ومن أنفع الأدوية الالحاح فى الدعاء:
وقد روى ابن ماجة في سننه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لم يسأل الله يغضب عليه"
وفي صحيح الحاكم من حديث أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم "لاتعجزوا فى الدعاء فإنه لايهلك مع الدعاء أحد"
وذكر الاوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب الملحين فى الدعاء"
وفى كتاب الزهد للامام أحمد عن قتادة قال: قال مورق: "ما وجدت للمؤمن مثلا إلا رجل في البحر على خشبة فهو يدعو يا رب يا رب لعل الله عز وجل أن ينجيه"
فصل:
ومن الآفات التى تمنع ترتب أثر الدعاء عليه أن يستعجل العبد ويستبطي الاجابة فيستحسر ويدع الدعاء وهو بمنزلة من بذر بذرا أو غرس غرسا فجعل يتعاهده ويسقيه فلما استبطأ كماله وإدراكه تركه وأهمله.
وفى البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يستجاب لاحدكم ما لم يعجل يقول دعوت فلم يستجب لي".
وفي صحيح مسلم عنه: "لايزال يستجاب للعبد ما لم يدع بأثم أو قطيعة رحم ما لم يستعجل قيل: يا رسول الله ما الاستعجال قال: يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجاب لى فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء"
فصل:
وإذا اجتمع مع الدعاء حضور القلب وجمعيته بكليته على المطلوب وصادف وقتا من أوقات الإجابة الستة وهي الثلث الأخير من الليل وعند الأذان وبين الأذان والإقامة وأدبار الصلوات المكتوبات وعند صعود الإمام يوم الجمعة على المنبر حتى تقضى الصلاة وآخر ساعة بعد العصر من ذلك اليوم وآخر ساعة من بعد العصر وصادف خشوعا في القلب وانكسارا بين يدي الرب وذلاله وتضرعا ورقة واستقبل الداعي القبلة وكان على طهارة ورفع يديه إلى الله تعالى وبدأ بحمد الله والثناء عليه ثم ثنى بالصلاة على محمد عبده صلى الله عليه وسلم ثم قدم بين يدي حاجته التوبة والاستغفار ثم دخل على الله وألح عليه في المسألة وتملقه ودعاه رغبة ورهبة وتوسل إليه بأسمائه وصفاته وتوحيده وقدم بين يدي دعائه صدقة فإن هذا الدعاء لا يكاد يرد أبدا ولا سيما إن صادف الأدعية التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها مظنة الإجابة أو أنها متضمنة للاسم الأعظم.
فمنها ما في السنن وفي صحيح ابن حبان من حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول: "اللهم إني أسالك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن كفوا أحد فقال: لقد سأل الله بالاسم الذي إذا سئل به أعطي وإذا دعي به أجاب" وفي لفظ "لقد سألت الله باسمه الاعظم"
وفي السنن وصحيح ابن حبان أيضا من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: "أنه كان
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا ورجل يصلى ثم دعا فقال: اللهم إني أسالك بأن لك الحمد لا إله أنت المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى"
وأخرج الحديثين الإمام أحمد في مسنده
وفى جامع الترمذي من حديث أسماء بنت يزيد رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إسم الله الأعظم في هاتين الآيتين: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}وفاتحة آل عمران{آلم اللَّهُ لا إِلَهَ إلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح
في مسند الإمام أحمد وصحيح الحاكم من حديث أبي هريرة وأنس بن مالك وربيعة بن عامر رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام" يعنى تعلقوا بها وألزموها وداوموا عليها.
وفي جامع الترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أهمه الأمر رفع رأسه إلى السماء وإذا اجتهد في الدعاء قال: يا حي يا قيوم".
وفيه أيضا من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر قال يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث".
وفى صحيح الحاكم من حديث أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اسم الله الأعظم في ثلاث سور من القرآن البقرة وآل عمران وطه" قال القاسم: فالتمستها فإذا هي آية {الْحَيُّ الْقَيُّومُ}.
وفي جامع الترمذي وصحيح الحاكم من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت"{أَنْ
لا إِلَهَ إلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} إنه لم يدع بها مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له قال الترمذي: حديث صحيح.
وفى مستدرك الحاكم أيضا من حديث سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بشيء إذا نزل برجل منكم أمر مهم فدعا به يفرج الله عنه؟ دعاء ذي النون"
وفي صحيحه أيضا عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "هل أدلكم على اسم الله الأعظم؟ دعاء يونس فقال رجل: يا رسول الله هل كانت ليونس خاصة؟ فقال: إلا تسمع قوله تعالى: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} فأيما مسلم دعا بها في مرضه أربعين مرة فمات في مرضه ذلك أعطي أجر شهيد وإن بريء بريء مغفور له".
وفي الصحيحين من حديث بن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: "لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله رب السموات السبع ورب الأرض رب العرش الكريم".
وفى مسند الإمام أحمد من حديث على بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل بي كرب أن أقول لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله وتبارك الله رب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين"
وفي مسنده أيضا من حديث عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب أحد قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك اللهم بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحدا من خلقك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله عز وجل همه وحزنه وأبدله مكانه فرحا فقيل: يا رسول الله إلا نتعلمها؟ قال: بل ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها".
وقال ابن مسعود: "ما كرب نبي من الأنبياء إلا استغاث بالتسبيح"
وذكر ابن أبي الدنيا في كتاب المجانين في الدعاء عن الحسن قال: "كان رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار يكني أبا معلق وكان تاجرا يتجر بمال له ولغيره يضرب به في الآفاق وكان ناسكا ورعا فخرج مرة فلقيه لص مقنع في السلاح فقال له: ضع ما معك فاني قاتلك قال: فما تريد من دمي؟ فشأنك بالمال قال: أما المال فلي ولست أريد إلا دمك قال أما إذا أبيت فذرني أصلى أربع ركعات قال: صلى ما بدا لك فتوضأ ثم صلى أربع ركعات فكان من دعائه في آخر سجوده أن قال: يا ودود يا ودود يا ذ العرش المجيد يا فعالا لما تريد أسألك بعزك الذي لا يرام وبملكك الذي لا يضام وبنورك الذي ملأ أركان عرشك أن تكفيني شر هذا اللص يا مغيث أغثني يا مغيث أغثني يا مغيث أغثني ثلاث مرات فإذا هو بفارس أقبل بيده حربة قد وضعها بين أذني فرسه فلما بصر به اللص أقبل نحوه فطعنه فقتله ثم أقبل إليه فقال: قم فقال: بأبي أنت وأمي فقد أغاثني الله بك اليوم فقال: أنا ملك من أهل السماء الرابعة دعوت بدعائك الأول فسمعت لأبواب السماء قعقعة ثم دعوت بدعائك الثاني فسمعت لأهل السماء ضجة ثم دعوت بدعائك الثالث فقيل لي: دعاء مكروب فسألت الله أن يوليني قتله
قالالحسن: فمن توضأ وصلى أربع ركعات ودعا بهذا الدعاء استجيب له مكروبا كان أو غير مكروب
………………………………………….. …………………………………
بارك الله فيك ووجعله في ميزان حسناتك
نورتي الموضوع
بارك الله فيك