التصنيفات
البحث العلمي و ما بعد التدرج

مساعدة شباب .:؟

مساعدة شباب …:؟


الونشريس

اريد مذكرة تخرج للسنة الثالثة جامعي تخصص اداب تحت عنوان " التفكير البلاغي لابي الهلال العسكري "

او اريد خطة بحث لهذه المذكرة وشكرا




رد: مساعدة شباب …:؟

أحمد مطلوب ودراساته المصطلحية

م.م نبراس جلال عباس كلية التربية الأساسية / جامعة ديالى

المقدمة
الحَمْد’ للّهِ ، والصلاة والسلام على رسول اللّه ، وعلى آله وصحبه ومَن و ا***65269;ه ، وبَعد’ يظل التراث الأصيل خالدا ، لأنه ينبع من أعماق الأمة ويصور حياتها الفكرية ، وقد كانت آثار الدكتور أحمد مطلوب من ذلك التراث الأصيل الذي عبّر عن وجدان الأمة العربية ، فقد شغل الدارسين وانتشرت كتبه ورسائله في الآفاق ، ولا يزال يتدفق عطاءً ويوحي بكثير من البحوث والدراسات ، ولأن الدكتور أحمد يعد من إعلام البلاغة لذا وجدت الضرورة العلمية تدعوني إلى تناول هذه الشخصية .
ومن أولى الخطوات أن يبدأ البحث بإلقاء الضوء على سِيَر النوابغ الذين شادوا صرحا حضاريا عظيما ، وأن يقف على منهج البحث عندهـم لتكتمـل الصـورة ، ولن يقلل من جهد الأوائل اختلاف مصطلحاتهم وتباين نظراتهم ، فلكل زمان أعلامه ، ويظل أمثال الدكتور مطلوب يرفدون الثقافة العربية بالعلم الغزير ، والمنهج الدقيق ، والرأي السديد ، وما يحتاج إليه أبناء الأمة في بناء الحاضر واستشراف المستقبل .
وقد وجدت في تراثها الأصيل ما يجعل حاضرها مشرقا ومستقبلها مونقا تحث الخطى ، وتؤم مطلع النور لتقيم صرح الحضارة من جديد كما كانت في عهودها الزاهرة ، وانه لمن الخير أن يتسابق أبناؤها إلى العمل والبناء وفي قلوبهم إيمان صادق ، وفي نفوسهم أمل عظيم ، وفي عقولهم فكر منير ، فلقد كان للدكتور أحمد تاريخ طويل معها ، فهي الشاغل الأول له اختصاصا واهتماما ، وهي موضوعه الأول في حياته طالبا وأستاذا ، وهي أيضا مغروسة وقائمة في اهتماماته الثقافية الأولى ، ومتواصلة في مختلف موضوعاته الدراسية في مؤلفاته اللغوية والأدبية والنقدية .
وقد حظي الدكتور أحمد بإشادة الأساتذة الأفاضل ، الدكتورة سهير القلماوي ، إذ قالت فيه : – (( ….. أحمد مطلوب مثال نادر للدائبين المجتهدين في البحث العلمي )) ،
ووصفه ذات مرة أستاذنا الدكتور قصي سالم علوان فقال : – (( ….. هو رائد البحث البلاغي في العراق في العصر الحديث )) .
وهذه الآراء في أستاذنا زادتني شوقا للبحث عن كل ما ميزه عن الآخرين من علماء الأمة ، أملي إن يكون خطوة أولى لمن يرغب من الباحثين في أن يوسع دائرته ، لتعلن إن في وطننا العزيز علماء أمضوا سنين حياتهم – وما زالوا – في خدمة علوم اللغة العربية عامة وعلم البلاغة خاصة ، فلابّد من إن ننظر إليهم بعين التقدير والإعجاب …
وقد وضحت أبـرز النقـاط التـي أتـخـذهـا الدكـتـور أحمـد بتعاملـه مـع المصطلحـات والأسالــيب ( الدخيلـة ) التي لا يمكن إهمالها أو تجاوزها ،لأننا وجدناها حالات تكررت حتى شكلت ظواهر تستحق الوقوف عندها .
وقد بينا جهود الدكتور في تبويب المصطلحات البلاغية التي دارت في كتبه ، حيث شملت مجمل ما طرح من مصطلحات عند سابقيه فالمصطلحات أساس الدراسات العلمية ، لأنها ترسم معالمها وتوضح مبادئها .
وفي الختام أدعو الباري عز وجل انّ يعصمنا من الخطأ والزلل ويهدينا سواء السبيل انه نعم المولى ونعم النصير ، وأخر دعوانا إن الحمد’ للهِ ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين خير الأولين والآخرين …وآخـر ما أختـم به هذه المقدمة قوله تعالى : – (( ربّنا لا تزِِغ ْ قلوبنـَا بعد إذ هَدَيْتنا ، وَهَبْ لنا من لَدنـْك رحمة ً إنك أنت الوهاب )) .

