السلام عليكم
اريدي مساعدة في بحث وانا بحاجة ماسة لهذا البحث
موضوع البحث
.
.
.
بحت حول الفرق ما بين الشركات المتعددة الجنسيات و ا لشر كات العالمية
الشركات متعدده الجنسيات هي شركة ملكيتها تخضع لسيطرة جنسيات متعددة كما يتولى إدارتها أشخاص من جنسيات متعددة وتمارس نشاطها في بلاد أجنبية متعددة على الرغم من أن إستراتيجياتها وسياساتها وخطط عملها تصمم في مركزها الرئيسي الذي يوجد في دولة معينة تسمى الدولة الأم
و شركات الاستثمار الاجنبيالاستثمار الأجنبى المباشر عند امتلاك شخص أو شركة من دولة ما، أصولاً فى دولة أخرى من أجل إدارة هذه الأصول. من هنا فإن توافر القدرة على إدارة الأصول تمثل العنصر الأساسى المميز للاستثمار المباشر. ويعرف Kenworthy الاستثمار الأجنبى المباشر بأنه ملكية 10 %أو أكثر من أسهم أو أرباح الشركة أو المشروع. لقد حدد كل من صندوق النقد الدولى ومنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية تلك النسبة، كدليل على القدرة والسيطرة على أو التأثير على قرارات الشركة أو المشروع .
الفصل الأول : تعريف الشركات المتعددة الجنسيات و نشأتها و خصائصها .
المبحث الأول : تعريف الشركات المتعددة الجنسيات .
المبحث الثاني : نشأة الشركات المتعددة الجنسيات .
المبحث الثالث : خصائص الشركات المتعددة الجنسيات .
الفصل الثاني : اقتصاد الشركات المتعددة الجنسيات .
المبحث الأول : دور الشركات المتعددة الجنسيات
المطلب الأول :في ظل العولمة .
المطلب الثاني : في الإقتصاد العالمي .
المبحث الثاني : الأهداف الاستراتيجية و المالية للشركات .
المطلب الأول : الأهداف الإستراتيجية .
المطلب الثاني : الأهداف المالية .
المبحث الثالث : الشركات المتعددة الجنسيات و الدول .
المطلب الأول :موقف الدولة الأم .
المطلب الثاني : موقف الدولة المضيفة .
الفصل الثالث : أثار نشاط الشركات المتعددة الجنسيات .
المبحث الأول : الأثار الإقتصادية و الإجتماعية للشركات المتعددة الجنسيات .
المبحث الثاني : الآثار المرتبطة بالشركات متعددة الجنسيات .
المطلب الأول : الأثار على الدخل .
المطلب الثاني: الأثار على العمالة
المطلب الثالث : الأثار على التقدم التكنلوجي .
المطلب الرابع : الأثار على الإدارة و التنمية .
الفصل الأول : تعريف الشركات المتعددة الجنسيات و نشأتها و خصائصها .
المبحث الأول : تعريف الشركات المتعددة الجنسيات .
عرفت الشركات المتعددة الجنسيات على أنها شركات يؤسسها أفراد أو مساهميين و تتمتع بشكل قانوني محدد في عقد التأسيس في دولة ما تسمى دولة المقر التي يوجد فيها مركز الرئيسي للشركة ، و يتم تأسيس و إنشاء الشركة تبعاً لقانونها الوطني و تأخد جنسية هذه الدولة ، وتخضع لجميع قوانين دولة المقر ، أو قوانين الدولة المضيفة لنشاطها و فروعها و الشركات التابعة لها .
وعليه فإن الشركات متعددة الجنسيات يكون رأسمالها كبير الحجم ، و لا يقل حجم إنتاجها أو مبيعاتها أو إستثمارتها عبر البحار في دول مختلفة عن 25 % من قيمة الأموال المستثمرة فيها ن أو حدود 10 مليارات دولار أمريكي ، وكذلك لا يقل عدد فروعها أو الشركات التابعة لها عن 20 دولة . وتعد الشركة من الشركات متعددة الجنسيات إذا كان 20% من موجوداتها عبر البحار . و أكدت دراسة قامت بها مجلة الأعمال الدولية على أن الشركة متعددة الجنسيات تصبح عالمية حينما تبلغ مبيعاتها و أرباحها من العمليات الخارجية حوالي 35% من إجمالي المبيعات و الأرباح .
وتأسيسا على ما تقدم يمكن تعريف الشركات المتعددة الجنسيات بأنها مجموعة من الشركات مختلفة الجنسيات ترتبط بعضها بالبعض الأخر من خلال ما تمتلكه من أسهم أو شكل من أشكال السيطرة الإدارية أو عقد اتفاق معين مكونة بذلك و حدة اقتصادية متكاملة ذات أسس إقتصادية . و تقسم الشركات المتعددة الجنسيات تبغاً لثلاثة معايير تتمثل في نوع العمليات و الحجم و ميدان العمليات . وتسمى الشركات المتعددة الجنسيات بالمسميات الأتية :
1- الشركات القومية متعددة الجنسيات ، حين يكون للشركة أم واحد من جنسية معينة .
2- الشركات الدولية متعددة الجنسيات ، حين تكون للشركة اثنان أو أكثر من الشركات الأم المسيطرة عليها من جنسيات متعددة .
3- الشركات عابرة الأقطار ، حين تملك أساليب متعددة ترتبط فيها هذه الشركات بعضها ببعض و الأشكال القانونية للشركة عابرة القارات أو الأقطار .
وعليه يمكننا القول: بأن ما يطلق علهيه الشركات المتعددة الجنسيات هي بكل المعاني السابقة: شركة قومية تحتل مكانتها أساسا في إقتصاد ومجتمع الدولة الأم ويقصد هذا لاحكم على كل من الملكية و الإدارة .فإرادة الشركات التابعة وإجمال مجموع الشركة تحتكرها الشركة الأم وتحتفظ هذه الأخيرة في يدها بكافة القرارات الأساسية.وبمهمة التخطيط والحساب و الرقابة وكذلك بملكية المشروعات الأجنبية كاملة في الشركة الأم إذا أنها صاحبة الإستثمار التي تعمل من خلال شركاتها التابعة لها وفي حالة المشروعات المشتركة أي التي تكون فيها ملكية الرأس المال مقسومة بين الشركة الأم أو حكومات أخرى تقوم الشركة الأم بالسيطرة على العملية الإدارية و التخطيطية إلى درجة كبيرة وتطمئن إلى أن المشروع المشترك يندمج في إستراتيجتها العالمية.
المبحث الثاني : نشأة الشركات المتعددة الجنسيات .
المطلب الأول: ظهور الشركات المتعددة الجنسيات
لقد ظهرت الشركات المتعددة الجنسيات على يد الشركات الأمريكية الكبرى التي دأبت منذ نهاية الحرب العالمية , وبشكل خاص منذ الخمسينات على زيادة استثماراتها المباشرة خارج الولايات المتحدة وذلك بإنشاء وحدات إنتاجية في كند وأوربا وأمريكة اللاتينية في إطار إستراتجية إنتاجية عالمية موحدة , وسرعان ما حذت الشركات الأوربية حذو الشركات الأمريكية بعد أن استردت أوربا أنفسها بعد الحرب وأعادت بناء قوتها وبدأت تنتقل من الإقليمية إلى العالمية بإنشاء وحدات إنتاجية خارج حدودها , بل أن بعض هذه الشركات قام بإنشاء شركات صناعية تابعة لها في أمريكا.
– وبعدها جاء دور اليابان لتدخل هي الأخرى معترك الدولية ورغم أن هذا الدخول جاء متأخرا بعض الشيء فإن العالم تنبأ بأن هذه الشركات اليابانية سوف تلعب دورا متعاظما في المجال العالمي.
– وتستمد هذه الشركات المتعددة القوميات قدرتها على السيطرة على الاقتصاد العالمي من قوتها الاقتصادية الذاتية ومن قوتها الفنية والتكنولوجية الهائلة , وما يميز الشركات المتعددة القوميات ليس هو قيامها بنشاط اقتصادي على المستوى الدولي , وإنما طبيعة هذا النشاط والأسلوب الذي يتم به وكم أن طبيعة وأسلوب نشاط الشركات يختلف اختلاف جذريا عن طبيعة وأسلوب نشاط كل ما سبقها من الشركات التي عرفتها الرأسمالية طوال حياتها .
– وما يميزها كذلك أنها تقوم بنقل وحدات إنتاجية من الدولة التابعة لها , أي الدولة الأم إلى دول أخرى مختلفة مع استمرار سيطرتها على هذه الوحدات الإنتاجية وإدارتها مركزيا في إطار إستراتجية إنتاجية عالمية موحدة
المطلب الثاني : تاريخ الشركات المتعددة الجنسيات
يرجع تاريخ العديد من الشركات المتعددة الجنسيات التي نعرفها اليوم إلى ما قبل الحرب العالمية الثانية وبشكل أكثر تحديد إلى نهاية ق 19 فمنذ ذلك التاريخ بدأت بعض الشركات الكبرى في أمريكا وأوربا تقيم وحدات إنتاجية خارج حدودها الأصلية ففي عام 1865 أنشأت شركة باير الألمانية للصناعات الكيميائية مصنعا لها في نيويورك إلى أن أول شركة تستحق وصف (المتعددة القوميات) بالمعنى الدقيق هي شركة سنجر الأمريكية لصناعة مكنات الخياطة التي أقامت في عام 1867 مصنع لها في جلاسكو وتبعته بعدة مصانع أخرى في النمسا وكندا وسرعان ما حذت الكثير من الشركات الأمريكية حذو سنجر .
ورغم ظهور واستقرا العديد من الشركات المتعددة القوميات فقد بقيت أهميتها في الاقتصاد العالمي محدودة للغاية من ناحية لان القطاعات التي كانت تعمل فيها هذه الشركات وبشكل أساسي البترول , السيارات و الألمنيوم , رغم أهميتها في الاقتصاد اليوم , أم تكن تلعب دور أساسيا في اقتصاديات الدول الرأسمالية آنذاك , إذا كانت الرئيسية هي الفحم , السكك الحديدية , الحديد والصلب …الخ وبقيت هذه الصناعات بعيدة عن عمل الشركات المتعددة القوميات ومن ناحية أخرى لضيق حجم النشاط الدولي لهذه الشركات .
– والظروف الدولية الاقتصادية في فترة مابين الحربين العالميتين لم تكن لتسمح بنمو أكبرى الاستثمارات الدولية المباشرة من ناحية بسبب عدم استقرار الأوضاع النقدية في أوربا نتيجة لتضخم الهائل على أن هذه الأوضاع تغيرت تماما بعد الحرب الثانية بإبرام الاتفاقية العامة لرسوم الجمركية والتجارة المعروفة باسم (gat) والتي تولت وضع أسس ومبادئ عامة لتنظيم التبادل التجاري الدولي فأزاحت بذلك واحدا من أهم العوائق التي كانت تعترض سبيل الشركات المتعددة القوميات .
وكذلك اتفاقية إنشاء المجموعة الاقتصادية الأوربية المعقودة في روما سنة 1957 أعطت دفعة هائلة لنشاط هذه الشركات وهكذا فإن الظروف كلها كانت مهيأة منذ نهاية الحرب العالمية لظهور الشركات المتعددة الجنسيات.
المبحث الثالث : خصائص الشركات المتعددة الجنسيات .
يتسم النظام الاقتصادي العالمي الجديد بتعميق عولمة الاقتصاد وتزداد فيه دور المؤسسات الاقتصادية الدولية ، وتبرز فيه عدد من الملامح الهيكلية. تتمتع الشركات المتعددة الجنسيات والتي تعد من أهم ملامح ظاهرة العولمة أو النظام الاقتصادي المعاصر بالعديد من الصفات والسمات التي تميزها وتتحدد دورها وتأثيرها على النظام الاقتصادي العالمي، ومن أهم هذه الصفات :
1- ضخامة الحجم : تتميز هذه الشركات بضخامة حجمها وتمثل كيانات اقتصادية عملاقة ، ومن المؤشرات التي تدل على هذا ، حجم رأس المال وحجم استثماراتها وتنوع إنتاجها وأرقام المبيعات والإيرادات التي تحققها ، والشبكات التسويقية التي تملكها ، وحجم إنفاقها على البحث والتطوير ، فضلا عن هياكلها التنظيمية وكفاءة أدارتها . ولكن أهم مقياس متبع للتعبير عن سمة الضخامة لهذه الكيانات الاقتصادية العملاقة، يتركز في المقياس الخاص برقم المبيعات أو ما يطلق عليه " رقم الأعمال". كذلك يستخدم حجم الإيرادات لنفس الهدف ، ووفقاً لهذا المقياس احتلت شركة ميتسوبيشي ، بإجمالي إيراداتها الذي بلغ 184,4 مليار دولار ، المرتبة الأولى بين أكبر خمسمائة شركة متعددة الجنسيات في عام 1995 م ، والتي يصل أجمالي إيراداتها إلى نحو 44% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. كذلك تستحوذ هذه الشركات على نحو 80% من حجم المبيعات على المستوى العالمي. أن نشاط الشركات المتعددة الجنسيات حقق معدلات نمو مرتفعة تجاوزت 10% سنوياً أي نحو ضعف معدل النمو في الاقتصاد العالمي ومعدل نمو التجارة العالمية
2- ازدياد درجة تنوع الأنشطة : تشير الكثير من الدراسات والبحوث، إلى إن الشركات المتعددة الجنسيات تتميز بالتنوع الكبير في أنشطتها ، فسياستها الإنتاجية تقوم على وجود منتجات متنوعة متعددة ، ويرجع هذا التنوع إلى رغبة الإدارة العليا في تقليل احتمالات الخسارة ، من حيث أنها إذا خسرت في نشاط يمكن أن تربح من أنشطة أخرى . وقد قامت هذه الشركات بإحلال وفورات مجال النشاط ، محل وفورات الحجم .والتي انتهجتها الشركات الكبرى بعد الحرب العالمية الثانية. ونتيجة لذلك تتشعب الأنشطة التي تقوم بها الشركات المتعددة الجنسيات قطاعياً وجغرافياً ن وهذا بالتالي يؤدي إلى تحقيق التكامل الأفقي والرأسي .
3 – الانتشار الجغرافي – الأسواق : من الميز التي تتميز بها الشركات المتعدية الجنسيات هي كبر مساحة السوق التي تغطيها وامتدادها الجغرافي ، خارج الدولة الأم ، بما لها من إمكانيات هائلة في التسويق ، وفروع وشركات تابعة في أنحاء العالم. لقد ساعدها على هذا الانتشار التقدم التكنولوجي الهائل، ولاسيما في مجال المعلومات والاتصالات. وتكفي الإشارة إلى أن شركة ABB السويسرية، تسيطر حالياً على أكثر من 1300 شركة تابعة منتشرة في معظم أنحاء العالم، مع العلم أن السوق السويسرية لا تستوعب إلا نسبة بسيطة للغاية من إجمالي مبيعات الشركة . وقد ساعدت على ذلك كله إبداعات الثورة العلمية والتكنولوجية في مجالي المعلومات والاتصالات ، حيث أصبح ما يسمى الإنتاج عن بعد ، حيث توجد الإدارة العليا وأقسام البحث والتطوير وإدارة التسويق في بلد معين ، وتصدر أوامر بالإنتاج في بلاد أخرى .
4 – القدرة على تحويل الإنتاج والاستثمار على مستوى العالم : أن هذه الخاصية ناتجة عن كون هذه الشركات تتميز بنشاطها الاستثماري الواسع في العالم، وكذلك كونها كيانات عملاقة متنوعة الأنشطة تسودها عمليات التكامل الأفقي والرأسي . على الرغم من ضخامة الاستثمارات الدولية التي تقوم بها الشركات المتعددة الجنسيات ، فإن أكثر من ثلثي استثماراتها تتركز في الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي
( إنجلترا وألمانيا وفرنسا ) وسويسرا واليابان، ويعود هذا التركز إلى العوامل التالية :
– المناخ الجاذب لهذه النوعية من الاستثمارات ، – ارتفاع العائد على الاستثمارات ، – تزايد القدرات التنافسية للدول المضيفة والتي تتحقق عادة من خلال انخفاض تكلفة عنصر العمل وتوافره وارتفاع مستواه التعليمي ومهاراته وإنتاجيته ، – توافر البنية الأساسية وتسهيلات النقل وتقدم شبكات الاتصالات ، – والطاقة الاستيعابية للاقتصاد القومي .
5 – إقامة التحالفات الإستراتيجية : وهي تعتبر من السمات الهامة للشركات متعددة الجنسيات والتي تسعى دوماً إلى إقامة تحالفات إستراتيجية فيما بينها ومن أجل تحقيق مصالحها الاقتصادية المشتركة وتعزيز قدراتها التنافسية والتسويقية. أن هذه التحالفات هي نتاج المنافسة المحتدمة والتي صارت سمة أساسية للأسواق المفتوحة وثورة الاتصالات والمعلومات . أن التحالفات الإستراتيجية بين الشركات المتشابهة تتم في الصناعات المتماثلة بدرجة أكبر، وفي بعض الأحيان يأخذ هذا التحاف شكل الاندماج ، وهذا يظهر بوضوح في مجال البحث والتطوير بما يحتاجه إلى تمويل ضخم ، ومن الأمثلة على هذا التعاون ، التمركز الأوروبي لبحوث الحاسوب والمعلومات والاتصالات التي تشترك فيه ثلاثة شركات أوروبية كبرى تنتج الحاسبات الآلية ، وهي بول الفرنسية Bull و TCL البريطانية و سمنز الألمانية ، وقد يتحول التحالف الاستراتيجي أيضاً إلى شركات تابعة مشتركة ، للشركات متعددة الجنسيات. وكل هذا يمثل صيغ للتعاون لتحقيق الأهداف الإستراتيجية لكل شركة متعددة الجنسية تدخل في التحالف الاستراتيجي الذي يتم الاتفاق عليه
6 – المزايا الاحتكارية : تتمتع الشركات متعددة الجنسيات بمجموعة من المزايا الاحتكارية ، وترجع هذه السمة إلى أن هيكل السوق الذي تعمل فيه هذه الشركات ، يأخذ شكل سوق احتكار القلة في الأغلب الأعم، ومن أهم عوامل نشأته تمتع مجموعة الشركات المكونة له من احتكار التكنولوجيا الحديثة والمهارات الفنية والإدارية ذات الكفاءات العالية والمتخصصة . وهذا الوضع يتيح للشركات المتعددة الجنسيات الفرصة لزيادة قدراتها التنافسية ومن ثم تعظيم أرباحها وإيراداتها . وتتحدد المزايا الاحتكارية في أربعة مجالات هي التمويل ، والإدارة ، والتكنولوجيا ، والتسويق. وتنبع المزايا التمويلية من توافر موارد عالية كبيرة لدى الشركة المتعددة الجنسية، وتمكنها من الاقتراض بأفضل الشروط من الأسواق المالية العالمية نظراً لوجود عنصر الثقة في سلامة وقوة مركزها المالي . تتمثل المزايا الإدارية في وجود الهيكل التنظيمي الذي يكون على أعلى مستوى من الكفاءة ، ويسمح بتدفق المعلومات وسرعة الاتصالات ، ويؤدي بالتالي إلى اتخاذ القرار السليم في الوقت المناسب . أن توافر المزايا الإدارية يتيح لهذه الشركات التمييز والتفوق ، لذلك تحرص على وجود وحدات متخصصة وقادرة في مجالات التدريب والاستشارات والبحوث الإدارية . وتحصل الشركات على المزايا التقنية، من خلال التطوير التكنولوجي المستمر، للاستجابة لمتطلبات السوق، والحد من دخول منافسين جدد وتقرير وضعها الاحتكاري، ولذلك تحرص هذه الشركات على التجديد والابتكار وتحسين الإنتاجية وتطويرها وزيادتها وتحقيق مستوى عال من الجودة. تأتي المزايا التسويقية للشركات المتعدية الجنسيات من خلال الشبكات التوزيعية والتسويقية ، التي تعمل على توفير منتجاتها بحالة جيدة في الوقت المناسب . إن هذه الشركات تهتم بأبحاث السوق والتركيز على أساليب الترويج والدعاية والإعلان لمنتجاتها لضمان طلب متزايد ومستمر عليها .
7- تعبئة المدخرات العالمية : أن كل شركة من الشركات متعددة الجنسيات تنظر إلى العالم كسوق واحدة ، ومن ثم تسعى إلى تعبئة المدخرات من تلك السوق في مجموعها بالوسائل التالية :
1. طرح الأسهم الخاصة بتلك الشركات في كل من الأسواق المالية العالمية الهامة وكذلك الأسواق الناهضة، وغيرها . #تعتمد الشركات متعددة الجنسيات، عند الإقدام على عمليات كبرى مثل شراء أسهم شركة منافسة بالقدر الذي يسمح بالسيطرة على إدارتها مثلاً، إلى الاقتراض من البنوك متعددة الجنسيات وبمعدلات عالية
2. تستقطب الشركات متعددة الجنسيات الجزء الأعظم من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر وتوجهه أساساً إلى أسواق الدول الصناعية التي تمثل ثلاثة أرباع السوق العالمية
3. إلزام كل شركة تابعة بأن توفر محلياً أقصى ما يمكن لتمويل اللازم لها، من خلال وسائل مختلفة مثل المشروعات المشتركة، طرح الأسهم الخاصة بتلك الشركات في الأسواق المالية العالمية، الاقتراض من الجهاز المصرفي المحلي وغيرها .
وبهذه الوسائل يمكن للشركات متعددة الجنسيات أن تقوم بتعبئة مقادير متزايدة من المدخرات العالمية
8- تعبئة الكفاءات : تتميز الشركات متعددة الجنسيات بعدم تقيدها بتفضيل مواطني دولة معينة عند اختيار العاملين بها حتى أعلى المستويات ، فالمعيار الغالب الذي تأخذ به هو معيار الكفاءة. و النمط المعمول به في اختيار العمالة في هذه الشركات هو الاستفادة من الكادر المحلي لكل شركة تابعة بع اجتياز سلسلة من الاختيارات والمشاركة في الدورات التدريبية .
9- التخطيط الاستراتيجي والإدارة الإستراتيجية : يعتبر التخطيط الاستراتيجي أداة لإدارة الشركات متعددة الجنسيات ، وهو المنهج الملائم الذي يضمن ويؤدي إلى تحقيق ما تهدف إليه الشركة متعددة الجنسية والتعرف على ما ترغب أن تكون عليه في المستقبل . يكثر استخدام التخطيط الاستراتيجي في الشركات المتعددة الجنسيات وهي تسعى من خلال ذلك اقتناص الفرص وتكبير العوائد ، وتحقيق معدلات مرتفعة في المبيعات والأرباح ومعدل العائد على رأس المال المستثمر. أن التخطيط الاستراتيجي هو الأداة الأساسية التي تستخدمها وتقوم بها الإدارة الإستراتيجية في تلك الشركات ، لتحقيق الأهداف الإستراتيجية . وتعد الخطط الإستراتيجية في غالبية الشركات المتعدية الجنسيات في المراكز الرئيسية، ويترتب على ذلك أن قواعد التخصيص ووضع الأهداف الخاصة بكل شركة تابعة يرتبطان بتحقيق الأهداف الإستراتيجية للشركة وخدمة إستراتيجيتها العالمية . تعاظم الشركات المتعددة الجنسيات هناك العديد من المؤشرات والتي تدل على تعاظم دور الشركات المتعددة الجنسيات والعالمية النشاط ومن أهمها :
_ أن حوالي 80% من مبيعات العالم تتم من خلال الشركات متعدية الجنسيات، وهو ما يعكس ضخامة قدرتها التسويقية والإنتاجية التي مكنتها من السيطرة على جزء هام من حركة التجارة الدولية .
_ الدور الكبير الذي تلعبه هذه الشركات في تسريع الثورة التكنولوجية ، فبفضلها زادت نسبة الاكتشافات التكنولوجية الحديثة والتي كانت نتيجة لجهود البحث والتطوير التي قامت بها هذه الشركات
10- التركيز على النشاط الاستثماري
تُشير البيانات والمعلومات المتاحة إلى أن الشركات متعددة الجنسية تتميَّز بالتركُّز في النشاط الاستثماري الضخم الذي تقوم به تلك الشركات ، ولعل تفسير هذا التركيز في النشاط الاستثماري يرجع بالدرجة الأولى إلى مناخ الاستثمار الجاذب لهذا النوع من الاستثمارات بمُكوِّناته المختلفة بالإضافة إلى ارتفاع العائد على الاستثمار، وتزايد القدرات التنافسية للدول المضيفة في العناصر الخاصة بتكلفة عنصر العمل، ومدى توافره ومستواه التعليمي، ومهاراته الإنتاجية والبنية الأساسية ومدى قوتها وتكاليف النقل، والوقت الذي يستغرقه الشحن، وتسهيلات النقل والاتصالات اللاسلكية والكهرباء والطاقة والأرض، والتسهيلات التمويلية كلها وغيرها، تجعل دولاً معينة أكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية المتدفقة من الشركات متعددة الجنسية، بالإضافة إلى الجوانب الخاصة بالمعلومات والخدمات المدعَّمة للأعمال، وتوافر المُدخَلات في السوق المحلية وغيرها، يُضاف إلى ذلك الطاقة الاستيعابية للاقتصاد الوطني والصحة الاقتصادية، وإثبات المقدرة على النمو وغيرها من العوامل .
11- الإنتماء غالباً إلى دول اقتصاديات السوق المتقدمة صناعيا:
ينتمي المركز الرئيسي أو الشركة الأم في معظم الحالات إلى دول اقتصاديات السوق المتقدمة صناعيا، وفي مقدمتها الو.م.أ لوفرة رأس المال، واحتكار التكنولوجيا لتهيئ مناخ الاستثمار لنمو هذا النوع من الشركات، ولذلك نرى هذه الشركات مركزة بفروعها في عدد من الدول المتقدمة..
الفصل الثاني : اقتصاد الشركات المتعددة الجنسيات .
المبحث الأول : دور الشركات المتعددة الجنسيات
المطلب الأول :في ظل العولمة .
لقد نتج عن التغيرات الإقليمية والدولية والتحولات الاقتصادية والاجتماعية نظام عالمي جديد بمضامينه وأبعاده الاقتصادية والاجتماعية والمالية والثقافية والسياسية المبني على اقتصاد السوق وتقليص دور الدولة الاقتصادي والاجتماعي وتنامي دور الشركات متعددة الجنسيات والمؤسسات المالية الدولية التي أخذت تفرض على الدول النامية سياسات وبرامج إعادة الهيكلة والإصلاح الاقتصادي وإحداث تغييرات جوهرية في طبيعة العلاقات الدولية وصياغة علاقات مجتمعية إنسانية جديدة.
وتعتبر الشركات متعددة الجنسيات أو الشركات متعددة القومية من الظواهر البارزة في الاقتصاد العالمي ذات تأثير كبير في سياسات الدول المتقدمة فدفعتها لتحقيق أهدافها في إطار تعديل أسس الولاء من الدولة الوطنية إلى الولاء إلى المنظمات الدولية والشركات متعددة الجنسيات ولقد تعددت تعاريف ومفاهيم هذه الشركات بتعدد جوانبها وأبعادها وأدوارها والتي أخذت أنماطاً مختلفة منها ما هو تجاري أو خدمي أو صناعي أو كلي تتكامل فيما بينها رأسياً وأفقياً.
وعلى هذا الأساس فإن هذه الشركات اندمج رأسمال المصرفي مع رأسمال الصناعي في رأسمال مالي أي بدمج العمليات الثلاثة الصناعية والتجارية والمالية بكل الاتجاهات وكل أنواع الاستثمارات.
ولقد ازداد عدد الشركات متعددة الجنسيات حيث أصبحت في أواسط التسعينات /35/ ألف شركة تتوزع على الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الغربية واليابان، وفي مستوى هذه الشركات تسيطر /100/ شركة الأكبر فيما بينها على معظم الإنتاج العالمي، وقد أكسبت الثورة العلمية والتكنولوجية الحديثة قوة إضافية لهذه الشركات وقدرة على الإنفاق على البحث العلمي. ويتضح من خلال نشاط هذه الشركات أنها قد ساهمت بشكل كبير في تفكيك عملية الإنتاج على الصعيد الدولي التي تتسم بعدم الاستقرار وبقابلية الإنقطاع والتي تهربت من أية رقابة أو اتفاقيات ملزمة وأنها نسقت مع المؤسسات المالية والمنظمات الدولية في الدخول إلى الدول النامية.
ولقد تجسدت ممارسة هذه الشركات في نشاطاتها في الاقتصاد الدولي بنمو دورها في تدويل الاستثمار والإنتاج والخدمات والتجارة والقيم المضافة والمساهمة في تشكيل نظام تجارة دولية حرة والتسريع في نمو أكبر للاستثمار
المباشر العالمي والتطور السريع للعولمة المالية وتنامي التأثير على السياسات الاقتصادية للدول والمساهمة في تعميق الفقر في العالم وهجرة الأدمغة وتعميق الفجوة التكنولوجية بين الدول المتقدمة والدول النامية.
ويمكن إيجاز أثر هذه الشركات على الاقتصاد الدولي بإضعاف سيادة الدول المتصلة وتقليص دورها الاقتصادي والاجتماعي وخلق شريحة اجتماعية طفيلية وإضعاف ميزان المدفوعات وحرمان الدول المضيفة من أنشطة البحث
العلمي والتطوير وإغرائها بمنحها عائداً أكبر لاستثماراتها لإبعادها عن إرساء قاعدة إنتاجية لها وبنفس الوقت استغلال المزايا النسبية للدول المضيفة ولجوء هذه الشركات للتمويل من السوق المحلية في المرحلة اللاحقة والمساهمة بمعدلات
منخفضة في العبء الضريبي وزيادة الفساد في المجتمع.
ومن هنا تبدو أهمية تأسيس نظام اقتصادي عالمي جديد عن طريق إيجاد تعاون إقليمي بين الدول وإعادة هيكلية صندوق النقد الدولي وضرورة إصلاح نظام التجارة العالمي وتعزيز التعاون الصادق بين دول الجنوب ودول الشمال وبمراقبة مناسبة على تحرك رؤوس الأموال الخاصة وتشجيع تعاون عالمي في العلوم ونقل التكنولوجيا إلى الدول
النامية.
المطلب الثاني : في الإقتصاد العالمي .
تمثل هذه الشركات أحد العوامل المؤثرة في حركة الاقتصاد العالمي فمنذ ظهورها في أواخر القرن التاسع عشر شكلت نقطة تحول هامة في النشاط الاقتصادي الدولي الذي كان سائداً ,وبعد مرحلة الحرب العالمية الثانية تزايد عدد هذه الشركات , وازدادت فروعها في العالم وفي ظل عصر العولمة نحن أمام شركات عملاقة متعددة الجنسيات , تعمل على تكييف مختلف الأنظمة والسياسات الاقتصادية في العالم منذ التسعينيات مع مظاهر ومعطيات العالم الجديد , الذي تعيد تشكيله ونتناول هذه الشركات بالدراسة والتحليل من خلال عدة جوانب :
أ ¯ التمييز بين الشركات متعددة الجنسيات والاحتكارات الكبيرة في مرحلة الامبريالية
أجريت دراسة تفصيلية حول الشركات متعددة الجنسية والتميز بينها وبين الاحتكارات الكبيرة التي كانت السمة الأساسية في مرحلة الإمبريالية من عدة وجوه رئيسية
-1إن الاحتكارات السابقة كانت تهتم بشكل رئيسي على تركيز نشاطها داخل إمبراطورية استعمارية , وكانت ترفع شعار الوطنية وتحاول حماية السوق القومية من المنافسة الخارجية , وكان لبعضها فروع أساسية داخل أراضي الإمبراطورية وخارجها في بعض المجالات كالتعدين والطاقة ونشاطات مالية وتجارية في حدود طبيعية , أما الشركات متعددة الجنسية فينتشر نشاطها في عشرات الدول بهدف الاستفادة من أية ميزة نسبية توفرها أية دولة , وهي غالباً تحصل على تمويل محلي من كل بلد يمتد إليه نشاطها كما تنتقي كوادرها على أساس الكفاءة والأداء بغض النظر عن جنسية أي منها فهي تحاول محو أية صلة خاصة بين شركة وحكومة واقتصاد بلد المقر وتحاول إخفاء نسبة الشركة الى جنسية معينة ويكتفي باسمها سواء
حين التعريف بها أو إنتاجها .
-2كانت الاحتكارات السابقة تكتفي بنشاط أساسي محدد أما الشركات متعددة الجنسية فإن أهم خصائصها تعدد النشاطات التي تشتغل ضمنها دون الالتفات إلى الروابط الفنية بين المنتجات المختلفة فنجد في سبع شركات ميتسوبيشي متفاوتة المكانة ميتسوبيشي للسيارات, ميتسوبيشي الكهرباء, بنك ميتسوبيشي – ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة , ميتسوبيشي للكيماويات , ميتسوبيشي المصرفية , ميتسوبيشي للمواد , أيضاً شركة /تايم وارنر/ تشتغل بعدد كبير من شركات النشر والملاهي والإعلام إلى استوديوهات هوليود والشبكة الإخبارية CNN .
-3الاحتكارات السابقة لم تكن تعطي التطوير التكنولوجي العناية اللازمة أما الشركات متعددة الجنسية فإن التطور التكنولوجي هوعمودها الفقري وهي تسهم مساهمة متزايدة في تحويل عمليات البحث والتطوير الى جانب الدولة فنجد أن الإنفاق على البحث والتطوير في ألمانيا بلغ 2,8% من الناتج المحلي الإجمالي أي 2ر37مليار دولار يسهم فيها المال العام بنسبة 37% والصناعات المختلفة بنسبة 60,1% وفي اليابان 21,8% , 86,2% على التوالي وفي أميركا 39,2% و 58,7% .
– 4لم تكن الاحتكارات السابقة ذات نشاط مالي واسع بينما الشركات متعددة الجنسية زاد نشاطها المالي والتجاري وتعددت الأساليب الجديدة للتعامل مع الشركات الصغيرة والعمال وتفضيل الشركات لعمليات المضاربة في الأسواق المالية عوضاً عن الاستثمار الانتاجي ويقدر حجم التعامل اليومي في الأسواق المالية (تريليون دولار)
ب ¯ التوزيع السياسي للشركات متعددة الجنسيات
¯ مع أن هذه الشركات موجودة بنشاطاتها وعملياتها واستثماراتها في كل أرجاء المعمورة (حسب قائمة فورشن 500 شركة) نجد أن (418) شركة منها تتخذ مقرها الرسمي في ثلاث مناطق اقتصادية رئيسية يتركز فيها ثروة تقدر بحوالي 20 تريليون دولاراً أي أكثر من 80% من إجمالي الانتاج القومي العالمي وتستأثر بحوالي 85% من إجمالي التجارة العالمية
هذه المناطق الثلاث هي :
1¯ منطقة الاتحاد الأوروبي التي تضم 155 شركة
2¯ منطقة الولايات المتحدة الأميركية التي تضم 153 شركة
3¯ منطقة اليابان التي تضم 141 شركة
ويتضح أن هذه الشركات تتمركز في مناطق الدول الصناعية المتقدمة الناضجة رأسمالياً لكن هناك حالة وحيدة تشذ عن هذه القاعدة وهي الشركات المتواجدة في كوريا الجنوبية والتي امتد نشاطها الى عشرات الدول حيث تضم قائمة (فورشن) 12 شركة مقرها في كوريا مثل LG الدولية و LG للإلكترونيات و DAEWO (سيارات ¯ إلكترونيات ¯ أعمال مصرفية) أما بقية المناطق مثل أميركا اللاتينية وأفريقيا والشرق الأوسط ووسط آسيا حتى الدول النفطية في الخليج العربي , فهي في
العموم مناطق اقتصادية غير أساسية بالنسبة لنشاطات هذه الشركات , فهي تشكل بالنسبة لهذه المناطق مصدر رعب لأنها تستغل هذه المناطق بسبب امتلاكها قدرات احتكارية ضخمة تهدد بها سيادة هذه الدول واقتصادها .
ج ¯ ظاهرة الإنتاج عن بعد :
تنتشر هذه الظاهرة التي تقوم بها الشركات متعددة الجنسية بإعادة رسم خريطة الإنتاج على المستوى العالمي حيث تعمد
شركة معينة الى التخصص في إنتاج سلعة معينة مروراً بكل مراحل إنتاجها ولكن دون أن تستقر في بلد واحد وهذا يعني الانتقال من الاستراتيجية الانتاجية الوطنية الى استراتيجية الانتاج العالمي بعدم تمركز أو حصر الانتاج محلياً فمثلاً شركة (بيشينه) تستخرج البوكسيت من استراليا وتحوله لالومين في أميركا وتنتج الألمنيوم في الغابون باستخدام الالومين المنتج بواسطة فروعها في غينيا .
وباعتماد هذا الاسلوب من الانتاج يصعب نسبة سلعة معينة الى بلد واحد باعتبار أن السلعة تنتج كأجزاء من آلاف المصانع المنتشرة في العديد من الدول .
… فالعالم الآن يشتري ماركات عالمية لاتحمل منشأ الصنع وبدأت تظهر عبارات صنع لدى مرسيدس أوتويوتا أو فيلبس .
د ¯ ظاهرة اندماج الشركات والمصارف:
وهي تأخذ شكل ابتلاع وامتلاك الشركات والمصارف الأضعف نسبياً وهي تعبير عملي لتمركز رأس المال والإنتاج , وقد شهد القطاع المصرفي في العقد الأخير من القرن الماضي سلسلة كاملة من حالات الاندماج والابتلاع أبرزها (بوينغ) (ماكدونال ¯ دوغلاس) وكذلك (لوكهيد) (مارنين ¯ مريتيا) في صناعة الطائرات (وتشيز مانهاتين) (كيميكال بنك) في القطاع المصرفي , وهناك أكثر من (2500) عملية اندماج وابتلاع تمت عبر الحدود خلال النصف الأول من عام 1999 قدرت قيمتها ب (411) مليار دولار وكانت مصارف وشركات ألمانيا رائدة في هذا المجال في أوروبا الغربية وعلى رأسها العملاق (الألماني ¯ الأميريكي) (دايملر ¯ كرايزلر) وهي شركة صناعية متشعبة في صناعة السيارات والطيران والفضاء , في شهر آب /1999/ أعلنت الشركة الكندية (آلكان) والفرنسية (بتشيناي) والسويسرية (الوسويس) عن رغبتها في إنشاء أكبر مجموعة للألمنيوم في العالم
وأيضاً في القطاع المصرفي نجد هناك حالات ابتلاع ودمج شديدة مثل دمج ثلاث مصارف يابانية (انداستراييل بنك أوف جابان) ومصرف (داي ¯ إبتش كانغيو بنك) ومصرف (فوجي بنك) وتشكيل مجموعة مصرفية ضخمة برأسمال قدره (142) مليار دولار , وأيضاً مشروع دمج (بنك ناسيونال دي باري) الفرنسي و (سوسيتيه جنرال) و(باريبا) برأسمال قدره (957) مليار يورو .
وهذه الظاهرة تؤدي الى خفض تكلفة الانتاج ومضاعفة الارباح وتعزيز القدرة التنافسية للشركات العملاقة ولكنها بالجانب الآخر تدمر فرص العمل وتؤدي إلى تفاقم اللامساواة الاجتماعية وتضعف السيادة الوطنية للدولة .
ه¯ تقويض وتغيير دور الدولة الاقتصادي والسياسي
لابد هنا من الاشارة الى بعض ممارسات هذه الشركات التي تحاول فيها الحد من دور الدولة الاقتصادي والسياسي
-1 حيث تستعين هذه الشركات بموظفين دوليين تابعين لمنظمات دولية،صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية لكي يحلوا محل الحكومات الوطنية في كثير من القضايا وتقوم هذه الشركات بالاعتماد على نظم أمن خاصة وشركات بريد خاصة وتقوم بإصدار بطاقات تحل محل النقود وتقوم بالاستيلاءعلى المرافق العامة والخدمات عبر آليات التخصيص .
-2 محاولة التهرب الضريبي
أيضاً هذه الشركات تحاول أن تكون بعيدة عن سطو القانون والضريبة لأنها تتقن التهرب منها فهي تقوم باتخاذ المال وطنا يستقر حيث يأمن وينمو بعيداً عن كل مسؤولية وهي تقوم بذلك باستخدام آلية (السعر التحويلي)
-1فإذا كانت الضرائب على أرباح الشركات مرتفعة في الدولة الأم عنه في الدولة المضيفة وكانت الشركة الأم تصدر الى الشركة التابعة لها فإنها في هذه الحالة ستسعر صادراتها الى فرعها في الدولة المضيفة بسعر أقل من الواقع (مدعية عدم تحقيق أرباح) ناقلة بذلك الأرباح من الشركة الأم الى الشركة التابعة لها وبهذا تقلل من العبء الضريبي الكلي للشركة وعلى العكس من ذلك .
-2ويستخدم السعر التحويلي للتهرب من الضرائب الجمركية على الواردات فكلما كانت مستويات هذه الضرائب مرتفعة في الدولة المستوردة كلما لجأت الشركات لتسعير السلعة بسعر أدنى من الواقع لتجنب دفع الضريبة .
-3وقد يستخدم السعر التحويلي كأداة للتهرب من القيود التي تفرضها الدولة المضيفة على مقدار الأرباح التي تحولها الفروع الى الشركة الأم , فعندما ترغب هذه الشركات أن تعيد أرباحها من الشركة التابعة الى الأم تلجأ الى تسعير الصادرات من الشركة التابعة الى الأم بسعر أدنى من الواقع أو تسعيرالصادرات من الشركة الأم الى التابعة بسعر أعلى من الواقع وتكون الأرباح بذلك قد تحولت فعلاً من الشركة التابعة الى الشركة الأم وتشير الأرقام الى أن هذه الشركات لم تقدم أكثر من 9% من فئة الضرائب العامة .
-3 أثرها في ميزان مدفوعات الدولة :
¯ أيضاً تؤثر هذه الشركة في ميزان مدفوعات الدولة المضيفة وذلك من خلال أن دخول رؤوس الأموال الى الدولة المضيفة والأرباح والفوائد المحمولة الى هذه الشركة في مقرها الأم ورواتب الموظفين والعمال في الفرع الذي يعتبرون من رعايا الدولة المضيفة (أجانب) سيخرجونها من الدولة المضيفة الى الدولة الأم وكذلك براءات الاختراع وحقوق الملكية ورسوم الترخيص المدفوعة من الفرع الى الشركة الأم مقابل استخدام التكنولوجيا أوالعمليات الانتاجية والعلاقات التجارية , كل ذلك يسجل في الجانب المدين لميزان مدفوعات الدولة المضيفة وبالتالي فإنه يحدث أثراً سلبياً إلا إذا قامت الشركات متعددة الجنسيات بالإنتاج للسوق المحلي في الدولة المضيفة وصدرته للدول الأخرى فإن ذلك يساهم في تحسين ميزان مدفوعات الدولة المضيفة .
و ¯ الهيمنة على اقتصاد العالم :
تشير المعلومات الى سعي الشركات متعددة الجنسيات للسيطرة على العملية الاقتصادية الدولية ذلك من خلال استعراض عدد من الأرقام المتوفرة :
امتلكت 40 ألف شركة احتكارية 250 ألف شركة فرعية حتى نهاية عام 1993 وبلغت قيمة مبيعاتها الاجمالية في العام نفسه أكثر من )5500( مليار دولار أميريكي وقيمة صادراتها (4000) مليار دولار أمريكي .
إن إيرادات الشركات الخمسمئة (مجلة فورشن تموز 1996) (11,4) تريليون دولار وفي عام 1995 تساوي 45% من الناتج المحلي الاجمالي لمجموع الدول المذكورة في تقرير التنمية في العالم في عام 1996
(25,3) تريليون دولار , وإذا استبعدنا من المقارنة الدول ذات الدخل المرتفع نجد أن مجموع إيرادات الشركات المذكورة (159,8%) من مجموع إجمالي الناتج المحلي لمئة وتسع دول تقطنها الغالبية العظمى من البشر .
80% من التجارة الدولية كانت في عام 1995 تحت هيمنة تلك الشركات متعددة الجنسية
ارتفعت التوظيفات المباشرة للشركات متعددة الجنسية من 500 مليار دولار الى 2700 مليار دولار أمريكي بين 1980 ¯ 1995 وبلغ مجموع التوظيفات المباشرة لها في عام 1995 أكثر من 3,5 مليار دولار أمريكي .
وجدير بالإشارة الى أن التوظيفات المباشرة لهذه الشركات تركز على عدد قليل من الدول الصناعية ففي الوقت الذي استحوذت عشر دول صناعية على ثلثي التوظيفات المباشرة لعام (1995) , بلغت نسبة توظيفاتها في (100) دولة لا تحتل موقعاً مهماً في التقسيم الدولي الرأسمالي للعمل 1% فقط من إجمالي توظيفات تلك الشركات.
المبحث الثاني : الأهداف الاستراتيجية و المالية للشركات .
المطلب الأول : الأهداف الإستراتيجية .
يجري عادة التمييز بين القرارات الأستراتيجية ، و القرارات التشغيلية في الشركات المتعددة الجنسيات .و ان إعداد الأستراتيجية يكون أكثر تعقيدا في الشركات متعددة الجنسيات و ذلك لانه يتعين عليها أن تأخذ في الحسبان أسواق عديدة ، وعملات متعددة ، و ثقفات متعددة و غيرها .ومن ثم يمكن تحديد الأهداف الأستراتيجية فضلا عن الأهداف المالية . ومختلفة إدارة الشركة و سياستها تبعا لجنسية كل من الشركات المتعددة الجنسيات .
1- تكوين الأستراتيجية
قبل تحديد الأستراتيجية للشركات المتعددة الجنسيات لابد من تحديد مهمتها و إجراء تقييم شامل للبيئة الإجمالية و تحليل للتنظيم و بيان نقاط القوة و الضعف فيه .ودراسة العديد من الإستراتيجيات المتعاقبة ، واختيار استراتيجية معينة و تطبيقها ،ومن تم إجراء التقييم و الرقابة .إن تكوين استراتيجية إجمالية يصبح شيئاً فشيئا مسألة حتمية في بيئة التحول السريع ، وذلك لان السوق تمتد على المستوى العالمي و الموارد تتأتى من اتجاهات عالمية .
إن الإدارة الاستراتيجية تساعد على التنسيق أفضل و تكامل للعمليات المتحققة في بلدان عديدة ،كما تساعد الشركات على التكيف بشكل ملائم مع التغيرات البيئية بفضل التنظيمات المختلفة و نشاطاتها .وتحديد الاستراتيجية يتم في الداخل اللجان الأستراتيجية ، التي تأخد على عاتقها تحديد الأهداف الكلية فضلا عن تطور الأستراتيجية الإجمالية للشركات المتعددة الجنسيات .وهذه اللجان يمكن أن تضم في عضويتها على سبيل المثال الرئيس ، ونائب المدير العام ،و المدير العام للمالية ، ومدير عام البحث و التطوير ، و المستشار . ويجتمع هؤلاء الأعضاء في اللجان مرتين في السنة ، وفي بعض اللجان الأستراتيجية يوجد كذلك مسئولي الأقسام المختلفة و مدراء الفروع الأجنبية فضلا عن مدراء الفروع المحلية .
2- الأهداف الإستراتيجية
تعتمد استراتيجية مجموعة الشركات متعددة الجنسيات على جملة أمور و قرارات استراتيجية تتبناها هذه الشركات و تلتزم بها لفترة طولية ، وتتمثل أغلب هذه القرارات في دعم و جود مجموعة الشركات في بعض الأسواق ،و إنتاج منتجات و تقديم خدمات جديدة ، وتوسيع أهداف حصص السوق ، والدخول في أسواق خارجية ، و اقتناء شركات جديدة ، واعادة تمركز النشاطات و اعتماد تنظيم جديد ، و انتشار أماكن العمل .
المطلب الثاني : الأهداف المالية .
تتعدد الأهداف المالية المنشودة بالنسبة لمجموعة الشركات المتعددة الجنسيات . وتختلف هذه الأهداف تبعاً للبدان و أحياناً داخل البلد نفسه .ويتمثل أبرز الأهداف فيما يأتي :
1- تعلية التدفقات النقدية.
2-تعلية معدل العائد على حقوق الملكية
3-تعلية معدل العائد على الأموال المستثمرة
4- تعضيم قيمة الشركة
ً
المبحث الثالث : الشركات المتعددة الجنسيات و الدول
المطلب الأول :موقف الدولة الأم .
1- من أهم المزايا التي تقدمها الشركات المتعددة الجنسيات للدولة الأم أنها تكون بمثابة و سائل تضمن تزويدها بالموارد المعدنية و الإستراتيجية و الطاقة الضرورية .
2- لكنها في بعض الحالات تمثل خطرا على الدولة الأم .حيث تساهم في نقل رؤوس الأموال خارج هذه الدولة ، وتنتج سلعا في الخارج شبيهة بالسلع المنتجة في الدولة الأم ، مما يدفع هده الأخيرة إلى إعادة استيرادها ، وهذا يؤثر
على ميزان المدفوعات الخارجية ،كما يؤدي إلى القضاء على التشغيل في المجال الصناعي .
المطلب الثاني : موقف الدولة المضيفة .
للتذكير فإن أصل هذه اشركات يعود إلى الدول المتقدمة و التي تتبنى اقتصاد السوق .و الدوافع الرئيسي إلى ظهورها هو الأقتصاد الحر العالمي الذي تطور مند عام 1945.
ونسنبرز هذا الموقف على مستويين :المستوى الاقتصادي ،والمستوى السياسي
1-على المستوى الأقتصادي :
– نظرا لحاجة دولة الأستقبال ( النامية ) إلى استثمار هذه الشركات ،فغالبا ما تصدر قوانين الأستثمار التي يتضمن إجراءات تشجيع هذه الشركات على الأستثمار.من بين هذه الإجراءات :إعفاء هده الشركات من دفع الرسوم و الضرائب .
-لكن في المقابل ، يقلل استغلال هده الشركات بشكل مفرط للموارد الطبيعية للدولة المضيفة ،من الأمتيازات و الفوائد المتوقعة من الاستثمار .حيث قد ينجم عن ذلك إفقار اقتصاد الدولة المضيفة ،وتعميق التخلف،وذلك من خلال تهريب الأموال إلى الخارج ، وعدم الأستثمار في مجال التنمية الصناعية كما تتحكم هذه الشركات أيضا في سعر و إنتاج
البترول ، وبالتالي تتحكم في منظمة الدول المصدرة للبترول .
إذن نظرا لطابعها التجاري ، تنظر هده الشركات إلى الكرة الأرضية كسوق و حيدة للمنتجين و المستهلكيين .وهذا يطرح مشاكل بالنسبة للدول المضيفة التي تفقد من الناحية العملية التحكم و السيطرة على المتعاملين الاقتصاديين .لذلك تنظر الدول المضيفة إلى هذه الشركات على أنها وسائل الهيمنة التي يستخدمها الدول الغريبة
2- على المستوى السياسي :
-تشكل هذه الشركات خطرا و تهديدا على السيادة الوطنية للدولة المضيفة حيث تمارس هده الشركات ضغوطات على سلطات هذه الدولة ، وقد تتدخل في شؤونها الداخلية كالتحكم في توجيه السلطة السياسية ، و التحكم في القرار السياسي في هذه الدولة .من السوابق التي تؤكد ذلك محاولة قلب نظام الحكم في الشيلي و إغتيال الرئيس عام 1973،وذلك
بموجب مؤامرة بين الشركة الأمريكية للهاتف و التلغراف ووكالة المخابرات الأمريكية .
– لمواجهة هذا التأثير على سيادتها ، تلجأ الدولة المضيفة إلى اتخاد عدة إجراءات من بينها : مراقبة الأستثمارات ، إلزام الشركات المتعددة الجنسيات على إعادة الإستثمار فيها ، التأميم .ومع ذلك ، تضل هذه الإجراءات ذات الفعالية محدودة .
الفصل الثالث : أثار نشاط الشركات المتعددة الجنسيات .
المبحث الأول : الأثار الإقتصادية و الإجتماعية للشركات المتعددة الجنسيات .
الآثار الاقتصادية لنشاط الشركات
لا يكفي التأكيد على أن الشركات المتعددة الجنسيّـة تمارس نشاطاً استثمارياً خارجياً فحسب، لأن ذلك تعريفاً خاطئاً نوعاً ما، لأنها، بالإضافة إلى هذا الدور المذكور، تقوم بدور اقتصادي واجتماعي له آثار متعددة، خاصة في البلدان العربية، كما يترتَّب عليها نتائج سياسية وثقافية.
فمن المعروف أن الشركات المتعددة الجنسية تسعى إلى زيادة أرباحها باستغلال الموارد الطبيعيـة والأيدي العاملة الرخيصة، ولا يعنيها مدى أهميّة المشاريع التي تنفذها بالنسبة للاقتصاد الوطني ولا بالنسبة لآثارها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية. فقد تركز هذه الشركات على استنفاد مورد طبيعي غير متجدد (النفط…) حين تكون مصلحة الدولـة الوطنية عدم استنفاد هذا المورد. وقد تهتم بصناعات تحويلية، في حين تحتاج الدولة إلى صناعات ثقيلة أساسية. فهي لا تستجيب تماماً للمتطلِّبات الوطنيَّة، لأنها، بكل بساطة، شركات أجنبية.
من هنا تلجأ البلدان المضيفة لاستثمارات هذه الشركات إلى وضع قيود على هذا الاستثمار، بأن تربطه بموافقة هيئات حكومية متنوعة، بعد أن تكيّف مشاريعها الاستثمارية وفق معايير تحددها البلدان المضيفة. هذا بالإضافة إلى تسابق البلدان النامية إلى تقديم الحوافز لتشجيع عمل هذه الشركات، ومنها :
– إعفاءات ضريبية أو تخفيض في الرسوم الجمركية
– سياسات تُحرِّر الشركات من القيود على أرباحها المحوَّلة إلى البلد الأم
وهناك أسلوب جذّاب للحوافز، هو السَّماح للمنشآت التابعة لهذه الشركات باستيراد ما يلزمها من مواد ومستلزمات بدون خضوعها للضرائب والرسوم
وثمة طرق أخرى تلجأ إليها الدول المضيفـة بأن تستخدم المنشأة التابعة حجماً معيناً من الموارد الإنتاجية المحلية في عملياتها الإنتاجية، أي، بعبارة أخرى، مساهمة هذا الفرع إيجاباً في الاقتصاد المحلي. كما تدفع هذه الشركات إلى توظيف نسبـة معينة من القوى العاملة من مواطني الدولة المضيفة
كذلك تلجأ الدولة المضيفـة، وحفاظاً على توازن ميزان المدفوعات، إلى تحديد حجم الأرباح ورأس المال الذي يُسمح للشركة بتحويله إلى الخارج. كما تفرض أن تكون صادرات الشركات كمّيات صغيرة من إنتاج البلد المضيف
لذلك نقول إن هناك آثاراً سلبية تتركها الشركات المتعددة على عمليات التنمية، وهي إهمال المشكلات التي تعاني منها المجتمعات النامية، كالموارد البشرية، إضافة إلى إهمال توزيع الثروة والدخل على كافة الشرائح الاجتماعية، باعتبار أن عملية التنمية في فلسفة الشركات المذكورة، هي عمليات اقتصادية بحت، إضافة إلى الأرباح الضخمة المحولـة إلى الدولة الأم، مما يؤدي إلى استنزاف الموارد الوطنية، وإلى ضياع الفرصة أمام الاقتصاد المحلي لاستغلال موارده استثماراً ذاتياً في الصناعات الوطنية
كذلك تتشابه النتائج على صعيد المنتجات الصناعية، بسبب المنافسة في الأسواق وما يترتَّب على ذلـك من عجز كبير في ميزان المدفوعات أو الميزان التجاري، خاصة إذا تعرّضت البلدان النامية وبلداننا العربية لسياسات الإغراق من جانب الدول الصناعية.
