التصنيفات
الأدب واللغة العربية

مقاربة بنيوية سيميائية في رواية "اللص والكلاب"

مقاربة بنيوية سيميائية في رواية "اللص والكلاب"


الونشريس

الموضوع:
مقاربة بنيوية سيميائية في رواية" اللص والكلاب" لنجيب محفوظ

-تمهيد:
– كل خطاب روائي ينتج في النهاية موقفا من العالم لكن هذه الرؤية ليست حكما قاطعا وإنما تبقى وجهة نظر تجاه المجتمع…ووسم هذه الرواية بالذهنية لا يعني خلوها من السمات الواقعية الاجتماعية،وغنما هي " مزيد من الواقع وتكثيف للواقع" كما قال صاحب المنتمي الدكثور " شكري الغالي"،كما لاتخلو من جوانب نفسية فقد رصد نجيب محفوظ الجانب السيكولوجي لشخوص الرواية " سعيد مهران"خاصة
– ولم يقف نجيب محفوظ عند حد الواقع المعيش وإنما تجاوزه ، إذ لايمكن لأديب أن يجعل من الاغتيال الفردي رسالة في الحياة وإنما كان هدفه تصوير الازمة كأبعد مدى ليقول لنا ان الواقع أبشع مما نتصوره. وقد واصل نجيب محفوظ الطابع الذي بدأه – في هذه المرحلة – في روايته " اللص والكلاب" إذ ظل البحث عن العدالة والديمقراطية هو الصيغة الرواية التي انتهجها.وعبر عن ذالك بأسلوب متميز مازجا بين التقنيات الأسلوبية والسردية المحدثة،وبين لغة فصيحة شعرية رمزية لاتخلو من بعض المصطلحات الشعبية القريبة من الفصحى.
-أولاً- البنية الدلالية في الرواية:
البناء الدلالي في الرواية لايكون بواسطة ترتيب الجمل في النصوص فحسب وأنما يستند إلى هياكل حكائية تشكل بدورها خطاباً وتكسبه تنظيماً داخلياً وتمشكلات خطابية حكائية ،ولا يمكن تحديد عنصر دلالي إلا من خلال علاقته بالعناصر الاخرى علاقة خلافية أو تكاملية ومن أبرز هذه البنى السردية
1- البنية الانتقامية:
-تتمثل في علاقة الشخصيات ببعضها البعض،أو في علاقة الشخصيات المحورية مع باقي الشخصيات ،وهي تقوم من حول بطل الرواية"سعيد مهران" إذ يبث انتقامه لباقي الشخصيات بشكل كبير ( نبوية – عليش-رؤوف علوان)
-سعيد ــــــــــــــــــــــــ باثاً ـــــــــــــ نبوية – عليش ( يتلقيا الانتقام ص:7-12-13-15)
رؤوف علوان ( متلقي ص:49-51-87-101)
رؤوف علوان ـــــــــــــ باثاً ــــــــــــــ سعيد ( متلقي ص:53-58-143)

