منطقة التبادل الحر الأورو- متوسطية و الإستثمار الأجنبي المباشر : عناصر تحليليلة لمناخ الإستثمار في جنوب و شرق المتوسط
ملخص البحث :
تشير بعض الدراسات الاقتصادية إلى أن النظريات الاقتصادية تفتقر لوسائل تحليل خاصة بالاستثمار الأجنبي المباشر و علاقته بسياسات التكامل الاقتصادي أو الاندماج الاقتصادي. و في هذا العمل سنحاول دراسة موضوع إنشاء منطقة التبادل الحر و علاقتها بظاهرة الاستثمار الخارجي إعتمادا على بعض المؤشرات العامة ، و ذلك بالرجوع إلى مثال جنوب و شرق المتوسط . و تمهيدا لموضوع الدراسة ، سوف نقدم نظرة عامة حول التوزيع الجغرافي و القطاعي للاستثمارات الأجنبية في العالم ، ثم تحليل عوامل و محددات الاستثمار الأجنبي . ثم التطرق إلى طبيعة و خصائص الاستثمار الأجنبي في منطقة جنوب و شرق المتوسط و تقييم مناخ الاستثمار بهذه المنطقة . و النتيجة التي نتوصل إليها من خلال هذا العمل أن نجاح منطقة التبادل الحر ما بين الدول المتوسطية و الاتحاد الأوروبي يبقى رهين تدفقات الاستثمارات الأجنبية الذي يعول عليه في لعب دورا رئيسيا و محوريا في قيادة السياسة المرافقة لصيرورة إنشاء منطقة التبادل الحر . فما هي الشروط التي من شأنها توفير ظروف نجاح إقامة منطقة التبادل الحر ؟.
1- مقدمـــة عامــة :
إن الحديث عن دور الإستثمارات الأجنبية المباشرة لا يتوقف فقط على تغيرات بنية الإستثمار أو على أشكال الاستثمار المسموح بها أو المعمول بها ، بل تتوقف أيضا على عوامل و متغيرات أخرى . بعض هذه العوامل ترتبط بتنظيم و توجيه الاستثمارات الأجنبية بما فيها من سياسات و إجراءات لجذب هذه الاستثمارات و عوامل أخرى ترتبط بالمحيط الدولي . هذه العوامل تمثل المعايير التي يتعين على مقرري السياسات التحرك في إطارها من أجل إجتذاب الإستثمار الأجنبي المباشر و الإستفادة من بعض المكاسب في مجال التكنولوجيا و المهارات و الوصول إلى الأسواق ، وإقامة العديد من الروابط الخلفية و الإستفادة من الأصول الأجنبية للتوصل الى إحتلال مواقع تنافسية في الأسواق العالمية .
و رغم أن العديد من دول جنوب و شرق المتوسط تقدم الكثير من التسهيلات و الامتيازات و الضمانات أو التسهيلات الجمركية ، المالية و الادارية ، نجد أن حجم الاستثمار الاجنبي مقاسا على سبيل المثال بعدد الشركات أو الاستثمار في المشروعات الاجنبية فيها محدودا للغاية ، و هذا يعني أنها لم تستفد من التوسع الهائل للإستثمارات الدولية . مما يعني أن جاذبية الدول المضيفة لا تتوقف فقط على أنواع الحوافز و الضمانات المقدمة للمستثمرين الاجانب ، بل إن عوامل أخرى قد تلعب دورا أكثر تأثيرا على حجم و مدى إستقرار تدفق هذه الاستثمارات ، فالاستقرار السياسي و حجم السوق و مدى توافر الموارد المادية و البشرية بها و مناخ و أشكال الاستثمار المقامة . إضافة الى المحددات الخارجية التي تؤثر في مسار و قرار الاستثمار لدى الشركات. كل هذا يطلق عليه بمناخ الاستثمار ، و ينصرف هذا التعبير الى مجمل الاوضاع و الظروف المؤثرة في إتجاهات رأس المال ، فالوضع العام و السياسي للدولة و مدى ما تمتاز به من إستقرار و تنظيماته الادارية ، و ما تتميز به من فعالية و كفاءة و نطامها القانوني ، ومدى مرونته و وضوحه و إتساقه و سياسات الدولة الاقتصادية و إجراءاتها و طبيعة السوق و آلياته و امكانياته ، و ما تمتاز به الدولة من منشأت قاعدية ، و عناصر إنتاج ، و ماتتميز به الدولة من خصائص جغرافية و ديمغرافية ، كل ذلك يشكل مكونات ما أصطلح على تسميته " بمناخ الاستثمار" ، ومن ثم فهي عناصر متداخلة و تؤثر و تتأثر بعضها ببعض . ومن هنا فإن الجغرافية المتغيرة للإنتاج الدولي تعكس التفاعل الديناميكي بين العديد من العوامل الإقتصادية و التنظيمية و عوامل السياسة العامة .، وحجم آثارها على القرارات المتعلقة بالمواقع التي تتخذها الشركات متعددة الجنسيات . و من هنا سنحاول تحليل حجم الفرص و الإمكانيات التي تمنحها منطقة التبادل الحر الأورو-متوسطية في مجال الإستثمارات الأجنبية المباشرة ، و هل يؤدي إنشاء هدا الفضاء الكبير إلى خلق أو تحويل الإستثمارات الأجنبية المباشرة على أساس مناخ الإستثمار و الأعمال السائد وعلى أساس إفتراض أن تطوير الإستثمارات الأجنبية المباشرة هو عامل أساسي لنجاح هدا التجمع الكبير .
2- جغرافية الإستثمارات الأجنبية المباشرة :
يشير التقرير العالمي حول الإستثمار لعام 2001 عن نمو الإستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 18 % في عام 2000 أسرع من نمو الإنتاج المحلي الإجمالي ، تكوين رأس المال و التجارة ، ليصل مستوى هذا النمو إلى رقم قياسي قدره 1.3 تريليون دولار .
هذا التوسع العالمي لحجم الإستثمارات الأجنبية تحركه كما يشير الى ذلك التقرير أكثر من 60000 شركة متعددة الجنسيات تملك أكثر من 800 000 فرع في الخارج .
الجدول رقم 1 : مؤشرات مختارة للإستثمار الأجنبي المباشر و الإنتاج الدولي : 1982 – 2000
القيمة بالاسعار الحالية ( بلايين الدولارات )
البند 1982 1990 2000
تدفقات الإستثمار تلأجنبي الوارد 57 202 1271
تدفقات الإستثمار الاجنبي الصادر 37 235 1150
رصيد الاستثمار الاجنبي الوارد 719 1889 6314
رصيد الاستثمار الاجنبي الصادر 568 1717 5976
اندماج و شراء الشركات عبر الحدود – 151 1144
المبيعات من الشركات الاجنبية المنتسبة 2465 5467 15680
الناتج المحلي للشركات الاجنبية المنتسبة 565 1420 3167
مجموع اصول الشركات الاجنبية المنتسبة 1888 5744 21102
صادرات الشركات الاجنبية المنتسبة 637 1166 3572
عمالة الشركات الاجنبية المنتسبة ( بالألاف ) 17454 23721 45587
الناتج المحلي الاجمالي بتكلفة عوامل الانتاج 10612 21475 31895
اجمالي تكوين رأس المال الثابت 2236 4501 6466
عائدات و حصائل رسوم الترخيص 9 27 66
صادرات السلع والخدمات من غير عوامل الانتاج 2124 1381 7036
المصدر : الأونكتــاد : تقرير الإستثمار العالمي ، 2001 " تشجيع الروابط ".ص 3.
و لا تزال الدول المتقدمة تمثل الوجهة الرئيسية للإستثمارات الأجنبية المباشرة ، إذ تستأثر بأكثر من ثلاثة أرباع التدفقات الوافدة . و لا تزال عمليات إندماج و شراء الشركات عبر الحدود تمثل المحرك الأساسي وراء الإستثمار الأجنبي .
الجدول رقم 2 : عمليات الإندماج و الشراء حسب المناطق ( ملايير الدولارات )
البيع الشراء
1998 1999 1998 1999
الدول المتقدمــة
منها : 445.1 644.6 551.4 677.3
الإتحاد الأوروبي 187.9 344.5 284.4 497.7
الولايات المتحدة الأمريكية 209.5 233.0 137.4 112.4
اليابان 4.0 15.9 1.3 9.8
الدول النامية
منها : 80.7 63.4 19.2 41.2
إفريقيا 0.7 0.6 0.2 0.4
أمريكا اللاتينية و الكارييب 63.9 37.2 12.6 24.9
أوروبا – 0.6 – –
آسيا 16.1 25.3 6.4 5.9
الباسفيك – 0.1 – –
أوروبا الشرقية و الوسطى 5.1 10.3 1.0 1.6
العالم 531.6 720.1 531.6 720.1
المصدر : الأونكتاد : نفس المرجع .
أما عن التوزيع الجغرافي لهذه الإستثمارات و حسب المناطق الجغرافية ، فنشير إلى إرتفاع نسبة هذه التدفقات الواردة الى الدول النامية ، لتصل إلى 240 بليون دولار . و إحتفضت الدول في أوروبا الوسطى و الشرقية ، التي بلغت حصتها 27 بليون دولار بنصيبها البالغ 2 % . و ظلت مجموع 49 دولة من أقل الدول نموا في وضعها الهامشي من حيث إجتذاب الإستثمارات الأجنبية ، حيث بلغ نصيبها 0.3 % من التدفقات الوافدة العالمية عام 2000 .
و على مستوى الدول المتقدمة ، فلقد إستأثر الإتحاد الأوروبي و الولايات المتحدة و اليابان بنسبة 71 % من التدفقات الوافدة العالمية و 82 % من التدفقات الصادرة لسنة 2000. أما بالنسبة للدول النامية ، فنشير الى وجود إختلافات كبيرة في إتجاهات الاستثمار الاجنبي المباشر. فلقد إنخفضت التدفقات الوافدة إلى إفريقيا ( بما في ذلك جنوب إفريقيا ) في عام 2000 إلى أقل من 1 %. أما في أمريكا اللاتينية و الكاريبي ، فقد عرفت تدفقات الإستثمارات الأجنبية التي تتركز في قطاع الخدمات و الموارد الطبيعية إنخفاضا أيضا قدر بنسبة 22 % عام 2000 . أما في الدول الآسيوية النامية ، فلقد بلغت تدفقات الإستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة مستوى قياسيا قدره 143 بليون دولار في عام 2000 (1 ).
الجدول رقم 3 : التوزيع الإقليمي لتدفقات الإستثمار الأجنبي المباشر الوارد ( بلايين الدولارات )
1998 1999 2000
البلدان المتقدمة 483.2 829.8 1805.2
أوروبا الغربية 273.4 485.3 633.2
الاتحاد الأوروبي 261.1 467.2 617.3
بلدان أوروبا الغربية الأخرى 12.3 18.2 15.8
اليابان 3.3 12.7 8.2
الولايات المتحدة الأمريكية 174.4 295.0 281.1
البلدان و الاقتصاديات النامية 188.4 222.8 240.2
أفريقيا 7.7 9.3 8.2
أمريكا اللاتينية و الكاريبي 83.2 10.3 86.2
آسيا و المحيط الهادي 95.9 100.0 143.8
آسيا 95.9 99.7 143.5
غرب آسيا 6.6 0.9 3.4
آسيا الوسطى 3.0 2.5 2.7
جنوب و شرق و جنوب شرق آسيا 86.0 96.2 137.3
جنوب آسيا 3.5 3.1 3.0
المحيط الهادي 0.3 0.3 0.3
أوروبا النامية 1.6 2.7 2.0
أوروبا الوسطى و الشرقية 21.8 23.2 25.4
العالم 692.5 1875.8 1278.8
ونشير إلى أن التوزيع القطاعي للإستثمارات الأجنبية يتغير مع مرور الزمن , وذلك بسبب تغير التكوين الصناعي لهذه الإستثمارات . و لقد أصبحت الخدمات على مدى السنوات العشر الماضية أكثر أهمية في الإنتاج الدولي . و لقد شكل هذا القطاع في 1999 أكثر من نصف مجموع رصيد الإستثمار الصادر في الدول المتقدمة و حوالي الثلث في الدول النامية . و يشير تقرير الأونكتاد لعام 2000 إلى أن الإستثمار الأجنبي المباشر يتجه في العديد من صناعات الخدمات إلى التوزيع على نطاق واسع نسبيا ، مما يمثل أهمية القرب من المستهلكين . و ينطبق نفس الشيئ على بعض الصناعات التحويلية ، التي يكون الدافع إليها هو محاولة الوصول إلى الأسواق المحلية. إلا أنه كلما كان مستوى التكنولوجيا في صناعة ما أكثر تقدما ، إتجه مستوى التركيز إلى الإرتفاع أيضا ( أشباه الموصلات ، التكنولوجيا الحيوية و السيارات ، و أجهزة التلفزيون و الراديو ، و الأغذية و المشروبات ، و الأنسجة و الملابس ) . وتتجه فروع الشركات في الصناعات التي تستخدم التكنولوجيا الرفيعة إلى التجمع في مواقع مختارة من العالم . مما يعكس الفوارق في التوزيع الصناعي للإستثمار الأجنبي المباشر في قطاع التصنيع بين الدول المتقدمة و الدول النامية ، ففي الدول المتقدمة ، تشكل الكيماويات أكبر الصناعات المتلقية ، في حين أن الإستثمار الأجنبي المباشر في الدول النامية يتركز في الصناعات التي تستخدم التكنولوجيا البسيطة .