الآثار الاجتماعية لنشاط الشركات
تؤكد الدراسات الاقتصادية أن الشركات المتعددة الجنسيات، لا ترتبط أعمالها بالصناعات الوطنية في البلدان النامية بل بالسياسات العامة التي تضعها هذه الشركات، مما يؤدي إلى ازدياد الفروقات الاجتماعية بين الفئة المرتبطة مصالحها بهذه المشاريع وبين أغلبية السكان الذين يتدهور مستوى معيشتهم، تحت التأثير المزدوج لجمود التنمية، وارتفاع الأسعار نتيجة الارتباط الوثيق بالأسواق العالمية.
وغالباً ما يؤدي هذا الاتجاه إلى فتح الباب واسعاً أمام الفساد وما إلى ذلك من ظواهر اجتماعية سلبية. فغالباً ما تعتمد هذه الشركات الرشوة بغية إفساد الساسة والحكام، وحملهم على قبول شروط أكثر غبنـاً لبلادهم، والتغاضي عن مخالفات قانونية أو دفع ثمن أغلى من الأسعار الدولية. كما نجحت هذه الشركات المذكورة في شراء ذمم كبار المسؤولين، وجنّدت لخدمتها وبمرتبات عالية أعداداً لا يستهان بها من الفنّيين والإداريين ورجال الأعمال والمهنيين… خلاصـة القول، إن للشركات المتعددة آثاراً اجتماعيـة على الدول النامية، ومنها العربية، يمكن تلخيص أهمها بثلاث نقاط هي :
– تحجيم الصناعة الوطنية المنتجة، وتشجيع قيام فئة اجتماعية تعتاش على حساب المجتمع لها مواصفات غير إنتاجية
– تكريس الفساد والرشوة وقيم أخلاقية وضيعة
– زيادة الهوّة بين الشرائح الاجتماعية، مما يؤدي إلى عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي
إن توسيع قاعدة الارتباط بمصالح الشركات المتعددة في السنوات العشر الماضية، دفع العالم العربي إلى تبعيـة غذائية نتيجة تطور أنماط الاستهلاك وما تُعمِّمه من عادات وقيم في المأكل والمشرب والملبس، وما تقوم به من جهد على "المستوى الإعلامي"، بسبب مكاتبها المنتشرة في أكثر من مئة دولة في أنحاء العالم. وهي تلجأ إلى صرف المليارات من الدولارات على إعلاناتها بغية تسويق منتجاتها. فترسل أحياناً استمارات تفصيلية إلى أساتذة الجامعات المختصّين بالدراسات الإنتروبولوجية الثقافية والعلوم الاجتماعية والنفسية، تطلب فيها، لحساب الشركات، معلومات ذات فائدة (عادات الطعام، نماذج الاستهلاك عند العائلة، …)، وذلك لمعرفة رغبات الناس وعاداتهم كي يستطيع مديرو الشركات تصميم منتجاتهم حسب نتائج هذه الدراسات.
إضافة إلى ذلك، تعمل الشركات على إرسال بيانات استطلاع الرأي إلى الصحف والإذاعات وتلفزيونات البلدان النامية، وذلك عبر الأقمار الصناعية، لجمع المعلومات حول الثقافة المحلية بغية تصحيح منتجات الشركة. وقد ساعدها في تحقيق ذلك ثورة المعلومات والاتصالات الحديثة، مما فجَّر ظاهرة التنافس الشديد بين هذه الشركات وأحدث تغييراً هائلاً في عملية نشأة سوق عالمية واحدة.
وقد سعت هذه الشركات إلى وضع مصالحها قبل مصلحة الزبائن أو المستهلكين، في عمليات اندماج قامت بها مؤسسات احتكارية تنتج سلعاً متشابهةً تُباع في الأسواق نفسها (اندماج مؤسسة "جنرال إلكتريك" للأدوات الكهربائية ومؤسسة "آر سي أي" ).
أما أضرار الاندماج بين الشركات التي تمارس أعمالها ضمن الصناعة نفسها، فتقلص المنافسة التي تنجم عن تخفيض عدد المؤسسات التي تنتج السلع نفسها، مما ينعكس سلباً على الزبائن من جرّاء القضاء على المنافسة التي كانت قائمة بين الشركتين المذكورتين. وهذا ينعكس على المصلحة الاقتصادية العامة.
من هنا، كان تدخل الحكومات للقيام بوضع القوانين والتشريعات الجديدة، وإنشاء هيئات حكومية لمراقبة عمليات الاندماج بين المؤسسات، وذلك للحدّ من التواطؤ بين المؤسسات العاملة ضمن الصناعة الواحدة، والتخفيف من حدة الحالات المنافية للمصلحة العامة.
المبحث الثاني : الآثار المرتبطة بالشركات متعددة الجنسيات
نركز في هذا المطلب على دراسة وتحليل الآثار المرتبطة بالشركات متعددة الجنسية وهي كمايلي :
أولا: الأثر على الدخل و الأثر على العمالة: يمكن أن تؤثر الشركات متعددة الجنسية على مايلي :
1- الأثر على الدخل
إن قيام شركات متعددة الجنسية في بلد ما، يمثل إضافة للدخل الوطني في ذلك البلد، وقيامها بفتح أسواق جديدة والتصدير إليها هو إضافة المدخل، ولقياس أثر الاستثمار على الدخل يمكننا مبدئيا أن نقول: المنفعة المحققة= قيمة الإنتاج – تكلفة الإنتاج
والتكلفة هي ما يدفعه المستثمرون الأجانب للموارد والعمال والأرض….إلخ
من هذا التقدير المبدئي نخصم تكلفة الفرصة البديلة، لعناصر الإنتاج التي يستخدمها المستثمر الأجنبي قيمة الاستثمار إذن تكمن في الفرق بين قيمة ما ينتجه وماكان سينتج بدونه، وتصبح المعادلة كمايلي: المنفعة المحققة= قيمة الانتاج- تكلفة الإنتاج-تكلفة الفرصة البديلة.
ومن جهة أخرى تساعد الشركات متعددة الجنسية في نمو الإنتاج المحلي في تحسين عناصر الإنتاج، وحتى لو كانت كل الموارد موجودة في البلد المضيف، فإن الاستثمار الأجنبي يرفع العائد عليها ويحركها ليس من ناحية فنية فقط، ولكن أيضا يسوقها بما للشركة من شبكات توزيع وأسماء تجارية معروفة ورائجة يكفي وضعها على منتجات عديدة لتباع وتروج.
2-الأثر على العمالة
تسعى الدول النامية جاهدة إلى القضاء على مشكلة البطالة أو الحد منها، ولبلوغ هذا فتحت الباب أمام الشركات متعددة الجنسية على أمل خلق فرص جديدة ومتزايدة للعمل، ويمكن تصنيف الآثار المترتبة على العمالة في مايلي:
– إن وجود الشركة متعددة الجنسية يؤدي إلى خلق علاقات تكامل رأسية وأفقية بين أوجه النشاط الاقتصادي المختلفة في الدولة من خلال تشجيع المواطنين على إنشاء مشروعات لتقديم الخدمات المساعدة اللازمة، أو المواد الخام للشركات الجديدة.
إن الشركات متعددة الجنسية ستقوم بدفع ضرائب على الأرباح المحققة، وهذا سيؤدي إلى زيادة العوائد للدولة، ومع بقاء العوامل الأخرى ثابتة فإن زيادة العوائد سوف يمكنها من التوسع في إنشاء مشروعات استثمارية جديدة، هذا ما سيترتب عليه خلق فرص جديدة للعمل.
إن وجود الشركة متعددة الجنسية قد يؤدي إلى اختفاء بعض أنواع المهارات التقليدية نتيجة لما تستخدمه من تكنولوجيا متقدمة سواء كانت أساسية أو مساعدة أو قد يؤدي وجودها إلى عدم ثبات العمالة الموسمية.
إن نجاح الحكومة المضيفة في اختيار النوع التكنولوجي المناسب سوف يؤثر إلى حد كبير على عدد فرص العمل الجديدة، ومدى تنوعها.
نتيجة لارتفاع مستوى الأجور والمكافآت التي تقدمها شركات متعددة الجنسية (بالمقارنة بنظيرتها الوطنية)، فإنه من المحتمل أن تهرب العمالة والكوادر الفنية والإدارية للعمل بالشركات متعددة الجنسية.
إن إنشاء المشروعات الموجهة للتصدير والمشروعات كثيفة العمالة في المناطق الحرة سوف يؤدي إلى خلق العديد من فرص العمل الجديدة.
إن توسع الشركات متعددة الجنسية في أنشطتها سواء على المستوى الأفقي أو الرأسي مع الانتشار الجغرافي سوف يؤدي مع بقاء العوامل الأخرى ثابتة إلى خلق فرص عمل جديدة في المناطق أو المحافظات النائية المتخلفة اقتصاديا داخل الدولة
ثانيا: الأثر على التقدم التكنولوجي والأثر على الإدارة والتنمية الإدارية:
1- الأثر على التقدم التكنولوجي
هناك آراء مختلفة حول دور الشركات متعددة الجنسية في التطوير التكنولوجيوالتحديث للدول النامية المضيفة في مجالات القوى العاملة وبحوث التنمية والتطوير.
إذا قامت الشركات متعددة الجنسية بنقل مستوى عال من التكنولوجيا أو التركيز على المشروعات التي تتميز بكثافة رأس المال فإن هذا سوف يؤدي إلى :
– قلة فرص العمل الجديدة
– ارتفاع نسبة البطالة وخاصة العمال غير المهرة
– صعوبة تحقيق العدالة في توزيع الدخول على مستوى الدولة مما يؤدي إلى خلق الطبقة الاجتماعية
– قد تضطر الشركات الوطنية إلى تقليد الشركات متعددة الجنسية (أي تقوم بإدخال مستوى عال من التكنولوجيا) حتى تضمن البقاء في السوق
– تحصل الشركات من مقابل استخدام الفنون الإنتاجية أو الخبرة الفنية أو استئجار لمعدات معقدة بواسطة الوحدة الموجودة في الاقتصاد المتخلف على الأرباح
إذا قامت الشركات متعددة الجنسية بنقل مستوى منخفض من التكنولوجيا، فإن هذا يتفاعل مع اهداف الدول النامية بشأن تقليل نسبة البطالة، وبالرغم من أن تحقيق هذا الهدف يمثل ضرورة ملحة إلا أن النتيجة الطبيعية لنقل أو استيراد مستويات منخفضة من التكنولوجيا سيؤدي إلى توسع الفجوة التخلف التكنولوجي بين الدول النامية والدول المتقدمة.
ومن جهة أخرى فإن محاولة الدول النامية لإحراز درجة عالية من التقدم التكنولوجي كهدف سيكون على حساب درجة تحقيقها لهدف آخر هو التقليل من نسبة البطالة ومن ثم تحقيق العدالة في توزيع الدخول وتحقيق الرفاهية الاقتصادية لأفراد المجتمع
2- الأثر على الإدارة والتنمية الإدارية
لاشك أن الإدارة كأحد عوامل الإنتاج (أو كعنصر من عناصر التكنولوجيا) تلعب دورا رئيسيا في تحديد إنتاجية كل من منظمات الأعمال والاقتصاد الوطني ككل، بالإضافة إلى تحديد مركزها التنافسي سواء على المستوى الوطني أو الدولي
وبالنسبة للدول النامية بصفة خاصة فقد تظافرت مشكلة نقص الكوادر الإدارية مع غيرها من مشكلات عدم توافر عناصر الإنتاج من حيث الكم والجودة في تخلف هذه الدول عن ركب التقدم، وبالتالي يمكن القول أنه يزداد طلب الدول النامية على خدمات ومساعدات الشركات متعددة الجنسية لسد جانب الخلل والقصور والنقص في المهارات والكوادر الإدارية في مختلف المستويات التنظيمية والأنشطة الوظيفية في المنظمات العاملة يمكن تحديد إسهامات الشركات متعددة الجنسية بالنسبة للإدارة والتنمية للإدارة
والتنمية الإدارية في كثير من المجالات منها :
تنفيذ برامج التدريب والتنمية الإدارية في الداخل وفي الدول الأم.-
– تقديم أو إدخال أساليب إدارية حديثة ومتطورة
– خلق طبقة جديدة من رجال الأعمال وتنمية قدرات الطبقة الحالية
– استفادة الشركات الوطنية من نظيرتها الأجنبية بالأساليب الإدارية الحديثة من خلال التقليد
– إثارة حماس الشركات الوطنية في تنمية المهارات الإدارية حتى تستطيع الوقوف أمام منافسة الشركات متعددة الجنسية
يجب عدم تجاهل بعض جوانب الخاطر الذي قد يحيط بالشركات الوطنية والتنمية الإدارية بوجه عام في الدول النامية نتيجة لوجود الشركات متعددة الجنسية بها قد يؤدي إلى ارتفاع مستوى الأجور والحوافز التي تقدمها الشركات الوطنية للعمل بالأولى بينما تظل الأخيرة تعاني من هجرة الكوادر ومطالبة العاملين بها بالمساواة في الأجور والحوافز وشروط العمل مع نظائرهم بالشركات متعددة الجنسية
الفصل الأول : تعريف الشركات المتعددة الجنسيات و نشأتها و خصائصها .
المبحث الأول : تعريف الشركات المتعددة الجنسيات .
المبحث الثاني : نشأة الشركات المتعددة الجنسيات .
المبحث الثالث : خصائص الشركات المتعددة الجنسيات .
الفصل الثاني : اقتصاد الشركات المتعددة الجنسيات .
المبحث الأول : دور الشركات المتعددة الجنسيات
المطلب الأول :في ظل العولمة .
المطلب الثاني : في الإقتصاد العالمي .
المبحث الثاني : الأهداف الاستراتيجية و المالية للشركات .
المطلب الأول : الأهداف الإستراتيجية .
المطلب الثاني : الأهداف المالية .
المبحث الثالث : الشركات المتعددة الجنسيات و الدول .
المطلب الأول :موقف الدولة الأم .
المطلب الثاني : موقف الدولة المضيفة .
الفصل الثالث : أثار نشاط الشركات المتعددة الجنسيات .
المبحث الأول : الأثار الإقتصادية و الإجتماعية للشركات المتعددة الجنسيات .
المبحث الثاني : الآثار المرتبطة بالشركات متعددة الجنسيات .
المطلب الأول : الأثار على الدخل .
المطلب الثاني: الأثار على العمالة
المطلب الثالث : الأثار على التقدم التكنلوجي .
المطلب الرابع : الأثار على الإدارة و التنمية .
الفصل الأول : تعريف الشركات المتعددة الجنسيات و نشأتها و خصائصها .
المبحث الأول : تعريف الشركات المتعددة الجنسيات .
عرفت الشركات المتعددة الجنسيات على أنها شركات يؤسسها أفراد أو مساهميين و تتمتع بشكل قانوني محدد في عقد التأسيس في دولة ما تسمى دولة المقر التي يوجد فيها مركز الرئيسي للشركة ، و يتم تأسيس و إنشاء الشركة تبعاً لقانونها الوطني و تأخد جنسية هذه الدولة ، وتخضع لجميع قوانين دولة المقر ، أو قوانين الدولة المضيفة لنشاطها و فروعها و الشركات التابعة لها .
وعليه فإن الشركات متعددة الجنسيات يكون رأسمالها كبير الحجم ، و لا يقل حجم إنتاجها أو مبيعاتها أو إستثمارتها عبر البحار في دول مختلفة عن 25 % من قيمة الأموال المستثمرة فيها ن أو حدود 10 مليارات دولار أمريكي ، وكذلك لا يقل عدد فروعها أو الشركات التابعة لها عن 20 دولة . وتعد الشركة من الشركات متعددة الجنسيات إذا كان 20% من موجوداتها عبر البحار . و أكدت دراسة قامت بها مجلة الأعمال الدولية على أن الشركة متعددة الجنسيات تصبح عالمية حينما تبلغ مبيعاتها و أرباحها من العمليات الخارجية حوالي 35% من إجمالي المبيعات و الأرباح .
وتأسيسا على ما تقدم يمكن تعريف الشركات المتعددة الجنسيات بأنها مجموعة من الشركات مختلفة الجنسيات ترتبط بعضها بالبعض الأخر من خلال ما تمتلكه من أسهم أو شكل من أشكال السيطرة الإدارية أو عقد اتفاق معين مكونة بذلك و حدة اقتصادية متكاملة ذات أسس إقتصادية . و تقسم الشركات المتعددة الجنسيات تبغاً لثلاثة معايير تتمثل في نوع العمليات و الحجم و ميدان العمليات . وتسمى الشركات المتعددة الجنسيات بالمسميات الأتية :
1- الشركات القومية متعددة الجنسيات ، حين يكون للشركة أم واحد من جنسية معينة .
2- الشركات الدولية متعددة الجنسيات ، حين تكون للشركة اثنان أو أكثر من الشركات الأم المسيطرة عليها من جنسيات متعددة .
3- الشركات عابرة الأقطار ، حين تملك أساليب متعددة ترتبط فيها هذه الشركات بعضها ببعض و الأشكال القانونية للشركة عابرة القارات أو الأقطار .
وعليه يمكننا القول: بأن ما يطلق علهيه الشركات المتعددة الجنسيات هي بكل المعاني السابقة: شركة قومية تحتل مكانتها أساسا في إقتصاد ومجتمع الدولة الأم ويقصد هذا لاحكم على كل من الملكية و الإدارة .فإرادة الشركات التابعة وإجمال مجموع الشركة تحتكرها الشركة الأم وتحتفظ هذه الأخيرة في يدها بكافة القرارات الأساسية.وبمهمة التخطيط والحساب و الرقابة وكذلك بملكية المشروعات الأجنبية كاملة في الشركة الأم إذا أنها صاحبة الإستثمار التي تعمل من خلال شركاتها التابعة لها وفي حالة المشروعات المشتركة أي التي تكون فيها ملكية الرأس المال مقسومة بين الشركة الأم أو حكومات أخرى تقوم الشركة الأم بالسيطرة على العملية الإدارية و التخطيطية إلى درجة كبيرة وتطمئن إلى أن المشروع المشترك يندمج في إستراتيجتها العالمية.
المبحث الثاني : نشأة الشركات المتعددة الجنسيات .
المطلب الأول: ظهور الشركات المتعددة الجنسيات
لقد ظهرت الشركات المتعددة الجنسيات على يد الشركات الأمريكية الكبرى التي دأبت منذ نهاية الحرب العالمية , وبشكل خاص منذ الخمسينات على زيادة استثماراتها المباشرة خارج الولايات المتحدة وذلك بإنشاء وحدات إنتاجية في كند وأوربا وأمريكة اللاتينية في إطار إستراتجية إنتاجية عالمية موحدة , وسرعان ما حذت الشركات الأوربية حذو الشركات الأمريكية بعد أن استردت أوربا أنفسها بعد الحرب وأعادت بناء قوتها وبدأت تنتقل من الإقليمية إلى العالمية بإنشاء وحدات إنتاجية خارج حدودها , بل أن بعض هذه الشركات قام بإنشاء شركات صناعية تابعة لها في أمريكا.
– وبعدها جاء دور اليابان لتدخل هي الأخرى معترك الدولية ورغم أن هذا الدخول جاء متأخرا بعض الشيء فإن العالم تنبأ بأن هذه الشركات اليابانية سوف تلعب دورا متعاظما في المجال العالمي.
– وتستمد هذه الشركات المتعددة القوميات قدرتها على السيطرة على الاقتصاد العالمي من قوتها الاقتصادية الذاتية ومن قوتها الفنية والتكنولوجية الهائلة , وما يميز الشركات المتعددة القوميات ليس هو قيامها بنشاط اقتصادي على المستوى الدولي , وإنما طبيعة هذا النشاط والأسلوب الذي يتم به وكم أن طبيعة وأسلوب نشاط الشركات يختلف اختلاف جذريا عن طبيعة وأسلوب نشاط كل ما سبقها من الشركات التي عرفتها الرأسمالية طوال حياتها .
– وما يميزها كذلك أنها تقوم بنقل وحدات إنتاجية من الدولة التابعة لها , أي الدولة الأم إلى دول أخرى مختلفة مع استمرار سيطرتها على هذه الوحدات الإنتاجية وإدارتها مركزيا في إطار إستراتجية إنتاجية عالمية موحدة
المطلب الثاني : تاريخ الشركات المتعددة الجنسيات
يرجع تاريخ العديد من الشركات المتعددة الجنسيات التي نعرفها اليوم إلى ما قبل الحرب العالمية الثانية وبشكل أكثر تحديد إلى نهاية ق 19 فمنذ ذلك التاريخ بدأت بعض الشركات الكبرى في أمريكا وأوربا تقيم وحدات إنتاجية خارج حدودها الأصلية ففي عام 1865 أنشأت شركة باير الألمانية للصناعات الكيميائية مصنعا لها في نيويورك إلى أن أول شركة تستحق وصف (المتعددة القوميات) بالمعنى الدقيق هي شركة سنجر الأمريكية لصناعة مكنات الخياطة التي أقامت في عام 1867 مصنع لها في جلاسكو وتبعته بعدة مصانع أخرى في النمسا وكندا وسرعان ما حذت الكثير من الشركات الأمريكية حذو سنجر .
ورغم ظهور واستقرا العديد من الشركات المتعددة القوميات فقد بقيت أهميتها في الاقتصاد العالمي محدودة للغاية من ناحية لان القطاعات التي كانت تعمل فيها هذه الشركات وبشكل أساسي البترول , السيارات و الألمنيوم , رغم أهميتها في الاقتصاد اليوم , أم تكن تلعب دور أساسيا في اقتصاديات الدول الرأسمالية آنذاك , إذا كانت الرئيسية هي الفحم , السكك الحديدية , الحديد والصلب …الخ وبقيت هذه الصناعات بعيدة عن عمل الشركات المتعددة القوميات ومن ناحية أخرى لضيق حجم النشاط الدولي لهذه الشركات .
– والظروف الدولية الاقتصادية في فترة مابين الحربين العالميتين لم تكن لتسمح بنمو أكبرى الاستثمارات الدولية المباشرة من ناحية بسبب عدم استقرار الأوضاع النقدية في أوربا نتيجة لتضخم الهائل على أن هذه الأوضاع تغيرت تماما بعد الحرب الثانية بإبرام الاتفاقية العامة لرسوم الجمركية والتجارة المعروفة باسم (gat) والتي تولت وضع أسس ومبادئ عامة لتنظيم التبادل التجاري الدولي فأزاحت بذلك واحدا من أهم العوائق التي كانت تعترض سبيل الشركات المتعددة القوميات .
وكذلك اتفاقية إنشاء المجموعة الاقتصادية الأوربية المعقودة في روما سنة 1957 أعطت دفعة هائلة لنشاط هذه الشركات وهكذا فإن الظروف كلها كانت مهيأة منذ نهاية الحرب العالمية لظهور الشركات المتعددة الجنسيات.
المبحث الثالث : خصائص الشركات المتعددة الجنسيات .
يتسم النظام الاقتصادي العالمي الجديد بتعميق عولمة الاقتصاد وتزداد فيه دور المؤسسات الاقتصادية الدولية ، وتبرز فيه عدد من الملامح الهيكلية. تتمتع الشركات المتعددة الجنسيات والتي تعد من أهم ملامح ظاهرة العولمة أو النظام الاقتصادي المعاصر بالعديد من الصفات والسمات التي تميزها وتتحدد دورها وتأثيرها على النظام الاقتصادي العالمي، ومن أهم هذه الصفات :
1- ضخامة الحجم : تتميز هذه الشركات بضخامة حجمها وتمثل كيانات اقتصادية عملاقة ، ومن المؤشرات التي تدل على هذا ، حجم رأس المال وحجم استثماراتها وتنوع إنتاجها وأرقام المبيعات والإيرادات التي تحققها ، والشبكات التسويقية التي تملكها ، وحجم إنفاقها على البحث والتطوير ، فضلا عن هياكلها التنظيمية وكفاءة أدارتها . ولكن أهم مقياس متبع للتعبير عن سمة الضخامة لهذه الكيانات الاقتصادية العملاقة، يتركز في المقياس الخاص برقم المبيعات أو ما يطلق عليه " رقم الأعمال". كذلك يستخدم حجم الإيرادات لنفس الهدف ، ووفقاً لهذا المقياس احتلت شركة ميتسوبيشي ، بإجمالي إيراداتها الذي بلغ 184,4 مليار دولار ، المرتبة الأولى بين أكبر خمسمائة شركة متعددة الجنسيات في عام 1995 م ، والتي يصل أجمالي إيراداتها إلى نحو 44% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. كذلك تستحوذ هذه الشركات على نحو 80% من حجم المبيعات على المستوى العالمي. أن نشاط الشركات المتعددة الجنسيات حقق معدلات نمو مرتفعة تجاوزت 10% سنوياً أي نحو ضعف معدل النمو في الاقتصاد العالمي ومعدل نمو التجارة العالمية
2- ازدياد درجة تنوع الأنشطة : تشير الكثير من الدراسات والبحوث، إلى إن الشركات المتعددة الجنسيات تتميز بالتنوع الكبير في أنشطتها ، فسياستها الإنتاجية تقوم على وجود منتجات متنوعة متعددة ، ويرجع هذا التنوع إلى رغبة الإدارة العليا في تقليل احتمالات الخسارة ، من حيث أنها إذا خسرت في نشاط يمكن أن تربح من أنشطة أخرى . وقد قامت هذه الشركات بإحلال وفورات مجال النشاط ، محل وفورات الحجم .والتي انتهجتها الشركات الكبرى بعد الحرب العالمية الثانية. ونتيجة لذلك تتشعب الأنشطة التي تقوم بها الشركات المتعددة الجنسيات قطاعياً وجغرافياً ن وهذا بالتالي يؤدي إلى تحقيق التكامل الأفقي والرأسي .
3 – الانتشار الجغرافي – الأسواق : من الميز التي تتميز بها الشركات المتعدية الجنسيات هي كبر مساحة السوق التي تغطيها وامتدادها الجغرافي ، خارج الدولة الأم ، بما لها من إمكانيات هائلة في التسويق ، وفروع وشركات تابعة في أنحاء العالم. لقد ساعدها على هذا الانتشار التقدم التكنولوجي الهائل، ولاسيما في مجال المعلومات والاتصالات. وتكفي الإشارة إلى أن شركة ABB السويسرية، تسيطر حالياً على أكثر من 1300 شركة تابعة منتشرة في معظم أنحاء العالم، مع العلم أن السوق السويسرية لا تستوعب إلا نسبة بسيطة للغاية من إجمالي مبيعات الشركة . وقد ساعدت على ذلك كله إبداعات الثورة العلمية والتكنولوجية في مجالي المعلومات والاتصالات ، حيث أصبح ما يسمى الإنتاج عن بعد ، حيث توجد الإدارة العليا وأقسام البحث والتطوير وإدارة التسويق في بلد معين ، وتصدر أوامر بالإنتاج في بلاد أخرى .
4 – القدرة على تحويل الإنتاج والاستثمار على مستوى العالم : أن هذه الخاصية ناتجة عن كون هذه الشركات تتميز بنشاطها الاستثماري الواسع في العالم، وكذلك كونها كيانات عملاقة متنوعة الأنشطة تسودها عمليات التكامل الأفقي والرأسي . على الرغم من ضخامة الاستثمارات الدولية التي تقوم بها الشركات المتعددة الجنسيات ، فإن أكثر من ثلثي استثماراتها تتركز في الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي
( إنجلترا وألمانيا وفرنسا ) وسويسرا واليابان، ويعود هذا التركز إلى العوامل التالية :
– المناخ الجاذب لهذه النوعية من الاستثمارات ، – ارتفاع العائد على الاستثمارات ، – تزايد القدرات التنافسية للدول المضيفة والتي تتحقق عادة من خلال انخفاض تكلفة عنصر العمل وتوافره وارتفاع مستواه التعليمي ومهاراته وإنتاجيته ، – توافر البنية الأساسية وتسهيلات النقل وتقدم شبكات الاتصالات ، – والطاقة الاستيعابية للاقتصاد القومي .
5 – إقامة التحالفات الإستراتيجية : وهي تعتبر من السمات الهامة للشركات متعددة الجنسيات والتي تسعى دوماً إلى إقامة تحالفات إستراتيجية فيما بينها ومن أجل تحقيق مصالحها الاقتصادية المشتركة وتعزيز قدراتها التنافسية والتسويقية. أن هذه التحالفات هي نتاج المنافسة المحتدمة والتي صارت سمة أساسية للأسواق المفتوحة وثورة الاتصالات والمعلومات . أن التحالفات الإستراتيجية بين الشركات المتشابهة تتم في الصناعات المتماثلة بدرجة أكبر، وفي بعض الأحيان يأخذ هذا التحاف شكل الاندماج ، وهذا يظهر بوضوح في مجال البحث والتطوير بما يحتاجه إلى تمويل ضخم ، ومن الأمثلة على هذا التعاون ، التمركز الأوروبي لبحوث الحاسوب والمعلومات والاتصالات التي تشترك فيه ثلاثة شركات أوروبية كبرى تنتج الحاسبات الآلية ، وهي بول الفرنسية Bull و TCL البريطانية و سمنز الألمانية ، وقد يتحول التحالف الاستراتيجي أيضاً إلى شركات تابعة مشتركة ، للشركات متعددة الجنسيات. وكل هذا يمثل صيغ للتعاون لتحقيق الأهداف الإستراتيجية لكل شركة متعددة الجنسية تدخل في التحالف الاستراتيجي الذي يتم الاتفاق عليه
6 – المزايا الاحتكارية : تتمتع الشركات متعددة الجنسيات بمجموعة من المزايا الاحتكارية ، وترجع هذه السمة إلى أن هيكل السوق الذي تعمل فيه هذه الشركات ، يأخذ شكل سوق احتكار القلة في الأغلب الأعم، ومن أهم عوامل نشأته تمتع مجموعة الشركات المكونة له من احتكار التكنولوجيا الحديثة والمهارات الفنية والإدارية ذات الكفاءات العالية والمتخصصة . وهذا الوضع يتيح للشركات المتعددة الجنسيات الفرصة لزيادة قدراتها التنافسية ومن ثم تعظيم أرباحها وإيراداتها . وتتحدد المزايا الاحتكارية في أربعة مجالات هي التمويل ، والإدارة ، والتكنولوجيا ، والتسويق. وتنبع المزايا التمويلية من توافر موارد عالية كبيرة لدى الشركة المتعددة الجنسية، وتمكنها من الاقتراض بأفضل الشروط من الأسواق المالية العالمية نظراً لوجود عنصر الثقة في سلامة وقوة مركزها المالي . تتمثل المزايا الإدارية في وجود الهيكل التنظيمي الذي يكون على أعلى مستوى من الكفاءة ، ويسمح بتدفق المعلومات وسرعة الاتصالات ، ويؤدي بالتالي إلى اتخاذ القرار السليم في الوقت المناسب . أن توافر المزايا الإدارية يتيح لهذه الشركات التمييز والتفوق ، لذلك تحرص على وجود وحدات متخصصة وقادرة في مجالات التدريب والاستشارات والبحوث الإدارية . وتحصل الشركات على المزايا التقنية، من خلال التطوير التكنولوجي المستمر، للاستجابة لمتطلبات السوق، والحد من دخول منافسين جدد وتقرير وضعها الاحتكاري، ولذلك تحرص هذه الشركات على التجديد والابتكار وتحسين الإنتاجية وتطويرها وزيادتها وتحقيق مستوى عال من الجودة. تأتي المزايا التسويقية للشركات المتعدية الجنسيات من خلال الشبكات التوزيعية والتسويقية ، التي تعمل على توفير منتجاتها بحالة جيدة في الوقت المناسب . إن هذه الشركات تهتم بأبحاث السوق والتركيز على أساليب الترويج والدعاية والإعلان لمنتجاتها لضمان طلب متزايد ومستمر عليها .
7- تعبئة المدخرات العالمية : أن كل شركة من الشركات متعددة الجنسيات تنظر إلى العالم كسوق واحدة ، ومن ثم تسعى إلى تعبئة المدخرات من تلك السوق في مجموعها بالوسائل التالية :
1. طرح الأسهم الخاصة بتلك الشركات في كل من الأسواق المالية العالمية الهامة وكذلك الأسواق الناهضة، وغيرها . #تعتمد الشركات متعددة الجنسيات، عند الإقدام على عمليات كبرى مثل شراء أسهم شركة منافسة بالقدر الذي يسمح بالسيطرة على إدارتها مثلاً، إلى الاقتراض من البنوك متعددة الجنسيات وبمعدلات عالية
2. تستقطب الشركات متعددة الجنسيات الجزء الأعظم من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر وتوجهه أساساً إلى أسواق الدول الصناعية التي تمثل ثلاثة أرباع السوق العالمية
3. إلزام كل شركة تابعة بأن توفر محلياً أقصى ما يمكن لتمويل اللازم لها، من خلال وسائل مختلفة مثل المشروعات المشتركة، طرح الأسهم الخاصة بتلك الشركات في الأسواق المالية العالمية، الاقتراض من الجهاز المصرفي المحلي وغيرها .
وبهذه الوسائل يمكن للشركات متعددة الجنسيات أن تقوم بتعبئة مقادير متزايدة من المدخرات العالمية
8- تعبئة الكفاءات : تتميز الشركات متعددة الجنسيات بعدم تقيدها بتفضيل مواطني دولة معينة عند اختيار العاملين بها حتى أعلى المستويات ، فالمعيار الغالب الذي تأخذ به هو معيار الكفاءة. و النمط المعمول به في اختيار العمالة في هذه الشركات هو الاستفادة من الكادر المحلي لكل شركة تابعة بع اجتياز سلسلة من الاختيارات والمشاركة في الدورات التدريبية .
9- التخطيط الاستراتيجي والإدارة الإستراتيجية : يعتبر التخطيط الاستراتيجي أداة لإدارة الشركات متعددة الجنسيات ، وهو المنهج الملائم الذي يضمن ويؤدي إلى تحقيق ما تهدف إليه الشركة متعددة الجنسية والتعرف على ما ترغب أن تكون عليه في المستقبل . يكثر استخدام التخطيط الاستراتيجي في الشركات المتعددة الجنسيات وهي تسعى من خلال ذلك اقتناص الفرص وتكبير العوائد ، وتحقيق معدلات مرتفعة في المبيعات والأرباح ومعدل العائد على رأس المال المستثمر. أن التخطيط الاستراتيجي هو الأداة الأساسية التي تستخدمها وتقوم بها الإدارة الإستراتيجية في تلك الشركات ، لتحقيق الأهداف الإستراتيجية . وتعد الخطط الإستراتيجية في غالبية الشركات المتعدية الجنسيات في المراكز الرئيسية، ويترتب على ذلك أن قواعد التخصيص ووضع الأهداف الخاصة بكل شركة تابعة يرتبطان بتحقيق الأهداف الإستراتيجية للشركة وخدمة إستراتيجيتها العالمية . تعاظم الشركات المتعددة الجنسيات هناك العديد من المؤشرات والتي تدل على تعاظم دور الشركات المتعددة الجنسيات والعالمية النشاط ومن أهمها :
_ أن حوالي 80% من مبيعات العالم تتم من خلال الشركات متعدية الجنسيات، وهو ما يعكس ضخامة قدرتها التسويقية والإنتاجية التي مكنتها من السيطرة على جزء هام من حركة التجارة الدولية .
_ الدور الكبير الذي تلعبه هذه الشركات في تسريع الثورة التكنولوجية ، فبفضلها زادت نسبة الاكتشافات التكنولوجية الحديثة والتي كانت نتيجة لجهود البحث والتطوير التي قامت بها هذه الشركات
10- التركيز على النشاط الاستثماري
تُشير البيانات والمعلومات المتاحة إلى أن الشركات متعددة الجنسية تتميَّز بالتركُّز في النشاط الاستثماري الضخم الذي تقوم به تلك الشركات ، ولعل تفسير هذا التركيز في النشاط الاستثماري يرجع بالدرجة الأولى إلى مناخ الاستثمار الجاذب لهذا النوع من الاستثمارات بمُكوِّناته المختلفة بالإضافة إلى ارتفاع العائد على الاستثمار، وتزايد القدرات التنافسية للدول المضيفة في العناصر الخاصة بتكلفة عنصر العمل، ومدى توافره ومستواه التعليمي، ومهاراته الإنتاجية والبنية الأساسية ومدى قوتها وتكاليف النقل، والوقت الذي يستغرقه الشحن، وتسهيلات النقل والاتصالات اللاسلكية والكهرباء والطاقة والأرض، والتسهيلات التمويلية كلها وغيرها، تجعل دولاً معينة أكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية المتدفقة من الشركات متعددة الجنسية، بالإضافة إلى الجوانب الخاصة بالمعلومات والخدمات المدعَّمة للأعمال، وتوافر المُدخَلات في السوق المحلية وغيرها، يُضاف إلى ذلك الطاقة الاستيعابية للاقتصاد الوطني والصحة الاقتصادية، وإثبات المقدرة على النمو وغيرها من العوامل .
11- الإنتماء غالباً إلى دول اقتصاديات السوق المتقدمة صناعيا:
ينتمي المركز الرئيسي أو الشركة الأم في معظم الحالات إلى دول اقتصاديات السوق المتقدمة صناعيا، وفي مقدمتها الو.م.أ لوفرة رأس المال، واحتكار التكنولوجيا لتهيئ مناخ الاستثمار لنمو هذا النوع من الشركات، ولذلك نرى هذه الشركات مركزة بفروعها في عدد من الدول المتقدمة..
الفصل الثاني : اقتصاد الشركات المتعددة الجنسيات .
المبحث الأول : دور الشركات المتعددة الجنسيات
المطلب الأول :في ظل العولمة .
لقد نتج عن التغيرات الإقليمية والدولية والتحولات الاقتصادية والاجتماعية نظام عالمي جديد بمضامينه وأبعاده الاقتصادية والاجتماعية والمالية والثقافية والسياسية المبني على اقتصاد السوق وتقليص دور الدولة الاقتصادي والاجتماعي وتنامي دور الشركات متعددة الجنسيات والمؤسسات المالية الدولية التي أخذت تفرض على الدول النامية سياسات وبرامج إعادة الهيكلة والإصلاح الاقتصادي وإحداث تغييرات جوهرية في طبيعة العلاقات الدولية وصياغة علاقات مجتمعية إنسانية جديدة.
وتعتبر الشركات متعددة الجنسيات أو الشركات متعددة القومية من الظواهر البارزة في الاقتصاد العالمي ذات تأثير كبير في سياسات الدول المتقدمة فدفعتها لتحقيق أهدافها في إطار تعديل أسس الولاء من الدولة الوطنية إلى الولاء إلى المنظمات الدولية والشركات متعددة الجنسيات ولقد تعددت تعاريف ومفاهيم هذه الشركات بتعدد جوانبها وأبعادها وأدوارها والتي أخذت أنماطاً مختلفة منها ما هو تجاري أو خدمي أو صناعي أو كلي تتكامل فيما بينها رأسياً وأفقياً.
وعلى هذا الأساس فإن هذه الشركات اندمج رأسمال المصرفي مع رأسمال الصناعي في رأسمال مالي أي بدمج العمليات الثلاثة الصناعية والتجارية والمالية بكل الاتجاهات وكل أنواع الاستثمارات.
ولقد ازداد عدد الشركات متعددة الجنسيات حيث أصبحت في أواسط التسعينات /35/ ألف شركة تتوزع على الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الغربية واليابان، وفي مستوى هذه الشركات تسيطر /100/ شركة الأكبر فيما بينها على معظم الإنتاج العالمي، وقد أكسبت الثورة العلمية والتكنولوجية الحديثة قوة إضافية لهذه الشركات وقدرة على الإنفاق على البحث العلمي. ويتضح من خلال نشاط هذه الشركات أنها قد ساهمت بشكل كبير في تفكيك عملية الإنتاج على الصعيد الدولي التي تتسم بعدم الاستقرار وبقابلية الإنقطاع والتي تهربت من أية رقابة أو اتفاقيات ملزمة وأنها نسقت مع المؤسسات المالية والمنظمات الدولية في الدخول إلى الدول النامية.
ولقد تجسدت ممارسة هذه الشركات في نشاطاتها في الاقتصاد الدولي بنمو دورها في تدويل الاستثمار والإنتاج والخدمات والتجارة والقيم المضافة والمساهمة في تشكيل نظام تجارة دولية حرة والتسريع في نمو أكبر للاستثمار
المباشر العالمي والتطور السريع للعولمة المالية وتنامي التأثير على السياسات الاقتصادية للدول والمساهمة في تعميق الفقر في العالم وهجرة الأدمغة وتعميق الفجوة التكنولوجية بين الدول المتقدمة والدول النامية.
ويمكن إيجاز أثر هذه الشركات على الاقتصاد الدولي بإضعاف سيادة الدول المتصلة وتقليص دورها الاقتصادي والاجتماعي وخلق شريحة اجتماعية طفيلية وإضعاف ميزان المدفوعات وحرمان الدول المضيفة من أنشطة البحث
العلمي والتطوير وإغرائها بمنحها عائداً أكبر لاستثماراتها لإبعادها عن إرساء قاعدة إنتاجية لها وبنفس الوقت استغلال المزايا النسبية للدول المضيفة ولجوء هذه الشركات للتمويل من السوق المحلية في المرحلة اللاحقة والمساهمة بمعدلات
منخفضة في العبء الضريبي وزيادة الفساد في المجتمع.
ومن هنا تبدو أهمية تأسيس نظام اقتصادي عالمي جديد عن طريق إيجاد تعاون إقليمي بين الدول وإعادة هيكلية صندوق النقد الدولي وضرورة إصلاح نظام التجارة العالمي وتعزيز التعاون الصادق بين دول الجنوب ودول الشمال وبمراقبة مناسبة على تحرك رؤوس الأموال الخاصة وتشجيع تعاون عالمي في العلوم ونقل التكنولوجيا إلى الدول
النامية.
المطلب الثاني : في الإقتصاد العالمي .
تمثل هذه الشركات أحد العوامل المؤثرة في حركة الاقتصاد العالمي فمنذ ظهورها في أواخر القرن التاسع عشر شكلت نقطة تحول هامة في النشاط الاقتصادي الدولي الذي كان سائداً ,وبعد مرحلة الحرب العالمية الثانية تزايد عدد هذه الشركات , وازدادت فروعها في العالم وفي ظل عصر العولمة نحن أمام شركات عملاقة متعددة الجنسيات , تعمل على تكييف مختلف الأنظمة والسياسات الاقتصادية في العالم منذ التسعينيات مع مظاهر ومعطيات العالم الجديد , الذي تعيد تشكيله ونتناول هذه الشركات بالدراسة والتحليل من خلال عدة جوانب :
أ ¯ التمييز بين الشركات متعددة الجنسيات والاحتكارات الكبيرة في مرحلة الامبريالية
أجريت دراسة تفصيلية حول الشركات متعددة الجنسية والتميز بينها وبين الاحتكارات الكبيرة التي كانت السمة الأساسية في مرحلة الإمبريالية من عدة وجوه رئيسية
-1إن الاحتكارات السابقة كانت تهتم بشكل رئيسي على تركيز نشاطها داخل إمبراطورية استعمارية , وكانت ترفع شعار الوطنية وتحاول حماية السوق القومية من المنافسة الخارجية , وكان لبعضها فروع أساسية داخل أراضي الإمبراطورية وخارجها في بعض المجالات كالتعدين والطاقة ونشاطات مالية وتجارية في حدود طبيعية , أما الشركات متعددة الجنسية فينتشر نشاطها في عشرات الدول بهدف الاستفادة من أية ميزة نسبية توفرها أية دولة , وهي غالباً تحصل على تمويل محلي من كل بلد يمتد إليه نشاطها كما تنتقي كوادرها على أساس الكفاءة والأداء بغض النظر عن جنسية أي منها فهي تحاول محو أية صلة خاصة بين شركة وحكومة واقتصاد بلد المقر وتحاول إخفاء نسبة الشركة الى جنسية معينة ويكتفي باسمها سواء
حين التعريف بها أو إنتاجها .
-2كانت الاحتكارات السابقة تكتفي بنشاط أساسي محدد أما الشركات متعددة الجنسية فإن أهم خصائصها تعدد النشاطات التي تشتغل ضمنها دون الالتفات إلى الروابط الفنية بين المنتجات المختلفة فنجد في سبع شركات ميتسوبيشي متفاوتة المكانة ميتسوبيشي للسيارات, ميتسوبيشي الكهرباء, بنك ميتسوبيشي – ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة , ميتسوبيشي للكيماويات , ميتسوبيشي المصرفية , ميتسوبيشي للمواد , أيضاً شركة /تايم وارنر/ تشتغل بعدد كبير من شركات النشر والملاهي والإعلام إلى استوديوهات هوليود والشبكة الإخبارية CNN .
-3الاحتكارات السابقة لم تكن تعطي التطوير التكنولوجي العناية اللازمة أما الشركات متعددة الجنسية فإن التطور التكنولوجي هوعمودها الفقري وهي تسهم مساهمة متزايدة في تحويل عمليات البحث والتطوير الى جانب الدولة فنجد أن الإنفاق على البحث والتطوير في ألمانيا بلغ 2,8% من الناتج المحلي الإجمالي أي 2ر37مليار دولار يسهم فيها المال العام بنسبة 37% والصناعات المختلفة بنسبة 60,1% وفي اليابان 21,8% , 86,2% على التوالي وفي أميركا 39,2% و 58,7% .
– 4لم تكن الاحتكارات السابقة ذات نشاط مالي واسع بينما الشركات متعددة الجنسية زاد نشاطها المالي والتجاري وتعددت الأساليب الجديدة للتعامل مع الشركات الصغيرة والعمال وتفضيل الشركات لعمليات المضاربة في الأسواق المالية عوضاً عن الاستثمار الانتاجي ويقدر حجم التعامل اليومي في الأسواق المالية (تريليون دولار)
ب ¯ التوزيع السياسي للشركات متعددة الجنسيات
¯ مع أن هذه الشركات موجودة بنشاطاتها وعملياتها واستثماراتها في كل أرجاء المعمورة (حسب قائمة فورشن 500 شركة) نجد أن (418) شركة منها تتخذ مقرها الرسمي في ثلاث مناطق اقتصادية رئيسية يتركز فيها ثروة تقدر بحوالي 20 تريليون دولاراً أي أكثر من 80% من إجمالي الانتاج القومي العالمي وتستأثر بحوالي 85% من إجمالي التجارة العالمية
هذه المناطق الثلاث هي :
1¯ منطقة الاتحاد الأوروبي التي تضم 155 شركة
2¯ منطقة الولايات المتحدة الأميركية التي تضم 153 شركة
3¯ منطقة اليابان التي تضم 141 شركة
ويتضح أن هذه الشركات تتمركز في مناطق الدول الصناعية المتقدمة الناضجة رأسمالياً لكن هناك حالة وحيدة تشذ عن هذه القاعدة وهي الشركات المتواجدة في كوريا الجنوبية والتي امتد نشاطها الى عشرات الدول حيث تضم قائمة (فورشن) 12 شركة مقرها في كوريا مثل LG الدولية و LG للإلكترونيات و DAEWO (سيارات ¯ إلكترونيات ¯ أعمال مصرفية) أما بقية المناطق مثل أميركا اللاتينية وأفريقيا والشرق الأوسط ووسط آسيا حتى الدول النفطية في الخليج العربي , فهي في
العموم مناطق اقتصادية غير أساسية بالنسبة لنشاطات هذه الشركات , فهي تشكل بالنسبة لهذه المناطق مصدر رعب لأنها تستغل هذه المناطق بسبب امتلاكها قدرات احتكارية ضخمة تهدد بها سيادة هذه الدول واقتصادها .
ج ¯ ظاهرة الإنتاج عن بعد :
تنتشر هذه الظاهرة التي تقوم بها الشركات متعددة الجنسية بإعادة رسم خريطة الإنتاج على المستوى العالمي حيث تعمد
شركة معينة الى التخصص في إنتاج سلعة معينة مروراً بكل مراحل إنتاجها ولكن دون أن تستقر في بلد واحد وهذا يعني الانتقال من الاستراتيجية الانتاجية الوطنية الى استراتيجية الانتاج العالمي بعدم تمركز أو حصر الانتاج محلياً فمثلاً شركة (بيشينه) تستخرج البوكسيت من استراليا وتحوله لالومين في أميركا وتنتج الألمنيوم في الغابون باستخدام الالومين المنتج بواسطة فروعها في غينيا .
وباعتماد هذا الاسلوب من الانتاج يصعب نسبة سلعة معينة الى بلد واحد باعتبار أن السلعة تنتج كأجزاء من آلاف المصانع المنتشرة في العديد من الدول .
… فالعالم الآن يشتري ماركات عالمية لاتحمل منشأ الصنع وبدأت تظهر عبارات صنع لدى مرسيدس أوتويوتا أو فيلبس .
د ¯ ظاهرة اندماج الشركات والمصارف:
وهي تأخذ شكل ابتلاع وامتلاك الشركات والمصارف الأضعف نسبياً وهي تعبير عملي لتمركز رأس المال والإنتاج , وقد شهد القطاع المصرفي في العقد الأخير من القرن الماضي سلسلة كاملة من حالات الاندماج والابتلاع أبرزها (بوينغ) (ماكدونال ¯ دوغلاس) وكذلك (لوكهيد) (مارنين ¯ مريتيا) في صناعة الطائرات (وتشيز مانهاتين) (كيميكال بنك) في القطاع المصرفي , وهناك أكثر من (2500) عملية اندماج وابتلاع تمت عبر الحدود خلال النصف الأول من عام 1999 قدرت قيمتها ب (411) مليار دولار وكانت مصارف وشركات ألمانيا رائدة في هذا المجال في أوروبا الغربية وعلى رأسها العملاق (الألماني ¯ الأميريكي) (دايملر ¯ كرايزلر) وهي شركة صناعية متشعبة في صناعة السيارات والطيران والفضاء , في شهر آب /1999/ أعلنت الشركة الكندية (آلكان) والفرنسية (بتشيناي) والسويسرية (الوسويس) عن رغبتها في إنشاء أكبر مجموعة للألمنيوم في العالم
وأيضاً في القطاع المصرفي نجد هناك حالات ابتلاع ودمج شديدة مثل دمج ثلاث مصارف يابانية (انداستراييل بنك أوف جابان) ومصرف (داي ¯ إبتش كانغيو بنك) ومصرف (فوجي بنك) وتشكيل مجموعة مصرفية ضخمة برأسمال قدره (142) مليار دولار , وأيضاً مشروع دمج (بنك ناسيونال دي باري) الفرنسي و (سوسيتيه جنرال) و(باريبا) برأسمال قدره (957) مليار يورو .
وهذه الظاهرة تؤدي الى خفض تكلفة الانتاج ومضاعفة الارباح وتعزيز القدرة التنافسية للشركات العملاقة ولكنها بالجانب الآخر تدمر فرص العمل وتؤدي إلى تفاقم اللامساواة الاجتماعية وتضعف السيادة الوطنية للدولة .
ه¯ تقويض وتغيير دور الدولة الاقتصادي والسياسي
لابد هنا من الاشارة الى بعض ممارسات هذه الشركات التي تحاول فيها الحد من دور الدولة الاقتصادي والسياسي
-1 حيث تستعين هذه الشركات بموظفين دوليين تابعين لمنظمات دولية،صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية لكي يحلوا محل الحكومات الوطنية في كثير من القضايا وتقوم هذه الشركات بالاعتماد على نظم أمن خاصة وشركات بريد خاصة وتقوم بإصدار بطاقات تحل محل النقود وتقوم بالاستيلاءعلى المرافق العامة والخدمات عبر آليات التخصيص .
-2 محاولة التهرب الضريبي
أيضاً هذه الشركات تحاول أن تكون بعيدة عن سطو القانون والضريبة لأنها تتقن التهرب منها فهي تقوم باتخاذ المال وطنا يستقر حيث يأمن وينمو بعيداً عن كل مسؤولية وهي تقوم بذلك باستخدام آلية (السعر التحويلي)
-1فإذا كانت الضرائب على أرباح الشركات مرتفعة في الدولة الأم عنه في الدولة المضيفة وكانت الشركة الأم تصدر الى الشركة التابعة لها فإنها في هذه الحالة ستسعر صادراتها الى فرعها في الدولة المضيفة بسعر أقل من الواقع (مدعية عدم تحقيق أرباح) ناقلة بذلك الأرباح من الشركة الأم الى الشركة التابعة لها وبهذا تقلل من العبء الضريبي الكلي للشركة وعلى العكس من ذلك .
-2ويستخدم السعر التحويلي للتهرب من الضرائب الجمركية على الواردات فكلما كانت مستويات هذه الضرائب مرتفعة في الدولة المستوردة كلما لجأت الشركات لتسعير السلعة بسعر أدنى من الواقع لتجنب دفع الضريبة .
-3وقد يستخدم السعر التحويلي كأداة للتهرب من القيود التي تفرضها الدولة المضيفة على مقدار الأرباح التي تحولها الفروع الى الشركة الأم , فعندما ترغب هذه الشركات أن تعيد أرباحها من الشركة التابعة الى الأم تلجأ الى تسعير الصادرات من الشركة التابعة الى الأم بسعر أدنى من الواقع أو تسعيرالصادرات من الشركة الأم الى التابعة بسعر أعلى من الواقع وتكون الأرباح بذلك قد تحولت فعلاً من الشركة التابعة الى الشركة الأم وتشير الأرقام الى أن هذه الشركات لم تقدم أكثر من 9% من فئة الضرائب العامة .
-3 أثرها في ميزان مدفوعات الدولة :
¯ أيضاً تؤثر هذه الشركة في ميزان مدفوعات الدولة المضيفة وذلك من خلال أن دخول رؤوس الأموال الى الدولة المضيفة والأرباح والفوائد المحمولة الى هذه الشركة في مقرها الأم ورواتب الموظفين والعمال في الفرع الذي يعتبرون من رعايا الدولة المضيفة (أجانب) سيخرجونها من الدولة المضيفة الى الدولة الأم وكذلك براءات الاختراع وحقوق الملكية ورسوم الترخيص المدفوعة من الفرع الى الشركة الأم مقابل استخدام التكنولوجيا أوالعمليات الانتاجية والعلاقات التجارية , كل ذلك يسجل في الجانب المدين لميزان مدفوعات الدولة المضيفة وبالتالي فإنه يحدث أثراً سلبياً إلا إذا قامت الشركات متعددة الجنسيات بالإنتاج للسوق المحلي في الدولة المضيفة وصدرته للدول الأخرى فإن ذلك يساهم في تحسين ميزان مدفوعات الدولة المضيفة .
