هذه ثلاث صفات من صفات الرب عز وجل الربوبية والملك والإلهية فهو رب كل شيء ومليكه وإلهه فجميع الأشياء مخلوقة له مملوكة عبيد له فأمر المستعيذ أن يتعوذ بالمتصف بهذه الصفات من شر الوسواس الخناس وهو الشيطان الموكل بالإنسان فإنه ما من أحد من بني آدم إلا وله قرين يزين له الفواحش ولا يألوه جهدا في الخيال .
والمعصوم من عصمه الله وقد ثبت في الصحيح أنه " ما منكم من أحد إلا قد وكل به قرينه " قالوا وأنت يا رسول الله قال " نعم إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير " .
وثبت في الصحيحين عن أنس في قصة زيارة صفية للنبي صلى الله عليه وسلم وهو معتكف وخروجه معها ليلا ليردها إلى منزلها فلقيه رجلان من الأنصار فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " على رسلكما إنها صفية بنت حيي " فقالا سبحان الله يا رسول الله فقال " إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئا – أو قال شرا . وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي حدثنا محمد بن بحر حدثنا عدي بن أبي عمارة حدثنا زياد النميري عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم فإن ذكر الله خنس وإن نسي التقم قلبه فذلك الوسواس الخناس " غريب.
وقال الإمام أحمد حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عاصم سمعت أبا تميمة يحدث عن رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عثر بالنبي صلى الله عليه وسلم حماره فقلت تعس الشيطان فقال النبي صلى الله عليه وسلم " لا تقل تعس الشيطان فإنك إذا قلت تعس الشيطان تعاظم وقال بقوتي صرعته وإذا قلت بسم الله تصاغر حتى يصير مثل الذباب " تفرد به أحمد إسناده جيد قوي وفيه دلالة على أن القلب متى ذكر الله تصاغر الشيطان وغلب وإن لم يذكر الله تعاظم وغلب .
وقال الإمام أحمد حدثنا أبو بكر الحنفي حدثنا الضحاك بن عثمان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن أحدكم إن كان في المسجد جاء الشيطان فأبس به كما يأبس الرجل بدابته فإذا سكن له زنقه أو ألجمه" قال أبو هريرة وأنتم ترون ذلك أما المزنوق فتراه مائلا كذا لا يذكر الله وأما الملجم ففاتح فاه لا يذكر الله عز وجل تفرد به أحمد .
مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ
وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله " الوسواس الخناس " الشيطان جاثم على قلب ابن آدم فإذا سها وغفل وسوس فإذا ذكر الله خنس وكذا قال مجاهد وقتادة وقال المعتمر بن سليمان عن أبيه ذكر لي أن الشيطان الوسواس ينفث في قلب ابن آدم عند الحزن وعند الفرح فإذا ذكر الله خنس وقال العوفي عن ابن عباس في قوله" الوسواس " قال هو الشيطان يأمر فإذا أطيع خنس.
الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ
هل يختص هذا ببني آدم كما هو الظاهر أو يعم بني آدم والجن ؟ فيه قولان ويكونون قد دخلوا في لفظ الناس تغليبا وقال ابن جرير وقد استعمل فيهم رجال من الجن فلا بدع في إطلاق الناس عليهم .
مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ
وقوله تعالى " من الجنة والناس" هل هو تفصيل لقوله " الذي يوسوس في صدور الناس" من شياطين الإنس والجن كما قال تعالى " وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا " .
وكما قال الإمام أحمد حدثنا وكيع حدثنا المسعودي حدثنا أبو عمرو الدمشقي حدثنا عبيد بن الخشخاش عن أبي ذر قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فجلست فقال " يا أبا ذر هل صليت ؟ " قلت لا قال " قم فصل " قال فقمت فصليت ثم جلست فقال " يا أبا ذر تعوذ بالله من شر شياطين الإنس والجن " قال : فقلت يا رسول الله وللإنس شياطين ؟ قال " نعم " قال : فقلت يا رسول الله الصلاة ؟ قال " خير موضوع من شاء أقل ومن شاء أكثر" قلت يا رسول الله فالصوم ؟ قال " فرض مجزئ وعند الله مزيد " قلت يا رسول الله فالصدقة ؟ قال " أضعاف مضاعفة " قلت يا رسول الله فأيها أفضل ؟ قال " جهد من مقل أو سر إلى فقير " قلت يا رسول الله أي الأنبياء كان أول ؟ قال " آدم " قلت يا رسول الله ونبيا كان ؟ قال " نعم نبي مكلم " قلت يا رسول الله كم المرسلون ؟ قال " ثلثمائة وبضعة عشر جما غفيرا " وقال مرة " خمسة عشر " قلت يا رسول الله أيما أنزل عليك أعظم قال " آية الكرسي " الله لا إله إلا هو الحي القيوم " ورواه النسائي من حديث أبي عمر الدمشقي به وقد أخرج هذا الحديث مطولا جدا أبو حاتم بن حبان في صحيحه بطريق آخر ولفظ آخر مطول جدا فالله اعلم .