{ وما التوفيق إلا من عند الله }

دراساته المصطلحية
1- مصطلحات بلاغية * : –
يقترن ظهور العلوم والمعارف المختلفة بالقواعد والأصول ووضع المصطلحات التي تدل على تلك العلوم والمعارف بوصفها أدوات التفكير ووسيلة من وسائل التقدم العلمي والأدبي ، إذ تضمن التفاهم والتواصل بين المختصين في علم من العلوم ، وهذا أدى إلى الاهتمام بالمصطلحات وتوالدها وتلاقحها بين الحضارات المختلفة وجعلها تشغل حيزا واسعا عند الباحثين والدارسين قديما وحديثا ودفعهم الى وضع المعجمات والمؤلفات والبحوث والدراسات المختلفة الخاصة بالمصطلحات تنظيرا وتطبيقا .
وكان أحمد مطلوب أحد الباحثين في هذا المجال الرحب وضمن تخصصه الجامعي وذلك بعدما اختط لنفسه البحث في البلاغة والنقد ميدانا له ، وأعطى أهمية كبيرة للمصطلحات لأنها تشكل عنده (( أساس الدراسات العلمية ، لأنها ترسم معالمها وتوضح مبادئها ، والبلاغة العربية من الفنون التي استقرت وتحددت قواعدها وأخذت مصطلحاتها معانيها بعد إن عبرت أجيالا كثيرة وشهدت جهودا عظيمة )) .
ففي هذا الكتاب قام بتتبع التطور التاريخي لمعاني المصطلحات البلاغية الكبرى : الفصاحة ، البلاغة ، المعاني ، البيان ، البديع ، وذلك من خلال الوقوف عليها في معاجم اللغة ولاسيما لسان العرب لأبن منظور ، ثم معناها في القرآن الكريم وكتب الحديث الشريف، وكتب البلاغيين (1) .
وكان للقدماء اهتمامات واسعة بالمصطلحات تنظيرا وتطبيقا ، بعد بدء الاحتكاك بثقافات الأمم والحضارات المجاورة ، وتنوع العلوم والفنون المختلفة وتزايد الاحتياج إلى اصطلاحاتها الخاصة والمناسبة لكل علم من العلوم والبلاغة والنقد أحد تلك العلوم .
ومن أوســـع تلك الاهتمامات نجدها متمثلة في أطروحات الجاحظ (255هـ) يقول : ((إن لكل صناعة ألفاظا قد حصلت لأهلها بعد امتحان سواها فلم تلزق بصناعتهم إلا بعد أن كانت مشاكله بينها وبين تلك الصناعة)) (2) ، وهذه الألفاظ كثيرة منها الفصاحة ، والبيان ، والبديع ، والاستعارة ، والتشبيه والمثل ، والكناية ، والسجع ، والإطناب (3) .
وقـد أشـاد الأقـدمـون بعـمـل الجاحـظ وبكتابـه –البيـان والتبيين– خاصـة (4) .
__________________________________________________ _
* ساعد المجمع العلمي العراقي على نشره – بغداد 1972م .
(1) الدكتور أحمد مطلوب – مصطلحات بلاغية : 5 ، ينظر أحمد مطلوب وجهوده في تحديد المصطلحات البلاغية والنقدية : 15 .
(2) أبوعثمان عمرو بن بحر الجاحظ – الحيوان : ج 3 / 368 ، ياسر محمود حمادي ألعبيدي – ينظر أحمد مطلوب وجهوده في تحديد المصطلحات البلاغية والنقدية : 15 .
(3) الدكتور أحمد مطلوب – مصطلحات بلاغية : 5 .
(4) ابن الزملكاني وجهوده البلاغية : 21 ، العسكري – ينظر كتاب الصناعتين:10– 11 .
لقد تعرض ابن قتيبة للبلاغة في كتابة تأويل مشكل القرآن وذكر بعض مصطلحاتها كالمجاز، والاستعارة ، والكناية ، والحذف ، والمقلوب (1) ، وذكر المبرد (285هـ) في الكامل ، وثعلب في قواعد الشعر كثيرا منها . وتبعهم ابن المعتز (296هـ) في البديع (2)
إذ تعامل مع المصطلحات البلاغية على نحو ٍ يشير إلى فهمه قضية المصطلح التي أثيرت في زمانه ، فحاول أن يرد كثيرا من مفاهيم المصطلحات إلى العصر الجاهلي ، وأنّ جلَّ ما قام به أدباء عصره هو كثرة استخدامهم إياها وثبت ببعض الرموز دلالات واصطللاحات ليس إلا ، وقد لقيت المصطلحات البلاغية عنده اهتمامات تطبيقية ، وذلك من خلال جمعه خمسة منها في كتابه البديع ، وهي عنده قابلة للزيادة والتغيير تبعا لما يستجد(3) .
كما إننا نجد عددا من المصطلحات البلاغية عند قدامه بن جعفر (337هـ) في نقد الشعر ، إذ عمل قدامه على وضع الأسماء والألقاب والمصطلحات وتحليل مدلولاتها ، وأبو هلال العسكري (395هـ) في كتاب الصناعتين (4) ، وابن سنان ، وابن الأثير، وابن مالك ، وأضافوا فنونا لم يعرفها المتقدمون (5) .
كما نجد المصطلحات البلاغية والنقدية المبثوثة في كتابات عبد القاهر (471هـ أو 474هـ) ويحدد قضايا وجوانب مهمة في تلك المصطلحات وإن لم يثوب بشكل دقيق – كبحثه مصطلح الفصاحة ، وإثباته بأن الألفاظ تحسن لا من أجل صفة تحملها ، بل إن الأمر يعود إلى طريقة نظمها (6) ، وغيرها من مصطلحات كالتشبيه ، والاستعارة ، والكشف عن مواضع جمالها وكيفية تحديده لهذه المصطلحات من خلال تحليله لنماذج شعرية رائعة (7) .
وعلى الرغم من هذه الجوانب الإيجابية إلا انه لا يمكن إغفال جوانب سلبية في هذا العمل ألا وهو إن هذه المصطلحات لم تكن مبوبة ومنتظمة أبواب وفصول خاصة يبحث فيها المصطلح من جميع جوانبه بل كانت بشكل قضايا هنا وهناك (8) .
فقد نشأت مصطلحات البلاغة نشأة عربية وأخذت دلالتها من الأدب العربي الذي زخر بألوان كثيرة من فنون التعبير وكان بعضهم يضع للنوع الواحد أسمين اعتقادا منه ان ذلك النوع قنان مختلفان ، وهذا يدل دلالة واضحة على إن فنون البلاغة ومصطلحاتها اختلفت على مدى الأجيال حتى (9) جاء عصر المتأخرين فوجدت انعطافة كان يمكن ان تكون حاسمة في تاريخية المصطلحات البلاغية والنقدية فاستقرت في كتابين : –

__________________________________________________ ____________
(1) مصطلحات بلاغية : 5 ، الدكتور ماهر مهدي هلال – ينظر فخر الدين الرازي بلاغيا ، الجمهورية العراقية ، وزارة الثقافة والإعلام ، دار الحرية للطباعة(1379– 1977م): 19 – 20 ، ابن الزملكاني وجهوده البلاغية : 22 .
(2) مصطلحات بلاغية : 5 ، ينظر أبو هلال العسكري ومقاييسه البلاغية : 58 .
(3) ينظر أحمد مطلوب وجهوده في تحديد المصطلحات البلاغية والنقدية : 17 .
(4) الدكتورأحمد مطلوب – مصطلحات بلاغية : 5 ، الدكتور شوقي ضيف – ينظر البلاغة تطور وتأريخ : 74 ، الدكتور بدوي طبانة – وقدامه بن جعفر والنقد الأدبي ، ط 2 ، القاهرة ( 1378هـ – 1985م ) : 332 ، 386 ، 387 ، الصناعتين : 7 .
(5) الدكتورأحمد مطلوب – مصطلحات بلاغية : 5 .
(6) عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني – ينظر دلائل الإعجاز : 306 – 308 .
(7) عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني – أسرار البلاغة : 32 ، 74 ومواضع أخرى .
(8) ( أبو يعقوب يوسف بن محمد بن أبي بكر محمد بن علي ) السكاكي – ينظر مفتاح العلوم،القاهرة ( 1356هـ – 1937م ) : 339 وما بعدها … ، ياسر محمود حمادي العبيدي،ينظر أحمد مطلوب وجهوده في تحديد المصطلحات البلاغية والنقدية : 17 .
(9) الدكتورأحمد مطلوب – مصطلحات بلاغية : 6 – 7 .

