التصنيفات
فقه العبادات

رخص المسح على الخفين

رخص المسح على الخفين


الونشريس

الونشريس


إن من تيسير الله عز وجل على العباد ولطفه بهم أن راعى أحوالهم المتغيرة في العبادة ولم يشق عليهم
ولم يكلفهم ما لا يطيقون فشرع لهم رخصا حال المشقة.

ومن تلكم الرخص العامة الواردة في الشريعة
المسح على الخفين بدلا من غسل القدمين بالماء لأجل البرد والسفر والمرض ونحوه.

الونشريس

مشروعية المسح على الخفين

والمسح على الخفين مشروع بالكتاب والسنة والإجماع.
فأما الكتاب فقوله تعالى: (وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ).
على قراءة الجر عطفا على مسح الرأس.
وأما السنة فقد ثبت عن جماعة من الصحابة حتى بلغ التواتر.
وقد أخرج الشيخان عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: (كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأهويت لأنزع خفيه فقال: دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين فمسح عليهما).
ولهما عن جرير: (أنه بال ثم توضأ ومسح على خفيه ثم قام فصلى فسئل فقال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم صنع مثل هذا).
وقد اتفق أهل العلم على هذا قال أحمد: (ليس في قلبي من المسح شيء فيه أربعون حديثا عن أصحاب النبي).
وقال الحسن: (حدثني سبعون من أصحاب رسول الله أن رسول الله مسح على الخفين).
وقد نقل ابن المنذر عن ابن المبارك قال : (ليس في المسح على الخفين عن الصحابة اختلاف).
وهو من شعار أهل السنة ولم يخالف في هذا إلا أهل البدع.
شروط المسح على الخفين

يُشترط للمسح على الخفَّيْن أربعة شروط :

الشرط الأول :

أنْ يكون لابساً لهما على طهارة ودليل ذلك
قوله صلَّى الله عليه وسلم للمغيرة بن شعبة : (دعْهما فإنِّي أدخَلتُهما طاهرتَيْن) .

الونشريس

الشرط الثاني :

أنْ يكون الخُفَّان أو الجوارب طاهرةً فإنْ كانت نجسةً فإنَّه لا يجوز المسح عليها ،
ودليل ذلك أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى ذات يوم بأصحابه وعليه نعلان
فخلعهما في أثناء صلاته وأَخبَر أنَّ جبريل أخبره بأنَّ فيهما أذىً أو قذَراً
رواه أحمد من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في مسنده

وهذا يدل على أنَّه لا تَجوز الصلاة فيما فيه نَجاسة
ولأنَّ النَّجس إذا مُسِح عليه تلوَّثَ الماسحُ بالنَّجاسةِ فلا يصِحُّ أنْ يكونَ مطهراً .

الونشريس

الشرط الثالث :

أنْ يكون مسحهما في الحَدَث الأصغر لا في الجنابة أو ما يوجب الغُسل ،
ودليل ذلك حديث صفوان بن عسَّال رضي الله عنه قال :
أَمَرَنا رسولُ الله إذا كنَّا سَفرا أنْ لا نَنْـزِع خِفافنا ثلاثة أيام ولياليَهُنَّ إلاَّ مِن جَنابة
ولكنْ مِن غائطٍ وبولٍ ونومٍ
رواه أحمد من حديث صفوان بن عسّال رضي الله عنه في مسنده

فيُشترَطُ أنْ يكون المسح في الحَدَث الأصغر
ولا يجوز في الحَدَث الأكبر لهذا الحديث الذي ذكرناه .

