مع اقتراب ساعة الحسم حيث لم يعد يفصلنا عن امتحان البكالوريا سوى يوم واحد، يبقى الإعداد النفسي والمعرفي أو كما يوصف بـ"لغة الكفايات"؛ الكفاية المعرفية المنهجية والكفاية الإستراتيجية، شرطا هاما لبلوغ سبيل النجاح في الامتحان، لذا يحرص الأساتذة والمختصون ذوو الخبرة الطويلة في التدريس وكذا تصحيح أوراق الممتحَنين في البكالوريا، على تقديم جملة من النصائح والأفكار الهامة التي تساعد الطلبة في التحضير للامتحان وتحقيق هدفهم السامي ألا وهو اجتياز عقبة البكالوريا والدخول إلى الجامعة.
ولأن الطريق للامتحان في أيام صعبة وحساسة تختلف عن باقي الأيام الأخرى، فقد دعا الأستاذ العربي نوار الطالبَ إلى التوجه في اليوم الأول مبكرا إلى مركز الامتحان أي قبل حوالي ساعة من انطلاقه تحسباً لأي طارئ وتفاديا للتأخير، وهو ما سيمكّنه من إيجاد رقمه والقسم الذي سيُمتحن فيه بسهولة كبيرة.
ودعا نوار أيضا إلى عدم التحدث إلى الأصدقاء والزملاء حول المواضيع المتوقعة في الامتحان، التوكل على الله والتأكد بأن البكالوريا هي تحصيل لمجهود سنوات من الدراسة.
وبعد دخوله إلى القسم يجلس مباشرة إلى طاولته ويحاول التنفس بعمق والاسترخاء دون التفكير بالمواضيع، يستغل الوقت في قراءة بعض الأدعية والقرآن الكريم لتهدئته، وبعد استلام نص الأسئلة على الطالب أن لا ينساق وراء الحرية العمياء في اختيار الموضوع بدون علم أو إلمام بجميع الأجوبة، بل يتوجب عليه أن يقرأ كل المواضيع المقترحة جيدا ولعدة مرات ثم يحاول الإجابة شفاهيا على جميع الأسئلة ليختار الموضوع الذي يعرف كل إجاباته، وعليه عدم التردد أو التراجع بعد اختيار الموضوع والشروع في الإجابة مع التخلي عن كل الأفكار المسبقة والقيود التي يفرضها على نفسه في الإجابة كالتقيد بمواضيع ومحاور معينة كأن يفضل المقالة على النص في الفلسفة أو النثر على الشعر في الأدب العربي، ولا ينشغل بالإصغاء لزملائه في القاعة أو معرفة اختياراتهم بل عليه الاقتناع باختياره وعدم الانسياق وراء الآخرين.
ومن المستحسن أن يمزق الأسئلة الأخرى كي يقضي على كل الشكوك والارتياب، ومن الضروري جدا أن يميزوا بين الأسئلة الإجبارية والأسئلة الإختيارية حتى لا يقعوا في الخطأ مع التركيز على الإجابات التي تحتوي على علامات مرتفعة، مع استغلال كل وقته وعدم التقليل من أي مادة مهما كان معاملها فوصفة النجاح لن تكتمل إلا بتجميع نقاط جيِّدة في كامل المواد.
وقد أوضح الأستاذ نوار أنه على الطلبة التيقن التام بأن النجاح بيد الله فعليهم الالتزام بالدعاء وقراءة القرآن لتهدئة أنفسهم واليقين بالإجابة لقوله تعالى "وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب" هود الآية 88 .
الخط الواضح يريح المصحِّح
حذار.. خطك السيئ قد يرهن حظوظك في النجاح بالبكالوريا
كان الخط السيئ لدى كثير من المتقدمين لامتحان البكالوريا، سببا مباشرا في فشلهم في الامتحان، بعدما وجد المصحّحون صعوبة كبيرة في فهم محتوى ورقة إجاباتهم. ولضيق الوقت وكثرة أوراق الإجابة، يمرّ المصحّح على الورقة ذات الخط السيئ مرور الكرام. وعليه ينبه الأساتذة طلاب البكالوريا بأخذ المسألة على محمل الجد.