الأول : ( مفتاح العلوم ) للسكاكي (626هـ) ، إذ عمل على تقعيدعلوم البلاغةالمختلفة(1) ، وصاغ مصطلحاتها ، وحدد تعريفاتها ، ووضعها الوضع الأخير واصطنع منهجا واحدا أصبح سائدا إلى عصرنا وهو منهج جديد لولا إن البلاغيين والنقاد اتخذوه شرعة لهم ، وبدأ عمل من جاء بعده يتمثل بجهد شراح وملخصين ليس غير ، ونجد في أحيان كثيرة أنهم يزيدون المسائل تعقيدا يضاف إلى ذلك أننا نجد المصطلحات الفلسفية والمنطقية وكثرة التقسيمات
ونجد في أحيان كثيرة أنهم يزيدون المسائل تعقيدا يضاف إلى ذلك أننا نجد المصطلحات الفلسفية والمنطقية وكثرة التقسيمات والتعريفات التي بدأت تقتحم عالم البلاغة وتهيمن عليه – بدءا منذ عهد السكاكي (2) .
والثاني : كتاب ( التلخيص والإيضاح ) للخطيب القز ويني (739هـ) إذ أخذت حينئذ دلالتها العلمية ومعناها الدقيق وتوالت البحوث البلاغية حتى وصلت إلى المعاصرين من أمثال الشيخ أمين الخولي .
لذا نجد ان المنهج الخاص للدكتور أحمد مطلوب في هذا الكتاب يقوم على رصد كل مصطلح في مظاته واستقاء الرأي فيه من منابعه ، والربط بين الآراء ربطا يظهر تطورها التاريخي ، ويحدد معنى المصطلح الذي أستقر وتعارف عليه البلاغيون المتأخرون ، وفضل الابتعاد عن التعليق أو النقد على معاني هذه المصطلحات عند القدماء .
يقول : (( ولم نرد أن ننقد التعريفات أو ننقد رأي هذا أو ذاك لأنه يخرجنا عن هدفنا ، ولأنه يفتح سبيل القول ويدعو الى الخوض في أغراض شتى )) (3) ، لذا حاول تخليص البلاغة ومصطلحاتها من كل غريب علق بها يجعل القارئ يسأم من هذا الدرس ، وحاول إضفاء الرونق وإعادة الرواء للبلاغة ومصطلحاتها كما كانت أيام الجاحظ وعبد القاهر ومن تقيلهم مع شيء من التعقيد والضبط المنهجي ، وعلى سبيل المثال نراه عندما يبحث مصطلح : البيان يقول : جاء في لسان العرب : البيان : ما بين الشيء في الدلالة وغيرها ، وبان الشيء : أتضح ، فهو بين ، واستبيان الشيء : ظهر ، والبيان : الفصاحة واللسن ، وكلام’ بيِّن : فصيح ، والبيان : الإفصاح مع ذكاء ، وهنا أشارة إلى اللفظ المعنوي لكلمة البيان وهـو الظهـور وفي القرآن الكريم أشارات كثيرة إلى البيان منها قوله تعالى : – (( هذا بيان للناس هدى وموعظة للمتقين )) (4) .
والبيان : هنا الإيضاح وأستدل بقول الزمخشري : (( هذا بيان للناس : إيضاح لسوء عاقبة مما هم عليه من التكذيب يعني : حثهم على النظر في سوء عواقب المكذبين قبلهم ، والاعتبار بما يعانون من آثار هلاكهم )) (5) . وقوله تعالى : – (( الرحمن * علم القرآن * خلق الإنسان * علمه البيان )) (6) . والبيان هنا المنطق الفصيح المعرب عنه في الضمير ، ثم أنتقل بعد ذلك إلى معنى البيان في الحديث الشريف ، (( إن من البيان لسحرا ، وان من الشعر لحكمة)) ، والبيان في هذا الحديث أظهار المقصود بأبلغ لفظ وهو من الفهم وذكاء القلب (7) .
__________________________________________________ ________________
(1) أبو يعقوب يوسف بن محمد السكاكي – ينظر مفتاح العلوم : 339 وما بعدها …
(2) المواضع التي أشرت إليها كثيرة نجدها في كتاباته المختلفة ، أبرزها : للدكتورأحمد مطلوب – دراسات بلاغية: 34 وما بعدها … ، مناهج بلاغية : 402 وما بعدها … ، حامد عبد الهادي حسين – ينظر ابن الزملكاني : 29، ياسر محمود حمادي ألعبيدي -ينظر أحمد مطلوب وجهوده في تحديد المصطلحات البلاغية والنقدية : 17 .
(3) الدكتورأحمد مطلوب – مصطلحات بلاغية : 6 – 7 .
(4) آل عمران : 138 .
(5) الزمخشري – الكشاف : ج 1 / 321 .
(6) الرحمن : 1 – 4 .
(7) ( أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري ) – النهاية في غريب الحديث والأثر، تحقيق : طاهر أحمد الزاوي ، ومحمود محمد الطناحي ، القاهرة (1383هـ – 1963م ) ، ط 1 ، ج 1 / 174 .
وخلاصة القول : – نجد كثيرا من الباحثين قديما وحديثا قد أولوا عناية فائقة واهتماما كبيرا بالمصطلحات البلاغية وسبل وضعها وألفت في ذلك الدراسات والبحوث المختلفة التي بتعددها تعددت مناهج هؤلاء الباحثين ، وذلك لأن الباحث يحتاج في بحثه إلى أن يخطو خطوات إجرائية ترتبط بالدقة العلمية والمعرفية التي بدورها ارتبطت برؤية كل قوم من الأقوام ، فضلا عن الثقافة التي يتمتعون بها .
وقد كان أسلوب أحمد مطلوب وطريقته في التعامل مع المصطلحات البلاغية وترتيبها بشكل منظم ودقيق على وفق منهجه الثابت المتميز بالخصوصية والاستقلالية عن باقي المناهج الأخرى .
2 – معجم المصطلحات البلاغية وتطورها (1) : –
كان كتاب ( مصطلحات بلاغية ) منطلق الشروع في وضع معجم لمصطلحات البلاغة، وقد بدأ الدكتور أحمد مطلوب بجمع المادة منذ سنوات طويلة حتى أذا أكمل الجمع وضع المعجم بأجزائه الثلاثة التي أصدرها المجمع العلمي العراقي بين سنة 1983وسنة 1987م.
