قادة المناطق و الولايات
منذ اندلاع الثورة التحريرية عملت جبهة التحرير الوطنيعلى تنظيم مختلف هياكلها الإدارية والسياسية والعسكرية، معتمدة مبدأ القيادة الجماعية للثورة . فعشية انطلاق الثورة قسمت الجزائر إلى خمسة مناطق جغرافية على رأس كل منطقة قائد، واستمر هذا التقسيم إلى غاية انعقاد مؤتمر الصومام الذي أقرّ تقسيما إداريا جديدا للجزائر ،إذ تحولت المناطق الخمسة إلى ولايات وأضيفت إليها الصحراء كولاية سادسة وعيّن على رأس كل ولاية قائد يساعده أعضاء مجلس الولاية في تسيير مختلف شؤون الولاية
– قادة المناطق
-المنطقة الأولى : الأوراس : مصطفى بن بولعيد ثمشيحاني بشير
– المنطقة الثانية : الشمال القسنطيني : ديدوش مراد ثمزيغود يوسف
– المنطقة الثالثة : القبائل : كريم بلقاسم
– المنطقة الرابعة : رابح بيطاط : أعمر أوعمران
– المنطقة الخامسة: محمد العربي بن مهيدي
– قادة الولايات
-الولاية الأولى : الأوراس : محمود الشريف ،محمد لعموري ، أحمد نواورة ، الحاج لخضر ، الطاهر الزبيري.
-الولاية الثانية : الشمال القسنطيني : لخضر بن طوبال ، علي كافي ، صالح بوبنيدر
-الولاية الثالثة : القبائل : كريم بلقاسم ، السعيد محمدي ، عميروش أيت حمودة ،عبد الرحمان ميرة ، محند أولحاج .
-الولاية الرابعة : وسط الجزائر : سليمان دهيليس ، أحمد بوقرة ، محمد زعموم ( سي صالح)، جيلالي بونعامة ، يوسف الخطيب .
-الولاية الخامسة : الغرب الجزائري : محمد العربي بن مهيدي ، عبد الحفيظ بوصوف ، هواري بومدين ، العقيد لطفي ، العقيد عثمان .
-الولاية السادسة : الصحراء : علي ملاح ، سي الحواس ، عمر إدريس ، الطيب الجغلالي ، محمد شعباني
الحركاتالمناوئة للثورة
لقد فاجأت الثورة الجزائرية عند اندلاعها السلطات الفرنسية التي عجزت في البداية عن إيجاد الإجراءات اللازمة لوقفها .لذلك راحت تتفنن في استخدام الأساليب السياسية والعسكرية المختلفة للقضاء عليها في المهد ،معتمدة القوة العسكرية والخطط الجهنمية ،وسياسة الانتقام الجماعي .فضاعفت قواتها العسكرية ،ومارست التعتيم الإعلامي داخليا وخارجيا ،ولما باءت كل محاولاتها بالفشل لجأت إلى تجنيد بعض الحركات والأشخاص المناوئين للثورة مقدمة لهم المساعدة المادية والعسكرية
2- الحركات والافراد المناوئين للثورة
لم تواجه ثورة التحرير الوطني خلال سبع سنوات القوات الفرنسية فقط ، بل واجهت العديد من الحركات المسلحة المنظمة والأشخاص المتمردين ، فإلى جانب القوات الفرنسية التي وصلت إلى 500 ألف عسكري و المدججة بأحدث أنواع الأسلحة (طائرات ، دبابات …) واستخدام الأسلحة المحرمة ، جابهت وحدات جيش التحرير الوطني 30 ألف من قوات الحركة والقومية ، المسلحين من طرف القوات الفرنسية و 8000 من عناصر الدفاع الذاتي والمستوطنين المسلحين والمرتزقة.
كما جابهت وحدات جيش التحرير الوطني قوات الحركة الوطنية الجزائرية المشكلة من المصاليين بقيادة : محمد بلونيس، واصطدمت أيضا مع بعض الخونة المتحالفين مع السلطة الفرنسية من أمثال : شريف بن السعيدي ، وبلحاج الجيلالي عبد القادر "كوبيس" ، وعناصر القوة الثالثة .
ردودالأفعال السياسية الفرنسية بعد اندلاع الثورة
واجهت فرنسا اندلاع الثورة التحريرية في أوّل نوفمبر 1954 بوسائل شتى : عسكرية، سياسية، إعلامية، دعائية ودبلوماسية. وجاءت ردود الأفعال الفرنسية سريعة لاحتواء الوضع وتغليط الرأي العام. فشملت الردود السياسية والردود العسكرية والردود الإعلامية.
وقد حاولت في البدء التقليل من الصدمة التي أصابت فرنسا الاستعمارية فاعتبرت الأحداث محدودة التأثير ومن فعل بعض الخارجين عن القانون. غير أن تطور الثورة واشتداد نار لهيبها قد جعل ساسة فرنسا وقادتها العسكريين يدلون بالتصريح تلو التهديد، ويأمرون بمضاعفة عدد قوات الاحتلال المترابطة بالجزائر لمواجهة الأحداث(خريطة انتشار النشاط العسكري للثورة ).
كما صادقت الحكومة الفرنسية على تخصيص موارد مالية كبيرة تصب في دعم المجهود الحربي الذي وجه للقضاء على الثورة وخنقها في المهد قبل استفحال أمرها.
وقد بادر الجيش الفرنسي إلى شنّ عمليات عسكرية برية وجوية في ديسمبر 1954 وجانفي 1955 ضدّ معاقل الثورة في الأوراس والشمال القسنطيني وبلاد القبائل والغرب الجزائري؛ ومحاصرة السكان وشن حملات التمشيط والتفتيش وإنشاء المناطق المحرمة. ردود الأفعال السياسية الفرنسية بعد اندلاع الثورة مباشرة بعد انفجار الوضع في الجزائر من جراء اندلاع الثورة ، قامت سلطات الاحتلال الفرنسي بتوقيف عدد كبير من مناضلي حركة انتصار الحريات الديمقراطية mtld. كما أسرعت الحكومة الفرنسية إلى اتخاذ قرار حل الحزب وإغلاق مكاتبه ونواديه بالجزائر وفرنسا وذلك يوم 05 نوفمبر 1954. وقد راح ضحية حملة التوقيف بعض أعضاء اللجنة الثورية للوحدة والعمل crua.
وقد تجلى واضحا أن الحكومة الفرنسية لم تكن تعلم بموضوع التحضير للثورة ولم تكن لديها معلومات عن مفجريها، ولذا عمدت على اعتقال كل من كان له علاقة بالحركة الوطنية وخاصة التيار الاستقلالي.
أما التصريحات الرسمية، فقد تعاقبت على شكل بيانات رسمية وتصريحات لوسائل الإعلام الفرنسية والأجنبية من طرف وزراء ومسؤولين فرنسيين.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، فقد سارعت الحكومة الفرنسية إلى اتهام " أطراف أجنبية " بالوقوف وراء الأعمال المسلحة بالجزائر والدعاية لها على الصعيد العالمي . وكانت فرنسا تشير بالأصابع إلى مصر وبعض الأوساط العربية.
– حالة الطوارئ
أمام توسع نطاق الثورة وكثافة العمليات المسلحة ضدّ قوات الاحتلال والمصالح الاستعمارية ، سارعت الحكومة الفرنسية إلى اتخاذ إجراءات عسكرية وسياسة وقانونية مستعجلة لمواجهة الوضع المتدهور في الجزائر.
وأخطر إجراء اتخذته فرنسا يتمثل في سنّها لقانون حالة الطوارئ، وهو عبارة عن جملة من الإجراءات القانونية التعسفية والقمعية وضعتها السلطات الفرنسية الاستعمارية مع مطلع عام 1955 لخنق الثورة قبل استفحالها. وقد قامت وزارة الداخلية بتحضير مشروع القانون قصد دراسته من طرف الحكومة الفرنسية في 19مارس 1955؛ قبل أن يوافق عليه البرلمان الفرنسي في 1 أفريل 1955. حددت مدة تطبيقه بستة أشهر قابلة للتجديد، و هي مدة كافية حسب الإدارة الفرنسية للقضاء نهائيا على الثورة. وقد تضمن قانون حالة الطوارئ الإجراءات التالية :
1- تحديد الإقامة للأفراد مع فرض الرقابة الشديدة على تنقلاتهم .
2- مراقبة المحلات و الأماكن العمومية .
3- تعرض الأفراد المشبوهين إلى الاعتقال أو السجن أو النفي دون محاكمة.
4- إنشاء المحاكم الاستثنائية لتحل محل المحاكم العسكرية حيث تكون أحكامها نافذة و غير قابلة للطعن.
ويخول قانون حالة الطوارئ كذلك للسلطات المدنية والعسكرية صلاحيات مطلقة من أجل استرجاع الوضع إلى ما كان عليه قبل أول نوفمبر 1954. وقد سمح باعتقال وسجن الجزائريين بدون محاكمة ، وفرض عقوبات فردية وجماعية ، وتطبيق كل أساليب القمع والتعذيب والاضطهاد، وتطبيق حكم الإعدام بشكل واسع وفرض الحصار ومنع التجوال ليلا وإنشاءمناطق محرمة.
طبق قانون حالة الطوارئ في منطقة الأوراس في بداية أبريل 1955، ليوسع إلى بلاد القبائل في نهايته قبل أن تخضع له باقي المناطق في أوت وأكتوبر 1955 .
1- المجهود الحربي الفرنسي
كان إندلاع ثورة التحرير في أول نوفمبر 1954 مفاجأة للسلطة الاستعمارية الحاكمة في الجزائر ، مما تطلب بعض الوقت لمسايرة الوضع الجديد . ففي البداية وظفت السلطات الاستعمارية الفرنسية كل طاقاتها العسكرية والمدنية المتواجدة على التراب الجزائري ، والتي شملت مختلف الأجهزة القمعية الأمنية والعسكرية ، مسخرة وسائل الدعاية الإعلامية من صحف وجرائد وإذاعة وشبكات أخرى للترويج للسياسة الاستعمارية.
غير أن اتساع رقعة الثورة تطلب منها اتخاذ عدة إجراءات لرفع عدد قواتها العسكرية ، فبعدما كانت تقدر ب 54 ألف جندي في شهر جوان 1954 يضاف إليها عشرة ألاف شرطي ، إرتفع هذا العدد مع بداية نوفمبر 1954 الى 62000 جندي . إلا أن التنظيم المحكم الذي ميز الثورة دفع السلطة الاستعمارية إلى طلب المزيد من القوات العسكرية والتي بلغت في مطلع عام 1955 الـ 80000 جندي ، مدعمين بفيلق من المظليين.
وقد فشلت هذه القوة في وقف زحف الثورة ولم تستطع خنقها ، مما أدى إلى عزل الحاكم العام روجيه ليونار واستبداله بجاك سوستال الذي تعززت في عهده القوات الفرنسية بوحدة من البوارج الحربية ، فأرتفع تعداد القوات العسكرية الى 114000 جندي في شهر جويلية 1955 . بقي عدد الجنود الفرنسيين في الجزائر في ارتفاع مستمر ليبلغ 186000 عسكري في جانفي 1956.
كما قامت السلطات الاستعمارية بإعلان حالة الطوارئ وتمديد الخدمة العسكرية للشبان الفرنسيين لتصبح 21 شهرا عوض سنة واحدة . وفي 1957 بلغت مدة الخدمة العسكرية 24 شهرا.
بمجيء الجنرال شارل ديغول عام 1958 تم اتخاذ تدابير مؤقتة للاحتفاظ بالمجندين لمدة 30 شهرا ، الى جانب ذلك اعتمدت أساليب أخرى لتدعيم المجهود الحربي ، منها تحويل فرق عسكرية بأكملها من مواقعها في الحلف الأطلسي بأوربا إلى الجزائر وتزويد الجيش الفرنسي بأحدث الأسلحة من حوامات ، وطائرات متعددة المهام وبوارج حربية ، وتخصيص ميزانية ضخمة للمجهود الحربي . وزادت على هذه الإجراءات نقل قواتها المتمركزة في كل من تونس والمغرب الى داخل الجزائر مع تقوية الوجود العسكري من خلال تكوين ميليشيات مسلحة تحت تسميات مختلفة كالدفاع الذاتي ، والحركة، والاعتماد على القوة الثالثة وتفنن الجيش الفرنسي في تسليط شتى أنواع التعذيب والتقتيل وتدمير القرى والمشاتل على ساكنيها.
