مصر القديمة كانت مهدًا لواحدة من أولى حضارات العالم. وقامت هذه الحضارة المتقدّمة منذ نحو 5,000 سنة مضت على ضفاف وادي النيل في شمال شرقي إفريقيا. وقد عاشت هذه الحضارة لأكثر من ألفي سنة، وبهذا أصبحت أطول حضارة مُعمِّرة في التاريخ.
كان نهر النيل شريان الحياة لمصر القديمة، يفيض في كل سنة، وتترسّب شريحة من التربة الغنية السوداء على امتداد ضفتيه. وقد ساعدت التربة الغنية المزارعين في تنمية إمداد غذائي ضخم. وأطلق قدماء المصريين على بلدهم كيميت، وتعني الأرض السوداء تيمّنًا بتلك التربة الداكنة. وفّر النيل كذلك المياه للري، كما كان الطريق الرئيسي للنقل في مصر. لهذه الأسباب مجتمعة أطلق المؤرّخ اليوناني هيرودوت على مصر هبة النيل.
قدم المصريّون القدماء مُساهمة بارزة في تطور الحضارة، فقد كوّنوا أوّل سلطة مركزية في العالم، وابتدعوا الأشكال الأساسية للرياضيات، إضافة لتقويم سنوي من 365 يومًا. واخترعوا شكلاً للكتابة بالصور يُسمى الهيروغليفية كما اخترعوا أيضًا ورق البردي وهو مادّة كورق الكتابة، مصنوعة من سيقان نبات البردي. وكانت ديانة المصريّين من أقدم الأديان التي أكدت على الاعتقاد بالحياة بعد الموت. وبنوا مُدنًا عظيمة عمل فيها عدد من المهندسين والمعماريين والأطباء والنحّاتين والرسامين المهرة.
ومن أشهـر مُنجزات المصريين القدماء الأهرامات التي بنوها مقابرً لحـكامهم. وتقع أكثر الأهرامـات شهرة في الجيـزة. مثلت هذه الأبنيـة الحجريـة الضخمة، قمة قدراتهم في الهنـدسة المعـمارية، بقيـت متماسكة بفعل المناخ الجاف لنحو 4,500 سنة، وهـي باقية كمؤشّرات مُدهشة لتطور مصر القديمة. انظر: الهرم.
العالم المصري
خريطة مصر القديمة توُضح هذه الخريطة مصر القديمة خلال ثلاث فترات تُعرف بالمملكة القديمة، والمملكة الوسطى، والمملكة الحديثة.
السطح. مصر القديمة أرض طويلة وضيقة يَخْترقُها نهر النيل. وتحدّها الصحارى من الشرق والجنوب والغرب، ويقع البحر الأبيض المتوسط إلى الشمال. يجري النيل شمالاً من أواسط إفريقيا عبر الصحراء المصرية ليصب في البحر الأبيض المتوسط. أطلق المصريّون على الصحراء اسم دشرت وتعني الأرض الحمراء. يبلغ مجرى النهر في مصر حوالي 1,000كم، ويتفرّع النهر لعدة قنوات شمال القاهرة الحالية ليكوِّن دلتا النيل. وتنبسط الأرض الصحراوية في غرب وادي النيل كما تبرز الجبال في الجهة الشرقية.
يغمر نهر النيل ضفتيه كل عام بالمياه. يبدأ الفيضان في يوليو عندما يبدأ موسم الأمطار في أواسط إفريقيا، وترفع الأمطار مستوى النهر أثناء تدفقه شمالاً. وتنخفض مياه الفيضان عادة في سبتمبر تاركة وراءها شريحة خصبة من الأرض متوسط عرضها نحو 10كم على كلتا ضفتي النهر. وبعد ذلك يزرع الفلاحون هذه الأرض الغنية. واعتمد المصريون كذلك على نهر النيل طريقًا رئيسيًا للنقل. تطوّرت ممفيس وطيبة ـ أهم عاصمتين لمصر القديمة ـ وغيرهما من المدن على طول النهر لأهميته في الزراعة والنقل.
السكان. عاش معظم الناس في مصر القديمة في وادي نهر النيل، وتراوح عددهم مابين مليون وأربعة ملايين تقريبًا في أوقات مختلفة خلال تاريخ مصر القديمة. وعاش بقية السكان في الدلتا والواحات الواقعة غربي النهر.
كان المصريّون ذوي بشرة سمراء وشعر داكن، وتحدّثوا بلغة ذات صلة باللغات السامية في جنوب غربي آسيا وببعض لغات شمال إفريقيا في الوقت نفسه. وكُتبت اللغة المصرية بالهيروغليفية، وهي نظام صور ترمز للأفكار والأصوات. وقد بدأ المصريّون يستخدمون هذا النظام نحو سنة 3000ق.م. وهو يشتمل على أكثر من 700 رمزٍ تصويريٍّ. واستخدم المصريّون الهيروغليفية للكتابة بها على المعابد والمباني، وليسجّلوا المخطوطات الرسمية على الحجارة. أما الاستعمال اليومي فطوروا له شكلين بسيطين من الهيروغليفية يُسميان الهيراطي والديموطي.
عرفت مصر القديمة ثلاث طبقات اجتماعية، العُليا والوُسطى والدُّنيا. تكونت الطبقة العليا من العائلة المالكة والأثرياء وموظفي الحكومة وكبار الكهنة وضُباط الجيش ثمّ الأطباء. والطبقة الوسطى تكونت من التجار والصنّاع والحرفيين. أما الطبقة الدُّنيا، وهي أكبر الطبقات، فقد تكونت من العمال غير المهرة الذين عمل معظمهم في المزارع. أما السجناء الذين كان يتمّ أسرهم خلال الحروب الخارجية فقد كونوا طبقة الرقيق.
لم يكن النظام الاجتماعي في مصر القديمة جامدًا، إذ كان من الممكن أن يصعد من الطبقة الدنيا أو الوسطى إلى مرتبة أعلى، وكان يمكن للفرد أن ينتقل إلى مرتبة أعلى عن طريق الزواج، أو النجاح في عمله. وحتى العبيد كان لهم حقوق معروفة؛ إذ كان يحق لهم أن يقتنوا الأشياء الخاصة بهم، ويتزوجوا ويتوارثوا الأرض، كما كان في إمكانهم أن ينالوا حرياتهم.
حياة السُّكُّان
الحياة الأسرية. ترأس الأب الأسرة في مصر القديمة، وعند وفاته كان الابن الأكبر يحل مكانه. وكان للنساء كل حقوق الرجال تقريبًا؛ فقد كان بإمكانهن امتلاك الثروة وتوريثها وبيع وشراء البضائع وكذلك كتابة الوصية. وكان للزوجة حقّ الحصول على الطلاق. وهناك قليل من الحضارات القديمة التي أعطت النساء كل هذه الحقوق.
كان الملوك يتزوجون عادة، عددًا من النساء في الوقت نفسه، وفي حالات كثيرة كانت الزوجة الرئيسية عضوًا في العائلة المالكة مثل الأخت، أو الأخت غير الشقيقة.
كان الأطفال يلعبون بالدُّمى وأغطية الأواني والكرات الجلدية. وكانت لديهم لعب اللوحات التي تُحدّد حركاتها برمي النرد، كما كانت عندهم الحيوانات الأليفة مثل القطط والكلاب والقرود والرباح والطيور.
التعليم. حظيت نسبة قليلة من الأولاد والبنات بالتعليم في مصر القديمة. وكان مُعظم هؤلاء من أسر الطبقات العليا. وكان التلاميذ يذهبون للمدرسة لتعلّم الكتابة والقراءة والنسخ. وكان الكُتَّاب يكتبون السجلات في مكاتب الحكومة والمعابد والخطابات للأعداد الكبيرة من المصريين الذين لا يعرفون القراءة والكتابة.
وكان يدير كل من القصر الملكي والوحدات الحكومية والمعابد هذه المدارس التي كانت تؤهل التلاميذ ليصبحوا كتبة أو ليعملوا في مهن أخرى. وتمثلت المواد الدراسية الأساسية في القراءة والأدب والجغرافيا والرياضيات والكتابة. وكان التلاميذ يتعلمون الكتابة عن طريق نسخ نصوص الأدب والخطابات والحسابات التجارية. واستخدموا في الكتابة ورق البردي، أوّل مادة شبيهة بالورق في العالم، وكتبوا بالفرش المصنوعة من القصب بعد تشكيل وتليين أطرافها. صنع المصريّون الحبر بخلط الماء والهباب (السَّخام) وهو مسحوق ينتج بعد حرق الأخشاب أو أي مادة أخرى.
امتهن معظم أولاد المصريين مهن آبائهم نفسها بعد أن تعلموها منهم. وهكذا، أصبح بعضهم تجارًا إلاّ أن الغالبيّة كانوا فلاّحين. وكان كثير من الآباء يُلحقون أبناءهم بالمعلمين الحرفيين ليتعلّموا النجارة وصنع الخزف وغيرهما من الحرف. وربما التحق الأولاد الذين يرغبون في دراسة الطب بالعمل مع أحد الأطباء بعد أن يُكملوا تعليمهم المدرسي الأساسي.
أمّا مُعظم البنات فيتمُّ تأهيلهن لدور الزوجة والأم، إذ تقوم الأمهات بتعليمهن الطبخ والخياطة وغيرهما من المهارات.
كان بمصر القديمة عدد من المكتبات أشهرها مكتبة الإسكندرية التي كانت تحتوي على أكثر من 400,000 مخطوطة بردية، عن علم الفلك والجغرافيا وعددٍ آخر من العلوم، وللإسكندرية أيضًا مُتحف مُتميّز.
الغذاء والملبس والمأوى. كان الخبز الغذاء الرئيسي في وجبة معظم قدماء المصريين، الذين صنعوه من القمح. وتناول كثير من المصريين أنواعًا مختلفة من الخضراوات والفواكه والسمك والحليب والجبن والزبدة ولحوم البط والإوز. والأثرياء من المصريين كانوا يأكلون بانتظام لحوم الأبقار والغزلان والظباء بالإضافة إلى الكعك الفاخر وغيره من أنواع الخبز، وكان الناس يأكلون بأيديهم.
كان المصريّون يلبسون أثواب الكتّان البيضاء، أما النساء فيلبسن الأثواب الطويلة أو الفساتين الضيقة مع وضع أشرطة على الكتف. ويلبس الرجال الأُزُر، أو الثياب الطويلة. كما لبس المصريّون أحيانًا أغطية ملونة للرأس مُتدلية حتى الكتف. والأثرياء منهم وضعوا الشعر المستعار على رؤوسهم وكان إحدى وسائل الحماية من الشمس، كما لبسوا الصندل المصنوع من الجلد. لكن عامّة الناس كانوا يمشون عادة حفاة الأقدام. أما الأطفال فنادرًا ما ارتدوا أية ملابس.
استخدم المصريون القدماء مستحضرات التجميل ولبسوا المجوهرات، ووضعت النساء مسحوق الشفاه وصبغن الشعر وطلين الأظافر، كذلك قُمن برسم معالم العيون وتلوين الحواجب بلون رمادي، أو أسود أو أخضر. ورسم الرجال كذلك معالم عيونهم واهتموا بزينتهم اهتمام النساء بها، واستعمل كلا الجنسين العطور، ولبس كلاهما العقود والخواتم والأساور، وكانت الأمشاط والمرايا والشفرات من الأدوات المعروفة في التجميل.
بنى المصريّون منازلهم بطوب اللّبن المجفّف، واستعملوا سيقان النخيل ليدعموا السقوف المسطحة، وكان معظم البيوت في المدن مباني ضيّقة تكونت من ثلاثة طوابق أو أكثر. عاش معظم فقراء المصريين في أكواخ من غُرفةٍ واحدة. وكان المصري من الطبقات الوسطى يعيش في بيت مكوّن من طابق أو طابقين فيه ثلاث غرف على الأقل، وكثير من الأثرياء عاشوا في بيوت تحوي مايصل إلى سبعين غرفة. وكانت بعض هذه البيوت ملكيات أو عقارات ريفية فيها البساتين والبرك والحدائق. وكان للبيوت المصرية نوافذ صغيرة في أعلى الجدران تساعد على منع دخول أشعة الشمس. وقد نشر الناس الحصير المبلل على الأرضيات لترطيب الهواء داخل البيوت. وفي الليالي الحارة كان الناس ينامون فوق الأسطح غالبًا حيث يكون الطقس أقل حرارة.
اشتمل الأثاث المصري على المقاعد الخشبية والكراسي والأسرة والصناديق. واستخدم المصريون القدماء أواني الخزف للطبخ وتقديم الطعام. وطهوا الطعام في أفرانٍ من الطين أو على النار. واستخدموا الفحم النباتي والأخشاب للوقود. واستمدوا الإضاءة من المصابيح والشموع. فقد كانت مكونة من خيوط الكتان ذات الفتلات القطنية، كما كان الزيت يُحرق في قوارير أو آنية حجرية مُجوفة.
