التصنيفات
فقه العبادات

إتقان العمل

إتقان العمل


الونشريس

قال الله عز وجل: {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} (التوبة/105).
قال ابن كثير في تفسيره عن مجاهد – رحمهما الله -: "قال مجاهد: هذا وعيد يعني من الله تعالى للمخالفين أوامره بأن أعمالهم ستعرض عليه تبارك وتعالى وعلى الرسول صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين، وهذا كائن لا محالة يوم القيامة، كما قال: {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ} وقال تعالى: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} وقال: {وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ} وقد يظهر الله تعالى ذلك للناس في الدنيا".
وعن شداد بن أوس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تعالى كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته" (رواه مسلم).
وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: "إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه" (رواه البيهقي في شعب الإيمان وحسنه الألباني).
هذه النصوص الكريمة المباركة ترشد المؤمنين إلى أعظم قيمة لهم في هذه الحياة، وهي العبودية لله عز وجل، التي تتمثل هنا في إتقان العمل والإحسان في كل شيء ومراقبة الله عز وجل في كل وقت وحين:
{فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ}.. وأنه سبحانه "كتب الإحسان" ويحب جل وعلا ممن "عمل عملا أن يتقنه" فاجتمعت ألفاظ الإيجاب والترغيب في تشديد وتأكيد لهذه القيمة العظيمة: إتقان الأعمال وإحسانها.
ولذلك فإن قيمة كل امرئ – كما في القول المأثور – ما يحسنه، ولكنها في الوقت نفسه تقدّر بإخلاصه في هذا الإحسان لله جل وعلا.
وفي الحديث القدسي: "قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه" (رواه مسلم).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "العامة تقول: قيمة كل امرئ ما يحسن، والخاصة تقول: قيمة كل امرئ ما يطلب"!
نية وعمل يصنعان الإتقان
فالمؤمن في حياته الدنيا عندما يراعي في عمله المكلف به العمل إحسانه وإتقانه وإتقانه، إنما يفعل ذلك لعلمه أن الله يراقبه في عمله وفي كل أحواله، وأنه تعالى لا يرضى من المؤمن إلا أن يقوم بعمله بإتقان وإحسان.
ومن أهم الأخلاق التي تتحقق بها جودة العمل والإنتاج: الأمانة والإخلاص، وهما خلقان لن تجدهما أفضل مما لدى المؤمن؛ لأن همه ليس مجرد إرضاء صاحب العمل، بل إرضاء رب صاحب العمل جل وعلا، كما أنه في الوقت نفسه وبالوازع نفسه يرعى حق إخوانه المؤمنين، وهذا حال من يعيش مع القرآن الكريم علما وعملا، وتلاوة وتدبرا، قال تعالى: {وقل اعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون} (التوبة:105).
فشعور من يتمثل هذه الآية يختلف تماما عن شعور من يعيش مع عمله اليومي بروتينية وتكرار دون حضور نية أو إخلاص، حتى لو كان ممن يتقن عمله، فالمهم في المسألة أن يكون إتقان العمل وإحسانه ابتغاء وجه الله تعالى والدار الآخرة.
دين ودنيا..!
من أغرب ما يلاحظ في واقع الناس، وهو بعيد كل البعد عن روح الإسلام ومنهجه: أن تجد بعض الناس يتحقق فيه الحرص على أمور الدين وإتقانها مع إهمال أمور الدنيا من الأعمال والحقوق. وفي المقابل آخرون متميزون في إتقان أمور دنياهم دون دينهم {وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ}.
فلا هذا ولا ذاك على صواب وهُدى، وإنما الحق والصراط السوي هو منهج الوحي المطهر الذي استفاض بيانه في القرآن والسنة، ومن ذلك قوله تعالى: {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} (القصص:77).
وروى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل"، وقال ابن عمر: "إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء".
ومن المعلوم أن عابر السبيل له في سبيله ومسيره حاجات من مطعم ومشرب ومستراح وغيرها، وهكذا حياة المؤمن يراعي شؤون دنياه كلها بما أحل الله ولكن قلبه معلّق بالآخرة فلا تطغى دنياه عليها، بل هي مزرعة لها. منقول




رد: إتقان العمل

***merci***




رد: إتقان العمل

شكرا الاخت nora على المرور لكي مني اجمل تحية




رد: إتقان العمل

بارك الله فيك




رد: إتقان العمل

شكرا الاخت راحيل على المرور




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.