التصنيفات
فقه السنة النبوية

سلسلة أولاد النبي صلى الله عليه و سلم

سلسلة أولاد النبي صلى الله عليه و سلم


الونشريس

في هذه السلسلة سنتحدث بصورة مبسطة و موجزة عن سيرة أولاد رسول الله، خاتم انبياء و المسلين محمد صلى الله عليه و سلم حتى تزداد معرفتنا ببيت النبوة،

فالمعرفة مفتاح الحب و طريق الرشد.
نتحدث عن سبعة أولاد … بنين و بنات… أربع إناث و ثلاثة ذكور، كلهم ولدوا في مكة المكرمة.. إلا واحدا منهم ولد بالمدينة المنورة.
كلهم فارقوا الحياة قبل أن يفارقهم والدهم.. إلا واحدة، عاشت بعد رحيله ستة أشهر فقط.
نتحدث عن أولاد محمد بن عبد الله، رسول الله و مصطفاه، زينب ، رقية، أم كلثوم، فاطمة، القاسم، عبد الله و إبراهيم.

زينـب

زينب.. أول مولود يولد لرسول الله صلى الله عليه و سلم.. أول ثمرة لزواج والديها السعيد.. زواج محمد بن عبد الله بخديجة بنت خويلد، سيدة نساء قريش.
ولدت في مكة، قبل أن يبعث محمد رسولا بعشر سنوات، و كانت سنه يومها ثلاثين سنة. و كعادة أشراف قريش في إحضار مرضعات لأولادهم فقد كانت لها مرضعات غير أمها.
حين أنهت فترة الرضاعة عادت إلى بيت أبيها، لتلقى كل رعاية و عناية و حب، حتى نمى عودها و ترعرع، فتعهدتها أمها بالتدريب على أعمال البيت و مساعدتها بعد ذلك في رعاية أخواتها الصغار.. و لذلك لم تعرف لهو الطفولة و مرحها.
كانت عيون القرشيين تتجه نحوها، ترقب نموها، كل منهم يأمل في أن يفوز بها زوجة لأحد أبنائه، و هي لم تتجاوز عامها العاشر بعد.
و تزوجها أبو العاص بن الربيع.. ابن خالتها.. شاب مجتهد، مكافح و طموح، رجل أكسبته التجارة خبرة و نضجا.. رجل يثق بنفسه، يعتز بكرامته و يحفظ للبيوت حرمتها و قداستها.
عاشت مع زوجها كأسعد زوجين، و وجدت في أبي العاص كل خلق جميل و طبع حميد و عشرة كريمة… و أثمر زواجهما طفلا و طفلة .. عليا و أمامة.
كان زوجها كثير السفر في تجارته، و كانت في فترة غيابه تمكث في بيت أبيها حتى عودته.
و ذات يوم لا تنساه.. استقبلتها أمها بخبر وحي الله الذي نزل على والدها في غار حراء.. يومها.. رغم السعادة التي غمرتها، و الفرحة بنبوة والدها إلا أنها كانت تخشى عداء قريش له و لدينه الجديد. هكذا فهمت من كلام ورقة بن نوفل الذي قاله لوالدتها.
و ما كاد زوجها يعود من سفره، حتى استقبلته بالخبر السعيد.. و كلها أمل و ثقة في أنه سيسعد به، و يصدق قولها.. لكنه صمت و لم يتكلم.
و مرت الأيام.. زوجها على دينه و هي على الإسلام، لم يفترقا لأن الإسلام لم يكن بعد قد أمر بالتفريق بين المسلمة و غير المسلم.
لكن القلق و الخوف بدأ يخيم على نفس زينب و بيتها، و بدأت قريش حربها لوالدها و لدعوته و أتباعه، و رمت بكل ثقلها في اضطهاد المسلمين و تعذيبهم.
و تحمل محمد –رسول الله- و أصحابه كل هذا الظلم و الجبروت من كفار مكة، و كان إيمانهم بالله و يقينهم من نصره، خير معين. إلى أن جاء عام الحزن.. مات عم الرسول و سنده، و ماتت خديجة خير رفيق ونصير.. و خلفا في قلب محمد حزنا عميقا على فراقهما.