كما حاول عزل الثورة داخليا بإقامة المحتشدات والتجمعات والمعتقلات والمناطق المحرمة، وخارجيا ببناء خطي شال وموريس .
وقد بلغ حجم الجيش الفرنسي بالجزائر في أواخر 1960 ما يقارب المليون جندي دون أن تستطيع فرنسا إخماد لهيب الثورة التحريرية.
المصالح الإدارية المختصة sas
– نشأة المصالح الإدارية المختصة
أدرك الجيش الفرنسي أن مواجهة الثورة ، بأبعادها الجماهيرية، يتطلب ضرورة موازاة العمل السيكولوجي مع العمل العسكري ؛ وخاصة أمام التطور السريع لجيش التحرير الوطني واتساع نطاق العمل الثوري.
ومن هنا جاءت فكرة إنشاء المصالح الإدارية المختصة.
sas ) les sections administratives specialisees )
أنشئت هذه المصالح سنة 1955 من قبل الحاكم العام الفرنسي بالجزائر جاك سوستال، وتمثلت مهمتها في تكثيف العمل الاجتماعي والسيكولوجي للجيش الفرنسي في الأوساط الجماهيرية الجزائرية في الأرياف والمدن بقصد عزلها عن جبهة وجيش التحرير الوطني، وقطع صلة الشعب بالثورة. وقد تم وضع خريطة لتوزيع مراكز الشؤون الأهلية حسب الأهمية السكانية والجغرافية والإستراتيجية لكل منطقة.
وكانت السلطات الإستعمارية ترمي، من وراء تكثيف تواجد مراكز الصاص، إلى خلق شبكات تجسس ومراقبة الشعب وزرع الخوف لمنع الجزائريين من دعم ثورتهم.
2- ضباط الشؤون الأهلية
أسندت مهمة الإشراف على مراكز المصالح الإدارية المختصة وتنفيذ استراتيجيتها إلى ضباط الشؤون الأهلية المنتمين إلى المكتب الخامس . وهم مجموعة من الضباط الفرنسيين الذين تخرجوا من معاهد متخصصة في الدعاية وعلم النفس، وعلم الاجتماع، والشؤون الجزائرية، يحسنون التكلم بالعربية والبربرية . وتتكون هذه المراكز من المصالح التالية :
– مصلحة الحالة المدنية
– مصلحة الاستعلامات
– مصلحة الإدارة
– مصلحة السيكولوجية وتضم :
– مجموعة المرشدات
– المصالح الطبية والممرضات
– مصلحة المرشدين الموجهين للتعليم
– مصلحة الدعاية
– مصلحة التنشيط.
3- مهام ضباط الشؤون الأهلية
تتمحور مهام هؤلاء الضباط في ثلاث محاور، هي :
1 – المهمة السياسية : تهدف أساسا إلى القضاء على الثورة ويظهر ذلك من الأعمال المسندة إليها :
– الاتصال بالشعب وكسب ثقته ، قصد إبعاده عن جبهة وجيش التحرير الوطني
– تحسيس المواطنين بقوة فرنسا وعظمتها
– الاهتمام بمسائل المجندين سابقا في الجيش الفرنسي من خلال تسوية مشاكلهم ، والعمل على تسليحهم ثم تكليفهم بمهام أمنية وعسكرية ،كحراسة القرى ومراقبة تحركات السكان وجمع المعلومات. ومع مرور الوقت يمكن تنظيمهم على شكل ميليشيات الدفاع الذاتي المساندة لقوات الإحتلال.
– إثارة النعرات القبلية والعرقية ، وإحياء اللهجات المحلية لضرب اللغة العربية
– استغلال المناسبات الدينية و التاريخية لزرع الشكوك ونشر الأخبار الكاذبة والإشاعات المغرضة.
2 – المهام الإدارية : وتتمثل في ما يلي :
– إحصاء الشبان الجزائريين وإعدادهم للخدمة العسكرية الإجبارية في الجيش الفرنسي
– القيام بمهام الحالة المدنية من حيث إحصاء السكان ومراقبة تغيبا تهم وتنقلاتهم .
3 – المهام ذات الطابع الاقتصادي و الاجتماعي :
– إنشاء المراكز الريفية لتدريب الشباب على الأعمال الفلاحية والرعوية قصد تهيئتهم للعمل في مزارع الكولون .
– القيام ببعض المشاريع ذات الطابع الاجتماعي والاقتصادي لإيهام الجزائريين بأن فرنسا تريد تحسين أحوالهم المعيشية.
– إنشاء مصالح طبية بالمجان
– إنشاء مراكز التكوين المهني للفتيات الجزائريات ، تحت إشراف مسيحيات من الأخوات البيض ، لتدريبهم على أعمال الخياطة وغيرها، وكان ضباط الشؤون الأهلية يعتبرون النساء مصدرا هاما لعملهم الإستخباري .
4- استراتيجية الثورة في مواجهة سياسة المصالح الإدارية المختصة s.a.s
اعتمدت جبهة وجيش التحرير الوطني في تصديها لسياسة الحرب النفسية الممارسة من قبل المصالح الإدارية المختصة على استراتيجية تنطوي على عدة نقاط، هي :
– كشف السياسة الاستعمارية وفضح الأساليب الفرنسية
– توعية الجماهير إيديولوجيا وسياسيا
– مواجهة هذه المصالح ميدانيا من خلال التأطيرالواسع واليومي للجماهير وإبراز دور الهياكل الإدارية والصحية والقضائية والإعلامية للثورة
– تحذير الجزائريين من خطورة التعاون والاتصال بهذه المصالح.
-العمل على إبلاغ الجماهير بأخبار الثورة و تطورها داخليا وخارجيا، قصد الحفاظ على الصلة بين الشعب وثورته .
موقف الأحزاب الجزائرية منالثورة التحريرية
بعد اندلاع الثورة التحريرية في أول نوفمبر 1954 وإعلان ميلاد جبهة التحرير الوطني ممثلا شرعيا ووحيدا لكفاح الشعب الجزائري وفق ما جاء في بيان أول نوفمبر، اختلفت مواقف الأحزاب الجزائرية القائمة آنذاك بين مؤيد ومعارض ومتحفظ.
2- موقف المركزيين
عشية اندلاع الثورة التحريرية اعتبر المركزيون أن العمل الذي أقدمت عليه جبهة التحرير الوطني مغامرة تجهل نتائجها، ولذا تحفظوا كثيرا من اتخاذ موقف في بداية الأمر. خاصة بعد إقدام السلطات الفرنسية في الأسبوع الأول من شهر نوفمبر على حل حزب حركة إنتصار الحريات الديمقراطية واعتقال العديد من مناضلي الحزب، منهم بن يوسف بن خدة وعبد الرحمان كيوان وأحمد بودا. وكان لاتصالهم بعبان رمضان بعد إطلاق سراحهم في مارس 1955، دور كبير في التعجيل بالتحاقهم بالثورة التحريرية. وكان ذلك بمثابة الإعلان الرسمي عن نهاية التيار المركزي والإعتراف بجبهة التحرير الوطني اطارا وحيدا للعمل الثوري.
3- موقف الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري
عند اندلاع الثورة التحريرية، اعتبر زعيم الاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري السيد فرحات عباس، ذلك العمل "فوضويا وتصرفا يائسا" غير مضمون العواقب؛ وراهن على تحقيق طموحات حزبه من خلال تطبيق قانون الجزائر الفرنسي لعام 1947 من طرف حكومة منديس فرانس.
غير أن لجوء السلطات الإستعمارية إلى تزوير انتخابات المقاطعات في أفريل 1955 لقطع الطريق أمام مرشحي حزبه ، واللقاء الذي جمع فرحات عباس بالسيدين أوعمران وعبان رمضان، إلى جانب نجاح هجومات 20 أوت 1955؛ دفعت بفرحات عباس إلى إصدار بيان إلى المنتخبين التابعين لحزبه يدعوهم فيه إلى الإنسحاب من كل المجالس الفرنسية. وتبع ذلك التصريح إستقالات جماعية لنواب الحزب، إلى أن تم الإعلان رسميا عن الالتحاق الجماعي لقادة ومناضلي الحزب بالثورة في سويسرا في 30 جانفي 1956 . ووصل فرحات عباس يوم 25 أفريل 1956 إلى القاهرة حيث عقد ندوة صحفية أعلن فيها عن الحل الرسمي للاتحاد الديمقراطي للبيان الجزائري وانضمامه إلى جبهة التحرير الوطني .
4- موقف جمعية العلماء المسلمين الجزائريين
لم يتحدد موقف جمعية العلماء المسلمين من الثورة، عند اندلاعها، بصفة رسمية وعلنية رغم دفاعها المستميت عن مقومات الشعب الجزائري منذ تأسيسها عام 1931 .لقد اتسم موقفها في البداية بالتردد والتذبذب، وانقسمت إلى تيارين:
* كان يرى أنصار التيار الأول، أن مفجري الثورة يفتقدون للجدية في مطالبهم، ودعا هذا التيار السلطات الفرنسية إلى التعجيل بالإصلاحات الشاملة المبنية على العدالة والمساواة واحترام مقومات الشعب الجزائري .
" أما التيار الثاني فقد أعلن عن مساندته للثورة، داعيا الشعب الجزائري إلى تلبية نداء جبهة التحرير الوطني . ووجه هذا التيار بيانا بهذا الصدد وقعه حوالي 300 معلم من معلمي الجمعية. و كان الشيخ العربي التبسي من أبرز المنتخبين للثورة ومثله أيضا بيان جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الذي وقعه الشيخ البشير الإبراهيمي في القاهرة بتاريخ 14 نوفمبر 1954والذي دعا فيه إلى الالتفاف حول الثورة.
ومع مطلع عام 1956 شرع الشيخ العربي التبسي الذي كان من أبرز المتحمسين للثورة، في إجراء اتصالات مع جبهة التحرير الوطني ؛ وفي 12 فبراير 1956 تم الإعلان الرسمي عن مساندة جمعية العلماء الجزائريين للثورة والتحاق مناصريها بجبهة التحرير الوطني .
5- موقف الحزب الشيوعي الجزائري
على خلاف الأحزاب السابقة ، أعلن الحزب الشيوعي الجزائري، المرتبط بالحزب الشيوعي الفرنسي، معارضته للثورة منذ اندلاعها وأظهر موقفا سلبيا منها ، حيث أصدر بيانا في 02 نوفمبر 1954 أعلن فيه المكتب السياسي للحزب إدانته للثورة ورفضه الالتحاق بها. وحاول الحزب الشيوعي الجزائري كذلك أن يظهر للشعب أنه حريص على مصلحة الوطن .
وعلى الرغم من الانتصارات التي حققتها الثورة في الداخل والخارج، إلا أن الحزب الشيوعي الجزائري بقي معارضا لها ومشككا في مباديء جبهة التحرير الوطني. وقد حاول تحريض الطبقات الكادحة من الشعب الجزائري على مقاطعتها ومناهضتها.
كما سعى من جهة ثانية إلى تكوين قوة مسلحة موازية تحت اسم ” المحاربون من أجل الحرية ”، لكن التجربة فشلت في المهد . وبذلك وضع الشيوعيون الجزائريون نهاية لنضالهم الوطني
6- موقف المصاليين
أما المصاليون، فإنهم أعلنوا صراحة رفضهم للثورة التحريرية منذ بدايتها ، إذ ناصبوا العداء لجبهة وجيش التحرير الوطني. وأسسوا ، على إثر حل حركة انتصار الحريات الديمقراطية، حزبا جديدا أسموه "الحركة الوطنية الجزائرية"mna في 22 ديسمبر 1954، ليصبح تنظيما سياسيا وعسكريا معاديا لجبهة وجيش التحرير الوطني.