و ¯ الهيمنة على اقتصاد العالم :
تشير المعلومات الى سعي الشركات متعددة الجنسيات للسيطرة على العملية الاقتصادية الدولية ذلك من خلال استعراض عدد من الأرقام المتوفرة :
امتلكت 40 ألف شركة احتكارية 250 ألف شركة فرعية حتى نهاية عام 1993 وبلغت قيمة مبيعاتها الاجمالية في العام نفسه أكثر من )5500( مليار دولار أميريكي وقيمة صادراتها (4000) مليار دولار أمريكي .
إن إيرادات الشركات الخمسمئة (مجلة فورشن تموز 1996) (11,4) تريليون دولار وفي عام 1995 تساوي 45% من الناتج المحلي الاجمالي لمجموع الدول المذكورة في تقرير التنمية في العالم في عام 1996
(25,3) تريليون دولار , وإذا استبعدنا من المقارنة الدول ذات الدخل المرتفع نجد أن مجموع إيرادات الشركات المذكورة (159,8%) من مجموع إجمالي الناتج المحلي لمئة وتسع دول تقطنها الغالبية العظمى من البشر .
80% من التجارة الدولية كانت في عام 1995 تحت هيمنة تلك الشركات متعددة الجنسية
ارتفعت التوظيفات المباشرة للشركات متعددة الجنسية من 500 مليار دولار الى 2700 مليار دولار أمريكي بين 1980 ¯ 1995 وبلغ مجموع التوظيفات المباشرة لها في عام 1995 أكثر من 3,5 مليار دولار أمريكي .
وجدير بالإشارة الى أن التوظيفات المباشرة لهذه الشركات تركز على عدد قليل من الدول الصناعية ففي الوقت الذي استحوذت عشر دول صناعية على ثلثي التوظيفات المباشرة لعام (1995) , بلغت نسبة توظيفاتها في (100) دولة لا تحتل موقعاً مهماً في التقسيم الدولي الرأسمالي للعمل 1% فقط من إجمالي توظيفات تلك الشركات.
المبحث الثاني : الأهداف الاستراتيجية و المالية للشركات .
المطلب الأول : الأهداف الإستراتيجية .
يجري عادة التمييز بين القرارات الأستراتيجية ، و القرارات التشغيلية في الشركات المتعددة الجنسيات .و ان إعداد الأستراتيجية يكون أكثر تعقيدا في الشركات متعددة الجنسيات و ذلك لانه يتعين عليها أن تأخذ في الحسبان أسواق عديدة ، وعملات متعددة ، و ثقفات متعددة و غيرها .ومن ثم يمكن تحديد الأهداف الأستراتيجية فضلا عن الأهداف المالية . ومختلفة إدارة الشركة و سياستها تبعا لجنسية كل من الشركات المتعددة الجنسيات .
1- تكوين الأستراتيجية
قبل تحديد الأستراتيجية للشركات المتعددة الجنسيات لابد من تحديد مهمتها و إجراء تقييم شامل للبيئة الإجمالية و تحليل للتنظيم و بيان نقاط القوة و الضعف فيه .ودراسة العديد من الإستراتيجيات المتعاقبة ، واختيار استراتيجية معينة و تطبيقها ،ومن تم إجراء التقييم و الرقابة .إن تكوين استراتيجية إجمالية يصبح شيئاً فشيئا مسألة حتمية في بيئة التحول السريع ، وذلك لان السوق تمتد على المستوى العالمي و الموارد تتأتى من اتجاهات عالمية .
إن الإدارة الاستراتيجية تساعد على التنسيق أفضل و تكامل للعمليات المتحققة في بلدان عديدة ،كما تساعد الشركات على التكيف بشكل ملائم مع التغيرات البيئية بفضل التنظيمات المختلفة و نشاطاتها .وتحديد الاستراتيجية يتم في الداخل اللجان الأستراتيجية ، التي تأخد على عاتقها تحديد الأهداف الكلية فضلا عن تطور الأستراتيجية الإجمالية للشركات المتعددة الجنسيات .وهذه اللجان يمكن أن تضم في عضويتها على سبيل المثال الرئيس ، ونائب المدير العام ،و المدير العام للمالية ، ومدير عام البحث و التطوير ، و المستشار . ويجتمع هؤلاء الأعضاء في اللجان مرتين في السنة ، وفي بعض اللجان الأستراتيجية يوجد كذلك مسئولي الأقسام المختلفة و مدراء الفروع الأجنبية فضلا عن مدراء الفروع المحلية .
2- الأهداف الإستراتيجية
تعتمد استراتيجية مجموعة الشركات متعددة الجنسيات على جملة أمور و قرارات استراتيجية تتبناها هذه الشركات و تلتزم بها لفترة طولية ، وتتمثل أغلب هذه القرارات في دعم و جود مجموعة الشركات في بعض الأسواق ،و إنتاج منتجات و تقديم خدمات جديدة ، وتوسيع أهداف حصص السوق ، والدخول في أسواق خارجية ، و اقتناء شركات جديدة ، واعادة تمركز النشاطات و اعتماد تنظيم جديد ، و انتشار أماكن العمل .
المطلب الثاني : الأهداف المالية .
تتعدد الأهداف المالية المنشودة بالنسبة لمجموعة الشركات المتعددة الجنسيات . وتختلف هذه الأهداف تبعاً للبدان و أحياناً داخل البلد نفسه .ويتمثل أبرز الأهداف فيما يأتي :
1- تعلية التدفقات النقدية.
2-تعلية معدل العائد على حقوق الملكية
3-تعلية معدل العائد على الأموال المستثمرة
4- تعضيم قيمة الشركة
ً
المبحث الثالث : الشركات المتعددة الجنسيات و الدول
المطلب الأول :موقف الدولة الأم .
1- من أهم المزايا التي تقدمها الشركات المتعددة الجنسيات للدولة الأم أنها تكون بمثابة و سائل تضمن تزويدها بالموارد المعدنية و الإستراتيجية و الطاقة الضرورية .
2- لكنها في بعض الحالات تمثل خطرا على الدولة الأم .حيث تساهم في نقل رؤوس الأموال خارج هذه الدولة ، وتنتج سلعا في الخارج شبيهة بالسلع المنتجة في الدولة الأم ، مما يدفع هده الأخيرة إلى إعادة استيرادها ، وهذا يؤثر
على ميزان المدفوعات الخارجية ،كما يؤدي إلى القضاء على التشغيل في المجال الصناعي .
المطلب الثاني : موقف الدولة المضيفة .
للتذكير فإن أصل هذه اشركات يعود إلى الدول المتقدمة و التي تتبنى اقتصاد السوق .و الدوافع الرئيسي إلى ظهورها هو الأقتصاد الحر العالمي الذي تطور مند عام 1945.
ونسنبرز هذا الموقف على مستويين :المستوى الاقتصادي ،والمستوى السياسي
1-على المستوى الأقتصادي :
– نظرا لحاجة دولة الأستقبال ( النامية ) إلى استثمار هذه الشركات ،فغالبا ما تصدر قوانين الأستثمار التي يتضمن إجراءات تشجيع هذه الشركات على الأستثمار.من بين هذه الإجراءات :إعفاء هده الشركات من دفع الرسوم و الضرائب .
-لكن في المقابل ، يقلل استغلال هده الشركات بشكل مفرط للموارد الطبيعية للدولة المضيفة ،من الأمتيازات و الفوائد المتوقعة من الاستثمار .حيث قد ينجم عن ذلك إفقار اقتصاد الدولة المضيفة ،وتعميق التخلف،وذلك من خلال تهريب الأموال إلى الخارج ، وعدم الأستثمار في مجال التنمية الصناعية كما تتحكم هذه الشركات أيضا في سعر و إنتاج
البترول ، وبالتالي تتحكم في منظمة الدول المصدرة للبترول .
إذن نظرا لطابعها التجاري ، تنظر هده الشركات إلى الكرة الأرضية كسوق و حيدة للمنتجين و المستهلكيين .وهذا يطرح مشاكل بالنسبة للدول المضيفة التي تفقد من الناحية العملية التحكم و السيطرة على المتعاملين الاقتصاديين .لذلك تنظر الدول المضيفة إلى هذه الشركات على أنها وسائل الهيمنة التي يستخدمها الدول الغريبة
2- على المستوى السياسي :
-تشكل هذه الشركات خطرا و تهديدا على السيادة الوطنية للدولة المضيفة حيث تمارس هده الشركات ضغوطات على سلطات هذه الدولة ، وقد تتدخل في شؤونها الداخلية كالتحكم في توجيه السلطة السياسية ، و التحكم في القرار السياسي في هذه الدولة .من السوابق التي تؤكد ذلك محاولة قلب نظام الحكم في الشيلي و إغتيال الرئيس عام 1973،وذلك
بموجب مؤامرة بين الشركة الأمريكية للهاتف و التلغراف ووكالة المخابرات الأمريكية .
– لمواجهة هذا التأثير على سيادتها ، تلجأ الدولة المضيفة إلى اتخاد عدة إجراءات من بينها : مراقبة الأستثمارات ، إلزام الشركات المتعددة الجنسيات على إعادة الإستثمار فيها ، التأميم .ومع ذلك ، تضل هذه الإجراءات ذات الفعالية محدودة .
الفصل الثالث : أثار نشاط الشركات المتعددة الجنسيات .
المبحث الأول : الأثار الإقتصادية و الإجتماعية للشركات المتعددة الجنسيات .
الآثار الاقتصادية لنشاط الشركات
لا يكفي التأكيد على أن الشركات المتعددة الجنسيّـة تمارس نشاطاً استثمارياً خارجياً فحسب، لأن ذلك تعريفاً خاطئاً نوعاً ما، لأنها، بالإضافة إلى هذا الدور المذكور، تقوم بدور اقتصادي واجتماعي له آثار متعددة، خاصة في البلدان العربية، كما يترتَّب عليها نتائج سياسية وثقافية.
فمن المعروف أن الشركات المتعددة الجنسية تسعى إلى زيادة أرباحها باستغلال الموارد الطبيعيـة والأيدي العاملة الرخيصة، ولا يعنيها مدى أهميّة المشاريع التي تنفذها بالنسبة للاقتصاد الوطني ولا بالنسبة لآثارها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية. فقد تركز هذه الشركات على استنفاد مورد طبيعي غير متجدد (النفط…) حين تكون مصلحة الدولـة الوطنية عدم استنفاد هذا المورد. وقد تهتم بصناعات تحويلية، في حين تحتاج الدولة إلى صناعات ثقيلة أساسية. فهي لا تستجيب تماماً للمتطلِّبات الوطنيَّة، لأنها، بكل بساطة، شركات أجنبية.
من هنا تلجأ البلدان المضيفة لاستثمارات هذه الشركات إلى وضع قيود على هذا الاستثمار، بأن تربطه بموافقة هيئات حكومية متنوعة، بعد أن تكيّف مشاريعها الاستثمارية وفق معايير تحددها البلدان المضيفة. هذا بالإضافة إلى تسابق البلدان النامية إلى تقديم الحوافز لتشجيع عمل هذه الشركات، ومنها :
– إعفاءات ضريبية أو تخفيض في الرسوم الجمركية
– سياسات تُحرِّر الشركات من القيود على أرباحها المحوَّلة إلى البلد الأم
وهناك أسلوب جذّاب للحوافز، هو السَّماح للمنشآت التابعة لهذه الشركات باستيراد ما يلزمها من مواد ومستلزمات بدون خضوعها للضرائب والرسوم
وثمة طرق أخرى تلجأ إليها الدول المضيفـة بأن تستخدم المنشأة التابعة حجماً معيناً من الموارد الإنتاجية المحلية في عملياتها الإنتاجية، أي، بعبارة أخرى، مساهمة هذا الفرع إيجاباً في الاقتصاد المحلي. كما تدفع هذه الشركات إلى توظيف نسبـة معينة من القوى العاملة من مواطني الدولة المضيفة
كذلك تلجأ الدولة المضيفـة، وحفاظاً على توازن ميزان المدفوعات، إلى تحديد حجم الأرباح ورأس المال الذي يُسمح للشركة بتحويله إلى الخارج. كما تفرض أن تكون صادرات الشركات كمّيات صغيرة من إنتاج البلد المضيف
لذلك نقول إن هناك آثاراً سلبية تتركها الشركات المتعددة على عمليات التنمية، وهي إهمال المشكلات التي تعاني منها المجتمعات النامية، كالموارد البشرية، إضافة إلى إهمال توزيع الثروة والدخل على كافة الشرائح الاجتماعية، باعتبار أن عملية التنمية في فلسفة الشركات المذكورة، هي عمليات اقتصادية بحت، إضافة إلى الأرباح الضخمة المحولـة إلى الدولة الأم، مما يؤدي إلى استنزاف الموارد الوطنية، وإلى ضياع الفرصة أمام الاقتصاد المحلي لاستغلال موارده استثماراً ذاتياً في الصناعات الوطنية
كذلك تتشابه النتائج على صعيد المنتجات الصناعية، بسبب المنافسة في الأسواق وما يترتَّب على ذلـك من عجز كبير في ميزان المدفوعات أو الميزان التجاري، خاصة إذا تعرّضت البلدان النامية وبلداننا العربية لسياسات الإغراق من جانب الدول الصناعية.
الآثار الاجتماعية لنشاط الشركات
تؤكد الدراسات الاقتصادية أن الشركات المتعددة الجنسيات، لا ترتبط أعمالها بالصناعات الوطنية في البلدان النامية بل بالسياسات العامة التي تضعها هذه الشركات، مما يؤدي إلى ازدياد الفروقات الاجتماعية بين الفئة المرتبطة مصالحها بهذه المشاريع وبين أغلبية السكان الذين يتدهور مستوى معيشتهم، تحت التأثير المزدوج لجمود التنمية، وارتفاع الأسعار نتيجة الارتباط الوثيق بالأسواق العالمية.
وغالباً ما يؤدي هذا الاتجاه إلى فتح الباب واسعاً أمام الفساد وما إلى ذلك من ظواهر اجتماعية سلبية. فغالباً ما تعتمد هذه الشركات الرشوة بغية إفساد الساسة والحكام، وحملهم على قبول شروط أكثر غبنـاً لبلادهم، والتغاضي عن مخالفات قانونية أو دفع ثمن أغلى من الأسعار الدولية. كما نجحت هذه الشركات المذكورة في شراء ذمم كبار المسؤولين، وجنّدت لخدمتها وبمرتبات عالية أعداداً لا يستهان بها من الفنّيين والإداريين ورجال الأعمال والمهنيين… خلاصـة القول، إن للشركات المتعددة آثاراً اجتماعيـة على الدول النامية، ومنها العربية، يمكن تلخيص أهمها بثلاث نقاط هي :
– تحجيم الصناعة الوطنية المنتجة، وتشجيع قيام فئة اجتماعية تعتاش على حساب المجتمع لها مواصفات غير إنتاجية
– تكريس الفساد والرشوة وقيم أخلاقية وضيعة
– زيادة الهوّة بين الشرائح الاجتماعية، مما يؤدي إلى عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي
إن توسيع قاعدة الارتباط بمصالح الشركات المتعددة في السنوات العشر الماضية، دفع العالم العربي إلى تبعيـة غذائية نتيجة تطور أنماط الاستهلاك وما تُعمِّمه من عادات وقيم في المأكل والمشرب والملبس، وما تقوم به من جهد على "المستوى الإعلامي"، بسبب مكاتبها المنتشرة في أكثر من مئة دولة في أنحاء العالم. وهي تلجأ إلى صرف المليارات من الدولارات على إعلاناتها بغية تسويق منتجاتها. فترسل أحياناً استمارات تفصيلية إلى أساتذة الجامعات المختصّين بالدراسات الإنتروبولوجية الثقافية والعلوم الاجتماعية والنفسية، تطلب فيها، لحساب الشركات، معلومات ذات فائدة (عادات الطعام، نماذج الاستهلاك عند العائلة، …)، وذلك لمعرفة رغبات الناس وعاداتهم كي يستطيع مديرو الشركات تصميم منتجاتهم حسب نتائج هذه الدراسات.
إضافة إلى ذلك، تعمل الشركات على إرسال بيانات استطلاع الرأي إلى الصحف والإذاعات وتلفزيونات البلدان النامية، وذلك عبر الأقمار الصناعية، لجمع المعلومات حول الثقافة المحلية بغية تصحيح منتجات الشركة. وقد ساعدها في تحقيق ذلك ثورة المعلومات والاتصالات الحديثة، مما فجَّر ظاهرة التنافس الشديد بين هذه الشركات وأحدث تغييراً هائلاً في عملية نشأة سوق عالمية واحدة.
وقد سعت هذه الشركات إلى وضع مصالحها قبل مصلحة الزبائن أو المستهلكين، في عمليات اندماج قامت بها مؤسسات احتكارية تنتج سلعاً متشابهةً تُباع في الأسواق نفسها (اندماج مؤسسة "جنرال إلكتريك" للأدوات الكهربائية ومؤسسة "آر سي أي" ).
أما أضرار الاندماج بين الشركات التي تمارس أعمالها ضمن الصناعة نفسها، فتقلص المنافسة التي تنجم عن تخفيض عدد المؤسسات التي تنتج السلع نفسها، مما ينعكس سلباً على الزبائن من جرّاء القضاء على المنافسة التي كانت قائمة بين الشركتين المذكورتين. وهذا ينعكس على المصلحة الاقتصادية العامة.
من هنا، كان تدخل الحكومات للقيام بوضع القوانين والتشريعات الجديدة، وإنشاء هيئات حكومية لمراقبة عمليات الاندماج بين المؤسسات، وذلك للحدّ من التواطؤ بين المؤسسات العاملة ضمن الصناعة الواحدة، والتخفيف من حدة الحالات المنافية للمصلحة العامة.
المبحث الثاني : الآثار المرتبطة بالشركات متعددة الجنسيات
نركز في هذا المطلب على دراسة وتحليل الآثار المرتبطة بالشركات متعددة الجنسية وهي كمايلي :
أولا: الأثر على الدخل و الأثر على العمالة: يمكن أن تؤثر الشركات متعددة الجنسية على مايلي :
1- الأثر على الدخل
إن قيام شركات متعددة الجنسية في بلد ما، يمثل إضافة للدخل الوطني في ذلك البلد، وقيامها بفتح أسواق جديدة والتصدير إليها هو إضافة المدخل، ولقياس أثر الاستثمار على الدخل يمكننا مبدئيا أن نقول: المنفعة المحققة= قيمة الإنتاج – تكلفة الإنتاج
والتكلفة هي ما يدفعه المستثمرون الأجانب للموارد والعمال والأرض….إلخ
من هذا التقدير المبدئي نخصم تكلفة الفرصة البديلة، لعناصر الإنتاج التي يستخدمها المستثمر الأجنبي قيمة الاستثمار إذن تكمن في الفرق بين قيمة ما ينتجه وماكان سينتج بدونه، وتصبح المعادلة كمايلي: المنفعة المحققة= قيمة الانتاج- تكلفة الإنتاج-تكلفة الفرصة البديلة.
ومن جهة أخرى تساعد الشركات متعددة الجنسية في نمو الإنتاج المحلي في تحسين عناصر الإنتاج، وحتى لو كانت كل الموارد موجودة في البلد المضيف، فإن الاستثمار الأجنبي يرفع العائد عليها ويحركها ليس من ناحية فنية فقط، ولكن أيضا يسوقها بما للشركة من شبكات توزيع وأسماء تجارية معروفة ورائجة يكفي وضعها على منتجات عديدة لتباع وتروج.
2-الأثر على العمالة
تسعى الدول النامية جاهدة إلى القضاء على مشكلة البطالة أو الحد منها، ولبلوغ هذا فتحت الباب أمام الشركات متعددة الجنسية على أمل خلق فرص جديدة ومتزايدة للعمل، ويمكن تصنيف الآثار المترتبة على العمالة في مايلي:
– إن وجود الشركة متعددة الجنسية يؤدي إلى خلق علاقات تكامل رأسية وأفقية بين أوجه النشاط الاقتصادي المختلفة في الدولة من خلال تشجيع المواطنين على إنشاء مشروعات لتقديم الخدمات المساعدة اللازمة، أو المواد الخام للشركات الجديدة.
إن الشركات متعددة الجنسية ستقوم بدفع ضرائب على الأرباح المحققة، وهذا سيؤدي إلى زيادة العوائد للدولة، ومع بقاء العوامل الأخرى ثابتة فإن زيادة العوائد سوف يمكنها من التوسع في إنشاء مشروعات استثمارية جديدة، هذا ما سيترتب عليه خلق فرص جديدة للعمل.
إن وجود الشركة متعددة الجنسية قد يؤدي إلى اختفاء بعض أنواع المهارات التقليدية نتيجة لما تستخدمه من تكنولوجيا متقدمة سواء كانت أساسية أو مساعدة أو قد يؤدي وجودها إلى عدم ثبات العمالة الموسمية.
إن نجاح الحكومة المضيفة في اختيار النوع التكنولوجي المناسب سوف يؤثر إلى حد كبير على عدد فرص العمل الجديدة، ومدى تنوعها.
نتيجة لارتفاع مستوى الأجور والمكافآت التي تقدمها شركات متعددة الجنسية (بالمقارنة بنظيرتها الوطنية)، فإنه من المحتمل أن تهرب العمالة والكوادر الفنية والإدارية للعمل بالشركات متعددة الجنسية.
إن إنشاء المشروعات الموجهة للتصدير والمشروعات كثيفة العمالة في المناطق الحرة سوف يؤدي إلى خلق العديد من فرص العمل الجديدة.
إن توسع الشركات متعددة الجنسية في أنشطتها سواء على المستوى الأفقي أو الرأسي مع الانتشار الجغرافي سوف يؤدي مع بقاء العوامل الأخرى ثابتة إلى خلق فرص عمل جديدة في المناطق أو المحافظات النائية المتخلفة اقتصاديا داخل الدولة
ثانيا: الأثر على التقدم التكنولوجي والأثر على الإدارة والتنمية الإدارية:
1- الأثر على التقدم التكنولوجي
هناك آراء مختلفة حول دور الشركات متعددة الجنسية في التطوير التكنولوجيوالتحديث للدول النامية المضيفة في مجالات القوى العاملة وبحوث التنمية والتطوير.
إذا قامت الشركات متعددة الجنسية بنقل مستوى عال من التكنولوجيا أو التركيز على المشروعات التي تتميز بكثافة رأس المال فإن هذا سوف يؤدي إلى :
– قلة فرص العمل الجديدة
– ارتفاع نسبة البطالة وخاصة العمال غير المهرة
– صعوبة تحقيق العدالة في توزيع الدخول على مستوى الدولة مما يؤدي إلى خلق الطبقة الاجتماعية
– قد تضطر الشركات الوطنية إلى تقليد الشركات متعددة الجنسية (أي تقوم بإدخال مستوى عال من التكنولوجيا) حتى تضمن البقاء في السوق
– تحصل الشركات من مقابل استخدام الفنون الإنتاجية أو الخبرة الفنية أو استئجار لمعدات معقدة بواسطة الوحدة الموجودة في الاقتصاد المتخلف على الأرباح
إذا قامت الشركات متعددة الجنسية بنقل مستوى منخفض من التكنولوجيا، فإن هذا يتفاعل مع اهداف الدول النامية بشأن تقليل نسبة البطالة، وبالرغم من أن تحقيق هذا الهدف يمثل ضرورة ملحة إلا أن النتيجة الطبيعية لنقل أو استيراد مستويات منخفضة من التكنولوجيا سيؤدي إلى توسع الفجوة التخلف التكنولوجي بين الدول النامية والدول المتقدمة.
ومن جهة أخرى فإن محاولة الدول النامية لإحراز درجة عالية من التقدم التكنولوجي كهدف سيكون على حساب درجة تحقيقها لهدف آخر هو التقليل من نسبة البطالة ومن ثم تحقيق العدالة في توزيع الدخول وتحقيق الرفاهية الاقتصادية لأفراد المجتمع
2- الأثر على الإدارة والتنمية الإدارية
لاشك أن الإدارة كأحد عوامل الإنتاج (أو كعنصر من عناصر التكنولوجيا) تلعب دورا رئيسيا في تحديد إنتاجية كل من منظمات الأعمال والاقتصاد الوطني ككل، بالإضافة إلى تحديد مركزها التنافسي سواء على المستوى الوطني أو الدولي
وبالنسبة للدول النامية بصفة خاصة فقد تظافرت مشكلة نقص الكوادر الإدارية مع غيرها من مشكلات عدم توافر عناصر الإنتاج من حيث الكم والجودة في تخلف هذه الدول عن ركب التقدم، وبالتالي يمكن القول أنه يزداد طلب الدول النامية على خدمات ومساعدات الشركات متعددة الجنسية لسد جانب الخلل والقصور والنقص في المهارات والكوادر الإدارية في مختلف المستويات التنظيمية والأنشطة الوظيفية في المنظمات العاملة يمكن تحديد إسهامات الشركات متعددة الجنسية بالنسبة للإدارة والتنمية للإدارة
والتنمية الإدارية في كثير من المجالات منها :
تنفيذ برامج التدريب والتنمية الإدارية في الداخل وفي الدول الأم.-
– تقديم أو إدخال أساليب إدارية حديثة ومتطورة
– خلق طبقة جديدة من رجال الأعمال وتنمية قدرات الطبقة الحالية
– استفادة الشركات الوطنية من نظيرتها الأجنبية بالأساليب الإدارية الحديثة من خلال التقليد
– إثارة حماس الشركات الوطنية في تنمية المهارات الإدارية حتى تستطيع الوقوف أمام منافسة الشركات متعددة الجنسية
يجب عدم تجاهل بعض جوانب الخاطر الذي قد يحيط بالشركات الوطنية والتنمية الإدارية بوجه عام في الدول النامية نتيجة لوجود الشركات متعددة الجنسية بها قد يؤدي إلى ارتفاع مستوى الأجور والحوافز التي تقدمها الشركات الوطنية للعمل بالأولى بينما تظل الأخيرة تعاني من هجرة الكوادر ومطالبة العاملين بها بالمساواة في الأجور والحوافز وشروط العمل مع نظائرهم بالشركات متعددة الجنسية
الــــــــــــــخاتمــة
مما سبق يمكن القول أن الشركات المتعددة الجنسيات كيانات اقتصادية عملاقة ،ذات خصائص مميزة .تستند على اساس أهداف استراتيجية و مالية ، ومن أهمها تعضيم أرباحها ، وذلك عبر نشاطها الإنتاجي المتنوع و المستمر و غزو الأسواق العالمية من خلال تحدي و تعدي الحدود الجعرافية للبلدان ، ومن البديهي أن ينتج عن هذا النشاط أثار اقتصادية و سياسية في صالح المجتمع ،كما قد تـؤدي أخرى الـى مشاكل و عواقب وخينة تهدد كيان الدول
الفروق بين المؤسسات متعددة الجنسيات والشركات المحلية
الخصائص التالية تميّز الشركة متعددة الجنسيات عن الشركة المحلية الصرفة:
1- تعمل الشركة المحلية الصرفة في محيط محلي وحيد يغلب أن تكون فيه رغبات المستهلك وسياسات الحكومة وتشريعاتها ومطالب النقابات متسقة بشكل معقول. أما الشركة متعددة الجنسيات فتواجه نمطاً متنوعاً وفي كثير من الأحيان متناقضاً من المطالب والضغوط من مجموعات المصالح المتعددة في البلد المضيف (وخاصة من حكومات البلد المضيف). كما أنها تواجه خطراً سياسياً يتمثل في العمل في بلاد تعتنق فلسفات سياسية مختلفة ولها أنظمة قانونية مختلفة واتجاهات اجتماعية مختلفة تجاه الملكية الخاصة ومسؤولية الشركة والمشاريع الحرة.
2- تكون استجابة الشركة المحلية الصرفة إلى التحديات التنافسية ضمن سياق سوقها وحده. أما الشركة متعددة الجنسيات فتستطيع (بل وكثيراً ما يتوجب عليها) أن تلعب لعبة تنافسية أكثر تعقيداً. وقد يكون ضرورياً بالنسبة لها ترسيخ منشأ أحد المنتجات على نطاق عالمي أو تحقيق نفقات منافسة – وهذا يتضمن الحاجة إلى تنسيق سوقي معقد. وفضلاً عن ذلك، يمكن للتفاعل التنافسي أن يحدث على أرض دولية، وقد تفرض الاستراتيجية التنافسية الدولية الصحيحة أن ينقل الردّ على هجوم في أحد الأسواق الخارجية إلى بلد آخر – ربما في السوق المحلي للطرف المنافس. وهذه خيارات لا تملكها شركة محلية صرفة.
3- تستطيع الشركة المحلية الصرفة أن تقيس أداءها في وحدة مقارنة واحدة – وهي العملة المحلية. غير أنه يتوجب على الشركة متعددة الجنسيات أن تقيس نتائجها بمسطرة قياس مرنة نظراً لتذبذب قيمة العملات بشكل كبير مقابل بعضها البعض. وإضافة إلى ذلك، وبقدر ما تنقل الأموال من دولة إلى أخرى فإنها تكون معرّضة لمخاطر اقتصادية تصاحب التذبذبات وانخفاض القيمة المفاجئ في أسعار الصرف.
4- يجب على الشركة المحلية الصرفة أن تدير بنية تنظيمية تعكس نمطياً منتجها وتنوعها الوظيفي. أما الشركة متعددة الجنسيات فهي أصلاً أكثر تعقيداً لأنه يتوجب عليها أن توفّر الرقابة الإدارية على منتجها وعلى تنوّعها الوظيفي والجغرافي. وبالإضافة إلى ذلك، يتوجب حلّ هذا التوتر ذي الثلاث شعب في تنظيم تقسّمه حواجز المسافة والزمن وتعيقه فروق في اللغة وفي الثقافة لا توجد في الحقيقة في الشركات المحليّة الصرفة.
إليك بعض من بحث الشركات المتعددة الجنسيات : هو مختصر و لاكنه جيد ؟
الفصل الأول : تعريف الشركات المتعددة الجنسيات و نشأتها و خصائصها .
المبحث الأول : تعريف الشركات المتعددة الجنسيات .
المبحث الثاني : نشأة الشركات المتعددة الجنسيات .
المبحث الثالث : خصائص الشركات المتعددة الجنسيات .
الفصل الثاني : اقتصاد الشركات المتعددة الجنسيات .
المبحث الأول : دور الشركات المتعددة الجنسيات
المطلب الأول :في ظل العولمة .
المطلب الثاني : في الإقتصاد العالمي .
المبحث الثاني : الأهداف الاستراتيجية و المالية للشركات .
المطلب الأول : الأهداف الإستراتيجية .
المطلب الثاني : الأهداف المالية .
المبحث الثالث : الشركات المتعددة الجنسيات و الدول .
المطلب الأول :موقف الدولة الأم .
المطلب الثاني : موقف الدولة المضيفة .
الفصل الثالث : أثار نشاط الشركات المتعددة الجنسيات .
المبحث الأول : الأثار الإقتصادية و الإجتماعية للشركات المتعددة الجنسيات .
المبحث الثاني : الآثار المرتبطة بالشركات متعددة الجنسيات .
المطلب الأول : الأثار على الدخل .
المطلب الثاني: الأثار على العمالة
المطلب الثالث : الأثار على التقدم التكنلوجي .
المطلب الرابع : الأثار على الإدارة و التنمية .
الفصل الأول : تعريف الشركات المتعددة الجنسيات و نشأتها و خصائصها .
المبحث الأول : تعريف الشركات المتعددة الجنسيات .
عرفت الشركات المتعددة الجنسيات على أنها شركات يؤسسها أفراد أو مساهميين و تتمتع بشكل قانوني محدد في عقد التأسيس في دولة ما تسمى دولة المقر التي يوجد فيها مركز الرئيسي للشركة ، و يتم تأسيس و إنشاء الشركة تبعاً لقانونها الوطني و تأخد جنسية هذه الدولة ، وتخضع لجميع قوانين دولة المقر ، أو قوانين الدولة المضيفة لنشاطها و فروعها و الشركات التابعة لها .
وعليه فإن الشركات متعددة الجنسيات يكون رأسمالها كبير الحجم ، و لا يقل حجم إنتاجها أو مبيعاتها أو إستثمارتها عبر البحار في دول مختلفة عن 25 % من قيمة الأموال المستثمرة فيها ن أو حدود 10 مليارات دولار أمريكي ، وكذلك لا يقل عدد فروعها أو الشركات التابعة لها عن 20 دولة . وتعد الشركة من الشركات متعددة الجنسيات إذا كان 20% من موجوداتها عبر البحار . و أكدت دراسة قامت بها مجلة الأعمال الدولية على أن الشركة متعددة الجنسيات تصبح عالمية حينما تبلغ مبيعاتها و أرباحها من العمليات الخارجية حوالي 35% من إجمالي المبيعات و الأرباح .
وتأسيسا على ما تقدم يمكن تعريف الشركات المتعددة الجنسيات بأنها مجموعة من الشركات مختلفة الجنسيات ترتبط بعضها بالبعض الأخر من خلال ما تمتلكه من أسهم أو شكل من أشكال السيطرة الإدارية أو عقد اتفاق معين مكونة بذلك و حدة اقتصادية متكاملة ذات أسس إقتصادية . و تقسم الشركات المتعددة الجنسيات تبغاً لثلاثة معايير تتمثل في نوع العمليات و الحجم و ميدان العمليات . وتسمى الشركات المتعددة الجنسيات بالمسميات الأتية :
1- الشركات القومية متعددة الجنسيات ، حين يكون للشركة أم واحد من جنسية معينة .
2- الشركات الدولية متعددة الجنسيات ، حين تكون للشركة اثنان أو أكثر من الشركات الأم المسيطرة عليها من جنسيات متعددة .
3- الشركات عابرة الأقطار ، حين تملك أساليب متعددة ترتبط فيها هذه الشركات بعضها ببعض و الأشكال القانونية للشركة عابرة القارات أو الأقطار .
وعليه يمكننا القول: بأن ما يطلق علهيه الشركات المتعددة الجنسيات هي بكل المعاني السابقة: شركة قومية تحتل مكانتها أساسا في إقتصاد ومجتمع الدولة الأم ويقصد هذا لاحكم على كل من الملكية و الإدارة .فإرادة الشركات التابعة وإجمال مجموع الشركة تحتكرها الشركة الأم وتحتفظ هذه الأخيرة في يدها بكافة القرارات الأساسية.وبمهمة التخطيط والحساب و الرقابة وكذلك بملكية المشروعات الأجنبية كاملة في الشركة الأم إذا أنها صاحبة الإستثمار التي تعمل من خلال شركاتها التابعة لها وفي حالة المشروعات المشتركة أي التي تكون فيها ملكية الرأس المال مقسومة بين الشركة الأم أو حكومات أخرى تقوم الشركة الأم بالسيطرة على العملية الإدارية و التخطيطية إلى درجة كبيرة وتطمئن إلى أن المشروع المشترك يندمج في إستراتيجتها العالمية.
المبحث الثاني : نشأة الشركات المتعددة الجنسيات .
المطلب الأول: ظهور الشركات المتعددة الجنسيات
لقد ظهرت الشركات المتعددة الجنسيات على يد الشركات الأمريكية الكبرى التي دأبت منذ نهاية الحرب العالمية , وبشكل خاص منذ الخمسينات على زيادة استثماراتها المباشرة خارج الولايات المتحدة وذلك بإنشاء وحدات إنتاجية في كند وأوربا وأمريكة اللاتينية في إطار إستراتجية إنتاجية عالمية موحدة , وسرعان ما حذت الشركات الأوربية حذو الشركات الأمريكية بعد أن استردت أوربا أنفسها بعد الحرب وأعادت بناء قوتها وبدأت تنتقل من الإقليمية إلى العالمية بإنشاء وحدات إنتاجية خارج حدودها , بل أن بعض هذه الشركات قام بإنشاء شركات صناعية تابعة لها في أمريكا.
– وبعدها جاء دور اليابان لتدخل هي الأخرى معترك الدولية ورغم أن هذا الدخول جاء متأخرا بعض الشيء فإن العالم تنبأ بأن هذه الشركات اليابانية سوف تلعب دورا متعاظما في المجال العالمي.
– وتستمد هذه الشركات المتعددة القوميات قدرتها على السيطرة على الاقتصاد العالمي من قوتها الاقتصادية الذاتية ومن قوتها الفنية والتكنولوجية الهائلة , وما يميز الشركات المتعددة القوميات ليس هو قيامها بنشاط اقتصادي على المستوى الدولي , وإنما طبيعة هذا النشاط والأسلوب الذي يتم به وكم أن طبيعة وأسلوب نشاط الشركات يختلف اختلاف جذريا عن طبيعة وأسلوب نشاط كل ما سبقها من الشركات التي عرفتها الرأسمالية طوال حياتها .
– وما يميزها كذلك أنها تقوم بنقل وحدات إنتاجية من الدولة التابعة لها , أي الدولة الأم إلى دول أخرى مختلفة مع استمرار سيطرتها على هذه الوحدات الإنتاجية وإدارتها مركزيا في إطار إستراتجية إنتاجية عالمية موحدة
المطلب الثاني : تاريخ الشركات المتعددة الجنسيات
يرجع تاريخ العديد من الشركات المتعددة الجنسيات التي نعرفها اليوم إلى ما قبل الحرب العالمية الثانية وبشكل أكثر تحديد إلى نهاية ق 19 فمنذ ذلك التاريخ بدأت بعض الشركات الكبرى في أمريكا وأوربا تقيم وحدات إنتاجية خارج حدودها الأصلية ففي عام 1865 أنشأت شركة باير الألمانية للصناعات الكيميائية مصنعا لها في نيويورك إلى أن أول شركة تستحق وصف (المتعددة القوميات) بالمعنى الدقيق هي شركة سنجر الأمريكية لصناعة مكنات الخياطة التي أقامت في عام 1867 مصنع لها في جلاسكو وتبعته بعدة مصانع أخرى في النمسا وكندا وسرعان ما حذت الكثير من الشركات الأمريكية حذو سنجر .
ورغم ظهور واستقرا العديد من الشركات المتعددة القوميات فقد بقيت أهميتها في الاقتصاد العالمي محدودة للغاية من ناحية لان القطاعات التي كانت تعمل فيها هذه الشركات وبشكل أساسي البترول , السيارات و الألمنيوم , رغم أهميتها في الاقتصاد اليوم , أم تكن تلعب دور أساسيا في اقتصاديات الدول الرأسمالية آنذاك , إذا كانت الرئيسية هي الفحم , السكك الحديدية , الحديد والصلب …الخ وبقيت هذه الصناعات بعيدة عن عمل الشركات المتعددة القوميات ومن ناحية أخرى لضيق حجم النشاط الدولي لهذه الشركات .
– والظروف الدولية الاقتصادية في فترة مابين الحربين العالميتين لم تكن لتسمح بنمو أكبرى الاستثمارات الدولية المباشرة من ناحية بسبب عدم استقرار الأوضاع النقدية في أوربا نتيجة لتضخم الهائل على أن هذه الأوضاع تغيرت تماما بعد الحرب الثانية بإبرام الاتفاقية العامة لرسوم الجمركية والتجارة المعروفة باسم (gat) والتي تولت وضع أسس ومبادئ عامة لتنظيم التبادل التجاري الدولي فأزاحت بذلك واحدا من أهم العوائق التي كانت تعترض سبيل الشركات المتعددة القوميات .
وكذلك اتفاقية إنشاء المجموعة الاقتصادية الأوربية المعقودة في روما سنة 1957 أعطت دفعة هائلة لنشاط هذه الشركات وهكذا فإن الظروف كلها كانت مهيأة منذ نهاية الحرب العالمية لظهور الشركات المتعددة الجنسيات.
المبحث الثالث : خصائص الشركات المتعددة الجنسيات .
يتسم النظام الاقتصادي العالمي الجديد بتعميق عولمة الاقتصاد وتزداد فيه دور المؤسسات الاقتصادية الدولية ، وتبرز فيه عدد من الملامح الهيكلية. تتمتع الشركات المتعددة الجنسيات والتي تعد من أهم ملامح ظاهرة العولمة أو النظام الاقتصادي المعاصر بالعديد من الصفات والسمات التي تميزها وتتحدد دورها وتأثيرها على النظام الاقتصادي العالمي، ومن أهم هذه الصفات :
1- ضخامة الحجم : تتميز هذه الشركات بضخامة حجمها وتمثل كيانات اقتصادية عملاقة ، ومن المؤشرات التي تدل على هذا ، حجم رأس المال وحجم استثماراتها وتنوع إنتاجها وأرقام المبيعات والإيرادات التي تحققها ، والشبكات التسويقية التي تملكها ، وحجم إنفاقها على البحث والتطوير ، فضلا عن هياكلها التنظيمية وكفاءة أدارتها . ولكن أهم مقياس متبع للتعبير عن سمة الضخامة لهذه الكيانات الاقتصادية العملاقة، يتركز في المقياس الخاص برقم المبيعات أو ما يطلق عليه " رقم الأعمال". كذلك يستخدم حجم الإيرادات لنفس الهدف ، ووفقاً لهذا المقياس احتلت شركة ميتسوبيشي ، بإجمالي إيراداتها الذي بلغ 184,4 مليار دولار ، المرتبة الأولى بين أكبر خمسمائة شركة متعددة الجنسيات في عام 1995 م ، والتي يصل أجمالي إيراداتها إلى نحو 44% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. كذلك تستحوذ هذه الشركات على نحو 80% من حجم المبيعات على المستوى العالمي. أن نشاط الشركات المتعددة الجنسيات حقق معدلات نمو مرتفعة تجاوزت 10% سنوياً أي نحو ضعف معدل النمو في الاقتصاد العالمي ومعدل نمو التجارة العالمية
2- ازدياد درجة تنوع الأنشطة : تشير الكثير من الدراسات والبحوث، إلى إن الشركات المتعددة الجنسيات تتميز بالتنوع الكبير في أنشطتها ، فسياستها الإنتاجية تقوم على وجود منتجات متنوعة متعددة ، ويرجع هذا التنوع إلى رغبة الإدارة العليا في تقليل احتمالات الخسارة ، من حيث أنها إذا خسرت في نشاط يمكن أن تربح من أنشطة أخرى . وقد قامت هذه الشركات بإحلال وفورات مجال النشاط ، محل وفورات الحجم .والتي انتهجتها الشركات الكبرى بعد الحرب العالمية الثانية. ونتيجة لذلك تتشعب الأنشطة التي تقوم بها الشركات المتعددة الجنسيات قطاعياً وجغرافياً ن وهذا بالتالي يؤدي إلى تحقيق التكامل الأفقي والرأسي .
3 – الانتشار الجغرافي – الأسواق : من الميز التي تتميز بها الشركات المتعدية الجنسيات هي كبر مساحة السوق التي تغطيها وامتدادها الجغرافي ، خارج الدولة الأم ، بما لها من إمكانيات هائلة في التسويق ، وفروع وشركات تابعة في أنحاء العالم. لقد ساعدها على هذا الانتشار التقدم التكنولوجي الهائل، ولاسيما في مجال المعلومات والاتصالات. وتكفي الإشارة إلى أن شركة ABB السويسرية، تسيطر حالياً على أكثر من 1300 شركة تابعة منتشرة في معظم أنحاء العالم، مع العلم أن السوق السويسرية لا تستوعب إلا نسبة بسيطة للغاية من إجمالي مبيعات الشركة . وقد ساعدت على ذلك كله إبداعات الثورة العلمية والتكنولوجية في مجالي المعلومات والاتصالات ، حيث أصبح ما يسمى الإنتاج عن بعد ، حيث توجد الإدارة العليا وأقسام البحث والتطوير وإدارة التسويق في بلد معين ، وتصدر أوامر بالإنتاج في بلاد أخرى .
4 – القدرة على تحويل الإنتاج والاستثمار على مستوى العالم : أن هذه الخاصية ناتجة عن كون هذه الشركات تتميز بنشاطها الاستثماري الواسع في العالم، وكذلك كونها كيانات عملاقة متنوعة الأنشطة تسودها عمليات التكامل الأفقي والرأسي . على الرغم من ضخامة الاستثمارات الدولية التي تقوم بها الشركات المتعددة الجنسيات ، فإن أكثر من ثلثي استثماراتها تتركز في الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي
( إنجلترا وألمانيا وفرنسا ) وسويسرا واليابان، ويعود هذا التركز إلى العوامل التالية :
– المناخ الجاذب لهذه النوعية من الاستثمارات ، – ارتفاع العائد على الاستثمارات ، – تزايد القدرات التنافسية للدول المضيفة والتي تتحقق عادة من خلال انخفاض تكلفة عنصر العمل وتوافره وارتفاع مستواه التعليمي ومهاراته وإنتاجيته ، – توافر البنية الأساسية وتسهيلات النقل وتقدم شبكات الاتصالات ، – والطاقة الاستيعابية للاقتصاد القومي .
5 – إقامة التحالفات الإستراتيجية : وهي تعتبر من السمات الهامة للشركات متعددة الجنسيات والتي تسعى دوماً إلى إقامة تحالفات إستراتيجية فيما بينها ومن أجل تحقيق مصالحها الاقتصادية المشتركة وتعزيز قدراتها التنافسية والتسويقية. أن هذه التحالفات هي نتاج المنافسة المحتدمة والتي صارت سمة أساسية للأسواق المفتوحة وثورة الاتصالات والمعلومات . أن التحالفات الإستراتيجية بين الشركات المتشابهة تتم في الصناعات المتماثلة بدرجة أكبر، وفي بعض الأحيان يأخذ هذا التحاف شكل الاندماج ، وهذا يظهر بوضوح في مجال البحث والتطوير بما يحتاجه إلى تمويل ضخم ، ومن الأمثلة على هذا التعاون ، التمركز الأوروبي لبحوث الحاسوب والمعلومات والاتصالات التي تشترك فيه ثلاثة شركات أوروبية كبرى تنتج الحاسبات الآلية ، وهي بول الفرنسية Bull و TCL البريطانية و سمنز الألمانية ، وقد يتحول التحالف الاستراتيجي أيضاً إلى شركات تابعة مشتركة ، للشركات متعددة الجنسيات. وكل هذا يمثل صيغ للتعاون لتحقيق الأهداف الإستراتيجية لكل شركة متعددة الجنسية تدخل في التحالف الاستراتيجي الذي يتم الاتفاق عليه
6 – المزايا الاحتكارية : تتمتع الشركات متعددة الجنسيات بمجموعة من المزايا الاحتكارية ، وترجع هذه السمة إلى أن هيكل السوق الذي تعمل فيه هذه الشركات ، يأخذ شكل سوق احتكار القلة في الأغلب الأعم، ومن أهم عوامل نشأته تمتع مجموعة الشركات المكونة له من احتكار التكنولوجيا الحديثة والمهارات الفنية والإدارية ذات الكفاءات العالية والمتخصصة . وهذا الوضع يتيح للشركات المتعددة الجنسيات الفرصة لزيادة قدراتها التنافسية ومن ثم تعظيم أرباحها وإيراداتها . وتتحدد المزايا الاحتكارية في أربعة مجالات هي التمويل ، والإدارة ، والتكنولوجيا ، والتسويق. وتنبع المزايا التمويلية من توافر موارد عالية كبيرة لدى الشركة المتعددة الجنسية، وتمكنها من الاقتراض بأفضل الشروط من الأسواق المالية العالمية نظراً لوجود عنصر الثقة في سلامة وقوة مركزها المالي . تتمثل المزايا الإدارية في وجود الهيكل التنظيمي الذي يكون على أعلى مستوى من الكفاءة ، ويسمح بتدفق المعلومات وسرعة الاتصالات ، ويؤدي بالتالي إلى اتخاذ القرار السليم في الوقت المناسب . أن توافر المزايا الإدارية يتيح لهذه الشركات التمييز والتفوق ، لذلك تحرص على وجود وحدات متخصصة وقادرة في مجالات التدريب والاستشارات والبحوث الإدارية . وتحصل الشركات على المزايا التقنية، من خلال التطوير التكنولوجي المستمر، للاستجابة لمتطلبات السوق، والحد من دخول منافسين جدد وتقرير وضعها الاحتكاري، ولذلك تحرص هذه الشركات على التجديد والابتكار وتحسين الإنتاجية وتطويرها وزيادتها وتحقيق مستوى عال من الجودة. تأتي المزايا التسويقية للشركات المتعدية الجنسيات من خلال الشبكات التوزيعية والتسويقية ، التي تعمل على توفير منتجاتها بحالة جيدة في الوقت المناسب . إن هذه الشركات تهتم بأبحاث السوق والتركيز على أساليب الترويج والدعاية والإعلان لمنتجاتها لضمان طلب متزايد ومستمر عليها .
7- تعبئة المدخرات العالمية : أن كل شركة من الشركات متعددة الجنسيات تنظر إلى العالم كسوق واحدة ، ومن ثم تسعى إلى تعبئة المدخرات من تلك السوق في مجموعها بالوسائل التالية :
1. طرح الأسهم الخاصة بتلك الشركات في كل من الأسواق المالية العالمية الهامة وكذلك الأسواق الناهضة، وغيرها . #تعتمد الشركات متعددة الجنسيات، عند الإقدام على عمليات كبرى مثل شراء أسهم شركة منافسة بالقدر الذي يسمح بالسيطرة على إدارتها مثلاً، إلى الاقتراض من البنوك متعددة الجنسيات وبمعدلات عالية
2. تستقطب الشركات متعددة الجنسيات الجزء الأعظم من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر وتوجهه أساساً إلى أسواق الدول الصناعية التي تمثل ثلاثة أرباع السوق العالمية
3. إلزام كل شركة تابعة بأن توفر محلياً أقصى ما يمكن لتمويل اللازم لها، من خلال وسائل مختلفة مثل المشروعات المشتركة، طرح الأسهم الخاصة بتلك الشركات في الأسواق المالية العالمية، الاقتراض من الجهاز المصرفي المحلي وغيرها .
وبهذه الوسائل يمكن للشركات متعددة الجنسيات أن تقوم بتعبئة مقادير متزايدة من المدخرات العالمية
8- تعبئة الكفاءات : تتميز الشركات متعددة الجنسيات بعدم تقيدها بتفضيل مواطني دولة معينة عند اختيار العاملين بها حتى أعلى المستويات ، فالمعيار الغالب الذي تأخذ به هو معيار الكفاءة. و النمط المعمول به في اختيار العمالة في هذه الشركات هو الاستفادة من الكادر المحلي لكل شركة تابعة بع اجتياز سلسلة من الاختيارات والمشاركة في الدورات التدريبية .
9- التخطيط الاستراتيجي والإدارة الإستراتيجية : يعتبر التخطيط الاستراتيجي أداة لإدارة الشركات متعددة الجنسيات ، وهو المنهج الملائم الذي يضمن ويؤدي إلى تحقيق ما تهدف إليه الشركة متعددة الجنسية والتعرف على ما ترغب أن تكون عليه في المستقبل . يكثر استخدام التخطيط الاستراتيجي في الشركات المتعددة الجنسيات وهي تسعى من خلال ذلك اقتناص الفرص وتكبير العوائد ، وتحقيق معدلات مرتفعة في المبيعات والأرباح ومعدل العائد على رأس المال المستثمر. أن التخطيط الاستراتيجي هو الأداة الأساسية التي تستخدمها وتقوم بها الإدارة الإستراتيجية في تلك الشركات ، لتحقيق الأهداف الإستراتيجية . وتعد الخطط الإستراتيجية في غالبية الشركات المتعدية الجنسيات في المراكز الرئيسية، ويترتب على ذلك أن قواعد التخصيص ووضع الأهداف الخاصة بكل شركة تابعة يرتبطان بتحقيق الأهداف الإستراتيجية للشركة وخدمة إستراتيجيتها العالمية . تعاظم الشركات المتعددة الجنسيات هناك العديد من المؤشرات والتي تدل على تعاظم دور الشركات المتعددة الجنسيات والعالمية النشاط ومن أهمها :
_ أن حوالي 80% من مبيعات العالم تتم من خلال الشركات متعدية الجنسيات، وهو ما يعكس ضخامة قدرتها التسويقية والإنتاجية التي مكنتها من السيطرة على جزء هام من حركة التجارة الدولية .
_ الدور الكبير الذي تلعبه هذه الشركات في تسريع الثورة التكنولوجية ، فبفضلها زادت نسبة الاكتشافات التكنولوجية الحديثة والتي كانت نتيجة لجهود البحث والتطوير التي قامت بها هذه الشركات
10- التركيز على النشاط الاستثماري
تُشير البيانات والمعلومات المتاحة إلى أن الشركات متعددة الجنسية تتميَّز بالتركُّز في النشاط الاستثماري الضخم الذي تقوم به تلك الشركات ، ولعل تفسير هذا التركيز في النشاط الاستثماري يرجع بالدرجة الأولى إلى مناخ الاستثمار الجاذب لهذا النوع من الاستثمارات بمُكوِّناته المختلفة بالإضافة إلى ارتفاع العائد على الاستثمار، وتزايد القدرات التنافسية للدول المضيفة في العناصر الخاصة بتكلفة عنصر العمل، ومدى توافره ومستواه التعليمي، ومهاراته الإنتاجية والبنية الأساسية ومدى قوتها وتكاليف النقل، والوقت الذي يستغرقه الشحن، وتسهيلات النقل والاتصالات اللاسلكية والكهرباء والطاقة والأرض، والتسهيلات التمويلية كلها وغيرها، تجعل دولاً معينة أكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية المتدفقة من الشركات متعددة الجنسية، بالإضافة إلى الجوانب الخاصة بالمعلومات والخدمات المدعَّمة للأعمال، وتوافر المُدخَلات في السوق المحلية وغيرها، يُضاف إلى ذلك الطاقة الاستيعابية للاقتصاد الوطني والصحة الاقتصادية، وإثبات المقدرة على النمو وغيرها من العوامل .
11- الإنتماء غالباً إلى دول اقتصاديات السوق المتقدمة صناعيا:
ينتمي المركز الرئيسي أو الشركة الأم في معظم الحالات إلى دول اقتصاديات السوق المتقدمة صناعيا، وفي مقدمتها الو.م.أ لوفرة رأس المال، واحتكار التكنولوجيا لتهيئ مناخ الاستثمار لنمو هذا النوع من الشركات، ولذلك نرى هذه الشركات مركزة بفروعها في عدد من الدول المتقدمة..
الفصل الثاني : اقتصاد الشركات المتعددة الجنسيات .
المبحث الأول : دور الشركات المتعددة الجنسيات
المطلب الأول :في ظل العولمة .
لقد نتج عن التغيرات الإقليمية والدولية والتحولات الاقتصادية والاجتماعية نظام عالمي جديد بمضامينه وأبعاده الاقتصادية والاجتماعية والمالية والثقافية والسياسية المبني على اقتصاد السوق وتقليص دور الدولة الاقتصادي والاجتماعي وتنامي دور الشركات متعددة الجنسيات والمؤسسات المالية الدولية التي أخذت تفرض على الدول النامية سياسات وبرامج إعادة الهيكلة والإصلاح الاقتصادي وإحداث تغييرات جوهرية في طبيعة العلاقات الدولية وصياغة علاقات مجتمعية إنسانية جديدة.
