التصنيفات
النقاش التربوي و التعليمي

سيرورة النشاط التقويمي

سيرورة النشاط التقويمي


الونشريس

سيرورة النشاط التقويمي

التقييم مسيرة متعدّدة الأبعاد، متكاملة العناصر، وهي أبعد من أن تكون مجرّد "عدد" نبوح به إلى أوراق تلاميذنا في شيء من التجرّد أحيانا، وكثير من الانطباعية حينا آخر، نحاكم
به التلميذ دون أن يُحَرّكَ في نفوسنا شيئا من مراجعتنا لأنشطتنا التعليمية أو
التقييمية، مهما ترهّلت الأعداد أو اشتدّت.

كلّنا واعون أن التلميذ بجدّه أو توانيه، يحدّد إلى درجة كبيرة نتائجَه، ولكن أيّ دور ألعبه أنا كمربّ إن لم أنجح في توسيع دائرة "الجدّ" وتقليص مساحة "التواني" وتضييق
المنافذ عليه عبر تجديد نشاطي التعليمي، وتنويعه. وهل تُعفي مسؤولية التلميذ كمقيَّم من مسؤوليّتي كمعلِّم وكمقيِّم؟ ثم هل أجد فرصة لمساءلة نشاطي التّربوي في
تجرّد، أحسن من تلك التي يوفّرها تقييمي لتعلّمات تلاميذي؟

من أجل تطارح هذه المسائل، وعلى خطى سلوك تقييمي عادل وحكيم أطرح هذه الورقة حول سيرورة النشاط التقييمي

تمهيد: التّوافق الضّروريّ بين التّعليم والتّعلّم والتّقويم ينبغي أن نعرف ماذا نُدرّس؟ وكيف ندرّس؟ حتّى نعرف ماذا نُقيّم؟ وكيف نقيّم؟

أهداف التّعلّم
أنشطة التّعلّم

(ماذا؟)
(كيف؟

أنشطة التقييم

(ماذا وكيف؟)

المرحلة الأولى: العزم على التقييم: (أو نيّة التقييم

هي مرحلة تمكن المعلّم من
الإجابة على سؤالين رئيسيين:

-لماذا أقيم؟

-متى أقيّم؟

I/لماذا
أقيـــم؟

نقيّم عموما
بهدف الاستجابة لإحدى وظيفتي التقويم البيداغوجي :

الوظيفة التكوينيّة

الوظيفة الجزائية

1/ التقويم
الجزائي

وهي وظيفة تقويمية تعتمد في نهاية درس أو محور أو برنامج دراسي يهدف ترتيبي أو إشهادي أو لتقييم درجة التطور, أو للتأكد من جدوى برنامج أو درس.

أهم ما تتميز به أنها ترجع بالنظر إلى الأستاذ والمؤسسة التي تقوم أساسا على الحكم على
درجة تحصيل الأهداف المراد تحقيقها من البرنامج أو من جزء منه [/size]

تفضي إلى اتخاذ قرارات متعلقة بالمرور إلى أقسام عليا أو بالإشهاد أو بالتوجيه. (قرارات ذات طابع
جزائي)
[/size]

2/ التقويم
التكويني:


يرمي إلى توفير مساعدة
بيداغوجية عاجلة للتلميذ

]يهدف إلى إعلام التلميذ
بدرجة إنجازه للهدف التعليمي [/size]


تتموضع في بداية مقطع
تعليمي أو وسطه أو في نهايته


أهم ما يتميز به:

§
أنه مسعى خاص بالأستاذ
داخل قسمه

أنه يهدف إلى تقنين أنشطة التعلم, ودعم جهود التلاميذ وتبين مكتسباتهم في مراحل مختلفة: فالأستاذ في حالة إعانة
عاجلة للتلاميذ، وذلك بغاية ضمان التطور المستمر والمستقر للتعلمات عبر أنشطة معالجة و تصحيح, أو أنشطة دعم، أو أنشطة إغناء، وهو ما يتطلب من الأستاذ تتبّعا
لسير تلاميذه، واكتشاف نقاط القوّة ونقاط الضّعف عندهم، وذلك حتى يتمكّن من الجلب العاجل للتعديلات اللازمة، ومن حفزهم على مواصلة التعلم. فالتقويم التكويني يُعاش
على مدى الأيام والمراحل.
أنّه يُفضي إلى قرارات ذات طبيعة بيداغوجية، فهي ليست بقرارات نهائية، وهي تهدف أساسا إلى إعلام الأولياء
والتلاميذ بالتعلّمات التي على هذا الأخير أن يصحّحها أو يحسّنها، وبالوسائل
المساعدة على ذلك

3/بين نوعي التقويم:

حاول "ستيك" ([1967) التفريق بطريقة كاريكاتورية بين وظيفتي التقييم: التكوينية والجزائية فقال: "إذا ذاق
الطّباخ شربته، فذلك التّكويني، فإذا أكلها الضّيوف، فذلك هو الجزائي"

II/متى أقيّـــم؟

1/ قبل التّعلّم: للتّعرّف على مكتسبات التلاميذ القبليّة من المعارف والمهارات المتعلّقة بما نريد إنجازه في
المقطع التعلّميّ الجديد.

