السلام عليكم اذا ممكن توضيح نظريات الفكر الاقتصادي
اسم الملف | نوع الملف | حجم الملف | التحميل | مرات التحميل |
m5zn.com-1x6e78n69.zip | 32.6 كيلوبايت | المشاهدات 61 |
شكراااااااااااا
لكن لم استطع التحميل
اسم الملف | نوع الملف | حجم الملف | التحميل | مرات التحميل |
m5zn.com-1x6e78n69.zip | 32.6 كيلوبايت | المشاهدات 61 |
أسماء التحميل إمّا من الرابط أو من الملفات المرفقة
أنا شخصياً قمت الآن بالتحميل و كان سهلاً بسيطاً و سريعاً
بالتوفيق
اسم الملف | نوع الملف | حجم الملف | التحميل | مرات التحميل |
m5zn.com-1x6e78n69.zip | 32.6 كيلوبايت | المشاهدات 61 |
منطق البطلان في الفكر القانوني المعاصر
مقدمة: في الأساس التاريخي واللغوي
ما بُني على باطل فهو باطل، مَقولة تبنتها الشرائع القديمة التي تَضمنت مباديء عامة ، ولَطفت من آثارها الشرائع الحديثة الحَية مراعيَةً في ذلك روح العَصر والأفكار الإجتماعية النـَيرة الحديثة ، وكان للشريعة الاسلامية الغـَراء السَبق التاريخي في تعديل مضمون هذه القاعدة الحَدية بحسب الاصل وتلطيف مفعول اثارها، ومع ذلك فانها ما برحت متداولة في الوسط القانوني والقضائي والعام ،على صورتها القديمة .
تـَرجع الجذور الفكرية لهذه المَقولة ، من الناحية التاريخية ، الى علم المَنطق ، وهي نتيجة من نتائجه ِ، إذ يقتضي التفكير المنطقي السليم المُجرد ، ان يكون أساس التصرفات الفعلية والقوْلية صحيحا حتى تُنتج آثارها الشرعية او القانونية ، والاساس هو القاعدة التي تُبنى عليها الاشياء المادية والمعنوية ، فان شاب ذلك الاساس عَيب او عدم مشروعية، كان باطلا ، ومُنعدِم شرعا وقانونا ، ولا أثر له ولا يـُفيد حُكماً ، ويَقتضي منطق البطلان إعادة الحال الى ماكانت عليه اصلا وإزالة كل ما بني على ذلك من تصرفات ومحو أثارها إن كان ذلك ممكناً .
الا ان منطق البُطلان اليوم يختلف عن امْسهِ البعيد بعد ان لَحِقه تحوير فـُرضته قـيَم العدالة وطبيعة الحياة المعاصرة التي لا تقبل القعود على حال واحد متكرر، ولإيضاح هذه الفكرة لابد من الاشارة الى تطور منطق البُطلان ومصدره .
البطـلان لغَة ً ، فساد الشىء وسقوط حُكمه . واصطلاحاً ،هو، حَسب المُشرع العراقي،ما لايصُح اصلاً بإعتبار ذاته او وصفاً باعتبار بعض اوصافه الخارجية .
اما بعد فان الباطل نقيضُ الحق ، قال تعالى ( وَلاَ تَلبِسُواْ الحَقَّ بِالبَاطِل ) وقال تعالى (لِيُحِقَّ الْحَقَّ ويُبطِلَ اَلْباطِل ولَو كَرِه اَلُْمجْرِمُون ).(1)
ومدى البُطلان واسع وكلما وُجِد حقٌ فمن الممكن ان يقابله باطل ، وعلى هذا الحال فقد يرد البطلان على التصرفات القانونية القولية كالعقد والارادة المنفردة والقرار الاداري والعقد الاداري ، وقد يَرد على تصرفات او اعمال المكلفين شرعاً كبطلان الزواج او الصلاة او الوضوء ، ومن الناحية الاخلاقية فان خيانة الامانة في العمل والرأي والمشورة أو الكذب اوالغش اوالنفاق … باطل. (2)
الفرع الاول
البُطلان في الشرائع الوضعية
البطلان حسب الشرائع الوضعية الحديثة اما مرتبة واحدة كما هو عند غالبية الفقه الاسلامي والمشرع المدني العراقي ، او مرتبتان ، هما البطلان المُطلق والبطلان النسبي كما هو حال المشرع الفرنسي والمصري والانكليزي.
ومن الناحية التاريخية ،لم يضع الرومان نظرية عامة في البطلان ، ولم يميزوا بين البطلان المطلق والبطلان النسبي فلم يَعرف القانون الروماني الا مرتبة واحدة من البطلان ، فالعقد في نظرهم اما عقد صحيح يُرتب آثاره كاملة، وإما عقد باطل لا تترتب عليه أية آثار، الا ان أسباب البطلان متعددة فيه، وهي اما ترجع الى تَخلف الشكلية المطلوبة قانوناً او عرفاً ، او انها تـَرجع الى تَخلف رُكن من اركان العقد او تحقق عيب من عيوب الارادة، وقد شاع هذا النوع من البطلان في العقود الرضائية في العصر العلمي للقانون الروماني بعد أن تحرر هذا القانون من معظم شكلياته .
واركان العقد عند الرومان، التي يؤدي تخلفها الى بطلان العقد ،هي الرضا ومنه الاهلية والمَحل والشكلية ، اما السبب بمختلف معانيه فلم يَشترط الرومان وجوده في العقد، و جاء في مدونة (جستنيان) اشارة الى السبب تمثلت بمقولة ( الباعث الكاذب لا اثر له في قيام العقد ) .
الا ان القانون الروماني لم يُساير منطق البطلان الى نهايته ، الذي يقضي بإعادة الحال الى ماكانت عليه قبل ابْرام التصرف ، فالقاعدة في القانون الروماني هي انه اذا سَلمَ احد العاقدين للآخر شيئاً تنفيذاً للعقد غير المشروع ، ليس له ان يسترده، الا اذا كان عدم المشروعية غير آت من جهته، اما اذا كان شريكاً في عدم المشروعية، اي كانت يده مُلوثة بالعمل غير المشروع ، فليس له ان يسترد ما سلمه .
فاذا اتفقَ شخص مع آخر ان يَدفع له مبلغاً من المال مقابل ان يكُف عن ايذائه ، كان الاتفاق باطلاً وله ان يسترد ما دفعه من مال لانه لم يفعل ما يؤاخذ عليه فقد كان بصدد تجنـُب الاذى، اما اذا دفع شخص رشوة لموظف نظير قيام الاخير بعمل او امتناع عن عمل ، كان التصرف باطلاً ، لكن ليس له ان يسترد ما دفعه لان عدم المشروعية آت من الطرفين . وكذلك الحكم في الامور المُشينة اخلاقياً كما لو اتفق احدهم مع امرأة بأن يدفع لها مبلغاً من المال مقابل أن يتصل بها اتصالاً غير مشروع .
ويُستثنى من ذلك حالة وقوع ضَرر أحْدثه طالب الاسترداد بالطرف الاخر، ويعد هذا تعويضا عن الضرر يقدر بقدره .
والحال ان الحُكم المتقدم لاينسجم مع اثر البطلان ومَنطقه، لان التصرف الباطل هو والعَدم سَواء، ويعتبر كإن لم يكن، مما يقتضي اعادة الحال الى ماكانت عليه قبل التعاقد، اما التعويض عن الضرر، ان كان هناك مقتضى، فيتم وفقا لقواعد المسؤولية التقصيرية، لان العقد الباطل يعتبر واقعة مادية لا تَصَرُف قانوني، وقد سُمي عقداً من باب المَجاز لا من باب الحقيقة.
وقد التزم القضاء الفرنسي والمصري بالقاعدة الرومانية القديمة رَدحاً من الزمن وأخذ بالتفرقة التي قالت بها في احوال الضرر .
وفي العصور الحديثة مَيزَت النظرية التقليدية بين ثلاث مراتب من البطلان ، هي حالة انعدام التصرف كما لو تخلف ركن من اركان العقد او انه لم يستوف ِالشكلية الواجبة المقررة قانونا . وحالة البطلان المطلق كما لو وجدت جميع اركان العقد ولكن تخلف شرط من شروط احد الاركان ، كإن يكون سبب العقد مخالفاً للنظام العام اوالاداب .
واخيراً حالة البطلان النسبي، ويتحقق في حالة ان استوفى العقد أركانه وكان رضا المتعاقدين موجودا الا انه لم يستوف شروط صحته ، كإن شابَ الارداة عيب كالغلط او التدليس او ان العقد صَدر من صبي مميز، ويتحقق البطلان النسبي بنـَص القانون ايضا بالنسبة لبعض التصرفات.
اما النظرية الحديثة في البطلان فتجعل من الانعدام والبطلان المطلق في مرتبة واحدة ، تسميها البطلان المطلق، اما البطلان النسبي فقد ابْقتهُ في مرتبته التي كان عليها ، وقد تَبنى المُشرِع المصري هذه النظرية، فالبطلان عنده مرتبتين، البطلان المطلق ، والبطلان النسبي، وعَبر عنه بما أسماه ( قابلية العقد للإبطال)
ويتحقق البطلان المطلق بالنسبة لكل اتفاق او تصرف يتعارض مع الدستور أو القانون أو النظام العام والاداب العامة.
كما لو اتفق مهرب مع آخر على أن يكون شريكه في عملية التهريب على ان يحصل على نصف الارباح مقابل اخفائه للبضائع المهربة لحين تصريفها ، فان أ َخـَل المُهرب بوعده بعد ذلك فلا يحِق للشريك مقاضاته لتنفيذ هذا الاتفاق لأن مثل هذا الاتفاق يكون باطلاً بطلاناً مطلقاً لمخالفته للنظام العام .
وقد يبدو غريباً ان يُطالب شخص من آخر امام القضاء بحقه الناشيء عن سبب غير مشروع، الا ان ذلك كثير الوقوع في الحياة العملية وخاصة في نطاق الاوراق التجارية ، كالصك ، حيث تصرف الاموال الملوثة عن طريقها عادة حيث لا يُلزم قانوناً ان يذكر فيها سبب الالتزام، فان تبَين للقاضي ان سبب الصك غير مشروع يَحكم ببطلان الالتزام الصرفي الناشيء عنه، ويُحيل الدعوى الى محكمة التحقيق .
