لم تكن نتائج استراتيجية التنمية ذات النموذج الشمولي التخطيطي على المستوى الذي كان متوقعا بالرغم من أن هذا النموذج قد حقق مكاسب كبيرة في مجال البنية الأساسية, وإقامة بعض الصناعات الكبرى ذات الأهمية والإنصاف والمساواة في توزيع الدخل وفرص الوصول إلى العمل والأصول الإنتاجية وتحسين مستوى المعيشة والتنمية البشرية, إلا أن نطاق القطاع العام اتسع بشكل كبير جدا وضيق الخناق على القطاع الخاص أحيانا وأدى إلى تهميشه, وقد أدى هذا الأمر إلى انخفاض الكفاءة الاقتصادية ومستوى الأداء الاقتصادي وضعف النمو الاقتصادي, وظهرت الاختلالات الكبرى في الاقتصاد وتفاقمت لدرجة أصبح من الضروري القيام بالإصلاح الاقتصادي الذي يعني فيما يعنيه الانتقال من النموذج التنموي الشمولي إلى النموذج (الليبرالي) التحرري أو نموذج اقتصاد السوق الاجتماعي وبالتالي إعادة النظر في دور الدولة في النشاط الاقتصادي .
ويقوم الدور التنموي الجديد للدولة على عناصر رئيسية تتمثل في :
– التحرير الاقتصادي الذي يتطلب إزالة القيود والمعوقات أمام التجارة الخارجية.
– ودعم المنافسة في ظل تشجيع القطاع الخاص.
– إصلاح القطاع العام والخاص.
– تحسين إدارة المصروفات العامة.
– إصلاح الخدمة المدنية.-
– تحسين أداء المؤسسات العامة.
– زيادة القدرة التنافسية أي سياسة اقتصادية كلية تقوم على تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي.
تنطلق استراتيجية التنمية الجديدة المعتمدة على اقتصاد السوق الاجتماعي من تكامل نشاط ودور قطاعات الاقتصاد الوطني ( العام والخاص والمشترك والتعاوني) في تحقيق أهداف الاستراتيجية المتمثلة في تحقيق التنمية الشاملة, المرتكزة على كفاءة تخصيص الموارد وبذلك تبدو أهمية التعددية الاقتصادية كسياسة يتم اتباعها لخلق نوع من التكامل بين الموارد, وبذلك تبدو أهمية التعددية الاقتصادية كسياسة يتم اتباعها لخلق نوع من التكامل بين مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني, ولا بد من التعرف على القيود التي يمكن أن تقلص الكفاءة الاقتصادية والحوافز التي تحث على رفعها
لدى كل القطاعات.
إن إعادة النظر في دور الدولة في الحياة الاقتصادية والتحول من الدور الإنمائي إلى الدور التصحيحي للدولة لا يعني تخلي الدولة عن مواجهة التحديات التنموية بل يؤكد على دور جديد ومختلف للدولة في السعي لتحقيق التنمية الشاملة.
و الدولة الجزائرية مثل غيرها من الدول تبحث اليوم عن الكفاءة والفعالية كأحد الثوابت وذلك بإدخال الاقتصاد الوطني في السوق الدولية ولتحقيق ذلك يجب المرور عبر محاربة التضخم والتحكم في الكتلة النقدية، امتصاص عدم التوازن السلبي في ميزانية الدولة وتحديد دورها في الظروف الجيدة وهي اقتصاد السوق والقيام بإصلاحات في القطاع العمومي.
1- ففي اقتصاد السوق تصبح الدولة تلعب دور المتحكم في الاقتصاد والموجه سواءا للقطاع الخاص والعام وضرورة تفضيل القطاع الخاص لأنه صاحب القوة المحركة ضمن اقتصاد السوق.
2- أن تتجه نحو المهام العادية للدولة وتوفير قوة عمومية وتتحكم في الموارد المالية التي تتميز بالندرة المستمرة في تطلعات المجتمعات والنمو الديمغرافي وما يصاحبه من حاجيات إلى العدل والتطور.
-3- الأداء التام لدور الدولة الجديدة، الذي يفرض دخول اقتصادها في تفاعل مع اقتصاديات أخرى، وتتميز حاليا العلاقات بالتكتلات على المستوى الجهوي وما يحدث من تغيرات في مختلف جهات
العالم.
-4- وعلى الدولة أن تحدد دورها في اقتصاد السوق اتجاه المؤسسات العمومية إذ لم يبقى دورها المتمثل في المالك والموجه والمنتج الذي أثبت فشله في مراحل سابقة.
ولقد تحسنت المؤشرات المالية والاقتصادية الجزائرية منذ منتصف التسعينات، وذلك يعود إلى السياسيات الإصلاحية المعتمدة والمدعومة من صندوق النقد الدولي، إضافة إلى إعادة جدولة ديون الجزائر من قبل نادي باريس، ولقد ساهم عاملان في إخراج الجزائر ثاني أكبر بلد إفريقي من الاختناق الاقتصادي نحو آفاق استثمار واعدة.
* يكمن العامل الأول في السلم الذي بدأ يستتب بعد أعمال عنف خلفت سقوط 200ألف قتيل ومنعت استقرار اقتصاد البلد الواقع على أبواب أوربا.
* أما العامل الثاني في تغيير صورة الجزائر فيتمثل في ارتفاع أسعار النفط مما جعل الإيرادات تصل إلى 45.6 مليار دولار، وقال الرئيس "عبد العزيز بوتفليقة" لقد بدأ شركاؤنا في التراجع عن التردد وأدركوا أخيرا أن فرص استثمار ثمينة في الجزائر.
ومن الملاحظ أن مالية الجزائر استفادت كثيرا من الفوائض التجارية التي استطاعة تحقيقها خلال السنوات 2022م-2005م، وأيضا من الرقم القياسي الذي تمكنت من تحقيقه فيما يتعلق باحتياطي النقد الأجنبي، إضافة إلى تخفيض الديون الخارجية، كما أن الجزائر أعطت انتباها كبيرا للنشاط السياحي الذي بات يشهد نموا واضحا واستقطابا كبيرا للسواح.