عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الْخَيْرَ عَجَّلَ لَهُ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِعَبْدِهِ الشَّرَّ أَمْسَكَ عَنْهُ بِذَنْبِهِ حَتَّى يُوَافِيَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ".أخرجه الترمذى (4/601 ، رقم 2396) ، وقال : حسن غريب . والحاكم (4/651 ، رقم 8799) . وسكت عنه الذهبي . و البيهقي في " الأسماء " ( ص 154 ). وأخرجه أيضا: ابن حبان ( 2455 ) و أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 2 / 274 ) وابن الجوزي في " ذم الهوى " ( ص 126 ) و البيهقي ( ص 153 – 154 ) وابن عدى (5/188 ، ترجمة 1346 على بن ظبيان).قال العلامة المباركفوري في "تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي": ( عَجَّلَ ) بِالتَّشْدِيدِ أَيْ أَسْرَعَ ( لَهُ الْعُقُوبَةَ ) أَيْ الِابْتِلَاءَ بِالْمَكَارِهِ ( فِي الدُّنْيَا ) لِيَخْرُجَ مِنْهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ ذَنْبٌ وَمَنْ فُعِلَ ذَلِكَ مَعَهُ فَقَدْ أَعْظَمَ اللُّطْفَ بِهِ وَالْمِنَّةَ عَلَيْهِ ( أَمْسَكَ ) أَيْ أَخَّرَ ( عَنْهُ ) مَا تَسْتَحِقُّهُ مِنْ الْعُقُوبَةِ ( بِذَنْبِهِ ) أَيْ بِسَبَبِهِ ( حَتَّى يُوَافِيَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) أَيْ حَتَّى يَأْتِيَ الْعَبْدُ بِذَنْبِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قَالَ الطِّيبِيُّ: يَعْنِي لَا يُجَازِيهِ بِذَنْبِهِ حَتَّى يَجِيءَ فِي الْآخِرَةِ مُتَوَفِّرَ الذُّنُوبِ وَافِيهَا, فَيَسْتَوْفِيَ حَقَّهُ مِنْ الْعِقَابِ.
منقول للفائدة
وقال الله تعالى:{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلالَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ } البقرة 214. وقال الله تعالى لما ذكر المرتد والمكره بقوله:{ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِه } النحل 106, قال بعد ذلك:{ ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا فُتِنُوا ثُمَّ جَاهَدُوا وَصَبَرُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ } النحل 110. فالناس إذا أرسل إليهم الرسل بين أمرين إما أن يقول أحدهم آمنا وإما أن لا يقول آمنا بل يستمر على عمل السيئات فمن قال آمنا امتحنه الرب عز وجل وابتلاه وألبسه الابتلاء والاختبار ليبين الصادق من الكاذب ومن لم يقل آمنا فلا يحسب أنه يسبق الرب لتجربته فإن أحدا لن يعجز الله تعالى هذه سنته تعالى يرسل الرسل إلى الخلق فيكذبهم الناس ويؤذونهم قال تعالى:{ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الْأِنْسِ وَالْجِنّ } الأنعام 112, وقال تعالى:{ كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ } الذاريات 52, وقال تعالى:{ مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ } فصلت 43.ومن آمن بالرسل وأطاعهم عادوه وآذوه فابتلى بما يؤلمه وإن لم يؤمن بهم عوقب فحصل ما يؤلمه أعظم وأدوم فلا بد من حصول الألم لكل نفس سواء آمنت أم كفرت لكن المؤمن يحصل له الألم في الدنيا ابتداء ثم تكون له العاقبة في الدنيا والآخرة والكافر تحصل له النعمة ابتداء ثم يصير في الألم. سأل رجل الشافعي فقال يا أبا عبد الله أيما أفضل للرجل أن يمكن أو يبتلي فقال الشافعي لا يمكن حتى يبتلى فإن الله ابتلي نوحا وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدا صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فلما صبروا مكنهم فلا يظن أحد أنه يخلص من الألم البتة. وهذا أصل عظيم فينبغي للعاقل أن يعرفه وهذا يحصل لكل أحد فإن الإنسان مدني بالطبع لا بد له من أن يعيش مع الناس والناس لهم إرادات وتصورات يطلبون منه أن يوافقهم عليها وإن لم يوافقوهم آذوه وعذبوه وإن وافقهم حصل له الأذى والعذاب تارة منهم وتارة من غيرهم ومن اختبر أحواله وأحوال الناس وجد من هذا شيئا كثيرا كقوم يريدون الفواحش والظلم