وقال الإمام أحمد حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن ذر بن عبد الله الهمداني عن عبد الله بن شداد عن ابن عباس قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني لأحدث نفسي بالشيء لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أتكلم به قال : فقال النبي صلى الله عليه وسلم " الله أكبر الله أكبر الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة" ورواه أبو داود والنسائي من حديث منصور زاد النسائي والأعمش كلاهما عن ذر به آخر التفسير. ولله الحمد والمنة والحمد لله رب العالمين
الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمّا بعد:
فإنّ الله تبارك وتعالى يقول:{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآَيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِوَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِإِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍلِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} [إبراهيم:5]، قال ابن عبّاس رضي الله عنه: أيّام الله: نِعَمُه وأياديه.
وإنّ من أيّام الله تعالى الّتي ينبغي تذكّرها وتذكير النّاس بها، وأن تقبل النّفوس والقلوب إليها، شهر كريم، وضيف عظيم: إنّه شهر شعبـان.
نسأل الله جلّ جلاله أن يمنّ علينا بالتّوفيق إلى طاعته في أيّامه، ويوفّقنا إلى صيامه، إنّه وليّ ذلك والقادر عليه.
وقد عظّم السّلف الصّالح هذا الشّهر حتّى لقّبوه بشهر القُرّاء .. قال سلمةُ بنُ سُهيل رحمه الله:" كان يقال: شهر شعبان شهر القرّاء. وكان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال: هذا شهر القرّاء.
وكان عمرو بن قيس المُلائي رحمه اللهإذا دخل شعبان أغلق حانوته، وتفرّغ لقراءة القرآن.
وما زال أهل العلم يبيّنون فضائل هذا الشّهر أو فضل ليلة النّصف منه، من ذلك:
Ý) " لطائف المعارف " لابن رجب الحنبليّ.
ȝ) " تحلية الشّبعان في ما روي في ليلة النّصف من شعبان "، للإمام شمس الدّين محمّد بن طولون الدّمشقي رحمه الله.
ʝ) وجزء في :" ليلة النّصف من شعبان وما ورد في فضلها " للإمام ابن الدّيبثي رحمه الله.
˝) كتاب:" ما جاء في شهر شعبان " للإمام أبي الخطّاب ابن دحية.
̝) كتاب:" إسعاف الخلاّن بما ورد في ليلة النصف من شعبان " للشّيخ حمّاد الأنصاري رحمه الله. وغير ذلك.
وهذه فوائد تتعلّق بشهر شعبان وبعض أحكامه، طرحتها على شكل سؤال وجواب حتّى يسهُل ضبطها وحصرُها، نسأل الله التّوفيق والسّداد، والهدى والرّشاد، وأن يُجنِّبنا سبلَ الغيّ والفساد.
الجواب: ممّا يجب أن نعلمه، أنّ العرب عندما سمّت أسماء الشّهور، نقلتها من الأزمنة التي كانوا فيها، بحسَب ما يتّفق لها من الأحوال والأحداث.
فسمّوا ما سُمِّي بـ( الرّبيع ) لأنّه صادف موسم الرّبيع، و( رمضان ) لشدّة الرّمض به – وهو شدّة الحرّ -، وسمّوا ( شعبان ) من "الشَّعب" وهو التفرّق، لتفرّقهم فيه طلبا للماء قبل رمضان.
2– السّؤال الثّاني:هل ورد شيء في فضل صوم هذا الشّهر ؟
الجواب : ثبتت أحاديث كثيرة تبيّن فضل شهر شعبان، وهي على نوعين:
أ) أحاديث في فضل صيام الشّهر مطلقاً.
ب) أحاديث في فضل ليلة النّصف من شعبان، ويومها.
* الأحاديث الدالّة على فضل الشّهر مطلقا:
وهذه الأحاديث تدلّ على أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم كان يصوم أكثره، وذلك لأنّ أعمال العام كلّه ترفع إلى الله تعالى:
– فقد روى الإمام أحمد، والنسائي عن أسامةَ بنِ زيدٍ رضي الله عنه قال: قلت: يا رسولَ اللهِ ! لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ ؟ قال:
(( ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ )).