الترويح. تمتّع قدماء المصريين بعددٍ من الأنشطة لتمضية الفراغ. فقد قاموا بصيد الأسماك، وسبحوا في نهر النيل. وكان ركوب المراكب الشراعية شائعًا . وقام المغامرون من المصريين بصيد التماسيح والأسود وأفراس النهر والأفيال والأبقار المتوحّشة مُستخدمين القسي والرماح والحراب. وكان كثير من المصريين القدماء يعجبون بمشاهدة مباريات المصارعة. وفي البيت كانوا يلعبون السنيت وهي شبيهة بلعبة الطاولة.
الديانة
مصر القديمة
الآلهة والإلاهات. اعتقد قدماء المصريين أنّ عددًا من المعبودات (آلهة وإلاهات) يؤثر في كلّ أوجه الطبيعة، وفي كلِّ النشاط البشري، لذلك عبدوا عديدًا من الآلهة. وكان المعبود الأساسي هو رع، إله الشمس في زعمهم. اعتمد المصريّون على إلههم رع وعلى إلاهتهم رَنُوتَتْ للحصول على حصاد جيّد. وكان أهم الإلاهات إيزيس، إذ كانت تُمثلً الأم والزوجة المخلصة. أما أوزريس زوجها وأخوها في الوقت نفسه، فعدُّوه المتحكم في الزرع وفي الموتى. وكان حورس، ابن إيزيس، وأوزيريس إله السماء عندهم، وسمُّوه رب السماء وصوروه كثيرًا برأس صقر حر.
وفي كل بلدة ومدينة مصرية عَبَدَ الناس إلها خاصاً بهم، بالإضافة إلى الآلهة الرئيسية. فالناس في طيبة، على سبيل المثال، عبدوا آمون إلهًا للشمس. وأخيرًا وُحِّد آمون برع، وبعد ذلك أصبح آمون ـ رع المعبود الرئيسي. ومن الآلهة المحلية الأخرى التي عبدوها بتاح الإله الذي أوجد ممفيس، وتحوت إلاهة الحكمة والكتابة في هيرموبولس، وخنوم كإله خالق أيضًا في فيَلة (الفنتين). وكان العديد من الآلهة يصور بأجسام بشرية ورؤوس حيوانات. ومثل هذه الرؤوس كان يشير إلى ميزة حقيقية أو متخيلة للحيوان وبها كان يتم التعريف بالمعبود بطريقة سهلة.
ولكن لا يُعرف كيف كان يتعبد عامة قدماء المصريين. فكل معبد كان منزلاً لأحد الآلهة، أو أنه نُذر لأحد الملوك الموتى. كان المعبد الذي بني على شرف آمون ـ رع في الكرنك أكبر المعابد في البلاد، به أكثر من مائة وثلاثين عمودًا، بلغ طول الواحد منها حوالي 25م. وقد زينت أعمدة وجدران القاعة الكبرى ـ التي ما تزال أكبر قاعة ذات أعمدة بُنيت حتى الآن ـ لوحات ملونة رائعة.
كانت مهمة الكاهن الأساسية خدمة المعبود، أو الملك الذي يمثله تمثال في المعبد. يعدُّ الملك الحاكم رئيس كهنة مصر. وفي كل يوم يقوم هو أو غيره من الكهنة المحليين بغسل وإلباس التمثال وإحضار الطعام له. ويقوم الكهنة كذلك بتقديم الأدعية التي يطلبها الأفراد.
الحياة الآخرة. آمن قدماء المصريين بإمكانية التمتّع بالحياة بعد الموت. هذا الاعتقاد في الحياة بعد الموت أدى أحيانًا إلى إعداد تجهيزات كثيرة للموت والدفن. ونتج عن هذا الاعتقاد بناء الأهرامات والمقابر الكبيرة للملوك والملكات. وكان لبقية الشعب من المصريين مقابر أصغر.
اعتقد المصريّون أيضًابضرورة حفظ أجساد الموتى للحياة التالية، ولذلك اهتموا بهذا الأمر فقاموا بتحنيط الجثث ليمنعوا تحللها. وبعد تحنيط الجسد، كان يلف بطبقات من قطع الكتان ويُوضع داخل تابوت. وتوضع المومياء بعد ذلك داخل القبر.
قام بعض المصريين كذلك بتحنيط الحيوانات الأليفة كالقرود والقطط، وقد بقي عدد من الموميات المصرية محفوظة حتى يومنا هذا.
ملأ المصريون مقابرهم بالأشياء التي ظنوا أنهم سوف يستخدمونها في حياتهم بعد الموت، واشتملت هذه الأشياء على الملابس والأمتعة والأكل والمساحيق والمجوهرات. وامتلأت مقابر المصريين الأثرياء بتماثيل الخدم اعتقادًا منهم بأنهم سوف يخدمونهم في العالم الآخر. ورسمت مشاهد الحياة اليومية على الجدران الداخلية للمقابر. واعتقد المصريون أن بعض الطقوس التي يؤديها الكهنة تجعل من أوزيريس باعثًا للحياة في هذه المشاهد وفي الميت كذلك.
اقتنى كثير من المصريين النصوص التي حوت الصلوات والأدعية والترانيم وغيرها من المعلومات التي ظنوا أنها توجّه الأرواح في الحياة بعد الموت وتحفظها من الشر وتوفر لها الاحتياجات. وقام المصريّون بنقش فقرات من هذه النصوص أو كتابتها على جدران المقابر وربما وضعوا نسخًا منها داخل القبر في بعض الأحيان. وسميت مجموعات هذه النصوص كتاب الموتى.
العمل
اهتم معظم العمال في وادي النيل الخصيب بالزراعة وساعدت المحاصيل الكثيرة لمواسم عديدة، في أن تجعل من مصر بلدًا غنيًا.وعمل كثير من الناس، لتأمين عيشهم، في الصناعة والتعدين والنقل أو التجارة.
لم يكن لدى المصريين نظام نقدي وعوضوا عن ذلك بمقايضة البضائع أو الخدمات مباشرة بما يقابلها.وهو ما يطلق عليه نظام المقايضة حيث كان العمال يحصلون على أجورهم من فائض القمح والشعير الذي يقومون بمقايضته فيحصلون على احتياجاتهم الأخرى.
الزراعة. عمل مُعظم العمال الزراعيين في الإقطاعات الكبيرة للعائلات المالكة والمعابد وملاك الأراضي الأغنياء. وحصلوا على قليل من المحاصيل كأجور، وذلك لأن مُلاك الأراضي كان علَيهم تَحويل نسبة كبيرة من الإنتاج الزراعي كضرائب. وكان بعض المزارعين يستأجرون الحقول من ملاك الأراضي الأثرياء.
كانت مصر القديمة بلدًا حارًا يكاد ينعدم فيه هطول الأمطار، ولكن الزراع كانوا يزرعون المحاصيل مُعظم السنة عن طريق ريّ الأراضي، إذ شيدوا القنوات لأخذ المياه من نهر النيل إلى الحقول، واستخدموا المحاريث الخشبية التي تجرها الثيران لإعداد الأرض للزراعة.
كانت المحاصيل الرئيسية لمصر القديمة هي القمح والشعير. أما المحاصيل الأخرى فتشمل الخس والفاصوليا والبصل والتين والبلح والعنب والبطيخ والخيار والرمّان والفجل. وكان النبيذ يصنع بعصير البلح والعنب. وزرع كثير من المزارعين قصب الكتان ليصنع منه قماش الكتان. وربى المصريّون الأبقار للحومها وألبانها والماعز والبط والإوز والحمير. كماكان بعض الناس يُربون النحل ليحصلوا على العسل.
الصناعة والتعدين. كان الحرفيون الذين يديرون المتاجر الصغيرة يصنعون معظم البضائع في مصر القديمة، وتحتلّ صناعة ملابس وخيوط الكتان الصدارة في الصناعات. واشتملت المنتجات الأخرى المهمة الخزف والطوب والأدوات والزجاج والأسلحة والأثاث والمجوهرات والعطور. وصنع المصريّون العديد من المنتجات من النبات مثل الحبال والسلال والحُصُر وصحف الكتابة.
كان لمصر القديمة مخزون كبير من المعادن. حيث أنتج المشتغلون بالمحاجر والتعدين كمّيات كبيرة من الحجر الجيري والحجر الرملي والجرانيت لبناء الأهرامات والمنشآت الكبيرة. كذلك قاموا بتعدين النحاس والذهب والقصدير والجواهر مثل الفيروز والجمشت. وكان معظم الذهب يأتي لمصر من كوش (السودان قديمًا) والتلال الواقعة شرقي النيل.
التجارة والنقل. أبحر تُجار مصر القدماء إلى عدة بلاد بمحاذاة بحر إيجة والبحرين الأبيض المتوسط والأحمر. وحصلوا على الفضة والحديد والخيل وخشب الأرز من سوريا ولبنان وغيرهما من مناطق جنوب غربي آسيا. وجلبوا العاج وجلود النمر الأرقط والنحاس والأبقار والتوابل من بلاد النوبة الواقعة جنوبي مصر. وقايض المصريّون هذه البضائع بالذهب وغيره من المعادن والقمح والشعير وصحائف البردي.
كان النقل داخل مصر يتم على نهر النيل بوساطة المراكب والبراجي (مراكب نقل البضائع). وصُنعت أقدم المراكب من قصب البردي، وبعد أن كانت تحرك في البداية بالأعمدة، أصبح يُستخدم في دفعها المجاديف. وفي نحو 3200ق.م ابتكر المصريّون الشراع وأصبحوا يعتمدون على الرياح مصدرًا للطاقة التي تحرك المراكب.
خلال الفترة المبكرة من تاريخ مصر القديمة كان أكثر الناس يتنقلون سيرًا على الأقدام، وكان الأثرياء منهم يُحملون فوق مقاعدٍ خاصة. وخلال القرن السابع عشر قبل الميلاد بدأ المصريّون يركبون العربات التي تجرّها الخيول.
الحرف والمهن. وظفت العائلة المالكة والمعابد في مصر القديمة المعماريين والمهندسين المهرة، والنجّارين والفنّانين والنحّاتين كما استأجروا الخبّازين والقصابين والمدرسين والخطاطين والمحاسبين والموسيقيين ورؤساء الخدم وصانعي الأحذية. وقد جعل الاعتقاد المصري بأن الأجساد يجب أن تحفظ للحياة الأخرى التحنيط مهنةً ذات مهارة عالية. وعمل كثير من المصريين في الجيش والبحرية، وعمل آخرون في سفن الشحن أو مراكب صيد الأسماك.
الفنون والعلوم
العمارة. تعدّ أهرامات مصر أقدم وأكبر منشآت بنيت من الحجر في العالم. توجد بقايا أكثر من 35 هرمًا، على طول نهر النيل. وتعدّ أهرامات الجيزة إحدى عجائب العالم القديم السّبع. بنيت أولى الأهرامات المصرية منذ حوالي 4,500سنة مضت، ويبلغ ارتفاع أكبرها، هرم الجيزة الأكبر، حوالي 140م. وتُغطي قاعدته ما مساحته حوالي خمسة هكتارات من الأرض. بني هذا الهرم بأكثر من مليوني كتلة من الحجر الجيري يبلغ متوسط وزن الواحدة منها 2,3 طن متري.
بنى المصريّون القدماء كذلك المعابد من الحجر الجيري. وشكلوا أجزاء المعبد على هيئة النبات. فعلى سبيل المثال نحتت الأعمدة في بعض المعابد على شكل أشجار النخيل، أو قصب البردي. كان المعبد يتكوّن من ثلاثة أجزاء: معبد صغير، وقاعة كبيرة فيها عدد من الأعمدة، ثم فناء مفتوح.
التصوير التشكيلي والنحت. كانت معظم اللوحات الملونة الرفيعة وغيرها من الأعمال الفنية تُخصص للمقابر والمعابد. غطىّ الفنانون جدران المقابر بمناظر خيالية ساطعة، تُمثل الحياة اليومية، وصورًا أخرى لاستخدامها دليلا في الحياة بعد الموت. ولم تكن اللوحات على المقابر لمُجرد الزينة، وإنما عكست اعتقاد المصريين بأن هذه المشاهد قد تُبعث فيها الحياة في العالم الآخر. ولهذا السبب لم يكتف أصحاب المقابر بتصوير أنفسهم وهم يبدون صغار السن وجذابين، بل صوروا أنفسهم في أجواء مريحة تمنوا أن يستمتعوا بها في حياتهم بعد الموت.