وتعتبر الشركات متعددة الجنسيات أو الشركات متعددة القومية من الظواهر البارزة في الاقتصاد العالمي ذات تأثير كبير في سياسات الدول المتقدمة فدفعتها لتحقيق أهدافها في إطار تعديل أسس الولاء من الدولة الوطنية إلى الولاء إلى المنظمات الدولية والشركات متعددة الجنسيات ولقد تعددت تعاريف ومفاهيم هذه الشركات بتعدد جوانبها وأبعادها وأدوارها والتي أخذت أنماطاً مختلفة منها ما هو تجاري أو خدمي أو صناعي أو كلي تتكامل فيما بينها رأسياً وأفقياً.
وعلى هذا الأساس فإن هذه الشركات اندمج رأسمال المصرفي مع رأسمال الصناعي في رأسمال مالي أي بدمج العمليات الثلاثة الصناعية والتجارية والمالية بكل الاتجاهات وكل أنواع الاستثمارات.
ولقد ازداد عدد الشركات متعددة الجنسيات حيث أصبحت في أواسط التسعينات /35/ ألف شركة تتوزع على الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الغربية واليابان، وفي مستوى هذه الشركات تسيطر /100/ شركة الأكبر فيما بينها على معظم الإنتاج العالمي، وقد أكسبت الثورة العلمية والتكنولوجية الحديثة قوة إضافية لهذه الشركات وقدرة على الإنفاق على البحث العلمي. ويتضح من خلال نشاط هذه الشركات أنها قد ساهمت بشكل كبير في تفكيك عملية الإنتاج على الصعيد الدولي التي تتسم بعدم الاستقرار وبقابلية الإنقطاع والتي تهربت من أية رقابة أو اتفاقيات ملزمة وأنها نسقت مع المؤسسات المالية والمنظمات الدولية في الدخول إلى الدول النامية.
ولقد تجسدت ممارسة هذه الشركات في نشاطاتها في الاقتصاد الدولي بنمو دورها في تدويل الاستثمار والإنتاج والخدمات والتجارة والقيم المضافة والمساهمة في تشكيل نظام تجارة دولية حرة والتسريع في نمو أكبر للاستثمار
المباشر العالمي والتطور السريع للعولمة المالية وتنامي التأثير على السياسات الاقتصادية للدول والمساهمة في تعميق الفقر في العالم وهجرة الأدمغة وتعميق الفجوة التكنولوجية بين الدول المتقدمة والدول النامية.
ويمكن إيجاز أثر هذه الشركات على الاقتصاد الدولي بإضعاف سيادة الدول المتصلة وتقليص دورها الاقتصادي والاجتماعي وخلق شريحة اجتماعية طفيلية وإضعاف ميزان المدفوعات وحرمان الدول المضيفة من أنشطة البحث
العلمي والتطوير وإغرائها بمنحها عائداً أكبر لاستثماراتها لإبعادها عن إرساء قاعدة إنتاجية لها وبنفس الوقت استغلال المزايا النسبية للدول المضيفة ولجوء هذه الشركات للتمويل من السوق المحلية في المرحلة اللاحقة والمساهمة بمعدلات
منخفضة في العبء الضريبي وزيادة الفساد في المجتمع.
ومن هنا تبدو أهمية تأسيس نظام اقتصادي عالمي جديد عن طريق إيجاد تعاون إقليمي بين الدول وإعادة هيكلية صندوق النقد الدولي وضرورة إصلاح نظام التجارة العالمي وتعزيز التعاون الصادق بين دول الجنوب ودول الشمال وبمراقبة مناسبة على تحرك رؤوس الأموال الخاصة وتشجيع تعاون عالمي في العلوم ونقل التكنولوجيا إلى الدول
النامية.
المطلب الثاني : في الإقتصاد العالمي .
تمثل هذه الشركات أحد العوامل المؤثرة في حركة الاقتصاد العالمي فمنذ ظهورها في أواخر القرن التاسع عشر شكلت نقطة تحول هامة في النشاط الاقتصادي الدولي الذي كان سائداً ,وبعد مرحلة الحرب العالمية الثانية تزايد عدد هذه الشركات , وازدادت فروعها في العالم وفي ظل عصر العولمة نحن أمام شركات عملاقة متعددة الجنسيات , تعمل على تكييف مختلف الأنظمة والسياسات الاقتصادية في العالم منذ التسعينيات مع مظاهر ومعطيات العالم الجديد , الذي تعيد تشكيله ونتناول هذه الشركات بالدراسة والتحليل من خلال عدة جوانب :
أ ¯ التمييز بين الشركات متعددة الجنسيات والاحتكارات الكبيرة في مرحلة الامبريالية
أجريت دراسة تفصيلية حول الشركات متعددة الجنسية والتميز بينها وبين الاحتكارات الكبيرة التي كانت السمة الأساسية في مرحلة الإمبريالية من عدة وجوه رئيسية
-1إن الاحتكارات السابقة كانت تهتم بشكل رئيسي على تركيز نشاطها داخل إمبراطورية استعمارية , وكانت ترفع شعار الوطنية وتحاول حماية السوق القومية من المنافسة الخارجية , وكان لبعضها فروع أساسية داخل أراضي الإمبراطورية وخارجها في بعض المجالات كالتعدين والطاقة ونشاطات مالية وتجارية في حدود طبيعية , أما الشركات متعددة الجنسية فينتشر نشاطها في عشرات الدول بهدف الاستفادة من أية ميزة نسبية توفرها أية دولة , وهي غالباً تحصل على تمويل محلي من كل بلد يمتد إليه نشاطها كما تنتقي كوادرها على أساس الكفاءة والأداء بغض النظر عن جنسية أي منها فهي تحاول محو أية صلة خاصة بين شركة وحكومة واقتصاد بلد المقر وتحاول إخفاء نسبة الشركة الى جنسية معينة ويكتفي باسمها سواء
حين التعريف بها أو إنتاجها .
-2كانت الاحتكارات السابقة تكتفي بنشاط أساسي محدد أما الشركات متعددة الجنسية فإن أهم خصائصها تعدد النشاطات التي تشتغل ضمنها دون الالتفات إلى الروابط الفنية بين المنتجات المختلفة فنجد في سبع شركات ميتسوبيشي متفاوتة المكانة ميتسوبيشي للسيارات, ميتسوبيشي الكهرباء, بنك ميتسوبيشي – ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة , ميتسوبيشي للكيماويات , ميتسوبيشي المصرفية , ميتسوبيشي للمواد , أيضاً شركة /تايم وارنر/ تشتغل بعدد كبير من شركات النشر والملاهي والإعلام إلى استوديوهات هوليود والشبكة الإخبارية CNN .
-3الاحتكارات السابقة لم تكن تعطي التطوير التكنولوجي العناية اللازمة أما الشركات متعددة الجنسية فإن التطور التكنولوجي هوعمودها الفقري وهي تسهم مساهمة متزايدة في تحويل عمليات البحث والتطوير الى جانب الدولة فنجد أن الإنفاق على البحث والتطوير في ألمانيا بلغ 2,8% من الناتج المحلي الإجمالي أي 2ر37مليار دولار يسهم فيها المال العام بنسبة 37% والصناعات المختلفة بنسبة 60,1% وفي اليابان 21,8% , 86,2% على التوالي وفي أميركا 39,2% و 58,7% .
– 4لم تكن الاحتكارات السابقة ذات نشاط مالي واسع بينما الشركات متعددة الجنسية زاد نشاطها المالي والتجاري وتعددت الأساليب الجديدة للتعامل مع الشركات الصغيرة والعمال وتفضيل الشركات لعمليات المضاربة في الأسواق المالية عوضاً عن الاستثمار الانتاجي ويقدر حجم التعامل اليومي في الأسواق المالية (تريليون دولار)
ب ¯ التوزيع السياسي للشركات متعددة الجنسيات
¯ مع أن هذه الشركات موجودة بنشاطاتها وعملياتها واستثماراتها في كل أرجاء المعمورة (حسب قائمة فورشن 500 شركة) نجد أن (418) شركة منها تتخذ مقرها الرسمي في ثلاث مناطق اقتصادية رئيسية يتركز فيها ثروة تقدر بحوالي 20 تريليون دولاراً أي أكثر من 80% من إجمالي الانتاج القومي العالمي وتستأثر بحوالي 85% من إجمالي التجارة العالمية
هذه المناطق الثلاث هي :
1¯ منطقة الاتحاد الأوروبي التي تضم 155 شركة
2¯ منطقة الولايات المتحدة الأميركية التي تضم 153 شركة
3¯ منطقة اليابان التي تضم 141 شركة
ويتضح أن هذه الشركات تتمركز في مناطق الدول الصناعية المتقدمة الناضجة رأسمالياً لكن هناك حالة وحيدة تشذ عن هذه القاعدة وهي الشركات المتواجدة في كوريا الجنوبية والتي امتد نشاطها الى عشرات الدول حيث تضم قائمة (فورشن) 12 شركة مقرها في كوريا مثل LG الدولية و LG للإلكترونيات و DAEWO (سيارات ¯ إلكترونيات ¯ أعمال مصرفية) أما بقية المناطق مثل أميركا اللاتينية وأفريقيا والشرق الأوسط ووسط آسيا حتى الدول النفطية في الخليج العربي , فهي في
العموم مناطق اقتصادية غير أساسية بالنسبة لنشاطات هذه الشركات , فهي تشكل بالنسبة لهذه المناطق مصدر رعب لأنها تستغل هذه المناطق بسبب امتلاكها قدرات احتكارية ضخمة تهدد بها سيادة هذه الدول واقتصادها .
ج ¯ ظاهرة الإنتاج عن بعد :
تنتشر هذه الظاهرة التي تقوم بها الشركات متعددة الجنسية بإعادة رسم خريطة الإنتاج على المستوى العالمي حيث تعمد
شركة معينة الى التخصص في إنتاج سلعة معينة مروراً بكل مراحل إنتاجها ولكن دون أن تستقر في بلد واحد وهذا يعني الانتقال من الاستراتيجية الانتاجية الوطنية الى استراتيجية الانتاج العالمي بعدم تمركز أو حصر الانتاج محلياً فمثلاً شركة (بيشينه) تستخرج البوكسيت من استراليا وتحوله لالومين في أميركا وتنتج الألمنيوم في الغابون باستخدام الالومين المنتج بواسطة فروعها في غينيا .
وباعتماد هذا الاسلوب من الانتاج يصعب نسبة سلعة معينة الى بلد واحد باعتبار أن السلعة تنتج كأجزاء من آلاف المصانع المنتشرة في العديد من الدول .
… فالعالم الآن يشتري ماركات عالمية لاتحمل منشأ الصنع وبدأت تظهر عبارات صنع لدى مرسيدس أوتويوتا أو فيلبس .
د ¯ ظاهرة اندماج الشركات والمصارف:
وهي تأخذ شكل ابتلاع وامتلاك الشركات والمصارف الأضعف نسبياً وهي تعبير عملي لتمركز رأس المال والإنتاج , وقد شهد القطاع المصرفي في العقد الأخير من القرن الماضي سلسلة كاملة من حالات الاندماج والابتلاع أبرزها (بوينغ) (ماكدونال ¯ دوغلاس) وكذلك (لوكهيد) (مارنين ¯ مريتيا) في صناعة الطائرات (وتشيز مانهاتين) (كيميكال بنك) في القطاع المصرفي , وهناك أكثر من (2500) عملية اندماج وابتلاع تمت عبر الحدود خلال النصف الأول من عام 1999 قدرت قيمتها ب (411) مليار دولار وكانت مصارف وشركات ألمانيا رائدة في هذا المجال في أوروبا الغربية وعلى رأسها العملاق (الألماني ¯ الأميريكي) (دايملر ¯ كرايزلر) وهي شركة صناعية متشعبة في صناعة السيارات والطيران والفضاء , في شهر آب /1999/ أعلنت الشركة الكندية (آلكان) والفرنسية (بتشيناي) والسويسرية (الوسويس) عن رغبتها في إنشاء أكبر مجموعة للألمنيوم في العالم
وأيضاً في القطاع المصرفي نجد هناك حالات ابتلاع ودمج شديدة مثل دمج ثلاث مصارف يابانية (انداستراييل بنك أوف جابان) ومصرف (داي ¯ إبتش كانغيو بنك) ومصرف (فوجي بنك) وتشكيل مجموعة مصرفية ضخمة برأسمال قدره (142) مليار دولار , وأيضاً مشروع دمج (بنك ناسيونال دي باري) الفرنسي و (سوسيتيه جنرال) و(باريبا) برأسمال قدره (957) مليار يورو .
وهذه الظاهرة تؤدي الى خفض تكلفة الانتاج ومضاعفة الارباح وتعزيز القدرة التنافسية للشركات العملاقة ولكنها بالجانب الآخر تدمر فرص العمل وتؤدي إلى تفاقم اللامساواة الاجتماعية وتضعف السيادة الوطنية للدولة .
ه¯ تقويض وتغيير دور الدولة الاقتصادي والسياسي
لابد هنا من الاشارة الى بعض ممارسات هذه الشركات التي تحاول فيها الحد من دور الدولة الاقتصادي والسياسي
-1 حيث تستعين هذه الشركات بموظفين دوليين تابعين لمنظمات دولية،صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية لكي يحلوا محل الحكومات الوطنية في كثير من القضايا وتقوم هذه الشركات بالاعتماد على نظم أمن خاصة وشركات بريد خاصة وتقوم بإصدار بطاقات تحل محل النقود وتقوم بالاستيلاءعلى المرافق العامة والخدمات عبر آليات التخصيص .
-2 محاولة التهرب الضريبي
أيضاً هذه الشركات تحاول أن تكون بعيدة عن سطو القانون والضريبة لأنها تتقن التهرب منها فهي تقوم باتخاذ المال وطنا يستقر حيث يأمن وينمو بعيداً عن كل مسؤولية وهي تقوم بذلك باستخدام آلية (السعر التحويلي)
-1فإذا كانت الضرائب على أرباح الشركات مرتفعة في الدولة الأم عنه في الدولة المضيفة وكانت الشركة الأم تصدر الى الشركة التابعة لها فإنها في هذه الحالة ستسعر صادراتها الى فرعها في الدولة المضيفة بسعر أقل من الواقع (مدعية عدم تحقيق أرباح) ناقلة بذلك الأرباح من الشركة الأم الى الشركة التابعة لها وبهذا تقلل من العبء الضريبي الكلي للشركة وعلى العكس من ذلك .
-2ويستخدم السعر التحويلي للتهرب من الضرائب الجمركية على الواردات فكلما كانت مستويات هذه الضرائب مرتفعة في الدولة المستوردة كلما لجأت الشركات لتسعير السلعة بسعر أدنى من الواقع لتجنب دفع الضريبة .
-3وقد يستخدم السعر التحويلي كأداة للتهرب من القيود التي تفرضها الدولة المضيفة على مقدار الأرباح التي تحولها الفروع الى الشركة الأم , فعندما ترغب هذه الشركات أن تعيد أرباحها من الشركة التابعة الى الأم تلجأ الى تسعير الصادرات من الشركة التابعة الى الأم بسعر أدنى من الواقع أو تسعيرالصادرات من الشركة الأم الى التابعة بسعر أعلى من الواقع وتكون الأرباح بذلك قد تحولت فعلاً من الشركة التابعة الى الشركة الأم وتشير الأرقام الى أن هذه الشركات لم تقدم أكثر من 9% من فئة الضرائب العامة .
-3 أثرها في ميزان مدفوعات الدولة :
¯ أيضاً تؤثر هذه الشركة في ميزان مدفوعات الدولة المضيفة وذلك من خلال أن دخول رؤوس الأموال الى الدولة المضيفة والأرباح والفوائد المحمولة الى هذه الشركة في مقرها الأم ورواتب الموظفين والعمال في الفرع الذي يعتبرون من رعايا الدولة المضيفة (أجانب) سيخرجونها من الدولة المضيفة الى الدولة الأم وكذلك براءات الاختراع وحقوق الملكية ورسوم الترخيص المدفوعة من الفرع الى الشركة الأم مقابل استخدام التكنولوجيا أوالعمليات الانتاجية والعلاقات التجارية , كل ذلك يسجل في الجانب المدين لميزان مدفوعات الدولة المضيفة وبالتالي فإنه يحدث أثراً سلبياً إلا إذا قامت الشركات متعددة الجنسيات بالإنتاج للسوق المحلي في الدولة المضيفة وصدرته للدول الأخرى فإن ذلك يساهم في تحسين ميزان مدفوعات الدولة المضيفة .
و ¯ الهيمنة على اقتصاد العالم :
تشير المعلومات الى سعي الشركات متعددة الجنسيات للسيطرة على العملية الاقتصادية الدولية ذلك من خلال استعراض عدد من الأرقام المتوفرة :
امتلكت 40 ألف شركة احتكارية 250 ألف شركة فرعية حتى نهاية عام 1993 وبلغت قيمة مبيعاتها الاجمالية في العام نفسه أكثر من )5500( مليار دولار أميريكي وقيمة صادراتها (4000) مليار دولار أمريكي .
إن إيرادات الشركات الخمسمئة (مجلة فورشن تموز 1996) (11,4) تريليون دولار وفي عام 1995 تساوي 45% من الناتج المحلي الاجمالي لمجموع الدول المذكورة في تقرير التنمية في العالم في عام 1996
(25,3) تريليون دولار , وإذا استبعدنا من المقارنة الدول ذات الدخل المرتفع نجد أن مجموع إيرادات الشركات المذكورة (159,8%) من مجموع إجمالي الناتج المحلي لمئة وتسع دول تقطنها الغالبية العظمى من البشر .
80% من التجارة الدولية كانت في عام 1995 تحت هيمنة تلك الشركات متعددة الجنسية
ارتفعت التوظيفات المباشرة للشركات متعددة الجنسية من 500 مليار دولار الى 2700 مليار دولار أمريكي بين 1980 ¯ 1995 وبلغ مجموع التوظيفات المباشرة لها في عام 1995 أكثر من 3,5 مليار دولار أمريكي .
وجدير بالإشارة الى أن التوظيفات المباشرة لهذه الشركات تركز على عدد قليل من الدول الصناعية ففي الوقت الذي استحوذت عشر دول صناعية على ثلثي التوظيفات المباشرة لعام (1995) , بلغت نسبة توظيفاتها في (100) دولة لا تحتل موقعاً مهماً في التقسيم الدولي الرأسمالي للعمل 1% فقط من إجمالي توظيفات تلك الشركات.
المبحث الثاني : الأهداف الاستراتيجية و المالية للشركات .
المطلب الأول : الأهداف الإستراتيجية .
يجري عادة التمييز بين القرارات الأستراتيجية ، و القرارات التشغيلية في الشركات المتعددة الجنسيات .و ان إعداد الأستراتيجية يكون أكثر تعقيدا في الشركات متعددة الجنسيات و ذلك لانه يتعين عليها أن تأخذ في الحسبان أسواق عديدة ، وعملات متعددة ، و ثقفات متعددة و غيرها .ومن ثم يمكن تحديد الأهداف الأستراتيجية فضلا عن الأهداف المالية . ومختلفة إدارة الشركة و سياستها تبعا لجنسية كل من الشركات المتعددة الجنسيات .
1- تكوين الأستراتيجية
قبل تحديد الأستراتيجية للشركات المتعددة الجنسيات لابد من تحديد مهمتها و إجراء تقييم شامل للبيئة الإجمالية و تحليل للتنظيم و بيان نقاط القوة و الضعف فيه .ودراسة العديد من الإستراتيجيات المتعاقبة ، واختيار استراتيجية معينة و تطبيقها ،ومن تم إجراء التقييم و الرقابة .إن تكوين استراتيجية إجمالية يصبح شيئاً فشيئا مسألة حتمية في بيئة التحول السريع ، وذلك لان السوق تمتد على المستوى العالمي و الموارد تتأتى من اتجاهات عالمية .
إن الإدارة الاستراتيجية تساعد على التنسيق أفضل و تكامل للعمليات المتحققة في بلدان عديدة ،كما تساعد الشركات على التكيف بشكل ملائم مع التغيرات البيئية بفضل التنظيمات المختلفة و نشاطاتها .وتحديد الاستراتيجية يتم في الداخل اللجان الأستراتيجية ، التي تأخد على عاتقها تحديد الأهداف الكلية فضلا عن تطور الأستراتيجية الإجمالية للشركات المتعددة الجنسيات .وهذه اللجان يمكن أن تضم في عضويتها على سبيل المثال الرئيس ، ونائب المدير العام ،و المدير العام للمالية ، ومدير عام البحث و التطوير ، و المستشار . ويجتمع هؤلاء الأعضاء في اللجان مرتين في السنة ، وفي بعض اللجان الأستراتيجية يوجد كذلك مسئولي الأقسام المختلفة و مدراء الفروع الأجنبية فضلا عن مدراء الفروع المحلية .
2- الأهداف الإستراتيجية
تعتمد استراتيجية مجموعة الشركات متعددة الجنسيات على جملة أمور و قرارات استراتيجية تتبناها هذه الشركات و تلتزم بها لفترة طولية ، وتتمثل أغلب هذه القرارات في دعم و جود مجموعة الشركات في بعض الأسواق ،و إنتاج منتجات و تقديم خدمات جديدة ، وتوسيع أهداف حصص السوق ، والدخول في أسواق خارجية ، و اقتناء شركات جديدة ، واعادة تمركز النشاطات و اعتماد تنظيم جديد ، و انتشار أماكن العمل .
المطلب الثاني : الأهداف المالية .
تتعدد الأهداف المالية المنشودة بالنسبة لمجموعة الشركات المتعددة الجنسيات . وتختلف هذه الأهداف تبعاً للبدان و أحياناً داخل البلد نفسه .ويتمثل أبرز الأهداف فيما يأتي :
1- تعلية التدفقات النقدية.
2-تعلية معدل العائد على حقوق الملكية
3-تعلية معدل العائد على الأموال المستثمرة
4- تعضيم قيمة الشركة
ً
المبحث الثالث : الشركات المتعددة الجنسيات و الدول
المطلب الأول :موقف الدولة الأم .
1- من أهم المزايا التي تقدمها الشركات المتعددة الجنسيات للدولة الأم أنها تكون بمثابة و سائل تضمن تزويدها بالموارد المعدنية و الإستراتيجية و الطاقة الضرورية .
2- لكنها في بعض الحالات تمثل خطرا على الدولة الأم .حيث تساهم في نقل رؤوس الأموال خارج هذه الدولة ، وتنتج سلعا في الخارج شبيهة بالسلع المنتجة في الدولة الأم ، مما يدفع هده الأخيرة إلى إعادة استيرادها ، وهذا يؤثر
على ميزان المدفوعات الخارجية ،كما يؤدي إلى القضاء على التشغيل في المجال الصناعي .
المطلب الثاني : موقف الدولة المضيفة .
للتذكير فإن أصل هذه اشركات يعود إلى الدول المتقدمة و التي تتبنى اقتصاد السوق .و الدوافع الرئيسي إلى ظهورها هو الأقتصاد الحر العالمي الذي تطور مند عام 1945.
ونسنبرز هذا الموقف على مستويين :المستوى الاقتصادي ،والمستوى السياسي
1-على المستوى الأقتصادي :
– نظرا لحاجة دولة الأستقبال ( النامية ) إلى استثمار هذه الشركات ،فغالبا ما تصدر قوانين الأستثمار التي يتضمن إجراءات تشجيع هذه الشركات على الأستثمار.من بين هذه الإجراءات :إعفاء هده الشركات من دفع الرسوم و الضرائب .
-لكن في المقابل ، يقلل استغلال هده الشركات بشكل مفرط للموارد الطبيعية للدولة المضيفة ،من الأمتيازات و الفوائد المتوقعة من الاستثمار .حيث قد ينجم عن ذلك إفقار اقتصاد الدولة المضيفة ،وتعميق التخلف،وذلك من خلال تهريب الأموال إلى الخارج ، وعدم الأستثمار في مجال التنمية الصناعية كما تتحكم هذه الشركات أيضا في سعر و إنتاج
البترول ، وبالتالي تتحكم في منظمة الدول المصدرة للبترول .
إذن نظرا لطابعها التجاري ، تنظر هده الشركات إلى الكرة الأرضية كسوق و حيدة للمنتجين و المستهلكيين .وهذا يطرح مشاكل بالنسبة للدول المضيفة التي تفقد من الناحية العملية التحكم و السيطرة على المتعاملين الاقتصاديين .لذلك تنظر الدول المضيفة إلى هذه الشركات على أنها وسائل الهيمنة التي يستخدمها الدول الغريبة
2- على المستوى السياسي :
-تشكل هذه الشركات خطرا و تهديدا على السيادة الوطنية للدولة المضيفة حيث تمارس هده الشركات ضغوطات على سلطات هذه الدولة ، وقد تتدخل في شؤونها الداخلية كالتحكم في توجيه السلطة السياسية ، و التحكم في القرار السياسي في هذه الدولة .من السوابق التي تؤكد ذلك محاولة قلب نظام الحكم في الشيلي و إغتيال الرئيس عام 1973،وذلك
بموجب مؤامرة بين الشركة الأمريكية للهاتف و التلغراف ووكالة المخابرات الأمريكية .
– لمواجهة هذا التأثير على سيادتها ، تلجأ الدولة المضيفة إلى اتخاد عدة إجراءات من بينها : مراقبة الأستثمارات ، إلزام الشركات المتعددة الجنسيات على إعادة الإستثمار فيها ، التأميم .ومع ذلك ، تضل هذه الإجراءات ذات الفعالية محدودة .
الفصل الثالث : أثار نشاط الشركات المتعددة الجنسيات .
المبحث الأول : الأثار الإقتصادية و الإجتماعية للشركات المتعددة الجنسيات .
الآثار الاقتصادية لنشاط الشركات
لا يكفي التأكيد على أن الشركات المتعددة الجنسيّـة تمارس نشاطاً استثمارياً خارجياً فحسب، لأن ذلك تعريفاً خاطئاً نوعاً ما، لأنها، بالإضافة إلى هذا الدور المذكور، تقوم بدور اقتصادي واجتماعي له آثار متعددة، خاصة في البلدان العربية، كما يترتَّب عليها نتائج سياسية وثقافية.
فمن المعروف أن الشركات المتعددة الجنسية تسعى إلى زيادة أرباحها باستغلال الموارد الطبيعيـة والأيدي العاملة الرخيصة، ولا يعنيها مدى أهميّة المشاريع التي تنفذها بالنسبة للاقتصاد الوطني ولا بالنسبة لآثارها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية. فقد تركز هذه الشركات على استنفاد مورد طبيعي غير متجدد (النفط…) حين تكون مصلحة الدولـة الوطنية عدم استنفاد هذا المورد. وقد تهتم بصناعات تحويلية، في حين تحتاج الدولة إلى صناعات ثقيلة أساسية. فهي لا تستجيب تماماً للمتطلِّبات الوطنيَّة، لأنها، بكل بساطة، شركات أجنبية.
من هنا تلجأ البلدان المضيفة لاستثمارات هذه الشركات إلى وضع قيود على هذا الاستثمار، بأن تربطه بموافقة هيئات حكومية متنوعة، بعد أن تكيّف مشاريعها الاستثمارية وفق معايير تحددها البلدان المضيفة. هذا بالإضافة إلى تسابق البلدان النامية إلى تقديم الحوافز لتشجيع عمل هذه الشركات، ومنها :
– إعفاءات ضريبية أو تخفيض في الرسوم الجمركية
– سياسات تُحرِّر الشركات من القيود على أرباحها المحوَّلة إلى البلد الأم
وهناك أسلوب جذّاب للحوافز، هو السَّماح للمنشآت التابعة لهذه الشركات باستيراد ما يلزمها من مواد ومستلزمات بدون خضوعها للضرائب والرسوم
وثمة طرق أخرى تلجأ إليها الدول المضيفـة بأن تستخدم المنشأة التابعة حجماً معيناً من الموارد الإنتاجية المحلية في عملياتها الإنتاجية، أي، بعبارة أخرى، مساهمة هذا الفرع إيجاباً في الاقتصاد المحلي. كما تدفع هذه الشركات إلى توظيف نسبـة معينة من القوى العاملة من مواطني الدولة المضيفة
كذلك تلجأ الدولة المضيفـة، وحفاظاً على توازن ميزان المدفوعات، إلى تحديد حجم الأرباح ورأس المال الذي يُسمح للشركة بتحويله إلى الخارج. كما تفرض أن تكون صادرات الشركات كمّيات صغيرة من إنتاج البلد المضيف
لذلك نقول إن هناك آثاراً سلبية تتركها الشركات المتعددة على عمليات التنمية، وهي إهمال المشكلات التي تعاني منها المجتمعات النامية، كالموارد البشرية، إضافة إلى إهمال توزيع الثروة والدخل على كافة الشرائح الاجتماعية، باعتبار أن عملية التنمية في فلسفة الشركات المذكورة، هي عمليات اقتصادية بحت، إضافة إلى الأرباح الضخمة المحولـة إلى الدولة الأم، مما يؤدي إلى استنزاف الموارد الوطنية، وإلى ضياع الفرصة أمام الاقتصاد المحلي لاستغلال موارده استثماراً ذاتياً في الصناعات الوطنية
كذلك تتشابه النتائج على صعيد المنتجات الصناعية، بسبب المنافسة في الأسواق وما يترتَّب على ذلـك من عجز كبير في ميزان المدفوعات أو الميزان التجاري، خاصة إذا تعرّضت البلدان النامية وبلداننا العربية لسياسات الإغراق من جانب الدول الصناعية.
الآثار الاجتماعية لنشاط الشركات
تؤكد الدراسات الاقتصادية أن الشركات المتعددة الجنسيات، لا ترتبط أعمالها بالصناعات الوطنية في البلدان النامية بل بالسياسات العامة التي تضعها هذه الشركات، مما يؤدي إلى ازدياد الفروقات الاجتماعية بين الفئة المرتبطة مصالحها بهذه المشاريع وبين أغلبية السكان الذين يتدهور مستوى معيشتهم، تحت التأثير المزدوج لجمود التنمية، وارتفاع الأسعار نتيجة الارتباط الوثيق بالأسواق العالمية.
وغالباً ما يؤدي هذا الاتجاه إلى فتح الباب واسعاً أمام الفساد وما إلى ذلك من ظواهر اجتماعية سلبية. فغالباً ما تعتمد هذه الشركات الرشوة بغية إفساد الساسة والحكام، وحملهم على قبول شروط أكثر غبنـاً لبلادهم، والتغاضي عن مخالفات قانونية أو دفع ثمن أغلى من الأسعار الدولية. كما نجحت هذه الشركات المذكورة في شراء ذمم كبار المسؤولين، وجنّدت لخدمتها وبمرتبات عالية أعداداً لا يستهان بها من الفنّيين والإداريين ورجال الأعمال والمهنيين… خلاصـة القول، إن للشركات المتعددة آثاراً اجتماعيـة على الدول النامية، ومنها العربية، يمكن تلخيص أهمها بثلاث نقاط هي :
– تحجيم الصناعة الوطنية المنتجة، وتشجيع قيام فئة اجتماعية تعتاش على حساب المجتمع لها مواصفات غير إنتاجية
– تكريس الفساد والرشوة وقيم أخلاقية وضيعة
– زيادة الهوّة بين الشرائح الاجتماعية، مما يؤدي إلى عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي
إن توسيع قاعدة الارتباط بمصالح الشركات المتعددة في السنوات العشر الماضية، دفع العالم العربي إلى تبعيـة غذائية نتيجة تطور أنماط الاستهلاك وما تُعمِّمه من عادات وقيم في المأكل والمشرب والملبس، وما تقوم به من جهد على "المستوى الإعلامي"، بسبب مكاتبها المنتشرة في أكثر من مئة دولة في أنحاء العالم. وهي تلجأ إلى صرف المليارات من الدولارات على إعلاناتها بغية تسويق منتجاتها. فترسل أحياناً استمارات تفصيلية إلى أساتذة الجامعات المختصّين بالدراسات الإنتروبولوجية الثقافية والعلوم الاجتماعية والنفسية، تطلب فيها، لحساب الشركات، معلومات ذات فائدة (عادات الطعام، نماذج الاستهلاك عند العائلة، …)، وذلك لمعرفة رغبات الناس وعاداتهم كي يستطيع مديرو الشركات تصميم منتجاتهم حسب نتائج هذه الدراسات.
إضافة إلى ذلك، تعمل الشركات على إرسال بيانات استطلاع الرأي إلى الصحف والإذاعات وتلفزيونات البلدان النامية، وذلك عبر الأقمار الصناعية، لجمع المعلومات حول الثقافة المحلية بغية تصحيح منتجات الشركة. وقد ساعدها في تحقيق ذلك ثورة المعلومات والاتصالات الحديثة، مما فجَّر ظاهرة التنافس الشديد بين هذه الشركات وأحدث تغييراً هائلاً في عملية نشأة سوق عالمية واحدة.
وقد سعت هذه الشركات إلى وضع مصالحها قبل مصلحة الزبائن أو المستهلكين، في عمليات اندماج قامت بها مؤسسات احتكارية تنتج سلعاً متشابهةً تُباع في الأسواق نفسها (اندماج مؤسسة "جنرال إلكتريك" للأدوات الكهربائية ومؤسسة "آر سي أي" ).
أما أضرار الاندماج بين الشركات التي تمارس أعمالها ضمن الصناعة نفسها، فتقلص المنافسة التي تنجم عن تخفيض عدد المؤسسات التي تنتج السلع نفسها، مما ينعكس سلباً على الزبائن من جرّاء القضاء على المنافسة التي كانت قائمة بين الشركتين المذكورتين. وهذا ينعكس على المصلحة الاقتصادية العامة.
من هنا، كان تدخل الحكومات للقيام بوضع القوانين والتشريعات الجديدة، وإنشاء هيئات حكومية لمراقبة عمليات الاندماج بين المؤسسات، وذلك للحدّ من التواطؤ بين المؤسسات العاملة ضمن الصناعة الواحدة، والتخفيف من حدة الحالات المنافية للمصلحة العامة.
المبحث الثاني : الآثار المرتبطة بالشركات متعددة الجنسيات
نركز في هذا المطلب على دراسة وتحليل الآثار المرتبطة بالشركات متعددة الجنسية وهي كمايلي :
أولا: الأثر على الدخل و الأثر على العمالة: يمكن أن تؤثر الشركات متعددة الجنسية على مايلي :
1- الأثر على الدخل
إن قيام شركات متعددة الجنسية في بلد ما، يمثل إضافة للدخل الوطني في ذلك البلد، وقيامها بفتح أسواق جديدة والتصدير إليها هو إضافة المدخل، ولقياس أثر الاستثمار على الدخل يمكننا مبدئيا أن نقول: المنفعة المحققة= قيمة الإنتاج – تكلفة الإنتاج
والتكلفة هي ما يدفعه المستثمرون الأجانب للموارد والعمال والأرض….إلخ
من هذا التقدير المبدئي نخصم تكلفة الفرصة البديلة، لعناصر الإنتاج التي يستخدمها المستثمر الأجنبي قيمة الاستثمار إذن تكمن في الفرق بين قيمة ما ينتجه وماكان سينتج بدونه، وتصبح المعادلة كمايلي: المنفعة المحققة= قيمة الانتاج- تكلفة الإنتاج-تكلفة الفرصة البديلة.
ومن جهة أخرى تساعد الشركات متعددة الجنسية في نمو الإنتاج المحلي في تحسين عناصر الإنتاج، وحتى لو كانت كل الموارد موجودة في البلد المضيف، فإن الاستثمار الأجنبي يرفع العائد عليها ويحركها ليس من ناحية فنية فقط، ولكن أيضا يسوقها بما للشركة من شبكات توزيع وأسماء تجارية معروفة ورائجة يكفي وضعها على منتجات عديدة لتباع وتروج.
2-الأثر على العمالة
تسعى الدول النامية جاهدة إلى القضاء على مشكلة البطالة أو الحد منها، ولبلوغ هذا فتحت الباب أمام الشركات متعددة الجنسية على أمل خلق فرص جديدة ومتزايدة للعمل، ويمكن تصنيف الآثار المترتبة على العمالة في مايلي:
– إن وجود الشركة متعددة الجنسية يؤدي إلى خلق علاقات تكامل رأسية وأفقية بين أوجه النشاط الاقتصادي المختلفة في الدولة من خلال تشجيع المواطنين على إنشاء مشروعات لتقديم الخدمات المساعدة اللازمة، أو المواد الخام للشركات الجديدة.
إن الشركات متعددة الجنسية ستقوم بدفع ضرائب على الأرباح المحققة، وهذا سيؤدي إلى زيادة العوائد للدولة، ومع بقاء العوامل الأخرى ثابتة فإن زيادة العوائد سوف يمكنها من التوسع في إنشاء مشروعات استثمارية جديدة، هذا ما سيترتب عليه خلق فرص جديدة للعمل.
إن وجود الشركة متعددة الجنسية قد يؤدي إلى اختفاء بعض أنواع المهارات التقليدية نتيجة لما تستخدمه من تكنولوجيا متقدمة سواء كانت أساسية أو مساعدة أو قد يؤدي وجودها إلى عدم ثبات العمالة الموسمية.
إن نجاح الحكومة المضيفة في اختيار النوع التكنولوجي المناسب سوف يؤثر إلى حد كبير على عدد فرص العمل الجديدة، ومدى تنوعها.
نتيجة لارتفاع مستوى الأجور والمكافآت التي تقدمها شركات متعددة الجنسية (بالمقارنة بنظيرتها الوطنية)، فإنه من المحتمل أن تهرب العمالة والكوادر الفنية والإدارية للعمل بالشركات متعددة الجنسية.
إن إنشاء المشروعات الموجهة للتصدير والمشروعات كثيفة العمالة في المناطق الحرة سوف يؤدي إلى خلق العديد من فرص العمل الجديدة.
إن توسع الشركات متعددة الجنسية في أنشطتها سواء على المستوى الأفقي أو الرأسي مع الانتشار الجغرافي سوف يؤدي مع بقاء العوامل الأخرى ثابتة إلى خلق فرص عمل جديدة في المناطق أو المحافظات النائية المتخلفة اقتصاديا داخل الدولة
ثانيا: الأثر على التقدم التكنولوجي والأثر على الإدارة والتنمية الإدارية:
1- الأثر على التقدم التكنولوجي
هناك آراء مختلفة حول دور الشركات متعددة الجنسية في التطوير التكنولوجيوالتحديث للدول النامية المضيفة في مجالات القوى العاملة وبحوث التنمية والتطوير.
إذا قامت الشركات متعددة الجنسية بنقل مستوى عال من التكنولوجيا أو التركيز على المشروعات التي تتميز بكثافة رأس المال فإن هذا سوف يؤدي إلى :
– قلة فرص العمل الجديدة
– ارتفاع نسبة البطالة وخاصة العمال غير المهرة
– صعوبة تحقيق العدالة في توزيع الدخول على مستوى الدولة مما يؤدي إلى خلق الطبقة الاجتماعية
– قد تضطر الشركات الوطنية إلى تقليد الشركات متعددة الجنسية (أي تقوم بإدخال مستوى عال من التكنولوجيا) حتى تضمن البقاء في السوق
– تحصل الشركات من مقابل استخدام الفنون الإنتاجية أو الخبرة الفنية أو استئجار لمعدات معقدة بواسطة الوحدة الموجودة في الاقتصاد المتخلف على الأرباح
إذا قامت الشركات متعددة الجنسية بنقل مستوى منخفض من التكنولوجيا، فإن هذا يتفاعل مع اهداف الدول النامية بشأن تقليل نسبة البطالة، وبالرغم من أن تحقيق هذا الهدف يمثل ضرورة ملحة إلا أن النتيجة الطبيعية لنقل أو استيراد مستويات منخفضة من التكنولوجيا سيؤدي إلى توسع الفجوة التخلف التكنولوجي بين الدول النامية والدول المتقدمة.
ومن جهة أخرى فإن محاولة الدول النامية لإحراز درجة عالية من التقدم التكنولوجي كهدف سيكون على حساب درجة تحقيقها لهدف آخر هو التقليل من نسبة البطالة ومن ثم تحقيق العدالة في توزيع الدخول وتحقيق الرفاهية الاقتصادية لأفراد المجتمع
2- الأثر على الإدارة والتنمية الإدارية
لاشك أن الإدارة كأحد عوامل الإنتاج (أو كعنصر من عناصر التكنولوجيا) تلعب دورا رئيسيا في تحديد إنتاجية كل من منظمات الأعمال والاقتصاد الوطني ككل، بالإضافة إلى تحديد مركزها التنافسي سواء على المستوى الوطني أو الدولي
وبالنسبة للدول النامية بصفة خاصة فقد تظافرت مشكلة نقص الكوادر الإدارية مع غيرها من مشكلات عدم توافر عناصر الإنتاج من حيث الكم والجودة في تخلف هذه الدول عن ركب التقدم، وبالتالي يمكن القول أنه يزداد طلب الدول النامية على خدمات ومساعدات الشركات متعددة الجنسية لسد جانب الخلل والقصور والنقص في المهارات والكوادر الإدارية في مختلف المستويات التنظيمية والأنشطة الوظيفية في المنظمات العاملة يمكن تحديد إسهامات الشركات متعددة الجنسية بالنسبة للإدارة والتنمية للإدارة
والتنمية الإدارية في كثير من المجالات منها :
تنفيذ برامج التدريب والتنمية الإدارية في الداخل وفي الدول الأم.-
– تقديم أو إدخال أساليب إدارية حديثة ومتطورة
– خلق طبقة جديدة من رجال الأعمال وتنمية قدرات الطبقة الحالية
– استفادة الشركات الوطنية من نظيرتها الأجنبية بالأساليب الإدارية الحديثة من خلال التقليد
– إثارة حماس الشركات الوطنية في تنمية المهارات الإدارية حتى تستطيع الوقوف أمام منافسة الشركات متعددة الجنسية
يجب عدم تجاهل بعض جوانب الخاطر الذي قد يحيط بالشركات الوطنية والتنمية الإدارية بوجه عام في الدول النامية نتيجة لوجود الشركات متعددة الجنسية بها قد يؤدي إلى ارتفاع مستوى الأجور والحوافز التي تقدمها الشركات الوطنية للعمل بالأولى بينما تظل الأخيرة تعاني من هجرة الكوادر ومطالبة العاملين بها بالمساواة في الأجور والحوافز وشروط العمل مع نظائرهم بالشركات متعددة الجنسية
الشركات متعدده الجنسيات هي شركة ملكيتها تخضع لسيطرة جنسيات متعددة كما يتولى إدارتها أشخاص من جنسيات متعددة وتمارس نشاطها في بلاد أجنبية متعددة على الرغم من أن إستراتيجياتها وسياساتها وخطط عملها تصمم في مركزها الرئيسي الذي يوجد في دولة معينة تسمى الدولة الأم
و شركات الاستثمار الاجنبيالاستثمار الأجنبى المباشر عند امتلاك شخص أو شركة من دولة ما، أصولاً فى دولة أخرى من أجل إدارة هذه الأصول. من هنا فإن توافر القدرة على إدارة الأصول تمثل العنصر الأساسى المميز للاستثمار المباشر. ويعرف Kenworthy الاستثمار الأجنبى المباشر بأنه ملكية 10 %أو أكثر من أسهم أو أرباح الشركة أو المشروع. لقد حدد كل من صندوق النقد الدولى ومنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية تلك النسبة، كدليل على القدرة والسيطرة على أو التأثير على قرارات الشركة أو المشروع .
تحظى الشركات متعددة الجنسية بقدر كبير من الاهتمام في الأوساط الاقتصادية حيث يثور الجدل بين الاقتصاديين فيما يتعلق بدورها في اقتصاديات الدول المضيفة ـ ويعد ظهور هذه الشركات وانتشارها في مختلف مجالات الحياة أحدث مرحلة في تطور الرأسمالية خاصة في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية أنها ظاهرة لما يمكن أن يطلق عليه عملية تدويل الإنتاج ورأس المال في إطار التطور الديناميكي للرأسمالية .
إن دور الشركات متعددة الجنسية في الاقتصاد العالمي دور هام ومؤثر .. وأن كان هذا الدور أكثر أهمية وأشد تأثيراً بالنسبة للدول النامية .
التعريف :-
هناك اختلافاًً حول تعريف الشركات متعددة الجنسية وكل من بحث في هذه الظاهرة الاقتصادية يعرفها من وجهة نظره ويشير د. فؤاد مرسي أن تعبير الشركة متعددة الجنسيات كان أول من صاغه ديفيد ليلتال في بحث قدمه إلى معهد كارينجي للتكنولوجيا عام 1960 ونشر بعنوان الشركة المساهمة متعددة الجنسيات واستخدم الاسم بعد ذلك وأن كان حتى الآن هناك من يطلق على هذا النوع من الشركات مسميات أخرى وكل من بحث فى هذا النمط من الشركات له تعريفه الخاص . فالفكر الاقتصادي حتى يومنا هذا لم يتفق على تعريف موحد وإن كان البعض يرى أن أقرب التعاريف إلى الواقع ذلك الذي وضعته لجنة من المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة والذي يعرف الشركة متعددة الجنسية بأنها (تلك الشركات التي تمتد فروعها إلى دول عدة وتحقق نسبة من إنتاجها الكبير والمتنوع سواء السلعي أو الخدمي خارج دول الموطن .. وتتميز باحتكارها لأحدث أساليب التكنولوجيا العصرية … وهناك تعريفاً آخراً "هي الشركات التي تخضع ملكيتها لسيطرة جنسيات متعددة ويتولى إدارتها أشخاص من جنسيات متعددة وتمارس أعمالها في بلدان أجنبية … ويتم رسم استراتيجيتها وخططهــا في
دولة المركز (الدولة ) وهذا يعني أن هذه الشركات تعمل على امتداد واسع خارج نطاق الدولة الأم وتتسم بدولية النشاط متعدية القوميات لكونها تملك القدرة على حرية نقل وتداول عناصر الإنتاج والتكنولوجيا إلى الدول المضيفة باستقلالية شبه كاملة عن القواعد والنظم المعمول بها في هذه الدول ومازال الاختلاف على أشده من حيث المسمى فالبعض يرى أنها شركة كونية وآخرون ويطلقون عليها شركة عابرة أو متجاوزة القوميات ثم هناك أيضاً من يطلق اسم دولية النشاط على هذا النمط العالمي ويحبذ العالم الجليل المرحوم الأستاذ الدكتور / إسماعيل صبري عبدالله اسم الشركات المتعددة الحنسية على هذا النوع من الشركات في حين يستخدم الأستاذ الدكتور / محمد السيد سعيد (رحمه الله) اسم الشركات عابرة القومية على هذا النوع من الشركات أما الأستاذ الدكتور فؤاد مرسي فكان كثيراً ما يستخدم تعبير المشروع المتخطي للقوميات .
نشأة الشركات متعددة الجنسية :-
لقد ظهرت الشركات المتعددة الجنسيات بشكلها الحالي على يد الشركات الأمريكية الكبرى التي دأبت منذ نهاية الحرب العالمية ، وبشكل خاص منذ الخمسينات على زيادة استثماراتها المباشرة خارج الولايات المتحدة وذلك بإنشاء وحدات إنتاجية في كندا وأوروبا وأمريكا اللاتينية في إطار استراتيجية إنتاجية عالمية موحدة ، وسرعان ما حذت الشركات الأوروبية حذوها بعد أن استردت أوروبا عافيتها بعد الحرب العالمية الثانية وأعادت بناء قوتها وبدأت تنتقل من الإقليمية إلى العالمية بإنشاء وحدات إنتاجية خارج حدودها ، بل أن بعض هذه الشركات قام بإنشاء شركات صناعية تابعة لها في الولايات المتحدة .
يرجع تاريخ العديد من الشركات المتعددة الجنسيات بوضعها الحالي إلى القرن 19 منذ بدأت بعض الشركات الكبرى في الولايات المتحدة وأوروبا إقامة وحدات إنتاجية خارج حدودها الأصلية ففي عام 1865 أنشأت شركة باير الألمانية للصناعات الكيميائية مصنعاً لها في نيويورك إلى أن شركة سنجر الأمريكية كانت أول شركة تستحق وصف (المتعددة الجنسية) بالمعنى الدقيق حيث أنشأت في عام 1867 مصنعاً لها في جلاسكو لإنتاج ماكينات الخياطة وتبعته بعدة مصانع أخرى في النمسا وكندا وسرعان ما حذت الكثير من الشركات الأمريكية حذوها .
ورغم ظهور واستقرار العديد من الشركات المتعددة الجنسية فقد بقيت أهميتها في الاقتصاد العالمي محدودة بشكل كبير فقد كانت الأنشطة التي كانت تعمل فيها هذه الشركات بشكل أساسي استخراج البترول ، صناعة السيارات ، إنتاج الألمونيوم وهي أنشطة ، لم تكن تلعب دور أساسياً في اقتصاديات الدول الرأسمالية في هذا الحين وكانت النشاطات المهمة لهذه الدول تتمثل في استخراج الفحم ، وصناعة مهمات السكك الحديدية ، الحديد والصلب … ظلت هذه الصناعات بعيدة عن عمل الشركات المتعددة الجنسية فضلاً عن ضيق حجم النشاط الدولي لهذه الشركات .
ولم تسمح الظروف الدولية الاقتصادية في فترة ما بين الحربين العالميتين بنمو الاستثمارات الدولية المباشرة بسبب عدم استقرار الأوضاع النقدية في أوروبا نتيجة للتضخم الهائل كما كان وجود الحواجز الجمركية وارتفاع تكاليف النقل عائقاً أمام نمو هذه الشركات ولم تكن قادرة على المنافسة في الأسواق الخارجية ومن ثم كان من الأهمية إنشاء وحدات إنتاجية قرب او في مناطق الاستهلاك كبديل للتصدير من دولة المركز … كما كان للاهتمام بتقليل المخاطر الاقتصادية داخل الدولة الأم أحد أسباب تعدي هذه الشركات الحدود إلى بلدان أخرى على أن هذه الأوضاع تغيرت تماماً بعد الحرب الثانية بإبرام الاتفاقية العامة للتجارة والتعريفات فى عام 1947 والتي تولت وضع أسس ومبادىء عامة لتنظيم التبادل التجاري الدولي فأزاحت بذلك واحداً من أهم العوائق التي كانت تعترض سبيل الشركات المتعددة القوميات .
وكذلك اتفاقية السوق الأوروبية المشتركة الموقع عليها في 25/3 /1957 بالعاصمة الإيطالية روما بمثابة القوة التي دفعت لنشاط هذه الشركات وهكذا فإن الظروف كلها كانت مهيأة منذ نهاية الحرب العالمية لظهور الشركات المتعددة الجنسيات .
الأهداف الاستراتيجية للشركات متعددة الجنسية :-
تعتمد استراتيجية الشركات متعددة الجنسيات على جملة أمور وقرارات استراتيجية تتبناها هذه الشركات وتلتزم بها لفترة طويلة وتتمثل أغلبها في دعم وجودها في بعض الأسواق وتقديم خدمات جديدة ،والعمل على توسيع نطاق السوق وحصصها منه ، والدخول في أسواق خارجية واقتناء شركات جديدة ،وإعادة تمركز النشاطات واعتماد تنظيم جديد ، والانتشار على نطاق واسع … فضلاً عن الرغبة الجامحة في تحقيق الأرباح التي تكاد تكون الهدف الرئيسي لها وهي الأهداف المالية التي تختلف تبعاً للبلدان المضيفة وأحياناً داخل البلد نفسه وتتمثل في/
1. زيادة التدفقات النقدية .
2. رفع معدل العائد على حقوق الملكية .
3. زيادة معدل العائد على الأموال المستمرة .
4. تعضيم قيمة الشركة (الأصول) .
هذا وتتوزع الشركات متعددة الجنسيات عالميا حسب قائمة (فورشن) حيث يوجد 500 شركة منها 418 شركة تتخذ مقرها الرئيسي في ثلاث مناطق اقتصادية رئيسية يتركز فيها أكثر من 80% من إجمالي الإنتاج القومي العالمي وتستأثر بحوالي 85% من إجمالي التجارة العالمية .
هذه المناطق الثلاث هي /
1. منطقة الاتحاد الأوروبي تضم 155 شركة
2. منطقة الولايات المتحدة الأميركية تضم 153 شركة .
3. منطقة اليابان تضم 141 شركة .
ويتضح أن هذه الشركات تتمركز في مناطق الدول الصناعية المتقدمة فضلا عن الشركات المتواجدة في كوريا الجنوبية حيث تضم قائمة "فورشن" 12 شركة مقرها كوريا .
تتواجد الشركات متعددة الجنسيات في الدول المضيفة تحت ثلاثة أشكال أو أنواع :
1. شركات أفقية التواجد بمعنى أن الشركة تكون قائمة لإنتاج السلعة أو الخدمة بشكل متكامل .
2. شركات رأسية التواجد بمعنى أن الشركة تقوم بإنتاج عنصراً ومدخل إنتاجي وحيد لاستخدامه فرع آخر للشركة في مكان آخر في العالم .
3. شركات تجمع ما بين الاثنين بمعنى أن الشركة تكون قائمة لإنتاج السلعة أو الخدمة بشكل كامل أو بشكل جزء أي أنها تجمع بين النوعين
ويتفق الاقتصاديون على التأثير الهائل لدور الشركات متعددة الجنسية على النظام الاقتصادي العالمي والذي يمكن بلورته فيما يلي /
– عالمية النشاط فهذه الشركات عمقت مفهوم العالمية الاقتصادية من خلال أطر منظمة يتم العمل بها على مستوى العالم (عولمة الاقتصاد) أي خلقت كيان اقتصادي موحد إلى حد كبير من حيث حجم معاملاتها ووسائل الاتصال الخاصة به .. ومن خلال هذه الشركات تغير المفهوم التقليدي لعناصر العملية الإنتاجية من وضع يتسم بالمحدودية في إطار جغرافي ضيق إلى الانتشار (العالمية).
– التأثير على النظام النقدي الدولي / تملك الشركات متعددة الجنسية القدرة على التأثير على السياسة النقدية في العالم ويعود ذلك إلى ضخامة ما تمتلكه من الأصول الشامله والاحتياطيات الدولية .
– التأثير على التجارة الدولية / هذه الشركات تستحوذ على نسبة كبيرة من حجم التجارة العالمية من خلال فروعها المنتشرة وبما يمتلكه من تنوع في المنتجات خاصة المدخلات الأولية والمواد الخام وأيضاً المنتجات تامة الصنع .
– التأثير على توجهات الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة في العالم وذلك باستخدام قدراتها المالية واحتياطياتها الكبيرة من الأموال فهي فاعل مؤثر على مستوى وحجم الاستمارات وأن كانت الشواهد تشير إلى تركز استثمارات هذه الشركات في الدول المتقدمة للاستفادة من الميزات النسبية التي تتوافر في هذه الدول والتي تفتقدها الدول النامية عادة وعموماً يعد الاستثمار الأجنبي المباشر (العيني) المؤشر الأساسي الذي يقاس عليه انتعاش وانكماش النشاط الاستثماري للشركات المتعددة الجنسية .
– تكوين أنماط جديدة من التخصص وتقسيم العمل الدولي / وترتبط هذه النقطة بدور الشركات المتعددة الجنسية في حركة التجارة الدولية وأيضاً بتأثيرها على توجيهات الاستثمارات وأصبحت قرارات الإنتاج والاستثمار تتخذ من منظور عالمي وفقاً لاعتبارات تتعلق بالتكاليف والأرباح .