لقد رصد واضع المعجم المصطلحات البلاغية وصنفها بحسب حروف الهجاء العربية، إذ أتخذ الترتيب الهجائي القاعدة الأساسية التي يبني عليها من دون أن يلتفت الى أصل كل مادة من مواد المصطلح أو ارتباطها بالمعجم القديم ، لأن في ذلك شيئا من العسر لا يخدم الهدف ولا يحقق المراجعة السريعة (2) ، يقول بهذا الصدد :
((وهو معجم يقوم على ترتيب الأنواع ترتيبا هجائيا لتسهل مراجعة النوع وجمع أجزائه في مادة واحدة والإشارة إليها إذا جاءت منفردة وجمع الآراء المختلفة في الفن الواحد))(3)، لـذا فهـو يبـدأ بمصطلـح – الائتلاف – وينتهـي بمصطلـح – وقوع الحافر على الحافر – من دون تقديم مصطلح لشرف أهمية أو شمولية كمصطلـح البلاغــة فكـان فـي آخـر الجـزء الأول ، لـذلك وضـع ( الاستفهام ) قبـل( الاسجال ) و(الارتقاء) قبل (الإرداف) و (الأغراض) قبل(الإيجاز)فالأساس هو ترتيب الحروف في المصطلح(4) . وبعد ذلك رجع المؤلف إلى معاجم اللغة العربية ليقف على معاني المصطلح اللغوية ، ثم يذكر أسماء كل مصطلح إن وجدت له عدة أسماء في كتب القدماء من البلاغيين والنقاد (5) .
ولعل الالتزام بهذه القاعدة المفيدة دفعه إلى ذكر المصطلح الواحد في أكثر من موطن بسبب اختلاف تسمية المصطلح بين العلماء (6) ، فعلى سبيل المثال نقل معنى البلاغة – لغة عند ابن منظور في معجم لسان العرب ، ثم ذكر معاني هذا المصطلح عند القدماء من أمثال الجاحظ في البيان والتبيين ، وأبي هلال العسكري في كتاب الصناعتين ، وأبن سنان الخفاجي في سر الفصاحة ، وعبد القاهر الجرجاني في دلائل الإعجاز والرازي في نهاية الإيجاز ، وابن الأثير في المثل السائر ، والسكاكي في مفتاح العلوم ، والقز ويني في الإيضاح حتى يصل إلى المعنى الذي أستقر (7) عليه مصطلح البلاغة عند المتأخرين .
_________________________________________________
(1) يقع في ثلاثة أجزاء ، منشورات المجمع العلمي العراقي ، بغداد (1983م– 1987م) وأعادت طبعه مكتبة لبنان – بيروت – في مجلد واحد سنة 1996م .
(2) الدكتورأحمد مطلوب – معجم المصطلحات البلاغية وتطورها : ج 1 / 6 .
(3) ينظر المصدر السابق: ج 1 / 8 .
(4) ينظر المصدر السابق : ج 1 / 6 .
(5) ينظر المصدر السابق : ج 1 / 402 – 406 .
(6) ينظر المصدر السابق : ج 2 / 51 وما بعدها …
(7) ينظر المصدر السابق : ج 1 / 402 – 406 .
وعندما يكون لبعض المصطلحات أو الفنون البلاغية أسمان أو أكثر فأن المؤلف يشير إلى كل هذه التسميات ، فعلى سبيل المثال مصطلح – التورية – يسمى إيهاما وتوجيها وتخيلا (1) ، ومصطلح – التجنيس – ذكره عند حرف التاء وذكره مرة أخرى عند مجموعة حرف الجيم عند تسمية الجناس (2) إلا أنه ينبه على مـثل هـذه المسائـل بعبارات ( إن النـوع السابـق ) أو ( الأنـواع المتقدمة ) أو ( المصطلح الفلاني وقد تقدم الكلام عنه ) ، مع الإشارة إلى المصادر التي ذكرت بالاسم الجديد (3) ، ومع هذا فإننا كنا ننتظر منه خطوات إجرائية وفعالة أكثر في معالجة مثل هذه الإشكالات ، لأنه هو الداعي إلى تخليص المصطلحات من الفوضى في التسميات والتكرار الذي يقع فيها ، ولاسيما بعدما سنحت له الفرصة في مباشرة مثل هذا الجهـد الضخـم ، كمـا إننا نجـده يقحـم بـعض المصطلحـات المهملـة كمصطلـح ( البراعة ) (4) الذي أشار اليه في موضع أخر ومبكر إن مثل هذه المصطلحات قد أصبحت من المصطلحات المهملة في الأوساط الأدبية منذ القدم(5).
ومما تجدر الإشارة إليه أن هناك علاقات واضحة بين كتابه الأول (مصطلحات بلاغية) وبين الثاني (6) ( معجم المصطلحات البلاغية وتطورها ) فلقد أراد للأول أن يكون النواة الأولى لمعجم يضم مصطلحات البلاغة العربية الأساسية ليكون مرجعا للباحثين ، ولقد زعم أحد الباحثين بالتأثر الواضح بين معجمه ومعجم الدكتور بدوي طبانة ( معجم البلاغة العربية) (7) ، وليس الأمر كذلك (8) ، إذ الفرق بين المعجمين كبير إذ صنف الدكتور أحمد معجمه على وفق الهجاء العربية ، وذكر الفنون البلاغية المختلفة ، ونقل تعريفات القدماء لكل مصطلح ، مراعيا المنهج التاريخي لكل مصطلح حتى يصل بعد ذلك إلى العصور المتأخرة ، إذ أستقر التعريف مع ذكر التسميات المختلفة للمصطلح البلاغي الواحد ، أخبرني الدكتور أحمد مطلوب إنه لم ير معجم طبانة إلا بعد طبع معجمه وليس غريبا أن يكون بعض الاتفاق في موضوعين متشابهين ، فالملاحظ إن أغلب عناصر هذا المنهج متوافرة في كتاب ( مصطلحات بلاغية ) الذي صدر عام ( 1972م ) أي قبل سنتين من صدور ( معجم البلاغة العربية ) للدكتور بدوي طبانة وطريقة تحديده للمصطلحات وتعامله معها ، إلا أننا نقول أنّ المؤلف قد أختط لنفسه في وقت مبكر منهجا علميا في طريقة تعاطيه المصطلحات، كما إن عناصر هذه المنهجية ليست بجديدة على مؤلفات السلف في هذا الميدان ، ومنها (التعريفات) للسيد الشريف الجرجاني ، إذ يبدأ المؤلف بذكر المعنى اللغوي للمصطلح ثم الاصطلاحي ، ومن ثم ينسب المصطلح إلى أصحابه الاختصاصين (9) .

