إمتحان التيارات الفكرية السداسي الأول للسنة ثانية أدب عربي حصريا
أي استفسار يمكنكم التفضل به………….بالتوفيق ان شاء الله
من بين المجالات العلمية اللتي بزغت إبان العصر العباسي علمى الطب والصيدلة، ويرجع ذلك إلى
الترجمة التى بلغت في العصر العباسى شأنًا عظميًا منذ خلافة أبى جعفر
المنصور الذى كلف "جورجيس بن بختيشوع النسطورى" بتعريب كتب كثيرة في الطب
عن الفارسية، وتوارثت أسرته بعد ذلك الترجمة والتأليف والتدريس. ويعتبر عهد
الخليفة المأمون العصر الذهبى لازدهار حركة الترجمة والإنفاق عليها بسخاء،
وقد برز في مجال الترجمة والتأليف "أبو يعقوب يوحنا بن ماسويه" الطبيب
المسيحي الدمشقى، الذى عهد إليه الرشيد بترجمة الكثير من كتب الأطباء
والحكماء مثل: "أبقراط"، و"جالينوس"، وغيرهما وخلف "يوحنا" تلميذه حنين بن
إسحاق العبادي الملقب بشيخ تراجمة العصر العباسى. ولم يقتصر تأثير حركة
الترجمة العلمية على إثراء المكتبات والمدارس بجل تراث القدماء، ولكن
التأثير ظهر في صورة أهم من ذلك، وهى استيعاب القديم، والانطلاق بخطى سريعة
إلى عهد جديد في التأليف الطبى. وبلغ التأليف بعد ذلك قمته كمًا وكيفًا
بفضل عدد كبير من المبرزين في علوم الطب تميزوا بغزارة إنتاجهم، وعظمة
ابتكاراتهم، وسلامة منهجهم وتفكيرهم.
وسنكتفى بضرب المثل من بين أعمال أشهر أربعة من الأطباء المسلمين هم:
جالينوس العرب أبو بكر الرازى ، وعميد الجراحة العربية أبو القاسم الزهراوى
، والشيخ الرئيس ابن سينا الملقب بالشيخ الرئيس , ونابغة عصره في الطب ابن
النفيس و ابن الجزار القيرواني. لقد قدم هؤلاء الرواد مع غيرهم خدمات
جليلة للحضارة الإنسانية تتمثل في مؤلفاتهم القيمة التى نهلت منها أوروبا
في القرون الوسطى وظل معظهما يدرس في الجامعات الأوربية حتى عهد قريب.
زهراوي
أبو القاسم خلف بن عباس الزهراوي هو فخر الجراحة العربية، ويعتبر كتابه
"التصريف لمن عجز عن التأليف" أكبر مؤلفاته وأشهرها؛ فهو موسوعة طبية تقع
في ثلاثين جزءًا ومزودة بأكثر من مائتى شكل للأدوات والآلات الجراحية التى
كان يستخدمها الزهراوى ومعظهما من ابتكاره، ولقد حظى هذا الكتاب باهتمام
كبير لدى أطباء أوروبا وترجم إلى اللاتينية.
ابن سينا
أبو على الحسين بن عبد الله بن سينا وهو الملقب بالشيخ الرئيس، والعالم
الثالث للإنسانية بعد أرسطو والفارابى. ومؤلفاته تمتاز بالدقة والتعمق
والسلاسة وحسن الترتيب، وهى كثيرة أشهرها كتاب القانون في الطب الذى فضله
العرب على ما سبقه من مؤلفاته لأنه يجمع بين خلاصة الفكر اليونانى، ويمثل
غاية ما وصلت إليه الحضارة العربية الإسلامية في مجال الطب. ويقع الكتاب في
خمسة أجزاء تتناول علوم التشريح، ووظائف الأعضاء، وطبائع الأمراض، والصحة،
والعلاج. وكتب ابن سينا في الطب ظلت المرجع العالمى لعدة قرون، واعتمدتها
جامعات فرنسا وإيطاليا وبلجيكا أساسًا للتعليم حتى أواخر القرن الثامن عشر
ابن النفيس
هو علاء الدين أبو الحسن على بن أبى الحزم القرشى المصرى، وكتب ابن النفيس
في الطب عديدة ومتنوعة منها: كتاب في الرمد: وثان في الغذاء، وثالث في شرح
فصول أبقراط، ورابع في مسائل "حنين بن إسحاق"، وخامس في تفاسير العلل
والأسباب والأمراض، ومن أشهر أعمال ابن النفيس "موجز القانون"، وهو اختصار
"القانون" لابن سينا وفى كتاب "شرح تشريح القانون" اهتم ابن النفيس بالقسم
المتعلق بتشريح القلب والحنجرة والرئتين وتوصل إلى كشف الدورة الدموية
الرئوية. وبالإضافة إلى هؤلاء الأقطاب يوجد عدد هائل من الأطباء المسلمين
الذين نبغوا في مختلف مجالات الطب وتركوا بصماتهم المميزة في العديد من
الابتكارات الأصيلة والمؤلفات الصافية التى اعتمد عليها الغرب. منهم: "زاد
المسافر" لابن الجزار القيرواني، و"تقويم الصحة" لابن بطلان، و"تقويم
الأبدان" لابن جزلة و "تذكرة الكحال" و"المنتخب في علاج أمراض العين" لعمار
بن على الموصلى وغيرهم كثير.
منهج التأليف والبحث في علوم الطب والصيدلة
اتخذ الأطباء والصيادلة منهاجًا قائمًا على أساس علمى سليم يقوم على بيان
أثر التغذية في الإسقام والإبراء، ومنهم من كان يعتمد في وصف العلاج على
تنظيم الغذاء بدلاً من الاعتماد الكلى على الأدوية المفردة أو المركبة.
فقال الرازى: "مهما قدرت أن تعالج بالأغذية فلا تعالج بالأدوية، ومهما قدرت
أن تعالج بدواء مفرد فلا تعالج بدواء مركب"، بالإضافة إلى ذلك اتبع
العلماء من صيادلة وأطباء منهجًا علميًا يقوم على التجربة والمشاهدة، وقد
انعكست كل هذه الفلسفات في كل ما كتب عن علم العقاقير والعلاج بالأدوية
سواءً ضمن التآليف الطبية أو في مصنفات مستقلة، الأمر الذى جعل هذه
المصنفات تحظى باهتمام علماء الشرق والغرب.