2/ وسط التّعلّم: لتتبّع التّطوّر الحاصل في خطوات التّعلّم، وتشخيص نقاط القوّة ونقاط الضّعف فيه، وإدراك
أسبابها ورصد التّعديلات التي يستوجبها.

3/ خاتمة مقطع تعلّميّ: لتبيّن درجة تحقيق الأهداف المرادة بذلك المقطع، واتخاذ القرار بالمواصلة أو بالعود على بدء
لجلب المعالجات اللازمة.

4/ خاتمة التّعلّمات: لتبيّن درجة تحقيق الأهداف المرادة ببنامج معيّن، واتخاذ القرار بمنح التلميذ المرور إلى القسم الموالي أو بالحصول على شهادة، ولتبيّن نوعيّة التعلّمات التي
حقّقها التلاميذ في إطار تربوي معين.

المرحلة
الثانية: القيـــــس

يستوجب
القيس ثلاث عمليات لا تختلف في درجة أهميتها:
I/جمع
المعطيات:
بطريقتين: صريحة: عبر استعمال أداة قيس مثل الاستجواب شفويا كان أو كتابيا، أو شبكة تقويم وصفية أو سلّم
سلوكات، أو شبكة تقييم ذاتي. أو غير صريحة: عبر الملاحظة أو دراسة إجابات
التلاميذ.
ينبغي أن يراعى في طريقة الجمع وأداته الغاية الأولية للتقييم، والقرار المزمع اتخاذه في
نهايته.
II/تنظيم
المعطيات:
وذلك عبر
مرحلتين:

– اصطفاء المعطيات المراد دراستها، وتجريدها عن غيرها

توزيعها على مجموعات وفق أنواعها وخصائصها المشتركة
III/تأويل النّتائج وتفسيرها:

وذلك عبر البحث في دلالات تلك المعطيات، وربطها بأسبابها تمهيدا
لتغييرها إذا كانت سلبية، أو لدعمها إذا كانت إيجابية. فمن الغريب أن ممارساتنا التربوية لم تعرف بعد تقليد المراجعة الذاتية لأنشطتنا
التعليمية أو التقييمية حتى في حالة المعطيات المثيرة للاستغراب كفشل أغلبالقسم في الاختبار، فضلا إذا كان ذلك الفشل في أغلب الأقسام، ومن باب أولى
إذا كان على مدى العام الدراسي. والتفسير الغالب لدينا هو ذلك السّهل بإلقاء تبعات الفشل على التلاميذ دون غيرهم، دون أن نتجرّأ –وفي شجاعة وأمانة- على
مساءلة سلوكنا التعليمي أو التقييمي. [/size]

وللتّأويل منهجان:

تأويل قياسي: نبحث فيه عن موقع التلميذ من النتائج والأعداد المحصّلة، ونموضعه بالنسبة لمعدّل
قسمة

تأويل معياريّ: نبحث فيه عن موقع التلميذ من الأهداف المرادة، محاولين بيان مساحة الجودة التي حققها التلميذ
بالنسبة للأهداف المراد تحقيقها.

المرحلة
الثالثة: الحكــــــم

I/مجال
الحكـــــم:

1/ حول نوعية التعلمات المراد تحصيلها:

وذلك بأن يصل الأستاذ إلى اتخاذ القرارات التالية:

– هذه المعطيات تحتاج إلى مزيد عمل..

– هنا بعض الصعوبات, ولكن هذه المعطيات التعليمية ذاتها محل الصعوبة سيعاود طرحها في محور لاحق…

– كل التلاميذ نجحوا في إنجاز المهمات التقويمية بنجاح… أو بعض المهمات بصعوبة…

– كل التلاميذ نجحوا في إدراك عتبة النجاح واستجابوا للمتطلبات التي ضبطت..