كذلك الحال اذا اتفق شخص مع إمرأه بان يباشرها دون زواج مقابل مبلغ محدد من المال فان أخل بتعهده فليس لها مقاضاته لأن العقد باطل بطلاناً مطلقاً ذلك ان سببه غير مشروع كونه يتنافى مع الآداب العامة والنظام العام.
والبطلان المطلق لا يمكن تصحيحه بأي شكل من الأشكال.
أما البطلان النسبي فهو ذلك البطلان الذي يُمكن تصحيحه بأجازةِ مَن لهُ حق اجازتهِ ، وهو يتحقق إذا كان الرضا موجودا فعلا لكنه مُعيب، كالعقد الذي يعقده الصبي المميز، وكما في حالات الغلط والتدليس والاكراه والاستغلال .
وللطرف الذي تَعيَبت ارادته ان يُجيزه خلال مدة مُعينة صراحة او ضمناً. ويتم صراحة بالتنازل عن البطلان، وضمناً بتنفيذ العقد أو فوات المدة التي تجيز له إقامة دعوى بطلان ، فان لم يجزه خلال تلك المدة انقلب باطلاً .
وقد أخذ القانون الانجليزي بمثل ذلك ، حيث صنف البطلان إلى نوعين، الأول هو البطلان المطلق، ويدخل فيه العقد المنعدم ، والثاني هو البطلان النسبي.
الا انه تبنى حكم نوع اخر من العقود المعيبة هي العقود الموقوفة، وهي تلك العقود التي لا تَحميها دعوى قضائية لعدم إمكان إثباتها كتابة ً وهي لازمة لمثل هذه العقود، الا انه اذا قام المدين بتنفيذ التزامه بارادته كان تنفيذه صحيحاً ، وليسَ له ان يطالب باسترداد ما دفعه تنفيذاً للعقد المُعيب ، الا ان الدائن لايستطيع إجبار مَدينَه على التنفيذ ، وهذه صور من صور الالتزام الطبيعي في حقيقته ومعناه المعروف في القوانين اللاتينية .(3)
الفرع الثاني
موقف المشرع العراقي من البطلان واثاره
نَصت المادة (33) من القانون المدني العراقي على انه ( 1ـ العقد الصحيح هو العقد المشروع ذاتاً ووصفاً بأن يكون صادراً من أهله مُضافاً الى محل قابل لحُكمه ، وله سبب مشروع ، وأوصافه سالمة من الخلل . 2 ـ واذا لم يكن العقد موقوفاً افادَ الحُكم في الحال .)
ونصت المادة (138) منه على انه ( 1ـ العقد الباطل لا ينعقد ولايفيد الحكم اصلاً. 2ـ فإذا بَطـُل العقد يُعاد المتعاقدان الى الحالة التي كانا عليها قبل العقد.فإذا كان هذا مستحيلاَ جاز الحكم بتعويض معادل.3ـ ومع ذلك لايلزم ناقص الاهلية إذا أبطل العقد لنقص اهليته أن يَرد غير ما عاد عليه من منفعة بسبب تنفيذ العقد )
يتضح من النصوص المتقدمة، ان العقد في القانون العراقي ،وكذلك عند جمهور فقهاء الشريعة ، قسمان، صحيح وباطل ، وينقسم العقد الصحيح الى موقوف ونافذ. وان المُشرِع العراقي لم يأخذ بفكرة العقد الفاسد الذي كان مقرراً في مجلة الاحكام العَدلية ، فألْحقَ بعض صور العقد الفاسد بالعقد الصحيح الموقوف بينما الحقَ الصور المتبقية بالعقد الباطل .
والعقد الباطل من وجهة نظر المشرع العراقي هو الذي لايصُح اصلاً، اي بالنظر الى ذاته ، او لايصح وصفاً، اي بالنظر الى اوصافه الخارجية، فأسباب البطلان شيئان، اما خلل في ذات العقد ومُقوماته اي في رُكنه ، مثل ان يصدر الايجاب او القبول مِمن ليس اهلاً للتعاقد ، او ان يكون محل العقد او سببه غير موجود او غير مشروع ، وإما خلل في اوصافه الخارجة عن ذاته ومقوماته ، كأن يكون المعْقود عليه مجهولاً جَهالة فاحشة ، او الا يستوفي الشكل الذي فرضه القانون .
والعقد الباطل منعدم قانوناً فلا يَنتج اثراً وليس من اللازم صدور حُكم لتقرير هذا البطلان ولمن كان طرفاً فيه ان يُرتب اموره على اساس ان العقد غير موجود ، اما اذا كان قد تم تسليم المعقود عليه وامتنع المشتري عن رده رضاءاً فلا مَندوحة عندئذ من اقامة دعوى البطلان لإسترداد ما تَم تسليمهُ بمقتضى العقد الباطل .
ويمكن ان يتمسك بالبطلان كل من كسب حقاً في محل العقد يؤثر فيه صحة العقد او بطلانه ، سواء قد كسب الحق قبل صدور العقد او بعده ، فيتمسك به كل من الطرفين وخلفها العام والخاص(4) . فيتمسك به المتعاقدان ودائِنوهُما وورثتهما ، وكل من كسب حقاً عينياً على العين المبيعة كمشترٍ ثان او صاحب حق انتفاع او ارتفاق او دائن مُرتهن .
وعلى المحكمة ان تحكم ببُطلان العقد من تلقاء نفسها ولو رُفِعت الدعوى من وجه آخر غير البطلان ، ولو لم يطلب المدعي الحكم بالبطلان ، اذ ليس للمحكمة ان تعتبر ما هو معدوم قانوناً ذا وجود . والعقود الباطلة لا تلحقها الاجازة لأن المعدوم لا ينقلب موجوداً بالاجازة ، والبطلان لايزول بالتقادم ، وكذلك بالنسبة للدفع بالبطلان فهو لا يسقط اصلاً بالتقادم لأن الدفوع لا تتقادم .
والقول بإبطال العقد الباطل هو من باب المجَاز، لاننا لو اخذنا القول من باب الحقيقة فان ذلك يعني جعل التصرف باطلا بعد أن بدأ صحيحا، والحال انه اذا بدأ باطلا لا يَقبل إبطالا، لأن الباطل لا يُبطل فهو منعدم اصلاً .
واثر الحكم بالبطلان ،انه اذا بطل العقد وجب اعادة كل شيء الى اصله ، فيعاد المتعاقدان الى الحالة التي كانا عليها قبل العقد ، فإذا كان احد المتعاقدين قد سلم شيئاً للآخر تنفيذاً للعقد ، جاز له استرداده كاملاً . وإذا استحال ذلك بسبب الهلاك مثلاً ، جاز الحكم بتعويض معادل .
يتضح مما تقدم ان البطلان في القانون المدني العراقي ليس مراتب متدرجة ، بل هو بطلان واحد ، يناظر ماتسميه بعض التشريعات بالبطلان المطلق ، اما البطلان النسبي ، كما يقول الاستاذ (عبد المجيد الحكيم )، فيطرحه المشرع العراقي ، لان مَنطقهُ لا ينسجم مع صَنعة الفقه الاسلامي مصدرُ إلهام مشرعنا في هذا المجال ، لان العقد الباطل بطلاناً نسبياً ، هو عقد صحيح نافذ الاثر، وإذا كان كذلك فلا يصح وَصفه بالبطلان ولو كان نسبياً لكونه قائماً ومنتجاً لآثاره ، ومثله لا يتصور كيف يحتاج الى الإجازة وهو نافذ لا يَعتريه عيب تُصَحِحه هذه الاجازة .
الفرع الثالث
تلطيف مفعول البطلان
أخذت التشريعات الحديثة ، وخاصة بعد أفول نجم مدرسة الشرح على المتون، بتلطيف مفعول قاعدة ما بني على باطل فهو باطل ، بالنظر للآثار الاجتماعية السيئة التي خلفها منطق هذه القاعدة، فهي وان كانت تساير حكم العقل ومقتضيات المنطق ، الا انها لا تساير منطق الرحمة والانصاف في الحالات التي تقتضي العدالة الحقة العناية بها بشكل خاص ، كما ان تطبيقها الثابت منقطع النظير قد يتعارض مع مبدأ استقرار المعاملات ، وهكذا بدأ الفقه والقضاء بالبحث عن حلول منصفة تُلطف من مفعول هذه القاعدة ، فظهرت في علم القانون نظريات جديدة في البطلان سرعان ما وجدت طريقها الى التشريعات الحديثة ، المدنية والادارية وقواعد القانون الدولي العام والخاص .
في اطار القانون المدني والتجاري تبنت التشريعات الحديثة نظرية انتقاص العقد ونظرية تحول العقد ، وبموجبهما تترتب بعض الاثار العرضية على العقد الباطل .
اولاً: نظرية انتقاص العقد
مفاد هذه النظرية ، ان التصرف او العقد اذا تضمن عدة امور وكان صحيحاً بالنظر الى بعضها وباطلاً بالنظرالى البعض الاخر فإن العقد لا يبطل في الجميع ، بل يبطل منه ما لايكون صحيحاً ، ويبقى عقداً صحيحاً مستقلاً بالنظر الى ما كان صحيحاً فيه ، فكأنه جاء من الابتداء عقداً مستقلاً به .
فالعقد إذاً لا يبطل كلية ً بل ينتقص ، الا انه إذا تبين ان الشِق الباطل الذي طرح منه هو عنصر منظور اليه لم يكن ليتم العقد بدونه وقع العقد باطلاً في الجميع لعدم إمكان الفصل بينهما .
ومن ذلك ان المحاكم كانت تقضي ببطلان العقد الذي يتضمن اتفاقاً على سعر فائدة اكثر مما هو مقرر قانوناً ، ولكن حينما بدأت بتطبيق نظرية انتقاص العقد فان العقد لايبطل كلية وانما يُخفض سعر الفائدة الى الحد الذي يجيزه القانون .
