الي عند الحل
بحث الادب المهجري
مظاهر التجديد اسباب التجديد
عوامله-اهم الادباء المهجريين-اثارهم/نشاطاتهم الادبية
** تعريف الأدب المهجري** :يطلق الأدب المهجري على الأدب الذي أنشأه العرب المهاجرين إلى القارة الأمريكية
** أسباب الهجرة** :في بداية القرن 19 شهد العالم العربي هجرة جماعية للأدباء إلى قارة أمريكا و خاصة من لبنان لظروف أهمها :
1- فساد الأحوال السياسية
2-الإضطهاد السياسي و الإجتماعي
3- الإستكشاف وحب المغامرة
4-طلب الرزق أو العلم
5- الفقر و الصراع الطبقي
– للأدب المهجري بيئتان :
1/ المهجر الشمالي :هاجر إليه جماعة من الادباء اللبنانيين إلى أمريكا الشمالية و أسسوا ما يعرف بالرابطة القلمية سنة1920
2/ المهجر الجنوبي :هاجر إليه جماعة من الادباء إلى أمريكا الجنوبية و أسسوا ما يعرف باعصبة الأندلسية أسسها القروي (رشيد سليم الخوري)
** العوامل التي أثرت في الأدب المهجري **:
*1* الشعور بالحرية وتأثرهم بجوها
*2* مظاهر البيئة الجديدة (أمريكا)
*3* إمتزاج ثقافتهم العربية بالثقافة الغربية مما أدى إلى ظهور أدب جديد فيه ملامح الغرب والعرب
*4* تطلعهم ‘لى المثل (القيم) العليا التي عاشوها بالشرق ولم يجدوها بالغرب
*5* حنينهم إلى أوطانهم
"خصائص الشعر المهجري ":
1-النزعة الإنسانية
2-المشاركة الوجدانية
3-النزعة الروحية
4-الحيرة والقلق والتطلع إلى عالم أفضل
5-إستعمال الطبيعة
6-الحنين إلى الوطن
7-إستعمال الرمز
8-التأكيد على الوحدة العضوية
9-التعبير عن تجربة شعورية ذاتية
10-الوقوع في أخطاء لغوية بسبب التساهل في استخدام اللغة
11-التصرف في استخدام الوزن والقافية
12 تجسيد المعاني و تشخيصها
13-الإكثار من الشكل القصصي الذي يقدر على تحليل العواطف الإنسانية
في الأخير :هذا كل ما أعرفه عن الأدب المهجري أتمنى من كل قلبي أني قد أفدتك بهذه المعلومات …سلاااااااااااام…
الأدب المهجري
مقدمـــــــــــــــــــة
حين اعتزم الأدباء العرب النزوح عن أوطانهم فارين من الظلم والتعسف في ظل الدولة العثمانية المريضة إلى ما وراء المحيط كانوا يمنون نفسهم الجائشة بإدراك الأمل وتحقيق الأحلام ولم يكن يدور في خلدهم قط أن اللقمة هناك جاثمة في فم السبع كامنة في قلب الصخر ومن دونها السهر والكد والعرق والدمع وكان أن أدرك المهاجرون بعد فوات الأوان أنهم تائهون في مجاهل الغربة ضائعون في صحاري العجمة فلا القوم قومهم ولا الديار ديارهم فكان أدبهم هناك نبتة عربية زكت في أرض غريبة وأتت أكلها جنىً سائغاً فيه من العروبة صفاء الروحانية ووهج الحماسة ودفق العاطفة.
مفهوم أدب المهجر:
يطلق أدب المهجر على الأدب الذي أنشأه العرب الذين هاجروا من بلاد الشام إلى أمريكا الشمالية والجنوبية، وكونوا جاليات عربية، وروابط أدبية أخرجت صحفا ومجلات تهتم بشؤونهم وأدبهم.
نشأة أدب المهجر:
كان أدب المهجر بسمة في فم الزمن، و أنشودة عذبة في ثغر التاريخ، وبلسماً شافياً لرعيل من مهاجري بعض الأقطار العربية خفف عنهم ألم الغربة، وساعدهم على احتمال مرارة الفراق عن الأهل والأحبة، والبعد عن الوطن.
كانت الهجرة الأولى من سورية و لبنان إلى العالم الجديد في أواخر القرن التاسع عشر، ثم توالت قوافل المهاجرين في العقود الثلاثة الأولى من القرن العشرين، للبحث في بلاد الذهب ـ كما كانوا يتوقعون ـ عن مورد للرزق يكفل لهم العيش الرغيد، والحياة الكريمة الآمنة المطمئنة بعد أن ضاقت بهم سبل الحياة في بلادهم، وبث فيها المستعمر ألوان الذل والخوف والاضطهاد، وسلب الخيرات ومصادرة الأموال.