حول التمشي التعلّمي التعليمي:

– وذلك بأن يتساءل الأستاذ حول سير التلاميذ وتطورهم من حيث المعارف والمهارات كأن يقول مثلا:

هنا عائق يمكن أن يعرقل التعلّمات إذا لم أتدخل سريعا بأنشطة تصحيحية أو داعمة…

بعض التلاميذ لا يملكون المصطلحات الأساسية لفهم نصوص من مستواهم..

– أو بأن يسائل تمشّيَه التّعليمي في مستوياته المختلفة: كالتخطيط والاستراتيجيات ونوع الأنشطة… وذلك بأن يصل الأستاذ إلى اتخاذ القرارات التالية:

كان علي أن أعتني أكثر بالبعد التطبيقي…

لعلي لم أفسح المجال الكافي للتلاميذ حتى يُعرِبوا عن أنفسهم فأتبيّن نقاط الضعف في تحصيلهم…

3/ حول الظروف المحيطة بالاختبار:

II/مرتكزات الحكــم:

1/ معايير الجودة:

أ/ هي في السؤال المغلق ذي الطبيعة الموضوعية تنحصر في الإجابة السليمة,
وذلك برصد نقطة للتلميذ إذا أصاب وصفر في حالة العكس
[size=21]ب/ وهي في السؤال المفتوح أكثر تعقيدا، ولذلك لابد من أن يعمَد الأستاذ إلى
"شبكة
تقدير" أو تثمين تحوي جملة المعايير الواجب وضعها في الحسبان عند تقييم
عمل التلميذ. وهذه الشبكة من شأنها أن توفر أمرين هامين: الأول منهماالتخلص من أكثر ما
يمكن من الذاتية التي ينطوي كل "حكم". والثاني محاصرة صعوبات التلاميذ

2/ سلّم تقدير أو تثمين:وهي خطوة تلي وضع المعايير حيث لا بد من التساؤل حول كيفية التقدير الرشيد والعادل لكل معيار من تلك المعايير,
ثم حول مدى نجاح التلاميذ في بلوغها.

3/ الحدّ الأدنى للجودة:
ونعني بها عتبة النجاح. فلا يكون معيار الجودة جيد التقديم إلا إذا كان
متضمنا لحد أدنى للجودة الذي يتخذ مؤشرا واضحا إجرائيا على بلوغ الأهداف
أو عدمه, وعلى نجاح التعلّمات أو عدم نجاحها. ونلاحظ أنه لا يمكن تحديد
هذه المعايير والمؤشرات في معزل عن جملة من
الاعتبارات مثل جِدّة التّعلم, ومدّته ودرجة تعقيده.

المرحلة الرابعة: القــــــرار

I/أنواع
القــرار:

1/ قرارات لضمان تطوّر
التعلّمات:

وذلك في نطاق
الوظيفة التكوينية وهي في ذاتها نوعان رئيسيان:

أ/ إقرار جملة من الأنشطة المتنوعة المستجيبة لحاجيات تلاميذه الفردية أو لحاجات كل
القسم أو المجموعة:

– أنشطة معالجة وتصحيح لتجاوز صعوبات
– أنشطة دعم لتجاوز الحد الأدنى من الجودة

أنشطة إغناء

– أنشطة تكميلية
ب/ المرور إلى مقطع تعليمي جديد إذا كان كل التلاميذ قد نجحوا في تحصيل التعلمات
المرادة من المرحلة السابقة.

2/ قرارات لضمان
التقدير العادل للتّعلّمات:

وذلك بتمكين التلاميذ الذين بلغوا العتبة الدّنيا للجودة المرجوّة من المرور
إلى القسم الأعلى.

IIالقرار المناسب:

1/ في التقييم التكويني

أ/ قبل مقطع تعليمي:

]- إقرار أنشطة معينة تقتضيها الحالة
– تغيير
المخطط التّعليمي وتعديله بما يتناسب مع نتائج التشخي

ب/ المساوق لمقطع تعليمي:

التفكير في أنشطة إغناء

التفكير في أنشطة دعم التفكير في أنشطة معالجة

ج/ اللاحق على المقطع التعليمي

تخطيط أنشطة دعم
تخطيط تمارين إضافية تنجز فرديا في البيت
مواصلة التعلمات في حالة بلوغ الأهداف المرجوة

2/ في التقييم الجزائي: ويكون
تتويجا للتّعلّمات المقرّرة في برنامج دراسيّ لاقتراح المرور إلى الأقسام
الموالية بالنسبة للتلاميذ الذين نجحوا في تحقيق الأهداف المرجوّة من
التّعلّمات المقرّرة في البرنامج، واقتراح معاودة نفس
التّعلّمات بالنسبة لبعض التلاميذ الذين لم يبلغوا تلك الأهداف

منقول