وكذلك الحال بالنسبة الى الهبة المقترِِنة بشرط مخالف للنظام العام او الاداب، كأن يَهب احدهم لأخر عقاراً او منقولا ويشترط عليه ان لا يتصرف فيه بالبيع ومثل هذا الشرط باطل لانه يتعارض مع طبيعة وخصائص حق الملكية الذي يتيح للمالك التصرف بملكه بكافة انواع التصرفات الجائزة ، او ان بيعاً ورد على مال مملوك ومال لايجوز بيعه كاموال الوقف او الاموال العامة ، او ان البيع ورد على عدة منقولات وقع العاقد في غلط جوهري بشأن شيء منها . فإنه لا يصيب البطلان إلا الشق الذي قام فيه سبب البطلان ، ويبقى العقد صحيحاً في الباقي ، الا إذا تبين ان هذا الشق عنصر جوهري في العقد فيقع البطلان في الجميع .
وقد اخذ المشرع العراقي بالحكم الذي اسسته نظرية انتقاص العقود ، حيث نصت المادة (139) من القانون المدني العراقي على انه ( اذا كان العقد في شق منه باطلاً فهذا الشق وحده هو الذي يبطل . اما الباقي من العقد فيظل صحيحاً باعتباره عقداً مستقلاً إلا اذا تبين أن العقد ما كان ليتم بغير الشق الذي وقع باطلاً ) .
اما بعد ، فان انتقاص العقد ما هو الا تفسير لارادة المتعاقدين ، حيث يفترض حسب مبدأ حسن النية في العقود ان يكون قصد المتعاقدين قد اتجه الى انشاء محل مشروع للالتزام يتمثل في الشق الصحيح من العقد .
ثانياً: نظرية تحول العقد
نظرية تحول العقد نظرية المانية المنشأ وضعها فقهاء القانون الالمان في القرن التاسع عشر وتبناها المشرع الالماني في تقنينه المدني في المادة (140) منه . ويأخذ بها القضاء الفرنسي دونما نص خاص يقررها تطبيقاً لنظرية التكييف .
مفاد هذه النظرية ان العقد اذا كان باطلاً ، الا انه توافرت فيه اركان عقد اخر ، فإنه يتحول الى ذلك العقد الاخر إذا تبين من ظروف التعاقد ان نية المتعاقدين ستنصرف الى هذا العقد لو كانا يعلمان ببطلان العقد الذي ابرماه ابتداءاً .
وهذا يعني ان العقد الباطل قد انقلب صحيحاً ولكنه ليس العقد الذي قصده المتعاقدان ابتداءاً ، لكن من النوع الذي توافرت فيه اركانه .
ولكي يتحول العقد الباطل الى صحيح ، يجب ان يكون العقد باطلاً فإذا كان صحيحاً ثبت غير متحول . وان تتوافر فيه عناصر العقد الجديد الذي يقم مقام الأصل . واخيراً ان يقوم الدليل على ان نية المتعاقدين كانت ستنصرف الى الارتباط بالعقد الجديد لو انهما تبينا ما بالعقد الاصلي من اسباب البطلان .
ومن ذلك ان المحاكم كانت تقضي ببطلان السند الرسمي الذي يفقد صفة الرسمية لتوثيقه من موظف غير مختص بتوثيق مثل هذا السند ، او ان الموظف مختص من الناحية النوعية بتوثيق مثل هذا السند الا انه غير مختص مكانياً بتوثيقه ، وهكذا يفقد الدائن وصاحب الحق اهم دليل اثبات في الدعوى ومن ثم يخسر دعواه اذا انكر المدين الدين ، رغم انه قد احتاط مسبقاً ، الا انه بتطبيق نظرية تحول العقد فان السند لا يبطل كلية بل يتحول الى سند عادي ما دام موقعاً من الطرفين .
وقد اخذ المشرع العراقي بالحكم الذي اسسته نظرية تحول العقود ، حيث نصت المادة (140) من القانون المدني العراقي على انه ( إذا كان العقد باطلاً وتوافرت فيه أركان عقد آخر فإن العقد يكون صحيحاً باعتباره العقد الذي توافرت اركانه إذا تبين ان المتعاقدين كانت نيتهما تنصرف الى ابرام هذا العقد ).
ويرى بعض الفقهاء ان نظرية تحول العقد لا تعدو عن كونها تطبيقاً لنظرية التكييف في مجال العقد ، ذلك ان تكييف العقد واعطاءه الاسم الصحيح هو من عمل قاضي العقد ، وبما ان التكييف مسألة قانونية وعلمية فان القاضي لا يعتد بالتكييف او الاسم الذي يختاره المتعاقدان للعقد الذي يبرمانه ، فإذا نقل شخص ملكية شيء الى شخص اخر دون مقابل فإن هذا العقد يعتبر هبة ولو سماه المتعاقدان بيعاً ، ويطبق القاضي عليه احكام الهبة لا احكام البيع .
الفرع الثالث
صلة البطلان بالنظام العام والاداب العامة
تتبنى جميع التشريعات مبدءاً عاماً يشمل بحكمه كل فروع القانون ، مفاده ان كل ما يخالف النظام العام والاداب العامة يعتبر باطل . فما هو المقصود بالنظام العام والاداب العامة ؟
النظام العام معيار كلي مرن ونسبي ، قوامه حماية المصالح السياسية والاقتصادية والاجتماعية العليا السائدة في المجتمع، ولذلك هو فكرة سياسية في الاصل لانه يُعين على تحقيق الهدف الذي يبتغيه كل نظام قانوني ، لا الوسائل الفنية كالجزاءات التي اعدها القانون للوصول الى ذلك الهدف ، وهو معيار نسبي لأن مضمونه يتغير بتغير الزمان والمكان ، ثم انه معيار مرن يدرجه المشرع في التشريعات المختلفة ولايتناوله بالضبط والتحديد ولهذا اعتبر فكرة على بياض يتولى القاضي ملء مضمونها وفقاً للأفكار السياسية والاجتماعية السائدة وقت نظر النزاع ووفقاً لما يقتضيه حسن سير الحياة الاجتماعية .
أما الاداب العامة ،فهي مجموعة القيم والقواعد والمعايير الخلقية التي يقوم عليها النظام الاجتماعي في زمان ومكان معينين .
وهي الاخرى معيار كلي مرن ونسبي، قوامه الاخلاق العامة التي تُمثل الضمير العام للجماعة ، فهي اذن فكرة اخلاقية نفذت الى الفكر القانوني فأكتسبت طابعاً عملياً ومن ثم ليست هي الاخلاق المثالية التي ينادي بها الفلاسفة ورجال الدين ، بل هي الاخلاق العملية المتوسطة التي تشمل ما يتصل بالناموس الادبي والمعيار الاخلاقي الذي تحرص الجماعة عليه في العلاقات بين الافراد فقط . وكلما اقترب المجتمع من التحضر اكثر ارتفع المعيار الخلقي وزاد التشدد فيه .
وبما ان نطاق القانون يختلف عن نطاق الاخلاق ، فأن الغرض الذي يستهدفه المشرع من تبنيه لفكرة الاداب العامة ليس الرغبة في الارتفاع بالجماعة الى مستوى الكمال الخلقي ، وانما يقصد بذلك الا يمنح حمايته للتصرفات التي تكون مخالفة للأداب .
وتعد فكرة النظام العام والاداب العامة المنفذ الذي تنفذ منه العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والخلقية الى النظام القانوني لتلائم بينه وبين التطور الذي يمر به المجتمع في وقت معين .
واذا كانت فكرة النظام العام والاداب العامة فكرة مرنة معيارية تعطي القاضي سلطة واسعة في تحديد مضمونها نظراً لعدم ثبات هذا المضمون وتغيره في الزمان والمكان ، الا ان القاضي لا يملك ان يحل اراءه او معتقداته الشخصية محل معتقدات وقيم الجماعة نفسها ، ويعتبر تحديد مضمون النظام العام والاداب العامة مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة التمييز ، وفي ذلك ضمانة مهمة تَضمُن إقامة هذا التحديد على اسس موضوعية لا ذاتية .
ويَرد معيارا النظام العام والاداب العامة من حيث الصياغة في التشريع دون ضَبط وقد قصد بهما ان يكونا على هذا النحو من الغموض حتى يكملا ما فات القانون من نقص وقصور ، ويعطيا معايير واسعة لكل ما يجب اعتباره غير مشروع وباطل ولو لم يرد نص بتحريمه .
الفرع الرابع
تطبيقات حديثة لاثار البطلان
اولاً:البطلان ونظرية الموظف الفعلي
في نطاق القانون الاداري ، يُعد القرار الاداري المَعيب بِعَيب جسيم باطلاً بطلاناً مطلقاً ومنعدم ، لا اثر له قانوناً ويمكن لصاحب العلاقة بل عليه عدم طاعته او الالتزام به بل له ان يقاوم تنفيذه، والادارة من جانبها وهي تحاول تنفيذه تنفيذا مباشرا انما ترتكب بذلك اعتداءاً مادياً ،ومن ذلك صدور القرار من فرد عادي او بعبارة اخرى من مغتصب ومن ثم تكون قراراته منعدمة ولا اثر لها .
اما اذا كان مغتصب الوظيفة مما يصدق عليه وصف الموظف الفعلي فانه بالامكان تصحيح تلك النتائج لتجنب الاثار الجانبية التي تمس حقوق الغير حسني النية عند اقرار بطلان تصرفات مغتصب الوظيفة، ذلك ان تطبيق قاعدة ما بني على باطل فهو باطل في مثل هذه الاحوال قد يؤدي الى سقوط عدد لا يحصى من المراكز القانونية بما يتعارض مع مبدأ امن واستقرار المعاملات .