وحينما وصلوا إلى مهاجرهم لم تكن الأرض أمامهم مفروشة بالذهب و لا بالحرير، بل كانت مفروشة بالأشواك والحجارة، و لكنهم في سبيل الكفاح، والإصرار على البقاء والظفر بحياة كريمة تحملوا في صبر وثبات شظف العيش، و قسوة الحياة، و العمل الشاق المرهق، حتى استطاعوا نيل مايريدون، أو بعض ما يريدون، فكان منهم التجار، والأغنياء، و ذوو المناصب والوجاهة. وكانت الظروف مهيأة أمامهم ليندمجوا في المجتمع الجديد، و ابتلعهم أمواجه وتياراته، كما ابتلعت غيرهم من قوافل المهاجرين من أقطار شتى.
ولكنهم كانوا من صنفٍ آخر، كانوا يحملون في نفوسهم مواهب أدبية واعدة، على الرغم من ضآلة التعليم المنظم لدى الكثير منهم. والموهبة الأدبية لابد من أن تكشف عن ذاتها، وتنفس عن نفسها شعراً أو نثراً.
فكان أدب المهجر بشعرائه و صحافته ومدارسه، وروابطه الأدبية في الأمريكتين. وارتفع صوت الضاد في تلك الأقطار النائية عالميا يحمل أفكار أدباء المهجر و عواطفهم ومشاعرهم إلى زملائهم في المهجر وفي المشرق العربي .
لم تصرف أعباء الحياة الصعبة، والبحث عن وسائل العيش أدباء المهجر عن المشاركة الجادة الفعالة في إثراء الحركة الأدبية في المهجر، حيث اتجهوا إلى إصدار الصحف و المجلات الأدبية، وإخراج الدواوين الشعرية و القصص والروايات الأدبية، ليس باللغة العربية فحسب، و إنما باللغات السائدة في الأقطار التي هاجروا إليها كالإنجليزية ,الفرنسية’ الإسبانية و البرتغالية.
الجماعات الأدبية العربية في المهجر بداية القرن العشرين:
1- الرابطة القلمية:
رابطة أدبية أنشأهـــا فريق من أدباء العرب في نيويورك في 20 أفريل1920, بدعوة من الأديب عبد المسيح حداد (1890ـ1963) صاحب جريدة «السائح» ومؤلف كتاب «حكايات المهجر». غايتها العمل على خدمة اللغة العربية و إقالتها من الجمود الذي تتعثر فيه .
كان جبران خليل جبران عميداً لها يعاونه في إدارتها : ميخائيل نعيمة مستشاراً ، وليم كاتسفليس خازناً . ويعمل تحت إدارتها وتوجيهاتها سبعة آخرون يحملون إسم " العمال " هم : إيليا أبو ماضي ، نسيب عَريضَة ، عبد المسيح حداد ، رشيد أيوب ، ندرة حداد ، وديع باحوط وإلياس عطا الله . وقد نَشَرت بهذا العنوان كتاباً يضم نخبة من مقالات هؤلاء الكُتّاب . بقيت هذه الرابطة حيةً بأعضائها العشرة نحواً من 11 سنة ( 1920 – 1931 ) . حيث انفرطت بعد وفاة عميدها جبران في عام 1931 .
2- العصبة الأندلسية:
قامت في المهجر الأمريكي الجنوبي عام 1922، في البرازيل بمدينة سان باولو، من مؤسسها الشاعر القروي, رشيد خوري و إليـــاس فرحـــات و غيرهـــم. وقد اتسمت هذه الحركة الأدبية بالهدوء والاتزان والتقليدية فلم تُنتقد كشقيقتها الرابطة القلمية المجدّدة والثورية.
أنشأت العصبة الأندلسية مجلة أدبية حملت اسمها وضمت الكثير من الشعراء والكتاب.
الفرق بين الرابطة الأدبية و العصبة الأندلسية:
الفرق بينهــــا أن الرابطة القلمية أكثر تجديدا في الشكل و المضمون لتحرر البيئـــة حولهم ما دفعهم الى التأثــــر بهـــا. أمــــا العصبة الاندلسية فكانت أكثر محافظة على القديم من لفظ فصيح و وزن و قافية؛ لأن بيئة أمريكـــا الجنوبية أقل تحررا, و أهلهــــا من الإسبانيين الذين لهم جذور عربية, فهم أقرب الى المحافظة على القديـــم.
3-رابطة منيرفا:
أسسها الشاعر المصري المهجري د. أحمد زكي أبو شادي عام 1948 في نيويورك، وكان رئيسها، وانتهت بوفاته، وليس لها أثر كبير في الشعر المهجري.
