- القرضاوي : مواقف سمو الأمير تسبق اتحاد العلماء
- الكواري : جريمة إنسانية بكل المقاييس الدولية
- الحمادي : سأكون على رأس القافلة الجديدة
كتب – عمرو توفيق :
أشاد المشاركون في المهرجان الخطابي لمناصر قافلة الحرية بالمواقف القطرية الداعمة للقضية الفلسطينية، ومحملين الدول العربية مسؤولية فك الحصار عن قطاع غزة وحماية الفلسطينيين من الاعتداءات الإسرائيلية المتصاعدة.
كما أشادوا بالموقف التركي على المستويين الشعبي والرسمي، معتبرين أن الدور التركي المتنامي أعاد للقضية الفلسكينية صبغتها الإسلامية، وأعطاها دفعة قوية.
وأدان المشاركون في المهرجان الذي عقد عقب صلاة الجمعة بمسجد عمر بن الخطاب الجريمة الإسرائيلية، مؤكدين أنها جريمة في حق الإنسانية بكل المقاييس الدولية، مطالبين باتخاذ مواقف عملية واستثمار الفضيحة الإسرائيلية في فك الحصار عن قطاع غزة.
وقال سعادة الدكتور حمد بن عبدالعزيز الكواري وزير الثقافة والفنون والتراث: إن هذا الجمع المبارك يذكرني بجموع كثيرة جاءت إلى هذا المسجد النشيط لنصرة قضايا الإسلام والمسلمين في كل مكان، وذلك بمبادرات كريمة من شيخنا الدكتور يوسف القرضاوي حفظه الله.
وأضاف: إن ما قام به رجال قافلة الحرية لم تستطع دول ومنظمات كبيرة أن تقوم به، رغم اختلافهم في العرق واللغة والدين، لكن جمعهم الإيمان بعدالة القضية والمأساة الإنسانية التي تحدث في غزة.
وأوضح أن ما أقدم عليه الاحتلال يعد أبشع أنواع الجرائم والانتهاكات التي يشدد عليها القانون الدولي، مضيفًا: لقد عملت فترة طويلة كمندوب في الأمم المتحدة، وكنا نصف القضايا التي تعرض علينا لنعطيها الوصف القانوني المناسب، فهناك قرصنة وجرائم حرب وخرق للقانون الدولي وغيرها من الأوصاف القانونية، وكل هذه الأوصاف وغيرها تنطبق على ما أقدمت عليه إسرائيل، فهو خرق للقانون الدولي خاصة وأن الجريمة تمت في المياه الدولية، وقرصنة بحرية بشعة تتضاءل أمامها القرصنة الصومالية الضعيفة، كما أنها جريمة ضد الإنسانية لأنها تمت ضد أبرياء عزل وناشطين في المجال الإنساني.
واشار إلى أن الاحتلال الصهيوني تمادى في جرائمه تحقيرًا للعرب وللعالم بأسره، لافتًا إلى أن قوات الاحتلال كانت يمكن أن تنتظر حتى تدخل القافلة إلى المياه الإقليمية، لكنها تحتقر العالم وتؤمن أنها لن تحاسب.
وتابع: اين العالم الذي يحارب الإرهاب في كل مكان، أليس ما حدث هو إرهاب دولة بشكل منظم، لكن نقول مع ذلك أن هناك بوادر لاستيقاظ ضمير العالم، فحتى وسائل الإعلام المعروفة بمناصرة الصهاينة لم تجد مبررًا لهذه الجريمة، ومجلس الأمن لم يكن فيه سوى أمريكا لتدافع عن إسرائيل.
وأعرب عن اعتزازه البالغ بموقف القيادة القطرية المعروفة دائمًا بمناصرة قضايا الأمة في كل مكان، مضيفًا: يشرفنا أن يكون حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدي هو أول من تكلم عن هذه الجريمة وأدانها بعد ساعات من حدوثها، وطالب الضمير العربي بالاستيقاظ، كما كان أول من ذهب إلى تركيا ليحيي شهداء الحرية.
وتابع: كما أن ما وعدت به القيادة الرشيدة من تحمل تكاليف مقاضاة إسرائيل دوليًا يدل على وعي كبير بأدوات المعركة الدولية على جميع المستويات خاصة الإعلامية والدبلوماسية والقضائية.
ووجه تحية إلى الشعب التركي وقيادته وعلى رأسها رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان على مواقفهم المشرفة في كثير من المحافل الدولية مناصرة للقضايا الإسلامية خاصة قضية فلسطين، واقترح أن يقوم المهرجان بتوجيه خطابات تحية إلى القيادة في كل من قطر وتركيا على مواقفهم، بالإضافة إلى رسالة تأييد إلى أهل غزة.