وبادروا إلى القيام بعمليات عسكرية، بدعم بشري ولوجستيكي من الجيش الفرنسي، ضد مناضلي جبهة التحرير الوطني في المدن والقرى كذا كتائب جيش التحرير . وعملوا على زرع البلبلة في صفوف الشعب مستهدفين فصل الجماهير عن الثورة.
أما في أوروبا، فقد عمل المصاليون علىتضليل المناضلين المهاجرين بادعائهم أن الثورة من تنظيمهم ، غير أن ثقة المهاجرين الجزائريين بجبهة التحرير كانت أقوى من أن يضلل بهم ، وعاد النصر للجبهة في فرنسا والبلدان الأخرى بعد أن قضت على تنظيمات حركة مصالي وأنصاره .
وعانت المناطق الثالثة والرابعة والسادسة من الأعمال الإجرامية للمصاليين بقيادة العميل محمد بلونيس. وعلى صعيد المعارك فقد حدثت مواجهات عسكرية مسلحة في عدة مناطق من الوطن بين جيش التحرير الوطني والحركة المصالية mna . ومن أهم هذه المواجهات حادثة ملوزة ببني يلمان ، وبذلك وضع المصاليون أنفسهم في خانة المعارضين للثورة .
جيش التحرير الوطني
– النشأة التاريخية
تعود أصول جيش التحرير الوطني إلى المنظمة الخاصة التي عملت على تشكيل أولى الخلايا العسكرية المسلحة من بين مناضلي حركة الانتصار للحريات الديمقراطية . وقد فتحت باب التجنيد ووضعت له شروطا . وكانت لها قيادة أركان وتنظيم عسكري يتمثل في : نصف المجموعة ، المجموعة ، الفصيلة . وعدة أقسام منها؛ قسم المتفجرات ، قسم الإشارة، قسم المكلف بالمخابئ. ووضعت المنظمة برنامجا للتدريب العسكري يشمل 12 درسا ،سحبت منه 50 نسخة وزعت على القادة فقط. وقد ركزت التدريبات على الجانب النظري والتطبيقي وذلك فيما يخص استخدام المتفجرات والأسلحة وتكتيك حرب العصابات وفن الكمائن والإغارة . وقد استطاعت المنظمة الخاصة رغم المتابعات والمحاكمات والمضايقات المسلطة على أعضائها، أن تضع الأسس والمنطلقات والتصورات لميلاد مؤسسة عسكرية ، تكون بمثابة الإطار العسكري للثورة التحريرية ، وهكذا كان ميلاد جيش التحرير الوطني .، والذي سوف تعتمد عليه جبهة التحرير الوطني لتخليص البلاد من السيطرة الاستعمارية وإعادة الاعتبار للدولة الجزائرية.
من أكبر المشاكل التي واجهت جيش التحرير الوطني: كيفية الحصول على الأسلحة ، خاصة وأن السلطات الاستعمارية بدأت في جمع قواها وتوظيف إمكانيات حربية واسعة هائلة لقمع المناطق الثائرة. وتمكن جيش التحرير من التغلب على مسألة التسليح عن طريق غنمها في المعارك وجلبها من الخارج برا وبحرا .
2- الإستراتيجية الحربية لجيش التحرير الوطني
اتبع جيش التحرير الوطني في مواجهته للجيش الفرنسي حرب العصابات التي تعتمدعلى عنصر المباغتة ومعرفة الميدان. وقد أفلحت هذه الإستراتيجية في تحقيق الكثير من الانتصارات العسكرية لجيش التحرير الوطني باعتبار أن تنفيذ هذه العمليات العسكرية لا يتطلب إمكانات كبيرة ، بل يتطلب فقط مجموعات قليلة العدد خفيفة السلاح. ومن جهة ثانية فإن عنصر المفاجأة يؤدي الى نتيجة شبه مضمونة بحيث أن الكمائن التي يعدها جيش التحرير كانت تحقق في الغالب كامل أهدافها .
كانت عمليات الهجوم إحدى الأساليب المفضلة لدى جيش التحرير ، وكان القصد منها تثبيط معنويات الجند الفرنسي وكذلك إبراز الوجود الفعلي للثورة وما يرافق ذلك من حماس شعبي كبير . احتفظ جيش التحرير بأسلوب حرب العصابات طيلة الثورة التحريرية ،ولم يدخل في مواجهة عسكرية كلاسيكية مع الجيش الفرنسي إلا عند الضرورة، وهذا مرده إلى انعدام التوازن بين الجيشين. وكان من نتائج انتهاج أسلوب حرب العصابات إرهاق العدو وتشتيت قواته وتخريب منشآته الاقتصادية والحيوية.
3- مراحل تطور جيش التحرير الوطني
المرحلة الأولى : 1954 ـ 1956 : كان فيها جيش التحرير الوطني فئة قليلة العدد والعتاد فكان عدد المجاهدين ليلة أول نوفمبر حوالي 1200 مجاهد، مسلحين بحوالي 400 قطعة سلاح ما بين بنادق صيد ومسدسات جلها موروثة من الحرب العالمية الثانية . وكان هذا الجيش موزعا على المناطق الخمسة التي أقرها اجتماع 23 أكتوبر 1954. وقد تكوّن جيش التحرير في هذه المرحلة من الأفواج الأولى من المسبلين والفدائيين والأشخاص المتابعين من قبل السلطات الاستعمارية. وقد وضعت شروط وضوابط الانخراط والتجنيد ضمن صفوف جيش التحرير . كانت أول تشكيلة وضعت لوحدات جيش التحرير الوطني على الشكل التالي :
التشكيلة عدد أفرادها القيادة
الزمرة 5 مجاهدين
يرأسها جندي أول
الفوج 11 ـ 13 مجاهد
يرأسه عريف ونائبان برتبة جندي أول
الفصيلة
أو الفرقة 35 ـ 45 مجاهد . 3 أفواج
يرأسها 6 جنود برتبة جندي أول و 3 برتبة عريف وعلى رأس الفصيلة عريف أول يساعده كاتب
الكتيبة 105 ـ 110مجاهد يرأسها مساعد ونائبان أحدهما عسكري والثاني سياسي
القسم يتكون من عدة كتائب
المنطقة تتكون من عدة أقسام
أما عن التنظيم العسكري للجيش فقد اعتمد نظام الأفواج وكان الهدف المنشود من وراء هذا التنظيم ضرورة التواجد والانتشار في كامل التراب الوطني وتمكن القادة الأوائل من وضع البنى التنظيمية والهيكلية لجيش التحرير ووضعوا برنامجا للعمل العسكري تركز على ضمان استمرارية الثورة وشموليتها وتعميم العمل العسكري والتنسيق بين العمل السياسي والعسكري وكذلك التركيز على تزويد الجيش بالسلاح . فبالإضافة إلى الاعتماد على النفس، ضاعفت الثورة صنع القنابل التقليدية وجمع ما أمكن من الذخيرة والأسلحة من المواطنين وفك السلاح من العدو في المعارك. . وحققت الثورة عدة انتصارات عسكرية واستطاعت أن تقلل من تأثيرات الهجوم العسكري الفرنسي المكثف ، الذي اعتمد على عمليات التمشيط واستعمال كل أنواع العتاد الحربي والأسلحة المحرمة . وكانت هجومات 20 أوت 1955، التي قادها الشهيد زيغود يوسف، برهانا على تصميم جيش التحرير والتفاف الشعب حوله.
المرحلة الثانية 1956 ـ 1962 :
عمل جيش التحرير على إعادة النظر في استراتيجيته تماشيا مع تطور الثورة لمواجهة المجهود الحربي الفرنسي المتزايد، فجاء التفكير في وضع إطار يعطي لجيش التحرير طابعا تنظيميا وهيكليا جديدا لتمكينه من مضاعفة عدد قواته وتزويدها بأحدث الوسائل و الأسلحة. وجاءت القفزة النوعية في التنظيم بعد صدور قرارات مؤتمر الصومام 1956 التي أوجدت هيكلة دقيقة لجيش التحرير الوطني ، سواء من حيث التنظيم أو من حيث توحيد القيادات والرتب والتسليح والتموين والمنح العائلية للمجاهدين ومخصصات عائلات الشهداء ،زيادة على إنشائه لعدة مصالح مساعدة كمصلحة الصحة والطبوغرافيا والذخيرة والمراسلات والاستخبارات والإعلام والصحافة والمصالح القضائية والاجتماعية . والأمر المهم في قرارات مؤتمر الصومام ، هو أن جيش التحرير أصبح تنظيما عصريا متكاملا في الولايات ومنسقا فيما بينها ووضع قيادات موحدة خاضعة لسلم مضبوط ومرتبط بمصالح متكاملة تؤدي مهامها على أحسن ما يرام في مواجهة العدو .
4- هيكلة جيش التحرير الوطني
بعد تقسيم المهام بين أعضاء لجنة التنسيق والتنفيذ ، ظهرت مديرية الحرب وقسم التسليح والتموين وكان هذا الإجراء يعد أول خطوة في إطار هيكلة جيش التحرير الوطني التي تباشرها القيادة بعد عام 1956. وكان لازدياد نشاط وحدات جيش التحرير وتنوع عملياته وتعداده وكذلك ضرورة إيجاد قيادة موحدة تشرف على التنسيق بين جميع الوحدات القتالية والتحكم في المشاكل والنـزاعات التي قد تحدث ، سببا وراء إنشاء لجنة العمليات العسكرية وتتكون من ممثلين عن جميع الولايات والقاعدتين الشرقية والغربية. وكان يرأسها ضابط سامي ينسق أعمالها. وفي سنة 1960 ظهرت هيئة الأركان العامة وكلفت بالتنسيق وتسيير العمليات العسكرية لجيش التحرير في الداخل والخارج، ووضعت تحت إشراف لجنة وزارية .
وبفضل هذه التنظيمات وضعت الثورة الجزائرية اللبنات الأولى لجيش نظامي ، أرغم جنرالات الجيش الفرنسي على الاعتراف بقدراته القتالية وشجاعة جنوده .
الدعمالعربي للثورة الجزائرية
لعبت الأمة العربية دورا بارزا في تدعيم القضية الجزائرية من خلال المساندة المادية والمعنوية المتعددة الأوجه ، لدرجة أن المواقف الدولية تجاه الثورة الجزائرية ، ارتبطت أشد الارتباط بقوة التأييد والمؤازرة من قبل الدول العربية. وهذا ما بينه محمد يزيد في تصريحه عندما قال : " أن نشاطنا في الوطن العربي لم يكن من أجل كسب التدعيم والمساندة لأن ذلك كان تحصيل حاصل . اتصالاتنا مع الإخوة العرب كانت حول كيفية تنسيق إيصال التدعيم المالي والعسكري إلى الجزائر والعمل دوليا لكسب المساندة المادية والمعنوية للقضية الجزائرية ".والمتتبع للمواقف العربية من التطورات التي عرفتها الجزائر يجد أن الحضور العربي لم يكن غائبا أبدا ، رغم أن الكثير من البلاد العربية كانت خاضعة للسيطرة الأجنبية .
2- مظاهر الدعم العربي
تنوعت مظاهر الدعم العربي ، بين دعم مالي من خلال التبرعات الشعبية والهبات الحكومية لتغطية احتياجات الثورة المختلفة ،ودعم عسكري بإرسال الأسلحة والذخيرة وهناك أيضا الدعم الطبي المتمثل في الأدوية وإسعاف المجاهدين الجزائريين الجرحى في المستشفيات العربية ، وفي الأخير هناك المتطوعون العرب الذين شاركوا جيش التحرير في كثير من المعارك العسكرية داخل الأراضي الجزائرية . ومن الأوجه الأخرى للدعم والتضامن العربي لكفاح الشعب الجزائري ما قدمته الحكومات العربية من تسهيلات للطلبة الجزائريين لمواصلة دراستهم في مدارسها ومعاهدها وجامعاتها ، وبالفعل تخرجت دفعات من الطلبة في مختلف التخصصات العلمية كانت رافدا قويا للثورة ، من خلال ما قدمه هؤلاء الطلبة من تضحيات في العمل المسلح والتعريف بقضية بلادهم في الخارج .وحتى الاستفادة من خبرتهم في وضع أسس الدولة الجزائرية المستقلة.