زيّن النحّاتون في مصر القديمة المعابد بمنحوتات تصور الاحتفالات والانتصارات العسكرية وغيرها من الأحداث المهمة، كذلك نحتوا تماثيل الكائنات الخرافية من الحجر. ويفترض في هذه التماثيل أنها تُمثل الملوك المصريين أو المعبودات وتستخدم في حراسة المعابد والمقابر. فأبو الهول، مثلاً، يُعتقد أنه يمثل إما الملك خفرع أو معبودهم رع ـ حراختي. هذا التمثال العجيب له رأس إنسان وجسد أسد ويبلغ طوله 73م وارتفاعه 20م. نُحِت أبو الهول، الذي يوجد بالقرب من الهرم الأكبر بالجيزة منذ نحو 4,500 سنة.
صنع النحاتون كذلك التماثيل الصغيرة من الخشب والعاج والمرمر والبرونز والذهب والفيروز. وكانت المواضيع المفضلة في التماثيل الصغيرة تشمل القطط التي اعتبرها المصريّون مقدسة، وتكتسب أهميتها لأنها توفر الحماية لمحاصيلهم من الفئران.
الموسيقى والأدب. استمتع المصريّون القدماء بالموسيقي والغناء. واستخدموا القيثارة والعود وغيرهما من الآلات الوترية أثناء الغناء. كانت أغاني الحب المصرية شاعرية وعاطفية.
أَلفّ الكُتاب عديدًا من القصص التي تُصور الشخصيات والمشاهد أو الأحداث الخيالية. وكان الهدف منها المتعة والتسلية. ومن الكتابات الأخرى مقالات حول العيش الطيب تسمى الإرشادات.
العلوم. استطاع المصريّون القدماء تسجيل ملاحظات في الفلك والجغرافيا ساعدتهم في تطوير تقويم سنوي يتكون من 365 يومًا. اعتمد التقويم على الفيضان السنوي لنهر النيل، الذي كان يبدأ مباشرة بعد ظهور نجم الشعرى اليمانية على الأفق الشرقي مرة أخرى بعد أن كان مُختفيًا لعدد من الشهور. ويتمّ ذلك في نحو 20 من يونيو من كلِّ سنة. لقد ساعد هذا التقويم المصريين على تحديد مُعظم تاريخهم، والمادة المؤرخة من مصر القديمة ساعدت الباحثين ليُؤرّخوا أحداثًا في أماكن أخرى من العالم القديم. استطاع المصريّون القدماء قياس المساحات والأحجام والمسافات والأطوال والأوزان. واستخدموا الهندسة لتقرير حدود المزارع، واعتمدت الرياضيات على نظام ليس به أصفار.
كان الأطباءُ المصريّون القدماء أول الأطباء الذين درسوا الجسم البشري بطريقة عملية، ودرسوا بنية الدماغ، وعرفوا أن النبض مُتصل بطريقة ما بالقلب. وقد تمكنّوا من جبر العظام المكسورة والعناية بالجروح ومعالجة عديد من الأمراض. وتخصص بعض الأطباء في ميادين معينة من الطب كخلل العيون أو آلام المعدة.
نظام الحكم
حكم الملوك مصر القديمة في معظم تاريخها. وفي وقت ما بين 1554 و 1304ق.م أطلق الناس على الملك كلمة فرعون. وكلمة فرعون أتت من كلمتين مصريتين تعنيان البيت الكبير. واعتقد المصريّون أنّ كل واحد من ملوكهم كان هو إلههم حورس في شكل آدمي. وهذا الاعتقاد ساعد في تقوية سلطة الملوك.
كان منصب الملك وراثيًا. وينتقل الملك إلى أكبر أبناء الملك من زوجته الرئيسية. والكثير من الملوك المصريين كان لهم زوجات من مستوى أقل في الوقت نفسه. وقد أنجب بعض النساء البنات فقط. وفي بعض هذه الحالات ادعى عدد من البنات حق العرش. وهناك أربع نساء على الأقل أصبحن ملكات.
كان يُساعد الملك في الحكم موظفون يطلق عليهم وزراء. وبحلول القرن الخامس عشر قبل الميلاد عين الملك اثنين منهم، أحدهما، لإدارة منطقة الدلتا، والثاني لإدارة الإقليم الواقع في الجنوب. وعمل الوزراء محافظين وجامعي ضرائب وقضاة، وبعضهم تمكّن من السيطرة على ثروات المعبد. وكانت الحكومة تجمع الضرائب من الفلاحين في شكل محاصيل، وكان العمال المهرة يدفعون الضرائب من البضائع المُنتجة أو الخدمات التي يؤدّونها. وهكذا كانت خزائن الملوك والمعابد مخازن تحوي أساسًا المحاصيل ومختلف أنواع البضائع المُصنعة. كذلك فرضت الحكومة السخُّرة (وهي ضريبة من الخدمة) لتأمين الأفراد جنودًا في الجيش أو عمالاً للحكومة.
قسّمت مصر القديمة لأغراض الإدارة المحلية إلى اثنين وأربعين إقليما سميت ولايات ويعين الملك موظفًا يُسمىّ النومارش (الوالي) ليحكم الإقليم. كانت هناك محاكم في كلّ إقليم إضافة إلى محكمة عليا بالعاصمة.ويقوم الوزراء بالنظر في القضايا في معظم الحالات بينما الملوك يُصدرون الأحكام في الجرائم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام.
كان لمصر القديمة في أيامها الأولى جيش من المشاة مسلح بالحراب. وفي القرن السادس عشر قبل الميلاد بنى المصريّون جيشًا كبيرًا. واشتمل الجيش على جنود مُدربين لرمي السهام من الأقواس بدقّة متناهية، وهم على عربات مسرعة تجرها الخيول. وقد امتلكت مصر القديمة قوة بحرية كبيرة مكوّنة من سفن طويلة تسمى القادس. وكانت هذه السفن تستمد طاقتها المحركة من المجاديف رغم أنّ لمعظمها أشرعة.
نبذة تاريخية
تواريخ مهمة في مصر القديمة
البدايات. كان أول المجتمعات المعروفة في مصر القديمة قرى تأسست منذ أكثر من 5,000 سنة مضت. وبمرور الوقت أصبحت القرى جزءًا من مملكتين تحكمت إحداهما في القرى الواقعة في دلتا النيل، وتحكّمت الثانية في قرى جنوب الدلتا. وكانت منطقة الدلتا تعرف باسم تا ـ محو تقابل الوجه البحري حاليًا، والإقليم الجنوبي يسمّى شمعو، وتقابل الوجه القبلي حاليًا.
بدأت الحضارة المصرية حوالي 3100ق. م. وحسب الرواية المتداولة استطاع ملك الوجه القبلي، واسمه مينا، هزيمة ملك الوجه البحري في ذلك التاريخ. بعد ذلك وحَّد نعرمر البلاد وكوّن أول سلطة مركزية في العالم. وأسّس مدينة ممفيس عاصمة له بالقرب من موقع القاهرة الحالي. كذلك أسّس أول عائلة (أسرة) حاكمة، وهي تشتمل على عدد من الملوك من أسرة واحدة. وقد حكمت مصر القديمة أكثر من ثلاثين أُسرة أُخرى.
الفترة المبكرة. تغطي الفترة المبكرة ـ من التاريخ المصري القديم ـ حكم الأسرتين الأولى والثانية اللتين حكمتا لحوالي 400 سنة. وخلال هذه الفترة بنى الملوك معبدًا لبتاح كبير معبودات ممفيس، كما أقاموا عددًا من القصور بالقرب من المعبد. كذلك طوّر المصريّون خلال الأسرتين الأوليين أنظمة الري واخترعوا المحراث الذي تجره العجول، كما دونوا بعض النقوش بالكتابة الهيروغليفية.
المملكة القديمة. بدأت الأسرة الثالثة نحو 2686ق.م وبذلك التاريخ أصبح لمصر سلطة مركزية قوية. وعُرفت فترة الخمسمائة سنة التالية ببناء أهرامات مصر الضخمة. وتُسمى هذه الفترة المملكة القديمة أو عصر الأهرامات.
بُني أول هرم مصري معروف للملك زوسر، في سقارة حوالي 2650ق.م. وترتفع المقبرة فيه نحو 60م في ستة مدرجات ضخمة ويسمّى الهرم المدرج. وفي عهد الأسرة الرابعة بنى العمال الهرم الأكبر وغيره من الأهرامات بالجيزة. وقد بني الهرم الأكبر للملك خوفو، كما بني هرمان ضخمان بالقرب منه، أحدهما لابنه الملك خفرع والثاني للملك منقرع. وقد كان عمال المزارع يشتغلون في بناء الأهرامات عندما تغمر مياه فيضان النيل حقولهم.
ونحو أواخر الأسرة السادسة بدأت سلطة الملك تضعف، إذ تنافس موظفو الحكومة والكهنة على السلطة. استمرّت المملكة القديمة حتى 2181ق.م، حيث انتهت سلطة الأسرة السادسة.
كان حكام معظم الأسر الأربع التالية ضعفاء، وقد تم أخيرًا نقل العاصمة إلى طيبة.
المملكة الوسطى. المملكة الوسطى في التاريخ المصري القديم تتمثّل في حكم الأسرتين الحادية عشرة والثانية عشرة، وازدهرت في الفترة الثانية عندما اعتلى العرش أمنمحات وزير جنوب مصر الذي نقل العاصمة إلى إت ـ تاوي قرب ممفيس. استطاع أمنمحات وخلفاؤه الأقوياء أمثال سنوسرت الأول وسنوسرت الثاني وأمنمحات الثالث، أن يعيدوا لمصر ثراءها وقوتها. وخلال حكم الأسرة الثانية عشرة احتلت مصر بلاد النوبة، وأنعشت التجارة مع فلسطين وسوريا في جنوب غربي آسيا، كما ازدهرت العمارة والأدب وغيرهما من الفنون. وانتهت فترة الأسرة الثانية عشرة عام 1786ق.م.
قاد عدد من الأسر التالية ملُوكٌ ضعفاء، حيث انتشر مستوطنون من آسيا يطلق عليهم الهكسوس في كلّ دلتا النيل، ثم استولوا على السلطة في مصر حوالي 1670ق.م. وخلال الحرب استخدم الهكسوس العربات التي تَجُرها الخيول والأقواس المطوّرة، وغيرها من الأدوات غير المعروفة لدى المصريين. وقد حكم ملوك الهكسوس مصر حوالي مائة سنة.
المملكة الحديثة. هي فترة خمسمائة سنة أصبحت مصر خلالها أقوى قوة في العالم. بدأت هذه الفترة نحو 1554ق.م بالأسرة الثامنة عشرة، وخلال حكم هذه الأسرة ـ أسسها أحمس الأول ـ طردت قوات الهكسوس خارج مصر، واستعادت طيبة أهمّيتها، كما أصبح آمون الذي كان يُعبد أساسًا في طيبة، يقرن بالمعبود رع تدريجيًا حيث سُمِّي آمون ـ رع.
في بداية عهد الأسرة الثامنة عشرة طوّرت مصر جيشًا دائمًا استخدم عربات الخيول وغيرها من التقنيات العسكرية المتطورة التي أدخلت خلال فترة الهكسوس . قاد الملوك الأوائل من هذه الأسرة حملات عسكرية داخل جنوب غربي آسيا. وقد وصل تحتمس الأول، فيما يبدو، إلى نهر الفرات.
أنشأت مصر إمبراطورية عظيمة، بلغت ذروة قوتها خلال القرن الخامس عشر قبل الميلاد تحت حكم تحتمس الثالث الذي قاد حملات عسكرية داخل آسيا سنويًا تقريبًا ولمدة عشرين سنة، حيث أخضع فلسطين وسوريا وضمّهما للإمبراطورية المصرية. وأعاد تُحتمس سيطرة مصر على كوش (السودان القديم) حيث المصادر المهمة للرِّجال والنحاس والذهب والعاج والأبنوس. ونتيجة لهذه الانتصارات أصبحت مصر أقوى وأغنى دولة في الشرق الأوسط.
تغيّر مجرى التاريخ المصري بصورة غير متوقعة بعد اعتلاء أمنحوتب الرابع العرش 1367ق.م، فقد نذر نفسه لعبادة إله للشمس يسمى آتون، ممثلاً في قرص الشمس. غيّر أمنحوتب اسمه إلى أخناتون وأعلن أن أتون حلّ محل آمون، وغيره من الآلهة المصرية ماعدا رع. كان يعتقد أنّ رع جزء من أشعة الشمس التي تأتي من آتون. كذلك نقل الملك العاصمة إلى مدينة جديدة تُسمى أختاتون حوالي 280 كم للشمال من طيبة. وتوجد أطلال هذه المدينة بالقرب من تل العمارنة الحالية. أدت إصلاحات أخناتون الدينية، التي يُسميها المؤرخون ثورة العمارنة، إلى سيل من الفنون والعمارة التي تمجد آتون. إلا أن هذه التغيرات أغضبت كهنة المعبودات الأخرى وبخاصة أمون رع.