الونشريس

الشرط الرابع :

أنْ يكون المسح في الوقت المحدَّد شرعاً وهو يومٌ وليلةٌ للمُقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر
لحديث عليِّ بن أبي طالب رضي الله عنه قال:
جعلَ النبيُّ صلَّى الله عليه وسلم للمُقيم يوماً وليلةً وللمسافر ثلاثة أيام ولياليَهن ،
يعني في المسح على الخُفَّين .
رواه مسلم

وهذه المدة تبتدئ مِن أول مرَّة مَسَح بعد الحَدَث وتنتهي بأربعٍ وعشرين ساعةً بالنسبة للمُقيم
واثنتين وسبعين ساعةً بالنسبة للمُسافر ، فإذا قدَّرنا أنَّ شخصاً تطهَّر لصلاة الفجر يوم الثلاثاء
وبقي على طهارته حتى صلَّى العشاء من ليلة الأربعاء ونام ثم قام لصلاة الفجر يوم الأربعاء
و مَسَح في الساعة الخامسة بالتوقيت الزوالي فإنَّ ابتـداء المدة يكون في الساعة الخامسة مِن صباح يوم الأربعاء
إلى الساعة الخامسة مِن صباح يوم الخميس فلو قُدِّر أنَّه مسَحَ يوم الخميس قبل تمام الساعة الخامسة
فإنَّ له أنْ يُصلِّيَ الفجر أي فجرَ يوم الخميس بهذا المسح ويُصلي ما شاء أيضاً مادام على طهارته
لأنَّ الوضوء لا يُنتَقَض إذا تَمَّت المدَّة على القول الراجح مِن أقوال أهل العلم وذلك
لأنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لم يُوقِّت الطَّهارة وإنَّما وَقَّتَ المسْح فإذا تَمَّت المدة فلا مسْحَ
ولكنَّه إذا كان على طهارة فطهارته باقيةٌ لأنَّ هذه الطهارة ثبتَتْ بمُقتضَى دليلٍ شرعي وما ثبتَ بدليلٍ شرعيٍ
فإنَّه لا يرتفع إلاَّ بدليلٍ شرعيٍ ولا دليلَ على انتقاض الوضوء بتمام مدة المسح ولأنَّ الأصلَ بقاءُ
ما كان على ما كان حتى يتبيَّن زوالُه فهذه الشروط التي تُشترَط للمسح على الخفَّيْن
وهناك شروط أخرى ذكرها بعض أهل العلم وفي بعضها نظر .
الونشريس

صفة المسح
وصفة المسح أن يبل يديه بالماء ثم يمسح بهما مفرجتي الأصابع
على ظاهر الخف من أصابع قدميه إلى أصل ساقه ويكفي أكثره ولا يشترط استيعابه.
ولا يجزئ الاقتصار على مسح عقبيه أو أسفله
لقول علي رضي الله عنه: (لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه
وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه). رواه أبوداود.
وذكر بعض الفقهاء أن المستحب أن يسمح باليد اليمنى الرجل اليمنى وباليسرى اليسرى ولكن لم يرد في الشرع
هذه الصفة المخصوصة في حديث صحيح وما روي في ذلك عند البيهقي ضعيف لانقطاعه فالأمر في ذلك
واسع سواء مسح عليهما دفعة واحدة أو مسح اليمنى ثم اليسرى.
ولو مسح بأي طريقة أجزأ ذلك كما نص عليه أحمد.
ولا يشرع تعميم المسح على جميع الخف ظاهره وباطنه وما روي في السنن معلول لا يصح.
والسنة أن تكون مسحة واحدة ولا يشرع الزيادة على ذلك لظاهر النصوص
ولم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم مسح أكثر من مرة.
ولا يشرع غسل الخفين بدل المسح وهو من التنطع والاعتداء في الطهارة.

الونشريس
ما يبطل طهارة الماسح

وتبطل طهارة الماسح بأمور ثلاثة:
1- حصول الحدث الأكبر.
2- خلع الخف.
3- انكشاف القدم أو بعضها.
وإذا بطلت توضأ وغسل قدميه ولبس خفيه ثم استأنف المسح من جديد.
ولا تبطل الطهارة بانتهاء مدة المسح إذا كان الماسح باقيا على طهارته لم يحدث
وإنما يبطل المسح فقط فلا يجزئه المسح مرة أخرى بعد انتهاء المدة حتى يلبس الخفين على طهارة.




اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.