في سياق الدعم العربي للثورة ، تجدر الإشارة إلى دور الشعوب العربية والمنظمات الجماهيرية في دفع الأنظمة السياسية العربية بما فيها تلك التي تدور في فلك دول الغرب ، لاتخاذ مواقف قومية مبدئية من ثورة الشعب الجزائري . زيادة على أن المساندة العربية الجماهيرية كانت دائما موحدة وباستمرار من بداية الثورة التحريرية حتى إفتكاك الجزائر لاستقلالها. وتجاوزت التعبئة الجماهيرية العربية بجانب الثورة الجزائرية حدود البلاد العربية من خلال مطالبة القوى العالمية المناهضة للاستعمار والحركات النقابية العالمية بالتضامن مع الشعب الجزائري والاعتراف بحقه في تقرير مصيره . كان للصحافة ووسائل الإعلام العربية الأخرى دور في تعميق هذا الشعور القومي العربي الجياش تجاه الثورة الجزائرية في الوجدان العربي، ومضاعفة التعبئة الجماهيرية بواسطة حملاتها التشهيرية على مدى خطورة وبشاعة القمع والتدمير الفرنسي المسلط على الشعب الجزائري ، داعية في نفس الوقت الشعوب العربية للتعبير عن رفضها واستنكارها بواسطة المظاهرات والمسيرات والتجمعات المنددة بفرنسا وحلفائها
3- الدور المصري
ومن مظاهر الدعم العربي للثورة الجزائرية، الدور السياسي والدبلوماسي الذي لعبته مصر في تدعيم مشاركة وفد جبهة التحرير الوطني في فعاليات مؤتمر باندونغ عام 1955. وقد مكن الموقف المصري هذا من تحقيق الثورة ، لعدة مكاسب يمكن حصرها في تدويل القضية الجزائرية في المحافل الدولية والتزام المؤتمرين بتقديم المساعدة المادية للثورة الجزائرية والتأكيد على شرعية وعدالة المطالب الجزائرية . وقد تعرضت مصر من جراء مواقفها المبدئية المساندة للثورة الجزائرية على كافة المستويات لعدة أخطار من طرف القوى الإمبريالية التي رأت في التعاون والتنسيق المصري الجزائري تهديدا لمصالحها في المنطقة العربية. فراحت تمارس عليها الضغوط والتهديد، وكان العدوان الثلاثي عام 1956 إشارة واضحة من قبل هذه القوى للحكومة المصرية لوضع حد لدعمها لجبهة التحرير الوطني. ولم تكن مصر البلد العربي الوحيد الذي تعرض للتهديدات،فهناك أيضا تونس والمغرب وليبيا فرغم الظروف الحرجة التي كانت عليها هذه الدول فقد سارعت حكوماتها وشعوبها في توفير الرعاية وحفاوة الاستقبال على المستوى الشعبي والرسمي،لكل الجزائريين الذين أقاموا على أراضيها .
المناطقالمحرمة
في إطار السياسة الاستعمارية الرامية إلى عزل الثورة عن الشعب ،عمدت السلطة الفرنسية إلى مختلف الأساليب الجهنمية ،من إقامة المحتشدات والسجون إلى حرق القرى والمداشر وبناء خطي شال وموريس ،والقيام بالحملات العسكرية الكبرى والاعتماد على الحركات المناوئة للثورة ،وبعض الخونة ،وإتباع سياسة التضليل الإعلامي وسياسة الأرض المحروقة . إضافة إلى كل هذا قامت بإنشاء المناطق المحرمة، بعد أن وافق مجلس الوزراء الفرنسي على إنشائها بتاريخ 19 -02-1958.
2- تحديد المناطق المحرمة
وهي المناطق التي أعتبرت إستراتيجية بالنسبة لجيش التحرير الوطني خاصة في علاقته بالشعب ، ولذلك عمدت السلطات الاستعمارية إلى اعتبارها مناطق محرمة zonesinterdites أي تمنع الإقامة والسكن فيها أو حتى عبورها ، وصادق مجلس الوزراء الفرنسي في اجتماع 19فبراير1958 على إنشائها وإمتدت هذه المناطق عرضا من الحدود التونسية إلى عنابة وتوازي خط السكة الحديدية الرابط بين عنابة وتبسة إلى غاية نقرين في الجنوب، وامتدت خريطة المناطق المحرمة من الأوراس إلى الحدود المغربية مرورا بجبال الشمال القسنطيني والقبائل والونشريس ورقعة شاسعة من الصحراء .
استغل جيش التحرير الوطني تحريم السكن والعبور في هذه المناطق ليحولها إلى مراكز خاصة به حيث اتخذها مخابئ ومصانع للمتفجرات ومستشفيات لعلاج المعطوبين من المجاهدين ، وتحولت من مناطق محرمة على الشعب الجزائري إلى مناطق محرمة على القوات الفرنسية بسبب تمركز جيش التحرير بها.
خط شالوموريس
بعد تزايد العمليات العسكرية لوحدات جيش التحرير ، وتزويد المجاهدين بالسلاح عن طريق الحدود الغربية و الشرقية ، و بهدف عزل الثورة عن تونس و المغرب سعت فرنسا إلى غلق الحدود ببناء خطين مكهربين من الأسلاك الشائكة يمثلان حاجزا على الحدود الغربية والشرقية للجزائر لمنع دخول المجاهدين من المغرب و تونس ، و تعود فكرة بناء الخطوط المكهربة إلى الجنرال الفرنسي فانكسام vanuxem الذي أراد تطبيق فكرة إنشاء خطين مكهربين عرفا باسم خطي موريس و شال وطبقت في بنائهما تقنيات عالية.
2- خط موريس
سمي باسم آندري موريس وزير الدفاع في حكومة بورجيس مونروي وعرض المشروع على البرلمان الفرنسي و صادق عليه ، و يهدف الخط المكهرب إلى عزل الثورة عن تونس شرقا وعن المغرب غربا ، انطلقت به الأشغال في أوت 1956 ،ويمتد الخط شرقا على مسافة 750 كلم من عنابة شمالا إلى نقرين جنوبا وعرضه من 30 م إلى 60 م وغربا على نفس المسافة (750 كلم) ويمتد من الغزوات شمالا إلى بشار جنوبا
3- خط شال
سمي باسم قائد القوات الفرنسية آنذاك شارل موريس وأقيم بالجبهة الشرقية من الوطن خلف خط موريس لتدعيمه ومساعدته في منع مرور المجاهدين ، وبني بنفس تقنيات الخط الأول وأخذ مساره بالتوازي معه أيضا من الشمال إلى الجنوب وكانت بداية الأشغال به مع نهاية سنة 1958.
4- تقنيات بناء الخطين
إعتمدت السلطات الفرنسية على أساليب جهنمية في تقنيات بناء خطي شال وموريس وتزويدهما بكل وسائل الفتك بالأشخاص من ضغط كهربائي عالي (30 ألف فولط في خط شال) وألغام مختلفة الأنواع وتشكل الخطان من مجموعة من الشبكات المتوازية من الخطوط الكهربائية والأسلاك الشائكة المختلفة الأشكال و القياسات.
5- استراتيجية الثورة في مواجهة الخطين
إن إستراتيجية الثورة في مواجهة خطي شال و موريس قد اعتمدت التدرج في المواجهة ، اعتبارا لكون المشروع لم يتم معرفة أهدافه العسكرية الحقيقية إلا بعد بداية الإنجاز الفعلي ،وشملت استراتيجية جيش التحرير الوطني المجال الإعلامي و العسكري ، وقد أثر هذان الخطان في البداية على نشاط وحدات الجيش المتنقلة على الحدود الشرقية و الغربية إلى غاية التمكن من إيجاد الاستراتيجية الفعالة للتقليل من خطر الأسلاك المكهربة .
الأسلاك الشائكة والألغام 40 سنة من بعد
حرص الاستعمار الفرنسي أيما حرص على خنق الثورة الجزائرية بقطع طرق التمويل والتموين والتسليح عن طريق إقامة سدين شائكين مكهربين و ملغمين على طول الحدود الغربية والشرقية للجزائر، مما حول البلاد إلى سجن كبير.
وبعد مرور أربعين سنة على استرجاع السيادة الوطنية لا زالت الأسلاك الشائكة وحقول الألغام تحصد يوميا العديد من الجزائريين والجزائريات على طول الحدود الشرقية والغربية فقد وصل عدد الألغام المزروعة 35000 لغم في 11 كم2 بما يقارب 3000 إلى 4000 لغم في الكيلومتر المربع الواحد .
وتتنوع الألغام من ألغام مضادة للأفراد ذات الحجم الصغير تتفتت عند تفجيرها إلى 400 قطعة حديدية ،والألغام المضادة للمجموعات . فبالنسبة لمنطقة سوق أهراس وحدها وحسب تقرير طبي تم إحصاء 1163 ضحية للألغام مابين موتى وجرحى- إحصاء سنة 1963- وبلغ عدد المعطوبين بين 1962 و 1990م في نفس المنطقة حوالي 750 معطوب. وتبقى وسائل الإعلام تنقل صورا وشهادات الضحايا كأمثلة حية عن حجم الخسائر البشرية والاقتصادية التي لا زالت الدولة الجزائرية تتحمل عبئها بعد أربعين سنة من الاستقلال.
القاعدةالشرقية والغربية
2- القاعدة الشرقية
عرفت الثورة تطورا ملحوظا منذ اندلاعها و كانت المناطق الحدودية بأهمية بمكان لبعدها الاستراتيجي، وخاصة الحدود الشرقية المفتوحة على المشرق العربي ومنه كان المجاهدون يجلبون السلاح و المؤن وفي هذا الإطار تكونت القاعدة الشرقية لتشرف مباشرة على تنظيم جيش التحرير الوطني على الحدود وتوفير التموين والسلاح.
أ- نشأة القاعدة الشرقية :
تعتبر ناحية سوق اهراس – ذات الموقع الاستراتجي- مركز القاعدة الشرقية و كانت مع اندلاع الثورة جزء من المنطقة الثانية ( الشمال القسنطيني ) و بعد استشهاد باجي المختار و اضطراب الأحوال ، تحولت لتصبح جزء من المنطقة الأولى أوراس النمامشة منذ أكتوبر 1955 .و تأسست القاعدة الشرقية سنة 1957 لتمثل بعدا استراتيجيا للثورة أعطاها نفسا جديدا لاسيما في التمويل و التموين و التصدي لمراكز العدو خاصة خطي شال وموريس .
ب- مراكز و قيادة القاعدة الشرقية:
تعاونت الثورة مع القيادة التونسية في إنشاء مراكز لها من أجل تدريب المجاهدين و تخزين الأسلحة و استقبال الجرحى و تموين الثورة . و امتدت المراكز على طول الحدود الجزائرية التونسية نذكر منها مراكز غار الدماء ، تاجروين ، الكاف و ساقية سيدي يوسف كانت مخصصة للتدريب و العبور و تخزين الأسلحة و الذخيرة.
وكانت للثورة مراكز كثيرة منذ اندلاعها سنة 1954 منها مركز حمام سيالة قرب باجة الذي تحول سنة 1958 لإيواء كبار السن من المجاهدين ، ومراكز أخرى في قرن حلفاية و الزيتونة و مزرعة بني .