– شخصية "سعيد مهران " من أكثر الشخصيات بثاً للانتقام، كما يؤثر انتقامه على البناء الحدثي للرواية،فهو شخصية فاعلة في النص ،يبث اكثر مما يستقبل،كما ان هذا الانتقام كام موجها لشخصيات كانت تربطه بهم علاقة حميمة( رؤوف علوان:الأستاذ والصديق الخائن ،نبوية :الزوجة الخائنة ، عليش: الصديق الخائن) رغم أن فكره الانتقامي كان موجهاً بشكل خاص نحو" رؤوف علوان" لأنه صاحب العقل والتاريخ فخيانته أفظع ..وسنلحظ أن هذه البنية ترتبط بالبنى الاخرى وتتداخل معها في علاقة تضادية وتكاملية.
2- البنية العاطفية:
– هي ثاني بنية تستوسع في الخطاب وتشكل نقطة مهمة في التحول الدلالي الدرامي للرواية،كما سنلحظ أن سعيد مهران هو المستحوذ الأول على هذه البنية .
سعيد ـــــــــــــ باثاً ــــــــــــــ الأب ( متلقي )
نبوية ( متلقية ص: 33-111-112- 113- 131)
نور ( متلقية ص: 174- 181- 182- 185)
رؤوف (متلقي ص:37- 40- 41- 129- 130)
الشيخ علي الجنيدي( متلقي ص:23-24- 30- 129)
الإبنة سناء ( متلقية ص: 7-15-17- 18-85-110)
هذه الشخصيات التي بثها سعيد عاطفته هي نفسها التي تعرفنا عليها في البنية الانتقامية باستثناء ( الشيخ – نور -سناء) وهذ امايشكل علاقة تواصلية وتضادية مع البنية السابقة ، فالسبب العاطفي كان وراء رغبة سعيد في الانتقام من الزوجة التي أحبها فخانته، ومن الصديق الذي رعاه وحماه ومن الأستاذ الذي كان تلميذ نجيباً عنده .
-3 البنية الدينية:
ثالث بنية تشكل تطوراً على المستوى الدلالي ،لكن في هذه البنية يتراجع سعيد لتحل محله شخصية أخرى هي شخصية الشيخ" علي الجنيدي"
الشيخ ــــــــــــ باثاً ــــــــــ سعيد (متلقي ص:24- 33-89- 92- 96-98- 201- 208 )
– يبدو( سعيد) الشخصية الوحيدة المستقبلة للجانب الديني الذي يشكل علاقة تضادية مع البنية الانتقامية،فسعيد كان يقصد منزل الشيخ بحثاً عن الملاذ النفسي لكنه لا يجده وبالتالي يعود لفكرته الانتقامية متجاهلاً حديث الشيخ معه ،ولهذا فالبنية الدينية وغن كانت تشكل تطور دلالي فإنها لم تحدث تطور في فعل الشخصية المحورية.
ثانياً- بناء الشخصية المحورية في الرواية:
يقول الكثور عبد المالك مرتاض:" الشخصية هي التي تستميز بها الظاعمال السردية عن أجناس الادب الأخرى أساساً،فلو ذهبت الشخصية من أي قصة …لصنفت ربما في جنس المقالة…".
وقد اقتصرت رواية اللص والكلاب على عدد محدود من الشخصيات( سعيد مهران- رؤوف علوان -نور -نبوية – عليش-الشيخ علي -معلم طرزان -رجال البوليس)
-أما الشخصية البطلة فهي شخصية سعيد مهران وهي الشخصية التي يدور حولها الحدث ، شخصية مأزومة والمواقف كلها تعبر عن أزمتها، فأزمة البطل منذ البداية نابعة من تنكر الإبنة له وخيانة الزوجة، وغدر الصديق،لقد التمس الحل عند صديق والده " الشيخ علي" فلم يظفر بحل بل بمجموعة من التمويهات الصوفية…
"…أنت لم تخرج من السجن
– يامولاي كل سجن يهون إلا سجن الحكومة
-هل تذكرتني
– ولك الساعة التي أنت فيها !" الرواية ص:86
– والتمس سعيد الحل عند رجل الصحافة والأستاذ فلم يظفر بغير النفور وتأليب وجال الأمن عليه ‘
" سعيد ليس اليوم كالأمس،كنت لصاً وكنت صديقاً لي في ذات الوقت لأسباب تعرفها، ولكن اليوم غير الأمس ،إذا عدت للصوصية فلن تكون إلا لصاً فحسب "الرواية ص:40
– وقد اعتمد الكاتب في تحليله لنفسية (سعيد مهران) على تداعي المعاني والأفكار وتسلسلها داخل نفسه عن طريق أحلام اليقظة أو الاسترجاعات المتتالية للماضي كما هو في الفصل الثامن والعاشر.
" لست كغيري ممن وقفوا قبلي في هذا القفص إذ يجب أن يكون للثقافة عندكم اعتبار خاص ،والواقع أنه لافرق بيني وبينكم إلا أني داخل القفص وأنتم خارجه …أما المضحك حقاً فهو ان أستاذي الخطير ليس إلا وغداً خائناً ..".
– ففي الفترة التي قضاها سعيد في السجن كان رؤوف قد مارس خيانة أفظع من خيانة نبوية وعليش،إذ تحول إلى جانب الطبقات التي حاربها من قبل لقد خذله الشرفاء (في نظر المجتمع) فأنصفه غير الشرفاء، أنصفته نور عندما اتخذ من بيتها وقلبها مأوى له ، خانته الزوجة ووفت له البغي
-ثالثاً- سيميائية الإسم:
– عمد نجيب محفوظ إلى تبني الإسم بحسب الدلالة العكسية للشخصية أحياناً وأحيانا حسب الدلالة المطابقة للشخصية ،وهذا ما نلحظه في إسم سعيد مهران إذ يتكون هذا الإسم من شقين:
1-سعيد : بمعنى السعادة والفرح والهناء وغذا نظرنا إلى صاحب الإسم " البطل" نجد انه عاش حياى تعاسة وبؤس لا مكان فيها للسعادة بداية من خروجه من السجن…. إلى موته( المقبرة)
– مهران: تعني المهارة والكفاءة والنجاح غير أن سعيد لم يحظ بكل هذا، بل كانت سيرورته مليئة بالفشل في كل خطوة يحاول القيام بها مثل محاولة قتل الزوجة والصديقة فقتل بدلهما رجل بريء لا علاقة له بالحدث ، ومحاولة قتل رؤوف علوان فقتل بدلامنه الحارس الشخصي له…إلى أن ألقي القبض عليه بعد مطاردة بوليسية.
– نور:إسم الشخصية المساعدة للبطل والتي كانت النور الوحيد الذي أضاء له حياته المظلمة
– سناء: الإبنة: وقد كانت فعلا الضياء الذي يبحث عنه البطل وسعى للحصول عليه دون جدوى
– رابعاً- التمويه الحدثي:
-من التقنيات السردية التي اصطنعها الروائي،بحيث تصدر الشخصيات أحكاماً فتنخدع بها،إذ تظل تلك الاحداث وهماً لا تقع أبداً،ويقصد الكاتب بهذه التقنية مخادعة المتلقي، كما جاء في قوله ص:7:"لن أقع في الفخ ولكني سانقض في الوقت المناسب كالقدر" وماورد ص145" …لكني لن أموت قبل ان أقتلك،أنت الخائن الاول ماأعبث الحياة إن قتلت غداً جزاء رجل لم اعرفه ، فلكي يكون للحياة معنى وللموت معنى يجب ان أقتلك"
وماورد في قوله " الرصاصة التي ستقتل رؤوف علوان ستقتل في الوقت نفسه العبث والدنيا بلا أخلاق ككون بلا جاذبية" وكل هذا لم يحدث في الرواية ،وإنما هي إشارات وتمويهات حدثية .




رد: مقاربة بنيوية سيميائية في رواية "اللص والكلاب"

جزا ك الله خيرا




رد: مقاربة بنيوية سيميائية في رواية "اللص والكلاب"

تحميل البحث مقارنة بنيوية لرواية اللص والكلاب




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.