(1) ينظر المصدر السابق : ج 1 / 402 – 406 .
(2) الدكتور أحمد مطلوب – معجم المصطلحات البلاغية وتطورها : ج 1 / 371 – 376.
(3) ينظر المصدر السابق : ج 2 / 51 وما بعدها … ، 414 .
(4) ينظر المصدر السابق : ج 1 / 8 ، وتنظر النماذج : ج 1 / 371 ، ج 2 / 383 وهو ما يتعلق بمصطلح الإيهام والتورية ( بالتفصيل ) .
(5) ينظر المصدر السابق : ج 1 / 387 – 402 .
(6) الدكتور أحمد مطلوب – مناهج بلاغية : 295 .
(7) عبد الحسن علي مهلهل السهلاني – ينظر الدرس البلاغي في العراق في العصر الحديث (1951م – 1985م ) ، أطروحة دكتوراه ، جامعة البصرة ، بأشراف الدكتور: قصي سالم علوان ( 1421هـ – 2000م ) : 167 وما بعدها …
(8) الدكتور أحمد مطلوب – مصطلحات بلاغية : 5 وما بعدها …
(9) الشريف الجرجاني – ينظر التعريفات : 5 – 10 .
ويعد المؤلف هذا (( أهم مزية لهذا الكتاب )) (1) ، وقد شهد الباحثون (( وهو جهد قيم للأستاذ الدكتور أحمد مطلوب بدأه قبل أن يكون عضوا في المجمع العلمي العراقي ، وقد ضم عددا من المصطلحات البلاغية والنقدية القديمة ، ويمكن إن نعده رافدا مهما وأساسا لبناء معجم عربي بلاغي نقدي شامل )) (2) .
وخلاصة القول : – لقد أستعرض المؤلف التطور التأريخي لكل مصطلح بلاغي تبين من خلال ذلك مدى تأثر اللاحقين بالسابقين من البلاغيين والنقاد في تعريف كل مصطلح ، والذي دفعه إلى هذا هو ما أراده من معجمات في أن تكون مرجعية شاملة وواضحة للباحثين في البلاغة والنقد ، وأن تكون مصدرا من مصادرها ، ونال ( معجم المصطلحات البلاغية وتطورها ) عناية من الباحثين والمهتمين بالبلاغة والمعجمية ، وسارعت مكتبة لبنان إلى أعادة طبعه بمجلد واحد سنة 1996 م ، كما أعادت طبع ( معجم النقد العربي القديم ) بمجلد واحد سنة 2001 م ، وكتبت عنه بحوث مستفيضة منها بحث ( مصطلحات البلاغة العربية في معجمين ) للدكتور وليد محمود خالص (( جامعة الإمارات العربية المتحدة )) (3) ، وقد قارن بينه وبين ( معجم البلاغة العربية ) للدكتور بدوي طبانة الصادر سنة 1975م ، وانتهى الدكتور وليد إلى أن المعجمين يختلفان كل الاختلاف في أربعة أمور: الأول : الهدف : إذ وجه الدكتور طبانة معجمه إلى القارئ في حين أن الدكتور أحمد معجمه إلى ( مؤرخ البلاغة ومن تعنيه المقارنة بين الفنون عند العرب وغيرهم من الأقـوام ) ، ثم هو يوضح ارتباط المصطلحات وتأثر اللاحقين بالسابقين، ويقدم للمحققين مادة علمية ، أي أنه وجه عمله إلى ثلاث فئات هي :- مؤرخو البلاغة ، ومن تعنيه المقارنة والمحققون ، وهي فئات متخصصة ستعنى بهذا العمل وتستفيد منه .
الثاني : المداخل : إذ اصطنع الدكتور طبانة الترتيب الهجائي في تصنيف المواد بعد تجريدها من أحرف الزيادة ، وفي هذا صعوبة في حين رتبها الدكتور أحمد بحسب حروف المصطلح كلها ليسهل إلى الرجوع إليه ، وهذا المنهج هو ما ارتضته كثير من المعاجم المختصة في الترتيب لأنها ( وجدته محققا للغاية التي تسعى إليها ، فضلا عن إدراكها إنها تتعامل مع المصطلح كوحدة لغوية متكاملة ذات دلالة خاصة، ولذلك يكون وضعها كما هي في السياق المعجمي أفضل بكثير من تجريدها من حروف الزيادة ووضعها في مادتها الأصلية ) .
الثالث : الشروح : إذ كانت لكل من المؤلفين طريقته الخاصة في التعريف وإيراد الشواهد فالدكتور طبانة يرمي إلى تقريب مدلول واحد للمصطلح من خلال نظرته التاريخية له .
وقد نتج من ( هاتين الطريقتين ثلاث أمور هي : قصر التعريف عند الدكتور طبانة وطوله عند الدكتور مطلوب ، والاكتفاء بشواهد قليلة عند الأول والإفاضة في إيراد الشواهد عند الثاني ما دام المعنى المتغير للمصطلح بحاجة اليها ….
أما الأمر الثالث فهو اكتفاء الدكتور طبانة بنقل مضمون النصوص من المصادر ، أو اقتطاع جزء منها ، بينما يعمد الدكتور مطلوب إلى إيراد النصوص المتعلقة بالمصطلح مثلما وردت في المصادر بشواهدها ) .
__________________________________________________ ______
(1) الدكتور أحمد مطلوب – وضع المصطلح في البلاغة والنقد والعروض – بحوث مصطلحية : 149 .
(2) علي كاظم حسين – جهود المجمع العلمي العراقي في خدمة اللغة العربية ( 1979 – 1995م ) ، رسالة ماجستير : 204 .
(3) ينظر في مجلة مجمع اللغة العربية الأردني ( السنة الحادية وعشرون ) العدد (52) (جمادي الأولى – شوال 1417هـ – كانون الثاني – حزيران 1997م ) .
الرابع : المصادر والتوثيق// إذ اتخذ الدكتور أحمد منهجا واحدا في هذا الأمر ، فهو يعمد الى توثيق نصوصه جميعا مع استخدام الأقواس ليشير بوضوح إلى النص المقتبس ، وقد أنتظم التوثيق والإحالة المعجم كله ، ثم صنع في أخر الجزء الثالث فهرسا شاملا لمصادره التي أعتمد عليها يوحي معلومات تفصيلية عن المصدر ، في حين أن الدكتور طبانة أستعمل أشكالا متفاوته في توثيق النصوص إذ تنوع التوثيق عنده ، فهو تارة يأخذ به وأخرى يدعه ، وثالثة يشير إلى صاحب النص ويغفل ذكر المصدر .
لقد أوضح الدكتور وليد اختلاف المؤلفين في معجميهما ، وظهر من بحثه الجاد أن معجم الدكتور أحمد كان دقة في المنهج والتعريف والاستشهاد والتوثيق ، وأيسر في استعماله لأنه رتب على حروف المصطلح كلها ، وهو ما تسعى إليه المعاجم المختصة الحديثة . وكتب الدكتور عبد الكريم محمد حسين ( جامعة دمشق ) بحثا مفصلا عن المعجم بعنوان ( الدكتور أحمد مطلوب – عظم الله أجركم ) (1) ، وتتبع سرقات الدكتورة إنعام فوال عكاوي منه في كتابها ( المعجم المفصل في علوم البلاغة – البديع والبيان والمعاني ) ، وكانت السرقات من المقدمة ومواد المعجم من دون أن تشير إلى ذلك ، ولتأكيد ذلك يكتفى بالإشارة إلى ما جاء في المقدمتين .قال الدكتور أحمد (( أن المعجم في المصطلحات البلاغية وتطورها الذي ضم ألف مصطلح ومائة محاولة أريد بها وضع معجم تأريخي لهذا الفن الذي لم ينضج ولم يحترق ، وهو معجم يقوم على ترتيب الأنواع ترتيبا هجائيا لتسهل مراجعة النوع وجمع أجزائه في مادة واحدة ، والإشارة إليها إذا جاءت منفردة ، وجمع الآراء المختلفة في الفن الواحد لتسهل معرفة أول من بحث فيه وينتفع مؤرخ البلاغة ومن تعنيه المقارنة بين الفنون عند العرب وغيرهم من الأقوام كالفرس واليونان والهنود الذين قيل إن لهم أثرا كبيرا في نشأة البلاغة العربية وتطورها ، وما هو بالأثر الكبير حينما يرجع الباحث إلى هذا المعجم ويرى نشأة الفن وتطوره خلال القرون وارتباط مصطلحات البلاغة بالمتقدمين منـذ عهـد الصحابـة ( رضوان الله عليهم ) . واللغويين والنحاة الأوائل ، كالخليل بن أحمد ، وسيبويه ، والأصمعي ، وأبي عبيدة ، والفراء وغيرهم ممن لم يدرسوا بلاغة أرسطو ، أو يقرءوا صحف الفرس والهنود )) (2) .وقالت الدكتورة إنعام : (( إن المعجم المفصل هذا الذي حوى ثمانمائة واثنين وأربعين مادة معجم ينهض على ترتيب الفنون البلاغية ترتيبا هجائيا لتسهل مراجعته للفن المطلوب وشَمْل’ أجزائه في مادة واحدة ، وجمع الآراء المختلفة في الفن الواحد تفيد مؤلف البلاغة ومن يهتم بالمقارنة بين الفنون عند العرب وغيرهم كالفرس واليونان والهنود الذين قيل إن لهم أثرا كبيرا في نشأة البلاغة العربية ، وماهو كذلك وخاصة حينما يرجع المدقق الى هذا المعجم ويرى نشأة الفن وتطوره خلال القرون وارتباط المصطلحات بالمتقدمين منذ عهد الصحابة ، والأوائل كالخليل بن أحمد وسيبويه والأصمعي وأبي عبيدة والفراء وغيرهم ممن لم يدرِ ِسوا بلاغة أرسطو أو يطلعوا على صحف الفرس والهنود )) (3) ، ومثل هذا كثير في المقدمة ومواد المعجم ، مما دفع الدكتور عبد الكريم محمد حسن إلى إجراء المقابلة على الرغم من أنه لا يعرف المؤلف والمؤلفة كما ذكر في مطلع بحثه . وقد قال حين اطلع على معجم الدكتورة إنعام : (( فجعت بما وجدت من سرقة مكشوفة ومفصوحة حيث وقع الحافر على الحافر من غير جادة العلم ولا أمانته العلمية في البحث ولا أدري إِلامَ سنظل
__________________________________________________ _________
(1) منه نسخة لدى الدكتور أحمد مطلوب .
(2) الدكتور أحمد مطلوب – معجم المصطلحات البلاغية وتطورها : ج 1 / 3
(3) الدكتورة إنعام فوَّال- المعجم المفصل في علوم البلاغة – البديع والبيان والمعاني: 5 .
نتحدث عن السرقات )) لقد أنصف الدكتور وليد محمود خالص ، والدكتور عبد الكريم محمد حسين الدكتور أحمد مطلوب حينما حللا معجمه وقارناه بما صدر من معاجم البلاغة العربية وكان قد أثنى على عمل أحمد الشيخ محمد بهجة الأثري الذي قال عن المعجم : (( الكتاب دراسة للفنون البلاغية جيدة ، وقد بذل فيها الباحث – إلى توفره على تقصي التعريفات في المصادر البلاغية الكثيرة – مجهودا بينا في ربط الآراء بعضها ببعض والإبانة عن تأثر اللاحقين بالسابقين )) (1) .