وقد مر علم الصيدلة شأنه شأن العلوم الأخرى بمرحلة الترجمة ثم مرحلة
التلخيص والشرح، وأخيرًا وصل إلى مرحلة الكشف والابتكار في العصر الذهبى
للحضارة الإسلامية ابتداء من القرن العاشر الميلادى وحتى أواخر القرن
الثالث عشر. فبالنسبة لمرحلة الترجمة فقد نقل حنين بن إسحاق كتاب
"ذياسقوريذوس" عن "الأدوية المفردة" ونقل مرة أخرى أيام عبد الرحمن الثالث.
وكذلك اهتم "حنين بن اسحاق" بترجمة مؤلفات "جالينوس" في الطب والصيدلة.
ثم جاءت بعد ذلك مرحلة التلخيص والشرح، وقد تميز بها القرن الثانى الهجرى،
إذ وضع حنين بن اسحاق كتابًا في تدبير الناقهين وفى الأدوية المسهلة
والأغذية ووضع يوحنا بن ماسويه كتاب "الأغذية" وصنف على بن الطبرى كتاب
"منافع الأطعمة والأشربة والعقاقير" وكان علي أستاذًا لأبى بكر الرازى
والكندى الذى ألف كتابًا في "الغذاء والدواء" وكتاب "الأبخرة المصلحة للجو
من الأوباء"، وكتاب "الأدوية المشفية من الروائح المؤذية"، وكتاب "كيفية
إسهال الأدوية"، وكتاب "أشفية السموم" وكتاب في "الأقربازين" وكلها جاء
ذكرها في كتاب "أخبار العلماء بأخبار الحكماء" للقفطى. ووصل التقدم إلى
مرحلة النضوج الفكرى والعلمى والمقدرة على الابتكار واستخلاص النظريات
السليمة بعد بحث ونقد وتجربة. فقد ظهر العديد من نوابغ الطب والصيدلة
وأثروا المكتبة العربية والإسلامية بإنتاتجهم الغزير ودراساتهم الأصيلة،
ومن ذلك على سبيل المثال:
1-كتاب "منافع الأغذية" لأبى بكر الرازى، ويتكون من (19) بابًا، يتحدث فيه
عن منافع العديد من الأطعمة ويبين مضار هذه الأغذية والأحوال التى ينبغى
فيها تناولها. وللرازي مؤلفات أخرى مثل: "سر الأسرار"، و"المرشد"، و"صيدلة
الطب"، و"الحاوى"، وفيها يعرض لصفات الأدوية وألوانها وطعومها وروائحها
ومعادنها.
2-كتاب "الملكى" أو "كامل الصناعة الطبية" لعلي بن العباس المجوسي، خصص الجزء الثانى منه للمداواة وطرق العلاج.
3-وهناك مؤلفات أخرى عديدة لا يتسع المجال لحصرها مثل: كتاب "التصريف"
للزهراوي، وفيه تحدث عن الأدوية بأنواعها المختلفة وطبائعها ومثل: "نزهة
النفوس والأفكار من معرفة النبات والأحجار والأشجار" لعبد الرحمن الداوودي
الأندلسي، و"تذكرة أولى الألباب"، و"الجامع للعجب العجاب" لداوود الأنطاكي،
و"الإفادة والاعتبار" للبغدادى، و"الجامع لصفات أشتات النبات" للإدريسي،
و"الجامع في الأشربة والمعجونات" لابن زهر، و"الأدوية المفردة" لابن وافد،
و"العقاقير" لماسويه المارديتي و مؤلفات ابن البيطار.
ويتضح من المؤلفات الطبية العديدة التى وصلتنا من تراث الحضارة العربية
الإسلامية أن المنهج التجريبى في أدق تفاصيله المعروفة لنا حاليًا كان هو
أسلوب المسلمين في ممارسة الطب وتدريسه. وينقسم الأطباء من هذه الزاوية إلى
مجموعتين في رأى "سارتون".
الأول مجموعة الممارسين الذين اهتموا في المقام الأول بالمريض والتشخيص
والعلاج معتمدين على المشاهدات والملاحظات، والفلسفة عندهم وسيلة لبلوغ هذه
الغاية ويمثل ذلك أبوبكرالرازى.
والفريق الثانى فريق المدرسين الذين درسوا الطب على أنه جزء من المعرفة
لاغنى عنه، وسعيهم إلى استكمال المعرفة فمارسوه بأسلوب منطقى، لهذا أطلق
عليهم "الفلاسفة الأطباء" ويمثلهم ابن سينا. وجلى أن كلا الفريقين يتبع
المنهج التجربيى.
ويؤكد ابن سينا على أهمية اتباع المنهج التجربيى والتريث قبل استخلاص
النتائج فيقول: "علينا ألا نثق بنتائج تحليل البول إلا بشروط: أن يكون
البول أول بول المريض، وألا يكون المريض قد شرب ماء بكثرة، ويحب على المريض
ألا يقوم بحركات خاصة أو يتبع نظام على غير عادته، وكذلك البراز".
وأسلوب الرازى لا يختلف هو الآخر عن أسلوب الطب الحديث الذى يتبعه الأطباء
المعاصرون، فهو يرى أن الطبيب يحتاج في استدلال علل الأعضاء الباطنة إلى
العلم بجواهرها أولاً، بأن تكون شوهدت بالتشريح، وإلى العلم بمواضعها من
البدن، وإلى العلم بأفعالها، وإلى العلم بأعظامها، وإلى العلم بما تحتوى
عليه المورفولوجيا، وإلى العلم بفضولها لأنه من لا يعرف ذلك لم يكن علاجه
على صواب.
ومن ناحية أخرى أدرك أطباء العرب والمسلمين أن الطب السريرى، والتعرف على
تاريخ المرض، وتسجيل الملاحظات الإكلينيكية، ونتائج الفحوص، والمعاينة،
ومراقبة تغيراتها هى أمور لا يمكن الاستغناء عنها. وكان الرازى بارعًا في
ذلك. كما كان الرازى هو أول من جرب تأثير العقاقير الجديدة على الحيوان
وخصوصًا على القردة، وذلك لاستخلاص النتائج التى يستصوبها قبل أن يصف
العلاج للإنسان. وإدراكًا من العرب والمسلمين في عصر النهضة لأهمية الطريقة
العملية إلى جانب الدراسة النظرية في تعليم الطب؛ فإنهم أدخلوا نظام
الامتحانات وإعطاء الإجازات بعد اكتشاف الخبرة من مخالطة المرضى في
المستشفيات ومقارنة ما تلقوه نظريًا بما يشاهدونه عمليًا. وفى الحالات
المرضية المستعصية أو العمليات الجراحية الكبيرة كان يستدعى عدد من الأطباء
المتخصصين للتشاور على قرار "الكونسلتو".