4- الرابطة الأدبية:
أنشئت في الأرجنتين عام 1949على يد الشاعر جورج صيدح، واختفت بعد عامين إثر عودة صيدح إلى الوطن.
العوامل المأثــــرة في أدب المهجر:
من المعروف أنّ أدب المهجر نشأ وترعرع في أرض نائية عن الوطن العربي، واكتنفته ظروف معينة جعلته يتخذ طابعاً خاصاً يتميز به، ويدل عليه، ويندرج تحت تلك الظروف العوامل التي أسهمت في تكوينه والمؤثرات التي صبغته بصبغتها، وأكسبته تلك النكهة الخاصة، والشخصية المتميزة لطوابعه وملامحه، وتلاقت تلك العوامل والمؤثرات لتصنع منه أدباً إنسانياً خالداً، يحفل بالتجارب العميقة الصادقة، ويزخر بالنبضات الشعورية الحية.
ومن تلك العوامل والمؤثرات:
1- الشعور بالحرية:
لقد افتقدوا الحرية في أوطانهم نتيجة الاضطهاد السياسي، ففروا منها إلى أوطان جديدة، و كان أجمل ما شعروا به و اكتسبوه في الوطن الجديد هو الشعور بالحرية، فأخذوا يناجونها ويتغنون بها، و من هنا تولدت لديهم الرغبة في تحرير الشعر من قيوده التقليدية، حتى أصبح أداة طيعة للتعبير عن الإنسان الحر الجديد. يقول أمين الريحاني حين وقف أمام تمثال الحرية في أمريكا:
متى تحولين وجهك نحو الشرق أيتها الحرية
ويقول رشيد أيوب :
وحقك يا حــرية قـــد عشقتها وأنفقت عمري في هواها محارباً
لأنت منى الدنيا وغاية سؤلها وأفضـل شــــئ قـد رأتــه مناسباً
وكانوا ينفرون من كل قيد، حتى ولو كان قيد الحياة، والعقل والحس والشعور.
يقول فوزي المعلوف
أنا عبد الحياة والموت أمشـــي مكرهاً من مهـــــودها لقبوره
إن جسمي عبد لعقلي ، وعقلـي عبد قلبي والقلب عبـد شعوره
وشعــوري عبد لحسي و حسـي هو عبد الجمال يحيى بنـــوره
2- أثر البيئة الجديدة :
لقد أثرت البيئة الجديدة في أوطانهم الجديدة في إطارها الاجتماعي والحضاري عن بلدهم لبنان، و سيطرة الحياة العادية و طغيانها على روحانية الشرقي، و أقلقهم ما لمسوه من تعصب جنسي، و لوني، و طبقي بين البشر، كل ذلك أصابهم بالحيرة و القلق في أوطانهم الجديدة.
يقول إيليا في قصيدته " الطين ":
نسى الطين ساعة أنـه طين حقير فصال تيهاً وعربد
وكسا الخـــز جسمه فتباهى وحوى المال كيسُهُ فتمرد
يا أخي لا تمل بوجهك عني ما أنا فحمةٌ ولا أنت فرقد
3- امتزاج ثقافتهم بالثقافة الغربية :
لقد انتقلوا إلى أوطانهم الجديدة و معهم ثقافتهم العربية و أدبهم العربي، و هناك اتصلوا بثقافات أجنبية، وبألوان أخرى من الأدب تختلف في اتجاهاتها و أساليبها عما ألِفُوه في الشرق، و امتزجت هذه الثقافات و الآداب في نفوسهم امتزاجاً أدى إلى أدب له سمات خاصة يختلف عن أدب أشقائهم في المشرق العربي، أدب فيه ملامح من الشرق والغرب.
4- شعورهم بالغربة و حنينهم إلى أوطانهم:
– شعورهم بالغربة و حنينهم الدائم إلى وطنهم العربي، و مواطن ذكرياتهم مما جعلهم يشعرون بالحيرة و القلق، ويميلون إلى النزعة الإنسانية و تهذيب نوازع الشر في الإنسان، وإلى التأمل، و يلجئون إلى الطبيعة يجدون فيها ملاذاً من قسوة الحياة،و يتطلعون إلى المثل العليا، حنيناً إلى رسوخ القيم في مجتمعاتهم الشرقية إذا ما قيست بالقيم في أوطانهم الجديدة.
يقول إيليا في قصيدته " وطن النجوم ":
وطن النجوم أنا هنا حدق أتدري من أنا
أنا من طيورك بلبل غنى بمجدك فاغتنى
خصائص أدب المهجر
أ / التجديد في الموضوع
1- النزعة الإنسانية :
كان شعراء المهجر يرون أن الشعر تعبير عن موقف إنساني، و أن له رسالة سامية ينقلها الشاعر إلى الناس، رسالة تدعو إلى الحق و الخير والجمال، و تهذيب نوازع الشر في الإنسان، و النزوع إلى المثل العليا، و قد صار الحب عندهم وسيلة إلى تحقيق السلام مع النفس, مع الوجود، ومع الله.