3- معجم شواهد البلاغة الشعرية : –
كان الشاهد الشعري أحد شواهد اللغة العربية ، وكان اللغويون والنحويون يستشهدون بالشعر القديم في تأصيل الألفاظ العربية وصحة القواعد النحوية ، وكان هؤلاء لا يتجاوزون القرن الثاني في استشهادهم بالشعر ، أي أنهم يقفون عندما سمي بعصر الاستشهاد ، وكان البلاغيون بخلافهم إذ حفلت كتبهم بشعر مختلف القرون ، لأن المعنى وتذوق الجمال وبراعة الأسلوب أساس الاستشهاد .
ازدادت العناية بالشواهد في العصر الحديث ، ووضع عبد السلام محمد هارون ( معجم شواهد العربية ) وكان اهتمامه بشواهد اللغة والنحو ، ولذلك لم يكن نصيب شواهد البلاغة جليا ، لأن معظم مصادره كانت لغوية ونحوية ، ولم يذكر من كتب البلاغة سوى أسرار البلاغة ودلائل الإعجاز لعبد القاهر الجرجاني ، ولأنه يرى أن شواهد البلاغة لا تعد شواهد بالمعنى الدقيق فكثير منها يعد أمثلة للقواعد التي وضعها البلاغيون (2) ، وظلت شواهد البلاغة بعيدة عن معجم يضم أجودها ، وأكثرها دورانا في كتب البلاغة ، وكان عبد الرحيم بن عبد الرحمن العباسي (963هـ) قد وضع ( معاهد التنصيص شرح شواهد التلخيص ) وهو كتاب أقتصر على شواهد ( التلخيص ) للخطيب القز ويني (739هـ) .
وقد رأى أحمد مطلوب أن يتوج ( معجم المصطلحات البلاغية وتطورها ) بمعجم شواهد البلاغة الشعرية فكان له ما أراد هادفا إلى : –