و بعد رحيلهما بثلاث سنوات، هاجر الرسول إلى المدينة المنورة، و من بعده أخواتها، و اصبحت زينب وحيدة مع زوجها و اولادها في مكة، تعيش على ذكريات عزيزة حبيبة، كلما مرت ببيت الأسرة الغائبة، و أذنها على أخبار المدينة المنورة، و عينها على زوجها و أولادها.
و بدأت الحروب بين المسلمين و الكفار، و وقع زوجها أسيرا عند المسلمين، و لما علمت أن كفار قريش أرسلوا غلى المدينة يفتدون أسراهم، أسرعت إلى أعز شيئ عندها.. قلادة كانت أمها خديجة قد أهدتها لها يوم زفافها.
و وصلت القلادة إلى الرسول.. فنظر إليها ثم نظر إلى الصحابة، و قد عرفوا قصة هذه القلادة، وقال لهم: "إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها و تردوا عليها مالها، فافعلوا…."
و إكبارا من الصحابة لرسولهم، و وفاء لذكرى أم المؤمنين خديجة، وافقوا على ما قال رسول الله.. و ردت القلادة و أطلق سراح الأسير.
لكن… قبل أن يغادر الأسير أبو العاص عائدا إلى مكة، أسر إليه الرسول أمرا، فهز رأسه بالموافقة.
أتعلمون ماذا أسر إليه؟ لقد طلب منه حين يعود إلى مكة أن يرسل إليه زينب، فالإسلام قد فرق بينهما، و لم يعد جائزا لمسلمة أن تبقى زوجة لغير مسلم.
عاد إلى مكة و وجهه يعلوه الحزن و الكآبة، و اقترب من زينب قائلا: إنه الوداع يا زينب.. لقد طلب مني والدك أن أردك إليه لأن الإسلام فرق بيني و بينك. و قد أعطيته وعدا بالوفاء بما طلب.
و كان الفراق… خرجت من مكة متجهة إلى المدينة.. خرجت في وضح النهار تركب بعيرها الذي يقوده أخو زوجها، فجب جنون قريش، و اعتبروا ذلك تحديا لكبريائهم فلحقوا بها و أرادوا منعها و تسبب ذلك في فقدانها لجنينها، و كان لهم ما أرادوه فعادت إلى مكة حتى تسترد عافيتها. و ما هي إلا أيام حتى شدت الرحال، و في هذه المرة لم يعترض طريقها أحد، و خلفت في مكة زوجها و ذكرياتها.
عاشت زينب في المدينة و كلها أمل في أن يهدي الله زوجها إلى الإسلام، حتى يعودا كما كانا..نعم الزوجان..
و جاءها أبو العاص مستجيرا بعد أن حاول المسلمون أن يستردوا بعضا مما نهبت قريش من أموالهم و متاعهم، و كان هو يقود القافلة العائدة من الشام.. أجارته زينب و سألته الدخول في الإسلام.. فأخبرها أنه كره أن يبدأ الإسلام بخيانة الأمانة، فكفار مكة ائتمنوه على أموالهم…
سافر أو العاص بن الربيع إلى مكة و رد إلى قريش أموالها، ثم وقف في الناس مناديا: يا أيها الناس، إني أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله.
و عاد أبو العاص إلى المدينة و أرجع زوجته إليه، و عادت الحياة بينهما من جديد – في ظل الإسلام- أجمل و أسعد مما كانت.
أتعلمون متى كانت هذه العودة؟ كانت مع ظهور هلال شهر المحرم من السنة السابعة للهجرة.
و مضى عام واحد على عودة زوجها المسلم إلى بيت الزوجية.. و كان بعده الفراق… الفراق الذي قدر على كل عزيزين، و تلك سنة الله في خلقه.
لقد أسلمت زينب روحها لخالقها في السنة الثامنة للهجرة و خلفت وراءها زوجها أبا العاص و ولديها عليا و أمامة.
و مات علي.. ثم مات زوجها بعدها بحوالي أربع سنوات. و بقيت ابنتها التي تزوجت علي بن أبي طالب رضي الله عنه، بعد وفاة خالتها فاطمة، ثم من بعد وفاته تزوجت المغيرة بن نوفل و لم تنجب أولادا.