لعبت القاعدة دورا بارزا في تنظيم جيش التحرير على الحدود خاصة منذ 1960 حينما تمركزت هيئة الأركان بغار الدماء بقيادة العقيد هواري بومدين
3- القاعدة الغربية
كان لجيش التحرير الوطني مع بداية الثورة فرق عسكرية منظمة متمركزة على الحدود الجزائرية المغربية و عملت قيادة المنطقة الخامسة على إحداث مراكز خلفية للثورة تهتم بالتموين و التمويل والتجنيد وتنظيم العمليات العسكرية ضد العدو.
ومع تقدم الكفاح المسلح صار للثورة قواعد معروفة منتشرة على طول الحدود الجزائرية المغربية.
أ- مراكز جيش التحرير في القاعدة الغربية :
كان من أهم ما أنشأت الثورة مركز الزاوية في جبال تافوغالت المتخصص في التدريب العسكري وفنون القتال و حرب العصابات، ومركز ملوية في الريف المغربي المختص في التدريب على الأسلحة والمتفجرات وسلاح الإشارة ، ومركز جبل أولوت بناحية بركان المختص في التدريب.
وكانت هناك مراكز مجتمعة في ناحية وجدة ، التي تمثل مركز قيادة القاعدة الغربية لجيش التحرير، نذكر منها جنان عبد الله ديدي المختص في تجريب الأسلحة الواردة من الخارج ، وجنان منصوري الدرقاوي الخاص بالتخزين ، وجنان مسواك لتخزين الأسلحة و الذخيرة ، وجنان عسواجي محمد ، وضيعة شنار التلمساني المختص في صناعة البارود و المتفجرات ، و دار المسياح التي خصصت لاستقبال الجرحى من المجاهدين.
ب- قيادة القاعدة الغربية
كان السبب الرئيس في نشأة هذه القاعدة هو تطور الثورة و بناء خطي شال وموريس لمنعها من التموين.
وكانت القيادة متمركزة في الناظور منذ بداية الثورة ، وفي سنة 1957 تحولت إلى و جدة ، بينما تحول مركز الناظور إلى سلاح الإشارة و الإعلام و الاستخبارات .
ومن أهم قادة مركز الناظور نذكر بن مهيدي و بوصوف ، أما قادة القاعدة في وجدة فنذكر منهم العقيدين هواري بومدين و لطفي .
عملت الولاية الخامسة على توسيع رقعة الثورة إلى أقصى الجنوب و الاهتمام بتكوين الأفارقة من ماليين وموريطانيين بين سنوات 1959-1962 و لذلك أرسلت قيادة الثورة بعض ضباط جيش التحرير للإشراف على الجبهة المالية منهم محمد الشريف مساعدية وعبد العزيز بوتفليقة
جبهة التحرير الوطني
جبهة التحرير الوطني هي حركة سياسية نضالية تحريرية نظمت وقادت جنبا إلى جنب مع جيش التحرير الوطني الشعب الجزائري في ثورة مسلحة ضد الاستعمار الفرنسي بين 1954 و 1962 من أجل تحقيق استقلال الجزائر استقلالا كاملا يحفظ للجزائر وحدتها الترابية والشعبية والحضارية والثقافية. ونظمت الشعب وهيكلت التراب الوطني بدقة لامتناهية منسقة مع التنظيم العسكري للثورة داخل الولايات والمناطق والنواحي والقسمات .
2- أصول جبهة التحرير
تعود أصول الجبهة إلى نشأة اللجنة الثورية للوحدة والعمل التي ظهرت في مارس 1954 بهدف إيجاد قيادة ثورية موحدة تنبثق من مناضلي حركة انتصار الحريات الديمقراطية و أعضاء المنظمة الخاصة الذين يؤمنون بالكفاح المسلح وأعضاء اللجنة المركزية التي كانت تتنازع مع رئيس الحركة مصالي الحاج . وعملت اللجنة الثورية على تحقيق وحدة المناضلين، ولما فشلت اجتمع أعضاء المنظمة الخاصة في جوان 1954 بالجزائر العاصمة وعرف اجتماعهم مجموعة 22 التي قرروا فيها تنظيم الثورة المسلحة والإسراع باندلاعها للحفاظ على وحدة الشعب الجزائري وتحقيق استقلاله الكامل.
وقد انبثقت عن هذه المجموعة قيادة عرفت بـ لجنة الخمسة ثم الستة ثم التسعة أعضاء أوكلتها تنظيم الثورة وتقسيم التراب الوطني إلى مناطق وتحديد موعد اندلاع الثورة، والاتصال مع باقي المناضلين الفعالين المؤمنين بالعمل الثوري كوسيلة لتحقيق الاستقلال .
3- برنامج الجبهة السياسي
يعتبر بيان أول نوفمبر 1954 أول برنامج سياسي لجبهة التحرير الوطني حددت فيه أهدافها المتمثلة على وجه الخصوص في العمل على تحقيق استقلال الجزائر التام وذلك عن طريق إعلان الثورة المسلحة ضد الاستعمار الفرنسي والوصول إلى تحقيق هدف الثورة وهو الاستقلال الوطني وإقامة الدولة الجزائرية الديمقراطية والاجتماعية ذات السيادة ضمن إطار المبادئ الإسلامية تحترم فيها جميع الحريات الأساسية دون تمييز عرقي أو ديني.
ويمكن تتبع برنامج الجبهة في مواثيق مؤتمر الصومام ومؤتمر طرابلس ومؤتمر الجزائر.
4- التنظيم الهيكلي لجبهة التحرير
عرفت الجبهة تنظيما هيكليا حققت به هيكلة التراب الوطني سياسيا وإداريا وعسكريا .
وكان التنظيم القاعدي لجبهة التحرير يرتكز على لجان ثلاثية من القسمة إلى الناحية إلى المنطقة فالولاية.
وقد توصلت عن طريق هذا التنظيم الدقيق إلى توزيع مختلف شرائح الشعب والمجموعات السكانية في مجموعات وفصائل وأفواج وخلايا مرتبطة في شبكة محكمة النسيج، عجزت مختلف المصالح الاستعمارية والمصالح الإدارية أن تصل إلى أسرارها في هذا التنظيم المحكم الذي لم تتمكن من اختراقه . وقد لعبت المرأة دورا بارزا في هذا الإطار. بالإضافة إلى ذلك اعتمدت جبهة التحرير في نشر أهدافها والرد على الدعاية الاستعمارية المغرضة على وسائل الإعلام المكتوب والمسموع. وكان لسانها الناطق هو جريدة المجاهد التي أدت دورا فعالا.
وبعد انعقاد مؤتمر الصومام، انضمت إلى جبهة التحرير مختلف الشرائح الشعبية من طلبة وتجار وغيرهم، وصارت الجبهة أكثر تنظيما مع صدور مواثيق مؤتمر الصومام التي حددت مسؤوليات المجلس الوطني للثورة الجزائرية ولجنة التنسيق والتنفيذ ثم الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية
منظمة الجيش السري o.a.s
ظن انقلابيو 13 ماي1958 أنصار فكرة " الجزائر فرنسية" أنهم ضمنوا بمجيء الجنرال ديغول تحقيق حلمهم لكنه سرعان ما تبخر أمام الانتصارات العسكرية والسياسية والدبلوماسية التي حققتها الثورة ، وفشل المناورات الديغولية مما أجبر ديغول على ضرورة التراجع عن شعار الجزائر فرنسية لاسيما بعد أن تُرجم الخطاب الذي ألقاه في 14 جوان 1960 – و المتضمن دعوة جبهة التحرير الوطني إلى التفاوض- بالردّة من جانب المعمرين والعسكريين المتطرفين ، و لما انتابهم القلق أسسوا "جبهة الجزائر فرنسية في 16 جوان 1960- وقد اعتمدت رسميا واتخذتها السلطات الفرنسية كورقة ضغط تشهرها في أية محادثات مع جبهة التحرير الوطني، كما امتدت فروعها إلى عمق التراب الفرنسي أين أسس جون ماري لوبان "الجبهة الوطنية من أجل الجزائر فرنسية" .و ازداد امتعاض وسخط هذه الجبهة بعد خطاب ديغول في 04/11/1960 ،المتضمن فكرة "الجزائر جزائرية".
وبعد استفتاء جانفي 1961 تحصل الرئيس ديغول على الضوء الأخضر لمواصلة سياسته ، فأقدم على حلّ"جبهة الجزائر فرنسيّة" وتطهير الجيش والأجهزة الأمنية من العناصر المتمردة، وعليه اتخذ قادة المعارضة من إسبانيا قاعدة خلفية لتنظيم صفوفهم والوقوف في وجه ديغول وسياسته.
2- تأسيس المنظمة
في إطار التنسيق المحفوف بالسرّية التقى "جون جاك سوزيني" و"بيار لغيار" يوم 10/02/1961 في مدريد أين تم تأسيس تنظيم إرهابي جديد يحمل اسم منظمة الجيش السري .o. A . S كبديل لكل التنظيمات السياسية العاملة على ترجيح فكرة "الجزائر فرنسية"، ترأسها الجنرال المتقاعد" صالان" بمساعدة الجنرال" جوهو" و"غاردي"وسوزيني .
وبعد فشل انقلاب الجنرالات الأربعة شال و جوهو و زيلر و صالان في 22/4/1961 ،شرعت الحكومة الفرنسية في عملية تفتيش و ملاحقة واسعتين شملت العناصر المتطرفة ،غير أن تواطؤ بعض أجهزة الشرطة المشكلة أساسا من الأقدام السوداء حال دون نجاح العملية مما أتاح مجالا أوسع لعناصر منظمة الجيش السري و في مقدمتهم " جوهو ","غاردي "، "سرجون"، "فرندي "، " بيريز" ،"غودار" وغيرهم لإعادة تنظيم صفوفهم من جديد بأن قادوا سلسلة من الاتصالات المحفوفة بالسرية انتهت بعقد اجتماعات تحضيرية في متيجة و العاصمة.
وعلى إثر إجتماع سري بالعاصمة في 1 جوان 1961 تمّ تبني الهيكل التنظيمي للمنظمة المعروض من قبل العقيد غودار ، حيث ألح هذا الأخير على وجوب تعميمه في كل مدينة و قطاع ، على أن المجلس الأعلى لمنظمة الجيش السري ( c.s.o.a.s) يمثل رأس الهيكل التنظيمي و يضم : صالان – غاردي – غودار – بيريز ،وسوزيني.
كما تعتبر المنظمة البوتقة التي انصهرت فيها مختلف التنظيمات الإجرامية مثلما تضمنه أول منشور لها و الداعي إلى دمج كل الحركات السرية المقاومة في التنظيم المذكور.
كما تم ضبط برنامج منظمة الجيش السري تضمن الأهداف و الوسائل ، واتخذ الصليب شعارا لها.
3- أهدافها
-الدفاع عن أسطورة "الجزائر فرنسية".
– تعبئة الرأي العام الفرنسي حول فكرة الحفاظ على الجزائر فرنسية .
-التصدي لسياسة ديغول ومحاولة الإطاحة بنظامه.
-عرقلة المفاوضات بإشاعة حالة من الرعب وممارسة التهديدات و الضغوطات على حكومة ديغول.
4- وسائلها
لتحقيق أهدافها ، رأت منظمة الجيش السري مشروعية كل الوسائل:
– تخريب المصالح الحيوية .
– التصفية الجسدية للإطارات الجزائرية .
– اغتيال المؤيدين لسياسة ديغول.
– أعمال السطو و النهب للبنوك ومصالح البريد.
– تأسيس فروع للمنظمة في فرنسا.
– تشكيل ميليشيات يؤطرها أساسا ضباط متقاعدون وبعض الغلاة من الأقدام السوداء.
– خلق جو من الإرهاب المنظم.
-توزيع المناشير التحريضية واستعمال البث السري الإذاعي والكتابات الجدارية.
-القتل الجماعي والفردي لكل من يعترض برنامجها .
منظمة الجيش السري كانت البوتقة التي انصهرت فيها مختلف التنظيمات الإجرامية بعد أن أحسوا باقتراب ساعة انهيار حلمهم القائم على أسطورة "الجزائر فرنسية".