وينبغي أن نتأمّل هذا الحديث؛ فإنّ المسلمين تلك الأيّام ما كانوا يحسبون الشّهور إلاّ بالحساب الهجريّ، ومع ذلك يقول النبيّ صلّى اللهعليه وسلّم: (( ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ )) ! فكيف إذا كان الحساب الهجريّ بينه وبين المسلمين بعدُ المشرقين ؟!
– وروى البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت:
( كَانَ رَسُول اللهِ صلّى الله عليه وسلّم يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لَا يَصُومُ، فَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلَّا رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ )).
وفي لفظ آخر لمسلم عنها رضي الله عنه قالت: (( كَانَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ قَدْ صَامَ .. قَدْ صَامَ .. وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ قَدْ أَفْطَرَ .. قَدْ أَفْطَرَ.. وَلَمْ أَرَهُ صَائِمًا مِنْ شَهْرٍ قَطُّ أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ مِنْ شَعْبَانَ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلَّا قَلِيلًا)).
الأحاديث الثّابتة في ليلة النّصف من شعبان ويومها:
إنّ ليلة النّصف من شعبان ويومها، ثبت فيهما أجر عظيم، وثواب عميم، وفضائلها نوعان:
النّوع الأول : الأحاديث الواردة في اطّلاع الربّ عزّ وجلّ ليلة النّصف، ومغفرته لخلقه:
روى ابن ماجه عن أبي موسَى الأَشعرِيِّ عن رسولِ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُلِجَمِيعِ خَلْقِهِ، إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ )).
وروى الإمام أحمد عن عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو رضي الله عنه أنّ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قال:
(( يَطَّلِعُ اللَّهُعزّ وجلّ إِلَى خَلْقِهِ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَيَغْفِرُ لِعِبَادِهِ إِلَّا لِاثْنَيْنِ مُشَاحِنٍ وَقَاتِلِ نَفْسٍ )) [وقد ضعّف بعضهم زيادة لفظ: وقاتل نفس].
وقد تضمّن هذان الحديثان عدّة أمور:
– الأمر الأوّل: اطّلاع الله عزّ وجلّ ليلة النّصف من شعبان.
وقد جاءت رواياتٌ تذكر النّزول ضعيفة الإسناد، ولكن يشهد لها أحاديث النّزول كلّ ليلة، وليلة النّصف منها ولا ريب، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنّ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( يَنْزِلُ رَبُّنَاتبارك وتعالىكُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَيَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ، يَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ ؟ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ ؟ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ ؟ )).
– الأمر الثاني: مغفرة الله لخلقة سوى المشرك والمخاصم ( المشاحن ).
أمّا المشرك فدلّ عليه الكتاب أيضا، قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}.
أمّا المشاحن فليس بأوّل خير يُحرم منه، فقد روى مسلم عن أبي هريرةَ رضي اللهعنه أنّ رسولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قال:
(( تُفْتَحُأَبْوَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لاَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا، إِلَّا رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُواهَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا .. أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا.. أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَصْطَلِحَا..)).وفي رواية: (( إِلَّاالمُتَهَاجِرَيْنِ )).
– الأمر الثّالث: وردت أحاديث ضعيفة تستثني العاقّ لوالديه، والقاطع للرّحم.
والمعنى صحيح، وإلاّ فمَنْ أعظمُ مشاحنةً ومصارمةً من العاقّ لوالديه وقاطع الرحم ؟!
وزيادة ( وقاتل نفس )، وإن كانت ضعيفة، فالقاتل يدخل في المشاحن دخولا أوّليّا.
3– السّؤال الثّالث: هل يجوز تخصيص يوم نصف شعبان بالصيام، وليلته بالقيام ؟
الجواب : لا يجوز تخصيص ليلة النّصف من شعبان بقيامٍ، ولا يومِها بصيامٍ؛ لأنّه قد تقرّر تحريمُ الإحداث في الدّين والابتداع فيه، فالّذي لا يصوم شعبان، ولا يقوم لياليَه، ثمّ يريد أن يفعل ذلك لأجل ليلة النّصف فقد جاء ببدعة في الدّين، وكلّ بدعة ضلالة.
ولكن من كان عادته قيام الليل دائماً أو غالبا، فصادفها فجائز، ومن كانت عادته صيام أيّام البيض فلْيَصُم اليوم الخامس عشر، لأنّه منها.