من جهته قال الدكتور عبد الجبار سعيد الأمين العام لهيئة علماء فلسطين في الخارج: باسم أهل فلسطين وعلمائها نشكر سمو أمير قطر على هذه الوقفة الشجاعة، وهي ليست بمستغربة وليست الأولى أو الأخيرة، فنحن نتوقع خطوات قادمة لنصرة فلسطين والأقصى الأسير.
وأضاف: كما نشكر القائد اردوغان الذي أعاد لنا أنفاس الخلافة العثمانية بمواقفه الكبيرة، كما أعاد للقضية الفلسطينية بعدها الإسلامي، ونحييه على قوله الشهير “إذا أدار العالم ظهره لفلسطين فلن ندير ظهورنا لفلسطين وأهلها”، فهذا هو الإسلام الذي يجعل المسلمين كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، وهذا في أي جرح، فما بالنا بجرح فلسطين والمسجد الأقصى المبارك.
واعتبر أن شهداء قافلة الحرية يمثلون مشاعل النور التي اضاءت طريق الجهاد والتضحيات للأمة، وكشفت الوجه القبيح للاحتلال الصهيوني، مضيفًا: فلا يظن الصهاينة أن الأمر توقف، فها هي قافلة الحرية الثانية تستعد لجولة جديدة لكسر الحصار الظالم، لذلك على أمريكا أن تراجع موقفها من دعم الظلم والظالمين حتى لا تزيد كراهية المسلمين وأحرار العالم.
وشدد على ضرورة فك الحصار عن قطاع غزة، قائلاً: لا يعقل أن يموت الناس في غزة بسبب هذا الحصار الغاشم، 4 أعوام من الحصار والتجويع، كم من المرضى ماتوا بسبب عدم وجود حبة دواء.
وانتقد مطالبة الدول العربية مجلس الأمن الدولي بالتدخل وإدانة إسرائيل، وقال إن الشعوب العربية كانت تنتظر من وزراء الخارجية أن يسيروا إلى غزة ويكسروا الحصار بأنفسهم، معتبرًا اللجوء إلى مجلس الأمن نوعًا من الاستهتار بقضايا الأمة.
وطالب بفتح معبر رفح إلى الأبد وليس لفترة مؤقتة لدخول المواد الإغاثية فقط، وقال إن كل العرب والمسلمين يثقون في الشعب المصري المجاهد، ويعتبرونه القائد الحقيقي للأمة، وينتظرون دوره الريادي كما كان سابقًا.
من ناحيته، تحدث الدكتور أكرم كساب عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عن ظروف اعتقاله لدى سلطات الاحتلال بعد الاقتحام الإجرامي لقافلة الحرية، وقال إن جنود الاحتلال هاجموا القافلة من كل حدب وصوب كالجراد المنتشر بكل أنواع الأسلحة، في الوقت الذي كان فيه المتضامنون مع غزة يواجهونهم بصدور عارية.
ووصف كساب عدة مشاهد إنسانية من واقع الاعتقال والجريمة الصهيونية، مؤكدًا أن ما شاهده من المتضامنين الأتراك يؤكد على عظمة الشعب التركي وتجذر الإسلام في نفوسهم.
وقال إن إحدى السيدات التركيات استشهد زوجها على متن القافلة، فبكت بشدة وتأثرت لا على موت زوجها، لكن لأنها كانت تريد الاستشهاد معه، كما كان أحد الأتراك خلال الاعتقال في سجن بئر سبع متأثرا بشدة لعدم وصول المساعدات، وقال إنه حزين جدًا لأنه لم يستطع رسم البسمة على شفاه أهل غزة بتوصيل المساعدات.
وشدد على أن مشاركته في القافلة بصفته عضوا في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يؤكد على دور العلماء الإيجابي في المجتمع، داعيًا الاتحاد إلى إرسال العشرات من علمائه في القوافل القادمة للتأكيد أن العلماء ليسوا متقوقعين في المحاريب فقط، بل يشاركون شعوبهم الجهاد والنضال ويضحون بالغالي والنفيس في سبيل الله ونصرة إخوانهم المستضعفين.
وقدم الشكر للخارجية المصرية التي أرسلت مندوبًا لمتابعة ظروف اعتقاله والإفراج عنه، خاصة بعد اتصال الدكتور القرضاوي بالسفير المصري في الدوحة ومناشدته سرعة التدخل للإفراج عنه بصفته مواطنًا مصريًا.
