التصنيفات
الكتب و المراجع الإسلامية

الدنيا متاع الغرور

الدنيا متاع الغرور


الونشريس

الدنيا متاع الغرور

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله الذي جعل الدنيا دار ممر والآخرة دار مقر, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين .

وبعد:
الحقيقة أن الدنيا قد أقبلت وتزينت وتوسعت وأصبحت هم كثير من الناس صباحاً ومساءً.
والنبي صلى الله عليه وسلم خاف ذلك على أمته لعلمه أنها فتنة مهلكةً لهم , فقد جاء في الصحيحين قول النبي صلى الله عليه وسلم {فو الله لا الفقر أخشى عليكم ,ولكن أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها , وتهلككم كما أهلكتهم }
وعن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلاً أتاه فقال : يا رسول الله , أكلتنا الضبع _ يعني من شدة الجدب _ فقال النبي صلى الله عليه وسلم { غير ذلك أخوف عندي أن تصب عليكم الدنيا صباً }
ففي هذه الأحاديث وعد وتخوف , وعد بأن الله سيبسط عليهم الدنيا ,وتخوف عليهم من هذا البسط .
فقد تخوف الرسول صلى الله عليه وسلم على أمته من فتنة الحياة الدنيا, ومن أن تبسط عليهم فيكون فيها هلاكهم وفساد دينهم وتمزيق وحدتهم.
وعن كعب بن عياض قال : سمعت قال:الله صلى الله عليه وسلم يقول : { إن لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال }
لذلك اشتد تحذيره صلى الله عليه وسلم لأمته من الاغترار بالدنيا أو الركون إليها وأخبر أنها موضع لامتحان الناس وابتلائهم فكان يقول : { إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله تعالى مستخلفكم فيها ,فينظر كيف تعملون , فاتقوا الدنيا واتقوا النساء}
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال : أخذ رسول صلى الله عليه وسلم بمنكبي فقال {كن في الدنيا كأنك غريب أو عبير سبيل }
والإنسان في الدنيا غريب على الحقيقة, لان الوطن الحقيقي هو الجنة وهي التي أنزل الله منها الأبوين في البداية , وإليها المرجع إن شاالله تعالى بفضله ومنه ,قال ابن رجب : {لما خلق الله آدم عليه السلام أُسكن هو وزوجته الجنة , ثم أُهبط منها, ووعد بالرجوع إليها وصالحوا ذريتهما , فالمؤمن أبداً يحن إلى وطنه الأول , وحب الوطن من الإيمان }
فالإنسان في هذه الدنيا مسافر , فلا ينبغي أن يتخذها المؤمن وطناً ومسكناً إذ أنها دار ممر سريع , الراكب فيها لا يفتر ليلاً ولانهاراً , والمسافر ربما ينزل منزلاً فيستريح , ولكن مسافر الدنيا لا ينزل , بل هو دائماً في سفر. كل لحظة تنقضي تقطع شوطاً من هذه الدنيا لتقرب من الآخرة .
قال ابن رجب : { أن ينزل المؤمن نفسه في الدنيا كأنه مسافر غير مقيم ألبته ,وإنما هو سائر في قطع منازل السفر , حتى ينتهي به السفر إلى آخره , وهو الموت ومن كانت هذه حاله في الدنيا , فهمته تحصيل الزاد للسفر, وليس همة في الاستكثار من متاع الدنيا ولهذا أوصى النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من أصحابه أن يكون بلاغهم في الدنيا كزاد الراكب }وعلى هذا جاءت آيات كثيرة في القرآن لتقرر هذه الحقيقة وتحذر من الاغترار بالدنيا والتعلق بها
قال تعالى {فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل }التوبة *38*
وقال تعالى {وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور } آل عمران *185*
ولحب الدنيا علامات منها :
*تواصل اشتغال العبد بها حتى مايكاد شغله ينتهي
قال الحسن { إياكم وماشغل من الدنيا , فإن الدنيا كثيرة الأشغال لايفتح رجل على نفسه باب شغل إلا أوشك ذلك الباب أن يفتح عليه عشرة أبواب }
*أن صاحبها كثير الهموم مشتت الذهن مضطرب النفس
قال الرسول صلى الله عليه وسلم { من كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه ,وفرق عليه شمله ولم يأته من الدنيا إلا ماقدر له }
*ومن علامات حب الدنيا : حب أهلها والتملق لهم ومحاباتهم واتخاذهم أخلاء وعدم إنكار منكرهم
*ومن علامات حب الدنيا :إكثار صاحبها من ذكرها ,إذن أن من أحب شيئا أكثر من ذكره فلا يرى صاحب الدنيا إلا وهو يتحدث عن المال وطرق جمعه وتحصيله , وعن أصناف المأكل والملبس والمسكن , أوعن الأزواج والبنين أوعن الأسواق والمشتريات

آثار حب الدنيا :
1_ أن حبها يقضي تعظيمها وهي حقيرة عند الله ومن أكبر الذنوب تعظيم ما حقر الله
2_ أن الله لعنها ومقتها وأبغضها إلا ماكان له فيها ومن أحب مالعنه الله ومقته فقد عرض نفسه للعنه ومقته
3_إنه إذا أحبها صيرها غاية وتوسل إليها بالأعمال التي جعلها الله وسائل إليه وللدار الآخرة وهذا شر معكوس حيث جعل الوسيلة غاية ثم توسل بأعمال الآخرة إلى دنياه
ومن هؤلاء الثلاثة التي تسعر بهم النار: الغازي, والمتصدق, والقارئ, الذين أرادوا بتلك الأعمال الدنيا والنصيب العاجل والحديث في مسلم.
فانظروا إلى محبة الدنيا كيف حرمت هؤلاء الأجر وأفسدت عليهم عملهم وجعلتهم أول الداخلين إلى النار.
4_ أن محبتها تعترض بين العبد وبين فعل ما يعود عليه نفعه في الآخرة باشتغاله عنه بمحبوبه .
فمنهم : من شغلته عن الإيمان وتحقيقه وعن عبودية القلب فيؤدي الواجبات ظاهراً لا باطناً
ومنهم من شغلته عن كثير من الواجبات . ومنهم من شغلته عن واجب يعارض تحصيلها وإن قام بغيره
5_ أن محبتها تجعلها أكبر هم للعبد , فيشتت لذلك شمله وجميع أموره ويظل يشعر بالحاجة والفقر مهما حصل له منها وتضطرب لها نفسه فيؤثر ذلك على صحته بأمراض وسقام متنوعة ليس لها سبب سوى حمل هم الدنيا وحبها والتعلق بها
6_ حب الدنيا يورث طول الأمل الذي يلقي على بصيرة الإنسان غشاوات الغفلة فينسى الآخرة والسعي لها فلا يحسب للموت الذي قد يباغته وهو غارق في آثامه سارح في أو هامه حسابا
اللهم لاتجعل الدنيا أكبر همنا , ولا مبلغ علمنا , واقطع عنا همومها , واجعل اللهم همنا وسعينا في رضاك
أسال الله أن يجعل فيما كتبنا تجلية للحق , وتنبيهاً للغافل, وأن يكون زاداً لنا إلى الجنة . وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

منقوووووووول




رد: الدنيا متاع الغرور

بارك الله فيك ونفع بك الاسلام والمسلمين

جزيت كل خير




رد: الدنيا متاع الغرور

شكراااا على مرورك اختي هبة الرحمان




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.