فلسطين الأبية

الديكور
ــ محمد: " ترى ما هذا الصوت يا أمي ، من يزورنا في هذا الوقت المتأخر من الليل ؟"
( تنهض الأم بسرعة وتفتح الباب)
ــ محمد( يصرخ): " يا إلهي ، يا إلهي، ما خطبكم؟ و مالذي تريدونه منا؟"
ــ الجندي ( يضحك): شاءت الأقدار أن تلفظوا آخر أنفاسكم اليوم " (الأم تفهم ما يرمي إليه الجندي و بصوت مرتفع) :
ــ الأم ( تلتفت إلى الجنود) :"لقد حطمتم صوتي ، وعجز لساني و خانتني كلماتي للرد عليكم، لقد بتم تقتلون الرجال و وتستحيون النساء و تشردون الأطفال و ترملون الزوجات استجابة لأوامر الأعداء، أو لم تخلقوا من طين و أنا على يقين أو لم يجعل لكم فؤاد من لحم حتى تكاد الشفقة تغيب عنكم و لكي يحيل عنا العدو الغشيم ، لقد انبعثت نار وجداني و حرك كيان فؤادي ، الهي ترى قد اشتد الظلام الحالك و ترى ارض فلسطين تخضبت بالصديد فمتى النصر يا رب"
ــ فاطمة:"فلسطين يا فلسطين، كتبت اسمك على جدران البساتين بدماء و نفس المساكين، ربي قد طالت الحروب و اشتدت الكروب و انغلقت الأبواب و قست القلوب ، قد جرحت الدموع خدي و نشفت آبار عيني و ُبحت أصوات حنجرتي و انشقت عروق قلبي، و بت لا أقوى على مشاهدة الدماء تفسك و الأجساد تطرح و الأعناق تذبح و جثث الأبرار تحرق ، إلى متى سنظل نتطلع إلى الأفق حتى تشرق شمس الحرية و الحقيقة بأنوار الآفاق و تتبدد غيمة النفاق ، ربي ألهمني الصبر و ارزقني العمر حتى أرى بلادي تحرر".
ــ يوسف (يتوجه إلى الجمهور الحاضر):"أمتي، أمتي العربية هل نسيت عز الإيمان ، وقصص الزمان أم هجرت هدي الإسلام و تخليت عن القرآن ، هل دفنت رأسك في قبر الغرب و أصبحت قطعة منه نعم أمتي قد خنت عهد الفرقان ، حقا نسيت أن القدس وهب لجميع المسلمين و ليس فقط للفلسطينيين، ماذا عساي أن أقول في أمة تجردت من أخلاق العروبة و تمسكت بحضارة الغرب ، ماذا عساي أن أقول في من يطرح قضية فلسطين على طاولة المفاوضات و ضعت في كفة واحدة مع بقية المشكلات، لا يشرفني أمتي أن القول عنك امة عربية مسلمة، كما يؤسفني أن أرى الخونة يحكمون بلاد العرب و يتفاوضون مع اليهود و يتحالفون ضد القدس، اصحوا يا عرب من هذا المنام و تعاونوا على تحرير القدس الحبيبة ، أنقذوا إخوانكم المسلمين من المعتدين ، مازالت و لازالت نفس المشاهد تكرر و انتم تقفون مكتفي الأيادي ، إلى متى ،إلى متى ستظلون تتمتعوا بتلك المشاهد البشعة ،فمعذرة أمتي إن كنت قد تماديت في كلامي لأن المسألة حركت أشجاني و ألهبت وجداني و بعثت أحزاني ، هددت كياني و حطمت صمتي مع رغبتي في حفظ لساني ، عفوا لكن نطق فؤادي قبل أن ينطق لساني".
ــ عائشة: "أيها الأعداء كفوا عن قتل الأبرار ، كفاكم ظلم الأحرار ، فقد عزفتم أعذب أغانيكم على صوت بكاء الأطفال و صيحات النساء، و أ***64608;لفتم أشهر المقطوعات بصوت القنابل و الرصاص و الصواريخ، وكما أبدعتم في تصوير أحسن المشاهد بسقوط أشلاء الضحايا و أرتال القتلى و أنهار الدماء ، قد عشنا سنينا طويلة نحاول وقف الدمار و توقيف الخراب ، ألم يكتب لنا الحق في العيش بحرية و سلام و وئام؟ و لكن هيهات و هيهات صارت مجرد كلام نتداو له على الأفواه ، متى ستنفض الأمة غبار أيديها و تلتفت أخيرا إلى فلسطين الحبيبة ، متى سنرفع راية الإسلام و ندوس على راية الأعداء، متى ستشرق شمس الحرية على أرض القدس الأبية، و متى ستتبخر تلك الهواجس التي باتت تخالجنا بكرة و أصيلا".

و في نهاية المسرحية يقف الجميع رافعين الأيدي بالدعاء لأهل فلسطين مرددين:
"اللهم إننا نسألك أننا نشهد انك لا اله إلا أنت الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفؤا أحد أن ترحم شهداء فلسطين و أن تنظر إليهم بعين العفو و الغفران ، الله أسكنهم فسيح جناتك ، اللهم عجل لهم بالفرج و العافية و ارفع عنهم الضرر و ألهمهم الصبر و السلوان و ارزقهم السكينة و الطمأنينة، اللهم فرج كربتهم و وسع مدخلهم، الله أنقذ المسلمين من غفلة النوم و من بحر البغضاء و الحقد و الضغينة، اللهم نجيهم من هذه الظلمات الدهاء و ألف بين قلوبهم و نور أبصارهم بنور الصلح و السلام و الإسلام ، اللهم نجيهم من غرات الحرب و القتال و أنقذهم من ظلام الظلال و اكشف عن بصائرهم الغشاء ، و نوّر قلوبهم بنور الهدى و سراج محبتك و عاملهم برحمتك الكبرى ، اللهم انصر إخواننا المجاهدين في فلسطين على اليهود المعتدين المغتصبين ، ربنا زلزل الأرض تحت أقدامهم و صدع بنيانهم، و جمد الدماء في عروقهم ،اللهم شتت شملهم و فرق جمعهم و لا تنصرهم ، اللهم كن عليهم و لا تكن معهم ، الله اجعل كلمتهم هي السفلى و اجعل كلمة المسلمين هي العليا ، ربنا أرنا فيهم يوما اسودا ، ربنا أرنا فيهم معجزاتك و عجائب قدرتك كما أريتنا في هامان و قارون و فرعون. يا من لا يهزم جنده و لا يخلف وعده اهزم الأعداء في كل مكان، إنك أنت الكريم ذو الفضل العظيم و إنك أنت الرحمن الرحيم".

يــنــزل الـسـتـار