وأكد الداعية الدكتور أحمد الحمادي اعتزامه المشاركة في أسطول الحرية الثاني الذي يجري التحضير له حاليا، وقال د. الحمادي إنه اعتذر عن عدم المشاركة في الأسطول الأول رغم تلقيه دعوة من أحد مسؤولي المؤسسات الخيرية التركية لانشغاله بعدد من المشاريع الإسلامية في الوقت الحالي لكنه سيكون أول المشاركين في الأسطول الثاني إن شاء الله.
واستخف د. الحمادي بالتهديدات الإسرائيلية بمنع المتضامنين مع غزة من الوصول إليها بالقوة مثلما حدث مع الأسطول الأول، مهنئا الشهداء الذين سقطوا ضحايا العدوان الغادر على أسطولهم، مبينا أن الشهادة في سبيل الله حلم يسعى له المسلم لأنه ينال به أعلى الدرجات في الحياة الأبدية الخالدة.
واختتم د. الحمادي كلمته بدعوة الجميع لنصرة إخوانهم المحاصرين في غزة بالنفس والمال وكل ما يستطيعه المسلم لأنه لا يفل الحديد إلا الحديد.
وبدوره أكد الأستاذ الدكتور علي محيي الدين القرة داغي نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين ورئيس لجنة الأقليات المسلمة بالاتحاد أن الأمة الإسلامية هي أمة العزة والكرامة على مر التاريخ انها بخير غير أنها تحتاج إلى قيادة تقودها إلى شواطئ العزة والمجد والكرامة.
وقال إن المسؤولية في عودة العزة للأمة تقع في المقام الأول على القادة والحكام، كما أن العلماء يتحملون جزءا من المسؤولية تجاه الأمة وتحقيق عزتها وكرامتها.
وأوضح د. القرة داغي أن هناك العديد من المؤشرات على أفول نجم الصهيونية وغروب شمسها، إذ لم تستطع أن تفعل شيئا رغم عدوانها الغاشم على قطاع غزة العام الماضي كما أنها لم تستطع فعل شيء في عدوانها على جنوب لبنان من قبل.
وأضاف أن الصهاينة أرادوا بعدوانهم على اسطول الحرية أن يعيدوا شيئا من كرامة جيشهم المهزوم لكن الله كان لهم بالمرصاد وحاقت بهم الفضيحة والخزي والعار من كل جانب، انقلب السحر على الساحر، وبدأت نظرة العالم الغربي الذي ظل سنين طويلة ينظر إليهم على أنهم الحمل الضعيف وسط غابة من الأسود، بدأت هذه النظرة في التغير، وأصبح الغرب جميعا على قناعة تامة بأن إسرائيل هي الظالمة وهي المعتدية، ولم يعد لها مساند أو مؤيد في الغرب سوى أمريكا التي إن لم تغير من مواقفها تجاه إسرائيل فسوف تنهار كما انهار الاتحاد السوفيتي من قبل.
وأشاد بالمواقف التركية المشرفة، قائلا إن من المبشرات بعودة مجد الأمة وعزتها ما نراه من المواقف التركية التي عبر عنها رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان وغيره من المسؤولين الأتراك، فمن كان قبل عشر سنوات يصدق أن تركيا ستكون يوما ما داعمة للحق العربي والفلسطيني بل متصدية للغطرسة الصهيونية بهذه القوة.
ودعا جميع المسلمين للجهاد بالنفس والمال نصرة لقضية فلسطين، مقدما شكره للقيادة القطرية على مواقفها المشرفة في نصرة القضية الفلسطينية على الدوام وموقفها الأخير المتمثل في تحمل تكاليف ملاحقة إسرائيل قضائيا وقانونيا وإعلاميا.
كما حيا المواقف التركية مؤكدا أنها تبشر بعودة العثمانيين نسل السلطان عبدالحميد الذي ضحى بنفسه من أجل فلسطين ورفض أن يساوم عليها بأموال الدنيا.
و طرح الدكتور مصطفى الصيرفي الداعية الإسلامي وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، طرح سؤالا واحدا هو لماذا رجب طيب أردوغان هو وحده الذي يحمل راية التصدي للمد الصهيوني الخطر على الأمة ومقدراتها؟، وأجاب د. الصيرفي قائلا: إنه الإسلام، فقد نشأ أردوغان نشأة إسلامية وتربى على منهج الإسلام وجعله منهجا لحياته وطبق شعار "الإسلام هو الحل" بصورة عملية، فمن هنا كانت بواعث الغيرة على القضايا الإسلامية واضحة بصورة جلية في حياته وفي كل تصرفاته.