v المتعة لما في هذه الشواهد من جمال وروعة وتصوير تنقل القارئ من عصر إلى عصر ، ومن بيئة إلى بيئة ، ومن فن رائع إلى فن بديع .
v الانتفاع بما في الشواهد من ألفاظ وتراكيب وصور ومعانِ ٍِِ اختارها علماء البلاغة من الشعر قديمه ومولده .
v الاستعانة بها في التأليف والتدريس .

وجال في كتب البلاغة التي ألفت منذ القرن الثالث الهجري حتى القرن الثالث عشر وأضيف إليها بعض كتب الجاحظ ، وابن قتيبة ، والمبرد ، وثعلب لما فيها من بذور نشأة البلاغة ، وبذلك أصبح عدد المصادر التي أخذت منها الشواهد الشعرية اثنين وسبعين كتابا أساسيا ، وهي شواهد تتردد في معظم كتب البلاغة ، وكان عددها (1470) شاهدا ، فضلا عما أتصل بها من أبيات .
__________________________________________________
(1) الدكتور أحمد مطلوب – معجم المصطلحات البلاغية وتطورها : ج 1 / 8 .
(2) الدكتورة إنعام فوَّال عكاوي – المعجم المفصل في علوم البلاغة – البديع والبيان والمعاني ، بيروت ( 1413هـ – 1992م ) : 5 .
ولم تؤخذ كل الشواهد التي ذكرتها الكتب إما :
1. لأنها لا تليق ذوقا وأدبا .
2. أو لأنها لناظمين .
3. أو لأنها كثيرة لا يستوعبها معجم واحد .

وتتمثل الخطة التي وضعها المؤلف لهذا المعجم في :
1. ترتيب الشواهد بحسب القوافي .
2. ذكر قائل الشاهد إذا عرف .
3. ذكر البحر الشعري .
4. ذكر الشاهد كما جاء في أقدم مصدر ، وما فيه من فن بلاغي .
5. الإشارة إلى تعدد الاستشهاد إن وجد .
6. الإشارة إلى اختلاف البلاغيين في تسمية الفن وما فيه من وجوه مختلفة .
7. ذكر أهم المصادر التي ذكر فيها الشاهد .
وختم المعجم بسرد للفنون البلاغية التي وردت فيه لمعرفة وجودها ، وبالمصادر ليرجع إليها من يريد التوسع في المعرفة ، والغوص في كتب الأقدمين ، ولعل هذا المعجم يكون أساسا لدراسة شواهد البلاغة عامة ، للوقوف على منابعها من القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف والشعر قديمه وحديثه .
وبعد :
فهذه دراسات أحمد مطلوب البلاغية في اتجاهاتها الثلاثة ، وهي جهد كان له أثر في الدرس البلاغي في الجامعات ، وقد عدّ من الأعلام في العصر الحديث إلى جانب الذين عنوا بالبلاغة والنقد والأدب كالشيخ علي مبارك ، والشيخ محمد عبده ، والأستاذ علي عبد الرزاق ، والأستاذ أحمد مصطفى المراغي ، والدكتور طه حسين ، والشيخ أمين الخولي .
قال الدكتور هادي حسن جمودي ( جامعة وهران ) : (( نستطيع أن نعد هؤلاء الأعلام ممثلين تاريخيين لمرحلة الدرس البلاغي الحديث الذي أرسى دعائمه بحق العلامة(1) الدكتور أحمد مطلوب فيما وضعه من مؤلفات بلاغية )) ، ثم أشار إلى أنه عمل في ثلاثة مجالات بلاغية :
v الأول : الانتهاء من القديم بدرسه درسا كاملا مستوعبا بعقلية علمية جبارة قادرة على استجلاء صورة الجزئية والكلية ، والكشف عما فيها من مواطن القوة والضعف.
v الثاني : تطوير الفن البلاغي بذاته ليصبح قادرا على أداء المهمة العصرية المطلوبة من النقد الأدبي .
v الثالث : الإفادة من المعطيات الإيجابية للبلاغة العربية القديمة ومن تطوراتها الحالية في عملية تطوير الدرس العلمي العربي وتعريب العلوم (2) .

وقال الدكتور جليل العطية ( باريس ) : (( الدكتور مطلوب واحد من قلة من الأساتذة العرب المتخصصين في علم البلاغة بشكل خاص والتراث العربي بشكل عام )) (3) .

(1) قال الدكتور أحمد إنها مبالغة من الكاتب .
(2) جريدة الجمهورية – وهران – الجزائر –الخميس 14 جمادي الأولى 1399هـ – 12 نيسان 1979م .
(3) مجلة الوطن العربي – باريس ( السنة الرابعة ) – ع 178 ، تموز 1980 : 52 .
الخاتمة

وبعد …
توصل البحث إلى عدة نتائج منها ما يميز الدكتور أحمد مطلوب أن تعامله لم يكن مع العلماء القدماء فقط ، وإنما تعامل بالمنهج نفسِهِ مع العلماء المحدثين ، أو بين عالم محدَث وآخر قديم ، ويرِّجح القديم في أحيان مثلما يرِّجح الحديث في أحيان أخرى ، ولم يتعصب لرأي القدماء على حساب رأي المحدثين ،
واستخلصنا أنّ البلاغة عند الجاحظ كانت البذور الأولى للبحث البلاغي ، وقد أورقت وأزهرت ثم أثمرت ولكنها أصيبت بما ينتاب الكائن الحي من ضعف وانهيار ، ولولا كتاب الله الخالد ، ولولا اعتزاز العرب بلغتهم ، لوصلت إلى أسوأ مما وصلت إليه ، ولظلت فنونا تحفظ ، وشروحا تقرأ ، ولما هيئ لها في هذا العصر من أعاد أليها الحياة وجعلها تدرج في سلم التطور .
أما بالنسبة لمصطلحي ( الفصاحة ) و ( البلاغة ) فيرى الدكتور آن الدلالات اللغوية والاصطلاحية لهما تتطور وتتوسع عبر حُقب من الزمن إلى ان اكتسبت الدلالة الواضحة على يد أبي هلال ، وابن سنان ، وعبد القاهر وصولا إلى الدلالة المحددة للمصطلح .

وقد تبين أنّ هناك مَن يؤْثِر’ استعمال أحد هذين المصطلحين بمفهوم واحد ، وعدََّها الدكتور إشكالية ذات جذور قديمة تمتد إلى كتابات الجاحظ ، فأنه يرى أنّ القز ويني قد أحسن تحديد هذه القضية وجعل لكل مصطلح دلالة محددة . وأثرنا كذلك موضوع ( فصاحة المتكلم والكلام ) ، وتبين انّ طروحات الجاحظ كانت مرجعيات الدكتور أحمد والأساس في بناء تصوراته ويمكن الإفادة منها ضمن البحوث المعاصرة الخاصة بالأصوات والجرس ومخارج الحروف فضلا عن أمكانية تطويرها في بحوث علم اللغة الحديث ومجالات الترجمة بحسب رأي الدكتـور، وكذلك أثرنا قضية اللفظ والمعنى وتوصلنا إلى أن هناك فهما سلبيا لبعض نصوص الجاحظ ، والدكتور كان ممن حاول التوفيق بين هذه النصوص .