– نقل التكنولوجيا حيث تلعب الشركات متعددة الجنسية دوراً هاماً في أحداث الثورة التكنولوجية من خلال ما تمتلكة من إمكانيات وموارد بشرية من إمكانيات وموارد بشرية ومالية ضخمة تمكنها من الاتفاق على بحوث التطوير والاختراع (تبلغ نسبة الاتفاق) على البحث والتطوير في ألمانيا حالي 2.8 % من الناتج المحلي الإجمالي لها .
السمات الأساسية للشركات متعددة الجنسية :-
o ضخامة الحجم : وهي السمة الرئيسية في تكوين هذه النوعية ولا يقصد بهذا مقدار رأس المال فهو لا يمثل سوى جزء بسيط من إجمالي التمويل المتاح ولا برقم العمالة لأن هذه الشركات تتمتع بالقدرة التكنولوجية إنما يقصد بضخامة الحجم هنا حجم المبيعات السنوية (رقم الأعمال ) وحجم المنظومة التسويقية والمنظومة الإدارية وكفاءة العنصر البشري كما أن من دلالات ضخامة الحجم . استثمارات الشركات متعددة الجنسية فاستثماراتها في العالم تكاد تصل إلى ضعف الناتج القومي للولايات المتحدة ومعلوم أن هذه الشركات كما سبق الإشارة ينتشر نشاطها في العالم للاستفادة من أي ميزة نسبية أو تنافسية .
والميزة النسبية هي المبدأ الذي أشار إليه ريكاردو مستندا إلى حقيقة أن الدولة تمتلك ميزة نسبية في إنتاج سلعة معينة إذا كانت تكاليف إنتاجها أقل من تكلفة إنتاجها أقل من تكلفة إنتاج نفس السلعة في دولة أخرى.
أما الميزة التنافسية فهي تلك المترتبة على تمتع منتج معين بميزات لا تتوافر لدى المنافسين سواء من حيث الجودة في الإنتاج أو استخدام الأساليب الحديثة في التسويق وما يتصل به من وظائف وهذه الميزة عامة تعتمد على التكلفة وهي بذلك تتشابه مع الميزة النسبية ولكن تتسم بميزة التفضيل على إنتاج المنافسين .
o تنوع الأنشطة وهو ما يتسم به هذه الشركات وتقوم سياساتها على إنتاج أكثر من منتج وخير مثال على ذلك شركة ميتسوبيشي العالمية فهي تملك شركة لإنتاج السيارات والأدوات الكهربائية والصناعات الثقيلة بخلاف الأنشطة المصرفية وهذا التنوع يساعد على التقليل من احتمالات الخسارة إلى أقصى حد وهذه الشركات تخطت النمط التقليدي الذي كان يركز على إنتاج سلعة رئيسة معينة إلى الكثير من الأنشطة الاقتصادية الأخرى وعموماً أن قيام الشركات متعددة الجنسية بتنويع أنشطتها يرجع إلى الرغبة الجامحة لهذه الشركات في السيطرة على التجارة الدولية والتي تضمن لها سيطرة متزايدة على الاقتصاد العالمي .
o الانتشار الجغرافي : من الميزات التي تتسم بها الشركات المتعددة الجنسيات هي كبر مساحة السوق التي تغطيها وامتدادها الجغرافي خارج الدولة الأم بما لها من إمكانيات هائلة في التسويق وامتلاكها فروع وشركات تابعة في أنحاء العالم لقد ساعدها على هذا الانتشار التقدم التكنولوجي الهائل ولا سيما في مجال المعلومات والاتصالات والانتشار الجغرافي من الخصوصيات التي تنفرد بها الشركات متعددة الجنسية وهذا الانتشار الجغرافي يساعد هذه الشركات على رسم استراتيجيتها على المستوى العالمي ومن ثم تحديد الكميات والنوعيات التي يحقق إنتاجها أرباحا عالية .
o التفوق التقني فهذه الشركات تتميز بامتلاك تكنولوجيا متطورة ساعدها على ذلك إنفاقها مبالغ طائلة على التطوير والبحوث وقد أدى امتلاك هذه الشركات لرؤوس أموال تراكمية إلى الاتفاق على عمليات التطوير المستمر لدرجة أن الشركات تعتبر هذا الاتفاق نوع من الاستثمار .
o مركزية الإدارة: فالسلطة تتحدد من خلال الشركة الأم بواسطة شبكة اتصال متطورة تمكن من الوقوف على حركة المبيعات والإنتاج في الدول المضيفة بدقة بالغة كما أن مركزية الإدارة تمكن من المحافظة على الأسرار العلمية والفنية كما انه يمكنها من وضع استراتيجية المنتجات واتخاذ القرارات الاستراتيجية فيما يتعلق بالخطط الإنتاجية والسياسات التمويلية … إلخ .
o ظاهرة الإنتاج عن بعد/ لا مركزية الإنتاج تتسم هذه الظاهرة التي تقوم بها الشركات متعددة الجنسية بإعادة رسم خريطة الإنتاج على المستوى العالمي حيث تعمد شركة معينة إلى التخصص في إنتاج سلعة معينة مروراً بكل مراحل إنتاجها ولكن دون أن تستقر في بلد واحد وهذا يعني الانتقال من الاستراتيجية الإنتاجية الوطنية إلى استراتيجية الإنتاج العالمي بعدم تمركز أو حصر الإنتاج محلياً .
o القدرة على تحويل الإنتاج والاستثمار على مستوى العالم أن هذه الخاصية ناتجة عن كون هذه الشركات تتميز بنشاطها الاستثماري الواسع في العالم ، وكذلك كونها كيانات عملاقة متنوعة الأنشطة تسودها عمليات التكامل الأفقي والرأسي على الرغم من ضخامة الاستثمارات الدولية التي تقوم بها الشركات المتعددة الجنسيات فإن أكثر من ثلثي استثماراتها تتركز في الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي (انجلترا وألمانيا وفرنسا) وسويسرا واليابان بمعنى أن الجزء الأكبر من استثمارات الشركات متعددة الجنسية يذهب إلى الدول الرأسمالية المتقدمة وهذا يوضح أن هذه الشركات هي عبارة عن ظاهرة ترتبط غالباً بالدول ارأسمالية التقدمة باعتبارها المصدر والمستورد الرئيسيين لاستثمارات هذه الشركات ويعود هذا التركز إلى العوامل التالية /
– المناخ الجاذب لهذه النوعية من الاستثمارات .
– ارتفاع العائد على الاستثمارات .
– تزايد القدرات التنافسية للدول المضيفة والتي تتحقق عادة من خلال انخفاض تكلفة عنصر العمل وتوافره وارتفاع مستواه التعليمي ومهاراته وإنتاجيته .
– توافر البنية الأساسية وتسهيلات النقل وتقدم شبكات الاتصالات .
– الطاقة الاستيعابية للاقتصاد القومي في هذه الدول .
o إقامة التحالفات الاستراتيجية : وهي من السمات الهامة للشركات متعددة الجنسيات والتي تسعى ًإلى إقامة تحالفات استراتيجية فيما بينها من أجل تحقيق مصالحها الاقتصادية المشتركة وتعزيز قدراتها التنافسية والتسويقية والتحالفات هي نتاج المنافسة المحتدمة والتي صارت سمة أساسية للأسواق المفتوحة وثورة الاتصالات والمعلومات وتقوم التحالفات الاستراتيجية بين الشركات المتشابهة في الصناعات المتماثلة بدرجة أكبر وفي بعض الأحيان يأخذ هذا التحاف شكل الاندماج وهذا يظهر بوضوح في مجال البحث والتطوير يحتاج إلى تمويل ضخم ، وقد يتحول التحالف الاستراتيجي أيضاً إلى شركات تابعة مشتركة للشركات متعددة الجنسيات وكل هذا يمثل صيغ للتعاون لتحقيق الأهداف الاستراتيجية لكل شركة متعددة الجنسية تدخل في التحالف الاستراتيجي الذي يتم الاتفاق عليه .
o المزايا الاحتكارية : تتمتع الشركات متعددة الجنسيات بمجموعة من المزايا الاحتكارية بفضل سيطرتها وترجع هذه السمة إلى أن هيكل السوق الذي تعمل فيه هذه الشركات يأخذ شكل سوق احتكار القلة في الأغلب يقصد باحتكار القلة بأنه الحالة التي تنشأ عندما يقوم عدد قليل من الأفراد أو المنشآت بإنتاج العرض الكلي للسلعة وهناك نوعان /
– احتكار القلة البحت ويتسم بقلة عدد البائعين الذين يتنافسون فيما بينهم على إنتاج وبيع منتج متجانس ومن ثم يمكن تحديد سعر موحد .
– احتكار القلة مع تنوع المنتج ويتسم بقلة عدد البائعين الذين يتنافسون فيما بينهم على إنتاج وبيع منتج متنوع يؤدي إلى أسعار مختلفة للمنتجات ويشير الاقتصاديون إلى أن احتكار القلة ينقسم إلى ثلاثة نماذج :
1. الكارتل .
2. الزعامة في السعر
3. حرب الأسعار وجمودها
ومن أهم عوامل نشأته تمتع مجموعة الشركات المكونة له من احتكار التكنولوجيا الحديثة والمهارات الفنية والإدارية ذات الكفاءات العالية والمتخصصة وهذا الوضع يتيح للشركات الفرصة لزيادة قدراتها التنافسية ومن ثم تعظيم أرباحها وتتحدد المزايا الاحتكارية في مجالات التمويل ، والإدارة والتكنولوجيا والتسويق وتنبع المزايا التمويلية من توافر موارد عالية كبيرة لدى الشركة المتعددة الجنسية وتمكنها من الاقتراض بأفضل الشروط من الأسواق المالية العالمية نظراً لوجود عنصر الثقة في سلامة وقوة مركزها المالي . تتمثل المزايا الإدارية في وجود الهيكل التنظيمي على أعلى مستوى من الكفاءة يسمح بتدفق المعلومات وسرعة الاتصالات ويؤدي بالتالي إلى اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب وتوفر المزايا الإدارية يتيح لهذه الشركات التميز والتفوق لذلك تحرص على وجود وحدات متخصصة في مجالات التدريب والبحوث الإدارية وتحصل الشركات على المزايا التقنية من خلال التطوير التكنولوجي المستمرة للاستجابة لمتطلبات السوق والحد من دخول منافسين جدد وتقرير وضعها الاحتكاري ولذلك تحرص هذه الشركات على التجديد والابتكار وتحسين الإنتاجية وتطويرها وزيادتها وتحقيق مستوى عال من الجودة تأتي المزايا التسويقية للشركات من خلال الشبكات التوزيعية والتسويقية التي تعمل على توفير منتجاتها بحالة جيدة .
وأن ذلك يعني أن هذه الشركات لها استراتيجية جوهرية تقوم على التقسيم الدولي للعمل في داخله وخارجه وينظر إلى العالم كوحدة اقتصادية واحدة ويعمل كمشروع متكامل عضوياً كل جزء فيه يخدم المجموع وهدفه الأول هو تنظيم واندماج النشاط الاقتصادي الذي يتولاه على صعيد العالم بحيث ينظم ربحه الكوني أي ربحه على الصعيد العالمي
o تعبئة المدخرات العالمية : تنظر الشركات متعددة الجنسيات إلى العالم كسوق واحدة ومن ثم تسعى إلى تعبئة المدخرات من تلك السوق في مجموعها بالوسائل التالية /
– طرح الأسهم الخاصة لها في كل من الأسواق المالية العالمية الهامة وكذلك الأسواق الناهضة وغيرها تعتمد الشركات متعددة الجنسيات عند الإقدام على عمليات كبرى مثل شراء أسهم شركة منافسة بالقدر الذي يسمح بالسيطرة على إدارتها مثلاً إلى الاقتراض من البنوك متعددة الجنسيات وبمعدلات عالية .
– تستقطب الشركات متعددة الجنسيات الجزء الأعظم من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر وتوجهه أساساً إلى أسواق الدول الصناعية التي تمثل ثلاثة أرباع السوق العالمية .
– إلزام كل شركة تابعة بأن توفر محلياً أقصى ما يمكن لتمويل اللازم لها من خلال وسائل مختلفة مثل المشروعات المشتركة طرح الأسهم الخاصة بتلك الشركات في الأسواق المالية العالمية الافتراض من الجهاز المصرفي المحلي وغيرها .
o تعبئة الكفاءات : تتميز الشركات متعددة الجنسيات بعدم تقيدها بتفضيل مواطني دولة معينة عند اختيار العاملين بها حتى أعلى المستويات فالمعيار الغالب الذي تأخذ به هو معيار الكفاءة والنمط المعمول به في اختيار العمالة في هذه الشركات هو الاستفادة من الكوادر المحلية لكل شركة تابعة بعد اجتياز الاختيارات المطلوبة والمشاركة في الدورات التدريبية .
o التخطيط الاستراتيجي والإدارة الاستراتيجية : يعتبر التخطيط الاستراتيجي أداة لإدارة الشركات متعددة الجنسيات وهو المنهج الملائم الذي يضمن ويؤدي إلى تحقيق ما تهدف إليه الشركة متعددة الجنسية والتعرف على ما ترغب أن تكون عليه في المستقبل وهي تسعى من خلال ذلك اقتناص الفرص وتعظيم العوائد وتحقيق معدلات مرتفعة في المبيعات والأرباح والتخطيط الاستراتيجي هو الأداة الأساسية التي تستخدمها وتقوم بها الإدارة الاستراتيجية في تلك الشركات لتحقيق الأهداف الاستراتيجية ويتم إعداد الخطط الاستراتيجية في معظم الشركات المتعددة الجنسيات في المراكز الرئيسية ويترتب على ذلك أن قواعد التخصيص ووضع الأهداف الخاصة بكل شركة تابعة يرتبطان بتحقيق الأهداف الاستراتيجية للشركة وخدمة استراتيجيتها العالمية تعاظم الشركات المتعددة الجنسيات هناك العديد من المؤشرات والتي تدل على تعاظم دور الشركات المتعددة الجنسيات والعالمية النشاط ومن أهمها :
– أن حوالي 80% من مبيعات العالم تتم من خلال وهو ما يمكن ضخامة قدرتها التسويقية والإنتاجية التي مكنتها من السيطرة على جزء هام من حركة التجارة الدولية .
– الدور الكبير الذي تلعبه هذه الشركات في تسريع الثورة التكنولوجية فبفضلها زادت نسبة الاكتشافات التكنولوجية الحديثة والتي كانت نتيجة لجهود البحث والتطوير التي قامت بها هذه الشركات .
o التركيز على النشاط الاستثماري : يتميز نشاط الشركات متعددة الجنسيات بالتركز في النشاط الاستثماري الضخم الذي تقوم به ولعل تفسير هذا التركيز في النشاط الاستثماري يرجع بالدرجة الأولى إلى مناخ الاستثمار بمكوناته المختلفة بالإضافة إلى ارتفاع العائد على الاستثمار وتزايد القدرات التنافسية للدول المضيفة في العناصر الخاصة بتكلفة عنصر العمل ومدى توافره ومستواه التعليمي ومهاراته الإنتاجية والبنية الأساسية ومدى قوتها وتكاليف النقل والوقت الذي يستغرقه الشحن وتسهيلات النقل والاتصالات الاسلكية والكهرباء والطاقة والأرض والتسهيلات التمويلية كلها وغيرها تجعل دولاً معنية أكثر جاذبية للاستثمارات الأجنبية المتدفقة من الشركات متعددة الجنسية بالإضافة إلى الجوانب الخاصة بالمعلومات والخدمات المدعمة للأعمال وتوافر المدخلات في السوق المحلية وغيرها يضاف إلى ذلك الطاقة الاستيعابية وللاقتصاد الوطني واثبات قدرته على النمو وغيرها من العوامل وفي مقابل الأرباح الهائلة التي تحققها الشركات متعددة الجنسيات فإنها تقدم للدول المضيفة العديد من المميزات التي يمكن حصر أهمها فيما يلي /
– تدفق الاستثمار إلى البلدان النامية المضيفة يعتبر إضافة إلى قاعدة الموارد القومية للبلاد وقد أثمر ذلك عن /
– زيادة الناتج المحلي الإجمالي للدول المضيفة والذي يشكل فيه الاستثمار الأجنبي عنصراً رئيسياً .
– زيادة معدلات التصدير مع انخفاض حجم الواردات نتيجة دخول منتجات جديدة كان يتم استيرادها .
– ارتفاع جودة المنتج أو الخدمة التي تقدمها هذه الشركات بالمقارنة بالشركات المحلية بما يدفع الشركات المحلية إلى العمل على رفع جودة منتجاتها وتقليل أسعارها حتى يمكن أن تنافس الشركات متعددة الجنسيات وإلا خرجت من الأسواق مما يؤدي في النهاية إلى منتج على مستوى عالي من الجودة ومتزن السعر
– توفير تكنولوجيا حديثة ومتقدمة مما يفيد التقدم الصناعي أو الخدمي البلد المنصف وهو ما ينعكس على الاقتصاد القومي بشكل عام على أن تحفظا من جانب بعض الاقتصاديين فيرى د. فؤاد مرسي أن الدول الصناعية تحرص على عدم اقتسام معرفتها العلمية مع دول العالم النامي وهي تفضل أن تبيع المنتجات كاملة بدلا من ممارسة تجارة الأفكار فضلاً عن حجب براءات الاختراع عند توقيع عقود نقل التكنولوجيا مع الدول النامية … وتبقى عملية نقل التكنولوجيا ليست مجرد نقل آلات ومعدات ولكن نقل بخط معين من استخدام عناصر الإنتاج ونمط معين من الاستهلاك والتسويق كل هذه تعني استمرار علاقة التبعية الخارجية .
– تحفيز الشركات المحلية المغذية لهذه الشركات إلى تحسين جودة إنتاجها حتى يمكنها أن تقدم المدخلات الوسيطة على مستوى جيد يتناسب مع احتياجات الشركات وهو ما سوف يستتعبه استخدام تكنولوجيا أفضل ورفع أداء العاملين عن طريق التدريب المستمر .
– المحافظة على البيئة من خلال تواءمها مع مقتضيات بيئة نظيفة .
o خلق فرص عمل جديدة والحد من معدلات البطالة : رفع مستوى أداء العمالة من خلال التدريب المستمر واستخدام التكنولوجيا الحديثة لتمكينها في مواكبة التطور التكنولوجي المستمر للصناعة
على الرغم مما ذكر عن إيجابيات الشركات المتعددة الجنسية فإن المحاذير من أداء هذه الشركات لا يمكن انكارها فمن المستحيل على الإطلاق ا تتوافق استراتيجيات هذه الشركات مع استراتيجيات التنمية الاقتصادية وتوجيهاتها في الدول المضيفة خاصة دول العالم الثالث فالهدف الرئيسي لهذه الشركات تحقيق الأرباح وتنظيمها بكل الوسائل بغض النظر عن مصالح البلدان المضيفة ذلك أن موازين القوى الاقتصادية هي دائماً في صالح الشركات وهذا يعني تعرض الدولة المضيفة إلى غبن وظلم كما أن من الأمور الخطيرة هي تدخل هذه الشركات لتوجيه المسار الاقتصادي للدولة المضيفة السيطرة على أداء هذه الشركات بل أن الأدهى من ذلك أن هذه الشركات كي تتمتع بوضع احتكاري تعمل على السيطرة على شركات وطنية منافسة عنوة من خلال استخدام اساليب هي في الظاهر أساليب سليمة ولكنها لا تقوم على أسس أخلاقية حيث تعمل على رفع أسعار الأسهم للمساهمين من خلال رفع قيمة السهم بأعلى من سعرالسوق الحقيقي حتى يتم شرائها ومن ثم يتم ضم الشركات المنافسة وبعدها تنفرد بالإنتاج وتتمكن بعدها من فرض الأسعار حسب رغبتها ـ كما يمكن لهذه الشركات استخدام اسلوب الممارسات الاستبعادية للمنافسين من خلال السعر العدواني (يقصد بالسعر العدواني قيام شركة ما بفرض أسعار منخفضة جداً ربما أقل من سعر التكلفة وإطلاق إنتاج غزيز من منتج معين للأسواق لفترة مؤقتة تتمكن بعدها من استبعاد المنافسين ثم فرض أسعار مرتفعة غير قابلة للمنافسة) ثم يمكن أيضاً لهذه الشركات تشجيع الانقلابات العسكرية للقضاء على الحكومات الوطنية التي تقف ضد ممارساتها ولدينا المثال سيء الأداء سلوك هذه الشركات عندما تحالفت شركة التلغراف الأمريكية مع الجيش للانقلاب على الرئيس الشرعي المنتخب لمجرد أنه وقف أمام استغلال الشركة … أن للشركات المتعددة الجنسية آثار سلبية ولكن من الواضح أن اغلبها ينحصر في ممارسة هذه الشركات أنشطتها في الدول النامية والملاحظ أن السلبيات تزيد كلما كانت هذه الدول محكومة بنظم مستبدة فاسدة وبعض جماعات المصالح التى ترتبط عضوياً بهذه الشركات في حين تكاد تكون هذه السلبيات معدومة في الدول المتقدمة المحكومة ديموقراطياً والتي ينظم أدائها قواعد راسخة في إطار تشريعات شفافة وهذا ما تفتقده الدول النامية تماماً ان للشركات متعددة الجنسية يمكن إبراز اهمها على النحو التالي /
– عدم ارتباط انشطتها بالصناعات الوطنية في البلدان المضيفة عادة خاصة دول العالم النامي بل بالسياسات العامة التي تضعها هذه الشركات مما يؤدي إلى ازدياد الفروق الاجتماعية بين الفئة المرتبطة مصالحها بهذه المشاريع وبين اغلبية السكان الذين يتدهور مستوى معيشتهم تحت التأثير المزدوج لجمود التنمية وارتفاع الأسعار نتيجة الارتباط الوثيق بالأسواق العالمية . وغالباً ما يؤدي هذا الاتجاه إلى فتح الباب واسعاً امام الفساد وما إلى ذلك من ظواهر اجتماعية سلبية فغالباً ما تعتمد هذه الشركات الرشوة بغية افساد الساسة والحكام وحملهم على قبول شروط أكثر عبئاً لبلادهم والتغاضي عن مخالفات قانونية أو دفع ثمن أغلى من الأسعار الدولية كما نجحت هذه الشركات المذكورة في شراء ذمم كبار المسؤولين وجندت لخدمتها وبمرتبات عالية أعداداً لا يستهان بها من الفنيين والإداريين ورجال الأعمال والمهنيين خلاصة القول أن للشركات المتعددة آثارا اجتماعية على الدول النامية ومنها الدول العربية أهمها /
– تحجيم الصناعة الوطنية المنتجة وتشجيع قيام فئة اجتماعية تعيش على حساب المجتمع لها مواصفات غير إنتاجية .
– زيادة الهوة بين الشرائح الاجتماعية مما يؤدي إلى عدم استقرار الاجتماعي والسياسي .
– خلق ما يسمى بظاهرة الاقتصاد المزدوج فهناك قطاع متقدم آخر تقيدي متخلف وهناك أصحاب الدخول العالية وهناك أصحاب الدخول المتدنية
– تؤثر بشكل عميق على أنماط الاستهلاك في المجتمع المضيف وتشكل القيم الاستهلاكية حيزاً كبيراً في مجمل نظام القيم الثقافية في هذا المجتمع حيث تغرس هذه الشركات فيماً تتوافق مع معايير الاقتصاد المدول ولكنها تتعايش مع منظومة القيم التقليدية التي يغذيها الدولة وتكون النتيجة هي التوتر الناشىء عن التناقض التام بين المكونات المختلفة للممارسة الثقافية في المجتمع
– تتميز الدول التي تستقطب استمارات الشركات بمستوى شديد الارتفاع من عدم المساواة ومن عدم التكافؤ الشديد في مستويات النمو الأقاليم والمناطق وهذه كلها امور تدفع نحو التحلل القومي
– استعانة الشركات بموظفين أجانب للإدارة العليا تتضمن ولائهم ولسرية العمل والمعلومات يفيد عن رقابة الدولة المصدقة .
– من أخطر الآثار السلية للشركات متعددة الجنسيات تتمثل في التشوه الثقافي وخلق اتجاهات متناقضة في سلوكيات المواطنين .
– التهرب الضريبي والجمركي :- كثيراً ما تحاول الشركات التهرب من سداد الضرائب بكافة أنواعها وبذلك تفقد الدولة المضيفة جزء من إيراداتها السيادية على الرغم من حصول هذه الشركات على الطاقة والعمالة بأقل الأسعار .
– بعض الشركات تعمل على تدبير احتياجاتها من النقد الأجنبي من السوق المحلية مما يؤدي إلى أحداث خلل في سعر صرف العملة الوطنية ومعنى هذا أن تمويل الاستثمارات في الدول المضيفة لا يتم إلا بصورة محدودة من خلال التحويلات الرأسمالية الفعلية من الدولة الأم إذ تستطيع الشركات المتعددة الجنسية تمويل عملياتها في البلدان المضيفة عن طريق الاقتراض من السوق المحلية .
– تعمل على استقطاب أفضل العناصر بإغراء العلماء والفنيين المبدعين للعمل لديها على حساب الصناعة الوطنية مما يعمل على استمرار تخلف المنتج الوطني وقد كان لهذا التوجه دور في هجرة العقول الوطنية النابغة إلى الخارج .
– قيام هذه الشركات بنقل بعض الصناعات إلى خارج الدولة الأم للتخلص منها كما هو الحال في الصناعات الملوثة للبيئة والتمتع بالميزات الشبه متوافرة احياناً كمصادر الطاقة والعمالة الرخيصة وإن كانت بعض الشركات تعتمد على التكنولوجيا الموفرة للجهد الإنساني مما يعمق من مشكلة البطالة.
– تمتع هذه الشركات بإعفاءات جمركية وضريبية في نطاق قيامها في إطار قوانين خاصة لا تتمتع بها الصناعات الوطنية مما يوفر لمنتجاتها ميزات سعرية لا تتمتع بها منتجات الشركات الوطنية ومن ثم تعجز عن تصريف إنتاجها وتزيد تكلفة المخزون … الخ
– تجيز القواعد المنظمة للاستيراد والتصدير في الدول المضيفة لهذه الشركات باستيراد مستلزمات الإنتاج ومعدات ووسائل النقل بدون إلزام بالقواعد المطبقة على مثيلاتها من الشركات الوطنية وكثيرا ما يتمكن هذه الشركات من استيراد سلع ومنتجات يتم بيعها بحالتها في السوق المحلية مما يمثل خطراً على المنتجات المحلية المثيلة فضلاً عن أن هذه الشركات يقوم بتحويل أرباحها إلى البلد الأم بدون ضوابط ومنها من يتمكن من تقديم موازنتها بغير الحقيقة حتى لا تسدد ما عليها من ضرائب وهذا كله يمثل استنزافاً للموارد وهي في ذلك تستخدم ما يسمى بأسعار التحويل هي نوع من التلاعبين السعري والمحاسبي للذين تلجأ إليهما الشركات متعدد الجنسية لأسباب عديدة ويرتبط بعض هذه الأسباب بالرغبة في التغلب على قيود أسعار الصرف أو القيود على تمويل الأرباح إلى الخارج وتطبق أسعار التمويل على السلع وأيضاً المعاملات التي تقوم بها المشروعات التابعة للشركة الأم أو أي مشروع تابع لها في بلاد أخرى .
ويرى د. محمد السيد أن أسعار التحويل هي نوع من ريع الاحتكارات ويعرفها . بأنها عبارة عن نظام خاص لأسعار المنتجات التي تتدفق عبر قنوات التجارة داخل شبكة الشركات متعددة الجنسية يختلف أسعار السوق خارج هذه القنوات .
– الممارسات التجارية المقيدة على الدول النامية عند محاولاتها نقل التكنولوجيا فالدول المتقدمة ممثلة في هذه الشركات بضرورة استيراد الآلات والمعدات اللازمة للتكنولوجيا المنقولة من الشركة الموردة فضلاً عن استيراد الخامات والسلع الوسيطة .
– فرض الشركات المتعددة الجنسية استراتيجية تصنيع في الدول النامية لا تساعد على إقامة صناعات متكاملة داخل الاقتصاد القومي مما يكرس من التبعية المستمرة للخارج خاصة في استيراد الآلات والمعدات .
– تحكمها في أسعار المنتجات وقد يصل هذا التحكم إلى خلق وضع شبه احتكاري لتحقيق مصالحها .
– التأثير السلبي على هيكل التجارة الخارجية في شكل التوجيهات المحصورة في النشاطات ذات الميول الاستيرادية العالية والتي يترتب عليها تشكيل أذواق المستهلكين بما يتفق واستراتيجية هذه الشركات (الومبي ـماكدونالدز) بث النموذج الاستهلاكي الغربي ، وقد ساعد ذلك على زيادة الاستهلاك الترفي على حساب مشروعات إنتاجية أخرى … نقطة أخرى يتعين النظر إليها بدقة وهي قيام هذه الشركات باتباع تمويل احتياجاتها من الخارج من خلال المدخرات المحلية وقد سبق الاشارة لهذا
– التحكم في أسعار السلع الأولية وأيضاً في أسعار السلع المصنعة فالثانية دائماً أعلى من الأولى مما يعني ميل معدل التبادل الدولي في غير صالح الدول النامية وهذا ما يطلق عليه الفجوة التمويلية (الصادرات لا تغطي الواردات) مما قد يدفع الدول إلى الاستدانة .
– ربط اقتصاديات الدول النامية بالتغيرات في أسعار الدول المتقدمة ومن ثم انتقال الموجات التضخمية إلى هذه الدول .
كما أن الشركات متعددة الجنسية تعمل إلى تقليص الدور السيادي للدول النامية من حيث /
– خلق جهاز أمن خاص بها والاستغناء عن الأجهزة الأمنية في الدول المضبغة لنشاطاتها .
– عدم التزامها بالقوانين الوطنية (كقوانين التأمين والأجور وحقوق العمال ) .
– تكوين أجهزة اتصال من (لاسلكيات وشركات بريد خاصة) .
– لا تلتزم بالقوانين الوطنية فيما يتعلق بإجراءات التحكيم لحسم النزاعات بين الأطراف (العمال والإدارة) .
– خلق وسائلها النقدية الخاصة كوجود بطاقات الائتمان التي لا تخضع عادة لإشراف السلطات النقدية ويبقى حرص هذه الشركات على تحقيق السلامة لهذه الطاقات من خلال حرص الشركات على سلامة إصدارها من أي بنك عالمي .
ثم يبقى أن نضيف أن هذه الشركات كثيراً ما يكون لها دور في إحداث تغييرات في نظم الحكم ولعل تجربة شيلي التي سبق الإشارة إليها خير مثال على ذلك عندما تمكنت المخابرات الأمريكية لمساعدة والتنسيق مع شركة التلغراف الأمريكية من إحداث قلاقل واضطرابات للنظام القائم استغلها الجيش الشيلي في إحداث انقلاب عسكري فقد فيه رئيس الدولة حياته ولا شك في أن الصراعات التى يشهدها العالم منها ما يدبر بفعل وبتأثيرات وتوجيهات الشركات متعددة الجنسية كي تبقى تسيطر من خلال قيادات عميلة واقتصاديات هزيلة وتستمر عوامل تكريس التبعية .
…. لا شك في ايجابيات الشركات متعددة الجنسية في الاقتصاد العالمي ولكن نجاح الدول المضنية في الاستفادة من هذه الإيجابيات مرهون بقدرتها على الموازنة بين سيادتها وأمنها القومي وبين متطلبات التنمية الاقتصادية ويذكر د. محمد السيد سعد في مؤلفه الشركات عابرة القومية
إن الدولة التي تختار استراتيجية التحالف مع الشركات تصبح مفرغة إلى حد يختلف من حال لأخرى من المحتوى القومي ذلك أنها تتنازل طواعية عن سيادتها الاقتصادية في مجالها التشريعي فضلا عن انها تجد نفسها مقيدة لدى ممارسة هذه السيادة بالمدى الذي تم به فعلاً تدويل اقتصادها المحلي والحال أن التحالف مع الشركات ليس إلا جزءاً واحداً من العملية العامة لأرباح الاقتصاد المحلي في مجال الاقتصاد عابرالقومية ويرى د.فؤاد مرسى ان الشركات متعددة الجنسيات وهي تعمل حيثياً من أجل تدويل الحياة الاقتصادية في العالم بأسره لا تمثل عنصراً مواتياً لقيام دولة وطنية جديدة حتى النشاط التنيفي الذي يجري بمشاركته لكن تحت سيطرة هذه الشركات فإنه لن يؤدي إلى استقلا الرأسمالية المحلية يسوقها بل أنه يربط برباط وثيق بين أجزاء منها ورأس المال الدولي وتتكامل معه تحت هيمنة الاحتكارات الدولية في الوقت الذي يزيد من حدة الاستيطاب الداخلي ويدفع بأجزاء هامة من السكان إلى أوضاع هامشة ويؤكد د. محمد السيد سعيد ان بامكان الشركات إلى حد بعيد التأثير على خصائص النظام الاجتماعي والسياسي ومن ثم على إمكانيات التطور القومي كما ان الطريقة للتطور القوي يتحدد إلى حد يعيد بتطبيق برامج للنمو الاقصادي المستقل والموجه داخلياً لصالح اشباع الحاجات الاجتماعية والثقافية لأغلبية المجتمع النامي .
المصادر:
1. د. محمد السيد سعيد : الشركات عابرة القومية ومستقبل الظاهرة القومية / عالم المعرفة العدد 107
2. د . فؤاد مرسى : الراسمالية تجدد نفسها / عالم المعرفة العدد 147
3. منتديات طلبة الجزائر : بحث حول الشركات متعددة الجنسية
4. مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر / حلب / الشركات متعددة الجنسية ودورها فى الاقتصاد العالمى
5. شبكة الانترنت : الشركات متعددة الجنسيات والقضايا العمالية ما بين الانعكاسات المحلية والتغيرات الدولية
6. ويكيبيديا : شركة متعددة الجنسية
7. محمد نبيل الشيمى : الشركات المتعددة الجنسية وبنيان التجارة الخارجية لدول العالم الثالث / وزارة التجارة الخارجية / دراسة غير منشورة عام 1996
بالتوفيق
لكن كل ماهو موجود هنا يتعلق فقط ب الشركات المتعددة الجنسيات لكن انا ابحث عن الفرق بين
الشركات المتعددة الجنسيات والشركات العالمية
شكرا لكم على مجهوداتكم
اتمنى ان من الله التوفيق فقط راح يهبلونا والله العظيم اي بحث هذا استغفر الله
الله يعينك اخي في دراستك
الشركات متعدده الجنسيات هي شركة ملكيتها تخضع لسيطرة جنسيات متعددة كما يتولى إدارتها أشخاص من جنسيات متعددة وتمارس نشاطها في بلاد أجنبية متعددة على الرغم من أن إستراتيجياتها وسياساتها وخطط عملها تصمم في مركزها الرئيسي الذي يوجد في دولة معينة تسمى الدولة الأم
و شركات الاستثمار الاجنبيالاستثمار الأجنبى المباشر عند امتلاك شخص أو شركة من دولة ما، أصولاً فى دولة أخرى من أجل إدارة هذه الأصول. من هنا فإن توافر القدرة على إدارة الأصول تمثل العنصر الأساسى المميز للاستثمار المباشر. ويعرف Kenworthy الاستثمار الأجنبى المباشر بأنه ملكية 10 %أو أكثر من أسهم أو أرباح الشركة أو المشروع. لقد حدد كل من صندوق النقد الدولى ومنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية تلك النسبة، كدليل على القدرة والسيطرة على أو التأثير على قرارات الشركة أو المشروع .
مساعدة شباب .:؟
اريد مذكرة تخرج للسنة الثالثة جامعي تخصص اداب تحت عنوان " التفكير البلاغي لابي الهلال العسكري "
او اريد خطة بحث لهذه المذكرة وشكرا
م.م نبراس جلال عباس كلية التربية الأساسية / جامعة ديالى
المقدمة
الحَمْد’ للّهِ ، والصلاة والسلام على رسول اللّه ، وعلى آله وصحبه ومَن و ا***65269;ه ، وبَعد’ يظل التراث الأصيل خالدا ، لأنه ينبع من أعماق الأمة ويصور حياتها الفكرية ، وقد كانت آثار الدكتور أحمد مطلوب من ذلك التراث الأصيل الذي عبّر عن وجدان الأمة العربية ، فقد شغل الدارسين وانتشرت كتبه ورسائله في الآفاق ، ولا يزال يتدفق عطاءً ويوحي بكثير من البحوث والدراسات ، ولأن الدكتور أحمد يعد من إعلام البلاغة لذا وجدت الضرورة العلمية تدعوني إلى تناول هذه الشخصية .
ومن أولى الخطوات أن يبدأ البحث بإلقاء الضوء على سِيَر النوابغ الذين شادوا صرحا حضاريا عظيما ، وأن يقف على منهج البحث عندهـم لتكتمـل الصـورة ، ولن يقلل من جهد الأوائل اختلاف مصطلحاتهم وتباين نظراتهم ، فلكل زمان أعلامه ، ويظل أمثال الدكتور مطلوب يرفدون الثقافة العربية بالعلم الغزير ، والمنهج الدقيق ، والرأي السديد ، وما يحتاج إليه أبناء الأمة في بناء الحاضر واستشراف المستقبل .
وقد وجدت في تراثها الأصيل ما يجعل حاضرها مشرقا ومستقبلها مونقا تحث الخطى ، وتؤم مطلع النور لتقيم صرح الحضارة من جديد كما كانت في عهودها الزاهرة ، وانه لمن الخير أن يتسابق أبناؤها إلى العمل والبناء وفي قلوبهم إيمان صادق ، وفي نفوسهم أمل عظيم ، وفي عقولهم فكر منير ، فلقد كان للدكتور أحمد تاريخ طويل معها ، فهي الشاغل الأول له اختصاصا واهتماما ، وهي موضوعه الأول في حياته طالبا وأستاذا ، وهي أيضا مغروسة وقائمة في اهتماماته الثقافية الأولى ، ومتواصلة في مختلف موضوعاته الدراسية في مؤلفاته اللغوية والأدبية والنقدية .
وقد حظي الدكتور أحمد بإشادة الأساتذة الأفاضل ، الدكتورة سهير القلماوي ، إذ قالت فيه : – (( ….. أحمد مطلوب مثال نادر للدائبين المجتهدين في البحث العلمي )) ،
ووصفه ذات مرة أستاذنا الدكتور قصي سالم علوان فقال : – (( ….. هو رائد البحث البلاغي في العراق في العصر الحديث )) .
وهذه الآراء في أستاذنا زادتني شوقا للبحث عن كل ما ميزه عن الآخرين من علماء الأمة ، أملي إن يكون خطوة أولى لمن يرغب من الباحثين في أن يوسع دائرته ، لتعلن إن في وطننا العزيز علماء أمضوا سنين حياتهم – وما زالوا – في خدمة علوم اللغة العربية عامة وعلم البلاغة خاصة ، فلابّد من إن ننظر إليهم بعين التقدير والإعجاب …
وقد وضحت أبـرز النقـاط التـي أتـخـذهـا الدكـتـور أحمـد بتعاملـه مـع المصطلحـات والأسالــيب ( الدخيلـة ) التي لا يمكن إهمالها أو تجاوزها ،لأننا وجدناها حالات تكررت حتى شكلت ظواهر تستحق الوقوف عندها .
وقد بينا جهود الدكتور في تبويب المصطلحات البلاغية التي دارت في كتبه ، حيث شملت مجمل ما طرح من مصطلحات عند سابقيه فالمصطلحات أساس الدراسات العلمية ، لأنها ترسم معالمها وتوضح مبادئها .
وفي الختام أدعو الباري عز وجل انّ يعصمنا من الخطأ والزلل ويهدينا سواء السبيل انه نعم المولى ونعم النصير ، وأخر دعوانا إن الحمد’ للهِ ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين خير الأولين والآخرين …وآخـر ما أختـم به هذه المقدمة قوله تعالى : – (( ربّنا لا تزِِغ ْ قلوبنـَا بعد إذ هَدَيْتنا ، وَهَبْ لنا من لَدنـْك رحمة ً إنك أنت الوهاب )) .
دراساته المصطلحية
1- مصطلحات بلاغية * : –
يقترن ظهور العلوم والمعارف المختلفة بالقواعد والأصول ووضع المصطلحات التي تدل على تلك العلوم والمعارف بوصفها أدوات التفكير ووسيلة من وسائل التقدم العلمي والأدبي ، إذ تضمن التفاهم والتواصل بين المختصين في علم من العلوم ، وهذا أدى إلى الاهتمام بالمصطلحات وتوالدها وتلاقحها بين الحضارات المختلفة وجعلها تشغل حيزا واسعا عند الباحثين والدارسين قديما وحديثا ودفعهم الى وضع المعجمات والمؤلفات والبحوث والدراسات المختلفة الخاصة بالمصطلحات تنظيرا وتطبيقا .
وكان أحمد مطلوب أحد الباحثين في هذا المجال الرحب وضمن تخصصه الجامعي وذلك بعدما اختط لنفسه البحث في البلاغة والنقد ميدانا له ، وأعطى أهمية كبيرة للمصطلحات لأنها تشكل عنده (( أساس الدراسات العلمية ، لأنها ترسم معالمها وتوضح مبادئها ، والبلاغة العربية من الفنون التي استقرت وتحددت قواعدها وأخذت مصطلحاتها معانيها بعد إن عبرت أجيالا كثيرة وشهدت جهودا عظيمة )) .
ففي هذا الكتاب قام بتتبع التطور التاريخي لمعاني المصطلحات البلاغية الكبرى : الفصاحة ، البلاغة ، المعاني ، البيان ، البديع ، وذلك من خلال الوقوف عليها في معاجم اللغة ولاسيما لسان العرب لأبن منظور ، ثم معناها في القرآن الكريم وكتب الحديث الشريف، وكتب البلاغيين (1) .
وكان للقدماء اهتمامات واسعة بالمصطلحات تنظيرا وتطبيقا ، بعد بدء الاحتكاك بثقافات الأمم والحضارات المجاورة ، وتنوع العلوم والفنون المختلفة وتزايد الاحتياج إلى اصطلاحاتها الخاصة والمناسبة لكل علم من العلوم والبلاغة والنقد أحد تلك العلوم .
ومن أوســـع تلك الاهتمامات نجدها متمثلة في أطروحات الجاحظ (255هـ) يقول : ((إن لكل صناعة ألفاظا قد حصلت لأهلها بعد امتحان سواها فلم تلزق بصناعتهم إلا بعد أن كانت مشاكله بينها وبين تلك الصناعة)) (2) ، وهذه الألفاظ كثيرة منها الفصاحة ، والبيان ، والبديع ، والاستعارة ، والتشبيه والمثل ، والكناية ، والسجع ، والإطناب (3) .
وقـد أشـاد الأقـدمـون بعـمـل الجاحـظ وبكتابـه –البيـان والتبيين– خاصـة (4) .
__________________________________________________ _
* ساعد المجمع العلمي العراقي على نشره – بغداد 1972م .
(1) الدكتور أحمد مطلوب – مصطلحات بلاغية : 5 ، ينظر أحمد مطلوب وجهوده في تحديد المصطلحات البلاغية والنقدية : 15 .
(2) أبوعثمان عمرو بن بحر الجاحظ – الحيوان : ج 3 / 368 ، ياسر محمود حمادي ألعبيدي – ينظر أحمد مطلوب وجهوده في تحديد المصطلحات البلاغية والنقدية : 15 .
(3) الدكتور أحمد مطلوب – مصطلحات بلاغية : 5 .
(4) ابن الزملكاني وجهوده البلاغية : 21 ، العسكري – ينظر كتاب الصناعتين:10– 11 .
لقد تعرض ابن قتيبة للبلاغة في كتابة تأويل مشكل القرآن وذكر بعض مصطلحاتها كالمجاز، والاستعارة ، والكناية ، والحذف ، والمقلوب (1) ، وذكر المبرد (285هـ) في الكامل ، وثعلب في قواعد الشعر كثيرا منها . وتبعهم ابن المعتز (296هـ) في البديع (2)
إذ تعامل مع المصطلحات البلاغية على نحو ٍ يشير إلى فهمه قضية المصطلح التي أثيرت في زمانه ، فحاول أن يرد كثيرا من مفاهيم المصطلحات إلى العصر الجاهلي ، وأنّ جلَّ ما قام به أدباء عصره هو كثرة استخدامهم إياها وثبت ببعض الرموز دلالات واصطللاحات ليس إلا ، وقد لقيت المصطلحات البلاغية عنده اهتمامات تطبيقية ، وذلك من خلال جمعه خمسة منها في كتابه البديع ، وهي عنده قابلة للزيادة والتغيير تبعا لما يستجد(3) .
كما إننا نجد عددا من المصطلحات البلاغية عند قدامه بن جعفر (337هـ) في نقد الشعر ، إذ عمل قدامه على وضع الأسماء والألقاب والمصطلحات وتحليل مدلولاتها ، وأبو هلال العسكري (395هـ) في كتاب الصناعتين (4) ، وابن سنان ، وابن الأثير، وابن مالك ، وأضافوا فنونا لم يعرفها المتقدمون (5) .
كما نجد المصطلحات البلاغية والنقدية المبثوثة في كتابات عبد القاهر (471هـ أو 474هـ) ويحدد قضايا وجوانب مهمة في تلك المصطلحات وإن لم يثوب بشكل دقيق – كبحثه مصطلح الفصاحة ، وإثباته بأن الألفاظ تحسن لا من أجل صفة تحملها ، بل إن الأمر يعود إلى طريقة نظمها (6) ، وغيرها من مصطلحات كالتشبيه ، والاستعارة ، والكشف عن مواضع جمالها وكيفية تحديده لهذه المصطلحات من خلال تحليله لنماذج شعرية رائعة (7) .
وعلى الرغم من هذه الجوانب الإيجابية إلا انه لا يمكن إغفال جوانب سلبية في هذا العمل ألا وهو إن هذه المصطلحات لم تكن مبوبة ومنتظمة أبواب وفصول خاصة يبحث فيها المصطلح من جميع جوانبه بل كانت بشكل قضايا هنا وهناك (8) .
فقد نشأت مصطلحات البلاغة نشأة عربية وأخذت دلالتها من الأدب العربي الذي زخر بألوان كثيرة من فنون التعبير وكان بعضهم يضع للنوع الواحد أسمين اعتقادا منه ان ذلك النوع قنان مختلفان ، وهذا يدل دلالة واضحة على إن فنون البلاغة ومصطلحاتها اختلفت على مدى الأجيال حتى (9) جاء عصر المتأخرين فوجدت انعطافة كان يمكن ان تكون حاسمة في تاريخية المصطلحات البلاغية والنقدية فاستقرت في كتابين : –
__________________________________________________ ____________
(1) مصطلحات بلاغية : 5 ، الدكتور ماهر مهدي هلال – ينظر فخر الدين الرازي بلاغيا ، الجمهورية العراقية ، وزارة الثقافة والإعلام ، دار الحرية للطباعة(1379– 1977م): 19 – 20 ، ابن الزملكاني وجهوده البلاغية : 22 .
(2) مصطلحات بلاغية : 5 ، ينظر أبو هلال العسكري ومقاييسه البلاغية : 58 .
(3) ينظر أحمد مطلوب وجهوده في تحديد المصطلحات البلاغية والنقدية : 17 .
(4) الدكتورأحمد مطلوب – مصطلحات بلاغية : 5 ، الدكتور شوقي ضيف – ينظر البلاغة تطور وتأريخ : 74 ، الدكتور بدوي طبانة – وقدامه بن جعفر والنقد الأدبي ، ط 2 ، القاهرة ( 1378هـ – 1985م ) : 332 ، 386 ، 387 ، الصناعتين : 7 .
(5) الدكتورأحمد مطلوب – مصطلحات بلاغية : 5 .
(6) عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني – ينظر دلائل الإعجاز : 306 – 308 .
(7) عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني – أسرار البلاغة : 32 ، 74 ومواضع أخرى .
(8) ( أبو يعقوب يوسف بن محمد بن أبي بكر محمد بن علي ) السكاكي – ينظر مفتاح العلوم،القاهرة ( 1356هـ – 1937م ) : 339 وما بعدها … ، ياسر محمود حمادي العبيدي،ينظر أحمد مطلوب وجهوده في تحديد المصطلحات البلاغية والنقدية : 17 .
(9) الدكتورأحمد مطلوب – مصطلحات بلاغية : 6 – 7 .
الأول : ( مفتاح العلوم ) للسكاكي (626هـ) ، إذ عمل على تقعيدعلوم البلاغةالمختلفة(1) ، وصاغ مصطلحاتها ، وحدد تعريفاتها ، ووضعها الوضع الأخير واصطنع منهجا واحدا أصبح سائدا إلى عصرنا وهو منهج جديد لولا إن البلاغيين والنقاد اتخذوه شرعة لهم ، وبدأ عمل من جاء بعده يتمثل بجهد شراح وملخصين ليس غير ، ونجد في أحيان كثيرة أنهم يزيدون المسائل تعقيدا يضاف إلى ذلك أننا نجد المصطلحات الفلسفية والمنطقية وكثرة التقسيمات
ونجد في أحيان كثيرة أنهم يزيدون المسائل تعقيدا يضاف إلى ذلك أننا نجد المصطلحات الفلسفية والمنطقية وكثرة التقسيمات والتعريفات التي بدأت تقتحم عالم البلاغة وتهيمن عليه – بدءا منذ عهد السكاكي (2) .
والثاني : كتاب ( التلخيص والإيضاح ) للخطيب القز ويني (739هـ) إذ أخذت حينئذ دلالتها العلمية ومعناها الدقيق وتوالت البحوث البلاغية حتى وصلت إلى المعاصرين من أمثال الشيخ أمين الخولي .
لذا نجد ان المنهج الخاص للدكتور أحمد مطلوب في هذا الكتاب يقوم على رصد كل مصطلح في مظاته واستقاء الرأي فيه من منابعه ، والربط بين الآراء ربطا يظهر تطورها التاريخي ، ويحدد معنى المصطلح الذي أستقر وتعارف عليه البلاغيون المتأخرون ، وفضل الابتعاد عن التعليق أو النقد على معاني هذه المصطلحات عند القدماء .
يقول : (( ولم نرد أن ننقد التعريفات أو ننقد رأي هذا أو ذاك لأنه يخرجنا عن هدفنا ، ولأنه يفتح سبيل القول ويدعو الى الخوض في أغراض شتى )) (3) ، لذا حاول تخليص البلاغة ومصطلحاتها من كل غريب علق بها يجعل القارئ يسأم من هذا الدرس ، وحاول إضفاء الرونق وإعادة الرواء للبلاغة ومصطلحاتها كما كانت أيام الجاحظ وعبد القاهر ومن تقيلهم مع شيء من التعقيد والضبط المنهجي ، وعلى سبيل المثال نراه عندما يبحث مصطلح : البيان يقول : جاء في لسان العرب : البيان : ما بين الشيء في الدلالة وغيرها ، وبان الشيء : أتضح ، فهو بين ، واستبيان الشيء : ظهر ، والبيان : الفصاحة واللسن ، وكلام’ بيِّن : فصيح ، والبيان : الإفصاح مع ذكاء ، وهنا أشارة إلى اللفظ المعنوي لكلمة البيان وهـو الظهـور وفي القرآن الكريم أشارات كثيرة إلى البيان منها قوله تعالى : – (( هذا بيان للناس هدى وموعظة للمتقين )) (4) .
والبيان : هنا الإيضاح وأستدل بقول الزمخشري : (( هذا بيان للناس : إيضاح لسوء عاقبة مما هم عليه من التكذيب يعني : حثهم على النظر في سوء عواقب المكذبين قبلهم ، والاعتبار بما يعانون من آثار هلاكهم )) (5) . وقوله تعالى : – (( الرحمن * علم القرآن * خلق الإنسان * علمه البيان )) (6) . والبيان هنا المنطق الفصيح المعرب عنه في الضمير ، ثم أنتقل بعد ذلك إلى معنى البيان في الحديث الشريف ، (( إن من البيان لسحرا ، وان من الشعر لحكمة)) ، والبيان في هذا الحديث أظهار المقصود بأبلغ لفظ وهو من الفهم وذكاء القلب (7) .
__________________________________________________ ________________
(1) أبو يعقوب يوسف بن محمد السكاكي – ينظر مفتاح العلوم : 339 وما بعدها …
(2) المواضع التي أشرت إليها كثيرة نجدها في كتاباته المختلفة ، أبرزها : للدكتورأحمد مطلوب – دراسات بلاغية: 34 وما بعدها … ، مناهج بلاغية : 402 وما بعدها … ، حامد عبد الهادي حسين – ينظر ابن الزملكاني : 29، ياسر محمود حمادي ألعبيدي -ينظر أحمد مطلوب وجهوده في تحديد المصطلحات البلاغية والنقدية : 17 .
(3) الدكتورأحمد مطلوب – مصطلحات بلاغية : 6 – 7 .
(4) آل عمران : 138 .
(5) الزمخشري – الكشاف : ج 1 / 321 .
(6) الرحمن : 1 – 4 .
(7) ( أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري ) – النهاية في غريب الحديث والأثر، تحقيق : طاهر أحمد الزاوي ، ومحمود محمد الطناحي ، القاهرة (1383هـ – 1963م ) ، ط 1 ، ج 1 / 174 .
وخلاصة القول : – نجد كثيرا من الباحثين قديما وحديثا قد أولوا عناية فائقة واهتماما كبيرا بالمصطلحات البلاغية وسبل وضعها وألفت في ذلك الدراسات والبحوث المختلفة التي بتعددها تعددت مناهج هؤلاء الباحثين ، وذلك لأن الباحث يحتاج في بحثه إلى أن يخطو خطوات إجرائية ترتبط بالدقة العلمية والمعرفية التي بدورها ارتبطت برؤية كل قوم من الأقوام ، فضلا عن الثقافة التي يتمتعون بها .
وقد كان أسلوب أحمد مطلوب وطريقته في التعامل مع المصطلحات البلاغية وترتيبها بشكل منظم ودقيق على وفق منهجه الثابت المتميز بالخصوصية والاستقلالية عن باقي المناهج الأخرى .
2 – معجم المصطلحات البلاغية وتطورها (1) : –
كان كتاب ( مصطلحات بلاغية ) منطلق الشروع في وضع معجم لمصطلحات البلاغة، وقد بدأ الدكتور أحمد مطلوب بجمع المادة منذ سنوات طويلة حتى أذا أكمل الجمع وضع المعجم بأجزائه الثلاثة التي أصدرها المجمع العلمي العراقي بين سنة 1983وسنة 1987م.
لقد رصد واضع المعجم المصطلحات البلاغية وصنفها بحسب حروف الهجاء العربية، إذ أتخذ الترتيب الهجائي القاعدة الأساسية التي يبني عليها من دون أن يلتفت الى أصل كل مادة من مواد المصطلح أو ارتباطها بالمعجم القديم ، لأن في ذلك شيئا من العسر لا يخدم الهدف ولا يحقق المراجعة السريعة (2) ، يقول بهذا الصدد :
((وهو معجم يقوم على ترتيب الأنواع ترتيبا هجائيا لتسهل مراجعة النوع وجمع أجزائه في مادة واحدة والإشارة إليها إذا جاءت منفردة وجمع الآراء المختلفة في الفن الواحد))(3)، لـذا فهـو يبـدأ بمصطلـح – الائتلاف – وينتهـي بمصطلـح – وقوع الحافر على الحافر – من دون تقديم مصطلح لشرف أهمية أو شمولية كمصطلـح البلاغــة فكـان فـي آخـر الجـزء الأول ، لـذلك وضـع ( الاستفهام ) قبـل( الاسجال ) و(الارتقاء) قبل (الإرداف) و (الأغراض) قبل(الإيجاز)فالأساس هو ترتيب الحروف في المصطلح(4) . وبعد ذلك رجع المؤلف إلى معاجم اللغة العربية ليقف على معاني المصطلح اللغوية ، ثم يذكر أسماء كل مصطلح إن وجدت له عدة أسماء في كتب القدماء من البلاغيين والنقاد (5) .
