التصنيفات
الأدب واللغة العربية

الاستعـــارة

الاستعـــارة


الونشريس

الأستعـــارة

الاستعارة: هي استعمال لفظ المشبه به للتعبير عن المشبه مدعيا دخول المشبه في جنس المشبه به لعلاقة المشابهة مع قرينة مانعة من إرادة المشبه به، (هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ).

إجراء الاستعارة: يقصد بإجراء الاستعارة تحليلها إلى عناصرها الأساسية، بتمييز كل من المشبه والمشبه به وبيان علاقة المشابهة، ونوع الاستعارة، وبيان نوع القرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقي. ففي المثال السابق تجرى الاستعارة على النحو التالي: شبه الكفر بالظلمات بجامع انعدام الهداية، وشبه الإيمان بالنور بجامع الاهتداء، ثم حذف المشبه، الكفر والإيمان، وأبقى بدلهما المشبه به، الظلمات والنور، على سبيل الاستعارة التصريحية (انظر تحت)، والقرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقي هي القرينة الحالية.

أقسام الاستعارة باعتبار ذكر أحد طرفي التشبيه: تنقسم إلى:

(أ) استعارة تصريحية:وهي ما صرح فيها بذكر لفظ المشبه به (المستعار منه)، وحذف لفظ المشبه (المستعار له)، نحو: (الَر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ)، فقد شبه الكفر بالظلمات والإيمان بالنور، بجامع عدم الهداية في الأول، ووجود الهداية في الثاني، وحذف المشبه (الكفر والإيمان) وأبقى بدله المشبه به (الظلمات والنور).

قال المتنبي مخاطبا ممدوحه وقد قابله:

لم أرَ قبلي من مشى البحر نحوه ولا رجلا قامت تعانقه الاُسْدُ

لقد شبهه أولا بالبحر بجامع العطاء والجود، وشبهه ثانيا بالأسد على سبيل الاستعارة التصريحية، والقرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقي لفظية هي إسناد الفعل (مشى) إلى (البحر)، وإسناد الفعل (عانق) إلى (الأسد).

(ب) استعارة مكنية: وهي ما ذكر فيها لفظ المشبه وحذف منها لفظ المشبه به وأبقي شيء من لوازمه، نحو: (وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ)، شبه الغضب بإنسان ثم حذف المشبه به وأبقى شيئا من خصائصه، هو السكوت على سبيل الاستعارة المكنية، وقرينتها المانعة من إرادة المعنى الحقيقي هو إسناد الفعل (سكت) إلى لفظ (الغضب). وقال ابو ذؤيب الهذلي:

وإذا المنية انشبت أظفارها ألفيت كل تميمة لا تنفعُ

شبه المنية بحيوان مفترس بجامع الإهلاك وحذف المشبه به (الحيوان المفترس) وأبقى شيئا من لوازمه وهو (الأظفار)، والقرينة المانعة من إرادة المعنى الحقيقي لفظية هي إسناد الفعل (أنشب) إلى لفظ (المنية). وقال الشاعر:

لا تعجبي يا سلم من رجل ضحك المشيب برأسه فبكى

تقسيم الاستعارة باعتبار ذكر ما يلائم أحد طرفيها:

الاستعارة المطلقة: وهي التي لم تقترن بصفة تلائم المشبه أو المشبه به، نحو: قول الشاعر:

قومٌ إذا الشرّ أبدى ناجذيه لهم طاروا إليهِ زُرافات ووِحْدانا

شبه الشر بحيوان مفترس وحذف لفظ المشبه به وأبقى لفظ (ناجذيه) دليلا عليه، ولم يذكر مع طرفي الاستعارة ما يلائم أيّاً منهما. ومن أمثلتها قول أعرابي في ذم الخمر "لا أشرب ما يشرب عقلي."

الاستعارة المرشحة: وهي التي يذكر معها ما يلائم المشبه به، وسميت مرشحة لأن فيها تقوية للاستعارة بسبب ألفاظ الترشيح التي تزيد التعبير تأكيدا على أن المشبه من جنس المشبه به، في نحو: (أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ) شبه الاختيار بالشراء وحذف المشبه وأبقى المشبه به وذكر ما يلائمه وهو (ربحت تجارتهم). وقال الشاعر:

إذا مالدهر جرّ على أناس كلاكلَه أناخ بآخرينا

شبه الدهر بجمل بجامع الثقل وحذف المشبه به وأبقى شيئا من لوازمه على سبيل الاستعارة المكنية وذكر في الاستعارة ما يلائم المشبه به وهو لفظ "أناخ".

الاستعارة المجردة: وهي ما ذكر معها ما يلائم المشبه، نحو:

يؤدون التحية من بعيد إلى قمر منَ الإيوان بادِ

شبه الممدوح بقمر وذكر معه ما يلائم المشبه وهو لفظ (من الإيوان).

وقد يجتمع الترشيح والتجريد في استعارة واحدة كما في قول الشاعر:

رمتني بسهمٍ ريشُه الكُحلُ لم يضِرْ ظواهر جلدي وهو للقلب جارحُ

شبه الطرف بسهم وذكر مع المشبه به ما يلائمه وهو (الريش) وذكر مع المشبه ما يلائمه وهو (الكحل).

ومن أنواع الاستعارات أيضا:

الاستعارة التمثيلية: وهي ما كان المستعار له (المشبه به) تركيبا لا لفظا مفردا كما مر معنا في الاستعارة التصريحية والاستعارة المكنية، ومن أمثلتها: (أيُحِبُّ أحدُكُم أنْ يأكلَ لحمَ أخيهِ ميْتاً فكرهتمُوه)، فقد شبهت حال من تناول عرض رجل من أصحابه بالغيبة كحال من شرع في أكل لحم أخيه الميت، بجامع الشناعة والفضاعة المتعلقة في هذين الفعلين.

الاستعارة التهكمية: هي ما نُزّل فيها التضاد منزلة التناسب لأجل التهكم والاستهزاء، نحو: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) استعير التبشير (وهو الإخبار بما يسر) للإنذار وهو الإخبار بما يسوء لغرض السخرية. وقال قوم شعيب له على سبيل السخرية: (يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ). شبهوا السفه والغيّ (الذي ظنوه به جهلا) حلما ورشدا.