وفيما يخص دراساته المصطلحية فقد عالج مسألة الحرية في وضع المصطلحات التي أدت إلى الفوضى وقد حاول الدكتور تخليصها من كثرة التقسيمات والتنويعات التي لا تخدم الدرس الأدبي ، وقد كشفت رأي الدكتور أحمد في إلغاء التقسيم الثلاثي للبلاغة ، وجعلها كلها فنا واحدا بعد أن أثبت أنه لا أساس ولا صحة لها . وكذلك توصلنا إلى رأيه في مؤلفاته الأخرى الى أن المجاز – مثلا– لا حاجة إلى تقسيمه إلى أنواع كثيرة وإنما نكتفي الى تقسيمه الى لغوي وعقلي ، ونكتفي في الاستعارة بمصطلحات قليلة ولتكن الاستعارة التصريحية والمكنية ورد جميع الأنواع الأخرى إلى هذين الأصلين .

والدكتور كان يرفض المصطلحات الجديدة التي جاءت لتكون بديلا عن مصطلح البلاغة والتمسك بالمصطلح القديم ، ويرى أن لهذا المصطلح القدرة على استيعاب المفاهيم الجديدة ، فلا يرى داعيا لتغييره ، ولأن لكل مصطلح دلالته التي أستعمل فيها …

مصادر ومراجع البحث

** القرآن الكريم

1. الدكتورأحمد مطلوب ، دراسات بلاغية ونقدية ، الجمهورية العراقية ، وزارة الثقافة والأعلام ، دار الرشيد ، دار الحرية للطباعة والنشر، بغداد ( 1400هـ – 1980م ) .
2. الدكتورأحمد مطلوب ، مصطلحات بلاغية ، بغداد ( 1392هـ – 1972م ) .
3. الدكتورأحمد مطلوب ، معجم المصطلحات البلاغية وتطورها ، بغداد ( 1403هـ- 1983م ) وبعدها .
4. الدكتورأحمد مطلوب ، مناهج بلاغية ، بيروت ( 1393هـ – 1973م ) .
5. الدكتورأحمد مطلوب ، وضع المصطلح في البلاغة والنقد والعروض ، بحث منشور في كتاب الموسم الثقافي الثاني عشر لمجمع اللغة العربية الأردني عمان 1414هـ – 1994 م .
6. الدكتور بدوي طبانة ، أبو هلال العسكري ومقاييسه البلاغية والنقدية ، ط2 ، مطبعة الرسالة ، القاهرة (1379 هـ -1960 م).
7. عبـد القاهر عبد الرحمـن الجرجانـي ، أسرار البلاغة ، تحقيق : أحمـد مصطفـى المراغـي ، ط1 ، القاهـرة ( 1367 هـ – 1948م ) .
8. الدكتور شوقي ضيف ، البلاغة تطور وتأريخ ، دار المعارف – القاهرة ( 1965م ).
9. علي بن محمد بن علي الشريف الجرجاني ، التعريفات ، بيروت ، 1985م .
10. أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ، الحيوان ، تحقيق : عبد السلام محمد هارون ، القاهرة (1356هـ – 1938م) وما بعدها ، ج1 ،ج3 ، ج4 ، ج5 .
11. عبد القاهر بن عبد الرحمن الجرجاني ، . دلائل الأعجاز ، تحقيق : أحمد مصطفـى المراغـي ، ط2 ، القاهرة.
12. الدكتور ماهر مهدي هلال ، فخر الدين الرازي بلاغيا ، الجمهورية العراقية ، وزارة الثقافة والأعلام ، دار الحرية للطباعة ( 1397هـ – 1977م ) .
13. الدكتور بدوي طبانة ، قدامه بن جعفر والنقد الأدبي ، ط2 ، القاهرة (1378هـ- 1958م) .
14. أبو هلال العسكري الحسن بن عبد الله بن سهل العسكري ، كتاب الصناعتين ، تحقيق : علي محمد البجاوي ، ومحمد أبو الفضل إبراهيم ، ط1 ، القاهرة (1371 هـ – 1952م ).
15. أبو هلال العسكري ، كتاب الصناعتين ، تحقيق : الدكتور مفيد قميحة .
16. جار الله محمود بن عمر ( الزمخشري ) ، الكشاف ، ط2 ، القاهرة ( 1373هـ – 1953م ) .
17. عبد السلام محمد هارون ، معجم شواهد العربية ، القاهرة ( 1392هـ – 1972م ) .
18. الدكتورة علية عزة عباد ، معجم المصطلحات اللغوية والأدبية ، دار المريخ 1984م .
19. الدكتورة إنعام فوََّال عكاوي ، المعجم المفصل في علوم البلاغة – البديع والبيان والمعاني ، بيروت ( 1413هـ – 1922م ) .
20. سراج الدين يوسف بن محمد بن أبي بكـر محمـد بـن علي السكاكـي ، مفتاح العلوم ، القاهـرة (1356هـ- 1937م) .
21. أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري المعروف بابن الأثير ( 637هـ ) ، النهاية في غريب الحديث والأثر ، تحقـيـق : طاهــر أحـمـد الـزاوي ، ومحمـود محمــد الطـناحـي ، ط1، القاهـرة ( 1383هـ – 1963م) .

الرسائل الجامعية

1. حامد عبد الهادي حسين ، ابن الزملكاني وجهوده البلاغية ، رسالة ماجستير ، جامعة بغداد – كلية الأداب ، بإشراف : الدكتور ماهر مهدي هلال ( صفر 1409هـ – أيلول 1988م ) .
2. ياسر محمود حمادي ألعبيدي ، أحمد مطلوب وجهوده في تحديد المصطلحات البلاغية والنقدية ، رسالة ماجستير ، جامعة الأنبار – كليـة التربيـة ، بإشـراف: أ . م . د . حسين حمزة الجبوري ( 1443هـ – 2022م ) .
3. عبد الحسن مهلهل علي السهلاني ، الدرس البلاغي في العراق في العصر الحديث ( 1958هـ – 1985م ) ، أطروحة دكتوراه ، جامعة البصرة ، بإشراف : الدكتور قصي سالم علوان ( 1421هـ – 2000م ) .

المجلات والجرائد

1. مجلة مجمع اللغة العربية الأردني ( السنة الحادية والعشرون ) ، ع52 .
2. مجلة الوطن العربي الصادرة بباريس ( السنة الرابعة ) – ع178 ، من 12 – 18 تموز 1980م .
3. جريدة الجمهورية – وهران – الجزائر – ( الخميس 14 جمادي الأولى 1399هـ – 12 نيسان 1979م ) .




رد: مساعدة شباب …:؟

شكرا لك اخي




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.