ولعل الالتزام بهذه القاعدة المفيدة دفعه إلى ذكر المصطلح الواحد في أكثر من موطن بسبب اختلاف تسمية المصطلح بين العلماء (6) ، فعلى سبيل المثال نقل معنى البلاغة – لغة عند ابن منظور في معجم لسان العرب ، ثم ذكر معاني هذا المصطلح عند القدماء من أمثال الجاحظ في البيان والتبيين ، وأبي هلال العسكري في كتاب الصناعتين ، وأبن سنان الخفاجي في سر الفصاحة ، وعبد القاهر الجرجاني في دلائل الإعجاز والرازي في نهاية الإيجاز ، وابن الأثير في المثل السائر ، والسكاكي في مفتاح العلوم ، والقز ويني في الإيضاح حتى يصل إلى المعنى الذي أستقر (7) عليه مصطلح البلاغة عند المتأخرين .
_________________________________________________
(1) يقع في ثلاثة أجزاء ، منشورات المجمع العلمي العراقي ، بغداد (1983م– 1987م) وأعادت طبعه مكتبة لبنان – بيروت – في مجلد واحد سنة 1996م .
(2) الدكتورأحمد مطلوب – معجم المصطلحات البلاغية وتطورها : ج 1 / 6 .
(3) ينظر المصدر السابق: ج 1 / 8 .
(4) ينظر المصدر السابق : ج 1 / 6 .
(5) ينظر المصدر السابق : ج 1 / 402 – 406 .
(6) ينظر المصدر السابق : ج 2 / 51 وما بعدها …
(7) ينظر المصدر السابق : ج 1 / 402 – 406 .
وعندما يكون لبعض المصطلحات أو الفنون البلاغية أسمان أو أكثر فأن المؤلف يشير إلى كل هذه التسميات ، فعلى سبيل المثال مصطلح – التورية – يسمى إيهاما وتوجيها وتخيلا (1) ، ومصطلح – التجنيس – ذكره عند حرف التاء وذكره مرة أخرى عند مجموعة حرف الجيم عند تسمية الجناس (2) إلا أنه ينبه على مـثل هـذه المسائـل بعبارات ( إن النـوع السابـق ) أو ( الأنـواع المتقدمة ) أو ( المصطلح الفلاني وقد تقدم الكلام عنه ) ، مع الإشارة إلى المصادر التي ذكرت بالاسم الجديد (3) ، ومع هذا فإننا كنا ننتظر منه خطوات إجرائية وفعالة أكثر في معالجة مثل هذه الإشكالات ، لأنه هو الداعي إلى تخليص المصطلحات من الفوضى في التسميات والتكرار الذي يقع فيها ، ولاسيما بعدما سنحت له الفرصة في مباشرة مثل هذا الجهـد الضخـم ، كمـا إننا نجـده يقحـم بـعض المصطلحـات المهملـة كمصطلـح ( البراعة ) (4) الذي أشار اليه في موضع أخر ومبكر إن مثل هذه المصطلحات قد أصبحت من المصطلحات المهملة في الأوساط الأدبية منذ القدم(5).
ومما تجدر الإشارة إليه أن هناك علاقات واضحة بين كتابه الأول (مصطلحات بلاغية) وبين الثاني (6) ( معجم المصطلحات البلاغية وتطورها ) فلقد أراد للأول أن يكون النواة الأولى لمعجم يضم مصطلحات البلاغة العربية الأساسية ليكون مرجعا للباحثين ، ولقد زعم أحد الباحثين بالتأثر الواضح بين معجمه ومعجم الدكتور بدوي طبانة ( معجم البلاغة العربية) (7) ، وليس الأمر كذلك (8) ، إذ الفرق بين المعجمين كبير إذ صنف الدكتور أحمد معجمه على وفق الهجاء العربية ، وذكر الفنون البلاغية المختلفة ، ونقل تعريفات القدماء لكل مصطلح ، مراعيا المنهج التاريخي لكل مصطلح حتى يصل بعد ذلك إلى العصور المتأخرة ، إذ أستقر التعريف مع ذكر التسميات المختلفة للمصطلح البلاغي الواحد ، أخبرني الدكتور أحمد مطلوب إنه لم ير معجم طبانة إلا بعد طبع معجمه وليس غريبا أن يكون بعض الاتفاق في موضوعين متشابهين ، فالملاحظ إن أغلب عناصر هذا المنهج متوافرة في كتاب ( مصطلحات بلاغية ) الذي صدر عام ( 1972م ) أي قبل سنتين من صدور ( معجم البلاغة العربية ) للدكتور بدوي طبانة وطريقة تحديده للمصطلحات وتعامله معها ، إلا أننا نقول أنّ المؤلف قد أختط لنفسه في وقت مبكر منهجا علميا في طريقة تعاطيه المصطلحات، كما إن عناصر هذه المنهجية ليست بجديدة على مؤلفات السلف في هذا الميدان ، ومنها (التعريفات) للسيد الشريف الجرجاني ، إذ يبدأ المؤلف بذكر المعنى اللغوي للمصطلح ثم الاصطلاحي ، ومن ثم ينسب المصطلح إلى أصحابه الاختصاصين (9) .
(1) ينظر المصدر السابق : ج 1 / 402 – 406 .
(2) الدكتور أحمد مطلوب – معجم المصطلحات البلاغية وتطورها : ج 1 / 371 – 376.
(3) ينظر المصدر السابق : ج 2 / 51 وما بعدها … ، 414 .
(4) ينظر المصدر السابق : ج 1 / 8 ، وتنظر النماذج : ج 1 / 371 ، ج 2 / 383 وهو ما يتعلق بمصطلح الإيهام والتورية ( بالتفصيل ) .
(5) ينظر المصدر السابق : ج 1 / 387 – 402 .
(6) الدكتور أحمد مطلوب – مناهج بلاغية : 295 .
(7) عبد الحسن علي مهلهل السهلاني – ينظر الدرس البلاغي في العراق في العصر الحديث (1951م – 1985م ) ، أطروحة دكتوراه ، جامعة البصرة ، بأشراف الدكتور: قصي سالم علوان ( 1421هـ – 2000م ) : 167 وما بعدها …
(8) الدكتور أحمد مطلوب – مصطلحات بلاغية : 5 وما بعدها …
(9) الشريف الجرجاني – ينظر التعريفات : 5 – 10 .
ويعد المؤلف هذا (( أهم مزية لهذا الكتاب )) (1) ، وقد شهد الباحثون (( وهو جهد قيم للأستاذ الدكتور أحمد مطلوب بدأه قبل أن يكون عضوا في المجمع العلمي العراقي ، وقد ضم عددا من المصطلحات البلاغية والنقدية القديمة ، ويمكن إن نعده رافدا مهما وأساسا لبناء معجم عربي بلاغي نقدي شامل )) (2) .
وخلاصة القول : – لقد أستعرض المؤلف التطور التأريخي لكل مصطلح بلاغي تبين من خلال ذلك مدى تأثر اللاحقين بالسابقين من البلاغيين والنقاد في تعريف كل مصطلح ، والذي دفعه إلى هذا هو ما أراده من معجمات في أن تكون مرجعية شاملة وواضحة للباحثين في البلاغة والنقد ، وأن تكون مصدرا من مصادرها ، ونال ( معجم المصطلحات البلاغية وتطورها ) عناية من الباحثين والمهتمين بالبلاغة والمعجمية ، وسارعت مكتبة لبنان إلى أعادة طبعه بمجلد واحد سنة 1996 م ، كما أعادت طبع ( معجم النقد العربي القديم ) بمجلد واحد سنة 2001 م ، وكتبت عنه بحوث مستفيضة منها بحث ( مصطلحات البلاغة العربية في معجمين ) للدكتور وليد محمود خالص (( جامعة الإمارات العربية المتحدة )) (3) ، وقد قارن بينه وبين ( معجم البلاغة العربية ) للدكتور بدوي طبانة الصادر سنة 1975م ، وانتهى الدكتور وليد إلى أن المعجمين يختلفان كل الاختلاف في أربعة أمور: الأول : الهدف : إذ وجه الدكتور طبانة معجمه إلى القارئ في حين أن الدكتور أحمد معجمه إلى ( مؤرخ البلاغة ومن تعنيه المقارنة بين الفنون عند العرب وغيرهم من الأقـوام ) ، ثم هو يوضح ارتباط المصطلحات وتأثر اللاحقين بالسابقين، ويقدم للمحققين مادة علمية ، أي أنه وجه عمله إلى ثلاث فئات هي :- مؤرخو البلاغة ، ومن تعنيه المقارنة والمحققون ، وهي فئات متخصصة ستعنى بهذا العمل وتستفيد منه .
الثاني : المداخل : إذ اصطنع الدكتور طبانة الترتيب الهجائي في تصنيف المواد بعد تجريدها من أحرف الزيادة ، وفي هذا صعوبة في حين رتبها الدكتور أحمد بحسب حروف المصطلح كلها ليسهل إلى الرجوع إليه ، وهذا المنهج هو ما ارتضته كثير من المعاجم المختصة في الترتيب لأنها ( وجدته محققا للغاية التي تسعى إليها ، فضلا عن إدراكها إنها تتعامل مع المصطلح كوحدة لغوية متكاملة ذات دلالة خاصة، ولذلك يكون وضعها كما هي في السياق المعجمي أفضل بكثير من تجريدها من حروف الزيادة ووضعها في مادتها الأصلية ) .
الثالث : الشروح : إذ كانت لكل من المؤلفين طريقته الخاصة في التعريف وإيراد الشواهد فالدكتور طبانة يرمي إلى تقريب مدلول واحد للمصطلح من خلال نظرته التاريخية له .
وقد نتج من ( هاتين الطريقتين ثلاث أمور هي : قصر التعريف عند الدكتور طبانة وطوله عند الدكتور مطلوب ، والاكتفاء بشواهد قليلة عند الأول والإفاضة في إيراد الشواهد عند الثاني ما دام المعنى المتغير للمصطلح بحاجة اليها ….
أما الأمر الثالث فهو اكتفاء الدكتور طبانة بنقل مضمون النصوص من المصادر ، أو اقتطاع جزء منها ، بينما يعمد الدكتور مطلوب إلى إيراد النصوص المتعلقة بالمصطلح مثلما وردت في المصادر بشواهدها ) .
__________________________________________________ ______
(1) الدكتور أحمد مطلوب – وضع المصطلح في البلاغة والنقد والعروض – بحوث مصطلحية : 149 .
(2) علي كاظم حسين – جهود المجمع العلمي العراقي في خدمة اللغة العربية ( 1979 – 1995م ) ، رسالة ماجستير : 204 .
(3) ينظر في مجلة مجمع اللغة العربية الأردني ( السنة الحادية وعشرون ) العدد (52) (جمادي الأولى – شوال 1417هـ – كانون الثاني – حزيران 1997م ) .
الرابع : المصادر والتوثيق// إذ اتخذ الدكتور أحمد منهجا واحدا في هذا الأمر ، فهو يعمد الى توثيق نصوصه جميعا مع استخدام الأقواس ليشير بوضوح إلى النص المقتبس ، وقد أنتظم التوثيق والإحالة المعجم كله ، ثم صنع في أخر الجزء الثالث فهرسا شاملا لمصادره التي أعتمد عليها يوحي معلومات تفصيلية عن المصدر ، في حين أن الدكتور طبانة أستعمل أشكالا متفاوته في توثيق النصوص إذ تنوع التوثيق عنده ، فهو تارة يأخذ به وأخرى يدعه ، وثالثة يشير إلى صاحب النص ويغفل ذكر المصدر .
لقد أوضح الدكتور وليد اختلاف المؤلفين في معجميهما ، وظهر من بحثه الجاد أن معجم الدكتور أحمد كان دقة في المنهج والتعريف والاستشهاد والتوثيق ، وأيسر في استعماله لأنه رتب على حروف المصطلح كلها ، وهو ما تسعى إليه المعاجم المختصة الحديثة . وكتب الدكتور عبد الكريم محمد حسين ( جامعة دمشق ) بحثا مفصلا عن المعجم بعنوان ( الدكتور أحمد مطلوب – عظم الله أجركم ) (1) ، وتتبع سرقات الدكتورة إنعام فوال عكاوي منه في كتابها ( المعجم المفصل في علوم البلاغة – البديع والبيان والمعاني ) ، وكانت السرقات من المقدمة ومواد المعجم من دون أن تشير إلى ذلك ، ولتأكيد ذلك يكتفى بالإشارة إلى ما جاء في المقدمتين .قال الدكتور أحمد (( أن المعجم في المصطلحات البلاغية وتطورها الذي ضم ألف مصطلح ومائة محاولة أريد بها وضع معجم تأريخي لهذا الفن الذي لم ينضج ولم يحترق ، وهو معجم يقوم على ترتيب الأنواع ترتيبا هجائيا لتسهل مراجعة النوع وجمع أجزائه في مادة واحدة ، والإشارة إليها إذا جاءت منفردة ، وجمع الآراء المختلفة في الفن الواحد لتسهل معرفة أول من بحث فيه وينتفع مؤرخ البلاغة ومن تعنيه المقارنة بين الفنون عند العرب وغيرهم من الأقوام كالفرس واليونان والهنود الذين قيل إن لهم أثرا كبيرا في نشأة البلاغة العربية وتطورها ، وما هو بالأثر الكبير حينما يرجع الباحث إلى هذا المعجم ويرى نشأة الفن وتطوره خلال القرون وارتباط مصطلحات البلاغة بالمتقدمين منـذ عهـد الصحابـة ( رضوان الله عليهم ) . واللغويين والنحاة الأوائل ، كالخليل بن أحمد ، وسيبويه ، والأصمعي ، وأبي عبيدة ، والفراء وغيرهم ممن لم يدرسوا بلاغة أرسطو ، أو يقرءوا صحف الفرس والهنود )) (2) .وقالت الدكتورة إنعام : (( إن المعجم المفصل هذا الذي حوى ثمانمائة واثنين وأربعين مادة معجم ينهض على ترتيب الفنون البلاغية ترتيبا هجائيا لتسهل مراجعته للفن المطلوب وشَمْل’ أجزائه في مادة واحدة ، وجمع الآراء المختلفة في الفن الواحد تفيد مؤلف البلاغة ومن يهتم بالمقارنة بين الفنون عند العرب وغيرهم كالفرس واليونان والهنود الذين قيل إن لهم أثرا كبيرا في نشأة البلاغة العربية ، وماهو كذلك وخاصة حينما يرجع المدقق الى هذا المعجم ويرى نشأة الفن وتطوره خلال القرون وارتباط المصطلحات بالمتقدمين منذ عهد الصحابة ، والأوائل كالخليل بن أحمد وسيبويه والأصمعي وأبي عبيدة والفراء وغيرهم ممن لم يدرِ ِسوا بلاغة أرسطو أو يطلعوا على صحف الفرس والهنود )) (3) ، ومثل هذا كثير في المقدمة ومواد المعجم ، مما دفع الدكتور عبد الكريم محمد حسن إلى إجراء المقابلة على الرغم من أنه لا يعرف المؤلف والمؤلفة كما ذكر في مطلع بحثه . وقد قال حين اطلع على معجم الدكتورة إنعام : (( فجعت بما وجدت من سرقة مكشوفة ومفصوحة حيث وقع الحافر على الحافر من غير جادة العلم ولا أمانته العلمية في البحث ولا أدري إِلامَ سنظل
__________________________________________________ _________
(1) منه نسخة لدى الدكتور أحمد مطلوب .
(2) الدكتور أحمد مطلوب – معجم المصطلحات البلاغية وتطورها : ج 1 / 3
(3) الدكتورة إنعام فوَّال- المعجم المفصل في علوم البلاغة – البديع والبيان والمعاني: 5 .
نتحدث عن السرقات )) لقد أنصف الدكتور وليد محمود خالص ، والدكتور عبد الكريم محمد حسين الدكتور أحمد مطلوب حينما حللا معجمه وقارناه بما صدر من معاجم البلاغة العربية وكان قد أثنى على عمل أحمد الشيخ محمد بهجة الأثري الذي قال عن المعجم : (( الكتاب دراسة للفنون البلاغية جيدة ، وقد بذل فيها الباحث – إلى توفره على تقصي التعريفات في المصادر البلاغية الكثيرة – مجهودا بينا في ربط الآراء بعضها ببعض والإبانة عن تأثر اللاحقين بالسابقين )) (1) .
3- معجم شواهد البلاغة الشعرية : –
كان الشاهد الشعري أحد شواهد اللغة العربية ، وكان اللغويون والنحويون يستشهدون بالشعر القديم في تأصيل الألفاظ العربية وصحة القواعد النحوية ، وكان هؤلاء لا يتجاوزون القرن الثاني في استشهادهم بالشعر ، أي أنهم يقفون عندما سمي بعصر الاستشهاد ، وكان البلاغيون بخلافهم إذ حفلت كتبهم بشعر مختلف القرون ، لأن المعنى وتذوق الجمال وبراعة الأسلوب أساس الاستشهاد .
ازدادت العناية بالشواهد في العصر الحديث ، ووضع عبد السلام محمد هارون ( معجم شواهد العربية ) وكان اهتمامه بشواهد اللغة والنحو ، ولذلك لم يكن نصيب شواهد البلاغة جليا ، لأن معظم مصادره كانت لغوية ونحوية ، ولم يذكر من كتب البلاغة سوى أسرار البلاغة ودلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني ، ولأنه يرى أن شواهد البلاغة لا تعد شواهد بالمعنى الدقيق فكثير منها يعد أمثلة للقواعد التي وضعها البلاغيون (2) ، وظلت شواهد البلاغة بعيدة عن معجم يضم أجودها ، وأكثرها دورانا في كتب البلاغة ، وكان عبد الرحيم بن عبد الرحمن العباسي (963هـ) قد وضع ( معاهد التنصيص شرح شواهد التلخيص ) وهو كتاب أقتصر على شواهد ( التلخيص ) للخطيب القز ويني (739هـ) .
وقد رأى أحمد مطلوب أن يتوج ( معجم المصطلحات البلاغية وتطورها ) بمعجم شواهد البلاغة الشعرية فكان له ما أراد هادفا إلى : –
v المتعة لما في هذه الشواهد من جمال وروعة وتصوير تنقل القارئ من عصر إلى عصر ، ومن بيئة إلى بيئة ، ومن فن رائع إلى فن بديع .
v الانتفاع بما في الشواهد من ألفاظ وتراكيب وصور ومعانِ ٍِِ اختارها علماء البلاغة من الشعر قديمه ومولده .
v الاستعانة بها في التأليف والتدريس .
وجال في كتب البلاغة التي ألفت منذ القرن الثالث الهجري حتى القرن الثالث عشر وأضيف إليها بعض كتب الجاحظ ، وابن قتيبة ، والمبرد ، وثعلب لما فيها من بذور نشأة البلاغة ، وبذلك أصبح عدد المصادر التي أخذت منها الشواهد الشعرية اثنين وسبعين كتابا أساسيا ، وهي شواهد تتردد في معظم كتب البلاغة ، وكان عددها (1470) شاهدا ، فضلا عما أتصل بها من أبيات .
__________________________________________________
(1) الدكتور أحمد مطلوب – معجم المصطلحات البلاغية وتطورها : ج 1 / 8 .
(2) الدكتورة إنعام فوَّال عكاوي – المعجم المفصل في علوم البلاغة – البديع والبيان والمعاني ، بيروت ( 1413هـ – 1992م ) : 5 .
ولم تؤخذ كل الشواهد التي ذكرتها الكتب إما :
1. لأنها لا تليق ذوقا وأدبا .
2. أو لأنها لناظمين .
3. أو لأنها كثيرة لا يستوعبها معجم واحد .
وتتمثل الخطة التي وضعها المؤلف لهذا المعجم في :
1. ترتيب الشواهد بحسب القوافي .
2. ذكر قائل الشاهد إذا عرف .
3. ذكر البحر الشعري .
4. ذكر الشاهد كما جاء في أقدم مصدر ، وما فيه من فن بلاغي .
5. الإشارة إلى تعدد الاستشهاد إن وجد .
6. الإشارة إلى اختلاف البلاغيين في تسمية الفن وما فيه من وجوه مختلفة .
7. ذكر أهم المصادر التي ذكر فيها الشاهد .
وختم المعجم بسرد للفنون البلاغية التي وردت فيه لمعرفة وجودها ، وبالمصادر ليرجع إليها من يريد التوسع في المعرفة ، والغوص في كتب الأقدمين ، ولعل هذا المعجم يكون أساسا لدراسة شواهد البلاغة عامة ، للوقوف على منابعها من القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف والشعر قديمه وحديثه .
وبعد :
فهذه دراسات أحمد مطلوب البلاغية في اتجاهاتها الثلاثة ، وهي جهد كان له أثر في الدرس البلاغي في الجامعات ، وقد عدّ من الأعلام في العصر الحديث إلى جانب الذين عنوا بالبلاغة والنقد والأدب كالشيخ علي مبارك ، والشيخ محمد عبده ، والأستاذ علي عبد الرزاق ، والأستاذ أحمد مصطفى المراغي ، والدكتور طه حسين ، والشيخ أمين الخولي .
قال الدكتور هادي حسن جمودي ( جامعة وهران ) : (( نستطيع أن نعد هؤلاء الأعلام ممثلين تاريخيين لمرحلة الدرس البلاغي الحديث الذي أرسى دعائمه بحق العلامة(1) الدكتور أحمد مطلوب فيما وضعه من مؤلفات بلاغية )) ، ثم أشار إلى أنه عمل في ثلاثة مجالات بلاغية :
v الأول : الانتهاء من القديم بدرسه درسا كاملا مستوعبا بعقلية علمية جبارة قادرة على استجلاء صورة الجزئية والكلية ، والكشف عما فيها من مواطن القوة والضعف.
v الثاني : تطوير الفن البلاغي بذاته ليصبح قادرا على أداء المهمة العصرية المطلوبة من النقد الأدبي .
v الثالث : الإفادة من المعطيات الإيجابية للبلاغة العربية القديمة ومن تطوراتها الحالية في عملية تطوير الدرس العلمي العربي وتعريب العلوم (2) .
وقال الدكتور جليل العطية ( باريس ) : (( الدكتور مطلوب واحد من قلة من الأساتذة العرب المتخصصين في علم البلاغة بشكل خاص والتراث العربي بشكل عام )) (3) .
(1) قال الدكتور أحمد إنها مبالغة من الكاتب .
(2) جريدة الجمهورية – وهران – الجزائر –الخميس 14 جمادي الأولى 1399هـ – 12 نيسان 1979م .
(3) مجلة الوطن العربي – باريس ( السنة الرابعة ) – ع 178 ، تموز 1980 : 52 .
الخاتمة
وبعد …
توصل البحث إلى عدة نتائج منها ما يميز الدكتور أحمد مطلوب أن تعامله لم يكن مع العلماء القدماء فقط ، وإنما تعامل بالمنهج نفسِهِ مع العلماء المحدثين ، أو بين عالم محدَث وآخر قديم ، ويرِّجح القديم في أحيان مثلما يرِّجح الحديث في أحيان أخرى ، ولم يتعصب لرأي القدماء على حساب رأي المحدثين ،
واستخلصنا أنّ البلاغة عند الجاحظ كانت البذور الأولى للبحث البلاغي ، وقد أورقت وأزهرت ثم أثمرت ولكنها أصيبت بما ينتاب الكائن الحي من ضعف وانهيار ، ولولا كتاب الله الخالد ، ولولا اعتزاز العرب بلغتهم ، لوصلت إلى أسوأ مما وصلت إليه ، ولظلت فنونا تحفظ ، وشروحا تقرأ ، ولما هيئ لها في هذا العصر من أعاد أليها الحياة وجعلها تدرج في سلم التطور .
أما بالنسبة لمصطلحي ( الفصاحة ) و ( البلاغة ) فيرى الدكتور آن الدلالات اللغوية والاصطلاحية لهما تتطور وتتوسع عبر حُقب من الزمن إلى ان اكتسبت الدلالة الواضحة على يد أبي هلال ، وابن سنان ، وعبد القاهر وصولا إلى الدلالة المحددة للمصطلح .
وقد تبين أنّ هناك مَن يؤْثِر’ استعمال أحد هذين المصطلحين بمفهوم واحد ، وعدََّها الدكتور إشكالية ذات جذور قديمة تمتد إلى كتابات الجاحظ ، فأنه يرى أنّ القز ويني قد أحسن تحديد هذه القضية وجعل لكل مصطلح دلالة محددة . وأثرنا كذلك موضوع ( فصاحة المتكلم والكلام ) ، وتبين انّ طروحات الجاحظ كانت مرجعيات الدكتور أحمد والأساس في بناء تصوراته ويمكن الإفادة منها ضمن البحوث المعاصرة الخاصة بالأصوات والجرس ومخارج الحروف فضلا عن أمكانية تطويرها في بحوث علم اللغة الحديث ومجالات الترجمة بحسب رأي الدكتـور، وكذلك أثرنا قضية اللفظ والمعنى وتوصلنا إلى أن هناك فهما سلبيا لبعض نصوص الجاحظ ، والدكتور كان ممن حاول التوفيق بين هذه النصوص .
وفيما يخص دراساته المصطلحية فقد عالج مسألة الحرية في وضع المصطلحات التي أدت إلى الفوضى وقد حاول الدكتور تخليصها من كثرة التقسيمات والتنويعات التي لا تخدم الدرس الأدبي ، وقد كشفت رأي الدكتور أحمد في إلغاء التقسيم الثلاثي للبلاغة ، وجعلها كلها فنا واحدا بعد أن أثبت أنه لا أساس ولا صحة لها . وكذلك توصلنا إلى رأيه في مؤلفاته الأخرى الى أن المجاز – مثلا– لا حاجة إلى تقسيمه إلى أنواع كثيرة وإنما نكتفي الى تقسيمه الى لغوي وعقلي ، ونكتفي في الاستعارة بمصطلحات قليلة ولتكن الاستعارة التصريحية والمكنية ورد جميع الأنواع الأخرى إلى هذين الأصلين .
والدكتور كان يرفض المصطلحات الجديدة التي جاءت لتكون بديلا عن مصطلح البلاغة والتمسك بالمصطلح القديم ، ويرى أن لهذا المصطلح القدرة على استيعاب المفاهيم الجديدة ، فلا يرى داعيا لتغييره ، ولأن لكل مصطلح دلالته التي أستعمل فيها …
مصادر ومراجع البحث
** القرآن الكريم
1. الدكتورأحمد مطلوب ، دراسات بلاغية ونقدية ، الجمهورية العراقية ، وزارة الثقافة والأعلام ، دار الرشيد ، دار الحرية للطباعة والنشر، بغداد ( 1400هـ – 1980م ) .
2. الدكتورأحمد مطلوب ، مصطلحات بلاغية ، بغداد ( 1392هـ – 1972م ) .
3. الدكتورأحمد مطلوب ، معجم المصطلحات البلاغية وتطورها ، بغداد ( 1403هـ- 1983م ) وبعدها .
4. الدكتورأحمد مطلوب ، مناهج بلاغية ، بيروت ( 1393هـ – 1973م ) .
5. الدكتورأحمد مطلوب ، وضع المصطلح في البلاغة والنقد والعروض ، بحث منشور في كتاب الموسم الثقافي الثاني عشر لمجمع اللغة العربية الأردني عمان 1414هـ – 1994 م .
6. الدكتور بدوي طبانة ، أبو هلال العسكري ومقاييسه البلاغية والنقدية ، ط2 ، مطبعة الرسالة ، القاهرة (1379 هـ -1960 م).
7. عبـد القاهر عبد الرحمـن الجرجانـي ، أسرار البلاغة ، تحقيق : أحمـد مصطفـى المراغـي ، ط1 ، القاهـرة ( 1367 هـ – 1948م ) .
8. الدكتور شوقي ضيف ، البلاغة تطور وتأريخ ، دار المعارف – القاهرة ( 1965م ).
9. علي بن محمد بن علي الشريف الجرجاني ، التعريفات ، بيروت ، 1985م .
10. أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ، الحيوان ، تحقيق : عبد السلام محمد هارون ، القاهرة (1356هـ – 1938م) وما بعدها ، ج1 ،ج3 ، ج4 ، ج5 .
11. عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني ، . دلائل الأعجاز ، تحقيق : أحمد مصطفـى المراغـي ، ط2 ، القاهرة.
12. الدكتور ماهر مهدي هلال ، فخر الدين الرازي بلاغيا ، الجمهورية العراقية ، وزارة الثقافة والأعلام ، دار الحرية للطباعة ( 1397هـ – 1977م ) .
13. الدكتور بدوي طبانة ، قدامه بن جعفر والنقد الأدبي ، ط2 ، القاهرة (1378هـ- 1958م) .
14. أبو هلال العسكري الحسن بن عبد الله بن سهل العسكري ، كتاب الصناعتين ، تحقيق : علي محمد البجاوي ، ومحمد أبو الفضل إبراهيم ، ط1 ، القاهرة (1371 هـ – 1952م ).
15. أبو هلال العسكري ، كتاب الصناعتين ، تحقيق : الدكتور مفيد قميحة .
16. جار الله محمود بن عمر ( الزمخشري ) ، الكشاف ، ط2 ، القاهرة ( 1373هـ – 1953م ) .
17. عبد السلام محمد هارون ، معجم شواهد العربية ، القاهرة ( 1392هـ – 1972م ) .
18. الدكتورة علية عزة عباد ، معجم المصطلحات اللغوية والأدبية ، دار المريخ 1984م .
19. الدكتورة إنعام فوََّال عكاوي ، المعجم المفصل في علوم البلاغة – البديع والبيان والمعاني ، بيروت ( 1413هـ – 1922م ) .
20. سراج الدين يوسف بن محمد بن أبي بكـر محمـد بـن علي السكاكـي ، مفتاح العلوم ، القاهـرة (1356هـ- 1937م) .
21. أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري المعروف بابن الأثير ( 637هـ ) ، النهاية في غريب الحديث والأثر ، تحقـيـق : طاهــر أحـمـد الـزاوي ، ومحمـود محمــد الطـناحـي ، ط1، القاهـرة ( 1383هـ – 1963م) .
الرسائل الجامعية
1. حامد عبد الهادي حسين ، ابن الزملكاني وجهوده البلاغية ، رسالة ماجستير ، جامعة بغداد – كلية الأداب ، بإشراف : الدكتور ماهر مهدي هلال ( صفر 1409هـ – أيلول 1988م ) .
2. ياسر محمود حمادي ألعبيدي ، أحمد مطلوب وجهوده في تحديد المصطلحات البلاغية والنقدية ، رسالة ماجستير ، جامعة الأنبار – كليـة التربيـة ، بإشـراف: أ . م . د . حسين حمزة الجبوري ( 1443هـ – 2022م ) .
3. عبد الحسن مهلهل علي السهلاني ، الدرس البلاغي في العراق في العصر الحديث ( 1958هـ – 1985م ) ، أطروحة دكتوراه ، جامعة البصرة ، بإشراف : الدكتور قصي سالم علوان ( 1421هـ – 2000م ) .
المجلات والجرائد
1. مجلة مجمع اللغة العربية الأردني ( السنة الحادية والعشرون ) ، ع52 .
2. مجلة الوطن العربي الصادرة بباريس ( السنة الرابعة ) – ع178 ، من 12 – 18 تموز 1980م .
3. جريدة الجمهورية – وهران – الجزائر – ( الخميس 14 جمادي الأولى 1399هـ – 12 نيسان 1979م ) .
شكرا لك اخي
ارجوكم ساعدوني في موذكرة تخرج بخصوص تاهيل الموارد البشرية في ظل العولمة
***61649; الملخّص ***61649;
هناك الكثير من السياسات والمتغيرات العالمية التي تؤثر وتنعكس نتائجها على مختلف نواحي الحياة البشرية على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو السياسي، كذلك على المستوى الحضاري، أكثر هذه المتغيرات انتشاراً وشيوعاً هي تلك الظاهرة التي أطلق عليها الكوكبة أو العولمة، أخيراً أطلق عليها الأمركة كون الولايات المتحدة الأمريكية هي اللاعب الأكبر والأكثر تأثيراً من خلال هذه الظاهرة، وقبل أن نتعرف على بعض الآثار الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن هذه الظاهرة لا بد لنا من التوقف عند الأدوات التي ارتكزت ومازالت ترتكز عليها من أجل السير في تحقيق الأهداف المخطط لها من خلال هذه الظاهرة، ومن ثم نتطرق إلى أنواع هذه العولمة وبعد ذلك نتطرق إلى الآثار الناجمة عن العولمة وأخيراً نتطرق إلى العلاقة بين العولمة والموارد البشرية .
تأتي أهمية بحثنا هذا كونه يتعرض لظاهرة خطيرة ومنتشرة بكثرة في العالم بأكمله، هي ظاهرة العولمة هذه الظاهرة التي ينجم عنها الكثير من النتائج السلبية في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية التي تنجم عنها في حال عدم التهيئة السليمة والعلمية لمواجهتها، وسنحاول وضع بعض الأسس والسياسات للاستفادة من بعض الايجابيات التي يمكن أن تنتج عن التعامل بشكل واع ومدروس مع ظاهرة العولمة.
أهداف البحث:
يهدف بحثنا إلى تسليط الضوء على ما يلي:
1 – البعد التاريخي لهذه الظاهرة.
2 – الأدوات التي تستخدمها القوى الفاعلة من أجل نشر هذه الظاهرة.
3 – المجالات المختلفة التي تتأثر بهذه الظاهرة.
4 – الآثار السلبية الناجمة عن هذه الظاهرة.
5 – بعض الآثار الإيجابية التي يمكن الاستفادة منها في حال التعامل بحذر من ظاهرة العولمة.
6 – المواقف المختلفة من ظاهرة العولمة.
7 – السياسات اللازمة للتعامل مع هذه الظاهرة بما يتفادى الكثير من الآثار السلبية.
تساؤلات البحث:
1 -هل ظاهرة العولمة حديثة النشوء ؟
2 – ماهي الأدوات التي تستخدمها قوى العولمة من أجل نشرها وفرضها ؟
3 – ما هي المجالات التي تعمل قوى العولمة من اجل التأثير عليها ؟
4 – ما هي الآثار السلبية الناجمة عن ظاهرة العولمة ؟
5 – هل هناك نتائج إيجابية يمكن الاستفادة منها من خلال التعامل الصحيح مع ظاهرة العولمة ؟
6 – ما هو الموقف الايجابي من العولمة والذي يخفف من حدة السلبيات ؟
7 – ما هو أثر العولمة على الموارد البشرية، وكيف يمكن تأهيل الموارد البشرية لمواجهة العولمة ؟
لمحة تاريخية عن العولمة:
العولمة في اللغات الأوروبية المختلفة هي سياسة أو سلوك على المستوى العالمي "globalisation" وفي معنى آخر يقصد بها السياسة الكونية ويقال أيضاً الكوكبة والكوننة، وهي متقاربة مع مصطلح التدويل "international"أي كل ما هو أممي، وهذه المصطلحات تصب في المفهوم الفكري الذي يضفي الطابع العالمي أو الدولي أو الكوني على النشاط البشري وقد تختلط الأمور بين( الأنسنة) من الإنسانية وبين العولمة( من العالمية )(1).
إن الممارسات المتعولمة على أساس تعميم سياسة معينة أو عادة أو ثقافة ليست وليدة العقود القليلة الماضية وإنما هي قديمة من خلال محاولة العديد من الدول الإمبريالية والاستعمارية التي انتصرت في الحروب فرض ثقافتها ولغتها وتطوير اقتصادها عن طريق الاستعمار المباشر المرتبط بالاحتلال العسكري أو عن طريق فرض تعليم لغتها على الدول التي تحتلها أو عن طريق احتلال الدول التي تقع على الممرات التجارية والمنافذ البحرية والبرية وعن طريق نهب الثروات والموارد الطبيعية للدول المستعمرة وهذا ما يعطي البعد التاريخي لظاهرة العولمة وفي العقود القليلة الماضية وبعد صراع كبير بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي وهو ما عرف بالحرب الباردة وبعد انتهاء هذه الحرب بانتصار المعسكر الرأسمالي هذا الانتصار الذي تمثل بسقوط جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفيتي وهذا ما دل على انتصار المعسكر الرأسمالي سارع المعسكر المنتصر إلى إطلاق التصريحات والعمل على فرض السياسات الهادفة إلى فرض تحويل السياسات الاقتصادية للدول التي كانت تحت سيطرة ونفوذ الاتحاد السوفيتي إلى النموذج الرأسمالي ولو اضطرت إلى استعمال قوة السلاح ومن ثم أصبح هدف هذه الدول فرض النموذج الرأسمالي المعتمد على الاقتصاد الليبرالي الحر على كل دول العالم ومن ثم تحول هذا الصراع بين دول المعسكر الرأسمالي من أجل فرض سياساتها المؤدية إلى السيطرة الاقتصادية وتبلور هذا الصراع بين الولايات المتحدة والكتل الاقتصادية الرأسمالية الأخرى بشكل إفرادي وهذا ما أدى إلى صبغ هذا المصطلح بالصبغة" الأمريكية "و هو الذي أدى إلى إطلاق تسمية الأمركة على هذا المصطلح.
أدوات العولمة وأهدافها:
لقد اعتمدت الدول الرأسمالية على خلق وتسخير مجموعة من الأدوات المساعدة على نشر وتجسيد وتكريس السياسات التي تنجم عن ظاهرة العولمة وفرضها وأحيانناً بالقوة ومن أهم هذه الأدوات :
1 – الشركات المتعددة الجنسيات:
تشكل الشركات المتعددة الجنسية أو ما تسمى العابرة للقارات القوة المحركة للعولمة بشكل عام ولعولمة الإنتاج بشكل خاص، فهذه الشركات التي تواجه ركوداً في الطلب وارتفاعا حاداً في كلفة الإنتاج تنقل قواعد إنتاجها إلى الدول النامية حيث تشهد أسواق السلع والخدمات نمواً ملحوظاً (2) بالإضافة إلى الإعفاءات الضريبية والتسهيلات التي تمنحها الدول النامية لهذه الشركات وهذه الشركات المتعددة الجنسية عبارة عن مجموعة من الشركات التي تعمل في مجال معين وفي بلدان وأقاليم مختلفة والتي أتحدت لتشكل شركة كبيرة وضخمة مقرها في دولة معينة ومجال عملها في مختلف دول العالم لتشكل تيارا اقتصاديا كبيرا يحد ويوقف عمل المؤسسات الصغيرة ويتجاوز الحدود الإقليمية وقد وصل عددها في عام (1998) إلى حوالي / 40 / ألف شركة، بلغت إيرادات أكبر (500) شركة منها عام 1996 نحو (11000) مليار دولار، وهذا ما شكل (44%) من الناتج المحلي العالمي الذي وصل إلى نحو (23000) مليار دولار (الوطن العربي/ 576/ مليار دولار)، وتسيطر الشركات المتعددة الجنسيات على ثلث الاستثمارات الأجنبية المباشرة في العالم، وثلثي التجارة الدولية في مجال السلع والخدمات( 3)، فرقم الأعمال لشركة جنرال موتورز على سبيل المثال، هو أعلى من الناتج القومي الخام لبعض البلدان مثل السعودية، وتركيا وبولونيا فكيف إذا ما قورنت نتائج أعمالها مع الناتج القومي للدول الإفريقية.
2 – منظمة التجارة الدولية
وهي منظمة منبثقة عن اتفاقية الغات وهي تجسيد للاتجاه البارز نحو محاولة تحويل الاقتصاد العالمي إلى سوق واحدة لا تعرف الحواجز أمام حركة السلع (مادية أو خدمية أو تكنولوجية) وحركة رأس المال وهو ما يتضمن تحويل العالم إلى حقل قانوني واحد تتوحد فيه القواعد الموضوعية التي تحكم المعاملات التجارية والمالية الدولية (4).
و تقوم وظيفة منظمة التجارة الدولية على ثلاثة مبادئ أساسية وهي :
أ- تحرير التجارة الدولية من القيود .
ب – عدم التمييز بين البلاد المختلفة في المعاملات التجارية، وهو المبدأ المعروف بأولى الدول بالرعاية، والمساواة بين كل البلدان .
ج – – تحديد قواعد السلوك في المعاملات التجارية، وذلك بتحريم أن تقوم دولة بإغراق سوق دولة أخرى عن طريق بيع سلعة معينة في أسواق التصدير بسعر أقل من السعر الذي تباع به في سوقها الداخلي، كذلك تحريم إعطاء دعم للمنتجين لسلعة معينة بقصد تمكينهم من تصديرها بسعر مخفض (5).
و في الوقت الذي شجعت فيه الدول الصناعية المتقدمة المنافسة والأسواق الحرة، تبنت الدول الصناعية نفسها ومنها الولايات المتحدة مبدأ التجارة المدارة، وتقييد الأسواق( من خلال قوانين حماية المنتجات الوطنية أو فرض الرسوم والضرائب المرتفعة على البضائع الأجنبية المنافسة ودعم المنتجات المحلية) عندما تتعرض مصالحها للخطر (6).
3 – صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير:
يعد صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير من أهم أدوات وأركان ترسيخ مصطلح العولمة والنظام الاقتصادي المعاصر من خلال برنامج التثبيت الاقتصادي، وبرنامج التكيف الهيكلي .
فصندوق النقد الدولي يتابع ويشرف على تنفيذ ما يلي :
أ – برنامج التثبيت الاقتصادي الذي تعتمد فكرته على تحليل العلاقة بين مشاكل المديونية المتراكمة، والتعديلات في هيكل الاقتصاد وانعكاس ذلك على ميزان المدفوعات والموازنة العامة للدولة في الآجال القصيرة ويلاحظ أن صندوق النقد الدولي بشكل عام ينصح الدول التي تعاني من بعض الاختلالات الهيكلية أو التي تعاني من المديونية المرتفعة وتطلب الاقتراض منه والتي تريد معالجة هذه الاختلالات الهيكلية بما يلي:
1 – العمل على الحد من الإنفاق العام على الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية والدفاع .
2 – التحكم بالسيولة النقدية بالعمل على السيطرة على عرض النقد والائتمان المحلي بما في ذلك زيادة الفائدة على الودائع المحلية.
3 – العمل على تخفيض مستويات الأجور المحلية (7)
ب – برنامج التكيف الهيكلي : يشرف البنك الدولي على متابعة تنفيذ برنامج التكيف الهيكلي من خلال الاعتماد على مفاهيم النظرية الاقتصادية في تخصيص وتوزيع الموارد وأهم الإجراءات التي يلح عليها البنك الدولي والتي تفيد في تطبيق هذا البرنامج تتركز على المطالبة بما يلي :
1 – الحد من الملكية العامة على حساب توسيع القطاع الخاص وتحميل مسؤولي البنك الدولي القطاع العام مسؤولية التشوهات الهيكلية والاختلالات الاقتصادية الداخلية.
2 – يرى البنك الدولي ضرورة العمل على تحرير التجارة وزيادة الصادرات لأنها في رأيه شرط أساسي لزيادة الإنتاجية كما يؤكد ضرورة المنافسة وتخفيض الرسوم الجمركية والعمل على التوسع في تمثيل الوكالات الأجنبية (8) .
4 – ثورة الاتصالات والمعلوماتية :
تعد ثورة الاتصالات والمعلوماتية اليوم من أهم الأدوات التي تعتمد عليها الدول الرأسمالية بشكل عام والولايات المتحدة الأمريكية خصوصاً في فرض ونشر سياساتها المتعولمة من خلال جعل العالم كقرية صغيرة بحيث أضحى الذي يحكم العالم اليوم هو قوة المعرفة والمعلوماتية وتحول الاقتصاد العالمي إلى اقتصاد يعتمد على المعرفة بعد أن كان اقتصاداً معتمداً على الاستخدام الكثيف لرأس المال وكثيف الاستخدام للعمالة وذلك بفضل ثورة المعلومات والتقانة المتعددة الوسائط وتجدر الإشارة إلى أن أوراق اللعبة المعرفية والتقنية التكنولوجية : اليوم إنما هي في يد (12%) من سكان العالم "الولايات المتحدة الأمريكية، أوروبا الموحدة، اليابان" التي تسيطر على أكثر من (90%) من حجم التجارة العالمية (9)، وجاءت شبكات الانترنيت لتضيف وسيلة تسهم في تعزيز فكرة العولمة وسياساتها(10)، وكذلك ساعدت ثورة الاتصالات هذه على عولمة الإعلام من خلال انتشار الفضائيات التي تعمل على نشر القيم والسلوك الاستهلاكي الذي تعمل من أجل نشره قوى العولمة.
أنواع العولمة:
نستطيع القول أن العولمة بمعناها النظري هي إكساب الشيء الطابع العالمي وجعل نطاق تطبيقه عالميا ولكن من خلال التطبيق الواقعي لسياسات العولمة نستطيع أن نقول أنها نوع من الهيمنة الرأسمالية المتوحشة التي تصنع الفرد قبل المجتمع والاستهلاك قبل الإنتاج والمال قبل القيم (11).
والجانب الاقتصادي هو جوهر العولمة قبل كل شيء آخر ومنبع كل صفاتها الأخرى غير الاقتصادية(12)، فهو الأساس الذي تعمل قوى العولمة على فرضه من خلال التجارة الدولية والمؤسسات الدولية والشركات المتعددة والمتعدية الجنسية التي تمثل ذراع العولمة الطويل والتكتلات الاقتصادية التي تمثل أداة الاحتواء المعولم، ومن اجل الوصول إلى الهدف الاقتصادي أو العولمة الاقتصادية فقد عملت الدول الإمبريالية وخصوصا الولايات المتحدة على تهيئة القوانيين والأنظمة والسياسات والسلوك الفردي لأغلب دول العالم عن طريق عولمة الثقافة والسياسة والسلوك العالمي دون إعطاء أي أهمية للحدود السياسية للدول ذات السيادة أو الانتماء إلى وطن محدد أو دولة معينة ودون حاجة إلى إجراءات حكومية .
العولمة الاقتصادية:
تعني العولمة الاقتصادية نظاماً تجارياً عالمياً مفتوحاً تزول فيه العوائق أمام حركة السلع والبضائع والخدمات وعوامل الإنتاج خاصة رأس المال عبر الحدود الدولية وتغدو فيه التجارة الدولية الحرة والمتعددة الأطراف هي القاعدة وهذا يؤدي في النهاية إلى تكامل اقتصادي عالمي متزايد في أسواق السلع والخدمات ورأس المال(13) وتتحول فيه قوى السوق العاتية إلى نظام اقتصادي عالمي تفرض فيه الشركات المتعدية الجنسية والمنظمات العالمية الحاكمة مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي انسجاما بل تطابقا ً بين جميع الأقطار ومهما كانت مواقعها وتفصيلاتها (14)، ويذهب الاقتصادي المعروف، بول سويزي إلى أن العولمة هي صيرورة رأسمالية تاريخية يتحول فيها خط الإنتاج الرأسمالي من دائرة عولمة المبادلة والتوزيع والتسويق والتجارة إلى دائرة عولمة الإنتاج الرأسمالية، مع عولمة رأس المال الإنتاجي وقوى وعلاقات الإنتاج الرأسمالية مما يقود إلى إخضاع العالم كله إلى النظام الرأسمالي تحت قيادة وهيمنة وتوجيه القوى الرأسمالية العالمية والمركزية وسيادة نظام التبادل الشامل والمتميز لصالح الاقتصاديات الرأسمالية المتقدمة (15)، ففي عالم معولم، ستنعدم الحدود ويزول التمييز بين الأسواق الوطنية المحلية والأسواق الأجنبية العالمية وستتزايد الاندماجات والاستحواذات والتحالفات بين المشاريع المتنافسة بحجة تقليص التكاليف وزيادة الكفاءة الإنتاجية والتسويقية لكل منها ويعترف دعاة العولمة بأن عولمة الأعمال والتمويل ستؤدي إلى الحد بدرجة كبيرة من قدرة الحكومات الوطنية على رسم سياسات اقتصادية وطنية مستقلة وعلى إضعاف سيطرة الحكومات على اقتصادياتها.
العولمة السياسية:
لا يمكن إنكار أن المقولات الكبرى في عصرنا مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان تنطوي كل منهما على جانب عام وجانب خاص بالثقافة والبيئة بكل دولة وبكل شعب، وقد ازدادت صعوبة التفرقة في هذا الشأن بين العالمي والخاص في ظل التشابك مع آليات العولمة ذات الصلة القوية بالتغريب (الأمركة) حيث النزوع القوي نحو استعباد شعوب وفرض ثقافات معينة رغماً من أن أنماط التفكير والسلوك وأنساق القيم لديها تتسم بالانغلاق والشمول وعدم التسامح ورفض الاندماج في تقاليد أسلوب الحياة الأمريكية ومن أفدح مغالطات التصورات الغربية لحقوق الإنسان تركيزها على الحريات المدنية والسياسية وتغاضيها عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (الحق في التنمية) وقد عمدت القوى التي تعمد على فرض ونشر العولمة على توظيف المنظمات الدولية من اجل تحقيق أهدافها مثل حروب البلقان والحرب على العراق من خلال منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن ويتم ذلك عن طريق الضغط المالي على هذه المنظمات كعدم دفع المستحقات أو بالمقايضات مع الدول الأعضاء المؤثرة (16).
كما ذكرنا سابقاً العولمة ظاهرة اقتصادية في المقام الأول ولكنها تأخذ في الوقت ذاته أبعاداً وتجليات سياسية وعسكرية وثقافية وإعلامية تعمل من أجل إرساء هيمنة الثالوث الرأسمالي العالمي (الولايات المتحدة – أوروبا – اليابان) على مختلف أنحاء الكرة الأرضية هيمنة شبه تامة والهدف من هذه الهيمنة السياسية تفكيك وشائج السيادة الوطنية للدول المتوسطة والصغيرة.
إن العولمة التي تبغيها الولايات المتحدة تتضمن بالأساس تأمين الحدود الحرة والمفتوحة لانتقال سلعها وأفكارها مستخدمة في ذلك وسائلها الإعلامية الجبارة والتقدم التكنولوجي والمؤسسات المالية الدولية والشركات متعدية الجنسيات والضغوط السياسية والحملات العسكرية إذاً في مقابل مفهوم الدولة والحدود الوطنية الذي استقر كأحد أسس الأمن الدولي بعد الحرب العالمية الثانية أصبحنا إزاء " نظام عالمي جديد " يعطي الأولوية المطلقة لحرية السوق والمشروع الخاص مع تسخير متطلبات سياسية واجتماعية مثل مصطلحي (الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتحرر المرأة) في خدمة ذلك أي كاستخدام هذه المصطلحات بمرونة كبيرة لتبرير التدخل في شؤون الدول القائمة في أطراف النظام الرأسمالي العالمي (17).
فالعولمة إذا نظام يقفز فوق حدود الدولة والوطن والأمة، فهي تقوم على الخصخصة إي نزع ملكية الأمة والوطن والدولة ونقلها إلى القطاع الخاص المرتبط بقوى العولمة والذي يحقق أهدافها ومتطلباتها وهكذا تتحول الدولة إلى جهاز تابع لهذه القوى سواء المحلية ذات الاستثمارات الجديدة أو لقوى العولمة (18).
العولمة الثقافية:
الثقافة بمعناها الواسع : مجموع السمات الروحية والمادية والفكرية والعاطفية التي تميز مجتمعاً بعينه أو فئة اجتماعية بعينها وأنها تشمل الفنون والآداب وطرائق الحياة والإنتاج الاقتصادي كما تشمل الحقوق الأساسية للإنسان ونظم القيم والتقاليد والمعتقدات .
إن سياسات ومآرب العولمة في المجال الثقافي التي تستهدف الهويات القومية ومقوماتها الرئيسة اللغة والدين والسمات التاريخية وأنماط العيش والسلوك والعادات والتقاليد ومعطيات الاختلاف والتمايز بين المجتمعات تضعنا أمام مسؤولياتنا المادية والمعنوية والروحية الجوهرية في الحياة البشرية (19) ،من اجل الحفاظ على مكتسباتنا هذه أمام محاولات العولمة ومجابهة أي تهديد يؤدي إلى التغيير القسري والعمل على الاستفادة من الثقافات الأخرى من خلال الحوار البناء .
إن مخاطر العولمة على الهوية الثقافية إنما هي مقدمة لمخاطر أعظم على الدولة الوطنية والاستقلال الوطني والإرادة الوطنية والثقافة الوطنية ،فالعولمة تعني مزيداً من تبعية الأطراف لقوى المركز (20) .
إن الدول والمنظمات الداعية والعاملة لفرض ظاهرة العولمة تعمل على استثمار منجزات ثورة الاتصالات والتقدم التقني والتكنولوجي في نشر ثقافة جماهيرية واحدة وبقوالب محددة مسبقة الصنع عمودها الفكري الاستهلاك وهذا ما نجده في المحطات الفضائية والذي يستنتج المراقب كأنها مخصصة للإعلان وترويج البضائع الاستهلاكية، فالإعلان أصبح سيد الموقف في كل الفضائيات وشكلت المواد الإعلانية هذه الهاجس والمسيطر والبوصلة التي توجه الأجيال الجديدة في التفكير والتعامل والبيع والعرض والترويج وأسلوب الحياة بكاملها وبذلك فإن هذه العولمة ستؤدي إلى تغيير في القيم الحالية والخصوصية الموجودة في مجتمعاتنا وتؤدي إلى حدوث تغييرات اجتماعية عميقة (21) .
فالولايات المتحدة الأمريكية أعلنت بعد أن أصبحت الحاكم القوى في العالم أنها ستعمل على نشر القيم والسلوك الأمريكي ونمط الحياة الأمريكي في العالم كله وهو ما يفتح باب الغزو للشعوب وعقائدها وثقافتها فالعولمة بالرغم من الصبغة الاقتصادية لها فإنها تعمل من أجل أهدافا أخرى تطال ثقافة الشعوب وهويتها القومية والوطنية ومصالحها وخصوصياتها في الصميم وترمي إلى تعميم نماذج وأنماط من السلوك والعيش وفرض منظومات من القيم وطرائق التفكير والتدبير وتكوين رؤى وأهداف تعمل في خدمتها ومن ثم فهي تحمل ثقافة تغزو بها ثقافات ومجتمعات أخرى وتؤدي إلى تخريب منظمات وقيم وإحلال قيم أخرى محلها ليست بالضرورة أفضل من القيم التي لحق بها التخريب فضلاً عن كونها لا ترتبط بخصوصيات الأمم وثقافاتها ولا يخلو ذلك من توجه استعماري جديد يتركز على احتلال العقل والإرادة وجعلهما يعملان وفق أهداف المستعمر وفي إطار خططه ومصالحه مع تحييد قوة الدولة أو إنهاكها واستلابها وانتزاع مقومات حضورها وتأثيرها الاجتماعيين وفرض نوع من الإدراك الواقعي مع إلحاق شلل بالوعي المنقذ والإرادة والقوة وطاقات الروح وبالإيمان وقدراته الخلاقة عند المؤمنين (22) وهذا ما جعلنا نتذكر قول وزير الثقافة الفرنسي في مؤتمر المكسيك إن هذا الشكل من أشكال الامبريالية المالية والفكرية لا يحتل الأرض، ولكن يصادر الضمائر ومناهج التفكير واختلاف أنماط العيش وهذا ما قاله الرئيس الأمريكي بعد حرب الخليج الثانية : إن القرن القادم سوف يشهد انتشار القيم وأنماط العيش والسلوك الأمريكي وفي هذا نزوع استعماري لغزو الآخرين ولمهاجمة الهويات الثقافية والقومية وفرض التبعية عليها وإذابتها .(23).