ومن ذلك، لو ان قاضياً وثق عقود الالاف من المتزوجين والدائنين او ان عميد كلية وقع الالاف من شهادات تخرج الطلبة وتبين بعد ردح من الزمن يطول او يقصر ان قرار تعيين كل منهم كان باطلاً او ان شهادتهم العلمية كانت مزورة وانهم كانوا مغتصبين للوظيفة ، فان تطبيق منطق قاعدة البطلان محل بحثنا حرفياً يؤدي الى سقوط جميع ما صدر منهم من تصرفات ومنها ما تم توثيقه على ايديهم من سندات ، وهكذا تجد الزوجات والدائنين والخريجين بين ايديهم فجأة سنداً لا قيمة له من الناحية القانونية ، لان ما بُني على باطل فهو باطل . ( 5)
ولتجاوز الاثارالجانبية الضارة التي تترتب على منطق البطلان ، فقد اوجد الفقه والقضاء نظرية الموظف الفعلي . فالموظف الفعلي او الواقعي في الظروف العادية هو ذلك الشخص غير المختص الذي لم يُقـَلد الوظيفة العامة اصلا اوكان قرار تقليده للوظيفة العامة معيباً من الناحية القانونية او كان موظفا وزالت عنه صفته الوظيفية لاي سبب كان ، والموظف الفعلي في الظروف الاستثنائية هو من يباشر الوظيفة العامة تحت ضغط ظروف استثنائية او دوافع سياسية او اجتماعية او بدافع المصلحة الوطنية وبهدف عدم توقف المرافق العامة الحيوية وخاصة في اوقات الحروب وغياب السلطات العامة او انحسارها ، والاصل اعتبار قراراته التي يتخذها منعدمة وباطلة قانونا لانها صادرة من غير مُختص الا ان الفقه والقضاء ولإعتبارات تتعلق باستقرار المراكز القانونية وضرورة سير المرافق العامة بصفة منتظمة اعترف بصحة هذه القرارات ضمن شروط معينة وتتخلص هذه الشروط في قيام فكرة الظاهر بأن تكون عملية تَقلد هذا الشخص للوظيفة مُتسِمة بمَظهر المعقولية وهذا يعنى ان من يتولى وظيفة معينة على اساس من عمل منعدم وهو القرار المتسم بالمخالفة الجسيمة والواضحة كل الوضوح لا يمكن ان يكون موظفاً فعلياً ومن ثم تكون قراراته منعدمة .
ثانياً: البطلان في القانون الدولي الخاص
في اطار تنازع القوانين ، يُطبق القاضي الوطني قانوناً اجنبياً على العلاقات القانونية المَشوبة بعنصر اجنبي التي ينظمها القانون الخاص كالقانون المدني والقانون التجاري و قانون الاحوال الشخصية .
فلو تنازع زوجان ايطاليان بشأن عقد زواجهما وكانا يقيمان في العراق واقام احدهما الدعوى امام محكمة عراقية ، فإن القاضي يطبق بشأن ذلك النزاع قانونهما الشخصي اي قانون الاحوال الشخصية الايطالي (6) ، ولكن قد يحصل ان التصرف القانوني الذي يقره القانون الاجنبي يعتبر باطلاً في قوانين دولة القاضي الوطني الذي ينظر في النزاع لمخالفته للنظام العام ، وعلى هذا الحال كانت المحاكم الوطنية تقضي ببطلان مثل هذه التصرفات ولا تُرتب عليها اية حقوق للاجنبي .
وعلى سبيل المثال ، فقد استقرت احكام القضاء الانجليزي سابقاً على عدم الاعتراف بنظام تعدد الزوجات وكان يصفه بانه زواج مُزيف غير شرعي من ثم لا يُعترف بأية حقوق للزوجة الثانية وابنائها كالبنوة للأب والميراث .
الا ان هذا الوضع ، وخاصة بعد ازدياد عدد الاجانب ومنهم المسلمين في انكلترا وفي غيرها من الدول الغربية ، فقد اخذ الفقه والقضاء بالبحث عن حلول تنسجم مع روح العدالة ولو تعارضت نسبياً مع منطق البطلان ، وهكذا ظهرت عدة نظريات فقهية تبنت حلولا مختلفة ، والاتجاه السائد حالياً يذهب الى احلال الاحكام الموضوعية لقانون القاضي محل الاحكام الموضوعية للقانون الاجنبي الذي تعتبر باطلة في نظر قانون القاضي الذي ينظر في النزاع ويقتصر عدم تطبيق القانون الاجنبي على تلك الاحكام التي تتعارض مع النظام العام لدولة القاضي .
وهكذا بدأ القضاء الانجليزي يميز بين دور النظام العام ومايرتبه من بطلان عند انشاء الحق في بلد خارج انكلترا ودور النظام العام عند التمسك بآثار ذلك الحق في انكلترا ، فقرر احترام اثار الحق المكتسب في الخارج االناشيء بمقتضى القانون الاجنبي المختص حتى لو كان القانون الانكليزي لا يسمح بإنشاء مثل هذا الحق ، وتطبيقاً لذلك اخذ القضاء الانكليزي بالتمييز بين الحق في الزواج بأكثر من واحدة وهذا غير جائز في انكلترا ،وبين إثار ذلك الزواج فاعترفوا بآثاره كلما نشأ خارج انكلترا وبمقتضى نظام يجيز تعدد الزوجات ، وهكذا اعترف بحقوق الزوجة الثانية وحق ابنائها في ارث والدهم .
الا ان الاعتراف بالحقوق المكتسبة ماهو الا تلطيف لمفعول النظام العام ، ولا يعني بأية حال من الاحوال استبعاداً كلياً لفكرة الدفع بالبطلان في جميع الاحوال بالنسبة لاية حقوق مكتسبة في الخارج ، فاذا كان التعارض مع النظام العام مفرطاً بحيث يظهر بحد ذاته متضمناً اعتداءاً على النظام العام في دولة القاضي فلا يمكن والحالة هذه احترام الحق المكتسب في الخارج .
فلو نشأ نزاع عن زواج شاذ بين مثلييَن ، الذي تعترف به بعض القوانين ، وعرض النزاع امام محكمة عراقية ، فإن القاضي العراقي يرد الدعوى، حيث لا يمكن له ان يعترف بمثل هذا الزواج ويعتبره باطلاُ ولا يلطف مفعول بطلانه بأية صورة من الصور لتعارضه مع احكام الشريعة الاسلامية والنظام العام والاداب العامة في العراق بشكل مفرط .
الفرع الرابع
الشريعة الإسلامية والبطلان
تنظم الشريعة الإسلامية أحكام العقيدة والعبادات والمعاملات، وفي اطار العقيدة والعبادات ، فان الباطل من الناحية الشرعية ، هو الضلال الذي يقابل الحق والهدى، ويترتب على ذلك ان كل ما عدا الحق والهدى فهو باطل وضلال، كما قال تعالى (فذلكم الله ربكم الحق، فماذا بعد الحق إلا الضلال فأنى تصرفون..) .(7)
وكذلك قوله تعالى (بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق…. ) .(8)
الا ان الشريعة الاسلامية الغـَراء تميزت بين جميع الشرائع ، بقصب السبق، في انها رفعت البطلان وحكمه الشرعي عند توفر اسباب معينة. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وضع عن هذه الامة ستة : الخطأ ، والنسيان ، وما استكرهوا عليه ، وما لا يعلمون ، وما لا يطيقون ، وما اضطروا عليه . )
وعن ابن ظبيان قال، أتي عمر رضي الله عنه بامرأة مجنونة قد فـَجرت، فأمر برجمها، فمروا بها على علي بن أبي طالب عليه السلام، فقال: ما هذه ؟ قالوا: مجنونة فجرت فأمر بها عمر أن ترجم ; قال: لا تعجلوا، فأتى عمر فقال له: أما علمت أن القلم رفع عن ثلاث: عن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ ؟ . فوافقه عمر رضي الله عنه على ذلك.
في نطاق المعاملات:
يعتبر فقهاء الشريعة الاسلامة عامة من الرواد الذين تبنوا ، تلطيف مفعول اثر البطلان ،وهو العدم ، استنباطا ًمن الآيات الكريمة واقوال الرسول صلى الله عليه وسلم ، لاسباب شرعية تتعلق بمراعاة الظروف الانسانية المقهورة والأخذ باسباب الرحمة والظروف القاهرة التي احاطت باطراف البطلان او ماخلفته هذه الظروف من وقائع تتطلب حلولا خاصة ، وفي ضوء ذلك رتبوا اثارا عرضية على بعض التصرفات الباطلة .
فقد تبنى فقهاء الشريعة مايعرف في الفقه القانوني المعاصر بنظرية انتقاص العقد
من ذلك ان عقد الزواج غير الصحيح في الشريعة الاسلامية لاينتج اثار الزواج الصحيح ، كوجوب النفقة وحق التمتع والتوارث ، ولكن فقهاء الشريعة الغراء رتبوا عليه اثارا عرضية، خلافا لمنطق البطلان الجامد، كوجوب العِدة نتيجة الدخول ووجوب المهر كتعويض عن الدخول وسقوط الحد (العقوبة) للشُبهة ، والبنوة رعاية للولد . واذا سمي للمهر مايحل وما يحرم ، فلا يبطل كله ، وانما الجزء الذي وقع فيه البطلان ، كأن تزوجها على عشرة دراهم ودِن من الخمر ، فلها العشرة وبَطـُل الخمر ، ولو اوصى لأجنبي ووارثهِ فللأجنبي نصفها وبطلت بالنسبة للوارث . وإذا جمع في البيع وقف وملك لا يسري الفساد الى الملك ، وإذا شرط الخيار في البيع اكثر من ثلاثة ايام فإنه يصح في الثلاثة ويبطل فيما زاد .
ومن جانب اخر تبنى فقهاء الشريعة الاسلامية مايعرف في الفقه القانوني المعاصر بنظرية تحول العقد ، ومن امثلة ما قرره فقهاء الشريعة انه اذا اعاره شيئاً واشترط عليه العوض صح وانقلب العقد الى قرض فيملكه بالقبض، وإذا قال خذ هذا المال مضاربة والربح لك كان قرضاً وإذا اجره الأرض بثلث ما يخرج منها كان اجارة باطلة وتحول العقد الى مزارعة .
وعلى هذا الحال فان نظريتا انتقاص العقد و تحول العقد اللتان تبناهما الفقه الغربي في العصور الحديثة تعودان بأصلهما الى فقه الشريعة الاسلامية الغراء .
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــ ــ
(1) البقرة ـ الاية 42 ، الانفال ـ الاية 8.