يقول إيليا أبو ماضي :
إن نفسا لم يشــــرق الحب فيها هي نفس لم تدر ما معناها
أنا بالحب قد وصلت إلى نفسي وبالــحب قـــــد عـرفت الـله
ويقول :
عندما أبدع هذا الكونَ ربُّ العالمينا
ورأى كلَّ الـذي فيــــه جميلاً وثمينا
خلق الشاعر كي يخلق للناسِ عيونا
تُبْصر الحسن وتهواه حراكاً وسكونا
وزمانـــاً ومكانـا وشخوصاً وشئونـا
2- المشاركة الوجدانية :
غلب على شعراء المهجر استبطان الشاعر لنفسه، و تعمقه في فهم أسرارها و خفاياها، و مشاركته الوجدانية لمن حوله في انفعالاتهم و نوازعهم، فيجدون في شعره صدى لعواطفهم و متنفساً لما لم يستطيعوا التعبير عنه من خواطرهم .
يقول إيليا أبو ماضي :
أنا لا أذكر شيئاً عن حياتي الماضية
أنا لا أعرف شيئاً عن حياتي الآتيــة
لي ذاتٌ غير أني لستُ أدري ما هية
فمتـــــى تعرف ذاتــي كنـــــهَ ذاتــي
لست أدري
3- التأمل في الكون :
حفل الشعر المهجري بالتأمل في حقائق الكون و الحياة ، في الخير و الشر، في الحياة و الموت، مما أتاح لخيالهم أن يجسد الأمور الوهمية و يجعلها حيّة تشاركهم حياتهم يقول ميخائيل نعيمة:
وعندما المــوت يدنــو واللحـــد يفغــر فـــاه
أغمض جفونك تبصـر في اللـحد مهد الحياة
4- النزعة الروحية :
– كان من نتيجة استغراقهم في التأمل أن نشأت في شعرهم النزعة الروحية,ويقصد بها التأمل في الحياة، و أسرار الوجود، و التطلعات الصوفية. و لعل مرجع ذلك موازنتهم بين موقف الإنسان من القيم الروحية في المجتمعات الشرقية، و القيم المادية في المجتمعات الغربية. وقد دفعهم ذلك إلى التضرع إلى الله إلتماساً للنجاة من الحياة المادية و شرورها، و الدعوة إلى المحبة, و التساند الاجتماعي، و الأخوة الإنسانية،و الإيثار، و العطاء
يقول نسيب عريضة منادياً أخاه في الإنسانية :
وإذا شئت أن تســـــــير وحيداً إذا مـــا اعتــــــــرتك مني ملالـــة
فامض ، لكنْ ستسمع صوتــي صارخاً " يا أخي " يؤدي الرسالة
وسيأتيك أين كنت صدى حبي فتـــــــــدري جمــــــاله وجلالــــه
5- الاتجاه إلى الطبيعة :
فرّوا من قسوة الحياة إلى الطبيعة يتأملونها، و يندمجون فيها، و يخلعون عليها الحياة حتى جسدوها و جعلوها حية متحركة في صورهم، و مضوا يصفون مشاهدها بسحبها وجداولها و صيفها و شتائها
يقول الشاعر :
رتلي يا طير ألحانك في هذي السفوح
هو ذا الليل وقد أهرم يمشي كالكسيح
ويقول إيليا :
و كتابــــي الفضاء أقرأ فيــــه صـــوراً ما قرأتها في كتابـــــي
وصلاتي الذي تقول السواقي وغنائي صوت الصّبا في الغاب
6- الحنين إلى الوطن :
كلما قست الحياة عليهم في المهجر – وكثيراً ما قست – شعروا بحنين جارف إلى وطنهم العربي, فأذابوه شعراً رقيقاً يفيض بالحب و الشوق والحنين
يقول الشاعر :
غريب أراني على ضفة كأني غيري على ضفتي
فحتى السواقي إذا نغمت كأن السواقـــي بلا نغمة
فلا أحب ســـوى قريتي ولا أريـــد ســــوى أمتي
7- الشعر القومي :
كان من نتيجة حنينهم إلى وطنهم العربي أن عاشوا أحداث الوطن الأم، و شاركوا أمتهم العربية في أفراحها و آلامها و انتصاراتها و هزائمها، و دعوا إلى نهضتها و تقدمها و بذلك صاغوا شعراً قومياً
يقول رشيد سليم الخوري ، شاعر القومية العربية في المهجر :
زعــــم الأغرار أنّي شاعر ضيّق الآفاق محـــــــدود الحدود
وستبلـــى وطنياتـــــي التي رفلتْ منها البوادي في بــــــرود