استطاع خلفاء أخناتون المباشرون إخماد الاضطرابات، فقد حذف الملك توت عنخ آتون، آتون من اسمه وأصبح توت عنخ آمون، وأعاد دين الدولة القديم، وسمح بعبادة الآلهة القديمة. كذلك رفض حورمحب آخر ملوك الأسرة الثامنة عشرة معتقدات أخناتون الدينية بكاملها.
أقام ملوك الأسرة التاسعة عشرة المعابد في كل أنحاء مصر لعدد من الآلهة. واستطاع اثنان من الملوك، سيتي الأول وابنه رمسيس الثاني من استعادة المناطق الآسيوية التي فقدوها بعد حكم تحتمس الثالث.
بدأت مصر القديمة تضمحل خلال فترة الأسرة العشرين، فقد أدت الصراعات المريرة والمستمرة على السلطة بين الكهنة والنبلاء إلى تقسيم البلاد إلى دويلات صغيرة. وفقدت مصر أراضيها في الخارج وسقطت فريـسة للغـزاة.
فترة الاحتلال الأجنبي. تزايدت سرعة تدهور مصر القديمة بعد نحو 1070ق.م. عندما انتهت الأسرة العشرون. وخلال السبعمائة سنة التالية حكمت مصر أكثر من عشر أسر. وقد كوّن معظمها الحكام الليبيون والكوشيون (قدماء السودانيين) وبعض المصريين. دخل الكوشيون في صراع مع الآشوريين في فلسطين غير أنهم انهزموا أخيرًا أمام الآشوريين وتراجعوا جنوبًا إلى موطنهم كوش. بعد تمكن الآشوريين من إجلاء الكوشيين عن مصر، حكمت مصر أسرة محلية تحت الهيمنة الآشورية فترة قصيرة من الزمن لتستقل عن الآشوريين ثم تنهزم هذه الأسرة أمام قمبيز الفارسي (الأخميني) وتصبح مصر جزءًا من الإمبراطورية الفارسية (الأخمينية). وفي سنة 332ق.م. استطاع الإسكندر الأكبر ملك مقدونيا ضم مصر لإمبراطوريته. وفي السنة نفسها أنشأ الإسكندر مدينة الإسكندرية غرب الدلتا.
البطالمة. توفي الإسكندر عام 323ق.م. وتقاسم قواده الإمبراطورية من بعده. وكانت مصر من نصيب بطليموس الأول أحد هؤلاء القادة. وفي حوالي 305ق.م، منح نفسه لقب ملك، وأسس أسرة تسمى البطالمة. عمل الحكام الأوائل من هذه الأسرة على نشر الثقافة اليونانية في مصر. كذلك بنوا المعابد لآلهة المصريين ونموا موارد مصر الطبيعية وانعشوا التجارة الخارجية. فأصبحت الإسكندرية عاصمة مصر وساعدت مكتبتها العظيمة ومتحفها في جعلها أحد أعظم المراكز الثقافية في الأزمان القديمة.
الحكم الروماني. في سنة 37ق.م. تزوجت الملكة كليوباترا السابعة البطلمية مارك أنطوني (أنطونيوس) أحد حكام روما.
أراد أنطوني أن يحكم الأراضي الرومانية الواسعة بنفسه فجمع جيشه مع جيش كليوباترا وحارب قوات أوكتافيوس الحاكم الشريك في روما، لكن بحرية أنطوني وكليوباترا خسرت معركة أكتيوم المهمة أمام قوة أوكتافيوس (أوغسطس) البحرية في 31ق.م.
انتحر الزوجان في السنة التالية، وقام أوكتافيوس بجعل مصر أحد أقاليم روما، فأمدت مصر روما بالذرة الشامية. ضعفت سيطرة روما على مصر تدريجيًا بعد 395م عندما انقسمت الإمبراطورية الرومانية إلى جزءين، شرقي وغربي. في سنة 22هـ، 642م فتح المسلمون بقيادة عمرو بن العاص مصر. ولمتابعة قصة مصر بعد عام 642م، انظر: مصر، تاريخ.
التعرف على مصر القديمة
تُسمى دراسة مصر القديمة علم المصريات، وأيضًا علم الآثار المصرية ويسمى الخبراء في هذا المجال علماء المصريات. وتستمد معظم معلوماتهم من دراسة العمارة وغيرها من فنون مصر القديمة. توجد بقايا المعابد العظيمة في أيبدوس، وكوم أمبو، وإدفو، وإسنا، والأقصر، والكرنك، وجزيرة فيلة. وقد كشفت الأحافير التي وجدت في مقابر الفراعنة، كالتي تسمى وادي الملوك بالقرب من الأقصر، عن لوحات ملونة رائعة.كانت مقبرة توت عنخ آمون مليئة بالأمثلة المدهشة الدالة على قدرة المصريين القدماء في الأعمال الخشبية والمعدنية.
تأتي المعلومات عن مصر القديمة كذلك من السجلات التي كتبها المصريّون أنفسهم والكُتَّاب الإغريق أمثال هيرودوت وسترابو. استخدم المصريّون الهيروغليفية إلى ما بعد الحكم الروماني. ولكن القدرة على قراءة الهيروغليفية ضاعت سريعًا بعد ذلك.
حاول العلماء لفترة من الزمن فك رموز الكتابة المصرية القديمة ولم يفلحوا. لكن في سنة 1799م وجدت لوحة من الحجر عليها كتابة باللغتين اليونانية والمصرية، خارج مدينة رشيد بالقرب من الإسكندرية. بدأ العالم الفرنسي جان فرانسوا شامبليون مقارنة الكلمات اليونانية والمصرية المكتوبة على حجر رشيد. وبحلول عام 1822م تمكن من فك رموز الهيروغليفية. وطورت بعد ذلك معاجم لهذه اللغة ساعدت الباحثين في ترجمة الكتابات الموجودة على المباني والمعابد والمقابر
مصر القديمة كانت مهدًا لواحدة من أولى حضارات العالم. وقامت هذه الحضارة المتقدّمة منذ نحو 5,000 سنة مضت على ضفاف وادي النيل في شمال شرقي إفريقيا. وقد عاشت هذه الحضارة لأكثر من ألفي سنة، وبهذا أصبحت أطول حضارة مُعمِّرة في التاريخ.
كان نهر النيل شريان الحياة لمصر القديمة، يفيض في كل سنة، وتترسّب شريحة من التربة الغنية السوداء على امتداد ضفتيه. وقد ساعدت التربة الغنية المزارعين في تنمية إمداد غذائي ضخم. وأطلق قدماء المصريين على بلدهم كيميت، وتعني الأرض السوداء تيمّنًا بتلك التربة الداكنة. وفّر النيل كذلك المياه للري، كما كان الطريق الرئيسي للنقل في مصر. لهذه الأسباب مجتمعة أطلق المؤرّخ اليوناني هيرودوت على مصر هبة النيل.
قدم المصريّون القدماء مُساهمة بارزة في تطور الحضارة، فقد كوّنوا أوّل سلطة مركزية في العالم، وابتدعوا الأشكال الأساسية للرياضيات، إضافة لتقويم سنوي من 365 يومًا. واخترعوا شكلاً للكتابة بالصور يُسمى الهيروغليفية كما اخترعوا أيضًا ورق البردي وهو مادّة كورق الكتابة، مصنوعة من سيقان نبات البردي. وكانت ديانة المصريّين من أقدم الأديان التي أكدت على الاعتقاد بالحياة بعد الموت. وبنوا مُدنًا عظيمة عمل فيها عدد من المهندسين والمعماريين والأطباء والنحّاتين والرسامين المهرة.
ومن أشهـر مُنجزات المصريين القدماء الأهرامات التي بنوها مقابرً لحـكامهم. وتقع أكثر الأهرامـات شهرة في الجيـزة. مثلت هذه الأبنيـة الحجريـة الضخمة، قمة قدراتهم في الهنـدسة المعـمارية، بقيـت متماسكة بفعل المناخ الجاف لنحو 4,500 سنة، وهـي باقية كمؤشّرات مُدهشة لتطور مصر القديمة. انظر: الهرم.
العالم المصري
.
السطح. مصر القديمة أرض طويلة وضيقة يَخْترقُها نهر النيل. وتحدّها الصحارى من الشرق والجنوب والغرب، ويقع البحر الأبيض المتوسط إلى الشمال. يجري النيل شمالاً من أواسط إفريقيا عبر الصحراء المصرية ليصب في البحر الأبيض المتوسط. أطلق المصريّون على الصحراء اسم دشرت وتعني الأرض الحمراء. يبلغ مجرى النهر في مصر حوالي 1,000كم، ويتفرّع النهر لعدة قنوات شمال القاهرة الحالية ليكوِّن دلتا النيل. وتنبسط الأرض الصحراوية في غرب وادي النيل كما تبرز الجبال في الجهة الشرقية.
يغمر نهر النيل ضفتيه كل عام بالمياه. يبدأ الفيضان في يوليو عندما يبدأ موسم الأمطار في أواسط إفريقيا، وترفع الأمطار مستوى النهر أثناء تدفقه شمالاً. وتنخفض مياه الفيضان عادة في سبتمبر تاركة وراءها شريحة خصبة من الأرض متوسط عرضها نحو 10كم على كلتا ضفتي النهر. وبعد ذلك يزرع الفلاحون هذه الأرض الغنية. واعتمد المصريون كذلك على نهر النيل طريقًا رئيسيًا للنقل. تطوّرت ممفيس وطيبة ـ أهم عاصمتين لمصر القديمة ـ وغيرهما من المدن على طول النهر لأهميته في الزراعة والنقل.
السكان. عاش معظم الناس في مصر القديمة في وادي نهر النيل، وتراوح عددهم مابين مليون وأربعة ملايين تقريبًا في أوقات مختلفة خلال تاريخ مصر القديمة. وعاش بقية السكان في الدلتا والواحات الواقعة غربي النهر.
كان المصريّون ذوي بشرة سمراء وشعر داكن، وتحدّثوا بلغة ذات صلة باللغات السامية في جنوب غربي آسيا وببعض لغات شمال إفريقيا في الوقت نفسه. وكُتبت اللغة المصرية بالهيروغليفية، وهي نظام صور ترمز للأفكار والأصوات. وقد بدأ المصريّون يستخدمون هذا النظام نحو سنة 3000ق.م. وهو يشتمل على أكثر من 700 رمزٍ تصويريٍّ. واستخدم المصريّون الهيروغليفية للكتابة بها على المعابد والمباني، وليسجّلوا المخطوطات الرسمية على الحجارة. أما الاستعمال اليومي فطوروا له شكلين بسيطين من الهيروغليفية يُسميان الهيراطي والديموطي.
عرفت مصر القديمة ثلاث طبقات اجتماعية، العُليا والوُسطى والدُّنيا. تكونت الطبقة العليا من العائلة المالكة والأثرياء وموظفي الحكومة وكبار الكهنة وضُباط الجيش ثمّ الأطباء. والطبقة الوسطى تكونت من التجار والصنّاع والحرفيين. أما الطبقة الدُّنيا، وهي أكبر الطبقات، فقد تكونت من العمال غير المهرة الذين عمل معظمهم في المزارع. أما السجناء الذين كان يتمّ أسرهم خلال الحروب الخارجية فقد كونوا طبقة الرقيق.
لم يكن النظام الاجتماعي في مصر القديمة جامدًا، إذ كان من الممكن أن يصعد من الطبقة الدنيا أو الوسطى إلى مرتبة أعلى، وكان يمكن للفرد أن ينتقل إلى مرتبة أعلى عن طريق الزواج، أو النجاح في عمله. وحتى العبيد كان لهم حقوق معروفة؛ إذ كان يحق لهم أن يقتنوا الأشياء الخاصة بهم، ويتزوجوا ويتوارثوا الأرض، كما كان في إمكانهم أن ينالوا حرياتهم.
حياة السُّكُّان
الحياة الأسرية. ترأس الأب الأسرة في مصر القديمة، وعند وفاته كان الابن الأكبر يحل مكانه. وكان للنساء كل حقوق الرجال تقريبًا؛ فقد كان بإمكانهن امتلاك الثروة وتوريثها وبيع وشراء البضائع وكذلك كتابة الوصية. وكان للزوجة حقّ الحصول على الطلاق. وهناك قليل من الحضارات القديمة التي أعطت النساء كل هذه الحقوق.
