تفضلي هذا ماعندي
المقدمة :
1/الأرضيات الخلفية للسانيات التاريخية :
لم تنشأ اللسانيات التاريخية طفرة واحدة , بل قامت على أعمدة ما تقدمها من دراسات حولها غدا يدعي عادة بهذه الفترة بالنحو التقليدي او القواعد المعيارية ذات النزعة الصارمة الى ايثار اسلوب عي اسلوب او خطاب على اخر .فالنحو التقليدي يعتبر مرجعية خلفية لاية دراسة تاريخية تتصورها مهما نعتت نعوتا مختلفة , وخاصة بنظرته الشكلية او القطعية formel على انه يقبل هذا التركيب قبولا واضحا او يرفض تركيبا اخر رفضا قاطعا احيانا بالمنطق الصوري واحيانا اخرى مكتفيا بالحس والملاحظة ولا يعترف بالاشكالية informel وهنا نشأ صراع بين الفئتين
ف1 –ترى في كل ماهو مسموع ومسجل ومتداول ومورث القاعدة المعيارية الصحيحة
ف2-لا شكلية ولا شكلانية التي لا ترى مانعا في مراجعة التقاليد اللسانية العامة ومهما كان موقعنا ازاء كل هذا فان الذي لاشك فيه ان اللسانيات التاريخية من الناحية العلمية والعملية والفكرية قد افادت من كل الابحاث التي تقدمتها في الشرق وفي الغرب وفي اسيا ليس فقط في القرن الثامن عشر بل في ازمنة ابعد من هذا بكثير جدا
واذا كان بعض اللغويين مثل: # ويتني# يؤرخ بداية علم اللغة ببروز القرن التاسع عشر # ان علم اللغة هو في جملته من صنع هذا القرن … ولا شيء يستحق الصفة العلمية من النتائج التي توصل اليها الابحاث القديمة السابقة( للقرن التاسع عشر )…..ولا بد ان تؤرخ من هذا القرن البداية الحقيقية لعلم اللغة فان جورج مونان على الرغم من اشارته بان المقالات التي تناولت علم اللغة في 1816 لم تكن تتجاوز بضع صفحات حتى انها نادرا ما تبلغ ثلاثين صفحة في كتاب ما فانه لا يستسيغ ما ذهب اليه .( ويتني) .معلقا : # لكن هذا الرأي لا بد ان يعاد النظر فيه , وان يدرس في تفاصيله , وذلك لان علم اللغة لم ينبثق طفرة واحدة في القرن التاسع عشر كما تنفجر العاصفة في سماء صافية , لقد مهدت لظهور اراء سابقة # وحتى ان كان جورج مونان في موضع اخر من نفس كتابه لا يتردد في الاعتقاد بان علم اللغة التاريخي قد ظهر الى الوجود حوالي عام 1816- 1820 أي قبل نشوء البحث العلمي في ازمنة ما قبل التاريخ ( ).
وقبل ذلك يعتبر عام 1786 العام الذي شهد اكبر حدث لغوي ففيه قرأ السيروليم جوت william القاضي .
بدر القضاء البريطاني بحثه المشهور امام الجمعية الاسيوية الملكية royal asiatic society في كلكتا
وفيه كد ببراهين لا تقبل الشك العلاقة المباشرة التاريخية بين اللغة السنسكريتية لغة الهند القديمة واللغات اللاتينية واليونانية والجرمانية ولقد حدد هذا الاكتشاف البداية المطلقة لعلم اللسان التاريخية
اما في القرن التاسع عشر فقد تميز مبكرا اربعة علماء في علم اللسانيات : دين راسك
( 1787-1832)والعلما ء الالمانيان جاكوب جريم ( 1785-1863) وفراتربوب ( 1791-1867), همبولت ( 1767-1835).