حاولوا الوقوف ضد التطور الحتمي للقضية الجزائرية بارتكاب جرائم عديدة في حق الشعب الجزائري والممتلكات العمومية واستهداف حتى الفرنسيين الذين لم يسايرونهم.
وبقدر ما كان لهذه المنظمة من تأثير في إيجاد ضمانات للأقلية الأوروبية في المفاوضات بقدر ما كان لها الأثر السلبي على فكرة بقائهم في الجزائر ما بعد الاستقلال، فبعد الجرائم التي ارتكبتها هذه المنظمة فضل الكثير من الأوروبيين الرحيل .
استطاعت منظمة الجيش السري وضع هيئة مهمتها الاستعلام والحرب النفسية والسياسية وتخطيط العمليات العسكرية ونشر شبكة من الخلايا ضمت مختلف شرائح المعمرين والأجهزة الأمنية
5- جرائمـــها
-استهداف عدد كبير من الجزائريين من مختلف الشرائح .
– قتل المساجين في زنزانات مراكز الشرطة مثلما وقع في مركز شرطة حسين داي.
-تنفيذ سلسلة من التفجيرات قدرت بنحو2293 تفجير بالعبوات البلاستيكية خلال الفترة الممتدة مابين سبتمبر 1961 و مارس 1962 أسفرت عن سقوط ما لا يقل عن 700 ضحية .
– تصعيد العمل الإجرامي للمنظمة بعد التوقيع على وقف إطلاق النار، من ذلك إطلاق عدة قذائف مدفعية على أحياء سكنية بالقصبة السفلى يوم 20مارس1962أودت بحياة 24 شخصا و59 جريحا وتفجير سيارة ملغمة قرب ميناء الجزائر مما خلّف 62 قتيلا و110 جريحا في صفوف العمال ( الحمالون).
– الحرق العمدي للمؤسسات منها ما أصاب مكتبة جامعة الجزائر في 7جوان 1962 حيث أتى على أزيد من 600 ألف كتاب .
– حرق مكاتب الضمان الاجتماعي ، المدارس و المستشفيات
رغم محاولاتها الوقوف ضد التطور الحتمي للقضية الجزائرية إلا أنها فقدت كل الأمل في تحقيق أهدافها، بعد ما وقع الإعلان عن الاتفاق بين جبهة التحرير الوطني ومنظمة الجيش السري في 17 جوان 1962 كما أذيع البث السري لـ جون جاك سوزيني بتاريخ 19جوان 1962 .
وبقدر ما كان لهذه المنظمة من تأثير في ايجاد ضمانات للأقلية الأوروبية في المفاوضات ،بقدر ما أثرت سلبا على مصير بقائهم في الجزائر المستقلة.
معارك جيش التحرير الوطني
حقق جيش التحرير الوطني عبر مراحل الثورة انتصارات عديدة ومستمرة كان لها تأثير كبير وواضح على الصعيد الداخلي والخارجي . وتنوعت هذه الانتصارات بين معارك طويلة دامت عدة أيام ، وكمائن خاطفة ،وعمليات تصفية الخونة والمتعاونين مع الاستعمار . وكانت معارك جيش التحرير قد عمت كل القطر الجزائري أظهر فيها قدراته القتالية خاصة في حرب العصابات التي تعتمد على حسن اختيار المكان والزمان والمباغتة والانسحاب في الوقت المناسب . وتكاد أيام الثورة تكون معارك إذ عمت كل الولايات التاريخية الولاية الأولى والثانية والثالثة والرابعة والخامسة والسادسة والمنطقتين الشرقية والغربية بالإضافة إلى ما كان يقوم به جيش التحرير الوطني من حرب عالية المستوى في التضحية والفداء واختراق السدين الشائكين المكهربين على الحدود الشرقية والغربية ذهابا وإيابا
2- الولاية الأولى
عرفت هذه الولاية عدة معارك كبرى ، أشهرها معركة الجرف التي وقعت بين 22و29 سبتمبر 1955 بقيادة بشير شيهاني وعباس لغرور وعاجل عجول، وصل صيتها إلى المحافل الدولية ودعمت نتائج هجومات 20 أوت 1955 في تدويل القضية الجزائرية . وكانت فرنسا قد خسرت فيها جيشا كبيرا وعتادا باهضا ولذلك قامت بتدريس هذه المعركة في الكلية الحربية سان سير كنموذج لحرب العصابات . ومن أهم المعارك التي لها دلالة واضحة هي معركة جبل أرقو (تبسة) بقيادة الشهيد لزهر شريط في جويلية 1956 والتي أصيب فيها العقيد بيجار برصاصة قرب قلبه وانكسرت فيها شوكة الاستعمار ومظلييه القادمين من الهند الصينية.ولا يمكن أن نحصي جميع المعارك والكمائن والهجمات التي دارت في الولاية وإنما نقتصر على بعض معارك جيش التحرير في الولاية الأولى التي من أشهر قادتها مصطفى بن بولعيد ، شيهاني بشير، عباس لغرور ، محمود الشريف ، محمد لعموري ، أحمد نواورة ، الحاج لخضر، الطاهر الزبيري.
3- الولاية الثانية
اشتهرت الولاية الثانية بهجومات 20 آوت 1955 التي أعطت نفسا جديدا للثورة ودفعتها إلى الأمام دفعا وأكدت للجميع شعبية الثورة الجزائرية .وقد وقعت بها عدة معارك استشهد خلالها قادة الولاية منهم الشهيد مراد ديدوش ويوسف زيغود .وكان زيغود من كبار قادة الثورة ومنظميها وصاحب فكرة القضاء على عنجهية الكولون وكبرياء الاستعمار .ولما كان عازما على التوجه إلى الولاية الأولى ليقوم بنفس الدور وشرح مواثيق الصومام وقع في كمين للقوات الاستعمارية بالقرب من سيدي مزغيش بسكيكدة .وصمد زيغود مع المجموعة القليلة التي كانت ترافقه أمام العدد الضخم من العساكر. وسقط في ميدان الشرف يوم 25 سبتمبر 1956 بالمكان المعروف بوادي بوكركر . وركزنا عليه هنا كونه هو المخطط والمنفذ لأحداث 20 أوت 1955 التي حطمت عنجهية الاستعمار وأفشلت مخططات سوستال ونذكر بعض معارك جيش التحرير في الولاية الثانية لندلل على مدى قوة الثورة فيها. ومن أشهر قادة الولاية ديدوش مراد ، زيغود يوسف ، عبد الله بن طوبال، علي كافي ، صالح بوبنيدر.
4- الولاية الثالثة
واجهت الولاية الثالثة معارك ضارية ضد العدو الفرنسي وحققت انتصارات كبيرة وأصبحت مضرب الأمثال في الصمود ،بالإضافة إلى مواجهة القوات الاستعمارية ، واجهت الولاية الثالثة القوى المضادة للثورة ومنها حركة بلونيس التي تمركزت في قرية ملوزة وتسببت في مضايقات واعتداءات على الثوار والشعب معا ، وواجه جيش التحرير ذلك بكل ثبات وحكمة وكان الأمر يقتضي القضاء على الفتنة وخلع جذور الخيانة قبل أن تتسرب إلى الثورة وطوق جيش التحرير القرية يوم 28 ماي 1957 وقضى على أنصار حركة بلونيس. وكان من أبرز قادتها كريم بلقاسم ، محمدي السعيد، وعميروش، الذين قادوا معارك جيش التحرير في الولاية الثالثة بكل ثبات . ومن أشهر ما واجهت الولاية الثالثة عملية الزرق الشهيرة التي استحوذت فيها على أسلحة كثيرة وأحبطت المخطط الاستعماري الذي أريد به إجهاض الثورة في منطقة القبائل .
5- الولاية الرابعة
عرفت هذه الولاية بموقعها الإستراتيجي بحكم قربها من العاصمة وربطها بين مختلف الولايات الأخرى ، وكانت المعارك بها متواصلة عبر الجبال والمدن معا. ومن تلك المعارك نذكر معركة جبل بوزقزة ، معركة أولاد بوعشرة، معركة أولاد سنان ، معركة الكاف الأخضر، معركة جبل باب البوكش 1958 غرب تيارت .وكان الجبل يمتاز بإرتفاعه الشديد فاتخذ منه المجاهدون حصنا لهم خاصة أنه كان قريبا من جبال الونشريس وجبال سيدي داود . وفي نهاية ماي 1958 وقع تمشيط القوات الاستعمارية للناحية معتمدة على الطائرات الكشافة وبدأت المعركة يوم 24 ماي 1958 وقدرت القوات الاستعمارية بـ 8000 جندي تعززهم الطائرات المقاتلة والعمودية ودامت المعركة 3 أيام وإنتهت بإنتصار المجاهدين . من أشهر قادتها رابح بيطاط ، سويداني بوجمعة ، عمر أوعمران ، الصادق دهيليس ، امحمد بوقرة الذين قادوا معارك جيش التحرير في الولاية الرابعة وأثبتوا قدرتهم على التصدي للاستعمار في الريف والمدن.
6- الولاية الخامسة
تميزت الولاية الخامسة بالموقع الاستراتيجي الحدودي و اتساع الرقعة الجغرافية التي كانت تغطيها .وكان لها قادة كبارمن هم بن مهيدي و بوصوف و عبد الملك رمضان و هوراي بومدين ولطفي، وقد استمرت بها المعارك والكمائن طيلة الثورة من بينها معركة جبل عمور في 02 أكتوبر 1956 ، كما تميزت هذه الولاية بإنشاء أول مدرسة لسلاح الإشارة التي هو سلاح ذو حدين في اوت 1957 واالتي كانت أساس إنشاء وزارة العلاقات العامة والاستخبارات. وكان العقيد لطفي من أبرز قادة الولاية الذين لعبوا دورا كبيرا في مواجهة عمليات شال العسكرية . وفي مارس 1960 .حاصرته القوات الفرنسية بقيادة الجنرال شال مع مجموعة من المجاهدين ، منهم ؛ الرائد فراج وكان ذلك في منطقة بشار .
وأنتهت المواجهة بإستشهاد العقيد لطفي رفقة نائبه فراج يوم 27 مارس 1960 .وبقي قادة الثورة يقودون معارك جيش التحرير في الولاية الخامسة إلى أن انهزمت قوافل جيش الاستعمار وانتصرت الجزائر.
7- الولاية السادسة
امتازت الولاية السادسة بالتنظيم السياسي والإداري لخلايا جبهة التحرير الوطني وذلك بحكم طابعها الصحراوي أولا ، بحكم مواجهتها لمختلف الحركات المناوئة للثورة وقد اعتمدت جبهة التحرير السرية للتوغل في صفوف الشعب ، كما امتازت بمحاربة البنية الاقتصادية الاستعمارية خاصة ضد حقول البترول والغاز .ومن المعارك البارزة في هذه الولاية ، نذكر معارك جبال القعدة و بوكحيل والكرمة والجريبيع في 17/18 سبتمبر 1961 بقيادة محمد شعباني وامتدت المعركة على الجبل الذي هو جزء من سلسلة جبال الأطلس الصحراوي ، ومعركة جبل ثامر التي استشهد فيها العقيدان سي الحواس و عميروش .كما كانت تقوم بتنظيم فرار المجندين الجزائريين في صفوف العدو وجلب الأسلحة والأخبار . وواصل قادتها معارك جيش التحرير في الولاية السادسة
8- إحصاء عمليات جيش التحرير
عرفت معارك الثورة خسائر وعمليات كثيرة نبينها في الجداول التالية وفق الإحصاء الذي وضعته المصالح الفرنسية للمقارنة مع إحصاءات المجاهدين التي ظهرت في جداول المعارك . وتأتي عناوين الجداول كالتالي:
– عمليات جيش التحرير ضد القوات الاستعمارية .
– عمليات جيش التحرير ضد المعمرين الفرنسيين .
– عمليات جيش التحرير ضد أملاك المعمرين الخاصة .
– عمليات جيش التحرير ضد الأملاك العمومية الفرنسية .
– عدد القتلى -من القوات الخاصة- الجزائريين الموالين لفرنسا .