ولهم أقوال باطلة في الدين أو شرك فهم مرتكبون بعض ما ذكره الله من المحرمات في قوله تعالى:{ قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ } الأعراف 33. وهم في مكان مشترك كدار جامعة أو خان أو قيسرية أو مدرسة أو رباط أو قرية أو درب أو مدينة فيها غيرهم وهم لا يتمكنون مما لا يريدون إلا بموافقة أولئك أو بسكوتهم عن الإنكار عليهم فيطلبون من أولئك الموافقة أو السكوت فإن وافقوهم أو سكتوا سلموا من شرهم في الابتلاء ثم قد يتسلطون هم أنفسهم على أولئك يهينونهم ويعاقبونهم أضعاف ما كان أولئك يخافونه ابتداء كمن يطلب منه شهادة الزور أو الكلام في الدين بالباطل إما في الخبر وإما في الأمر أو المعاونة على الفاحشة والظلم فإن لم يجبهم آذوه وعادوه وإن أجابهم فهم أنفسهم يتسلطون عليه فيهينونه ويؤذونه أضعاف ما كان يخافه وإلا عذب بغيرهم.فالواجب ما في حديث عائشة الذي بعثت به إلى معاوية ويروى موقوفا ومرفوعا:( من أرضى الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس) وفي لفظ:(رضي الله عنه وأرضى عنه الناس ومن أرضى الناس بسخط الله لم يغنوا عنه من الله شيئا) وفي لفظ: (عاد حامده من الناس ذامّا ) وهذا يجري فيمن يعين الملوك والرؤساء على أغراضهم الفاسدة وفيمن يعين أهل البدع المنتسبين إلى العلم والدين على بدعهم فمن هداه الله وأرشده امتنع من فعل المحرم وصبر على أذاهم وعداوتهم ثم تكون العاقبة في الدنيا والآخرة كما جرى للرسل وأتباعهم مع من آذاهم وعاداهم مثل المهاجرين في هذه الأمة ومن ابتلي من علمائها وعبادها وتجارها وولاتها.وقد يجوز في بعض الأمور إظهار الموافقة وإبطان المخالفة كالمكره على الكفر كما هو مبسوط في غير هذا الموضع إذ المقصود هنا أنه لا بد من الابتلاء بما يؤذي الناس فلا خلاص لأحد مما يؤذيه البتة ولهذا ذكر الله تعالى في غير موضع
أنه لا بد أن يبتلي الناس والابتلاء يكون بالسراء والضراء ولا بد أن يبتلى الإنسان بما يسره وما يسوؤه فهو محتاج إلى أن يكون صابرا شكورا. قال تعالى:{ إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } الكهف 7, وقال تعالى:{ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } الأعراف 168, وقال تعالى:{ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى. وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } طه 123-124, وقال تعالى:{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ } هذا في آل عمران 142.وقد قال قبل ذلك في البقرة ، فإن البقرة نزل أكثرها قبل آل عمران:{ أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ } البقرة 214 وذلك أن النفس لا تزكو وتصلح حتى تمحص بالبلاء كالذهب الذي لا يخلص جيده من رديئه حتى يفتن في كبر الامتحان إذ كانت النفس جاهلة ظالمة وهي منشأ كل شر يحصل للعبد فلا يحصل له شر إلا منها.قال تعالى:{ مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ } النساء 79, وقال تعالى:{ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ } آل عمران 165, وقال:{ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ } الشورى 30, وقال تعالى:{ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ } الأنفال 53. وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له ومالهم من دونه من وال وقد ذكر عقوبات الأمم من آدم إلى آخر وقت وفي كل ذلك يقول إنهم ظلموا أنفسهم فهم الظالمون لا المظلومون وأول من اعترف بذلك أبواهم قالا:{ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ } الأعراف 23, وقال لإبليس:{ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ } ص 85, وإبليس إنما اتبعه الغواة منهم كما قال:{ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُالْمُخْلَصِينَ } الحجر 39- 40, وقال تعالى:{ إِنَّ عِبَادِيلَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ } الحجر 42, والغي اتّباع هوى النفس.