3- العوامل المحددة لقرار الإستثمار في الخارج :
1- 3- المحددات الداخلية لقرار الإستثمار في الخارج :
و يمكن تقسيمها إلى عدة عوامل :
أولا- المحددات الأساسية :
*حجم السوق المحلي :
إن حجم السوق المحلي و معدل نموه تمثل أهم العناصر الأساسية لجاذبية الدولة للإستثمارات الأجنبية المباشرة و توطين الشركات الأجنبية . و يرى المستثمرون الأجانب أهمية هذا العامل من أجل تموين السوق المضيفة و المساهمة في تعويض الواردات ، فأسواق الصين ، الهند ، البرازيل و نيجيريا تجعلها أكثر المناطق إستقطابا للإستثمارات الأجنبية . و نشير إلى أنه ، عند تحليل هذا العامل ، فإن السوق لا يجب أن يقتصر فقط على عدد سكان السوق المحلي لكل دولة مستقبلة ، و لكن أيضا على القدرة الشرائية لدى المستهلكين . فالشركات الأجنبية في معظم الحالات تفضل الأسواق المحلية التي يكون لديها منافذ كبرى نحو الأسواق الأقليمية الديناميكية .فحتى الدول الصغيرة مثلا المجاورة للأسواق الكبرى و التي تحتل مواقع إستراتيجية يمكن أن تكون محل إهتمام الشركات الأجنبية أو تلك الدول التي تملك علاقات إقليمية من أجل تشكيل أسواق واسعة . فتدفقات الإستثمارات في السنوات الأخيرة إلى المكسيك يعود بالدرجة الأولى إلى مشروع الإتحاد مع الولايات المتحدة و كندا في إطار النافتا . و كما يلاحظ بعض الإقتصاديين فإن الإتجاه مستقبلا من طرف عدد كبير من الشركات ، سيكون عند إختيار أماكن عمليات التوطين مرتكزا على هياكل من نوع ما يسميه الإقتصاديون ( Hub and Spokes ) المتبناة خاصة من طرف شركات الطيران (2 ).
فجاذبية الدولة لا تعتمد فقط على حجم السوق المحلي ، و لكنها تعتمد كذلك في حالات أخرى على إنتمائها إلى منطقة في توسع سريع . فالأقليمية تمثل إذن بعدا هاما للإستراتيجية الشاملة للشركات متعددة الجنسيات . فالمكان المناسب هو الذي يسمح بترجمة الحضور في سوق يكون في نفس الوقت وطنيا و جهويا و الذي يحتوي على وفرة في عوامل الإنتاج تسمح ان تكون أرضية للتصدير نحو المنطقة و باقي العالم .
* النمو الإقتصادي :
إنه عامل مهم لإستقطاب الإستثمارات ، و هذا ما يبينه مثال الدول الأسيوية الأكثر ديناميكية من الناحية الإقتصادية (3 ) مثل كوريا و الصين اللتان نجحتا في السنوات الأخيرة في إجتذاب العديد من الإستثمارات الأجنبية . و كذلك تناقص معدلات الإستثمار الأجنبي في الدول المدينة مثل الفلبين ،و البرازيل في السنوات الاخيرة ، حيث كانت معدلات النمو سلبية في بعض الحالات . أما ضعف و ركود النمو الإقتصادي في الدول الأفريقية فيظهر عدم رغبة المستثمرين في الإستثمار في هذه المناطق.
ولقد بينت دراسة حديثة لكل من ( Bhassi,Jun & Economu,1994 ) أن معدل النمو في الدول المضيفة هو المحدد الهام الذي يخضع له حجم الإستثمارات الأجنبية . إذ أن إرتفاع بمعدل نقطة من نسبة معدل النمو المتوسط للناتج المحلي الإجمالي للدول النامية ، يترجم في الوقت الحالي بإرتفاع حجم الإستثمارات الأجنبية بنسبة 10 ملايير دولار (4 ) .
الجدول رقم 4 : المؤشرات الإقتصادية لبعض الدول الأسيوية في سنة 1990 ( % )
الإدخار / الناتج المحلي الإستثمار /الناتج المحلي الصادرات/الناتج المحلي حصة الصناعات التحويلية من الصادرات حصة الإستثمارات الأجنبية المباشرة من الإستثمار الكلي
هونغ كونغ 34.0 27.6 135.0 94.5 11.1
كوريا 35.6 36.6 31.6 89.5 0.8
سانغفورة 44.9 38.0 226.0 71.1 29.4
تايوان 27.9 22.4 47.7 92.5 3.8
اندونيسيا 37.4 28.1 25.9 35.5 3.6
ماليزيا 32.3 32.7 78.0 18.7 18.1
الفلبين 18.3 21.0 27.8 37.7 5.8
تايلندا 31.0 35.5 36.8 63.1 8.6
المصدر :
FMI,Perspectives de l’economie mondiale,1993.,p25.
إن النجاح المسجل في الدول ذات معدلات النمو العالية راجع الى السياسات الداخلية التي تشجع الإدخار و الإستثمار و تخصيص رأس المال و العمل بطريقة ناجحة .و تخفيض عدم الإستقرار . كما أن السياسات المتبعة حفزت على التجديد و تبني تقنيات عصرية و سمحت للقطاع الخاص بالإستجابة لديناميكية السوق . و في هذه الظروف من الإستقرار في مؤشرات الإقتصاد الكلي و الملائم لخلق معدلات إستثمار جد عالية و لنمو إقتصادي مرتفع . فإن المناخ الإقتصادي يتميز بتضخم منخفض و غير مؤثر ، و أرصدة ميزانية مستقرة ، معدلات فائدة حقيقية ، معدلات صرف حقيقية و تنافسية و موازين مدفوعات ملائمة للسوق .
فدول شرق آسيا تمثل سوقا هاما و في نمو سريع ، فإن الناتج المحلي وصل الى مستوى 7.6 % سنويا ( المعدل العالمي في هذه الفترة 3.0 % ) . و في نهاية الثمانينيات ، فإن الدخل حسب كل فرد من سكان بعض هذه الدول أصبح يفوق دخل العديد من الدول الصناعية . و تمتاز دول هذه المنطقة بشساعتها ، و بمواردها الطبيعية و بتاريخها الإقتصادي . فقد إستفادت في أغلب الحالات من الإستقرار السياسي ، بيد عاملة جد مؤهلة و تعامملت بحكمة و ذكاء مع التقنيات الأجنبية ( 5 ) . و نستنتج من هذا أن الإستثمار المباشر يمثل ظاهرة معقدة و أكثر حساسية للإختلالات الموجودة على المستوى السياسي ، القانوني ، المؤسساتي و الإقتصادي .
إن النمو السريع مثلا للصين في السنوات الأخيرة يعود بدرجة كبيرة إلى إصلاح نظام التخطيط المركزي ، و ذلك بإدخال ميكانيزمات السوق و تحرير التجارة و التشريعات المنظمة للإستثمارات الأجنبية ، مما أدى إلى إرتفاع معدلات النمو و تطور الصادرات نتيجة تزايد معدلات الإستثمارات الأجنبية و بالموازاة مع تطبيق سياسات الإصلاح ، قامت الصين بعد 1978 بتطبيق بعض الاجراءات الرامية الى وضع حد لإحتكار الدولة للتجارة الخارجية ، و إنشاء أربعة مناطق إقتصادية خاصة الهدف منها جذب الشركات الأجنبية (6 ).
الجدول رقم 5 : الإستثمارات الأجنبية المباشرة في الدول العشرة الأكثر إستفادتا من الإستثمارات الأجنبية المباشرة 1988 -1999
الدول 1988 1999
إجمالي جنوب آسيا و جنوب شرق آسيا 87158 96148
الصين 43751 40400
هونغ كونغ 14776 23068
جمهورية كوريا 5215 10340
سانغفورة 5493 6984
تايلندا 7449 6078
ماليزيا 2700 3532
تايوان 222 2926
الهند 2635 2168
فيتنام 1972 2609
الفلبين 1752 737
المصدر : الأونكتاد : مرجع سابق .
إن دول المنطقة التي تمثل سوقا هاما و في نمو سريع ( نمو الإنتاج كان أسرع بمعدل 4.7 % نقطة من المعدل العالمي 7) ). تختلف بشساعتها و بمواردها الطبيعية و بتاريخها الاقتصادي . و لقد استفادت من حجم الادخارات المحلية و لقد حققت استثمارات معتبرة في و سائل الانتاج و ضمان محيط إقتصادي كلي مستقر مع تدخل السلطات لتحقيق و تشجيع النمو . بتقلبل المخاطر التي يواجهها المستثمرون الخواص و بتخفيض تكاليف الاستثمار.
و عكس هذه الدول التي إستطاعت تحقيق معدلات نمو عالية ، هناك دول أخرى في امريكا و افريقيا الاكثر مديونية و التي لم تستفد من التوسع الاقتصادي العالمي . و العديد من هذه الدول ما زال يواجه مشاكل اقتصادية ( سوء التغذية ، الانخفاض الكبير في معدلات النمو ، عجز دائم في ميزان المدفوعات ، إرتفاع في حجم المديونية و خدماتها ، انعدام الاستثمارات الخاصة و هروب رؤوس الاموال ، معدلات تضخم عالية ، البطالة ، النزوح الريفي ، مشاكل البيئة ، عدم كفاية التمدرس و التكوين ، النزاعات المسلحة و تدفقات اللاجئين ، الكوارث الطبيعية و الامراض و التصحر …الخ ).
هذه الدول لم تعرف أي تحسن في مستويات النمو الاقتصادي ففي الوقت الذي إنخفضت فيه معدلات الاستثمار ، أصبح اللجوء الى الاقتراض الاجنبي الحل الوحيد لهذه الدول و في العديد من الحالات الوسيلة الوحيدة من أجل ضمان تسديد خدمات المديونية ، مما جعلها تخفض النفقات العمومية في إطار برامج تصحيح هيكلية و عجز المؤسسات الاقتصادية . كل هذه العوامل ساهمت في كبح ظاهرة تدفقات رؤوس الاموال الاجنبية و عرقلة نشاط الاستثمارات . و نجد مثلا أن معدل الاستثمارات الاجنبية في افريقيا قد انخفض من 9.3 مليار دولار الى 8.2 مليار دولار ما بين 1999 – 2000 . و أغلب هذه الاستثمارات تركزت في عدد قليل من الدول و خاصة الدول المصدرة للبترول كنيجيريا و مصر . اما في اسيا فلقد تركزت النفقات الاجنبية في كل من الصين ، هونغ كونغ ، اندونيسيا ، تايوان و تايلندا أي ما يمثل حوالي 137.3 مليار دولار من الاستثمارات الاجمالية في المنطقة . و يبين الجدول رقم 5 حجم الإستثمارات الأجنبية المباسرة على مستوى دول جنوب أسيا و جنوب شرق آسيا.