– خريطة معارك جيش التحرير.
مشــروعقسنطينـــة
يعتبر هذا المشروع في نظر الفرنسيين مشروعا اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا مفيدا ،بينما نظر إليه الجزائريون كمشروع استعماري هدفه إفشال الثورة وإبعاد الشعب الجزائري عنها وفصله بالأساس عن جيش التحرير الوطني وإقناعه بضرورة الاندماج في فرنسا .
وكان الجنرال ديغول هو الذي أعلن عن المشروع في 4 أكتوبر 1958 في خطابه بمدينة قسنطينة . كما سبقه مشروع آخر سنة 1955 عرف باسم مشروع سوستال الإصلاحي
2- مشروع سوستال
تناول مشروع سوستال الاصلاحي عدة جوانب إصلاحية إدارية واقتصادية واجتماعية وثقافية الهدف منه الوصول إلى دمج الجزائريين بفرنسا. اعتمد سوستال الحاكم العام في الجزائر، على عدة شخصيات في تطبيق مشروعه مثل جرمان تيون، الباحثة الاجتماعية الفرنسية . ولكن الشعب الجزائري رد عليه بهجومات 20 أوت 1955 . كما أن الكولون أنفسهم رفضوا دمج الجزائريين. فانهزم سوستال ورجع خائبا
3- محتوى مشروع قسنطينة ونتائجه
استخدم ديغول في هذا المشروع وسائل (التهدئة) للقضاء على الثورة الجزائرية وخلق فئة من المتغربين الجزائريين يحكم من خلالها الجزائر بعد أن يتمكن من تدجين الشعب الجزائري . ووضع مشروع قسنطينة لتحقيق المسائل التالية في ظرف 5 سنوات :
– بناء 200 ألف مسكن لإيواء مليون شخص.
– توزيع 250 ألف هكتار من الأراضي على الجزائريين.
– توظيف الجزائريين ضمن إطارات الدولة الفرنسية بنسبة 10% في الإدارة والجيش والتعليم.
– تمدرس مليون ونصف طفل في المدارس من بين الأطفال الذين بلغوا سن التعليم.
– تسوية المرتبات والأجور في الجزائر مع مرتبات وأجور فرنسا.
– إيجاد 400 ألف وظيفة جديدة بواسطة إيجاد معامل عديدة تهدف إلى تصنيع الجزائر
وأعلن أن هذا المشروع سيمول بألفي مليار خلال السنوات الخمس المقبلة أي 400 مليار فرنك في العام تدفع الميزانية الفرنسية نصفها على أن تدفع رؤوس الأموال الخاصة النصف الآخر.
ونظرا لعدم الالتزام بالتمويل وبحكم أن المشروع في حد ذاته كان يهدف إلى فصل الشعب عن الثوار فإنه لم يحقق أهدافه. ذلك أنه لم يكن برنامجا اقتصاديا بقدر ما هو مشروع استعماري دعائي وللدلالة على ذلك يمكن التأكد بالرجوع إلى أقوال أحد المسؤولين الفرنسيين يدعى ديلوقريي : "حتى لو فرضنا أن الحرب ستنتهي قريبا فإن تقرير مصير الجزائريين لا يمكن أن يقع على إثر ذلك مباشرة إذ يجب أن نترك الوقت اللازم لعودة الحياة السياسية إلى البلاد ومن هذه الناحية نجد أن مشروع قسنطينة يسهل وعي الجزائريين ويمكن من تدعيم مصير فرنسا في الجزائر".
وهكذا فإن مشروع قسنطينة كان قد ضم جوانب إصلاحية نذكر منها المشروع الثقافي والمشروع الإداري والمشروع الصحي والمواصلات واستغلال الصحراء ، وتكوين نخبة متغربة عرفت باسم القوة الثالثة تحكم الجزائر باسم فرنسا.
المحتشداتوالمعتقلات والسجون
بعد اندلاع ثورة أول نوفمبر 1954 وتحقيقها لانتصارات عسكرية متوالية منها هجومات 20اوت 1955 وكذلك معركة الجرف في 22 سبتمبر 1955، وقد تلتها معارك بطولية أخرى جعلت فرنسا تقتنع بأن انتفاضة الشعب الجزائري هي ثورة منظمة ضدها وليس كما كانت تدعي أنها أعمال تخريبية قامت بها مجموعة من قطاع الطرق والمتمردين و الجائعين,و هذا الوضع المتطور دفعها إلى إعلان حالة طوارئ ووضعها حيز التنفيذ لتواجه الثورة التحريرية مرحلة استعمارية جديدة مع مطلع عام 1955على عهد حكومة منديس فرانس تمثلت في تسخير كل الطاقات المادية لإنشاء مراكز الاحتشاد و الاعتقال و انتشار السجون .
2- المحتشدات
كانت إحدى الوسائل القمعية الرهيبة التي لجأت إليها سلطات الاحتلال الفرنسي قصد خنق الثورة وذلك عن طريق عزل الشعب عنها ولإنجاح مخططها الجهنمي قامت بإنشاء العديد من هذه المحتشدات التي لم تنحصر في منطقة معينة بل عمت كافة أرجاء الوطن وبهذا تكون سلطات الاحتلال قد أقبلت على عمل إجرامي في حق الشعب الجزائري و ثورته.
3- المعتقلات
لم تكن إلا وجها من أوجه القمع الاستعماري الفرنسي المسلط على الشعب الجزائري و ثورته المجيدة, لذلك جاءت كسابقتها ترمي إلى نفس الهدف وهو إفراغ الثورة من محتواها الشعبي من خلال عزل الشعب عنها, وتحطيم معنويات المجاهدين لذلك كانت المعتقلات أشبه إلى حد كبير بالمحتشدات ,ولها نفس الهدف الذي تأسست من أجله والرامي إلى القضاء على الثورة من خلال اعتقال أكبر عدد ممكن من أفراد المجتمع الجزائري .
4- السجون
أنشأ المستعمرون الفرنسيون عددا كبيرا من السجون على نطاق واسع وهذه السياسة كانت تصب كلها في بوتقة إفشال الثورة وتفريغها من محتواها الشعب وقطع الصلة بين المجاهدين وعامة الشعب لمنع المساعدات الضرورية عنهم ونقل الأخبار إليهم, وللغرض نفسه زادت السلطات الاستعمارية من بناء عدد آخر من السجون تضاف إلى السجون السابقة,وبالتالي أصبحت أغلبية المدن الجزائرية لا تخلوا من سجن واحد على أقل تقدير, وهذه السياسة التي دعمها قانون حالة الطوارى زادت من معاناة المجاهدين وعامة الشعب,لكن قوة إرادة هؤلاء أفشلت مخططات السلطات الاستعمارية من خلال دور المحتشدات والمعتقلات والسجون.
5- دور المحتشدات والمعتقلات والسجون في التوعية
لقد انعكس هذا الدور إيجابا على تطور الكفاح المسلح داخل الوطن والنضال السياسي خارجه,حيث زاد التفاف الشعب حول الثورة من خلال دور المحتشدات و المعتقلات والسجون في التوعية المستمرة داخل هذه المراكز وخارجها, وهذا ما لم تستطع سلطات الاحتلال على مواجهته.
التعذيبخلال الثورة التحريرية
التعذيب عبارة عن عملية استنطاق يتعرض لها كل جزائري يشتبه في انتمائه للثورة أو دعمه لها، وتعتمد هذه العملية على عدة أساليب غير إنسانية ولا أخلاقية يندى لها الجبين ، وهدفها هو الضغط على المسجون أو المعتقل وإجباره بوسائل التعذيب الاعتراف بما لديه من معلومات تفيد السلطات الاستعمارية لكشف أسرار الثورة وتحركات المجاهدين وهذه العملية يقوم بها أناس لا شفقة ولا رحمة لهم وكان من أبرزهم السفاحون: أوزاريس، بيجار، سوزيني، وغيرهم إلى جانب الشرطة السرية والمكتب المخصص للمضليين.
2- المراحل التي مر بها التعذيب
لم يكن التعذيب خلال مرحلة الثورة التحريرية منحصر على فئة المجاهدين فقط إنما مس شرائح عديدة من المجتمع من شيوخ ونساء وأطفال دون مبرر على اعتبار الشخص الذي يلقى عليه القبض مشبوها، وابتداء من ساعة القبض تبدأ مراحل التعذيب والهدف من ورائها إضعاف نفسية المسجون أو المعتقل للاعتراف بما لديه من معلومات عن الثورة ورجالها وهذا ما يسهل للإدارة الاستعمارية عملية ملاحقة المجاهدين ومحاصرتهم والعمل على خنق جيوب الثورة في القرى والمد اشر والأرياف وحتى داخل المدنه.
3- أشكال التعذيب
لقد تفننت السلطات الاستعمارية العسكرية منها والمدنية في العبث بالضحايا من خلال أنواع التعذيب المسلطة على المسجون والتي اعتبرت إبان الثورة أعلى مرحلة وصلت إليها جرائم الاستعمار الفرنسي وبينت الحقد الدفين ضد العرب كما أظهرت الرغبة الجامحة في التقتيل والتنكيل بل حتى التلذذ في تعذيب الجزائريين، هذا التعذيب الذي ميز حقيقة النهج الوحشي المتبع ضد المجاهدين، وقد تفنن جلادو الاستعمار الفرنسي في ممارسته، وهي المهمة التي أوكلت كذلك إلى ضباط الشؤون الأهلية داخل المعتقلات والمحتشدات وفي القرى والأرياف وحتى المدن الجزائرية لم تسلم من هذه الأعمال اللا إنسانية حيث كانت مراكز التعذيب منتشرة بشكل كبير عبر التراب الوطني.
4- الانعكاسات الخطيرة للتعذيب
لم تكن معاناة المسجونين والمعتقلين الذين تعرضوا للتعذيب ظرفية، إنما بقيت الصور الأليمة لما لحق بهم عالقة في أذهانهم وهذا ما أثر سلبا على سلوكا تهم الاجتماعية ومعاملاتهم اليومية لذلك فإن انعكاسات التعذيب على هذه الشريحة المعذبة لازمتهم طيلة حياتهم، حيث مازال الكثير منهم يعاني منها إلى اليوم وأصبحوا بذلك ضحايا التعذيب
التعذيب : 40سنة بعد الإستقلال
بعد أربعين سنة من استقلال الجزائر، لا زالت قضية التعذيب التي مورست على الشعب الجزائري من طرف الاستعمار الفرنسي، تثير الكثير من الهواجس لدى مختلف فئات الشعب الجزائري .
ويتجلى ذلك فيما تركه التعذيب بمختلف أشكاله وأساليبه من آثار جسدية ونفسية عميقة على الذين كانوا ضحية هذه الممارسات النازية . وتؤكد شهاداتهم مدى عمق المعاناة وآثارها من خلال الأعراض النفسية والجسدية التي ما زال يعاني منها هؤلاء إلى حد اليوم.
وعلى الرغم من إنكار الجهات الرسمية الفرنسية السياسية منها والعسكرية لوجود هذه الممارسات والتقليل من حجمها، فإن الضجة الإعلامية التي أثارتها اعترافات الجلادين، كشفت للرأي العام الدولي مدى فضاعة ووحشية زبانية الاستعمار الفرنسي ونازيته المتجذرة في سلوكات جنوده وضباطه.