[عدل]
مآثر الحضارة الإسلامية في الطب والصيدلة
كان العلماء المسلمون في مجال الطب القدح المعلى، سواءً في فن الترجمة
والتأليف، أو في اتباع المنهج العلمى السليم، أو في السبق إلى العديد من
الاكتشافات والاختراعات التى لا يزال العالم ينعم بثمارها وفوائدها حتى
الآن.
أهم الآثار والمآثر على سبيل المثال لا الحصر التى أثرت بصورة مباشرة فيما
يسمى بعصر النهضة الأوربية وأصبحت الأساس العلمى الذى قام عليه الطب:
1- اتباع المنهج العلمى التجريبى سواءً في التأليف، أو في البحث والتطبيق
حيث كانت تجرى الاختبارات على الأدوية قبل استعمالها لمعرفة طبائعها، ومدى
صلاحيتها، وقوة تأثيرها، وآثارها الجانبية، وقوتها الشفائية. بجانب تغليف
الأدوية المرة بغلاف من السكر أو عصير الفاكهة لكى يستسيغها المرضى كما فعل
الرازى، أو تغليفها بالذهب والفضة المفيدين للقلب كما فعل ابن سينا.
2- الأخذ بنظام التخصص في الطب وعدم السماح بممارسته إلا بعد اجتياز امتحان
في كتب التخصص المعروفة للتأكد من سعة ثقافة الطلاب النظرية والعملية في
مجال تخصصهم. وكذلك اهتموا بالصيدلة كعلم مستقل له قواعده وفروعه ومنهاجه
العلمى السليم القائم على المشاهدة والتجربة ووضعوا علم "الأقرباذين"، مع
تنظيم مهنة الصيدلة وإخضاعها لنظام الحسبة لتفادى غش الأدوية والإتجار فيها
واختيار نقيب للصيادلة.
3- الاهتمام بعلم التشريح والتشريح المقارن وجعل دراسته أساسًا لكل فروع الطب وممارسته ضرورية لفهم وظائف الأعضاء.
4-تقدم علم الجراحة ورفع شأنه بين فروع الطب بفضل العديد من الأطباء العرب
والمسلمين الذين برعوا في إجراء العمليات الجراحية بآلات وأدوات مناسبة
واستخدموا الأوتار الجلدية وأمعاء القطط والحيوانات الأخرى في تحنيط
الجروح.
5- اكتشاف الدورة الدموية الصغرى على يد ابن النفيس الذى سجله في كتابه
الشهير "شرح تشريح القانون". وتوصلوا في الصيدلة إلىعمل الترياق المؤلف من
عشرات الأدوية، مثل ذلك "شراب الأصول" الذى ألفه موسى بن العازر في عهد
المعز العلوي، ويذكر جمال القفطى أن الرشيد عندما أصيب بصداع ذات يوم شديد
الحر وكاد الصداع يذهب بصره فأحضر له جميع الأطباء ولكنهم اختلفوا حوله
فقام "أبو قريش عيسى الصيدلاني" ودعا بدهن بنفسج وماء ورد وخل خمر وجعلها
في مضربة وضربها على راحته حتى اختلط الجميع ووضعها على رأسه حتى سكن
الصداع وشفى. واكتشفوا العديد من العقاقير التى لا تزال تحتفظ بأسمائها
العربية في اللغات الأجنبية مثل: الحناء، والحنظل، والكافور، والكركم،
والكمون.
6- اكتشاف طفيلية "الإنكلستوما" على يد الشيخ الرئيس ابن سينا الذى وصفها
بالتفصيل لأول مرة فىكتابه "القانون في الطب" وسماها الدودة المستديرة،
وتحدث عن أعراض المرض إلى تسببه.
7- اكتشاف مرض الجدرى ووصف الأعرض التى تميز بينه وبين مريض الحصبة لتشابه
الأطوار الأولى للمرضين، وقد سجل الرازى هذا الاكتشاف في رسالة هى الأولى
من نوعها عن الجدرى والحصبة، وأشار إلى انتقالهما بالعدوى، وإلى التشوهات
التى تحدث من جرائهما.
8- الاهتداء إلى الكثير من الأمراض الباطنية والجلدية والأمراض المعدية أو
السارية كما سموها؛ فاكتشف ابن زهر سرطان المعدة، واكتشف ابن سينا داء
الفيلاريا والجمرة الخبيثة المسببة للحمى الفارسية. واكتشف الطبرى الحشرات
المسببة لداء الجرب، وعالجه "ابن زهر"، وأدرك الطبيب الأندلسي "ابن الخطيب"
خطر العدوى بالطاعون الذى انتشر عام (1345م). ويرجع الفضل للأطباء
المسلمين في أنهم حققوا نجاحات كبيرة في مجال التشخيص المقارن للأمراض
المتشابهة في أعراضها مثل الجدرى والحصبة والتهاب الكبد والالتهاب الرئوى
والبللوراوى، وحالات الروماتيزم’ ومرض النقرس. واهتم علماء المسلمين بتحضير
أدوية جديدة من أصول نباتية ومعدنية وحيوانية وابتكار المعالجة المعتمدة
على الكيمياء الطبية ويعتبر الرازى أول من جعل الكيمياء في خدمة الطب
فاستحضر الكثير من المركبات.
9- الاهتمام بطب الأمراض العصبية وأثر الوهم والعوامل النفسية في إحداث
الأمراض العضوية. ويعتبر أبو بكر الرازي أول من وضع أصول هذا العلم وألف
فيه كتابًا أسماه "الطب الروحانى". كذلك دراسة ابن سينا للنبض وحالاته
دراسة وافية وبين أثر العوامل النفسية في اضطرابه، وتوسع في دراسة الأمراض
العصبية والنفسية.