و نشير إلى أن المشكلة المطروحة بالنسبة للدول النامية هي الخاصة بمعرفة محددات النمو الاقتصادي ؟ . فهناك العديد من الاقتصاديين البارزين ممن حاولوا شرح كيف أن النمو الاقتصادي على المدى البعيد سيتدعم عن طريق التطورات الاجتماعية و الاقتصادية و الإجراءات المتخذة من طرف السلطات العمومية.فنجد مثلا أن Paul Romer (1986، 1989 ) يشير إلى أهمية البحث و التطوير ، أما Robert luca ( 1988 ) فيركز على دور التكوين وراس المال البشري ، Robert barro ( 1990 ) يشير إلى أهمية المرافق العامة Biens publics للهياكل المالية عن طريق الضريبة و الحاجة إلى التقليل من أثر الاختلال لفرض الضرائب. أما Ann Kruger و D.Orsmond ( 1990 ) فيدعوان إلى تحرير المبادلات. بينما نجد أن William easterly ( 1993 ) يشير إلى أهمية التجديدات المالية ، في حين يركز Stanley fisher ( 1991 ) على دور الاستقرار الاقتصادي الكلي .
كما أن الدراسات التطبيقية التي تعتمد على معطيات دولية و التي جاءت للتأكد من النماذج النظرية ، تعطي معلومات وافرة حول الإجراءات التي من خلالها فان الإصلاحات الهيكلية ستشجع النمو الاقتصادي . و بصفة عامة فان النتيجة الرئيسية هي أن النمو الاقتصادي سيتم تعظيمه عندما تكون تحفيزات الاستثمار في رأس المال البشري و المادي و في التكنولوجيات محددة بقوى السوق الحر . وتقوم الدول بتدعيم هذه العملية بإقامة محيط إستقرار إقتصادي كلي و سياسي و خدمات البنية الأساسية ذات نوعية ملائمة. هذه التقديرات تعطي بعض المعلومات حول أثر مختلف المتغيرات الاقتصادية على معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي /حسب كل فرد . كما أنه من الصعب تقدير مباشرة لأهمية الإصلاحات غير المعرفة بدقة كالتحسينات على مستوى " الاستثمار في راس المال البشري " أو " إختلالات في الأسعار " . و لقد ركز الباحثون على متغيرات سهلة الملاحظة و ممثلة في هذا الجدول :
جدول رقم 6 :المتغيرات المؤثرة في النمو الاقتصادي:
من يغير النمو في الناتج امحلي الإجمالي/حسب كل فرد ب:
الاستثمار /الناتج المحلي الإجمالي نقطة من % 0.1 إلى 0.2 %
العدد المتوسط لسنوات الدراسة الثانوية سنة 0.8 إلى 1.2 %
النفقات العمومية للتعليم / الناتج المحلي الإجمالي نقطة من % % 0.2
معدل الحياة عند الولادة 10نقاط من % % 0.7
M2 /الناتج المحلي الإجمالي 10نقاط من % 0.2 إلى 0.4 %
معدل الصرف للسوق السوداء يفوق السوق الرسمي 10 نقاط من % – 0.4 %
الاستهلاك العمومي / الناتج المحلي الإجمالي 10 نقاط من % -1.2 %
معدل المتوسط للتعريفة الجمركية 10نقاط من% -% 0.2
الصادرات / الناتج المحلي الإجمالي 10 نقاط من % % 0.6
Source: Banque mondiale:"Tunisie :intégration mondiale et développement durable : choix stratégique pour le 21 °siecle",1996,p15.
و عندما نقوم بتحليل المعطيات الخاصة بمستويات النمو على مستوى المنطقة ، نلاحظ أن إسرائيل تعرف مستوى عالي من النمو الاقتصادي . أما بالنسبة لبقية دول جنوب و شرق المتوسط ، فان التقارب مع أوروبا يبقى بطيئا أو ضعيفا في حالات أخرى ( تركيا ، تونس ، مصر و المغرب ) ، و يبقى سلبيا للدول التي تخضع لمصدر خارجي واحد و يكون في حالة انخفاض : الريع البترولي للجزائر ، التحويلات بالنسبة للأردن . أما الدول المجاورة للمجموعة الأوروبية فإنها تعرف حركة واسعة من التقارب الاقتصادي مع الاتحاد الأوروبي ( اليونان ، إسبانيا و خاصة البرتغال ).
جدول رقم 7 : الناتج المحلي الإجمالي و السكان مقارنة ما بين الشركاء المتوسطيين و الاتحاد الأوروبي (1999)
الناتج المحلي الإجمالي بملايير $ السكان بالملايين
(1999 ) الشركاء المتوسطيين الناتج المحلي الإجمالي بملايير $ السكان بالملايين (1999 )
النمسا 208.2 8.1 الجزائر 47.9 29.8
بلجيكا 248.4 10.2 قبرص 9.0 0.8
الدانمارك 174.3 5.3 مصر 89.1 66.7
فنلندا 129.7 5.2 إسرائيل 100.8 5.9
فرنسا 1443.3 59 الأردن 8.1 4.8
ألمانيا 2111.9 82 لبنان 17.2 3.4
اليونان 125.1 10.6 مالطة 3.5 0.4
ايرلندا 93.4 3.8 المغرب 35.0 29.3
إيطاليا 1171.0 57.5 سوريا 19.4 15.8
لكسمبورغ 19.3 0.4 تونس 20.9 9.4
هولندا 393.7 15.8 تركيا 185.7 65.7
البرتغال 113.7 10 إعانات البنك العالمي 3.2 2.7
إسبانيا 595.9 39.9
السويد 238.7 8.9 المجموع 536.6 232.0
المغرب 103.8 68.5
المجموع 7055.5 316.7 المشرق 133.8 90.7
Source: PNUD,rapport mondial sur le developpement humain,2001.
كما أن دول جنوب وشرق المتوسط تعرف تراكما ضعيفا لرأس المال ، إذ أن تحليل معدلات الاستثمار في مختلف هذه الدول منذ منتصف الستينات يبين أن هذه الدول تحتل وضعية وسطى مقارنة مع دول أمريكا اللاتينية الرئيسية أو الدول الصناعية الجديدة الأربعة في آسيا كما يظهر في الجدول رقم 7 .
و سواء بالنسبة لدول أمريكا اللاتينية أو دول جنوب و شرق المتوسط ، فان الانخفاض الملاحظ في نهاية الفترة هو إنعكاس ( خارج تأثير ريع البترول ) لمجهودات التصحيح التي تصطدم بقوة الاستثمارات العمومية ( من أجل تخفيض العجز في الميزانية ) ، بدون أن يأخذ الاستثمار الخاص مكانة هامة على مستوى الاقتصاديات الوطنية.
*مستوى التنمية الاقتصادية و الاستقرار السياسي :
ان وجود اطار من الساسات الملائمة ظروري لتوفير مناخ مناسب للإستثمار ، هذا الاطار يتميز بالاستقرار السياسي ، فعدم وجود استقرار سياسي واقعيا كان او محتملا لا يشجع على الاستثمار لأنه يؤدي الى امتناع المستثمرين عن اقامة مشاريعهم ، حتى وجود فترات صغيرة جدا من اللاستقرار تؤدي الى الغاء المستثمرين لمشاريعهم أو قطع تحويلاتهم كذلك توفر الشروط الاقتصادية و القانونية المستقرة و الشفافة تسمح بضمان جو من الثقة و الطمأنينة لدى المستثمرين .
أما عن التنمية الاقتصادية فهي تخضع لمجموعة من العوامل كإستعمال العوامل المؤهلة و المتوفرة و غير المكلفة ، و استعمال تكنولوجيا متطورة في الصناعات مع ادخال التجديد و التنويع في المنتوجات . هذه التنمية تتميز بوجود وفرة في الموارد البشرية المؤهلة و تكثيف في النشاطات الخاصة بالبحث و التطوير تجعل البلد المضيف يحافظ على مستوى تنافسي عالي .
كما ان حالة ووضعية المنشآت القاعدية و خدمات التوزيع و الدعم تؤثر بالطبع على تكاليف الاستثمار فاذا كان النقل ، الاتصال و توزيع المياه و الكهرباء غير متوفرة في مناطق الاستثمار فان الانتاج يكلف كثيرا ، مع الاشارة الى ان الخدمات المالية ووسائل الدعم الاخرى الفعالة ضرورية من اجل الاستجابة لمختلف احتياجات المستثمرين.
ثانيا- السياسات الإقتصادية :
*السياسات الجبائية ، الميزانية و النقدية :
هناك العديد من الاجراءات و السياسات الاقتصادية التي يكون لها نتائج على استثمارات الشركات الاجنبية ، لأنها تؤثر بطريقة مباشرة او غير مباشرة على تكاليف الاستثمار ، كالأنظمة المتعلقة بالاجور و الاسعار و ايضا سياسات معدل الصرف و معدل الفائدة ، إذ نجد مثلا ان معدل الضريبة على الشركات له تاثير على مردودية الاستثمار . و هناك من جهة اخرى اجراءات ذات طابع جبائي و نقدي تنعكس على الاستثمار بواسطة التضخم و متغيرات مرتبطة به . الى جانب وجود سياسات جبائية و نقدية و ميزانية ترتكز اساسا على وجود نظام مالي فعال .
الجدول رقم 8 : حجم العمليات المالية في بعض الدول
حجم العمليات
الدول ملايين الدولارات % من الناتج المحلي الإجمالي النسبة الرأسمالية الكلية عدم الاستقرار
1986 1991 1986 1991 1986 1991
كوريا 10.9 85.5 10 30 78 88 0.086
هونغ كونغ 15.3 43.0 40 53 28 35 0.086
ماليزيا 1.3 10.6 5 22 9 18 0.079
الفلبين 0.4 1.5 1 3 20 15 0.109
سانغفورة 2.7 18.1 15 47 16 38 0.063
تايوان 18.1 365.2 24 201 117 290 0.151
تايلندا 1.1 30.1 3 32 40 84 0.089
المانيا 135.7 818.6 15 49 53 208 0.067
الولايات المتحدة 1795.9 2254.9 40 42 68 54 0.049
فرنسا 51.5 118.2 7 10 34 32 0.068
اليابان 1145.6 995.9 58 30 62 32 0.066
بريطانيا 132.9 317.9 24 31 30 32 0.058
عدم الإستقرار : الإنحراف المعياري للمعدل الشهري لتغير القيم ( 1985 – 1990 )
Source :FMI, “ perspective de l’economie mondiale,1992,p20.
ففي إندونيسيا مثلا تحول النظام المالي بطريقة جذرية إلى نظام تنافسي و خاضع لقوانين السوق ، نتيجة عشر سنوات من الإصلاح .فأغلبية الإجراءات الضرورية لإقامة هياكل و منشات مالية نشيطة و حيوية و متوازنة كللت بالنجاح. فلقد حررت معدلات الفائدة و الغي سقف القروض كما تم تخفيض حواجز الدخول إلى السوق .و بذلك اصبح النظام المالي في إندونيسيا من اكثر الأنظمة تحريرا و مطابقة لقوانين السوق كنظيرتها في دول آسيا التي تعتبر الأسواق المالية فيها من بين اكثر الأسواق اندماجا في أسواق رؤوس الأموال الدولية . و يظهر الجدول التالي فعالية هذه الأسواق المالية و تأثيرها على حركة الأسهم و على اتجاه الاستثمارات الخاصة سواء الأجنبية أو المحلية .
فالدول التي تحصلت على نتائج اقتصادية ايجابية توصلت الى ارصدة في الميزانية مستقرة و معدلات تظخم ضعيفة ، معدلات فائدة حقيقية و معدلات صرف تنافسية و مستقرة ، اضافة الى استقرار الاقتصاد الكلي ، هذا ما يجعلها من بين اكبر المناطق استقطابا لرؤوس الاموال الاجنبية.
*السياسات التجارية و الصناعية :
لقد تميزت سنوات الثمانينيات بحركة واسعة في تحرير المبادلات التجارية ما بين الدول النامية و تطبيق سياسات اكثر انفتاحا لتشجيع الصادرات ، و خاصة بعد تزايد المشاكل الناتجة عن اختلال موازين المدفوعات للعديد من الدول و ثقل حجم المديونية . و من بين اجراءات تحرير التجارة نشير الى الإنخفاض الكبير في الحقوق الجمركية ، تبسيط التعريفات و ازالة الانظمة المقيدة للاستيراد و كل التعريفات الكمية . ففي دول امريكا اللاتينية مثلا تم تبسيط التعريفات الجمركية ، فمتوسط هذه التعريفات في 6 دول رئيسية اقل من النصف و ب 3/2 مما هي عليه في دول آسيا الشرقية و جنوب شرق اسيا .