وشدد د.الصيرفي على ضرورة أن يتمسك المسلمون بالإسلام كمنهج حياة وأن يطبقوا أوامره ونواهيه على كافة شؤون حياتهم، مؤكدا أن مجد الأمة لن يعود حتى تعود إلى الإسلام قولا وعملا، وأنها لن تتقدم أو تتوحد إلا في ظلال راية الإسلام.
ونوه بالنهضة الإسلامية التي يعيشها المجتمع التركي قائلا إنه زار مسجد أبي أيوب الأنصاري في تركيا في صلاة الفجر فإذا بالمصلين وكأنهم في صلاة الجمعة، مبينا أن هذا الأمر لو تحقق في جميع مساجد المسلمين لعادت لهم العزة والكرامة والمجد.
وفي ختام المهرجان، شدد العلامة الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين على أهمية الدور الذي تضطلع به قطر أميرا وحكومة وشعبا في نصرة القضايا الإسلامية، منوها بالمواقف المشرفة التي يتخذها سمو أمير البلاد المفدى تجاه قضايا المسلمين وفي مقدمتها قضية فلسطين.
وقال إن مواقف سمو الأمير تسبق مواقف الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين حيال معظم القضايا الإسلامية والعربية، مقدما شكره وتقديره باسم علماء المسلمين جميعا لسموه وللقيادة القطرية التي تدعم دائما الحق الفلسطيني.
ووجه كذلك رسائل شكر وتقدير لرئيس الوزراء التركي على مواقفه الشجاعة والجريئة من القضية الفلسطينية، داعيا جميع القادة العرب والمسلمين إلى أن يتخذوا مواقف على قدر المسؤولية وألا يتخلفوا عن قضايا إخوانهم الفلسطينيين.
وشدد القرضاوي على أن الأمة الإسلامية لن تموت وإن كانت تنام أو تنوم، لأن بقاءها محفوظ بحفظ الله للطائفة المنصورة التي هي في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس التي تشمل الشام ومصر.
وقال إن الأمة على خير لكن الضعف في القيادة، فقد كنت قبل 10 أيام في الجمهورية الإسلامية الموريتانية وعقد هناك مؤتمر لنصرة القدس وكان حضوره أكثر من 30 ألفا من الجماهير المؤيدة للحق الفلسطيني في القدس، لكن المشكلة دائما في القيادات.
انبرست يؤكد دعم ايران لقافلة حرية فلسطين
اعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية رامين مهمانبرست دعم ايران الشامل لقافلة حرية فلسطين لكسر الحصار البحري الصهيوني المفروض على قطاع غزة. وصرح مهمانبرست حول اقدام جمعية حقوق الانسان والحريات والاغاثة الانسانية التركية في اسطنبول (IHH) لارسال 9 سفن تحمل الف ناشط دولي لنصرة فلسطين و20 مليون يورو من المساعدات الانسانية الضرورية لسكان قطاع غزة المحاصرين باعتبرها اكبر مساعدات اغاثية الى هذه المنطقة, قائلا: ان الجمهورية الاسلامية الايرانية وفي اطار دفاعها عن الشعب الفلسطيني المظلوم وكسر الحصار الظالم على غزة وتحرير كامل الاراضي الفلسطينية, تعلن دعمها ومساندتها الشاملة لكسر الحصار البحري على قطاع غزة من قبل مجموعة من مناصري فلسطين تحت عنوان "قافلة حرية فلسطين".
واضاف: ان وزاة خارجية الجمهورية الاسلامية الايرانية تدين تهديدات الكيان الصهيوني والعقبات التي يضعها للحيلولة دون وصول المساعدات الانسانية الى الشعب الفلسطيني, وتعلن ان اعتراض هذه القافلة سيكون بمثابة انتهاك للمبادئ الدولية وحقوق الانسان, وجريمة لا تغتفر.
إن الحمد لله وحده، نحمده، ونستعينه، ونستهديه، ونستلطفه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا؛ داعين الله أن يكرمنا بنور الفهم، ويخرجنا من ظلمات الوهم، ويهدي سبيلنا بنور العلم؛ إنه سميع قريب مجيب.
وبعد، فعلى إثر تبعات أحداث "قافلة الحرية"، التي استشهد فيها ثلة من خيرة الأمة دينا وخلقا، وعلما وعملا؛ ممن باع الدنيا فاشترى الآخرة، وطلّق الملذات فآثر الباقيات الصالحات، رحمهم الله تعالى برحمته الواسعة… آمين.