2- شاملات رومانسية في اللسانيات التاريخية
اذا ذكرنا علم اللغة التاريخي فانه يتبادر لنا مباشرة اللسانيات التاريخية والتي لا يمكن عزلها عن حلقة الامور التي تدخل فيها التاملات الفلسفية والاوهام العاطفية والرومانسية عن باحثي القرن 19 فهم يمثلون مرحلتين من هذا القرن فاما الاولى في التي تضع حدا فاصلا , وبالاحرى تمييز قطعيا او نظميا (سيستيما) تيكيا )بين اللغة كنظام تواصلي انساني عام وبين الانسان ككيان لا علاقة له بهذه اللغة او تلك اليوم الا من حيث الاستعمال او الاستقبال , والثانية والثانية فهي الابرز شأنا والاقوى نفوذا لا تكاد تنجو من الانغماس في الذات والتعليق الضبابي حينا آخر فهذا (ويتني) يتحدث عن الدراسة الوصفية رابطا اياها بالجذور اللغوية التي وقف عليها في اللغة السسكرتية والتي يرى بانها السبيل الى توصيل بين الانسان الى المنطق والتعبير وهي تمثل المرحلة البدائية للغة, الى جانبه كذلك اللغوي: توفار (tovarالى غاية 1954 قائلا : # والخلاصة ان علم اللغة على قدر ما يتيح لنا ان نعبر اغوار الفكر الانساني يجعلنا ايضا نعود الى ما قبل التاريخ حتى نبلغ نشأة الانسان ذاته , غير ان # بلوم فيلد # ذهب مذهبا حيث يرى بانه لا يمكن للتراكيب الللغوية المنشأة والتي ترجع الى ما قبل التاريخ ان تشرح لنا الامور السابقة ومثل ذلك اللغة الهندية الاوروبية التي لا نعلم علم اليقين من الشعب الاول المتكلم بها وما جاء بعدها من تاويلات لكل شعب فهي مجرد فرضيات سرعان ما تزول .
على الرغم مما اسلفنا الحديث فيه فان هذا الرؤى الميتافيزيقية التي تدور حول المصطلحات التي طغت في هذه القرون الا ان وجدت اراء وافكار بل يمكن القول اوهام اخطر من هذه وذلك الى ظهور اللسانيات المعاصرة التي ظهرت بظهور كتاب لفردينان دي سوسير عام 1916 –( محاضرات دي سوسيرا فتلك الرؤى والنظرات كانت مسيطرة على جل لغويين نهاية القرن 18 ثم القرن التاسع عشر أمثال :
1- # شليغر الذي يتمادى في وصف اللغات الهندية الاوروبية بالنبل والكمال وهذا لكونها معربة والتي تكونت تكوينا عضويا مستثنيا منها اللغات السامية زاعما ان بنيتها المعربة مع جذورها ليست قديمة بل هي مستعارة وان الصينية في الاسفل في حين ان السسكريتية لغة منتظمة منذ النشأة الى نسبتها لشعوب نيرة العقول .
2- # همبولت العظيم وهذا لتناوله اشكاليات لغوية جديدة فهو يرى القواعد التي تبنى عليها اللغة هي التي ( )
تهب الكلمات للتعبير , فالمتكف على لغة اجنبية تمنحه مقصورات منفصلة تقدم له الواقع فهو لم يسلم من افتراضاته الحدسية , وتطوراته الميتافيزيقية احد .وربما يكون (بوب ) قد اعتبر منهم فهو الذي يرى بان اللغة ضربا من المملكة الفطرية او قوة داخلية يعتذر الكشف عنها وبعبارة اخرى ان الانسان واللغة خلقا معا وبالرغم من كل ما قلناه عن همبولت فانه كذلك يمكن القول بان شلاشير الذي يوصفه مؤرخو اللسانيات التاريخية بان من الاساطين الذي يعد خاتمة وتتويجا للفترة الزمنية التي دشنها بوب ( ).