* عمليات الخصخصة :
خلال السنوات الأخيرة نلاحظ الدور المتزايد للقطاع الخاص و الأهمية التي توليها السياسات الاقتصادية لهذا القطاع في إعطاء فعالية للأداء الاقتصادي . و في هذا المجال انطلقت هذه الدول في برامج كبرى لتحويل المؤسسات العمومية إلى القطاع الخاص و مما ساعد على ذلك انعدام الموارد المالية الضرورية للقيام بالاستثمارات . و لقد حظيت عمليات الخصخصة باهتمام كبير لدى المستثمرين الأجانب و خاصة في دول أمريكا اللاتينية ، في قطاع الصناعات التحويلية ، خدمات التوزيع وقطاع الإعلام ، الصناعات الاستخراجية.
* الإستثمار في البنية الأساسية :
إن حالة ووضعية البنية الأساسية تؤثر تأثيرا كبيرا على قرار الاستثمار لدى العديد من المستثمرين. وتشمل هذه الخدمات إمدادات الكهرباء المتميزة بالكفاءة و شبكات النقل المصممة تصميما جيدا ( الطرق ، الموانئ ، المطارات و السكك الحديدية ) ، و شبكات الإتصالات السلكية و اللاسلكية و خطوط أنابيب النفط و الغاز . و تلعب الدولة دورا هاما في توفير أو تحسين نوعية هذه الخدمات أو زيادة إتساقها مع المعايير و المواصفات الدولية ، فمن جهة فإن سوء نوعية الخدمات سيؤثر في تكاليف الإنتاج و قدرة المؤسسات على المنافسة ، ومن جهة أخرى فإن التجهيز مكلف جدا و له أهمية إستراتيجية . وهناك العديد من التحاليل التي تربط بين النمو السريع في الناتج المحلي الإجمالي لشرق اسيا ، و بين مستويات الإستثمار في البنية الأساسية ، فالبلد النامي المتوسط يستثمر حوالي 4 % من الناتج المحلي الإجمالي سنويا في البنية الأساسية . و في المقابل ، فإن إقتصاديات شرق اسيا ذات الأداء المرتفع إستثمرت في ذلك ما بين 6 % و 8 % .
ويبين الجدول رقم 9 مدى تغطية البنية الأساسية في بعض الدول ، ولقد بلغ معدل الإستثمار في البنية الأساسية في كوريا 8 % أو أكثر من الناتج المحلي الإجمالي في سنوات كثيرة ، و تجاوز في تايوان 10 % في بعض الأحيان . ولقد منحت هذه الدول أولوية كبرى لحركة السلع و الأشخاص ، و تم ذلك من خلال تنمية الطرق و الموانئ البحرية و الجوية (8 ).
الجدول رقم 9 : تقديم خدمات البنية الأساسية : شرق آسيا
توليد القوى الكهربائية
( ملايين الكيلوواط لكل 100 شخص ) التوصيلات الهاتفية
( عدد الوصلات لكل 100 شخص ) الطرق المرصوفة ( بالأمتار لكل 100 شخص )
1992 معدل النمو السنوي %
92-70 1993 معدل النمو السنوي %
92-70 1990 معدل النمو السنوي %
92-70
هونغ كونغ 154.0 13.4 51 11.9 26.0 0.6
اليابان 165.4 8.0 46.8 2.4 630.7 7.6
كوريا 61.7 17.4 37.8 13.3 79.9 10.2
ماليزيا 36.0 12.5 12.6 12.2 156.1 0.4
سنغافورة 126.8 12.4 43.5 7.3 101.9 2.8
تايلندا 22.1 16.0 3.7 10.9 70.9 4.9
البرازيل 35.8 9.7 7.5 6.9 108.4 3.6
شيلي 35.4 3.7 11.0 7.5 83.4 0.3
غانا 7.5 -0.2 0.3 0.7 55.5 0.2
الهند 9.2 9.9 0.9 7.6 89.4 2.0
المصدر :
Ashoka Mody,ed: “ Infrastructure Strategies in East Asia: the Untold Story”,Washington,World Bank,1997.
و لقد أظهرت إستطلاعات رأي المستثمرين قام بها البنك العالمي ، عددا من نقاط الضعف في بيئة الأعمال و التجارة في العديد من إقتصاديات العالم. ومن بين هذه النقاط تحتل البنية الأساسية الترتيب الثالث بين أكبر القيود المعيقة للإستثمارات – بعد تكلفة و توفير التوصيل و مستوى الضرائب و إدارتها .
القيود الترتيب
التمويل ( التكلفة و التوفر ) 1
الضرائب ( المستوى و الإدارة ) 2
ضعف البنية الأساسية 3
عدم كفاية المهارات 3
تعقد اللوائح التنظيمية 4
النظام القانوني 4
Source:World Bank,1995.
فالإستثمارات الخاصة الوطنية و الأجنبية يمكن أن تساهم في تسيير و تحسين المنشآت و الخدمات لما تملكه من تقنيات حديثة و أنظمة عصرية للتسيير و الإدارة . فتحسين الهياكل الصناعية يتطلب تحسين مقابل في المنشآت التقنية . مما دفع العديد من الدول إلى اللجوء إلى إقامة العديد من المناطق الحرة ، أو التجمعات الصناعية التي أصبحت تلعب دورا متزايد الأهمية في النشاط الاقتصادي ، و لاسيما النشاط الكثيف الاستخدام للتكنولوجيا. و" التجمعات " هي تركز الشركات في صناعة واحدة أو صناعات قليلة ، و الإستفادة من أوجه التآزر التي تنجم عن شبكة كثيفة من المتنافسين ، و المشترين و الموردين . و تتألف التجمعات من مشترين كثيري المطالب ، و موردين متخصصين ، و موارد بشرية رفيعة التطور ، و المال و مؤسسات الدعم المتطورة تطورا جيدا . و يمكن أن تجذب هذه الموارد و القدرات المركزة الاستثمارات الأجنبية المباشرة " الباحثة عن الكفاءة " . كما أنها تساعد على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر " الباحث عن الأصول " إلى الدول المضيفة الأكثر تقدما وفي بحثها الدؤوب عن الميزات التنافسية الجديدة ، تسعى الشركات متعددة الجنسيات للعثور على " أصول ناشئة " كالتكنولوجيا و العمالة الماهرة في كافة أنحاء العالم . و تتسم تجمعات الأنشطة الابتكارية " كما في وادي السليكون في كاليفورنيا ، ووادي السليكون في كامبردج ( المملكة المتحدة ) ووادي اللاسلكي في ستوكهولم أو جونغ كوناغن ، و هي ضاحية من ضواحي بيجينغ ) بميزة واضحة في اجتذاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة ( العالية القيمة )
* تثمين الموارد البشرية :
إن المؤسسات الأجنبية لا تستطيع أن تنشط بمعزل عن المحيط التجاري و الصناعي للدول المضيفة . فالمستثمرون الخواص و الأجانب في حاجة إلى دعم خاص بالإضافة إلى وجود أسواق لرؤوس الأموال و مؤسسات بنكية فعالة ، إضافة إلى منشآت قاعدية تكنولوجية و بشرية . تحظى بالاهتمام و العناية في برامج الدول المضيفة . فيمكن للدول النامية الإستفادة من عمليات التجميع في مرحلتها النهائية مثلا ، على أساس توفر العمالة المتميزة بالكفاءة من ناحية التكلفة و شبه الماهرة ومرافق تجهيز الصادرات تتسم بالكفاءة . أما في الأنشطة الأخرى ، فقد تتطلب تسهيلات الإنتاج سلاسل توريد محلية أكثر تطورا ، و تجمعا لليد العاملة الماهرة ، و التفاعل الوثيق مع الشركات الأخرى و المؤسسات المنتجة للمعارف على مسافة قريبة . و قد تتطلب بعض الأنشطة مهارات متخصصة
( مثل المحاسبة ) ، و تتطلب الوظائف ذات القيمة الرفيعة مثل البحث الإنمائي أو المقار الإقليمية خاصة مهارات و مؤسسات متقدمة . فتكوين الموارد البشرية ضروري من أجل الإسراع بالنمو و الإنتاجية ، فالاستثمار في التعليم يسمح بإكتساب كفاءات عالية المستوى التي تزيد من الفعالية إلى جانب وجود تقنيات حديثة.
و في هذا المجال فان تجربة دول آسيا الشرقية تظهر مدى الاهتمام الكبير بقطاع التعليم ، إذ أن نفقات التعليم حسب كل فرد من بين المستويات العالية في العالم . كما أن نسب التمدرس في هذه الدول من بين أعلى النسب ( ففي كوريا مثلا كان معدل التمدرس يبلغ 30 % في 1950 , أما في 1991 فاصبح هذا المعدل 95 % ، و لقد تضاعف عدد الطلبة الكوريين 14 مرة مما يجعلها تحتل المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة الأمريكية بالنسبة لعدد الطلاب على العدد الإجمالي للسكان ).
ثالثا- الإطار القانوني و التنظيمي :
قامت بعض الدول في السنوات الأخيرة بمجهودات معتبرة من أجل تحرير الأنظمة الخاصة بالإستثمارات الأجنبية المباشرة وتحرير التجارة ، من أجل توفير المناخ الإستثماري الملائم و توفير محيط للمنافسة . وتترك هذه التغييرات أثرا كبيرا على قرارات الشركات في المزيد من التخصص و إختيار المواقع و الوظائف ذات القدرات التنافسية العالية . و على هذا الأساس شهدت السنوات الأخيرة تغييرا كبيرا و جذريا في تشريعات الإستثمار للعديد من الدول النامية .
الجدول رقم 10 : التعديلات التي مست الإجراءات التنظيمية الوطنية : 1994 – 1999
1994 1995 1996 1997 1998 1999
عدد الدول التي أدخلت تغييرات على نظم إستثماراتها 49 64 65 76 60 63
عدد التغييرات التنظيمية 110 112 114 151 145 140
الأنسب للإستثمار الأجنبي المباشر * 108 106 98 135 136 131
الأقل ملائمة للإستثمار الأجنبي المباشر ** 2 6 16 16 9 9
*بما في ذلك التغييرات المتعلقة بالتحرير أو التغييرات الهادفة إلى تعزيز وظيفة الأسواق أو زيادة الحوافز.
*بما فيها التغييرات الهادفة إلى زيادة الضوابط و الإقلال من الحوافز أيضا .
المصدر : الأو نكتاد : مرجع سابق ، ص 5.
ويشير تقرير الأونكتاد لعام 2001 أنه ما بين 1991 و 2000 أجرى ما مجموعه 1185 تغييرا تنظيميا في نظم الإستثمار الأجنبي المباشر الوطني ، منها 1121 ( 95 % ) كانت في إتجاه إيجاد بيئة أنسب للإستثمار الأجنبي المباشر ( الجدول 10 ). و خلال عام 2000 وحده أجرت 69 دولة ما مجموعه 150 تغييرا تنظيميا ، منها 147 ( 98 % ) كانت أنسب للمستثمرين الأجانب .
و تهدف هذه التشريعات على العموم إلى :
*إلغاء كل العراقيل و الحواجز التي كانت تمنع دخول المستثمرين إلى هذه الدول في بعض النشاطات الاقتصادية ( الخدمات البنكية و المالية ، النقل و الإعلام …الخ ).
*إلغاء أو تخفيف نسبة المساهمة الأجنبية .
تبسيط اجراءات الاستثمار.
*إلغاء قيود توزيع الأرباح و تحويلها .
*توفير الحماية للاستثمار.
و لقد تسارعت عملية التحرير في بداية التسعينات و خاصة من خلال تبني دول أوروبا الوسطى و الشرقية لأنظمة حرة تطبق على الاستثمارات الأجنبية . ثم هناك من جهة أخرى تشريعات خاصة بالاستثمارات على المستوى الجهوي في إطار العديد من التجمعات الجهوية مثل الاتحاد الأوروبي ، مجموعة الكارييب ، منطقة التبادل الحر لأمريكا الشمالية …الخ . و تظهر هذه التغييرات في :
*قبول الاستثمارات الأجنبية المباشرة : هناك بعض الدول تركز في قبولها للاستثمارات على نظام الاعتماد ، او شهادات للاستثمار . و على العموم فان إجراءات قبول الاستثمار قد عرفت نوعا من المرونة في السنوات الأخيرة ، من أجل إزالة كل العراقيل التي تمنع من القيام بالاستثمار في بعض القطاعات الاقتصادية و التخفيف أو إلغاء بعض الشروط ، كنسب المساهمة و معايير الإنجاز ( حجم الصادرات ، إلتزامات خاصة بإكتساب أو إستعمال منتوجات محلية ، نقل التكنولوجيا و مستوى العمالة …الخ ).