إن الغرب / سياسياً وثقافياً واقتصادياً / يرمي إلى تحقيق أهدافه بكل الوسائل الممكنة، ويضعها على رأس مشاريعه وسياسته ومنها فرض التبعية من خلال الاختراق والغزو الثقافيين وتخريب قيم الآخرين واستقطاب الأجيال الصاعدة بدغدغة غرائزها وتوجيه ميولها والتركيز على ماهو في سطح الاهتمامات البشرية لديها لحصرها في حيز السطح من الاهتمامات والمهام والتطلعات مستفيداً من فاعلية التفوق والقوة والسيطرة والثروة التي لديه في هذا المجال للوصول إلى زعزعة الثقة ثم محو الشخصية ومقومات الآخر ونحن نعرف أن أهم مقومات الشخصية الثقافية لأمة من الأمم : اللغة والدين وبقية السمات والعادات والتقاليد والأعراف ومكونات الذاكرة التاريخية للأمة (23).
و قد تجاوز مخطط التفتيت للمجتمع العربي الأبعاد السياسية والجغرافية إلى الأبعاد الاجتماعية والثقافية والفكرية والروحية وتأتي العولمة لتحقيق هذه الأهداف إن النظام الأمريكي يعمل على تدمير البنى الثقافية للبلدان النامية من خلال تدمير بناها المجتمعية وعزل الثقافة عن الواقع وتهميش المثقف والحد من فاعليته في حياة مجتمعه لذا فإن العولمة أصبحت تحمل في طياتها نوعا آخر من الغزو الثقافي أي قهر الثقافة الأخرى لثقافة أضعف منها لأن العولمة لا تعني مجرد صراع الحضارات أو ترابط الثقافات بل أنها توصي أيضا باحتمال نشر الثقافة الاستهلاكية والشبابية عالميا والخطورة في هذه الثقافة وبهذا تختلف العولمة عن العالمية والتي تعني إغناء للهوية الثقافية بينما العولمة تعني اختراقا فالاختراق العولمي يعني إلغاء الحوار والتبادل الحضاري والحلول محله ويستهدف العقل والنفس والذين هما الأداتان التي بهما يتم التفسير والتأويل والتسريع وقبول ما هو مفيد ومحاربة ومواجهة ما لا يتناسب مع خصائصنا بحيث انتقل من السيطرة عن طريق الايدولوجيا إلى السيطرة عن طريق الصورة السمعية والبصرية التي تسعى إلى تسطيح الوعي (24).
الآثار الناجمة عن العولمة:
إن المراكز الرأسمالية القائدة لظاهرة العولمة تعمل على استثمار الجوانب الايجابية للعولمة لصالحها بشكل تام وتعرقل ما تراه في غير مصلحتها كما في حالة انتقال الأيدي العاملة من بلدان أخرى واعتبارها أيدي عاملة غير مرغوب بها ويفترض إقامة الحواجز القانونية ضد حركتها نحو الداخل .( 25)
إن الانخراط في العولمة لا يضمن على الإطلاق استيعاب وتمثل الجوانب التقنية الأساسية فيها إن قوانين حماية حقوق الملكية الفكرية التي يفرضها الانخراط في منظمة التجارة العالمية مثلا يهدف فيما يهدف إلى منع انتقال التكنولوجيا إلى دول العالم الثالث (26).
ينتج عن العولمة الكثير من الآثار السلبية ولكن هذا لا يعني أنها لا تحمل بعض النتائج الايجابية، وتعود سلبية أو إيجابية الآثار الناجمة عن العولمة إلى مدى عمق فهم الدولة لهذه الظاهرة ودراسة الواقع الاقتصادي والاجتماعي للبلد والآثار التي تحمله لهذا البلد ومدى إعداد الدراسات والقوانين وتهيئة الكوادر المدربة والمؤهلة لنقل المجتمع بالشكل الذي يقلل الخسائر ويحقق الأرباح للمجتمع، وهنا نتوقف عند الآثار التي نجمت عن انتشار سياسات العولمة والعمل بها.
1 – البطالة:
تشير المعلومات إلى أن عدد القادرين على العمل في العالم الذين تتراوح أعمارهم بين (15 – 65) سنة بلغ في عام 1996 حوالي (3.5)مليار نسمة كان حوالي (2.3) مليار منهم يعملون بشكل ما، أما العدد الباقي منهم والبالغ (1.2) مليار إنسان فكانوا ضمن العاطلين عن العمل أي أن نسبة البطالة قدرها (34.3%) من مجموع القادرين على العمل في العالم، (27) ففي الاتحاد الأوروبي كان هناك (18) مليون عاطل عن العمل (28) وقد ترافق النمو الاقتصادي في الدول الرأسمالية المتقدمة خلال العقدين الأخيرين بقلة فرص العمل الجديدة وقد بلغ عدد العاطلين عن العمل في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عام 1996 ما يزيد على (36) مليون شخص بعد أن كان لا يتجاوز (10) مليون شخص عام 1970 وهو نفس عدد العاطلين عن العمل في تلك البلدان عام 1950، وهذا ما يؤكد اتساع نطاق وشمول التناقض بين العمل ورأس المال، ويتبين من خلال عمليات الاندماج بين الشركات ترابط التمركز في رأس المال مع زيادة البطالة وإلغاء الوظائف، كما تبين أن الحرية التي يتمتع بها رأس المال في التنقل والحركة تمنحه قدرة تفاوضية أكثر في الضغط على مستويات الأجور وشروط العمل(29)، فهذه العولمة أدت في الكثير من الدول إلى تخفيف شدة أداء النقابات العمالية في الدفاع عن مصالح العمال وأدت إلى تغييب دور هذه النقابات في الكثير من الدول (30) فقد أدت العولمة إلى خسارة أكثر من (750) ألف عامل لعملهم في المكسيك أول شهرين من عام 1995 خلال أزمة المكسيك المالية، تلا ذلك تسريح عدد كبير من العمال الأجراء في الأشهر اللاحقة وهبطت الأجور بنسبة (30%) وكذلك خسر المعدل الوسطي للأجور (54%) من قوته الشرائية مابين كانون الأول 1994 وتموز 1995 حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية (31)، كذلك أدت الأزمة المالية التي تسببت بها المضاربات المالية في تايلاند إلى جعل أكثر من مليون عامل ينضمون إلى قائمة العاطلين عن العمل .و هكذا نرى بأنه رغماً من أن دعاة العولمة قد عظموها ووصفوها بالعلاج الشافي لمعظم المشكلات التي يعاني منها المجتمع الدولي بشكل عام والدول النامية خصوصاً إلا أن هذا العلاج الشافي قد أدى إلى نتائج عكسية ووقد جعل مختلف شعوب العالم تنظر إلى هذه الظاهر بكره وسخط كبيرين فحتى الدول الراعية لهذه الظاهرة لم تستطع أن تتخلص من ظاهرة البطالة بل ازدادت حدة هذه الظاهرة في بلدانها، فبلغ عدد العاطلين عن العمل في الولايات المتحدة الأمريكية عام/ 2022/ (8.388.700) عاطل عن العمل بما يشكل (5.8%) من قوة العمل الأمريكية، وبلغ عدد العاطلين عن العمل في اليابان في نفس الفترة (3.586.600) بما يشكل (5.4%) من قوة العمل فيها، أما عدد العاطلين عن العمل في فرنسا فقد بلغ عام /2002 / (2.442.800) وهو ما شكل (9%) من قوة العمل وكذلك فإن عدد العاطلين عن العمل في ألمانيا قد وصل إلى (3.396000) بما يشكل (9.7%) من قوة العمل فيها (32) ، وكذلك يتوقع استمرار ازدياد حدة البطالة في هذه البلدان ففي ألمانيا هناك ما يزيد على أربعة ملايين فرصة عمل مهددة بالضياع على نحو شديد مما يعني ارتفاع معدل البطالة من (9.7%) إلى (21%) وفي النمسا من (7.3%) إلى (18%) وستهدد البطالة خمسة عشر مليون عامل في الاتحاد الأوروبي (33) وأما بالنسبة للبلدان العربية فقد بلغ عدد العاطلين عن العمل (25) مليون من أصل (115) مليونا هم حجم القوى العاملة(34) وإذا كانت هذه الدول المتقدمة التي لها وزن على المستوى السياسي العالمي قد عانت من نتائج العولمة وأصبحت مهددة بشبح البطالة بالرغم من صناديق الحماية فما هو موقف الدول النامية ومنها بلدنا وخاصة ما تحمله البطالة من آثار سلبية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي .
2 – الفقر:
تجاوز سكان العالم الستة مليارات عام 2001 خمسة مليارات منهم يعيشون في بلدان فقيرة وتسيطر البلدان الغنية على (80%) من إجمالي الدخل العالمي ويعيش فيها (15%) من السكان في العالم (35) وقدرت إحصاءات البنك الدولي أن (18%) من سكان العالم الثالث هم من شديدي الفقر و(33%) هم من الفقراء على أساس أن الحد الأعلى للفقر هو دولار في اليوم أي ما لا يزيد عن (370) دولار في السنة (36).
وقد كان لبرامج الإصلاح المدعومة من موارد صندوق النقد الدولي والذي ألتزمت به اندونيسيا آثار كبيرة وسلبية على الجهود التنموية التي بذلتها اندونيسيا على مدى عقود من الزمن وعلى وحدة ترابها فتراجع الناتج المحلي بمقدار (15%) بالتمام وانتشر الفقر فأمسى (20) مليون اندونيسي يعانون الفاقة والحرمان فالقروض التي قدمها الصندوق النقد الدولي والبالغة (23) مليار دولار خصصت لإنقاذ أموال المستثمرين الأجانب الذين هم مواطنون أمريكيون بالدرجة الأولى. (37)
فمن خلال التطور التقني والتكنولوجي نما الإنتاج على مستوى الكرة الأرضية للسلع الاستهلاكية الغذائية الأساسية بنسبة أكثر من (110%) من الحاجات العالمية ورغماً من ذلك هناك " 30" مليون شخص يستمرون بالموت جوعا كل عام وإلى جانب أكثر من " 800" مليون شخص ممن يعانون من سوء التغذية .
وفي عام 1960 كان هناك الـ( 20%) الأغنى من سكان العالم يملكون أكثر بـ "30" مرة ارتفاعاً من أولئك الـ(20%) الأفقر، وكان ذلك الأمر يعتبر شائناً. لكن بدلاً من تحسن الأوضاع، تفاقمت بشكل أشد. حيث لم يعد اليوم دخل الأغنياء بالنسبة للفقراء أكثر من "30"مرة بل وصل إلى "82" مرة أكثر فمن الـ (6) مليار نسمة من سكان الأرض هناك "500" مليون شخص بالكاد ممن يعيشون بيسر في حين يظل هناك"5.5" مليار من هؤلاء بحاجة إلى الغذاء ويعانون الفاقة والحرمان (38)
وهكذا نرى أن العولمة أدت إلى ازدياد حدة الفقر على المستوى العالمي وكأن هدفها عولمة الفقر وإلى ازدياد الآثار السلبية للفقر من قلة تغذية وأمراض وعدم القدرة على تطوير القدرات البشرية وتدني قدرات الموارد البشرية وصعوبة تأهيلها وتدريبها .
3 – الفساد المنظم والجريمة وتجارة المخدرات والأسلحة:
ظهرت أخطار جديدة في ظل سياسات العولمة بالإضافة إلى تكريس وازدياد أمور كانت موجودة سابقا، فالإرهاب قد انتشر بشكل كبير في مختلف دول العالم، وعم التعصب الديني أو العرقي وتكاثرت الأسلحة النووية وازداد إرهاب الدول ممتطين أحيانناً صهوة المنظمات العالمية لقوننته، وتناثرت شبكات المافيا واستشرى الفساد في كل أنحاء العالم وانتشرت أوبئة جديدة لم تكن معروفة من قبل (39)، فالرشوة إلى جانب المضاربة والإفقار والتكبيل بالديون تؤلف جزأ لا يتجزأ من معدلات الزيادة في النمو والأرباح في نظام العولمة، والمافيا صنيعة هذا النظام وقد تجلت جرائمها في تسريب المواد الغذائية الفاسدة إلى كل أنحاء العالم بل وإفساد صناعة المواد الغذائية ولعل فضائح البقرة المجنونة وفرض لحومها الفاسدة على شعوب أوروبا وتصدير الدم الفاسد بالإيدز إلى أفريقيا وتصدير النفايات الخطيرة إلى أفريقيا أبسط الأمثلة على تسرب المافيا وجرائمها عبر الأموال التي تشتري بها صغار النفوس من المتعاملين معها على المستويات كافة والذين ماتت ضمائرهم وتجلدت أحاسيسهم بحيث لم يعودوا يقيمون أي وزن لعائلة أو أمة أو وطن ولا هم لديهم إلا أن يضخموا من حجم أرصدتهم في الخارج الفاعلون غير الشرعيين المافيا ..
في البداية كان للمافيا قاعدة وطنية أو محلية حيث لها الجذور التاريخية والثقافية ومن هنا جاءت البيئة الجغرافية ويشير مانويل كاستل بأن المافيا لم تختف مع العولمة بل على العكس تماماً وطبقا لرأيه " فإن تكامل المافيا مع الشبكات العالمية، يساعد في اجتياز المصاعب عندما تنقلب الدولة ضدها، فالمافيا الأمريكية وعلى الرغم من الضربات التي حلت بها لم يستطع المكتب الفيدرالي في الثمانينات أن ينهيها ويقضي عليها كذلك بقي عاجز عن الوقوف ضد نموها وكبرها وازدياد مجالات عملها في التسعينات بفضل إسهامها وتعاونها مع المافيا الإيطالية وتحالفها مع الثالوث الصيني والمافيات الروسية والمافيات الأخرى، وتنازع المافيا الدولة على المستوى المحلي والمستوى الدولي في آن واحد فإن منظمتها متعددة الجنسيات تسمح لها بأن تحتاط ضد التعاون الدولي الموجه للمكافحة ضدها وتشمل تجارتها على " المخدرات، الكائنات البشرية، ابتزاز الأموال باستخدام التهديد، منتجات مزورة، نقود مزورة(40)و تمثل تجارة المخدرات على المستوى العالمي رقم أعمال يفوق ذلك الرقم المستخدم في مجال النفط لكن على النطاق الوطني، تلعب المافيا في بعض الحالات دوراً هاما ويعتقد
أن الاقتصاد المخالف للقوانين السري يمثل (40%) من الاقتصاد الروسي، ولنصف البنوك في هذا البلد روابط مع الجريمة المنظمة وتصل الأرقام إلى مابين (300- 500) مليار دولار فوائد ضريبية ناتجة من تجارة المخدرات وتقدر الأموال الناتجة من التزوير إلى (100)مليار دولار وترتفع عمليات الاحتيال لوحدها في ميزانية الاتحاد الأوروبي إلى (15) مليار دولار وإذا أضيف إليها تجارة الحيوانات والنساء يصل الناتج إلى (100) مليار دولار (41).
4 – المضاربات المالية وانهيار الاقتصاديات الناشئة:
لقد أصبح بإمكاننا أن ندخل مع نظام العولمة في مرحلة جديدة لم يسبق لها مثيل في التاريخ ألا وهي التمويل الدولي لاقتصاد المضاربات لقد بلغت الوسائل المالية التي طرحت في كافة الأسواق المالية للمضاربات على ما يزيد على / 40000 / مليار دولار أي ما يعادل عشرة أضعاف الدخل القومي لأمريكا لم يستخدم القائمون على نظام العولمة إلا (3%) من الجنس البشري في الوقت الذي يمثلون فيه ما يزيد على (95%) من التجارة العالمية، لقد تشعبت وتداخلت ساحات الصراع ومجالاته وأهدافه وأدواته ووسائله في عصرنا على نحو بات التميز معه فائق الصعوبة، فالجوانب الاقتصادية والتجارية والمالية والعلمية والتكنولوجية والاستخباراتية والإعلامية والثقافية في الحروب والصراعات المعاصرة يتولاها مدنيون غالباً وتتفوق آثارها ونتائجها على ما ينجم عن المعارك العسكرية وتؤدي أضعاف ما تلحقه الأسلحة التقليدية من خسائر نأخذ مثلاً موجات التدمير الاقتصادي التي تم شنها ضد دول شرق آسيا وجنوب شرق آسيا في صيف 1997، والتي تسببت في انهيار اقتصادي لاندونيسيا وأزمات كبيرة لماليزيا وتايلاند وكوريا الجنوبية والفلبين فقد كان صافي حجم الأموال التي تدخل الفلبين قبل حلول الأزمة حوالي (93) مليار وتحول صافي الفيض إلى هروب (12) مليار دولار (42) وقد انعكست هذه الأزمات على الاقتصاد الياباني والروسي والعديد من الدول الأخرى، فقد اتهم مهاتير محمد، رئيس وزراء ماليزيا علناً في خطابه أمام مجلسي محافظي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في أيلول 1997 في هونج كونج الملياردير اليهودي الأمريكي جورج سو روس ومعهد موري وشركات تسليف بالتواطؤ المبرمج المعتمد لتدمير اقتصاديات جنوب شرق آسيا (43).
5 – تهميش الهوية والثقافة الوطنية:
تعمل العولمة على تهميش الهوية وتدمير وتحطيم الثقافة الوطنية وذلك بسبب محاولتها تحطيم وتدمير كل القوى الممكن أن تقف في وجهها، وفي ظل سقوط التجربة الأممية والاشتراكية التي كانت تقف كجدار في طريق انتشارها كان لابد من اختراع عدو جديد من أجل تسخير القوى الامبريالية لمحاربته وإفساح الطريق أمام مشروعها فكان لا بدمن تحويل الصراع نحو الثقافات الوطنية والإيديولوجيات الدينية التي كانت السبب الرئيس لتطور المجتمعات ماضياً ومن أهمها الثقافة العربية والإيديولوجية الإسلامية، فبالرغم من أن العولمة الاقتصادية هي الأساس والهدف فإن الانعكاسات والامتدادات الاجتماعية والثقافية أصبحت واضحة ولا يمكن التغاضي عنها أو إغفالها مع التطورات السياسية العالمية من ناحية، وانتشار ثورة المعلومات والاتصالات من ناحية أخرى وكانت هذه الامتدادات كجسر يصل قوى العولمة للهدف الاقتصادي المنشود الذي لا يتحقق بإيديولوجيات وهويات قوية تستطيع التأسيس لقوى ذات أخلاقيات رافضة لظاهرة العولمة .
وبحكم انتمائنا الإسلامي العربي فنرى أن ثقافتنا الإسلامية العربية تتعرض منذ زمن لقوى التقييد والتحديد من جهة وقوى التجديد والتحديث من جهة ثانية، وقوى الترويض والتهميش من جهة ثالثة ففي علاقة الثقافة العربية بالماضي نراها في الغالب تغالي في عرضه وتفسيره وتمجيده حينا وتقع أسيرة لقيوده ومحدداته وإخفاقاته حيناً ثانياً وتنهل منه دون تجديد أو إبداع أو تطوير حينا ثالثاً، أما فيما يتعلق بعلاقتها بالحاضر والمستقبل وما يرافقها من قوى العولمة وتأثيراتها فهي تتعامل معهما بالغالب بإبداعات وانطلاقات يانعة الفروع ضعيفة الجذور أحياننا وبتمرد لا عقلاني غير مبرر أحيانناً أخرى وبمحاولات للتجديد والتحديث دون شمولية أو قاعدة فلسفية أو مصداقية اجتماعية حينا وكل هذا بالطبع لا يقلل من أهمية الكثير من الأعمال والنتاجات الثقافية المبدعة التي لم تنجح حتى الآن في بناء الزخم المناسب وإيجاد الكتلة الحرجة اللازمة لتشكيل الفضاء الثقافي المتكامل المترابط والتي لم تؤد حتى الآن الانطلاقة اللازمة لإحداث التأثير المنشود والتغيير المستهدف، وهو التغيير الذي يرتبط بالانفتاح الواعي والتفاعل الايجابي والانطلاقة الواثقة دون الانقطاع عن الجذور والتنازل عن الهوية والخصوصية وبشكل عام تواجه الثقافة العربية في الوقت الحاضر مجموعة من الثنائيات التي لم تفلح في صقلها أو التغلب عليها والجدول الآتي يبين مجموعة الثنائيات التي تتعرض لها الثقافة العربية والتي هي عبارة عن ثقافتنا العربية الموروثة المتأصلة والمتجذرة ومجموعة أخرى من القيم والأخلاقيات التي تعمل القوى التي تحاول عولمة العالم بشكل عام والبلدان العربية من ضمن هذه البلدان.
و من خلال الجدول (1) نجد أننا أمام مجموعتين من الخصائص الثقافية :
1 – المجموعة التي تتصف بها الثقافة العربية ونرى بعض هذه الخصائص التي كانت ذات نتائج إيجابية على الحضارة الإسلامية والعربية وأدت إلى تكوين بناء قوي ولكنها في فترات معينة لم تجد القوى التي تستطيع السير بها عن طريق التجديد والإبداع بما يتناسب التطور الزماني والمكاني علما أن الكثير من الشخصيات الإسلامية والعربية التي كان لها دور كبير في التطور الحضاري العالمي كانت تشجع وتخطط وتوجه على اختلاف الأمور التي يجب أن تتطور تبعاُ للزمان والمكان كما قال أحدهم "لا تجبروا أولادكم على ما أنتم به فقد خلقوا لزمان غير زمانكم".
2 – مجموعة القيم والأخلاقيات في العمود الثاني التي تتضمن الكثير من القيم التي تؤدي إلى التطور والحداثة ولكن لم تستطع الدول الغربية من التمتع بها وأن تجعلها جزء من ثقافتها إلا بعد أن ناضلت كثيراً في ظل ظروف ومعطيات اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية تختلف عن تلك التي يتصف بها مجتمعنا ويمكن الاستفادة من بعضها ولكن قوى العولمة تحاول إقحامها ليس من اجل تطوير وتحديث المجتمع العربي الإسلامي بل لتستطيع الوصول إلى النموذج الاستهلاكي الذي يؤدي إلى تحطيم جدار القيم والأخلاق والقوة والاندفاع الذي تتحصن به الشعوب الإسلامية والعربية عن طريق الموروث الحضاري والنضالي وتستخدم قوى العولمة من أجل هذا إقحام بعض الخصائص الجديدة التي تؤدي إلى انهيار في القيم والموروثات الحالية للثقافة العربية القوى الإعلامية الجارفة من فضائيات وانترنيت وغيره عن طريق ضخ وتلهية الشعوب بالصورة الخلاعية الحاقدة وتقديم وترويج الأفلام والدعاية والأغاني الهابطة التي ستؤدي بنظرهم مستقبلاً إلى إسقاط الهوية العربية الإسلامية لتحول الشعوب العربية إلى شعوب بلا قيم ولا مبادئ قوى مستسلمة لمصير مجهول ولكن هنا يجب القول أن التصلب اتجاه مفردات الجدول الثاني كذلك لن تكون نتائجه مضمونة وإنما يجب الدفاع عن طريق التفاعل المبرمج وحوار الأنداد فالموروث الحضاري العربي يملك القوة لمواجهة إي فرض، فبالرغم من الامتدادات العدوانية والعنصرية للعولمة فإن الثقافة لدى الدول الضعيفة اقتصاديا وسياسيا أكثر قدرة على الصمود أمام تجاوزات العولمة من الاقتصاد والسياسة وقدرة الثقافة على مثل هذا الصمود نابعة من أنها لا تتقيد بالنظام السياسي القائم وإنما بالنظام الشعبي السائد فهي أكثر ارتباطاً بقاعدة الهرم وأساساته وجذوره بينما يرتبط الاقتصاد كما السياسة بقمة الهرم والأجزاء العليا من جدرانه .ومن الأهداف الكبرى التي تعمل عليها قوى العولمة عن طريق هذه الحرب الثقافية هو إضعاف دور الأسرة العربية كنواة للمجتمع العربي الإسلامي والحامل الأساسي للثقافة والمعتقدات العربية الإسلامية واللبنة الأساسية في مجتمعنا لتحل مكانها العلاقات المادية وهذا ما يؤدي تدريجيا ً لإنقاص دور الأسرة في المجتمع من خلال تنشئة الإنسان والمساهمة بتنمية قدراته وإبداعاته مع مؤسسات المجتمع الأخرى مؤسسات التعليم والثقافة والدين.
***61649; الملخّص ***61649;
هناك الكثير من السياسات والمتغيرات العالمية التي تؤثر وتنعكس نتائجها على مختلف نواحي الحياة البشرية على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو السياسي، كذلك على المستوى الحضاري، أكثر هذه المتغيرات انتشاراً وشيوعاً هي تلك الظاهرة التي أطلق عليها الكوكبة أو العولمة، أخيراً أطلق عليها الأمركة كون الولايات المتحدة الأمريكية هي اللاعب الأكبر والأكثر تأثيراً من خلال هذه الظاهرة، وقبل أن نتعرف على بعض الآثار الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن هذه الظاهرة لا بد لنا من التوقف عند الأدوات التي ارتكزت ومازالت ترتكز عليها من أجل السير في تحقيق الأهداف المخطط لها من خلال هذه الظاهرة، ومن ثم نتطرق إلى أنواع هذه العولمة وبعد ذلك نتطرق إلى الآثار الناجمة عن العولمة وأخيراً نتطرق إلى العلاقة بين العولمة والموارد البشرية .
تأتي أهمية بحثنا هذا كونه يتعرض لظاهرة خطيرة ومنتشرة بكثرة في العالم بأكمله، هي ظاهرة العولمة هذه الظاهرة التي ينجم عنها الكثير من النتائج السلبية في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية التي تنجم عنها في حال عدم التهيئة السليمة والعلمية لمواجهتها، وسنحاول وضع بعض الأسس والسياسات للاستفادة من بعض الايجابيات التي يمكن أن تنتج عن التعامل بشكل واع ومدروس مع ظاهرة العولمة.
أهداف البحث:
يهدف بحثنا إلى تسليط الضوء على ما يلي:
1 – البعد التاريخي لهذه الظاهرة.
2 – الأدوات التي تستخدمها القوى الفاعلة من أجل نشر هذه الظاهرة.
3 – المجالات المختلفة التي تتأثر بهذه الظاهرة.
4 – الآثار السلبية الناجمة عن هذه الظاهرة.
5 – بعض الآثار الإيجابية التي يمكن الاستفادة منها في حال التعامل بحذر من ظاهرة العولمة.
6 – المواقف المختلفة من ظاهرة العولمة.
7 – السياسات اللازمة للتعامل مع هذه الظاهرة بما يتفادى الكثير من الآثار السلبية.
تساؤلات البحث:
1 -هل ظاهرة العولمة حديثة النشوء ؟
2 – ماهي الأدوات التي تستخدمها قوى العولمة من أجل نشرها وفرضها ؟
3 – ما هي المجالات التي تعمل قوى العولمة من اجل التأثير عليها ؟
4 – ما هي الآثار السلبية الناجمة عن ظاهرة العولمة ؟
5 – هل هناك نتائج إيجابية يمكن الاستفادة منها من خلال التعامل الصحيح مع ظاهرة العولمة ؟
6 – ما هو الموقف الايجابي من العولمة والذي يخفف من حدة السلبيات ؟
7 – ما هو أثر العولمة على الموارد البشرية، وكيف يمكن تأهيل الموارد البشرية لمواجهة العولمة ؟
لمحة تاريخية عن العولمة:
العولمة في اللغات الأوروبية المختلفة هي سياسة أو سلوك على المستوى العالمي "globalisation" وفي معنى آخر يقصد بها السياسة الكونية ويقال أيضاً الكوكبة والكوننة، وهي متقاربة مع مصطلح التدويل "international"أي كل ما هو أممي، وهذه المصطلحات تصب في المفهوم الفكري الذي يضفي الطابع العالمي أو الدولي أو الكوني على النشاط البشري وقد تختلط الأمور بين( الأنسنة) من الإنسانية وبين العولمة( من العالمية )(1).
إن الممارسات المتعولمة على أساس تعميم سياسة معينة أو عادة أو ثقافة ليست وليدة العقود القليلة الماضية وإنما هي قديمة من خلال محاولة العديد من الدول الإمبريالية والاستعمارية التي انتصرت في الحروب فرض ثقافتها ولغتها وتطوير اقتصادها عن طريق الاستعمار المباشر المرتبط بالاحتلال العسكري أو عن طريق فرض تعليم لغتها على الدول التي تحتلها أو عن طريق احتلال الدول التي تقع على الممرات التجارية والمنافذ البحرية والبرية وعن طريق نهب الثروات والموارد الطبيعية للدول المستعمرة وهذا ما يعطي البعد التاريخي لظاهرة العولمة وفي العقود القليلة الماضية وبعد صراع كبير بين المعسكرين الاشتراكي والرأسمالي وهو ما عرف بالحرب الباردة وبعد انتهاء هذه الحرب بانتصار المعسكر الرأسمالي هذا الانتصار الذي تمثل بسقوط جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفيتي وهذا ما دل على انتصار المعسكر الرأسمالي سارع المعسكر المنتصر إلى إطلاق التصريحات والعمل على فرض السياسات الهادفة إلى فرض تحويل السياسات الاقتصادية للدول التي كانت تحت سيطرة ونفوذ الاتحاد السوفيتي إلى النموذج الرأسمالي ولو اضطرت إلى استعمال قوة السلاح ومن ثم أصبح هدف هذه الدول فرض النموذج الرأسمالي المعتمد على الاقتصاد الليبرالي الحر على كل دول العالم ومن ثم تحول هذا الصراع بين دول المعسكر الرأسمالي من أجل فرض سياساتها المؤدية إلى السيطرة الاقتصادية وتبلور هذا الصراع بين الولايات المتحدة والكتل الاقتصادية الرأسمالية الأخرى بشكل إفرادي وهذا ما أدى إلى صبغ هذا المصطلح بالصبغة" الأمريكية "و هو الذي أدى إلى إطلاق تسمية الأمركة على هذا المصطلح.
أدوات العولمة وأهدافها:
لقد اعتمدت الدول الرأسمالية على خلق وتسخير مجموعة من الأدوات المساعدة على نشر وتجسيد وتكريس السياسات التي تنجم عن ظاهرة العولمة وفرضها وأحيانناً بالقوة ومن أهم هذه الأدوات :
1 – الشركات المتعددة الجنسيات:
تشكل الشركات المتعددة الجنسية أو ما تسمى العابرة للقارات القوة المحركة للعولمة بشكل عام ولعولمة الإنتاج بشكل خاص، فهذه الشركات التي تواجه ركوداً في الطلب وارتفاعا حاداً في كلفة الإنتاج تنقل قواعد إنتاجها إلى الدول النامية حيث تشهد أسواق السلع والخدمات نمواً ملحوظاً (2) بالإضافة إلى الإعفاءات الضريبية والتسهيلات التي تمنحها الدول النامية لهذه الشركات وهذه الشركات المتعددة الجنسية عبارة عن مجموعة من الشركات التي تعمل في مجال معين وفي بلدان وأقاليم مختلفة والتي أتحدت لتشكل شركة كبيرة وضخمة مقرها في دولة معينة ومجال عملها في مختلف دول العالم لتشكل تيارا اقتصاديا كبيرا يحد ويوقف عمل المؤسسات الصغيرة ويتجاوز الحدود الإقليمية وقد وصل عددها في عام (1998) إلى حوالي / 40 / ألف شركة، بلغت إيرادات أكبر (500) شركة منها عام 1996 نحو (11000) مليار دولار، وهذا ما شكل (44%) من الناتج المحلي العالمي الذي وصل إلى نحو (23000) مليار دولار (الوطن العربي/ 576/ مليار دولار)، وتسيطر الشركات المتعددة الجنسيات على ثلث الاستثمارات الأجنبية المباشرة في العالم، وثلثي التجارة الدولية في مجال السلع والخدمات( 3)، فرقم الأعمال لشركة جنرال موتورز على سبيل المثال، هو أعلى من الناتج القومي الخام لبعض البلدان مثل السعودية، وتركيا وبولونيا فكيف إذا ما قورنت نتائج أعمالها مع الناتج القومي للدول الإفريقية.
2 – منظمة التجارة الدولية
وهي منظمة منبثقة عن اتفاقية الغات وهي تجسيد للاتجاه البارز نحو محاولة تحويل الاقتصاد العالمي إلى سوق واحدة لا تعرف الحواجز أمام حركة السلع (مادية أو خدمية أو تكنولوجية) وحركة رأس المال وهو ما يتضمن تحويل العالم إلى حقل قانوني واحد تتوحد فيه القواعد الموضوعية التي تحكم المعاملات التجارية والمالية الدولية (4).
و تقوم وظيفة منظمة التجارة الدولية على ثلاثة مبادئ أساسية وهي :
أ- تحرير التجارة الدولية من القيود .
ب – عدم التمييز بين البلاد المختلفة في المعاملات التجارية، وهو المبدأ المعروف بأولى الدول بالرعاية، والمساواة بين كل البلدان .
ج – – تحديد قواعد السلوك في المعاملات التجارية، وذلك بتحريم أن تقوم دولة بإغراق سوق دولة أخرى عن طريق بيع سلعة معينة في أسواق التصدير بسعر أقل من السعر الذي تباع به في سوقها الداخلي، كذلك تحريم إعطاء دعم للمنتجين لسلعة معينة بقصد تمكينهم من تصديرها بسعر مخفض (5).
و في الوقت الذي شجعت فيه الدول الصناعية المتقدمة المنافسة والأسواق الحرة، تبنت الدول الصناعية نفسها ومنها الولايات المتحدة مبدأ التجارة المدارة، وتقييد الأسواق( من خلال قوانين حماية المنتجات الوطنية أو فرض الرسوم والضرائب المرتفعة على البضائع الأجنبية المنافسة ودعم المنتجات المحلية) عندما تتعرض مصالحها للخطر (6).
3 – صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير:
يعد صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير من أهم أدوات وأركان ترسيخ مصطلح العولمة والنظام الاقتصادي المعاصر من خلال برنامج التثبيت الاقتصادي، وبرنامج التكيف الهيكلي .
فصندوق النقد الدولي يتابع ويشرف على تنفيذ ما يلي :
أ – برنامج التثبيت الاقتصادي الذي تعتمد فكرته على تحليل العلاقة بين مشاكل المديونية المتراكمة، والتعديلات في هيكل الاقتصاد وانعكاس ذلك على ميزان المدفوعات والموازنة العامة للدولة في الآجال القصيرة ويلاحظ أن صندوق النقد الدولي بشكل عام ينصح الدول التي تعاني من بعض الاختلالات الهيكلية أو التي تعاني من المديونية المرتفعة وتطلب الاقتراض منه والتي تريد معالجة هذه الاختلالات الهيكلية بما يلي:
1 – العمل على الحد من الإنفاق العام على الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية والدفاع .
2 – التحكم بالسيولة النقدية بالعمل على السيطرة على عرض النقد والائتمان المحلي بما في ذلك زيادة الفائدة على الودائع المحلية.
3 – العمل على تخفيض مستويات الأجور المحلية (7)
ب – برنامج التكيف الهيكلي : يشرف البنك الدولي على متابعة تنفيذ برنامج التكيف الهيكلي من خلال الاعتماد على مفاهيم النظرية الاقتصادية في تخصيص وتوزيع الموارد وأهم الإجراءات التي يلح عليها البنك الدولي والتي تفيد في تطبيق هذا البرنامج تتركز على المطالبة بما يلي :
1 – الحد من الملكية العامة على حساب توسيع القطاع الخاص وتحميل مسؤولي البنك الدولي القطاع العام مسؤولية التشوهات الهيكلية والاختلالات الاقتصادية الداخلية.
2 – يرى البنك الدولي ضرورة العمل على تحرير التجارة وزيادة الصادرات لأنها في رأيه شرط أساسي لزيادة الإنتاجية كما يؤكد ضرورة المنافسة وتخفيض الرسوم الجمركية والعمل على التوسع في تمثيل الوكالات الأجنبية (8) .
4 – ثورة الاتصالات والمعلوماتية :
تعد ثورة الاتصالات والمعلوماتية اليوم من أهم الأدوات التي تعتمد عليها الدول الرأسمالية بشكل عام والولايات المتحدة الأمريكية خصوصاً في فرض ونشر سياساتها المتعولمة من خلال جعل العالم كقرية صغيرة بحيث أضحى الذي يحكم العالم اليوم هو قوة المعرفة والمعلوماتية وتحول الاقتصاد العالمي إلى اقتصاد يعتمد على المعرفة بعد أن كان اقتصاداً معتمداً على الاستخدام الكثيف لرأس المال وكثيف الاستخدام للعمالة وذلك بفضل ثورة المعلومات والتقانة المتعددة الوسائط وتجدر الإشارة إلى أن أوراق اللعبة المعرفية والتقنية التكنولوجية : اليوم إنما هي في يد (12%) من سكان العالم "الولايات المتحدة الأمريكية، أوروبا الموحدة، اليابان" التي تسيطر على أكثر من (90%) من حجم التجارة العالمية (9)، وجاءت شبكات الانترنيت لتضيف وسيلة تسهم في تعزيز فكرة العولمة وسياساتها(10)، وكذلك ساعدت ثورة الاتصالات هذه على عولمة الإعلام من خلال انتشار الفضائيات التي تعمل على نشر القيم والسلوك الاستهلاكي الذي تعمل من أجل نشره قوى العولمة.
أنواع العولمة:
نستطيع القول أن العولمة بمعناها النظري هي إكساب الشيء الطابع العالمي وجعل نطاق تطبيقه عالميا ولكن من خلال التطبيق الواقعي لسياسات العولمة نستطيع أن نقول أنها نوع من الهيمنة الرأسمالية المتوحشة التي تصنع الفرد قبل المجتمع والاستهلاك قبل الإنتاج والمال قبل القيم (11).
والجانب الاقتصادي هو جوهر العولمة قبل كل شيء آخر ومنبع كل صفاتها الأخرى غير الاقتصادية(12)، فهو الأساس الذي تعمل قوى العولمة على فرضه من خلال التجارة الدولية والمؤسسات الدولية والشركات المتعددة والمتعدية الجنسية التي تمثل ذراع العولمة الطويل والتكتلات الاقتصادية التي تمثل أداة الاحتواء المعولم، ومن اجل الوصول إلى الهدف الاقتصادي أو العولمة الاقتصادية فقد عملت الدول الإمبريالية وخصوصا الولايات المتحدة على تهيئة القوانيين والأنظمة والسياسات والسلوك الفردي لأغلب دول العالم عن طريق عولمة الثقافة والسياسة والسلوك العالمي دون إعطاء أي أهمية للحدود السياسية للدول ذات السيادة أو الانتماء إلى وطن محدد أو دولة معينة ودون حاجة إلى إجراءات حكومية .
العولمة الاقتصادية:
تعني العولمة الاقتصادية نظاماً تجارياً عالمياً مفتوحاً تزول فيه العوائق أمام حركة السلع والبضائع والخدمات وعوامل الإنتاج خاصة رأس المال عبر الحدود الدولية وتغدو فيه التجارة الدولية الحرة والمتعددة الأطراف هي القاعدة وهذا يؤدي في النهاية إلى تكامل اقتصادي عالمي متزايد في أسواق السلع والخدمات ورأس المال(13) وتتحول فيه قوى السوق العاتية إلى نظام اقتصادي عالمي تفرض فيه الشركات المتعدية الجنسية والمنظمات العالمية الحاكمة مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي انسجاما بل تطابقا ً بين جميع الأقطار ومهما كانت مواقعها وتفصيلاتها (14)، ويذهب الاقتصادي المعروف، بول سويزي إلى أن العولمة هي صيرورة رأسمالية تاريخية يتحول فيها خط الإنتاج الرأسمالي من دائرة عولمة المبادلة والتوزيع والتسويق والتجارة إلى دائرة عولمة الإنتاج الرأسمالية، مع عولمة رأس المال الإنتاجي وقوى وعلاقات الإنتاج الرأسمالية مما يقود إلى إخضاع العالم كله إلى النظام الرأسمالي تحت قيادة وهيمنة وتوجيه القوى الرأسمالية العالمية والمركزية وسيادة نظام التبادل الشامل والمتميز لصالح الاقتصاديات الرأسمالية المتقدمة (15)، ففي عالم معولم، ستنعدم الحدود ويزول التمييز بين الأسواق الوطنية المحلية والأسواق الأجنبية العالمية وستتزايد الاندماجات والاستحواذات والتحالفات بين المشاريع المتنافسة بحجة تقليص التكاليف وزيادة الكفاءة الإنتاجية والتسويقية لكل منها ويعترف دعاة العولمة بأن عولمة الأعمال والتمويل ستؤدي إلى الحد بدرجة كبيرة من قدرة الحكومات الوطنية على رسم سياسات اقتصادية وطنية مستقلة وعلى إضعاف سيطرة الحكومات على اقتصادياتها.
العولمة السياسية:
لا يمكن إنكار أن المقولات الكبرى في عصرنا مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان تنطوي كل منهما على جانب عام وجانب خاص بالثقافة والبيئة بكل دولة وبكل شعب، وقد ازدادت صعوبة التفرقة في هذا الشأن بين العالمي والخاص في ظل التشابك مع آليات العولمة ذات الصلة القوية بالتغريب (الأمركة) حيث النزوع القوي نحو استعباد شعوب وفرض ثقافات معينة رغماً من أن أنماط التفكير والسلوك وأنساق القيم لديها تتسم بالانغلاق والشمول وعدم التسامح ورفض الاندماج في تقاليد أسلوب الحياة الأمريكية ومن أفدح مغالطات التصورات الغربية لحقوق الإنسان تركيزها على الحريات المدنية والسياسية وتغاضيها عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (الحق في التنمية) وقد عمدت القوى التي تعمد على فرض ونشر العولمة على توظيف المنظمات الدولية من اجل تحقيق أهدافها مثل حروب البلقان والحرب على العراق من خلال منظمة الأمم المتحدة ومجلس الأمن ويتم ذلك عن طريق الضغط المالي على هذه المنظمات كعدم دفع المستحقات أو بالمقايضات مع الدول الأعضاء المؤثرة (16).
كما ذكرنا سابقاً العولمة ظاهرة اقتصادية في المقام الأول ولكنها تأخذ في الوقت ذاته أبعاداً وتجليات سياسية وعسكرية وثقافية وإعلامية تعمل من أجل إرساء هيمنة الثالوث الرأسمالي العالمي (الولايات المتحدة – أوروبا – اليابان) على مختلف أنحاء الكرة الأرضية هيمنة شبه تامة والهدف من هذه الهيمنة السياسية تفكيك وشائج السيادة الوطنية للدول المتوسطة والصغيرة.
إن العولمة التي تبغيها الولايات المتحدة تتضمن بالأساس تأمين الحدود الحرة والمفتوحة لانتقال سلعها وأفكارها مستخدمة في ذلك وسائلها الإعلامية الجبارة والتقدم التكنولوجي والمؤسسات المالية الدولية والشركات متعدية الجنسيات والضغوط السياسية والحملات العسكرية إذاً في مقابل مفهوم الدولة والحدود الوطنية الذي استقر كأحد أسس الأمن الدولي بعد الحرب العالمية الثانية أصبحنا إزاء " نظام عالمي جديد " يعطي الأولوية المطلقة لحرية السوق والمشروع الخاص مع تسخير متطلبات سياسية واجتماعية مثل مصطلحي (الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتحرر المرأة) في خدمة ذلك أي كاستخدام هذه المصطلحات بمرونة كبيرة لتبرير التدخل في شؤون الدول القائمة في أطراف النظام الرأسمالي العالمي (17).
فالعولمة إذا نظام يقفز فوق حدود الدولة والوطن والأمة، فهي تقوم على الخصخصة إي نزع ملكية الأمة والوطن والدولة ونقلها إلى القطاع الخاص المرتبط بقوى العولمة والذي يحقق أهدافها ومتطلباتها وهكذا تتحول الدولة إلى جهاز تابع لهذه القوى سواء المحلية ذات الاستثمارات الجديدة أو لقوى العولمة (18).
العولمة الثقافية:
الثقافة بمعناها الواسع : مجموع السمات الروحية والمادية والفكرية والعاطفية التي تميز مجتمعاً بعينه أو فئة اجتماعية بعينها وأنها تشمل الفنون والآداب وطرائق الحياة والإنتاج الاقتصادي كما تشمل الحقوق الأساسية للإنسان ونظم القيم والتقاليد والمعتقدات .
إن سياسات ومآرب العولمة في المجال الثقافي التي تستهدف الهويات القومية ومقوماتها الرئيسة اللغة والدين والسمات التاريخية وأنماط العيش والسلوك والعادات والتقاليد ومعطيات الاختلاف والتمايز بين المجتمعات تضعنا أمام مسؤولياتنا المادية والمعنوية والروحية الجوهرية في الحياة البشرية (19) ،من اجل الحفاظ على مكتسباتنا هذه أمام محاولات العولمة ومجابهة أي تهديد يؤدي إلى التغيير القسري والعمل على الاستفادة من الثقافات الأخرى من خلال الحوار البناء .
إن مخاطر العولمة على الهوية الثقافية إنما هي مقدمة لمخاطر أعظم على الدولة الوطنية والاستقلال الوطني والإرادة الوطنية والثقافة الوطنية ،فالعولمة تعني مزيداً من تبعية الأطراف لقوى المركز (20) .
إن الدول والمنظمات الداعية والعاملة لفرض ظاهرة العولمة تعمل على استثمار منجزات ثورة الاتصالات والتقدم التقني والتكنولوجي في نشر ثقافة جماهيرية واحدة وبقوالب محددة مسبقة الصنع عمودها الفكري الاستهلاك وهذا ما نجده في المحطات الفضائية والذي يستنتج المراقب كأنها مخصصة للإعلان وترويج البضائع الاستهلاكية، فالإعلان أصبح سيد الموقف في كل الفضائيات وشكلت المواد الإعلانية هذه الهاجس والمسيطر والبوصلة التي توجه الأجيال الجديدة في التفكير والتعامل والبيع والعرض والترويج وأسلوب الحياة بكاملها وبذلك فإن هذه العولمة ستؤدي إلى تغيير في القيم الحالية والخصوصية الموجودة في مجتمعاتنا وتؤدي إلى حدوث تغييرات اجتماعية عميقة (21) .
فالولايات المتحدة الأمريكية أعلنت بعد أن أصبحت الحاكم القوى في العالم أنها ستعمل على نشر القيم والسلوك الأمريكي ونمط الحياة الأمريكي في العالم كله وهو ما يفتح باب الغزو للشعوب وعقائدها وثقافتها فالعولمة بالرغم من الصبغة الاقتصادية لها فإنها تعمل من أجل أهدافا أخرى تطال ثقافة الشعوب وهويتها القومية والوطنية ومصالحها وخصوصياتها في الصميم وترمي إلى تعميم نماذج وأنماط من السلوك والعيش وفرض منظومات من القيم وطرائق التفكير والتدبير وتكوين رؤى وأهداف تعمل في خدمتها ومن ثم فهي تحمل ثقافة تغزو بها ثقافات ومجتمعات أخرى وتؤدي إلى تخريب منظمات وقيم وإحلال قيم أخرى محلها ليست بالضرورة أفضل من القيم التي لحق بها التخريب فضلاً عن كونها لا ترتبط بخصوصيات الأمم وثقافاتها ولا يخلو ذلك من توجه استعماري جديد يتركز على احتلال العقل والإرادة وجعلهما يعملان وفق أهداف المستعمر وفي إطار خططه ومصالحه مع تحييد قوة الدولة أو إنهاكها واستلابها وانتزاع مقومات حضورها وتأثيرها الاجتماعيين وفرض نوع من الإدراك الواقعي مع إلحاق شلل بالوعي المنقذ والإرادة والقوة وطاقات الروح وبالإيمان وقدراته الخلاقة عند المؤمنين (22) وهذا ما جعلنا نتذكر قول وزير الثقافة الفرنسي في مؤتمر المكسيك إن هذا الشكل من أشكال الامبريالية المالية والفكرية لا يحتل الأرض، ولكن يصادر الضمائر ومناهج التفكير واختلاف أنماط العيش وهذا ما قاله الرئيس الأمريكي بعد حرب الخليج الثانية : إن القرن القادم سوف يشهد انتشار القيم وأنماط العيش والسلوك الأمريكي وفي هذا نزوع استعماري لغزو الآخرين ولمهاجمة الهويات الثقافية والقومية وفرض التبعية عليها وإذابتها .(23).
إن الغرب / سياسياً وثقافياً واقتصادياً / يرمي إلى تحقيق أهدافه بكل الوسائل الممكنة، ويضعها على رأس مشاريعه وسياسته ومنها فرض التبعية من خلال الاختراق والغزو الثقافيين وتخريب قيم الآخرين واستقطاب الأجيال الصاعدة بدغدغة غرائزها وتوجيه ميولها والتركيز على ماهو في سطح الاهتمامات البشرية لديها لحصرها في حيز السطح من الاهتمامات والمهام والتطلعات مستفيداً من فاعلية التفوق والقوة والسيطرة والثروة التي لديه في هذا المجال للوصول إلى زعزعة الثقة ثم محو الشخصية ومقومات الآخر ونحن نعرف أن أهم مقومات الشخصية الثقافية لأمة من الأمم : اللغة والدين وبقية السمات والعادات والتقاليد والأعراف ومكونات الذاكرة التاريخية للأمة (23).
و قد تجاوز مخطط التفتيت للمجتمع العربي الأبعاد السياسية والجغرافية إلى الأبعاد الاجتماعية والثقافية والفكرية والروحية وتأتي العولمة لتحقيق هذه الأهداف إن النظام الأمريكي يعمل على تدمير البنى الثقافية للبلدان النامية من خلال تدمير بناها المجتمعية وعزل الثقافة عن الواقع وتهميش المثقف والحد من فاعليته في حياة مجتمعه لذا فإن العولمة أصبحت تحمل في طياتها نوعا آخر من الغزو الثقافي أي قهر الثقافة الأخرى لثقافة أضعف منها لأن العولمة لا تعني مجرد صراع الحضارات أو ترابط الثقافات بل أنها توصي أيضا باحتمال نشر الثقافة الاستهلاكية والشبابية عالميا والخطورة في هذه الثقافة وبهذا تختلف العولمة عن العالمية والتي تعني إغناء للهوية الثقافية بينما العولمة تعني اختراقا فالاختراق العولمي يعني إلغاء الحوار والتبادل الحضاري والحلول محله ويستهدف العقل والنفس والذين هما الأداتان التي بهما يتم التفسير والتأويل والتسريع وقبول ما هو مفيد ومحاربة ومواجهة ما لا يتناسب مع خصائصنا بحيث انتقل من السيطرة عن طريق الايدولوجيا إلى السيطرة عن طريق الصورة السمعية والبصرية التي تسعى إلى تسطيح الوعي (24).
الآثار الناجمة عن العولمة:
إن المراكز الرأسمالية القائدة لظاهرة العولمة تعمل على استثمار الجوانب الايجابية للعولمة لصالحها بشكل تام وتعرقل ما تراه في غير مصلحتها كما في حالة انتقال الأيدي العاملة من بلدان أخرى واعتبارها أيدي عاملة غير مرغوب بها ويفترض إقامة الحواجز القانونية ضد حركتها نحو الداخل .( 25)
إن الانخراط في العولمة لا يضمن على الإطلاق استيعاب وتمثل الجوانب التقنية الأساسية فيها إن قوانين حماية حقوق الملكية الفكرية التي يفرضها الانخراط في منظمة التجارة العالمية مثلا يهدف فيما يهدف إلى منع انتقال التكنولوجيا إلى دول العالم الثالث (26).
ينتج عن العولمة الكثير من الآثار السلبية ولكن هذا لا يعني أنها لا تحمل بعض النتائج الايجابية، وتعود سلبية أو إيجابية الآثار الناجمة عن العولمة إلى مدى عمق فهم الدولة لهذه الظاهرة ودراسة الواقع الاقتصادي والاجتماعي للبلد والآثار التي تحمله لهذا البلد ومدى إعداد الدراسات والقوانين وتهيئة الكوادر المدربة والمؤهلة لنقل المجتمع بالشكل الذي يقلل الخسائر ويحقق الأرباح للمجتمع، وهنا نتوقف عند الآثار التي نجمت عن انتشار سياسات العولمة والعمل بها.