3/التفتح الجديد للسانيات التاريخية :
من المتعارف عليه ان اللسانيات التاريخية مادة قديمة قدم أي لغة حضارية معروفة وانه لكل لغة في كل حقبة منهج خاص بها كما ان القواعد المعيارية التي كانت سيدة مناهج اللسانيات التاريخية والتي لم تكن سلبا في يوم من الايام كما نعتتها الوضعية بل بالعكس اتصافها بالطابع الشكلاني او الشكلي يعلى من قيستها ولان تغيير نظان قواعدي يعني تغيير نظام لساني وتعليقا على كل ما قيل عن اللسانيات التاريخية بانها كانت ذات صيغة فلسفية ومنطقية وميتافيزيقية فانها عملت على منهج اللسانيات اللحقة اول قانون علمي الى حد ما بالنسبة الى باقي التخصصات واستطاعت ان تتخلص من الفلسفة التي كانت تقيدها , فالقرن التاسع عشر يعتبر البوابة الكبيرة دخلت من خلالها اللسانيات التاريخية منسلخة الى حد ما من الفلسفة مكتسية ثوب بالعلوم التي ظهرت في هذا العصر , ولا سيما التاريخ والعلوم الطبعية حتى ان احدى اللغويات الفرنسيات ( جاكلين مانسي ميتون ) نقول بان عقلية القرن التاسع عشر مختلفة تماما عما سبقة حيث أسهمت الدراسات اللغوية في إثراء ثقافة اللغويين ليكونوا مزودين بمعارف متراكمة الى هذا الوقت ( ).
4/تعريف اللسانيات التاريخية :
مصطلح اللسانيات التاريخية او علم اللغة التاريخي diachronic linguistic مكون من dia بمعنى (عبر) وchronic بنعنى زمن فدراسة اللغة في هذا المنهج ( المنهج التاريخي ) تتميز بتتبع الظاهرة اللغوية ودراسة التطورات التي حصلت في لغة واخرى والطرق التي تتغير بها من وقت لاخر للوقوف على ما
اصابها من تطور ومعرفة اسرار هذا التطور وقوانينه ( ).
5/ علل التغير الداخلي في اللغة :
يرى اللغوي turgo منذ اواخر القرن18 انه يوجد مبدأ او علة داخلية خاصة بقوانين اللغة نفسها بشأن التحولات او التغيرات التي قد تحدث فيها عبر الزمن وبدأت فكرته تتوضح مع بداية القرن التاسع عشر انطلاقا من اللسانيات التاريخية , نفس الامر الذي شد تودوروف قائلا ان نسب filiation لغتين (أ) او (ب) لا ينطوي على تشابههما فلغة (ب) يمكن ان تكون مختلفة جذريا عن لغة (ا) في سالف الزمان بمعنى ان البحث اللساني لا ينجز بالتشابهات بالعكس يستخدم الاختلافات لمقاومة فرضية النسب ومن فكرة روبير جاك تورقو حول تغير اللغة من الداخل شدت الكثير من اللسانيين الذين تنبهوا الى ان اللغات تتحول فعلا مع الزمن ( )
6-الافكار التي حولها اللسانيات التاريخية:
ف1 :ان اللغة لاتحول فقط ولكنه تتحول لتصبح هذه الفكرة اكثر علمية وتاريخية عندما شرع اللسانيون يميزون بين علاقتين ممكنتين بين كلمة a لعصرA وكلمة b مضارعة annalogus لعهد B لا حق أذا صيغت d بوعي تام على غرار نموذج a فمعنى هذ ا اللفظ مستعار منبعث من حالة لغة ماضية مثال هذه الظاهرة في اللغة الفرنسية hopital ( مستشفى ) الفرنسية التي صيغت في عصر معين تقليد الكلمة اللاتينية hospital وبالمقابل تكون من هناك وراثة اذا كان المرور او الانتقال من A الي B غير واع INCONSCIENT وبالذهاب الى القول بان كلمة قد تاتي متباينة لنظيرتها بعامل الوراثة يسلم حتما بوجود اسباب طبيعية للتغيير اللغوي.
ف2: ان التعبير اللساني يعتبر منتاظما , ويحترم التنظيم الداخلي للغات وهو احدى مبادىء اللسانيات التاريخية التي تنبته منذ اواخر القرن الثامن عشر واخذت به نظريا وعلميا في التاسع عشر وما اللغويون ينظرون الى التغيير اللغوي الداخلي كنظرة عالم الكيمياء حيث يمر من الكيمياء القديمة Lalchimie الي علم الكيمياء lachimie بالحديث ومنذ هذه المدة لم يعد الباحثون في اللغة يعتدون بفارق كتبدل او تغير ان لم يحجر بانسجام او تناسق مؤكد داخل اللغة حتى ان الدارسين يميلون الى ان هذا التناسق او الانتظام للتغيير اللغوي هو الذي يحدد ميلاد اللسانيات انطلاقا متى كان يسمى عندئذ بالاشتقاق
7/مجالات علم اللغة التاريخي : ( اللسانيات التاريخية )
هناك مجالات تاريخية للبحث اللغوي التاريخي:
***61693; إثبات القرابة اللغوية ( بين لغتين فأكثر وذلك بالاستعانة بطريقة المفارنة .
***61693; تتبع الظاهرة اللغوية ودراستها عبر الزمن .
***61693; دراسة التغير الدلالي وما يرتبط به من اعداد المعاجم التاريخية .
***61693; يتناول مستويات الاستخدام اللغوي في المناطق المختلفة وتغير ذلك عبر الزمن .
***61693; كما يتناول ايضا الانتشار اللغوي ودخول اللغة الى مناطق جديدة .
***61693; يبحث ايضا عن الانحسار اللغوي في مناطق يعنيها فالعربية مثلا كان لها على مدى عدة ( ).
8-جاكوب جريم مؤسس لعلم اللغة التاريخي (1785-1863):
هذا الفقلغي (فقه اللغة ) والكاتب الألماني , وهو الذي جعل دارسي اللغة يتخبطون في تحديد ماهية علم اللغة التاريخي من علم اللغة المقارن أو القواعد المقارنة لأنه تحدث حديث صريحا عن معالجة تاريخية اللغة لا معالجة مقارنة للغات الجرمانية مما حوله أن يكون مؤسس لعلم اللغة التاريخي . فالمتتبع لأعماله لا يعتبرها أعمال تاريخية مجردة من طابع الأسلوب المقارن أو العكس فهو تحدث عما أسماه بابدالات الصوامت mutatians consonatiques التي تعد أحد القوانين الجوهرية التي لا تزال اللسانيات التاريخية أو القواعد المقارنة تستعملها الى عصرنا الحالي بالنسبة للغات الهندية الوروبية –ان جريم يفسر التبادلات الصوتية بأنها نتيجة تحول ويسمى الابدال الصواتي الظاهرة الصوتية التي تشاهد في اللغات الجرمانية من جهة وباقي اللغات الهندية الأوروبية من جهة ثانية , وذلك من جهة نظر الصوامت الحابسة Occlusives فالجرمانية تعرض لنا الصوت F بقابلة في اللاتينية والاغريقية والسنسكرتيتية الصوت P والصوت P حيث هو في اللغات الأخرى يكون في شكل B زنفس الشيء TH في مكان وضع D وهلم جر بالنسبة لـ K وG فتمثل Pied ( ق. م) في القوطية : Fotus وفي اللاتينية : Pedis وفي الإغريقية Podos وفي السنسكريتية Padas . وهذا القانون يسمى (قانون جريم ) ( ).
*والى جانب جريم نجد راسك وبوب نعم الذين –على حق – أسسوا علم اللغة التاريخي فكتبوا عن قواعد اللغتين الاسكندنافية والإنجليزية القديمتين والجراماتيكا الألمانية ( ).
