التصنيفات
أدباء و شعراء

عبد الله بن المقفع

عبد الله بن المقفع


الونشريس

ابن المقفــــع

الونشريس

* تقديم:
من الأدباء الذائعي الصيت في أدبنا العربي على الرغم من قلة ما وصل إلى أيدينا من انتاجهم… أديبنا موضوع البحث(ابن المقفع).
ذلك الأديب الخليق بأن يتخذ مثلا على أن تقييم الأديب لا يأخذ بعين
الاعتبار غزارة انتاجه أو قلته…فالمقياس هو الكيف وليس الكم… وقيمة العمل الأدبي تكمن في مضمونه وأسلوبه وليس في شكله ومظهره ولا في طوله أو قصره.
فكم من قصيدة واحدة خلدت قائلها…وخطبة خلدت خطيبها…وكتاب
خلد كاتبه…بينما نجد في المقابل من الشعراء والخطباء والكتاب من
لم يكن انتاجهم على غزارته مساعدا لهم على احتلال مراكز متقدمة
في ذاكرة التاريخ الأدبي.
والغريب في قصة ابن المقفع أن الكتاب الذي شهره لم يكن حتى من ابداعه وليس له فضل فيه إلا بأنه من ترجمه إلى العربية من لغته التي كتب بها وهذا الكتاب هو كليلة ودمنة الذي كتب باللغة الهندية بيد أحد
فلاسفتها.
وفي هذا دليل قاطع واضح على أن ابن المقفع كان عملاقا من عمالقة
العربية وفطاحلها.



*حياته ومقتله:
هو عبد الله بن المقفع…فارسي الأصل…كان اسمه قبل إسلامه روزبة
وكنيته أبا عمرو…فلما أسلم سمي عبد الله وكني بأبي محمد.
ويعود لقبه بابن المقفع إلى أن أباه داذويه كان متوليا خراج فارس
من قبل الحجاج…فاختلس بعض مال الخراج… فضربه الحجاج على يديه
فتقفعتا (اي يبستا)…فلقب بالمقفع.
نشأ ابن المقفع في ولاء بني الأهتم…وهم أهل فصاحة وأدب …فكان لهذه
النشأة تأثير عظيم فيه…وفيما وصل إليه من درجة رفيعة في الأدب.
عمل كاتبا لداود بن هبيرة ثم لعيسى بن علي بن عبد الله عم الخليفة
المنصور…ثم كاتبا لسليمان بن علي أيام ولايته على البصرة.
وفي أثناء ذلك خرج عبد الله بن علي عم الخليفة المنصور عليه وكان واليا على الشام…فطارده المنصور فلجأ إلى أخويه سليمان وعيسى في
البصرة…فطلب المنصور منهما تسليمه… فرفضا أن يسلماه إياه إلا
بعهد أمان مكتوب يمليان شروطه…فوافق المنصور على ذلك…فطلبا من
ابن المقفع أن يقوم بكتابة عهد الأمان فكتبه وتشدد فيه على الخليفة
بحيث جعله يحمل في نفسه حقدا عليه ويضمر له الشر.

ثم عزل المنصور فيما بعد عمه سليمان عن البصرة و ولى مكانه سفيان
بن معاوية…وكان ذا أنف كبير فاتخذه ابن المقفع سخرية له فنقم عليه
هو الآخر…وذات يوم دخل ابن المقفع دار سفيان بن معاوية ذاك ولم
يخرج منها…فقد قتله سفيان… ويقال أنه كان للمنصور رأي في
قتله.



*صفاته:
كان ابن المقفع مشهورا بذكائه…وسعة علمه حتى قيل فيه (أنه لم
يكن في العجم أذكى منه)…وكان كريما جوادا…وافر المروءة… وقد
اشتهر بحبه للصديق…وكان يقول (ابذل لصديقك دمك ومالك).
وقد اتهمه حساده بالزندقة…ولكن لا شيء في كتبه يثبت هذه التهمة
عليه.



*كتبه:
يقال أن أثاره الأدبية كثيرة…ولكنني لم أجد في المراجع القليلة التي
بين يدي إلا كتبه الثلاثة الأشهر وهي..
1)كليلة و دمنة…وقد نقله عن الفارسية…وسنتحدث عنه لاحقا.
2)الأدب الكبير
3)الأدب الصغير



*الأدب الكبير:
يعترف ابن المقفع بأنه أخذ كتابه هذا من أقوال المتقدمين…وقد قدم
له بتوطئة في فضل الأقدمين على العلم وشروط درسه والغرض منه.
وقسمه إلى بحثين…الأول في السلطان ومصاحبه وما يجمل في كل منهما من الصفات…وفي هذا أيضا بابان الأول في آداب السلطان والثاني في صحبة السلطان.
أما البحث الثاني فقد خصه بالأصدقاء وحسن اختيار الصديق وحسن معاملته…وكل ما له علاقة بالأصدقاء.



