آن الأوان أن تبدأ التربية فى المجتمعات الاسلامية بالفهم السليم لجميع الامور الدينية !
المفهوم الربانى للتربية ما بين الثواب والعقاب والقدوة والحساب! في حوار أجراه معه الأستاذ عصام الغازي يوم الأربعاء الموافق 28/10/2003
وهذا هو نص الحوار:
فى البيت والمدرسة ..الشارع .. نصطدم بسلوكيات مرفوضة من الأطفال والشباب ..وفى العلاقة الزوجية ايضاً الكثير من الخلافات والمشاكل .الأسباب كثيرة ..ولكن أهمها كما يؤكد الداعية عمرو خالد ,أننا نجهل أصول التربية الصحيحة . كما جاء فى الإسلام للأبناء ..وأيضاً مفهوم علاقة الود والتراحم والسكن بين الرجل والمرأة .عمرو خالد فى حوارة الأسبوعى ..يتناول التربية فى المجتمع الإسلامى ..بكل أبعاده ويؤكد أنها طريقنا المضمون نحو جيل صالح يتحمل المسئولية ..وبيت يعيش فى السعادة .
التعليم لا يكفى
سألت عمرو خالد :
ماهى التربية ؟
البعض يعتقد أن تربية الأبناء هى الأكل والشرب وإذا ذهب الإبن إلى المدرسة ونجح فى الإمتحانات يبقى متربى فيقول الأب مثلاً :أنا عندى 4 اولاد ربيتهم أحسن تربية واحد مهندس والثانى محامى والثالثة متزوجة من رجل أعمال ناجح والابع مهندس كمبيوتر شاطر هو أستخدم كلمة تربية فى التعليم .
من قال أن هذا هو مفهوم التربية ؟
المفهوم الصحيح هو الارتقاء بالأخلاق وتنمية القدرات وحين تقول أنا ربيت فلانا فمعناه انك ارتقيت بحسه وذوقه وأخلاقه ومعاملاته وقمت بتهذيب طباعه فى الوقت نفسه ربيته ..نوع آخر من التربية سواء بتنمية قدراته البدنية أو العقلية وأخرجت المهارات المختفية بداخله .
المفهوم الربانى للتربية
آباء كثيرون مفهوم التربية عندهم معكوس ينحصرفى الإنفاق والتعليم ..
فى حين أن القرآن الكريم يحرص على أن يسبق التعليم بالتربية .ويذكر كلمة التزكية بدلا من كلمة التربية .يقول الله سبحانه وتعالى :
"كما أرسلنا فيكم رسولاً منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة" هذا هو المفهوم القرآنى للتربية وقد وردت هذه الآية وتكررت أربع مرات فى القرآن الكريم منها ثلاث مرات بنفس الترتيب ومرة واحدة على لسان سيدنا إبراهيم ,كان يظن أن العلم قبل التزكية فكرر الله سبحانة وتعالى الآيه ثلاث مرات بالترتيب الصحيح وهو أن التزكية قبل التعليم فالله تبارك وتعالى هو الذى يربى عباده حتى كلمة الرب اشتقت منها كلمة تربية ربانية لذلك أعجب من الذين حفظوا القرآن ولم يتربوا منه.
ما الأشياء التى أستند إليها لكى أقول أن شخصاً ما تربى ؟
1 أخلاقه
2 الذوق الذى عنده فهناك شخص أمين لا يكذب وإذا عاهدك لا يخلف عهده لكنه يفتقد للذوق المتعارف عليه حسن الذوقيات هذا تربية فى البيت طريقته فى اللبس والكلام ومستوى نبره صوته وسلوكياته التلقائية مع الآخرين وهذه المسالة لا علاقة لها بالمستوى المادى فقد يكون الإنسان شديد الثراء ومفتقداً لأبسط قواعد الذوق وقد يكون فقيراً لكنه ممتلىء بالذوق والإحساس .
هناك إمرأة تقابل رجلاً تعلق على نظرته أنها كانت وقحة وبأن ألفاظة جريئة .
هذا إنسان يفتقد التربية وآداب التعامل مع المرأة وطريقة تعامل الرجل مع المرأة تدل على أسلوب تربيته .
لذلك فإن ابنة شعيب ذهبت لأبيها وقالت له : "يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوى الأمين" .
لقد خبرت أخلاق وتربية سيدنا موسى خلال لحظات سقيا الماء .
المرأة تفهم الرجل من نظرة عينيه وأى امرأة بفطرتها تستطيع أن تحكم على الرجل إذا كان أمينا أم لا .
