أخصائيون نفسانيون يحذرون من التهاون في الأمر
لا شك أن الحكمة القائلة إن “التربية في الصغر كالنقش على الحجر” قد أثبتت كثرة التجارب صحتها وصدقها.
وخلال حديثنا مع نسيمة ميغري، المختصة في الطب النفسي، عن ظاهرة تعلق الأطفال برسوم الكرتون وأفلام الكبار كذلك، أشارت إلى أن الطفل المتعلق بهذه البرامج التلفزيونية بشكل كبير وبدون مراقبة الأهل سيشب وهو مضطرب نفسيا، غير مستقر الحالة والعقيدة”، وتضيف في سياق متصل أن هذه الرسوم والأقلام كفيلة بالسيطرة على تفكير الطفل وزعزعة كيانه ومبادئه التي يعمل أهله على ترسيخها بداخله.
وأكدت محدثتنا أن الطفل ما هو إلا صفحة بيضاء لا يستطيع التمييز بين الواقع والخيال، لذا فمن السهل جدا التأثير عليه نفسيا وخلقيا، وأفلام الكارتون التي تبث في بعض القنوات الأجنبية وحتى العربية، من شأنها غرس قيم دخيلة على مجتمعه، فيتبنّى سلوكات خارجة عن تصرفاته ويصبح غير منسجم مع المجتمع الذي ينتمي إليه، ما يحدث خللا في نموه الذهني، باعتبارها تحتل حيزا كبيرا من انشغالات الطفل، ويقضي ساعات طويلة وهو يتعرض لهذه المواد الإعلامية..
وأكدت الدكتورة نسيمة أن ما يشاهده الطفل فعليا في مضامين أفلام يرسخ أفكارا غربية متنافية مع شريعتنا الإسلامية، كالإيمان بالسـحرة والمشعوذين وتصديق بعض الأمور الأخلاقية التي تتنافى مع ما تربينا عليه، وهو الشيء الذي يؤدي إلى حصول تناقض في تفكير الطفل، بين ما نقوله له وما يشاهده، فيؤمن بالعصا السحرية ويستبيح مشاهد القبلات والعلاقات الغرامية، وهو ما ينتج عنه ارتكاب الفواحش والجرائم الجنسية مستقبلا.
كما تقوم هذه البرامج بالقضاء على الحياء في نفوسهم، وتجعل العلاقة التي يقيمونها طبيعية ولا حرج فيها بعدما استهلكوه .