*معاملة الاستثمارات الأجنبية نفس معاملة الإستثمارات الوطنية ، و التمتع بنفس الحقوق و المزايا و الإمتيازات .
*حماية حقوق الملكية : ضمان التعويض العادل و في الحالة التي لا يوجد فيها ضمانات رسمية للإستثمارات ، فالاتفاقيات الثنائية و الإنضمام إلى مؤسسات متعددة الأطراف و المؤسسات الجهوية لحماية الاستثمار مثل الوكالة الدولية لضمان الاستثمارات ( MIGA ) و الوكالة العربية لضمان الاستثمار ( GIAGI ).
*السياسات المتعلقة بالملكية الفكرية : لجذب العديد من الشركات الأجنبية و خاصة في القطاعات التي تعتمد على تقنيات عالية جدا ، لجأت العديد من الدول المضيفة إلى تدعيم التشريعات الداخلية المنظمة لحماية حقوق الملكية الصناعية ( إجراءات فيما يخص براءات الاختراع و التسجيلات الصناعية طبقا للالتزامات المعلن عنها من طرف المنظمة العالمية للملكية الفكرية ( OMPI ) .
*تحويل الأرباح و توزيع رؤوس الأموال من خلال وضع إجراءات مرنة تسمح للمستثمرين بالتحويل الكلي للأرباح و العوائد ، و لكن الوضع يختلف من دولة إلى أخرى .
* ان السياسات الجبائية التي تخضع لها الاستثمارات الأجنبية المباشرة تختلف من دولة إلى أخرى سواء كان الهدف من إستعمال الجباية كوسيلة للتحفيز على الاستثمار من خلال التخفيضات الكاملة أو الجزئية ، أو الإعفاءات أو تطبيق رسوم معينة على الاستثمارات خلافا للاستثمارات المحلية ( تطبيق نظام جبائي خاص يخضع له المستثمرون الأجانب ).
*تسوية الخلافات : كاللجوء إلى الوساطة و التحكيم و في حالة عدم الاتفاق للأطراف على حل النزاع ، يمكن اللجوء إلى المركز الدولي لحل النزاعات الخاصة بالاستثمار ( CIRDI ) التابع للبنك العالمي .
2-3– المحددات الخارجية :
إن العوامل الخارجية التي تؤثر على حركة الاستثمارات الأجنبية تتكامل مع العوامل الداخلية و في هذا المجال يمكن الإشارة إلى : عوامل تدويل الإنتاج ، العولمة و التقدم التكنولوجي و التنظيم الصناعي الجديد .
أولا- عوامل تدويل الانتاج :
ان اهم العوامل التي ساعدت على تدويل الانتاج في السنوات الاخيرة هي :
*تخفيض تكاليف الانتاج : فهذا العامل يحفز على الاستثمار في المناطق التي تكون فيها تكاليف اليد العاملة منخفضة جدا ، و خاصة في الوحدات و مصانع التركيب التي تمتاز بضعف التقنيات الانتاجية و لاتتطلب يد عاملة جد مؤهلة ، و الذي يكون هو العنصر المهم في تكاليف الانتاج . فهذه المناطق تتحول الى أماكن تصدر منها المنتوجات النهائية او الوسيطة نحو اسواق اخرى .
*تجنب المخاطر : ان رغبة الشركات الكبرى في تجنب المخاطر المتنوعة يؤدي الى اتخاذ قرار بتنويع أماكن و مناطق الانتاج على المستوى الجغرافي من أجل التقليل من المخاطر التجارية و غير التجارية و ضمان طلب كلي مستقر .
*الوصول الى التكنولوجيا : انه العامل الذي يحفز الشركات الاجنبية للاستثمار في الخارج من أجل الوصول الى مصادر التكنولوجيا . و تشبه هذه الحالة عادة قرار الدول النامية للاستثمار في الدول المتطورة . فالهدف الاساسي يكون من أجل الاستفادة من اليد العاملة المؤهلة المتوفرة او اكتساب تكنولوجيا خاصة بالتسيير أو التسويق أو التجديد و التنويع في أساليب و تقنيات الانتاج . و ليكون لهذه العوامل الديناميكية تاثيرا ايجابيا فيجب أن تتوفر في الشركات الاجنبية عدة خصائص و مميزات تساعدها على جلب مزايا كبيرة من أجل تدويل الانتاج و هي :
– حجم المؤسسة.
– الاهمية و قدرات المؤسسة على التجديد ( حجم نشاطات البحث و التطوير ).
– امكانية الحصول بكل سهولة على الموارد المالية .
– تجربة الشركة في ميدان التصدير و معرفة كبيرة و جيدة بالاسواق العالمية.
ثانيا- العولمة :
بعد التخفيض السريع في تكاليف النقل و الثورة في ميدان التكنولوجيا و الاعلام و المعلوماتية ، اضافة الى تحرير حركات رؤوس الاموال ، السلع و الخدمات . فان الشركات متعددة الجنسيات قد قامت بتدويل نشاطاتها من أجل تدعيم و تقوية وضعيتها التنافسية . فمع منتصف الثمانينات فان العولمة أصبحت اتجاها عاما في العلاقات الاقتصادية الدولية ، اذ انها ظهرت في القطاع المالي اولا لتمتد الى القطاع الصناعي ثانيا . فالعملية التي مست الاسواق المالية نشأت من خلال تحرير الانظمة التي تنظم قطاع الاسواق المالية اللوطنية و ازالة الحواجز امام حركات رؤوس الاموال ما بين الدول الصناعية و النمو الهائل للنظام الاعلامي العالمي . ادت كل هذه التغيرات الى تنويع المراكز المالية و انشاء تشكيلة متنوعة من الادوات و الوسائل المالية الجديدة . و ان هذا التطور سمح للبنوك الدولية من الرفع بالتدريج لقدراتها . لتعبئة الوسائل و الامكانيات المالية من اجل الاستجابة بفعالية لإحتياجات التمويل الضرورية لإستراتيجيات الشركات متعددة الجنسيات .
ان الاستراتيجيات الشاملة للشركات متعددة الجنسيات القائمة على اساس البحث عن الاسواق الجديدة يمكن أن تكون دفاعية اذا كان الهدف هو الاحتفاض بحصص من السوق ، و يمكن أن تكون هجومية اذا كان الهدف هو تطوير هذه الاسواق . فالشركات متعددة الجنسيات تتبنى أشكالا اندماجية على المستوى العالمي باقامة العديد من النشاطات و بالتنسيق فيما بينها و بواسطة عوامل متعددة و من خلال استراتيجيات متنوعة اضافة الى التحالفات الاستراتيجية.
ثالثا- التقدم التكنولوجي و التنظيم الصناعي الجديد :
ان التقدم الملاحظ في التقنيات التكنولوجية و خاصة في قطاع الالكترونيك و الروبوتيك كان له تاثير واضح على التكاليف النسبية لعوامل الانتاج ، المؤهلات الضرورية و التعديلات اللوجيستيكية في قطاع الصناعات التحويلية للدول الصناعية ، و خاصة في المجال شبه النواقل ، التركيبات الالكترونية و الأتمتة و ايضا في مجال الالكترونيك ذات الاستعمال الواسع .
و بفضل هذا التقدم فلقد تحسنت انتاجية العمل في العديد من الدول الصناعية الى درجة تحول اليد العاملة الى مجرد عنصر غير هام في اجمالي تكاليف الانتاج . كما أن التدقيق التقني لعملية الانتاج جعلت من عملية التصنيع تحتاج الى راس المال و الى المؤهلات على حساب اليد العالمة.
ان التنظيم الصناعي الجديد أو ما يسمى بالتخصص المرن او المنافسة الجديدة تتجاوز الاساليب التقليدية الفوردية ، و تجعل من قاعدة المنافسة التجديد و التنويع . هذا التنظيم عدل من المفهوم الكلاسيكي للتنظيم الفوردي القائم على الانتاج بالقطع النمطية و المصانع الكبيرة .
فهناك مرونة جديدة للمنتوجات المطلوبة لمنشآت صغيرة الحجم و لأوقات انتاج اقل . و لقد استطاعت العولمة في ظل التنظيم الصناعي الجديد خلق هياكل عالمية جديدة تختلف عن الانماط البسيطة ( فالمؤسسة العالمية الجديدة تنوع و تنسق نشاطاتها من خلال هياكل معقدة ، و بالاعتماد على التركيز على شبكات مترابطة و باتباع استراتيجيات شاملة ) . ويؤثر التقدم التكنولوجي على التوزيع الجغرافي للإستثمارات الأجنبية المباشرة بطرق عديدة . فالإبتكارت السريعة تخلق ميزات تدفع بالشركات الى حقل الإنتاج الدولي . و بالتالي ، فإن الصناعات التي تستخدم الإبتكارات إستخداما مكثفا تميل إلى تدويل نشاطاتها بصورة متزايدة . كما أنه ينبغي على الشركات متعددة الجنسيات أن تكون أكثر قدرة على الإبتكار كي تحافظ على قدراتها التنافسية . ولقد كان للتطور و المنافسة الكبيرة في مجال تكنولوجيات المعلومات و الإتصالات الجديدة دور في تحفيز هذه الشركات على إدارة عملياتها الدولية المنتشرة على نطاق واسع و بصورة أكثر كفاءة .
ونشير إلى أن مستوى إنتشار التغييرات التقنية ، دفع العديد من الشركات إلى إستخدام التكنولوجيات الجديدة إستخداما فعالا . و على هذا الأساس ، فإن قرار الإستثمار في الخارج يأخذ بعين الإعتبار قدرة البلدان المضيفة على توفير المهارات المكملة و البنية الأساسية و الموردين و المؤسسات لتشغيل التكنولوجيات بكفاءة و مرونة .
4- وضعية وخصائص الإستثمارات الأجنبية المباشرة المباشرة في دول جنوب و شرق المتوسط :
قبل تحليل مناخ الإستثمار الأجنبيي في دول جنوب و شرق المتوسط ، سنحاول إعطاء فكرة حول وضعية الإستثمارات الأجنبية و خصائصها بهده المنطقة :
*النمو المنتظم لتدفقات الإستثمارات الأجنبية المباشرة التي إنتقلت من 2 مليار دولار في 1990 إلى 6 ملايير دولار في 1998 ثم 7 ملايير دولار في 1999 ) معدل نمو سنوي يقدر ب 500 مليون دولار سنويا (.
*تسارع معدل نمو الإستثمارات مند عام 1995-700 مليون دولار .
الجدول 11 : تدفقات الإستثمارات الأجنبية المباشرة في دول جنوب و شرق المتوسط
1990 1994 1998
الجزائر – 22 500
قبرص 130 75 200
مصر 734 1256 1076
إسرائيل 101 355 1839
الأردن 38 3 223
لبنان 6 23 230
مالطا 46 152 130
المغرب 165 551 258
سوريا 71 251 100
تونس 76 432 650
تركيا 684 608 807
مجموع الدول المتوسطية 2051 3728 6013
مجموع العالم 211425 253506 643879
الدول النامية 34689 101196 165936
أمريكا اللاتينية و الكارييب 8989 31451 71652
أوروبا الشرقية و الوسطى 300 5932 17513
جنوب و شرق آسيا –باستثناء الصين 10670 27599 31817
المصدر : الاونكتاد : مصدر سابق .