الونشريس




رد: سلسلة أولاد النبي صلى الله عليه و سلم

اشكرك على هذه السلسلة جعلها الله في ميزان حسناتك




رد: سلسلة أولاد النبي صلى الله عليه و سلم

شكرا لمرورك الكريم




رد: سلسلة أولاد النبي صلى الله عليه و سلم

بارك الله فيك وجزاك خيرا




رد: سلسلة أولاد النبي صلى الله عليه و سلم

بارك الله فيك وجعله في ميزان حسناتك




رد: سلسلة أولاد النبي صلى الله عليه و سلم

شكرا لكم
أثابنا الله و إياكم و تقبل منا ومنكم صالح الأعمال




سلسلة أولاد النبي صلى الله عليه و سلم — رقيــة–

رقيـــة


رقيـة.. ثاني مولود لرسول الله محمد، و أمها كما تعلمون خديجة بنت خويلد. و كانت ولادتها ككل أخواتها البنات قبل البعثة… فما كادت أختها زينب تتم رضاعتها و تعود إلى البيت، حتى ولدت بعد ذلك بقليل.

عاشت في رعاية والديها الكريمين، الذين لم يضيقا ببنت ثانية في بيئة تحب الذكور، و تئد البنات، خوفا من العار أو ربما رحمة بهن من قسوة الحياة التي تنتظرهن.. و في ذات الوقت، كان بعضهم يكن بأحد بناته و يكرم بمدحهن، أو ينسب إلى أمه. تناقض غريب كانت تعيشه عرب الجاهلية، شأن كثير من أمور حياتهم الخاصة و العامة.

عاشت رقية و أختها أم كلثوم التي جاءت بعدها طفولة مرحة سعيدة، في أحضان أب حنون و أم ترعاهما خير رعاية، حتى تفتح صباهما و اكتمل نموهما سريعا.
كانت هي و أم كلثوم متلازمتين في الفراش و في الطباع و اللعب، بينما أختهما زينب تتحمل مع أمها أمور البيت و تشاركهما في فراغها عبث الطفولة.

و مرت الأيام، و ذات يوم جاء عم الرسول أبو طالب في جماعة من قومه يخطب رقية و أم كلثوم لابني عم الرسول عبد العزى (أبو لهب). واستجاب رسول الله لرغبة عمه وطلب مهلة لعرض الأمر على أهله و بناته. و الحقيقة أن خبر هذا الزواج لم يكن خبرا سعيدا لا على رقية و لا على أم كلثوم… حتى أمهما خديجة، لم تبد عليها الفرحة و السعادة كما كان حاله يوم خطبت زينب.
رقية لم تكن تعرف الزوج المقترح. فقط تعرف أنه شاب من شباب بني هاشم و والده عم أبيها و من أثرياء قريش، و أمه أم جميل معروفة بطبعها القاسي و شراستها و حدة لسانها. لكن شيئا واحدا كان يخفف على رقية حيرتها و قلقها و هو أن أختها أم كلثوم ستكون رفيقتها في بيت الزوجية.
و كان عتبة بن أبي لهب من نصيب رقية، و كان عتيبة أخوه من نصيب أم كلثوم.