(2) ـ يعتبر تقديم المشورة القانونية او العلمية لمن يطلبها امانة ثقيلة ، والكذب والتزوير فيها خيانة للأمانة ، لما يترتب على هذه الخيانة من سقوط لضحايا ولحقوق للناس، فكانت عقوبتها الاخروية شديدة واشارت اليها النصوص القرآنية والاحاديث النبوية الشريفة . قال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ * وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) (الأنفال:27-28)…. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( المستشار مؤتمن، فإن شاء أشار، وإن شاء سكت، فإن شاء فليشر بما لو نزل به فعله( وقال (من استشاره أخوه فأشار عليه بغير رشد فقد خانه ).
(3) ـ الالتزام الطبيعي : الاصل ان يجتمع عنصرا المديونية والمسؤلية في كل التزام . ويسمى الالتزام عندئذ بالالتزام المدني . ويبدو عنصر المديونية في صورة قيام المدين بتنفيذ التزامه . فإذا قام المدين بالوفاء انقضى التزامه . اما اذا لم يقم بالوفاء ، فإن عنصر المسؤولية ينهض عندئذ وتجبره السلطة العامة على الوفاء بما التزم . اما اذا تخلف عنصر المسؤلية ، اعتبر الالتزام ناقصا وسمي بالالتزام الطبيعي وفيه يبرز عنصر المديونية الذي يقتضي من المدين الوفاء بأرادته ، اما اذا امتنع عن الوفاء فلا يمكن اجباره على الوفاء لتخلف عنصر المسؤلية في هذا النوع من الالتزام ، ويتحول الالتزام المدني الى التزام طبيعي لاسباب قانونية متنوعة منها الالتزامات الطبيعية الناشئة عن دفع المدين بانقضاء الالتزام بالتقادم او بقوة اليمين الحاسمةً او بحجية الشيء المقضي فيه .
(4) ـ الخلف العام والخلف الخاص : الخلف العام هو من يخلف غيره في ذمته المالية كلها او في جزء شائع منها ، كالثلث والربع والنصف . فيشمل ذلك الوارث والموصى له بجزء شائع من التركة كالثلث . والخلف العام يخلف سلفه بمقتضى أحكام الميراث والوصية ، فمن الطبيعي أن يتأثر بالعقود التي ابرمها سلفه .
أما الخلف الخاص فهو من يتلقى من غيره ملكية شيء معين بالذات او حقاً عينياً على هذا الشيء . فالمشتري يعتبر خلفاً خاصاً للبائع والموهوب له يعتبر خلفاً خاصاً للواهب والمرتهن يعتبر خلفاً خاصاً للراهن . ومن الطبيعي ان لايتأثر الخلف الخاص بكل تصرفات سلفه ، بل يتأثر بالتصرفات الصادرة من سلفه والتي تتعلق بالشيء الذي انتقل اليه منه ، كما يجب ان يكون التصرف صادراً من سلفه قبل انتقال الشيء اليه . مثال ذلك ما اذا رهن شخص داره عند المصرف العقاري ثم باعها ، فالدار تنتقل الى المشتري وهي مرهونة .
(5) ـ ومن الوقائع التي مرت بنا ،ان ادارة كلية القانون اكتشفت اثناء ادخال المعلومات في الحاسوب ان طالباً في مرحلة الماجستير كان مكملاً في احد الدروس في المرحلة الثالثة وبسبب خطأ في نقل الدرجات في حينها ابلغ انه من الناجحين وهكذا انتقل للمرحلة الرابعة وتخرج بتفوق ومن ثم قـُبلَ في الدراسات العليا . وثار جدل عميق بين اساتذة الكلية حول الاجراء الذي ينبغي اتخاذه ، وتبنى البعض مقولة ما بني على باطل فهو باطل ومن ثم ينبغي ان يلغى امر تخرجه ويعاد للمرحلة للثالثة ليكمل دراسته من جديد ، الا ان استاذنا الفاضل الدكتور (عصام البرزنجي) تصدى لهذا الرأي بحزم وسأل اصحاب الرأي المتزمت ابتداءاً سؤالا احرجهم قائلاً ، ماذا لو كان هذا الطالب ابن احدكم ؟ هل كنتم تعاملتم معه بهذه القسوة ؟ وهنا لم ينتظر استاذنا اجابة من احد واستدرك قائلاً انا اقترح ان نطبق ما ندرسه لطلبتنا وهو موضوع تلطيف مفعول البطلان بأن يكلف الطالب المقصود باداء امتحان الدرس الذي اكمل فيه في المرحلة الثالثة فان نجح فيه يستمر في دراسته العليا . وقد أيد هذا الرأي اغلب الاساتذة وفعلا ادى الطالب الامتحان ونجح فيه ومن ثم تابع مشوراه العلمي في الدراسات العليا حتى تخرجه .
(6) ـ نصت المادة (19) مدني عراقي على انه ( 1ـ يرجع في الشروط الموضوعية لصحة الزواج الى قانون كل من الزوجين ،اما من حيث الشكل فيعتبر صحيحاً الزواج ما بين اجنبيين او ما بين اجنبي وعراقي اذا عقد وفقاً للشكل المقرر في قانون البلد الذي تم فيه ، او اذا روعيت فيه الاشكال التي قررها قانون كل من الزوجين ) .
(7) ـ يونس ـ الاية 32.
(8) ـ الأنبياء ـ الاية 18. وقال البيضاوي في قوله : ( فيدمغه ) أي فيمحقه وإنما استعار لذلك القذف وهو الرمي البعيد المستلزم لصلابة المرمي ، والدمغ الذي هو كسر الدماغ بحيث يشق غشاؤه المؤدي إلى زهوق الروح تصويرا لابطاله ، ومبالغة فيه ( فإذا هو زاهق ) هالك ، والزهوق : ذهاب الروح ، وذكره لترشيح المجاز .
منقول للامانة العلمية
ارفع الصور من مركز تحميل البوابة
– الأسباب التي أهلتها هي: تنوع مادتها و رخص أسعارها
– أقبل القراء على الصحافة لرخص أسعارها و بعرضها كل مادتها الغنية بطرق فنية مختلفة
– المراحل التي مرت بها الصحافة: مرحلة تهتم فيها بالمقالة أكثر من الخبر – مرحلة التكافؤ – مرحلة الاهتمام بالخبر على حساب المقالة
مناقشة معطيات النص:
– رغم بروز وسائل إعلام جديدة حلت مكان الصحافة كالتلفزة و الانترنت إلا أن دور الصحافة لا يزال كبيرا لأنها في متناول الجميع
الاستخلاص و التسجيل:
إن الصحافة الجيدة هي التي ترفع الجمهور و لا تنزل إليه ….. إنها أداة إرشاد و تثقيف و تعليم …. و لن يتم لها ذلك إلا إذا عنيت بالقيم الحقيقية و باللباب دون القشور و قد لعبت الصحافة دورا رئيسيا في الارتقاء بفن المقالة و نشرها منذ فجر النهضة إلى يومنا هذا متخذة في ذلك مسارات متعددة و مارة بأطوار مختلفة
اللغة والفكر
مقالة جدلية حول العلاقة بين الإنسان على التفكير وقدرته على التعبير
المقدمة :
طرح الإشكالية
يعتبر التفكير ميزة أساسية ينفرد بها الإنسان عن باقي الكائنات الأخرى ومن
منطلق أن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه فإنه يحتاج ولا شك إلى وسيلة إلى
الاتصال والتواصل مع غيرك من الناس وللتعبير عن أفكاره وهذا ما يعرف في
الفلسفة بالغة فإذا كنا أمام موقفين متعارضين أحد هما يرى أن العلاقة اللغة
بالفكر انفصال والأخر يرى أنها علاقة اتصال فالمشكلة المطروحة هل العلاقة
بين اللغة والفكر علاقة اتصال أم انفصال ؟
التحليل:
عرض الأطروحة الأولى
ترى هذه الأطروحة(الاتجاه الثنائي) أن العلاقة بين اللغة والفكر علاقة
انفصال أي أنه لايوجد توازن بين لا يملكه الإنسان من أفكار وتصورات وما
يملكه من ألفاظ وكلمات فالفكر أوسع من اللغة أنصار هذه الأطروحة أبو حيان
التوحيدي الذي قال << ليس في قوة اللغة أن تملك المعاني >>
ويبررون موقفهم بحجة واقعية إن الإنسان في الكثير من المرات تجول بخاطره
أفكار لاكته يعجز عن التعبير عنها ومن الأمثلة التوضيحية أن الأم عندما
تسمع بخبر نجاح ابنها تلجأ إلى الدموع للتعبير عن حالتها الفكرية والشعورية
وهذا يدل على اللغة وعدم مواكبتها للفكر ومن أنصار هذه الأطروحة الفرنسي
بركسون الذي قال << الفكر ذاتي وفردي واللغة موضوعية واجتماعية
>>وبهذه المقارنة أن اللغة لايستطيع التعبير عن الفكر وهذا يثبت
الانفصال بينهما . النقد
هذه الأطروحة تصف اللغة بالعجز وبأنها تعرقل الفكر لكن اللغة ساهمت على
العصور في الحفاظ على الإبداع الإنساني ونقله إلى الأجيال المختلفة .
عرض الأطروحة الثانية
ترى هذه الأطروحة (الاتجاه الو احدي ) إن هناك علاقة اتصال بين اللغة
والفكر مما يثبت وجود تناسب وتلازم بين ماتملكه من أفكار وما تملكه من
ألفاظ وعبارات في عصرنا هذا حيث أثبتت التجارب التي قام بها هؤلاء أن هناك
علاقة قوية بين النمو الفكري والنمو اللغوي وكل خلل يصيب أحداهما ينعكس
سلبا على الأخر ومن أنصار هذه الأطروحة هاملتون الذي قال << الألفاظ
حصون المعاني وقصد بذلك إن المعاني سريعة الظهور وسريعة الزوال وهي تشبه في
ذلك شرارات النار ولايمكن الإمساك بالمعاني إلا بواسطة اللغة>>
النقد
هذه الأطروحة ربطت بين اللغة والفكر لاكن من الناحية الواقعية يشعر أكثر
الناس بعدم المساواة بين قدرتهم على التفكير وقدرتهم على التعبير .
