تعتبر منطقة سيدي لحسن إحدى القرى المجاهدة تقع في الجهة الغربية لبلدية سيدي عابد ، اتخذها الاستعمار الفرنسي كمركز استراتيجي لرصد تحركات جيش التحرير الوطني وفصائله ، الشيء الذي دفع بقادة جيش التحرير إلى الت فكير في إمكانية الهجوم على المركز و الاستيلاء على معداته بالإضافة إلى تخليص سكان هذه المنطقة من الظلم والحرمان المسلط عليهم .
ومن هؤلاء الذين أشرفوا على هذا الهجوم نجد المجاهد سي الحاج اسماعيل الذي خطط لهذه العملية رفقة زملاء له منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر.
التخطيط للهجوم:
باشر سي الحاج اسماعيل تنقل اته من بني لاسن (بلدية بني لحسن حاليا) رفقة المحافظ ابن العرش سي عبد العزيز المعروف ببوزيان الشريف الذي كان في اتصال مع ابن المنطقة محمد الحلوي المكلف بالاتصال مع أمه حيث احضرها في نفس اليوم للالتقاء مع المجاهدين للتعرف عليها وعلاقتها بحراس المركز كونها تقطن بالقرب من المركز .
وبعد التقاء ب هذه الأخيرة أكدت لهم عن وجود اتصال بينها و بين عسكريين داخل المركز و خاصة الحراس من بينهم سي احمد الرجل المثقف الذي يتقن اللغة الفرنسية و الميلود الذي كان اميا الا انه يؤمن بالثورة و هما من الشرق الجزائري ورغبتهما في الالتحاق بصفوف الثورة.
وعلى اثر تصريحات الاخت المجاهدة ق ا م الحاج اسماعيل بتحرير رسالة تحمل في طياتها الموافقة على التحاقهم بالثورة شريطة مساعد ة المجاهدين على الاستيلاء على المركز و تزويدهم ب المعلومات الكافية حول : – تنظيم المركز
– عدد الجنود
– عدد الاسلحة و نوعيتها.
– عدد الحراس ليلا
– هل توجد مداومة
– كيفية تبديل الحراسة و اماكنها.
حملت المجاهدة الرسالة في كمها وهي في طريقها لجمع ( الوقيد) على مقربة من نقطة الحراسة الموجود ة على تلة المركز وأخفتها تحت حجرة وعادت الى بيتها ، وتواصلت عملية الاتصال عبر ثلاث رسائل رد عليها المجندون بالإيجاب من ناحية مدى تحمل المسؤولية وحسن النية في تنفيذ الهجوم.
تحضير العملية :
تم تعين ال مراكز وهي :
– مركز المرسلي الملقب بجعد الكائن ببقعة بني جرتن من قبل سي الحاج اسماعيل مع المجاهد سي عيسى واصله من خميس مليانة كان يتقن الفرنسية ’قام بتحرير رسائل بواسطة الة كاتبة وذلك بحضور الم جاهد مجاهد محمد المدعو سي الحسين الرجل السياسي الذي اطلع على محتوى الرسائل و الخطة المرسومة .
– الذهاب الى منطقة زاقور وعنه يقول سي الحاج اسماعيل ٍِ[ ذهبت وب صحب تي مصطفى واحمد عباس عسكريين بالناحية وطلبت منهما جمع المجاهدين سواء كانوا فدائيين او ضمن الكتائب ,وفي نفس الوقت كلفنا سليمان الغول بهذه المهمة حيث قام هذا الأخير بجمع الفصائل في تلك الليلة على جناح السرعة وبعدحضورهم عدت الى بقعة بني جرتن كلفت سي عبدالعزيز بتعيين خمسة بيوت لاحضار وجبة العشاء و للإشارة ان حضور المجاهدين كان وقت المغرب و على رأسهم سي مصطفى العاصمي و سي سليمان الغول وسي العربي .