4– السّؤال الرّابع: هل يجوز صيام ما بعد نصف شعبان ؟
الجواب : ورد النّهي عن الصّوم بعد انتصاف شهر شعبان، وهو ما رواه أبو داود عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنّ رسولَ اللهِ صلّى اللهعليه وسلّم قال: (( إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلَا تَصُومُوا )).
وفي رواية للتّرمذي: (( إِذَا بَقِيَ نِصْفٌ مِنْ شَعْبَانَ فَلَا تَصُومُوا )).
وقد اختلف العلماء في تصحيحه، ثّم في معناه.
والرّاجح من أقوال أهل العلم – والله أعلم – أنّه لا يصحّ.
وعلى فرض صحّته فالمراد منه: أنّ من لم يصم من شعبان شيئا، فلا يصُم إذا بقي النّصف الثّاني، وبتعبير آخر:
إذا بقي نصفٌ من شهر شعبان فلا تشرعوا في الصّوم، قال التّرمذي رحمه الله:
" ومعنى هذا الحديث عند بعض أهل العلم أن يكون الرّجل مفطراً، فإذا بقي من شعبان شيءٌ أخذ في الصّوم لحال شهر رمضان، وقد رُوِي عن أبي هريرة عن النّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم ما يشبه قولَهم، حيث قال صلّى الله عليه وسلّم: (( لَا تَقَدَّمُوا شَهْرَ رَمَضَانَ بِصِيَامٍ، إِلَّاأَنْ يُوَافِقَ ذَلِكَ صَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ أَحَدُكُمْ ))، وقد دلّ في هذا الحديث أنّما الكراهية على من يتعمّد الصّيام لحال رمضان "اهـ.
أمّا من كان يصوم النّصف الأوّل، فله أن يصوم النّصف الثّاني، بدليل حديث عائشة السّابق.
5 – السّؤال الخامس: هل يجوز صوم يوم أو يومين قبل رمضـان ؟
الجواب : لا يجوز ذلك؛ فقد روى البخاري عن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النَّبِيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: (( لَا يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْرَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ فَلْيَصُمْ ذَلِكَ الْيَوْم )).
إلاّ لمن كانت عادته أنّه يصوم يوما ويفطر يوما، أو صادف ذلك يوم الإثنين أو الخميس وعادته أن يصوم، فلا بأس حينئذ.
والخلاصة في هذا ما قاله الحافظ ابن حجر رحمه الله في فتح الباري (4/128):
" أي لا يتقدّم رمضانَ بصومِ يوم يعدّ منه بقصد الاحتياط له، فإنّ صومه مرتبط بالرّؤية، فلا حاجة إلى التكلّف.
قال العلماء: معنى الحديث: لا تستقبلوا رمضان بصيام على نيّة الاحتياط لرمضان، وقال التّرمذي لمّا أخرجه: العمل على هذا عند أهل العلم، كرهوا أن يتعجّل الرّجل بصيامٍ قبل دخول رمضان لمعنى رمضان "اهـ.
6– السّؤال السّادس: ما الحكمة من هذا النّهي ؟
الجواب : ذكروا لذلك عدّة حكم، منها:
– أنّ صيامه قبل رمضان بيوم أو يومين يُضعِفه عن صيام رمضان، بخلاف من اعتاد الصّوم فله ذلك.
– أنّ من مقاصد الشّرع التّفريق بين الفريضة والنّافلة، وألاّ يُوصَل بعضُهما ببعض، ونظيره أمر النبي ّصلّى الله عليه وسلّم بألاّ نصلّي نافلة بعد فريضة حتّى نتكلّم، أو نتقدّم خطوة أو خطوتين، فكذلك حال شعبان مع رمضان.
– لئلاّ يتّخذها النّاس بابا يحتاطون به لرمضان، فيصومون يوم الشكّ، وقد جاء النّهي عن صومه، فقد روى الترمذي عن عمّارِ بنِ ياسرٍ رضي الله عنه قال: (( مَنْ صَامَ الْيَوْمَ الَّذِي يَشُكُّ فِيهِ النَّاسُ فَقَدْ عَصَى أَبَا الْقَاسِمِ صلّى الله عليه وسلّم )).
والخلاصة : ما قاله ابن رجب في:" لطائف المعارف"(ص/151):
" صيام آخر شعبان له ثلاثة أحوال:
أحدها : أن يصومه بنية الرّمضانية احتياطاً لرمضان، فهذا منهيّ عنه وقد فعله بعض الصّحابة، وكأنّهم لم يبلغهم النّهي عنه.