على إثر ذلك، رأينا من الواجب إصدار النداء الآتي:
يجب على كل مسلم عاقل، مدرك للأمور، عارف بأحوال العصر، وجوبا عينيا لا كفائيا، أن يعتقد نصرة المسلمين، وجهاد الظالمين، وأن ينصر إخوانه في غزة وفلسطين، وكذا المعتدى عليهم في "قافلة الحرية"، سواء أكانوا مسلمين أم غير مسلمين.
ولقد تضافرت النصوص القطعية من القرآن الكريم، والسنة النبوية الشريفة، على هذا الحكم، من مثل قوله تعالى: "وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ"[التوبة:71] ، "وَإِنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ"[الأنفال:8]، "وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُواْ قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ "[سورة آل عمران:167].
وقال عليه السلام: "ما من مسلم يخذل امرأً مسلماً في موضع تنُتهك فيه حرمته، ويُنتقص فيه عرضه، إلا خذله الله في موطن يحب فيه نصرته، وما من امرئٍ ينصر مسلماً في موطن يُنتقص فيه من عرضه، وتُنتهك فيه حرمته، إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته"، وقال عليه السلام: "انصر أخاك ظالما أو مظلوما"، وقال: "من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم". ولقد قرر العلماء: ولو أمرا دنيويا".
وعليه؛ فالحكم العقدي الفقهي على الجهاد في مثل هذه الحال، مما لا يجوز الاختلاف فيه، ولا المباحثة في جزئياته وتفاصيله، لاعتبارات سياسية أو مصلحية… والمقرّر شرعا أنّ الحق قديم، وأنّ الحق واحد، لا يتبدل ولا يتغير بتبدُّل الظروف وتغير الأحوال.
ولا يجوز لمسلم الاقتصار على مجرد التألم والتكلم، ولا التعفف والتأفف، بل الواجب على كل مسلم أن ينتقل إلى طور "النصرة العملية الحقة"، بالضوابط الآتية:
1- أن تكون النصرة لوجه الله تعالى، وفي سبيله، لا لدنيا يصيبها، أو منصب يرنو إليه، أو شهرة يبتغيها.
2- أن لا يضُر ذلك بوحدة المسلمين، ولا بمصلحة الأمة والوطن.
3- أن يجاهد بما استطاع إلى ذلك سبيلا، وأقرب أنواع الاستطاعة اليوم: الإنفاق بالمال والوقت والجهد، لفك الحصار، ورفع الظلم، وتحقيق العزة للمسلمين والعدالة للبشرية جمعاء.
4- أنّ كلّ من هو أهل للفتوى يجب عليه إعلان فتواه صراحة، ومن تقاعس تقاعس في النار، فإن لم ينفع الفقه في مثل هذه الظروف التي أُزهقت فيها أرواحٌ واستبيحت حرمات، ففيم ينفع إذن؟
5- أنّ العالـِم والمعلم، والإعلامي والسياسي… وكلَّ من له صوت يُسمع، يحرم عليه الصمت أو الحياد، أو التبجُّح بما لا ينفع ولا يضر، ولا يقدم ولا يؤخر.
6- أن تُعتقد البراءة من كل من ساهم في حصار الأبرياء المسلمين في غزة وغيرها، وأن لا يُتعامل مع هؤلاء ولا يُوالون، ذلك أنهم ممن قال فيهم جل من قائل: "وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ"[سورة المائدة:51]"، وأمرنا بقوله: "إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ"[سورة الممتحنة:9]، وهؤلاء ممن قاتلنا في الدين، وأخرجنا من ديارنا، وظاهر على إخراجنا. ولا يغرنكم أنهم منسوبون إلى الإسلام أو العروبة أو غيرها.
وبمناسبة هذا الحدث نحيي الجزائر دولة وشعبا، لإقدامها على إرسال سفينة، وتجنيد مجاهدين؛ ضاربة بذلك أروع مثل في النصرة والتمكين. وينبغي أن نتخذ هذه المبادرة فرصة لتوحيد الصف ورأب الصدع، ومعرفة العدو، والحذر من كل ما يُودي بوطننا إلى المهالك، وسائرِ بلاد المسلمين.
وكذا نترحم على الشهداء في غزة وفلسطين، وعلى الشهداء في قافلة الحرية المجاهدين، وندعو إلى صلاة الغائب في كامل مساجد الوطن، وإلى الدعاء عن ظهر الغيب لهم بالرحمة والقبول، وبأجر الشهادة وفضلها، قال تعالى: "وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ، فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ"[سورة آل عمران:169-170]