وما زال السلف معترفون بذلك كقول أبي بكر وعمر وابن مسعود أقول فيها برأيي فإن يكن صوابا فمن الله وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريئان منه.وفي الحديث الإلهي حديث أبي ذر الذي يرويه الرسول عن ربه عز وجل (يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه ) مسلم في الصحيح 41994 رقم 2577, وفي الحديث الصحيح حديث:( سيد الاستغفار أن يقول العبد اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت وأبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت من قالها إذا أصبح موقنا بها فمات من يومه دخل الجنة ومن قالها إذا أمسى موقنا بها فمات من ليلته دخل الجنة) وفي حديث أبي بكر الصديق من طريق أبي هريرة وعبد الله بن عمرو: (أن رسول الله علّمه ما يقوله إذا أصبح وإذا أمسى وإذا أخذ مضجعه اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة رب كل شيء ومليكه أشهد أن لا إله إلا أنت أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه وان أقترف على نفسي سوأ أو أجرة إلى مسلم قله إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت مضجعك ) الترمذي في الدعوات رقم 3389.وكان النبي يقول في خطبته: (الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا) أبو داود في النكاح رقم 2118. وقد قال النبي (إني آخذ بحجركم عن النار وأنتم تتهافتون تهافت الفراش ) البخاري في الرقاق 11323 رقم 6483, شبههم بالفراش لجهله وخفة حركته وهي صغيرة النفس فإنها جاهلة سريعة الحركة.وفي الحديث:( مثل القلب مثل ريشة ملقاة بأرض فلاة) ابن ماجه في المقدمة رقم 88. وفي حديث آخر( للقلب أشد تقلبا من القدر إذا استجمعت غليان ) أحمد في المسند 624.ا ومعلوم سرعة حركة الريشة والقدر مع الجهل ولهذا يقال لمن أطاع من يغويه أنه استخفه. قال عن فرعون إنه:{ فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوه } الزخرف 54, وقال تعالى:{ فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ } الروم
فإن الخفيف لا يثبت بل يطيش. وصاحب اليقين ثابت يقال أيقن إذا كان مستقرا واليقين استقرار الإيمان في القلب علما وعملا فقد يكون علم العبد جيدا لكن نفسه لا تصبر عند المصائب بل تطيش.قال الحسن البصري: إذا شئت أن ترى بصيرا لا صبر له رأيته وإذا شئت أن ترى صابرا لا بصيرة له رأيته فإذا رأيت بصيرا صابرا فذاك. قال تعالى:{ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ } السجدة 24, ولهذا تشبه النفس بالنار في سرعة حركتها وإفسادها وغضبها وشهوتها من النار والشيطان من النار. وفي السنن عن النبي أنه قال: (الغضب من الشيطان والشيطان من النار وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ) أبو داود في الأدب 4784. وفي الحديث الآخر: (الغضب جمرة توقد في جوف ابن آدم), ألا ترى إلى جمرة عينيه وانتفاخ أوداجه وهو غليان دم القلب لطلب الانتقام.وفي الحديث المتفق على صحته (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم), وفي الصحيحين أن رجلين استبا عند النبي وقد اشتد غضب أحدهما فقال النبي: (إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد لو قال: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) , وقد قال تعالى:{ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ. وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ. وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ }فصلت 34-36. وقال تعالى:{ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } . وقال تعالى:{ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ} المؤمنون 96-98.