و ذات يوم مشرق في سماء مكة… بل في سماء الدنيا كلها بعث محمد بن عبد الله رسولا إلى الناس كافة.. و تحرك الكفر و العناد في قريش و تصدت لدعوة الإسلام… و من بين الأسلحة التي استخدموها ضد محمد و دعوته، سلاح ظنوه باترا.. لكن سرعان ما ارتد على نحورهم.
لقد عقدوا أن يشغلوا محمدا بهموم بيته و بناته.. و قال أبو لهب لابنيه عتبة و عتيبة: (رأسي من رأسيكما حرام، إن لم تطلقا بنتي محمد)، و قالت أمهما و أقسمت ألا يجمعها و بنتي محمد بيت واحد.
و استجاب الولدان، و كان خلاص رقية و أم كلثوم من ابني حمالة الحطب. و تفرغتا لمشاركة والدهما و أمهما و توفير الجو الأسري الذي يساعدهما على أداء الرسالة.

لم يطل برقية المقام في بيت أبيها، حتى تقدم عثمان بن عفان يطلب الزواج منها. فبارك رسول الله زواجهما. و هكذا أبدلها الله خيرا.. فعثمان من السابقين إلى الإسلام، رجل ثري، بهي الطلعة، ذو خلق كريم و نسب عريق.
و عاشت رقية مع عثمان في أمن وسعادة. لكن قريشا زادت في محاربتها للرسول و دعوتها، و اضطهاد المسلمين و تعذيبهم. فأذن رسول الله بالهجرة إلى الحبشة.
و شدت رقية الرحال مع زوجها مهاجرين إلى الحبشة، مبتعدة عن أخواتها و مرتع صباها و ذكرياتها.
عاش المهاجرون في الحبشة يتلمسون أخبار الأحبة في مكة، و يجترون الذكريات، و يمنون النفس بعودة قريبة إلى وطنهم.

و مرت الأيام.. و كان لرقية في حب زوجها و رعايته خير سلوى و عزاء، إلى أن وصلت أخبار بأن قريشا هادنت محمدا، و دخل في الإسلام بعض ساداتها و كبرائها، فأسرعت رقية و عثمان بالعودة إلى مكة مع من عادوا.
و ما إن وصلت حتى أسرعت إلى بيت أبيها، و هناك ارتمت في أحضان أختيها أم كلثوم و فاطمة… لكن فجأة نظرت في عيون أختيها دمعة فانقبض قلبها و سألت في لهفة: أين أبي؟ أين أمي؟ فقالتا: أبوك بخير، لقد خرج للقاء العائدين من الحبشة، لكنهما لم يذكرا أمها… فقالت رقية: أين أمي؟… أمي رحلت؟.. ماتت دون أن أراها، أو أكون بجوارها… و أخيرا كفكفت رقية دمعها، و احتسبتها عند ربها ***64831; كل نفس ذائقة الموت…***64830;

و مرة أخرى ودعت مكة، و خرجت مع زوجها مهاجرين إلى المدينة المنورة… و لذلك سميت ذات الهجرتين… و هناك استقر بها المقام و شغلت بطفلها الوحيد الذي سمته عبد الله.
ذات يوم كان طفلها مريضا فنقر عينه ديك و تسمم جرحه، و سرعان ما لقي ربه. و هكذا تكالبت على رقية الأحزان و أضعفت من صحتها، و رقدت في فراشها رهينة المرض.

كان زوجها يسهر على راحتها و تمريضها، حتى أنه تخلف بأمر من رسول الله عن الخروج معهم إلى غزوة بدر.
و أخيرا… اختلط صوت بشير النصر القادم من بدر بصوت النعي الذي يحمل خبر وفاة رقية… بنت محمد و زوجة عثمان.. أول بنت تموت من بنات رسول الله صلى الله عليه و سلم.

أتعلمون متى كانت وفاتها؟ كانت في السنة الثانية للهجرة و لم تخلف وراءها ولدا و لا بنتا.




رد: سلسلة أولاد النبي صلى الله عليه و سلم — رقيــة–

بارك الله فيك وجزاك خيراً ..




رد: سلسلة أولاد النبي صلى الله عليه و سلم — رقيــة–

اشاء الله عليك تحفة بمواضيعك المميزة




رد: سلسلة أولاد النبي صلى الله عليه و سلم — رقيــة–

شكرا لمروركم




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.