*رغم هذا النمو المشار إليه ، فإن حصة دول جنوب و شرق المتوسط من إجمالي الاستثمارات الأجنبية المباشرة نحو الدول الناشئة تبقى ضعيفة )5 بالمائة في المتوسط من إجمالي الاستثمارات ، مقابل 16 بالمائة لأمريكا اللاتينية و الكارييب ، 10.5 بالمائة لأوروبا الشرقية و الوسطى( , فهناك إذن ما يمكن تسميته بعملية " الانتقاء في توطين الاستثمارات الأجنبية المباشرة " ، نتيجة بعض الصعوبات أو غياب بعض الشروط الموضوعية الخاصة بمناخ الاستثمار التي تسمح بأن تكون هده الاستثمارات تراكمية . و إذا ما قارنا هذا الحجم مع حجم الاقتصاديات من ناحية الناتج الداخلي غير الصافي ، فهناك نقص بحوالي 7 ملايير دولار من الاستثمارات الأجنبية لكي تصبح هذه المنطقة ضمن شريحة الدول الناشئة . كما أنها تمثل حوالي 10 بالمائة من التكوين غير الصافي لرأس المال الثابت ، مقابل حوالي 15 بالمائة في الصين و دول المركوسير .
الجدول 12 : حصة الدول المتوسطية من التدفقات الإجمالية % ) )
89 90 91 92 93 94 95 96 97 98
المجموع 1.24 0.97 1.31 1.74 1.29 1.47 1.15 1.26 1.31 0.93
المتوجهة نحو الدول النامية 9.88 6.57 5.57 7.66 5.54 5.53 5.40 4.77 4.75 4.99
المصدر : الاونكتاد
الجدول 13 : حصة الدول المتوسطية من مخزون الاستثمارات الاجنبية المباشرة الوافدة
80 89 90 93 97 98
المخزون الإجمالي 1.22 1.58 1.21 1.30 1.73 1.30
مخزون الدول النامية – باستثناء الصين – 4.64 5.31 6.08 5.70 5.60 5.54
المصدر : الاونكتاد
*الوزن المتزايد للاتحاد الأوروبي في الاستثمارات الأجنبية المباشرة نحو الدول المتوسطية ، دليل على القبول الحسن من طرف الدول الأعضاء للأهمية الكامنة لهذه المنطقة و لأهمية دور التاريخ السياسي و القرب الجغرافي و الاقتصادي و الاجتماعي لتمركز هذه الاستثمارات . و رغم أن نجاح الاختيار المعلن عليه في إعلان برشلونة يتطلب تعبئة كبيرة لرؤوس الأموال و خاصة الاستثمارات الأجنبية المباشرة ، إلا أن حصة هذه الاستثمارات الأوروبية كانت 8 مرات أقل من الاستثمارات الأمريكية نحو المكسيك و حوالي 15 مرة من الاستثمارات اليابانية في جنوب شرق المتوسط .
*المنافسة الشديدة لدول نامية أخرى ، كحالة أوروبا الشرقية التي هي حاليا في تأهب للإنظمام إلى أوروبا و مجهودات الخصخصة من أكبر العوامل الجاذبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة ، أو كما هو الحال في دول المركوسير التي استطاعت الحصول على حصة كبيرة من الاستثمارات الأوروبية في 1998.
*الدول الأكثر انفتاحا هي الدول التي لها معدل استثمارات أجنبية مباشرة / ساكن أعلى ) مثل حالة مالطا ، قبرص ، إسرائيل ، تونس ، لبنان و الأردن( ,و التي رفعت من حصتها السوقية من الاستثمارات الأجنبية المباشرة المتوجهة نحو الدول المتوسطية .
*مساهمة هذه الاستثمارات الأجنبية في الدول المتوسطية تختلف من دولة إلى أخرى ، و تعد مصر و تركيا المستفيدتين الكبيرتين من تدفقات الاستثمارات الأجنبية على مستوى المنطقة ، متبوعة بكل من إسرائيل ، المغرب و تونس . أما الجزائر و سوريا و ليبيا فإن جاذبية هذه الدول تبقى ضعيفة و متمركزة في بعض القطاعات . أما قبرص ، لبنان فلا تزال حصتها من الاستثمارات محدودة . كما أن مساهمة الاستثمارات المباشرة من التكوين غير الصافي لراس المال تختلف من دولة إلى أخرى ، مالطا 47 بالمائة ، تونس 27 بالمائة ، قبرص 25 بالمائة ، مصر 20 بالمائة و الأردن 17 بالمائة .
*توجه قطاعي في أغلبيته صناعي 55 بالمائة و أكثر فأكثر في قطاع الخدمات ، البنوك و التأمين و في عدد قليل من القطاعات كصناعة السيارات ، الصناعات القاعدية ) الإسمنت ، الكيمياء ، السلع البترولية – الصناعات ذات الكثافة في العمل – الألبسة و الخياطة ( ، المالية ، السياحة . و حديثا في مجال الاتصالات .
كما أننا إلى جانب ذلك نسجل تخصصا جغرافيا للدول الأوروبية ، ففرنسا التي تستثمر أكثر في المنطقة ، تتمركز في المغرب و لبنان . أما المؤسسات الإيطالية حول مالطا ، تركيا و تونس ( الدولتين مع بعض تمثلان نصف مجموع الاستثمارات المباشرة في مصر ، المستثمرون الألمان متمركزون في إسرائيل و تركيا ، بينما الإنجليز يهتمون اكثر بقبرص ، مصر و الأردن ، بينما المؤسسات الإسبانية فهي متواجدة بقوة في المغرب.
كما أن سلوك الشركات المتعددة الجنسيات يختلف في هذه المنطقة ، فالاتحاد الأوروبي و الولايات المتحدة توزع الاستثمارات الأجنبية المباشرة على كل القطاعات . الدول العربية و اليابان لهما استراتيجية مستهدفة قطاعيا ، الأولى في الوساطة المالية و السياحة و الثانية في قطاع السيارات .مما يبين أن الولايات المتحدة و الاتحاد الأوروبي يبحثان عن الفعالية و المردودية ، بينما المؤسسات اليابانية موجهة اكثر نحو السوق.
*عمليات الخصخصة لها دور كبير في هذا المجال ) 44 بالمائة لمجموع الدول الناشئة في الفترة 90-97 مقابل 24 بالمائة للدول المتوسطية خارج تركيا و إسرائيل ( . و يبقى الاستثمار في الدول المتوسطية و كمناطق أخرى عنصر هام لعملية التراكم . و نشير إلى أن السرعة التي تتطور بها عمليات الخوصصة في العديد من دول المنطقة هي مؤشر عن النتائج الجيدة و لكنها غير كافية ، وخاصة في قطاع السياحة ، الصناعة ، العقارات و البنوك و أخيرا في قطاع المناجم و الخدمات العمومية ، مجال الاتصالات ، تسيير المياه و توزيع الكهرباء. و يرجع ذلك بدون شك إلى تردد المستثمرين الأجانب .كما أن الخوصصة هي إحدى أهم الوسائل الأكثر استعمالا من أجل جذب المستثمرين على مستوى مجموع الدول الناشئة . و تظهر أهمية ذلك من خلال مجوع الإيرادات المتراكمة للفترة 1990 و 1998 التي تقدر حسب معطيات الخوصصة للبنك العالمي (1998 ) بحوالي 19140 مليون دولار لدول جنوب و شرق المتوسط ، مقارنة بشرق آسيا و الباسفيك 38600 ، أوروبا الشرقية و آسيا الوسطى 50515 و أمريكا الجنوبية و الكارييب 54225 .
جدول رقم 14 : عمليات الخصخصة في بعض دول جنوب و شرق المتوسط
1993 1994 1995 1996
عدد القيمة عدد القيمة عدد القيمة عدد القيمة
مصر 2 209 4 122 12 323 18 858
إسرائيل 4 345 2 69 4 637 4 202
المغرب 4 157 4 249 4 215 7 356
تونس – – – – 1 22 – –
مجموع جزئي 10 711 10 440 21 1197 29 1416
الدول المتقدمة 15757 16975 18887
العالم 53656 63939 72537
Source: Privatization Yearbook,in, Peter A. Petri:"the Case of Missing Foreign Invesment in the Southern Mediterranean",Technical Paper N°128,OCDE,Development center, 1997,p40.
و أكثر من 40 % من الاستثمارات المباشرة تتم في شكل عمليات من هذا النوع . كما أن هذه الاستثمارات تمثل حوالي 60 % من برامج الخصخصة الموضوعة حيز التطبيق في هذه الدول.
الجدول رقم 15 : برامج الخصخصة في الدول المتوسطية من 1990-1998 ( ملايين الدولارات )
1990-94 95-98 97-98 1998
حصة الدول المتوسطية من إجمالي الدول النامية 4.2% 8.5% 8.7% 8.1%
القيمة السنوية المتوسطة للخوصصة 2306 3623 5353 4152
إيرادات الخوصصة ك: % من:
صادرات السلع و الخدمات
1.1%
3.0% 4.2% 3.3%
الناتج المحلي الاجمالي 0.3% 0.8% 1.1% 0.8%
الاستثمارات الأجنبية المباشرة 36.4% 75.1% 97.7% 77.6%
الإيرادات الجبائية 1.3% 3.5% 5.0% 3.7%
Source: World Bank Privatisations Database
إن التطور الكبير في عمليات الخصخصة ، شجع على تطوير أسواق رؤوس الأموال في دول جنوب و شرق المتوسط الشريكة في شكل استثمارات في المحفظة التي تعتبر المكمل العادي للاستثمارات الأجنبية المباشرة . و هي علامة من علامات تطور الأسواق المالية و تتطلب إدخار خاص خارجي . وإذا استثنينا تركيا ، إسرائيل ومصر ( 3.4 مليار من المداخيل الصافية في 1999 لتركيا ، 1.7 مليار لإسرائيل ، 600 مليون دولار لمصر ) ، فان الاستثمارات الأجنبية في المحفظة ضعيفة في هذه المنطقة . و هي مكملة للاستثمارات المباشرة كما قلنا ، لأنها تسهل اللجوء إلى السوق المالي الوطني للخصخصة من جهة ،و من جهة أخرى أصبحت على المستوى العالمي شكل من أشكال التمويل المفضلة . فالأسواق العالمية للأصول تتجاوز أكثر أسواق الاستثمارات المباشرة و القروض البنكية. كما أن البورصات عملت على تسهيل توسيع البرامج الوطنية للخصخصة . و الجدول التالي يبين أن هناك 3 دول ناشئة من دول جنوب وشرق المتوسط تملك قدرة كبيرة على جذب الاستثمارات في المحفظة و هي : إسرائيل ، تركيا ( رأسملة تقدر ب 69 مليار في 31 ديسمبر 2000) و مصر ( بورصة القاهرة ، 31 مليار كرأسملة تخص 861 مؤسسة مسعرة ) . أما الأردن ، تونس و المغرب فتقع في مستويات غير كافية بسبب ضعف أسواقها المالية (10).
الجدول رقم 16 : البورصات في بعض دول جنوب وشرق المتوسط
مردودية العائد المتوسط 1999
( % ) الرأسملة البورصية
( ملايير دولارات ) دوران راس المال اليومي
( ملايين الدولارات ) عدد المؤسسات المسعرة تطور مؤشر IFCI 1999
مصر 7.54 32.7 51 1033 24.19
إسرائيل 0.8 59.8 82 667 57.86
الأردن 2.8 5.8 2 139 -3.55
لبنان 4.8 1.9 0.3 13 –
المغرب 1.7 13.7 16 50 -7.82
تركيا 1.71 55.8 301 279 254.51
تونس – 2.7 1.7 49 –
Source:ERF:"Economic Trends in the MENA Region",2000,p37.
-تقييم مناخ الإستثمار في دول جنوب و شرق المتوسط :
إن العوامل و المحددات التي تحدد اختيار عمليات التوطين للاستثمارات الأجنبية المباشرة متعددة ، فإلى جانب العوامل المتعلقة بطبيعة النظام التجاري ، نظام الاستثمارات الأجنبية ، الإنتاجية ، درجة الاستقرار الكلي و الإصلاحات الاقتصادية إلى القرب الجغرافي و الثقافي . فهناك عوامل أخرى خاصة بالاستقرار السياسي وحجم السوق المحلي ، و مدى توافر الموارد المادية و البشرية و المؤهلة و مناخ الاستثمار ، إضافة إلى التنظيمات الإدارية و ما تتميز به من فعالية و كفاءة و شفافية ، و نظامها القانوني و مدى مرونته ووضوحه و إتساقه مع سياسات الدولة الاقتصادية و إجراءاتها ، و طبيعة السوق و آلياته و إمكانياته و ما تمتاز به الدولة من منشات قاعدية و عناصر الإنتاج و ما تمتاز به من خصائص جغرافية و ديموغرافية .