10- تحقيق اكتشافات عظيمة وتجديدات هامة في طب النساء والتوليد وطب
الأطفال. فقد درس ابن سينا أحوال العقم وعرف أن حالة منها تنشأ من فقدان
الوفاق النفسى والطبيعى بين الزوجين. وأبو القاسم الزهراوي أمير الجراحة
أدخل آلات حديثة وعلاجات جديدة وطور طرق التوليد، وأوصى بولادة الحوض
ولكنها نسبت لغيرة وعرفت بطريقة "فالشر". كما اهتم الأطباء المسلمون بطب
الأطفال.
11- إقامة المستشفيات كدور لعلاج المرضى ومعاهد لتعليم الطب وألحقوا بها
الصيدليات . ومن بين المستشفيات ما كان ثابتًا في المكان الذى أقيم عليه أو
متنقلاً من مكان لآخر، وأول مستوصف في الإسلام هو الذى أمر الرسول عليه
السلام بإنشائه أثناء معركة الخندق (5هـ) على هيئة خيمة، وتطورت المستشفيات
في عهد العباسيين تطورًا كبيرًا وتزايد عددها في حواضر العالم الإسلامى.=
الرازي ==
اشتهر في الطب والكيمياء وجمع بينهما وبلغت مؤلفاته الطبية (56) كتابًا
أشهرها: كتاب "الحاوى" ويقع في عشرة أجزاء يختص كل منها بطب عضو أو أكثر.
وكتاب "المنصورى" وهو عشر مقالات في تشريح أعضاء الجسم كلها أهداها الرازى
إلى المنصور بن إسحاق حوالى عام(293هـ). ورسالة "الجدرى والحصبة"، أول بحث
في تاريخ الأمراض الوبائية. وكتاب "الحصى في الكلى والمثانة".
وباقى كتب الرازى لا تقل أهمية عن كتبه المذكورة، فمثلا كتاب "برء ساعة"
وفى كتب "إلى من لا يحضره الطبيب"، و"الطب الملوكى" و"في قصص وحياة المرضى"
اشتملت على موضوعات جديدة تشهد بعبقرية الرازى وإجادته وأمانته وأصالة
منهجه العلمى في التأليف والبحث وظلت مكانته في القمة ووضعه المستشرقون
والمشتغلون بتاريخ الطب أعظم طبيب أنجبته النهضة العلمية الإسلامية.
استمرت الخلافة
العباسية في المشرق من سنة 132 إلى 656 للهجرة أي لمدة 524 سنة، و بقي
للعباسيين بعد ذلك الخلافة بمصر إلى سنة 923 للهجرة.
و تعد الدولة العباسية كما يقول ابن طباطبا كثيرة المحاسن، جمة المكارم،
أسواق العلوم فيها قائمة، و بضائع الآداب فيها نافقة، و شعائر الدين فيها
معظمة، و الخيرات فيها دائرة، و الدنيا عامرة، و الحرمات مرعية، و الثغور
محصنة، و مازالت على ذلك حتى أواخر أيامها، فأنتشر الشر، و اضطرب الأمر.
كان تطور الفكر العربي في العصر العباسي نتيجة لما مر عليه من أحداث سياسية
و اجتماعية, و من مظاهر تطور الفكر في العصر العباسي ما يلي :
– أصبحت الترجمة عملا رسميا بعدما كان في العصر الأموي عملا فرديا يقوم به
بعض الراغبين فيه, و هذا ما أدى إلى اكتساب كثيرا من العلوم و الآداب من
البلاد المترجم عنها بفضل الرحلات و البعثات العلمية و أول من عني بالترجمة
من الخلفاء العباسيين أبو جعفر المنصور ثم نشطت الترجمة في عهد هارون
الرشيد و خاصة في عهد المأمون
العصر العباسي الثاني
شهدت الحياة الفكرية في العصر العباسي ازدهارا كبيرا في شتى الميادين، يعود
سببه إلى ظهور الكثير من العلماء والمفكرين في مختلف العلوم وانتشار حركة
الترجمة واهتمام الخلفاء بها ، إضافة إلى التوسع في التعليم العام وبناء
المدارس والمؤسسات الثقافية مثل دور العلم والربط فضلا عن المساجد. ومن
العلماء البارزين في اللغة والأدب والشعر الخليل بن احمد الفراهيدي في علم
النحو والعروض (نظم الشعر) وعمرو بن الجاحظ في الأدب والبلاغة والأصمعي في
الأدب واللغة, كما تميز الإمام بن ثابت الكوفي المعروف بابي حنيفة والقاضي
ابي يوسف في علم الفقه. أما شعراء هذا العصر فمن أبرزهم أبو العتاهية
والعباس بن الاحنف وابو تمام الطائي و البحتري والمتنبي والشريف الرضي وأبو
العلاء المعري وأبو نواس ومن المؤرخين البارزين محمد بن جريرالطبري و
اليعقوبي وبرز في الجغرافية المسعودي أما في الرياضيات والفيزياء فقد برز
أبو الحسن بن الهيثم وفي علم الجبر محمد بن موسى الخوارزمي وفي الكيمياء
جابر بن حيان وغيرهم كثيرون ممن ترجمت مؤلفاتهم إلى اللغات الأوربية
واستفيد منها في النهضة الأوربية الحديثة. وقد اهتم الخلفاء بالعلم
والعلماء فقربوهم وشجعوهم فكان لذلك أثره الكبير على الرقي الفكري في هذا
العصر، وأبرزهم الخليفة هارون الرشيد الذي اشتهر بتقريبه العلماء والفقهاء
والأدباء والشعراء والكتاب وتشجيعهم على البحث والتأليف وتوفير كل ما
يحتاجون إليه في بحوثهم ودراساتهم.
كانت الحياة العلمية زاخرة على الرغم من الضعف السياسي في العصر العباسي
الثاني فقد امتزج الفكر العربي مع الفكر الأجنبي و شكلا حركة علمية و أدبية
متكاملة و أصبحت دار الحكمة و دكاكين الوراقين و حلقات المساجد مصدرا
عظيما في هذا العصر على الرغم من ضعف الخطابة إلا أن المواعظ تطورت و نشطت
الرسائل الديوانية .