يتجاهل كثيرٌ من التلاميذ والطلبة خاصة المقبلون على البكالوريا مسألة تحسين خطهم، ويعتبرونها أمرا ثانويا، وهم لا يدرون أن للأمر أهمية كبرى، قد تصل إلى حد نجاحهم أو فشلهم في البكالوريا. وفي هذا السياق أخبرنا الأستاذ بن شريف أحمد والذي سبق له تصحيح مواضيع البكالوريا في أعوام خلت، أن الأوراق التي يكون خطها رديئاً جدا وغير مفهوم، كانت تصيبه بالإحباط والقلق، ومع ذلك يقول "كنت أركز في الورقة وأحاول فك رموزها بصعوبة" وحسب المتحدث، فإنه صادف أحيانا أوراقا كانت إجاباتها مكتوبة بخط غريب، يشبه كثيرا الطلاسم التي يكتبها المشعوذون!
وأرجع الأستاذ، عدم إتقان بعض الطلبة الخط الجيد، إلى عدم تركيز غالبية معلمي الطور الابتدائي، أو تجاهلهم حصص تعليم الخط والكتابة لدى التلاميذ، وفي اعتقادهم أنه كلما تطور المستوى الدراسي للطفل، ستتطور حتما موهبته في الكتابة، وهو اعتقاد خاطئ حسب محدثنا، لأن كثيرا من إطارات الدولة ومثقفين وحتى كتابا معروفين، يعانون رداءة الخط، وآخرون يستعينون بكتّاب خصوصيين.
"جمال" من عين النعجة واحدٌ من الطلبة المقبلين على اجتياز امتحان البكالوريا بعد أيام، وهو متخوف بسبب رداءة خطه، وعن هذا يقول "خطي سيء جدا إلى درجة أنني أحيانا لا أستطيع قراءة كتابتي، فما بالك بالمصحّح" وهذا الأمر جعله يركز هذه الأيام جهوده على تحسين خطه.
وينصح أهل الاختصاص، طلبة البكالوريا من أصحاب الخط السيئ، بعدم إضاعة مجهودهم أثناء فترة المراجعة، في محاولات تجميل خطهم، ليصبح مثل كتابة "الخطاطين المبدعين" لأن هذا مستحيل، لكن عليهم محاولة توضيح ما يكتبون، بمعنى عليهم كتابة كل حرف بشكله الصحيح، فالبعض يكتب الألف المستقيمة وكأنها مائلة، فتصبح تشبه حرف الواو، وآخرون ينسون تنقيط الحروف، كما أن "تشكيل بعض الحروف مهمّ أيضا لزيادة التوضيح" حسب الأساتذة. ويجب أن لا يغفل الطلبة عن الفواصل والنقاط والعودة إلى السطر ووضع الشدة لأنها مهمة جدا، لإعطاء معنى مفيد للجمل.
وقوع الطالب فيهما أمرٌ طبيعي
نصيحة للتعامل الايجابي مع القلق والارتباك خلال الامتحان
غالبا ما تعترض الطالب بعض الأسئلة التي يصعب عليه إيجاد حلول لها أو هكذا يتخيله للوهلة الأولى، فيتصبب عرقا ويرتبك ويشعر بأن فكره وذهنه متجمدان وليس بإمكانه الإجابة بل ويوشك على الانهيار.
ولتفادي هذه الحالات والارتباكات التي تحدُّ من عزيمة الممتحَن وقد تدفعه للإجابة بطرق خاطئة أو عشوائية، قدم الدكتور لحسن بوجناح، المختص في الاسترخاء والعلاقات الأسرية، جملة من النصائح للطالب في حالة ما إذا انتابته حالة هبوط مفاجئ أثناء الامتحان فعليه التوقف عن الكتابة والإجابة، يقوم ببعض تمارين التنفس العميق دون التفكير في الوقت أو في الامتحان، بعد تكرار تمارين التنفس لعدة مرات سيشعر ببعض الراحة وبإمكانه أيضا شرب القليل من الماء أو إغلاق عينيه لبعض الوقت دون التفكير في أي شيء، عندها سيشعر بتخطيه مرحلة الانهيار وأن تركيزه أفضل مما كان عليه في السابق وبإمكانه الإجابة أفضل بكثير من مواصلته العمل والإجابة في حالة الارتباك والخوف. وأشار بوجناح إلى ضرورة التركيز في ورقة الإجابة وعدم الانشغال بما يحدث في القاعة من شوشرة أو أحاديث، وعدم تحيُّن الفرص أو الانشغال بترصُّد المراقبين لمحاولة الغش في الامتحان فكل هذه العوامل تشتت تفكيره وتقلل من تركيزه.