والثّاني : أن يصام بنيّة النّدب، أو قضاء عن رمضان، أو عن كفّارة، ونحو ذلك، فجوّزه الجمهور، ونهى عنه من أمر بالفصل بين شعبان ورمضان بفطر مطلقاً.
والثّالث : أن يصام بنية التطوّع المطلق، فكرهه من أمر بالفصل بين شعبان ورمضان بالفطر، منهم: الحسن، وإن وافق صوماً كان يصومه، ورخص فيه مالك ومن وافقه.
وفرّق الشافعي والأوزاعي وأحمد وغيرهم بين أن يوافق عادة أولاً، وكذلك يفرّق بين من تقدّم صيامه بأكثر من يومين ووصله برمضان فلا يكره أيضاً، إلاّ عند من كره الابتداء بالتطوع بالصيام بعد نصف شعبان "اهـ.
والله تعالى الموفق لا رب سواه، والله أعلم، وصلّى الله وسلّم على نبيّنا محمّد.
بارك الله فيك على المبادرة الطيبة والمعلومات القيمة
وجعلها الله في ميزان حسناتك
بوركتما اخواني
جزيت خيرا
اخي فاروق مواضيعك دوما هادفة ولا اشك في كلامك شكرا لكم
أخطاء شائعة منتشرة بين الناس
كلمات……..عبارات………..مفاهيم..
خاطئة يجب تصحيحها
1- الخطأ: ( لا حول الله )
فيها نفي القدرة عن الله تعالى و هو من الكفر.
والصواب: لا حول ولا قوة إلا بالله، إثبات القدرة لله تعالى
2- الخطأ: ( لماذا يا رب؟ ما عملت لتفعل بي هذا )
وهذا إعتراض على الله تعالى في تقديره.
والصواب: قدر الله وما شاء فعل، إن لله وإن إليه راجعون
3- الخطأ: قول البعض عند بداية الحديث: باسم العروبة، باسم الوطن، باسم الشعب… هذا الإفتتاح باطل يخالف القرآن والسنة، ويستعمله الإشتراكيون والعلمانيون هداهم الله، وبما أن الإفتتاح *بسم الله* يفيد التبرك فلا يجوز بغيره.
والصواب: بسم الله الرحمن الرحيم
4- الخطأ: ( والنبي، بالكعبة، وحياة سيدي فلان….)
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:<من حلف بغير الله فقد أشرك> – رواه البخاري –
و الصواب: والله، بالله، تالله
5- الخطأ: شاءت الأقدار، شاءت الظروف أن يحصل كذا….
والصواب: قدر الله وما شاء فعل
6- الخطأ: قول البعضلمنع الحسد: ( خمسة وخميسة ) ويأتون بكف مصنوع وغيره، وهذا خطأ لأن النبي صلى لله عليه وسلم قال: < من علق تميمة فقد أشرك>-صحيح رواه أحمد-
والصواب: قراءة المعوذتين، الأذكار الواردة، قول: ما شاء الله لاقوة إلا بالله.
و ستجدون المزيد في: كتاب أخطاء شائعة للشيخ
* محمد بن جميل زينو *
بارك الله فيك على الموضوع الجميل ,موضوع في غاية الدقة مشكورة على جهودك وجزاك الله على التنبيه وجزى الله شيخنا الفاضل
باااااارك الله فيك شكرا لك على المجهووود
شكرا جزيلا أخي على التنبيه
موضوع مفيد وفي محله
بارك الله فيك
بارك الله فيك أخي لاأنك نبهتنا
شكرا جزيلاااااااااااااااااااا
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كان هناك مجموعة ضفادع تمشي
وفجأة سقطت اثنتان منهم في حفرة عميقة جدا
لما وجد الباقون انه يستحيل على الضفدعتين الخروج
قالوا لهما
مستحيل الخروج مهما قفزتمافلن تصلا
ليس عليكما سوى ان تستسلما وتنتظرا الموت
واحدة ماتت بالفعل
والاخرى أخذت تقفز دون كلل وبمثابرة
والكل يخبرها انه يستحيل الخروج
ويهللون لها
لماذا تتعبين نفسك؟
ولكنها واصلت القفز الا أن استطاعت الخروج
ذهل الجميح وذهبوا نحوها يسألونها كيف خرجتي؟
وفوجئ الكل انها صماء لاتسمع ولا تتكلم
وكانت تظن انهم يشجعونها على الخروج
لكنهم كانوا يثبطونها
دع كلام الناس واستمر في التقدم
منقول للعبرة
وعليكم السلام ورحمة الله
مشكورة على ما قدمته ….جميلة تلك العبرة ولكن لنجعلها شعارا لنا
والواجب ان لا نسمع لتثبيطات الناس بل نجعل الشرع حاكما لنا
الله يوفقك
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
فعلا قصة جميلة جدا و معبرة…. لا بد من الاجتهاد و المثابرة لتحقيق الأهداف و لكن لا يجب أن نجعل كلام الناس سببا يحبط من عزيمتنا
بارك الله تعالى فيك و جازاك خيرا … مشكورة على الموضوع الجميل و الطرح المميز
تحياتي لك
قصة روعة ومعبرة جدا
السلام عليك,مشكورة على هده القصة الهادفة.لأن إرضاء الناس غاية لا تدرك,لا بد لنا أن نواصل حياتنا دون الإلتفات ورائنا.لا يجب أن نسمع أراء
الأشخاص السلبيين .