و على أساس هذه المحددات نستطيع أن نقول أن دول جنوب وشرق المتوسط تمتاز بجاذبية متغيرة و لكنها ضعيفة باستثناء ميزة القرب الجغرافي :
أولا – من أجل إستغلال سوق محمي بالحواجز الجمركية – الإستراتيجية الأفقية – و هذه الإستراتيجية تخص الإستثمارات الموجهة لسوق التوطين market seeking ، في إطار تمديد سياسات التصدير للشركات التي أصبحت مستحيلة بسبب وجود حواجز حمائية ، تشكيلة السلع المعروضة في الأسواق المحلية – الوطنية و/أو الجهوية – ، التكنولوجيات المستعملة ، التسويق للشركة الأم تبقى نفسها تلك المستعملة من طرف هده الأخيرة . و هذه الاستثمارات الناتجة عن هذه الإستراتيجية هي صناعات ما بين الفروع أو المتقاطعة ، و هي عبارة عن تكييف لأسواق السلع المتنوعة الخاضعة للمنافسة خارج- السعر . هذه الاستراتيجية تخص الشركات التي تريد تطوير نشاطاتها في اقتصاديات يكون لها نفس مستوى النمو للدولة و التي تواجه منافسة على مستوى أسواق اوليغارشية .
ثانيا – الإستفادة من تكاليف الانتاج الضعيفة –استراتيجية عمودية – او الاستراتيجية الشاملة ، و تترجم بالتواجد في دول مختلفة ، في شكل فروع – ورشات متخصصة في جزء خاص من حلقة أو سلسلة الإنتاج ، أي من العملية التي تبدأ من الانتاج الى التوزيع – porter – . و الهدف هو تخفيض تكاليف الانتاج للشركة . و إختيار اماكن تواجد تخضع لمدى وفرة عناصر الانتاج للدول المعنية – sourcing – .و هذه الاستراتيجية هي تكييف للسلع النمطية التي تواجه منافسة بالسعر و هي استراتيجية داخل الفروع .
ثالثا – أو النفاد الى المصادر الطبيعية :
أما في حالة الدول المتوسطية ، فإن كلا من الإستراتيجيتين مندمجتان مع بعضهما البعض ، بحيث أن الهدف اليوم يتثمل في محاولة الإستفادة من السوق الاقليمي ، مع العمل على التقليل من تكاليف الانتاج . و في كل الحالات ، فإن الشركات تعمل على البحث أو تفضل نظام إقتصادي و سياسي مستقر ، سوق هام ، عمالة ذات كفاءة و مؤهلة ، وشروط كافية للبنية التحتية – الإتصال ، العمل و التعليم -.
و سنحاول في هذا العنصر تقييم وضعية مناخ الاستثمار حسب مجموعة من العناصر :
-خطر الدولة الذي يواجه المستثمر عندما يرغب في التواجد في دولة ما .
-الإطار القانوني و التنظيمي الخاص بالإستثمارات الأجنبية .
-حجم و ديناميكية السوق المفتوح للمستثمر.
-شروط الانتاج و الاستغلال.
*خطر الدولة : هو المعيار الاول الذي تأخده الشركات متعددة الجنسيات بعين الاعتبار و خاصة تلك الشركات المتخصصة في السلع الوسيطة . ويقصد بهذا المعيار تلك الطريقة التي تتم بها عملية الانتقال الاقتصادي و مرحلة الاستقرار .و نحن نعلم ان نتائج السنوات الاولى الناتجة عن عمليات الاستقرار الاقتصادي ستؤدي الى ضغط اجتماعي نتيجة إرتفاع معدلات البطالة ، إرتفاع مستوى الفقر و هنا نسجل الملاحظات التالية :
-أغلب الدول المتوسطية عرفت عمليات الانتقال بدون أزمات إجتماعية كبرى ، العملية طويلة ، التوازنات الاقتصادية الكلية تدعمت أكثر فاكثر ، التحرير جاري حاليا و مواصفات التسيير تنتشر في كل الدول المتوسطية تقريبا .
-هناك جيوب مختلفة و متصاعدة للبطالة و الفقر الدائم .
و نشير الى أن خطر الدولة هو أقل حدة مما هو موجود في بعض دول امريكا الجنوبية و اسيا . و هنا يمكن ان نقول أن الخاصية التوسعية لإعلان برشلونة هو مكسب هام .
*الاطار القانوني : هناك تكييف لقوانين الإستثمار مع ما هو موجود في العديد من الدول في العالم . المزايا الجبائية هامة و على العموم فان الاطار التنظيمي الذي ينظم الاستثمار الاجنبي في الدول المتوسطية تصنف ضمن الشريحة المتوسطة مقارنة مع الدول الناشئة الاخرى .
*حجم و ديناميكية السوق :كل الدراسات المنجزة تتفق على أن الإستثمارات الاجنبية تعطي أهمية قصوى لحجم و ديناميكية السوق الذي تتواجد فيه ، أو تريد أن تتواجد فيه هذه الشركات .الحالة الكلاسيكية هي الخاصة بتواجد شركة من أجل تخطي او القفز على الحواجز الجمركية ، و البيع على مستوى الاسواق المحلية . أما في حالة الدول المتوسطية فيمكن أن تكون نفس حالة الدول غير الاوروبية التي ستكون لها نتيجة التواجد في الدول المتوسطية نفاذ كبير للسوق الاوروبي ، و هو ليس حالة استراتيجية الشركات الاوروبية – بإستثناء بعض القطاعات التي تعتبر الموردون الرئيسيين للاستثمار المباشر للشركاء المتوسطيين . فالسوق جنوب – جنوب هو سوق مجزء بواسطة حواجز جمركية هامة ، قدرته الشرائية ضعيفة و ديناميكيته لا تسمح بإشباع و تلبية هدف التواجد . و هذه تمثل نقطة ضعف لجاذبية الدول المتوسطية التي يمكن تصحيحها عن طريق اقامة مناطق تبادل الحر جنوب – جنوب .
*شروط الانتاج و الاستغلال :هي عناصر محددة للشركات التي ترغب في اقامة مخطط انتاج عناصر او مركبات لمنتوج نهائي . و هنا يمكن ان تلعب العناصر التالية دورا هاما :
-تكلفة اليد العاملة منخفضة مقارنة مع أوروبا : هذه الميزة – التكلفة الوحدوية للعمل – مقارنة مع الصناعة الاوروبية غير موجودة إزاء الدول الناشئة و المنافسة للدول المتوسطية . و في إطار تحرير شامل للمبادلات في إطار المنظمة العالمية للتجارة – إتفاقيات متعددة الالياف – فإن هذه الميزة ستختفي و خاصة في قطاع النسيج ، الصناعات الغدائية . هناك بعض العوامل الضرورية التي بإمكانها الاحتفاض بجاذبية هذا العامل – تطوير التكوين بالنسبة للمهندسيين و التقنيين ، فهناك نقص في هذا المجال ، إلى جانب تحسين و ترقية النظام التربوي ، تخفيض متسارع للحواجز أمام تواجد الشركات ، و تحسين الكفاءات في مجال التسيير .
*إنتاجية البد العاملة : إن تجربة المناطق الاخرى في العالم تبين أن العملية التي على أساسها تدخل الشركات في دولة ما ليست خطية . فهناك حدود قصوى تقود الى عمليات تراكمية في بعض القطاعات يمكن ان تنشئ لأن شركة ما لاتريد التخلي عن سوق منافسيها ، أو بسبب أثر تكون تخصص مولد لوفورات مختلفة – راس مال بشري مؤهل ، كفاءات تقنية – هذه الاثار بدأت تلعب دورا هاما في الدول المتوسطية . و لكن على العموم تبقى الدول المتوسطية في مجهوداتها اليوم في وضع مناسب مع المعايير ) بإستثناء الحواجز على الصادرات و ضعف حجم السوق المحلي (.و لكن بماذا نفسر نفسر عدم تطور الاستثمارات الاجنبية اكثر فاكثر ؟ . و بماذا يفسر ان هذه المنطقة من اقل المناطق جاذبية للاستثمارات الاجنبية المباشرة ؟.
6-العامل المحدد اليوم : تحسين مناخ الاعمال :
يبقى مناخ الاعمال في الدول المتوسطية في وضعية غامضة ، احد العراقيل التي تحد من تطوير عمليات الاستثمار واحد هذه العوامل :
-ممارسات مقيدة لسياسات الاستثمارات الأجنبية المباشرة .
-غياب استراتيجية صناعية تسمح بجذب و تطوير فروع ذات قيمة مضافة كبيرة .
-تكاليف التحويل مازالت عالية و تعرقل المستثمرين.
*هناك إشكالية عند الحديث عن السياسات التقييدية من طرف الدول المتوسطية الشريكة في مجال الاستثمارات الاجنبية المباشرة ، فبينما قوانين الاستثمار أخذت منحنى اكثر ليبرالية من خلال – تعديل قوانين الاسثمار في اغلبية الدول – . لكن السياسات في مواجهة الاستثمارات الدولية مازالت مقيدة .
بعض الدول مازالت تضع تقييدات حول المساهمة الاجنبية في بعض المؤسسات المحلية . هذا التحديد يمكن ان يمس مجموع القطاعات او بعض القطاعات الحساسة .كما ان بطئ اعادة انفتاح القطاع المصرفي يمثل احد العراقيل لجذب الاستثمارات ، النفاذ الى القروض و سوق رؤوس الاموال صعب للمتعاملين ، و أصعب اذا كان الامر يخص الاجانب.
*تكاليف النقل ، الاشخاص و البضائع على مستوى الفضاء المتوسطي من أكبر التكاليف في العالم ، تعقد الاجراءات الجمركية ، طول مدة بقاء الحاويات في الميناء – أكثر من شهر في بعض الدول -.
*تكاليف و نوعية الخدمات المالية احد العراقيل التي يجري الاشارة اليها عادة من طرف المتعاملين الاجانب الذين يشتغلون في الدول المتوسطية . سوق رؤوس الاموال الذي تم فتحه يبقى عمليا صعب الدخول . كما ان العمليات مع الخارج او بالعملة الصعبة تبقى خاضعة لإجراءات طويلة و معقدة بما فيها في الدول التي أزالت الرقابة على الصرف .
الجدول رقم 17 : وقت الإنتظار للحصول على خط هاتفي
*الدول المتوسطية **دول الشرق ***أمريكا الجنوبية ****آسيا *****الدول الاوروبية المتوسطية
قبرص 1997 0.5 2.6 2.2 1.1 0.5
مصر 1997 3.9 2.6 2.2 1.1 0.5
اسرائيل 1997 0.1 2.6 2.2 1.1 0.5
الاردن 1997 4.8 2.6 2.2 1.1 0.5
لبنان 1992 19.5 2.6 2.2 1.1 0.5
مالطا 1997 0.1 2.6 2.2 1.1 0.5
المغرب 1997 0.2 2.6 2.2 1.1 0.5
سوريا 1997 10.0 2.6 2.2 1.1 0.5
تونس 1997 1.3 2.6 2.2 1.1 0.5
تركيا 1997 0.4 2.6 2.2 1.1 0.5
الجزائر 1997 7.9 2.6 2.2 1.1 0.5
Source : FEMISE ,données statistiques.
ملاحظة :
*الدول المتوسطية : الجزائر ، قبرص ، مصر ، اسرائيل ، الاردن ، لبنان ، مالطا ، المغرب ، سوريا ، تونس و تركيا .
**دول الشرق : بولونيا ، المجر.
***أمريكا الجنوبية : الارجنتين ، البرازيل و المكسيك.
****آسيا : كوريا الجنوبية ، أندونيسيا وتايلندا
*****الدول الاوروبية المتوسطية :اسبانيا ، فرنسا و إيطاليا.
و إدا اخدنا تجربة دول اسيا ، فنجد أنها تتميز بنظام مصرفي مدعم بشبكة هائلة من الاتصالات الاكثر تطورا في العالم . أكبر الاقطاب لجمع و إعادة توزيع رؤوس الاموال – سانغفورة ، هونغ كونغ ، كوالمبور أو تايوان لعبت دورا ذو أهمية في عملية التصنيع لمختلف دول جنوب و شرق آسيا.