التركيب : الفصل في المشكلة
تعتبر مشكلة اللغة والفكر أحد المشكلات الفلسفية الكلاسيكية واليوم يحاول
علماء اللسانيات الفصل في هذه المشكلة بحيث أكدت هذه الدراسات أن هناك
ارتباط وثيق بين اللغة والفكر والدليل عصر الانحطاط في الأدب العربي مثلا
شهد تخلفا في الفكر واللغة عكس عصر النهضة والإبداع ومن المقولات الفلسفية
التي تترجم وتخلص هذه العلاقة قول دولا كروا << نحن لانفكر بصورة
حسنة أو سيئة إلا لأن لغتنا مصنوعة صناعة حسنة أو سيئة >>
الخاتمة: حل الإشكالية
وخلاصة القول أن اللغة ظاهرة إنسانية إنها الحل الذي يفصل بين الإنسان
والحيوان ولا يمكن أن نتحدث عن اللغة إلا إذا تحدثنا عن الفكر وكمحاولة
للخروج من الإشكالية إشكالية العلاقة بين اللغة والفكر نقول أن الحجج
والبراهين الاتجاه الو احدي كانت قوية ومقنعة ومنه نستنتج العلاقة بين
العلاقة بين اللغة والفكر علاقة تفاعل وتكامل
السؤال / فند الرأي القائل أن ( اللغة تعيق التفكير)
استقصاء بالرفع
المقدمة/ أبطال رأي يبدو سليما /يعتبر الإنسان كائن اجتماعي بالطبيعة ، يعيش وسط جماعة من الناس يتواصل معهم بواسطة أداة اكتسبها من المجتمع تسمى اللغة ،غير أن البعض يشكك في أهمية اللغة ويعتبرها عائق يعرقل حركة التفكير ، فكيف نبطل هذا الرأي ونزيل ذلك الشك ؟
عرض منطق الأطروحة/ ترى الأطروحة إن اللغة تعيق التفكير ، بمعنى إن الألفاظ التي نستعملها أثناء الكلام لا تعبر عن حقيقة ما لدينا من مشاعر ومعاني وخواطر ورغبات ، فاللغة حسب الأطروحة ليست في مستوى الفكر ،و لا تناسب بين قدرة الإنسان على الفهم وقدرته على التعبير ،لكن أرى أن منطق هذه الأطروحة غير سليم
إبطال الأطروحة / إن اللغة ليست عائق بل أداة تفكير ،والمحرك لعمليات الاستدلال ، ولا معنى للفكرة بدون الكلمة التي تعبر عنها
– لا يمكن أن نتصور شيئ ليس له اسم ، أو نفكر بلغة نجهلها
– إننا نحكم على سلامة الأفكار من خلال سلامة اللغة يقول زكي نجيب محمود" إن العبارة المستقيمة المؤسسة فكرة واضحة ذات معنى ، أما العبارة الملتوية فكرة غامضة لا معنى لها"
– دلت الأبحاث في علم النفس أن اكتساب اللغة في سن مبكرة يطور الوظائف العقلية
– الطفل يتعلم التفكير عندما يبدأ الكلام
– دلت الأبحاث العلمية التي أجريت عل ظاهرة الأفازيا Aphasie أن المرض اللغوي هو في الحقيقة مرض عقلي
الاتجاه الواحدي يعتبر اللغة و الفكر مظهرين لعملية نفسية واحدة ، فهما متصلان كاتصال وجهي القطعة النقدية و من أنصار هذا الموقف لافيل Lavelleالذي يقول" ليست اللغة ثوب الفكر بل جسده" )
ويقول ميرلوبونتي( الفكر لا يوجد خارج العالم وبمعزل عن الكلمات)
–
نقد أنصار الأطروحة/
أنصار الأطروحة هم الحيويون أو أصحاب الاتجاه الثنائي مثل هنري برغسون الذين فصلوا الفكر عن اللغة ، واعتبروا اللغة عائق كما يتضح في قول برغسون (ان اللغة عاجزة عن وصف المعطيات المباشرة للحدس وصفا حيا ) بحجة أن القول مهما بدى جميلا لا يرقى الى مستوى الشعور لذلك يلجأ البعض إلى استعمال وسائل بديلة كالرسم و الموسيقى. و الكلمات تأتي غير متوافقة ومتأخرة ففي ذروة الألم كما يقولون لا نملكغير الصياح فقط، ولا نتكلم عن الألم لنصفه،. وهذا يعني أن الأحاسيس المرهفة والمشاعر الجياشة تتجاوز حدود اللغة لكن هذا الموقف غير سليم ولا يعكس الحقيقة
النقد/ فإذا كان التفكير ذاته هو حوار يجريه الإنسان مع نفسه ، فهذا دليل على أن حركته مرهونة بوجود اللغة ، و أن لا أسبقية بينهما ، ثم أن مشكلة العجز عن التعبير ليست مطروحة عند جميع الناس. فالبعض يحسن التعبير ، والبعض الآخر يعجز لافتقاره الرصيد اللغوي .فالمشكلة اذن لا تتعلق بطبيعة اللغة ، وإنما بطبيعة المتحدث.
الخاتمة/ التأكيد على مشروعية الإبطال /
يتضح مما سبق أن الإنسان لا يستطيع أن يفكر بدون لغة ، والكلمة هي التي تعطي للفكر وجوده الأسمى والأصح وصدق من قال ( الألفاظ حصون المعاني ) ومنه نحكم على الأطروحة القائلة ( اللغة تعيق التفكير ) بأنها باطلة و لا يمكن تبنيهـــــــا
ج-ف
مشكور على المقال وننتظر المزيد كشرا مرة اخرى
أستاذ فيصل رغم أني لم أرى الكثير من مقلاتك إلا أني إستفدت مما قرأت وأنا أشكرك كثيييييييييييييييييرا وأحب أن
أقول لك أن أسلوبك في كتابة المقالة رائع أنت حقا تستحق الثناء وسأكون من أكثر المتبعين لمقلاتك شكرا.
**ا- الاتجاه الثنائي/ يفصل بين الفكر و اللغة ، و من أنصاره الفيلسوف الفرنسي هنري برغسون H.Bergson . من الأدلة المدعمة لهذا الموقف مايلي : 1/ أن نشاط الفكر متقدم عن اللغة ، فنحن نفكر ثم نتكلم و لا يمكن أن نفكر و نتكلم في نفس الوقت ، و أحيانا نتوقف عن الكلام بحثا عن الألفاظ المناسبة ، فالتفكير دائما أسبق. 2/ إن عالم الأفكار أوسع من عالم الألفاظ و أكثر تطورا ، الكثير من الأفكار و المعاني تخطر ببالنا و لا نجد الكلمات المناسبة للتعبير عنها ، ، كالمشاعر الجياشة و معاني الحب و الإيمان و الألم إن الكلمات لاتأتي فقط غير متوافقة بل ومتأخرة أيضا : ففي ذروة الألم لانملك غير الصياح فقط، ولا نتكلم عن الألم لنصفه، أو بالأحرى لنصف ذكرياته ومخلفاته إلا بعد هدوئه أو زواله . لذلك يلجأ البعض إلى استعمال وسائل بديلة كالرسم و الموسيقى للتعبير عن مشاعرهم و معاناتهم الداخلية لذلك قيل " ان أجمل الأشعار هي التي لا يمكن التعبير عنها" هذا ما جعل برغسون يعتبر اللغة عائق يعرقل حركة الفكر يقول " إن اللغة عاجزة عن وصف المعطيات المباشرة للحدس وصفا حيا " 3/ الفكر أعمق لأنه يتسع باتساع الحياة الشعورية و اللاشعورية ، يمتد الى الميول و الرغبات و النزوات الداخلية و الأسرار الذاتية ، بينما اللغة شيء سطحي يتعلق بالعالم الخارجي .4/ إن الفكر بنية موحدة ، و تصوراتنا عن الأشياء متماثلة ، بينما اللغة ليست واحدة ، فالناس يعبرون عن الأشياء بلغات مختلفة .
النقد/ إذا كان التفكير ذاته هو حوار يجريه الإنسان مع نفسه ، فهذا دليل على أن حركته مرهونة بوجود اللغة ، و أن لا أسبقية بينهما ، ثم أن مشكلة العجز عن التعبير ليست مطروحة عند جميع الناس.
**ب- الاتجاه الواحدي / يوحد بين الفكر و اللغة ، و يعتبرهما مظهرين لعملية نفسية واحدة ، فهما متصلان كاتصال وجهي القطعة النقدية و من أنصار هذا الموقف لافيل Lavelle الذي يقول" ليست اللغة ثوب الفكر بل جسده" و من أدلتهم 1/ أن أداة التفكير هي اللغة فلا يمكن أن نتصور شيئ ليس له إسم ، أو نفكر بلغة نجهلها ، ، كذلك عندما نسمع كلمة مجهولة لا تتكون في أذهاننا أية فكرة .و كل تغيير في حركة التفكير يستدعي تغيير الألفاظ المستعملة 2/ إننا نحكم على سلامة الأفكار من خلال سلامة اللغة ، فالشخص الذي لا يتقن قواعد اللغة ، و الفقير من حيث الرصيد اللغوي ، تكون افكاره متذبذبة و فقيرة ايضا . يقول زكي نجيب محمود" إن العبارة المستقيمة المؤسسة فكرة واضحة ذات معنى ، أما العبارة الملتوية فكرة غامضة لا معنى لها" 3/ لقد دلت الأبحاث في علم النفس أن اكتساب اللغة في سن مبكرة يطور الوظائف العقلية كالذكاء و الذاكرة و الخيال ،و تضعف هذه الوظائف اذا تأخر الطفل في اكتساب اللغة . كما دلت الابحاث العلمية التي أجريت عل ظاهرة الأفازيا Aphasie أن المرض اللغوي هو في الحقيقة مرض عقلي .هذا ما جعل وليام هميلتونW.Hamilton يشبه تلك العلاقة العضوية بين الفكر و اللغة بورقة يكون الكلام وجهها و التفكير ظهرها ، بحيث يستحيل قطع وجه الورقة من دون أم نقطع ظهرها . و يتضح ذلك في قول الفيلسوف الألماني هيجل Hegell " إن الرغبة في التفكير دون كلمات لمحاولة عديمة المعنى ، فالكلمة هي التي تعطي للفكر وجوده الأسمى و الأصح"
النقد / إن الذي لا يتكلم لا يعني أبدا أنه لا يفكر ، و نحن بالرغم من أننا نتكلم لغة واحدة نختلف كثيرا في أفكارنا مما يدل أن للتفكير منطق خاص يختلف عن منطق اللغة
اللغة و إن كانت لا تترجم أحيانا حقيقة المعاني التي تدور في النفس و إن كانت أيضا لا تدرك الجوانب الخفية من الفكر إلا أنها تجرده من الطابع الذاتي والانفعالي و تكسيه حلة اجتماعية و طابعا موضوعيا يقبل الوصف و التحليل ،فهي قبل كل شيء وسيلة التفاهم التخاطب بين الناس و أداة للتعبير عن الأفكار و المشاعر وهي تسعى دائما إلى التطور مع ظهور كلمات و مصطلحات جديدة حتى ترقى إلى مستوى الفكــــــــــــــــــــــــــــــــــــر
الاستاذ ج- فيصل يتمنى لكم كل النجاح و التوفيق ان شاء الله
شكرا جزيلا هذا ماكنت ابحث عنه
بارك الله فيك
merci ………………..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من فضلك يا أستاذ أريد درس اللغة و الفكر كاملا و بطريقة يسيرة سهلة الفهم،أرجوك يا أستاذ.