والتي يحسد هداب الضحى خيطها المنسول من حبل وريدي
فعدا استقلال قومي شهرتي وأغاريدي وشعــــــري وخلودي
8- النظرة السمحة إلى الدين:
هاجر هؤلاء الشعراء حاملين معهم وفي قلوبهم مشاعرهم التعصب الديني و الطائفي الذي عانوا من ويلاته في لبنان، و إذا بهم يجدون بلاداً تقدس الحرية السمحة في المعتقدات، وتقدس حرية الأديان، فتسربت إلى قلوبهم هذه النظرة السمحة الواسعة إلى الدين، فتغنوا بهذه السماحة الدينية
9- الحيرة والقلق :
كان من نتيجة حياتهم القلقة المضطربة في المهجر أن سيطرت عليهم نزعة الحيرة و القلق و التطلع إلى عالم أفضل
يقول جبران :
هو ذا الفجر فقومي ننصرف عن ديار ما لنا فيها صديق
ب/ التجديد في الفن الشعري
1- المغالاة في التجديد :
غالى أدباء الشمال " الرابطة القلمية " في تجديدهم حيث ابتعدوا عن أصول اللغة العربية. و قد أشار إلياس قنصل في كتابه " أصنام الأدب " إلى ركاكة الأسلوب و العثرات اللغوية، و السقطات العروضية لدى بعض شعراء الرابطة القلمية. و لعل سبب ذلك يرجع إلى بعدهم عن الثقافة العربية الأصيلة و إلى اندفاعهم نحو التجديد مما جعلهم يتساهلون في اللغة.
يقول إيليا في قصيدته المساء :
إن التأمل في الحياة يزيد أوجـــــــــاع الحياة
فدعي الكآبة والأسى واسترجعي مرح الفتاة
فالقافية في المقطوعة " تائية " لكننا نضطر إلى قراءة البيتين كأن قافيتهما تاء مفتوحة كالأبيات التي سبقتهما.
ويقول جبران :
ما عست يرجو نبات يختلف زهره عن كل ورد وشقيق
فكلمة " شقيق " خطأ لغوي ، والصواب " شقيقة "
2- اهتمامهم بالنثر :
كان أدباء الرابطة القلمية أكثر اهتماما بالنثر من أدباء العصبة الأندلسية الذين أوشك أدبهم أن يقتصر على الشعر، ومن كتب جبران النثرية " عرائس المروج " ، " الأجنحة المتكسرة " ، وكتاب " الغربال " لميخائيل نعيمة.
3- ميلهم إلى الرمز :
وفيه يرمز الشاعر إلى المعنى الذي يريده عن طريق التعبير عن الأشياء الحسية تعبيراً يشير إلى ما يريد دون تصريح به. ومن ذلك قصيدة التينة الحمقاء لإيليا، و فيها يتصور أن هذه التينة بخلت بظلها و ثمرها على من حولها و أرادت أن تقصر خيرها على نفسها ، فضاق بها صاحب البستان فقطعها و أحرقها، فهو يرمز إلى خطر الشح وجزاء الأشحاء :
عـــاد الربيـــــع إلى الدنيا بموكبــه فازينت واكتست بالسندس الشجر
وظلت التينـــــة الحمقـــاء عاريـــة كأنـها وتـــد في الأرض أو حجر
ولم يطق صاحب البستان رؤيتـــها فاجتثها فهوت في النـــار تستــعر
من ليس يسخو بما تسخو الحياة به فإنـه أحمـــــق بالحرص ينتــــحر
و قد اختاروا لرموزهم موضوعات تتصل بالطبيعة أو عالم الحيوان مثل " البلبل السجين " لإيليا. وقد صاغوا هذا الرمز أحياناً في قالب قصصي، و نجد ذلك في ديوان " الجداول " لإيليا بعنوان الضفادع والنجوم والحجر الصغير.
4- التمسك بالوحدة العضوية :
اهتم شعراء المهجر بتأكيد الوحدة العضوية في القصيدة الواحدة كما اهتموا بالوحدة الشعرية في الديوان الواحد الذي يضم قصائد ذات طابع مود, كما أن الديوان يحمل اسماً له صلة بمضمونه، و يبدو ذلك في عناوين دواوينهم مثل: الخمائل ، الجداول ، العبرات الملتهبة. كمـــا حرصوا على وجود البناء العضوي بين أفكار القصيدة، موسيقاها و عاطفتها، و بذلك تصبح القصيدة كالجسم الحي يقوم كل جزء فيه مقامه المحدد له.