9/فرانزبون F.BOPP وراسك مؤسسا للدرس اللغوي المقارن:
يعد بوب مؤسس بحق القواعد المقارنة , ولا سيما يعد صدور كتاب تصريف الأفعال في السنسكريتيةعام 1816 مقارنا اياها بالأنظمة الصرفية المعروفة في اللغات اليونانية اللاتينية والفارسية والجرمانية ليوسع دراسة بعد ذلك في كتابه حتى يشمل اعراب الأسماء , والحق يقال أن الاستدراك الذي انتبه اليه فراتربوب بخصوص اضافة العنصر النحوي كان راموس راسك قد فطن اليه قبله وهي غطنة تدل على ذكاء يفوق حدود اللغوي السطحي , ألم يقل :" لقد اثبتت التجارب أنه لا يعول مطلقا على التوافق بين المفردات , فهناك عدد لا تتخيله من المفردات قادر على الانتقال من لغة الى أخرى ابان امتزاج الشعوب , مهما تكن هاتان اللغتان مختلفتين أصلا ونمودجا …فالتوافق النحوي أقوى دلالة على التطابق الأصلي , لأن اللغة التي تمتزج بغيرها لا تقتبس الا نادرا تحولات الصرف والاعراب , وقد لا تقتبسها مطلقا , وهذا اللون الهام والثابت من التلاؤم قد أغفل مع ذلك كل الاغفال في دراسة تفرع اللغات حتى يومنا هذا , مما أدى الى الأخطاء الشائعة في معظم المناقشات التي دارت حول هذا الموضوع, فكانت الأعمال السابقة غير محققة وذات قيمة علمية ضئيلة ".
كما أن كتاب راسك الذي كتبه عام 1814 حول أصل اللغة الاسكندنافية القديمة لم يصدر الا بعد صدور كتاب فراتربوب بعامين , وان كان عنوان كتابه يوحي بالمقارنة فهو على العكس , لأنه يقوم حول العلاقات التي تربط الايسلندية باللغات الاسكندنافية والجرمانية واليونانية واللاتينية والتوانية والسلافية والأرمنية ليوسع ويشعب هذه الدراسة المقارنة للغات هندو أوروبية أخرى معتبرا أن اليونانية أقدم ما بقي من لغة سائدة تنحدر منها اللغة الاسكندنافية ( ).
10/ المنهج المقارن شرط من شروط تاريخ اللغات :
كان المقاربون في المنهج المقارن شرط من شروط تاريخ اللغات , فالنسبة اليهم من غير الممكن اعادة بناء تاريخ لغة أو مراحل ما قبل أدابيتها Prelitteraire اذا لم تتمكن من مقارنة هذه اللغة باللغات المتواشحبة أو ذات النسب الواحد , معتبرين أن لغة منعزلة لغة لا تاريخ لها , مثل الباسكية التي لا يعرف لها حتى الآن نسب من الأنساب , ومنهجية هؤلاء يقوم على مبدأ التحري بين مختلف اللغات المرصودة لمقارنة عناصر كل منها . فمقارنتهم لم تتم اختياريا ( ).
11/الآنية والزمانية : الوصفية والتاريخية :
لقد ميز دي سوسيربين منهجين في التعامل مع الظاهرة اللغوية.
المنهج الوصفي : هو الذي يتناول الظاهرة كما هي في الواقع اللغوي
المنهج التاريخي : هو الذي يمتم بالتحول المرحلي للسان عبر الحقب الزمنية المختلفة .
من هذا المنطلق تتفرع اللسانيات الى فرعين:
أ-لسانيات وسنكرونية آنية (Synchronique) : وهي الدراسة التي تمتم بالنظام اللساني في ذاته ومن أجل ذاته بمعزل عن التاريخ.
ب-لسانيات تاريخية (Diachronique): فهي الدراسة التي تقوم على التعقب التطوري للغة عبر التاريخ ( ).