كان الملوك يتزوجون عادة، عددًا من النساء في الوقت نفسه، وفي حالات كثيرة كانت الزوجة الرئيسية عضوًا في العائلة المالكة مثل الأخت، أو الأخت غير الشقيقة.
كان الأطفال يلعبون بالدُّمى وأغطية الأواني والكرات الجلدية. وكانت لديهم لعب اللوحات التي تُحدّد حركاتها برمي النرد، كما كانت عندهم الحيوانات الأليفة مثل القطط والكلاب والقرود والرباح والطيور.
التعليم. حظيت نسبة قليلة من الأولاد والبنات بالتعليم في مصر القديمة. وكان مُعظم هؤلاء من أسر الطبقات العليا. وكان التلاميذ يذهبون للمدرسة لتعلّم الكتابة والقراءة والنسخ. وكان الكُتَّاب يكتبون السجلات في مكاتب الحكومة والمعابد والخطابات للأعداد الكبيرة من المصريين الذين لا يعرفون القراءة والكتابة.
وكان يدير كل من القصر الملكي والوحدات الحكومية والمعابد هذه المدارس التي كانت تؤهل التلاميذ ليصبحوا كتبة أو ليعملوا في مهن أخرى. وتمثلت المواد الدراسية الأساسية في القراءة والأدب والجغرافيا والرياضيات والكتابة. وكان التلاميذ يتعلمون الكتابة عن طريق نسخ نصوص الأدب والخطابات والحسابات التجارية. واستخدموا في الكتابة ورق البردي، أوّل مادة شبيهة بالورق في العالم، وكتبوا بالفرش المصنوعة من القصب بعد تشكيل وتليين أطرافها. صنع المصريّون الحبر بخلط الماء والهباب (السَّخام) وهو مسحوق ينتج بعد حرق الأخشاب أو أي مادة أخرى.
امتهن معظم أولاد المصريين مهن آبائهم نفسها بعد أن تعلموها منهم. وهكذا، أصبح بعضهم تجارًا إلاّ أن الغالبيّة كانوا فلاّحين. وكان كثير من الآباء يُلحقون أبناءهم بالمعلمين الحرفيين ليتعلّموا النجارة وصنع الخزف وغيرهما من الحرف. وربما التحق الأولاد الذين يرغبون في دراسة الطب بالعمل مع أحد الأطباء بعد أن يُكملوا تعليمهم المدرسي الأساسي.
أمّا مُعظم البنات فيتمُّ تأهيلهن لدور الزوجة والأم، إذ تقوم الأمهات بتعليمهن الطبخ والخياطة وغيرهما من المهارات.
كان بمصر القديمة عدد من المكتبات أشهرها مكتبة الإسكندرية التي كانت تحتوي على أكثر من 400,000 مخطوطة بردية، عن علم الفلك والجغرافيا وعددٍ آخر من العلوم، وللإسكندرية أيضًا مُتحف مُتميّز.
الغذاء والملبس والمأوى. كان الخبز الغذاء الرئيسي في وجبة معظم قدماء المصريين، الذين صنعوه من القمح. وتناول كثير من المصريين أنواعًا مختلفة من الخضراوات والفواكه والسمك والحليب والجبن والزبدة ولحوم البط والإوز. والأثرياء من المصريين كانوا يأكلون بانتظام لحوم الأبقار والغزلان والظباء بالإضافة إلى الكعك الفاخر وغيره من أنواع الخبز، وكان الناس يأكلون بأيديهم.
كان المصريّون يلبسون أثواب الكتّان البيضاء، أما النساء فيلبسن الأثواب الطويلة أو الفساتين الضيقة مع وضع أشرطة على الكتف. ويلبس الرجال الأُزُر، أو الثياب الطويلة. كما لبس المصريّون أحيانًا أغطية ملونة للرأس مُتدلية حتى الكتف. والأثرياء منهم وضعوا الشعر المستعار على رؤوسهم وكان إحدى وسائل الحماية من الشمس، كما لبسوا الصندل المصنوع من الجلد. لكن عامّة الناس كانوا يمشون عادة حفاة الأقدام. أما الأطفال فنادرًا ما ارتدوا أية ملابس.
استخدم المصريون القدماء مستحضرات التجميل ولبسوا المجوهرات، ووضعت النساء مسحوق الشفاه وصبغن الشعر وطلين الأظافر، كذلك قُمن برسم معالم العيون وتلوين الحواجب بلون رمادي، أو أسود أو أخضر. ورسم الرجال كذلك معالم عيونهم واهتموا بزينتهم اهتمام النساء بها، واستعمل كلا الجنسين العطور، ولبس كلاهما العقود والخواتم والأساور، وكانت الأمشاط والمرايا والشفرات من الأدوات المعروفة في التجميل.
بنى المصريّون منازلهم بطوب اللّبن المجفّف، واستعملوا سيقان النخيل ليدعموا السقوف المسطحة، وكان معظم البيوت في المدن مباني ضيّقة تكونت من ثلاثة طوابق أو أكثر. عاش معظم فقراء المصريين في أكواخ من غُرفةٍ واحدة. وكان المصري من الطبقات الوسطى يعيش في بيت مكوّن من طابق أو طابقين فيه ثلاث غرف على الأقل، وكثير من الأثرياء عاشوا في بيوت تحوي مايصل إلى سبعين غرفة. وكانت بعض هذه البيوت ملكيات أو عقارات ريفية فيها البساتين والبرك والحدائق. وكان للبيوت المصرية نوافذ صغيرة في أعلى الجدران تساعد على منع دخول أشعة الشمس. وقد نشر الناس الحصير المبلل على الأرضيات لترطيب الهواء داخل البيوت. وفي الليالي الحارة كان الناس ينامون فوق الأسطح غالبًا حيث يكون الطقس أقل حرارة.
اشتمل الأثاث المصري على المقاعد الخشبية والكراسي والأسرة والصناديق. واستخدم المصريون القدماء أواني الخزف للطبخ وتقديم الطعام. وطهوا الطعام في أفرانٍ من الطين أو على النار. واستخدموا الفحم النباتي والأخشاب للوقود. واستمدوا الإضاءة من المصابيح والشموع. فقد كانت مكونة من خيوط الكتان ذات الفتلات القطنية، كما كان الزيت يُحرق في قوارير أو آنية حجرية مُجوفة.
الترويح. تمتّع قدماء المصريين بعددٍ من الأنشطة لتمضية الفراغ. فقد قاموا بصيد الأسماك، وسبحوا في نهر النيل. وكان ركوب المراكب الشراعية شائعًا . وقام المغامرون من المصريين بصيد التماسيح والأسود وأفراس النهر والأفيال والأبقار المتوحّشة مُستخدمين القسي والرماح والحراب. وكان كثير من المصريين القدماء يعجبون بمشاهدة مباريات المصارعة. وفي البيت كانوا يلعبون السنيت وهي شبيهة بلعبة الطاولة.
الديانة
مصر القديمة
الآلهة والإلاهات. اعتقد قدماء المصريين أنّ عددًا من المعبودات (آلهة وإلاهات) يؤثر في كلّ أوجه الطبيعة، وفي كلِّ النشاط البشري، لذلك عبدوا عديدًا من الآلهة. وكان المعبود الأساسي هو رع، إله الشمس في زعمهم. اعتمد المصريّون على إلههم رع وعلى إلاهتهم رَنُوتَتْ للحصول على حصاد جيّد. وكان أهم الإلاهات إيزيس، إذ كانت تُمثلً الأم والزوجة المخلصة. أما أوزريس زوجها وأخوها في الوقت نفسه، فعدُّوه المتحكم في الزرع وفي الموتى. وكان حورس، ابن إيزيس، وأوزيريس إله السماء عندهم، وسمُّوه رب السماء وصوروه كثيرًا برأس صقر حر.
وفي كل بلدة ومدينة مصرية عَبَدَ الناس إلها خاصاً بهم، بالإضافة إلى الآلهة الرئيسية. فالناس في طيبة، على سبيل المثال، عبدوا آمون إلهًا للشمس. وأخيرًا وُحِّد آمون برع، وبعد ذلك أصبح آمون ـ رع المعبود الرئيسي. ومن الآلهة المحلية الأخرى التي عبدوها بتاح الإله الذي أوجد ممفيس، وتحوت إلاهة الحكمة والكتابة في هيرموبولس، وخنوم كإله خالق أيضًا في فيَلة (الفنتين). وكان العديد من الآلهة يصور بأجسام بشرية ورؤوس حيوانات. ومثل هذه الرؤوس كان يشير إلى ميزة حقيقية أو متخيلة للحيوان وبها كان يتم التعريف بالمعبود بطريقة سهلة.
ولكن لا يُعرف كيف كان يتعبد عامة قدماء المصريين. فكل معبد كان منزلاً لأحد الآلهة، أو أنه نُذر لأحد الملوك الموتى. كان المعبد الذي بني على شرف آمون ـ رع في الكرنك أكبر المعابد في البلاد، به أكثر من مائة وثلاثين عمودًا، بلغ طول الواحد منها حوالي 25م. وقد زينت أعمدة وجدران القاعة الكبرى ـ التي ما تزال أكبر قاعة ذات أعمدة بُنيت حتى الآن ـ لوحات ملونة رائعة.
كانت مهمة الكاهن الأساسية خدمة المعبود، أو الملك الذي يمثله تمثال في المعبد. يعدُّ الملك الحاكم رئيس كهنة مصر. وفي كل يوم يقوم هو أو غيره من الكهنة المحليين بغسل وإلباس التمثال وإحضار الطعام له. ويقوم الكهنة كذلك بتقديم الأدعية التي يطلبها الأفراد.
الحياة الآخرة. آمن قدماء المصريين بإمكانية التمتّع بالحياة بعد الموت. هذا الاعتقاد في الحياة بعد الموت أدى أحيانًا إلى إعداد تجهيزات كثيرة للموت والدفن. ونتج عن هذا الاعتقاد بناء الأهرامات والمقابر الكبيرة للملوك والملكات. وكان لبقية الشعب من المصريين مقابر أصغر.
اعتقد المصريّون أيضًابضرورة حفظ أجساد الموتى للحياة التالية، ولذلك اهتموا بهذا الأمر فقاموا بتحنيط الجثث ليمنعوا تحللها. وبعد تحنيط الجسد، كان يلف بطبقات من قطع الكتان ويُوضع داخل تابوت. وتوضع المومياء بعد ذلك داخل القبر.
قام بعض المصريين كذلك بتحنيط الحيوانات الأليفة كالقرود والقطط، وقد بقي عدد من الموميات المصرية محفوظة حتى يومنا هذا.
ملأ المصريون مقابرهم بالأشياء التي ظنوا أنهم سوف يستخدمونها في حياتهم بعد الموت، واشتملت هذه الأشياء على الملابس والأمتعة والأكل والمساحيق والمجوهرات. وامتلأت مقابر المصريين الأثرياء بتماثيل الخدم اعتقادًا منهم بأنهم سوف يخدمونهم في العالم الآخر. ورسمت مشاهد الحياة اليومية على الجدران الداخلية للمقابر. واعتقد المصريون أن بعض الطقوس التي يؤديها الكهنة تجعل من أوزيريس باعثًا للحياة في هذه المشاهد وفي الميت كذلك.
اقتنى كثير من المصريين النصوص التي حوت الصلوات والأدعية والترانيم وغيرها من المعلومات التي ظنوا أنها توجّه الأرواح في الحياة بعد الموت وتحفظها من الشر وتوفر لها الاحتياجات. وقام المصريّون بنقش فقرات من هذه النصوص أو كتابتها على جدران المقابر وربما وضعوا نسخًا منها داخل القبر في بعض الأحيان. وسميت مجموعات هذه النصوص كتاب الموتى.
العمل
اهتم معظم العمال في وادي النيل الخصيب بالزراعة وساعدت المحاصيل الكثيرة لمواسم عديدة، في أن تجعل من مصر بلدًا غنيًا.وعمل كثير من الناس، لتأمين عيشهم، في الصناعة والتعدين والنقل أو التجارة.
لم يكن لدى المصريين نظام نقدي وعوضوا عن ذلك بمقايضة البضائع أو الخدمات مباشرة بما يقابلها.وهو ما يطلق عليه نظام المقايضة حيث كان العمال يحصلون على أجورهم من فائض القمح والشعير الذي يقومون بمقايضته فيحصلون على احتياجاتهم الأخرى.
الزراعة. عمل مُعظم العمال الزراعيين في الإقطاعات الكبيرة للعائلات المالكة والمعابد وملاك الأراضي الأغنياء. وحصلوا على قليل من المحاصيل كأجور، وذلك لأن مُلاك الأراضي كان علَيهم تَحويل نسبة كبيرة من الإنتاج الزراعي كضرائب. وكان بعض المزارعين يستأجرون الحقول من ملاك الأراضي الأثرياء.