5- الاهتمام بالصورة الشعرية :
فالصور الجزئية من تشبيه و استعارة و كناية و مجاز مرسل تتعاون في رسم صورة كلية، فكأن الشاعر يرسم بحروفه و كلماته صوراً كالتي يرسمها الرسام بريشته. و لعل ذلك يبين لنا السبب في أن الطبيعة قد شغلت حيزاً كبيراً في شعرهم، يصورون مظاهرها من رعد، و غمام، و ليل، وفجر.
6- التصرف في الأوزان والقوافي :
تصرفوا في نظام الوزن العروضي التقليدي، و قد نتج عن هذا أشكال جديدة كثيرة في نسق البناء الموسيقي العام للقصيدة فاختلفت أسطر الأبيات من حيث طولها، و قامت الشطرة الواحدة في بعض الأحيان مقام البيت، و اختزلت بعض الأبيات إلى كلمة أو أكثر. وقد سبق بعضهم شعراء الواقعية إلى شعر التفعيلة، كما أن بعضهم اختار شكل الموشح مثل:
ازرفي يا عين دمعي فالهوى متلفي
أسعفي لعل ناراً في الحشا تنطفـــي
كما قسموا القصيدة إلى مقاطع يلتزم فيها الشاعر نسقا موحدا، و كسروا مبدأ القافية الذي كان ملتزماً في القصيدة التقليدية واشتملت القصيدة على عدة قواف. و هكذا تنوع شعرهم بين :
-النثر الشعري
-الشعر ذي الوزن والقافية الموحدين
-الأناشيد والأغاني الشعبية
-القافية المزدوجة
-المقطوعات المتنوعة والموشح
7- الميل إلى اللغة الحية :
يرون أن اللغة و سيلة للأداء الشعري و ليست غاية في ذاتها، لذلك آثروا اللغة الحية النابضة و الأسلوب السلس و الكلمة المعبرة و التراكيب الهادئة, مما جعل الأداء في شعر المهاجر أداء هاماً.
يقول جبران في مطلع قصيدته البلاد المحجوبة :
هو ذا الفجر فقومي ننصرف عن ديار ما لنا فيها صديق
ما عسى يرجو نبات يختلف زهره عن كل ورد وشقيق
8- الشكل القصصي في القصيدة :
أكثروا من استخدام الشكل القصصي في القصيدة، بما يتيحه من تحليل للمواقف الشعورية والعواطف الإنسانية ، ومن تجسيد حي للمعاني ، وتقابل الأفكار وتصارعها
من ذلك ما كتبه جبران متأثراً بمطران الذي كتب كثيراً من نماذج الشعر القصصي ، وما كتبه إيليا مثل : الشاعر والأمة ، والشاعر والملك ، كما تنوعت هذه القصص بين الواقعية والرمزية والأسطورية ، كما نجد نماذج للحوار القصصي في أشعارهم وبخاصة في المطولات مثل : " الطلاسم " لإيليا ، و " على بساط الريح " لفوزي المعلوف.
ظهر تأثير المهجريّين في الأدب العربي في قوالبه و أغراضه و أشكاله:
– ففي مجال الشّعر لم يقتصروا على الشّعر الغنائي ،بل حاول بعضهم كتابة شعر ملحميّّ كما فعل ( فوزي معلوف) في ملحمته ( بساط الرّيح) و من حيث الشّكل جددوا في الأوزان و القوافي و تحرّروا من قيودها .
ـ في مجال النّثر سبقوا غيرهم إلى كتابة الأشكال الفنّية الحديثة كالمقال و القصّة و المسرحيّة و اهتموا بالمعاني و أدخلوا إلى الأدب العربي المذاهب الأدبية الحديثة .
تراجم أدباء المهجــــر:
يطلق اسم أدباء وشعراء المهجر عادة على نخبة من أهل الشام المثقفين الذين هاجروا إلى الأمريكيتين ما بين أواخر الثمانينات من 1800 وحتى أواسط 1900 وهم ينقسمون إلى ثلاث أقسام:
1-أدباء المهجر الشمالي وهم الأدباء العرب الذين هاجروا إلى الولايات الأمريكية المتحدة والى مناطق أخرى من أمريكا الشمالية. وهم مجموعة الرابطة القلمية التي تأسست عام 1920 على يد جبران خليل جبران ورفاقه.
2-أدباء المهجر الجنوبي وهم من هاجر إلى مناطق أمريكا الجنوبية كالبرازيل والأرجنتين والمكسيك وفنزويلا. وأسسوا هناك ما سمي بالعصبة الأندلسية.
3-بالإضافة إلى قسم آخر لم يكنوا أعضاء في أي من تلك الروابط.