تنفيــذ العملية:
بعد تناول وجبة العشاء توجه المجاهدون الى مركز المناضل المرسلي المسمى جعد بنفس البقعة وانتقل وا رفقة الشهيد عبدالعزيز الملقب ببوزيان الشريف الى مزرعة سعيد بن علي و التي كان موجود بها الخدام فقط هذا الاخير امد هم بكسوة المتمثلة في برنوسيين و امتط يا بغلة حملت هم ا الى الكاف المطل على مركز سيدي لحسن ,نزلت ومشيت مطأطأ لرصد المركز اما سي عبد العزيز فبقي في مكانه حيث استعملت المنظار ورصدت كل الجهات قصد استعمال نوع و كيفية الاقتحام و تمركز اسلحة العدو.
رصدت الامور بجدية و اخذت المعلومات كاملة و بدقة و عدت في الحال الى المركز المتواجد به الجيش ( المرسلي).
امرنا القادة بالزحف نحو المكان المطل على المركز و ثمة جمعنا افراد جيش التحرير في حلقة شرح على اثرها كيفية تنفيذ العملية وتحديد وقتها وحذرنا على ارتكاب الاخطاء حتى ولو بالسعال او التدخين الذي كان ممنوعا او الكلام المرتفع مع اعطاء كلمة السر و لا يسمح بأي خطأ يثير من شأنه غفوة العدو بعدها قمنا بوضع سلاحين ثقيلين من نوع 24 و FMBAR واحدة في المرتفع فوق المركز و الثانية على الطريق الرابط سيدي لحسن و تسمسيلت ,كما قنا بتوزيع المجاهدين الذين كان عددهم يقل عن الخمسين مجاهدا وعينا كل عدد حسب البيوت الس تة بحيث تقتحم كل مجموعة بيت ( تمت شرح الخطة في ظرف 15 دقيقة)
وعند الساعة الحادية عشر ليلا بالضبط شاهدنا اشارة ضوئية من قبل الحارس سي الميلود و ردينا عليه بنفس الطريقة ,وعند وصولنا الى الاسلاك الشائكة وهذا برفقة سليمان الغول و مصطفى العاصمي و الحسين و سي العربي كنا في مقدمة الجيش سألنا سي الميلودعن الحارس الثاني فاجاب على الفور بالناحية الشرقية وعن تبديل الحراسة انها تمت واخلد افراد جيش الاحتلال الى النوم ,عندها امرنا افراد جيش التحرير بالزحف تحت الاسلاك الشائكة وفي نفس الوقت كان سي الميود يتفاوض مع الحارس الثاني واقناعه بالامتثال وقد استولى على سلاحه مما ساهم في تسهيل عملية الاقتحام ,وعند دخولنا الى المركز افاق ضابط فرنسي برتبة ملازم من النوم فتصدى له مجاهد يدعى عبدالرحمان السطايفي و رماه بالرصاص على الصدر فارداه قتيــلاوبعد قتل هذا الاخير هجم افراد المجاهدين ع لى بقية بيوت المركز و اشعلوا الاضواء عليهم وانهضوهم من الاسرة و استولو على الاسلة الموجودة عند رؤوسهم, قمت بفك المدفع من نوع هاون 81 وقسمته على ثلاث اجزاء محتفظا بمصورته و كان هذا المدفع ممركز داخل الحوش و موجه نحو الجهة الغربية كما قمنا باخراج عساكر الاحتلال الى ساحة الحـــــوش و بتقييدهم وامرنا بادخالهم واحدا تلو الاخر الى بيت واحد وسبق من ةجهة اخرى المجاهد الشهيد بوثلجة حيث كان يرميهم بالرصاص ,وعند انتهاء العملية اردنا الخروج اتضح لي ان الضابط مازال على قيد الحياة امرنا باتمام قتله بعدها توزع المجاهدون الى فصائل ثلاث منهم من ذهب الى اولاد عمار و منهم من توجهوا الى منطقة زاقور اما انا ( الحاج اسماعيل) توجهت الى وزينة.
خسائر العــدو : قدرت خسائر العدو ب م ـ ا يفوق 50 قتيلا بالإضافة إلى الاستيلاء على أسلحة ثقيلة 03 مدافع هاون 81 ، 02 رشاش من نوع FMBAR ، اسلحة خفيفة اخرى متنوعة( مثل قارة ,مات 49,ماص 56 ، IS 17 – CARABIL كانت بحوزة قائد المركز –مقذوف هاون وكذا كمية كبيرة من الذخيرة بعيارات مختلفة حملت على البغال و الحمير الى مختلف المناطق.