كانت مصر القديمة بلدًا حارًا يكاد ينعدم فيه هطول الأمطار، ولكن الزراع كانوا يزرعون المحاصيل مُعظم السنة عن طريق ريّ الأراضي، إذ شيدوا القنوات لأخذ المياه من نهر النيل إلى الحقول، واستخدموا المحاريث الخشبية التي تجرها الثيران لإعداد الأرض للزراعة.
كانت المحاصيل الرئيسية لمصر القديمة هي القمح والشعير. أما المحاصيل الأخرى فتشمل الخس والفاصوليا والبصل والتين والبلح والعنب والبطيخ والخيار والرمّان والفجل. وكان النبيذ يصنع بعصير البلح والعنب. وزرع كثير من المزارعين قصب الكتان ليصنع منه قماش الكتان. وربى المصريّون الأبقار للحومها وألبانها والماعز والبط والإوز والحمير. كماكان بعض الناس يُربون النحل ليحصلوا على العسل.
الصناعة والتعدين. كان الحرفيون الذين يديرون المتاجر الصغيرة يصنعون معظم البضائع في مصر القديمة، وتحتلّ صناعة ملابس وخيوط الكتان الصدارة في الصناعات. واشتملت المنتجات الأخرى المهمة الخزف والطوب والأدوات والزجاج والأسلحة والأثاث والمجوهرات والعطور. وصنع المصريّون العديد من المنتجات من النبات مثل الحبال والسلال والحُصُر وصحف الكتابة.
كان لمصر القديمة مخزون كبير من المعادن. حيث أنتج المشتغلون بالمحاجر والتعدين كمّيات كبيرة من الحجر الجيري والحجر الرملي والجرانيت لبناء الأهرامات والمنشآت الكبيرة. كذلك قاموا بتعدين النحاس والذهب والقصدير والجواهر مثل الفيروز والجمشت. وكان معظم الذهب يأتي لمصر من كوش (السودان قديمًا) والتلال الواقعة شرقي النيل.
التجارة والنقل. أبحر تُجار مصر القدماء إلى عدة بلاد بمحاذاة بحر إيجة والبحرين الأبيض المتوسط والأحمر. وحصلوا على الفضة والحديد والخيل وخشب الأرز من سوريا ولبنان وغيرهما من مناطق جنوب غربي آسيا. وجلبوا العاج وجلود النمر الأرقط والنحاس والأبقار والتوابل من بلاد النوبة الواقعة جنوبي مصر. وقايض المصريّون هذه البضائع بالذهب وغيره من المعادن والقمح والشعير وصحائف البردي.
كان النقل داخل مصر يتم على نهر النيل بوساطة المراكب والبراجي (مراكب نقل البضائع). وصُنعت أقدم المراكب من قصب البردي، وبعد أن كانت تحرك في البداية بالأعمدة، أصبح يُستخدم في دفعها المجاديف. وفي نحو 3200ق.م ابتكر المصريّون الشراع وأصبحوا يعتمدون على الرياح مصدرًا للطاقة التي تحرك المراكب.
خلال الفترة المبكرة من تاريخ مصر القديمة كان أكثر الناس يتنقلون سيرًا على الأقدام، وكان الأثرياء منهم يُحملون فوق مقاعدٍ خاصة. وخلال القرن السابع عشر قبل الميلاد بدأ المصريّون يركبون العربات التي تجرّها الخيول.
الحرف والمهن. وظفت العائلة المالكة والمعابد في مصر القديمة المعماريين والمهندسين المهرة، والنجّارين والفنّانين والنحّاتين كما استأجروا الخبّازين والقصابين والمدرسين والخطاطين والمحاسبين والموسيقيين ورؤساء الخدم وصانعي الأحذية. وقد جعل الاعتقاد المصري بأن الأجساد يجب أن تحفظ للحياة الأخرى التحنيط مهنةً ذات مهارة عالية. وعمل كثير من المصريين في الجيش والبحرية، وعمل آخرون في سفن الشحن أو مراكب صيد الأسماك.
الفنون والعلوم
العمارة. تعدّ أهرامات مصر أقدم وأكبر منشآت بنيت من الحجر في العالم. توجد بقايا أكثر من 35 هرمًا، على طول نهر النيل. وتعدّ أهرامات الجيزة إحدى عجائب العالم القديم السّبع. بنيت أولى الأهرامات المصرية منذ حوالي 4,500سنة مضت، ويبلغ ارتفاع أكبرها، هرم الجيزة الأكبر، حوالي 140م. وتُغطي قاعدته ما مساحته حوالي خمسة هكتارات من الأرض. بني هذا الهرم بأكثر من مليوني كتلة من الحجر الجيري يبلغ متوسط وزن الواحدة منها 2,3 طن متري.
بنى المصريّون القدماء كذلك المعابد من الحجر الجيري. وشكلوا أجزاء المعبد على هيئة النبات. فعلى سبيل المثال نحتت الأعمدة في بعض المعابد على شكل أشجار النخيل، أو قصب البردي. كان المعبد يتكوّن من ثلاثة أجزاء: معبد صغير، وقاعة كبيرة فيها عدد من الأعمدة، ثم فناء مفتوح.
التصوير التشكيلي والنحت. كانت معظم اللوحات الملونة الرفيعة وغيرها من الأعمال الفنية تُخصص للمقابر والمعابد. غطىّ الفنانون جدران المقابر بمناظر خيالية ساطعة، تُمثل الحياة اليومية، وصورًا أخرى لاستخدامها دليلا في الحياة بعد الموت. ولم تكن اللوحات على المقابر لمُجرد الزينة، وإنما عكست اعتقاد المصريين بأن هذه المشاهد قد تُبعث فيها الحياة في العالم الآخر. ولهذا السبب لم يكتف أصحاب المقابر بتصوير أنفسهم وهم يبدون صغار السن وجذابين، بل صوروا أنفسهم في أجواء مريحة تمنوا أن يستمتعوا بها في حياتهم بعد الموت.
زيّن النحّاتون في مصر القديمة المعابد بمنحوتات تصور الاحتفالات والانتصارات العسكرية وغيرها من الأحداث المهمة، كذلك نحتوا تماثيل الكائنات الخرافية من الحجر. ويفترض في هذه التماثيل أنها تُمثل الملوك المصريين أو المعبودات وتستخدم في حراسة المعابد والمقابر. فأبو الهول، مثلاً، يُعتقد أنه يمثل إما الملك خفرع أو معبودهم رع ـ حراختي. هذا التمثال العجيب له رأس إنسان وجسد أسد ويبلغ طوله 73م وارتفاعه 20م. نُحِت أبو الهول، الذي يوجد بالقرب من الهرم الأكبر بالجيزة منذ نحو 4,500 سنة.
صنع النحاتون كذلك التماثيل الصغيرة من الخشب والعاج والمرمر والبرونز والذهب والفيروز. وكانت المواضيع المفضلة في التماثيل الصغيرة تشمل القطط التي اعتبرها المصريّون مقدسة، وتكتسب أهميتها لأنها توفر الحماية لمحاصيلهم من الفئران.
الموسيقى والأدب. استمتع المصريّون القدماء بالموسيقي والغناء. واستخدموا القيثارة والعود وغيرهما من الآلات الوترية أثناء الغناء. كانت أغاني الحب المصرية شاعرية وعاطفية.
أَلفّ الكُتاب عديدًا من القصص التي تُصور الشخصيات والمشاهد أو الأحداث الخيالية. وكان الهدف منها المتعة والتسلية. ومن الكتابات الأخرى مقالات حول العيش الطيب تسمى الإرشادات.
العلوم. استطاع المصريّون القدماء تسجيل ملاحظات في الفلك والجغرافيا ساعدتهم في تطوير تقويم سنوي يتكون من 365 يومًا. اعتمد التقويم على الفيضان السنوي لنهر النيل، الذي كان يبدأ مباشرة بعد ظهور نجم الشعرى اليمانية على الأفق الشرقي مرة أخرى بعد أن كان مُختفيًا لعدد من الشهور. ويتمّ ذلك في نحو 20 من يونيو من كلِّ سنة. لقد ساعد هذا التقويم المصريين على تحديد مُعظم تاريخهم، والمادة المؤرخة من مصر القديمة ساعدت الباحثين ليُؤرّخوا أحداثًا في أماكن أخرى من العالم القديم. استطاع المصريّون القدماء قياس المساحات والأحجام والمسافات والأطوال والأوزان. واستخدموا الهندسة لتقرير حدود المزارع، واعتمدت الرياضيات على نظام ليس به أصفار.
كان الأطباءُ المصريّون القدماء أول الأطباء الذين درسوا الجسم البشري بطريقة عملية، ودرسوا بنية الدماغ، وعرفوا أن النبض مُتصل بطريقة ما بالقلب. وقد تمكنّوا من جبر العظام المكسورة والعناية بالجروح ومعالجة عديد من الأمراض. وتخصص بعض الأطباء في ميادين معينة من الطب كخلل العيون أو آلام المعدة.
نظام الحكم
حكم الملوك مصر القديمة في معظم تاريخها. وفي وقت ما بين 1554 و 1304ق.م أطلق الناس على الملك كلمة فرعون. وكلمة فرعون أتت من كلمتين مصريتين تعنيان البيت الكبير. واعتقد المصريّون أنّ كل واحد من ملوكهم كان هو إلههم حورس في شكل آدمي. وهذا الاعتقاد ساعد في تقوية سلطة الملوك.
كان منصب الملك وراثيًا. وينتقل الملك إلى أكبر أبناء الملك من زوجته الرئيسية. والكثير من الملوك المصريين كان لهم زوجات من مستوى أقل في الوقت نفسه. وقد أنجب بعض النساء البنات فقط. وفي بعض هذه الحالات ادعى عدد من البنات حق العرش. وهناك أربع نساء على الأقل أصبحن ملكات.
كان يُساعد الملك في الحكم موظفون يطلق عليهم وزراء. وبحلول القرن الخامس عشر قبل الميلاد عين الملك اثنين منهم، أحدهما، لإدارة منطقة الدلتا، والثاني لإدارة الإقليم الواقع في الجنوب. وعمل الوزراء محافظين وجامعي ضرائب وقضاة، وبعضهم تمكّن من السيطرة على ثروات المعبد. وكانت الحكومة تجمع الضرائب من الفلاحين في شكل محاصيل، وكان العمال المهرة يدفعون الضرائب من البضائع المُنتجة أو الخدمات التي يؤدّونها. وهكذا كانت خزائن الملوك والمعابد مخازن تحوي أساسًا المحاصيل ومختلف أنواع البضائع المُصنعة. كذلك فرضت الحكومة السخُّرة (وهي ضريبة من الخدمة) لتأمين الأفراد جنودًا في الجيش أو عمالاً للحكومة.
قسّمت مصر القديمة لأغراض الإدارة المحلية إلى اثنين وأربعين إقليما سميت ولايات ويعين الملك موظفًا يُسمىّ النومارش (الوالي) ليحكم الإقليم. كانت هناك محاكم في كلّ إقليم إضافة إلى محكمة عليا بالعاصمة.ويقوم الوزراء بالنظر في القضايا في معظم الحالات بينما الملوك يُصدرون الأحكام في الجرائم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام.
كان لمصر القديمة في أيامها الأولى جيش من المشاة مسلح بالحراب. وفي القرن السادس عشر قبل الميلاد بنى المصريّون جيشًا كبيرًا. واشتمل الجيش على جنود مُدربين لرمي السهام من الأقواس بدقّة متناهية، وهم على عربات مسرعة تجرها الخيول. وقد امتلكت مصر القديمة قوة بحرية كبيرة مكوّنة من سفن طويلة تسمى القادس. وكانت هذه السفن تستمد طاقتها المحركة من المجاديف رغم أنّ لمعظمها أشرعة.
نبذة تاريخية
البدايات. كان أول المجتمعات المعروفة في مصر القديمة قرى تأسست منذ أكثر من 5,000 سنة مضت. وبمرور الوقت أصبحت القرى جزءًا من مملكتين تحكمت إحداهما في القرى الواقعة في دلتا النيل، وتحكّمت الثانية في قرى جنوب الدلتا. وكانت منطقة الدلتا تعرف باسم تا ـ محو تقابل الوجه البحري حاليًا، والإقليم الجنوبي يسمّى شمعو، وتقابل الوجه القبلي حاليًا.
بدأت الحضارة المصرية حوالي 3100ق. م. وحسب الرواية المتداولة استطاع ملك الوجه القبلي، واسمه مينا، هزيمة ملك الوجه البحري في ذلك التاريخ. بعد ذلك وحَّد نعرمر البلاد وكوّن أول سلطة مركزية في العالم. وأسّس مدينة ممفيس عاصمة له بالقرب من موقع القاهرة الحالي. كذلك أسّس أول عائلة (أسرة) حاكمة، وهي تشتمل على عدد من الملوك من أسرة واحدة. وقد حكمت مصر القديمة أكثر من ثلاثين أُسرة أُخرى.
