التصنيفات
القرآن الكريم و السنّة النبويّة الشريفة

وسلام على عباده الذين اصطفى

وسلام على عباده الذين اصطفى(2)


الونشريس

  • وسلام على عباده الذين اصطفى(2)
  • بقلم:فؤاد الدقس
    كاتب سوري
    dks*maktoob.com
  • يقول الله ــ تعالي ــ في محكم تنزيله: "الله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس إن الله سميع بصير" الحج:.75
  • لقد جاء رسول الله ــ صلي الله عليه وسلم ــ ليخرج الناس من الظلمات إلي النور» ولا يخرج الإنسان من الظلمة إلي النور إلا النور. ش
    فإذا كنت في مكان مظلم وأردت الخروج إلي النور فما عليك إلا فتح النافذة أو إيقاد مصباح فتكون بذلك قد خرجت من الظلمة إلي النور» فلقد جاء سيدنا محمد ــ صلي الله عليه وسلم ــ ليخرج الناس من الظلمات إلي النور» بنور من عند الله تعالي.
    ولقد جمع رسول الله جميع مقامات الرسالات قبله» إذ أن كل رسول من الرسل قبله إنما هداه الله ــ تعالي ــ هدياً خاصاً. وعرفه إلي ما فيه مصالح أمته وقومه. وسعادتهم في الدنيا والآخرة لأن الله ــ تعالي ــ منذ أهبط ادم عليه السلام ــ وذريته في صلبه ــ إلي عالم الأرض تعهدهم سبحانه بالهدي بواسطة الرسل صلوات الله عليهم قال تعالي: "قال اهبطا منها جميعاً بعضكم لبعض عدو فإما يأتينكم مني هدي فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقي" طه: 123 وما هذا الهدي الإلهي إلا الرسالات النازلة علي الرسل صلوات الله عليهم. ومهمة هذا الهدي سعادة الدنيا والاخرة قال ــ تعالي ــ: "فمن اتبع هداي فلا يضل" في الدنيا "ولا يشقي" في الآخرة "ومن أعرض عن ذكري" أي: عن هديي وتذكيري الذي جاءت به الرسل "فإن له معيشة ضنكاً" أي: في الدنيا له معيشة ضيقة شديدة. فيها المقت والسخط. ويشمل هذا عالم القبر أيضاً "ونحشره يوم القيامة أعمي" طه:14 قال أي: هذا الكافر الجاحد "رب لم حشرتني أعمي" أي: أعمي البصر وقد كنت بصيرا" أي: في الدنيا "قال كذلك" أي: هذا هو الجزاء والحكم العدل "أتتك آياتنا" أي: علي ألسنة رسلنا في الدنيا "فنسيتها" أي: تركتها وعرضت عنها "وكذلك اليوم تنسي" أي: تترك في العذاب.
    فلقد أتتك آياتنا علي ألسنة رسلنا فتعاميت وأعرضت عنها قال تعالي: "… فعموا وصموا…" المائدة: 71 وكأنك لا رأيت ولا سمعت. فما دام انك تعاميت عن آياتنا. وعن المعجزات التي جاءت بها الرسل. فجزاؤك اليوم أنك تعمي وتصم. لأن الجزاء العادل يكون من جنس العمل.
    وتمضي عليه فترة في عام الحشر وهو أعمي. حتي إذا قدم إلي العذاب وأدخل جهنم فحينئذ قال الله تعالي: "أسمع بهم وأبصر…" مريم 38 أي: ما أشد سمعهم وما أقوي بصرهم» حيث أعطوا قوة في السمع والبصر حتي يذوقوا شدة العذاب.
    يقول الشيخ الإمام عبدالله سراج الدين: "ولقد كان كل رسول يبعث إلي قومه خاصة دون غيرهم من الأمم أي: يأتي الرسول إلي قوم معينين في بقعة معينة من الأرض. أما سيدنا محمد ــ صلي الله عليه وسلم ــ فلقد أرسله الله ــ تعالي ــ رسولاً عاماً لجميع أهل الأرض إلي يوم القيامة.
    من هنا يفهم العاقل أنه ــ صلي الله عليه وسلم ــ جاء بهدي فيه مصلحة وسعادة الأمم كلها علي مر العصور وتعاقب الدهور إلي يوم القيامة.
    لو لم تكن رسالة وشريعة سيدنا محمد ــ صلي الله عليه وسلم ــ صالحة مصلحة لكل قوم وفي كل زمان لأرسل الله بعده رسولاً بشرع جديد. والحال أنه لا رسول ولا نبي بعده ــ صلي الله عليه وسلم ــ. فلا شريعة جديدة بعد شريعته ــ صلي الله عليه وسلم ــ إنما شريعته هي الشريعة الباقية المصلحة لكل قوم والصالحة لكل زمان والمطورة لكل أمة» إن هم تمسكوا بما فيها وعملوا بمقتضاها.
    ولما كانت رسالته ــ صلي الله عليه وسلم ــ شاملة عامة لكل الأمم دلَّ علي أنها شملت رسالة كل رسول قبله. وزادت عليها كمالاً وهدياً. وهذا قول الله ــ تعالي ــ بعد أن ذكر أنبياءه "أولئك الذين هدي الله فبهداهم اقتده…" الأنعام: 90 وهداهم إنما هو من عند الله ــ تعالي ــ لقوله سبحانه: "فإما يأتينكم مني هدي" البقرة: من الآية 38. ولم يقل سبحانه: فبهم اقتده. ولكن قال: "فبهداهم اقتده" أي: بهداهم الذي هداهم الله له. فقد جمع لرسوله ــ صلي الله عليه وسلم ــ هدي كل رسول قبله. وزاد عليهم بالهدي المحمدي الخاص.




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.