ويواصل سي الحاج اسماعيل حديثه بان المجموع ة التي توجهت نحو زاقور عبر طريق بني جرتن اخذت معها العسكريين المعاونين على تنفيذ الهجوم صحبة المحافظ سي عبدالعزيز و للتذكير فانهما استشهدا تحت راية الثورة في لقاء مع العدو الفرنسي بزاقور .
اما انا ( الحاج اسماعيل) اختبأت بمنطقة وزينة التي وصلتها فجرا وكانت مجموعتي تحمل اسلحة كثيرة فاصبنا بالارهاق الشديد مما ابقانا 04 ايام كاملة بمنطقة وزينة.
ردود فعل العـــدو :
بعد انتشار الخبر وصوله الى قيادة العدو في باقي المناطق المجاورة قام هذا الأخير بحصار شمل كل المنطقة خاصة منطقة بني جرتن و بني لاسن وصولا إلى مركز سيدي عابد وهذا بقوة كبيرة وجيش مدجج بكل أنواع الأسلحة المختلفة وطائرات نقل كبيرة و حربية و استكشافية وعدد لا يحصى من الطائرات الأخرى كانت تقوم بقنبلة التجمعات السكانية.
وقد دام هذا الحصار أكثر من أربعة أيام ووصل حتى الناحية الأولى و استشهد على أثره بعض من المجاهدين و عدد كبير من المواطنين الأبرياء وبعد فك الحصار اجتمعنا على الفور و قمنا بتقييم العملية بحيث كان مألها النجاح 100 ./. دون خسائر تذكر في صفوف المجاهدين المشاركين في العملية ,كما قمنا بتوزيع الاسلحة المستولى عليها بعض منها للكتائب و الأخرى للمجاهدين فرادا.
ســر نجاح العملية :
1-مساهمة المجاهدة زوجة سي الحلوى بنقل الرسائل بأمانة و صدق وخاصة في مثل هذه الظروف .
2- السرية التامة ل لعملية ولم تكشف الخطة الا عند التنفيذ,وحتى السيدة المتعاونة لم تعرف سر العملية الا بعد الاستقلال.
3- تحمل جنود جيش التحرير الوطني خلال هذه العملية ل لمسؤولية.
4-الانضباط و الامتثال لأوامر الثورة المتمثلة في النصر او الاستشهاد.
كان افراد جيش التحرير في غبطة وسرور وفرح بالنصر المبين ولكن بدون غرور كنا نؤمن بالنصر ونتوقع الهزيمة .
الخــــلاصة :
جاءت هذه العملية بفضل تكاتف المواطنين و ايمانهم بالثورة و التضحية من اجل نيل الاستقلال والحريـــة وهذا رغم الحرمان وبطش الاستعمار الذي كان لا يرحم كما ننوه بزوجة السيد الحلوي التي كانت العنصر الفعال في تحقيق هذه العملية و نجاحها مما لايستوجب على اجيال الاستقلال المحافظة على هذا الوطن الغالي و السير على نهج الثورة المظفرة و الحفاظ علــــــــى ديمومتها كرمز للتضحية ودليل على المحبة و الوئام .
الطاقم الثوري الذي اشرف على العملية :
1- سي الحسين سياسي بالناحية
2-سي اسماعيل مسؤول سياسي عسكري
3-سي مصطفى العاصمي عسكري بالناحية.
4-سي العربي عسكري بالناحية.
5-سلميان الغول مسؤول عسكري
6-سي عبدالعزيز المعروف ببوزيان شريف
المتعاونون مع الثورة لانجاز العملية:
المناضلة السيدة الحلــوي : مكلفة بنقل الرسائل و المعلومات.
احمــد : مجند بمركز العدو مكلف بالرد على الرسائل باللغة الفرنسية
الميل ــ ود : مجند بمركز العدو حارس متعاون مع جيش التحرير الوطني
المرسلـي : مكلف بالتمويـن