12/ أولية المنهج الوصفي على المنهج التاريخي :
تعتبر اللغويات التاريخية لغويات القرن التاسع عشرة , كما تعتبر اللغويات الوصفية لغويات القرن العشرين لكن هناك أولية للتدرس الوصفي النسكروني على الدرس التاريخي الدياكروني لأنه لكي تتحقق الدراسة التاريخية ينبغي أن تسبق بدراسة وصفية جزئية على الأقل للمراحل المتصلة للغة المدروسة اذا ما أريد معرفة تطورها التاريخي من أقدم تسجيلاتها وانتماء بالوقت الراهن ( ).
ويرى دي سوسير أن التقابل بين الوصفية (النسكونية ) والزمانية (الدياكرونية) تقابل لا مجيد عنه لكنه في نفس الوقت يولي الدراسة الآنية وذلك رد فعل على طغيان المنهج التاريخي طيلة القرن التاسع عشر , فاللغة جهاز معقد ينبغي أن يقوم بوصفها وصف دقيقا كاملا قبل دراسة تطورها.
ولقد أشار دي سوسير الى ذلك اشارة واضحة بقوله :" تبدو الحقيقة الآنية وكأنها نفي للحقيقة الزمانية ويخيل الى الناظر السطحي الذي لا يعمق في باطن الأمور أنه يجب أن تختار احداهما دون الأخرى . والواقع أن مثل هذا الخيار ليس بالأمر الضروري لأنهما لا تتنافيان التبة"( ).
الخاتمة :
(رأى محمد مندور في علم اللساني التاريخي من ترجمة عن لانسون )
حيث يرى هذا الأخير أن علم اللسان التاريخي هو علم جدائي , لأن الباحث في هذا المجال لم يبدأ في أبحاث الا منذ زمن حديث , وان كثرت شواهده من القديم فما هي الا آثار انسانية ., فاللغات البابلية والسوسية لا تمثالها اليوم أي لغة حية , وفي الحالات التي تكون لدينا فيها نصوص قديمة للغات لاتزال تكلم , نجد أن السلسلة غير متصلة مثال : اللغات الايرانية نجد لها لغتين : الأولى لغة النقوش الأكعينية (أواخر القرن 6 ق.م) , والثانية لغة الأفستا والتي تعتبر في جزء منها أقدم من الأولى , ثم نجد اللغة الرسمية للعهد الساساني القرن3 بعد الميلاد , ثم لغة النصوص المانوية التي وجدت في تورفان و ثم في القرن العاشر نجد اللغة الفارسية الأدبية , وأخيرا في العصر الحاضر نجد عدة لغات . فلا يمكن دراسة سير تطور لغة أو فترة ما قبل تاريخيتها الا بعد مقارنتها بلغات ربما تكون احداها منحدرة من الأخرى , واما تنحدر كلها من أصل واحد , مثال : اللغات الرومانية هي تطورات مختلفة للغات لاتينية , ومع ذلك فاللغة اللاتينية الأدبية لا تفسر اللغات الاتينية الحديثة وهذا اذا أخذنا بعين الاعتبار نقطة البداية هي لغة الكلام لا اللاتينية لا اللغة المكتوبة , واذا كانت بعض النصوص قد كشفت عن شيء من لغة الكلام اللاتينية , فاننا لا نستطيع أن لقدر قيمة الآثار المنفردة الا بمقارنة اللغات الرومانية بعضها ببعض . حيث نجد أن اللغة لم تنحجر ولم تبق كالسنسكريتية ,و اللاتينية الأدبية ثابتة تقريبا خلال القرون مما نستطيع معه أن نلمح لغة الكلام خلال النصوص . نقول انه في هذه الحالات لا تعطينا النصوص عن اللغة فكرة دقيقة قط والاكتفاء بالنصوص المكتوبة في تتبع تغيرات اللغة غير كاف . لذا وجب استخدام وسائل خاصة , وهي وسائل النحو المقارن ( ).