مسئولية الوالدين
نفس الشىء فى طريقة الحديث مع الوالدين وكبار السن ؟
التربية مسئولية الأب والأم وأول إثنين تنعكس مسئولية التربية عليهما هما الأب والأم من يربى أبناءه بشكل جيد لا يمكن أن يتخلوا عنه بعد أن يكبر .
انا لا أنسى مشهداً حدث أمامى فى إنجلترا كنت أمشى مع أحد الأصدقاء ومعه والده الذى جاء لزيارته من مصر والصديق الذى كنت أمشى معه أستاذ بالجامعة فى أكبر جامعات إنجلترا وحاصل على الدكتوراة فى تخصص نادر فوجىء صديقى أثناء سيرنا بأن رباط الحذاء الخاص بوالده قد أنفك فرأيته يجلس على الأرض فى وسط الشارع ليربط لوالده الحذاء .
حين ترى هذا المشهد ألا تدرك أن الرجل أحسن تربية أبنه ؟
الرياضة ..ليست ترفاً
هناك أسس للتربية البدنية للإنسان المسلم هل تحدثنا عنها ؟
عمر ابن الجطاب يوصى الآباء والأمهات علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل .
والرسول صلى الله عليه وسلم كان يعلم المسلمين الرماية وكان يرمى العشرة سهام فلا يخطىء فى واحد .
وكان عمر ابن الخطاب يقيم للشباب مسابقات الجرى فى المدينة المنورة الشاب فى هذا الزمان لا يستطيع الجرى مائة متر بسبب تدخين السجائر فيشعر بالنهجان والتعب والتربية البدنية للشاب لا يسأل عنها الأب والأم فقط إنما تسأل عنها المدرسة أيضاً التى صارت بلا ملاعب ولا أنشطة رياضية وتسأل عنها أجهزة الإعلام. التربية البدنية صارت مفتقدة فى هذا الزمان الآباء والأمهات لم يعودوا يشجعوا أبنائهم على ممارسة الرياضة لأن إشتراكات النوادى صارت باهظة ولأن الاباء يريدون من الأبناء التركيز فى المذاكرة ولأن الشارع لم يعد ساحة للعب الكرة مثلما كان فى الماضى بعد إزدحامه بالسيارات .
التربية البدنية ليست ترفاً لأن انعكاسها شديد عل النضج العقلى وانعكاسها شديد على ترك المعاصى فالبطل الرياضى لا يدخن ولا يتعاطى المخدرات وهو رصيد لقوة المجتمع كله "وأعدوا لهم ما أستطعتم من قوة" ومنها القوة البدنية. وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم واضح : المؤمن القوى خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف.
طريقة التوجيه الإعلامى الآن تؤدى إلى خروج شباب مستهتر فالشاب ذو الشعر المفرود تهتم به البنات والذى يفتح أزرار قميصه ويضع رائحة عطرية نفاذة تجرى البنات وراءه هذه هى الإعلانات المؤثرة فى حياتنا الآن كذلك راكب السيارة الفارهة. هم بهذا يقتلون اسس التربية الصحيحة لا بد من غرس حب الرياضة فى الأطفال منذ سنواتهم الأولى وشخصية الإنسان الرياضى تكون أكثر نضجاً ويكون صاحبها أكثر ثقة بالنفس ولا يكون انطوائياً.
احترم عقل طفلك
الإسلام حرص على تربية العقل وقال لنا اطلبوا العلم ولو فى الصين كيف تكون التربية العقلية والفكرية ؟
يجب أن تحترم عقل طفلك وتعاملة كأنه كبير وأنا رآيت آباء يناقشون أطفالهم فى الأمور المهمة فى حياة الأسرة مثل مثل اختيار مكان الإصطياف أو أختيار ديكورات المسكن .
مثلا لو مارس الولد شقاوته أثناء وجود ضيوف بالمنزل يمكن للأب ان ينهره بقسوة او يعاقبه ويمكن أن يتفاهم معه بالعقل ويقنعه بان هذا غير لائق امام الضيوف وهكذا يجب أن يستشعر الإبن أن له رأياً يحترم داخل الأسرة لذلك تجد ان النبى صلى الله عليه وسلم كان يعين قائداً لجيش المسلمين عمره 18 سنة "أسامة بن زيد" وكان هذا الجيش يضم أبو بكر وعمر هل كان النبى يغامر بحياة جيشة أم انه كان واثقاً من صواب قرارة الخطير ؟
كان الرسول صلى الله عليه وسلم واثقا أن اسامة بن زيد قد تمت تربيتة عقلياً وبدنيأً بشكل يسمح له بقيادة الجيش أفضل من غيره وخرج أسامة بالجيش فعلا وعادا منتصراً محمد الفتح مثلاً فتح القسطنطينية وعمره 20 سنة .