شكرا لكي اختي ساجعلها حلقة في اذني
لا شكر على واجب
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
في هذه الحياة يجب ان نفعل كل ما نحن مقتنعين به , و ندع من يتكلم يتكلم
شكرا جزيلا اختي على القصة و العبرة
جزاك الله خيرا
لكي يحبك الناس .
لكي يحبَّك الناس أفسح لهم طريقهم،
ولكي ينصفك الناس افتح لهم قلبك،
ولكي تنصف الناس افتح لهم عقلك،
ولكي تسلم من الناس تنازل لهم عن بعض حقك.
السلام عليكم
شكرا لك على على الكلمات المعبرة
وعليكم السلام
العفـــــــــــو
اتمنى ان تستفيدوا
وعليكم السلام
ان شاء الله يستفيد الجميع
لكي يحبَّك الناس أفسح لهم طريقهم،
ولكي ينصفك الناس افتح لهم قلبك، ولكي تنصف الناس افتح لهم عقلك، ولكي تسلم من الناس تنازل لهم عن بعض حقك. |
ولكي تسلم من الناس تنازل لهم عن بعض حقك
شكرا للمرور
شكرا لك nana99 على الاضافة المميزة
شكرا لك أخت كريمة على هده العبارات الرائعة
شكرا جزيلا لك
نعم فراغ وليس أشخاص
.
.
.
.
***9829; حـــبه ***9829; قــــدّره ***9829; أسال عنه ***9829; خاف عليه
***9829;***9829; والنهايه ستكون أن يتكبر عليك ويتركك ***9829;***9829;
عندك الصح اييييه
شكرا لردك اختي سمية الاميرة
بارك الله فيك
أسعدني تواجدك
صح عندك الحق مي نشاء الله ما نكونوش من بين هادو ناس
صح عندك الحق مي نشاء الله ما نكونوش من بين هادو ناس
|
شكرااااا لمرورك
ان شاء الله ما نكونوش منهم
بارك الله فيك أخي العيد
كلامك صح و انشاء الله مانكونوش منهم { عامل الناس كما تحب أن تعامل }
{ عامل الناس بأخلاقك لا بأخلاقهم }
شكرااا لك موضوعك في محله .
صح الكلام اللي قلتوا صحيح . في وقتنا هدا اللي يجي يتكبر عليك . موضوع مميز . شكرا لك اخي العيد
Oui c vrais khOùya li tebGhih w tehawas 3lih yetla3léh Chan w yewali yatkabar 3lih alah ralab hadi hiya
allah yahdina
قال صلى الله عليه وسلم :" احبب حبيبك هونا ما فانه سياتي يوم يصبح فيه بغيضك وابغض بغيضك هونا ما فانه سياتي يوم يصبح فيه حبيبك "
هكذا علمنا الرسول عليه افضل الصلاة وازكى التسليم كيف نحب ونكره
ولكن تاكد بانك دائما في المكان الذي تضع فيه نفسك وليس الذي يضعك فيه الاخرين
فمن كان فوق الشمس موضعه فلا شيئ يرفعهخ ولا شيئ يضعه
ومن يصدم في الاخرين هو من ينتظر المقابل منهم يعني مقابل حبه لهم
والله اعلم
ما لا يعلمه الكثير من الناس
جميعنا يمارس الرياضة
وأكيد أيضاً أنك، أول ما أن تصل البيت حتى تأخذ دشاً بارداً أو حاراً
لكن ما لا تعلمه تلك الغالبية
نعم…
إن استحمامك بصابون أو شامبو عدة مرات بعد مزاولة الرياضة، يسبب سرطاناً في الجلد
وعند استحمامنا بالصابون أو الشامبو، أو أي منظف أخر، يدخل هذا المنظف من خلال تلك المسام، التي ما تزال مفتوحة. والجميع يعلم أنها تحتوي على مواد سامة. فعند دخولها للجسم، تتسبب، مع السنين، بسرطان يصيب الجلد. لذا يؤكد العلماء وينصحون بالاستحمام بالماء فقط، لتجنب دخول تلك المواد الضارة إلى الجسم.
