والعقل هو إحدى معجزات الخلق. الذي يتحقّق به الإدراك والفهم والتصوّر.
ولأجل ذلك ذمّ الإسلام إتباع الأمم السالفة وحتى الأمم الحاضرة من غير إعمال العقل وهو ما يسمّى بالتقليد الأعمى ( والتقليد في عُرف اللغة هو مجموع العادات التي يرثها الآباء عن الأجداد أو التي تسري بمجرّد عامل الاحتكاك في بيئة من البيئات أو بلد من البلدان ) الذي لا دليل عليه يقوّيه، ولا برهان يعضّده، قال الله تعالى: ( وَإِذَا قِيلَ لَهُم اِتَّبِعُواْ مَا أَنْزَلَ اللهُ قَالُواْ بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَ لَوْ آَانَ آبَاؤُهُم لَا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلَا يَهْتَدُونَ ) البقرة الآية 170
وبالعقل آلّف الله تعالى الإنسان وخاطبه بكتابه العظيم قال تعالى: ( وَتِلْكَ الأَْمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُونَ ) سورة العنكبوت الآية 43 )
حث القرآن على إعمال العقل
وبناء على الآيات التي سبق ذآرها فقد أجمع المسلمون على أنّه لا يجوز التقليد في مبادئ العقيدة، وأنّ من قال أنّني أومن بالله لأني أرى أهلي جميعاً يؤمنون به أو لأنّ البيئة تفرض عليَّ ذلك، فإنّ إيمانه ليس بالإيمان الصحيح الذي أراده الله تعالى.
فأحكام الله تعالى ليست من قبيل التعاليم التي تنتقل بالوراثة، وإنما هي مبادئ قائمة على أساس من المصالح الدنيوية والأخروية.
إنّ المتأمّل في آيات القرآن الكريم يلقاه حافلاً بالدعوة إلى إعمال العقل في آلأمر، قال الله تعالى: ( وَقَالُواْ لَوْ آُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا آُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ ) الملك الآية 10
. ( أُفٍ لَكُم وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ) الأنبياء الآية 67 . ( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) سورة محمد الآية 67
وجوب المحافظة على العقل
من خصائص العقل الإدراك، فإعمال العقل يقود إلى فهم الأمور فهماً آاملاً وتصوّرها تصوّراً صحيحاً، وذلك هو الذي يُعين على إدراك الأمور على حقيقتها فتُستخرج منها أسرارها وتُبنى عليها النتائج والأحكام الصحيحة.
وإذا استعمل الإنسان عقله يمنع غيره من السيطرة عليه، ممّن يصدّون عن سبيل الله ويبغونها عوجاً، بل ويمنعه من الحيلولة بينه وبين الحياة العادية التي يُنشدها آلّ إنسان عرف إنسانيته في هذه الحياة الدنيا.
ولأجل ذلك آله أوجب الإسلام على الإنسان أن يحافظ على هذه النعمة الإلهية العظمى، وحفظ العقل واستقامته تكون في:
الإدراك والتفكير، والتأمّل في ملكوت الله، قال الله تعالى: ( الْذِينَ يَذْآُرُونَ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ) آل عمران الآية 191 .
وقال الله عزّ وجلّ: ( أَوَ لَمْ يَنْظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا . خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ ) الأعراف الآية 185
ودرء عنه ما يفسده من جهل، قال الله تعالى: ( قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْذِينَ يَعْلَمُونَ وَالْذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ) الزمر 9. وآلّ مسكر ومخدّر، قال الله تعالى: ( إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ )