الحرب العالمية الأولى أوالحرب العظيمة أو الحرب التي أنهت جميع الحروب هي تلك الحرب التي قامت بين عامي 1914 و 1918. تم استعمال الأسلحة الكيميائية في تلك الحرب لأول مرة ولم يحرك العالم عدداً من الجنود مثلما حرّك في الحرب العالمية الثانية. وتم قصف المدنيين من السماء لأول مرّة في التاريخ وتمت فيها الإبادات العرقية.
شهدت الحرب ضحايا بشرية لم يشهدها التاريخ من قبل وسقطت السلالات الحاكمة والمهيمنة على أوروبا والتي يعود منشأها إلى الحملات الصليبية ،وتم تغيير الخارطة السياسية لأوروبا. تعد الحرب العالمية الأولى البذرة للحركات الإيديولوجية كالشيوعية وصراعات مستقبلية كالحرب العالمية الثانية، بل وحتى الحرب الباردة.
شكلت الحرب البداية للعالم الجديد ونهاية الأرستقراطيات والملكيات الأوروبية. وكانت المؤجج للثورة البلشفية في روسيا التي بدورها أحدثت تغيراً في السياسة الصينية والكوبية كما مهدّت الطريق للحرب الباردة البغيضة بين العملاقين، الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة. ويُعزى سطوع بريق النازية لهزيمة ألمانيا في الحرب وترك الكثير من الأمور معلقة حتى بعد الحرب. وأخذت الحروب شكلاً جديداً في أساليبها بتدخل التكنولوجيا بشكل كبير في الأمور الحربية ودخول أطراف لاناقة لها بالحروب ولاجمل وهي شريحة المدنيين. فبعدما كانت الحروب تخاض بتقابل جيشين متنازعين في ساحة المعركة بعيداً عن المدنية، فقد كانت المدن المأهولة بالسكان ساحات للمعركة مما نتج عن سقوط ملايين الضحايا.
الجذور الدبلوماسية
في 28 يونيو 1914، تم اغتيال وريث العرش النمساوي "فرانز فيرديناند" على يد الصربي "جافريلو برينسيب" مما أجج النقم النمساوي على الصرب وأشعل فتيل الحرب العالمية الأولى. وليس من الإنصاف إلقاء اللوم على حادثة الإغتيال بدون الرجوع إلى الوراء والنظر إلى الحالة السياسية للقارة الأوروبية في تلك الفترة للتعرف على الأرض الخصبة لإشعال الحرب العالمية الأولى وان حادثة الإغتيال لم تكن الا الشعرة التي قصمت ظهر البعير. ففي القرن الثامن عشر، كانت فرنسا على حافة الثورة والغليان الشعبي كان في أوجه، فكان المجتمع الفرنسي يتكون من الملك في أعلى الهرم، والشعب في المستنقع، والكنيسة والنبلاء بمرتبة تقل عن الملك بقليل لكنها بعيدة كل البعد عن الطبقة الدنيا – طبقة الشعب. وبتغير العجلة الإقتصادية الفرنسية، أحدث التغيير تكوين طبقة اجتماعية جديدة تسمّى بالبرجوازية التي بدورها طالبت أن تُعامل معاملة النبلاء بالرغم من كونها طبقة متوسطة. وبتزايد حدّة الضرائب الملقاه على كاهل الشعب باستثناء النبلاء نتيجة المغامرات الحربية للملك الفرنسي لويس، حاول الفرنسيون إصلاح الإقتصاد الفرنسي المكسور وتحوّل الإصلاح الإقتصادي إلى ثورة شعبية تمخّضت عن نابليون كزعيم لفرنسا. ولم ينفك نابليون من تجهيز الجيوش وتسخير أوروبا مرتعاً له ولفرنسا مستعيناً بدغدغة المشاعر الوطنية الفرنسية مما أحدث حسّاً جديداً سُمّي بالوطنية والإنتماء للوطن.
وتنامت المشاعر الوطنية في أرجاء أوروبا بتعدد عنصرياتها وبدأ الصراع بين معتنقي الصرعة الجديدة – الوطنية وبين أنصار أنظمة الحكم التقليدية التي تنادي باعتلاء العائلات العريقة والنبلاء دفّة الحكم.اضافة إلى ماسبق ترجع الجذور التحالف بين إنجلترا وفرنسا تبعا للوفاق الودي عام 1904وتكون العداء بين كل منهماو بين ألمانيا نظرا لرغبة ألمانيا في إقامة امبراطورية لها ورفضها ان تضع فرنسا المغرب تحت سيطرتها(الأزمة المغربية الأولى) وتم عقد مؤتمر لإنهاء الأزمة انتهى بأن خرجت ألمانيا صفر اليدين وتأكدت من ضرورة مواجه التحالف الفرنسي الانجليزي السبب قيما حدث كما يذكر ان النمسا بعد حادث قتل ولى العهد ارسلت إلى ألمانيا تطلب تايدها ووافقت ألمانيا انتقاما من الروس وبدا فتيل الحرب في الاشتعال
الانفجار
تنامت الجغرافية ضعفين نتيجة حرب البلقان، وقلقها من مساندة روسيا لصربيا للاستيلاء على الأراضي السلافية من النمسا. ووصلت النمسا إلى قناعة الهجوم على صربيا كضربة وقائية لتفادي شرّ الصرب. كما نظر النمساويون للضربة الخاطفة لصربياً حلاً للمشاكل الداخلية للإمبراطورية النمساوية الهنغارية المتمثلة بوجود حكومتين المخاوف النمساوية على وحدة أراضيها من الجارة صربيا وخصوصاً أن الأخيرة اتسعت رقعتها (نمساوية وهنغارية) تحت النظام الملكي النمساوي. فكان النمساويون مسؤولين عن السياسة الخارجية للإمبراطورية التي تدعو لتسليح الإمبراطورية إلا أن الهنغاريين عارضوا الإنفاق اللازم للتسلح. وبدعم ألماني، ارسلت الحكومة النمساوية رسالة ذات 10 نقاط للحكومة الصربية بمثابة تهديد وقبل الصرب الشروط باستثناء شرط واحد.
وفي 1909، تعهدت روسيا بالدفاع عن السيادة الصربية مقابل السكوت عن الاحتلال الروسي للبوسنة. فقامت روسيا بتحريك قواتها نتيجة ضغوط الجنرالات الروس للدفاع عن الصرب. وطالبت ألمانيا من روسيا عدم تحريك القوات وان تتراجع القوات الروسية عن حالة الإستعداد، ولمّا لم تمتثل روسيا للمطالب الألمانية، أعلنت ألمانيا الحرب على روسيا في 1 اغسطس 1914 ولحقتها بإعلان اخر ضد فرنسا في 3 اغسطس.
سباق التسلح
ازداد سباق التسلح الذي اندلع بين ألمانيا وبريطانيا مع إطلاق بريطانيا في عام 1906 للسفينة الحربية HMS Dreadnought السفينة التي ألغت كل ما كان قبلها من سفن . يشير باول كينيدي إلى أن كلا من بريطانيا وألمانيا كانتا تؤمنان بنظرية ألفريد ثاير التي تقول بأن السيطرة على البحر مسألة حيوية جداً لأي أمة غير عظيمة ويصف دايفد ستيفنسن سباق التسلح بأنه "دورة تَعزيز ذاتية مِن الاستعدادِ العسكريِ المُتَصاعِدِ" في حين يرى دايفد هيرمان أن ثورة بناء السفن هي جزء من حركة عامة باتجاه الحرب
الجبهات
الجبهة الجنوبية
تسارعت الأحداث التي أدت إلى انهاء الوجود العثماني في العالم العربي ثم إلى انهيار الدولة العثمانية نفسها.
جبهات الحرب العالمية الأولى
انتشر القتال في الحرب العالمية الأولى من أوروبا الغربية إلى الشرق الأوسط. ولقد دارت المعارك الرئيسية على طول الجبهة الغربية التي امتدت عبر بلجيكا وفرنسا وعلى طول الجبهة الشرقية التي تأرجحت عبر روسيا والنمسا ـ المجر
الجبهة الغربية
بدأ القتال في أغسطس 1914م عندما غزت ألمانيا بلجيكا وفرنسا ثم حوصر الجانبان في حرب الخنادق على طول الجبهة الغربية حتى نهاية العام وظلت الجبهة الغربية مجمدة لما يقرب من ثلاثة أعوام ونصف العام.
أعد ألفرد فون شليفن خطة ألمانيا الحربية سنة 1905م وكان شليفن رئيسا لهيئة أركان حرب الجيش الألماني وهي المجموعة التي تعطي المشورة بشأن العمليات الحربية.
كانت خطة شليفن تقضي أن تحارب ألمانيا كلا من فرنسا وروسيا بهدف إلحاق هزيمة سريعة بفرنسا بينما تكون روسيا في تعبئة بطيئة لقواتها ثم تبدأ ألمانيا الضربة الأولى إذا ما بدأت الحرب.
وإذا ما وضعت الخطة موضع التنفيذ فإن نظام التحالفات العسكرية سوف يؤدي بالتأكيد إلى حرب أوروبية عامة.