أنا، عند سماعي هذه المعلومة ذهبت لأحد أطباء الجلد في مستشفى الملك عبدالعزيز بجدة، وأكدها لي، وقال انه لها أخطارا اكبر بكثير من سرطان الجلد، والعياذ بالله!
لذا أوصيكم، انتبهوا… لا تتدوشوا بصابون أو شامبو بعد مزاولة الرياضة مباشرة.
انتظروا على الأقل 30 دقيقة.
و أرجوكم أول تمرين تروحون له، اجتمع مع لاعبيي فريقكم وانقلوا لهم تلك المعلومة. بعضهم لا يدخل الانترنت، والمعلومة تكون مو واصله لهم.
اكسب أجراً
مشكوووور اخي على التحدير لانني من ممارسي الرياضة شكرالك
شكرا لك اخي ، بارك الله فيك.
يا ترى كم مرة تكلمنا على بعض الناس من وراهم ؟
يا ترى كم مرة تكلمنا على بعض الناس من وراهم ؟ كثير صح ؟
———— ——— ——— ——— —– قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لما عُرج بي مررت بقومٍ لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم. فقلت: من هؤلاء ياجبريل ؟ فقال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في اعراضهم. يا مصيبتنا !!
س: طيب وايه الحل ؟؟
ج: كفارة الغيبة
بأن تعتذر للشخص وتطلب منه مسامحتك , وتندم على اللي عملته بس بعضنا بيقول انها صعبة شوي يعني بنخجل!! طيب
فيه حل تاني !!
^ ^ ^ الحل إننا كلنا نسامح بعضنا على كل غيبة أو خطأ صار بيننا سواء عرفناه أو ما عرفناهوش
س:هتستفيد ايه ؟؟
ج: صدقة تؤجر عليها , وسبب لمغفرة ذنوبك
قال تعالى : ( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أُعدت للمتقين , الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين ).
س: طيب ازاي ؟
ج: قول معاي
" اللهم إني تصدقت بعِرضي على الناس وعفوت عمن ظلمني فمن شتمني أو ظلمني فهو في حِل" " اللهم إني سامحت كل من أغتابني أو ذكرني بسوء في غيبتي وأسألك في ذلك الأجر والمغفرة وبلوغ مراتب المحسنين "
أخواني وأخواتي أعضاء منتديات مدينة الحب كتبت لكم هذا الموضوع لأني أحبكم في الله
وأطلب منكم مسامحة أي شخص قريبا أو صديقا على أي خطأ أو غيبة ( كانت أو لم تكن )
وذلك لمساهمة نشر المحبة مابيننا ,,,,,,,,,,,,,,,,, ولاتنسوا الدعاء لي بالثبات
وجزاكم الله خيراً
عطيك الصحة ختي مينوشا علي هدا الموضوع القيم الله يجعله في ميزان حسناتك ان شاء الله
ما مضى فات وما ذهب مات فلا تفكر فيما ما مضى فقد ذهب و انقضى
أخي بارك الله فيك عبارات رائعة و مشجعة
جزاك الله كل خير
بارك الله فيك اسعدني مرورك
باااااااااااااااارك الله فيييييييييييك
شكرا على الرد وفيك بركة
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
احببت ان اتقاسم مع اخواني الافاضل، و اخواتي الفضليات شرح هذا الحديث لشيخنا العلامة، فقيه عصره، محمد بن صالح العثيمين، رحمه الله رحمة واسعة.
عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ ) رواه البخاري
الشرح
قال المؤلف ـ رحمه الله تعالى ـ فيما رواه عن ابن عباس رضي الله عنهما : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة ، والفراغ ) ، يعني أن هذين الجنسين من النعم مغبون فيهما كثير من الناس ، أي مغلوب فيهما ، وهما الصحة والفراغ ، وذلك أن الإنسان إذا كان صحيحاً كان قادراً على ما أمره الله به أن يفعله ، وكان قادراً على ما نهاه الله عنه أن يتركه لأنه صحيح البدن ، منشرح الصدر ، مطمئن القلب ، كذلك الفراغ إذا كان عنده ما يؤويه وما يكفيه من مؤنة فهو متفرغ.