من كتاب الفوائد لبن قيم الجوزية رحمه الله
موضوع جميل و مفيد
نرجو من الجميع التحلي بهذا
دمت
للإمام ابن قيّم الجوزية رحمه الله
الصبر على البلاء ينشأ من أسباب عديدة
أحدها : شهود جزائها وثوابها.
الثاني : شهود تكفيرها للسيئات ومحوها لها.
الثالث : شهود القدر السابق الجاري بها، وأنّها مقدّرة في أمّ الكتاب قبل أن تخلق، فلا بدّ منها؛ فجزعه لا يزيده إلا بلاءً.
الرابع : شهوده حقِّ الله عليه في تلك البلوى، وواجبه فيها الصبرُ بلا خلاف بين الأمة، أو الصبر والرضا على أحد القولين. فهو مأمور بأداء حقِّ الله وعبوديته عليه في تلك البلوى، فلا بدَّ له منه، وإلا تضاعفت عليه.
الخامس : شهود ترتّبها عليه بذنبه، كما قال الله تعالى: ***64831;وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ***64830; فهذا عامٌّ في كلّ مصيبة دقيقة وجليلة، فشغله شهود هذا السبب بالاستغفار الذي هو أعظم الأسباب في رفع تلك المصيبة. قال علي بن أبي طالب: ( ما نزل بلاءٌ إلاّ بذنب، ولا رُفِع بلاءٌ إلاّ بتوبة ).
السادس : أن يعلم أنّ الله قد ارتضاها له واختارها وقسَمها، وأنّ العبودية تقتضي رضاه بما رضي له به سيّدُه ومولاه. فإن لم يُوفِ قدر هذا المقام حقَّه، فهو لضعفه؛ فلينزل إلى مقام الصبر عليها. فإن نزل عنه نزل إلى مقام الظلم وتعدّى لحق.
السابع : أن يعلم أنّ هذه المصيبة هي دواءٌ نافع ساقه إليه الطبيبُ العليمُ بمصلحته الرحيمُ به، فليصبرْ على تجرعه، ولا يتقيأْه بتسخّطه وشكواه، فيذهبَ نفعه باطلاً.
الثامن : أن يعلم أنّ في عُقبى هذا الدواءِ من الشفاءِ والعافية والصحة وزوال الألم ما لا تحصل بدونه. فإذا طالعت نفسه كراهية هذا الداءِ ومرارته فلينظر إلى عاقبته وحسن تأثيره. قال تعالى: ***64831; وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ***64830; وقال الله تعالى: ***64831;فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا***64830; وفي مثل هذا القائل:
لعلَ عتَبك محمودٌ عواقبُه … وربّما صحّت الأجسامُ بالعِلَلِ
التاسع : أن يعلم أنّ المصيبة ما جاءَت لِتُهلِكَه وتقتلَه، وإنما جاءَت لتمتحن صبره وتبتليه، فيتبيّن حينئذ هل يصلح لاستخدامه وجعله من أوليائه وحزبه أم لا؟ فإن ثبت اصطفاه واجتباه، وخلع عليه خِلَع الإكرام، وألبسه ملابس الفضل، وجعل أولياءَه وحزبه خدَماً له وعوناً له. وإن انقلب على وجهه ونكص على عقبيه طُرِدَ، وصُفِع قفاه، وأُقصي، وتضاعفت عليه المصيبة. وهو لا يشعر في الحال بتضاعفها وزيادتها، ولكن سيعلم بعد ذلك بأن المصيبة في حقه صارت مصائب، كما يعلم الصابر أن المصيبة في حقه صارت نعماً عديدة. وما بين هاتين المنزلتين المتباينتين إلا صبر ساعة، وتشجيع القلب في تلك الساعة. والمصيبة لا بد أن تقلع عن هذا وهذا، ولكن تقلع عن هذا بأنواع الكرامات والخيرات، وعن الآخر بالحرمان والخذلان. لأن ذلك تقدير العزيز العليم، وفضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.