شبكات الاتصال في العديد من الدول المتوسطية – باستثناء اسرائيل و تركيا – تعرف تأخرا هاما يحد من النشاطات الاقتصادية ، تكاليف الدخول بواسطة الانترنت مرتفعة بما فيها للمؤسسات و عرض الخدمات مازال صعبا .
7- إستراتيجية جدب الاستثمارات غير كافية :
إن سياسات جذب الاستثمارات ترتكز على منح مزايا مالية و جبائية ، هذه السياسات غير الانتقائية نجدها في بعض الحالات معزولة عن المحيط الصناعي المحلي ، و صناعات الملابس خير مثال على ذلك ، فهي تستورد المواد الأولية من أوروبا ،أو آسيا بدون أن تفيد الصناعة المحلية من السوق الذي تمثله مدخلاتها . ) ففي تونس مثلا ، فإن تصدير 1 دينار من النسيج يتطلب 0.76 دينار من الواردات مثلا (.
الفوارق في تكلفة اليد العاملة غير كافية من أجل ضمان تطوير الفروع ذات القيمة المضافة المحلية ، في الصناعات التحويلية ، التكاليف المباشرة لليد العالمة تمثل نادرا اكثر من 20 بالمائة من التكلفة الاجمالية للمنتوجات . ففي جنوب و شرق اسيا مثلا ، فان صناعة الالكترونيك تعتمد اكثر فاكثر على تكلفة اليد العالمة الضعيفة المحلية ، و لكن ايضا سهولة التموين بالمركبات . فاسعار منخفضة مما هو موجود في الدول الصناعية . الجاذبية هنا مباشرة ومرتبطة بنوعية و تنافسية النسيج الصناعي الذي تتواجد فيه هذه المؤسسات . وعكس الدول الاسيوية في الستينات ، فان الدول المتوسطية لم تطور الى حد الان استراتيجية ّ التجمعات القطاعية " الضرورية لجذب الاستثمارات الاجنبية ذات المحتوى الكبير من التكنولوجيا .
كما أن العديد من القطاعات الصناعية الهامة اليوم تحول كتلتها السعرية نحو دول شرق أوروبا حيث تجد بما فيه القطاعات التكنولوجية محيطا و نسيج صناعي حاليا مكثف و ذو نوعية .
الحل يكن في التكوين ، تحسين الهياكل القاعدية ، تنظيمات التموين و تبني استراتيجية صناعية واضحة و اكثر انتقائية و التي على اساسها يتم تنسيق مختلف السياسات الاقتصادية .
تكاليف الصفقات التي تواجه المتعاملين الصناعيين في الدول المتوسطية مازالت عالية من مختلف دول المنطقة في مجهوداتها لجذب الاستثمارات المباشرة ، كما يظهره الجدول التالي :
عدد الإجراءات المدة – زمن صفقة الأعمال- التكلفة النقدية –دولار –
الدخول الإجراءات الإدارية العمليات الدخول الإجراءات الإدارية العمليات الدخول الإجراءات الإدارية العمليات
مصر 10 52 943
الأردن 15 36 12 60 89 11281
المغرب 12 16 05 91 278 63 255 1149 1981
تونس 7 39 286
تركيا 22 125 08 121 985 304
Source :Jacques Morisset Olivier Lumenga :Administratives Barriers to Foreign Investment in Developing Countries,FIAS,2002.
حل النزاعات : التحدي الاخير الذي يشار اليه من طرف المستثمرين الاجانب مناخ عدم الاستقرار القانوني الذي يحيط العمليات التجارية و المالية . ومعالجة قضية بسيطة على مستوى المحاكم يمكن ان يأخد عدة سنوات . كما أن غياب الثقة لدى المستثمرين في الانظمة القانونية الوطنية يقود الى اللجوء الى التحكيم الدولي لحل النزاعات ذات الطبيعة المالية او التجارية . و اذا كان هذا الاخير اصبح قاعدة في العقود التي تربط المستثمرين الاجانب مع الدولة ، فانه عمليا اكثر تعقيدا لوضعه حيز التطبيق على مستوى العقود التجارية التي تربط الاشخاص الطبيعيين و المعنويين .
كل هذه العناصر التي مازالت تمثل احد عراقيل تطوير الاستثمارات المباشرة على مستوى المنطقة ، و هدا يتطلب ادماج المستثمر الاجنبي في استراتيجية صناعية متجانسة ووضع حيز التطبيق لإجراءات عملية فعالة . و هذا يتطلب ان تطور الادارة في الوقت الذي تنفتح فيه الدولة على الخارج ، فادارة ذات كفاءة و فعالية يمكن ان تحسن من مناخ الاعمال .
8- الخاتمة :
كما رأينا فإن هذه الإستثمارات أكثر حساسية لكل الإختلالات على مستوى الدول المضيفة سواء تعلق ذلك بالمستوى الجزئي أو على المستوى الكلي . و من خلال تحليل أهم العوامل المحفزة لحركات رؤوس الأموال الأجنبية ، يتبين لنا أ ن القيام بالإستثمار في الخارج من طرف الشركات متعددة الجنسيات ليس عملية إرتجالية أو عفوية ، و إنما يخضع للعديد من العوامل و المحددات الخارجية التي ستؤثر على كفاءة و قرار الإستثمار . فمجرد تحرير الاقتصاد و فتحه لم يعد كافيا الان ، فثمة ضرورة لايجاد عناصر جذابة من الميزات المتعلقة بالمواقع . و مقارنة درجة و إختلاف مدى توافر هذه العوامل ما بين الدول ، هو الذي يعطي فكرة واضحة حول تباين التوزيع الجغرافي لهذه الإستثمارات .و هنا تظهر أهمية دور الدولة من خلال سياسات و إستراتيجيات ناجعة تهدف الى توفير الإجراءات و الميكانيزمات التي ترمي الى ترقية و تشجيع الإستثمارات الاجنبية . أما بالنسبة للدول المتوسطية ، فيمكن الإشارة إلى أن عملية الإستقرار و التحول المتبناة من طرف أغلبية هذه الدول منذ الثمانينات ، يمكن أن تؤدي تدريجيا إلى تعديل نمودج التراكم ، من نمودج قائم على الاستثمار العام و الممول عن طريق التضخم ، إلى نمودج تراكم خاص إنطلاقا من الادخار المسبق و اعتمادا على الاستثمارات الاجنبية المباشرة . و يمكن لمنطقة التبادل الحر الاورو – متوسطية ان تعمل على انجاح هذا النموذج .
هوامش البحث :
1-لقد حدثت أكبر زيادة في شرق آسيا ، إ ذ عرفت هونغ كونغ ( الصين ) على وجه التحديد إزدهارا غير مسبوق في الإستثمار الأجنبي المباشر ، حيث بلغت التدفقات الوافدة 64 بليون دولار ، لتصبح أكبر مستفيد من الإستثمار الاجنبي المباشر في آسيا و كذلك في الدول النامية .
2-حول هذا الموضوع و لمزيد من الإطلاع ، أنظر :
Charles Albert Michalet: “ Investissements étrangers : les économies du sud de la méditerranée sont – elle attractives?.Monde Arabe,Machrek,Maghreb,dec 1997.
3- إن منظمة التعاون و التنمية الإقتصادية تستعمل مفهوم DAE (Dynamic asian economic ) بدل مصطلح PNI Economic .
4- منذ 1988 ، فإن تدفقات غير الصافية للإستثمارات الأجنبية المباشرة إرتفعت من 4 إلى 5 نقاط كنسبة مئوية . أنظر :
Banque Mondiale: “ les perspectives économiques mondial et les pays en développement”,1995.
5- لمزيد من المعلومات ، أنظر :
CNUCED:”Rapport sur le commerce et le développement”,1993.
6 – مناطق إقتصادية في مقاطعة Guandong مجاورة لهون كونغ و المنطقة الرابعة في مقاطعة Fugian مجاورة لتايوان و الهدف من هذه المناطق جذب الشركات متعددة الجنسيات.
7- أنظر :
CNUCED:”Dynamique de croissance : les divergences”,1993,p24.
8-لقد قامت اليابان مثلا ومنذ السبعينات بزيادة طول طرقها المرصوفة بدرجة كبيرة ، بحيث أصبح لديها أعلى كثافة طرق في العالم ، إذ تبلغ 630 مترا لكل 100 شخص ، ونمت كثافة الطرق في كوريا بنسبة 10 % سنويا على مدى ال 25 سنة الماضية . ولقد خصص كلا البلدين إستثمارات ضخمة في القطاع الفرعي للطرق السريعة . كما أن سانغفورة التي تمثل إقتصاد مدينة موجه نحو المعاملات الدولية ، تبين بكل وضوح مدى الصلات التي أقامها صناع السياسات في المنطقة بين التجارة و بنيتها الأساسية الداعمة ، و الميناء البحري لسنغافورة و ميناؤها الجوي من أفضل الموانئ في العالم . لمزيد من المعلومات أنظر : أشوكا مودي و ميشيل والتون : " الإستفادة من ركائز البنية الأساسية لشرق آسيا " ، التمويل و التنمية / يونية 1991 .
المراجع :
1- الأونكتاد: تقرير الإستثمار في العالم 2001.
-2أشوكا مودي و ميشيل والتون : " الإستفادة من ركائز البنية الأساسية لشرق آسيا " ، التمويل و التنمية / يونية 1991.
1-Ashoka Mody,ed: “ Infrastructure Strategies in East Asia: the Untold
story”,Washington,World Bank,1997.
2-CNUCED:”Rapport sur le commerce et le développement”,1993.
3-Banque Mondiale: rapport mondial sur le développement,1993.
4-FMI,Perspectives de l’economie mondiale,1993.
5-Banque mondiale:"Tunisie :intégration mondiale et développement durable : choix stratégique pour le 21 °siècle",1996,p15.
6-PNUD,rapport mondial sur le développement humain,2001.
7-Charles Albert Michalet: “ Investissements étrangers : les économies du sud de la méditerranée sont – elle attractives?.Monde Arabe,Machrek,Maghreb,dec 1997.
8-CNUCED:”Dynamique de croissance : les divergences”,1993.
9-Jacques Marisset& Olivier Lumengua Neso : Administratives Barriers to Foreign Investment in Developing Countries,FIAS,may,2002.
10-Sergio Alessandrini & Laura Resmini :the Determinants of FDI :a Comparative Analysis of EU FDI :Flows into the CEECs and the Mediterranean Countries ,Paper Presented During the ERF Annual Conference,Cairo 28-31 October1999.
11-Charles Albert Michalet:la séduction des nations ,Economica,1999.
12-P.A.PETRI :the Case of Missing Foreign Investment in the Southern Mediterranean,Technical Papre n° 128,OECD ,1997.
13-Jean – louis Reiffers Jean-Claude Tourret :Investir dans une zone de libre échange euro-méditerraneenne ,lisbone,Portugal ,2000.
المصدر : الأونكتاد :نفس المرجع ، ص 4.
أ. زايري بلقاسم
جامعة وهران
كلية العلوم الاقتصادية و علوم التسيير
ص ب 1524 وهران المنور – وهران – الجزائر
فاكس : 0021341428410
بريد إلكتروني :zairi_belkacem**********
تعريف جمعية البحث و التبادل العلمي لولاية تيارت, الجزائر
هي جمعية علمية متخصصة في المجالات التقنية تم تأسيسها من طرف شباب جازائري من خريجي الجامعات و المعاهد الوطنية, تم إعتمادها رسميا من طرف مصالح ولاية تيارت في السادس عشر من شهر مارس عام ألفين و ثلاثة, ومنذ هذا التاريخ يسعى أعضاء الجمعية إلى تحقيق الأهداف المسطرة في قانونها الأساسي.
الأهداف:
1- تشجيع الشباب على التعلم و البحث في المجالات التقنية ( إلكترونيك, كهرباء, ميكانيك, علوم الكمبيوتر…).
2- مساعدة الشباب الجامعي على تجسيد مشاريع التخرج في مجال تخصص الجمعية.
3- تقديم دورات تكوينية في التخصصات سالفة الذكر.
4- إبراز المواهب الشبانية من خلال المعارض المحلية و الوطنية التي تشارك فيها أو تنظمها الجمعية.
5- تنظيم مسابقات للشباب ( نذكر منها جائزة نور تكنولوجي) المبدع يتخللها توزيع جوائز قيمة للفائزين فيها.
الله يبارك
شكرا لك