1 – البطالة:
تشير المعلومات إلى أن عدد القادرين على العمل في العالم الذين تتراوح أعمارهم بين (15 – 65) سنة بلغ في عام 1996 حوالي (3.5)مليار نسمة كان حوالي (2.3) مليار منهم يعملون بشكل ما، أما العدد الباقي منهم والبالغ (1.2) مليار إنسان فكانوا ضمن العاطلين عن العمل أي أن نسبة البطالة قدرها (34.3%) من مجموع القادرين على العمل في العالم، (27) ففي الاتحاد الأوروبي كان هناك (18) مليون عاطل عن العمل (28) وقد ترافق النمو الاقتصادي في الدول الرأسمالية المتقدمة خلال العقدين الأخيرين بقلة فرص العمل الجديدة وقد بلغ عدد العاطلين عن العمل في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عام 1996 ما يزيد على (36) مليون شخص بعد أن كان لا يتجاوز (10) مليون شخص عام 1970 وهو نفس عدد العاطلين عن العمل في تلك البلدان عام 1950، وهذا ما يؤكد اتساع نطاق وشمول التناقض بين العمل ورأس المال، ويتبين من خلال عمليات الاندماج بين الشركات ترابط التمركز في رأس المال مع زيادة البطالة وإلغاء الوظائف، كما تبين أن الحرية التي يتمتع بها رأس المال في التنقل والحركة تمنحه قدرة تفاوضية أكثر في الضغط على مستويات الأجور وشروط العمل(29)، فهذه العولمة أدت في الكثير من الدول إلى تخفيف شدة أداء النقابات العمالية في الدفاع عن مصالح العمال وأدت إلى تغييب دور هذه النقابات في الكثير من الدول (30) فقد أدت العولمة إلى خسارة أكثر من (750) ألف عامل لعملهم في المكسيك أول شهرين من عام 1995 خلال أزمة المكسيك المالية، تلا ذلك تسريح عدد كبير من العمال الأجراء في الأشهر اللاحقة وهبطت الأجور بنسبة (30%) وكذلك خسر المعدل الوسطي للأجور (54%) من قوته الشرائية مابين كانون الأول 1994 وتموز 1995 حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية (31)، كذلك أدت الأزمة المالية التي تسببت بها المضاربات المالية في تايلاند إلى جعل أكثر من مليون عامل ينضمون إلى قائمة العاطلين عن العمل .و هكذا نرى بأنه رغماً من أن دعاة العولمة قد عظموها ووصفوها بالعلاج الشافي لمعظم المشكلات التي يعاني منها المجتمع الدولي بشكل عام والدول النامية خصوصاً إلا أن هذا العلاج الشافي قد أدى إلى نتائج عكسية ووقد جعل مختلف شعوب العالم تنظر إلى هذه الظاهر بكره وسخط كبيرين فحتى الدول الراعية لهذه الظاهرة لم تستطع أن تتخلص من ظاهرة البطالة بل ازدادت حدة هذه الظاهرة في بلدانها، فبلغ عدد العاطلين عن العمل في الولايات المتحدة الأمريكية عام/ 2022/ (8.388.700) عاطل عن العمل بما يشكل (5.8%) من قوة العمل الأمريكية، وبلغ عدد العاطلين عن العمل في اليابان في نفس الفترة (3.586.600) بما يشكل (5.4%) من قوة العمل فيها، أما عدد العاطلين عن العمل في فرنسا فقد بلغ عام /2002 / (2.442.800) وهو ما شكل (9%) من قوة العمل وكذلك فإن عدد العاطلين عن العمل في ألمانيا قد وصل إلى (3.396000) بما يشكل (9.7%) من قوة العمل فيها (32) ، وكذلك يتوقع استمرار ازدياد حدة البطالة في هذه البلدان ففي ألمانيا هناك ما يزيد على أربعة ملايين فرصة عمل مهددة بالضياع على نحو شديد مما يعني ارتفاع معدل البطالة من (9.7%) إلى (21%) وفي النمسا من (7.3%) إلى (18%) وستهدد البطالة خمسة عشر مليون عامل في الاتحاد الأوروبي (33) وأما بالنسبة للبلدان العربية فقد بلغ عدد العاطلين عن العمل (25) مليون من أصل (115) مليونا هم حجم القوى العاملة(34) وإذا كانت هذه الدول المتقدمة التي لها وزن على المستوى السياسي العالمي قد عانت من نتائج العولمة وأصبحت مهددة بشبح البطالة بالرغم من صناديق الحماية فما هو موقف الدول النامية ومنها بلدنا وخاصة ما تحمله البطالة من آثار سلبية على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي .
2 – الفقر:
تجاوز سكان العالم الستة مليارات عام 2001 خمسة مليارات منهم يعيشون في بلدان فقيرة وتسيطر البلدان الغنية على (80%) من إجمالي الدخل العالمي ويعيش فيها (15%) من السكان في العالم (35) وقدرت إحصاءات البنك الدولي أن (18%) من سكان العالم الثالث هم من شديدي الفقر و(33%) هم من الفقراء على أساس أن الحد الأعلى للفقر هو دولار في اليوم أي ما لا يزيد عن (370) دولار في السنة (36).
وقد كان لبرامج الإصلاح المدعومة من موارد صندوق النقد الدولي والذي ألتزمت به اندونيسيا آثار كبيرة وسلبية على الجهود التنموية التي بذلتها اندونيسيا على مدى عقود من الزمن وعلى وحدة ترابها فتراجع الناتج المحلي بمقدار (15%) بالتمام وانتشر الفقر فأمسى (20) مليون اندونيسي يعانون الفاقة والحرمان فالقروض التي قدمها الصندوق النقد الدولي والبالغة (23) مليار دولار خصصت لإنقاذ أموال المستثمرين الأجانب الذين هم مواطنون أمريكيون بالدرجة الأولى. (37)
فمن خلال التطور التقني والتكنولوجي نما الإنتاج على مستوى الكرة الأرضية للسلع الاستهلاكية الغذائية الأساسية بنسبة أكثر من (110%) من الحاجات العالمية ورغماً من ذلك هناك " 30" مليون شخص يستمرون بالموت جوعا كل عام وإلى جانب أكثر من " 800" مليون شخص ممن يعانون من سوء التغذية .
وفي عام 1960 كان هناك الـ( 20%) الأغنى من سكان العالم يملكون أكثر بـ "30" مرة ارتفاعاً من أولئك الـ(20%) الأفقر، وكان ذلك الأمر يعتبر شائناً. لكن بدلاً من تحسن الأوضاع، تفاقمت بشكل أشد. حيث لم يعد اليوم دخل الأغنياء بالنسبة للفقراء أكثر من "30"مرة بل وصل إلى "82" مرة أكثر فمن الـ (6) مليار نسمة من سكان الأرض هناك "500" مليون شخص بالكاد ممن يعيشون بيسر في حين يظل هناك"5.5" مليار من هؤلاء بحاجة إلى الغذاء ويعانون الفاقة والحرمان (38)
وهكذا نرى أن العولمة أدت إلى ازدياد حدة الفقر على المستوى العالمي وكأن هدفها عولمة الفقر وإلى ازدياد الآثار السلبية للفقر من قلة تغذية وأمراض وعدم القدرة على تطوير القدرات البشرية وتدني قدرات الموارد البشرية وصعوبة تأهيلها وتدريبها .
3 – الفساد المنظم والجريمة وتجارة المخدرات والأسلحة:
ظهرت أخطار جديدة في ظل سياسات العولمة بالإضافة إلى تكريس وازدياد أمور كانت موجودة سابقا، فالإرهاب قد انتشر بشكل كبير في مختلف دول العالم، وعم التعصب الديني أو العرقي وتكاثرت الأسلحة النووية وازداد إرهاب الدول ممتطين أحيانناً صهوة المنظمات العالمية لقوننته، وتناثرت شبكات المافيا واستشرى الفساد في كل أنحاء العالم وانتشرت أوبئة جديدة لم تكن معروفة من قبل (39)، فالرشوة إلى جانب المضاربة والإفقار والتكبيل بالديون تؤلف جزأ لا يتجزأ من معدلات الزيادة في النمو والأرباح في نظام العولمة، والمافيا صنيعة هذا النظام وقد تجلت جرائمها في تسريب المواد الغذائية الفاسدة إلى كل أنحاء العالم بل وإفساد صناعة المواد الغذائية ولعل فضائح البقرة المجنونة وفرض لحومها الفاسدة على شعوب أوروبا وتصدير الدم الفاسد بالإيدز إلى أفريقيا وتصدير النفايات الخطيرة إلى أفريقيا أبسط الأمثلة على تسرب المافيا وجرائمها عبر الأموال التي تشتري بها صغار النفوس من المتعاملين معها على المستويات كافة والذين ماتت ضمائرهم وتجلدت أحاسيسهم بحيث لم يعودوا يقيمون أي وزن لعائلة أو أمة أو وطن ولا هم لديهم إلا أن يضخموا من حجم أرصدتهم في الخارج الفاعلون غير الشرعيين المافيا ..
في البداية كان للمافيا قاعدة وطنية أو محلية حيث لها الجذور التاريخية والثقافية ومن هنا جاءت البيئة الجغرافية ويشير مانويل كاستل بأن المافيا لم تختف مع العولمة بل على العكس تماماً وطبقا لرأيه " فإن تكامل المافيا مع الشبكات العالمية، يساعد في اجتياز المصاعب عندما تنقلب الدولة ضدها، فالمافيا الأمريكية وعلى الرغم من الضربات التي حلت بها لم يستطع المكتب الفيدرالي في الثمانينات أن ينهيها ويقضي عليها كذلك بقي عاجز عن الوقوف ضد نموها وكبرها وازدياد مجالات عملها في التسعينات بفضل إسهامها وتعاونها مع المافيا الإيطالية وتحالفها مع الثالوث الصيني والمافيات الروسية والمافيات الأخرى، وتنازع المافيا الدولة على المستوى المحلي والمستوى الدولي في آن واحد فإن منظمتها متعددة الجنسيات تسمح لها بأن تحتاط ضد التعاون الدولي الموجه للمكافحة ضدها وتشمل تجارتها على " المخدرات، الكائنات البشرية، ابتزاز الأموال باستخدام التهديد، منتجات مزورة، نقود مزورة(40)و تمثل تجارة المخدرات على المستوى العالمي رقم أعمال يفوق ذلك الرقم المستخدم في مجال النفط لكن على النطاق الوطني، تلعب المافيا في بعض الحالات دوراً هاما ويعتقد
أن الاقتصاد المخالف للقوانين السري يمثل (40%) من الاقتصاد الروسي، ولنصف البنوك في هذا البلد روابط مع الجريمة المنظمة وتصل الأرقام إلى مابين (300- 500) مليار دولار فوائد ضريبية ناتجة من تجارة المخدرات وتقدر الأموال الناتجة من التزوير إلى (100)مليار دولار وترتفع عمليات الاحتيال لوحدها في ميزانية الاتحاد الأوروبي إلى (15) مليار دولار وإذا أضيف إليها تجارة الحيوانات والنساء يصل الناتج إلى (100) مليار دولار (41).
4 – المضاربات المالية وانهيار الاقتصاديات الناشئة:
لقد أصبح بإمكاننا أن ندخل مع نظام العولمة في مرحلة جديدة لم يسبق لها مثيل في التاريخ ألا وهي التمويل الدولي لاقتصاد المضاربات لقد بلغت الوسائل المالية التي طرحت في كافة الأسواق المالية للمضاربات على ما يزيد على / 40000 / مليار دولار أي ما يعادل عشرة أضعاف الدخل القومي لأمريكا لم يستخدم القائمون على نظام العولمة إلا (3%) من الجنس البشري في الوقت الذي يمثلون فيه ما يزيد على (95%) من التجارة العالمية، لقد تشعبت وتداخلت ساحات الصراع ومجالاته وأهدافه وأدواته ووسائله في عصرنا على نحو بات التميز معه فائق الصعوبة، فالجوانب الاقتصادية والتجارية والمالية والعلمية والتكنولوجية والاستخباراتية والإعلامية والثقافية في الحروب والصراعات المعاصرة يتولاها مدنيون غالباً وتتفوق آثارها ونتائجها على ما ينجم عن المعارك العسكرية وتؤدي أضعاف ما تلحقه الأسلحة التقليدية من خسائر نأخذ مثلاً موجات التدمير الاقتصادي التي تم شنها ضد دول شرق آسيا وجنوب شرق آسيا في صيف 1997، والتي تسببت في انهيار اقتصادي لاندونيسيا وأزمات كبيرة لماليزيا وتايلاند وكوريا الجنوبية والفلبين فقد كان صافي حجم الأموال التي تدخل الفلبين قبل حلول الأزمة حوالي (93) مليار وتحول صافي الفيض إلى هروب (12) مليار دولار (42) وقد انعكست هذه الأزمات على الاقتصاد الياباني والروسي والعديد من الدول الأخرى، فقد اتهم مهاتير محمد، رئيس وزراء ماليزيا علناً في خطابه أمام مجلسي محافظي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في أيلول 1997 في هونج كونج الملياردير اليهودي الأمريكي جورج سو روس ومعهد موري وشركات تسليف بالتواطؤ المبرمج المعتمد لتدمير اقتصاديات جنوب شرق آسيا (43).
5 – تهميش الهوية والثقافة الوطنية:
تعمل العولمة على تهميش الهوية وتدمير وتحطيم الثقافة الوطنية وذلك بسبب محاولتها تحطيم وتدمير كل القوى الممكن أن تقف في وجهها، وفي ظل سقوط التجربة الأممية والاشتراكية التي كانت تقف كجدار في طريق انتشارها كان لابد من اختراع عدو جديد من أجل تسخير القوى الامبريالية لمحاربته وإفساح الطريق أمام مشروعها فكان لا بدمن تحويل الصراع نحو الثقافات الوطنية والإيديولوجيات الدينية التي كانت السبب الرئيس لتطور المجتمعات ماضياً ومن أهمها الثقافة العربية والإيديولوجية الإسلامية، فبالرغم من أن العولمة الاقتصادية هي الأساس والهدف فإن الانعكاسات والامتدادات الاجتماعية والثقافية أصبحت واضحة ولا يمكن التغاضي عنها أو إغفالها مع التطورات السياسية العالمية من ناحية، وانتشار ثورة المعلومات والاتصالات من ناحية أخرى وكانت هذه الامتدادات كجسر يصل قوى العولمة للهدف الاقتصادي المنشود الذي لا يتحقق بإيديولوجيات وهويات قوية تستطيع التأسيس لقوى ذات أخلاقيات رافضة لظاهرة العولمة .
وبحكم انتمائنا الإسلامي العربي فنرى أن ثقافتنا الإسلامية العربية تتعرض منذ زمن لقوى التقييد والتحديد من جهة وقوى التجديد والتحديث من جهة ثانية، وقوى الترويض والتهميش من جهة ثالثة ففي علاقة الثقافة العربية بالماضي نراها في الغالب تغالي في عرضه وتفسيره وتمجيده حينا وتقع أسيرة لقيوده ومحدداته وإخفاقاته حيناً ثانياً وتنهل منه دون تجديد أو إبداع أو تطوير حينا ثالثاً، أما فيما يتعلق بعلاقتها بالحاضر والمستقبل وما يرافقها من قوى العولمة وتأثيراتها فهي تتعامل معهما بالغالب بإبداعات وانطلاقات يانعة الفروع ضعيفة الجذور أحياننا وبتمرد لا عقلاني غير مبرر أحيانناً أخرى وبمحاولات للتجديد والتحديث دون شمولية أو قاعدة فلسفية أو مصداقية اجتماعية حينا وكل هذا بالطبع لا يقلل من أهمية الكثير من الأعمال والنتاجات الثقافية المبدعة التي لم تنجح حتى الآن في بناء الزخم المناسب وإيجاد الكتلة الحرجة اللازمة لتشكيل الفضاء الثقافي المتكامل المترابط والتي لم تؤد حتى الآن الانطلاقة اللازمة لإحداث التأثير المنشود والتغيير المستهدف، وهو التغيير الذي يرتبط بالانفتاح الواعي والتفاعل الايجابي والانطلاقة الواثقة دون الانقطاع عن الجذور والتنازل عن الهوية والخصوصية وبشكل عام تواجه الثقافة العربية في الوقت الحاضر مجموعة من الثنائيات التي لم تفلح في صقلها أو التغلب عليها والجدول الآتي يبين مجموعة الثنائيات التي تتعرض لها الثقافة العربية والتي هي عبارة عن ثقافتنا العربية الموروثة المتأصلة والمتجذرة ومجموعة أخرى من القيم والأخلاقيات التي تعمل القوى التي تحاول عولمة العالم بشكل عام والبلدان العربية من ضمن هذه البلدان.
و من خلال الجدول (1) نجد أننا أمام مجموعتين من الخصائص الثقافية :
1 – المجموعة التي تتصف بها الثقافة العربية ونرى بعض هذه الخصائص التي كانت ذات نتائج إيجابية على الحضارة الإسلامية والعربية وأدت إلى تكوين بناء قوي ولكنها في فترات معينة لم تجد القوى التي تستطيع السير بها عن طريق التجديد والإبداع بما يتناسب التطور الزماني والمكاني علما أن الكثير من الشخصيات الإسلامية والعربية التي كان لها دور كبير في التطور الحضاري العالمي كانت تشجع وتخطط وتوجه على اختلاف الأمور التي يجب أن تتطور تبعاُ للزمان والمكان كما قال أحدهم "لا تجبروا أولادكم على ما أنتم به فقد خلقوا لزمان غير زمانكم".
2 – مجموعة القيم والأخلاقيات في العمود الثاني التي تتضمن الكثير من القيم التي تؤدي إلى التطور والحداثة ولكن لم تستطع الدول الغربية من التمتع بها وأن تجعلها جزء من ثقافتها إلا بعد أن ناضلت كثيراً في ظل ظروف ومعطيات اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية تختلف عن تلك التي يتصف بها مجتمعنا ويمكن الاستفادة من بعضها ولكن قوى العولمة تحاول إقحامها ليس من اجل تطوير وتحديث المجتمع العربي الإسلامي بل لتستطيع الوصول إلى النموذج الاستهلاكي الذي يؤدي إلى تحطيم جدار القيم والأخلاق والقوة والاندفاع الذي تتحصن به الشعوب الإسلامية والعربية عن طريق الموروث الحضاري والنضالي وتستخدم قوى العولمة من أجل هذا إقحام بعض الخصائص الجديدة التي تؤدي إلى انهيار في القيم والموروثات الحالية للثقافة العربية القوى الإعلامية الجارفة من فضائيات وانترنيت وغيره عن طريق ضخ وتلهية الشعوب بالصورة الخلاعية الحاقدة وتقديم وترويج الأفلام والدعاية والأغاني الهابطة التي ستؤدي بنظرهم مستقبلاً إلى إسقاط الهوية العربية الإسلامية لتحول الشعوب العربية إلى شعوب بلا قيم ولا مبادئ قوى مستسلمة لمصير مجهول ولكن هنا يجب القول أن التصلب اتجاه مفردات الجدول الثاني كذلك لن تكون نتائجه مضمونة وإنما يجب الدفاع عن طريق التفاعل المبرمج وحوار الأنداد فالموروث الحضاري العربي يملك القوة لمواجهة إي فرض، فبالرغم من الامتدادات العدوانية والعنصرية للعولمة فإن الثقافة لدى الدول الضعيفة اقتصاديا وسياسيا أكثر قدرة على الصمود أمام تجاوزات العولمة من الاقتصاد والسياسة وقدرة الثقافة على مثل هذا الصمود نابعة من أنها لا تتقيد بالنظام السياسي القائم وإنما بالنظام الشعبي السائد فهي أكثر ارتباطاً بقاعدة الهرم وأساساته وجذوره بينما يرتبط الاقتصاد كما السياسة بقمة الهرم والأجزاء العليا من جدرانه .ومن الأهداف الكبرى التي تعمل عليها قوى العولمة عن طريق هذه الحرب الثقافية هو إضعاف دور الأسرة العربية كنواة للمجتمع العربي الإسلامي والحامل الأساسي للثقافة والمعتقدات العربية الإسلامية واللبنة الأساسية في مجتمعنا لتحل مكانها العلاقات المادية وهذا ما يؤدي تدريجيا ً لإنقاص دور الأسرة في المجتمع من خلال تنشئة الإنسان والمساهمة بتنمية قدراته وإبداعاته مع مؤسسات المجتمع الأخرى مؤسسات التعليم والثقافة والدين.
تابع
جدول رقم (1) يبن مجموعة من الثنائيات التي تنتصف بها الثقافة العربية من جهة ومجموعة الخصائص التي تحاول القوى الغربية التي تتبنى سياسة العولمة فرضها على المجتمعات ومن ضمنها المجتمع العربي
مجموعة الخصائص التي تتصف بها الثقافة العربية مجموعة الخصائص الغربية والتي تحاول القوى الغربية فرضها ونشرها على دول العالم
الأصالة والخصوصية الحداثة والمعاصرة
قوى التقييد بالماضي قوى الترويض بالعولمة
قوى التحديد قوى التجديد
التعريب التغريب
الفكرو النظرية العمل والتطبيق
المحلية العالمية
المادة والواقعية الروح والغيبية
الأنا الآخر
النزوع للتقليد وردة الفعل الانطلاق والإبداع والفعل والحزبية
التجمعات القبلية التجمعات الفكرية والحزبية
امتلاك الحقيقة المطلقة امتلاك الحقيقة القابلة للتطويرو التعديل
طاعة أولي الأمر " من رأى منكم منكرأ فليغيره
المصدر : د. منذر واصف المصري " العولمة وتنمية الموارد البشرية الإمارات2004ص120
6 – الموارد البشرية:
بالإضافة إلى ما سبق فإن العولمة تؤدي إلى ضعف تنمية وتهيئة الموارد البشرية في بلدان العالم بشكل عام والبلدان النامية بشكل خاص وذلك من خلال :
1 – تعمل العولمة على جعل الدولة تتخلى عن الخدمات الاجتماعية ومن أهمها الخدمات التعليمية والصحية والتي تعد من أهم الأسس لتنمية وتنشئة الموارد البشرية والتي تعاني بالأساس من الكثير من الاختلالات، وتخلي الدولة عن هذه الخدمات سوف تمنع الكثير من الموارد البشرية من الاستفادة من هذه الخدمات وبالتالي سوف يؤدي إلى ضعف في تهيئة وتنمية هذه الموارد .
2 – تعتبر التطورات التقنية وتقنيات المعلومات والاتصالات من الظواهر الرئيسة المرافقة للعولمة والقوى المحركة لها وبعض نواتجها في الوقت نفسه، ومثل هذه الظواهر تستدعي عمالة عالية المهارة تمتلك القدرات العلمية والمهارات التطبيقية والاتجاهات المهنية السليمة للتعامل مع هذه التطورات والتقنيات مما يضع عبئاً على كاهل نظم تنمية الموارد البشرية لتلبية هذه المتطلبات (44).
3 – وكذلك فإن المعرفة هي الأساس في عصر العولمة وبالتالي فإن كل عنصر لا يتأقلم مع العولمة من حيث معرفة الكومبيوتر واستخدام الانترنيت سيكون بمثابة الأمي الذي لا يعرف القراءة والكتابة في وقتنا الحالي
4 – كذلك تؤدي العولمة إلى ضعف واردات الدول من الضرائب والرسوم من خلال اتجاهين:
أ- من خلال فرض سياسات العولمة تخفيض الضرائب والرسوم الجمركية المفروضة على البضائع وهذا يؤدي إلى ضعف في موارد الدولة المالية .
ب- من خلال عدم استطاعة الكثير من الصناعات الوطنية منافسة البضائع الأجنبية وانهيار هذه الصناعات وانهيار العوائد التي كانت تجنيها أو التي كانت تدفعها للدولة
6 – تعمل العولمة على إعطاء الأهمية الكبرى للفردية والأنانية على حساب الأسرة والتي هي اللبنة الأساسية في تنشئة الموارد البشرية بالإضافة إلى مؤسسات التعليم وبعض المؤسسات الإعلامية، وبذلك تحاول أن تفقد الأسرة دورها الرئيس وهو ما ينعكس على أخلاقيات الإنسان وتنشئته وبنائه من دون المرور بمراحل زمنية موضوعية لهذا التطور مما يؤدي إلى هشاشة في التكوين والذي بدوره ينعكس على أدائه في المستقبل، ويخفف من الحواجز الأخلاقية التي كانت سائدة مما يجعله عرضة للفساد والرشوة والنهب والتي تؤدي إلى ضعف في سوية الأداء الوظيفي .
7–وجدنا أن العولمة تؤدي إلى انتشار البطالة التي هي نوع من هدر الإمكانات البشير والمادية .
8 – انخفاض الأجور بسبب قلة فرص العمل وضعف عمل النقابات التي دورها الدفاع عن حقوق العمال بالإضافة إلى الفقر يؤدي إلى ضعف القدرات .
و هكذا نرى أن العولمة تعمل على إنتاج موارد بشرية مفرغة من القيم وأخلاقيات العمل لا تشعر بالانتماء سوى إلى المال الذي يكون هو الهدف ولا يوجد أي حواجز من اجل الحصول عليه.
و السؤال الذي نستطيع طرحه هو ماذا يجب أن نعمل أمام هذه الظاهرة الواقعية، المحددة الأهداف، الجارفة لكل ما تراه عائقا أمام انسيابها ؟
تعددت الآراء وكثرت الكتابات حول المواقف المطروحة من ظاهرة العولمة وقد انحصرت هذه المواقف في إطار مجموعة :
1 – من يرى أن العولمة شر بشر وكل نتائجها سلبية لأنها صممت من قبل الدول الرأسمالية لتحيق أهدافها وحصد المكاسب وبذلك فهي تحاول منع الدول والبلدان من تحقيق أي مكسب وترتأي هذه المجموعة ضرورة الاستنفار الكامل من أجل شن حرب كبيرة وقوية وكاملة لمواجهة هذه العولمة ومن يقف معها .
2 – هناك مجموعة ثانية قالت إن ظاهرة العولمة ظاهرة كونية ولا يمكن لنا مجابهتها لذلك يجب عدم الاكتراث لها أو مواجهتها بانتظار أن نرى النتائج الواقعية لها ،و هذا الموقف ينادي بالاندماج الكامل مع مقتضيات السوق العالمية على حساب الخصوصية والهوية الشخصية الوطنية والقومية وبذلك تتحقق التبعية المالية والإعلامية والسياسية والاجتماعية التامة لقطب العولمة.
3 – هناك مجموعة ارتأت أن هذه العولمة بقدر ما لها نتائج سلبية تحمل في إطارها بعض النتائج الايجابية في حال التعامل معها بطريقة محددة تنم عن فهم هذه الظاهرة ومعرفة آثارها وطرق مواجهتها بحيث نستفيد من الكثير من الأدوات التي تستخدمها في تطوير البلد عن طريق الاستفادة منها في بناء الإنسان وتحسين نوعية الخدمات الاقتصادية والاجتماعية (45).
فإن هناك بعض النتائج الايجابية التي يمكن أن تحصل عليها الدول في حال قراءة العولمة وأدواتها بشكل جيد وهيأت الظروف المتاحة للاستفادة منها رغماً من محاولة الدول الإمبريالية وخاصة الولايات المتحدة منعها من هذه الاستفادة ومن هذه الفوائد :
1 – يمكن الاستفادة من المعلوماتية والانترنيت في مجال الإطلاع المستمر على أحدث المنجزات العلمية في المجالات الطبية والهندسية والاجتماعية في حال وجود كوادر تمتلك القدرة على التعامل مع التكنولوجيا الحديثة، وبذلك نستطيع التعرف على المنجزات الحديثة التي تساعد في حال استثمارها على تحسين نوعية التنمية الاجتماعية والاقتصادية وخاصة قطاعي التعليم والصحة وهما من الأسس الرئيسة لبناء وتنمية الإنسان أهم عناصر بناء الأوطان ومواجهة المشاكل التي تواجه البلدان من خلال إيجاد الحلول المناسبة، وكذلك تطور العولمة وتسرع عملية البحث العلمي
2 – يمكن الاستفادة في مجال التسويق والإعلان عن الكثير من السلع ومواصفاتها وعن الكثير من الأماكن السياحية والتراثية والدينية من أجل الترويج السياحي وتطوير صناعة السياحة .
3 – الاستفادة من منجزاتها في تسهيل العملية الإدارية من خلال الاعتماد على شبكة المعلوماتية بديلا عن الورقيات وتوفير الوقت والمال والتخفيف من الهدر، وكذلك تسرع في عملية اتخاذ القرار الإداري.
4 – يمكن للموارد البشرية وخاصة النساء من التغلب على الكثير من العوائق والصعوبات كبعض التقاليد في العمل والتأهيل والتدريب ذلك .بسبب الأفق الجديدة من التعليم الذي طرحته العولمة كالتعليم عن بعد والجامعات الافتراضية وزيادة إمكانية التدريب الذاتي .
بعض الخطوات الواجب اتخاذها لتخفيف الآثار السلبية للعولمة والاستفادة منها قدر المستطاع:
بالرغم من بعض الايجابيات لظاهرة العولمة فلا بد لنا أن نعلم من أن الخطر الذي يتهدد الثقافات الوطنية في عالم اليوم الآخذ في التعولم خطر لا فكاك منه إلى حد كبير. والحل الوحيد غير المتاح هو إيقاف العولمة التجارية والاقتصادية، حيث إن قوى التبادل الاقتصادي وتقسيم العمل من الصعب مقاومتها في عالم متنافس يؤججه تطور تقني شامل يهيئ التقانة الحديثة حدا تنافسياً هذه مشكلة، ولكنها ليست مشكلة فقط، حيث إن التجارة والاقتصاد العالميين يمكن أن يقترنا – برخاء اقتصادي أكبر لكل أمة من الأمم. ولكن يمكن أن يكون هناك خاسرون وفائزون حتى إن كان صافي إجمالي الأرقام صاعداً غير نازل. والملاحظ في نطاق المتفاوتات الاقتصادية أن الاستجابة الصحيحة لا بد أن تتضمن جهودا متضافرة لجعل شكل العولمة أقل تدميرا للعمالة وللحياة التقليدية وتحقيق انتقال تدريجي. وحتى تكون عملية الانتقال سلسة يتعين أن تتوافر فرص لإعادة التدريب واكتساب مهارات جديدة (أولئك الذين سيفقدون أعمالهم من دون ذلك) هذا علاوة على توفير شبكات الأمن الاجتماعي (في شكل ضمان اجتماعي وغير ذلك من تنظيمات داعمة) التي أضيرت مصالحهم – على المدى القصير على الأقل – بسبب التغيرات الناجمة عن العولمة. والجدير ذكره أن هذه الفئة من الاستجابات سيكون لها إلى حد ما أثر ايجابي على الجانب الاقتصادي أيضاً.
إن المهارة في استخدام الكمبيوتر والإفادة من ثمار الانترنيت وغير ذلك من تسهيلات مماثلة لن تفضي فقط إلى تحول الامكانات الاقتصادية بل أيضا حياة الناس الواقعين تحت تأثير مثل هذا التغير التقاني وتظل هناك، بعد هذا مشكلتان، أحداهما مشتركة مع عالم الاقتصاد والأخرى مختلفة تماماً.
أولاً إن عالم الاتصالات والتبادلات الحديث يستلزم توافر تعليم أساسي وتدريب ونحن نجد بعض البلدان الفقيرة حققت تقدما رائعا في هذا المجال (مثل بلدان جنوب آسيا وأفريقيا) ولكن بلدانا أخرى (مثل بلدان جنوب آسيا وأفريقيا) آخذة في التخلف بفارق كبيرو طبيعي أن المساواة في الفرص الاقتصادية وفي الفرص الثقافية مهمة للغاية في عالم متعولم. وهذا تحد مشترك أمام العالمين الاقتصادي والثقافي (46)و لذلك لا بد من:
1 – حتمية الإصلاح الاقتصادي والتعليمي والسياسي والإداري فأهمية إصلاح الأجهزة الإدارية والحكومية تكمن في كونها تمثل العصب الأساسي للدولة وذلك وفقاً لرؤى جديدة تجعل أجهزة الدولة ومؤسساتها أكثر قدرة على التكيف مع المتغيرات الجديدة .
كذلك فإن إصلاح نظم سياسات التعليم والتدريب والتأهيل يمثل عنصراً جوهرياً في هذا الاطار حيث سيخلق قوة عمل مدربة ومؤهلة وقادرة على استيعاب التطورات المرتبطة بظاهرة العولمة فالتعليم، بأنواعه المختلفة ومراحله وأنماطه المختلفة، النظامية منها وغير النظامية يشكل العمود الفقري لجهود تنمية الموارد البشرية وهذا يستدعي إيلاء نظم التعليم والتدريب أهمية خاصة لتكون في مقدمة الأوليات التنموية والجهود الرامية إلى التطوير والتحديث، ومواكبة المستجدات، ومواجهة التحديات الناجمة عن حركة العولمة وامتداداتها ويتقاطع التعليم مع حركة العولمة في أكثر من موقع، فتقنيات المعلومات والاتصالات الحديثة بدأت بإحداث ثورة في أساليب التعليم وآلياته، والوسائل المستخدمة فيه للحصول على المعرفة ويمكننا القول أن ثلاثة مفاتيح رئيسية لتطوير النظم التعليمية في ضوء التطورات العالمية وحركة العولمة : أولها، إيلاء العناية اللازمة لجودة التعليم واقتصادياته ومواءمته ومردوده على الفرد والمؤسسة والمجتمع والثاني توسيع قاعدة المشاركة المجتمعية في شؤون التعليم، لتشمل مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص إلى جانب مؤسسات القطاع العام وبالتالي زيادة أدوار الجهات والمؤسسات غير الحكومية في التخطيط والتمويل والتنفيذ لنظم وبرامج تنمية الموارد البشرية وتطوير أداء الجهات الحكومية في الوقت نفسه في التنظيم والرقابة والتقييم والمساءلة والثالث استثمار تقنيات المعلومات والاتصالات الحديثة في مراحل التعليم وأنماطه المختلفة بمالا يخدم التوجه نحو اقتصاد المعرفة ومجتمع المعرفة وهكذا ا فالعولمة تقتضي تغيير في المناهج الدراسية بحيث تصبح من المرونة المناسبة وكذلك بإدخال أنواع جديدة من التعليم وإعادة تأهيل الكوادر التعليمية لتتناسب مع معطيات العولمة.
كذلك تتطلب العولمة عمليات تدريب وتأهيل مستمرة وخصوصاً في الفترة الحالية من أجل إيجاد كادر خبير قادر على دراسة السياسات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية والسياسية التي تعمل من خلالها قوى العولمة ورصد هذه السياسات والعمل على إيجاد خطط وبرامج مناسبة لدرء الأخطار الناجمة عن العولمة قدر المستطاع وإمكانية الاستفادة من المنجزات العلمية والتقنية المواكبة لظاهرة العولمة، وكذلك التدريب والتأهيل للموظفين القائمين على رأس عملهم والجدد من أجل معرفة استخدام التكنولوجيا الجديدة .
للإعلام دور هام جداً في مواجهة العولمة وهذا يتطلب تأهيل وإعداد الموارد الإعلامية المتخصصة في معرفة الثورة الإعلامية التي تقودها قوى العولمة ومعرفة الأساليب والطرق التي تستخدمها هذه القوى من أجل فرض الهوية الخاصة بها والتي تعتمد على الاستهلاك وتدمير وتفتيت وتهميش الإيديولوجيات القائمة والعدو الأوحد والأكبر لها وبذلك فإن الكوادر الإعلامية يجب أن تكون مدربة ومؤهلة ومتخصصة في جميع مجالات الحياة الاقتصادية والثقافية والسياسية والاجتماعية والدينية بحيث تعمل على وضع البرامج والخطط القادرة على مجابهة برامج العولمة الدعائية والإعلامية والتي تكون قادرة على حماية قيمننا وتراثنا من الحرب الكبيرة التي تعمل من أجل القضاء عليها والاستفادة من الحضارات الأخرى عن طريق الحوار العقلاني والتفاعل المتبادل.
كما أن تطوير سياسات نقل التكنولوجيا وتوظيفها والعمل على تنمية قاعدة تكنولوجية محلية يعد من المتطلبات الأساسية لتهيئة الدول لعصر العولمة .
نتائج ومقترحات:
مما سبق نستطيع التوصل إلى مايلي :
1 – إن ظاهرة العولمة قد حدثت في فترات سابقة، ولكنها في الوقت الحالي فإنها تتميز بقوة انتشارها ومجال تأثيرها.
2 – إن تفرد الولايات المتحدة الأمريكية على المستوى العالمي وتسخيرها القوة من أجل فرض سياساتها المختلفة جعل البعض يطلقون على ظاهرة العولمة اسم الأمركة .
3 – للعولمة أدوات عديدة أسهمت وتسهم في انتشارها كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية والشركات المتعددة الجنسية كذلك ساعدت ثورة الاتصالات والمعلوماتية على انتشار هذه الظاهرة في الوقت الحالي .
4 – للعولمة مجالات مختلفة تعمل قوى العولمة من أجل التأثير عليها ويبقى أهم هذه المجالات المجال الاقتصادي بالإضافة إلى المجال المالي والسياسي والثقافي .
5 – إن ظاهرة العولمة أدت إلى تزايد حجم ظاهرة الفقر على المستوى العالمي ككل وحتى الدول التي ترعى هذه الظاهرة قد ازدادت بها هذه الظاهرة .
6 – أدت العولمة إلى ازدياد حجم البطالة في كل دول العالم بما فيها البلدان الراعية لهذه الظاهرة، وذلك باعتمادها على تقليص تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية عن طريق عملية الخصخصة .
7 – ساهمت العولمة وساعدت على انتشار الفساد المنظم والجريمة وتجارة المخدرات والأسلحة .
8 – أدت العولمة إلى انهيار الكثير من الاقتصاديات في دول العالم عن طريق المضاربات المالية
9 – تعمل العولمة على تهميش الهوية الوطنية والثقافية كتمهيد من أجل تحقيق الأهداف الاقتصادية .
10- للعولمة تأثيرات كبيرة على الموارد البشرية عن طريق التأثير على تنشئة وتنمية هذه الموارد من خلال تقليص الإنفاق على الخدمات العامة كالصحة والتعليم، وكذلك من خلال تخفيض الأجور، بالإضافة إلى إضعاف النقابات العمالية المدافعة عن حقوق هذه الموارد، كذلك تؤدي العولمة إلى ضرورة الاهتمام بتأهيل الموارد البشرية بما يتناسب مع ثورة المعرفة والاتصالات بحيث تصبح أغلب المهارات والمعارف التي تمتلكها الموارد البشرية لا تتناسب مع متطلبات العولمة .
11 – بالرغم من السلبيات الكثيرة لظاهرة العولمة فإنها تحمل بعض الايجابيات التي يمكن الاستفادة منها.
المقترحات:
من خلال توصلنا إلى الآثار السلبية الكبيرة المرافقة لظاهرة العولمة وإمكانية الاستفادة من بعض الايجابيات فإننا نجد أن على البلدان العربية ومنها بلدنا أن تحاول قدر الامكان الاستفادة من الإيجابيات التي يمكن الاستفادة منها والمرافقة لهذه الظاهرة الواقعية والتخفيف من السلبيات عن طريق تهيئة وتنمية الموارد البشرية القادرة على أن تكون فاعلة في ظل هذه الظاهرة وفي المجالات كافة بحيث تكون هناك كوادر بشرية تقوم بدراسة أبعاد هذه الظاهرة وأهدافها على بلدنا وتقوم هذه الكوادر بوضع الخطط والبرامج على المستوى الكلي وفي المجالات كافة الاقتصادية والسياسية والثقافية والإعلامية بحيث تستطيع هذه الكوادر التأسيس لمجتمع قوي مدرك لأبعاد هذه الظاهرة على المستوى الوطني قادرة على مجابهة المخاطر التي تحملها على المستوى الثقافي والسياسي والاقتصادي، ومسخرة الإيجابيات الناجمة عنها في مسيرة التنمية بأشكالها المختلفة بشكل عام والتنمية الاقتصادية والاجتماعية بشكل خاص.
المراجع:
1 – د. تركي صقر،" الإعلام العربي وتحديات العولمة " ،وزارة الثقافة، دمشق، 1998ص 178
2 – ت. رياض حسن، تأليف : سنغ كفالجيت، " عولمة المال " دار الفارابي، لبنان، 2001 ص 20
3- د. مصطفى محمد العبد الله الكفري " عولمة الاقتصاد والاقتصاديات " مجلة الفكر السياسي، العدد الرابع والخامس ،1998 – 1999، دمشق ،ص316
4 -د. محمد دو يدار " المنظمة العالمية للتجارة (الفلسفة القانونية والأبعاد القانونية "، دراسات استراتيجية السنة الثانية، العدد الثاني ،2001 ص48
5- د. نايف بلوز" حول العولمة "، مجلة النهج، العدد (18) ربيع 1999، ص222
6- د. نبيل مرزوق،" الطريق العدد الأول السنة الثامنة والخمسون ص 27- 28
7 – د .حازم الببلاوي ،" النظام الاقتصادي الدولي المعاصر " عالم المعرفة،الكويت، العدد (257)،
ص 198-199
8– د. طاهر كنعان، الآثار الاجتماعية للتصحيح الاقتصادي في البلدان العربية، صندوق النقد العربي ،أبو ظبي، 1996ص 138
9 -د. محمو د السيد " الهيمنة المعلوماتية والإعلامية وآثارها " دراسات استراتيجية، السنة الثانية – العدد الثالث 2001 ،ص48
10- د. محمد أحمد السامرائي" العولمة السياسية ومخاطرها على الوطن العربي"، الفكر السياسي، العدد الرابع عشر، ص110
11 – د. مصطفى العبد الله الكفري " العولمة الهاجس الطاغي في المجتمعات العربية "الفكر السياسي، العددان الثامن عشر والتاسع عشر، ،2003 ص245
12 – عبد المنعم السيد علي" العرب في مواجهة العولمة الاقتصادية بين التبعية ولاحتواء والتكامل الاقتصادي العربي" ،المستقبل العربي، العدد ،290 ،2003، ص42
13 -11 – International Monetary Fund no 26 (Special Issue on the Fund) September 1994 )، p.1
14 – 12 – William K. Tabb " Globalization is an Issue، the Power of Capital is the Issue Monthly Review، vole. 49 no .2 (June 1997} p .20.
15 – عبد المنعم السيد علي العرب في مواجهة العولمة الاقتصادية بين التبعية ولاحتواء والتكامل الاقتصادي العربي المستقبل العربي العدد 290 ص 45
16 – مصطفى مجدي الجمال " تأملات في إيديولوجيا التدخل الإنساني الدولي "دراسات استراتيجية، العدد الثاني، 2001، مركز الدراسات والبحوث الاستراتيجية / جامعة دمشق ص 95.
17- د . حازم الببلاوي، "النظام الاقتصادي الدولي المعاصر"، عالم المعرفة ص198-199 العدد 257
– المرجع السابق ص 92
18 – د. محمد أحمد السامرائي، " العولمة السياسية ومخاطرها على الوطن العربي "، الفكر السياسي، العدد (14) ص116
19 – د .علي عقلة عرسان،" العولمة والثقافة "، الفكر السياسي، العددان (4 – 5) ص225
20 – د. حسن حنفي، " الثقافة العربية بين العولمة والخصوصية"، الفكر السياسي العددان (4 – 5) ص 248
21 – د. تركي صقر ،" الإعلام العربي وتحديات العولمة "، وزارة الثقافة، دمشق، 1998 ص 204
22 – د .سعيد يعقوب" الصهيونية والعولمة"، الفكر السياسي، العدد السادس عشر، 2022 ،ص 264
23 – د. علي عقلة عرسان " العولمة والثقافة الفكر السياسي العدد( 4-5)1999 ص 224
24–د. محمد أحمد السامرائي، " العولمة السياسية ومخاطرها على الوطن العربي "، الفكر السياسي العدد 14 ص 118
25- كاظم حبيب " العولمة الجديدة " الطريق، العدد الثالث، السنة السابعة والخمسون ،1998ص 69
26 – إبراهيم ناجي علو ش " نقد برنامج التكيف مع العولمة " الطريق العدد السادس السنة (60) 2001 ص63
27 – كاظم حبيب، العولمة الجديدة "، الطريق، العدد الثالث، 1998 ص 67
28 – موسى الزعبي " الوجه الجديد للعالم"، الفكر السياسي، العدد السابع عشر 2022، ص76
29 – د. نبيل مرزوق ، الطريق العدد الأول السنة الثامنة والخمسون 1999، ص 27 – 28
30 – د. منذر خدام، " العولمة وطبيعة العصر "، المعرفة العدد (76) أيار 2022 ص 145
31 – عولمة رأس المال مرجع سبق ذكره ص 94 .
32 – تقرير التنمية البشرية 2022 الأمم المتحدة نيويورك ص 106
33 – د. عدنان عباس علي" فخ العولمة " مجلة عالم المعرفة العدد 238 عام 1998. ص 198 – 199
34- إبراهيم قو يدر، رئيس منظمة العمل العربية مؤتمر " انتقال الأيدي العاملة والتشغيل " الجزائر
/12/شباط 2022
35 – Michel Chossudousky (1997) "Globalization Of Poverty .Impacts Of I. M. F and World Bank Reform Penning، Malaysia، The Third World P6
36 – World Bank (1995) WORLD Development، Report، Poverty، Washington DC1995
37 – فخ العولمة " الاعتداء على الديمقراطية "، مرجع سبق ذكره، ص 23
38 – موسى الزعبي " الوجه الجديد للعالم " الفكر السياسي العدد السابع عشر 2022 ص 78
39 – د. نعيمة شومان " العولمة في التكنولوجية الحديثة "، الفكر السياسي، العدد الأول، 1997 ص73
40 – موسى الزعبي " تنوع الفاعلين الجدد"، الفكر السياسي، العدد السادس عشر، ص206
41 -د. نعيمة شومان، الفكر السياسي، العدد الأول، مرجع سبق، ذكره ،ص 72
42 – عولمة رأس المال، مرجع سبق ذكره، ص 37
43 – د خير الدين عبد الرحمن، " التداخل مابين عسكري ومدني في حروب اليوم"، الفكر السياسي ،العدد التاسع عشر،، 2022، ص236.
44 – تأليف أمارتيا صن، ترجمة شوقي جلال، "التنمية حرية "، عالم المعرفة، العدد( 303) ص 285- 286
45 – د. تركي صقر ،" الإعلام العربي وتحديات العولمة "، وزارة الثقافة، دمشق، 1998 ص 210
46 – د. منذر واصف المصري " العولمة وتنمية الموارد البشرية "، الإمارات، 2022 ص34
بارك الله فيك على المجهودات المبذولة وجزاك الله كل الخير على مساعدتك لي
طيب ممكن ولو شرح صغير عن كيفية القيام بمذكرة تخرج بخصوص هذا الموضع اي خطة البحث و الاشكالية
كيفية اعداد مذكرة تخرج
فيمايلي نقدم لكم تخطيطا نموذجيا لبنية المذكرة الجامعية:
العناصر تبدأ بصفحة جديدة.
1- الغلاف.
2 – صفحة العنوان.
3- ورقة بيضاء.
4- الاهداء.
5- كلمة الشكر.
6- الفهارس وترقم با الأحرف العربية أو الأرقام الهندية.
7- مقدمة المذكرة.
8- الفصول أو الجزء الأساسي للمذكرة.
الفصل الأول: البناء المنهجي: ويحتوي:
* الدراسة الاستطلاعية (تحديد المجال الزماني والمكاني والبشري).
* الاشكالية.
* الفرضيات.
* أهداف البحث.
* أهمية البحث.
* أسباب اختيار الموضوع (ذاتية وموضوعية).
* صعوبات البحث.
* المنهجيةالمتبعة في الدراسة (المنهج المتبع والتقنية المستعملة).
* الدراسات السابقة.
الفصل الثاني: الجانب النظري: ويحتوي:
* تحديد المفاهيم.
* التطرق الى الدراسة من الناحيةالنظرية من خلال ما تم جمعه من معلومات من الكتب او غيرها من المراجع والمصادر.
الفصل الثالث: الجانب التطبيقي: ويحتوي:
* التعريف بميدان البحث.
* تحديد عينة البحث وكيفيةاختيارها.
* عملية تفريغ البيانات مصحوبة باستنتاجات جزئية.
الفصل الرابع: الاستنتاج العام والتوصيات: ويحتوي:
* الاستنتاج العام.
* التوصيات.
* الاقتراحات.
* الخاتمة.
* المراجع.
* الملاحق
هذا هو بشكل عام الشكل النوذجي لمذكرة التخرج فقط بعض الملاحظات البسطة:
1- على الطالب أن ينتبه الى العامل الزمني فلا يترك عمل اليوم الى الغد، كي لا يجد نفسه في آخر السنة عوض ان يعمل بارتياح كي يقدم عمل جيدا، نجده يصارع الزمن من اجل اتمام المذكرة في حينهاوبالتالي يخرج العمل مملوء بالنقائص.
2- الاصغاء والانتباه الجيد لملاحظات المشرف على العمل كي لا تتكرر ملاحظاته في كل مرة وبالتالي يضيع الوقت في اشياء كان من الممكن تصحيحها منذ البداية.
3- بامكان الطالب ان يتطرق الى موضوع سبق التطرق اليه في نفس الجامعة او في جامعات اخرى لكن لا ننصح بنسخها كما هي ولكن التطرق الى الموضوع من زاوية اخرى او من جانب آخر من أجل سد الثغرات التي لحظها المناقشون من قبل ومن اجل اثرائه وتطويره.
و نظرا لكون اغلب الباحثين المبتدئين خاصة الطلاب المقبلين على شهادة ليسانس، يجدون صعوبة في ضبط الاشكالية والفرضية في مذكرة التخرج، اضع بين ايديكم هذا الموضوع
الإشكالية.
1- اعتبارات اختيار المشكلة:
هناك عدة اعتبارات يجب مراعاتها عند اختيار مشكلةا لبحث واهمها:
– حداثة المشكلة، أي أنه لم يتم تناولها من قبل حتى لا تتكررالجهود.
– أهمية المشكلة وقيمتها العلمية.
– اهتمام الباحث بالمشكلة وقدرته على دراستها وحلها.
– توفر الخبرة والقدرة على دراسة المشكلة.
– توفرالبيانات والمعلومات الكافية من مصادرها المختلفة.
– توفر الوقت الكافي لدراسةالمشكلة.
– توفر الإمكانيات المادية والإدارية المطلوبة.
– عدم وجود جوانب أخلاقية تمنع إجراء المشكلة.
– ان تكون قابلة للبحث في ضوء الإمكانيات المتوفرة لدى الباحث
ولتحديد المشكلة يمكن الاسترشاد بالأسئلة التالية:
• ما هي حدة المشكلة أو الظاهرة موضوع الدراسة؟
• ما هو تاريخ بروز هذه المشكلة أوالظاهرة؟
• هل هناك مؤشرات كافية حولها نستطيع تحديدها بوضوح؟
• هل ستكون إيرادات تنفيذ اقتراحات الدراسة أعلى بكثير من تكاليف إجرائها؟
• هل يمكن القيام بهذه الدراسة وهل تتوفر الخبرات العلمية لذلك؟
• هل هناك دراسات سابقة حول المشكلة يمكن الحصول عليها بتكلفة معقولة وخلال فترة زمنية معقولة؟
1- معايير صياغة المشكلة:
• وضوح الصياغةودقتها.
• أن يتضح في الصياغة وجود متغيرات للدراسة.
• وضوح الصياغة بحيث يمكن التوصل إلى حل للمشكلة ( قابلة للاختبار).
وعند صياغة مشكلة يجب اخذ الأمورالتالية بعين الاعتبار:
• ما العلاقة بين المتغيرات الداخلة في الدراسة؟ وهل هذه المتغيرات محددة وقابلة للقياس ؟
• يجب أن تصاغ المشكلة بشكل سؤال أو عدة أسئلةواضحة لا إيهام فيها.
• يجب أن يكون بالإمكان جمع البيانات عن المشكلةلاختبارها.
• يجب أن لا تتعرض المشكلة لموضوعات حساسة من الناحية الأخلاقية أوالدينية.
• يجب أن تكون المشكلة قابلة للحل من قبل الباحث ضمن الوقت والإمكانات المتاحة له.
ويمكن تقويم البحث من خلال الإجابة على التساؤلات التالية:
• هل تعالج المشكلة موضوعا جديدا أم موضوعا تقليديا مكررا؟
• هل سيسهم موضوع الدراسةفي إضافة عملية جديدة معينة؟
• هل تمت صياغة المشكلة إلى توجيه الاهتمام ببحوث ودراسات أخرى هل يمكن تعميم النتائج التي يتم التوصل إليها؟
• هل ستقدم النتائج فائدة علمية إلى المجتمع.
في الأخير إتباع بعض النصائح والمعايير المعمول بها في ميدان البحث:
• تجنب التحمس الزائد لموضوع تصعب دراسته في الميدان. فالمواضيع التي قد يثيرها المحيط الاجتماعي و الاقتصادي جديرة بالدراسة والاهتمام. غير أن الوصول إلى أفراد المجتمع المراد دراسته كثيرا ما تكلف الباحث جهدا كبيراووقتا طويلا بكثير، مما قد يسبب له انقطاعات متكررة تؤثر سلبا على سياق البحث،وتؤخر الباحث عن الآجال التي حددت له لتقديم العمل.
• احترام مواعيد انجاز العمل بوضع دفتر الشروط.
• تجنب المواضيع العامة … أو الدقيقة جدا، فعلى الباحث أن يترك لنفسه مجالا للخطأ، فالمواضيع العامة تعني أن الباحث لم يحدد موضوعه على الإطلاق، أما المواضيع الخاصة جدا فهي محدودة في المجال وتكون نتائجها كذلك.
• اختيار الموضوع على أساس قدرات الباحث ودوافعه وإمكانية دراسةالموضوع.
• اختيار موضوع البحث يكون من طرف الباحث نفسه متى أتيحت له الفرصة لذلك.
• عرض الإشكالية على مختصين في الميدان وحتى على غير المختصين.
• تجنب المبالغة واللغو والتقيد بما قل ودل.
الفرضيات.
الفرضية توقع:
لهذا فهي تكتب دائما في صيغة تقريرية …، ولا تكتب الفرضية بالصيغة الاستفهامية.
تمدد الفرضية الإطار النظري للبحث:
… يجب أن يكون هناك ربط منطقي بين المفاهيم النظرية المقدمة في الإطار النظري وصياغة الفرضية، و استخدام نفس المفردات للإشارة إلى المفاهيم والمتغيرات.
التطابق بين المتغيرات المستخدمة في صياغة الفرضية و تصميم البحث الميداني:
على الباحث أن يعرف ويحدد بوضوح طبيعة كل متغير، والعمل على قياس المتغيرات المعلن عنها في الفرضية.
لا تكون الفرضية عامة جدا، ولا دقيقة جدا:
تدل الفرضية الواسعة عن جهل الباحث بجوانب كثيرة حول الموضوع، في حين أن الفرضية الدقيقة جدا تشكل خطرا على البحث الذي تترك فرضياته إذالم تحقق الدقة المطلوبة هذا من جهة، وتوحي أن الباحث على علم بكل خصائص المشكل منجهة ثانية؛ فتساءل لماذا البحث إذا؟
اتمنى ان يوفق الله كل مقبل على التخرج و يخفف ضغطه ويساعده على النجاح
بارك الله فيك على المساعدة لكن انا اريد المساعدة بخصوص خطة مذكرة تخرج بعنوان تاهيل الموارد البشرية في ظل العولمة
بارك الله فيك على كل ما قدمته لي
طلب مساعدة عاجلة
السلام عليكم أنا طالبة ماجستير أدب عربي تخصص نقد أدبي أبحث عن كتاب قاموس مصطلحات التحليل السيميائي للنصوص لرشيد بن مالك و أي كتب تتعلق بالسيميائيات، أرجو المساعدة و جزاكم الله ألف خير.
يشرفني ان اساعدك اختي ولكن عليا ان اقول لكي ابثي عنه في مكتبات العامة تجده ان شاء الله
يشرفني ان اساعدك وللاسف لا استطيع ولكن عليا ان انصحك بمكتبات العمومية وستجده ان شاء الله ووفق الله
عاجل
ارجو مساعدتي حول موضوع التمكين الاداري و الاداء التنظيمي المتميز
السلام عليكم ……..انا محمد من سوريا وادرس حاليا بمصر الماجستير واريد الاستفسار عن طريقة التسجيل للدكتوارة في الاقتصاد وما هي الاوراق المطلوبة للاجانب وهل هناك رسوم مادية للدراسة والدراسة باللغة العربية ام الفرنسية وهل يتم قبولي بشكل مباشر ام ان هناك شروط علما اني حاصل على البكالوريس في ادارة الاعمال من الجامعة السورية 4 سنوات +حاصل على دبلوم في الاقتصاد من معهد البحوث والدراسات العربية في مصر سنتين ….وشكرا ..من يستطيع المراسلة على
الرجاء لكل من لديه معلومات عن أي جامعة فتحت التسجيل في الماسترهذا العام تخصص تاريخ لطلبة النظام القديم(الكلاسيكي) ان يعلمنا وجزاه الله خيرا
سمعت بوجود مسابقة الماجستير في جامعة أم البواقي في العلوم الاقتصادية و التجارية و علوم التسيير
أريد التأكد من صحة هذا الخبر
فمن لديه أية معلومة أرجو أن يفيدني بها
شكرا مسبقا