العاشر : أن يعلم أنّ الله يربي عبده على السرّاءِ والضرّاءِ، والنعمة والبلاءِ؛ فيستخرج منه عبوديته في جميع الأحوال، فإنّ العبد على الحقيقة من قام بعبودية الله على اختلاف الأحوال. وأما عبد السراء والعافية الذي يعبد الله على حرف، فإن أصابه خير اطمأنّ به، وإن أصابته فتنةٌ انقلب على وجهه؛ فليس من عبيده الذين اختارهم لعبوديته. فلا ريب أن الإيمان الذي يثبت على محكّ الابتلاءِ والعافية هو الأيمان النافع وقت الحاجة، وأما إيمان العافية فلا يكاد يصحب العبدَ ويبلّغه منازلَ المؤمنين، وإنّما يصحبه إيمانٌ يثبت على البلاء والعافية.
فالابتلاء كيرُ العبد ومحكّ إيمانه: فإمَّا أن يخرج تِبراً أحمر، وإما أن يخرج زَغَلاً محضاً، وإما أن يخرج فيه مادتان ذهبية ونحاسية، فلا يزال به البلاءُ حتى يخرج المادة النحاسية من ذهبه، ويبقى ذهبا خالصا.
فلو علم العبد أن نعمة الله عليه في البلاء ليست بدون نعمة الله عليه في العافية لشغلَ قلبه بشكره، ولسانه بقوله: ( اللّهم أعنِّي على ذكرك وشكر وحسن عبادتك ). وكيف لا يشكر مَن قيَّضَ له ما يستخرج به خَبَثه ونحاسه، ويُصيّره تِبراً خالصاً يصلح لمجاورته والنظر إليه في داره؟.
فهذه الأسباب ونحوها تثمر الصبرَ على البلاءِ، فإنْ قويت أثمرت الرضا والشكر.
فنسأل الله أن يسترنا بعافيته، ولا يفضحنا بابتلائه بمنه وكرمه.
تم نقله من
من كتاب طريق الهجرتين وباب السعادتين ( 2 / 600 )
__________________
نقلته لكم
والدال على الخير كفاعله
ومن استطاع أن ينشر ما ننقله فجزاه الله خيرا
القضاء والبلاء
البيان رقم (19)
القضاء والبلاء
لقد لحق الفساد بمؤسسة القضاء كما لحق بغيرها من المؤسسات فى مصر , فهى من أولى المؤسسات التى اعتبرت ان التوريث حق يجب ان يدافع عنه بعض القضاه, وكانت تلك المؤسسه تتعامل مع النظام السابق بمفهوم (نفع واستنفع ).فكانت تقوم بتفصيل القوانين اللازمه لذلك النظام فى كل شئون الحياه فى مصر , ثم تزوير الانتخابات وأخرها انتخابات 2022 وقد اعترف بعض عناصر النظام السابق بهذا التزوير . بل اعترف بعض القضاة الاحرار بذلك , هذا ما كان يأخذه النظام السابق من بعض القضاه , اما ما كانت تأخذه تلك المؤسسه فهو كما يلى :
1- حصانه جعلت بعض المستشارين يعيثون فى الارض فسادا , فيكونون الجمعيات الأسريه ويحصلون على الاف الافدنه من اراضى هذا الشعب الفقير المسكين ويوم ان يطبق على هؤلاء قانون الكسب غير المشروع او من اين لك هذا .. فستنجلى الامور وتظهر الحقائق وسنكتشف ان مبارك ومن حوله كانوا اقل من بعض هؤلاء فى الفساد والكسب غير المشروع .
2- تم توزيع بعض المستشارين على هيئات ومؤسسات الدوله وكان ما يحصل عليه بعضهم يتجاوز المليون جنيه كمرتب شهرى .