باركـ الله فيك أستاذنا الفاضل.
بارك الله فيك
من المواقف الفلسفية التي تعرضت لمشكلة تبادلية اللغة والفكر الاتجاه الثنائي. اذ يعتقد بعض المفكرين الثنائي وعلى راسهم برغسون .ان هناك عدم تناسب بين اللغة والفكر فالانسان يمتلك من الافكار والمعاني والدلالات . ما لا تستطيع الفاظ اللغة استيعابها التعبير عنها . فيبقى الكثير منها مستعصيا عن التعبير لذى قيل اللغة تعرقل الفكر وتجمد حيويته
انطلق اصحاب هذه النزعة من المسلمة القائلة :< ان اللغة طابعها مادي منفصل . والفكر طابعه روحي منفصل>
مايبرر وجهة نظر هذه النظرية والتي تفصل بين اللغة والفكر ان اللغة مجرد اداة في يد الفكر بدلالة اننا نجد في انفسنا كثير من المعاني العاطفية والجمالية التي تكون مستعصية على التفكير بالاضافة الى ذلك ان كلمات اللغة محدودة بينما المعاني والافكار ممتدة وغير نهائية لذا قيل : الالفاظ قبور المعاني.
وتعزيزا للبرهنة السابقة نلاحظ عدم تناسب اللغة مع الفكر تبرره الكثير من الادلة من بينها ان الفكر متقدم عن اللغة اي انه سابق في وجودها عنها ان يعتبر شرطا اساسيا لوجودها . وعليه نلاحظ على مستوى الواقع وجود تفاوت بين قدراتنا على الفهم وقدراتنا على التبليغ فالمرئ يملك الكثير من المعاني والتصورات مالايستطسع التعبير عنه والمثال التالي يوضح ذلك:
-فبعض الادباء لديهم ثروة لغوية هائلة لكنهم يجدون صعوبة في التعبير عن افكارهم. يقول برغسون : <اللغة عاجزة عن مسايرة ديمومة الفكر>
غير ان وجهة النظر هذه رفضها انصار الاتجاه الاحادي حيث نادى هؤلاء بوجود تناسب بين اللغة والفكر فهما شيئ واحد ولا يمكن ان نفصل بينهما .فهما متداخلان ومتلاحمان .
وعلى الرغم من ان اللغة تؤثر في الفكر وتتاثر به والا ان هذا لا يمنع من وجود تمايز بينهما يجعل كثير من الاحيان عاجزة عن استيعابه وهذا مايلاحظ عندما يتردد الكاتب او المتكلم .فيتوقف ليبحث عن الكلمات المناسبة لاداء المعنى المقصود كما ان الكثير من الناس قدرتهم على الفهم لاتتناسب مع قدرتهم على التبليغ حيث نفهم الكثير من المعاني ولكننا لانستطيع التعبير عنها لهذا قيل :<اجمل الاشعار تلك التي لا نكتبها>
وعليه نستنتج من خلال تحليلنا السابق ان الاطروحة القائلة:<اللغة عاجزة عن استيعاب افكارنا> صحيحة ومشروعة ويحق لنا الدفاع عنها وتبنيها
شكرا وجزاكي الله ألف خير أتمني منك المزيد من المقالات
السلام عليكم
بارك الله فيك و جعلها في ميزان حسناتك
انا اعتدر ان لم اوفيكم بباقي المقلات ولكن انا الان منشغلة بالتحضير للبكالوريا
السؤال بطريقة النظام القديم: اثبت الأطروحة التالية(اللغة منفصلة دوما عن الفكر)
طرح المشكلة يعتبر التفكير ميزة أساسية ينفرد بها الإنسان عن باقي الكائنات الأخرى ومن منطلق أن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه فإنه يحتاج ولا شك إلى وسيلة إلى الاتصال والتواصل مع غيرك من الناس وللتعبير عن أفكاره وهذا ما يعرف باللغة ،وإذا افترضنا فساد الأطروحة القائلة ( اللغة منفصلة دوما عن الفكر ) فكيف يمكننا إثبات صحة هذه الاطروحة ؟ وما هي الحجج التي يمكننا أن ندافع بها عن هذا النسق؟
الأطروحة الأولى : عرض موقف الاتجاه الثنائي يرى أنصار هده النظرية وفي مقدمتهم الفرنسي برغسون إن هناك انفصال تام بين اللغة والفكر.ويقرون بأسبقية الفكر على اللغة الآن الإنسان يفكر بعقله قبل أن يعبر بلسانه,فكثيرا ما يشعر بسبيل من الخواطر والأفكار تتزاحم في نفسه.لكنه يعجز عن التعبير عنها.فاللغة عاجزة عن إبراز المعاني المتولدة عن الفكر إبرازا كاملا ويقول*برغسون(-اعتقد إننا نملك أفكارا أكثر مما نملك أصواتا) وبقول أيضا (الفكر ذاتي وفردي واللغة موضوعية واجتماعية) ومن أنصار هذه الأطروحة أبو حيان التوحيدي الذي قال ( ليس في قوة اللغة أن تملك المعاني ) ومنه فان اللغة دوما تعيق تقدم الفكر وتحجره و تطور المعاني أسرع من تطوراللغة.
ويقول فاليري (أجمل الأفكار هي التي لا نستطيع التعبير عنها)كما إن ابتكار الإنسان وسائل بديلة للتعبير عن مشاعره كالرسم والموسيقى وغيرهما دليل قاطع على أن اللغة عاجز عن استيعاب فكر الإنسان ولهذا يقال ( الألفاظ هي قبور المعاني)تدعيم الأطروحة بحجج شخصية يرى أبو حامد الغزالي في كتابه المنقذ من الضلال إن أهل الصوفية يصلون إلى مراتب ودرجات يضيق عنها نطاق النطق فلا يحاول معبر أن يعبر عنها إلا اشتمل لفظه على خطأ صريح لا يمكنه الاحتراز عنه،كما إن الإنسان وفي الكثير من الأحيان يعجز عن التعبير عن كل مشاعره .وخاصة عند تحقيقه لنجاح ما .ولهذا عادة تكرر عبارة- يعجز اللسان عن التعبير – أو – يعجز القلم عن الكتابة – والتجربة النفسية تدل على إن الإنسان يشعر بعدم وجود تناسب وتناسق بين قدرته على الفهم وقدرته على التبليغ .وهذا بالإضافة إلى أن الرجل الأجنبي في بلد –ما- والذي لا يتقن لغة ذلك البلد تعيقه اللغة في تبليغ أفكاره . والسواد الأعظم من بني البشر يجدون صعوبة في التواصل مع الصم البكم وهذا بسبب اللغة .
ومن الأمثلة التوضيحية كذلك أن الأم عندما تسمع بخبر نجاح ابنها تلجأ إلى الدموع للتعبير عن حالتها الفكرية والشعورية وهذا يدل على أن اللغة ليست لها القدرة على مواكبة الفكرالرد على خصوم الأطروحة يرى أصحاب النظرية الأحادية انه لا يوجد فرق بين اللغة والفكر.فاللغة عند جون لوك(هي علامات حسية معينة تدل على الأفكار الموجودة في الدهن)ومنه فإننا نفكر بلغتنا ونتكلم بفكرنا.وقد اثبت علماء النفس أن الطفل يتعلم اللغة والفكر في آن واحد.ويقول *دولا كروا*إن الفكر يصنع اللغة وهي تصنعه.الألفاظ حصون المعاني.ويخلص أنصار الاتجاه الأحادي إلى نتيجة مفادها انه لا يوجد فكر بدون لغة كما لا توجد لغة بدون فكر.وان اللغة والفكر كل متكامل والعجز الذي توصف به اللغة هو عجز إيجاد الألفاظ المناسبة للفكر ويقول أرسطو(ليس ثمة تفكير بدون رموز لغوية).النقد لكن الإنسان يشعر بعجز اللغة عن مسايرة الفكر.فالأدباء على الرغم من امتلاكهم لثروة لغوية كبيرة يعانون من مشكلة التبليغ.والطالب في الامتحان كثيرا ما تخونه اللغة في تبليغ إجابته للمصحح.ومن الناحية الواقعية يشعر أكثر الناس بعدم المساواة بين قدرتهم على التفكير وقدرتهم على التعبيرحل المشكلة وخلاصة القول إن العلاقة بين اللغة هي علاقة انفصال.فالفكر اسبق وأوسع من اللغة وهذه الأخيرة تعيقه دوما وتحجرهومنه فان الأطروحة القائلة أن اللغة منفصلة عن الفكر أطروحة صحيحة في مجالها الخاص ولا سبيل إلى اتهامها بالفساد
التعريف : مقولاته و قواعده
تعريف التعريف : هو إيضاح معنى الشيء الغير معروف بذكر الصفات التي تكون مفهومه وتميزه عن غيره . ولا يمكن لهذا التعريف أن يبنى ويتأسس إلا على مقولاته الكلية التي تمكن العقل من إقامة علاقة كلية تصدق على أفراد أو مسميات التي يسميها المناطقة ب : الكليات الخمس
1 – الجنس Le Genre: حد كلي يطلق على أفراد كثيرين يختلفون في النوع ولكنهم يشتركون في مجموعة من الصفات الجوهرية . أو هو : حد كلي تندرج تحته مجموعة من الأنواع ، يشتركون في صفات جوهرية واحدة . وهو على نوعان : جنس قريب ، جنس بعيد مثل أن نقول : الإنسان حيوان ***8592; جنس قريب
و في مثال أخر نقول : الإنسان كائن ***8592; جنس بعيد
2 – النوع L’ Espèce : وهو حد كلي يندرج تحت الجنس ، ويطلق على أفراد كثيرين متفقين في الماهية ( الصفات الجوهرية ) ومختلفين في العدد ( الأفراد ) مثل حد إنسان الذي يطلق على : محمد ، أبو بكر ، … لاشتراكهم في صفة العقل ، الاجتماع .