لم يكتف المسلمون بمجرد الترجمة بل كانوا يبدعون ويضيفون إلى كل علم
يترجمونه. كما لعب المسلمون بهذا دورا كبيرا في خدمة الثقافة العالمية، فقد
أنقذوا هذه العلوم من فناء محقق، إذ تسلموا هذه الكتب في عصور الظلام،
فبعثوا فيها الحياة، و عن طريق معاهدهم و جامعاتهم و أبحاثهم وصلت هذه
الدراسات إلى أوروبا، فترجمت مجموعات كبيرة من اللغة العربية إلى
اللاتينية، و قد كان ذلك أساسا لثقافة أوروبا الحديثة، و من أهم الأسباب
التي أدت إلى النهضة الأوروبية .
وأنشئ في هذا العصر بيت الحكمة و هو أول مجمع علمي و معه مرصد و مكتبة
جامعة و هيئة للترجمة، وصل إلى أوج نشاطه العلمي في التصنيف والترجمة في
عهد المأمون الذي أولاه عناية فائقة، ووهبه كثيرا من ماله ووقته، وكان يشرف
على بيت الحكمة قيّم يدير شئونه، ويُختار من بين العلماء المتمكنين من
اللغات. وضم بيت الحكمة إلى جانب المترجمين النسّاخين والخازنين الذين
يتولون تخزين الكتب، والمجلدين وغيرهم من العاملين. وكان المرصد من أكبر
المراصد الفلكية في ذلك العصر، عمل فيه أكبر علماء الفلك المسلمين و تمكنوا
من خلاله من تفسير ظاهرة الجاذبية، وتعيين خط العرض وقياس طول محيط الأرض،
وظل بيت الحكمة قائما حتى داهم المغول بغداد سنة 656 للهجرة الموافق 1258
للميلاد.
* الأسباب التي أدت إلى نهضة الأدب في العصر العباسي الأول :
1- الامتزاج بين أبناء الأمة العربية وغيرهم من الأجناس الأخرى ونشأة جيل
جديد من المولدين يحمل الخصائص العربية والأجنبية ( مثل بشار بن برد وابن
الرومي
2- انتشار التطور الحضاري المادي مثل بناء القصور والحدائق والتماثيل
والنافورات ووصف الشعراء لكل هذه المظاهر مما أثرى الدرس الأدبي .
3- الرقي الثقافي الذي اتسعت آفاقه عن طريق التأليف والترجمة ومجالس العلم والثقافة .
4- تشجيع الحكام والخلفاء للأدب وتقديرهم للأدباء والشعراء وإعطائهم الأموال الكثيرة .
5- تنافس الأدباء والشعراء فيما بينهم لنيل المكانة والحظوة لدى الحكام والخلفاء .
أسباب تطور الحركة العلمية
: على الرغم من الانحلال السياسي الذي أصاب الدولة العباسية في العصر
العباسي الثاني إلا أن الأدب شعرا ونثرا ظل مزدهرا وذلك لوجود عدة عوامل
منها
حرص الخلفاء على نقل العلوم عن الحضارات الأخرى كالفارسية والهندية واليونانية .
تشجيع الترجمة ودراسة هذه الآثار وتحليلها والإضافة عليها ، ولم يكن العرب مجرد ناقلين .
ازدهار الثقافة الدينية والاهتمام بالتفسير وعلوم الحديث .
ازدهار العلوم اللغوية وظهور مدرستي البصرة والكوفة في النحو والاهتمام
بالنقد الأدبي – ظهور تيار جديد في الشعر العربي، يسمى مذهب المحدثين ،أحدث
نوعاً من التجديد في منهج بناء القصيدة العربية ،وأكثر من البديع
سمات الأدب في هذا العصر
النضج العقلي والعلمي
اهتمام الحكام بالعلم والثقافة والفن والأدب
تعدد الحواضر الأدبية من مثل القاهرة ودمشق وحلب وقرطبة – التنافس الشديد
بين الدويلات ومنافستها بعضها البعض فى جذب الشعراء والعلماء والأدباء
والفنانين
التنافس الشديد بين الشعراء وذلك ليحظوا بالمكانة المرموقة
ظهور فلتات في الشعر والأدب كالمتنبي وأبى العلاء المعرى
الأدب في العصر العباسي الثاني
اتسم الشعر في العصر العباسي الثاني من حيث أغراضه بالتجديد في الموضوعات القديمة و إبداع موضوعات جديدة
حيث تتمثل في الموضوعات القديمة التي تطورت : الرثاء و العتاب و الزهد
الموضوعات الجديدة التي ابتكرت وصف أنواع الطعام و اللهو ووصف الحيوانات المتوحشة و الشعر التعليمي .
1- الشعر التعليمي :
حيث يحاول بعضهم كتابة التاريخ شعرا و من أمثلة ذلك قول أحدهم في بعثة النبي (صلى الله عليه و سلم )
ثـــم أزال الظـلـمة الضيــاء و عـاودت جــدتها الأشياء
أتـــاهـم المنتـــــخب الأواه مــحمـــــد صلى عليــه الله
2- وصف الحيوانات المفترسة :
كقول البحتري في وصف معركة بين أسد و بين الفتح بن خاقان
فلم أر ضرغامين أصدق منكما عراكا إذا الهيابة النكس كذبا
3- وصف أنواع من الطعام
حيث عرف العرب في هذا العصر أنواعا من الطعام والشراب لم يكن يعرفوها من
قبل حيث كانت حياتهم تتسم بالبداوة والطعام الذي يفتقر إلى الأنواع الأخرى
ومثال ذلك بن الرومي حيث يقول ومرفقات كلهن مزخرف بالبيض منها ملبس ومدثر
4- وصف أنواع من اللهو واللعب :
حيث عرف العرب أنواع من اللعب لم يعرفوها من قبل نتيجة تأثرهم بحياة الفرس حيث عرفوا الصولجان وعرفوا الشطرنج
ومن مثل ذلك قول ابن الرومي :
تقتل الشاة حيث شئت من الرقـــــــــــــعة طبا بالقتلة النكراء
5- شكوى الدهر :
وذلك نتيجة الفتن والثورات وسوء الأحوال الاقتصادية وسيطرة الفرس مرة
والترك مرة وضعف الحياة والانقسام الذي ساد في جسد الدولة ظهرت شكوى الزمان
ومن أمثلة ذلك : قول المتنبي
صحب الناس قبلنا ذا الزمــــــــان وعناهم من أمرنا ما عنانا
وتــولوا بغصة كلهم منـــــــــــــه وأن ســر بعضهم أحيــــانا
ما حدث من تطور للأدب في العصر العباسي الثاني ليس كما حدث في العصر
العباسي الأول، وما حدث في العصر الثاني كان أقل من ما حدث في العصر الأول
ولهذا ما كتب هنا مختصر جداً .
