خروج المهدي عند أهل السنة

ولايدع بدعة إلا رفعها ، وتنعم الأمة بإسرها في زمانه نعمة لم يسمعوا بمثلها قط ، هذا وخروج المهدي المنتظر عند العلماء وأهل السنة والجماعة حقيقة ثابتة بالنصوص الصحيحة .

*** صفات المهدي وأعماله الداله عليه :

من صفات المهدي الوارده في السنة أنه خفيف شعر النزعتين عن الصدغين ، إذ قد ذهب شعر رأسه إلى نصفه ، ومن صفاته أيضا : أنه طويل الانف ، دقيق عند أرنبته ، مع حدب في وسطه ، كما ورد في الحديث عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:-

(( المهدي مني ، أجلى الجبهة ، أقنى الأنف ، يملأ الأرض قسطا ً وعدلا ً ، كما ملئت جورا ً وظلما ً ، ويملك سبع سنين )) 1

# إسناده حسن ، رواه الإمام أحمد في المسند: 3 / 17 ، وأبو داود برقم :4258 في المهدي ، والحاكم : 4 / 557 ، وأشار العلامة الشيخ ناصر الدين الالباني بصحته في تخريج المشكاة برقم : 5454 .

ومن الامور الدالة عليه ، أنه يخرج في زمان ساد فيه الجور والظلم ، فيقيم هو بأمر الله سبحانه وتعالى العدل والحق ، ويمنع الظلم والجور ، وينشر الله به لواء الخير على الأمة ، حيث يسقيه الله سبحانه وتعالى الغيث ، فتمطر السماء كثيرا لاتدخر شيئا من قطرها وتؤتي الأرض أُكلها لاتدخر شيئا من نباتها ، وتكثر المواشي بسبب الخيرات ، ويفيض المال فيقسمه بين الناس بالسويه والعدل والانصاف .

فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :- (( يخرج في آخر أمتي المهدي ، يسقيه الله الغيث ، وتُخرج الأرض نباتها ، ويعطي المال صِحاحاً ، وتكثر الماشية ، وتعظم الأمة ، يعيش سبعا َ ، أو ثمانيا ً ، يعني حججا ً )) 1

# أخرجه الحاكم في مستدركه : 4 / 557 – 558 ، وقال : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي ، والحديث أورده العلامه الشيخ ناصر الدين الألباني في السلسلة الصحيحة برقم: 711 وقال : هذا سند صحيح رجاله ثقات .

**** زمن خروج المهدي ومكانه، ومدة مُكْثَهُ في الأرض :

ليست هناك رويات صحيحة صريحه تدل على مكان خروجه ، أو الزمن الذي يخرج فيه ، ولكن استأنس أهل العلم في بيان ذلك من مفهوم بعض الروايات وإن لم تكن قطعية .

فقال الحافظ بن كثير في الفتن والملاحم : ( يكون ذلك في آخر الزمان ، ويكون ظهوره من بلاد المشرق ، لا من سرداب سامراء كما تزعمه جهلة الروافض من أنه موجود فيه الآن وهم ينتظرون خروجه في آخر الزمان ، فإن هذا نوع من الهذيان ، وقسط كثير من الخذلان وهوس شديد من الشيطان )) الحافظ ابن كثير كتاب الفتن والملاحم ( 1 /55 ) .

ويقول أيضا في نفس المصدر : ( وأظن ظهوره يكون قبل نزول عيسى بن مريم عليه السلام ، كما دلت على ذلك الاحاديث ) نفس المصدر السابق ( 1 / 49 ) .

وإلى القارئ الكريم بعض الروايات التي يُستَأْنس بها في هذا الموضوع : –

1- عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : –

(( لاتزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين ، إلى يوم القيامة فينزل عيسى فيقول أميرهم : تعال صلِ لنا ، فيقول : لا ، إن بعضكم على بعض أمراء ، تكرمة الله هذه الأمة )) 1

1# رواه مسلم برقم: 156 في الايمان ، باب نزول عيسى بن مريم حاكما ً بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .

فمن الملاحظ في هذه الرواية عدم تعين اسم الامير الذي يصلى إماما ً حتى بالنبي عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام .

ولكن هناك رواية أوردها العلامة ابن القيم رحمه الله في المنار المنيف بلفظ : (( فيقول أميرهم المهدي : تعال صل بنا ……….إلى آخر الحديث )) ثم قال ابن القيم رحمه الله بعد ان أورد الحديث : وهذا اسناد جيد .

وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :- (( يعوذ عائذ بالبيت فيبعث إليه بعث ، فإذا كانوا ببيداء من الأرض خُسِفَ بهم فقلت : يارسول الله فكيف بمن كان كارها ً ؟ قال : يخسف به معهم ، ولكنه يبعث يوم القيامة على نيته ))2

2# رواه الامام مسلم برقم 2882 في الفتن باخب الخسف بالجيش الذي يؤم البيت ، والترمذي برقم : 1272 في الفتن باب رقم 10 .

وعن حفصة رضي الله عنها أن رسول الله قال :

(( سيعوذ بهذا البيت – يعني الكعبه – قوم ليس لهم منعة ولا عدد ولا عدة ، يبعث إليهم جيش . حتى إذا كانوا ببيداء من الآرض خُسِف بهم )) 3

3 # رواه مسلم برقم: 2883 في الفتن ، باب الخسف بالجيش الذي يؤم البيت ، والنسائي : ( 5 / 207 ) في الحج باب حرمة المحرم .

وعن عائشة رضي الله عنها قالت : عبث رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه ، فقلنا: (( يارسول الله ، صنعت شيئا في منامك لم تكن تفعله ؟؟ فقال : العجب أن ناسا ً من أمتي يؤمون هذا البيت لرجل من قريش، قد لجأ بالبيت ، حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم ، فقلنا : يارسول الله ، إن الطريق قد تجمع الناس ، فقال : نعم ، فيهم المستبصر ، والمجبور ، وابن السبيل يهلكون مهلكاً واحدا ً ، ويصدرون مصادر شتى ، يبعثهم الله عز وجل على نياتهم )) # 4

رواه البخاري : ( 3 / 19 ) ، في البيوع ، باب ماذكر في الاسواق ، ومسلم برقم : 2884 في الفتن باب الخسف بالجيش الذي يؤم البيت .
المستبصر : المستبين للشيء ، المجبور : أي المقهور على الخروج دون إرادته .
مصادر شتى: أي يهلكون جميعهم ولكن مصادرهم عن الهلكه متفرقه ، فمنهم الى الجنة ومنهم الى النار على قدر اعمالهم ونياتهم .

ففي هذه الروايات الثلاث عن أمهات المؤمنين رضي الله عنهن جميعا ، إشارة صريحة للعائذ بالبيت وأنه من قريش ، وأنه يؤيد بنصر الله ، فيهلك الله أعدائه بالخسف ، ولكن هل هو نفسه ( المهدي ) المصرح بإسمه في الاحاديث الصحيحة السابقة ؟؟؟ لايوجد دليل قطعي في ذلك ، والله اعلم .