3 الفصل النوعي La Différence : هو عبارة عن حد كلي يشير إلى صفة أو مجموعة من الصفات الجوهرية التي تفصل نوعا من الأنواع عن غيره ، ممن يشتركون معه في الجنس ، فالحي : مثلا : صفة يشترك فيها الإنسان ، والحيوان و النبات ، وصفة العاقل هي التي يتميز بها الإنسان و تفصله عن غيره من الأنواع .
4 – الخاصة Le Propre : وهي حد كلي يعبر صفة عرضية غير جوهرية تخص نوعا من الأنواع و تصدق على جميع أفراده دون غيرهم كالضحك ، الذي يختص به الإنسان دون غيره من الأنواع .
5 – العرض العام L’ Accident : وهو حد كلي ، يعبر عن صفة عرضية غير جوهرية ، يشترك فيها مجموعة من الأنواع ( تطلق على أكثر من نوع ) . مثل صفة : يمشي على رجلين فهي موجودة عند الإنسان ، وموجودة أيضا عند الطيور …
فهاهي جملة المقولات التي يمكنها أن تؤسس التعريف المنطقي وتشرحه وتوضحه . كما يخضع التعريف المنطقي لقواعد أساسية ليعبر بوضوح عن ماهية الموضوعات ، ويسميها البعض بشروط التعريف المنطقي :
***61558; يجب أن يكون التعريف أوضح من المعرف مثل قولنا : الماء ( المعرف ) : ذرتان من الهيدروجين وذرة واحدة من الأكسجين ( التعريف )
***61558; يجب أن يكون التعريف جامعا مانعا فجامعا يجمع جميع أفراد المعرف أما مانعا فهو يمنع غيرهم من الدخول فيهم فلا ينبغي مثلا أن نقول في تعريف الإنسان : أنه حيوان فيلسوف لأن هذا التعريف لا ينطبق على جميع الناس ، أما قولنا عن الإنسان أنه : حيوان ذو رجلين هذا تعريف غير مانع للطيور وهو نوع أخر (الحيوان ) من الدخول في نوع الإنسان .
***61558; عندما يكون التعريف بالماهية لا بالعرض لأن الماهية ثابتة لا تتغير مع تغير العرض .
***61558; يجب أن لا يكون التعريف سلبيا لأن الشيء لا تعرف حقيقته بالسالب أو بالإشارة أو بالأمثلة .
***61558; عندما يكون التعريف بالجنس القريب و الفصل النوعي وهذا هو التعريف التام كما سماه القدماء .
2– الحكم والقضية :
ما هو الحكم ؟ ***8592;
ويسمى أيضا بالتصديق ؛ و هو فعل ذهني قوامه إيقاع بين أمرين أو رفعهما ، سواء كان ذلك نتيجة إدراك حسي مباشر أو نتيجة برهان عقلي هل فلان غائب ؟ أم حاضر ؟ هل ننسب له هذه الصفة أم لا ؟
و قد عرفه أندريه لالاند [ فيلسوف فرنسي ولد سنة 1867 يعد من أبرز الممثلين للعقلانية الكانطية ومن موضوعاته الرئيسية التي عالجها: النوايا أو المقاصد ، الحرية، الحقيقة، ماهية العقل، … إلخ. وقد عكف لالاند مع مطلع القرن العشرين وبالضبط سنة 1901 على تأسيس جمعية فلسفية تدافع عن الفلسفة مكللا إياها بمعجم فلسفي موسوعي ضخم استغرق فيه مع مجموعة من أصحابه و طلبته قرابة الربع قرن . و أعظم ما يميزه حسب منتقديه أنه يحتوي على لغة فلسفية دقيقة مواكبة للتطور العلمي الحاصل و ملما بكل النتاجات الفلسفية المعبرة عن طموحات الفلاسفة عبر التاريخ و المحاولة إلى أخر رمق التوفيق بينهم – قدر الإمكان – بخصوص ما يعنون بالكلمات، لا سيما كلمات الفلاسفة المحترفين. توفي لالاند سنة 1963 بعد مسيرة مليئة بالعطاء ] : « الحكم قرار ذهني يثبت به العقل مضمون الاعتقاد و يقلبه إلى الحقيقة » . والحكم عند المناطقة يعبر عن إسناد أمر آخر إيجابا أو سلبا .
ومن هنا نفهم أن الحكم تقرير ذهني مرتبط بالتصورات و لكي يظهر و يعبر عن نفسه لابد له من صيغة لفظية تسمى بالقضية المنطقية .
فماهي القضية المنطقية ؟ ***8592;
القضية هي الصيغة اللفظية للحكم القائم في الذهن ، لهذا فكل قضية تعبر عن حكم ، وليس العكس صحيحا ، والقضايا المنطقية هي جمل خبرية تثبت شيئا أو تنفي شيئا ، أي هي الكلام المفهوم الذي يحتمل الصدق أو الكذب مثل أن نقول : الإنسان فان .
والقضية المنطقية على أنواع ***8592;
1 – القضية المنطقية الحملية ( البسيطة ): وهي التي نحمل فيها الصفة على الموصوف نفيا أو إثباتا . أو هي : التي تحمل الحكم على موضوع من دون أن تعلقه بشرط . وهي تتركب من حدين : الموضوع و المحمول و رابطة بينهما تختفي في اللغة العربية للثقل ، وتظهر في اللغات الأجنبية الأخرى و هي حاضرة دوما و تتمثل في فعل الكينونة "Etre" الذي يربط بين الموضوع والمحمول كما يبدو في المثال : التلميذ حاضر l’ élève est présent . وإذا نظرنا إلى هذه القضية من حيث مبدأي الكم والكيف وجدناها تنقسم إلى أربعة أقسام :
كلية موجبة : هي التي تحكم بثبوت صفة لجميع أفراد الموضوع ، وصورتها الرمزية : ( كل أ هو ب ) و يشار إليها بالحرف : ك – كم – A . مثال : كل الكتب مفيدة
كلية سالبة : هي التي تحكم بسلب صفة عن كل أفراد الموضوع ، وصورتها الرمزية : ( لا أ هو ب ) و يشار إليها بالحرف : ل – كس – E . مثال : لا إفريقي أوروبي .
جزئية موجبة : هي التي تحكم بثبوت صفة لبعض أفراد الموضوع ن و صورتها الرمزية : ( بعض أ هو ب ) و يشار إليها بالحرف : ب – جم – I مثال : بعض الحيوانات متوحشة .
جزئية سالبة : هي التي تحكم بنفي صفة عن بعض أفراد الموضوع ، وصورتها الرمزية : ( ليس بعض أ هو ب ) و يشار إليها بالحرف : س – جس – o . مثال : ليس بعض العرب مسلمين .
أسوار القضية :
السور الكلي في حالة الإيجاب : " كل" أو فيما معناها : جميع ، عامة ، …
السور الكلي في حالة السلب : " لا واحد ، لا شيء " أو فيما معناها : كل … ليس
السور الجزئي في حالة الإيجاب : " بعض " أو فيما معناها : معظم ، غالبية …
السور الجزئي في حالة السلب : " ليس بعض " و " ليس كل " أو فيما معناها : ليس معظم .
2 – القضية المنطقية الشرطية ( المركبة ) : هي التي يتعلق الحكم فيها على تحقق الشرط حتى يصبح إسناد أحدهما على الأخر . وهي قضية تتركب من قضيتين حمليتين تكون إحداهما شرط للأخرى ، ويسمى القسم الأول : المقدم لتقدمه لفظا ، أما القسم الثاني : يسمى التالي لأنه يتلو المقدم ، ومثال على ذلك :
إذا وجدت الحرارة تمددت الحرارة وهي قسمان :
شرطية متصلة : تكون بين طرفيها علاقة اتصال و لزوم و الأداة التي تربط بينهما : إذن ، لعل ، لو ، أو فيما معناهم . ومثال على ذلك
إذا أطعت الله نلت رضاه
شرطية منفصلة : تكون بين طرفيها علاقة انفصال و العناد والتباين . وتتمثل بأداة الشرط هاهنا في : إما … أو … ومثالنا على ذلك :
إما أن تكون منتبها للدرس أو شارد الفكر
الاستغراق في القضايا الحملية :
لغة : يعني التضمن والشمول
اصطلاحا : يعني أن يكون الحد مستغرقا منطقيا إذا انصب الحكم على جميع أفراده ( مصادقاته ) و يكون غير مستغرق إذا انصب الحكم على بعض أفراده (مصادقاته ) . لذلك نجد أن الكلية الموجبة تستغرق الموضوع دون المحمول ، والكلية السالبة تستغرق الموضوع والمحمول معا ، والجزئية الموجبة لا تستغرق لا الموضوع ولا المحمول ، أما الجزئية السالبة في هي تستغرق المحمول دون الموضوع . والجدول التالي يبين ذلك :