أولا ًالشعر :
_ ازدهر شعر المديح في هذه الحقبة وشاع وكان له أسباب ومن هذه الأسباب ظهور
الدول المستقلة ،وهذه الدول ظهرت بسبب ارتخاء قبضة السلطة المركزية في
بغداد وسامراء .
_ وظهر بسبب التعقيد السياسي والاجتماعي ألوان من الشعر معا هما شعر اللهو والمجون وشعر الزهد والتصوف .
_ ومن أبرز ملامح تطور الشعر التي ظهرت في هذا العصر التجديد في المعنى،
والميل إلى الأوزان العروضية المجزوءة وذات الاقاع السريع لكي يسهل
غنائها،وظهور مجالات شعرية طريفة مثل التأمل الفلسفي العميق ،والهجاء
الساخر وطرائف الرثاء كرثاء المفقود من أعضاء الإنسان أو شي من المتاع
وأشهر من أبدع في هذا الفن ابن الرومي .
ثانيا:النثر – أما النثر في هذا العصر لم يتطور، غير أنه ظهر فيه الجاحظ
الذي أبدع في الأدب العربي وكان من أشهر كتبه البيان والتبيين وكتاب
البخلاء وكتاب الحيوان، وألف كذلك الرسائل الأدبية ومنها كتاب القيان
وتفضيل النطق على الصمت .
رابعا : العتاب
هو ترك السخرية اللاذعة إلى الدعابة و اتسع و احتوى على خطرات نفسية و تأملات فكرية و من أمثلة ذلك قول أبى فراس يعاتب صديقا له :
لم أؤاخذك بالجــــــفاء لأني واثق منك بالوداد الصــــريح
فجميل العدو غيــــــر جميل وقبيح الصديق غيــــــر قبيح
الجوانب الفكرية و الأدبية التي تأثرت بالحركة العلمية :
* الجانب الأدبي :
– الشعر الفلسفي و الحكمي و التهكمي و الهزلي و التعليمي
– وصف القصور و كسر المقدمة الطللية
– جودة في الألفاظ و سهولة العبارة (تأثرهم باللغة الفارسي )
– الإكثار من النظم بالأوزان الخفيفة .
* الجانب الفكري:
– ربط الكل ( الأسباب بالمسببات )
– إتباع الأساليب التصنيفية
– النأنق و التفخيم و التفصيل و الإطناب و إطالة المقدمات
– تنويع البدء والختام
أهم الحواضر :
البصرة ، الكوفة ، بغداد ( اتساع نطاق التأليف ووضع المصنفات )
الحركة العلميةوالفكرية في العصر العباسي
كان عصر المعتضد يموج بالحركة العلمية، والنشاط الثقافي، والذي لم يتأثر
بالانقلابات السياسية التي كانت تحدث في حركة الدولة، وكان الازدهار العلمي
يمشى قُدما إلى الإمام، يموج بالحركة والنشاط، وشهدت فترة المعتضد، وهي
امتداد لفترة عمه وأبيه، تألق عدد كبير من النابهين في اللغة والأدب
والتاريخ والجغرافيا والحديث، يأتي في مقدمتهم "الحافظ بن أبي الدنيا"
المتوفّى (281هـ = 894م) صاحب "حلية الأولياء"، و"المبرد" اللغوي المشهور
المتوفى (285هـ = 894م) إمام النحاة في عصره، وصاحب كتاب "الأمل"، و"ابن
واضح اليعقوبي"، المتوفَّى (292هـ = 905م)، وكان من أكابر مؤرخي عصره، ونبغ
"ثابت بن قرة" الرياضي المشهور، وابن الفقيه الهمداني الجغرافي، وكلاهما
قد تُوفي في سنة (287هـ = 900م).
ولمع في مجال الشعر كوكبة من أعظم شعراء العربية، مثل: "ابن الرومي"،
المتوفّى سنة ( 283هـ = 896م)، الذي اشتهر بقدرته على توليد المعاني
وابتكار الأخيلة الجديدة، و"البحتري" المتوفى سنة (284 هـ = 897م) صاحب
الديباجة الشعرية الرائعة، والموسيقى العذبة الجميلة.
المكتبات في العصر العباسي
مع امتداد الفتوحات الإسلامية اطلع العرب والسلمون على حضارات الأمم
السابقة وترجموا ما استطاعوا إليه سبيلا" فألفوا وأبدعوا حتى أنتجوا للعالم
اجمع حضارة لا يزال العلم الحديث يرتكز على قواعدها والمبادئ التي سارت
عليها .
وكان نتيجة ذلك ازدهار حركة التأليف والترجمة وإنشاء المكتبات في مختلف
أرجاء العالم الإسلامي لأغراض مختلفة ، وأصبحت المكتبات تحوي عشرات الآلاف
من المجلدات والمخطوطات ، وفي هذا الصدد تقول ( زيغريد هو نكه ) في عام
891م بلغ عدد دور الكتب في بغداد وحدها اكثر من مائه دار
لقد عرف العصر العباسي تطورا كبيرا
و في جميع المجالات
( العلمية – الطبية – الفلكية – الرياضيات و الفيزياء )
كما تميز بمجالات سلبية كالزندقة الترف اللهو
و المجون الخمر مغيرها من الآفات كما سهر
رواده وعلمائه على ترجمة الكتب و اللغات
الهندية و الفارسية إلى العربية وها نحن
نضع بين أيديكم هذا العرض الوجيز الذي
يتضمن الحياة العلمي في العصر الذهبي
ونأمل أن يكون واضحا و مقروءا .
– تقدمت الحركة العلمية في العصر العباسي حتى بلغت فروع المعارف العلمية أكثر من ثلاثمائة فرع , فوضعت أصول الطبيعات و ارتقت الفلسفة , وكثرت كتب التاريخ و تقويم البلدان , وكذلك معاجم اللغة و تخلفت الحياة العلمية في بغداد بعد أن سقطت على يد السلاجقة , ولكنها استمرت في مصر على يد الأيوبيين حيث ألفت الكتب العلمية , و دوائر المعارف , و معاجم اللغة.