3- استطاعت اللجنه المشكله من بعض كبار القضاة لتعين معاونى النيابه ان تعين ابناء القضاة او اقاربهم بأدنى تقدير وهو تقدير مقبول وقد ساعد هذا على نشر الفساد فى هذه الموسسه وفى الدوله بصفه عامه واخطر من ذلك ان بعض معاونى النيابه ممن عينوا بتقدير مقبول قد حصل على بعض المجاملات فى الكليات لانه ابن مستشار – اى ان تقديره الحقيقى اقل من مقبول -. هؤلاء حين اصبحوا قضاه كانوا يعانون من العجز المعرفى والضعف العقلى حتى وصلت الامور فى بعض المحاكم الى ان سكرتير الجلسه هو الذى يكتب منطوق الحكم وحيثياته ومن هنا بدأت سرقة الاحكام وتغيرها فى المحاكم
والان يهدد القضاه بالاضراب وشل حركة الدوله المصريه لان المحامين يطالبون بحقوق مكفوله لهم فى كل مكان فى العالم بالاضافه الى شعور المحامين بالظلم من النظام السابق , فبعض المحامين كان يجد ويجتهد ويصل الليل بالنهار فى الدراسه حتى يحصل على تقدير ممتاز او جيد جدا وكان ابواه يحلمان بان يكون ابنهما وكيلا للنيابه وقاضيا فيما بعد . ويذهب الشاب الى مقر اللجنه وهو طاهر الطموح والامل فتسد فى وجهه كل نافذة للامل ويعين زميله المستهتر الكسول ويعود هذا الشاب الى اسرته وينشغل الجميع بسؤال كيف تم هذا والاجابه تجعله هو واسرته يكفرون بكل القيم المجتمعيه الثابته ويشعرون انهم يعيشون فى نظام فاسد يشترك فيه الجميع الفاعل والمفعول به , وبعد ثورة 25 يناير كان لابد من تغير هذه الاوضاع الظالمه الا اننا نفاجأ الان بأن بعض القضاه يعدون قانون السلطه القضائيه ويعطون لانفسهم كثيرا من الميزات بالاضافه الى ضمان 25% من الوظائف فى المحاكم لاقاربهم وابنائهم , اى ان التوريث يعود الان بشكل قانونى , بحيث يصبح القاضى وابن اخته وابنه وابن اخت زوجته فى محكمه واحده , ولك ان تتصور البلاء الذى يصيب العداله فى مصر من ترك هؤلاء يممرون هذا القانون المشبوه . هذا ما اثار المحامين وجعلهم يغلقون ابواب المحاكم فى بعض المحافظات .
وقد رد عليهم القضاه بالتهديد بالاضراب عن العمل وعدم المشاركه فى الانتخابات القادمه وان لم يتعامل المجلس العسكرى مع القضاه بحسم وحزم فسوف تنهار الدوله تماما , ولذلك اقترح على المجلس العسكرى قبوا استقالة كل قاض يضرب عن العمل او اقالته قسريا وتعين مجموعه مساويه للعددالمقال من المحامين ممن يحملون درجات الدكتوراه والماجستير بتقدير ممتاز او جيد جدا وهذا يحدث فى كل بلاد العالم حتى تستقر الامور وتسير الدوله فى طريق الاستقرار ونطعم مؤسسه القضاء ببعض العقول الذكيه المدربه من المحامين ولانترك الذين قطفوا الثمار يجلبون للوطن الدمار . هذه هى رسالتى للمجلس العسكرى وللحكومه ولكل من يحب هذا الوطن .
ا.د/ محمد ابوزيد الفقى
المرشح الازهرى لرئاسة الجمهوريه
شكرا اختاه افدتنا بمعلومات قيمة جزاك الله كل خير واصلح الله حال اشقائنا في مصر واهدى حكامها سبيل الرشاد
وسائراخوتنا في كل مكان