ما يتم فى التربية العقلية الصحيحة هو :
1 إحترام عقل الطفل .
2 تنميه مهاراته .
3استشارته فى الأمور العائلية
4 تحمله المسئوليه منذ الصغر واحتكاكه بالمجتمع
وهناك حديث للرسول صلى الله عليه وسلم موجها حديثة إلى غلام ( عبد الله بن عباس ) يقول فيه يا غلام ..احفظ الله يحفظك واحفظ الله تجده تجاهك .إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله .
النبى صلى الله عليه وسلم كان يجلس فى مجلس كله من كبار السن ما عدا الجالس على يمينه كان طفلاً عمره عشر سنوات وكان بيد النبى إناء به لبن وأراد أن يعطيه إلى الآخرين بدءا من يمينه لكى يشربوا منه فنظر لنبى صلى الله عليه وسلم إلى الصبى الجالس إلى جواره وقال له :أتأذن لى أن تبدأ بمن هم اكبر منك سناً هكذا كان النبى يربى الأمه وهكذا كان يحترم عقلية وكرامة الطفل المسلم .
القدوة والتربية
القرآن الكريم حافل بمعانى التربية الاخلاقية للطفل أو الشاب المسلم تحدثنا عن ذلك ؟
أولى خطوات التربية الأخلاقية هى القدوة أن يكون ا?ب قدوة لابنه .الأب الذى يطلب من ابنه ان يقول لمن اتصل به تليفونياً إنه غير موجود يعلم ابنه الكذب والابن الذى يرى أباه يزور فى الورق للحصول على مصلحة معينة يبدأ بالغش فى الإمتحان .
وعندنا فى القرآن الكريم سورة لقمان التى يعظ فيها لقمان ابنه ويرشدنا إلى تعاليم جميلة للتربية الأخلاقية يقول الله سبحانه وتعالى :"يا بنى إنها أن تك مثقال حبة من خردل فتكن فى صخرة أو فى السماوات أو فى الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير يا بنى أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور .ولا تصعر خدك للناس ولا تمش فى الأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختال فخور واقصد فى مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير"
السورة الكريمة تضمنت تربية العقيدة وتربية العبادة وحثاًعلى الأخلاق الكريمة ونهياً عن الغرور ودعوة إلى تربية الزوق والحس .
الثواب والعقاب
ماذا عن الثواب والعقاب فى التربية الإسلامية ؟
أسلوب الثواب والعقاب أسلوب تربوى اتبعه الله سبحانه وتعالى مع عباده واتبعه علماء النفس فهو من الأساليب المؤثرة فى إنضاج الشخصية .
الأب يحب أن يجعل الثواب أكثر من العقاب. فالتركيز فى القرآن على العقوبة أقل كثيراً من التركيذ على الثواب .
وليس من الأصل أن كل خطاً يواجه بعقاب لا بد من مساحه سماح وعدل ومرونه بعد ذلك لا بد أن يكون هناك عقاب .
والعقاب لا ينبغى أن يكون أكبر من حجم الخطأ والا يؤدى إلى نتائج عكسية والضرب لا يجب ان نلجأ إليه إلا عند الأخطاء الفادحة ولا يتم الضرب أمام الناس والأب الذى يذهب إلى المدرسة ليضرب ابنه أمام زملائه من الطلبة يهين ابنه إهانة ستؤثر فى شخصيته إلى أن يموت والضرب لا ينبغى أن يكون على الوجه ابداً والأب الذى يضرب كثيراً سوف يفقد ابنه كثيراً فالولد لن يقبله كأب بعد ذلك. نظرة غاضبة من الأب ترضع الإبن أكثر من الضرب أم البنات فلا ينصح أبداً بعقابهن بالضرب و الرسول صلى الله عليه وسلم لم يضرب إمرأة قط وكلمة أضربوهن الموجودة فى القرآن جاءت بخصوص المرأة الناشز وكلمة ناشز فى القرآن تعنى أنها فعلت مصيبة والضرب لم يأت للمرأة فى القرآن إلا فى هذه الحالة الخاصة جداً التى فيها مصيبة أخلاقية شديدة .
أما ضرب المرأة خارج هذا الإطار يعتبر فعلاً يغضب الله تبارك وتعالى