الفترة المبكرة. تغطي الفترة المبكرة ـ من التاريخ المصري القديم ـ حكم الأسرتين الأولى والثانية اللتين حكمتا لحوالي 400 سنة. وخلال هذه الفترة بنى الملوك معبدًا لبتاح كبير معبودات ممفيس، كما أقاموا عددًا من القصور بالقرب من المعبد. كذلك طوّر المصريّون خلال الأسرتين الأوليين أنظمة الري واخترعوا المحراث الذي تجره العجول، كما دونوا بعض النقوش بالكتابة الهيروغليفية.
المملكة القديمة. بدأت الأسرة الثالثة نحو 2686ق.م وبذلك التاريخ أصبح لمصر سلطة مركزية قوية. وعُرفت فترة الخمسمائة سنة التالية ببناء أهرامات مصر الضخمة. وتُسمى هذه الفترة المملكة القديمة أو عصر الأهرامات.
بُني أول هرم مصري معروف للملك زوسر، في سقارة حوالي 2650ق.م. وترتفع المقبرة فيه نحو 60م في ستة مدرجات ضخمة ويسمّى الهرم المدرج. وفي عهد الأسرة الرابعة بنى العمال الهرم الأكبر وغيره من الأهرامات بالجيزة. وقد بني الهرم الأكبر للملك خوفو، كما بني هرمان ضخمان بالقرب منه، أحدهما لابنه الملك خفرع والثاني للملك منقرع. وقد كان عمال المزارع يشتغلون في بناء الأهرامات عندما تغمر مياه فيضان النيل حقولهم.
ونحو أواخر الأسرة السادسة بدأت سلطة الملك تضعف، إذ تنافس موظفو الحكومة والكهنة على السلطة. استمرّت المملكة القديمة حتى 2181ق.م، حيث انتهت سلطة الأسرة السادسة.
كان حكام معظم الأسر الأربع التالية ضعفاء، وقد تم أخيرًا نقل العاصمة إلى طيبة.
المملكة الوسطى. المملكة الوسطى في التاريخ المصري القديم تتمثّل في حكم الأسرتين الحادية عشرة والثانية عشرة، وازدهرت في الفترة الثانية عندما اعتلى العرش أمنمحات وزير جنوب مصر الذي نقل العاصمة إلى إت ـ تاوي قرب ممفيس. استطاع أمنمحات وخلفاؤه الأقوياء أمثال سنوسرت الأول وسنوسرت الثاني وأمنمحات الثالث، أن يعيدوا لمصر ثراءها وقوتها. وخلال حكم الأسرة الثانية عشرة احتلت مصر بلاد النوبة، وأنعشت التجارة مع فلسطين وسوريا في جنوب غربي آسيا، كما ازدهرت العمارة والأدب وغيرهما من الفنون. وانتهت فترة الأسرة الثانية عشرة عام 1786ق.م.
قاد عدد من الأسر التالية ملُوكٌ ضعفاء، حيث انتشر مستوطنون من آسيا يطلق عليهم الهكسوس في كلّ دلتا النيل، ثم استولوا على السلطة في مصر حوالي 1670ق.م. وخلال الحرب استخدم الهكسوس العربات التي تَجُرها الخيول والأقواس المطوّرة، وغيرها من الأدوات غير المعروفة لدى المصريين. وقد حكم ملوك الهكسوس مصر حوالي مائة سنة.
المملكة الحديثة. هي فترة خمسمائة سنة أصبحت مصر خلالها أقوى قوة في العالم. بدأت هذه الفترة نحو 1554ق.م بالأسرة الثامنة عشرة، وخلال حكم هذه الأسرة ـ أسسها أحمس الأول ـ طردت قوات الهكسوس خارج مصر، واستعادت طيبة أهمّيتها، كما أصبح آمون الذي كان يُعبد أساسًا في طيبة، يقرن بالمعبود رع تدريجيًا حيث سُمِّي آمون ـ رع.
في بداية عهد الأسرة الثامنة عشرة طوّرت مصر جيشًا دائمًا استخدم عربات الخيول وغيرها من التقنيات العسكرية المتطورة التي أدخلت خلال فترة الهكسوس . قاد الملوك الأوائل من هذه الأسرة حملات عسكرية داخل جنوب غربي آسيا. وقد وصل تحتمس الأول، فيما يبدو، إلى نهر الفرات.
أنشأت مصر إمبراطورية عظيمة، بلغت ذروة قوتها خلال القرن الخامس عشر قبل الميلاد تحت حكم تحتمس الثالث الذي قاد حملات عسكرية داخل آسيا سنويًا تقريبًا ولمدة عشرين سنة، حيث أخضع فلسطين وسوريا وضمّهما للإمبراطورية المصرية. وأعاد تُحتمس سيطرة مصر على كوش (السودان القديم) حيث المصادر المهمة للرِّجال والنحاس والذهب والعاج والأبنوس. ونتيجة لهذه الانتصارات أصبحت مصر أقوى وأغنى دولة في الشرق الأوسط.
تغيّر مجرى التاريخ المصري بصورة غير متوقعة بعد اعتلاء أمنحوتب الرابع العرش 1367ق.م، فقد نذر نفسه لعبادة إله للشمس يسمى آتون، ممثلاً في قرص الشمس. غيّر أمنحوتب اسمه إلى أخناتون وأعلن أن أتون حلّ محل آمون، وغيره من الآلهة المصرية ماعدا رع. كان يعتقد أنّ رع جزء من أشعة الشمس التي تأتي من آتون. كذلك نقل الملك العاصمة إلى مدينة جديدة تُسمى أختاتون حوالي 280 كم للشمال من طيبة. وتوجد أطلال هذه المدينة بالقرب من تل العمارنة الحالية. أدت إصلاحات أخناتون الدينية، التي يُسميها المؤرخون ثورة العمارنة، إلى سيل من الفنون والعمارة التي تمجد آتون. إلا أن هذه التغيرات أغضبت كهنة المعبودات الأخرى وبخاصة أمون رع.
استطاع خلفاء أخناتون المباشرون إخماد الاضطرابات، فقد حذف الملك توت عنخ آتون، آتون من اسمه وأصبح توت عنخ آمون، وأعاد دين الدولة القديم، وسمح بعبادة الآلهة القديمة. كذلك رفض حورمحب آخر ملوك الأسرة الثامنة عشرة معتقدات أخناتون الدينية بكاملها.
أقام ملوك الأسرة التاسعة عشرة المعابد في كل أنحاء مصر لعدد من الآلهة. واستطاع اثنان من الملوك، سيتي الأول وابنه رمسيس الثاني من استعادة المناطق الآسيوية التي فقدوها بعد حكم تحتمس الثالث.
بدأت مصر القديمة تضمحل خلال فترة الأسرة العشرين، فقد أدت الصراعات المريرة والمستمرة على السلطة بين الكهنة والنبلاء إلى تقسيم البلاد إلى دويلات صغيرة. وفقدت مصر أراضيها في الخارج وسقطت فريـسة للغـزاة.
فترة الاحتلال الأجنبي. تزايدت سرعة تدهور مصر القديمة بعد نحو 1070ق.م. عندما انتهت الأسرة العشرون. وخلال السبعمائة سنة التالية حكمت مصر أكثر من عشر أسر. وقد كوّن معظمها الحكام الليبيون والكوشيون (قدماء السودانيين) وبعض المصريين. دخل الكوشيون في صراع مع الآشوريين في فلسطين غير أنهم انهزموا أخيرًا أمام الآشوريين وتراجعوا جنوبًا إلى موطنهم كوش. بعد تمكن الآشوريين من إجلاء الكوشيين عن مصر، حكمت مصر أسرة محلية تحت الهيمنة الآشورية فترة قصيرة من الزمن لتستقل عن الآشوريين ثم تنهزم هذه الأسرة أمام قمبيز الفارسي (الأخميني) وتصبح مصر جزءًا من الإمبراطورية الفارسية (الأخمينية). وفي سنة 332ق.م. استطاع الإسكندر الأكبر ملك مقدونيا ضم مصر لإمبراطوريته. وفي السنة نفسها أنشأ الإسكندر مدينة الإسكندرية غرب الدلتا.
البطالمة. توفي الإسكندر عام 323ق.م. وتقاسم قواده الإمبراطورية من بعده. وكانت مصر من نصيب بطليموس الأول أحد هؤلاء القادة. وفي حوالي 305ق.م، منح نفسه لقب ملك، وأسس أسرة تسمى البطالمة. عمل الحكام الأوائل من هذه الأسرة على نشر الثقافة اليونانية في مصر. كذلك بنوا المعابد لآلهة المصريين ونموا موارد مصر الطبيعية وانعشوا التجارة الخارجية. فأصبحت الإسكندرية عاصمة مصر وساعدت مكتبتها العظيمة ومتحفها في جعلها أحد أعظم المراكز الثقافية في الأزمان القديمة.
الحكم الروماني. في سنة 37ق.م. تزوجت الملكة كليوباترا السابعة البطلمية مارك أنطوني (أنطونيوس) أحد حكام روما.
أراد أنطوني أن يحكم الأراضي الرومانية الواسعة بنفسه فجمع جيشه مع جيش كليوباترا وحارب قوات أوكتافيوس الحاكم الشريك في روما، لكن بحرية أنطوني وكليوباترا خسرت معركة أكتيوم المهمة أمام قوة أوكتافيوس (أوغسطس) البحرية في 31ق.م.
انتحر الزوجان في السنة التالية، وقام أوكتافيوس بجعل مصر أحد أقاليم روما، فأمدت مصر روما بالذرة الشامية. ضعفت سيطرة روما على مصر تدريجيًا بعد 395م عندما انقسمت الإمبراطورية الرومانية إلى جزءين، شرقي وغربي. في سنة 22هـ، 642م فتح المسلمون بقيادة عمرو بن العاص مصر. ولمتابعة قصة مصر بعد عام 642م، انظر: مصر، تاريخ.
التعرف على مصر القديمة
تُسمى دراسة مصر القديمة علم المصريات، وأيضًا علم الآثار المصرية ويسمى الخبراء في هذا المجال علماء المصريات. وتستمد معظم معلوماتهم من دراسة العمارة وغيرها من فنون مصر القديمة. توجد بقايا المعابد العظيمة في أيبدوس، وكوم أمبو، وإدفو، وإسنا، والأقصر، والكرنك، وجزيرة فيلة. وقد كشفت الأحافير التي وجدت في مقابر الفراعنة، كالتي تسمى وادي الملوك بالقرب من الأقصر، عن لوحات ملونة رائعة.كانت مقبرة توت عنخ آمون مليئة بالأمثلة المدهشة الدالة على قدرة المصريين القدماء في الأعمال الخشبية والمعدنية.
تأتي المعلومات عن مصر القديمة كذلك من السجلات التي كتبها المصريّون أنفسهم والكُتَّاب الإغريق أمثال هيرودوت وسترابو. استخدم المصريّون الهيروغليفية إلى ما بعد الحكم الروماني. ولكن القدرة على قراءة الهيروغليفية ضاعت سريعًا بعد ذلك.
حاول العلماء لفترة من الزمن فك رموز الكتابة المصرية القديمة ولم يفلحوا. لكن في سنة 1799م وجدت لوحة من الحجر عليها كتابة باللغتين اليونانية والمصرية، خارج مدينة رشيد بالقرب من الإسكندرية. بدأ العالم الفرنسي جان فرانسوا شامبليون مقارنة الكلمات اليونانية والمصرية المكتوبة على حجر رشيد. وبحلول عام 1822م تمكن من فك رموز الهيروغليفية. وطورت بعد ذلك معاجم لهذه اللغة ساعدت الباحثين في ترجمة الكتابات الموجودة على المباني والمعابد والمقابر
بارك الله فيك على المعلومة القيمة و الموضوع الرائع
جزيل الشكر لك
شكراا جزيلا للموضوع
واصل دوما يا غالي
بوركت
عرف تسميات و تنقلات عديدة منذ إنشائه عام 1838. فسمي أولا بمتحف الآثار الجزائرية، ثم المتحف الجزائري للآثار القديمة و الفنون الإسلامية، ثم متحف ستيفان قزال نسبة لأحد أشهر علماء الآثار الفرنسيين، كما سمي بالمتحف القومي للآثار، و أخيرا المتحف الوطني للآثار القديمة.
و هو يقدم نظرة عامة و صورة شاملة لمختلف الحضارات التي تعاقبت على الجزائر منذ فجر التاريخ إلى منتصف القرن التاسع عشر الميلادي.
