الضمير
أتدري ما هو الخلق ؟
هو شعور المرء أنه مسؤول أمام ضميره عما يجب أن يفعل
لذلك لا نسمي الكريم كريما حتى تستوي عنده صدقة السر و صدقة العلانية، و لا العفيف عفيفا حتى يعف في حالة الأمن كما يعف في حالة الخوف، و لا الصادق صادقا حتى يصدق في أفعاله صدقه في أقواله، و لا الرحيم رحيما حتى يبكي قلبه قبل أن تبكي عيناه، و لا المتواضع متواضعا حتى يكون رأيه في نفسه أقل من رأي الناس فيه.
إن التخلق غير الخلق، و أكثر الذين نسميهم فاضلين متخلقين بخلق الفضيلة، لا فاضلون، لأنهم إنما يلبسون هذا الثوب مصانعة للناس، أو خوفا منهم، أو طمعا فيهم فإن ارتقوا عن ذلك قليلا لبسوه طمعا في الجنة التي أعدها الله للمحسنين، أو خوفا من النار التي أعدها الله للمسيئين.
أما الذي يفعل الحسنة لأنها حسنة، أو يتقي السيئة لأنها سيئة فذلك من لا نعرف له وجودا، أو لا نعرف له مكانا.
لا ينفع المرء أن يكون زاجره ( مانعه ) عن الشر خوفه من عذاب النار، لأنه لا يعدم أن يجد بين الزعماء الدينين من يلبس له الشر لباس الخير فيمشي في طريق الرذيلة و هو يحسب أنه يمشي في طريق الفضيلة، أو خوفه من القانون، لأن القوانين شرائع سياسية وضعت لحماية الحكومات لا لحماية الآ***، أو خوفه من الناس لأن الناس لا ينفرون من الرذائل بل ينفرون مما يضر بهم، رذائل كانت أو فضائل، و إنما ينفعه أن يكون ضميره هو قائده الذي يهتدي به و مناره الذي يستنير بنوره في طريق حياته.