1/ الرابطة القلمية:
جبران خليل جبران
جبران خليل جبران ولد في 6 يناير 1883 في بلدة بشراي شمال لبنان وتوفي في نيويورك 10 ابريل 1931 بداء السل ، سافر مع امه واخوته الى امريكا عام 1895 ، فدرس فن التصوير وعاد الى لبنان ، وبعد اربع سنوات قصد باريس حيث تعمق في فن التصوير ، عاد الى الولايات الامريكية المتحدة ، واسس مع رفاقه "الرابطة القلمية" وكان رئيسها .
ادبه:
كان في كتاباته اتجاهين ، احدهما يأخذ بالقوة ويثور على العقائد والدين ، والاخر يتتبع الميول ويحب الاستمتاع بالحياة .
مؤلفاته:
ألّف باللفة العربية :
دمعة وابتسامة.
الاروح المتمردة.
الاجنحة المتكسرة.
العواصف.
ألّف باللغة الانجليزية :
النبي (بالانجليزية The Prophet) مكون من 26 قصيدة شعرية وترجم الى ما يزيد على 20 لغة.
المجنون .
رمل وزبد (بالانجليزية Sand and Foam).
يسوع ابن الانسان (بالانجليزية Jesus, The Son of Man).
ميخائيل نعيمة
شاعر من لبنان ولد1889 في " بسكنا عام وتوفي عام 1988 ميلادي
ـ تخرج في دار المعلمين الروسية في الناصر ثم تابع تعليمه في روسيا وفي جامعة واشنطن
ـ من مؤسي الرابطة القلمية
ـ هاجر الى الولايات المتحدة ثم عاد الى لبنان
ـ له مؤلفات قصصية ونقدية ومسرحية كثير
وله ديوانان :
همس الجفون 1945
نجة الغروب
وصدرت له المجموعة الكاملة
إليا أبو ماضي
ولد ابو ماضي في قرية "المحيدثة" من قرى لبنان سنة 1891
وفي احدى مدارسها الصغيرة درس ثم غادرها في سنّ الحادية عشرة إلى الاسكندرية ومنها إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث كان أحد أعضاء الرابطة القلمية البارزين.
دواوينه:
ـ تذكار الماضي.
ـ الجداول.
ـ الخمائل.
نسيب عريضة
1304 – 1365 هـ / 1887 – 1946 م
نسيب بن أسعد عريضة.
شاعر أديب، من مؤسسي ( الرابطة القلمية) في المهجر الأميركي.
ولد في حمص، وتعلم بها، ثم بالمدرسة الروسية بالناصرة، وهاجر إلى نيويورك (سنة 1905) فأنشأ مجلة (الفنون) سنة 1913 وأغلقها ثم أعادها، وأضاع في سبيلها ما يملك.
وعمل في التجارة، ثم تولى تحرير (مرآة الغرب) الجريدة اليومية، فجريدة (الهدى) وتوفي في مدينة بروكلن.
له : (الأرواح الحائرة-ط) ديوان شعره، و (أسرار البلاط الروسي -ط) قصة مترجمة، و (ديك الجن الحمصي -ط) قصة نشرها في (مجموعة الرابطة القلمية).
رشيد أيوب
1288 – 1360 هـ / 1871 – 1941 م
شاعر لبناني، اشتهر في (المهجر) الأميركي، ولد في سبكتنا (من قرى لبنان) ورحل سنة 1889 م، إلى باريس، فأقام ثلاث سنوات، وانتقل إلى مانشستر فأقام نحو ذلك، وهو يتعاطى تصدير البضائع، وعاد إلى قريته، فمكث أشهراً.
وهاجر إلى نيويورك، فكان من شعراء المهجر المجلين، واستمر إلى أن توفي، ودفن في بروكلن. كان ينعت بالشاعر الشاكي، لكثرة ما نظمه من شكوى عنت الدهر.
له: ( الأيوبيات -ط) من نظمه، نشره سنة 1916 ، و (أغاني الدرويش -ط) نشره سنة 1928 ، و (هي الدنيا -ط) سنة 1939 .
/ العصبة الأندلسية:
فوزي المعلوف:
ولد فوزي المعلوف في زحلة في 21/5/1899. " , يمتُّ بنسبه إلى أسرة عريقة في القدم، أنجبت الشعراء والمؤرخين والكتبة ,والده عيسى اسكندر المعلوف هو العالم المؤرخ والعضو في ثلاثة مجامع علمية، منها المجتمع العلمي العربي بدمشق. ووالدته عفيفة كريمة إبراهيم باشا المعلوف. وأخواه شفيق صاحب "ملحمة عبقر" ورياض، وهما شاعران.