للمتحف عدة أقسام تسهر على تنظيم و تسيير شؤونه من بينها:
I– دائرة البحث و الصيانة: تنقسم إلى ثلاث مصالح:
1- مصلحة البحث و صيانة الآثار القديمة: تتمثل مهمتها في تسجيل كل التحف الصادرة من الحفريات أو المشتراة أو المهداة، إعداد البطاقات الفنية لها و العمل على دراستها و الحرص على عرضها، المشاركة في المحاضرات، المؤتمرات، اللقاءات الوطنية و الدولية.
2- مصلحة البحث و صيانة الآثار الإسلامية: لها نفس مهمة المصلحة السالفة الذكر.
3- مصلحة مخبر الترميم: تجرى به عمليات الترميم و صيانة القطع الأثرية قبل عملية العرض.
II– دائرة التنشيط و التوثيق: تتكون من ثلاث مصالح:
1- مصلحة الأرشيف و المكتبة: توجد بها مؤلفات لها علاقة بتخصص المتحف، يتوافد إليها الباحثين على مستوى المتحف و خارجه.
2- مصلحة التصوير: مهمتهم تتمثل في أخذ صور للجرد، ترتيب صور تحف المتحف، أخذ صور للتحف المستعملة أثناء المعارض المتنقلة…
3- مصلحة التنشيط و النشر: تسهر على تنظيم الزيارات، إقامة المعارض، علاقات مع الجمهور، و المؤسسات المدرسية و الجامعية، تنظيم المحاضرات، نشر المجلات، كتالوجات، إعداد دليل المتحف، بطاقات بريدية، شرائح صور.
القسم القديم: خلال تجوال الزائر للمتحف يمكنه تتبع أهم المراحل الحضارية التي تعاقبت على الجزائر منها الفترة الليبية و النوميدية، البونية، الرومانية، الوندالية و البيزنطية.
قاعات العـرض:
قاعة الديانات الوثنية: و يعرض بها تحفا توضح الديانات الشائعة بإفريقيا منها أنصاب مهداة للإله الروماني ساتورن، شواهد ليبية تعطي فكرة عن الفن المحلي، تمثال كاهنة الإلاهة المصرية إيزيس، تمثال لإله الطب إسكولاب، تابوت نقش عليه كتابة باللغة الإغريقية يحمل إسم المتوفاة " كورنيليا أوربانيلا "، رسومات جدارية تمثل عبادة أدخلها إلى المغرب جنود سوريين تابعين للجيش الروماني، تابوت من المرمر الأبيض نقشت عليه مشاهد من أسطورة بللرفون، إلى جانب لوحات فسيفسائية ذات مشاهد و مواضيع مختلفة.
قاعة إيكوزيوم: تضم هذه القاعة مجموعات من التحف وجدت كلها بمدينة الجزائر: كتابة مهداة للملك بطليموس إبن الملك يوبا الثاني، نصب نذري من الفترة البونية، رأسين من الرخام لمواطنتين رومانيتين، و في الواجهة عرضت فخاريات و جدت في بئر تعود للفترة البونية، الرومانية و الإسلامية.
قاعة الفخار: بها واجهات مخصصة لعرض الأواني الفخارية منها التي تعود إلى العصر البوني، و مجموعة اتروسكية ويونانية و أخرى مستجلبة من روما، إلى جانب مصابيح مختلفة الأحجام و الأشكال.
قاعة الرخاميات: تعرض فيها تماثيل من الرخام ترجع كلها إلى العصر الروماني، منها التي تمثل آلهة: نبتون، فينوس، دميتير، و أخرى شخصيات لامعة: الإمبراطور أغسطس، الإمبراطور أدريان، أنتونيا مينور أخت كليوباترة سيليني، إلى جانب لوحات فسيفسائية ذات مشاهد أساطير دينية، و أخرى ذات زخارف هندسية.
قاعة المسكوكات: في وسط القاعة مجموعة من النقود التي ترجع لمختلف العصور القديمة، لويحات من الخشب تنتمي إلى الفترة الوندالية عليها نصوص إدارية، تحف زجاجية.
قاعة صناديق الرفات: عرضت بها صناديق ذات أشكال مختلفة من الفخار و العاج تحتوي على رماد مقدس، مصابيح، لوحة فسيفسائية عليها كتابة باللغة اللاتينية، كل هذه التحف ترجع للفترة المسيحية.
قاعة الفن المسيحي: تضم أدوات تعود مجموعة قليلة منها لعصر ما قبل الديانة المسيحية و الأخرى إلى العهد المسيحي، لدينا منضدة للغداء الجنائزي، تابوت نقشت عليه معجزات السيد المسيح، شواهد و تيجان مختلفة الطرازات، لوحات فسيفسائية لها قيمة تاريخية تحمل كتابات لاتينية.
قاعة البرونز: فيها أدوات برونزية من بينها تماثيل صغيرة تمثل آلهة، خوذة، قناع و تمثال رائع لطفل يحمل نسرا، أدوات للاستعمال الفلاحي كالميزان و الصنج و أداة لسحق الزيتون و سكة المحراث.
الصحن: فرشت على أرضيته لوحتان من الفسيفساء الرومانية و المسيحية، و في الأروقة عرضت مجموعة من الكتابات الجنائزية بالعربية و العثمانية و العبرية، بالإضافة إلى لوحتين من البلاطات الخزفية.
قسم الفنون الإسلامية: ترجع بداية هذه المجموعة إلى عام 1846م ثم أثريت بمجموعات أخرى إثر معرض الفن الإسلامي الذي أقيم عام 1905م و أضيفت إليها مجموعة لوس بن عابن فيما بعد. و بمناسبة اليوم العالمي للمتاحف 18 ماي 2022 أفتتح أول جناح خاص لعرض الفنون الإسلامية بالجزائر روعي في عرضها التسلسل الزمني للحضارة الإسلامية بدءا من الفترة الأموية مرورا بالفترة العباسية، الرستمية و الأغالبة، الزيرية، الحمادية، المرابطية، الموحدية، الحفصية، المرينية و الأندلس، العثمانية و دولة الأمير عبد القادر حتى نهاية القرن التاسع عشر الميلادي.
قاعات العـرض:
القاعة الأولى: تضم تحفا مؤرخة ما بين القرون الثالث حتى التاسع الهجري / التاسع حتى الخامس عشر الميلادي، نسيج مطرز بعبارات دينية من اليمن و مصر، بعض من التحف التي عثر عليها في قلعة بني حماد ( الجزائر )، منبر الجامع الكبير للجزائر يعود للفترة المرابطية، مشكاة من الزجاج من عصر المماليك ( مصر و سوريا ).
القاعة الثالثة: بها تحف من القرن الثالث عشر الهجري / التاسع عشر الميلادي، خناجر و باروديات و أواني خزفية من المغرب، زربية القيروان، و أثاث مطعم بالصدف من تونس، بنادق و زرابي من الجزائر.
القاعة الرابعة: خصصت لتحف من القرنين الثالث عشر و الرابع عشر الهجري / التاسع عشر و العشرون الميلادي، صناديق من الخشب، أواني فخارية، مجموعة من الحلي ( القبائل الكبرى – الأوراس )، منمنمات الفنان الجزائري محمد تمام.
منقول
السلام عليكم.اليكم بعض صور النقود التى قد يحتاجها الطلبة فى بحوثهم
شكـــــــــــــــــــــــــــــــــرا جزيلا
عفوا الصورة لم تظهر
تحصلت متوسطة قدارة القديمة على المرتبة الأولى في شهادة التعليم المتوسط 2022 بولاية بومرداس بنسبة نجاح 96,98 %
وهذا بسبب حسن التسيير ومجهودات الأساتذة والجو العائلي في المتوسطة
ففي أحد أيام فصل الشتاء، توجهت رفقة مفتش الفيزياء لترسيم إحدى الأستاذات في هذه المتوسطة اللتي تقع في أعالي قدارة
كانت الأرض مغطاة بالثلوج، أراد المفتش إلغاء الزيار وتأجيلها ليوم آخر لكن لم نستط الاتصال بأي أحد لعم توفر شبكة الهاتف في المؤسسة
وهو مشكل كبير تعاني منه المؤسسة فلا هاتف ولا أنترنيت
كان الموضوع حول الأمن الكهربائي، الأستاذة كات متمكنة جدا ومنظمة، وحب التلاميذ للمادة جعل الدرس شيقا
تجولت قليلا بالمؤسسة لاحظت ملعب صغير وجميل لكرة اليد، ولاحظت قاعة صغيرة للمطالعة مليئة بالكتب
التلاميذ لا يعانون من مشكلة التدفئة ، حيث كانت كل القاعات بها تدفئة جيدة
بالمؤسسة يوجد جهاز إعلام آلي واحد، لكن المدير يساعدهم بتوفير لهم بعض التجارب في الفيزياء والعلوم وحتى قصص مصورة باللغات الأجنبية
أما جهاز الدتاشو فهو متوفر لمن أراد طلبه، يعني باخنصار امكانيات ضئية وتسيير جيد أدى أدى للحصول على نسبة ممتازة والمرتبة الأولى
أما في المؤسسة التي أعمل بها وهي متوسطة رباحي محمد بحمادي
فرغم الامكانيات الكبيرة الا أن سوء التسيير جعلها تكون في المراتب الأخير كما العادة بنسبة 67 بمائة
قاعة للاعلام الآلي بها حوالي 20 جهاز زيادة على الأنترنت 512 ميقا، لكن لا يستفيد منها التلاميذ، فالسنة الأولى فقط الذين يدرسون وبمعدل ساعة خلال 15 يوم
عدد لابأس به من أجهزة الاعلام الآلي المحمول، لكن أصبحت من الأمور الشخصية لبعض الاداريين، فكل منهم واحد يأخذه للبيت
ومن شدة طلبه من طرف بعض الأساتذة وجدوا مرة في أحدهم صورا خاصة وصور مراهقين (مهند) وأن كان الأستاذ يستعمل
جهازه الخاص فلابد أن ينتظر حتى التاسعة وقت مجيء المقتصدة ليحصل على الدتاشو معناه الفوج الأول لايقوم بالتجارب أبدا وبالتالي سوف تلغى مع الفوج الآخر وان أراد تعويضها في حصتهم النظرية، فالقاعة لايوجد بها كهرباء، والمأخذ الكهربائي أصلا غير موجود في القاعة
مشكلة التدفئة في فصل الشتاء عانى منها كثيرا التلاميذ، والادارة لم تجد المختص في تشغيلها !! هكذا يقولون
صباحا الأساتذة ينتظرون من يفتح لهم القاعة ليأخذوا لوازمهم بسبب أن قاعة الأاساتذة مغلقة ومن عندهم المفتاح يأتون على الثامنة
مما ينجر عنه تضييع الوقت في تحية العلم، وفي بعض المرات لا المدير، لا المراقبة العامة ولا المقتصدة حاضرون
حوالي 18 قسم يدخلون من نفس الباب مما يسبب ضياع وقت كثير أما الباب الآخر فمغلق!! رغم أن المؤسسة كبيرة لكن لايوجد بها ملعب كما في قدارة القديمة
أما المكتبة هناك بعض الكتب القليلة لكن لا يوجد من هو مكلف بتلك القاعة فهي دائما مغلقة
زيادة على الجو المشحون بين الادارة والاساتذة، أما التلاميذ فمن كثرة هذه المشاكل أصبحو يحتفلون بيوم الخروج المدرسي بطريقتهم الخاصة
وهي الرجم بالبيض والطماطم لكل من صادفوه في الخارج إداري أو أستاذ
هذا بالختصار شديد الفرق بين سوء وحسن التسيير في المؤسسات الذي يؤدي الى تحقيق نتائج سيئة أو ممتازة
وليس كما يدعي المدراء أن السبب في الأستاذ الفلاني لأن معدل مادته ضعيف
المهم نهنئ كل التلاميذ الناجحين في شهادة التعليم المتوسط، أما الراسبين منهم فنتمنى لهم النجاح في المرة المقبلة ان شاء الله
..يا عصام يا ابني هل تعتقد أن هذه النسبة تعبر فعلا عن الواقع التعليمي عندنا ..هل هذه النسبة ذات مصداقية ..و هل أصبحت الجزائر تتفوق على الدول الكبرى في مجال التربية و التعليم ..أعتقد أنك يجب أن تبحث عن الأسباب الحقيقية التي أدت الى هذه النتائج ..و ليس المستوى المرموق الذي وصلته المدرسة الجزائرية
اسم الملف | نوع الملف | حجم الملف | التحميل | مرات التحميل |
المظاهر السياسية والدينية في الجزائر في العصور القديمة.rar | 16.5 كيلوبايت | المشاهدات 61 |