دعيه يذهب…بقلم يمينة منصور
دعيهِ يذهب…
فلقد تربّعت الرتابة بالعرش، مذهب…
خلف الأثاث الجديد، الجميل، الثمين، المُرّتبْ.
وخلف صمتِ زجاج الأواني التي تتكلّم وتغضبْ.
و تحت بياض القميص، وجومُ المهذّبْ،
هو الموت،حتماً حين يمحي، يُغيِّب.
دعيه يذهب…
واتركي له منفىً محتمَلا،
إليه يلجأ حين يهيم ويُهزم و يهرب.
لا تنفيه من حدائقكِ، وازرعي روحه،
فيها، لعلّه، بعد الذبول كالأزهار يتفتق ويولد.
كيف استحالت الشمس خلف الغيم، بعد الدفء
مجرّد كوكب؟
دعيه يذهب…
واتركيه يفجرّ فيكِ لُغم الموءود، المُعذّب.
ثمّ اجمعي أشلائك وادفنيها في التُرب.
ثمّ امسحي بالمساحيق على وجهكِ،
و اقتفي أثر الكدمات والندُب.
وفي المساء، لكي ينام،
غنّ له مع "فيروز"، أغنية "الموكب".
دعيه يذهب…
وإن ماتت لهفة الشوق فيهِ…
فليس يموت شوق الأم للابن المُغرّب.
فقط، تنتظر، تترّقب.
ففي الغد سوف يعود،
وفي الحضن الدافئ،
دمعه المدرار، في الحضن يُسكب.
دعيه يذهب…
فلقد فاض البحر بمدّ قوّي،جرف كلّ ألواح المركب.
وأودع المرج لون ردائه الأخضر، المُعشوشب.
حلما أبلهاً، يعيش فحسبُ، لكي يأكل ويشرب.
دعيه يذهب…
ولا تجتازي به الدرب الأوعر، الأصعب،
ولا تقطعي عروقه الزرقاء الرفيعة،
كي لا تجفّ على يديكِ ومنها الدم الأحمر الثائر،
يسيل ويذهب.
دعيه يذهب…
واكسري كؤوس المرارة على
عصر الجليد الجديد،
وعلى طاولة الأماني،
اكسري الغد الذي يمضي ، يتهرّب.
فلربمّا يشتعل بعود الخشب،
خيط الشمع السائل، المُذوّب.
دعيه يذهب…
فلقد جفّت فيكِ المجاري، ولن تُجديكِ،
حِمية…أو حتىّ "إكسيرَ" قِنّب.
ولا تحاصري روحكِ بجسدٍ موبوءٍ، أجرب.
ولا تبحثي عن السبب أو المُذنب.
دعيه يذهب…
فلقد جَنَت عليك هشاشة عظمٍ،
وكبرياءٌ، على الصمتِ تدّرب…
هو من صلب الحديد،أقسى و أصلب،
وأياّم،على الأغلبِ تتباهى، تقولُ: "أنا الأغلب…".
دعيه يذهب…
واختلقي دوماً له العذرَ،كما تُختلق الأحاجي
التي، حتىّ من نسج الخيال، تكتب وتحكى و تسرد.
و اصنعي الترياق له،
ولو كان من سمّ العقرب.
حتىّ بموته لا يتسبّب.
دعيه يذهب…
فقد توارت لحظات الجنون ولوَت عليكِ
أذرُع القفص الوهاّج، المُذّهب.
وغدا الحاضرُ وهماً حقيقيا، يجاري الليالي،
هو كالهدايا يُشترى، وفي الورق الفضيّ يُُعلّب.
دعيه يذهب…
فلم يتبق لديه لكِ، درهم أو رصيدٌ يُحسب
فأريحي مقاعد عقلكِ المُتعب…
واخرجي من سجن وقتك المتوّقف، المُقعد،
واصرفي عنكِ بقايا الجنون،
وإشارات التوقف الحمراء وعلامات التعجّب.
دعيه يذهب…
فحدّة الصيف قد طُوّعت…
وحلّ الخريف مكانه، حالما،
كطفل على شاطئٍ، قُبيل المغرب،
يترنّح ويضحك وبالرمل يلعب.
ويبدعُ الغيمُ حين يُجّن.
يحّق له بأن يبكي ويزمجر، ويتقلّب.
دعيه يذهب…
واسكبي على كأس المرارة سكّرا،
فالحنظل قد يستحيل يوما، عصير عِنّب.
فالألم هو قاموس هذي الحياة،
فيها بكلّ الشرح يُسهب.
ويعزف لحناً شجياّ أعذب.
دعيه يذهب و لا تنازعي روحه،
لعّله يُبعث، بعد الموتِ لكِ…
ولكِ وحدكِ، في السكينة،
روحُه لروحكِ…
عساها تُهدى و تُوهب…
بقلم: يمينة منصور يوم 17 / 10 / 2022
متوسطة بوعافية ( 1 )
حاسي بحبح
الجلفة/ الجزائر
جميع مواضيعي الأخرى، هي على : " مدونة غليزان. يمينة منصور"
" منتديات الجلفة. ……….."