كانت خطة فون شليفن ترى أن يكون لألمانيا جناحان يحاصران الجيش الفرنسي في شكل كَماشة؛ فالجناح الأيسر الصغير سوف يدافع عن ألمانيا عبر حدودها مع فرنسا أما الجناح الأيمن الأكبر فيغزو فرنسا عبر بلجيكا ثم يحاصر عاصمة فرنسا باريس ثم يتحرك شرقاً.
ومع تحرك الجناح الأيمن سوف تقع القوات الفرنسية في مصيدة الكماشات.
وكان نجاح هجوم ألمانيا يعتمد على جناح أيمن قوي ورغم ذلك كان هلمون فون مولتكه الذي أصبح رئيسا للأركان في سنة 1906م وأدار استراتيجية ألمانيا عند بدء الحرب العالمية الأولى قد غير من خطة فون شليفن بتخفيض عدد قواته في الجناح الأيمن.
حارب الجيش البلجيكي بشجاعة وقاوم الألمان لفترة قصيرة وفي 16 أغسطس 1914م استطاع الجناح الأيمن أن يبدأ حركة كماشة وأرغم القوات الفرنسية وقوة صغيرة بريطانية على أن تتقهقر إلى جنوب بلجيكا واكتسح فرنسا لكن بدلا من أن يتجه غربا حول باريس طبقا للخطة فإن جزءا من الجناح الأيمن اندفع لمطاردة القوات الفرنسية المنسحبة شرقا على نهر المارن وكانت هذه المناورة من شأنها أن تترك الألمان معرضين لهجوم من الخلف.
وفي هذه الأثناء فإن الجنرال جوزيف جوفر القائد العام لكل الجيوش الفرنسية ثبت قواته قرب نهر المارن شرقي باريس واستعد للمعركة وبدأ قتالاً شرسًا عرف بمعركة المارن الأولى في 6 سبتمبر وفي 9 سبتمبر بدأت القوات الألمانية تنسحب.
كانت معركة المارن الأولى مفاتيح النصر للحلفاء لأنها أنهت آمال ألمانيا في هزيمة فرنسا سريعا واستبدل بمولتكه إريخ فون فالكنهاين رئيسًا للأركان.
وتوقف انسحاب الجيش الألماني قرب نهر آين حيث خاض الألمان والحلفاء سلسلة من المعارك التي أصبحت تعرف بالسباق نحو البحر.
وسعت ألمانيا إلى السيطرة على موانئ على القنال الإنجليزي لتقطع خطوط المدد الحيوي بين فرنسا وبريطانيا لكن الحلفاء أوقفوا تقدم الألمان نحو البحر في معركة إيبر الأولى في بلجيكا واستمرت المعركة من منتصف أكتوبر حتى منتصف نوفمبر.
وفي أواخر نوفمبر 1914م وصلت الحرب إلى طريق مسدود على طول الجبهة الغربية لأن أحدا من الجانبين لم يمتلك أرضا أكثر وامتدت جبهة القتال أكثر من 720كم عبر بلجيكا وشمال شرقي فرنسا إلى حدود سويسرا واستمر التوقف في الجبهة الغربية نحو ثلاث سنوات ونصف.
الجبهة الشرقية
مضت تعبئة روسيا أسرع مما كانت تتوقع ألمانيا وفي أواخر أغسطس 1914م اندفع جيشان روسيان بعمق في الأراضي الألمانية في شرقي بروسيا وعرف الألمان أن الجيشين أصبحا منفصلين فأعدوا خطة حربية تمكنوا بها من محاصرة جيش روسي في معركة تاننبرج في 31 أغسطس ثم طاردوا الجيش الروسي الثاني في شرق بروسيا في معركة البحيرات الماسورية وكانت خسائر الروس نحو 25 ألفا مابين قتيل وجريح ومفقود في المعركتين
وجعلت المعركتان من بول فون هندنبرج وإريخ لودندورف أبطالاً.
أما النمسا ـ المجر فكان نجاحها أقل من نجاح حليفتها ألمانيا في الجبهة الشرقية.
ففي نهاية عام 1914م هاجمت القوات النمساوية ـ المجرية صربيا ثلاث مرات وألحقت بها الهزيمة في كل مرة وفي هذه الأثناء حاصرت روسيا معظم إقليم جاليسيا في النمسا ـ المجر (وهو الآن جزء من بولندا والاتحاد السوفييتي السابق). وفي أوائل أكتوبر انسحب الجيش النمساوي ـ المجري المهزوم إلى أراضيه.