مدعوون إلى تجنب أطعمة "الفاست فود" الدسمة
القمح الصلب والمكسّرات تمنح طاقة مثالية لطلبة البكالوريا
تعتبر التغذية يوم الامتحان عنصرا أساسيا وهاما في تزويد الجسم بالطاقة الضرورية والتي هو بحاجة إليها كما تمكنه من الصمود ليوم كامل وتقاوم الإنهاك والإجهاد، لذا حرص المختصون في التغذية على وضع حميات مختلفة تحتوي على أغذية متنوعة غنية بالفيتامينات والسكريات التي تضاعف الطاقة عند الطلبة المقبلين على اجتياز الامتحانات وبالأخص البكالوريا، فالغذاء المتوازن والمتكامل يساهم في امتصاص التوتر والتقليل من حالات الهلع.
وفي هذا السياق، قدم الدكتور لحسن بوجناح، مختص في الاسترخاء والعلاقات الأسرية، برنامج حمية بسيطة جدا وغير مكلفة إلا أن لها فوائد جمة وهي تعتمد أساسا على القمح الصلب والمكسرات، وهي مواد متوافرة في كل البيوت مع الابتعاد كليا عن الأكل الجاهز وطعام "الفاست فود" تجنبا للتسممات الغذائية:
1 – تناول وجبة فطور الصباح وهو ضروري جدا، ويتكون من نصف كسرة مصنوعة بالمنزل من القمح الصلب ويفضل أن تكون من نوع "المطلوع"، يوضع عليها ملعقة أكل من زيت زيتون أو المربى، فالسكريات ضرورية جدا للتغلب على الإجهاد والتعب، يضاف إليها كوب من الحليب الساخن، فهي تشكل وجبة كاملة بإمكانها منح الطاقة للطالب الممتحن وتقويته حتى الساعة الثانية بعد الزوال، خاصة إذا ما تناول قبل ذهابه علبة من الزبادي "الياغورت" ومزجها بموزة مقطعة إلى قطع صغيرة أو تفاحة أو مع أي نوع آخر من الفاكهة.
2 – يحمل الطالب الممتحن معه إلى مركز الامتحان كمشة من الفول السوداني أو اللوز لكونهما مهمان للمخ، زيادة على حبات من الحلوى كي تمنحه الطاقة، فالزيوت المتوافرة في المكسرات يحتاجها الجهاز العصبي بكثرة لتبديد شعوره بالتعب، فعليه بتناول المكسرات قبل الدخول للقاعة بحوالي نصف ساعة ثم يضيف حبات الحلوى.
3 – ضرورة توفر المياه بالقرب من الطلبة المترشحين، فهي ستساعدهم على تجاوز الصدمة الأولى فالتشنج والإرتباك مرافقان دائمان لعملية تلقي الأسئلة، ومن الضروري جدا تزويد كل طالب بقارورة مياه معدنية أو وضعها بالقرب منهم داخل قاعة الامتحان.
وفيما يخص وجبة الغداء يوم الامتحان حذر الدكتور بوجناح الطلبة الذين يبعد مركز الامتحان عن مقر سكنهم ويضطرون للأكل في الشارع، من تناول المقليات والأكلات المطهية والمتشبعة بالزيوت، وبالأخص المحضرة في محلات الأكل السريع و"الفاست فود"، تجنبا لحالات التسمم الغذائي المنتشرة بكثرة خاصة في فصل الصيف، فالتسمُّم الغذائي مرادفٌ لتضييع الامتحان الثاني، وأوصاهم بتناول ساندويتش من الجبن مع قطعة من الخبز وهي بمثابة إيحاءات كاذبة للدماغ والجسد بأنه أكل وجبة تسكن جوعه كما أنه لن يشعر بالراحة ولن يتمكن من الإجابة بشكل جيد إذا ما أكثر من الأكل، ليتناول بعدها علبة زبادي أو أي نوع من الفاكهة كالموز أو التفاح، بالنسبة لمدمني القهوة أو الشاي عليهم تناول كوب واحد لتحفيز الدماغ أو شرب كوب عصير طازج قبل الدخول للامتحان.
سبحان الله وبحمده.