* كان قيصر المعلوف المولود عام 1874 رائد الصحافة العربية في أميركا الجنوبية، حين أصدر في سان باولو عام 1898 جريدة عربية باسم "البرازيل".
* وظهرت عليه علائم العبقرية في سنٍّ مبكرة، فقد بدأ القراءة في الثالثة، وأحسنها في الخامسة، وراسل أباه من زحلة إلى دمشق في الثامنة.
* درس في الكلية الشرقية بزحلة، ثم انتقل في الرابعة عشرة من عمره إلى بيروت ليتابع دراسته في مدرسة الفرير. واشتغل بالتجارة متنقلاً بين لبنان ودمشق. وفي الوقت نفسه كان يكتب في الصحف اللبنانية والسورية والمصرية.
ومن آثاره : * سقوط غرناطة شعلة العذاب أغاني الأندلس من قلب السماء على بساط الريح بين الطيور وأدركه الأجل في مدينة الريو دي جانيرو (عاصمة البرازيل)
رشيد الخوري
ولد في لبنان عام 1887م.
وهاجر إلى البرازيل عام 1913 هرباً من الضيق المادي وعمل في ظروف صعبة حتى عاد بعد أن لملم قصائده وجراحاته إلى وطنه لبنان عام 1984.
له ديوان مطبوع
شفيق المعلوف
شفيق عيسى المعلوف (1905 – 1977) أحد أبرز شعراء المهجر. أحد مؤسسي العصبة الأندلسية بالبرازيل، وواحد من كبار شعراء العصر ومن أفضلهم، بل هو "صاحب الراية العليا" كما يقول فيه أمين نخلة. وهو النجل الثاني لشيخ أدباء العصر عيسى اسكندر المعلوف.
ولد في زحلة عام 1905 ودرس في الكلية الشرقية فيها. وتولى، وهو فتى، رئاسة تحرير جريدة ألف باء في دمشق لمدة 3 سنوات (1923 – 1925). كما حرر زاوية "مباءة نحل" يوقعها تارة بإمضاء "زحلة" وطوراً بإمضاء "فتى غسان". ولاحقاً استخدم "أندلسي" و"مـُتعب". ثم نزح إلى البرازيل، ملتحقاً في مدينة ساو پاولو بأخيه فوزي المعلوف وبأخواله ميشال المعلوف وقيصر المعلوف وجورج المعلوف، وكلهم شعراء، وتعاطى فيها التجارة والأعمال
الياس فرحات
الياس فرحات (1893 1976) شاعر مهجري، ولد في قرية كفر شيما اللبنانية، وهي مسقط رأس اليازجي وآل شميل. وآل تقلا، أصحاب جريدة الاهرام. هاجر إلى البرازيل حاملا معه خصلة شعر من محبوبته، والتي اوحت إليه فيما بعد بقصيدة مشهورة، منها:
خصلة الشعر التي اهديتينيها عندما البين دعاني بالنفير
لم ازل اتلو سطور الحب فيها وسأتلــوها إلى اليوم الاخير
عمل فرحات في البرازيل بائعا متجولا وزاول اعمالا عديدة. وقد قال يصف حاله حين مكابدة الشقاء وقلة الحظ:
اغرّب خلف الرزق وهو مشرّق واقسم لو شرقت كان يغرب
حياة مشقات ولكن لبعدها عن الذل تصفو للأبي وتعذب
تزوج من السيدة جوليا بشارة جبران، التي تمت بقرابة للأديب جبران خليل جبران، وأقام في بلدة بيلو هوريزونتِ البرازيلية ساهم في تأسيس العصبة الاندلسية في أميركا الجنوبية على منوال الرابطة القلمية في المهجر الشمالي، عرف شعره بنزعته الوطنية والقومية.
الخاتـــــمة
بعد خمسة قرون من الجمود الثقافي والأدبي الناجم عن الافتقار إلى الحرية التي هي أم الفكر, أمام ظاهرة فريدة من نوعها, سمحت لهؤلاء المبدعين الذين قمعت عبقريتهم في أوطانهم وبعد أن انتقلوا إلى الضفة الأخرى للأطلسي وتنفسوا برئة العالم الجديد بإطلاق العنان لأجنحة أحاسيسهم وأفكارهم وبالتحليق في فضاء الخيال والطمأنينة.
ما كاد يمر زمن قصير حتى استطاعوا هؤلاء المغتربين أن يثبتوا وجودهم هناك ونمت ظاهرة فريدة في تاريخ الأدب العالمي أدب عربي ينمو ويزدهر بعيدا عن محيطه, وعن بيئته, ومع ذلك استطاع هذا الادب أن يترك بصماته حتى على الأدب العربي في الوطن الأم.