الأسلحةالمحرمة
لقد استوعب غلاة الاستعمار الفرنسي أن عناصر القوة تكمن في مدى امتلاكهم لكل أنواع أسلحة الدمار الشامل حيث يتمكنون من فرض سيطرتهم على شعوب المستعمرات التي استولوا عليها بقوة السلاح ، ولذلك سارع قادة العدو الفرنسي إلى تسخير كل طاقتهم البشرية و المادية و العلمية للحصول على هذه الأسلحة المحرمة دوليا قصد فرض وجودهم داخل المستعمرات التي استوطنوها وعملوا على استعباد شعوبها وقمع ثوراتها. لقد استعمل الجيش الفرنسي في حربه المدمرة ضد الثورة الجزائرية وجنودها الأشاوس كل أنواع الأسلحة المحرمة دوليا غير آبهة بما سينجر عنها من آثار سلبية على الشعب الجزائري ,ومن أهم هذه الأسلحة السلاح الكيماوي الذي كان يتشكل في غالبيته من الغازات السامة القاتلة و المتفجرات الحارقة , أما سلاح النابالم الفتاك فهو الآخر سلاح مميت وقاتل عانت منه القرى و المداشر الجزائرية , وحتى الجبال لم تسلم منه لكونها كانت ملجئا حصينا للمجاهدين الذين لم يسلموا بدورهم من قنابله الحارقة , هذا بالإضافة إلى سلاح آخر أكثر خطورة وهو السلاح النووي الذي يعتبر أقوى سلاح آنذاك عرفته البشرية , وقد بدأت فرنسا الاستعمارية استعماله لأول مرة في الصحراء الجزائرية وقد جعلت من المجاهدين الذين ألقت عليهم القبض دروعا بشرية ووسيلة لاختبار قدراتهم العلمية في مجال السلاح النووي إلى جانب استعمال الصحراء الجزائرية وسكانها حقل تجارب دون أن تأخذ بعين الاعتبار ما سيترتب من انعكاسات وخيمة على المنطقة وسكانها .
3- المناطق الجزائرية التي تعرضت لدمار الأسلحة المحرمة
كان هدف استعمال هذه الأسلحة المحرمة من طرف الجيش الفرنسي هو إفناء الكائنات الحية وكان المستهدف المباشر و الأول هو جيش التحرير الوطني المنتشر عبر العديد من المناطق التي تعرضت للأسلحة المحرمة و استطاع إفشال السياسة الاستعمارية في الداخل بتحقيقه الانتصارات المتتالية التي أفقدت العدو الفرنسي صوابه لذلك لجأ إلى الانتقام باستعماله هذه الأسلحة الخطيرة .
4- موقف المجتمع الدولي من استعمال فرنسا للأسلحة المحرمة
لقد كان المجتمع الدولي واضحا في معارضته لاستعمال فرنسا لهذه الأسلحة المحرمة إلا أن السلطات الفرنسية ضربت عرض الحائط كل القوانين و الأعراف الدولية ,وأصبحت المناطق الجزائرية التي تعرضت للدمار والخراب جراء استعمال هذه الأسلحة مناطق جرداء قاحلة لا حياة فيها من شدة هول الدمار ,وهذا ما زاد موقف المجتمع الدولي من استعمال الأسلحة المحرمة معارضة أكثر لسياسة فرنسا العسكرية .
5- آثار الأسلحة المحرمة المادية و المعنوية
مازالت هذه الآثار ماثلة إلى اليوم حيث قتل كل ما هو حي وتعرض العديد من السكان إلى التشوهات الدائمة و العاهات المستديمة وحتى الطبيعة لم تسلم من مفعول هذه الأسلحة الفتاكة التي اعتمدت عليها فرنسا لإبادة الشعب الجزائري ,و القضاء على الثورة الجزائرية التي أصبحت توقظ مضاجعهم ,لذلك كانت آثار الأسلحة المحرمة عميقة في ذاكرة الجزائريين لخطورتها التي لا تنسى خاصة سكان منطقة رقان
الأسلحةالمحرمة: 40 سنةمن بعد
خلفت الأسلحة المحرمة دوليا التي استعملتها فرنسا ضد الشعب الجزائري خلال الثورة التحريرية آثارا خطيرة على الأفراد والبيئة والحيوان تمثلت في استعمال الجيش الفرنسي للنابالم والغازات السامة والأسلحة الكيماوية وإجراء التجارب النووية في الجنوب الجزائري .
وتؤكد شهادات ضحايا الأسلحة المحرمة ما تركته من آثار جسدية ونفسية عميقة كالتشوهات والأمراض الجلدية والتنفسية وظهور الأمراض الخطيرة كسرطان الجلد والرئة والإصابة بالعقم وتساقط الشعر . وبدورها لم تسلم البيئة من تبعات استخدام المفرط لهذا النوع من الأسلحة .
ورغم تستر الحكومة الفرنسية عن هذا الموضوع فقد كشفت وسائل الإعلام المختلفة ، حجم استخدام هذه الأسلحة ومدى خطورتها . وتبقى شواهد استخدام الجيش الفرنسي لهذه الأسلحة ماثلة تشهد على طبيعة جرائم الاستعمار الفرنسي وفظاعتها على شعب أعزل أراد التحرر .
إذاعة صوتالجزائر
مع اندلاع الثورة الجزائرية انصب اهتمام السلطات الاستعمارية أكثر بالإذاعة باعتبارها سلاحا فعالا في توجيه الرأي العام الوطني والدولي . وخاصة بعد أن أصبحت الدعاية إحدى الأدوات الأساسية ، التي استخدمتها السلطات الاستعمارية لتحطيم معنويات الجزائريين وإضعاف ثقتهم بجيش التحرير الوطني من خلال التشكيك في انتصاراته .لهذه الاعتبارات كلها ، فكرت الثورة في إيجاد وسيلة تمكنها من القيام بعمل إعلامي دعائي يقوم بتزويد الجزائريين بالأخبار وتطورات الثورة في الداخل والخارج ، وشرح القضايا الوطنية من كل جوانبها .وأزداد إصرار الثورة في دخول حرب الموجات السمعية وخاصة بعد أن أكدت وثائق مؤتمر الصومام على أهمية وسائل الإعلام والدعاية ودورها في الثورة المسلحة .
2- صوت الجزائر من البلدان العربية
في السنتين الأوليتين اعتمدت الثورة الجزائرية في إيصال صوتها إلى الشعب الجزائري والى العالم على إذاعات الدول العربية ، وعلى الخصوص المصرية والتونسية . وهنا علينا أن نشير بالدور الفعال الذي لعبته إذاعة صوت العرب من القاهرة ، إذ خصصت ثلاثة برامج أسبوعية للجزائر ، وكانت تذاع باللغتين العربية والفرنسية . أما الإذاعة التونسية ، فقد خصصت برنامجا تونسيا هو " هنا صوت الجزائر المجاهدة الشقيقة " يذاع ثلاث مرات في الأسبوع .ومن أهم منشطي هذا البرنامج محمد عيسى مسعودي ، وكان البرنامج يبث الأخبار العسكرية والتعاليق السياسية . ودعمت الشبكة الخارجية بإنشاء عدة محطات منها ؛محطة طرابلس ودمشق والقاهرة وبغداد وبكين وبنغازي ومرسى مطروح وأكرا وكونا كري والرباط .
3- ميلاد الإذاعة الجزائرية
وكان أول ميلاد للإذاعة الجزائرية في المغرب في شهر ديسمبر عام 1956 ،بعد أن استطاعت الثورة الحصول على أجهزة اتصالات متطورة أمريكية الصنع ، وخصوصا تلك التي تستعمل لربط الوحدات الكبيرة وعلى مسافات بعيدة ،بعد إدخال تعديلات عليها أصبح من الممكن استعمالها في البث الإذاعي . كانت هذه الإذاعة تبدأ برامجها بعبارة " هنا إذاعة الجزائر المكافحة " أو " صوت جبهة التحرير يخاطبكم من قلب الجزائر ". وكان يبث بالعربية والفرنسية والقبائلية .وتضمنت برامج الإذاعة البلاغات العسكرية والتعاليق السياسية والرد على الدعاية الاستعمارية وغيرها من البرامج ذات الطابع الدعائي والتعبوي .
4- رد الفعل الفرنسي
وقد تفطنت السلطات الفرنسية لأهمية الإذاعة في حربها ضد جبهة وجيش التحرير الوطني فراحت تنشئ عدة محطات للتشويش في كل من الجزائر وقالمة وسكيكدة وسطيف وتيزي وزو والمدية وسور الغزلان و تلمسان ، إلا أن تغيير مكان الإذاعة المستمر حال دون تحقيق السلطات الاستعمارية أهدافها .استطاعت الإذاعة أن توصل صوت الثورة إلى كامل ربوع الوطن الجزائري .
إن صوت الجزائر الحرة المكافحة ، ليس مجرد برامج إذاعية للترفيه عن الشعب ، ولكنه لون من ألوان الكفاح الشاق ضد أكاذيب الاستعمار وضد سمومه، وهي سلاح جديد أكسب الثورة قوة إضافية ، فكان هذا الصوت يصل إلى الجزائريين أينما كانوا فيشد من عزائمهم ، ويعزز إيمانهم بثورتهم ويحثهم على مواصلة السير في الطريق الشاق، طريق النصر.
جريدتا المقاومة والمجاهد
بعد سنتين من اندلاع الثورة وجدت نفسها في حاجة إلى وجود قنوات إعلامية لإبلاغ الشعب بالتطورات التي تحدث على المستوى العسكري ، وللرد على الدعاية الفرنسية المضادة ،وبعد أن كانت الثورة تعتمد على المسبلين و المناضلين في نقل الأخبار وتوزيع المنشورات رأت من الضرورة إنشاء أجهزة إعلامية مكتوبة ومسموعة ،وبدأت بالصحافة المكتوبة إذ أنشأت صحيفتي المقاومة ثم المجاهد
2- جريدة المقاومة
المقاومة الجزائرية جريدة كانت تصدر من طرف مناضلين جزائريين قبل أن يكون لجبهة التحرير الوطني لسان حالها والمتمثل في جريدة المجاهد.
وصدرت المقاومة في أماكن مختلفة خارج الوطن. فالطبعة الأولى صدرت في المغرب، والثانية في باريس، والثالثة في تونس وتعرف بالطبعة "ج"؛ وكلها صدرت سنة 1956 .
وكانت تدخل إلى الجزائر خفية عن طريق المناضلين ولم يكن التنسيق قائما بين الطبعات الثلاث نظرا لظروف الثورة والسرية في العمل .
وظلت المقاومة اللسان المعبر عن جيش وجبهة التحرير الوطني قبل أن تقرر جبهة التحرير الوطني وقفها في مؤتمر الصومام وتوحيدها في جريدة المجاهد التي أصبحت اللسان المركزي لجبهة التحرير الوطني.
3- جريدة المجاهد
ظهرت صحيفة المجاهد أول مرة في جوان 1956 على شكل نشرة خاصة في الجزائـر العاصمة وفي شهر جوان 1957 أخذت شكلها المعروف كجريدة ناطقة باسم جبهة التحرير الوطني بعد وقف صدور جريدة المقاومة في 15 جويلية 1957 ، وبذلك أصبحت جريدة المجاهد اللسان الرسمي لجيش وجبهة التحرير الوطني .
وكانت في البداية تطبع في تطوان بالمغرب ثم انتقلت بقرار من المجلس الوطني للثورة الجزائرية إلى تونس في نوفمبر 1957 وبقيت هناك إلى غاية 19 مارس 1962 حيث دخلت إلى الجزائر واستقرت بين شهري أفريل وماي بمدينة البليدة ، لتنتقل نهائيا إلى الجزائر العاصمة.ترأس تحريرها عبان رمضان ثم خلفه بعد إستشهاده أحمد بومنجل ، وبعد إنشاء الحكومة المؤقتة سنة 1958 أصبحت تابعة لوزارة الأخبار التي يرأسها أمحمد يزيد.من بين العناصر التي كانت تقوم باعداد وتحرير المجاهد نذكر :
*باللغة العربية : إبراهيم مزهودي ، عبد الله شريط ، محمد الميلي ، عبد الرحمن شريط، لمين بشيشي ، عيسى مسعودي.
*باللغة الفرنسية : رضا مالك ، فرانز فانون ، بيار شولي.
وقد صدر من جريدة المجاهد 120 عددا بقي منها الاستقلال 116 وفقدت 04 أعداد ونشرت خلال مدة صدورها أكثر من 200 مقال، و150 تحقيق صحفي و50 مقابلة صحفية و 150 دراسة … وغيرها من المادة الإخبارية والتقارير.