كيف تتغير الفصول وما هو العامل المهم في هذا التغيير؟!
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
لماذا هناك شتاء باردٌ وصيفٌ حارٌّ وربيعٌ وخريفٌ طقسهما معتدلٌ بين برد ٍوحرٍّ؟
يعتقد البعض أنَّ السَّبب في ذلك هو اقتراب وابتعاد الأرض عن الشَّمس في مدارها الإهليجي ، لقد نسي هؤلاء أن النَّصف الجنوبي من الكرة الأرضيَّة يحدث له عكس ما يحدث للنِّصف الشَّمالي فإذا كان لدينا شتاء نحن سكان النِّصف الجنوبي لديهم صيف وإذا تغير الطقس بعد ستَّة أشهر وأصبح لدينا صيفٌ فإن النَّاس في استراليا ونيوزيلندا مثلًا يصبح عندهم شتاء وهكذا، لا أثر لاقتراب الأرض من الشَّمس أو ابتعادها؛ لأنَّ المسافة الَّتي تفصل بينهما كبيرةٌ، والفرق بين البعد والقرب قليلٌ وبالأرقام نقول أنَّ المسافة بين الأرض والشَّمس عندما تكون الأرض في أبعد نقطة عن الشَّمس هي 152 مليون كيلو متر، والمسافة عندما تكون الأرض في أقرب نقطة من الشَّمس هي 147 مليون كيلو متر، فالفرق إذًا خمسة ملايين كيلو متر، وهذه مسافة قصيرة نسبة إلى البعد الكبير عن الشَّمس ليس ذلك فحسب بل إنَّ الأرض عندما تقترب من الشَّمس وتكون في أقرب نقطةٍ أي في الحضيض يكون لدينا في نصف الكرة الشَّمالي الجو شتاء وفي منتصف الشَّتاء إذا أن الحضيض لا يحدث إلا في أحد الأربعة أيام الأولي من شهر يناير ولا تكون الشَّمس في أوجها أي أبعد نقطة عن الأرض إلا في شهر يوليو من كلِّ عامٍ وفي أحد الأيام السِّتَّة الأولى من هذا الشَّهر.
إذًا كيف تتغير الفصول وما هو العامل المهم في هذا التَّغيير؟
إنَّه ميل محور الأرض الَّذي يبلغ 23.50 درجة (ثلاث وعشرين درجة ونصف) إنَّه هو السَّبب في ذلك، إنَّ هذا الميل ثابت أي أنَّ الأرض لا تميل في الشَّتاء ثمَّ تعود لوضعها السَّابق في الصَّيف من كلِّ عامٍ، إنَّ محور الأرض الشَّمالي دائمًا يشير إلى نقطة في السَّماء قريبةٌ من النَّجم القطبي وإذا نظرنا إلى الشَّكل المرفق فإنَّنا سنرى أنَّ المحور لا يغير اتجاهه على مدار السَّنة.
وإذا أمعنَّا النَّظر في الشَّكل السَّابق سنرى أنَّ ميل محور الكرة الأرضيَّة هو الَّذي يعرض نصفها الشَّمالي مثلًا لأشعة الشَّمس إذا كانت مواجهة للشَّمس في هذا النِّصف فيحلُّ الصَّيف في النِّصف الشَّمالي حيث تكون أشعة الشَّمس عموديَّةً، وتكون درجة الحرارة في ذروتها في فصل الصِّيف، أمَّا في النِّصف الجنوبي فتسقط أشعة الشَّمس مائلةً عليه فيعمه فصل الشَّتاء، وبعد ستَّة أشهر يحدث العكس فيكون النِّصف الجنوبي هو المواجه للشَّمس فيحلُّ هناك الصَّيف وتكون الأشعة مائلةً على النِّصف الشَّمالي فيكون فيه الشَّتاء أمَّا الرَّبيع والخريف فأمرهما واضحٌ وهو انتقال الشَّمس من المواجهة لأحد النِّصفين إلى النِّصف الآخر من الكرة الأرضيَّة ويتمُّ ذلك تدريجيًّا ولذلك نلاحظ أن أول الرَّبيع باردٌ وآخره حارٌّ وأول الخريف حارٌّ وآخره باردٌ.
إنَّ الشَّمس وهي تتحرك في السَّماء نراها مرَّةً وكأنَّها عموديَّةٌ فوق رؤوسنا صيفًا، ونراها شتاءً وقد مالت ناحية الجنوب، إنَّ الشَّمس لا تقوم بهذه الحركة ولكنَّها الأرض وهي تدور حول الشَّمس في دورتها السَّنويَّة تقوم بهذه الحركة وذلك بسبب ميل محورها كما قلنا، إنَّ هذه الحركة الظَّاهرة للشَّمس تتمُّ داخل المنطقة الاستوائيَّة الَّتي تحيط بخط الاستواء لمسافة 23.5 درجة شمالًا، و23.5 درجة جنوبًا عنه، ومعنى ذلك أنَّ الشَّمس حين تكون عموديَّة على مدار السَّرطان تعود إلى الجنوب مارَّةً بخط الاستواء حتَّى تصل إلى مدار الجدي ثمَّ تعود مرَّةً أخرى إلى مدار السَّرطان مارَّة مرَّةً أخرى بخط الاستواء.
يحدث الانقلاب الصَّيفي حين تصل الشَّمس إلى مدار السَّرطان وتكون عموديَّةً عليه ويحدث الانقلاب الشُّتوي حين تكون الشَّمس عموديَّةً على مدار الجدي، أمَّا الاعتدالان فيحصلان أثناء مرور الشَّمس بين مداري السرطان والجدي ووصولهما إلى خط الاستواء، إنَّها حين تكون عموديَّةً على خط الاستواء في اتجاهها من الشَّمال إلى الجنوب يسمى الاعتدال الخريفي، أمَّا إذا وصلت إلى خط الاستواء وأصبحت عموديَّةً عليه في طريقها من مدار الجدي إلى مدار السَّرطان فإنَّ ذلك يسمى الاعتدال الرَّبيعي.
هذه التَّسميات تنطبق على سكان نصف الكرة الشَّمالي، أمَّا النِّصف الجنوبي للكرة الأرضيَّة فهي بالعكس تمامًا فالانقلاب الشُّتوي لديهم يكون الصَّيفي والاعتدال الرَّبيعي يكون الخريفي وهكذا، أمَّا سكان المناطق الواقعة على خط الاستواء فإن ذلك غير معروف لديهم إلا من خلال ما يقرؤونه في الكتب والصُّحف فلا شتاء ولا صيف ولا ربيع ولا خريف والشَّمس لديهم دائمًا إمَّا عموديَّةً أو شبه عموديَّةٍ.
نقلا عن ادارة علوم الفلك-الكويت-