فإذا كان الإنسان فارغاً صحيحاً فإنه يغبن كثيراً في هذا ، لأن كثيراً من أوقاتنا تضيع بلا فائدة ونحن في صحة وعافية وفراغ ، ومع ذلك تضيع علينا كثيراً ، ولكننا لا نعرف هذا الغبن في الدنيا ، إنما يعرف الإنسان الغبن إذا حضره أجله ، وإذا كان يوم القيامة ، والدليل على ذلك:
قوله تعالى : ( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ (المؤمنون :100)
وقال عز وجل : ( مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِين َ) (المنافقون:10)،
وقال الله عز وجل : ( وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (المنافقون:11) .
الواقع أن هذه الأوقات الكثيرة تذهب علينا سدىً ، لا تنفع منها ، ولا ننفع أحداً من عباد الله ، ولا نندم على هذا إلا إذا حضر الأجل ؛ يتمنى الإنسان أن يعطى فرصة ولو دقيقة واحدة لأجل أن يستعتب ، ولكن لا يحصل ذلك.
ثم إن الإنسان قد لا تفوته هاتان النعمتان : الصحة والفراغ بالموت ، بل قد تفوته قبل أن يموت ، قد يمرض ويعجز عن القيام بما أوجب الله عليه ، وقد يمرض ويكون ضيق الصدر لا يشرح صدره ويتعب ، وقد ينشغل بطلب النفقة له ولعياله حتى تفوته كثير من الطاعات.
ولهذا ينبغي للإنسان العاقل أن ينتهز فرصة الصحة والفراغ بطاعة الله ـ عز وجل ـ بقدر ما يستطيع ، إن كان قارئاً للقرآن فليكثر من قراءة القرآن، وإن كان لا يعرف القراءة يكثر من ذكر الله عز وجل ، وإذا كان لا يمكنه ؛ يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، أو يبذل لإخوانه كل ما يستطيع من معونة وإحسان ، فكل هذه خيرات كثيرة تذهب علينا سدىً ، فالإنسان العاقل هو الذي ينتهز الفرص ؛ فرصة الصحة ،وفرصة الفراغ.
وفي هذا دليل على أن نعم الله تتفاوت ، وأن بعضها أكثر من بعض ، وأكبر نعمة ينعم الله تعالى بها على العبد : نعمة الإسلام ، ونعمة الإسلام التي أضل الله عنها كثيراً من الناس ، قال الله تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً ) (المائدة:3) ، فإذا وجد الإنسان أن الله قد أنعم عليه بالإسلام وشرح الله صدره له ؛ فإن هذه أكبر النعم .
ثم ثانياً: نعمة العقل ، فإن الإنسان إذا رأى مبتلى في عقله لا يحسن التصرف ، وربما يسيء إلى نفسه وإلى أهله ؛ حمد الله على هذه النعمة ؛ فإنها نعمة عظيمة.
ثالثاً : نعمة الأمن في الأوطان ، فإنها من أكبر النعم ، ونضرب لكم مثلاً بما سبق عن آبائنا وأجدادنا من المخاوف العظيمة في هذه البلاد ، حتى إننا نسمع أنهم كانوا إذا خرج الواحد منهم إلى صلاة الفجر ؛ لا يخرج إلا مصطحباً سلاحه ؛ لأنه يخشى أن يعتدي عليه أحد ، ثم نضرب مثلاً في حرب الخليج التي مضت في العام الماضي ؛ كيف كان الناس خائفين ! أصبح الناس يغلقون شبابيكهم بالشمع خوفاً من شيء متوهم أن يرسل عليهم ، وصار الناس في قلق عظيم ، فنعمة الأمن لا يشابهها نعمة غير نعمة الإسلام والعقل.
رابعاً : كذلك مما أنعم الله به علينا ـ ولا سيما في هذه البلاد ـ رغد العيش؛ يأتينا من كل مكان ، فنحن في خير عظيم ولله الحمد ؛ البيوت مليئة من الأرزاق ، ويقدم من الأرزاق للواحد ما يكفي اثنين أو ثلاثة أو أكثر، هذه أيضاً من النعم . فعلينا أن نشكر الله سبحانه وتعالى على هذه النعم العظيمة ، وأن نقوم بطاعة الله حتى يمن علينا بزيادة النعم ؛ لأن الله تعالى يقول ( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)(إبراهيم:7).
منقول
شكرا لك اختي على الطرح المهم والمميز وجزاك الله خيرا على مجهوداتك ….دمت متالقة كما عهدنك