*الأدب الصغير:
كان ابن المقفع في الأدب الصغير ناقلا أيضا. فقد قال (وقد وضعت في هذا
الكتاب من كلام الناس المحفوظ حروفا) غير أنه تصرف فيما نقله.
وهذا الكتاب كناية عن دروس أخلاقية اجتماعية ترغب في العلم وتدعو
المرء إلى تاديب نفسه…وتوصي بالصديق…ويتكلم عن سياسة الملوك.



*كليلة ودمنة:
كتاب ألفه الفيلسوف الهندي (بيدبا) للملك (دبشليم).
وفي أوائل القرن السادس الميلادي أرسل الملك الفارسي محب الحكمة (كسرى انوشروان) الطبيب الفارسي (برذويه) ليقوم بنقل الكتاب من الهندية إلى الفهلوية (الفارسية القديمة).
ثم في منتصف القرن الثاني الهجري نقله ابن المقفع إلى العربية.
ويشاء الله أن تكتسب النسخة العربية أهميه عالمية بعد فقد الأصل الهندي واختفاء الترجمة الفارسية…وكأنما حملت النسخة العربية مسؤولية الحفاظ على هذا الكتاب وتقديمه إلى طلاب المعرفة ومتذوقي الفن القصصي…وعلماء الأخلاق والسياسة عبر العصور.
وتمر السنون فإذا الناس لا يذكرون إلا ابن المقفع ناسبين إليه كليلة ودمنة.
والحق أنه اذا كان هذا الكتاب يحمل ملامح ثلاث حضارات هي الهندية
والفارسية والعربية… فإن بصمات ابن المقفع تبدو واضحة جلية فيه…وتجعله مثلا يحتذى تتراءى لنا من خلاله مدرسة ابن المقفع وطريقته المبدعة في النثر الفني.
وقد قال قائل (إن كتاب كليلة ودمنة قضية حاضرة ما دامت أخلاق
الأفراد…وسلوك الجماعات…وعلاقات القوى الفاعلة في أي تكوين بشري
موضع درس وتحليل من الفلاسفة وعلماء الاجتماع والنفسانيين…)
ومما يميز الكتاب عن غيره أنه وضع لمستويات ثلاثة… فالبسطاء وهواة التسلية يجدون فيه الجانب الترفيهي.
والحكماء فيختارونه لحكمته… ليستخلصوا منه دوافع السلوك وأسرار
النفس…وآداب الحياة الاجتماعية بين طوائف الشعب المختلفة…
وهناك المستوى الثالث وهم المتعلمون…فإنهم يجدون فيه المعلومات
الكثيرة…وتروقهم لغته الصافية وأسلوبه البلاغي المتين.
أما قصة تأليف هذا الكتاب فتبدأ بغزو الإسكندر بلاد الهند وثورة
الشعب عليه…والتي أدت بالتالي إلى تولي الملك (دبشليم) العرش وقد
كان مغرورا ظالما…ممادفع الفيلسوف ( بيدبا) إلى نصحه…فيسجنه
لكنه يندم فيا بعد فيطلقه ويقربه إليه ويجعله وزيرا له…يستشيره في كل الأمور…ويطلب منه أن يضع خبرته ونصائحه في كتاب…فكان هو هذا الكتاب…الذي يرمي إلى إصلاح الأخلاق وتهذيب العقول…وكل ذلك
على لسان كليلة ودمنة وهما حيوانان من الفصيلة الكلبية أصغر حجما
من الذئب.
والحديث على لسان الحيوانات ليس إلا من قبيل الأدب الرمزي .



*أسلوب ابن المقفع:
لهذا الأديب أسلوب خاص…نجد فيه أفكارا متسقة وقوة منطق…وألفاظاً سهلة فصيحة منتقاة…قوية المدلول على المعاني.
نجد فيه البلاغة بأرفع درجاتها حتى ساد أسلوبه واحتذاه بلغاء الكتاب وظل سائدا حتى ظهر أسلوب الجاحظ.


*فضل ابن المقفع على العربية:
فرغم كونه أعجميا في تفكيره يتعصب لأداب قومه وعلومهم…ولا تجد في
كتبه من العربية إلا اللغة…قلما يستشهد بالشعر أو المثل أو الحكمة أو يشير إلى أيام العرب وآرائهم…نقول…على الرغم من ذلك كله فإن فضله على العربية عظيم…فهو أول من أدخل إليها الحكمة الفارسية والهندية والمنطق اليوناني وعلم الأخلاق والاجتماع…وأول من عرَّب وألَّف ورفع في كتبه النثر العربي إلى أعلى درجات الفن.


منقول للفائدة




رد: عبد الله بن المقفع

بارك الله فيك على كل ما تقدمينه أختي أم كلثوم
تقدير و احترامي لك




رد: عبد الله بن المقفع

جزاك الله كل خير عزيزتي ام كلثوم…انرتينا بالافاده الطيبه ..انرا الله دربك بالحفظ وسداد الخطى




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.