– و من الناحية الأدبية و مع وجود الانحلال السياسي الذي أصاب الدولة العباسية , وظهور القوميات فان الحركة الأدبية ظلت قائمة , ففي النصف الأول من الفترة الثانية للعصر العباسي سجلت النهضة الأدبية تقدما رائعا , ولكنها ما لبثت أن تلاشت في النصف الثاني من هذه الفترة وكان من أسباب ذلك التقدم ما يلي :
– تنافس الدويلات , ورغبة حكامها و أمرائها في إظهار استقلالهم عن بغداد عن طريق الإهتمام بالعلم و الأدب و تشجيعهما .
– كانوا الكثيرون من أمراء هذه الدويلات و ساستها على صلة قومية ب بالعلوم و الآداب كالحمدانيين بحلب الذين أشتهر أميرهم***64831; سيف الدولة***64830; , وذاع صيته على لسان المتنبي و غيره , و كالبويهين بالفارس و بالعراق الذين كان منهم شعراء , وكانوا لا يقلدون المناصب الرفيعة إلا أهل الآداب و العلم منهم شعراء , و أما الفاطميون في مصر فقد نافسوا غيرهم بتشييد المعاهد العلمية كالأزهر ودار الحكمة وغيرهما .
– قوي التنافس بين حكام هذه الولايات , وتسابقوا في اجتذاب العلماء والأدباء مما دفع بالنهضة العلمية والأدبية إلى التقدم , وقد تعددت أمام الأدباء مراكز الثقافة ليغترفوا منها بحلب و القاهرة وقرطبة . ولكن تلك النهضة مالبثت أن ضعفت في النصف الثاني من هذه الفترة . كما تميزت الحركة العلمية بتطور في المجالات التالية : الآداب , الفلسفة ,الطب و الرياضيات
فمثلا في مجال الأدب :
تطور القصيدة العربية تمثل في :
أ- فيها مقدمة طلالية كما قال مجنون ليلى :
– أمـــر عـلى الـديـار , ديــار لــيــلى
أقـــبل ذا الـجـــدار وذا الجـــبــار
– و صـــاحب الـديـار شـغـفـن قــلـبي
ولــكـن حـبّ مــن ســكـن الــديـار
ثم يستطرد الشاعر إلى الوصف و الترحال أو ذكر مغامرته في الصيد مثلا , و لنا أنضع دليل على ذلك شعر المعاقات و أخص قصيدة في هذا المجال هي معلقة امرئ لبقيس التي مطلعها .
– قـفـا نـبـك من ذكـرى حبيب و مـنـزل
يــسقـط اللــوى بين الدخـول و خـوامـل
ففي هذه المعلقة تتعدد موضوعات الشاعر من غزل ووصف لفرسه ثم يستطرد بذكر مغامرته في الصيد وغلى هذا الأساس تكون القصيدة على تعداد الموضوعات أي أنها أبعد ما تكون عن الوحدة العضوية أو الموضعية .
1/- تطور الغزل في العصر العباسي :
لقد أخذ مجرى الغزل العفيق يضيق ولم يعد يبلغ من التأثير في النفس و القلب مابلغه في العهد الأموي و كأنما أفسدت الحضارة هذا الفن فإذا يغلب عليه التكلف و لا يكاد يؤثر في النفس وقد مال الشعراء إلى انتقاء العبارات البينة و اختيار الألفاظ الرقيقة و اعتماد الأوزان المجزوءة الصالحة للغناء و في أواخره بدأ الغزل في السقوط محتوى و شكلا و أضحى تعبيرا عن الغرائز و تصويرا للمغامرات في لغة ثابتة
2/- الرخاء في العصر العباسي :
وفيه نشط الشعراء في الرخاء إذ لم يمت خليفة و لا وزير إلا أبنوه وتميز قصائد رثاء الخلفاء و الأبطال بإكتضاضها بالحاسة و القوة و التمجيد التي تصوم الحمية في نفوس الشباب فتتوجه للدفاع عن الحمى حتى الموت .
3/- رثاء المدن حين تنزل بها كوارث النهب و الحرق:
فقد بكى شعراء بغداد لمّا تعرضت لقصف بالمنجنيق قبل مقتل الأمين (ابن هارون الرشيد) كما بكو أهل البصرة لما تعرضت للتدبير إثر ثروة الرنوج فيها عام 257هـ
في المجال العلمي :
***1645;امتزاج الثقافات في العصر العباسي :
– التقت الثقافات المتعددة من فارسية و هندية , و يونانية و عربية , ومن يهودية و نصرانية و إسلام التقاء واسعا في العراق في العصر العباسي الأول , ولكن كل ثقافة في أول أمرها كانت تشق لنفسها جدولا خاصا بها يمتاز بلونه و طعمه , ثم لم تلبث إلا قليلا حتى تلاقت و كونت نهرا عظيما تصب فيه جداول مختلفة الألوان و العناصر .
و العلماء – على اختلاف أنواعهم – لم يكونوا كلهم يستسيغون ماء النهر العظيم, ويتذوقون طعمه, فكان منهم من يخرج إلى بادية العراق يرد الجدول العربي صافي قبل أن تكدره الحضارة,يستقي ما شاء منه أن يستقي , و يعود إلى الحضر و قد تزود مما استساغه من ماء يعيش عليه ولا يشرب إلا منه, ***64831; و إذا استقى فلا يستقي إلا منه ***64830;
أولئك أمثال الأصمعي الذي حفظ – كما يقول – ***64831; اثني عشر أرجوزة من أراجيز العرب ***64830;
و حفظ الكثير من قصائدهم و نوادرهم و لغتهم , و تخصص لذلك يؤلف فيه و يعلّم في المسجد و يحاضر الخلفاء و الولاة و أمثالهم , وكأبي زيد الأنصاري الذي أجاد نوادر اللغة و غريبها , و كحماد الراوية و خلف الأحمر و المفصل الضبي و أبي عمرو الشيباني و محمد بن سلام الجمحي , فهؤلاء كانوا لا يعجبهم إلا الجدول العربي , يرحلون إليه و يأخذون منه , و يتنقلون في قبائله , و يروون شعره و لغته و أدبه , و يقصون نوادره مهما تفهت , و يحبةن كل شيء له , ثم يذهبون إلى العراق يعلنون عن مائة , و يبشرون بعذوبته و صفائه , فإن عرض لهم من جدول آخر عافوه و استكرهوه و محبته نفوسهم .
ومنهم من كان لا يحب إلا الجدول اليوناني, ويتعلم كتبه ولغته, و يستلم مؤلفاته, ولا يرى العقل إلا فيه, ولا الحكمة إلا صادرة عنه و مقتبسه منه, كأطباء السريان في ذلك العصر, وهك
من رواد الحركة العلمية في العصر العباسي نذكر :
أبو العتاهية
هو إسماعيل بن القاسم بن السويد بن كيسان يكنى آبا العتاهية ولد في الكوفة سنة 130هـ من أسرة فقيرة وكان أجداده نصارى وبعد الفتح الإسلامي على يد خالد بن الوليد دخلوا الإسلام وقد نشأ يقول الشعر وتأصلت لديه هذه الموهبة الشعرية حتى كان يقول عن نفسه قولا :
***64831; لو شئت أن أجعل كلامي كله شعرا لفعلت ***64830; ثم سعى إلى بغداد بعد شهرته وبنوغه فاتصل بأربعة خلفاء تباعا وهم "المهدي و الهادي و الرشيد و المأمون" نال لديهم حضوة , توفي ببغداد على الأرجح سنة 210هـ أو 211هـ أو 213هـ
أثاره :
لقد أثرى أبو العتاهية التراث الشعري العربي بديوان يغلب عليه شعر الزهد , ولقد تصرف فيه جامعوه ولا سيما عبر العصور لأسباب قد تكون شخصية ولكن الدكتور شكري فيصل قد إبتوى يجمع هذا الديوان و يؤصله تأصيلا علميا ,فعد أحسن ديوان أبي العتاهية أمام أترابه و يتناول أبو العتاهية في شعره الزهدي قضايا أخلاقية وتربوية و دينية و نفسية .
الحلاج
هو الحسين بن منصور الحلاج : لم يختلف النقاد و المؤرخون و الصوفية أنفسهم حول الصوفي قدر اختلافهم حول شخصية هذا الرجل , فقد اختلفوا أول ما اختلفوا
حول تاريخ وفاة ميلاده , فكثر التقديم و التأخير , ومهما يكن الأمر فلا يخرج هذا الرجل مولدا وفاة من حيز العصر العباسي .
– وقد كثرة الاختلافات حوله في عقيدته و سلوكه فحامت حوله الشبهات فهو عند أقوام المنصوف العارف بالله النقي , الورع , وهو ند أقوام آخرين نقيض ذلك تماما فهو الملحد , الزنديق و ما كان مرادفا لها بتن الصفتين , ولسبب هذا الاختلافات راجع إلى البيئة السياسية و الثقافية التي كانت سائدة وقت ذاك عبر المسيرة التاريخية لتراثنا الفكري و الأدبي تداخلت عوامل و تقاطعت أسباب جعلت هذه النصوص تتداخل مع بعض النصوص الأخرى المنحلة المدسوسة و إلا كيف تفسر هذا التناقض الصارخ في تفسير مواقف الأدباء و الشعر و غيرهم .
بشار بن برد
ملامح حياته:
بشار بن برد هو أحد ممهدي السبيل الأدبي و الشعري إلى العصر العباسي فهو توطئته لأنه مخصوم العصرين : الأموي و العباسي وقد تباينت حقائق المؤرخين حول مولده فمن قائل أنه ولد سنة 70 هـ ومنه من يقول 91 هـ أو 92 هـ ومن يقول في 106 هـ و لكن يكاد يجمع
المؤرخون على أن مولده في تاريخ الخامس و التسعين (95) للهجرة وكانت وفاته سنة 167 هـ و منهم من يقول 166 هـ أو 168هـ
يؤثر بشار بن برد قال 1300 قصيدة كل قصيدة ب 7 أبيات فأكثر , فهو شاعر مكثر .
– فمن ملامح شخصيته أن شاعر هجاء بل نشأ على الهجاء يقول في هذا المعنى (العمي) :
– عميت جنبنا و الذكاء من العمى ** فـجـئـت الـظـن بالـعـلـم مـوئــــــلا
– وغاض ضياء العين للقلب رائدا ** بخفض إذا ما ضيع الناس حصـلا
– وشعر كزهور الروض لا أمن بيه ** نـقـي إذا ما أحـزن الشـعـر أسـهـل
أبو العلاء المعري
مولده:
هو أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان بن محمد المعري (نسبة إلى المعرة سوريا حاليا) ولد يوم الجمعة في النصف الأول من ربيع الأول سنة 449 هـ الموافق ل أضار 1759 م
أبو الطيب المتنبي
نسبته:
هو أبو الطيب أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي بن سعد العشيرة من اليمن (عرب الجنوب ) ولد سنة 303 هـ (915م-916م) في حي بني كندة في الكوفة … اصطحبه سيف الدولة إلى حلب سنة 337هـ بعد إعجابه بأدبه و شعره و لكن المتنبي إشترط على سيف الدولة : 1/- أن لا يشثده إلا جالسا
2/- أن لا يقبل الأرض بين يديه
3/- أن يضمن له ثالثة آلاف دينار في العام على ثلاث قصائد
ومن الموافق الكبرى في حياته ذهابه إلى كافور الإخديشي ولكنه مالبث أن ضربت عليه مراقبة صارمة بعد أن أخلف عهد كافور وعده في إعطاء الإمارة للمتنبي وفي ليلة عيد الأضحى من سنة 350هـ ولى هاربا إلى حلب .
قتل يوم 28 رمضان سنة 354 هـ قتله فاتك الأسدي أحد رؤساء الأعراب انتقاما منه و طمعا في ماله .
الجاحظ
هو أبو عثمان بن بحر الجاحظ وهذا القبة وهذه كنيتيه كانتا أحب التسميات إلى نفسه لكن الغالب على الجاحظ ما وسم به في جانبه الجسمي أي جحوظ عينيه (بروزهما) وهذا الغالب و الأشهر في هذه الشخصية الفذة تراثا العربي الأدبي و اللغوي , تضاربت الآراء في تاريخ ميلاده حتى تعددت ولكنه الأرجح في هذه الأقوال هو ما ثبت بين 155 هـ و 159 هـ وتوفي على الأرجح و الصواب سنة 255 هـ